آخر 10 مشاركات
رواية أحببت فارسة أكاريا (الكاتـب : الفارس الأحمر - )           »          494- اخر خيوط الحب - كارول مورتيمر -روايات احلام الجديدة(مكتوبة/كاملة)* (الكاتـب : *سهى* - )           »          2– التجربة - شارلوت لامب - ق.ع.قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          بقايـ همس ـا -ج1 من سلسلة أسياد الغرام- للكاتبة المبدعة: عبير قائد (بيرو) *مكتملة* (الكاتـب : noor1984 - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          عشقتها فغلبت قسوتي-ج1من سلسلة لعنات العشق-قلوب زائرة-للكاتبة:إسراء علي *كاملة+روابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          العروس المنسية (16) للكاتبة: Michelle Reid *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          لا تتحديني (165) للكاتبة: Angela Bissell(ج2 من سلسلة فينسينتي)كاملة+رابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          سيدة الشتاء (1) *مميزة* , *مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          مصابيح في حنايا الروح (2) سلسلة طعم البيوت *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : rontii - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1710Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-12-21, 06:41 PM   #451

Rasha.r.h

? العضوٌ??? » 398056
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 123
?  نُقآطِيْ » Rasha.r.h is on a distinguished road
افتراضي


رب العالمين يكون معك ويوفقك ويسدد خطاكي ويشفيكي كاتبتنا العظيمة....... ماتزعلي قد تكون الكلمات خانتها من شدة التعلق بالرواية وانجذابها الكبير لها كحالنا جميعا........ ..رواية عظيمة الله يعطيكي ألف ألف عافية لايوجد كلمات معبرة والله عن جمالها وتعبك الكبير واااااضح جدا........ ..كل الحب والاحترام لك من قارئة بسيطة

Rasha.r.h غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-12-21, 02:25 PM   #452

Yousefsaied

? العضوٌ??? » 461431
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 37
?  نُقآطِيْ » Yousefsaied is on a distinguished road
افتراضي

شكرررررررررررر ا

Yousefsaied غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 03-12-21, 02:43 PM   #453

shada002

? العضوٌ??? » 242950
?  التسِجيلٌ » May 2012
? مشَارَ?اتْي » 621
?  نُقآطِيْ » shada002 is on a distinguished road
افتراضي

شكرا يعطيك الف عافيه

shada002 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-21, 08:44 PM   #454

ذرة أكسجين

? العضوٌ??? » 487531
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 72
?  نُقآطِيْ » ذرة أكسجين is on a distinguished road
افتراضي

وين الفصل السابع و العشرون
اتأخر زيادة
انا معجبة جدا بالرواية و باسلوب الكاتبة
فيوميا افتح اشوف نزل الفصل او لا


ذرة أكسجين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-12-21, 11:21 PM   #455

فتاة طيبة

? العضوٌ??? » 306211
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 566
?  نُقآطِيْ » فتاة طيبة is on a distinguished road
افتراضي

اخيرا وصلت آخر جزء .. قرأت الجزء الأول ومباشرة قرأت بعده الجزء الثاني حقيقة لااستطيع ان اصف كمية الاعجاب المهولة بالجزئين كمية المعلومات الطبية والنفسية والدينية جهد خرافي يحتاج لفريق عمل فكيف تقوم به كاتبة لديها ارتباطات اسرية وعملية من لايعذر امثال هذه المبدعة على تأخرها البسيط فمن يعذر .
في الجزء الأول ناقشت موضوع غاية في الأهمية وهو ادمان الاباحية ومن يعرف الواقع الحالي يعرف كمية الشباب الهائلة الواقع بهذا الامر.. المعالجة التي كان يقوم بها شهاب مع رنا وددت ان تطرح كورقة عمل مستقلة بستفيد منها آلاف من يقع في هذا الفعل خطوات العلاج بالفعل مفيدة لمن يدرك اي وحل يغوص به هؤلاء ..
اما الجزء الثاني فهو حقيقي ومؤلم من الاتجار بالاطفال والبيدوفيليا التي بدأت بعض المنظمات تروج لها بمنشورات تبدو بريئة لمن لايفطن لخبث افكارهم .
حقيقة القضايا الكثيرة التي ناقشتها لااستطيع سردها هنا رغم قوتها وبالذات قضية سنابل البريئة واهلها الجهلة الظالمون لكن حتى لو ناقشتها لن يكون بقوة تسلسل قلمك المبدع .
فقط اعلق على جزئية في الجزء الأخير وارى كثير قد يظلم رأفت انا لست في انهاءه لزواجه وانشغاله عن ابنائه رغم كرهي الشديد لنجلاء ولا ابالغ انني فرحت لان الله انتقم لرنا من افعالها لكن رأفت لم يفعل حرام تزوج برضا داليدا ولم يغصبها احسن اليها والى اهلها قام بحمايتهم بعدما كانو عرضة لسقط القوم كونه يريد منها لبس معين او يريدها ان ترقص له لااراها سفالة منه او امرا مقززة ماالمشكلة سواء طلبه او طلب عمار لم ينظر له وكأنه فعل مقزز مادام انه حلال ويعف نظر الزوج ليس هناك حدود للمتعة بين الزوجين مادام انها في ايطار الحلال كلام سنا لعمار اعتبره غبي وهي تستنكف هذا الفعل وتراه شيء لايليق بها بل هي جدا منغلقة حتى رداء النوم تلبس اردية طويلة وكأنها امرأة جاهلة غير متعلمة لاترى انفتاح الدنيا وكم هي اصبحت رغبات الشباب وتطلعهم اعلى من الافق الضيق الذي تمتلكه لكن في مسألة ماريان عديمة الكرامة تلك وزمالتها لعمار فهي محقة تماما لم يحرم الله شيء الا وفيه مصلحة للعباد وهاهي ماريان تتلظى بنيران عشق من طرف واحد لايعلم عنه الطرف الآخر شيء .
ايضا غدي من الشخصيات التي ترفع ضغطي بقوة لاترى في نفسها سوى قوة مطلقة لاتقهر وفي الواقع فأرة مذعورة ينقذها في كل مرة اكمل ومع ذلك تهينه وترفض حبه رغم ان لااحد يستحق الحب سواه وهو ضحى بالشيء الكثير لاجلها والذي لااؤيده طبعا فلايضيع المرء نفسه من اجل حب امرأة لاتستحق كل هذه التضحية

أخيرا اسراء انت قلم مبدع ومتفرد ناقشت امورا ابدا لم تطرق في الروايات من قبل حقا انا سعيدة بالتعرف على هذه الرواية الرائعة دعواتي لك ياغالية بالشفاء اسأل الله ان يمن عليك بالصحة والعافية يارب


فتاة طيبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-21, 06:17 PM   #456

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rasha.r.h مشاهدة المشاركة
رب العالمين يكون معك ويوفقك ويسدد خطاكي ويشفيكي كاتبتنا العظيمة....... ماتزعلي قد تكون الكلمات خانتها من شدة التعلق بالرواية وانجذابها الكبير لها كحالنا جميعا........ ..رواية عظيمة الله يعطيكي ألف ألف عافية لايوجد كلمات معبرة والله عن جمالها وتعبك الكبير واااااضح جدا........ ..كل الحب والاحترام لك من قارئة بسيطة
حبيبتي تسلميلي اكيد انا مش زعلانة انا بس حبيت أوضح لكم ظروفي


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-21, 06:19 PM   #457

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتاة طيبة مشاهدة المشاركة
اخيرا وصلت آخر جزء .. قرأت الجزء الأول ومباشرة قرأت بعده الجزء الثاني حقيقة لااستطيع ان اصف كمية الاعجاب المهولة بالجزئين كمية المعلومات الطبية والنفسية والدينية جهد خرافي يحتاج لفريق عمل فكيف تقوم به كاتبة لديها ارتباطات اسرية وعملية من لايعذر امثال هذه المبدعة على تأخرها البسيط فمن يعذر .
في الجزء الأول ناقشت موضوع غاية في الأهمية وهو ادمان الاباحية ومن يعرف الواقع الحالي يعرف كمية الشباب الهائلة الواقع بهذا الامر.. المعالجة التي كان يقوم بها شهاب مع رنا وددت ان تطرح كورقة عمل مستقلة بستفيد منها آلاف من يقع في هذا الفعل خطوات العلاج بالفعل مفيدة لمن يدرك اي وحل يغوص به هؤلاء ..
اما الجزء الثاني فهو حقيقي ومؤلم من الاتجار بالاطفال والبيدوفيليا التي بدأت بعض المنظمات تروج لها بمنشورات تبدو بريئة لمن لايفطن لخبث افكارهم .
حقيقة القضايا الكثيرة التي ناقشتها لااستطيع سردها هنا رغم قوتها وبالذات قضية سنابل البريئة واهلها الجهلة الظالمون لكن حتى لو ناقشتها لن يكون بقوة تسلسل قلمك المبدع .
فقط اعلق على جزئية في الجزء الأخير وارى كثير قد يظلم رأفت انا لست في انهاءه لزواجه وانشغاله عن ابنائه رغم كرهي الشديد لنجلاء ولا ابالغ انني فرحت لان الله انتقم لرنا من افعالها لكن رأفت لم يفعل حرام تزوج برضا داليدا ولم يغصبها احسن اليها والى اهلها قام بحمايتهم بعدما كانو عرضة لسقط القوم كونه يريد منها لبس معين او يريدها ان ترقص له لااراها سفالة منه او امرا مقززة ماالمشكلة سواء طلبه او طلب عمار لم ينظر له وكأنه فعل مقزز مادام انه حلال ويعف نظر الزوج ليس هناك حدود للمتعة بين الزوجين مادام انها في ايطار الحلال كلام سنا لعمار اعتبره غبي وهي تستنكف هذا الفعل وتراه شيء لايليق بها بل هي جدا منغلقة حتى رداء النوم تلبس اردية طويلة وكأنها امرأة جاهلة غير متعلمة لاترى انفتاح الدنيا وكم هي اصبحت رغبات الشباب وتطلعهم اعلى من الافق الضيق الذي تمتلكه لكن في مسألة ماريان عديمة الكرامة تلك وزمالتها لعمار فهي محقة تماما لم يحرم الله شيء الا وفيه مصلحة للعباد وهاهي ماريان تتلظى بنيران عشق من طرف واحد لايعلم عنه الطرف الآخر شيء .
ايضا غدي من الشخصيات التي ترفع ضغطي بقوة لاترى في نفسها سوى قوة مطلقة لاتقهر وفي الواقع فأرة مذعورة ينقذها في كل مرة اكمل ومع ذلك تهينه وترفض حبه رغم ان لااحد يستحق الحب سواه وهو ضحى بالشيء الكثير لاجلها والذي لااؤيده طبعا فلايضيع المرء نفسه من اجل حب امرأة لاتستحق كل هذه التضحية

أخيرا اسراء انت قلم مبدع ومتفرد ناقشت امورا ابدا لم تطرق في الروايات من قبل حقا انا سعيدة بالتعرف على هذه الرواية الرائعة دعواتي لك ياغالية بالشفاء اسأل الله ان يمن عليك بالصحة والعافية يارب
أنا مبهورة بجمال التعليق حقيقي يعني مفيش شكر يكفي ليكي سعيدة جدا انك عبرتي عن إعجابك بالجزأين ويارب دايما عند حسن ظنك ♥️♥️♥️
بالنسبة لسنا انتي كلامك صح بس الفكرة أنها من بيئة مقفولة فطبيعي متتجرأش مرة واحدة
أما داليدا فسر تعبها اكتر هو أن رأفت كويس معاها وهي مش قادرة تحبه
نورتيني 🤍😍


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-21, 08:08 PM   #458

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

#تنويه

اعتذار هام الفترة دي أنا شغالة علي بحثين في دراستي والابحاث علمية يعني شغل نظري وعملي ومذاكرة انا مشغولة جدا الأيام دي بسبب اني قربت أناقش الابحاث وكمان متوترة وخايفة ومضغوطة جدا
لذا رجاءا اعذروا عدم انتظامي الفترة دي وإن احتمال ينزل فصل كل أسبوعين
واحتمال لما يتحدد معاد المناقشة بتاعتي عندنا حلين أما نوقف الرواية لحد ما أناقش واما ننزل كل اسبوع جزأ صغير م الفصل
رجاءا اعذروا ظروفي
حبيت افهمكم الوضع قبل الفصل
الفصل كبير ومهم ومستنية رايكم فيه جدا
_______________________

الجزء الأول من الإشراقة السابعة والعشرين

#جلسات_الأربعاء

الجهل رحمة أحياناً
بعض حكم القدر لا تطلب السؤال والبحث وراء طرف الخيط
بحثك خلف المجهول ربما يكدرك
وفي قوله الكريم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ"
اتركها تسير كما هيئها الله فإن كان يريدك أن تفهم لنوَّر بصيرتك
ربما سرية الأمر عنك ماهو إلا رحمة بك
استسلم لأقدار الله مطمئنا ً فهو لن يضيعك

التعامل مع المراهق أشبه بالسير على خيط رفيع فإما أن تجتازه بحذر وإما سينقطع ويسقط بك لذا احترس أنت في حضرة روح بين يديك!

" مرحباً بأبو العروس "
قالها شهاب مبتسماً وهو يجلس جوار راضي بحديقة بيت البرعي فابتسم راضي ببهوت وهو يرد التحية لكنه ظل شارداً
ناظره شهاب بإشفاق بعد أن ألقى نظرة عابرة على أخته الجالسة جواره
راضي وكأنه كبر أعوام منذ ما حدث لياسين
جسده الضخم نحل بشكل ملحوظ وجهه أصبح أشبه بالعظم
ذقنه غير حليقة وزوايا عينيه اتسمت بالحزن
صب كأس من الماء وضعه أمامه قائلاً بحذر :-

" ألن نحل مشكلة ياسين يا راضي فضلا عن السكوت عنها وكأنها لم تكن ؟"
انتاب راضي الغضب فرد بنبرة عنيفة :-
" وهل أنا من أفعل ؟
أمه التي تمعن في دلاله وحين أحاول فقط النطق تبكي متوسلة ألا أفعل ؟"

زفرت هناء بضيق فعاتبها شهاب بعينيه
يعلم أن العلاقة متوترة بينهما منذ ما حدث لياسين
تنهد مستغفراً وهو يقول بهدوء يحاول التعامل مع شخصية زوج أخته :-
"لقد أخطأت حين فضحته أمام أخته وأمه يا راضي "
نظر لهناء وقال :-
" لعلمك هو لا يعلم أنكِ أخبرتينا لو علم لهُدم جسر الثقة بينكم للأبد يا هناء "
أطرقا كل منهم برأسه عابساً فواصل شهاب بتأنيب :-
" وجدته يقوم بشئ خاطئ يا أخي انصحه
إرسل له إشارات تحذير بين البين ليخاف
ضعه على الطريق الصحيح دون أن تظهر له أنك عرفت
أفعل أي شئ وكل شئ إلا أن تفضحه أمامك حتى يا راضي "
لوى راضي فمه متهكماً :-
" تكرر كلامك مرة أخرى هل كنت تريد مني الصمت على ما رأيت "
رفع شهاب حاجبيه قائلاً بنبرة شابها الإنفعال :-
" يا رجل هل قلت لك اصمت
قلت لك نبهه لا أن تضبطه متلبساً"
صمت ثم أردف بقسوة مقصودة :-
" لقد قطعت جسر الثقة بينك وبين ابنك "
انحنى ظهر راضي فنطق بنبرة جامدة بالكاد اتسمت بالضعف أو ليقل بالخوف :-
"حسناً أخبرني ماذا أفعل أنا أب ابتُلي في ابنه أشد البلاء ويريد تربيته ليكون عون لأمه وأخته من بعدي "
ابتسم شهاب وهو يقول :-

أعلم أنك ستظن أني سأتحدث معك بلغة التربية الايجابية وأنك لا تعاقبه وشئ من هذا القبيل لكن يا راضي أنا معترف تماماً أن من أمن العقاب أساء الأدب "

" عجبت لك يا شهاب " قالتها هناء التي لأول مرة تتحدث فابتسم وقال وهو يريح ظهره على المقعد ورائه :-

" نحن تربينا على العقاب الفكرة في الكيف يا هناء
هناك عقاب مثمر كي أبني علاقة بيني وبين ابني "

مط شفتيه وقد تكتف يسأل زوج أخته :-

" ما علاقتك بابنك يا راضي هل تربيه أم تنتقم منه
بلغتك أنت تربيه
بترجمة طريقتك بلغته تنتقم منه "
رفع راضي حاجبيه بعدم رضى فاستبشر شهاب خيراً لأنه لم يجادل وواصل :-
أنت تعلم ابنك وليس تنتقم منه إذا لا تترك نفسك لمشاعر الغضب"
نقل نظراته بينهم ثم قال بتروي :-

" نحن كأباء حين نعاقب يجب أن نفهم كيف
أولاً يكون العقاب مرتبط بالخطأ وعلى مقاسه ليس هيناً وليس متطرفاً
ثانياً أن يكون العقاب مبني على احترام شخص ابنك وليس إهانته فتفسد نفسيته
ثالثا أن يكون طبيعي يا راضي ومعقول وليس قاسي
وأخيراً أن يساعده في التعلم من خطأه "

شعر بالبلاهة على وجههم وكأنهم يصفونه بالجنون بينهم وبين أنفسهم فتنحنح قائلاً :-

" الدين أسهل شئ نتعلم منه فقد ورد عن سيدنا عمر بن عبدالعزيز ينصح أباً ويقول :-
" لا تعاقب وأنت غاضب فاصبر حتى يسكن غضبك ثم أأتي به وعاقبه على قدر ذنبه"

"أعلم أن الإنسان وهو غاضب يكون فاقد نصف عقله وربما راضي يفقده كله "

همستها هناء بينها وبين زوجها فحدجها بنظرة نارية لكنه عاد والتفت لأخيها الذي يقول :-

"طريقتك في العقاب يا راضي ستخرج من ياسين إما شخص عديم الشخصية وهذا نابع أيضاً من دلع هناء له
وإما شخص مفتري يتجبر على خلق الله"

زفر راضي محوقلاً فحوقل شهاب هو الآخر وقال :-
" كلامك القاسي له يا راضي وأنت غاضب درب نفسك ألا تقوله
لأنه يصدقه كله لا يدرك هو نقطة أنه حديث وليد الحُرقة
فهو ينطبع بداخله أنه فاشل وأنه ...إلى أخره من الصفات
كلامنا اللاذع لهم يكسر شخصيتهم "

"حدثه عن ضربه أيضاً يا شهاب فهو قاسي عليه "

قالتها هناء بتخاذل فابتسم شهاب وهو يقول :-

" ياسين كلما أخطأ تخلع حزامك وتضربه وكأنه ارتكب كبيرة هذه ليست طريقة "
كاد راضي أن يعارض فقاطعه شهاب وهو يقول :-
"أعلم ماذا سترد
ستقول هذا ما تربيت عليه
نحن تربينا على بعض الأخطاء يا راضي ما فعله آباؤنا معنا ليس قرأن "
" ليس دائما ما أضربه أحياناً أهجره " قالها راضي بتبرم فابتسم شهاب قائلاً:-
" يا رجل حرام عليك أنت تهجره بالشهر وأكثر حتى أن هنا أخبرتني أن أمها اتبعت نفس السياسة من قبل
تهجره فيشعر بعدم أهميته ويشعر بالدونية
أحب الخصام في العقاب ولكن خصام الرحمة حين لا يطيق ابنك بعادك فيأتي ورائك ليصالحك لأنه لا يتحمل هجرك وليس أن تعوده عليه فيلجأ لطرق أخرى كما حدث "

تغضن وجه راضي فقال شهاب خابطاً كفيه ببعضهما :-

"سأحكي لكم موقف عن النبي صلى الله عليه وسلم
أحدهم أرسل ابنه بعنقود من العنب للنبي فحين وصل كان العنقود أكل نصفه
فسأل النبي الولد :-
" هل أكلته ؟"
فقال الولد :-
" نعم قد فعلت "
صمت شهاب مبتسماً ثم واصل :-
"انظر رحمة النبي حين قال له "أيهدر ؟"
بمعنى يا لئيم قد كشفتك
وكأنه برحمته يوصل له رسالة دون أن تخجله كان لا ينبغى أن تفعل ذلك
وتتناسب مع عمره فلفت نظره "

" كيف حالكم جميعاً "

قالها محمد وهو يقتحم جلستهم و يجلس مجاوراً لشهاب يثرثر معهم في عدة مواضيع حتى نظر لأخته وزوجها قائلاً باهتمام :-

" كيف حال ياسين
عساه يكون بخير "

ابتسمت هناء قائلة بحب :-
" بخير يا حبيبي الحمدلله أتعبناك معنا "
نظر لها محمد بعتاب وهو يقول :-
" لا تقولي هذا إنه ابني "
التقط كوب الماء من أمامه يشرب منه ثم نظر لهم سوياً وقال بتشديد :-
" خذوا حذركم ياسين من الممكن أن يعيد الأمر مرة أخرى بلحظة غضب "
انخلع قلب هناء وهي تخبط على صدرها قائلة :-
" بعيد الشر عنه يا محمد لما تقول ذلك "
تدخل شهاب في الحوار وهو يقول :-
" جيد أنك فتحت الموضوع "
نظر لأخته وزوجها ثم قال بتشديد هو الأخر :-
" معنى أن ياسين حاول الانتحار فهو أمر ليس وليد اللحظة بالأساس يا هناء
ابنكم بالتأكيد يخطط لها منذ زمن "
"منذ زمن ؟"
نطقها راضي برهبة فأومأ شهاب قائلا بأسف :-
" للأسف يا راضي قرار الانتحار ليس قرار غوغائي وليد اللحظة
بل ان ابنك طالما فعلها فهي كانت تطرق بباله دوما لكنه يؤجلها في محاولة لرأب الصدع مع نفسه حتى أصابه اليأس ففعلها
لحظة غضب منك ولحظة اندفاع من ابنك كادت تودي به "

" لكن أيستحق الأمر كل هذا " همستها هناء منتحبة فتدخل محمد في الحوار وهو يقول :-
" كنت دوما أقرأ أثناء تربيتي لولداي وما أتذكره أن المنتحر أشبه بشخص يريد أن يوصل رسالة لأحد
للشخص المتضرر منه بالأخص أو الشخص الفاقد له وكأنه يريد أن يقول أنا هنا فلتروني "

" وهل نراه بعدما يفقد نفسه ؟" سأل راضي ساخراً بألم فأومأ شهاب برأسه وهو يقول :-
"للأسف يا راضي نراه
للأسف ندرك قيمته حينها وهذا جل ما يريده من أخذ قرار الانتحار "

"خذوا حذركم عليه واحتووه حتى تمر هذه المرحلة بسلام بالله عليكم "
قالها محمد برجاء أخوي فأطرق شهاب وهو يستند بمرفقيه على ركبتيه يضم كفيه معاً ثم ينظر لهم باهتمام قائلاً بنبرة رفق حانيه :-

" افهموني بتعقل
ابنك يا هناء يشعر بتفضيلك لزوجك عليه فيغار
عقله الطفولي لا يستطيع أن يفرق بين فكرة الزوج والابن وهذا يعود لعدم حنكتك بتربيته "
"هذا جنون " نطقها راضي بغضب فتنهد شهاب بصبر ثم نظر له وقال متجاهلاً ردة فعله :-
" ابنك يظنك تكرهه
قسوتك عليه .. عنفك معه وشدتك كل هذه الأسباب تمحورت في عقله حول شئ واحد أنك تكرهه وأنك تأخذ أمه منه في كل مرة كنت تعاقبه فيها بالحكر عليها ألا تحدثه "
" رباه "
همستها هناء بحزن وهي تضع كفها على صدرها فناظر محمد زوج أخته والذي يعتبره كأخيه بغيظ وهو يقول :-
"رأسك كالحجر فلتستمع يا رجل مرة دون معارضة "
واصل شهاب حديثه وهو يشرح لهم قائلاً:-
" كل هذه الأسباب تبلورت في عقله بفكرة الانتقام وحين فشل أن ينتقم منكم وجه غضبه ناحية نفسه فغدا يضرها بشتى السبل
غدى يُراكِم الغضب والألم والكراهية شئ فشئ حتى طفحت نفسه الطفولية فازدانت فكرة الانتحار بعقله ونفذها حين حانت الفرصة
شجاركم كان عود الثقاب للأتون المشتعل بالأساس "
" ياسين حين كان عندي استشفيت يأسه من الحياة
فقده العاطفي لكم
فقده العقلي لأن يفهمه أحد
فقده الروحي أن يشعر به أحد ويقدره
بالله عليكم أليس كثيراً على طفل أن يعاني كل ذلك "
قالها محمد فأطرق راضي برأسه بحزن شديد جلب إشفاقهم فتحدث شهاب بحنان:-
" نحن سنتكاتف حتى نخرج به لبر الأمان فقط نريد أن نتعاون
ارحم ابنك يا راضي
كفى وضع شروطاً لحبك له فلا يجب أن يكون حبك مشروط
كفى مقارنة يا هناء بينه وبين زملاؤه
احتووه وارفقوا به
اسمع منه أولاً واتركه يدلي بارائه
اتركوه يرفض ما لا يريد إن كان مشروعاً وإن لم يكن ناقشوه حتى تقنعوه ولا تفرضوا عليه حتى يفيض به
لا تهدده يا راضي فتشعره بعدم الأمان ويلجأ لغيرك
أكثر من احتضانه يا راضي واتركك من اعتقاد أن لا رجل يعانق هذا "
" لا رجل يعانق حقا؟" قالها محمد ساخراً قاصداً أن يبدد غمامة الحزن ثم قال بدعابة وهو يضم شهاب له على الأريكة:-
" احتضنني إذا يا أخي واتركك من هذا الرجل فأنا أشعر بالفراغ "
ضحك شهاب وهو يضمه بحنو رابتاً على كتفه بإجلال وهو يبتسم بأمل لضحكة راضي وابتسامة أخته الحانية..

.......................................

وجودها كالحلم وربما كالنجاة
شئ أشبه بوقوعك في الحزن ثم استلام رسالة حب
باقة ورد
أغنية عشق من شخصك المفضل

فتحت عينيها بضيق على الصوت العالي جوارها لكنها فزعت وهي تنتبه أنه لم يكن سوى صوت سعد ويبدو أنه يحلم بكابوس
صوت عالي مكتوم يثير في النفس الرعب
وكأن أحد يكتفه مكمماً فمه فيصرخ طالباً الرحمة
انحنت عليه تربت على كتفه بحنو هامسة :-

" سعد استيقظ "

الصوت يزداد وهو لا يفعل فقالت بجزع وقد دمعت عينيها :-

" سعد يا حبيبي بالله عليك استيقظ ولا توجع قلبي عليك "

فتح سعد عينيه فهالها أنهم شديدتي الاحمرار مغرورقتان بدموع حبيسة يناظرها بحيرة ومازال لم يستفق بعد
رباه أكان يبكي ؟
" لا توجع قلبي عليك "
همستها مرة أخرى دون شعور فاتسعت عيناه بإدراك لدموعها وهو يحتوي وجهها بكفيه هامساً بنبرة متحشرجة شديدة الحنو :-

" أوجع الله قلبي أنا ولا مس قلبك السوء أبداً"
مالت تلثم باطن كفه هامسة باهتمام :-
" هل كنت تحلم بكابوس ماذا كنت ترى ؟"
لم تشأ أن تعلق عن تلك الدموع التي كانت حبيسة عينيه تتبع حدسها كما العادة معه
نظر سعد في عينيها لثوان ثم همس ببحه تأسر قلبها دوماً:-
" ليت الكابوس دوماً ينتهي على صوت همساتك الشافية يا لب القلب"
يضمها بحنو ثم يواصل بمرارة أوجعت قلبها :-
"أين كنتِ عني وأنا أعافر مع كوابيسي كل ليلة ؟"
رفعت هنا نفسها لاثمة فكه قائلة بعاطفة تسقيها له بلا حساب :-
"أنا أحبك "
طاقة هادرة من الانتشاء تفجرت بين عروقه وهو يعكس الأوضاع بينهم فيصبح هو من يشرف عليها يتأمل ملامحها الحبيبة بتوله
كيف لها أن تحيل كل سواده بياض هكذا من كلمة صغيرة وبسيطة ككلمة (أحبك)
كيف لكلمة كهذه أن تزلزله هكذا
ثارت عليه عواطفه فلم تسعفه الكلمات للتعبير فمال يرتشف أنفاسها ببطء متمهل عل العاطفة تسعفه في التعبير و سرعان ما تحول لجشع عاطفي رهيب ومتطلب
يا الله هو يريد أكثر وأكثر
هو طامع في كل ما تجود به عليه فالنوم بين ذراعيها هو المكان الأكثر أماناً وراحة في العالم
بعد وقت طويل .. طويل أكثر مما يجب حتى كان يقبل عينيها كل واحدة على حدى هامساً بحاجة :-
" أريد أن أخذ شروق الشمس كل يوم من عينيكِ
وحين يأتي الليل يا لب القلب قبليني أسفل النجوم ودثريني بغطاء ذراعيكِ"
ابتسمت هنا بإنهاك تضم نفسها له وأفكارها تسبح بحيرة حول حبيبها !
....................................

يقولون أن جرح الأب له أثر الشعور بالنقص في أقصى بقاع ذكورة الأبناء !
" كيف يبلي ؟"سأل ياسر وائل الجالس أمامه باهتمام فابتسم وائل وهو يقول :-
" أشعر أنه ينحر نفسه بالعمل منذ أن أتى هو لا يفوت فائتة "
هز ياسر رأسه باستحسان ثم قال :-
" لم أصدق نفسي حين أخبرتني بوجوده في المؤسسة يوم الذي أتى فيه "
هز وائل رأسه وهو يقول :-
" أشعر أنه يريد إثبات شئ لأحد وربما لنفسه
لا أعلم هو غامض ولا يتحدث إلا بحدود "
مط ياسر شفتيه بعدم رضا وهو يقول :-
" لم يرضى بالعودة للبيت يستأجر شقة بالعاصمة كالمتسولين "
ابتسم وائل وقال :-
" دعه يفعل من نفسه يا سيد ياسر
لقد نصحتك قبلاً
لا تُسير له حياته فلا أقسى على الأبناء من تسيير حياتهم من قبل آبائهم وكأنهم بيادق متحركة "
تأفف ياسر قائلاً بنزق أبوي :-
" لا أحد يفهم قلب الأب "
ابتسم وائل بحنان ومحبة عميقة يكنها للرجل أمامه وإن امتلك من المساوئ أقساها ثم قال :-
" سيفهم يوما يا سيد ياسر حتماً سيفهم فقط دعه هو من يبحث عنك حتى يلجأ لك بإرادته
ساعده من بعيد "
صمت وائل لثوانٍ ثم قال بتردد وهو يرى في تخبط حسن شئ من نفسه في الماضي :-
" ساعده على إعادة زوجته وبيته إن استطعت "
" تلك الفتاة الغبية "
قالها ياسر بحنق ثم واصل :-
" ليتها تصلح له
إنها أكثر غباءاً منه
ليتني رأيت فيها المرأة التي تشدد عضده وتقويه لكنها متخلفة تماماً يا وائل "
ضحك وائل وعينيه تشعان بالحب لتلك الغاضبة منه بالمنزل ثم قال بهدوء :-
" لكنه يرتاح معها يحبها
كانا يبدوان ثنائي مثالي ببداية عثورنا عليهم كما سمعت
لا أعلم هل هناك فرصة في عودتهم أم لا لكن نصيحة يا سيد ياسر
ابنك لن يجد نفسه سوى مع امرأته "
ناظره ياسر بامتعاض أضحكه ثم غير الموضوع وهو يقول :-
" هل مازال عبدالعزيز المحلاوي يثبر الأغوار لمضاربتنا ؟"
مط وائل شفتيه وهو ينظر بالأوراق أمامه قائلاً:-
"سيادة الوزير لا يكف عن تنزيل الأخبار السيئة بكل المجلات والصحف "
ابتسم ياسر بسخرية وهو يقول بدهاء رجل سوق :-
" الغبي يظن أنه هكذا يضرني لا يعلم أنه يفيدني بكبر أسمي وعلوه أكثر
السوق في قبضة عائلة الجوهري لذا حين يقدر علينا فلجأ للعب على السمعة "
" ماذا تقترح أن نفعل ؟"
مط ياسر شفتيه وهو يقول ساخراً :-
" دعه يلعب لقد أخذت ما أريد بفترة عقد قرانه على الفتاة والمؤتمرات التي حضراها سوياً الأمر لم يعد قابل للشك "
ضحك وائل وهو يهز رأسه من عقلية هذا الرجل ثم قال بإقرار :-
"إذا كنت قاصداً فترة عقد القران الطويلة وكنت وراء كل هذه المؤتمرات والأخبار المنشورة "
شاركه ياسر الضحك وهو يقول :-
" طبعا يا ولد هل تظن أني كنت سأترك شئ لغباء ابني المتخلف "
ضحك وائل يخبط كفيه ببعضهم وهو يقول :-
" أستاذ يا باشا "
.....................................

الحب هوة سحيقة ما إن تنزلق قدميك بداخلها فأنت تسلم لمصيرين لا ثالث لهما
فإما تنغمس بنهرٍ من النعيم وإما أن تنحسر بأرض ملبدة بالألغام
حيلة ابن أدم المثلى منذ بدأ الخليقة هي الضحك على عقل حواء حتى ينال ما يريد
وللمصادفة هنا هو رجل متزوج
نال المتعة وتحكمه شهوة زينها القلب بشرارة الحب
والحب لا يأتي بتقاليد الواجب
الحب يحكمه قانون العطاء
وهي امرأة معطاءة .. دافئة .. توفر له ما يحب كرجل
لكنها مازلت جاهلة عن ما يريد كذكر
منذ فترة وعلاقتهم جامدة يشوبها الحذر وكأنهم يسيران على خيط رفيع
تأسف لها عن ما قال بلحظة غضب فتأسفت هي الأخرى والذنب يتجلى في حروفها حتى أنها أقرت وعداً بعدم التسرع في الحديث مرة أخرى فهو ليس من شيمها
ظاهريا تمت المصالحة لكن جوهرياً هناك ألم بعينيها لا يستسيغه
لا ترفض قربه لكنها لا تبادله وكأنها عادت جاهلة مرة أخرى
حك مؤخرة شعره وهو يتحرك ناحية المطبخ فيمشطها بعينيه قبلاً بإحباط وتوهج
سنا كأنثى ذوقها أنيق جدا لكنها ك امرأة دافئة ذوقها مريع بهذه المنامة التي ترتديها وكأنها ستنام جوار أختها الليلة..
ابتسم بتفكه عازماً على مساعدتها ثم أهمل أفكاره وهو يأتي لها من الخلف محتضناً
يميل لاثماً عنقها بحسية لم تجفل لها مما أصابه بالرضا وهو يهمس بكسل :-
" ماذا تفعلين ؟"
ابتسمت سنا بارتياح وهي تشير له حيث ماكينة القهوة ثم همست :-
" اصنع لنا كوبان من القهوة "
مد عمار كفه يغلق الماكينة ثم همس بنبرة ذات مغزى :-
" لنترك القهوة الأن سنحتاجها فيما بعد "
ثم سحبها من ذراعها حيث غرفة نومهم وجلس جوارها على الفراش قائلاً بصراحة يجيدها حين يريد :-
" أنا أسف يا سنا حقا لم أقصد ما وصل لكِ ومازالتِ تتألمين منه حتى الأن "
لمع ألق الدموع في عينيها وهي تناظره في عتاب ثم همست بإقرار مشوب بلمحة ضعف لا تشبهها :-
" لكنك كنت تقصد يا عمار
دون تجميل أنا كأنثى لا أرضيك "
استنكر عمار قائلاً بضيق :-
" لا تخلطي الأمور يا سنا الأمر ليس له علاقة بأنوثتك
أنا دوماً أتحدث عن طريقتك في التعبير عنها
ربما أتضايق من حيائك
أريدك جريئة معي كأي زوجه مُحبة لكني لم أقل أنكِ لا ترضيني "
صمتت سنا على مضض رغم تورد وجهها من حياؤه ثم همست بجهل :-
"أنا لا أعرف يا عمار
صدقني أنا أحاول لكن طبيعتي تغلبني "
خلل أصابعه في شعرها مقبلاً وجنتها ثم همس بحنان ضمد قلبها قليلاً:-
" دعي نفسك لي ولنحاول سوياً"
" حقا؟" همستها بأمل فغمزها بعبث جعلها تبتسم وقد احتقن وجهها حياءاً وهو يقول بنبرة حسية تجعل روحها تتلوى خجلاً :-
"لنبدأ"
لم تفهم مقصده وهو ينهض ناحية الخزانة يخرج منها كيس ما ثم يقول عاقداً حاجبيه :-
" كل غلالتك المحتشمة يا سنا سأسمح لكِ بارتدائها في أيام أجازاتك الشهرية "
" عمار " همستها بتأنيب لكنه لم يبالي وهو يخرج من الكيس الشئ الذي احتقن له وجهها على حق
غلالة حمراء بلمعة ذهبية شفافة تماماً وقصيرة بدرجة تجعلها تكاد تبكي
رباه ما سر حبه لهذه الملابس
بل بالملابس إن صح القول
يبتسم بسعادة وهو يطلب منها ارتدائها
كادت ترفض لكن لمعة السعادة والحماس بعينيه أخضعت قلبها
هي تحبه
تحب كل ما به
حنانه وجنونه شغفه وحسيته
كل شئ به تحبه ولا تريد أن تخذله فيها أكثر
تريد أن تحاول معه وتكون له المرأة التي يريد
عمار يستحق منها هذا
يكفي حبه لها وخوفه عليها وتلبيته لما تريد
التقطتها وهي تدخل للحمام الملحق بالغرفة مسرعة
وبعد دقائق كانت تقمع الخجل وهي تفتح باب الحمام بحماس هاتفة من خلفه دون أن تخرج:-
" اغمض عينيك "
رد عليها عمار بشقاوة بعد أن ضحك :-
" لن أفعل "
" عمار " نطقتها من بين أسنانها بضيق ولم تكد تتحايل عليه حتى صرخت وهي تجده أمامها يخرجها من الحمام عنوة رغم رفق كفيه على ساعديها
أغمضت عينيها قائلة بنبرة شديدة الحياء :-
"عمار بالله عليك أغمض عينيك سأموت من الخجل "
تأملها عمار بشغف وعينيه تشتعلان بعصف الحاجة فهمس بإلحاح حنون مسها :-
" افتحي عينيكِ يا سنا "
نبرته العميقة المثخنة بالعاطفة جعلتها تفتح عينيها طواعية
تناظره بتردد مبتسمة بخجل وثقتها تعزز من نظرة عينيه حتى همسته الحميمية بأذنها لم تجفل لها كالعادة
تقبلت عاطفته الحارة التي غيبها بها وبدأت بنزع عباءة الجهل محاولة مجاراته في التعلم وهي تبادله لأول مرة بنفس الشغف والعمق حتى حلقا سويا لأعالى عاطفة الحب...

..............................

التسليم لهوى النفس أحياناً يكون كعقد إلزامي لبيع الكرامة !
ماذا تفعل هنا بحق الله ؟
منذ ساعتين وهي تجلس في السيارة الأجرة أمام العمارة التي يقطن فيها مع عروسه
هي لهذه اللحظة لا تصدق أن رأفت أصبح لغيرها
رأفت حبيبها هي أصبح لغيرها
تنتحب بقهر وهي تنظر لتجاعيد كفيها وكأنها ترى بين خطوطهم خطوط عمرها وشبابها معه
بما قصرت بحق الله ؟
لقد أفنت حياتها كلها له
هي حتى لم تفكر بنفسها لقد كان كل تفكيرها منصباً فيما يريده وما يحتاجه
أسابيع وهي تغلق على نفسها في غرفتها تحاول أن تقحم بعقلها أمر طلاقها منه
تحاول أن تقنع نفسها أنها لم تعد له
تستيقظ ليلاً فتجد فراشها بارداً من دفئه
وسادتها خالية من رأسه
تظهر لوالدها وابنائها بخير لكنها أبعد ما يكون عنه
لقد انكسرت شر كسرة
ليس أصعب على امرأة مُحبة من صفعة زوجها لها بالخيانة
رأفت لم يصفعها قط لقد قتلها وعراها أمام نفسها ثم ألقاها ككم مهمل وذهب
أسابيع وهي تبحث وراء الفتاة حتى توصلت لإحدى صديقاتها لكن الفتاة مسافرة
من شدة جنونها ذهبت لبلدتها تسأل عنها لكنها لم تتوصل لشئ
أحياناً ينتابها الجنون فتريد الذهاب إليها وقتلها
حتى من نوبات جنونها هي زيارتها اليوم
التفتت بغتة غير عابئة بالسائق الذي يسأل إن كانت بخير أم لا
ومن أين يأتي الخير ؟
عينيها تكادان تخرجان من محجريهما وهي ترى سيارته تصطف بالرصيف المقابل
يخرج منها ثم يلتف ويفتح الباب لغريمتها ومن ستكون غيرها
يفتح لها الباب ؟
منذ متى ولم يفعل هذه الحركة لها ؟
تناظرها فتنكوي بنار الغيرة وهي تتأمل قدها الأنثوي بإغراء
كانت أنثى جميلة ترتدي ثياب راقية إلى حد ما وتعقص شعر طويل مميز برابطة ملونة
لكن ما حرقها هو ذراعه الملتف حول خصرها وهم يتجهان ناحية المبنى
ذراعه الملتف حول خصر غريمتها كان كأساور من جحيم تلتف حول رقبتها فتخنقها
الدقائق تمر ولم ينزل
إنه نفس التوقيت الذي كان ينزل به للعمل فلما لم ينزل الأن
وغيرة الأنثى تصدح مفسرة ما يحدث على هوى نيرانها
تراه بعين خيالها غارقاً في عاطفة نهمة تشتاق لها منذ زمن لكن مع غيرها
هو بحضن غيرها الأن متولهاً بين حنايا أنوثة شابة عوضاً عن أنوثتها التي نضبت
الوجع يشتد في صدرها فتضع كفها عليه وكأنها تختنق
الصور المتلاحقة أمام عينيها تقتلها وتشعل جنونها
رأفت بحنانه وعاطفته الشغوفة الأن مع أخرى غيرها
الوقت يمر والنار تجري في أعصابها مجرى الدم في العروق حتى هب النسيم مخففاً النذر اليسير برؤيته له ينزل أخيرا يركب سيارته ويذهب ودون أن تفكر كانت تنزل من السيارة متجهة إلى المبنى بعزم
قبل دقائق شقة داليدا ..
أغلقت الهاتف مع مديرها دون أن تنتبه للابتسامة التي غافلتها
ابتسامة لم تقع فيها منذ زمن طويل
تحركت متنهدة بتعب وهي تقف أمام المرأة تمشط شعرها الرطب
شعرها الذي عنفها أشد تعنيف على قصه دون الرجوع له لكنها لم تهتم وهي تبرر له تبرير بالي حتى يصمت
انحنت تفتح الدرج تخرج منه نصف شعرها الذي ربطته برابطة
ابتسمت بحزن وهي تتذكر تحايل فيروز عليها أن تلصقه لها بشعرها
ضمته بشده وكأنها تضم رائحة أمها ثم استلت هاتفها تتابع أمر تواصلها مع مشفى السرطان فهي انتوت أن تتبرع به لهم
شئ أخر ربما يكفر ذنبها قليلاً
شئ ربما يودع روحها الميتة الخلاص
صوت جرس الباب المتواصل جعلها تسرع بوضعه ثم الخروج من غرفتها وهي تنزل مسرعة تتسائل في نفسها إن كان قد نسى شئ لكنها فور أن فتحت الباب تسمرت بحيرة عاقدة حاجبيها بتساؤل
امرأة جميلة ربما في العقد الخامس من عمرها لكنها تبدو أقل من هذا شكلا بكثيراً خاصة بملابسها العصرية
فقط ما يثير الريبة هو نظرتها لها
نظرة كشفرة سكين حتى أنها لا تبالغ لو قالت أنها شعرت باختراقها
وأمامها كانت نجلاء تتأملها من رأسها لأخمص قدميها وكأنها لا تصدق
شعورها الآن وهي أمام غريمتها أشبه بالصدمة الكهربائية التي يسلطونها على المجانين ليفيقوا من جنونهم لكنها لا تفعل بل تزيدهم جنوناً
اقتربت نجلاء وقد تحولت نظرتها لأخرى مهينة جعلت داليدا تسألها بنبرة هشة وكأنها تخشى الإجابة :-
" من حضرتك ؟"
تجاهلت نجلاء الرد على سؤالها وهي ترميها بنظرة شديدة الإزدراء قائلة :-
"أنتِ العروس أليس كذلك ؟"
دفعتها بوقاحة ثم دخلت تجوب الشقة بعينيها وعادت لها مرة أخرى قائلة بتقرف :-
" لست مندهشة الأن
أواكِ من الحظائر لينظفك فيجعلك ابنة المدينة "
طفرت الدموع من عيني داليدا وهي تقول بنبرة شديدة الإباء رغم الذنب الذي ينهش صدرها وقد عرفت بحدسها من تكون :-
" لا داعي للإهانة يا هانم فأنتِ ببيتي "
أصدرت نجلاء صوتاً مستنكراً وهي تلوي شفتيها قائلة :-
"بيتك ؟
هل تصدقين نفسك ؟
أنه خير كفاحي معه وحق أولادي "
تتكتف ثم تقترب منها قائلة بنفس النبرة :-
" هل تظنين حقاً أنكِ زوجته يا بنت ؟
ما أنتِ إلا جسد جلبه لمتعته بعقد شرعي "
شهقت داليدا شهقة مكتومة كمن داس أحدهم على موضع جرحه وبعين ذنبها لا تستطيع الرفض
فلتنغمس بالإهانة والإذلال إن كان تكفيراً لذنبها
عينا نجلاء لمعتا بالكراهية كشخص بداخله قوة الشر في نفسه تحركه ثم قالت بنبرة أثارت الرهبة في نفس داليدا :-
"فقط أتيت أنبهك أن تتمتعي بأيامك القليلة معه جيداً
أنتِ لم تري انتقام امرأة عاشقة كيف يكون
قد تتسائلين عن سبب زيارتي التي لا ترتقي لها
لكن تأكدي أن ما ذقته من حرقة ستنالين أضعافه "
ارتجفت داليدا والنبرة المهينة تجلدها أكثر :-
" وقحة .. وضيعة و"
لم تكد داليدا تنتفض ثائرة لترد عليها حتى كان صوت أخر جمد الاثنين
لم يكون سوى صوته القاسي وهو يقول :-
" نجلاء
حذاري يا نجلاء "
لمعت الدموع الحبيسة في عيني نجلاء وهي تصطدم بعينيه الرادعتين لها وصوته المهين يقول :-
" حذاري أن تهيني زوجتي في بيتها
لن أحاسبك عن زيارتك بالأساس وسأعزيها كالعادة لجنونك وعدم مسؤوليتك "
يقترب واضعاً ذراعه على كتف داليدا ثم يواصل :-
" لكن عندها ولن اسمح لكِ"
يصمت ثواني ثم ينظر بجانب عينه للخارج قائلاً بقسوة أردتها قتيلة وجعلت العالم في عينيها بلون السواد :-
" اذهبي من هنا "
...............................
يتبع


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-21, 08:09 PM   #459

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الجزء الثاني من الإشراقة السابعة والعشرين

خلقت الروح قارورة وما كانت القارورة سوى أنثى

" شهاب ..شهاب
أنت يا دكتور ..أنت يا سيد يا مبجل "
تحركت رنا في الشقة متجهة حيث غرفة مكتبه وهي تحمل حمزة بين ذراعيها
فتحت الباب ودخلت عليه فوجدته ينظر لها بغيظ
كشرت بوجهها وهي تقترب منه قائلة بانفعال أنثوي :-
" ماذا تفعل من ورائي ؟"
"رنا تعلمين جيداً لا أحب المقاطعة أثناء عملي " قالها شهاب ببعض الضيق لكنها لم ترتدع وهي تقترب منه قائلة:-
" لا تبدل الموضوع وأخبرني "
أغلق شهاب حاسوبه خالعاً نظارته يدعك بين عينيه قائلاً بإرهاق :-
" بما أخبرك يا مزعجة "
مطت شفتيها قائلة بإلحاح أنثوي :-
" ما هي المفاجئة التي أعلنتها صفحة المركز منذ قليل
وما هذا اللوجو على هيئة قرص شمس والمذيل بجملة ترقبوا المفاجئة "
فتح شهاب عينيه قائلا بتفاجؤ :-
" هل انزلوه اليوم ؟
لقد أخبرتهم أن يفعلو غدا "
جزت رنا على أسنانها قائلة بضيق :-
" شهاب ركز معي فيما أقول "
ناظرها بنصف عين وهو يقول :-
"أنتِ لن تتركيني للعمل صحيح
أفقد الأمل ؟"
أومأت رنا برأسها مبستمة ببرود فنهض من مكانه يتناول منها الصغير الذي يعضعض أصابعه يميل مغرقاً وجهه بالقبلات وهو يخرج معها من الغرفة ثم قال بفخر وكبر مصطنع :-
" هذا الولد سيرثني "
وضعت يدها في خصرها وهي تقول بغنج :-
" بالتأكيد سيرثك في حب أمه "
لوت شفتيها وواصلت :-
" فضلاً عن الخائنتين المتولهتين بك "
ضحك شهاب عالياً وهو يجاورها على الأريكة بالصالة ومازال يهدهد حمزة بين ذراعيه حتى نام فهمست بعتاب :-
" منذ متى يكون في جديد بعملك وأكون آخر من يعلم "
" لكنكِ تعلمين "
قطبت رنا وهي تقول :-
"أعلم ماذا أنا لم أفهم شئ من الإعلان "
ابتسم شهاب وهو يقول عاتباً :-
" يا جاحدة لقد كنتِ أول من ناقشت الفكرة معه الأمر أني لم أصل للاسم سوى بالأمس
وبالأمس أتيت متأخراً "
تحولت ابتسامته لشئ أخر عبثي جميل وهو يقول :-
" وجدت قمراً كنت مشتاقاً له في انتظاري فكيف اتذكر ؟"
ابتسمت رنا بخجل ثم سرعان ما لمعت عينيها بالإدارك وهي تهلل قائلة بفرح :-
" لا تقل هل أخيراً أخذت خطوة المركز الجديد ؟"
أومأ شهاب برأسه سعيداً ثم قال شارحاً :-
" كما تعلمي منذ أن عدت من العمرة وأنا انتويت على المضي قدماً في هذا المركز وبالأخص أن جزء كبير منه سيكون مخصص لضحايا التحرش والبيدوفيليا حتى يتم معالجتهم وخروجهم لمواجهة الحياة مرة أخرى
وهذه الخدمات ستقدم مجانية لكل من لا يقدر عن طريق إحصائية سنقوم بها لكل مريض دون تعريض أهله للاحراج "
لمعت عينيها بالحب قائلة :-
" بارك الله فيك وبارك لي بك يا شهاب "
تناول شهاب كفها يقبل ظاهره فسألته باهتمام :-
" وما هذا اللوجو ؟"
"إنه مبدئي
اللوجو الأصلي سنعلن عنه مع الافتتاح "
أخرج هاتفه ثم فتحه على اللوجو الأصلي لتراه
قطبت رنا وهي ترى قرص من الشمس بداخله عينان وكأنهما تبتسمان بإشراق فسألت بعدم فهم :-
" لم أفهم بما يعبر هذا "
ابتسم شهاب وهو يقول بحماس :-
" وأشرقت الشمس بعينيها "
" هل هذا هو الاسم الذي استقريت عليه ؟"
أومأ شهاب برأسه وهو يشعر بالسعادة من قرب تحقيق حلمه فسألته رنا بفضول وفرحة :-
" لكن هل خدمات المركز ستكون للنساء فقط ؟"
هز شهاب رأسه نفياً ثم قال :-
"التأنيث هنا معنويا وليس مقصوداً
فكرة المركز هي ترميم الأرواح المكسورة وإعادة بنائها من جديد "
شرق حمزة فعدل من وضعيته وهو يربت على ظهره بحنو حتى اطمأن عليه ثم اعتدل في جلسته وهو يواصل شرحه لها قائلاً:-
" الإنسان بلا روح يا رنا كالنهار بلا شمس وكالليل المعتم بلا قمر
ومن هنا أتتني الفكرة وهي أخذ كلمة الروح التي تسكن الجسد على أنها مؤنث
وجدت جواز التذكير والتأنيث معها فاخترت التأنيث لأن الروح هشة تحتاج من يأويها كالأنثى تماماً
ثم تأكدت في بحثي حين وجدت اجماع البعض أن الروح التي تسكن الجسد مؤنثة فاتخذت قراري ليكون الاسم هو
وأشرقت الشمس بعينيها "
..................................

للعشق أنواع
أثقلها هو المخدر
ذاك الذي تقبل عليه مغيباً ولا تنفك عنه سوى منغمساً في إدمانه !
تقف أمام المرأة بغرفتها في الفندق تصفف شعرها بعد أن تحممت وأدت صلاة الصبح التي فاتتها
بعد أن انتهت من شعرها شرعت في اختيار قلم من الكحل تخط به عينيها وما لبثت أن تفعل حتى توقفت يدها وهي تتذكر همسته بالأمس وهو يمرر إصبعه أسفل عينيها
" عيناكِ خلابتين بجمالهم خائنتين بصراحتهم وهم يوشيان بكِ لي
صافيتين كوجه بحيرة تساقط بها الندى يزينها على بكرة صباح مشمس "
شتمت بعنف وهي ترمي قلم الكحل ثم تتحرك في الغرفة كاللبؤة الحبيسة
هذا الوغد ينصب شباكه حولها ويظنها ستقع !
ألا يكفي ما فعله ليلة زفافهم ؟
عضت قبضتها بغيظ لا تعرف كيف تصف شعورها
المشكلة أنه لم يهين أنوثتها
هو صحيح تركها وحين أرادت أن تغضب لأنوثتها لم تجد إلا عزة لها
لقد كان منغمساً في عاطفته تماماً
لقد كان مثخناً بحرارة العاطفة العاصفة وهو يضمها له حتى أنه كاد أن ...
كاد ماذا يا غدي ؟
كاد ماذا يا حمقاء ؟
كاد أن يسيطر عليكِ ويجعلك تسلمين له ؟
ماذا تقول ؟
بما تصف ؟
الأمر أشبه باقترابك من اللهب واثقاً أنك لن تحترق ثم بغتة تجد النيران نشبت بك
من يومها وحتى بعد عودتهم للشقة وهو لا يدخل حدود غرفتهم أبداً
ربما يمارس وقاحته بالخارج عنوة لكنه لا يتمادى
لم ترى رجل بهذه السيطرة المغيظة
وللعجيب وللمستفز أنه بكل نظرة ولمسة يجعل أنوثتها تحلق في أعالي الزهو
عدم اقترابه أكثر يجعل روحها الخائنة كأتون مشتعل
مزيج من الراحة والترقب
راحة نابعة من امتثاله لما تريد وترقب للمزيد مما قد يخرج منه
ترقب لهذا الإحساس الفريد الذي يمرره لها دون أدنى مجهود منه
تبا له
همست من بين أسنانها وروحها المجنونة تعود للاشتعال مرة أخرى فتخرج من الغرفة باحثة عنه
تحركت في الشقة الواسعة بحيرة حتى تدلى فكها وهي تراه متخففاً من ملابسه شبه نائم على الأرض يلعب تلك الرياضة المعروفة بالضغط
ظلت واقفة لدقائق وعينيها تنتقل منه للساعة على الجدار
ما كل هذة الدقائق ؟
ألا يتعب هذا الوغد ؟
بالله إنها لا تتحمل في هذه الرياضة نصف دقيقة حتى
ومن خضم أفكارها صرخت بفزع وهي تراه واقفاً أمامها يكاد يلتصق بها
رماها أكمل بنظرة سريعة متوهجة وهو يلحظ المنامة التي ترتديها
منامة من قطعتين
سروال باللون الرصاصي واسع لكنه يضيق في الأماكن الصحيحة تماماً
وبلوزة باللون الأسمر بأكمام تحتضن فتنتها على نحو مثير
ذوق الأستاذة في الملابس المحتشمة في البيت يناسبه تماماً
ابتسم بسخرية منها
الأستاذة تظن أنه رجل يجب إغلاق الملابس أمامه حتى لا تخونه عيناه مثلاً
لا تعرف أنه رجل المفاتيح للأبواب المغلقة بالأساس
" أليس عيباً أن تتلصصِ على رجل وهو يمارس رياضته الخاصة "
أصدر طقطقة بلسانه ثم واصل بإرباك :-
"لم أتوقعها منكِ "
احمرار طفيف أصاب وجنتيها لكنها لم تخضع لخجلها وهي تقول بتوبيخ :-
" يكفي خفة ظل "
مطت شفتيها المغرييتين لعينيه ثم عادت تقول بفضول أنثوي ينعشه رغم رنة الحنق فيه :-
"أخبرني فقط كيف تستغرق كل هذا الوقت في الضغط دون أن تتعب "
ابتسم أكمل بغرور ثم قال وهو يناوشها بحركته فأصبح هو مكانها وهي مكانه
:-
" لا لم أعهدك حقودة بهذا القدر
امسكي الخشب بدلاً من أن يقولو العروس حسدت العريس"
يميل قليلاً غامزاً وهو يهمس بتواقح :-
" ووقتها تفكيرهم لن يكون برئ بالمرة "
زمت غدي شفتيها وهي تريد أن تتجاوزه لكنه لم يمكنها وهو يهمس بنفس النبرة الساخرة :-
" أين أين ؟
ما رأيك أن تنامين على ظهري وأجرب هذه المرة اللعب مع رفع ثقلك "
تخضبت وجنتيها بحمرة راقته حد الجنون وقد ارتسم على وجهها الجنون وهي تقول من بين أسنانها :-
" اخجل من نفسك "
حك أكمل ذقنه قائلاً :-
" الخجل كلمة عيب أن تقترن بأكمل البدوي يبدو أنكِ تخافين أن اكتشف ثقل وزنك "
أصدرت همهمة مستنكرة وهي تتحرك بخيلاء قائلة بغنج لم تقصده تماماً:-
" بل وزني مثالي يا هذا أنت فقط صاحب الأفكار الوقحة "
عض أكمل جانب شفته وهو يغمض عينيه نصف إغماضه ليتبين تفاصيلها على نحو أدق ثم يحرك رأسه بميل غامزاً وهو يهمس بإقرار منعدم الحياء :-
" بطل .. بطل "
تأففت كابحة ابتسامة غبية كادت أن تفلت منها لا تعلم أنه قرأها بعينيها فتحرك مبتعداً وهو يزفر نفساً ساخناً لكنها أوقفته بنبرتها العالية وهي تقول بنبرة منتبهة:-

" انتظر ما هذا الذي على ظهرك ؟"
توقف أكمل يلتفت لها قاطبا وهو يسأل :-
" ماذا ؟"
ثم يعود ويسخر :-
" هل تريدين التحرش بي ؟"
لم تلتفت له وهي وترتفع على أطراف أصابعها تريد أن ترى دون أن تلمسه حتى قالت بضيق حين لم يفلح معها :-
" هل هناك وشم ؟"
تجلت ملامح الإدراك على وجه أكمل والتي سرعان ما تحولت لشئ أخر مزيج من عنف المشاعر وصخبها حتى أنه همس باهتزاز :-
" نعم "
عادت ونظرت مرة أخرى للجملة المكتوبة باللغة الانجليزية بخط متشابك غير مفهوم في المنطقة الواصلة بين الرقبة والكتف
كيف لم تراه قبلا؟
تكدرت ملامحها وهي تقول بضيق :-
" ألا تعرف أن الوشم حرام ويبطل الصلاة؟ "
حك أكمل مؤخرة رقبته ثم تركها وذهب غاضباً دون أن يرد عليها
لقد أشعلت عفاريته وانتهى الأمر
دخل المطبخ ولم تدخل وراءه وهي تسمع صوت تحركاته العنيفة التي يتضح منها الغضب وهو يصنع قهوته
وبالداخل كاد أن يلقى بالكوب الفارغ منفثاً عن غضبه لكنه هدأ من نفسه هامساً بغموض:-
"اهدأ يا أكمل أنت تعرف أن مشوارك معها ليس بالهين
اهدأ حتى تحكم شبكتك حولها كما تريد ووقتها لن تطالب هي بالخلاص "
عاد واستند للطاولة أمامه وهو يتذكر اليوم الذي كتب فيه هذه الجملة منذ سنوات
عاد ورفع عيناه يراقب خيالها المبتعد بعينين غائمتين هامساً من بين أسنانه بقسوة :-
" منذ أن وقعت عيناي عليكِ أخبرني قلبي أنكِ لي
وهي نفس اللحظة التي وجدت فيها قلبي مرة أخرى
لذا احلمي يا غدي أن اتركك أو اخضع لغبائك "

ليلاً...
تجلس أمام التلفاز بالردهة تتناول المقرمشات بغيظ
منذ ما حدث في الصباح وهو لم يخرج من غرفته
حتى الغداء طلبه من الخارج وحين ظنته سيتناوله معها وجدته يحاسب عامل التوصيل ثم يتركه لها على الطاولة دون أن يمسه
ماذا يفعل بغرفته طوال اليوم تكاد أن تكلم نفسها من شدة الملل
واذكر القط يظهر
يظهر مشعث الشعر بجاذبية مهلكة زادت ثورة جنونها وهو يقترب منها ويبدو جلياً أنه لتوه استيقظ من أثر الوسادة على وجهه
اقترب حتى جلس جوارها وقبل أن تتحرك كان يفرد ظهره على الأريكة متوسداً فخذها برأسه
" ماذا تفعل ؟"
قالتها بحنق مذبذب لكنه لم يرد عليها وهو يعدل من وضعيته دافناً رأسه في وضعية جلوسها ثم يهمس ببرود :-
" شششششش
أنا مصاب بالصداع وأنتِ لم تجربي غضبي أبداً في وقته فلا تحاولي
كفى ثرثرة واتركيني أنام "
همست غدي بنبرة خفيضة وكأنها امتثلت لرغبته في عدم الازعاج :-
"نم على وسادتك "
" ليست طرية وناعمة برائحة مثيرة كالجحيم مثلك "
همسها ببساطة غير عابئاً بفقدها للنطق وقد سقط بالفعل في النوم مرة أخرى
أسقطت غدي ما في يدها وهي تتنهد بإحباط وقد أرجعت رأسها للوراء تشعر بتعب شديد من كم الإرباك الذي تحيا به
لقد تعبت منه
لما يتعمد الاقتراب منها بكل طريقة حميمة ودافئة
لم يفعل شئ يصيبها بالنفور حتى تصب غضبها عليه
كل ما يفعله يجعلها تنساق ولا تعرف متى أو أين ستوقف نفسها
ربما فضول الأنثى ما يدفعها ؟
وهو نفسه الفضول الذي جعلها تتأمل وجهه النائم
يبدو مرتاح البال صافي الوجه وكأنه لا يحمل للدنيا هم
" البارد وماذا سيحمل "
همستها بينها وبين نفسها ثم فجأة أضاء عقلها بالفضول بما جعلها تفكر كيف تدير رقبته للناحية الأخرى حتى ترى تلك الحروف المكتوبة لتعرف ماهي
تأففت بغيظ فهو نام كالدب لم يرمش أو يتحرك حتى
أيظنها الوسادة التي جلبتها له والدته
عضت شفتها ترمقه بحذر وهي تشجع نفسها أنه طالما هكذا لن يشعر بشئ إن حركت رأسه
احتوت رأسه بين كفيها ثم توقفت لثوان ترى إن كان سيستيقظ أم لا وحين وجدت انتظام أنفاسه اطمأنت وهي تبدأ في تحريك رقبته للناحية الأخرى
ولم تكد تفعل حتى صرخت بفزع وهي تجد نفسها محمولة لمدة ثانية في الهواء ثم انقلبت على ظهرها وهو يعلوها هامساً بعبث :-
" حذاري واللعب مع بن البدوي يا أستاذة "
ناظرته بأنفاس هاربة لثوانٍ وكأنها تتأكد مما حدث للتو ثم صرخت بانفعال :-
" بالله عليك كيف استيقظت ألم تكن لتوك تغط في النوم كالدب "
ضحك أكمل ضحكة صافية تخلب الأنفاس ثم عاد وغمزها قائلاً:-
"أنام و عقلي مستيقظ "
يهز رأسه بهزلية ثم يقترب منها ببطء وتمهل هامساً بنعومة وحرارة :-
" وهل من ينعم بدفئك جوار أنفاسه ينام ؟"
صدته بكفيها ففزعت لهدير قلبه المقابل لهم مما جعلها تعيدهم لصدرها مرة أخرى هامسة وقد علقت عينيها في شباك عينيه :-
" ابتعد يا أكمل "
لكنه لن يفعل
ليس وهي بكل هذه النعومة والدفء بين ذراعيه
ليس وهي بهذه الوضعية وهذه النظرة التي تشي له بالرغبة وإن كانت لا تفهم أبعادها
بطله الشرس برئ وإن انكر !
استولى على الأنفاس حتى غدا عناق حميم تشاركت فيه العيون الإغلاق حتى تحلق في أعالي سماوات الاتحاد
الكمال
ما يشعر به لا يمكن وصفه بأقل من الكمال
يريد طبعها على صدره حتى تتلاشى فيه
يريد المزيد بدرجة عنيفة جشعة المشاعر ربما لن تفهمها الأن لذا فصل نفسه عنها بشق الأنفس يزفر نفساً مشحوناً مثقلاً بالعاطفة ثم يهمس ببراءة بعد أن اعتدل في جلسته :-
" صباح الخير يا بطل "
خير ؟
ومن أين يأتي الخير
اعتدلت بغيظ تعدل من هندامها قائلة بحنق لذيذ وكأنها تهمش ما حدث تماماً :-
" صباح الخير في الحادية عشر ليلاً؟"
"ألم استيقظ لتوي إذا هو صباح "
اسدلت شعرها حتى غطى وجهها وكأنها بهذا ستحجب نفسها عن عينيه عديمتي الحياة تفكر في أي شيئ قد يكون سبباً في هروبها لغرفتها :-
" متى سنذهب لشقتنا
لما نحن في هذه الشقة ولما أخبرت أهلي أننا بشهر العسل ونحن لم نسافر بالأساس "
تحرك أكمل من مكانه وقد تجلى على وجهه الغموض وهو يقول :-
" سنذهب أكيد فقط فترة قصيرة هنا ونذهب "
رفعت وجهها الشهي له قائلة بغيظ :-
" لكننا لم نسافر فما فائدة هذه الحبسة "
رسم البراءة على وجهه وهو يقول :-
" حين أتذوق العسل وانغمس به سنسافر عاماً وليس شهراً واحداً"
.................................

أحياناً نضطر للكذب على أنفسنا أن كل شئ بخير حتى نوفر لضجيج قلوبنا شئ من الراحة الوهمية !

تحركت أم عمر بقلق تريد الدخول له بالغرفة فهو منذ أن ذهب لبلدة سنابل
يذهب للعمل في بكرة الصباح ثم يأتي ليلاً عمداً إلى غرفته بعد إلقاء سلام خافت ولا يخرج منها حتى طعامه تدخله له بها وبالكاد يمسه
استغفرت وهي تطل من الشرفة تتأمل سماء بكرة الصباح وهي تدعو الله أن يلهمها الصواب
قبل كل شئ هو ابنها
هي تحب سنابل بل تحبها جدا وكأنها قطعة من قلبها
لكن عمر ؟
عمر ابنها الوحيد
هو الروح والقلب والأنفاس
وهي بالأخير أم
وقبل كل شئ الأم أنانية فيما يخص أبنائها
قلبها كان يريد له الأفضل في كل شئ
كانت تريد له عروس تحبه
عروس تدرك معدنه الأصيل .. تدرك قلبه الحنون الذي يخفيه بخشونته
عروس بكر تعزز فخره برجولته
تعود وتستغفر وهي تفرك كفيها ببعضهم من أفكار الشيطان المسلطة عليها
هي لا تستقل بالفتاة بل تتمنى لها أفضل الرجال ولا أفضل من ابنها
لكنها لا تحبه
دمعت عيناها وهي تدرك ما أخبرها به رشاد
عمر يحب سنابل
ابنها يحب الفتاة
كيف لم تنتبه له ؟
ابنها يعاني وربما كانت سببا في معاناته وهي تضغط عليه
حبه لها يحزنها فليس أقسى على رجولته أكثر من أن يكون متعلق بامرأة كانت لرجل قبله
ابنها برأس تيس وتعرفه
كيف ستحلها ؟
هل من أمل أن تحبه الفتاة وتعوضه بحبها عن ما يريده أي رجل في امرأته ؟
التفتت شاهقة لصوته ملقياً عليها تحية الصباح فتأملته بإشفاق
شعره الناعم مشعث فوق رأسه
عيناه حمراوتان إثر الإرهاق و غائرتان إثر القلق
ذقنه نابته وتحتاج للحلاقة
لا يبدو أبداً عريس سيتم عقد قرانه بعد يومين
اقتربت تضع كفيها على صدره قائلة بحنان :-
" صباحك معطر برضا الله يا قلب أمك "
ابتسم عمر مقبلاً رأسها بحنان وهو يسألها باهتمام حاني :-
" ما بكِ يا أم عمر لما تقفين في الشرفة بهذه الساعة ؟"
ابتسمت بصفاء تداري قلقها وهي تقول ببشاشة مغيرة الموضوع :-
" من زمن لم نفطر سوياً في الشرفة ما رأيك أن أعد لنا الإفطار "
لمحت الرفض في عينيه فواصلت بنبرة تبدو عادية :-
" سنابل لتوها نامت بعد صلاة الفجر ولا أجد من يفطر معي "
قبل رأسها مرة أخرى وهو يقول بموافقة:-
" وهل أطول يا أم عمر ؟"
بعد نصف ساعة كان يجاورها في الشرفة بعد أن صلى الصبح فقد فاته الفجر وبدأ في تناول طعامه صامتاً بينما هي القلق يأكلها حتى همست بتردد :-
"عمر يا ابني أريد سؤالك عن شئ "
التفت لها باهتمام قائلا:-
"اسألي يا أمي "
وضعت لقمتها على حافة الصحن ثم ربتت على كتفه وهي تقول :-
" هل أنت مقتنع بما تفعل يا عمر ؟"
اختلجت عضلة فكه فضبطها بحزم مبتلعاً ريقه بصعوبة ثم همس بتهكم :-
" وهل هناك حل أخر ؟
هل تريدين مني التراجع يا أم عمر ؟"
هزت رأسها نفياً قائلة بنبرة كمن ينفض عن نفسه تهمة :-
" لا يا ابني لا أقصد والله أنا فقط اطمأن "
هز رأسه دون أن يرد فكادت تصارحه متسائلة عن حبه للفتاة لكنها تراجعت
ابنها لا يستحق أن تحني هامته هكذا
طالما لا يفصح عن الأمر فهو يخشى على كبريائه
عمر يلوم نفسه على وقوعه في حب الفتاة
هذا غير حرقته كرجل والتي لا تلومه عليها لكنها أيضاً تخاف على الفتاة لذا نحت عواطفها الأمومية جانباً
ابنها رجل ويجب أن يتحمل قراراته
عمر لم يكن يأخذ قراراً مصيرياً كهذا دون أن يكون بأعمق أعماقه يريد
إذا فليتحمل
هي لن تتركه لشيطانه يظلم فتاة مسكينة كسنابل
لذا استغفرت ثم قالت بحزم :-
"إذا أنت تعرف قدر المسؤولية التي أنت داخل عليها "
التفت لها عمر بحيرة فقالت بنفس النبرة :-
" أنت مقبل على زواج وحمداً لله أن شقتك بالأعلى جاهزة "
ابتسمت ثم قالت ساخرة :-
"أظنها ضريبة الطلاقين أتت بالنفع "
" ماذا تقصدين ؟"
"أقصد أن سنابل كأي عروس من حقها أن الشقة بالأعلى لها
كما أني سأنزل لأشتري لها ما تريد كأي عروس "
قطب عمر بذهول قائلاً بحدة :-
" هل تظنين أن شئ سيختلف بعد أن نعقد القران ؟
هل تظنين أني سأصعد معها للأعلى كأي عروس وعريس ليلة زفافهم"
انحنت زاوية شفتاه بسخرية وواصل :-
" مخطئة يا أمي
العقد ما هو إلا ورقة لحمايتها وخروجنا من المأزق
أما عن العروس فلا تحتاج لليلة زفاف "
" اخرس "
نطقتها أمه بحدة أجفل لها وهو يناظرها بغضب وقد احمرت أذنيه انفعالاً قائلاً باعتراض :-
"أمي "
لم تبالي له وهي تهب واقفة تناظره بامتعاض قائلة :-
" ليس رجل من يعتمد على كاهلة شئ ثم يعود ويمن على صاحبه بفعلته "
ناظرها عمر بذهول فلم ترتدع وهي تقول بحزم :-
" تعهدت على نفسك زواجك بالفتاة إذا لا تنطق أمر خطأها بينك وبين نفسك حتى وإلا "
" وإلا ؟"
عقدت كفيها ببعضهما وقالت بصرامة :-
" وإلا لا تتم هذه المهزلة "
هب عمر واقفاً وهو يقول :-
"أمي الأمر ليس لعبة ماذا تقولين ؟"
ولم تتراجع وهي تقول بنفس نبرتها :-
" سأهاتف رشاد وأخبره أن يتولى هو الأمر كما اقترح "
احترقت عيناه بالغضب وهو يقول بحجة زائفة :-
" بعيداً عن الاتفاق هل تريدين من رشاد الزواج على زوجته "
اعرضت بوجهها وهي تقول :-
" الشرع حلل له وليس عيب أرى أنه سيصون الفتاة ولن يتطرق معها لما حدث "
جن جنونه وقد احمر وجهه غضبا وهو يقول بهياج خابطاً كفيه ببعضهم خارجاً من الشرفة :-
" شكراً يا أمي شكرا لخدماتك وخدمات ابن أختك
الأمر يخصني منذ أن نطقت به "
يشاور ناحية الغرفة التي تخص سنابل مواصلاً بغضب :-
" وهذه التي تخافون عليها من ابنكم الوحش الكاسر لا تخافوا لن التهمها بلحظة غضب فلم أجن بعد وأظنه سيكون على يديها "
بعد أن تركها ودخل غرفته صافقاً الباب خلفه كان حاجبيها كادا أن يقاربا منابت شعرها وقد اتسعت عينيها ذهولاً هامسة :-
" كيف سأحمي هذه المسكينة من هذا التيس ياربي ؟!"

تخبط كفيها ببعضهم وتهمس بجملتها الأثيرة :_

"ثور بن ثور رحمه الله"

.................................

بعض جروح الحياة تجبرنا علاماتها على التعايش معها
هي لن تختفي ونحن لن نشفى من آثارها !

" أرى أنكِ كنتِ قد بدأتِ في التحسن فلما ترجعين بنفسك للوراء يا سنابل "
نطقها شهاب بعتاب وهي تجلس أمامه في غرفته بالمركز فلم ترد لثوانِ حتى كان صوتها الرقيق يأتي منهكاً وكأنها لم تنام منذ أيام :-

" بالتأكيد عرفت ما حدث
هم سيعيدوني لأهلي فليتهم لم ينقذوني من البداية ليتهم تركوني للموت أول مرة فما سأقابله الآن أبشع "

خط شهاب شئ ما على الورقة أمامه ثم سألها بهدوء :-
" ما الأهون لكي يا سنابل
أن تظلي بنظر أهلك ميتة أم أن يعرفوا ؟"
ابتسمت ساخرة وهي تقول :-
" بالحالتين أنا ميتة يا دكتور "
هز شهاب رأسه بإشفاق وهو يفهمها جيداً خاصةً بعدما قابلهم لكنه عاد وقال بتأني يحاول أن يوصل لها ما هي مقبلة عليه بالتدريج دون أن تنصدم :-
" ماذا لو ضريبة وجودك مع عمر ووالدته هو أن تواجهي أهلك "
أطرقت سنابل برأسها وقالت بنبرة حزينة :-
" ليت الأمر يقتصر على المواجهة "
بدأت في البكاء الناعم وواصلت :-
" ليت الأمر يقتصر على صفعتين ودهس بالأقدام
المرة الماضية سحلوني للمقابر هذه المرة أتوقع مصير أسوأ "
نقر شهاب بالقلم على سطح المكتب المصقول ثم قال بنبرة حازمة بعض الشئ وعالية حتى تجذب انتباهها وتسحبها من نطاق أفكارها :-
" سنابل انظري لي "
رفعت راسها تلقائياً تناظره بحيرة فأخبرها بلطف :-
" خذي نفساً عميقاً ثم أخرجيه ببطئ "
فعلت ما قال فأمرها :-
" كرري ما فعلتِ مرتين "
فعلت فأخبرها بلطف :-
" أريحي ظهرك للوراء .. اجعلي جسدك في أفضل وضعيه له ثم تخيلي ما سأقول "
فعلت ما أمرها فقام بتهدئة الإضاءة حتى أصبحت على أقل درجة
تحرك من مكانه وترك المساحة أمامها فارغة ثم تحدث بهدوء ونبرة معينة تتغلغل بأفكارها :-
" تخيلي أن هناك أحد سيكون حائلاً بينك وبين أهلك فلا يضركِ من تظنين ؟"
تحركت عينيها في الفراغ أمامها بحيرة تحاول أن تجمع الصور لأشخاص عدة أمامها
تأتي صورة همام بعيدة كخيال مستحيل فتعود وروحها تبتسم ساخرة ثم فجأة تبتلع ريقها وصورة أخرى تتكون أمامها بوضوح
صورة خشنة تهابها بقدر ما تشعر جوارها بالأمان
صورة تخلت عنها لذا لا فائدة من اختيارها
تدحرجت دمعة من عينيها ولم ترد حتى قالت أخيراً :-
"لا أحد "
قطب شهاب متسائلاً باهتمام ومازال على نبرته الخفيضة حتى لا يقطع عزلة أفكارها :-
" ألم يطرق على بالك أي أحد
أخبرني ما جاء ببالك حتى لو أسقطتيه "
ابتلعت ريقها ثم قالت بنبرة يملؤها الحزن :-
" كنت سأقول همام
لكني وجدته السبب من البداية فابتسمت من نفسي ساخرة على سذاجتي "
رفع شهاب حاجبيه وهو يقول باهتمام وتدقيق :-
"أرى أنكِ أصبحت تنطقين اسمه بلا تردد "
صمت مترقبا حتى أتاه صوتها وهي تقول بشرود حزين :-
" ربما لأني أدركت أن خطأنا مشترك
وربما لأني أدركت فداحة ما حدث في عرف كعرفنا بالتحديد
وأيضاً لأن تأثيره على قلبي أصبح باهت لا يجلب لي سوى الحزن وشئ من الكراهية الموجهة لنفسي قبله "
ابتسم شهاب بجذل رجل أثبت إنجازاً ما فسنابل وصلت لما يريده منها فسألها بحذر :-
" ومن أيضاً أتى على بالك ؟"
صمتت طويلاً حتى ظنها لن تتحدث حتى أتى صوتها مشوباً بحذر :-
" عمر "
لم تكد تنطق اسمه حتى واصلت بمرارة :-
" ظننته سيكون أخاً لي اكتسبته لكن يبدو أنه كان حلماً وردي هربت إليه من حزني و رثائي فعاد الواقع وهبط بي لسابع أرض "
تحرك حتى عاد وجلس أمامها مرة أخرى واضعاً عينيه في عينيها وقال بهدوء :-
" لكنه ليس أخيكِ يا سنابل "
رمشت بعينيها وهي تهمس بتردد :-
" ماذا تقصد ؟"
فتح شهاب كفيه قائلاً بإقرار :-
"أقصد أن عمر ليس بأخيكِ يا سنابل ولن يكون هل أنتِ مدركة لهذه الحقيقة ؟
هل أنتِ مدركة لحقيقة ثورة أهلك الحالية عن وجودك مع رجل غريب "
توترت في جلستها فحركت وضعيتها وهي تشبك كفيها ببعضهم هامسة بخوف :-
"أنا أعرف هذا جيداً لكن أقصد أنه كان كأخٍ تمنيته "
هز شهاب رأسه ثم عاد وسألها :-
"إذا يا سنابل ما رأيك إن تم وضعك في خيار
مكوثك مع أهلك وبقائك حية بشروطهم
أو مكوثك مع عمر ووالدته مع تحقيق شرط موافقة أهلك على شئ كهذا "
تشوشت عينيها وأفكارها فهمست بضيق :-
"أنا لا أفهم شئ ما هي هذه الشروط وكيف وافقوا على بقائي حية بالأساس ؟"
صمت شهاب وهو يشعر عظم ما سيقول لكنه مضطر لذا صلى على النبي همساً ثم قال بتأني :-
" شرط الخيار الأول هو أن تتزوجي أحد كبار البلدة وتكوني زوجة رابعة وربما ثانية له "
ارتعشت للفكرة وبدأت دموعها للهطول فسارع بالقول :-
"أما الشرط الثاني هو زواجك من عمر "
امتقع وجهها صارخة بشحوب :-
"أنا وعمر ؟
كيف .. هذا جنون "
نشجت بحزن شديد ثم واصلت بهياج:-
" وما ذنبه
ما ذنبه في أن يبتلى بي ؟"

"أنتِ لست ابتلاء يا سنابل
عمر هو من عرض الأمر وهو موافق تماماً عليه "
استمرت في بكاؤها دقائق ثم همست بخزي :-
" ما ذنبه أن يتحمل ذنوب غيره ؟"
تقوقعت على نفسها على الكرسي الصغير فخاف شهاب عليها من قرب انهيار لكنه وجدها تقول بنضجٍ أعجبه :-
" أخطأت أنا وهمام
طمع في حبي وطمعت في عاطفته
ظننا نحن الاثنان أن لا شيء سيفرقنا
وثقت بشهامته
ووثقت برجولته في عدم تخليه عني
لكن القدر كان له رأي أخر
الموت كان له حكم الأسبقية
مات هو ونلت أنا الفضيحة فما ذنب رجل كعمر بهذه البلايا ؟"
مط شهاب شفتيه هامساً:-
" ربما هو نفس القدر يا سنابل الذي كان له الأسبقية في الحكم على جمعكم سوياً من البداية بهذه الطريقة "

...................................

ألغاز حكمة القدر أشبه بالغرق في حوض استحمام ضيق
أنت لا تفهم كيف انزلقت مختنقاً في هذه المساحة لكنك مضطر أن تعافر على النجاة رغم عدم منطقية الحدث!

بلدة ربيع أبو الحكم ...
ثلاث سيارات متتابعات تم صفهم بالقرب من منزل ربيع
الأولى كانت تحوى عمر ووالدته وسنابل والثانية كانت لشهاب ووالده
والثالثة لرشاد
بسيارة عمر
الصمت المتوتر كان مخيم على السيارة منذ خروجهم من البيت لكن رغما عنه كانت عيناه تخونانه لها بين الحين والأخر
كانت تبدو شديدة الخوف والذعر لكنها لا تظهر ذلك
منذ أخر جلسة لها مع شهاب وتمهيده الأمر معها ثم إخباره بموافقتها وقبولها للأمر وهي تتحاشاه أكثر من أي وقت مضى حتى أنها لا ترفع وجهها في وجهه
شئ أشبه بشخص ليس له عين أن يفعل
وكم كره هذا
أكثر ما يكرهه هو أن يجد شخص مذلول فكيف بها ؟
لما يضيق الحبل حول رقبته كل يوم أكثر من السابق
لم يعد يطيق صدقاً هذا العذاب
هل تعلم الشعور ؟
شعوره أشبه بشخص تم حبسه في غرفة مغلقة وبها تسريب من الغاز فغدا يختنق ويختنق حتى لم يعد لديه قدرة للخلاص
خلاصه الوحيد عبر نافذة شديدة الضيق تحتاج كسر بابها حتى يستطيع المرور
وعند المرور حتما سينحشر بتألم ولن يخرج منها سليماً أبداً وإن خرج حياً
في خضم أفكاره ومشاعره وضع يده على الباب ليفتحه ويخرج منه فلم يعد يطيق لكنه تسمر وصوت نهنهات مكتومة يصل لأذنيه فيعبرهم مخترقاً دهاليز قلبه
هو حتى لا يراها في المرآة
أمه تركتهم ونزلت وتتحدث مع رشاد بالخارج ولم يبقى سواهم بمساحة السيارة الضيقة
يعود صوت النهنهات الناعمة مرة أخرى مصيبا مشاعره بالصداع
هل تصاب المشاعر أصلا بالصداع ؟
إذاً ما تفسير ما يشعر به الآن
تحرك مستديراً حتى يستطيع رؤيتها وهاله ما رأى
كانت أشبه بطفلة تشجعت للذهاب مع والديها لبيت الرعب وفور الوصول انقشعت غمامة الشجاعة وحل الخوف البرئ
تنكمش على نفسها بركن جانبي بسيارته دافنة رأسها بين كفيها وتبكي
عض عمر باطن خده بقسوة حتى أدماه وهو يقبض كفيه بشدة مانعاً العربدة المجنونة في صدره أن يحتضنها ويطمئنها
ابتلع ريقه بصعوبة فخرج صوته متحشرجاً هامسا :-
" سنابل"
على صوت نشيجها فكرر النداء بخشونة ورفعت وجهها
وجهها غارق في الدموع وعينيها مغشيتين بالخوف ووحوش الغضب تنهش بصدره فنطق بنبرة أجشة :-
"ألا تثقين بي ؟"
لم ترد على سؤاله لكنها قالت بنبرتها الناعمة :-
" لا أثق بهم
سيقتلونني بوحشية
أنا خائفة يا عمر "
تأوه دون صوت من طريقة نطقها لاسمه التي تغيبه عن عقله حتى أنه قد أطرق برأسه لثوانٍ يستعيد بها أنفاسه التي سلبتها عنوة ثم همس بنبرة مختنقة لكنها رجولية واثقة :-
" لن يمسوكِـ بسوء أنا لن أتركك وحدك أبداً حتى نخرج سوياً من هنا "
مسحت دموعها هامسة بلهفة :-
" عدني يا عمر "
" أعدك "
بعد نصف ساعة
أصوات الرجال تتداخل في بعضها البعض ما بين احتجاج وغضب حتى كان صوت عمر الخارج عن عقال السيطرة :-
" هي لن تدخل هذا البيت
هي ستظل معي حتى نكتب العقد ثم أخذها ونذهب "
تخصر أحمد يجابهه :-
" هي لن تدخل مدخل الرجال ونحن نعقد ليكن بدمائك ذرة رجولة "
اهتاج عمر وكاد ان ينقض عليه فكبله كل من رشاد وشهاب وصدح صوت الحاج عبدالرحمن قائلا:-
"أنتم ستقلبون الأمر لفضيحة
الرجال قاربت على الوصول حتى نجتمع هل هذا وقت شجار ؟"
اشرأب ربيع أبو الحكم الذي خرج من بيته وقد كان منشغل بالحديث مع كبير بلدتهم الذي كان قد وصل قائلاً بنبرة جهورية مشبعة بالقسوة :-
"أين الفاجرة "
وبالسيارة انتفضت سنابل بجزع في حضن أم عمر بالأخص وهي تسمع صوت أخيها يقول :-
"إنها بسيارته "
ثم تحرك أخيها ناحية السيارة منتوياً الشر فكان جسد عمر له بالمرصاد وجاوره رشاد يفعل المثل والاثنان ينطقان :-
" سأهشم عظامك إن فكرت فقط أن تقترب منها "
"اقصر الشر يا بن أبو الحكم "
لكن صوت الصراخ الناعم المرافق له صوت أم عمر الجزع أنبأهم أن ربيع تجاوزهم ووصل لها
كان يقبض عليها بقسوة وهو يخرجها من السيارة
كف قابض على شعرها والأخر ينهش بعظام ذراعها
لكن ما شن جنون عمر هو رؤيته له يرفع ساقه ناوياً أن يركلها
المشهد تجمد للجميع
هم حتى سلمو جميعاً أن الفتاة ستكون تحت قدمه في الثانية الأخرى حتى كانت العيون تتفتح على اتساعها وهم يروا عمر يصل لها بنفس الثانية يقتلعها وراء ظهره وقد برزت عظام وجهه حتى أن من يراه يجزم أنه يحتضر من شدة انفعاله يلهث بجنون وهو يواجه هياج أبيها حتى صرخ بغضب وقد أخرج مسدسه من جيبه ضارباً به في الهواء عدة مرات :-
"أقسم إن لمستها مرة أخرى لن أراعي أي شئ وارميك أنت وابنك بتهمة لا تخرجان منها أبدا حتى تتعفنان بين جدران السجن "
هدر صوت الحاج عبدالصبور وقد وصل بقية الرجال :-
"كفاكم جنوناً يا أبناء أبوالحكم لقد أعطينا كلمة للرجل وهو كفيل بها "
صرخ ربيع بشر :-
" لن تخرج إلا من بيتي حتى أستطيع رفع رأسي بعد أن نكسته ابنة الكلب هذه "
كاد عمر أن يعترض بالأخص وهو يشعر بأظافرها تحفران في ظهره بقوة مرعوبة لكن صوت شهاب خرج وهو يقول بمهادنة :-
" دع الأمر يمر يا عمر دع الأمر يمر والدتك ستدخل معها ولن تتركها "
استغفر عمر ثم رماهم بنظرة لو كانت تصعق لصعقتهم لأسفل سافلين ثم تحرك يجذبها من ذراعها برفق هامساً بحنو لا يسمعه سواها :-
" لا تقلقي هانت وستكونين بأمان للأبد "
أصوات صراخ مكتومة أشبه بالعويل أتية من ناحية البيت جعلته ينتبه على صوت نحيبها وهمسها الخافت :-
" أمي "
التفت عمر بنفس اللحظة التي نطقت بها أمه :-
" يا معز لعبادك يارب "
كانت هناك امرأة على كرسي متحرك وتبدو مشلولة تماماً سوى من ذراع صعب الحركة تشير به جوارها شابة دامعه لا يعرف من هي
تخرج من المرأة أصوات عويل ودموعها تجري على وجنتيها تشاور ناحية ابنتها بمجهود وحين تحركت سنابل لتذهب لها مكررة نداء أمي ببكاء كان ربيع يلتفت لها ضارباً على كرسيها بكفه حتى سقطت صارخاً في الشابة بقسوة :-
" ما الذي أخرج هذه المرأة الخرفة ادخليها يا بنت الكلب وإلا قتلتكم سوياً "
لكن المشهد المروع بحق هو معافرة المرأة زحفاً على تراب الشارع وهي تصدر أصواتاً غير مفهومة للوصول لابنتها فجرت سنابل عليها وقد جثت أرضاً أمامها هي الأخرى تحتضنها لها وهنا انخرطت المرأة في بكاء جنائزي اهتزت له القلوب
ابنتها حية
سنابل لم تمت
كل ليلة تحلم بها تلومها على تركهم يدفنونها حية لكنها لم تمت
تريد نطق اسمها بلسانها لكن الحروف تتعثر فيعلو صوت بكائها الأشبه بالصراخ فشاركتها سنابل البكاء وكأنها تفهمها فقالت :-
"انا حية يا أمي "
دفنت المرأة رأسها في حضن ابنتها وكأنها سجينة حكموا لها للتو بالبراءة فغدت تبكي بالتهليل وتضحك بالدموع ووقتها كانت سنابل تحتضنها بقوة وكأنها تستغل اللحظة في النهل من حضن أمها الذي لا تعرفه
ربما هو الأن حضن كهل ضعيف لا يعرف معنى العاطفة بل يستمدها لكن يكفيها هذه الرائحة
رهبة المشهد جعلت الجميع يتجمد دون حراك حتى أن الدموع تدلت من العيون في موكب حزين تأزراً..
....................................

بعض بلايا الأخرين تكن كالعبرة لنا
تجعلنا نتفكر جيدا بدهاليز ابتلائتنا شاكرين على تلك النعم التي لا ندركها

" أنا لا أصدق يا أمي
لهذه اللحظة لا أصدق أن سنابل ابنة عمي مازالت حية
للحظة وأنا أراها أمام عيناي ظننت أن الجنون أصابني "
دمعت عينا صفية وهي تقول بنبرة متأثرة :-
" لطف الله بها
هذه الفتاة خسارة بربيع وابنه "
وضعت ملك كفها أسفل ذقنها وهي تقول بشرود :-
" حكايتها ولا بالأحلام يا أمي
كيف عثر عليها هذا الضابط يبدو بن أصل
كيف عثر عليها عمي مرة أخرى
بل كيف جمعهم القدر "
"إنها حكمة الله وادعو لها من كل قلبي أن يكون هذا الرجل عوضاً لها "
صمتت ملك لثوانِ ثم عادت وقالت بنبرة مسها الحزن وعقلها سابح في أفكاره :-
" وربما يكون وبالاً عليها يا أمي
حكايتها أشبه بحكايتي وكأن القدر يرد صفعاته لعمي
فضيحة وزواج وضياع الفتاة وربما خراب بيت قادم لم يبنى على أساس صحيح "
" وليته يتعظ "
همستها صفية تقصد ربيع ثم عادت وتهكمت قائلة :-
" نعم الحكمة وأنتِ تتكلمي لكن يا حكيمة زمانك دعي أمك تذكرك أن الله كان رحيم بكِ
فحسن رأب الفضيحة وضحى وتزوج بكِ من أجلك "
رفعت ملك حاجبيها قائلة باستنكار :-
" ضحى ؟"
لوت صفية شفتيها وهي تقول :-
" نعم ضحى
أخر غيره لتركك لجنون عمك وربما كنتِ الأن زوجة ثانية لأحمد تجلسين جواري ببطنك الممتلئة وأنتِ تنجبين منه طفلاً كل تسعة أشهر "
احمرت ملك خجلاً وغضباً من توبيخ أمها فنطقت بعند :-
" لما أشعر أنكِ تلمحين أني السبب بخراب بيتي دوماً"
رفعت صفيه حاجبيها بذهول ثم عادت ومطت شفتيها قائلة بسخرية :-
"أنا لا ألمح يا حبيبة أمك
أنتِ بالفعل سبب بخراب بيتك "
"أنتِ هكذا دوماً تأتين بصفه وكأنه الملاك " صرختها ملك بحزن جعل صفيه تتخصر في جلستها وهي تقول بحدة :-
" أنا لست بصف أحد يا غبية
أنا فقط أريدك أن تنظري مرة واحدة لأخطاءك
أن تعترفِ بها حتى تستطيعين مسايرة حياتك
حياتك لن تستقيم يا ملك حتى تعترفي لنفسك عن عظم ما اقترفتيه بحق بيتك
أنا لا أتحدث عنه الآن ولا عن خطأه
أنا أتحدث لابنتي ولمصلحتها "
زفرت بضيق ثم قالت :-
" حين توازنين أخطائكم سوياً
حين تعترفين أنك كنتِ سبباً بشكل أو بأخر وقتها ستجدي الطريق للخروج من شرنقة طلاقك وقد تعلمتي الخبرة حتى تستطيعي مواصلة الحياة "
تحركت ملك حتى غرفتها وأغلقت على نفسها وهي تتجه ناحية الفراش تجلس عليه باكية
لما كلهم يحملونها الخطأ؟
أمها تحملها ذنب طلاقها
زيان يحملها ذنب فشلها في التعامل عند خطأ الآخرين
ابنتها تحملها ذنب بعدها عن فارسها حسن
أختيها يحملانها ذنب تعب امها معها
وهو ؟
هو يحملها ذنب أخطاؤه
تُرى هل حقاً عليها أن تنظر للمرأة من زاوية أخرى ؟
...................................

على الجانب الآخر

بعد نصف ساعة ..
الباحة الخلفية للمنزل
كان يجلس بمكانه كمن يجلس على الشوك
لا يطيق أبداً فكرة وجودها في بيت جمعها بهذا ال ...
هي هناك الآن وربما تكون في غرفتها وربما تكون على نفس الفراش
رباه الأفكار بعقله تقتله والصور أمام عينيه تمزقه
كيف هو إحساسها الآن
كيف شعورها ؟
أتشتاقه ؟
أتتمنى عودته ؟
أتستعيد ما كان بينهم من حرارة أنستهم وقع الكارثة التي سقطوا بها ؟
رباه
همسها بينه وبين نفسه بالتياع من هذا اللهب الناشب بين ضلوعه فيسري بدمائه ليجعله كأتون مشتعل
خرج من أفكاره على صوت شهاب المنبه له فنظر لهم ووجد الحاج عبد الصبور يتشدق قائلا:-
"ابنتك ثيب و خرجت بفضيحة وقد فضحتم بالبلدة بأكملها وتريد أيضا من الشاب أن يمضي على هذا المبلغ وأنت حتى لم تتكلف فيها شئ وخلافه تريده أن يدفع لك مهراً على أي أساس يا ربيع ؟"
ارتفع صوت الرجال موافقاً الحاج عبد الصبور في الأمر لكن ما فاجأهم هو صوت عمر الخشن وهو يقول بتجهم :-
" أنا موافق دعونا ننتهي من هذا "
التفت له الرجل قائلاً :-
"ألم تسمع الرقم الذي يقول لقد جن ونحن لن نوافق عليه "
تأفف عمر بنزق ثم زفر نفساً مشحوناً وقال بنزق :-
" أنا لا أهتم يا عم أنا موافق "
ثم سحب الورقة من أمامهم متناولاً القلم يمضي عليها دون تفكير ولم ينظر حتى للرقم ولم يلتفت لتحذير رشاد لكن صدح صوت أحد الرجال يقول :-
" إذا يكفي لا تدفع المهر "
"لن أتنازل عنه حتى تخرج من بيتي " قالها ربيع بتشديد
فرماه عمر بنظره ممتعضة ثم قال بتقرف :-
" كم تريد "
" مائة ألف ولن أقبل بأقل " قالها ربيع بصلف فارتفع صوت الرجال باحتجاج حتى أن رشاد تدخل قائلاً:-
" يكفي ما مضى عليه نحن لن ندفع شئ أخر "
بينما ارتفع صوت أحد الرجال يقول :-
" يكفي خمسون ألف واقصر الدور يا ربيع "
لم يعجبه مفاصلتهم بها وكأنها بهيمة فنطق بضيق:-
" سأدفع "
ولم يبالي باعتراضهم وأكمل حديثه قائلاً:-
" غداً سيكون المبلغ عندك "
" بل الأن " نطقها ربيع فاحتج عمر بغيظ شاعراً نفسه سينفجر :-
" ومن أين سأتي لك بالمبلغ الأن لما لم تقل قبلاً "
"إذا لن تتم الزيجة "
قالها ربيع بتبجح وقد وضع القلم على الطاولة في الوقت الذي شعر الجميع بقرب حدوث جريمة من قبل عمر حتى تدخل رشاد قائلاً :-
"نكتب إيصال أمانة وغدا يكون المال عندك "

بداخل بيت ربيع ...
تجلس أم عمر على الأريكة في ردهة البيت بقلق داعية أن يمر الأمر بالخير ويوفق الله ابنها ويذهبان بهذه المسكينة من هنا
بالكاد تتماسك بأعصابها رغم أن جسدها كله ينتفض من هول ما رأته اليوم من أحداث عصيبة
وكأنها خرجت من شاشة تلفاز لفيلم جاهلي
زفرت بهم مستغفرة وهي ترى سنابل تتحرك ناحية غرفة ما تدخلها وتغلق على نفسها وحين رفت بعينيها قابلتها عينان متضرعتان لقلب أم مكلوم
لم تفهم ما تحاول المرأة التلفظ به لكن بقلب الأم فسرت أنها ربما توصيها على ابنتها وربما تتسائل إن كانت ستكون بخير معها
اقتربت منها أم عمر دامعة العينين تربت على ركبتيها رأفة بذلها الواضح ثم همست بصدق :-
" هي في عيني لا تخافي والله لأضعها بقلبي لا تخافي عليها أبداً"
وقتها انفجرت المرأة في البكاء وكأنها لازالت لا تصدق أن ابنتها حية فأحنت رأسها وكأنها تحاول تقبيل يد أم عمر شكراً وعرفاناً...

داخل الغرفة ...
جسدها كله ينتفض بارتعاش كمن أصابته الحمى وهي تقف أمام الفراش
هل تعلم الشعور ؟
شعورها أشبه بشخص ارتكب جريمة ثم أخذوه لمسرحها إمعاناً في إذلاله
وربما أشبه بمجرم قتل قتيلاً ثم أتوا به للمشرحة ليتعرف على صنيعه
مشاهد متفرقة تمر أمام عينيها فيزداد ارتعاشها
مزيج من تلاحم حميم وندم ذميم
سقوط بفخ الخطيئة ثم إفاقة على حقيقة الكارثة
الغوص ببئر العواطف الخادعة ثم الغرق بين موجات أثامها
دموعها تنهمر وكأنها تتحرر
هي هنا مرة أخرى
تدور بعينيها في الغرفة فترى نفسها هناك تدهس تحت قدمي أخيها وأبيها
وللعجيب هذه المرة كان شئ من التنفس يحضر لروحها الراكدة
وكأنها ؟
وكأنها تثبت لنفسها أنها نالت ما يكفيها من عقاب
شئ من الذل يسطع وهي ترى نفسها تُسحل أمام بقية البلدة فتعود روحها الثائرة هاتفة بزئير أن كفى ذلاً
رباه ..
شعور روحها الأن أشبه بشخص محبوس وتم حبسه طويلاً حتى تبرأ من أثامه فغدا ثائراً رغبة في الخلاص الأخير
رغبة في التحرر والتحليق بعيداً عن وكر الآثام
تتحرك ناحية الخزانة بقدمين مرتعشتين
تفتحها ببطء كمن يخشى فتح باب من الجحيم وهنا كانت صرخة الخلاص
باللحظة التي بارك فيها الشيخ بالخارج عن إتمام العقد كانت عينيها تقعان على ملاءة قديمة تعود وضعيتها لإلقاء أمها لها يوم الجريمة الكبرى
ملاءة مسكتها بكفين مرتعشتين وهي ترى أثر باهت لبقعة دماء صدأه
أثر كان رصاصة الانتفاضة لقلبها التي صرخت إثرها صراخاً مدوياً وهي تقع مغشياً عليها
وربما كان من الرحمة لهذا المذهول الذي اقتحم الغرفة هو وأمه ثائراً في أخيها ووالدها بعدم الدخول أنها لم تخرج الملاءة من الخزانة
رحمة أدركتها أمه التي كانت جاثية أمامها فوقعت عينيها على ما بداخل الخزانة المفتوحة فسارعت بإغلاقها دون اهتمام بإثارة ريبة أحد
ابنها أهم الأن
رغم لوعة الموقف لكن قلبها الأمومي دفع عقلها للتصرف فصرخت بعمر الذاهل خوفاً
"احملها حتى ننصرف ليراها طبيبها وننصرف من هنا "
تحرك عمر ليحملها بجمود يخفي جيش من المشاعر الثائرة حتى كانت أمه تشير له ناحية الفراش لكنها صدمت بفزعته وهو يخرج بها من الغرفة :-
" لا نحن لن نظل هنا دقيقة واحدة يا أمي فليراها شهاب بالسيارة "
وفي السيارة كان شهاب يحقنها بمادة جهزها قبلاً متوقعاً ما قد يحدث لها
بعد ثلاث ساعات ...
مشفى العاصمة
خرج شهاب من الغرفة التي حجز بها سنابل فقابلته أم عمر بالجزع وابنها بالجمود المخلخل
تنهد مستغفراً من هذه الليلة التي لا شبيه لها ثم اقترب منهم قائلاً:-
" هي بخير لقد كنت متوقعاً ما حدث أنا فقط جلبتها هنا حتى تكون تحت الملاحظة والرعاية لمدة يومان
لقد أدخلتها على مسؤوليتي الشخصية وسيكون مسؤول عنها أحد تلامذتي تحسباً لأي انتكاسة
" هل ستنتكس ؟"
همسها عمر بتعب فربت شهاب على كتفه وقال :-
" لا تخاف إنه احتمال مستبعد
سنابل كانت مؤهلة نفسيا لما هي مقدمة عليه
ما يطمئنني أنها لم تدخل في انهيار رد فعلها كان طبيعي تماماً
لكن يجب أن أضع كل الاحتمالات حرصاً عليها لذا جلبتها هنا "
أومأ عمر برأسه شارداً ثم همس بتردد :-
" هل أستطيع الدخول لها ؟"
ناظره شهاب لثوانٍ ثابراً أغواره لكن عمر كان يخفي مشاعره بمهارة فنطق شهاب على مضض :-
" لا بأس فعلى كلاً هي مازالت لم تفيق "
يتبع


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-12-21, 08:10 PM   #460

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 631
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

الجزأ التالت من الإشراقة السابعة والعشرين

داخل الغرفة بالمشفى ..
كان يجلس على كرسي أمام فراشها متأملاً صفحة وجهها الشاحبة والمشاعر تتوالى على روحه في تناغم قبيح
بداخله وحش كامن يخشى خروجه من قمقمه بلحظة انفلات
لما انهارت ؟
ولما كانت تبكي ؟
هل تذكرته ؟
هل كانت الغرفة هي نفس الغرفة التي جمعتهم
هو حتى لم يستطع أن يمرر على عقله فكرة أن تلمس فراش قد يكون جمعهم
والفكرة الأخيرة تشعل النار في قلبه فيضع رأسه بين كفيه
ألا نهاية لهذا الجحيم ؟
ألن ينتهي هذا العذاب ؟
ألن تنطفئ هذه النار التي تشتعل بجنون بين جنباته
نار من لهيب تصطلي بشرار سعير الجحيم فتكويه حد الرغبة في الزئير
هو رجل دوماً ما كان فخور برجولته فأتت هذه الناعمة وسحقتها أسفل سافلين برمشة عين
" عمر "
همسة حائرة بصوت شديد النعومة سحبته من بئر الحريق وهو يرفع رأسه فيصطدم بعينيها
عاودت نطق اسمه مرة أخرى وكأنها تتسائل عن أين هي
لكنه كان ليس هنا
عينيه كانتا مسمرتين على شفتيها الرقيقتين وهما تناديان باسمه
كيف لاسمه أن يكون بكل هذا القدر من الرقة
حتى كانت همستها التالية :-
"أريد ماء "
تبدو منهكة بشدة وكأنها لم تستوعب بعد ما حدث
لكن سرعان ما كانت المشاعر تتوالى على وجهها حتى بدأت في نهنهات ناعمة
تحرك من مكانه بألية جالباً لها الماء وحين وجد عدم قدرتها على إمساك الكوب ساعدها وهو يضع كفه تحت رأسها
كانت يتعامل بحذر وكأنه لا يفهم ما عليه أن يفعله
بعد أن تناولت الماء ووضع الكوب على الكومود المجاور للفراش
تجمد وهي تدفن وجهها بملابسه تتلمس الأمان باكية
رباه
هي لم تستفق بعد
فقط تتأوه باسمه وكأنها تناشده القرب ففعل دون شعور وهو يجلس جوارها فاتحاً لها ذراعه فتلجأ إليه باكية بنعومة رغم ذهابها في النوم مرة أخرى
تنهيدات ناعمة .. حزينة .. متألمة تخرج منها فتشق صدره لكنها تعود وتضمده وهي تهمس باسمه في توق الخوف
تقترب بجسدها غريزياً وكأنها تريد طبع نفسها بداخله
شعوره بجسدها اللين مقابلاً لصدره جعل عضلاته تشتد
نبضه ارتفع وهو يشعر بصدره يضيق دقات قلبه تشتد ودماؤه تسري في عروقه وكأن نفسه تتساءل عن ماهية شعورها
فكيف ؟
كيف لنفس أن تختلط فيها كل هذه المشاعر بلحظة واحدة
مزيج من زئير الوحوش وزقزقة العصافير
عويل الشياطين ودعاء الكروان
يهب عليها صهد الجحيم قبل أن يمر بها رضوان الجنة !

.................................

هي امرأة صرعته في العشق بعد أن أفناها و حاربته بشذاها حين انفك عنها !

تحرك حسن في إحدى طرقات المؤسسة بين كفيه عدة ملفات ينظر لهم بتدقيق حتى قابل وائل في طريقة فسأله باهتمام :-
" الاجتماع سيبدأ الساعة الواحدة ؟"
" بل الأن جيد أني وجدتك " قالها وائل وهو ينظر في الساعة ثم واصل :-
" لقد تم تقديمه نصف ساعة واتصلت بك لأخبرك لكنك لم ترد علي "
مشى حسن جواره وهو يقول :-
" جيد أني لم أخرج إذا فهاتفي تركته بالبيت سهواً"
أومأ وائل ثم قال وهم يتحركان سوياً:-
" فقط لندعو الله أن وكيل شركة asc يأتي هذه المرة ولا يفعل كالسابق "
التفتت حسن باهتمام متسائلا:-
" ماذا حدث ؟"
" الشهر الماضي اجتمعنا مع شركة الخولي وبعد ساعة من الانتظار هاتفونا يخبرونا أن وكيل شركة asc
تأخرت طائرته ولا يستطيع القدوم "
سأله حسن باهتمام :-
" ولما لم تهاتفوهم بالأمس لتأكيد الموعد؟"
" فعلنا "
قالها وائل بإيجاز وسرعان ما وجده حسن يبتسم وهو يغير وجهته قائلاً:-
" لقد وصلت شركة الخولي "
التفت حسن حيث ذهب وائل ناويا الحديث لكن الكلام تجمد على طرف شفتيه وأصبح كل شئ أمامه بلون الجمر الملتهب
زيان الخولي يخطو بكامل زهوه وأناقته ناحية وائل لكن ليس هذا ما كان ينظر له
لم يكن ينظر سوى لتلك التي مال عليها هامساً بشئ فابتسمت
لم تكن سوى ملك
امرأته هو جوار رجل آخر يهمس لها بشئ فتهبه ابتسامتها
لقد كانت في كامل أناقتها هي الأخرى
ترتدي بذلة باللون الأسود من قطعتين
بنطال ليس ضيقاً وليس واسعاً لكنه الوسط تعلوه سترة مغلق نصف أزرارها وتكشف من الأعلى عن بلوزة رقيقة تحتضن فتنتها باحتشام
حجابها لفته بلفة عصرية وهذا كله كوم و حذائها ذو الكعب العالي كوم أخر وقد قاربت من يجاورها طولاً لكنها مازالت قصيرة
شئ من الزعابيب الشريرة امتزج بهبوب العواصف الرعدية كله اجتمع في صدره وصادف هذا كله اندلاع النيران بغابات القلب
لم يشعر حتى أنه كسر القلم بيده وقد كرمش الأوراق إلا حين سمع صوت وائل المندهش يتساءل :-
" أسر أنت بخير ؟"
التفتت مَلك بحدة فاصطدمت بقسوة عينيه
وجهه كان وكأن يد الشيطان مسحت فوقه فكادت تهتز حتى أتتها همسة زيان كالعون :-
" اتفقنا قبل الحضور على القوة يا ملك لا تضعفي الأن "
شدت عودها وهي تلقي سلام عابر ليس محدد الجهة وهي تنكس عينيها بعيداً عنه فلم يشعر سوى برغبة مجنونة لجرها من ياقتها ثم خنقها بأظافره حتى يُشفى غليله هذا إن حدث بالأساس
" هيا تفضلو لغرفة الاجتماعات ننتظر وصول العميل الأخر "
ابتسم زيان ثم فرد كفه بحركة أنيقه قائلاً بلباقة :-
" تفضلي "
تحرك الثلاث معاً تاركين أخر يكاد تخرج النار من أذنيه وهو يخطو ورائهم بجنون
فتح حسن باب الغرفة بطريقة عنيفة جعلت الرؤوس تلتف له فلم يعتذر وهو يغلقه مره أخرى ثم يتقدم منهم وتنور الغيرة يحمو في قلبه بلا رادع خاصة وهو يبصر جلستها جوار ابن الخولي
جلس حسن مكانه جوار وائل وعينيه لها بالمرصاد رغم إصرارها على إبعاد عينيها عنه
انخرط زيان ووائل في حديث جانبي حتى رن هاتف حسن بصوت ابنتها
" حسن حبيب عالية "
رنة جعلتها ترفع عينيها غريزياً فاشتبكت بعينيه فتحرك شئ بدائي خارج العقل والمنطق في صدريهما بتناغم
شئ أشبه باستيقاظ الحنين معلناً الحرب
لكن هذا كله لم يكد يكمل ثانية وصوت زيان يحدثها بنبرة لطيفة كانت لأذني حسن قميئة :-
" ما رأيك أنتِ يا ملك ؟"

"ملك ؟
هكذا دون أي لقب
منذ متى ؟ منذ متى" فكر بجنون

"أسفة كانت شاردة " نطقتها ملك بارتباك وهي تولي اهتمامها لها فنكأ شئ من الوجع مار في صدر حسن
شئ أشبه بالمرارة ملغمة بشعور غير معقول بالخيانة
خيانة من بضع كلمات مع أخر جعلته كالمجنون الساقط ببراكين الجحيم
طرقة على الباب أخذت انتباه الجميع ومساعدة وائل تدخل قائلة :-
"سيد وائل لقد وصلت ممثلة شركة asc"
قطب وائل هامساً بحيرة :-
" ممثلة ؟ أنثى ؟"
عاد ومط شفتيه ثم قال :-
" دعيها تتفضل "
ورنة حذاء أنيق تبعه دخول جسد أنثوي بطلة ملكية جعل طوفان من الغيرة ينداح في قلب ملك ليهلكها وهي ترى من التي دخلت
لم تكن سواها
" ريتال المحلاوي "
وكأن ماريونت الغيرة أقسمت اليوم أن تتقاسم الرقص حول محرقة العشاق..
انتهى

في انتظار ارائكم وتفاعلكم جدا


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:08 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.