آخر 10 مشاركات
آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          تراتيل الماضي ـ ج1 سلسلة والعمر يحكي - قلوب زائرة - بقلمي: راندا عادل*كاملة&الرابط* (الكاتـب : راندا عادل - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          420 - الوجه الآخر للحب - روبين دونالد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          الملاك والوحش الايطالي (6) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          الثأر -ج3 من سلسلة بريد الشتاء- للكاتبة الأخاذة: هبة الفايد [زائرة ] *كاملة&بالروابط* (الكاتـب : هبةالفايد - )           »          إنه انت * مكتملة * (الكاتـب : الكاتبة الزرقاء - )           »          وَرِيث موريتي(102) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء1 من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree55Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-06-21, 01:28 AM   #11

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي


رفعت جوالها على أذنها بعد ما طلبت واحد من الأرقام، وظلت تنتظر وهي تعض طرف إبهامها.
حركاتها تدل على انها صادقة!
سألها بهدوء:
- وين أوصلك؟
كانت مرام داخلة في حالة من التوتر المهيب، واللي أبعدها تماما عن الواقع.. لدرجة انها ما سمعته وهي تسمع رنين جوال أمها بدون ما يجيها أي رد.
كان خوفها غير طبيعي، خلى قلبها يتوقف عن الخفقان.
أجفلت لما كرر السؤال بصوت أعلى:
- وين أوصلك؟
رفعت راسها وردت بتلعثم:
- حيّ الــ ..........
عقد حواجبه باستغراب:
- وين! حي الـ .......... قصدك في مدينة ****
هزت راسها بإيجاب:
- إيه.
صاح فيها بعصبية:
- وش تقولين انتِ؟ تشوفيني مجنون عشان أوصلك هناك؟ لمكان أبعد من بيتنا بساعة ونص؟
بلعت ريقها من الارتباك بسبب عدم رد أمها على الجوال، وبدون ما تكون قادرة على التركيز معاه أو في وضعها.
وقف السيارة فجأة على جنب:
- انزلي، خذي تاكسي وكملي طريقك ما أقدر أوصلك هناك، عندي موعد وماني فاضي لك.
اتسعت عيونها بصدمة وخوف:
- وش تقول! وين ألاقي تاكسي بمثل هالمكان!
رد ببرود:
- مو شغلي.
صرخت بعصبية وهي مو قادرة تتحكم بأعصابها أكثر:
- نعم! كيف مو شغلك؟ مين السبب في تأخيري؟ ومين السبب في اني دخلت المستشفى بسبب كسر يدي؟
- لو ما كسرتِ إنتِ قزاز سيارتي ما طلعت معصب وصدمتك بدون ما أشوفك، والحين انزلي لو سمحتِ قبل لا أجي أنزلك بنفسي بالقوة.

بلعت فوزية ريقها بخوف ثم تكلمت بعد تردد:
- معليش أستاذ عزيز اعذرها، أدري المكان بعيد واللي سوته غلط، لكن أمها مريضة وبحاجتها الحين، لها ساعة تتصل فيها ما ترد، يمكن تكون محتاجتها فعلا، وصلها الله يخليك.
رد عزيز ببرود وهو مو قادر يتأثر أبدا بسبب غضبه المعمي:
- ما أقدر يا فوزية، خليها تنزل.
غمضت مرام عيونها بقهر، ثم ناظرت لساعة الجوال.
إذا قعدت تترجاه راح تخسر المزيد من الوقت، لكن ما عندها خيار ثاني، تكلمت بصوت ضعيف والخوف متملكها فعلا، وللمرة الأولى في حياتها بهالشكل:
- أرجوك وصلني، أمي مشلولة ما تقدر تتحرك أبدا، ولازم تأخذ أدويتها بوقتها.. آخر مرة أخذت فيها الأدوية الساعة 3 الفجر.. لو تأخرت زيادة صدقني راح............
غصت الكلمة بحلقها وما قدرت تنطقها.
ودموعها بدت تنساب على خدها وتبلل نقابها.


بعد ساعتين..

وصلت للحي أخيرا.
وبدون ما تنطق بأي كلمة ولا حتى تشكره هو وفوزية، ترجلت بسرعة.
وركضت بأسرع ما عندها تصعد السلالم بدون ما تشوف شي قدامها.
حتى وصلت للسطح أخيرا وهي تلهث بتعب.
فتحت الباب بيد مرتجفة.
نزلت نقابها والطرحة وهي تسرع خطواتها لباب غرفة أمها وهي تناديها.
حتى فتحته أخيرا.. وواجهت الصدمة الأكبر في حياتها.
تحققت أكبر مخاوفها بهالحياة، وصار اللي ما تمنته ولا توقعته أبدا.
حتى بعد ما اتصلت فيها آلاف المرات وهي في طريقها للبيت، وحسّت بالخوف والرعب، تمنت من كل قلبها انها تكون نايمة، أو مو قادرة تمسك الجوال، أو أي سبب ثاني.. غير اللي صدمها الحين!
كان المنظر اللي شافته هو أقسى وأوجع منظر أبصرته عينها في حياتها كلها.
( موقف حتى عدوها ما تتمنى يواجهه! )
كانت عيونها مشخصة على الجسد المستلقي على سرير أبيض خاص بالمرضى، اشترته لها نسمة من فترة طويلة.
جسد ظل مثل ما تركته من الساعة 3 الفجر.
جسد عانى كثير من الألم، ولسنوات طويلة.
جسد امرأة في أواخر الثلاثينات، صار كأنه جسد امرأة مسنة بسبب المرض.
جسد أنهكه المعاناة، ثم المرض، ثم معاناتها منها هي.. بنتها الوحيدة مرام.

انتفضت مرام بخوف لما حسّت بيد تنحط على كتفها، وهي واقفة عند الباب:
- مرام حبيبتي إيش صاير؟ أمك بخير؟
كان صوت فوزية، اللي لحقتها حتى تتطمن عليها.
وبأمر من عزيز اللي لان قلبه فجأة، وخلاها تسأل عن الطابق اللي تسكنه مرام، ثم تطلع لها.
تسارعت دقات قلب مرام، وتسارعت أنفاسها لما رجعت للواقع واستوعبت الوضع أكثر.
قرّبت من أمها بخطوات بطيئة ولا زال في قلبها أمل كبير، في ان اللي تشوفه مو حقيقة، وان عقلها التقط واقع خاطئ، أو في بلا في عيونها خلاها تبصر أمها بعكس الوضع اللي هي فيه.
كانت مغطاة بالبطانية حتى صدرها، مو واضح منها غير وجهها ويدينها.
نطقت بصوت متحشرج ومختنق:
- يمه!
جلست على طرف السرير وهي ترتجف، قبل لا تمسك كف أمها البارد بيدها الدافئة، واللي تركتها أول ما استقرت في يدها.. حتى صدق ظنها اللي تمنت لو يكون كاذب!
بلعت فوزية ريقها بخوف وارتباك وهي تقرب منهم، شهقت وغطتها فمها.
هالها المنظر اللي شافته.
كانت أم مرام متصلبة على وضع واحد، من دون ما يتحرك فيها ساكن.
لكن فمها كان مفتوح، وكذلك عيونها.. على السقف بشكل مخيف.
انتفضت فوزية وارتجفت مفجوعة من مرام، اللي أطلقت صرخة عالية وبشكل مفاجئ، ثم تلتها صرخة ثانية وثالثة ورابعة.
ثم انهارت تماما وهي تنحني وتضم أمها بقوة،...

__________

الليلة الثانية اللي تقضيها في فندق.
الليلة الثانية اللي تقضيها بعيد عن أهلها.
الفرق الأول بين اليوم وأمس، إنها الحين لوحدها.. ما معاها أحد.
تركها سلطان وراح، نفذ اللي قاله في الصباح.
وهي بالرغم من انها كانت ترغب بهالشيء، وكان هذا هدفها من البداية.. إلا انها تحس بشيء مختلف في قلبها.
تحس بالجرح والإهانة، تحس انه كرامتها مهدورة!
كونها عروس جديدة، تركها زوجها في يومهم الثاني وراح!
بالرغم من انه طريقة زواجهم كانت غريبة، وغير عادية أبدا.
والفرق الثاني انه الفندق اللي قعدوا فيه أمس بالرغم من غلاء ثمنه وجماله وفخامته، ما يُقارن باللي قعدت فيه اليوم.
بعد ما طلبت من سلطان طلب أخير، إنه يحجز لها جناح كامل، جناح فاخر في قسم الـ vip!
وفي أحد الطوابق العالية جدا.

كانت جالسة على أرضية الغرفة الباردة، فاتحة الستائر.. تتأمل المنظر الرائع في هالوقت من الليل.
كان منظر ساحر بالفعل.. منحها شيء من الشعور بالرضا، وقلل من شعورها بالضيق.
ضمت ركبها لصدرها وريحت خدها عليها، وشعرها الطويل يلامس الأرض.
غمضت عيونها للحظات وهي تسحب نفس عميق ملاء رئتيها.
ثم فتحتها وهي تزفر نفس أعمق.
طاحت عيونها على الجوال اللي كانت حاطته على الأرض، تفكر إذا لازم تفتحه الحين ولا تأجل أكثر!
من أمس خرجت شريحة الاتصال وخلت فقط شريحة البيانات، حتى لا تستقبل أي اتصال من أي شخص.
خاصة مساعد وآلاء.
مع ذلك الاتصالات من باقي البرامج ما وقفت، ظلت تزعجها طول الوقت.. من أمس الظهر حتى صباح اليوم.. لما قررت تقفل الجوال تماما وتريح نفسها.
عارفة انه اللي سوته غلط، وانها صدمتهم وجرحتهم بحركتها الغير متوقعة، وانهم ما يستاهلوا هالشيء منها.. خاصة آلاء!
لكن إلى متى! إلى متى تهتم بغيرها وتتجاهل رغباتها!
سَعت لرضاهم كلهم، وسعَت لسعادتهم متجاهلة نفسها تماما، إيش اللي صار!
ضاعت 4 سنين من حياتها، لا كملت فيها دراستها ولا توظفت فيها بعد ما أخذت شهادتها البكالوريوس.
في مجتمعها الصغير ممنوع البنت تكمل تعليمها العالي، ممنوع تسعى لشهادة أعلى من البكالوريوس.. وحرام تتوظف!

جارتهم في البداية، وحاولت ترضى بالأمر الواقع، لكن كل ما تقدم الوقت أكثر، كل ما تقدم عمرها.. تتحسف وتندم قد شعر راسها على انها تحاول ترضي مجموعة من المتخلفين اللي يشوفون اكمال البنت لتعليمها شيء ما منه فايدة! وخروجها من البيت للعمل عيب كبير!
أمّا الأولاد فأحرار، ويمكن من كثر ما يفتخرون بالولد الطبيب أو المهندس أو صاحب منصب.. شوي ويقدسونه!
لذلك الشعور اللي بداخلها، شيء أشبه بالتمرد وحبّ التحدي وكسر القوانين المجتمعية المتخلفة، كبر فيها.. وما قدرت تتحمل أكثر.
حتى قررت تستغل وضعها هي وسلطان، وتخرج من القرية الظالم أهلها.
كانت عارفة ومتأكدة.. إنها لو خرجت من هناك، راح تتجاوز نصف العقبة، وهي أكثر من قادرة على تجاوز النصف الآخر بكل سهولة.
من صغرها اعتادت تكون قوية وشجاعة، تأخذ حقها بيدها، وحق اخوانها اللي أصغر منها.. وحق كل أولاد الحي.. بجرأتها وثقتها العالية.
حتى لو الوضع مختلف في هالمدينة الكبيرة، متأكدة انها قدها.

رفعت الجوال بتردد، عارفة انها لو فتحته الاتصالات راح تنهال عليها.
خاصة بعد ما سلطان رجع بدونها.
الكل راح يتصل ويستفسر، وبعضهم عشان يخاصمونها.
وهي صحيح لسانها طلق، ودائما ردودها جاهزة وبكل المواقف.. إلا انها هالمرة خايفة كثير.
وش بتقول لهم؟
ناس مثلهم كيف راح يقتنعون باللي بتقوله؟
كيف راح يفهمونها أو يتفهمونها على الأقل!
كيف راح تقول لهم بالفم المليان انه حلمها الكبير واللي ما يؤمنون به، يوازي حلم سلطان في انه شركته تصير كبيرة ومشهورة؟ وهي بنفسها مو مقتنعة!
مو مقتنعة انه لازم يتنازل ويترك الشركة عشانها هي!
اللي يتعلق فيها بالوقت الحالي دراسة فقط، أما سلطان شركة تعب عليها حتى وصلت لهالمستوى وخلال سنين طويلة!

وكّلت أمرها لله وفتحته.
وفعلا زي ما توقعت، انهالت عليها الرسايل من كل برنامج.. واشعارات الاتصالات الفائتة مو راضية توقف.
ابتسمت بسخرية ثم ضحكت، قبل لا تتفاجأ وتنصدم وهي تسمع أصوات حركة عند الباب.
وقفت مستغربة، ثم سرعان ما اتسعت عيونها لما سمعت صوت المفتاح، قبل لا ينفتح الباب ويظهر من خلفه سلطان.
كانت تعابير وجهه غريبة، والنظرة في عيونه أغرب.
وبكل صراحة حسّت بالخوف والقلق، وهي تسرع خطواتها نحوه وتوقف قدامه بعد ما دخل تارك الباب مفتوح:
- سلطان إيش اللي رجعك؟ صاير شيء!
ما رد سلطان، اكتفى بنظرة غريبة على وجهها.. قبل لا ينزل عيونه ويناظر الأرض.
عقدت حواجبها مستغربة من حركته، لكن هالاستغراب ما طال.
إلا اتسعت عيونها بصدمة أكبر وهي تشوف اللي داخلين الجناح.
أمه وأبوه وجدها لأمها اللي هو جد سلطان لأبوه، وأمها ومساعد!
تسارعت دقات قلبها بارتباك وتوتر، وهي تنقل أنظارها بينهم وبين سلطان اللي ما قدر يرفع عيونه ويناظرها.

ابتسمت بثقة وراحة مزيفة وهي تقرب من الجد:
- وش هالمفاجأة؟ ما توقعت أشوفكم بعد يومين من زواجي على طول.
قبل لا تقرب منه أكثر وتسلم عليه وقفت بمكانها مصدومة من صرخته المرعبة:
- لا تقربين مني، يالعاصية يالــ ****
ارتفعت حواجبها بصدمة من هالألفاظ، وبالرغم من خوفها من نظراتهم المرعبة لها، خاصة أم سلطان وأبوه، إلا انها ما تحملت هالإهانة، ردت بكل برود وهي تتكتف:
- أولا يا جدي مانت في بيتك أو بيت أحد من عيالك، انت حاليا بفندق فخم، تعامل على أساس المكان لا تفضحنا، ثانيا ناظر نفسك وعمرك، شلون تنطق مثل هالكلام وتسب حفيدتك!
تكلمت صفية بغضب:
- بس يا ألماس!
كان مساعد هادئ مثل دايم، والوحيد اللي تصرف بالعقل بمثل هالمواقف:
- ادخلوا داخل لا يسمعنا أحد.
تقدمهم سلطان ومشوا وراه وهم يرمقونها بنظرات حادة.
حتى دخلوا للصالة الصغيرة، ووقف مساعد قدامها.
ما قدرت تحط عينها بعينه وهي تحس بتأنيب الضمير تجاه اخوانها.. لكنه صدمها باللي سواه، لما قرب منها وضمها لصدر، ثم سألها بهمس:
- انتِ بخير؟
ابتسمت ألماس متأثرة، وضمته بقوة.
ثم ابتعدت عنه تقول بنفس همسه:
- بخير دامك راضي عني.
ابتسم لها ومسح على شعرها بحنان كأنه الكبير مو هي:
- صحيح اني معصب لأنك ما علمتينا، بس شلون تبين أوقف ضدك زي الكل، يلا ندخل ساحة المعركة.
ضحكت بخفة وربتت على كتفه وهي تدخل متأهبة مستعدة للي راح تواجهه داخل.

كان الجو مخيف ومربك فعلا، الجد يتصدر الصالة جالسة على الأريكة اللي في الوسط.. على يمينه أمها، وعلى يساره خالها وزوجته.
جاتها رغبة قوية في الضحك إلا انها مسكت نفسها بالقوة وهي تشوف نظرات زوجة خالها، اللي مررت أنظارها عليها من راسها لرجلها بعيونها المحمرة من الغضب.
تقدمت بخطوات بطيئة وجلست جنب سلطان.
ناظرتهم بعيون بريئة:
- عسى ماشر؟ أشوفكم كلكم عندي بهالوقت المتأخر؟
كأن سؤالها كان الإشارة عشان تطلق عمتها لسانها بكل غضب:
- وانتِ وش تسوين لوحدك هنا بهالوقت المتأخر؟ بجناح فندق بعيد عن أهلك وبدون زوجك! وش هذا اللي قاعدة تسوينه ألماس! إيش اللي سمعناه من سلطان؟
ردت بهدوء وهي متفهمة غضبها:
- ما دام سلطان قال لكم اللي صار ما في داعي أكرر الكلام، لكن شيء واحد أبغاكم كلكم تعرفونه، هذا الزواج ما راح يستمر إلا إذا رضى سلطان يقعد معي هنا حتى أكمل دراستي، ولا غير كذا ما عندي مانع يتركني ويرجع وأكون هنا لوحدي.
تكلم الجد بعصبية:
- انهبلتِ انتِ؟ وش هالسخافة! رجال يترك شغله بديرته ويجي يقعد مع حرمته المهبولة؟ لا وعشان تكمل دراستها! وين تحسبين نفسك عايشة يا بنت صفية؟
ابتسمت باستفزاز وكره لسلطته اللي قدر يفرضها على الكل إلا هي:
- عايشة بالسعودية، وبعصر ما تقدر تفرق فيه بين الرجل والمراة يا جدي، ايش معنى هو يحقق هدفه ويشتغل في المجال اللي يبغاه وأنا لا؟ إيش ناقصني؟
عصّب الجد أكثر من كلامها، وارتبك بنفس الوقت إلا إنه مستحيل يسمح لها تسكته أو تفرض رايها عليه:
- وش اللي وش ناقصك؟ كيف تجرأتِ وفكرت تسكنين لوحدك بعيد عن أهلك وبدون زوجك؟
ابتسمت بسخرية وهي تتكتف وتناظر سلطان:
- مو هذا اللي صار، جيت مع زوجي وهو اللي تركني وراح، ولا ايش رايك يا سلطان؟ ليش ساكت؟ ليش ما توضح لهم الحقيقة بدال لا تخليني أتهزأ لوحدي!
ناظرها وهو يحاول يكتم غيظه.

تكلمت أمه:
- وهذا زواج تسمينه؟ يوم تخليه يترك البيت فجأة ويجيك ياخذك من بيت أهلك بدون لا عرس ولا شيء؟ هذا اللي قدرتِ تسويه بعد ما خليتيه ينتظرك كل هالسنين! هذا اللي تعلمتيه من أهلك؟
عضّت شفتها وغمضت عيونها تحاول تمسك نفسها ولا تعصب وهي تسمع هالإهانة الخفية لأمها الجالسة معاهم.
ما تبي ترد عليها الحين ولا تبي تقلّ أدبها.
بنفس الوقت خايفة من سكوت أمها، لكن هالمرة صدمتها أمها وهي تدافع عنها للمرة الأولى، وبموضوع يخص الزواج اللي كانت تبيه يتم بأسرع وقت:
- وليش ولدك ما عنده شخصية؟ ما قدر يرفض ويقول لا ما أبي أتزوج بهالطريقة؟ ما رجع له عقله إلا بعد ما أخذ بنتي بعيد عن أهلها وديرتها؟ وطاوعه قلبه يتركها وحيدة بالغربة؟ إيه أدري هذي رغبتها وهذا اللي تبيه من البداية لكن ما قدرت تسويه لأننا يا أهلها رافضين وما عطيناها فرصة، لكن زوجها حر فيها يسوي اللي يبيه معاه، وثقنا فيه وسلمناه بنتنا الغالية لكن شوفي وش سوى! تركها لوحدها وراح يتشكى عندك كأنه طفل صغير؟ جاب أمه وأبوه وجده عشان يهزأون اللي زعلوه!
تكلم خالها أخيرا بعد ما كان يتأمل ويسمع وهو ساكت:
- بس يا صفية، لا تحاولي تحطي غلط بنتك على ولدي، إنتِ أكثر وحدة عارفة انها غلطانة وانها ما سوت اللي سوته إلا عشان تتمرد عليكم وتعصيكم، لا تكبرين راسها زيادة.

وقفت صفية ووجهها محمر من الغضب:
- نعم! وش قلت! بنتي الغلطانة؟ انت غبي وما تفهم ولا إيش بالضبط! أبدا ما لكم حق تحاسبون بنتي وتقولون انها الغطانة، المفروض احنا نحاسب ولدكم على اللي سواه فيها، ما في رجال كبير طول بعرض يسوي سواته، تركها بثاني ليلة من زواجهم في ديرة بعيدة وراح، لو احد ثاني سوى اللي سواه ببنتكم إيش بتسوون علموني!
وقفت أم سلطان وصدرها منتفخ من الغيظ، إلا إنها وقبل لا تتكلم قاطعهم الجد وهو يوقف بينهم:
- وأنا أقول منين جابت ألماس هالجرأة، أثاريك إنتِ اللي مكبرة راسها ومربيتها على العناد وعصيان اللي أكبر منها، صدق انك ما عرفتِ تربين!
ناظرته صفية بغير تصديق ثم ضحكت بسخرية:
- أنا اللي ما عرفت أربي!

استغلت أم سلطان هالنقطة وقالت بصوت عالي:
- إيه ما عرفتِ تربين، في البداية مساعد وسوالفه مع أصحاب السوء، ثم آلاء واللي سوته وفضحتنا به قدام العالم، والحين بنتك البكر اللي رافعة راسك فيها وانتِ مفتخرة فيها قدام العالم انها ذكية وما في أحسن منها بالديرة، الله أعلم وش تبي تسوي لوحدها بالمدينة بحجة الدراسة، جايبة ولدي هنا وهي عارفة ومتأكد انه راح يسوي اللي تبيه الساحرة، الله أعلم مين الشخص اللي جاية عشانه وناوية تخون ولدي معاه وخلته يحجز لها جناح كامل بفندق كبير.
اتسعت عيونهم بصدمة من اللي قالته وعمّ الصمت بأرجاء المكان.
مذهولين من اللي سمعوه، من اتهامها الباطل وقذفها لشرف ألماس قدام أمها وأخوها وزوجها!

ما قطع الصمت المهيب إلا صوت كف قوي على خدها، من يد صفية اللي قربت منها فجأة وضربتها بكل ما أوتيت من قوة.
شهقت ألماس بصوت عالي وهي توقف وتغطي فمها بكفها.
تشوف أمها ترجف من شدة الغضب والقهر، والدموع تتجمع بعيونها.
ترفع أصبعها بتهديد بوجه أم سلطان، وبصوت مرتجف غير مستقر:
- إياك، إياك يا ام سلطان تفكرين حتى مجرد تفكير بإن بنتي جات هنا ونيتها غير صافية، بنتي أشرف منك ومن ولدك وأهلك كلهم يا *****

شهقت ألماس شهقة أعلى من الكلمة اللي نطقتها أمها، وخلى جدها يصرخ فيها معصب:
- صفية! انجنيتِ!
كان صدرها يعلو ويهبط من الانفعال ودموعها تنزل على خدها بغزارة تحت أنظارهم الصادمة، انصدموا أكثر لما أشرت بيدها ناحية الباب وعيونها بعيون أبوها:
- اطلعوا، اطلعوا برة الحين ما أبي أشوف ولا واحد منكم، آخر يوم بعمري، وبنتي ما راح تبقى في ذمة هالحمار الضعيف يوم ثاني، برة.
قرّب مساعد من أمه ووقف وراها وهو يمسكها من كتوفها:
- بس يمه هدّي أعصابك.
تكلمت أم سلطان اللي فاقت من الصدمة أخيرا وهي تقرب من ولدها:
- أنا اللي ما راح أسمح له يخلي بنتك في ذمته، طلقها يا سلطان، طلقها الحين.
أبو سلطان اللي حسّ نفسه ضايع بينهم ومو عارف يتصرف.
للحظة يظن الحق مع زوجته، ثم يظنه مع أخته.
إلا انه كان أعقل من انه يرضى بهالمهزلة:
- استهدوا بالله يا جماعة وتعوذوا من الشيطان، الشيطان هذا اللي يبغاه، يبي يفرق بين زوجين لا تخلوا لحظة الغضب هذي تتحكم فيكم، توهم عرسان جدد اختلفوا وأكيد بيتفاهمون وترجع علاقتهم طبيعية مثل قبل.
ناظرته زوجته بغضب وازدراء:
- اسكت انت حتى مو عارف تركب كلمتين على بعض.
رجعت تناظر ولدها بقوة:
- طلقها الحين يا سلطان.

كانت عيون سلطان مصوّبة على ألماس، واللي كانت متكتفة تناظره بقوة كأنه تتحداه.
بعد كل اللي صار قدامها وبسببها، مو ظاهر عليها أي تعبير يوضح انها ندمانة ولا شوي!
كأنها ما غلطت أبدا.. بالعكس، كأنها مبسوطة من اللي صار!
لهالدرجة تكرهه؟ لهالدرجة تبي فراقه!
بلع ريقه بصعوبة متجاهل يد أمه اللي تشد عليه حتى ينفذ اللي تقوله، ونطق بصوت ضعيف، حاسم بنفس الوقت:
- ما راح أطلق.


_____________


انتهى الفصل الرابع


____________


اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-06-21, 01:34 AM   #12

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انتظرت كثير حتى يفتح معي المنتدى الآخر، بس الظاهر انه الموضوع راح ياخذ وقت أطول..
لذلك قررت أنزل هنا، إن شاء الله ما يكون هالشيء أزعج مشرفتنا الغالية فيتامين سي 💕💖
قراءة ممتعة للجميع 💙

اللي تقرأ لا تبخل علينا بكتابة رايها وتوقعاتها ❤


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-06-21, 06:59 AM   #13

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة meem.m مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

انتظرت كثير حتى يفتح معي المنتدى الآخر، بس الظاهر انه الموضوع راح ياخذ وقت أطول..
لذلك قررت أنزل هنا، إن شاء الله ما يكون هالشيء أزعج مشرفتنا الغالية فيتامين سي 💕💖
قراءة ممتعة للجميع 💙

اللي تقرأ لا تبخل علينا بكتابة رايها وتوقعاتها ❤


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

حياك حبيبتي مروه

وأزعجيني جعل مايزعجني غيرك ياعسل

وتسلم يمينك على تنزيل البارت لا خلا ولا عدم منك يارب


فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 07-07-21, 04:03 AM   #14

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي


اللهم أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق.
لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله.
لا إله إلا الله.


___

تَحَمَّل مِن حَبيبِكَ كُلَّ ذَنبٍ
وَعُدَّ خَطاهُ في وَفقِ الصَوابِ
وَلا تَعتُب عَلى ذَنبٍ حَبيباً
فَكَم هَجراً تَوَلَّدَ مِن عِتابِ

— صفي الدين الحلي

___


الفصل الخامس

___



مرت نصف ساعة تقريبا، بعد ما صحيَت من النوم وظلّت تتأمل السقف بدون ما تتحرك.
تحس بالغرابة.. كونها ما تعودت على المكان الجديد أبدا.
ما تنكر انها مرتاحة.
مرتاحة للبيت، مرتاحة لصاحبة البيت.
رحّبت فيها غزل بطريقة خلتها تترك أي خوف وتبعده عن قلبها.
وما في داعي تحس بالتوتر، بما انها راح تدفع الإيجار.
ناظرت الساعة وتأففت، مو عاجبها نظام نومها الجديد أبدا.
لكن ما في شيء حولها يساعدها على انها تعدله.
المكان الجديد، واللي اكتشتفته أمس! والعمل اللي تسلمته اليوم في الصباح.
طبيعي نومها يتلخبط، وعيونها تنحرم من النوم في الليل.
قامت أخيرا وهي تلم شعرها وتربطه بمطاط وبطريقة عشوائية.
دخلت لدورة المياه الملحقة بالغرفة، غسلت وجهها ورتبت شعرها.. ثم رجعت الغرفة ورتبت ملابسها.
قبل لا تتعطر وتناظر المرايا، وتبتسم برضا عن شكلها.
اكتفت بلبس بيت عادي ومظهر مرتب لكن غير أنيق، لمين لازم تتأنق أصلا!
فتحت الباب بشويش وخرجت.
ناظرت يمين ويسار تشوف في أحد ولا لا، بالرغم من انه غزل أكدت عليها انه ماحد راح يجي.
لكن لأنها متعودة تسكن لوحدها وفي بيتها، وتاخذ كامل الحرية فيه.. ما تحس انها راح تتأقلم بسهولة.

نزلت الدرج بخطوات بطيئة وهي تضم كفوفها ببعض، وتسمع صوت التلفزيون الجاي من الصالة.
ابتسمت وهي تشوف غزل مندمجة مع الفيلم المعروض على التلفزيون، وقدامها صينية أكل.
قربت بشويش حتى ما تفجعها:
- مساء الخير يا حلوة.
التفتت لها بابتسامة واسعة وأشرت للمكان اللي جنبها:
- مساء النور يا حلوة الحلوات، تعالي اجلسي.
جلست نسمة وشيء من الخجل يسيطر عليها، خاصة لما قربت غزل الصينية منها:
- كويس نزلتِ قبل لا يبرد الأكل، توي طبخت وقعدت.
هزت نسمة راسها باحراج:
- لا ما في داعي، كلي بالعافية عليك.. ماني جوعانة.
كشرت غزل بزعل:
- أفاا، بعد ما حسبت حسابك معي؟ وبعدين كيف مانتي جوعانة ما أكلتِ شيء طول اليوم.
مسكت يدها وحطت عليها ملعقة:
- كلي ولا تستحي، خلاص احنا الحين ساكنين في بيت واحد، معناته لازم ناكل مع بعض، فطور وغدا وعشا.. إلا إذا كان عند واحدة منا ارتباط برة البيت، تمام؟
أومأت نسمة راسها بالإيجاب، وبدأت تاكل وهي لسه مستحية.
ضحكت وهي تشوف نظرات غزل المصوبة عليها برضا:
- لا تناظريني وأنا آكل.
غزل بابتسامة واسعة:
- أحب أشوف تعابير أي شخص ياكل اللي أطبخه، حتى ما يكون عنده مجال يكذب أو يجامل.. آآآخ أشوف في عينك احباط.
غطت نسمة فمها وهي تضحك من قلبها من نبرة غزل:
- مو احباط بس ما مداني أذوق حتى.
غزل بحماس:
- طيب قولي لي رايك بصراحة.
ضربت جبهتها وهي تتأفف:
- أنا وش قاعدة أسوي، بطفشك من أول يوم لك.. المهم كلي وعلميني بعدين.
ردت نسمة بابتسامة:
- لا بقول لك من الحين، واضح من الطعم انك طباخة ماهرة ما شاء الله، مو جديدة على المطبخ.
تنهدت غزل وهي تريح ظهرها على الكنبة:
- آآآه إيش أقول لك، دخلت المطبخ من يوم كنت صغيرة.. لكن شكرا جبرتِ خاطري والله، لأن اللي كنت أطبخ لها ما كانت تعبر عن رايها أبدا.
تأملتها نسمة للحظات قبل لا تقول:
- مثلك أنا، بديت أطبخ بعمر صغير.. والحمد لله صرت شيف ماهرة هههههههههههه ماحد فينا راح يعاني.
ضحكت معاها غزل:
- قولي إن شاء الله، إذا في أحد ثاني سكن بباقي الغرف يكونون شطار في النظافة والغسيل.. مع انه حتى أنا شاطرة بس نقدر نوزع الشغل.
رفعت نسمة حواجبها بتعجب:
- قاعدة أكتشف إنه في أشياء كثيرة مشتركة بيننا، شكلك ساكنة لوحدك من زمان؟
- هممم لا، كنت ساكنة مع أختي الكبيرة.. تزوجت من فترة قصيرة وراحت مع زوجها، بس كأني كنت ساكنة لوحدي صراحة، لأنها كانت مريضة وكنت أهتم فيها لوحدي، أحيانا كان يصير وجودها وعدمها واحد.
- وين باقي أهلك؟
- أمي وأبوي ماتوا وأنا صغيرة، عندي أخ واحد.. تركنا وراح يعيش في بيت زوجته اللي هو بيت عمتي.
اتسعت عيون نسمة بصدمة:
- ترككم لوحدكم؟ وأختكم مريضة؟
ابتسمت غزل بلا مبالاة:
- في قصة طويلة وسوالف ورى اللي سواه، لكن بكل صراحة مو قادرة أتجاوز هالشيء، عشان كذا قررت آخذ البيت لنفسي وأتركه يظل في بيت عمتي، ما أظن عنده مشكلة.. وزوجته أصلا ما عندها نية تترك أمها ولا أمها تبيها تبعد عنها.

استغربت نسمة أكثر، إلا انها تجاهلت هالشعور وفضّلت ما تسأل أكثر، واضحة انه غزل عانت كثير من قصة عائلتها الغريبة، وما تبيها تعاني أكثر من الكلام في نفس الموضوع، وكنوع من المواساة قررت تشاركها قصتها:
- مو قلت لك في كثير أشياء مشتركة بيننا؟ أنا بعد أمي وأبوي ماتوا وأنا صغيرة، كان عندي جدي وأخوي الوحيد.. اللي اختفى فجأة ولا رجع من 10 سنين.. وجدي بعد تركني ومات، وصرت لوحدي في بيت كبير.
ضحكت وهي تكمل:
- لكن على عكسك أنا عشان أعاند أعمامي تركت البيت وخرجت وبعدت عنهم.
كان هذا دور غزل عشان تنصدم وتتسع عيونها أقصى اتساع، عدلت جلستها تسأل بفضول:
- شلون يعني اختفى! ما فهمت؟
هزت نسمة كتوفها كأنها حتى هي محتارة ولا تدري عن شيء:
- خرج من البيت وراح، وما عاد رجع.. وبس، هذا اللي صار.
كملت بوجع:
- كنت قاعدة أنتظره، ولا زلت أنتظره.. لكن الظاهر انه ما راح يرجع أبدا.
تقوست شفايف غزل بحزن عليها، وضغطت على كفها:
- لا تفقدي الأمل، إن شاء الله راح يرجع في أقرب وقت.
هزت نسمة راسها بابتسامة هادئة.

وابتسمت غزل وهي تفكر في اللي قالته نسمة، إنه في كثير أشياء مشتركة بينهم.. حتى هي كان لها أقارب اختفوا لسنين طويلة ورجعوا فجأة ومن دون سابق انذار.. مثل محسن زوج أختها وولد عمتها، وبنت عمها نارا.
عدّلت جلستها وواجهت نسمة وهي تقول بهدوء:
- نسمة أنا فكرت في كلامك اللي قلتيه في الصباح، إنه كيف أثق بأي أحد وأدخله بيتي وأخليه يسكن معاي.. بصراحة أنا ما أثق في أحد، ماني واثقة فيك وخايفة منك، أخاف من أي شخص ما أعرفه، حتى اللي أعرفهم أخاف منهم لأنهم آذوني، وقد صار وهاجمني شخص غريب في هالبيت، وأكبر سبب ما يخليني أثق بأحد إنه حتى المقربين مني خيبوا ظني كثير وجرحوني، لكن لازم أعيش.. لازم حياتي تستمر، ما أقدر أظل طول عمري خايفة وضعيفة وجبانة، عشان كذا قررت أواجه مخاوفي ولو إنه هالشيء غلط.. عشان كذا بطلب منك هالطلب، وأرجوك.. لا تخيبي ظني، وخليك قد ثقتي.
ربتت نسمة على كتفها:
- أنا فاهمة عليك وأتفهم موقفك، حياتي ما تختلف عنك كثير.. عشان كذا لا تشيلين هم أبد، وأوعدك زي ما قررتِ تمنحيني ثقتك، ما راح أخيبها.
ابتسمت غزل ابتسامة واسعة وهي تمد يدها:
- تمام أجل خلينا نتصافح، مصافحة الوعد.
ضحكت نسمة وهي تحط الصحن وتضمها بدال لا تصافحها:
- متأكدة راح نتفق في أشياء كثيرة، بما انه حتى أعمارنا متقاربة.
وقفت غزل بحماس:
- تعالي أوريك لوحاتي اللي رسمتها.
نسمة باعجاب:
- ما شاء الله رسامة بعد!
عدّلت غزل ياقة فستانها وهي ترفع راسها وتتنحنح:
- شايفة! رسامة وطباخة ومديرة مقهى، ما شاء الله عليّ.
ضحكت نسمة وهي تتبعها للدور العلوي، اللي فيه غرفتها.

وقفوا قدام باب مرسم غزل، لكن وقبل لا يدخلوا سمعت صوت رنين جوالها.
استأذنت غزل في انها تدخل وتاخذه على ما هي تفتح الباب.
دخلت الغرفة وأخذت الجوال من فوق السرير في اللحظة اللي توقف فيها عن الرنين.
عقدت حواجبها مستغربة وهي تشوف كمية الاتصالات اللي وصلتها من رقم مرام.
تسارعت دقات قلبها بخوف وقلق، خاصة لما شافت أرقام ثانية اتصلت فيها، جيرانها!
أكيد صاير شيء.
جلست على السرير وهي ترتجف فجأة من شدة القلق، قبل لا ترفع الجوال وتحطه بأذنها.. وصلها صوت مرام فورا.
صوت مرتجف ومبحوح، غاضب وخائف بنفس القوت.. صوت معاتب:
- وينك نسمة حرام عليك، رحتِ وتخليتِ عني، مو هذا اللي وعدتيني فيه!
بلعت نسمة ريقها من هذا الشعور الغريب اللي راودها بسبب صوت مرام:
- مرام حبيبتي عسى ماشر؟ مين قال اني تخليت عنك؟ أنا.......
سكتت وهي تسمع شهقات مرام العالية، صوت بكاءها اللي قطع قلبها.
- مرام وش فيك؟ ليش تبكين؟ صار معك شيء؟ خالتي بخير؟
ظلت مرام تبكي بدون ما ترد، كانت تحاول تتكلم بس مو قادرة.
تحس الحروف تضيع منها قبل تركبها في كلمات.
تحس صوتها يخونها وما يساعدها تنطق عبارة بسيطة.
بسيطة في كلماتها وحروفها، لكنها موجعة.. موجعة حد الموت، قاتلة!

لما طال صمتها وظلّت تبكي، ما قدرت نسمة تمسك نفسها.. وصارت تبكي هي الثانية، وفي بالها الشيء الوحيد اللي ما تبيه يكون حقيقي:
- مرام أرجوك، تكلمي قولي شيء.
وصلها صوت ثاني غير صوت مرام:
- نسمة هذي انتِ؟
استغربت نسمة وهي تسمع صوت جيهان:
- جيهان إيش تسوين عندها؟ إيش فيها مرام؟
تنهدت جيهان بضيق:
- اتصلت فيني لما ما قدرت توصل لك، أم مرام توفت.
اتسعت عيون نسمة من الصدمة، ومن الفجعة اللي بالرغم من انها توقعتها.. إلا انها تألمت كثير وانصدمت.
صاحت فجأة وهي تهز راسها باستنكار:
- تكذبين جيهان! مستحيل، تكذبين عليّ صح!
وصلها صوت جيهان متأخر، ولا زال يوصلها صوت بكاء مرام:
- للأسف نسمة، ماتت صدق.. اليوم قبل العصر.
تسارعت أنفاسها وتوقف قلبها عن النبض، وهي تغمض عيونها وتستسلم تماما، قبل لا يطيح الجوال من يدها، وتطيح هي على الأرض فاقدة وعيها.

`°°°°

صباح اليوم الثاني..

بعد غياب يومين عن شركته، رجع لها وهو متعب ومرهق تماما.
ما كان عنده الرغبة حتى انه يقوم من فراشه.
لكن بنفس الوقت ما حب يظل على وضعه ويفكر أكثر.
دخل مكتبه واستغرب وهو يشوف حازم جالس على كرسي برة الغرفة وكأنه كان ينتظر.
وقف ودخل وراه وهو يبتسم بسخرية:
- ما توقعتك بترجع بعد يومين من زواجك يا عريس.
عقد سلطان حواجبه وهو يرمي بثقل جسمه على أريكة جانبية:
- أجل وصلك الخبر على طول! أتمنى ما تكون علمت أحد من زملائك.
جلس حازم جنبه وهو مستغرب:
- ليش؟ مو كأنك تزوجت مسيار ولا سويت شيء غلط.
انحنى سلطان وهو يسند أكواعه على ركبه ثم يمسح وجهه:
- أدري انك تعرف وضعنا أنا وزوجتي، ما يحتاج أتكلم أكثر وأقول لك باقي أسراري وانت مجرد موظف عندي.
- لا صدقني ما أعرف شيء ولا أبيك تقول أسرارك، زوجتي مو من النوع اللي تتكلم عن أهلها كثير، أحيانا تطلع منها كلمة ولا كلمتين بالغلط.. بس جاي أسألك كم سؤال عنها، أكيد تعرف الكثير عنها بما انك ولد خالها.
ناظره سلطان بفضول:
- مين آلاء؟ ليش صار بينكم شيء غير عادي؟
هز راسه بالنفي:
- وليش مثلا بيصير شيء غير عادي؟
- طيب إيش اللي ودك تعرفه بالضبط؟
ريح حازم ظهره على الأريكة وهو يتنهد بضيق:
- ما أعرف والله، لكن.. بعض الأحيان أحس انه تصرفاتها غريبة، مو قادر أفهمها زين ولا أتصرف معاها.
رفع سلطان حاجبه وهو يقول:
- اللي أعرفه انك اخترتها وخطبتها بنفسك، كيف تقول انه تصرفاتها غريبة.
- بكون صادق معاك، هي كانت طبيعية وعادية جدا لما شفتها أول مرة، حتى الآن غالبا تكون كويسة وما فيها شيء، لكن فجأة تصير غريبة.. ما أعرف شلون أوصف لك، بس كأنها تعاني من صدمة! يمكن نتيجة شيء تعرضت له قبل؟
ضحك سلطان بسخرية:
- قصدك انه بنت عمتي مريضة نفسية؟
هز راسه بالنفي:
- لا أعوذ بالله ما قلت كذا، بس حبيت أعرف لو فعلا قد تعرضت لشيء من قبل!

سكت سلطان وهو يناظره بطريقة غريبة، قبل لا يقول وهو يوقف ويتجه لكرسيه:
- فات الأوان على أسألتك هذي، مثل ما خطبتها بتهور كمل معاها ولا تسأل كثير.
اتسعت عيون حازم بصدمة من كلامه، وقف وقرب منه يسأل ببطء:
- وش قصدك سلطان؟ هي من جد تعاني من شيء؟ فيها شيء؟
رد سلطان بدون ما يطالع فيه:
- ما راح أتكلم أكثر عن بنت عمتي يا حازم، إذا تبي تعرف اسألها بنفسك وهي بتقول اللي تبي تقوله، لكن صدقني حتى لو كانت تعاني من شيء ما راح تلاقي بنت أحسن منها.
ظلّ حازم واقف مكانه للحظات، قبل لا يخرج بصمت وهو يفكر في كلامه.
وكأنه وعى على نفسه وانتبه للي قاعد يسويه.
كيف جا يسأل عنها من ولد خالها ومن وراها!
وهو بنفسه تسبب في أذيتها من قبل، وأكثر من مرة.
سلطان صادق بكل حرف قاله.
لازم يكمل معاها مثل ما خطبها بتهور وبدون ما يفكر كثير.
وإذا يبي يعرف إيش اللي تعانيه بالضبط، لازم يسألها بنفسه.
ما جا في باله ولا واحد بالـ100 إنه ممكن يسأل عنه من أي شخص غيرها هي، لكن بعد اللي شافه أمس ما قدر يمسك نفسه، الفضول كبر فيه.. ما قدر انه ما يسأل!

رجع للواقع لما سمع صوت ضحكها المميز وهو يصدح في المقهى الصغير الخاص بالشركة.
وقف بمكانه وهو يناظرها من ورى القزاز الشفاف.
كانت واقفة تتكلم مع واحدة من زميلاتها في الشركة.
ارتبك لما التفتت فجأة وطاحت عينها بعينه.
ابتسمت له ابتسامتها العذبة واللي كان يعشقها كثير، والظاهر انه لا زال.. بما انها أثرت فيه بهالشكل وأربكته، حتى تنحنح والتفت عنها.
قبل لا توقفه وهي تنادي باسمه، ثم تقرب منه بخطوات بطيئة.
وقفت قدامه وبيدها كوب قهوتها الحارة، واللي ما تفارقها أبد:
- حرام عليك حازم.
رفع عيونه يناظرها باستغراب:
- وش قصدك!
ميّلت فمها بسخرية وعيونها على الأرض:
- تباني أنساك وأتجاوزك وانت كل بعد يومين تجي هنا!
ضحك هو الثاني بسخرية:
- تحسبيني جاي عشانك؟ لا تنسين انه حتى أنا موظف هنا مثلي مثلك، وبيني وبين سلطان عمل لازم أجي عشانه.
ابتسمت هالمرة بهدوء وهي تقول:
- حازم ما تشوف انك قاعد تقسى عليّ؟ وكثير! كونك الشخص اللي تركني وخانني مع صديقتي! تعاملني كأني الغلطانة مو انت.
أبعد عيونه عنها وهو يحس بالضيق من السالفة:
- لا أبد ما أشوف اني قاسي، لأني ما خنتك أبدا.. احنا تركنا بعض وانفصلنا لما عرفنا انه ما بيننا نصيب ومستحيل نتزوج، لكن مع ذلك كنت حزين من الوضع اللي احنا فيه، ...بس لما أشوفك تتعمدين تجريح زوجتي اللي ما لها علاقة باللي صار، لما تتعمدين تجرحين وحدة بريئة ما لها ذنب، هل تتوقعي مني أعاملك بنفس الطريقة؟
ناظرت عيونه للحظات بصمت، قبل لا يرتفع صوت ضحكاتها فجأة، وبشكل غريب خلى الكل من حولها يناظرها بفضول.
قطب جبينه وهو ينتظرها توقف.
غطت فمها أخيرا وتنهدت حتى توقف ضحكها، وكانت عيونها تدمع.. من الضحك ومن الألم خرج منها على هيئة هالدموع:
- بريئة! قلت لي بريئة يا حازم؟ هذي أكثر نكتة ضحكتني بحياتي كلها تصدق!
رتبت شعرها وهي تزم شفايفها ثم تمسح دموعها بطرف أصبعها:
- عموما حازم، حاليا أفّضل إني أخليك على عماك بدون ما أصدمك بالحقيقة، لأنك راح تكتشفها بنفسك.. وهذا راح يكون انتقامي منك.
أنهت عبارتها وهي تمرر عيونها على أنحاء وجهه، قبل لا تتركه وتتجه للمصعد بكل ثقة وكبرياء.
بينما قلبها يهتز من القهر والغضب اللي تحس فيه.
صحيح الغضب خلاها تحس بنار مشتعلة في جوفها، لكن ما بيدها حيلة.. ما بيدها شيء تسويه غير انها تكتمه، وإذا ما تحملت لجأت للكلمات.
الكلمات لعبتها الممتعة اللي تتقنها وبكل جدارة.
رفعت عيونها لها بعد ما استقلّت المصعد وهو واقف بمكانه، متجمد يناظرها وكثير من علامات الاستفهام فوق راسه.
كانت راسمة ابتسامتها العذبة، وعيونها الملونة تلمع ببراءة، قبل لا تتحول ابتسامتها ونظراتها.. لأسلحة نارية خبيثة جدا، حتى تقفلت أبواب المصعد وحالت بينهم.

خرجت من المصعد اللي وصلها للطابق الثالث، واتجهت فورا لمكتب سلطان لما سمعت انه رجع.
دقت الباب بخفة، حتى سمعته يأذن لها بالدخول.
فتحت الباب ودخلت، وهالها منظره وهو تشوفه جالس على كرسيه متكتف، وجهه مسود، وفي عيونه نظرة غريبة تشوفها لأول مرة.
تقدمت وجلست قدامه على الكرسي.
سألت بعد حطت الكوب على الطاولة وحطت رجل على رجل:
- غبت يومين فجأة من دون سابق انذار، تارك شركتك وموظفينك يعانون لوحدهم وهم يحاولون يتواصلون معاك عشان حاجات مهمة وتجاهلتهم، ثم رجعت وهذا وجهك!
رفع عيونه يناظرها بملل:
- ماني فاضي لك نجمة، قولي إيش تبغين باختصار.
ابتسمت بمكر وهي تحرك حواجبها:
- أكيد متهاوش مع ألماس.
أبعد أنظارها عنها بارتباك.
ثم قال وهو يتكتف:
- وليش تقولين مثل هالكلام بكل ثقة كأنك متأكدة وعارفة! ما أظنك تتواصلين مع آلاء بعد اللي سويتيه فيها!
مرة ثانية! ونفس الأشخاص!
حازم وسلطان، الاثنين اللي يستمرون باتهامها بظلم آلاء وبدون ما يحسون بأي تأنيب ضمير!
تجاهلت شعورها بالظلم وهي تضحك:
- أعرف بدون ما أحد يقول لي، أقدر أعرف اللي صار معاك من تعابير وجهك ونظرات عيونك.
رد بسخرية:
- أجل ليت محتواك كان عن التحليلات النفسية بدال لا تستعرضين ملابسك وتفتخرين بجمالك وجمال بيتك.
فتحت نجمة فمها وصفقت وهي تقول:
- أف ليتك اقترحت عليّ هالشيء من زمان، لأني صراحة صرت فقيرة من زمان أدور محتوى.. أبي أثير الجدل في السوشيال ميديا.
ناظرها وهو ساكت للحظات قبل لا ينفجر ضحك من تعابير وجهها اللي كانت كأنها حقيقية، لكن هو عارف انها تجاريه مو أكثر.
ضحكت معاه وهو يقول:
- يسعدني ويشرفني إني قدرت أضحك سعادتكم، وأبي ترقية لو سمحت.. وزيادة في الراتب لو ممكن.
عضّ شفته حتى يوقف ضحك وهو يرميها بالقلم:
- ما راح أفلس إلا من وراك، ما راح يملي عينك إلا التراب.

رجعت خصلات شعرها ورى اذنها بكل غرور وثقة:
- لأني استحق، انا فخر شركتك ولا؟
اكتفى سلطان بنظرة غريبة ما فهمت هل كانت تعبر عن موافقته لكلامها او اعجاب بثقتها أو تهكم، الا انها ابتسمت مرة ثانية وهي تحط رجل على رجل وترتشف من قهوتها ثم تقول:
- سلطان عندي شيء مضايقني من زمان، سر أرقني ليالي طويلة، وأحس.. ما عندي أحد اقول له إلا انت، تسمح لي؟
تعجب سلطان واشر على نفسه:
- ليش أنا؟ ما عندك صديقات؟
ابتسمت بحزن واحباط:
- ما اثق فيهم.
تأملها سلطان للحظات واشفق عليها فجأة، ولا يدري ايش الشعور الثاني اللي راوده بنفس اللحظة وخلته يفتح لها سمعه، وقلبه!

____________

قبل يومين..
في الفندق.

هدأ المكان بعد ما خرجت عائلة خالها.
بعد خروج سلطان، اللي لحقته أمه وهي معصبة ومقهورة.. تخاصم وتصارخ فيه تحاول ترجعه حتى يطلقها!
وخرج وراها أبوه، ثم الجد مع ما رمقها بنظرة مليانة غضب ووعيد وتهديد، هي وأمها.
حرّكت راسها ببطء ناحية أمها وهي خايفة ومرتبكة، بلعت ريقها بصعوبة وهي تشوفها لا زالت واقفة في مكانها ترتجف من القهر.
تحركت فجأة تجاه الكرسي، تاخذ طرحتها وشنطتها.
أسرعت ألماس ناحيتها من دون أي تفكير ووقفت قدامها:
- آسفة على اللي صار، بس.......
قاطعتها صفية بالضربة الثانية المباغتة بعد الكف اللي كانت من نصيب أم سلطان.
اتسعت عيونها بصدمة وهي ترفع يدها وتحطها على خدها بغير تصديق.
قرب منهم مساعد وهو مصدوم مثلها:
- يمه! إيش قاعدة تسوين؟
كانت عيونها محمرّة من الغضب، ويدها لا زالت ترجف.. الحالة اللي توصل لها لما تفقد كل ذرة من صبرها، نطقت من بين أسنانها وهي تناظر ألماس وتقرب وجهها منها:
- مو المفروض لو قررتِ تسودين وجيهنا وتحطين راسنا في التراب أنا وأبوك تسوين اللي جيتِ عشانه بشكل صحيح؟
لا زالت ألماس تحت تأثير الصدمة، إلا انها تمالكت نفسها بالقوة ونزلت يدها عن خدها وهي تضحك بسخرية وألم:
- أهاا.. حتى إنتِ قررتِ تصيرين مثلهم؟ وتشوفين إنه سعيي لتحقيق حلمي سواد وجه؟
مسكت صفية ذراعها وضغطت عليها بقوة:
- مو هذا اللي أقصده يا غبية، مثل ما قلت لهم بعد ما صرتِ بذمة هالحمار سلطان ما عاد يهمني إيش تسوين إيش ما تسوين؟ لكن ليش بثاني يوم من زواجك؟ ليش كذا من بدري تركتِ له فرصة يحطك قدام هالأمر؟ ليش تركتِ له ولأمه الفرصة انك يمسكون عليك الزلة، وينتقدوني أنا! ينتقدون تربيتي لكم وتعايرني فيكم؟ هذا اللي أستحقه يا ألماس؟ هذا اللي أستحقه منكم يا عيالي يا نظر عيني!
قالت العبارة بصوت عالي خلى ألماس ترتجف.
وتعصب بنفس الوقت، لدرجة إنها أبعدت يد أمها عنها بدون شعور وهي تصرخ بنبرة مماثلة:
- وليش إنتِ ما تركتيني أسوي اللي أبغاه وأنا في بيتك؟ ليش انتظرتِ هاليوم وانتِ عارفة إني بأي طريقة بوصل للي أبيه؟ بغيتِ تتجنبين كلام الناس؟ هذا اللي أستحقه منك أنا؟ هذا اللي أستحقه يا أمي؟
بدأت دموعها تنزل بحرقة وهي تأشر ناحية الباب وين ما اختفى منه سلطان:
- هذا هو، هذا ولد أخوك اللي وثقتِ فيه وسلمتيني له وعلقتِ كل آمالك عليه، إنه يشيل عنك الحمل الثقيل اللي هو أنا.. شفتيه بعينك؟ ما نطق كلمة وحدة بالرغم من كل اللي سمعه، ما حاول يتحمل ولو ذرة من المسؤولية، ما حاول يدافع عني حتى بعد ما قذفتني أمه، ارتحتِ الحين؟ ارتحتِ بعد ما شفتِ أي مستقبل كانت راح تعيشه بنتك نظر عينك؟
كانت صفية كمان منهارة تبكي بصمت، تعض شفتها تمنع شهقاتها من الخروج، رفعت شعرها بيدها اليمنى ثم قربت من ألماس، مسكت معصمها بقوة وسحبتها ناحية غرفة النوم ثم دفتها فيها:
- البسي عبايتك الحين والحقيني، بسرعة.
ناظرت ألماس أمها بتعجب قبل لا تضحك من بين دموعها:
- وانتِ من كل عقلك توقعتِ إني برجع معك بعد ما قدرت أخرج من هناك؟
سكتت شوي ثم كملت بنبرة قوية:
- ماني راجعة، مستحيل.

اتسعت عيون صفية وناظرتها بقوة، دخلت للغرفة.. وكل ما قربت خطوة من ألماس رجعت هي ورى، حتى التصق ظهرها بالجدار.
سألت صفية كأنها ما سمعتها قبل شوي، أو كأنها تبي تتأكد من اللي سمعته:
- إيش قلتِ من شوي؟ ومين هذي اللي تتحدينها وتكلمينها بهالنبرة ألماس!
كانت ألماس ترتجف من الخوف بهاللحظة، وهذا الشيء اللي استغربته من نفسها.. إلا إنها رفعت راسها بقوة وناظرتها بتحدّ، كان تصرف غير مسبوق وصادم جدا من ألماس، لدرجة إنه مساعد الهاديء البارد قرّب منها معصب بعد ما قالت:
- إنتِ يا أمي، ووريني إيش تقدرين تسوين، أو كيف تقدرين ترجعيني!
صرخ فيها مساعد بغضب:
- ألماس، بس خلاص انطمي.
تأملتها صفية للحظات قبل لا تلف وجهها عنها بسخرية على نفسها، والألم في قلبها يزيد من كل اللي قاعد يصير:
- اتركها مساعد، بشوف إيش عندها بعد، وقد إيش تقدر تبهرني!
- توك تقولين إنك كنتِ تنتظرين أصير زوجة سلطان بعد كذا ما يهمك اللي أسويه، وأنا لا زلت زوجته.. مو من حقك تاخذيني غصبا عني.
ناظرتها صفية بقوة:
- ومبسوطة؟ مبسوطة إنك لا زلتِ زوجته؟
- إنتِ اللي اخترتيه لي وخليتيني أوافق عليه، مين تحاولين تحطين اللوم عليه الحين؟
اتسعت عيون مساعد أكثر وهو يشوف الوضع قاعد يزداد سوء، مسك كتف أمه برجاء:
- بس يمه خلاص تكفين اتركيها الحين، تفاهموا بعد ما تهدأوا.. تعالي ارتاحي برة وخليها تهدأ.
تكلمت ألماس:
- حتى لو حاولتِ تقنعيني لشهر قدام ما راح أرجع قبل لا آخذ الشهادة.
ساد الصمت للحظات قصيرة، كانت صفية تناظر فيها ألماس بحدة قبل لا تقرب منها وتقول بنبرة قوية أقرب للوعيد والتهديد:
- تمام يا ألماس إذا كان هذا اللي تبغينه، لا ترجعين لا معي ولا مع أي أحد من أهلك، انبسطي قد ما تبين، لكن والله يا ألماس تحلمين، تحلمين تدخلين بيتي مرة ثانية وأنا حية، من اليوم ورايح علاقتنا انتهت.
طالعت فيها للمرة الأخيرة ودارت عنها بقوة، لبست حجابها وخرجت وهي تضرب الأرض برجلها بعصبية.
كان مساعد لا زال واقف بمكانه مصدوم من كل اللي صار، عيونه مثبتة على ألماس اللي رفعت يدها ومسحت دموعها بقوة وهي تتنفس بقوة وصدرها يعلو ويهبط من الإنفعال قبل لا تقول بجمود:
- لا تناظرني كذا، الحقها بسرعة.
تحرك من مكانه أخيرا ووقف قدامها مقطب جبينه بانزعاج وغضب:
- خيبتِ ظني يا ألماس، أول مرة أشوفك تسيئين التصرف، كنت ناوي أوقف معك وأساندك.. لكن للأسف طحتِ من عيني هالمرة.
ابتعد عنها بخطوات غاضبة، وصفقّ الباب وراه بقوة بعد ما خرج.

تعلقت عيونها بالفراغ اللي خوّفها فجأة وخلاها تبلع ريقها بارتباك وتوتر.
وهالها الصمت الكئيب اللي ساد المكان، والشعور الغريب بالبرد!
لدرجة انها رفعت يدينها تلفها حول نفسها حتى تحس بالدفء والأمان.
باللحظة اللي طاحت فيها جالسة على الأرض، ورفعت عيونها الخاوية تتأمل الفراغ من جديد.. وهي تستوعب انها خسرت، خسرت كل شيء، مقابل تحقيق حلمها الوحيد بهالحياة!
بدأت دموعها تنزل من جديد، وصارت تشهق وتبكي بصوت عالي وهي تضم نفسها بقوة كأنها تطلب الحماية والحنان من نفسها لنفسها!
هل هذا فعلا هو الشعور اللي يحسه الإنسان اللي فقد كل شيء يحبه!
في خلال أقل من ساعة فقدت كثير..
كرامتها وعائلتها!
حتى قوتها في تحمل كل شيء!
فقدت نفسها حرفيا.. وأطلقت دموعها للمرة الأولى! بعد سنين طويلة، طوييييلة جدا!
بكت للمرة الأخيرة قبل كل هالسنين، وبكت اليوم من جديد.. وللمرة الأخيرة ربما، لما فقدت أمها!
ما تدري كم دقيقة مرت، أو كم ساعة وهي تبكي بشكل يقطع القلب، وصوتها يصدح في هالغرفة الخالية، ويمكن وصل لأي أحد مرّ من قدام الجناح!
ما حسّت بأي شيء، لا بالوقت ولا بنفسها.. حتى رنّ الجرس فجأة.

فزّت من مكانها فورا، وركضت ناحية الباب بلهفة وخوف في وقت واحد.
تمنت.. تمنت من كل قلبها لو يكون أحد من أهلها جايها مرة ثانية، بالرغم من رفضها الشديد للعودة، إلا انها تمنت ترجع تحسّ بالدفء من جديد، واللي فقدته لأقل من ساعة من الزمن، وأرعبها للحد اللي ما له حد.
وقفت عند الباب وناظرت من العين، وخاب أملها وهي تشوف واحد من موظفي الفندق، تنحنحت حتى تعدلّ صوتها اللي بحّ بسبب بكاءها العنيف قبل شوي:
- آمرني أخوي.
- أعتذر على الإزعاج بمثل هالوقت، لكن وصلتنا أكثر من شكوى من نزلاء الفندق بخصوص جناحك، حبينا ننبهك على ضرورة الإلتزام بالهدوء حتى لا ينزعج باقي النزلاء من فضلك.
غمضت عيونها وعضّت شفايفها بإحراج:
- معليش سامحني، ما كنت عارفة إنه الصوت راح يطلع برة وأزعج الناس، أعتذر.
راح الموظف بعد ما نبهها لـ3 مرات متتالية، ورجعت هي للغرفة بكتوف متدلية وظهر منحني.. مكسور من دون أهل!

رجعت للواقع لما حطت موظفة المقهى طلبها قدامها، أومأت برأسها بخفة ثم سألت الموظفة:
- صاحبة المقهى موجودة؟
- إيه ليش؟
- ممكن تناديها لي شوي؟ أبغى أكلمها في موضوع مهم.
هزّت الموظفة راسها وراحت.
ورفعت هي راسها تتأمل المكان، حتى ظهرت قدامها شابة جميلة أصغر منها بكثير.
ابتسمت لها وهي توقف بكل احترام:
- آمريني أختي.
ردّت لها ألماس الإبتسامة ثم أشرت لها على الكرسي:
- ممكن تجلسين شوي؟
ناظرتها غزل بشك وشيء من الريبة، كانت ملامح ألماس جادة تماما.. ونظراتها قوية ومخيفة بالنسبة لها!
ضحكت ألماس لما حسّت فيها:
- تطمني ما راح أسوي لك شيء، جاية أتكلم معك بخصوص السكن.
اتسعت عيون غزل بدهشة وجلست فورا:
- أي سكن؟ وش دراك؟
ألماس بعد ما أكلت قطعة من الحلى:
- لي فترة أدور لي سكن مناسب غير سكن طالبات الجامعة، بالصدفة شفت لك منشور على تويتر تتكلمين فيه عن بنت سكنت عندك من يومين.
فتحت غزل فمها بذهول وصدمة وكأنها مو قادرة تستوعب:
- طيب؟
ابتسمت ألماس مرة ثانية وهي تتكتف:
- وش اللي طيب؟ واضح إني أبي أسألك إذا في مجال تأجريني غرفة عندك بما انه البيت كبير؟
ظلّت غزل ساكتة وعيونها ما تحركت عن ألماس، اللي كملت وهي ترفع حواجبها من ردة فعل غزل الغريبة:
- إذا في مجال!
هزّت غزل راسها بإيجاب كأنها استقبلت المعلومة متأخر:
- أكيد في مجال والبيت كبير وعندي غرف كثيرة فاضية.. بس......
زفرت ألماس أنفاسها وهي تكتف يدينها فوق الطاولة:
- بس خايفة مني؟ خايفة تستقبلين بنت جديدة مو لطيفة مثل موظفتك مثل ما كتبتِ في تويتر؟ لا تخافين.. كل اللي أبيه غرفة أنام وأدرس فيها، راح أقعد هناك طول اليوم ما راح أخرج إلا للحاجة، ما راح أزعجكم أبد.
هزت غزل راسها بالنفي وهي تضحك من شعورها بالإحراج كون ألماس قالت كل الل كان بعقلها!
- لا مو هذا اللي أقصده، انتِ متزوجة.
رفعت حاجبها وهي تأشر على خاتم ألماس.
رفعت ألماس يدها وهي تبتسم بسخرية:
- أوووه هذا، لا تشيلين هم زوجي تخلى عني وتركني بثاني يوم من زواجي.
اتسعت عيون غزل بصدمة.
ضحكت ألماس:
- صدقيني ما راح أكون مصدر مشاكل أو مضايقة لكم.
زمّت غزل شفايفها بتوتر وارتباك:
- صراحة أنا فعلا كان ودي أستقبل بنات أكثر، بس.. ما توقعت الموضوع صعب لهالدرجة، أقصد لو تعلق بشخص غريب ما أعرف عنه شيء.. صحيح نسمة البنت اللي ساكنة معي حاليا ما أعرف عنها شيء بس على الأقل هي موظفة عندي.
هزت ألماس راسها بإيجاب:
- فاهمة عليك، بس ما أعتقد عندك فرصة للتراجع بعد ما قررتِ تحولين بيتك لسكن جماعي خاص بالبنات.
وقفت وأخذت شنطتها:
- عموما ما أحتاج ردك الحين، خذي راحتك وفكري بالموضوع.
خرّجت قلم وورقة من شنطتها وحطتها قدام غزل بعد ما كتبت عليها رقمها:
- هذا رقمي تقدري تتصلي فيني بعد ما تقررين، بس أتمنى تعلميني في أقرب وقت، ما عندي مكان أروح له غير الفنادق واللي ما ارتاح فيها أبد.
وقفت غزل وأخذت الورقة:
- إن شاء الله.
مدت ألماس يدها تصافحها:
- اسمي ألماس.
صافحتها غزل بابتسامة حذرة:
- وأنا غزل.
- تشرفت فيك.
اكتفت غزل بإيماءة بسيطة من راسها وهي تتفحص ملامح ألماس وتتأملها.

خرجت ألماس من المقهى وهي تضحك على نفسها بسخرية.
آلمتها نظرات غزل لها، هل هي مخيفة ومريبة لهالدرجة.
ولا حزنها وضيقها أو آثار التمرد ظهرت فعلا على ملامحها وشوّهتها، وخلاها ترتاب فيها بهالشكل!


يتبع..


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-07-21, 04:04 AM   #15

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

`°°°°°

( حاب أتمشى معك اليوم، بجيك بعد نص ساعة ).
عاودت قراءة الرسالة أكثر من مرة وهي ترمش بصدمة وعدم استيعاب.
والغريب انها ما حسّت بشيء، ما حسّت انها مبسوطة هالمرة.. ما حسّت انها بتطير من السعادة لأنها بتكون معاه!
حسّت بشعور غريب وهي تقرأ هالرسالة، هذا اليوم الثالث اللي يطلب منها الخروج فيه معاه، 3 أيام ورى بعض؟
اليوم الأول كانت جدا مبسوطة، لدرجة انها ما حسّت بالوقت معاه.. انتهى اليوم بدون ما تحس بأي شيء، وزعلت كثير لما وصلها البيت.
لما ابتعد بسيارته عصّبت ولا قدرت تنام، كان ودها تظل معاه أكثر.. حتى لو الوقت تأخر، ما فيها شيء دامها زوجته، وين الغلط في انها تسهر معاه برة البيت؟
اليوم الثاني نفس الشيء، لكن اليوم بالذات حسّت انه الموضوع غريب.
خاصة لما تذكرت تصرفاته أمس، من لمّا ركبت السيارة معاه وهو يسألها مختلف الأسئلة، عن حياتها بأكملها.. عن طفولتها وماضيها!
وهي ما دققت كثير، بالعكس كانت مبسوطة باهتمامه فيها.. واللي كان جديد عليها.
ظنت انه وأخيرا بدأ ينساها، بدأ ينسى نجمة، ويتعلق فيها هي!
طيب إيش فيها اليوم؟ إيش هذا الشعور الغريب؟
بدون أي تفكير رفعت جوالها بعد ما اتصلت فيه، وقبل لا ينطق هو بشيء باغتته بسؤالها:
- ليش تباني أطلع معاك اليوم؟
استغرب حازم من سؤالها:
- زي كل مرة يعني ليش أبغاك تطلعين معي؟
- أقصد... مو من عوايدك تشوفني كل يوم.
تنهد براحة وابتسم:
- يصير أخلي هالشيء من عوايدي الحين، أبي أتقرب من زوجتي أكثر، ولا عندك مانع؟
جاوبته بنبرتها الباردة:
- ما أقدر أطلع، تعرف بعد زواج أختي البيت صار فاضي، ما أقدر أترك أمي لوحدها كل يوم.
ارتبك حازم من ردها ومن طريقتها في الكلام:
- تمام ما في مشكلة، متى ما فضيتِ أو صار الوقت مناسب انك تخرجين كلميني.
- طيب.

قفلت منه وهي تغمض عيونها وتزفر أنفاسها بضيق، تأففت لما تذكرت أهم سؤال اتصلت فيه عشان تسأله.
بدون تردد كتبت بسرعة ( بخصوص أمس، كانت أسألتك كثيرة، في سبب معين؟ ).
ناظرت الشاشة للحظات بصدمة بعد ما أرسلت الرسالة وقرأها، وش هالغباء!
يعني ما كانت تقدر تسأله بصيغة ألطف وأحسن؟
شتمت نفسها بداخلها حتى وصلها ( بغيت أسليك وأطلعك من الحزن اللي كنتِ فيه بعد زواج أختك ).
رقّت ملامحها فجأة وتأثرت وهي تقرأ رده المختصر والبديهي جدا، واللي بنظرها انه مستحيل يأثر في أي شخص غيرها هي، لأنها من حازم!
كل شيء من حازم غير!
في اللحظة اللي حسّت فيه بالندم على رفضها الخروج معاه، لو خرجت وواساها مثل أمس وقبله!
ليش فكرت كذا؟ ليش في البداية حسّت انه الموضوع غريب؟ ما في أي شيء غريب بالموضوع غيرها هي طبعا!
لكن فعلا.. صفية بحاجتها، ما طاوعها قلبها تتركها وهي بحالتها الغريبة من يومين.

بعد رجوعها للبيت قبل يومين مع حازم كان البيت هاديء وفاضي تماما، وصلتها رسالة من مساعد مفادها انهم عندهم مشوار مهم وما راح يطولون.
نامت من التعب، ولمّا صحيت اليوم الثاني كان البيت لسه هاديء ما فيه أي صوت أو حركة.
حتى المطبخ ما كان فيه شيء يدل على انهم رجعوا، لذلك اتصلت على مساعد.. اللي قال لها انهم قريبين من البيت.
انتظرتهم في الصالة وهي مستغربة من هالمشوار اللي المفروض يكون قصير لكنه طال حتى الصبح!
فزّت واقفة أول ما سمعت صوت الباب.
اتسعت عيونها بصدمة وشهقت وهي تشوف منظر صفية، اللي كانت منهارة تماما من التعب.. ومساعد وأبوها يساندونها من الجهتين.. ومسعود وراهم بيده شنطة صفية.
قرّبت منهم بخوف:
- مساعد إيش صاير؟ إيش فيها أمي؟
أشر لها بالسكوت وهو يكمل طريقه ناحية غرفة أمه.. إلا انها أبعدته بلطف وكملت طريقها للغرفة بنفسها بعد ما قالت بصوت مبحوح من التعب:
- لاحد يدق عليّ الباب ولاحد يزعجني.
ناظرتها بصدمة لين اختفت، ثم التفتت تناظر أبوها اللي رقد على كنبة الصالة بتعب وغطى جبينه بذراعه.
ربت مساعد على كتفها لما شافها ضايعة ومو فاهمة شيء:
- بقول لك كل شيء لما أصحى، حاليا كلنا ميتين تعب، يلا مسعود روح تروش بسرعة وارقد.
دخل للغرفة تاركها واقفة بمكانها مو قادرة تستوعب شيء.
التفتت لأبوها تبي تسأله، إلا انه هو الثاني كان مغمض عيونه والتعب واضح عليه.
بالرغم من معرفتها انه مو نايم إلا انها أشفقت عليه وتركته.
رجعت الغرفة وقلبها قارصها، تبي تعرف إيش اللي صار.. وعندها احساس قوي انه الموضوع متعلق بألماس.
رغبت وبشدة انها تتصل عليها وتسأل، لكن غضبها الكبير منها وزعلها خلاها تتراجع.. وتفضّل الإنتظار على الجمر.
اتصلت فيها كثير، بكت كثير.. ترجتها عن طريق الرسايل.. لكنها بالمقابل تجاهلتها تماما، حتى بعد ما فتحت جوالها ما عاودت الاتصال!
لهالدرجة هانت عليها!
ما تلومها على هالتصرفات كونها انجبرت على الزواج من سلطان.. فوق هذا أمها رافضة انها تكمل دراستها وتحقق هدفها الوحيد بالحياة!
لكن هي ما لها ذنب، ما سوت فيها شيء ليش تعاقبها!

فعلا ما خاب ظنها، لما خرجت في نفس اليوم بعد الظهر.
لقتهم جالسين يتغدون بالصالة، ناظرتها أمها فجأة بنظرات قوية وهي تقول:
- من اليوم ورايح ما عندكم أخت اسمها ألماس، انسوها تماما ولا عاد تجيبون طاريها في هالبيت، ولو تقدرون امحوها حتى من ذاكرتكم.
كانت آلاء توها تجلس في مكانها، لما قالت صفية هالكلام الغير معقول.. واللي خلاها تعصب وتقوم فورا ثم ترجع لغرفتها بدون ما تنطق بأي حرف.
الغضب اللي خلاها توافق على الخروج مع حازم أول ما سألها.
لكن الحين بعد ما مر يوم كامل، حسّت الضيق وحسّت بالحزن على صفية.. يمكن تكون ألماس ضايقتها فعلا، ويمكن ألماس غلطت بحقها.. ما يصير تلوم صفية بدون ما تعرف إيش اللي صار بالضبط!
عندها مساعد، ليش ما سألته؟ ليش ما حاولت تعرف الحقيقة من أبوها قبل لا تحكم على صفية وتعصب منها!
في النهاية هذي ألماس، اللي تتحمل وتسكت وتكبت غضبها من كل شيء بالحياة، ثم تنفجر في وقت غير مناسب، وموقف غير مناسب!

صدق ظنها هالمرة كمان، لما وصلها اشعار من قروب جمَع كل النساء والبنات من عائلة أمها.
فتحت الرسالة بملل ودون مبالاة وهي تفتح باب الغرفة وتخرج.
صنّمت بمكانها ووقفت مصدومة وهي تقرأ محتوى الرسالة اللي أرسلتها وحدة من بنات خالاتها ( بنات سمعتوا آخر الأخبار؟ ألماس وسلطان تزوجوا! ).
أتبعتها برسالة ثانية ( الصدمة مو هنا.. الصدمة الحقيقية انه سلطان تركها بثاني يوم من زواجهم لأنها على علاقة بشخص ثاني راحت تستقر في الرياض عشانه ).
حسّت آلاء بالدموع تتجمع في عيونها وهي تقرأ هالرسائل الصادمة والغير معقولة، صارت رؤيتها ضبابية وداهمها صداع قوي، خلى أطرافها ترتجف.. ويطيح الجوال من يدها بقوة، خاصة بعد ما سمعت أكثر صوت مخيف في الحياة، ينطق اسمها بنبرة لاذعة.. قاتلة ومميتة:
- آلاء! أخبارك حبيبتي اشتقت لك.
رفعت عيونها بصدمة وزادت رجفتها تحت أنظار آخر انسانة توقعت تشوفها.
واللي كانت واقفة عند مدخل الصالة، متكتفة ومميلة راسها.. تبتسم ابتسامة خالية من المرح.
لكن كالعادة، عيونها اللي كانت تتكلم.. عيونها الملونة، المليانة خبث وشر!
شهقت آلاء شهقة عالية وهي تغطي فمها بيدها.
حتى نجمة خافت منها واستغربت، وهي تلف وجهها وتشوف إيش اللي خوفها لهالدرجة!
ضحكت فجأة بصوت عالي وهي ترجع تناظر آلاء بحالتها المثيرة للشفقة:
- إيش فيك انصدمتِ؟ ترى صداقتنا لسه مستمرة.. أنا وحازم.

`°°°°

- أنا اللي قتلتها، أنا قتلت أمي.
تنهدت نسمة بضيق وهزت راسها بأسى وهي تجلس وتناظر مرام اللي كانت راقدة جنبها على سريرها، كانت نايمة وقامت فجأة.. تهذي بهالكلام الفارغ زي ما كانت تسوي طول اليومين الماضيين.
أخذت منديل ومسحت جبين مرام اللي كان متعرق بسبب حرارتها العالية:
- اذكري ربك مرام.
إلا انه مرام كانت كأنها مغيّبة عن الوعي وهي تهز راسها وتحدق في السقف بعيون متسعة:
- أنا قتلتها، قتلتها بنفسي.
عضّت نسمة شفتها السفلية بقلة حيلة.
مو عارفة إيش تسوي أو كيف تتصرف مع مرام.
جيهان وبعض نساء الحيّ كانوا معاها أمس وقبله، وساعدوها كثير.. قدرت ترتاح شوي وتبعد عن الشعور اللي تحس فيه كل ما شافت مرام بهالحالة.
لكن الحين هم وحدهم، هي ومرام.. في غرفتها، غرفة جدها.
تركهم الكل وراح.. وهذا هو الحال، يوقفون مع أهل الميت 3 أيام من الزمن ثم كل واحد يرجع لبيته وينشغل!
مسكت كف مرام وضغطت عليها تحاول تواسيها وتهديها:
- مرام حرام عليك ليش تسوين كذا؟ ليش تتهمين نفسك بمثل هالاتهام الظالم بحق نفسك؟ الكل يدري والأطباء قالوا من فترة طويلة انه حالتها خطيرة ممكن تموت بأي وقت، ليش تلومين نفسك؟
- بس قالوا انها راح تصمد سنتين على الأقل لو التزمت بالعلاج، لو اخذت أدويتها بشكل منتظم.
كملت بصوت مختنق وهي تناظر نسمة وتأشر على نفسها:
- وأنا.. أنا اللي أخّرت علاجها، تركتها أكثر من 12 ساعة بدون لا أكل ولا شرب ولا دوا.. أنا قتلتها باللي سويته.
أدمعت عيون نسمة وهزّت راسها بالنفي تشد على كف مرام أكثر:
- كان هذا يومها، صدقيني ما لك علاقة بموتها، إنتِ سويتِ.........
قاطعتها مرام وهي تسحب كفها وتغطي وجهها ثم تنتحب ببكاء موجع، قطّع قلب نسمة بالحزن عليها.
وخلاها تناظرها عاجزة، وتبكي معاها بصمت.
رقدت مرام على جنبها وتكورت على نفسها وشهقاتها تعلى، وهي تقول لنسمة:
- نسمة اتركيني لوحدي شوي.
أومأت نسمة براسها بتفهم وخرجت.

رجعت مرام بذاكرتها لليوم اللي خرجت فيه من قبل الفجر.
كانت مصدّعة وحاسة بتعب فظيع كونها ما نامت إلا ساعات قليلة.
إلا انها تجاهلت كل شيء وتجهزت بسرعة.
خرجت الفطور اللي جمدته عشان أمها لمثل هالحالات، لما تكون مستعجلة وما يكون عندها وقت تجهز شيء.
حطته بالمايكرويف ثم رتبته في الصحن ودخلت الغرفة على أطراف أصابعها.
حطّت الأكل على الطاولة الصغيرة، ثم ناظرت الساعة.. اللي قرّبت من الثالثة صباحا.
جهزت أدوية ما بعد الإفطار وحطتها على الصينية.
وبما انه اليوم خميس وما عندها محاضرات، أكيد راح ترجع البيت قبل الظهر.. أول ما تخلص من وعود.
لذلك ما فكرت تجهز أدوية ما بعد الغداء.
أول ما التفتت متجهة للباب ناوية تخرج، فزعت من صوت أمها اللي انتبهت من نومها على صوت تحركات بنتها:
- مرام؟ وش مصحيك بهالوقت.
بالرغم من انها كانت واثقة من اللي ناوية تسويه إلا انها ارتبكت، التفتت لها بهدوء:
- بخرج الحين عندي شغل من بدري.
اتسعت عيون أمها بخوف وهي تناظر الساعة:
- الحين؟ بهالوقت المتأخر من الليل؟
تكتفت وهي تقرب وتجلس جنبها على السرير، ونظرة الخوف بعيون أمها.. ملامحها الحزينة والمتضايقة خلى قلبها يلين، نزلت وجهها لما عجزت تناظر هالمنظر:
- لازم يا أمي.. لازم أسوي هالشيء عشان أقدر أوفر لك علاج أفضل، عشان تتعافين بسرعة.
أدمعت عيون أمها، وبصعوبة قدرت تمسك كف بنتها:
- حمّلتك فوق طاقتك، كبرتك سنين عن عمرك الحقيقي بسبب غلط ما حسبت حساب توابعه يا مرام، عشان كذا تكفين.. لو في قلبك ذرة من الحب لي اسمعي كلامي، لا تخوفيني عليك.. أنا كذا ولا كذا أجلي قريب، حياتي مو أهم من حياتك انتِ لسه صغيرة.
رفعت مرام وجهها بقوة وانكشف وجهها اللي كان محمرّ وغرقان بالدموع، تكلمت بعصبية.. كعادتها لما يزيد الخوف في قلبها على أمها، لما تسمع طاري الموت:
- مو على كيفك تحددين حياة مين أهم، تحسبين بكلامك هذا راح تخففين عليّ مثلا أو تواسيني؟ كل ما جبتِ طاري الموت تقتليني.. تذبحيني بكلامك هذا، أنا مين لي غيرك بهالدنيا؟ كنتِ يتيمة وأبوي كان يتيم وتركني هو الثاني معك بدون أهل أو أقارب.. لو رحتِ إنتِ الثانية إيش راح أسوي لوحدي؟ عشان إيش راح أعيش؟
كملت وهي مختنقة من البكاء ومن شعورها بالضيق:
- صحيح تعبت وأنا انتقل من مكان لمكان عشان أوفر لك علاجك، بس بنفس الوقت هذا الشيء الوحيد اللي يخليني أتمسك بالحياة.. السبب الوحيد اللي يخليني حية تفهمين يا أمي.
كانت تشهق بصوت عالي ووجهها في فوضى تامة، من شعرها المبعثر واللي التصق بعضها في وجهها، عورها قلبها على منظر أمها اللي كانت تبكي هي الثانية بصمت.
انحنت وضمتها ثم قبّلت جبينها:
- آسفة يمه، أدري غلطت بحقك كثير ورفعت صوتي عليك أكثر من مرة لكن كله من خوفي عليك صدقيني، سامحيني أرجوك.
رفعت الأم يدها بصعوبة ومسّحت على شعرها بحنان:
- أموت ولا أزعل منك يا مرام، أنا استحق معاملة أسوأ، ما أستحق الحياة أساسا.
مسحت مرام دموعها بقوة وهي تقول بحدة:
- قلت مو إنتِ اللي تقررين هالشيء.. يلا بروح.
مسكت أمها يدها بقوة وشدّت عليها:
- لا تروحين مرام، خليك جنبي.
غمّضت عيونها بألم وضيق ثم سحبت يدها بلطف:
- لا تخافين، اليوم أول وآخر مرة أطلع بهالوقت.
كملت بعد ما تنهدت بضيق وهي تبتسم:
- كلنا نستاهل حياة طيبة يا أمي، ما أقدر أرضى بالوضع هذا لوقت أطول.. لازم الحق يرجع لصاحبه.
استغربت الأم وناظرتها بتساؤل:
- إيش تقصدين مرام؟
حركت كتوفها:
- ما أدري، راح تعرفين بعدين.

خرجت من الغرفة بخطوات متسارعة حتى لا تضعف قدام أمها وتتراجع.
كانت أمها لا زالت تناديها برجاء، وهي تحاول ما تسمعها وتتجاهل.
لبست عبايتها بسرعة وخرجت بخطوات أشبه بالركض.. حتى ركبت السيارة اللي طلبتها بعد ما توقفت عن البكاء بصعوبة.
وخرجت جوالها تكتب رسالة بيدها المرتجفة، لوحدة من بنات جيرانها.. تطلب منها بكل أدب تمر على أمها الصباح حتى تساعدها على الأكل وأخذ أدويتها.
ردت عليها البنت بالموافقة.
ابتعدت السيارة عن العمارة وقلبها يوجعها على أمها اللي ما توقفت أبدا عن نطق اسمها ( مرام ).

رجعت للواقع وهي حاسة بنفسها على وشك الانقطاع من شدة البكاء.
قامت من مكانها فجأة وخرجت من الغرفة بعد ما فتحت الباب بقوة أفزعت نسمة.
اللي وقفت هي الثانية وقربت منها بخوف:
- وش فيك؟
غطت مرام اذنها بيدينها وهي تهز راسها بهستيريا:
- ما أقدر أتحمل يا نسمة، ما أقدر أتحمل أكثر.. قاعدة أسمع صوت أمي تناديني، جايني من السطح لين عندي، مو قادرة أتحمل تكفين.
مسكتها نسمة من كتوفها وهزّتها بلطف حتى تهدأ:
- تمام حبيبتي انتِ اهدأي الحين، الوقت متأخر.. ارتاحي ونامي في الصباح إن شاء الله بنخرج.
هالمرة مرام مسكت يدينها برجاء أكبر:
- لا تكفين مو قادرة أتحمل، ما راح أنام في هالبيت.. أرجوك نسمة سوي شيء.
زفرت نسمة أنفاسها وهي تغمض عيونها تحاول تفكر بحل.
هزت راسها بإيجاب ثم ساعدت مرام على الجلوس:
- خلاص أبشري، بكلم جيهان تجينا ننام عندها للصباح، بعد كذا بشوف وين نقدر نروح.
أومأت مرام برأسها وهي لا زالت مغمضة عيونها.
أخذت نسمة جوالها واتصلت بجيهان، اللي ردت وقالت انها راح تجيهم فورا.

_________

انتهى الفصل الخامس

اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-07-21, 01:33 AM   #16

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جميل الفصل يا مروة تسلم الأيادى يا قمر


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-07-21, 03:34 AM   #17

MeEm.M

كاتبة في منتدى القصص والروايات المنقولة

 
الصورة الرمزية MeEm.M

? العضوٌ??? » 430513
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 347
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
?  نُقآطِيْ » MeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond reputeMeEm.M has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق.
لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله.
لا إله إلا الله.

_____



خيالُكِ حين أرقدُ نُصْبَ عيني
إلى وقتِ انتِباهي، لا يزُولُ
وليس يزورني صلةً، ولكن
حديث النفس عنك به الوصولً
— العباس بن الأحنف


_____



( الفصل السادس )

_____

الساعة 7 ونصف صباحا.
مرام قدرت تنام أخيرا وبسلام، بعد معاناة 4 ساعات في محاولات بائسة.
حتى بعد ما جاتهم جيهان تاخذهم، ووصلوا بيتها بسرعة بما إنه قريب من بيت نسمة.
وهيأت لهم الجو المناسب للنوم.
عجزت مرام، وظلّت تتقلب في فراشها طول الليل.
تبكي شوي ثم تهدأ وتسرح وهي جالسة بمكانها، تخاف تزعج نسمة أكثر وتقلق نومها وهي ما تدري انها ما نامت أساسا وظلّت تراقبها بخوف وقلق.
حتى أذّن الفجر وصلّت فرضها ثم رجعت ترقد رافضة عرض جيهان في انها تفطر معاهم.
أما نسمة أصابها الأرق وما قدرت تنام أبدا وهي تفكر في مرام ووضعها.
صارت وحيدة.. حرفيا.
ما لها أي أحد بعد وفاة أمها.. لذلك هي مستحيل تتركها لوحدها في العمارة.
ومرام أساسا ما راح ترجع.. راح تعذبها ذكريات أمها، مثل ما تعذبت هي بعد وفاة جدها، حتى تعودت على الوضع وتعايشت لأنه ما عندها خيار ثاني غير انها ترضى!

هي بنفسها جربت هالشيء، جربت تعيش لوحدها في المكان اللي توفى فيه الشخص الوحيد اللي كان باقي لها بالحياة.
جربت تصحى وهي تتخيله جنبها، وتنام وهي تحس انه لا زال يغني تهويدته الحنونة على اذنها!
على ما قد ما كان هالشيء يواسيها، على قد ما كانت تحس بالرعب!
يا ما قامت من النوم بنص الليل وشافته جالس جنبها، بعد ما تحلم فيه.. لدرجة انها تحسب الحلم حقيقي، وتمد يدها تحاول تلمسه وتتحسس وجودها بجانبه، ثم تكتشف انه مجرد سراب، مجرد خيال صنعه عقلها من كثر التفكير فيه، ومن ألم الوحدة القاتلة!
ما تتخيل إنها تترك مرام تعيش مثل هالحياة، ما راح تخليها تتحول لكتلة من المشاعر الباردة تجاه أي شيء في الدنيا.
مرام لا زالت صغيرة، وقدامها مستقبل كبير، غير انها بنت طموحة وشاطرة جدا.
بالرغم من الوضع اللي عاشته، والضغوطات من كل جهة.. ما تركت الدراسة أبدا.
حتى وهي منشغلة ومهمومة ما قد أخفقت أو جابت نتائج سيئة طوال سنواتها الدراسية، حتى قدرت تلتحق بالجامعة بعد تخرجها من الثانوية فورا.
ما سوّت مثلها، ما استسلمت لظروفها وتركت الدراسة بعد الثانوية!
حياة مرام تشبه حياتها نوعا ما، لكن الفرق بينها وبين مرام.. انها بعمرها ما كانت بحاجة ملحة للعمل حتى تجني قوت يومها.
بعكس مرام اللي من وهي عمرها 14 سنة.. تحاول تكسب لقمة عيشها بأي طريقة، زيادة على تعبها للحصول على علاج مناسب لأمها!
صحيح كانت صغيرة، لكن ذكائها.. مظهرها اللي يعطيها عمر أكبر من عمرها الحقيقي.. ساعدوها كثير.
بعد وفاة أم مرام أدركت أشياء كثيرة، إنها كانت غلطانة.. غلطت كثير بحق مرام.
صحيح إنه ما في إنسان ممكن يُعذر على تصرفاته السيئة مع والديه، لكن بوضع مرام.. بعد كل اللي قدمته وعاشته، بعد كل القسوة اللي تلقتها في حياتها، بعد القصة المؤلمة اللي شهدتها مرام وما تدري عنها هي شيء إلى اليوم.. تقدر تقول انه مرام تحملت كثير، واللي سوته يمكن كان صادر منها بسبب الضغوطات، وبسبب التعب مو أكثر!
أي شخص ممكن يفقد أعصابه وبأي لحظة.. لو صارت الأمور فوق قدرته على التحمل.
ومرام مو استثناء!
بالعكس مرام تستحق احترامها على كل اللي قدمته لأمها بالرغم من صغر سنها.
تقدر تجزم وتقسم انها حبّت أمها كثير، حبّتها اكثر من أي شيء بالدنيا.. أكثر من نفسها حتى.
كيف لا وهي الشخص الوحيد اللي كان باقي لها في الحياة بعد والدها!
انهيارها بهالشكل ولومها لنفسها، يثبت هالشيء!
مسحت على شعرها بحنان ثم غطتها كويس وهي تزفر أنفاسها بضيق شديد.

قامت من مكانها وخرجت من الغرفة بعد ما فتحت الباب بخفة حتى لا تزعج مرام وتصحيها.
كانت متطمنة وهي تتجه للصالة وتجلس على أقرب كنب بما انه زوج جيهان خرج للعمل.
مررت أنظارها على أنحاء البيت اللي أبهرها تصاميمه وجماله وشكله الأنيق العصري.
ابتسمت وهي تتمنى في قلبها انه حلمها يتحقق، وتمتلك مثل هالبيت في أقرب وقت
وأكيد بفلوسها هي مو بفلوس أعمامها.
خرجت جوالها من جيب قميصها، ثم طلبت رقم غزل.
كانت تنتظر هالوقت حتى لا تزعجها.
ردّت غزل بلهفة، حسستها انها صديقة لها من فترة طويلة.. مو مجرد موظفة تعرفت عليها من أسبوعين تقريبا:
- نسمة وأخيرا اتصلتِ قلقت عليك كثير، كيف الوضع عندك؟
ابتسمت نسمة وهي تريح ظهرها:
- الحمدلله أفضل من أمس وقبله، أكرر اعتذاري غزل.. صدقيني كان ودي أرجع فورا، لكن ما أقدر أترك مرام لوحدها.
غزل بعتاب:
- وش قلت لك نسمة، والله انه ما عندي مشكلة بالعكس، أنا جدا معجبة فيك بسبب اللي سويتيه عشانها، صدقيني وقفتك معاها ريحيتني وأسعدتني وأنا ما لي دخل.
ضحكت نسمة:
- الله يسعدك يا غزل، تهبلين والله.
- ويسعدك يا رب، ما قلت إلا الصدق.
ترددت نسمة قبل لا تقول الشيء اللي اتصلت عشانه:
- بطلب منك طلب صعب شوي، وأنا صراحة منحرجة منك كثير وترددت قبل لا أتصل، بس.....
- قولي يا نسمة لا ترددين ولا تخافين، احنا اخوات الحين.
نبرتها وكلامها الصادق ريحتها شوي:
- مرام، قلت لك ما لها أحد غيري حاليا، وأنا صراحة ما أقدر أتركها أبدا.. مو بس كم يوم.
شهقت غزل بصدمة:
- يمه وش قصدك؟ تبين تتركين الشغل والسكن؟
ردت نسمة بسرعة:
- لا غزل مو هذا اللي أقصده، قصدي لو .... إذا ممكن تأجري لي غرفة ثانية، وتسكن معانا مرام.
حلّ صمت قصير من جهة غزل، أربك نسمة وخلاها تعتدل بجلستها وتقول:
- إذا مو ممكن ومو حابة عادي مو مشكلة بدور حل و..........
قاطعتها غزل وهي تقول بهدوء:
- الصراحة كنت ناوي أتصل فيك أكلمك بهالموضوع، في بنت جاتني أمس بالمقهى تبي غرفة.. وأحس توترت وقلت آخذ رايك.
استغربت نسمة:
- تاخذين رايي في إيش؟ غزل هذا بيتك وانتِ اللي تقررين.
تنهدت غزل بضيق:
- عارفة، بس مدري ليش خفت فجأة.
- برايي انك لازم تستقرين على شيء واحد، بما انك قررتِ تفتحين بيتك تستفيدين منه وتخليه سكن جماعي، لازم تتخلين عن خوفك.. جربي تأجرين لها غرفة، وإذا ما ارتحتِ لها صارحيها وخليها تطلع، بسيطة.. نفس الشيء سويه معي ومع مرام لو وافقتِ على طلبي.
- نفس الكلام اللي قالته البنت، شكلي بوافق.. طبعا ما عندي مانع أعطي غرفة لمرام، حياها بأي وقت.
ابتسمت نسمة براحة:
- عرفت انك راح توافقين، شكرا غزل ما أعرف كيف أرد جميلك.
- عادي ما سويت شيء، روحي ارتاحي الحين واضح من صوتك انك بتموتين من التعب.
ضحكت نسمة:
- صادقة، يلا مع السلامة.
قفلت نسمة الخط ورقدت على الكنب بتعب.
غمضت عيونها ثم فتحتها فجأة وهي تحس بشعور غريب يجتاحها، ما تدري هل هو شوق ولهفة، أو اعتياد.. أو قهر!
لكن رغبتها كانت قوية.
في خضم الأحداث اللي صارت خلال اليومين وانشغالها بمرام، وحزنها الشديد على فراق أم مرام.. تذكرته فجأة، وحسّت انها تبي تتكلم معاه.
هذي المرة الأولى اللي توقفت فيها عن إرسال يومياتها له بعد فترة طويلة.
كانت ترسل له أتفه شي يصير معاها، كيف بشيء كبير مثل هذا!

`°°°°
بعد يوم طويل متعب، مرهق من كثر التفكير والهم.
رجع البيت ودخل لغرفته فورا بعد ما لقى الصالة فاضية.
وبسبب شعوره بالضيق لما يرجع البيت ويلقاهم كلهم حزينين، وكل واحد بحاله.. وألماس مو موجودة، صار يسهر مع أصحابه مثل قبل.
وبدال لا يرجع بالليل رجع الحين والساعة 7 صباحا.
أخذ شاور سريع واستلقى على سريره بتعب.
إلى الآن مو قادر يصدق اللي صار، مو قادر يستوعب الأحداث الأخيرة.
سلطان وتصرفه الحقير، لما ظل ساكت ولا دافع عن زوجته.
غضب أمه الكبير على ألماس، وفقدان ألماس السيطرة على نفسها لدرجة انها قالت لأمها أشياء مو معقولة.. وبكت!
ثم تخلي أمه عنها!
يدري ومتأكد مليون بالــ% إنه صفية ما تخلت عنها ولا تبرأت منها.
خرج منها هالكلام في لحظة غضب.
أكيد انها راح تتراجع في أقرب وقت، خاصة انها انصدمت كثير من سلطان، وعرفت انها غلطت لما أجبرتها عليه من قبل.
كل هالأشياء ما تُقارن بالإشاعات اللي انتشرت عن ألماس عند أقاربهم، إلا في كل الديرة تقريبا.
وهذا الشيء قاهره كثير.
لكن أكيد إنه براءة أخته راح تظهر بالوقت المناسب، وقتها كلهم راح يخرسون وما يقدرون يتفوهون بكلمة وحدة.
أخذ جواله يناظر الإشعارات بملل، يفتش بعيونه عن اسمها.. عن رسالة منها، عن مكالمة.. عن أي شيء!
بحياتها ما غابت عنه هالقد، يحس انه مشتاق لها كثير، بس ما بيده شيء يسويه.
الحين وبعد ما اتضحت كل الأمور، ما راح يفكر بالموضوع أكثر.. حتى لو اشتاق لها، حتى لو تعلق فيها مستحيل يستغلها.
اللي جاها منه كان أكثر من كافي، ولو انه ما تعمد يجرحها.. ولا كان هو السبب في اللي هي فيه.
لكنه مو قادر ينساها، مو قادر يتخطى.. مو قادر يتجاوز الموقف اللي جمعهم.
أغرب موقف وأغرب لحظة!

إلى الآن صوتها يرن بإذنه، ينام ويقوم على سؤالها اللي ألقته عليه بنبرة قوية.. خلاه يهتز من عنف مشاعره بهذيك اللحظة.
- وبصفتك مين كنت ترد عليّ وتسمعني؟
احتار مساعد، حس انه ضايع.. والحروف ضاعت منه، إلا انه ولأول مرة بحياته نطق بأصدق عبارة خرجت من لسانه، إلا من أعماق قلبه وهو يناظر الأرض:
- بصفتي الشخص اللي غيرتِ حياته، وخليتيه يمشي على الصراط المستقيم.
سكت للحظات تحت أنظاره المصدومة، قبل لا يقول:
- بصفتي الشخص اللي ما حب أحد كثر ما حبك.
غمض عيونه بضعف بعد ما اعترف بهالإعتراف اللي ما توقع يجي يوم وينطقه وقدامها هي، لكنه ما ندم.. ما خاف.
بما إنه كان صادق تماما، ولا عنده أي نية سيئة تجاهها:
- الحين بما إنه كل شيء اتضح، بروح في حال سبيلي.. أتمنى من كل قلبي إنك تكونين سعيدة.
كان الموقف بأكمله غريب، عليه وعليها.
المسكينة ما مداها حتى تستوعب قصة اختفاء أخوها حتى يعترف لها بمثل هالإعتراف ويصدمها أكثر، لدرجة انها ما قدرت تفتح فمها بأي كلمة.. حتى مشى من قدامها واختفى.

تأفف وهو يرمي الجوال على السرير بإهمال.
ما راح يسويها، ما راح يتمادى.. ولا راح يغلط.
مشاعره تجاهها كبرت أكثر بعد ما شافها وقابلها وجها لوجه، بس مستحيل يستغلها!
قطب جبينه بانزعاج لما قرّب يدخل للنوم، ونبهه صوت رنين الجوال.
أخذه بلا مبالاة، إلا انه أول ما شاف اسم المتصل فزّ جالس بمكانه.
ظل يناظر الشاشة بعيون متسعة وبعدم تصديق.
هل اللي قاعد يشوفه الآن حقيقة!
ولا قاعد يتوهم من كثر التفكير فيها؟
غمض عيونه وفتحها أكثر من مرة يحاول يستوعب، حتى تأكد انها اتصلت فعلا!
تنحنح قبل لا يرد ويحط الجوال باذنه وهو مغمض عيونه.
كانت ساكتة وما نطقت بشيء للحظات، حتى أبعد هو الجوال عن اذنه وناظر الشاشة يتأكد للمرة العاشرة.
استغرب من سكوتها، إلا انه هالاستغراب ما طال لما تكلمت أخيرا بصوتها الهاديء والمرهق:
- أدري ما توقعت اني برجع اتصل فيك بعد ما عرفت الحقيقة.. لكن، انت عارف اني متعودة على هالشيء من 10 سنين.. صعب أترك هالعادة فجأة، تحملني كم يوم.
ابتسم بدون ما يحس وهي تكمل:
- تعودت أقول لك كل شيء يصير معي وأنا أظن انك اخوي، وإلى الآن اتمنى يكون كل شيء قلته كذب.. وانك أخوي.
آلمه قلبه عليها، تنهد بضيق وقال بخفوت:
- آسف.
ردت هي بغضب:
- ليش تعتذر؟ على إيش؟ أنا الغلطانة.. أنا اللي ما صدقتك مع انك قلت لي أكثر من مرة انك مو سعد، بس أنا.. فضّلت إني أصدق أوهامي على اني أتألم من فقداني للشخص الوحيد اللي المفروض يكون حيّ من أهلي.
كمّلت بعد صمت قصير:
- كنت مصدر إزعاج لك طول هالسنين، كنت عبئ ثقيل.. ومو من حقي أرجع أتصل فيك وأخليك تسمعني، لكن صدقا.. ما عرفت لمين أفضفض غيرك انت، صحيح عندي عمتي جيهان، وعندي صديقة جديدة.. صاحبة السكن اللي انتقلت له، لكن.. أنا بحاجة لشخص يسمعني بدون لا يقاطع، يسمع بدون لا يسأل، بدون لا يعاتب ولا يخاصم ويعصب.. مثلك انت.
ابتسم مساعد بسعادة كونه الشخص الوحيد اللي تقدر تلجأ له، إلا انه بنفس الوقت حسّ انه حقير يوم يفكر يستغل هالشيء!
ما تركت له نسمة أي فرصة للتراجع أو الاعتراض، لما تنهدت من أعماق قلبها، ثم بدأت تسرد له كل شيء صار معاها من بعد ما تركها في السطح وراح، حتى قبل شوي.
وهو يسمعها بآذان صاغية، ومثل ما قالت.. بدون لا يقاطع ولا يسأل أو يعاتب.
كان يضحك لما تضحك، يتضايق لما تبكي.. بدون ما يتجرأ على مقاطعتها أبدا.
مثل ما كان يسوي طول السنين الماضية.
الشيء اللي خلى نسمة ما تصدق انه شخص آخر غير أخوها، وخلاها ترتاح له.. وتسرد عليه تفاصيل حياتها!

`°°°°

في وقت متأخر من الليل.

تجلس على أحد الكراسي الموجودة بداخل المطبخ.
بيدها كوب عصير، كان بارد ومليان ثلج.. وبسبب شرودها لوقت طويل ذاب الثلج وصار العصير دافئ.
ما تعرف إيش هي حقيقة شعورها بالضبط.. كل اللي تعرفه إنها محتارة جدا وضايعة.
إلا انه هالشعور مو جديد، دائما كانت كذا.. كانت ضايعة طول عمرها.
لكن هالمرة تحس في اختلاف بسيط، إنه هالضياع والحيرة.. يصاحبها شيء من الندم.
على تسرعها في اتخاذ مثل هالقرار، انها تفتح بيتها للغرباء، وتحوله لسكن جماعي للبنات!
قرار متهور، ممكن يرجع بالخساير.. خاصة لبنت في مثل وضعها.
تعاني من شيء اسمه الثقة بالناس، أقرباء أو غرباء.. على حد سواء.
ما حسّت بالندم أبدا لما استقبلت نسمة، بالعكس كانت مبسوطة انها لقت شخص يسليها ويملي عليها البيت، ويخفف عليها وحدتها.
أول مرة ندمت فيها لما فقدت نسمة الوعي.
بعد ما طلعت معاها وهي مبسوطة انها لقت شخص يشاركها الكثير من الاهتمامات، وكثير من جوانب حياتهم متشابهة.
حتى استأذنت منها نسمة عشان ترد على الشخص المتصل فيها، ودخلت هي للمرسم تنتظرها.. تعدل اللوحات وترتب المكان.
قبل لا توصلها صرخة نسمة اللي أفجعتها وهي تقول ( - تكذبين جيهان! مستحيل، تكذبين عليّ صح! )
بلعت غزل ريقها ثم غمضت عيونها براحة لما اختفى صوت نسمة.
إلا انه هالراحة سرعان ما تحولت لقلق، لما طال صمتها.. وصار البيت كله ساكن، سكون مخيف جدا.
تسارعت دقات قلبها بخوف من شيء مجهول، وهي تخرج من الغرفة بخطوات بطيئة، متجهة لغرفة نسمة.. حتى وصلت عندها .
كان الباب مفتوح، تقدمت أكثر حتى صارت بداخل الغرفة.

ألجمتها الصدمة وهي تشوف هالمنظر المخيف، حتى عجزت رجولها عن المشي والوقوف أكثر.. وطاحت جالسة على الأرض بضعف بعد ما داهمها صداع قوي.. وهي تشوف نسمة طايحة على جنبها، والجوال جنبها!
مرّ بعض الوقت حتى استوعبت الموقف، وقامت من مكانها بسرعة.
اتجهت لها والخوف بقلبها يزداد.. حتى جلست جنبها وحطت راسها بحجرها.. وصارت تربت على خدها بخفة لعلّها تنتبه وتصحى.
والحمد لله انه نسمة انتبهت فعلا وفتحت عيونها بوهن.
وانصدمت وهي تشوف عيون غزل تلمع من الدموع المتجمعة فيها، جلست بسرعة وهي مفجوعة:
- انتِ بخير؟
ردت غزل بعد ما تنهدت براحة وهي تحط يدها على صدرها:
-المفروض أنا اللي أسألك هالسؤال، جيت أتطمن عليك لما طولتِ وما جيتِ، خفت لما لقيتك طايحة كذا.
ابتسمت نسمة بتوتر، قبل لا تطيح عينها على الجوال الطايح وتتذكر اللي سمعته قبل شوي.
بلعت ريقها ثم رفعت عينها لغزل:
- آسفة غزل سامحيني، أنا.. سمعت خبر صدمني وما قدرت أتحمل، أدري إني فجعتك.. آسفة غزل آسفة.
هزت غزل راسها بالنفي وهي تمسح وجهها:
- لا ما عليك لا تعتذرين، صار شيء؟
عضّت نسمة شفتها بقوة وعيونها تدمع من جديد:
- إيه.
خبرتها عن اللي صار وشرحت لها علاقتها بأم مرام وهي منهارة من البكاء.
حزنت عليها غزل وعرضت عليها المساعدة، قبلت نسمة فورا بما انه ما عندها خيرا آخر.
وقتها اتصلت بزيد وطلبت منه يوصلهم لهذيك المنطقة البعيدة.
وصلت نسمة وعزّت مرام، ثم رجعت فورا.
في طريق العودة كان زيد ساكت، لكن هي كانت عارفة انه وده يعاتبها.. وده يلومها على الموقف اللي حطت نفسها فيه.
لكنه ما يبي يتكلم ويزود عليها، خاصة بعد ما شاف تعابير وجهها وعرف قد إيش هي كانت خايفة ومرتعبة.
وبدون لا يشاورها أو يسألها، أخذها لبيت أمه حتى تنام الليلة وهي مرتاحة.
وهي كمان ما اعترضت بما انها كانت فعلا بحاجة إنها تغير المكان حتى تغمض عيونها بدون لا تخاف من شيء.
ولا زالت في بيتهم من هذيك الليلة.
واللي خلى خوفها يكبر، جيّة ألماس وطلبها غرفة في البيت!

رفعت راسها على صوت خطوات تقترب منها، ابتسمت لمشاعل.. زوجة عمها، وأم زيد أخوها من الرضاعة.
جلست مشاعل قدامها:
- مو قادرة تنامين؟
هزت راسها بصمت ثم رفعت الكوب تشرب منه.
مشاعل وهي تتفحص ملامحها:
- أقدر أشوف قد إيش انتِ محتارة، وبحاجة لاستشارة من شخص كبير بالسن عنده الكثير من الخبرات في الحياة.
صغّرت غزل عيونها وهي تسأل:
- وتعتقدين انك الشخص المناسب؟
ضحكت مشاعل:
- إذا ودك، قولي لي وش اللي مضايقك، لاحظت انك مو على بعضك من لما جيتِ هنا، والوضع بينك وبين زيد مو تمام على ما أعتقد.
غزل بغيظ وهي تناظر ناحية الباب كأنها تشوف زيد قدامها:
- ولدك وده يذبحني بس ساكت ومتحمل.
سألت مشاعل بتعجب وهي تضحك:
- أفاا وش صاير؟ ايش اللي مزعلكم من بعض، لا تقولي سالفة البيت.. لأني قد نبهته وقلت له ما يتدخل.
- هو ما تدخل، بس خايف عليّ.. خاصة بعد اللي صار قبل يومين، وأنا ما ألومه لأني بنفسي أحس اني بديت أندم.
ابتسمت مشاعل بحنان وهي تمسك كفها وتضغط عليها:
- لا تندمين غزل لأني عارفة ما اتّخذتِ هالقرار إلا بعد تفكير، وعادي مثل هالحوادث تصير.. يا ما عشتِ وواجهتِ أوقات ومواقف أصعب من هذي مع رزان وكنتِ قدها، اعتبري اللي معك أختك.. تهتمين فيها وتهتم فيك، تواسون بعض وتضحكون مع بعض، تشاركيها أفراحك وتشاركك.
زمّت غزل شفايفها وهي تبعد أنظارها عن مشاعل بتوتر، كملت مشاعل:
- أدري انك خايفة وما تبين تثقين بأحد، بس جربي.. صدقيني راح تتغير نظرتك للحياة، حياتك بكبرها راح تتغير، ما أقول لك اعطيهم ثقتك الكاملة، لكن تقدري تثقي فيهم وتحطي لهم حواجز ما يتعدونها، وإذا شفتِ منهم اللي ما يعجبك تخلي عنهم، والموضوع مو سهل ولا بسيط.. بس بنفس الوقت كيف تعيشين وتكملين حياتك وانتِ تشكّين بكل شخص، وتخافين من الكل بدون استثناء؟
غزل بحزن:
- صدقيني قاعدة أحاول، أحاول بكل جهدي والله.. إلى الآن مستمرة بروحتي للعيادة، وآخذ حبوبي بانتظام، لكن.... كل ما تذكرت اللي سووه رزان وآسر أرجع أخاف.
- أدري انك تحاولين، ومبادرتك في انك تفتحين بيتك وتخلينه سكن جماعي أكبر دليل.. هوّني على نفسك غزل.
هزّت راسها بإيجاب:
- نسمة أول ما قابلتها حسيتها مثلي، ضايعة ومحتارة ولا عارفة إيش لازم تسوي بحياتها أو كيف تتصرف، عشان كذا ما خفت كثير.. صحيح اني خفت لما فقدت وعيها فجأة، لكن اللي خلاني أحس بالندم البنت اللي جاتني صباح اليوم، توقعت كل البنات مثلي ضعيفات ويستسلمون بسهولة، يحتاجون شخص يوقف معاهم ويشجعهم على أي شيء يسوونه مثلي مثل بتول، واللي مثل نارا نادرين جدا.
ضحكت وهي تكمل:
- لكن اليوم تغير رايي، لما شفت هالبنت.. وشفت النظرة بعيونها، خوفتني صدق وأعجبتني بنفس الوقت، بس تدرين إيش اللي صدمني أكثر، تقول زوجها تركها بثاني يوم من زواجهم، وحاليا هنا ما عندها مكان تنام فيه متخيلة!
رفعت مشاعل حواجبها بتعجب:
- طيب وين أهلها ليش ما ترجع لهم؟
غزل بتأييد:
- صحيح هذا اللي أقوله، كيف أستقبل وحدة ما أعرف عنها غير اسمها وان زوجها تركها وراح، غير انها واضح من هيئتها انها مو هينة.
سكتت مشاعل شوي وهي تفكر، قبل لا تقول:
- ما أعتقد انك لما فكرتِ بموضوع السكن توقعتِ انك بتستقبلين ناس تعرفيهم وتثقين فيهم من أول نظرة؟ استقبليها غزل، صدقيني راح تنفعك كثير وما راح تندمين، إلا إذا اثبتت العكس مثل قلت لك وقتها تليها من رقبتها وطلعيها من البيت، لكن فعلا انتوا بحاجة لشخص تعتمدون عليه، مثل قلتِ حسيتِ نسمة ضايعة مثلك، استقبلي وحدة عرفتِ من أول ما شفتيها انها مو هينة.
غزل بتردد:
- بس.. أخاف تسبب لنا مشاكل، يعني لو أهلها دروا و.....
قاطعتها مشاعل:
- أنا موجودة غزل، بكون المسؤولة.
سكتت غزل بحيرة ثم زفرت أنفاسها باستسلام:
- تمام، راح أفكر أكثر بالليل.
أومأت لها مشاعل ثم وقفت ومسحت على راسها بحنان:
- تمام، الله يريح بالك يا غزل.. خلصي عصيرك واطلعي نامي لا تسهرين لوقت متأخر.
ابتسمت لها غزل:
- تصبحين على خير.

خرجت مشاعل من المطبخ وتركتها محتارة حتى بعد كل اللي قالته.
كلامها منطقي وواقعي، هي اللي مو قادرة تفكر زين وتحكم عقلها وتختار الشيء الصح.
ضحكت فجأة وهي تكلم نفسها:
- لو تدري اني اتخذت القرار في لحظة غضب وبدون أي تفكير!

`°°°°°


في شقتها الفاخرة اللي تعيش فيها لوحدها، بعد ما صارت مشهورة.. وبعد ما صارت تقدر تعتمد على نفسها وتصرف على نفسها بدون مساعدة أي أحد.
خرجت من بيت أهلها وقررت تسكن لوحدها، حتى لا تزعجهم بطلعاتها وخرجاتها المتكررة.. وعشان تقدر تستقبل صحباتها بأي وقت، وأكيد عشان تقدر تتفاخر بجمال بيتها قدام متابعينها.
وأهم سبب.. خلافها معهم بعد اللي صار.
لبست أفخم بجايمها وأجملها، ثم جلست قدام التسريحة.. تجفف شعرها ثم ترطب شفايفها ووجهها.. ما كانت بحاجة لوضع أي مكياج، كانت جميلة من صغرها، ولا زالت.
جمالها الخارق اللي الكل يمدحه، وخلاها تكسب كل هالثقة بنفسها، الثقة الأقرب للغرور.
والجمال اللي خلى حازم يطيح في غرامها ومن أول نظرة!

بعد ما انتهت أخذت جوالها ورفعته تصور كالعادة، تتكلم مع متابعينها.. تضحك لهم وتسولف وهي تتنقل من مكان لمكان بداخل الشقة.
بعد نصف ساعة تقريبا، انتهت.. ورمت الجوال على جنب بملل واحباط.
متضايقة بشكل مو طبيعي، وحزينة.
ظنّت انها لو تكلمت معاهم وأشغلت نفسها راح تحس بالراحة.. إلا وانه مثل دايم، ما تغير شيء.
التظاهر بالسعادة والراحة طول الوقت، بعمره ما خلاها سعيدة.. بعمره ما ساعدها على نسيان اللي تحس فيه.
استلقت على الكنب الطويل الموجود بالصالة بملل ثم غمضت عيونها بتعب.
ابتسمت بسخرية وهي تتذكر اللي صار أمس.
بعد ما خرجت من عند سلطان وهي عارفة وشبه متأكدة إنه في شيء مو عادي صار بينه وبين ألماس، ولا شخص مثله مجنون فيها مستحيل يداوم بثاني يوم من زواجه.
الزواج اللي تمّ بشكل غريب وبدون ما احد يدري.
حتى هي ما كان تعرف، بس قدرت تستدرج سلطان بالكلام حتى علمها سبب غيابه في اليومين الماضيين.
طبعا ما في أشطر منها في استدراج أي أحد بهالطريقة.
ما تعرف ليش انبسطت لهالدرجة بعد ما خمّنت انه في مشاكل صارت بينهم.
يمكن لأنها ما تكره أحد بالدنيا كثر ما تكره ألماس، يمكن تكرهها أكثر من آلاء حتى.

خرجت من الشركة وركبت سيارتها وهي تحس بلخبطة في مشاعرها، حيرة وشيء من السعادة.. خلتها تسوق سيارتها ناحية بيت آلاء!
ترددت كثير لما وصلت ووقفت السيارة قدام البيت، إلا انها استجمعت شجاعتها ونزلت.
وقفت عند الباب تعدّل نفسها، قبل لا ترفع يدها تدق الجرس.
ما تدري إذا كان حظها طيب ولا العكس.. لما جا مسعود من وراها وفتح الباب، كان راجع من البقالة.
سلم عليها وهو ما يدري عن الخلافات اللي بينها وبين أخته، كان يعتقد انهم لا زالوا صديقات مثل قبل.
لذلك دخلها البيت بدون لا يسأل آلاء، ورجع لغرفته.
وقفت عند مدخل الصالة وحسّت بالاحراج لما لقت البيت فاضي وهاديء بشكل غريب.
قبل لا تتجه لغرفة آلاء، انفتح الباب وظهرت هي.. بيدها الجوال، تقرأ شيء صدمها وخلاها تنفصل الواقع.
ابتلعت نجمة ريقها بسبب شعورها بالحنين والشوق لآلاء، ولأيامها الحلوة معاها!
إلا انها سرعان ما تجاهلت هالمشاعر، لمّا رفعت آلاء راسها وانصدمت.
حسّت بشيء من الشعور بالانتصار والنشوة وهي تشوف تعابير وجهها، وملامحها اللي تغيرت تماما.. حتى لون وجهها اختفى.
ابتسمت وهي تقول:
- آلاء! أخبارك حبيبتي اشتقت لك.
استمتعت كثير وهي تشوف هالمنظر.
واستغربت لما شهقت آلاء فجأة، والتفتت تشوف السبب.
ما كانت صدمتها أقل، ولا خوفها من هالموقف الغريب اللي انحطت فيه.. إلا انها استغلّت الموقف بسرعة.
عارفة انه ماحد منهم عنده حيلة يسويها أو يوقفها.
حازم يظن انه آلاء ما تعرف الحقيقة، وآلاء ما تعرف انه حزام ما يعرف!
رجعت تناظر آلاء بلذة واستمتاع، قبل لا تقول بكل خبث وهي تضحك:
- إيش فيك انصدمتِ؟ ترى صداقتنا لسه مستمرة.. أنا وحازم.
امتقع وجه آلاء أكثر لدرجة انها بغت تندم على جيتها ومفاجأتها بهالطريقة.
انتظرت ردة فعل مختلفة من آلاء، وملّت من الوقوف.. لذلك تحركت من تلقاء نفسها.

تقدمت حتى وقفت جنب آلاء ومسكت يدها وهي تبتسم لحازم:
- اسمح لنا حازم، تقدر تنتظرها بالمجلس.. عندي كلام خاص بقوله لها، لو سمحت.
انقهرت وهي تشوف عيونه المصوَبة عليها بتعبير مليان غضب وتهديد.
ثم ناظر آلاء بارتباك.
هز راسه بإيجاب ثم قال:
- مو مشكلة، جيت أجلس معك شوي آلاء وأسليك بما انك مو قادرة تخرجين، بشوفك بكرة.
أومأت آلاء براسها بضعف.
خرج حازم بعد ما ظل واقف للحظات بتردد.
شدّت نجمة على يد آلاء وهي تبتسم لها:
- أدخل ولا بتخليني واقفة هنا؟
تركت يدها وتجهمت ملامحها تعبر عن شعورها الحقيقي بعيدا عن السخرية والخبث.
دخلت الغرفة بكل وقاحة وقبل لا تسمع رد آلاء اللي ظلّت واقفة بمكانها، بمظهر مثير للشفقة!
جلست نجمة على سريرها وحطت رجل على رجل وهي تمرر أنظارها على الغرفة:
- تغيرت الغرفة كثير عن آخر مرة جيت فيها.
تحركت آلاء من مكانها أخيرا ودخلت الغرفة ببرود بعد ما مسكت نفسها بقوة حتى ما تضعف أكثر قدام نجمة:
- وش اللي تغير؟
رفعت نجمة عيونها كأنها تفكر:
- هممم مدري.. يمكن، ألماس.
ضحكت وهي تكمل:
- كانت الغرفة مليانة بوجودها، جيت وأنا أظنها موجودة بما انه حتى العريس رجع للدوام بعد يومين من العرس.
ناظرتها آلاء بصدمة:
- إيش قصدك؟
ابتسمت نجمة بمكر وهي تتكتف وتوقف:
- ما أقصد شيء، بس ما توقعت أختك راح تتزوج بهالطريقة بعد انتظار ست سنين.. ولا توقعت سلطان راح يرضى، لكن الظاهر انه فعلا فقد صبره أخيرا وطفح الكيل، لذلك ما أشوفها هنا.
ارتبكت آلاء:
- إيش تبين نجمة؟ خليك من هالكلام الفاضي.. هي حرة في اختيارها لطريقة زواجها، وشيء طبيعي تكون في بيتها بعد الزواج مو هنا.
رفعت نجمة حاجبها بمكر:
- بس مو هذا اللي قاله سلطان لي.
اتسعت عيون آلاء تمام من شدة الصدمة:
- مستحيل.. سلطان مستحيل يسوي كذا ويفضح نفسه بنفسه، هو اللي تركها هناك ورجع مو هي الغلطانة.
انصدمت نجمة بدورها، ما توقعت تسمع هالإجابة الصادمة منها.
لأنه كل اللي عرفته من سلطان زواجهم، فقط مو أكثر.
أخفت صدمتها وهي تبتسم:
- أكيد عنده سبب مقنع، بس ودي أعرف شعورك.. كيف حسيتِ لما سمعتِ الخبر؟
ارتجفت عيون آلاء وضمت يدينها ببعض بقوة وهي تناظر الأرض.
رفعت نجمة راسها ومسكت ذقنها بقوة وخلتها تناظرها غضب:
- جاوبيني آلاء، كيف حسيتِ لما زوج أختك تركها بثاني يوم من زواجها.. معقولة ما تذكرتِ شيء؟ مثل... اللي سواه فيني حازم مثلا، لما تركني بليلة العرس بسبب شخص مجهول، تدخل في اللحظة الأخيرة وخرب كل شيء؟
ساد الصمت للحظات، توترت آلاء فيها كثير وارتبكت لدرجة تمنت لو انها ما ولدت ولا جات على الدنيا.
ابتسمت نجمة بتهكم من تعابير وجه آلاء قبل لا تتركها وتجلس على كرسي التسريحة وهي تحط رجل على رجل تقول بنبرة واثقة:
- كنتِ عارفة إنه اليوم راح نتواجه فيه راح يجي، ليش ما حضرتِ نفسك؟ ليش ما جهزتِ الجواب؟
وفي لحظة خاطفة، ما تدري آلاء من وين جاتها هالقوة وهي ترفع شعرها بثقة ثم تتكتف وتجلس على السرير مقابل نجمة:
- مو كأن اللي كنتوا ناويين تسوونه صحيح يا نجمة، عشان تجين تحاسبيني على اللي سويته وهو مو غلط أساسا.

حسّت نجمة بضغطها يرتفع، قهرتها الثقة اللي تكلمت فيها آلاء بعد كل هالتعابير اللي أظهرتها وخلتها تعرف انها تتمنى الموت ولا تنحط في هالموقف، الثقة اللي خلتها تعتقد إنه آلاء مستحيل تفتح فمها بكلمة وتظل مثيرة للشفقة حتى اللحظة الأخيرة.
ردّت بتعجب وغضب وهي تحط عينها بعين آلاء:
- اللي سويناه إحنا غلط؟ واللي سويتيه إنتِ صح؟ على أي أساس تحكمين؟ على أي أساس تقولين إنه زواجنا مو صحيح؟ ووشايتك لأهلي تصرف مو غلط؟
تأملتها آلاء لثوانِ، وبعد تردد تكلمت:
- أجل ليه كنتوا بتتزوجون من ورى أهاليكم؟
وقفت نجمة بعصبية ووجهها محمر من شدة الغيظ والقهر:
- كنا بنعلمهم، قلت لك هالشيء.. انتِ الوحيدة اللي قلت لها والوحيدة اللي وثقت فيها، الوحيدة اللي علمتها بكل أسراري إلا واحد.. المشاكل اللي بين أهل حازم وبين أهلي لأنه حتى أنا ما أدري، برايك آلاء.. ليش المفروض ننحرم من بعض واحنا ما نعرف إيش السبب اللي مختلفين عليه؟ عشان كذا قررنا نتزوج ونحطهم قدام الأمر الواقع، رضوا ولا ما رضوا بعد كذا ما يهمنا طول ما احنا متزوجين على سنة الله ورسوله، لكن وش اللي سويتيه إنتِ يا آلاء؟ وش سويتِ فيني بعد كل اللي قدمته لك؟
رجعت آلاء انتكست من جديد، تبخرت القوة اللي أظهرتها.
شتتت نظراتها وأبعدتها عن نجمة ويدينها ترتجف من الارتباك، من الخوف وتأنيب الضمير.
قرّبت منها نجمة وهي حابسة دموعها بالقوة، مع انها صارت ترتجف من شدة الانفعال لما داهمتها ذكريات اليوم البائس، اللي انتهى فيه كل شيء بلمح البصر:
- تحملت كثير يا آلاء، سكتت كثير.. لدرجة اني مو قادرة أتنفس من كثر ما صدري ضايق، اللي قاعدة أسويه فيك بين فترة وفترة ما يريحني، وفي بالي أشياء كثير أسويها لك.. ودي أضغط عليك أكثر وأخلي نفسيتك تتعب أكثر من كذا، لكن تشوفين! ماحد ينقهر ويتضايق غيري، كل الناس تجي تلومني وتعاتبني وتهددني! وين ما رحت قالوا اللي تسوينه بحق صديقتك السابقة مو عادل، تأذينها وهي ما تستحق!
ضحكت فجأة بسخرية ثم كملت:
- آخرهم ألماس، جاتني لين عندي بالشقة تهدد.. تدرين وش قالت؟ لو انك ما وقفتيها كان سوّت أي شيء عشان تمحيني من الوجود، ليش آلاء؟ ليش وقفتيها؟ وش قلتِ لها أصلا وكيف أقنعتيها؟ معقولة باقي في قلبك شيء تجاه صداقتنا القديمة! ههههههههههههههه انتِ يا آلاء لسه تقدرين علاقتنا؟ بعد كل اللي صار! معقولة؟ بعد ما آذيتك هالقد وتعبتك نفسيا وجسديا!

تصلّبت ملامحها واختفت الابتسامة، وقرّبت من آلاء أكثر.. والثانية تناظرها بصدمة وخوف حتى طاحت على السرير جالسة، ونجمة تشرف عليها وهي واقفة، تقول بنبرة مهددة مخيفة:
- تدرين إنه لكل شيء حد، وهذا آخر حد لصبري.. وانتهى.
رفعت آلاء راسها بقوة، بوجه لونه مخطوف:
- وش قصدك؟
انحنت نجمة وهي تناظرها بحدة خلّت آلاء ترتجف أكثر:
- بتركك تختارين يا آلاء، يا تعلمين حازم انك تعرفين كل شيء عن علاقتنا، وانك انتِ اللي علمتِ أهالينا وخربتِ كل شيء.. أو تفضلين أنا أعلمه.
سكتت لثوانِ كأنها تفكر:
- والخيار الثالث وهو الأفضل لي طبعا والأسوأ لك، أفضح أفعالك قدام العالم.. تعرفين تأثيري على الناس، إذا تكلمت ما راح يختفي اسمك عن مواقع التواصل ومن كلام الناس دهر كامل.. راح تصيرين عظة وعبرة لمن لا يُعتبر.
تنهدت وهي تبتسم بسخرية وتعدل عبايتها:
- ما أظنك بترضين بهالشيء، عشان أهلك على الأقل.. أعتقد اللي جاهم بسبب ألماس يكفيهم وزيادة.
ربتت على شعرها بخفة ثم قالت:
- خليكِ بنت شاطرة وفكري في أمك المسكينة وأبوك.
ألقت عليها نظرة أخيرة مليانة كره وحقد، ثم دارت عنها وابتعدت بخطوات قوية تعبر عن غضبها.

`°°°°


صباح اليوم الثاني..

تجلس بداخل المطعم تفطر لوحدها مثل اليومين السابقين.
كان مطعم فخم جدا، كل أصنافه غالية.. حتى كوب القهوة أغلى من 5 أكواب قهوة في مكان عادي.
لذلك حرصت على انها تختار أغلى شيء.
بعد ما اكتشفت انه سلطان ترك لها بطاقته.
كثر الله خيره!
ما تدري ليش تركها معاها، حزن عليها وحس بغلطه؟ ولا عشان يتعقبها من خلال هالبطاقة.. كل ما صرفت منها راح توصل له رسالة ويعرف على إيش قاعدة تصرف؟
مو مشكلة طالما انها مو مضطرة تدفع شيء من جيبها.
تستحق أكثر من المبلغ الكبير الموجود في البطاقة.
تستحق على كل اللي سواه فيها.
إلى الآن معصبة من السالفة، إلى الآن تحس صدرها يحترق قهر وغيظ وهي تتذكر منظره لما نطقت أمه العبارة اللي هزتها.
صحيح انصدمت من ردة فعل أمها وكانت تحاول تستوعب، لكن تمنت تسمع صوته.. تمنت لو يدافع عنها ويقول لأمه انه ما يرضى على زوجته هالكلام وانها شريفة!
ممكن تكون استفزته، قهرته وخرجته عن طوره.. بس اللي سواه مو معقول أبدا!
هي عرضه وهي شرفه، اللي يقذفها يقذفه.
هذا غير انه تغنى بحبها لعشرات السنين.. كيف بالموقف الصعب ظهر بمظهر الضعيف قدام أمه؟
طاعة الأم واجبة ماحد يختلف على هالشيء، لكن الغلط يبقى غلط ولازم يتصحح.
ما هو طفل عشان يروح من عندها زعلان، ثم يجيب أهله وأهلها.. بعدها يظل واقف يراقب الموقف من بعيد كأنه ما له علاقة أبدا باللي قاعد يصير.
شخص مثل هذا كيف ترضى تكمل حياتها معاه!
والمصيبة الكبرى انه حتى بعد ما صاروا الناس يتكلمون عليها، وكل واحد يتهمها بتهمة.. يمضغون لحمها ويرمونه بدون أدنى شعور بتأنيب الضمير، ما سمعت عنه شيء.. ماشافته يتصدى لهالكلام ويوقفهم عند حدهم.. ما شافته يدافع عن نفسه حتى! يدافع عن بيته وعرضه!
يمكن وقتها كان قلبها يلين تجاهه، يمكن اعطته فرصة، ما تعرف كانت راح تسوي أي شيء.

اللي مستفزها أكثر انه الكل واقف بصفه، والكل يلومها هي ويعاتبها.. قدامها وهي موجودة معاهم في مجموعة وحدة.
يتكلمون عليها بأبشع الطرق، يسبونها بأشنع الألفاظ!
إلا انها قررت تسكت، قررت تصبر لعلّ الله ينصرها بالوقت المناسب.
مستحيل ترد، مستحيل تعطيهم اللي يبونه.. ما هي بحاجة انها تبرر لأحد.
لو فتحت فمها بكلمة راح يكبرون السالفة أكثر، يحورون كلامها ويشوهون سمعتها أكثر.
واللي برأ عائشة من فوق سبع سماوات قادر على اثبات براءتها واظهار الحقيقة للكل.
شربت الجرعة الأخيرة من قهوتها ثم وقفت تعدل حجابها وتلبس النقاب.
أخذت الشنطة وخرجت بعد ما دفعت الحساب.
وقفت عند الباب لما وصلتها رسالة من رقم غريب.
فتحتها وابتسمت براحة وهي تقرأ المحتوى ( أنا غزل، وهذا موقع البيت حياك بأي وقت.. اتصلي فيني لما توصلين ).
وصلتها رسالة ثانية ( إذا حابة تجين عشان تشوفين قبل لا نوقع العقد ما عندي مشكلة، تعالي المقهى ).
ردّت ألماس بدون تفكير ( لا ما في داعي، بعد ساعة أو أقل بكون قدام البيت إن شاء الله ).
رفعت راسها وزفرت أنفاسها براحة ثم اتجهت للفندق اللي ظلّت فيه أمس، واللي كان قريب جدا من المطعم.
صعدت للغرفة ورتبت أغراضها بسرعة.
انتهت خلال نصف ساعة.
أنهت إجراءات الخروج.. وخرجت من الفندق.
أول ما خطت خطواتها للخارج، انصدمت وهي تشوف اللي قدامها.. العامل اللي خرج أغراضها مختفي، والأغراض بيد شخص ثاني!
واللي كان يناظرها بغموض، وبصمت مطبق.. عيونه بعيونها.
وهي تناظره بعيون خالية من التعبير.
حتى تكلم أخيرا بعد ما تنهد بضيق:
- لازم نتكلم ألماس.
ردّت وهي تتقدم منه حتى وقفت قدامه:
- طبعا سلطان، لازم ننهي هذي المهزلة بأسرع وقت.

`°°°°

لها قرابة الساعتين على سجادتها، بعد ما صلّت الظهر.. وظلّت جالسة بمكانها تقرأ القرآن وتذكر ربها.
ونسمة نايمة، والظاهر انها ما نامت من زمان.. واضح عليها التعب والإرهاق.
الشيء اللي حسسها بالذنب تجاهها.
من لمّا توفت أمها ما تركتها دقيقة وحدة.
في حياتها الفوضوية واللي ما فيها شيء حلو بنظرها.. نسمة كانت العوَض.
لولا الله ثم هي يمكن كانت الحين تهيم في الأرض بلا هدى.. كانت راح تنجن حرفيا وتفقد عقلها.

قفلت المصحف لما سمعت رنين جوالها، قامت بسرعة قبل لا تنتبه نسمة من نومها.
خرجت الجوال من الشنطة وخلته صامت وهي تناظر الرقم بصمت، وبتردد وقلق.
كأنها لسه تذكرت، الفوضى اللي سببتها في القصر قبل وفاة أمها!
انقفل الخط قبل لا ترد، وجلست هي على الكرسي تناظر الشاشة، اللي رجعت نورت من جديد باسم وعود.
غمضت عيونها وزفرت أنفاسها بتعب وهي محتارة، هل لازم ترد ولا لا.. بالنهاية ولما أوشك الخط على انه ينقفل، ردّت.. ورفعت السماعة على اذنها بتردد:
- هلا.
سمعت تنهيدة الراحة اللي أصدرتها الثانية:
- مرام، أخبارك حبيبتي؟
تعجبت مرام نوعا ما وهي تسمع نبرتها.
توقعت تكون محبوسة في مكان، تعبانة أو مريضة بعد ما عذبتها أمها أول ما اكتشفت إنها كانت على علاقة مع مرام!:
- كويسة الحمد لله، وانتِ؟
- تمام ربي يسلمك، آسفة مرام آسفة من قلبي إني ما قدرت أجي أعزيك.
ابتسمت مرام وردّت بهدوء:
- مو مشكلة وعود، اتصالك يكفي.
- أهم شيء انتِ بخير الحين؟ كيف صحتك؟
مرام وهي تناظر يدها المجبسة حتى الآن:
- كل شيء تمام، غير يدي طبعا.
ضحكت وعود بتردد:
- آآه صح، كله من هالفاهي عزيز، إن شاء الله تتعافين بسرعة.
- آمين يا رب.
سألت بقلق:
- صحيح وعود، بخصوص اللي صار قبل لا ياخذوني للمستشفى....
ضحكت وعود حتى تطمنها وتحسسها بالراحة:
- قصدك أمي وصدمتها لما أنا تعرفت عليك من صوتك؟ لا تقلقين تصرفت وقدرت أمشي الموضوع.
- شلون؟
- قلت لها انك كنتِ صديقتي أيام المتوسط.
مرام بشك:
- وصدقتك؟
- إيه طبعا.
سكتت مرام وهي مترددة تسأل السؤال اللي في بالها مع انها عارفة الإجابة من قبل، إلا انه رغبتها في سؤال وعود كانت قوية:
- وعود، ممكن أعرف.. إيش السبب اللي خلى أمك تعزلين نفسك عن الناس وتبعدين عنهم؟
ساد صمت طويل من جهة وعود، وظلّت مرام ساكتة تتنتظر ردها.
وفاة أمها ما تعني إنها راح تستسلم الحين، أو ترضى بهالوضع.
بالعكس.. وبالرغم من ضعفها الشديد وتعبها تحس انه في شيء تغير بروحها، تحس إنها صارت أقوى.. ورغبتها في انها تاخذ حقها صارت أعظم من قبل.
كيف لا وهي فقدت أمها؟ فقدت الشخص الوحيد لها بهالحياة!
ومثل ما سمعت كثير، الشخص الوحيد اللي ما يصير عنده شيء يخسره، هو أقوى شخص في الدنيا.
تكلمت وعود بصوت خافت بالكاد ينسمع:
- هذا سر يخص أهلي يا مرام، اسمحي لي.. ما أقدر أقول لك.
مرام بنبرة خرجت حادة رغما عنها:
- السبب متعلق بالحادث اللي فقدتِ فيه بصرك، صحيح؟
كان إثبات وإقرار مو سؤال، الشيء اللي خلى عيون وعود تتسع ونبضات قلبها تتسارع.
تنحنحت تعدل صوتها قبل لا تقول:
- ما أقدر أجاوبك.
سؤال ثالث، كان قاصم وصادم بالنسبة لوعود اللي ارتجفت يدها حرفيا:
- أبوك.. مريض صح؟ مشلول أو مقعد على ما أظن.
ابتسمت مرام بألم وسخرية لما ما سمعت من الطرف الثاني غير شهقة تعبر عن صدمة غير عادية، قبل لا تقول بهدوء:
- تدرين ذاك اليوم جيت بدري وسمعت شيء من العاملات مو متأكدة من هالمعلومات، بس حبيت أسأل عشان أروي فضولي.. طبعا مانتِ مضطرة تجاوبين.. آسفة لو ضايقتك، بقفل الحين حاسة بتعب، وعن تفاصيل الوظيفة إذا بكمل ولا لا راح أسأل فوزية حاليا ما فيني حيل أتكلم أكثر، مع السلامة.
قفلت الخط ووجهها محتقن بغيظ وقهر، بعد ما سمعت سؤال وعود وتجاهلته قبل لا تقفل:
- مين إنتِ مرام؟
رمت الجوال على جنب وغمضت عيونها بتعب وإرهاق وهي تسند راسها على الشباك.
مين أنا؟ مين أنا يا وعود؟ أنا اللي كنتوا السبب في دمار حياتها.. وأنا اللي أخذتوا من دمي وبنيتوا فيه هالقصر!

`°°°°

( كلنا عيال قرية ).
عبارة كانت تسمعها في التلفزيون، وتشوف تطبيقها على الواقع.
ديرتهم الصغيرة، قريتهم.. اللي تضم عوائل عديدة.
الكل فيها يعرف بعض، الكل فيها زي الأقارب والأخوة.
ولو قلّ التواصل وما عادوا مثل قبل، إلا انهم ما يجهلون بعض أبدا.
حازم.. ابن أبعد عائلة عن بيتهم، أغنى عائلة.
أما نجمة، فما هي من ( عيال القرية ).
عائلتها من ديرة أخرى قريبة.
لكن ظروفهم متشابهة، الأرض هي اللي مختلفة فقط.
لما كانت آلاء طفلة صغيرة، مختلفة ومميزة عن غيرها.. وبالرغم من كونها فرد من هالقرية الصغيرة، إلا انها واجهت الكثير.
عانت من معاملة مختلفة كاختلافها، معاملة تمييزية.. تنمر عليها الكل.
الكل بدون استثناء غير أهلها، اخوانها وبعض أولاد عمومتها وخالاتها.
حتى لو ما قالوها بصريح العبارة، كانت أسئلتهم الفضولية تزعجها.
الوحيد اللي ما أزعجها ولا تنمر عليها من غير أهلها، كان هو.. حازم!
كان يعاملها بلطف عكس الكل، وإذا شاف أحد يزعجها خاصمه وأبعده عنها.
ولأنها دخلت البيت من بدري، وابتعدت عن الناس تماما وحبست نفسها.. كانت الذكريات البسيطة بينها وبينه وهم صغار، محفورة بذهنها.
ما نسته أبدا.. كانت دايم تفكر فيه، بدون لا تشوفه ولا تسمع عنه شيء.

بعد ما كبرت هي، وصار شغلها الشاغل بالحياة ( الانترنت ومواقع التواصل ).. عرفت انه صار مشهور جدا.
واسمه لامع في المجال الإعلامي.
حتى أهل القرية صاروا يفتخروا فيه، هو وسلطان.
كانت تتابعه بصمت، تراقب كل حساباته.. حتى انها كانت تدافع عنه إذا شافت أحد ينتقده، ترد على الناس بداله، كأنها هي رئيسة نادي معجبيه!
وصلت لدرجة الهوس.
لكن هالشيء كان بينها وبين نفسها، ما علّمت أحد.. ما خبرت أحد ولا صارحت بمشاعرها حتى لألماس.
مراقبتها له كان الشيء الوحيد اللي يسليها ويخليها تستمتع في الحياة.
وإعجابها فيه يكبر يوم عن يوم، حتى تحول لحب عظيم يملي قلبها وحياتها.. ويؤلمها بنفس الوقت.
كونه حب من طرف واحد، إعجاب ممكن يكون بالنسبة له.. مثل إعجاب أي واحدة من معجباته على وجه الأرض.
ما كانت جريئة أبدا، ما فكرت ولا مرة إنها تعترف له بمشاعرها.
في النهاية هو ما حس فيها ولا راح يحس.. ويمكن ما يدري عن وجودها بالدنيا.
أكيد راح يتذكر إنه مساعد له أخت اسمها آلاء، مصابة بالبرص.. كانت طفلة مميزة تتعرض للتنمر، غير كذا إيش ممكن راح يتذكر؟
حتى تعامله اللطيف واهتمامه فيها ودفاعه عنها، مستحيل يتذكر كل هالأشياء كذكريات خاصة مثلها هي.. لأنها كانت صادرة منه بطريقة عفوية، جزء من شخصيته وهو طفل.
كل هذا قبل لا تتعرف على نجمة، قبل لا تعرف عنها شيء.
ولما درَت عن طريق الصدفة، انصدمت كثير.. حسّت بقلبها يتحطم، ينكسر حرفيا.
بكَت كثير، انهارت ومرضت بدون لاحد يدري أو يعرف سبب انهيارها.
عاشت عذاب ماحد يتخيله.. كل هذا لأنها ما تجرأت تتكلم عن اللي يدور ببالها، ما قدرت تقول لأحد انها تحب واحد.
بنظرها انها ما كانت تستحق وتنحب أو كانت تعتقد إنه الناس راح تفكر كذا.
قدرت تمنع كل هالأشياء، لكن ما قدرت تمنع نفسها وتبعده عن حب حازم.
طريقة تعارفها بنجمة كانت بسيطة، كانت مشهورة مثلها مثل حازم.. لكنها كانت توها في البداية، وما سطع نجمها كثير.. مع انها وبفترة بسيطة قدرت تجمع عدد لا بأس به من المحبين والمتابعين.
بجمالها الملفت، وبثقافتها العالية.. وبطريقتها الساحرة في الكلام والتواصل مع الناس.
وبجانب هذا كله.. كانت كاتبة وشاعرة، كتاباتها مبهرة، غير عادية أبدا.
وكانت أول بنت تخرج من مجتمعهم بهالطريقة، بغير حجابها.. وبجرأة غير معهود من أحد من أهالي المنطقة.
لذلك تلقّت الكثير من الانتقادات والتعليقات الجارحة.
حتى أهلها كانوا ضدها، إلا انها كانت قوية ومصرة على تحقيق أهدافها.. شخصيتها أقرب ما تكون لشخصية أختها ألماس.
غير إنه ألماس هدفها مختلف تماما عن هدف نجمة، ولا يتقارن فيه أساسا!
وبسبب اهتمام آلاء بالشعر، كانت مهتمة بنجمة.. تتواصل معاها وتعطيها رايها أول بأول، ومن حسن حظها انه اللي كانوا يهتمون بنجمة عشان كتاباتها كانوا قلّة.
الأغلبية العظمى كانوا معجبين بشكلها، باستعراضها لكل ما يخصها.. من ملابس ومكياج وأكل وأماكن تزورها بشكل مستمر.
لذلك نجمة كانت ترد عليها، حتى صاروا صديقات.

في الوقت اللي بدأت فيه آلاء تلاحظ كلمة تكررها نجمة دايم، سواء في كلامها مع متابعينها.. أو المنشورات اللي تكتبها على مواقع التواصل.
يمكن هي لوحدها اللي لاحظت هالشيء، كيف لا وهي نفسها الكلمة اللي يكررها حازم!
ما كان بينها وبين نجمة أي حواجز، لذلك تجرأت.. وسألت نجمة عن سبب تكرارها لهالكلمة بالتحديد، واللي يكررها شخص آخر مشهور اسمه حازم.. ضحكت نجمة ثم قالت ( بتوديني في داهية آلاء، شلون لاحظتِ؟ )
وقبل لا تعطيها فرصة للرد أو التفسير، كملت نجمة بأكثر عبارة جرحت آلاء بكل حياتها ( بقول لك هالسر، وانتِ الوحيدة اللي راح تعرفيه من البشر بعد ما أقول لك، لذلك ما ينفع يخرج للناس أبدا.. أنا وحازم نحب بعض، راح يخطبني قريب ).
كان هالرد أكثر من كافي حتى تتوقف عن السؤال أكثر.
بالرغم من انها كانت فضولية جدا حتى تعرف كيف تعرفوا على بعض وكيف حبوا بعض، وإيش اللي صار بينهم أو من متى يتواصلون ويحبون بعض حتى يصيرون كذا!
لكنها كانت عارفة إنها إذا سألتها هالأسئلة راح تجرح نفسها أكثر، راح تتحطم زيادة.. لذلك تجاهلت هالرغبات وبلعت وجعها وكتمته في نفسها.
وعن طريق الصدفة أيضا، كانت كاتبة تعليق طويل عريض تعبر فيه عن رايها في عمل سواه حازم، متجاهلة مشاعرها العاطفية، قلبها المكسور.
أبدَت رايها بشكل موضوعي، مدحت الجوانب اللي أعجبتها، وانتقدت اللي ما أعجبها.. بكل صراحة ودون أي تحيّز.
وبدون ما تتوقع أو حتى تتمنى انه يقرأ كل هالكلام أو حتى ينتبه له.. مثل دايم.
لكنها تفاجأت في اليوم الثاني، إلا انصدمت.. وحسّت بقلبها يطير من قوة المفاجأة والسعادة.. لما شافت اشعار منه على نفس البرنامج اللي علقت فيه.
أخذت وقتها حتى تستوعب، حتى تهدأ ضربات قلبها، حتى تقدر تصدق انه فعلا هو اللي راسلها على الخاص!
بعد عدة ساعات، قدرت تستجمع شجاعتها وتدخل تقرأ رسالته، اللي كانت بسيطة.. لكنها كانت كافية حتى تخليها أسعد انسانة على وجه الأرض.
وبصعوبة أيضا، ردّت على رسالته.. وشرحت له وجهة نظرها أكثر زي ما طلب.
كانت البداية رسالة بسيطة، لكنها مع الأيام تحولت لمحادثة طويلة، امتدت لثلاث أيام!
كلام قليل وردود قصيرة من طرفه، واسهاب من طرفها هي.
انتهى برد بسيط منه أيضا، رد خلاها تعرف انه هذي هي.. نهاية محادثتهم.

حاليا..
كانت تجلس متربعة على سريرها، بوجه محمر وشعر أشعث.
رجعت لعادتها لما كانت تحبس نفسها بالغرفة، قبل لا تخرجها ألماس غصبا عنها.
الحين لا ألماس موجودة، ولا في الشخص اللي فاضي لها حتى يجي يخرجها.
بأوقات الأكل تدخل عليها أمها تحط الأكل وتخرج وهي تتحسر، بعد ما عجزت تعرف السبب اللي خلاها كذا.
ما توقف جوالها عن الرنين من بعد ما خرجت نجمة.
ولا توقف عن استقبال الرسايل من حازم.
كان يسألها عن حالها، ويترجاها ترد حتى يرتاح قلبه.
إلا انها ظلّت متجاهلته.. بسبب خوفها الشديد وقلقها.
تعرف انه نجمة مو هينة، ولو انها ما تتوقع منها انها تأذيها لهالدرجة.. إلا إنها مو قادرة ترتاح أبدا وتنسى وتسترخي.
ظفر خنصرها تكسر وتهشم وحالته حالة من كثر ما تعضه بتوتر.
رفعت راسها ببرود لما انفتح الباب، وناظرت مسعود بملل.. لما قال وهو يناظرها بشفقة:
- سكنهم مساكنهم.
اكتفت بنظرة حادة، قبل لا ترفع حواجبها باستغراب لما شافته يلتفت ويناظر شخص وراه وهو يقول:
- قلت لك هذا مو وقت مناسب أخاف تهج من البيت بعد ما تصارخ من شكلها وتصحي أهل البيت كلهم.
صنمّت بمكانها بصدمة وهي تسمع ضحكته وهو يقول:
- ما عليك روح نام انت.
خرج مسعود وهي لا زالت على وضعها، مو قادرة تتحرك بسبب صدمتها ومفاجأتها.
حتى دخل هو وابتسم لها.
اتسعت عيونها أكثر لما قفل الباب بالمفتاح والتفت لها، ثم قرّب منها وبيده أكياس ما تدري وش بداخلها.. عجزت، وما قدرت تهرب مثل كل مرة لما جلس جنبها على السرير.
حط الأشياء على الأرض، ومرر عيونه عليها يناظرها من فوق لتحت وهو مبتسم.. قبل لا يمد يده ناحيته ويبعثر شعرها:
- شكلك لطيف بالبيجاما وبدون مكياج، ما اعرف ليش دايم تهربين مني وما تخليني أشوفك على طبيعتك.
كانت مرتبكة جدا ومتوترة من جلوسه جنبها، ومن نظراته، من حركته وكلامه، لكن ما عندها القدرة على الهروب هالمرة، تدري انها لو وقفت راح تطيح، رجولها صارت رخوة.
وأخيرا وبعد صمت كان حازم يتأملها خلاله، قدرت تتكلم وتنزل عيونها عن وجهه:
- أي طبيعة؟ طبيعة شكلي؟ ولا طبيعة شخصيتي؟ شخصيتي الحقيقية؟
اختفت ابتسامة حازم، وتوتر وهو يناظرها:
- ايش قصدك آلاء، ما فهمت.
ابتسمت بسخرية:
- ما راح تفهمني، طالما كل همك ماضيي أكثر من حاضري، وحاب تعرف اللي عشته قبل أكثر من اللي أعيشه الحين.
أجفل حازم من صراحتها ومن نبرتها القوية، ومن معرفتها بنيته.. كيف درَت؟ معقولة سلطان علمها؟ مستحيل.. ما بينهم مثل هالعلاقة حتى يقول لها انه خطيبك قاعد يسأل عنك من وراك!
لكن هو زوج أختها مو بس ولد خالها، يجوز قال لزوجته وهي نقلت لها الكلام؟
- طبيعي يكون عندي فضول أعرف أكثر عن حياتك حتى اعرف سبب تصرفاتك، عشان أقدر أفهمك، عشان ما تحيريني كل مرة بتصرفاتك الغريبة المفاجئة، مثل الحين مثلا، كم مرة اتصلت وكم رسالة أرسلت وانتِ متجاهلتني بدون ما اعرف السبب، هذا غير زعلك مني لما تكلمنا آخر مرة ورفضتِ تطلعين معي.

كانت عيون آلاء تتسع مع كل كلمة ينطقها، مع تعابير وجهه اللي صارت تتغير وتصير حادة، من إندفاعه المفاجئ:
- حازم أنا......
سكتت لما عجزت تكمل بسبب الغصة اللي في حلقها، حسّت انها تبي تبكي، وراح تبكي في أي لحظة.
ندم حازم فورا وهو يشوف وجهها، وحسّ انه زودها، مسك يدها ورفعها ثم قبلها بعمق قبل لا يقول:
- أنا آسف ما كان قصدي، بس.... كنت خايف عليك، خفت وقلقت لما ما رديتِ عليّ.
نطقت بعد صمت قصيرة وبنبرة غريبة، وهي رافعة حواجبها:
- حازم انت.
سكت ينتظرها تكمل ثم سأل:
- أنا إيش؟
عقدت حواجبها أكثر وهي تضحك بسخرية، بشكل خلى حازم يخاف:
- مستحيل، لا تقول انك نسيت، نسيت مين أكون.
رمقها حازم باستغراب وبعيون متسعة:
- انتِ آلاء زوجتي، فيك شيء؟
- متى تقابلنا أول مرة حازم؟
حازم وتعجبه من تصرفاتها يزيد أكثر:
- لما جابتك نجمة لشركة ولد خالك سلطان.
ساد صمت مهيب ومخيف، خلى حازم يرتبك.
خاصة لما قامت من مكانها وهي ترفع شعرها بيدها اليمنى واليسرى على خصرها، وتناظر السقف وهي تصدر ضحكة غريبة:
- وأنا المسكينة اللي كنت أرد على أسئلتك بخصوص طفولتي أقول يمكن يبي يسترجع الذكريات، طلعت ما تتذكرني أساسا! تظن انك توك تتعرف عليّ؟ شفتني لأول مرة بحياتك لما شفتني مع نجمة؟ ههههههههههههههه الظاهر حياتك كلها تتمحور حولها هي، حول نجمة.
وقف حازم مصدوم لما سمع هالكلام.
ما مداه يتعجب من كلامها في البداية حتى صدمته بكلامها عن نجمة.
الشيء اللي كان خايف منه طول ما هي متجاهلة اتصالاته ورسايله، وحققت مخاوفه الحين!
معقولة نجمة قالت لها شيء، وهالشيء هو سبب تصرفاتها بهالطريقة الغريبة والمخيفة.
قرّب منها بتردد حتى مسك كتوفها من الخلف، وتفاجأ لما حسّ فيها تهتز.
لفها ببطء، وانصدم لما شافها وجهها المحتقن والمحمر بشدة خاصة من منطقة الأنف، وعيونها المليانة دموع، بلع ريقه وسأل بقلق:
- ايش قصدك آلاء، ليش تظنين انه حياتي تتمحور حول نجمة.

غمضت آلاء عيونها بضعف، وهي تتذكر كل كلمة قالتها نجمة.. تهديدها القوي، والخيارات الصعبة اللي تركتها لها.
لازم تقرر الحين، لازم تتخذ الخيار المناسب لها.
نجمة مستحيل تتركها في حالها، راح تفضحها لو هي ما اعترفت بالحقيقة.
وهي تدري ومتأكدة مليون بالمية، إنها لو اعترفت.. حازم راح يتخلى عنها، راح يتركها، وراح تخسر سعادتها الوحيدة في الحياة.. بس برضو، ما بيدها حيلة ثانية!
فتحت فمها بتردد ثم هزّت راسها بالنفي، قبل لا تزم شفايفها بقوة ثم تصدم حازم باللي قالته...

`°°°°

- أنا موافقة.
ظلّت هالكلمة تترد في عقله ومسامعه من أول ما نطقتها أمس في لقاءهم الغريب.
وإلى الآن يحس انه مو مصدق.
مو قادر يستوعب انه ألماس وافقت بهالسرعة، وانها ما عصبت ولا زعلت زي ما توقع.
ما صرخت فيه ولا فقدت أعصابها، ما حطّت فيه حرتها.. ما لامته على اللي قاعد يصير فيها من وراه!
استسلمت؟ ألماس استسلمت؟ ولا إيش اللي قاعد يصير بالضبط!
ولا عشان السالفة فيها استعادة سمعتها؟
أمس بعد ما حط الشنط في سيارته، وركبت هي.
أخذها وابتعد، حتى وصلوا لحديقة عامة بالقرب من حدود المدينة اللي هم فيها.
كانوا ساكتين طول الطريق...


________


انتهى الفصل السادس
بإنتظار تعليقاتكم اللي اشتقت لها جدا

________

اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين.
للهم صلِّ وسلم على نبينا محمد


MeEm.M غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-07-21, 03:26 PM   #18

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد
اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا ابراهيم وعلى آل سيدنا ابراهيم إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات :

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم

لاتنسوا في هذه الايام المباركات التكبير والتهليل

الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر الله أكبر ولله الحمد

الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا


صل على النبي محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-07-21, 01:13 AM   #19

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,438
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




اللهم أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق.
لا تلهيكم روايتي عن الصلاة وذكر الله.
لا إله إلا الله.

_____


فلمّا رأوني العاذلون مُتيّمًا
كئيبًا بمن أهوى وعقلي ذاهبُ
رثوا لي وقالوا كنت بالأمسِ عاقِلاً
أصابتك عينٌ ؟ قُلتُ عينٌ وحاجِبُٰ.

— عمر الأنسي


_____


( الفصل السابع )

_____

كانوا ساكتين طول الطريق، من وسط العاصمة إلى حديقة على حدودها.
كانت هي متكتفة بحزم كعادتها، هادئة.. تناظر الشارع من الشباك بكل تركيز، كأنها لوحدها في عالم آخر.
أما هو فما يدري كيف قدر يصب تركيزه على الطريق ويسوق وهو يشوف هالمنظر، وجهها الخالي من أي مكياج.. واضح عليه التعب والإرهاق، شيء من الهالات ظهرت تحت عيونها.
أول مرة بحياته يشوف هالوجه الجميل وهو بهالوضع، أكيد انه السبب!
اعتدلت بجلستها أخيرا وتحركت لما توقفت السيارة، والتفت لها وهي تلبس نقابها:
- يلا ننزل؟
ردّت بكل برود وهدوء ولا مبالاة:
- أفضّل نتكلم جوة السيارة، مثل ما تشوف الشمس قوية.. غير إني ما أضمن نفسي يمكن أفقد أعصابي بأي لحظة.
ما استغرب من هالشيء، ولا تعجب.. هذا المتوقع منها أساسا.
ارتبك فجأة وتوتر، صحيح إنه كان مخطط لكل شيء يبي يقوله، مخطط للمواضيع اللي يبي يتكلم عنها معاها عشان يصحح الوضع.
إلا إنه كل هالأشياء تبخرت من عقله، لما صار قدامها.. واستوعب حجم المصيبة اللي هم فيها.
استوعب المرحلة اللي هم وصلوها.
تنهد بهدوء وضيق ثم تكلم:
- أنا آسف.
ظلّت ألماس على وضعها، بدون ما تتحرك أو تلتفت له أو تظهر أي ردة فعل.
إلا إنه انصدم لما ابتسمت، ألماس ابتسمت! عرف هالشيء فورا من عيونها.
كمّل بحيرة:
- آسف لأني طاوعتك وجبتك هنا، ثم تركتك بدون ما أفكر بالعواقب.
سألت بعد صمت قصير، وبنبرة جدية:
- مين؟
رفع حواجبه مستغرب:
- مين اللي مين؟
- مين نشر هالإشاعة القذرة عني؟ مين علّم أهل الديرة؟ مين علّم خالاتي؟
ارتبك سلطان وهو يبعد أنظاره عنه ويشد بقبضته على المقود.
ما في مفر، ما في مهرب من الموضوع.. طالما كان السبب في أذيتها، والسبب في انه الأمور توصل لهالحد.. لازم يكون صريح.. بس كيف يصارحها؟ كيف يقول لها انه امه السبب في كل شيء قاعد يصير الحين؟
جاوبت بداله:
- ما أبي أتهم أحد، بس ما أعتقد في أحد زعلان من اللي صار كثر عمتي.
ارتفع ضغطها وحسّت بدمها يحترق من شدة الغيظ لما قال:
- حتى لو ما كانت أمي زعلانة معصبة من الوضع، كانوا راح يدرون.. عاجلا أو آجلا.
كتمت غيظها بأعجوبة وهي تلتفت له بكامل جسمها:
- كانوا راح يدرون إني جيت أكمل دراستي، ما كانوا راح يتهموني ويقذفوني يقولون اني جيت أسوي علاقة مع شخص غريب، عشان كذا تركني بثاني يوم من زواجي يا سلطان.
وكملت بحرقة وهي على وشك انها تبكي:
- ولو انت ما سكتت عنها ذاك اليوم لما قالت نفس الشيء قدامك، ما تجرأت ونشرت هالإشاعة عني.
سكتت شوي تلتقط أنفاسها، قبل لا تكمل وهي تضربه على يده بعصبية:
- ليش يا سلطان؟ ليش كنت ساكت؟ حتى لو خرجتك عن طورك وسويت فيك شيء ما تستحقه ما أقدر أعذرك على سكوتك ذيك الليلة، هذا هو الحب اللي تتكلم عنه؟ هذا هو حبك لي؟ اللي عشانه سويت المستحيل حتى وافقت أمك ووافقت أنا على الزواج؟ الحب اللي عشانه تبي تحرمني من دراستي؟ تبي تحرمني من اني أحقق هدفي؟ لا والله شكرا خل هالحب لنفسك لأني ما أبيه.
سكتت سلطان لثواني قبل لا يلتفت لها ويرد:
- أنا أعترف يا ألماس، أعترف إني كنت غلطان لما سكتت ولا رديت عليها، بس ما شفتِ كيف كان الموقف حامي؟ لو تدخلت كانت أمي راح تعصب أكثر وتسوي لنا فضيحة في الفندق، تدخلنا بمشاكل احنا بغنى عنها.
ناظرته ألماس بتعجب وعيونها تتسع، قبل لا تنفجر وهي تصرخ بصوت أعلى:
- هذا هو عذرك؟ هذا عذرك الغبي يا سلطان؟ لا والله كثر الله خيرك بعدتنا عن مشاكل احنا في غنى عنها، مدام أمك راح تزعل لو تدخلت ودافعت عن شرف زوجتك ليش من الأساس تتزوج وحدة هي ما تبيك تدافع عنها؟ ليش تتزوج وحدة تكرهها وتتمنى لها الشر؟ لو فكرت أعذرك على اللي صار بهذيك الليلة إيش تقول عن اللي قاعد يصير الحين؟ ليش ما خرجت وتكلمت قدام الناس وقلت لهم إني مو كذا، وانه الكلام اللي قاعدين يقولونه باطل.. ولا أمك يا حبيبها راح تزعل وتعصب أكثر؟
أجفلت لما بعدها عنه فجأة وهو يصارخ:
- هذي أمي يا ألماس أمي.
رجعت بجلستها لورى حتى التصق ظهرها بالباب وعيونها تدمع وهي تناظره بصدمة، قبل لا تضحك بسخرية:
- وعشانها أمك راح تظل ساكت؟ إلى متى؟ ليش ما قلت هذي أمي ما أقدر أتحداها وآخذ البنت اللي هي تكرهها لأني أحبها!
- خلينا نتكلم عن اللي قاعد يصير الحين، لا تجيبين طاري اللي انتهى ومضى.
وكمّل بدون لا يناظرها:
- انتِ بنفسك اعترفتِ وقلتِ إنك كنتِ تتوقعين اللي قاعد يصير الحين، مع ذلك سويتِ اللي براسك لا تحاولي تحطي كل الغلط براسي.
- كنت أتوقع كل شيء إلا إنهم يقذفوني ويصير الموضوع عادي عندك.
كانت نبرتها موجعة ومؤلمة، خلاه يندم على سكوته فعلا.. إلا انه ما قدر يتقبل هالاتهام، لما التفت لها وقال بهدوء:
- تعتقدين اني سكتت لأني راضي؟ أو الموضوع عاجبني يا ألماس؟ انتِ تعرفين شكثر أحبك واللي صاير قاعد يقتلني حرفيا، من جهة عنادك ورفضك لي حتى بعد كل هالسنين والمحاولات، ومن جهة الإشاعات هذي.. تحسبينهم يتكلمون عنك بس؟ ما فكرتِ تشوفين الموضوع من جوانب ثانية؟ إيش ممكن يقولون عن اللي ما قدر يكسب زوجته خلال 6 سنين؟ بعد ما انتظرها كل هالوقت تركته بكل برود وراحت لشخص ثاني! أي رجال هذا؟ أكيد فيه وفيه ولا ليش تتركه!

عمّ الصمت للحظات، حسّ فيها سلطان ببعض الأمل، توقع انها لانت.. وانها حزنت وراح ترضى تسوي اللي يبغاه عشان يصلحون الوضع، إلا انها ردت بكل برود وهي تأشر على نفسها:
- وهل هذا ذنبي؟ انك ما قدرت تلين قلبي ولا قدرت تخليني أهيم فيك؟ ولا يوم تجيني بكامل رضاك تاخذني من بيت أهلي، أبوي يسلمني لك وهو واثق فيك تمام الثقة، ثم تطلع تروح تجيب أمك اللي شوّهت سمعتي، هذي غلطتي أنا؟
قاطعته قبل لا يتكلم بصوت عالي:
- لا تقول لي انتِ كنت عارفة وكان هذا مقصدك لأني عارفة نفسي، عارفة اني حقيرة وكان كل همي أخرج من هذيك الديرة، كنت بخرج بأي طريقة سواء معاك ولا بدونك.. لكن لما تجي تخرب الأمور وتعقدها أكثر لا تتوقع مني بفكر فيك أو أتحمل عنك المسؤولية، لأنه انت اللي بديت هالشيء، لو ما اجتهدت كثير عشان تملكني رغم رفضي المتكرر، لو اهتميت بكبريائك أكثر من حبك السخيف لي ما وصلنا لهالحالة.. تقول الناس كذا ولا كذا كانت راح تتكلم، أنا أعرف هالشيء، بس على الأقل ماحد فيهم كان راح يتجرأ يتكلم عن شرفي بهالطريقة لو دروا اني خرجت برضى أهلي عني.
- كانوا راح يرضون؟
هالمرة أصاب الهدف، وقدر يسكتها.
لمح الألم بعيونها لما شتتت أنظارها بارتباك، كمل:
- لو ما أصريت ولا اجتهدت عشان أملكك مثل ما تقولين، كنتِ راح تندفين بالديرة وماحد درى عنك مثلك مثل أي بنت عايشة هناك، حتى انتِ استفدتِ من ورى اللي سويته، ليش كل هالعناد الحين؟
ما أعطاها فرصة للرد أو الاعتراض وهو يمسك يدها بقوة مستغل لحظة الهدوء هذي:
- هذا غير اننا خلال هالست سنين عشنا لحظات حلوة كثيرة، أدري كنتِ تكرهين تقعدين أو تخرجين معي لأي مكان، بس ما تقدري تنكري إنك كنتِ تنبسطين، أدري ومتأكد إنه أجمل أيامك هي اللي كنت أخذك فيها لبرة الديرة.
كانت ألماس لافة وجهها عنه، دموعها تنزل بصمت من كثر القهر.
ودها تتكلم أكثر، تريح صدرها تماما.. بس كأنها توها عرفت إنها مهما تكلمت، راح يظلوا يدوروا حول نفس الدوامة.
ممكن الصيَغ تتغير، ترتيب الكلمات في العبارة الوحدة.. أو حتى ترتيب الحروف، لكن المقصد واحد!
كان هو يظن انها متأثرة من كلامه عن الذكريات أو اللحظات الحلوة، لكن كان قلبها زي الحجر.. ما كانت تفكر إلا بنفسها وأهلها.
ما كانت تتألم إلا على حالها.
سلطان ما يهمها أمره حتى مثقال ذرة.
ما تدري إيش السبب، لكنها أبدا.. ما قدرت تحبه حتى شوي.
مع انه أبدا ما قصر معاها، عيّشها لحظات جميلة ومثل الحلم.
أعطاها الفرصة في انها تتقبله، انتظرها كل هالوقت.
لو في مكانها أي بنت ثانية غيرها، يمكن تركت الدنيا وراها وأقبلت عليه، تترك كل شيء وراها وتهيم فيه على وجهها!
كمّل سلطان وهو يضغط على كفها برفق:
- أنا مستعد أتحمل كامل المسؤولية، مستعد أقول لكل الناس إني الغلطان لأني فعلا غلطان، مستعد أتجاهل كل شيء.. مستعد أسوي أي شيء عشان ترضين، بس.. تعالي معاي الحين، لا تخلين أمك تتعب أكثر، لا تعطين للناس فرصة تتكلم عنك أكثر، أرجوك ألماس.
تنهد بضيق من أعماق صدره وهو يرفع كفها ويقبلها:
- لو مو عشاني، عشان الأيام الحلوة والذكريات اللي عشناها سوى، أو عشان أهلك، أرجوك ألماس.. متأكد إنه كل شيء راح يتغير ويصير أفضل بس نتزوج.

ظل ماسك يدها يضغط عليها حتى يقدر يأثر عليها، كان يدعي بداخله ومن كل قلبه.. إنها ترضى وما تخذله!
وكمحاولة أخيرة، قرر يذكر أكثر شيء هي تحبه وتبغاه حاليا ومصرة عليه ( الدراسة ).. ومتأكد مليون بالمية انها راح توافق أول ما تسمعه.
إلا انها صدمته لما ناظرته بعيون خالية من التعبير، وقالت:
- أنا موافقة.
اتسعت عيونه بصدمة وتعجب، ارتبك وتردد ولا عرف إيش يقول!
إلا انه الأرض ما وسعته من السعادة.
جذبها من يدها وضمها لصدره بقوة وهو يضحك، لدرجة انه عيونه ادمعت من شدة الفرح!
تركها لما أنّت من الوجع بسبب ضمه القوي لها، وقبّل جبينها بعمق ثم ضحك وهو يقول:
- صدقيني ألماس ما راح تندمين، راح أخليك أسعد إنسانة على وجه الأرض.
هزّت راسها بإيجاب ومن دون ما تناظره، قبل لا تقول:
- بس عندي شرط.
- موافق عليه حتى قبل لا أسمعه.
عضّت شفتها من تحت النقاب وهي تعتدل بجلستها:
- عطني وقت كافي حتى أجهز نفسي، أسبوعين على الأقل.
سلطان باستغراب:
- بس... كنت أظن انك جاهزة لما اتصلتِ فيني و........
قاطعته:
- كنت ناوية أجهز الباقي معاك من هنا، بس دامك مشغول مع مشاريعك اتركني لوحدي هنا اسبوعين، لقيت سكن خاص بالبنات.. بجهز لوحدي بما انه أمي زعلانة عليّ، ومستحيل تجي وتروح للديرة كل يوم.
رفعت راسها وحطت عينها بعينه وهي تشوفه مقطب جبينه بانزعاج:
- خلال هالمدة حاول تتصرف، وتسكت الناس في الديرة قبل العرس.. دور أي عذر، قول لهم أي شيء، انت وشطارتك.. طالما انك مستعد تسوي أي شيء عشاني، وتبي تخليني أسعد إنسانة على وجه الأرض!
تكتفت وهي تقول:
- ما أعتقد هالشيء راح يكون مناسب، أقصد.. نسوي العرس والناس لسه تتكلم بشرفي وتقذفني بدون وجه حق.
هزّ راسه بتفهم بعد استوعب كلامها اللي ما أعجبه أبد.
بس دامها وافقت تتزوجه أخيرا، راح يوافق على شرطها الأخير.
وافق على شروطها الكثيرة لمّا ملّك عليها ما هو عاجز ينفذ هالشرط ولو انه مو عاجبه أبدا.


رجع للواقع لما وصل لوجهته.
ركن سيارته ونزل، اتجه لباب بيتهم بتردد.
ما راح يقدر يتجنبها للأبد، الأفضل انه يواجهها الحين وينهي الموضوع.
ما خاب ظنه.. أول ما خطى خطواته داخل البيت، حتى ارتفع صوتها الغاضب وهي تتحسب عليه وتدعي على ألماس.
اللي أخذت عقل ولده وجننته وخلته يعقّ أمه، وكل اللي سواه انه صور في سنابه، وتكلم عن حياته الخاصة للمرة الأولى.
ينفي الشائعات المنتشرة عن زوجته.. وزواجه.
يقول لمتابعينه، واللي أغلبهم من أهل ديرته.. انه ما صار شيء من اللي قاعدين يتداولونه.
وانه كان سوء فهم مو أكثر، كل اللي صار انه زوجته تعبت واضطرت تتنوم في مستشفى كبيرة في المدينة، وعرسه بعد أسبوعين تماما.
وانه إذا في أحد تكلم عن زوجته مرة ثانية راح يقاضيه فورا.
وهالشيء طبعا ما أعجب أمه، اللي كانت تدور أي حجة حتى تبعده عن الساحرة ألماس!

`°°°°

صباح اليوم الثاني..

قبل ساعة بالضبط..
وفي بيت جيهان، اللي منعتهم من الخروج منه في وقت متأخر وبعد ما غربت الشمس.
حتى الحين سمحت لهم غصبا عنها، بما انه نسمة مصرة ترجع لشغلها، ومرام مو قادرة تاخذ راحتها بسبب احراجها منها.
وفي الغرفة اللي ناموا فيها، جهزت نسمة أغراضها القليلة هي ومرام.
تكتفت وهي تناظر مرام الجالسة على السرير، قربت وجلست جنبها:
- طيب والنهاية؟ إذا ما تبين تروحين معي وتقبلين عرضي وين بتروحين؟ مين عندك؟ أدري راح تحسين هالسؤال قاسي عليك بهالوقت، بس فعلا مين عندك لمين بتروحين؟
مرام وعينها على يدها وبذهن شارد:
- ما أبي أثقل عليك أكثر نسمة، ما في أي صلة قرابة بيني وبينك مع ذلك قدمتِ لي كثير، صرت مدينة لك، لدرجة اني لو دفعت لك بروحي ما راح أوفيك حقك، كيف تبين الحين أرضى أنقل معك وتدفعين إيجار غرفتي؟
زفرت نسمة أنفاسها بملل:
- هذا اللي تفكرين فيه الحين يا غبية؟ تعرفين إني عفيت عنك وما أبي منك أي قرش، ليش..........
ناظرتها مرام بحدة:
- هذا اللي قاهرني نسمة ومزعلني، إنك ما راح تاخذين مني شيء، حتى لو قررتِ تاخذين ما راح أقدر أعطيك شيء.. انتِ عارفة وضعي نسمة....
قاطعتها نسمة وهي تغطي فمها بكفها:
- ما أبي أسمع شيء مرام، أنا ما أعطيتك شيء جنيته بعرق جبيني، ولا راح أدفع.. كل هالفلوس نفقة توصلني من أعمامي، وأنا اعتبرتك اختي وخليت لك جزء من هالنفقة، ليش تكبرين الموضوع؟ وإذا مرة ما تبين تكونين مدينة لي أكثر من كذا أو حتى تبيني أدفع عنك الإيجار، ادفعي بنفسك.. استمري بشغلك ودرسي الأولاد مانتي خسرانة شيء، بس خليك معي قدام عيوني.
كملت وهي تدفع جبين مرام باصبعها بمزح:
الحقيقة اني متعجبة من غباءك.. سكن جماعي أفضل من مكان تسكنين فيه لوحدك، تدفعين عليه أضعاف اللي راح تدفعينه هنا.
أبعدت مرام يدها وهي تضحك:
- فكرت بهالموضوع، أدري إني ما راح أضطر أدفع كثير.. بس عارفة ومتأكدة إنك راح تظلين تهتمين فيني كأني بنتك، راح تداريني طول الوقت.. راح أكون مصدر قلق وازعاج بالنسبة لك.
نسمة:
- هههههههههههههههههه صدق انك غبية مرام، قصدك العكس.. لو كنتِ بعيدة عني راح أقلق وأخاف أكثر.
- ليش ما ننهي علاقتنا ونحط لها حد الحين.
نسمة وهي توقف وتتجه للشماعة تاخذ عبايتها:
- لا والله أفكر أنهي حياتك، قومي يلا البسي عبايتك بسرعة أبي أوصل بدري، لا تمنعنا جيهان مثل أمس.
ظلّت مرام جالسة بمكانها للحظات، تتأمل نسمة بصمت، مو عارفة إيش تقول.. عاجزة تماما عن الرد.
رمَت عليها نسمة العباية:
- يلا!
لبستها بتردد، وساعدتها نسمة حتى لا تألمها يدها المكسورة.


الآن...
فتحت غزل الباب بابتسامة واسعة، واستقبلت نسمة بالأحضان.
واللي كانت تحس بالإحراج والحيا، كونها غابت عن العمل 3 أيام بدال يومين، وأخلفت كلامها أكثر من مرة.
إلا انها ضحكت وحسّت بالراحة لما شافت هالاستقبال الحافل.
ابتعدت عنها غزل، ثم قفلت الباب والتفتت لمرام اللي كانت واقفة جنب نسمة، تقبض على شنطتها بقوة.. تناظر كل مكان بتوتر ووجهها محمر.
ابتسمت غزل وقربت منها، اتسعت عيون مرام بصدمة لما حاوطتها بذارعيها وضمتها، ثم قبّلت جبينها:
- أعظم الله أجرك مرة ثانية، نورتِ بيتي حبيبتي.. إن شاء الله يعجبك المكان وتاخذين فيه راحتك.
هزّت مرام راسها ببطء وابتسمت بارتباك:
- تسلمين.
- يلا ادخلوا أكيد ميتين حر، من حسن حظكم اني توي جهزت السفر ما أفطرت.
نسمة:
- وما تتوقعين منا نزاحمك على فطورك.
- قلت لك فطوركم راح يكون هنا لا تكثرين كلام واجلسي يلا.

فسخت نسمة العباية وحطتها مع شنطتها على طرف أريكة الصالة، مرام سوّت المثل ولا زال التوتر يسيطر عليها.
جلسوا كلهم حول الطاولة الموجودة في المطبخ، وبدأوا ياكلون بصمت.
قبل لا تتكلم غزل وتعلمهم عن انضمام فرد جديد للسكن، تفاجأوا وهم يسمعون صوت من خلفهم:
- صباح الخير.
التفتت نسمة بفزع، تفاجأت أكثر من مرام اللي ما فكرت تسأل كم بنت معاهم في السكن.
ردّت عليها غزل وهي تتأملها من راسها لرجولها، وظلّت نسمة ساكتة تحاول تستوعب هالمفاجأة.
تكلمت غزل تقطع هالصمت المربك:
- تعالي اجلسي افطري معانا.
هزّت ألماس راسها بالنفي وهي تبتسم وتقول بهدوء:
- مشكورة بس عندي موعد الحين لازم أخرج.
أومأت برأسها ثم ابتعدت عنهم، لبست عبايتها وخرجت.
التفتت نسمة تناظر غزل بتعجب بعد ما سمعت صوت الباب:
- هذي البنت اللي كلمتيني عنها، وقلتِ إنك توترتِ من شفتيها؟
هزت غزل راسها بإيجاب وهي تاكل.
- ما ألومك صراحة، فعلا وجهها خوفني.. إيش فيها كأنها معصبة من الصباح، حتى ما ابتسمت ولا سألت عنا؟
هزّت غزل كتوفها بلا مبالاة:
- ما أعرف، كل اللي قالته إنه ما لها دخل فينا.. وما راح تزعجنا، راح تحبس نفسها بالغرفة إلا اذا اضطرت تخرج.
- غريبة والله.
كملوا أكلهم بصمت، وكل وحدة فيهم تفكر بشيء.. عقلها مشغول بشيء.
حتى انتهوا ووقفت غزل:
- تعالي معاي مرام لو حابة أوريك غرفتك الحين.
قامت مرام وتبعتها، ووراها نسمة وهي تقول:
- أنا بعد بطلع أتجهز للدوام.
التفتت لها غزل وهي تكمل صعود للدور الثاني:
- لا ممنوع، أساسا الوقت تأخر.. داومي من بكرة أفضل.
هزت نسمة راسها باحراج:
- لا غزل ما في داعي، احس ارتحت بما فيه الكفاية وأنا أصلا ما داومت إلا يوم، إيش راح يقولوا الموظفات عني؟ إنك تفضليني وتعامليني معاملة مميزة.
ابتسمت غزل وهي توقف قدام غرفة مرام، آخر غرفة.. الرابعة في الدور الثاني.
غير المرسم وغرفة نسمة بعدها، ثم غرفة ألماس.. مقابلها غرفة مرام بجانب المطبخ التحضيري الصغير.
- ما راح يقولون شيء، قلت لهم إنه في قريب لك توفى وتفهموا الوضع، وترى كلهم أعاملهم بنفس الطريقة.. لذلك لا تشيلي هم، يمكن خفتِ من تعاملهم معك بأول يوم، بس صدقيني كلهم طيبات وعسل، راح تتعودي عليهم مع الوقت.
فتحت الباب ومدّت يدها تأشر لمرام حتى تدخل.
قالت بأسف:
- لو ما جات البنت قبلك أمس كنتِ أخذتِ أوسع غرفة، هي شافت الغرفتين واختارت الثانية.
ابتسمت مرام وهي تدخل وتقول بهدوء:
- لا بالعكس، أعجبتني هذي.. ما أحتاج مكان واسع.
- حطيت لك فراش وبطانية حتى تنزلين تشترين أو تجيبين أغراضك من البيت، ارتاحي اكيد تعبتِ من الطريق.

ناظرتها مرام بعد ما مررت أنظارها على أنحاء الغرفة، ثم هزت راسها بإيجاب وهي تبتسم لها بامتنان.
قفلت الباب على نفسها وأسندت ظهرها عليه وهي تتأمل الغرفة من جديد بعد ما دخلت الشنط بمساعدة البنات.
كان حجمها متوسط، بلون باهت.. واضح من صبغة الجدران إنه البيت مو مرة قديم، وهالشيء ريحها.
بالرغم من انه نسمة وفرّت لها كل وسائل الراحة في شقة السطح، وغرفتها الصغيرة جدا.. إلا انها ما قد حسّت بمثل هالراحة.
كون العمارة كانت قديمة جدا، وكانت شبه مهجورة.
وهي اللي كانت في صغرها معتادة على أماكن واسعة وجميلة جدا.
كانت في بيت أشبه بهذا البيت اللي هي فيه الحين.
كانت فعلا غبية على قولة نسمة، لما رفضت فورا وبدون ما تفكر.
هذي أول وأهم خطوة كان لازم تسويها، إنها تنقل لمكان أفضل، حتى تقدر تهتم بالموضوع بشكل أحسن.
وتبطل تقارن بين غرفتها والغرفة الملكية اللي تعيش فيها وعود.
استلقت على الفراش بكل تعب وهي تغمض عيونها ثم تفتحها، وتشيل الجبس عن يدها بانزعاج وهي تتذمر:
- حسبي الله عليك وعلى أهلك كلهم، الله ياخذكم أخذ عزيز مقتدر.
رفعت شعرها عن وجهها بيدها السليمة، لما عمّ الهدوء في أرجاء البيت.. وما صارت تسمع أي صوت.. تجمعت الدموع بعيونها كأنها رجعت تحس بالفقد من جديد.
إلا إنه رنين الجوال بجيبها منعها من البكاء، خرجته وردت بملل:
- هلا خالة فوزية.
ضحكت الثانية بتعجب:
- خالة؟ هذي جديدة عليّ.
ابتسمت مرام وهي تتأمل السقف:
- قررت أحترمك أكثر بعد وقفتك معي، اللي ما راح أنساها طول عمري.
- عادي يا قلبي ما سويت شيء، هذا واجبي بصفتي مسؤلتك في العمل، وبصفتي شخص أكبر منك.
- الله يحفظك.
- آمين، مرام وينك الحين؟ مانتِ موجودة في البيت؟
- قصدك في شقة السطح، لا ماني هناك، ليش تسألين؟
- متى راح ترجعين؟
- ما أعرف، بس لو قصدك اليوم؟ لا والله ماني راجعة، نقلت لمنطقة ثانية.
استغربت فوزية وارتبكت:
- نقلتِ وين؟
- في مكان قريب، بس ليش تسألين؟
سكتت فوزية شوي وردّت بصوت خافت:
- بصراحة أم وعود كانت حابة تعزيك بس كانت منشغلة، عشان كذا جينا اليوم لقينا الباب مفتوح ودخلنا، بس انتِ مو موجودة.
فزّت مرام من مكانها جالسة وعيونها متسعة من الصدمة:
- إيش؟ دخلتوا هناك؟ وأم وعود دخلت؟
فوزية بإحراج:
- إيه، آسفة مرام كنا نحسبك موجودة.. خلاص خارجين الحين أصلا.

قفلت منها مرام بعد ما ودعتها، وقفت تمشي في الغرفة يمين يسار تعض شفتها بتوتر وخوف وقلق.
إيش اللي وداهم هناك؟ حتى لو الباب مفتوح ليش يدخلون بدون اذن!
مستحيل.. أمرها راح ينتهي لو أحد منهم كشف هويتها، وكشف حقيقتها.
فتحت المحادثة بينها وبين فوزية وكتبت بتردد وهي تعض ظفرها ( لو مشيتوا وخرجتوا من الحي علميني، أرجوك.. ضروري )
أرسلتها ثم كتبت مرة ثانية ( صوري لي المكان اللي انتم في حاليا، أبي أتأكد ).
ما وصلها أي رد، حتى بعد انتظار ربع ساعة.. الشيء اللي خلاها توتر وترتبك زيادة، ثم تلبس عبايتها بدون أي تردد.
خرجت من الغرفة بخطوات مسرعة.
وفي لحظات قليلة كانت خارج البيت، تركض للشارع العام بأسرع ما عندها.. حتى وقّفت لها سيارة أجرة، ركبتها وأملت على السائق عنوان القصر.

`°°°°

في مكانها المعتاد لما تحس بالضيق والكآبة، بداخل غرفة الاجتماعات.
كانت تجلس في الكرسي وبيدها كوبها، تناظره بذهن شارد.
ما تعرف ليش بالأيام الأخيرة هالشعور الثقيل على قلبها قاعد يزيد، ويخنقها حرفيا.
كل اللي تعرفه انها في الانتظار، انتظار أي شيء ممكن يخفف عليها حدة هالشعور.
- إيش قلتِ لآلاء؟
رفعت راسها بفزع وهي تسمع صوته الهادر فيها بغضب.
ما انتبهت له وهو يدخل ولا سمعت صوت الباب بسبب شرودها.
حتى هو ارتبك بعد ما كان معصب، وشاف عيونها المليانة ضياع وارتباك وخوف.
إلا انه ومثل كل مرة، قرر يتجاهل هالمشاعر.. يقرب من الطاولة يضرب عليها بيدينه بقوة:
- سألتك إيش قلتِ لآلاء لما رحتِ لها آخر مرة؟
ظلّت ساكتة لثوانِ وهي تنزل أنظارها تتأمل الكوب، قبل لا ترفع راسها وهي تضحك بسخرية ممزوجة بألم.
الحركة اللي خلته يحس بكمية الوجع اللي فيها، إلا انه ما بيده حيلة.
ردّت بعد ما وقّفت ضحك:
- ما قلت لها شيء، رحت أتطمن عليها.. بس علمني الحين انت ليش معصب؟ خلني أسألك الحين هي إيش قالت لك.
حازم بعد ما هدأت أعصابه:
- ما قالت شيء، بس تكفين نجمة.. وقفي هالحركات لأنها ما راح تفيدك بشيء.
تكتفت تناظره:
- وبعدين؟
حازم بقلة صبر:
- يكفيني اللي قاعد أواجهه بسبب شخصيتها الغريبة، لا تزعجينها وتزودينها عليّ.
رفعت حواجبها بتعجب:
- يعني المفروض الحين أشفق عليك وأساعدك حتى ما تتعب معاها؟
غمض عيونه بقلة صبر:
- مو هذا اللي أقصده، آلاء ما لها ذنب باللي صار معانا، ليش تدخلينها بالموضوع وتزيدين الطين بلة؟ ليش تأذين وحدة بريئة؟ بس لأني أنا تزوجتها؟ تعرفين مستحيل يجمعنا النصيب مرة ثانية بعد كل اللي صار.
وقفت نجمة بعصبية وقلبها ينعصر من الألم بعد اللي قاله:
- حتى لو ما لها ذنب يا حازم كنت تدري انها صديقتي، أنا بعد ما لي ذنب.. مريت بنفس اللي انت مريت فيه ليش ما تحس فيني؟ أنا قاعدة أتوجع لوحدي وانت فالح كل مرة تجي تحاسبني عشانها كأني أنا المذنبة بحقك، تدري وش أحس فيه لما تجي وتقول لي مثل هالكلام؟.. أنا......
سكتت لما حسّت انها عاجزة عن الكلام، ألقت عليه نظرة أخيرا.. مليانة تأنيب ضمير، شعور بالظلم والإهانة.
قبل لا تبتعد عنه بخطوات سريعة غاضبة وتخرج من غرفة الاجتماعات، من الشركة بكبرها.
ركبت سيارتها وقفلت بابها بقوة، قبل لا تمسك المقود بيدينها الثنتين بقوة حتى ابيضّت مفاصلها.. وهي تمنع دموعها من النزول، وتقاوم رغبتها الشديدة في البكاء.
كانت تلهث وتزفر أنفاسها بصوت مسموع كأنها بذلت مجهود بدني كبير.
تحس انها راح تنفجر بأي لحظة من شدة الغيظ والقهر، لكنها كالعادة.. عاجزة، قررت تصير عاجزة بإرادتها.
هدأت بعد لحظات، بعد ما شربت مويا وريحت ظهرها وراسها على المقعد.
خرجت جوالها من شنطتها الصغيرة لما سمعت رنينه، اتسعت عيونها بصدمة واستغراب وهي تشوف اسم المتصل.
ردّت بصوت حاد بالرغم من عدم تصديقها:
- نعم!
- وينك؟ أبي أشوفك الحين، حددي مكان نتقابل فيه.
تنهدت وهي تشغل السيارة وترد بهدوء:
- بجيك عند بيتكم.
قفلت منها وهي إلى الآن مستغربة.
عهدت آلاء ضعيفة، مستحيل تتخذ أي قرار بهالسرعة.
مع ذلك الأفضل انه هالموضوع ينتهي بأسرع وقت، مع انها ما قدرت تخمن إيش السبب اللي خلاها تطلب مقابلتها.


ابتعدت سيارة نجمة، اللي كان يراقبها من شباك غرفة الاجتماعات وقلبه يألمه من هالوضع حرفيا.
الوضع اللي بكل حياته ما توقع يكونون فيه.
بعد كل اللي عاشوه سوا، بعد كل اللحظات الحلوة.. الأيام الجميلة.. قصة الحب العظيمة والسرية اللي عاشها هو ونجمة، بدون ما يعلموا أي أحد.
حتى جاء اليوم اللي قرر فيه انه يخطبها، ويخلي علاقتهم رسمية.
إلا انه أول ما فتح الموضوع مع أهله، انصدم من رفضهم القاطع.. حتى انهم ما أعطوه أي فرصة يكرر طلبه.
مع ذلك حاول، مرة ومرتين و20 مرة.. كل مرة يرفضون ويعصبون عليه بدون ما يقولوا له السبب.
كانت نجمة تحاول بدورها.
اثنينهم كانوا يحاولون يعرفون السبب على الأقل، سبب الخلاف اللي خلى العائلتين تكره بعضها بهالشكل.
لكن بدون أي فائدة.
كانوا يحبون بعضهم بشكل جنوني، لذلك ما قدروا يسمعونهم أو ينصتوا لأوامرهم، قرروا يحطون العائلتين قدام الأمر الواقع.
بالنهاية هم الاثنين ما لهم ذنب، ولا لهم صلة بهذا الخلاف مجهول السبب.
لكن وقبل لا يوقع على العقد، حتى قبل لا يبدأ الشيخ.. انصدم وتفاجأ بأبوه وأبو نجمة يدخلون المسجد، ويمنعون هالزواج.
ما يقدر يوصف شعوره بهذيك اللحظة، وهو يشوف حلمه بالاقتران بالبنت اللي حبها من قلبها تصير ممنوعة عليه إلى الأبد.
كانت نجمة تنتظر بالسيارة، ما كانت تدري عن اللي صار بالمسجد.. وانه زواجهم انلغى قبل لا يتم.
حتى أقبل عليها أبوها واخوانها وهم معصبين، ثم أخذوها من سيارتها غصبا عنها.
ما يدري بعد كذا إيش صار معاها.
انقطعت اخبارها عنه نهائيا.
حتى محاولاته بالاتصال فيها باءت بالفشل.
اختفت تماما، عن الناس في الواقع، وعن المواقع الافتراضية.
لمدة سنة كاملة.. كان يحاول فيها انه يلين قلب أهله، ويصلح الوضع بين العائلتين بتدخل كبار القريتين، إلا إنه كل محاولاته راحت بدون فايدة.. كان متعجب تماما ويحاول على الأقل يعرف السبب الكبير ورى رفضهم!
حتى جاء اليوم اللي سمع فيه عنها أخيرا، لكن ليته ما سمع!
كانت متزوجة غيره، متزوجة أحد أقاربها!
بالرغم من صدمته الكبيرة وشعوره بالخيبة، ما قدر يغضب عليها ويزعل.. كان حاس إلا متأكد انها كانت مجبورة، أهلها أجبروها تتزوج عشان ما عاد تفكر فيه.
في الوقت اللي أهله خطبوا له بنت من ديرته، واللي ما كانت غير آلاء.. صديقة نجمة!


أمس بالليل، ولما كان عند آلاء..
كان جدا خايف ومتوتر، انه نجمة ممكن تكون قايلة لها شيء.
خاصة لما سمع كلامها الغريب وهي تقول انه نجمة محور حياته!
لما سألها عن قصدها، ساد صمت موتّر ومخيف.
كان يناظرها بقلق وهي مغمضة عيونها وتهز راسها بالنفي.
قربت منه أكثر وارتبك هو أكثر.
رفعت يدينها فجأة.. واتسعت عيونه من حركتها.. لما ضمته بقوة وهي تبكي بصمت، تترجاه:
- لا تتركني حازم، أرجوك.. لا تتركني، أنا ما أقدر أعيش بدونك.
ألجمته الصدمة وخلته يظل واقف بدون ما يصدر أي ردة فعل، كملت هي:
- ممكن أسامح ألماس على اللي سوته، لكن انت صدقني.. مستحيل أسامحك.
رفع حازم يدينه وضمها بيد، والثانية يمسح فيها على شعرها بحنان:
- ليش تقولين كذا آلاء؟ ما راح أتركك.. تطمني.
- توعدني؟
غمض عيونها من سؤالها البسيط.. اللي حس فيه كبير جدا والإجابة عليه صعب!
- أوعدك.


`°°°°°


- عطني فرصة ثانية، صدقني ما راح أخيب ظنك أكثر من كذا.
ابتسم بحنان وهو يمسك يدها اللي على الطاولة ويضغط عليها بخفة حتى يحسسها بالراحة:
- لا تضغطين على نفسك ألماس، أنا أدري إنه اللي صار معك مو هين، صعب عليك تهتمين بهالموضوع الحين.
عضّت شفتها وهي تلّف وجهها عنه تحس بالغصة توقف بحلقها، خاصة لما كمل بعتاب وهو يترك يدها:
- بس ما كنت متوقع ولا منتظر منك مثل هالحركة، شوفي كيف صارت الأمور، كيف بتصلحينها؟
تنهدت بضيق:
- لا تشيل هم، بكرة بروح الجامعة عشان أدرس عن بعد كم شهر لين ترجع الأمور لطبيعتها.
عقد حواجبه باستغراب:
- ليش؟ بعد ما سببتِ كل هالفوضى؟ صراحة مو قادر أفهمك، كنتِ على الأقل تستشيرين وتسألين رأيي؟
ابتسمت بهدوء والحزن ظاهر على وجهها بوضوح:
- انتظرت كثير، وصبرت كثير.. أظن اني وصلت حدي وماني قادرة أتحمل أكثر عشان كذا تشوش عقلي وأخطأت، اتخذت القرار بلحظة غضب بسبب أمي اللي صارت تضغط علي.. بس زي ما قلت لك، فكرت بحل ممكن يرجع الأمور لطبيعتها.
- ووش هالشيء؟
ترددت قبل لا تصدمه وهي تقول ببطء:
- راح أتزوج سلطان زواج حقيقي هالمرة وقدام الناس، العرس راح يكون بعد أسبوعين.
اتسعت عيونه بصدمة وعجز عن الرد للحظات، سأل حتى يتأكد من اللي سمعه:
- راح تتزوجين بعد أسبوعين؟ بعد اللي صار؟ بعد ما تشوهت سمعتك بسبته هو وأمه، بعد ما..........
قاطعته بغير إرادتها حتى ما يأثر على قرارها:
- عشاني وعشان أهلي وانت، هو أوريدي نفى هالإشاعات عن طريق حسابه.. سواء صدقوه ولا لا.. العرس راح يكون كفيل بإنه يمحيها، صدقني وخليك واثق فيني.
كملت بابتسامة وهي تشوف آثار الصدمة والغضب على وجهه:
- طلبت منه هالأسبوعين عشان أرتب أموري هنا، تعرف إني ما أقدم على خطوة إلا إذا كنت واثقة منها، وتعرف بعد إني مصرة أكثر منك.. تأخرنا 3 سنين، كم شهر ما راح يضر.
أخيرا هز راسه بإيجاب بعد ما تجهم وجهه للحظات.
شرب المويا اللي قدامه دفعة وحدة ثم قال بنبرة جادة:
- لو ما كنت واثق فيك ومتأكد إنك قدها.. ما سمحت لك تسوين شيء من البداية ولا تعبتك.. حتى الحين لو ودك تتراجعين وتتركين الموضوع بكبره ما راح أمنعك، تعرفين هالشيء صحيح؟ متى ما حسيتِ إنك تعبتِ وتبين تستسلمين لا تخافي، راح أدعمك في أي قرار تتخذينه.

زفرت ألماس نفس عميق، ومن أعماق صدرها وهي تحط عيونها الدامعة بعيونه اللي تحسسها بالراحة تلقائيا.
ابتسمت له بامتنان وهي توقف:
- يلا لازم أمشي الحين، بنام شوي ثم أقوم عشان أروح السوق.. وراي ألف شغلة.
وقف معاها وخرج فلوس من محفظته:
- خذي هذي، لو ما كفتك كلميني أرسل لحسابك.
ضحكت وهي ترجع الفلوس لجيبه:
- احتفظ فيها، عندي بطاقة سلطان خلني أفلسه ما دام عندي فرصة.
رجع لها هو الفلوس بإصرار:
- لازم أساهم في جهاز عرسك.
تقدمها وخرج من المطعم قبلها وهي تتبعه، بعد ما عرض عليها يوصلها حتى يشوف موقع السكن ويطمن قلبه.
ودعته عند الباب بعد ما ضمته بقوة وهي تشكره وتعبر عن امتنانها الصادق.


فتحت الباب بالمفتاح اللي أعطتها إياه غزل، دخلت وتفاجأت لما شافت غزل واللي معاها فزوا واقفين.
جلست البنت بإحباط.
سلمت عليهم وهي مستغربة من وجيههم اللي باين عليها القلق والخوف، مع ذلك تجاهلت شعورها وفضولها وصعدت لفوق.
صعدت وهي مترددة، حتى دخلت الغرفة وقفلت الباب.
كانت الغرفة فعلا واسعة وكبيرة جدا، أكبر من غرفتها هي وآلاء.
ولأنها ما جابت معاها غير ملابسها وأغراضها المهمة، أعطتها غزل فراش وبطانية ومخدة مثل ما سوت مع مرام.
مبسوطة من ناحية انها لقت سكن أفضل مما تمنت.
بيت كبير وواسع مو ضيق، موقعه مو بعيد عن الشارع العام.. قريب من السوق، حتى الجامعة قريبة، وعدد البنات ما يتعدى الـ4.
لكن حسافة، راح تضطر تتركه قريب!

خرجت جوالها من الشنطة وهي ترقد، ميّلت فمها بابتسامة ساخرة من الرسائل الظاهرة في الاشعارات.
نفس اللي أكلوا لحمها ودمها، وتكلموا عنها قدامها لساعات.. حطوا فيها اللي مو فيها.
بدلوا كلامهم بعد اللي قاله سلطان أمس، بعضهم اعتذروا.. والبعض لا!
كأنهم مجرد قطيع، يمشون بعمى ورى كلمة أي شخص.
ومثل الأيام الماضية، دورت بعيونها على اساميهم.
أمها ومساعد وآلاء..
ابتسمت بألم لما ما لقت أي رسالة منهم.
لا أمها ولا آلاء.
مساعد.. بالرغم من انه طلع من عندها معصب، اتصل فيها وسأل عنها.. وكل بعد كم ساعة يراسلها يسألها تحتاج شيء ولا لا.
أما آلاء ما سمعت منها من يوم خرجت من البيت، وهالشيء ضايقها كثير.
أكيد انها زعلانة وكثير ومن حقها طبعا!
فسخت عبايتها ورمتها على الأرض بعشوائية لما عجزت تنسى وجيه البنات تحت.
فتحت الباب ونزلت بخطوات مترددة، حتى وصلت قريب من الصالة.. ورفعت حواجبها باستغراب وهي توقف في مكانها لما سمعت هالإسم المألوف:
- نسمة حبيبتي روقي، إيش فيك خايفة عليها هالقد؟ قلتِ انها متعودة تخرج بأي وقت يعني ما في داعي تقلقين لهالدرجة.
ردت نسمة وهي تتنهد بضيق:
- بس الحين حالتها مو مثل دايم، ولا أدري وين راحت.
نسمة!
معقولة تكون نفسها اللي كانت تتصل بأخوها مساعد وتظنه أخوها سعد؟
مستحيل.. في مليون نسمة بالدنيا غيرها!
رفعوا عيونهم يناظرونها لما انتبهوا لها، ابتسمت لما شافتهم مرتبكين.
رفعت حواجبها وهي تتكتف وتقول بمزح:
- ما أعرف إيش اللي مخوفكم مني لهالدرجة، ودكم أرجع لغرفتي وأحبس نفسي؟
ضحكت غزل بارتباك وهي تقول:
- لا مين قال خايفين، بس لأنك توك جديدة ارتبكنا شوي.. تعالي اجلسي.
جلست ألماس بدون ما تحرك عيونها عن نسمة، اللي ناظرتها شوي ثم رجعت انشغلت بجوالها وهي كلها قلق وخوف، سألت ألماس:
- صاير شيء؟
ردت غزل:
- البنت اللي شفتيها معانا في الصباح.. مرام، خرجت من البيت فجأة وبدون ما تقول لنا شيء، نتصل فيها ما ترد.
- إذا هي متعودة تخرج لوحدها وكبيرة كفاية ما أظن في داعي تخافون لهالدرجة.
رمقتها نسمة بحدة بدون ما تقول شيء، هزت غزل راسها بإيجاب:
- صحيح، بس خايفين لأنها تعبانة نوعا ما، أمها توفت قبل يومين نفسيتها مو كويسة هالأيام.
وقفت غزل:
- بروح أجيب لك شيء تشربيه.
دخلت غزل للمطبخ، وتكتفت هي تتأمل نسمة بصمت.
ما تدري وش هالشعور الغريب، والفضول القوي اللي اجتاحها حتى تعرف إذا هي نفس البنت اللي في بالها ولا لا.
من زمان عندها رغبة في انها تقابلها، تقابل البنت اللي كانت تكلم أخوها على اساس انه سعد.
وما تدري عن شيء.
بالرغم من انه مساعد قال لها أكثر من مرة انه مو سعد، وانها غلطانة.. إلا انها رفضت.
أكيد إلى الآن عندها أمل!
بما انها عاشت كل هالسنين بهالكذبة، وإلى الآن عايشة عليها رافضة تصديق الموضوع.
وعندها رغبة تعرف كيف كانت الأمور عندهم لما حصلت هالحادثة الغريبة في ديرتهم، واللي سبب هلع لكل الأهالي.
وإلى الآن ظلت غامضة، إلى هذا اليوم.
أكيد الأوضاع عندها بعد ما كانت عادية.
ودها تعرف كل هالتفاصيل، بس شلون!
مستحيل تعترف بنفسها وتقول أنا اخت مساعد اللي انخدعتِ فيه ومصدقة انه أخوك وهو مو كذا!
ما كانت ألماس تدري عن لقاء نسمة بمساعد، بما انها خرجت من بيت أهلها بنفس اليوم اللي تقابلوا فيه.
ارتبكت لما رفعت نسمة وجهها فجأة وناظرتها مستغربة، ابتسمت لها ثم تنهدت وهي تلف وجهها عنها.

`°°°°°



كانت تعرف، ومتأكدة.. إنه أمها مستحيل تسمح بهالشيء.
حتى لو سمحت راح تستغرب كثير من إصرارها.. واحتمال تبدأ تراقبها!
مع ذلك ما قدرت تكتم رغبتها، ولا قدرت تمنع نفسها من انها تطلب منها هالطلب.. تسمح لمرام تقرأ لها!
صحيح وظفتها مسبقا لكن كان الأمر سريّ.
لو صادف وعرفوا عن جية مرام كل يوم، أكيد كانوا راح يدبرون أي حجة.
لكن بعد اللي صار، وبعد ما صارت أمها تعرف مرام.. وكذلك أخوها، مستحيل الموضوع يمشي كذا بسهولة.
كانت هذي أطول جلسة جلستها مع أمها بعد الحادث اللي صار وغير كل حياتها.
وحياة أهلها.
بعد ما قفلت الاتصال من مرام وهي مستغربة جدا من أسئلتها.
صرفتها بحجة ممكن تمشي على الكل، بس مو عليها!
خاصة وانها من البداية مستغربة من اللي تعرفه مرام عنها.
وبعد اللي قالته أمس عن أبوها، وانه مشلول.. تأكدت شكوكها.
لذلك نزلت فورا، واتجهت لجناح أبوها الخاص.
الجناح الخفي عن الكل.. وممنوع أحد يدخله غير أفراد البيت، أمها وأخوها وهي.
ومدبرة خاصة.
غير الأطباء اللي يجون يشوفون حالة أبوها كل بعد فترة.. يعالجونه ويعطونه كل اللي يحتاجه ثم يطلعون.. وكلهم موقعين عقد سرية!
يعني مرام كذابة، مستحيل أحد من الخدم يعرف عن حالة أبوها.
دخلت الجناح، الأشبه بجناح مستشفى أكثر من كونه جناح في قصر!
اتجهت للغرفة اللي فيها أبوها، بدون مساعدة أي أحد.
اعتادت الوضع، وحفظت الطريق.. ما تواجه أي صعوبة في الوصول لهالغرفة تحديدا.
وكالعادة.. جلست جنب سريره ومسكت يده.
ما تشوفه بعيونها صحيح، لكنها تشوفه بقلبها.
كل ما جات هنا، كل ما قعدت جنبه.. تدمع عيونها وتبكي بصمت.
تحاول تعرف وتفكر، متى بدأ كل هذا!
إيش اللي وصلها هي وأبوها بهالحال؟ ليش صار فيهم كل هذا!
أحيانا لما تكبر فيها الحيرة وصدرها يضيق.. تسأل أمها، تسأل أخوها.. إلا انها ما تلقى أي جواب.
وهالشيء مزعلها كثير.
مرام غلطت مرة ثانية، لما سألتها ليش أهلها خلوها تعتزل الناس..
ماحد خلاها تعتزل، هي اللي اعتزلتهم بنفسها، هي اللي حبست نفسها.. هي اللي قررت تبقى على حالها.
حتى تهتدي وتعرف الجواب الصحيح، وتزول عنها هالحيرة.
مسحت دموعها بسرعة لما حسّت بيد أمها تنحط على كتفها.
وقفت وسألتها بهدوء:
- ما في أي تحسن؟
هزت أمها ارسها بالنفي:
- للأسف، توه الدكتور خرج من هنا.

زفرت وعود أنفاسها بضيق ثم ابتعدت عن أمها، اللي لحقتها.. حتى جلست في الصالة وجلست جنبها، مسكت كفها بحنان وضغطت عليها.
لما شافت ملامحها تتغير، ولونها يحمر كأنها على وشك البكاء من جديد:
- لا تخافين كثير يا وعود، بإذن الله راح يتحسن قريب؟
ظلّت وعود ساكنة لبعض الوقت قبل لا تهز راسها ثم تقول:
- يمه ممكن أطلب منك طلب؟
ابتسمت الأم براحة وسعادة وهزت راسها بايجاب، من زمان ما طلبت منها وعود شيء.. لذلك الحين حتى لو طلبت عيونها راح تعطيها بدون تردد!:
- طبعا حبيبتي.
- أبي أزور مرام، أروح أعزيها.
اتسعت عيون أمها بصدمة وتعجب.
صحيح انها سمعت اللي صار، وأشفقت على هالبنت المسكينة.. اللي حركت شيء في قلبها ومن أول مرة شافتها فيها.
تفاجأت كثير لما اكتشفت انها كانت صديقة وزميلة لبنتها.. بس أبدا ما توقعت انها راح ترغب بتعزيتها وزيارتها في بيتها.
- متأكدة وعود؟
- طبعا يمه، مرام ما عندها أحد.. يتيمة من صغرها ولا كان عندها أي أحد غير أمها، حرام ما أوقف جنبها أو أعزيها على الأقل.
الأم بتردد:
- متأكدة؟ من زمان ما خرجتِ من البيت، ما تعودتِ تشوفين أحد غيرنا طول هالفترة.
قاطعتها وعود وهي تبتسم وهي تضغط على كف أمها:
- راح أكون بخير يا سماح، غير كذا ما راح أكون لوحدي أكيد.. أبيكم تروحون معي انتِ وفوزية.
هزّت سماح راسها بتردد:
- خلاص ما في مشكلة، بكرا الصباح نروح لها.
ابتسمت وعود براحة ثم قالت بعد تردد:
- شيء ثاني يمه، طلب.. اتمنى من قلبي ما تردينه.
سماح وهي تضحك:
- ماني غبية عشان ارد لك طلب يا وعود، آمريني بس.
عضّت وعود شفتها وهي تسحب كفها من يدين امها وتفركها بتوتر:
- ابيها تشتغل عندي، أقصد.. مرام، لا تخليها عاملة في المطبخ، اسمحي لها تقرأ لي، تعرفين قد إيش احب الكتب.
اتسعت عيون سماح بصدمة، تحسست وعود ردة الفعل هذي، خاصة انها ما ردت فورا، ولما ردت قالت ببطء:
- تقرأ لك؟ تطلع بغرفتك تقعد هناك؟
اومأت براسها بإيجاب، وكملت سماح بنفس النبرة:
- ايش اللي يخليك تدفعين لوحدة بس عشان القراءة، لو تبين راح نقرأ لك احنا، انا وعزيز او حتى فوزية، لو ما تبينا احنا نقرأ في تطبيقات كتب مليانة بالجوال.
ابتسمت مرام وهي تهز راسها بالنفي:
- انا ابي مرام، ابيها تكون صديقتي مو مجرد زميلة قديمة، ما اقدر اتقبل فكرة انها تشتغل وتتعب في المطبخ وانا جالسة بغرفتي زي الأميرة، ما ارضاها لمرام يا يمه.
سماح بتعجب:
- حتى لو ما كنتِ ترضين لأن قلبك طيب، مو معقول هالشيء.. خلاص هذي حياتها وهذي قسمتها في الدنيا، مو كل شخص تعرفينه تتعاطفين معاه وتقولين ابغاه يكون صديق لي!
وعود بزعل:
- بس هذي رغبتي يمه، طول هالسنين نفذت كل اللي قلتيه لي ورضيت بهالوضع، كيف تحرميني من الشيء الوحيد اللي ابغاه؟ ما تحسين فيني!
سماح بقلة صبر:
- حاسة فيك بس طلبك مو معقول، ممكن تكون زميلتك بس بنفس الوقت ما اقدر اثق فيها، فكري زين.. ايش اللي خلاها تكسر قزاز سيارة اخوك وتدخل بهالطريقة المريبة؟ إلا إذا تبغى شيء من ورى هالوظيفة، وانتِ بتعطيها الفرصة على طبق من ذهب!
سكتت وعود لثوانِ تفكر بكلامها، هي مدركة لهالشيء.. عارفة ومتأكدة انه مرام عندها شيء ثانية، نية خفية.. وصحيح تبي توفر لها هالشيء على طبق من ذهب حتى تعرف ايش هذا الشيء، وقفت بزعل:
- اذا رفضتِ طلبي هذا اعرفي اني بحياتي ما راح اطلب منك شيء، بطلع لغرفتي.
ابتعدت من دون ما تتنظر رد امها، اللي رفعت صوتها وهي تتذمر :
- يعني لازم تتصرفين بهالطريقة وعود!

رجعت للواقع لما توقفت السيارة قدام القصر.
نزلت بمساعدة أمها وفوزية.
كانت جدا محبطة وزعلانة انها ما قدرت تقابل مرام.
بعيدا عن فضولها وشكها فيها، كانت حزينة عشانها فعلا.. وكانت تبي تخفف عليها صدق.
لكن هالشعور ما دام لوقت طويل، لما سمعت فوزية تقول وهي مصدومة، بعد ما قربوا من المدخل:
- مرام؟ متى جيتِ هنا!
نطقت هي اسمها بصدمة:
- مرام! هنا!
قربت منهم مرام وهي تضم كفوفها ببعض بتوتر وارتباك، تمرر أنظارها على الثلاثة.. خاصة سماح، أكثر وحدة استغربت وانصدمت.
مع ذلك أخفت هالمشاعر وابتسمت لها بهدوء.
تنحنحت تعدل صوتها:
- آسفة.. جيت بدون موعد وبغير وقت عملي، بس....
سكتت وهي تغمض عيونها بضعف، حتى اكتمل مظهرها كشابة صغيرة.. يتيمة فقدت أمها، حزينة وعلى وشك فقدان كل شيء حتى نفسها، وكبريائها:
- أنا.. بحاجة للفلوس، عشان كذا ابغى أبدأ من اليوم، حتى ما ينقص شيء من راتبي.
وكملت بارتباك وهي تنزل عيونها لتحت بعد ما شافت أمارات الصدمة باقية على وجيههم:
- نقلت لبيت جديد، لازم أدفع مقدم.. بالقوة اقنعت صاحبة البيت اني أدفع لها في منتصف الشهر.
كانت ترجف بداخلها من القهر، كانت زعلانة ومعصبة.. لكن ما بيدها أي حيلة حتى الآن، عاجزة!
مضطرة تتعرض لمثل هالذل والإهانة!
في السنين القليلة الماضية، واللي كانت طويلة جدا ومهلكة بالنسبة لها، قدرت توفر كل اللي تحتاجه هي وأمها من دون ما تنزل أو تتعرض لهالموقف القاسي جدا بالنسبة لها.
لكن الحين! ليش؟ وقدامهم!
رفعت راسها لما حطت أم وعود يدها على كتفها:
- طيب ما في مشكلة، بس لو ودك ترتاحين ما راح نمنعك.. راح تاخذين راتبك كامل حتى لو غبتِ أسبوع.
تكلمت وعود قبل لا تغير مرام رايها:
- صح مرام ارتاحي لك كم يوم.
مررت مرام أنظارها على الثلاثة، تحاول تعرف منهم.. إذا صار شيء، أو اكتشفوا شيء!
بس الظاهر انه اللي تخاف منه ما صار، كانوا جدا هادئين.
هزت راسها بإيجاب:
- تمام أجل، بروح الحين.
مسكت وعود يدها بسرعة:
- تعالي معاي شوي لغرفتي، تقدري تروحي بعد الغدا، إيش رايك؟
عقدت مرام حواجبها باستغراب، وكذلك أم وعود.. اللي تعبت من الوقوف في الحر وقررت تتركهم على راحتهم، بعد ما ربتت على كتف مرام:
- أعظم الله أجرك، أكيد فوزية قالت لك إننا رحنا نعزيك هناك بس ما كنتِ موجودة.
أومأت براسها بخفة:
- جزاك الله خير.
ألقت أم وعود نظرة أخيرة على بنتها ثم على مرام، قبل لا تدخل وتلحقها فوزية.

كانت مرام مستغربة من طلب وعود، إلا انها ما رفضت فورا.
ما دامها راح تعطيها فرصة للتقرب منها، ما راح تمنعها او ترفضها على طول.
شدت وعود على كفها:
- هااه إيش قلتِ؟
ابتسمت وهي تشبك أصابعها بأصابع وعود وتفتح الباب:
- ما راح أردك.
صعدوا للغرفة، وجلست على الكرسي اللي تعودت تجلس عليها في بداية عملها وهي بعبايتها، تتأمل وعود وهي تفسخ عبايتها وتعلقها.. تمشي في الغرفة وتتحرك فيها بكل أريحية.
الشيء اللي تعجبت منه مرام من أول يوم لها بهالبيت، إنها ما تواجه أي صعوبة في قضاء حوائجها.. وبدون مساعدة أحد.
ما حركت من عيونها من عليها حتى جلست جنبها، وسألت:
- كيف حاسة الحين؟ أحسن؟
هزت راسها:
- إيه الحمد لله، نسمة جارتي وصاحبة البيت اللي كنت أسكن فيه، ما قصرت معي أبدا.. ما تركتني لحظة وحدة من أول ما توفت أمي.
- ما شاء الله، ربي يحفظكم لبعض ويجزيها خير على اللي سوته، صدقيني حاولت أروح من أول بس ما قدرت.
- ما عليك.. أهم شيء اتصلتِ وقمتِ بالواجب.
سكتت وعود وهي محتارة، مترددة وخايفة.
مو من مرام، خايفة من نفسها هي.. خايفة تندفع لما تسأل، وتنفعل.. تعصب لما تعرف انه مرام تخبي عنها شيء كبير.
وعندها غرض آخر غير القراءة لها.
كبتت رغبتها وهي توقف وتبتسم:
- ليش ما ترتاحين شوي مرام؟ باقي 4 ساعات على وقت الغدا.. ارقدي ونامي وأنا بصحيك لو أذن الظهر.
مرام وهي متفاجئة:
- أنام؟ هنا؟
- إيه هنا إيش المشكلة؟ أنا طلعتك عشان ترتاحين وتنامين.
ابتسمت مرام بارتباك:
- لا ما أقدر، أحس غلط.. خليني أقرأ لك.
مسكت وعود يدها ووقفتها بالقوة، ثم دفعتها ناحية السرير:
- نامي وانتِ ساكتة.
هزت مرام كتوفها باستسلام ورقدت بعد ما حطت عبايتها على جنب.
غمضت عيونها بتعب ونامت فورا.. بعد ما قفلت وعود كل الأنوار.

`°°°°

كأنه الأيام الماضية تتكرر، المواقف بتفاصيلها.
لما كانت تمر على آلاء، تاخذها بسيارتها.. ثم يروحون لبيت أهل نجمة قبل لا تنتقل لهالشقة.
نفس اللي صار اليوم، مرت عليها بسيارتها وأخذتها.. ثم أعطتها مفتاح الشقة وقالت لها تسبقها، حتى تشتري هي المشروبات من المتجر القريب.
ضحكت بسخرية على نفسها.
إيش اللي قاعد يصير الحين؟ إيش اللي قاعدين يسوونه؟
هل كان في داعي تجيبها لشقتها وتتعامل معاها بهالطريقة اللطيفة والغريبة بنفس الوقت؟
دخلت للشقة، اتجهت للصالة، وقفت بمكانها للحظات.. تتأمل آلاء وهي جالسة على الكرسي، حاطة رجل على رجل.. الثقة تملأها!
إيش اللي جاية عشانه؟ إيش ناوية تسوي وتقول؟
رفعت الثانية راسها لما سمعت صوت كعبها على أرضية الرخام:
- شقتك حلوة.
رفعت نجمة حاجبها وهي تحط المشروب قدامها:
- بالله؟ كأنك توك تعرفين إنه ذوقي حلو؟ أو تشوفينها لأول مرة!
- إيش قصدك؟
نجمة بابتسامة واسعة:
- أدري انك أول وحدة تشوف سناباتي، أو أي شيء انشره.
اكتفت آلاء بابتسامة مائلة.. ساخرة.
سألت نجمة وهي تجلس:
- أظن انك جاية تخبريني بقرارك.
ساد صمت قصير، كانت نجمة خلال هاللحظة القصيرة تتأمل آلاء، تترقب.. تنتظر اللي جاية تقوله.
أما آلاء فكانت تشرب عصيرها ببرود ظاهري، بالرغم من الإرتباك والتوتر اللي حاسة فيه.
تجاهلت كل مشاعرها بهاللحظة، وقررت تنهي الموضوع.. تقول اللي جاية تقوله ثم تروح، حطت عيونها بعيون نجمة بكل ثقة وقوة:
- لازم ننهي هالمهزلة نجمة.
نجمة بابتسامتها الساخرة:
- طبعا، هذا اللي قلته لما رحت لك في البيت، عطيتك أكثر من خيار والمفروض انك تكوني قررتِ الحين، نوريني.
- ما راح يصير شيء من اللي قلتيه، لا راح أعترف بنفسي لحازم، ولا انتِ راح تقولي له، ولا راح تفضحيني عند الناس، لأنه.. ماحد راح يصدقك.
كانت نجمة تناظرها بصدمة، قبل لا تضحك بصوت عالِ:
- وليش ما راح يصدقون؟
- بكل بساطة.. ما عندك دليل توريه لحازم عشان يصدق اتهامك لي، ومتابعينك.. معقولة بتقولي لهم إنك كنتِ تحبين الاعلامي حازم وكنتِ بتتزوجيه من ورى أهلك؟ مستحيل نجمة، ما أظنك تحبين الناس تتكلم عنك بالسوء من وراك.

كانت آلاء جدا واثقة، كأنها متأكدة تماما انه كلامها صحيح.
الشيء اللي خلى نجمة تقبض كفها بقوة لما حست فيها ترتجف من شدة الغيظ والقهر، قدرت تخفي انفعالها وهي تقول:
- حازم ما يحتاج دليل، أنا بكبري دليل عنده.. يثق فيني وراح يصدقني على طول.
ضحكت آلاء مرة ثانية بسخرية وهي تتكتف:
- معناته لو طحت ما راح أطيح لوحدي، مين اللي علمني من البداية؟ مين اللي أفشى بهالسر الكبير بالنسبة له؟ مو انتِ؟ معناته انتِ بعد سببتِ بهالحادثة.. جزء من خراب خطته، تتوقعين راح يمرر الموضوع بسهولة؟ راح ينسى؟ راح يسامحك ويرجع يحاول يتزوجك يا نجمة؟
اهتزت حدقة عيونها من هالحقيقة المُرّة، اللي ادركتها من فترة.. انه حازم ما راح يرجع يحاول يتزوجها من جديد.
رفعت راسها لما سألت آلاء بتعجب:
- مدامك عارفة انك ما راح تصيرين له إيش الفايدة من محاولاتك الحثيثة هذي في انك تخربين اللي بيني وبينه؟ دامه ما راح يصير لك ليش ما تخليني أتهنى معاه؟
- وانتِ متهنية معاه؟
كنت نبرتها موجعة، خرج هالسؤال وهي تحس بألم في قلبها من الوضع اللي هي فيه.
ارتبكت آلاء من السؤال، إلا انها ومن لما كانت في البيت.. قررت ما تضعف، تدافع عن نفسها.. وعن حبها بكل طريقة:
- طبعا، أنا أحب حازم.. وهو يحاول يسعدني ويداري خاطري بأي طريقة، ممكن ما قدر يحبني لسه، بس متأكدة هالشيء راح يصير قريب.
ضحكت نجمة بقهر:
- هههههههههههه وانتِ مبسوطة؟ مبسوطة انك قدرتِ تسرقي مني الشخص اللي أحبه وكنت بتزوجه؟
- ما سرقته، جاني بنفسه.. كل اللي سويته اني استغليت الفرصة لصالحي، وين الغلط بالموضوع؟
احمرّ وجه نجمة من الغيظ:
- وين الغلط؟ تسألين لأنك مو مستوعبة الوضع ولا لأنك فعلا ما تعرفين؟
سكتت آلاء لثوانِ قبل لا تقول:
- اسمعي نجمة، أنا ما راح أطلب منك تنسين اللي صار تماما، لكن.. ما لاحظتِ إنك من البداية تحاولين تثبتين وجهة نظرك بس؟ إني سرقت حبيبك؟ بدون ما تخليني أنا أشرح الموضوع من ناحيتي؟ وكأن الحقيقة هي بس اللي تقولينها انتِ؟
ناظرتها نجمة بغير تصديق، قبل لا تقول وهي على وشك انها تفقد أعصابها:
- تمام هذي هي فرصتك عشان تشرحين وجهة نظرك، يلا اشرحيها وخرجيني من العتمة، بعديني عن هالجهل اللي أنا فيه.
ردت آلاء بهدوء وهي تنزل أنظارها على كفها:
- تعرفين نجمة، انتِ الوحيدة اللي سمحت لها تدخل بحياتي بعد اختي ألماس، الوحيدة اللي سمحت لنفسي أكون قريبة منها.. وما كان عندي أي مانع انه صداقتنا تستمر ونتجاهل كل اللي صار، لكن انتِ الظاهر ما عندك أي نية تتجاوزين شيء.

عضّت نجمة شفتها بقوة، تدعي الله انه يمدها بالمزيد من القوة والصبر حتى ما تنفجر وتفقد أعصابها تماما، ثم تسوي اللي راح تندم عليه فيما بعد.
كملت آلاء:
- بس الشيء اللي ما تعرفينه.. أنا احب حازم من زمان، حبيته قبلك.. قبل حتى لا تعرفينه وتعرفين اسمه.
اتسعت عيون نجمة بصدمة من هالشيء اللي تسمعه للمرة الأولى:
- نعم؟
ابتسمت آلاء:
- أعرفه من لما كنا أطفال، كان الشخص الوحيد اللي حبيته غير أهلي، الوحيد اللي كان يحميني ويدافع عني لما كانت كل الناس تتنمر عليّ، تعرفين هالشيء نجمة، حكيت لك كثير عن الشخص اللي أنا معجبة فيه، وأحبه من طرف واحد.. هالشخص ما كان غير حازم.
تملكها الذهول والصدمة، كانت فاغرة فمها بعدم تصديق.
صحيح.. تتذكر كلام آلاء، تتذكر كل شيء قالته عن هالشخص المجهول.
اللي حبته من طرف واحد، حبته من كل قلبها وهو ما يدري عنها.. ثم انصدمت وانكسر قلبها لما عرفت انه يحب وحدة ثانية، وهالثانية ما كانت إلا هي نفسها!
ضحكت آلاء من تعابير وجهها:
- أشوفك مصدومة صدق، يعني وجهة نظري تستحق اني اشرحها لك، صح ولا لا؟
كملت بوجع:
- لما دريت انه يحبك تجاهلت ألم قلبي، وتقربت منك لأني حبيتك صدق، حبيت كتاباتك.. حبيت كل شيء كنتِ تسوينه، ما كنت دارية ولا متوقعة لو واحد بالمية انك راح تطعنيني بهالشيء بيوم من الأيام، تستخدمين الكلمات اللي حبيتها كأسلحة ضدي هههههههههه تدرين المرة الأخيرة لما كتبتِ القصيدة اللي قصدتيني فيها، وتعمدتِ تحطين كلمة الشقراء حتى يعرفوني.. كذبت هالشيء بداخلي ألف مرة، قلت يمكن كانت الكلمة الوحيدة المناسبة للبيت، القافية الأنسب من بين كل الكلمات، لكن خاب ظني لما ما أنكرتِ ولا قلتِ لهالناس اللي هاجمتني اني مو المقصودة.
أخيرا أصدرت نجمة ردت فعل مختلفة، وهي تضحك بينما عيونها مليانة دموع:
- الحين وش قصدك آلاء؟ إيش تبين أسوي بعد كل اللي قلتيه؟ أعذرك على خيانتك لي؟ أعذرك على خداعك وانتِ تقربتِ مني عشان تسرقين الشخص اللي أحبه ويحبني بس لأنه ما يحبك؟ يعني المفروض أحس بالذنب وأعتقد انه الغلط عليّ لما ما درى عنك وما حبك؟
ابتسمت آلاء بألم وهي تقول بعتاب:
- لا تتهميني بمثل هالاتهام، أنا لما تقربت منك قررت أنسى حبي لحازم لأني كنت أبي أشوفك سعيدة ومبسوطة، كنت أظن انك تستاهلين كل خير بعد اللي واجهتيه من أهلك ومن الجماعة.
تكتفت نجمة وهي تسأل بسخرية:
- بعدين؟ إيش اللي صار؟ وين راح كل هالحب لي؟ ليش فجأة خنتيني وعلمتيهم؟ ليش في النهاية قررتِ تخربين زواجنا؟
آلاء بتردد وارتباك:
- أنا فعلا بديت أنسى حبي له، بديت أرضى بهالشيء.. بس لما.... لما قلتِ لي إنه أهاليكم ضد زواجكم، وانهم رافضين تماما، حسيت بالأمل، وغصبا عني رجعت أحبه أكثر من قبل.
رفعت عيونها بقوة تناظر نجمة المصدومة:
- إيش المشكلة لو حاولت أدافع عن حبي مثل ما كنتوا تحاولون؟ مو حرام أسعى لسعادتي مثل الكل.
وقفت نجمة وهي واصلة حدها من العصبية والقهر:
- بس مو على حساب تعاسة غيرك يا آلاء، انتِ تعرفين إيش صار معي بعد ما علمتِ أهلي.
أبعدت آلاء عيونها بارتباك ثم سألت:
- أفهم من كلامك انك رافضة توقفين اللي قاعدة تسوينه!

كان سكوت نجمة هو ردها بالموافقة، وعيونها الحادة اللي كانت تلمع بكل غضب.. كأنها ذئب هائج وراح يهاجم فريسته بأي لحظة.
وقفت آلاء تتخبط من الارتباك.. تاخذ شنطتها وتعدل عبايتها:
- كنت بشكرك على اللي قدمتيه لي زمان، وعلى كل شيء سويتيه عشاني.. لكن الظاهر ما عاد في داعي دامك ناوية تستمرين في إيذائي، إياكِ تفكرين انك السبب في انه الناس تعرفني، لأني حتى قبل لا أعرفك كنت محور اهتمام الكثير.
قربت منها نجمة بخطوات بطيئة وهي تضحك:
- طبعا، كنتِ محور اهتمام ناس كثير.. واللي كانوا يتجمعون حولك لأنك مثيرة للشفقة، كانوا يضحكون عليك.. مو لأنه عندك برص لا.. لأنك مريضة ومختلة عقليا، معتلة نفسيا يا آلاء، ههههههههههه لدرجة صرتِ تظنين انك صرتِ محور اهتمامهم على شيء يستحق!
رفعت عيونها لنجمة بصدمة ووجع، ما كانت تتوقع منها تصيب هالنقطة الحساسة.
كملت نجمة بإصرار:
- إيه يا آلاء لا تناظريني كذا، إنتِ ما تسوين شيء.. سابقا بدون ألماس ثم أنا، والحين بدون حازم.. انتِ ولا شيء، أجل تبين أوقف اللي أسويه وأتجاهل نفسي وقهري، أتجاوز خيانتك وأسامحك ونظل صديقات مثل قبل لخاطر عيونك، عشان تبقين سعيدة ومرتاحة مع حازم.
كملت وملامحها تشتد وتتحول وهي تضرب باصبعها كتف آلاء:
- أنا ماني طيبة ولا أقدر اتجاوز اللي صار بسهولة، مو على الأقل قبل لا أخليك تفقدين الباقي من عقلك وتروحين للمكان اللي تستحقينه والمفروض تكونين فيه من زمان، المصحة النفسية.
كانت الثانية تتنفض من الانفعال اللي كابتته وهي تتظاهر بالصلابة، رافضة الاستسلام واظهار الضعف لنجمة:
- انتِ المريضة يا نجمة، وكل همك تحطمين قلبي، تكرهين تشوفيني عايشة بسعادة، تقدرين تستمرين باللي تسوينه، استفزيني قد ما تقدرين كرهي الناس فيني اكثر، بس لا تنسين انه حازم لي.. ملكي بالكامل.
كملت بعد صمت قصير:
- وأبيك تعرفين بعد اني أنا اللي قاعدة اسمح لك تأذيني بهالطريقة، أنا اللي ساكتة لك بمزاجي، ما راح تقدرين تسوين لي شيء لو ما سمحت لك.. أنا تاركتك على راحتك لأنه هذا الشيء الوحيد اللي انتِ تتقنيه، تقدري تخلي الناس تصدق كلامك أيا كان.

كانت نجمة تناظرها بصدمة وعدم تصديق، مو قادرة تستوعب.. انه اللي قدامها حاليا هي آلاء، نفسها اللي بغت تموت من الخوف والارتباك قبل أمس.. والحين واقفة تقول لها مثل هالكلام الكبير، وعندها كل هالثقة والغرور:
- حتى لو حازم ما رجعني له ومستحيل نصير مثل قبل، أنا ما عندي شيء أخسره.. راح أسوي أي شيء عشان أدمر حياتك يا آلاء، راح أرضى أكون الشريرة، بس انتِ ما تتهنين بالشيء اللي اخذتيه مني عنوة.
- بالتوفيق.
قالتها آلاء بكل هدوء وبرود، ثم لفت حجابها.. أخذت العصير وفرغت كل اللي في العلبة بجوفها.
قبل لا تبعد نجمة عن طريقها ثم تبتعد بخطوات قوية واثقة.
حتى خرجت وتقفل الباب وراها بقوة، خلت نجمة تنتفض بمكانها من الفزع.
عمّ الهدوء في المكان بعد كذا.. وطاحت هي جالسة في مكانها بكل ضعف.
قبل لا تنزل الدمعة العالقة بعينها، تتبعها الكثير من الدموع.. واللي تحولت لبكاء عنيف.
وهي تنحني وتشهق.. لما فقدت السيطرة على نفسها، وما قدرت تكبت انفعالها أكثر.
هذا كثير عليها، كثير جدا..!

`°°°°

- إيش اللي مزعلك الحين؟ كنتِ تبين هالزواج يتم بأسرع وقت.
ظلّت ساكتة بدون ما ترد عليه، كأنها ما سمعته.
رفع هو عيونه ناحيتها، يناظرها بضيق وهمّ.. كانت جالسة على السرير، على نفس وضعها من أيام.
تخرج من هالغرفة وتتحرك شوي لما يصير وقت الأكل، تطبخ وتوصل الأكل لآلاء ثم تاكل معاه هو وولدهم الصغير مسعود.
بعد كذا ترجع لغرفتها.. يا ترقد أو تجلس بهالطريقة، وهموم العالم كله بوجهها.
وجهها المشرق صار باهت، وعيونها صارت غائرة من شدة الحزن.. التفت حولها خطوط سوداء.. من التكفير والسهر.
مع انه حاول أكثر من مرة انه يطلعها من هالجو، ويخليها تنسى شوي من هالضيق.. إلا انه عجز.
عنيدة جدا، راسها يابس مثل ما يقولون.. مستحيل تسوي شيء غير اللي عاجبها.
لذلك ماحد يقدر يستغرب من شخصية ألماس، اللي ما تشبه إلا امها.. بعنادها وقوة شخصيتها!
حتى صباح اليوم كانت هادئة بشكل مخيف، بس وصلها اللي سواه سلطان.. وأعلن للملأ عن العرس اللي راح يتم بعد أسبوعين، فقدت أعصابها من جديد.
صارت تصارخ وتخاصم وتشتم كل من يجي على بالها.
هدأت بعد ساعات، ورجعت لنفس كآبتها.
لما شاف تعابير الندم على وجهها، تنهد بضيق وهو يكمل قراءة المقالات بجواله.. ما راح يضايقها أكثر مما هي متضايقة أصلا.

رفع راسه لما تكلمت بصوت هاديء، مختنق من الغصة:
- ليش تسوي فيني كذا ألماس؟
كملت وهي تبتسم بألم وسخرية:
- كأنه من حقي أسأل هالسؤال وأنا اللي وصلت الأمور لهالحد.
ردّ بعد صمت قصير:
- لا تلومين نفسك، كنتِ تتمنين لهالخير.
- الخير؟ هذا الخير؟ لما سلمتها لواحد مثل سلطان؟ عديم الرجولة والمسؤولية.
- اللي صار صار يا صفية، كلامك هذا ولومك لنفسك ما راح يغير شيء.
صفية بغضب:
- بس ألماس ما كان لازم تسوي كذا، ما كان لازم توافق تتزوجه بعد اللي صار، أنا لما تركتها هناك غصبا عني تركت لها الخيار، لو قالت انها تبي الطلاق كنت بوقف معاها وأسوي أي شيء.. بس هي عقلها كله بالدراسة، والحين شوف.. بتتزوجه وترجع، لا هي اللي بتكمل حياتها مع واحد يستحقها ولا هي اللي حققت اللي عشانه صارت كل هالمصايب.
- حتى لو هالشيء مو عاجبك لا تنكري انه للأفضل، الناس راح تسكت الحين ولا تتكلم عنها أكثر.
زفرت أنفاسها بضيق وهي تقول:
- أتمنى انها تكون ذكية وقوية بما فيه الكفاية عشان تتطلق منه لو ما حست انها مرتاحة وترجع البيت.

______

انتهى الفصل السابع
أتمنى أشوف تفاعل أفضل

������

___________


اللهم ارحم مارية وأعمامي وأجدادي وجميع أموات المسلمين، اغفر لهم وعافهم واعفُ عنهم، برد قبورهم وأرِهم مقاعدهم في الجنة يارب العالمين، اللهم آمين.
اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس
قديم 29-07-21, 04:22 PM   #20

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

و الله زعلت لما قرأت خبر أنك تتوقفى عن التنزيل فى المنتدى و مش عارفة اتابع روايتك الممتعة



موفقة بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 22-01-22 الساعة 01:31 AM
موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:24 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.