آخر 10 مشاركات
زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          صدمات ملكية (56) للكاتبة: لوسي مونرو (الجزء الأول من سلسلة العائلة الملكية) ×كــاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          في أروقة القلب، إلى أين تسيرين؟ (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          صفقة زواج(103) -قلوب غربية- للكاتبة الرائعة: * رووز *[حصرياً] كاملة & الروابط * (الكاتـب : رووز - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          إغواء متنكّر (78) للكاتبة: Stefanie London *كاملة+روابط* (الكاتـب : *دلال* - )           »          عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رهاني الرابح (90) للكاتبة: سارة كريفن ...كاملة... (الكاتـب : silvertulip21 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree581Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-11-21, 10:38 AM   #81

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الخير غاليتي
"أحلام البسطاء"الدنيا التي نحيا بها من أغرب ما يكون الحياة بها كمسرح كبير يموج به كل البشر ومع ذلك يحكم ذلك المسرح قواعد ونظام قد يكون قاسيا كثيرا علي البعض وحانيا علي الأخر والمعيارية هنا ليست للافضل فقساة القلوب الغلاظ مثلا يحظون بحقهم كاملا ومن أغدقت عليهم الحياة بعطاياها من مركز وثراء لا فضل لهم به يحظون بكل شى ولايشعرون بحجم المنة التي هم عليها فيحمدوا الله..لبس كلهم بالطبع فهناك من يحرص أهله أن ينشا ابنائه علي التواضع وتقوى الله وأن ما لديه اختبار الله له في الأرض يزكيه ويزيده بفعل الخيرات
ولكن للأسف هناك من علي شاكلة نورا وسيف يتجبرون علي خلق الله ويعتقدون ان الدنيا دانت لهم بمالها فيسحقون احلام البسطاء
مع انها دوارة كما يقولون فكما يأتي المال يذهب بسهولة ولا يبقي الا الإنسان وعمله الذى يحاسب علبه
بينما القاسم الاكبر ممن تسحقهم الحياة تحت سنابك الفقر والحاجة والضعف لعدم وجود السند ومع ذلك الكثير منهم يحمد الله علي البسيط لديه.
مريم في اوج فرحتها لم تكن بحاجة لتذكرها والدتها بالفارق بينها وزاهر فهي رغم ميل قلبها رغما عنها له حرمت علي نفسها الحلم بل وتتمني لو كان من طبقتها لتحظى به ..حتي في أحلامها لم تتمتي العكس ان لو كانت بمثل ثرائه
فالغني هو غني النفوس وليس غني المال
وسبحانه من يؤلف القلوب ويزرع المحبة بينهم.
وليس كل الأغنياء مثل سيف وليس كل البسطاء مثل فريدة التي تركت سيف يتلاعب بها ويتحكم فيها وفق رغباته تارة يشعرها انها ملكة وتارة يشعرها انها جارية يجب أن تخصع لرغباته التي كان يمارسهاعادى مع غيرها وكأنه حقا مكتسبا له يغترف من الحياة ما هو حلال وما هو حرام لا فرق.
"نور ..بلا ضياء"لكم امقت المرأة التي بلا كرامة مهما بلغ ثرائها
نور اجعلت من زاهر تحديا لهاعلي الرغم ممن يحومون حولها من الرجال فهي صاحبة مال وجمال
فلا تكتفي بأنها باعته سابقا بأبخس سعرx فتقف في وجهه وتعير مريم بفقرها والذى لا يقلل من شانها لشئ بل يرفع هامتها ذلك انها تقوم بدور رجل تخلي عن نخوته ونسي إبنته ولم يحفظ حقوقها بالرعاية كما امر الله
فتقف وحدها تجابه مجتمعا قاسيا وظروف للحياة اشد قسوة ترعي والدتها وتزود عنها وتتحلي بحسن الخلق.
"انشودة الأمل"تلك الامنية بان تلتقي الصديقتان يتشاركان العزف والغناء ما أجملها حتي وإن اعتقدت فريدة أن مشاغل الحياة لن تسمح بذلك
ولكنها لأول مرة تتحدث بمنطقية وتقنع مريم بنفس الأسلوب الذى لم يجد نفعا معها سابقا
ولأول مرة تنتصر لنفسها لافظة ذلك العشق المرضى من قلبها تاركة سيف بوهمه ينتظرها
هي لم ترى بعد اسوأ وجوهه فمثله لن يرضى أن يخسر فر يسته
سيف مثال مجرد للانانية والخسة حتي وهو يخطط لاستعادتها يلجأ لاساليب الإستعلاء المريضة
واللعبة تزداد إثارة بعدم مجيئها والصيد اصبح اكثر متعة فمثله يزداد ضراوة كلما إزداد رفض الطرف الآخر
سلمت يداكي حبيبتي علي الفصل الرائع والذى بدأت احداثه تزداد إثارة
واثني علي اسلوبك الرائع في الكتاب وعلي خاطرتك الجميلة جدا بدفتر فريدة
ولاول مرة اعرف ان مفرد أشلاء شلو ..صدقا لو جلست افكر العمر كله ما ادركتها رغم عشقي للغة العربية
ما شاء الله فتح الله عليكي وزادك من فضله
لك كل المودة والحب صاحبة الاسلوب الرقيق

صباح الورد
بالضبط هي تلك الأحلام البسيطة التي يدهسها القدر وتسكثرها الدنيا على الضعفاء
سلمت يداك أنت يا صاحبة الذوق الرفيع والقراءة المتميزة
وأدام وجودك
دعواتك لي بظهر الغيب
وقبلاتي للصغيرة ابتهال🌼



زهرورة and shezo like this.

فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 07-11-21, 03:39 PM   #82

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,559
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.مساء الخير
عذرك معك يا حبيبتي
اصلح الله لك كل الاحوال وبارك لك فيمن تحبين
لا باس علبكي المهم ان توفي بالتزاماتك العديدة
اعانك الله ووفقك واعطاكي من الخير والسكينة وزادك من فضله
دمتي في أمان الله وحفظه


shezo غير متواجد حالياً  
قديم 12-11-21, 09:36 PM   #83

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.مساء الخير
عذرك معك يا حبيبتي
اصلح الله لك كل الاحوال وبارك لك فيمن تحبين
لا باس علبكي المهم ان توفي بالتزاماتك العديدة
اعانك الله ووفقك واعطاكي من الخير والسكينة وزادك من فضله
دمتي في أمان الله وحفظه

عزيزتي الحلوة مساك الله بالخير🌼
شكرا لك لتفهمك ولدعواتك الجميلة التي كنت ولا زلت بأمسِّ الحاجة لها
وشكرا لدعمك أيضا ولوجودك اللطيف شكرا لك من أعماق قلبي وموعدنا غدا إن شاء الله
قبلاتي لصغيرتي ابتهال🌼❤

زهرورة and shezo like this.

فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 14-11-21, 12:59 AM   #84

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس عشر

جلس جانب نافذة القطار يتابع الطرق الزراعية المتلاحقة التي يقطعها القطار بسيره السريع، ها هو عائد لماضيه من جديد لكنه عائد متخفِِ مستترُُ بستائر الظلام الدامس.
فقد اختار رحلة بعد منتصف الليل المتجهة نحو قريته التي عاش طفولته ومراهقته القاسية بها. عائد لا ينوي على مواجهة ماضيه ولا مواجهة جبروت العمدة رغم أنه يدرك أن ملامحه قد تغيرت ولن يتعرف عليه بسهولة حتى إن التقيا، لكنه لا يريد أن يلتقي بذلك المتجبر الظالم.
أشجار النخيل الباسقة التي تجري من أمامه تذكره رؤيتها بأيام كان فيها جذعه وجذعها ملاصقين يستمد منها العون إذا ما قرر العمدة عقابه كما فعلا تماما باَخر مرة حاول فيها الهرب فأصابه الحارس بذراعه بطلق ناري.
كانت فاجعة للعمدة أنه جرؤ على التفكير في الهرب، فكان عقله يغلي بثورة على مرجل من الغضب، وهو يسأله عمن بث في عقله هذه الفكرة، وحينما أصر على عدم إفشاء سر أبيه، توعده العمدة بالعقاب بعد أن يشفى ذراعه، وبالفعل لم يخلف موعده فما إن تماثل للشفاء وكاد أن ينسى ما توعده به العمدة ، حتى وجده يرسل في طلبه ليكبلوه في جذع النخلة ليتلقى عقابه!
ما كان يتعجبه في هذه المرة أنه لم يكن يتألم فقد كان ينزل الخيرزان على ظهره بصوت المرعب فيمزقه، لكنه لم يكن يصرخ وجعا! ربما لأن وجع روحه فاق وجع جسده حينها؟! وربما لأنها قد تألم كثيرا حتى اعتادت الألم، وظن أنهم لو قطعوا من لحمه قطعا لما شعر ولا اعترض.
وكم كان يثير صمته وعدم توجعه غضب العمدة فيزيد من ضربه حتى يصل لإيلامه لكنه أبدا لم يجعله ينل هذه الفرصة، فصار يضربه حتى تمزق ظهره بالفعل وانبثقت الدماء من جروحه وأعيا الضرب ذراع المتجبر فتوقف وهو يسبه بأبيه الحقيقي ويلعنه.
كان ما يزيد صبره على الألم هو أنه قد عقد العزم ألا يكون هربه هذا للمرة الأخيرة وإنما سيكرره بعدما يظن الجميع أنه استسلم ولن يعود لهذه المحاولة مرة ثانية، لكنه سيعيد الكرة بعد أن يكون خطط لها دون علم أحد ولا حتى أباه كي لا يتأذى، وهذا ما فعله بعدما مر عام توقف فيه تماما عن الحديث عن رغبته بالالتحاق بالجامعة، كان طيعا ولينا مع الجميع فلم يشك به أحد للحظة وظنوا أنه قد صلح حاله، ظل هكذا مخادعا لهم حتى تمكن في ساعة فجر أحد الليال الشتوية أن يهرب تاركا ورائه أسود أيام عاشها بحياتها وأحلكها ظلمة .
وبدأ حياته بالمدينة من الصفر بعدما قدم أوراقه بكلية الطب وتم قبوله، وعمل في بداية الأمر صبيا في مقهى يعمل بها نهارا ويبيت بها ليلا بعدما أشفق صاحب المقهى على حاله، وصار المال القليل الذي يحصل عليه يكفيه، ويسد احتياجاته، وأغناه الله عن مال أبيه الذي تركه له لعلهم يهنئون به، واستمرت الأيام على وحشتها ووحدتها لكنه كان بعيدا عن يد ذاك الظالم وصار الجميع يعرفونه وينادونه باسم "موسى نصر الدين" واسم "صالح علوي" ماهو إلا اسم ببطاقته الشخصية وأوراقه الرسمية كتب عليه ليذكره بماضِِ أليم

كان قد تمكن من التواصل مع أبيه بالخفاء من خلال صديق له بالجامعة له أقارب من نفس بلدته فأرسل معه ذات مرة مرسال لأبيه كان قد ذيل المرسال برقمه وتمكن أخيرا بعد مرور أربعة أعوام من عيشه بالمدينة أن يسمع صوت أبيه الباك الفخور بابنه الذي التحق بكلية الطب وتفوق بها، ابنه الذي استطاع أن يهرب من قيد وضعه أبواه فيه خوفا من بطش العمدة.وعلم من أبيه أن العمدة قد بحث عنه في كل مكان وأرسل من يبحثون عنه في المدينة حتى يأس من الوصول إليه، وقد كان طبيبعيا ألا يصل إليه فكيف يعرف له طريق وهو يبحث عن شاب باسم "صالح علوي صالح" وهو معروف باسمه الحقيقي باسم "موسى" وبديهي أنه لم يكن سيبحث عن اسم موسى لأنه اعتبره في عداد الموتى منذ زمن.
كان قد سامح أبيه منذ ألهمه بفكرة الهرب، لكنه لم يستطع أن يسامح أمه بعدما صارت تلح عليه في مكالماته السرية لها بأن يعود ليثأر لأبيه وإلا فلن يكون رجلا! أهكذا تكون الرجولة بنظرها ؟!
بالقتل والدم ؟
ألم يكفيها ما ضاع من ماضيه بسببهما، وتنوي أن تفسد عليه مستقبله أيضا؟!
وها هو عائد اﻵن بعد مرور سنين طوال، عائد بعدما هاتفته أخته تطلب منه المجيء لمرض أمه وأنها طلبت رؤياه، ولولا ذلك لما عاد أبدا!

****
طرق باب البيت الذي اشتراه أبيه لهم من مال بيعه للعمدة، ذلك اليت الذي لم يحيا فيه ولا لحظة ولا يعرف كيف يكون؟!
أتاه صوت أخته يسأل عن هوية الطارق فأجابها، ففتحت بسرعة تستقبله بحضن طويل وشوق جارف غمرته به ودموعها تسيل، ضم رأسها إلى صدره وقبل رأسها مربتا على ظهرها وهو يقول :
- لقد كبرتي يا صفية.
نظرت له من بين دموعها، وهي تقول:
- اشتقنا لك يا أخي.
ربت على وجنتها بحنان ومسح بأصابعه الدموع عن خدها، ثم ضمها إلى صدره مجددا، وهو يشعر بالتقصير في حقها لكن ماذا كان عليه أن يفعل؟!
أتاه صوت أمه من ورائه بلكنتها الصعيدية تقول باستنكار:
- مرحب .. يا مرحب بولدي الهارب.

****x
حركت كرسي مكتبها يمنة ويسرى محاولة الاسترخاء بعد يوم مليء بمتابعة أعمالها التي تركها لها زوجها بعد موته لم تكن تتوقع أنها ستصبح ثرية إلى هذا الحد في يوم ما ، ولم تعرف كذلك أنها رغم ثرائها ستعاني من فقر الحب الذي لا يشتريه مال ، و هذه الفقيرة النكرة التي تدعى "مريم" هي التى تظفر بالحب وتُنعَّم باهتمام زاهر ، هذه الخبيثة التي تبحث عن المال بلا شك، وتتخذ من الحب ستارا لرغباتها، تماما كما بحثت هي عن المال من قبل وتركت فتزوجت برجل اَخر غير زاهر
النساء عملة واحدة لا فرق بينهن في التفكير والمكر والدهاء ؛ لذا فلا فرق بين مريم وبينها ولكن زاهر غافلا عن هذه الحقيقة ولا يريد أن يغفر لها خطيئتها بسبب ظهور تلك الأفعى التي تسمى "مريم" لتسحره بنعومتها ثم تبتلع أمواله وتلفظه بعد ذلك عندما تمل منه ، أما هي فلن تكون "نور المهدي" إن لم تقتلع سمها هذا وتتركها هكذا بلا قيمة وتظهر حقيقتها لزاهر فيرميها ويعود إلى حضن هواها من جديد .
وبينما هي منشغلة بتفكيرها فإذا بطرقتين خفيفتين على الباب ثم دلف الطارق دون أن تأذن له !
فاعتدلت لترى من هذا الذي لا يعرف أصول اللياقة فوجدته مدير أعمالها أستاذ "فضل" ذلك الرجل المعتدل القامة ذو الابتسامة الجانبية التي تجعله كثعلب خاصة مع نظراته الوقحة الجريئة التي يلاحقها بها إلا أنها رغم ذلك لا تتضرر كثيرا من نظراته لأنها تشعرها بجمالها واشتهائه لها يثير فخرها بأنها امرأة لا تزال مرغوب بها فما بال "زاهر" قد عُمي بصره عنها؟!
اقترب منها وهو يستنشق بعمق ووضوح رائحة عطرها التي عبقت بها هواء المكتب قائلا :
- رائحة عطرك تفتنُني يا عزيزتي
حاولت أن تخفي سرورها بإعجابه بها وسألته قائلة :
- ماذا تريد يا فضل،؟ هات ما لديك. ثم بسطت له كفها وهي تكمل قولها:
- أرني ماذا تحمل هذه الأوراق.
مد لها الأوراق التي يحملها قائلا بجدية- وكأنه لم يكن يغازلها منذ لحظات قليلة، وهذا ما يروقها به أنه جاد بعمله رغم وقاحته- :
بعض رواتب الموظفين متأخرة ، وهناك بعض الضرائب لم تسدد بعد نحتاج إمضائك لنقوم بصرف الرواتب وتسديد الضرائب .
بدأت في تذييل الأوراق بتوقيعها بتركيز ولم تشعر به عندما اقترب منها وعيناه تجول على جسدها الذي حواه فستان ضيق أزرق اللون من الستان أظهر من مفاتنها اكثر مما أخفى لشدة ضيقه ومال حتى صار ملاصقا لجانب وجهها قائلا:
- هل يمكن أن تقبلي دعوتي اليوم لتناول العشاء معا بفلتي المتواضعة ؟
تفاجئت من تطاوله رغم شعورها الدفين بالسعادة بأن هناك من يرغب بها بعدما نبذها زاهر ، ثم نظرت له فصار وجهها قبالة وجهه يلفحها بأنفاسه ، ودار برأسها أنها ستحتاجه في شيء أكثر من مجرد أن يكون مديرا لأعمالها لذا لا مانع من التساهل معه قليلا حتى تصل إلى مبتغاها ؛لذا ابتسمت له وقالت بصوت هادئ مغوي:
- حسنا لا مانع لدي لكن سنتناول العشاء بمطعم (…) ودع العشاء بفلتك لوقت اَخر.
اتسعت بسمته الثعلبية واقترب أكثر من أذنها هامسا لها :
- سأنتظرك الساعة العاشرة مساء لا تتأخري .
ثم أخذ أوراقه من أمامها وانصرف تاركها وراءه تدبر لأمر ما.

****

شهرٌ مرّ عليها بعملها الجديد في تلك الأكاديمية ورغم أن لها زميلات كُثُر هاهنا، ورغم معاملة أستاذ "مراد" لها أحسن ما تكون المعاملة وكأنه أخا لها يعتني بها و يسأل عنها من وقت ﻵخر إلا أنها مع ذلك تشعر بالوحدة بينهم بدون وجود "فريدة"! .. هي صديقة واحدة لكن كان وجودها يغنيها عن كل هؤلاء حقا.
قطع تفكيرها رنين هاتفها باسم "زاهر" كعادته منذ أن التحقت بهذا وهو لا يكف عن مهاتفتها مرة كل يوم بحجة الاطمئنان عليها ورغم أنها كانت تظهر له استيائها من تصرفه هذا إلا أنها قد وقعت بإدمان مهاتفاته اليومية ولا تتمنى أن ينقطع عنها أبدا، فقد عوضها وجوده افتقادها لفريدة التي لم تعد تحدثها كما السابق بسبب انشغال كليهما، وصارت أحاديثهما على فترات متباعدة دون قصد أو ترتيب من إحداهما!
أما سؤال "زاهر" الدائم عنها كان كفيلا أن يشعرها بأن هناك من يهتم لأمرها ويعتني به، ولطالما كانت مفتقدة لهذا الشعور.
انقطع الرنين ... نظرت للهاتف بخيبة! لا بأس فقد توقفت عن حديثه منذ ثلاثة أيام ولم تعد تجيب عن اتصالاته، لعلها تتحرر قليلا من إدمانها لسماع صوته، ولعلها تتخلص من اعتيادها لوجوده الذي يزيل جفاف حياتها بندى اهتمامه.
ظلت شاردة نحو شاشة هاتفها منتظرة اتصال اَخر كانت ستتجاهله كما تجاهلت أخيه، لكن ظنها قد خاب وظلت شاشة الهاتف مظلمة! فعبس وجهها وأطل الضيق من عينيها متسائلة لمَ لمْ يعاود الاتصال مرة أخرى؟ كما يفعل دائما إذا لم تجبه كعادته في الفترة الأخيرة؟
ثم ابتسمت ابتسامة جانبية متحسرة وهي تجيب نفسها: ولم تنتظرين منه اتصالا اَخر يا بلهاء؟ لا بد أنه قد وصلته رسالتك بعدم رغبتك في مكالماته، وبالتالي انصاع لرغبتك التي سعيتِ لها. تأففت بضيق ، ثم أسندت خدها على قبضة يدها بانهزام وقد قطبت جبينها وهي تذكر نفسها بأنها لم تخطأ بهذا القرار
فماذا كانت تستفيد من سماع صوته وكثرة اهتمامه سوى مزيج من السعادة و التُّعس ..؟
ماذا تستفيد سوى تأجج مشاعرها نحوه وإدمان اهتمامه وازدياد تعلقها به وبينهما مسافة الأرض والسماء
ماذا ستجني سوى اغتصاص حلقها كلما استفاقت من سعادة اللحظات التي تنتشي بها بسماع صوته ثم تصتدم بواقعها المضني وحالها الرث،
وما فائدة كل هذا وما الجدوى منه ؟
بل من الجيد أن تضع حدا لطموحاتها حتى لا تحلق .. وتحلق ثم تقع مصتدمة بصخور واقعها فتكسر عنقها.. وهي تعرف حدود طموحاتها جيدا فلا "زاهر" يناسبها ولا هي تناسبه أو بالأدق هي التي لا تناسبه البته.
صحيح أن سهم الحب قد أخطأ عندما أصاب قلبها الهش، وصحيح أنها كادت تستند برأسها على الكتف الخطأ، إلا أنها اﻵن تفعل ما بوسعها لكي تروض قلبها فلا تستسلم أو تنصاع وراء سراب الحب الذي يلوح لها من بعيد في قيظ أيامها حتى لا تفيق على خيبة محتمة، ف"زاهر" رغم شغفه بها الذي يفضحه نبرة صوته واهتمامه إلا أنه مقيد بعادات وتقاليد ومجتمع يمنعه عنها وبالتالي فهو لا يقدم على أية خطوة ذات معنى أو مسمى ويكتفي بإبقائها نبضا خفيا دق به قلبه في السر ولا يمكن أن يبوح به للعلن؛ لذا لا جدوى من اهتمامه ولا جدوى من محاداثاته اليومية، بل لا بد أن يقف كل هذا الهراء إلى هذا الحد ويكفي ما بقلبها من ندوب .
نظرت إلى ساعتها فوجدت أن محاضرتها لم يبقَ على بدءها سوى نصف ساعة ، فأخذت نفسا عميقا وزفرت ببطء لعلها تلفظ مع زفراتها ذاك الاختناق الذي يحيط بقلبها ويكبله.
ثم شرد عقلها صوب زاهر مرة أخرى .. لقد اشتاقته! وافتقدت صوته اﻵسر الذي كان يطل عليها كل يوم بسؤاله اللطيف:
-اَنستي الجميلة .. كيف حالها؟
افتقدت ذاك السؤال البسيط الذي يحمل في طياته غزلا رقيقا وتملكا خفيا يجيده وحده.
اعتادته كما اعتادت تنفسها للهواء؛ لذا هي مختنقة اﻵن فكيف للمرء أن يمنع نفسه عن التنفس أو يحرم على نفسه الهواء؟ ولا تستطيع لوم نفسها على اعتيادها لوجوده، فأي امرأة هذه التي لا تهوى حلو الكلام؟ وأي امرأة هذه التي كانت سترفض اهتماما وملاحقة من رجل ك"زاهر"؟ فما بالها بامرأة مثلها فقيرة السند والاهتمام فكيف لا تعتاد وجوده واهتمامه الرجولي الذي يرضي أنوثتها التي طالما أخفتها وراء قناع رجولي يتحمل أعباء تفوق طاقته ولا تعرف متى ستستريح من ذاك العناء.
نظرت إلى ساعة هاتفها مرة أخرى فوجدت أنه لم يمض سوى ربع ساعة فقط، فكما هي عادة الوقت الثقيل يمضي بطيئا لا يمر إلا بعد أن يدهسنا تحت عجلاته الثقيلة.
أخذت أدواتها، وخرجت من حجرة مكتبها لتتسكع في رواق المبنى حتى ينقضي الوقت ويحين ميعاد محاضرتها وأثناء سيرها ببطء و شرود استوقفها مديرها السيد "مراد" قائلا لها بوجه بشوش :
- كيف حالك أستاذة مريم؟ لمَ شاردة هكذا؟ أتمنى ألا يكون هناك ما يزعجك في عملك ها هنا .
بادلته الابتسامة البشوشة الرقيق وأجابته:
- بخير يا أستاذ مراد لا أبدا أنا سعيدة بالعمل معكم هنا، ولا يوجد ما يزعجني.
- جيد جدا نحن أيضا سعداء بعملك معنا، فمجهود ونشاطك واضحان، أرجو أن يكون طلابك قد استعدوا لتقديم معزوفة في حفل تخرج طلاب فرقة السنة الماضية.
- ها أنا اﻵن ذاهبة لأكمل تدريبهم أتمنى أن يحققوا نجاحا ينال إعجابك أستاذ "مراد"
ابتسم لها وهو يميء برأسه قائلا:
أتمنى ذلك، ثم فرقع بإصبعيه الإبهام والوسطى كأنه تذكر شيئا كاد ينساه وهو يقول قد ازدادت بسمته الرصينة اتساعا :
- صحيح هناك طالب جديد انضم للفرقة التي تقومين بالتدريس لها اليوم، أتمنى ألا تجدينه مشاغبا.
تعجبت من ابتسامته الواسعة التي لا تناسب قوله بانضمام طالب جديد مشاغب، فهذا أمر يدعو للضيق والضجر لا للتبسم، وكأن يومها ينقصه مزيدا من الضجر.
تنهدت وهي تقول له باستياء:
-أتمنى ذلك أيضا .. أتسمح لي بالانصراف فقد حان وقت محاضرتي .
أفسح لها الطريق قائلا بوقار :
- بالطبع تفضلي
انصرفت من أمامه وهي مستاءة لانضمام هذا الطالب الجديد، وتمنت ألا يخرب وجوده مزاجها المتعكر دون جهد أحد.
أما "مراد" فقد تبعها بابتسامة حانية، وهو على ثقة أنها لم تفهم ما أراده من تنبيهه لها عن الطالب الجديد أو عن ضيفها الجديد إن أراد الدقة !

***

دلفت إلى قاعة المحاضرات ولم تحاول أن تكلف نفسها عناء البحث بين الوجوه عن وجه جديد لأن من يحضر اليوم ربما لم يحضر من قبل ومن حضر من قبل من المحتمل ألا يحضر اليوم وبالتالي ستظل أغلب الوجوه جديدة بالنسبة لها!
مع دخولها بدأ الصوت يخفت رويدا رويدا لكنه لم يختف تماما بل ظلت بعض الأصوات هامسة كأنهم سيموتون باختناق الكلمات في حناجرهم إن لم يخرجوها في هذه اللحظة، لكنها لم تبالِ.
وقفت على منصتها وطلبت من الطلبة الذين سيقومون بالغناء بغنوة جماعية أثناء عزف اﻵخرين بالاصطفاف إلى جانب منصتها
ثم أمسكت بقوس الكمان وأسندت نهاية الكمان على كتفها الإيسر وأمالت رأسها عليه لتسنده بنهاية خدها او تستند إليه بحب كما لو أنها تستند على كتف حبيها الذي لن يخذلها أبدا بل سيُربت على قلبها بعذوبة موسيقاه، ثم أشارت بيدها لباقي الطلاب الذين يشاركون في العزف بالبدء معها، ثم حركت القوس على الأوتار باحترافية لتنساب موسيقى كلاسيكية خرجت من أوتار كمانها حزينة وكأنها تشي بعزفها عن مكنون صدرها الحزين، وبدأ طلابها يعزفون ويغني اﻵخرون بصوت واحد
"
أهواك بلا أمل وعيونك تبسم لي
وورودك تغريني بشهيات القبل
أهواك ولي قلب بغرامك يلتهب
تدنيه فيقترب تقصيه فيغترب
في الظلمة يكتئب ويهدهده التعب
فيذوب وينسكب كالدمع في المقل
في السهرة أنتظر ويطول بي السهر
فيسائلني القمر يا حلوة ما الخبر؟
فأجيبه والقلب قد تيمه الحب
يا بدر أنا السبب أحببت بلا أمل
أهواك، أهواك
أهواك بلا أمل" *

عزفت وهي مغمضة العينين مندمجة قلبا وقالبا مع موسيقى تلك الأغنية التي تصفها بكل تفصيلة بها فقد وقعت بهوى مفقود به الأمل.
وما إن انتهوا حتى دوى صوت تصفيق منفرد لشخص يجلس بنهاية القاعة الجميع التف ناحيته مبتسما بفخر، أما هي فقد فتحت عينيها لتفاجأ بعينيه الحبيبتين أمامها!
متى خرج من قلبها ليجلس أمامها هكذا يسمعها؟ منذ متى وهو موجود؟ أو لعله ذاك الطالب الذي…
فطنت مؤخرا لتنبيه مديرها بالطالب المشاغب الجديد، بالطبع هو ومن يكون سواه؟
أبعدت اَلتها الوترية عنها بتوتر ملحوظ وقد اشتعلت وجنتيها خجلا، ثم شاركته تصفيقه لطلابها الذين أحسنوا العزف، وبدأت توجه لهم بعض التعليمات للأشخاص الذين أسقطوا بعض نوتات العزف أو تلعثموا بها، فأعادوا معها بعض المقاطع.
أما هو فقد كان مراقبا لها فلم يرفع نظره من عليها. يراقب تفاصيلها، اختلاجاتها وسكناتها يعرف تماما أن وجوده قد أربكها ومراقبته لها اﻵن تزيدها ارتباكا وتوترا لكنه لا يستطيع أن يبعد عنها ناظريه وهي التي قد شغفته حبا ببراءتها، وإن كانت قد منعت نفسها عن سماع صوته واستطاعت أن تقسو عليه، فهو لم يستطع أن يتحمل كل هذه المدة دون سماع صوتها؛ لذا ساقته قدماه إلى حيث يراها أمامه لا ليسمع صوتها فقط.
كم يهيم بها..
يهيم بكل تفاصيلها البسيطة النقية العذبة كعذوبة اسمها
وكم تؤسره عينيها الواسعتين كعيون المها ، فتجعله سجينا بين رموشها يهوى سجنه ولا يريد منه الخلاص.
تثير جنونه هي بعنادها وتمردها تمرد المُهرة الجامحة الذي قد يكرهه بكل النساء ويستهويه بها فقط فيحلو بعينيه مشاكستها وإثارة ذاك التمرد الذي يلمع بليل عينيها ، وكأنه بذلك يرد لها جزءا من جنونه بها، هذا لو يستطيع.
تمنى لو يخطفها اﻵن، فيحبسها داخل قفصه الصدري لتتربع على عرش فؤاده وتعزف له وحده كل الألحان الشجيّات، ويغرقها هو بكلمات الحب، تلك الوالهة التي تظن أنها تهوى بلا أملِ وهي التي زرعت بحدائق قلبه كل اﻵمال .
انتبه من شروده و هي تحييهم، بعدما أنهت محاضرتها، ثم اندفعت كالرصاصة الطائشة خارج قاعة المحاضرات دون أن تلتفت إليه أو تبدي اهتماما بوجوده، اندفعت مسرعة إلى خارج القاعة وكأنها تريد أن تفر منه كما فرت من الإجابة على مكالماته منذ فترة!
خرج مسرعا وراءها لعله يلحق بها ولكنها كانت تطير وتنهب الأرض نهبا بسيرها وفستانها الوردي ذي الذيل الواسع الطويل يرفرف من ورائها ، فأوسع من خطواته وزاد من سرعته حتى لحق بها، وكانت قد تجاوزت بوابة الإكاديمية إلا أنه أمسك برسغها ليمنعها من سيرها فشهقت شهقة قصيرة من مفاجأتها بتتبعه لها ، ثم نفضت يده عنها قائلة بثورة وليل عينيها ينبأه بعاصفة ستنفجر بوجهه وتتركه ذبيحا في إثرها :
- ماذا تريد مني؟x
شعر بثورة تحاول كتمها وراء تساؤلها، ويعلم أنها على حق رغم كل شيء فهي لا تفهم مكنون مشاعره تجاهها ولن يحاسبها على ما ليس لها به علم.
فأجابها مراوغا سؤالها:
- أرجوك اهدأي يا مريم!
ازدادت ثورتها حدة وهي تقول:
- أنا هادئة جدا .. ولكن من فضلك أجبني.
قالتها وهي تعرف بداخلها كم هي كاذبة، فالهدوء أبعد شعور عنها في هذه اللحظة بل بداخلها بركان يتطاير منه اللهب، وثورة قائمة ترفع فيها قلبها أعلام العصيان ويستحلفها أن تصمت، وترضى منه بالفتات كمكالمة هاتفية تمتص رحيق اهتمامه وحبه من خلالها، ولكنها تُخرسه بسوط من تساؤلاتها الموجعة فإلى متى سترضى من كل شيء بالفتات وبالقليل؟ إن لم يكن قادرا على أن يصرح بحبه اﻵن لأنها ليست من مستواه المادي والاجتماعي وإن لم يكف عن المكابرة وإخفاء حبه، فلا حاجة لها به.
لا حاجة لها بذَكَر اَخر لا يملك معنى الرجولة. إن لم يكن قادرا على مواجهة عالمه بحبه لها ويرتضي أن يبقيها ظلا خفيا، فلن تكون له سرا ولا علنا، وستقتلع هي من فؤادها هذا الحب المجنون اقتلاعا.
طال صمته ولم يجيبها فكررت سؤالها وهي تضغط على حروفها:
- ماذا تريد مني؟
- أريدك أنتِ.
كان رد غير شافيا لرغبتها في سماع المزيد من التصريحات لذا سألته وهي تضيق عينيها بعدم فهم:
- بأي صورة تريدني؟ ماذا تعني؟
أبعد عينيه عنها وهو يفكر بأن يعترف لها بأنه يريدها زوجته، وحبيبته، وطفلته، وصديقته، وعشقه اللذيذ وغرامه الأبدي، لكنه أحجم عن ذلك ، فقد كانت غايته الكبرى أن يأتي إلى بيتها طالبا يدها، فهو لم يكن من أنصار الكلام الجميل والتصريحات الغرامية الخلابة والوعود البراقة دون أن يتبع كلامه بفعل، وهو غير قادر على الفعل اﻵن بسبب خلافه مع أمه التي أصرت على عدم تقبل هذا الزواج، وهو لا يريد أن يقدم على خطوة لا يأمن فيها ردود فعل أمه عليها، تلك الردود ستؤذيها هو يعرف طريقة أمه جيدا في التقليل من الغير وما يؤذيها سيؤذيه ويوجعه أيضا.
كم كان يتمنى لو يستطع أن يضمها اﻵن إلى صدره فيزيل عنها كل هواجسها ويهدم أسوار عنادها بسيل حبه الجارف، ولكنه لا يملك الحق في شيء كهذا اﻵن، قطع حيرته بقوله:
- تعالِ معي أوصلك ونتكلم في الطريق.
كانت إجابته هذه -في نظرها- بل تهربه من الإجابة إن شائت الدقة هي سبب هزيمتها ووجعها ، هكذا تهرّب من الإفصاح عن مشاعره التي تحسها بعد أن أعطته فرصة التصريح، وكيف له أن يصرح لها أنه يريدها حبيته في الظل، وغرامه بعيدا عن النور!
أعلن عقلها انتصاره على قلبها الذي انزوى مهزوما تملأه الحسرة في أقصى جنبات صدرها، كانت على صواب فيxوقف تلك المهزلة حتى لا تغرس قدماها أكثر في بحر مشاعرها فتجد نفسها بعرض البحر تقاوم الغرق وقد تسرب الشاطيء من تحت أرجلها وليس لها من منقذ ؛لذا كبتت ثورتها وراء قناع ثلجي أحاطت به وجهها المرفوع بكبرياء والذي يناقض عينيها اللتين غضت بهما البصر بعدما احتفظت على صفحتهما بصورة لوجهه الحبيب ثم أغمضت عليهما حتى لا يهرب منهما صورة وجهه التي ستأنسها في وحشة أيامها القادمة، وقالت له بصوت خفيض يخفي وجع لا يستشعره إلا محب مثله وشفتين تجاهد لكي تخفي ارتعاشتهما بالبكاء:
- لا داعي لأن تقوم بتوصيلي أستاذ زاهر لا داعي لإهدار وقتك الثمين، ولا داعي كذلك لمهاتفاتك شبه الدائمة بححة الاطمئنان علي، فأنا بخير في كل حال
لذا توقف عن ذلك إذا سمحت .. من الان فصاعدا فقد صارت مكالماتك تزعجني!
لم تنظر منه اعتراضا وتركته وراءها مبهوتا بما قالته وسارت في طريقها دون أن تلتفت .
يعرف أنها تكذب بشأن انزعاجها منه فقد جرح كبريائها وأذاقها طعم الخيبة بمراوغته لأسألتها، دون قصد منه!
زفر بضيق وهو يحدث نفسه بأنه لابد أن يصل لحلِِ مع أمه بشأن زواجه منها، فهو سيتزوجها إن شاءت أمه أو أبيت فلم يعد قادرا على الصبر على بعد مريمة قلبه عن بعد اﻵن.

يُتبع…

__________________________________________________ ___
* أغنية أهواك بلا أمل غناء فيروز
رابط الأغنية معزوفة الكمان :
https://youtu.be/byb8o0rdB5Q
https://youtu.be/rKjskyLfblU

- بانتظار رأيكم وتفاعلكم ونقدكم البناء أحبتي وأعتذر عن التأخير عليكم
دمتم بحب🌼❤

بقلم /فايزة ضياء العشري


فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 14-11-21, 05:41 PM   #85

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,559
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.مساء الخير مبدعتنا الجميلة
*لست مدينا لأحد*موسي بنشأته القاسية تلك وكل العذاب الذي لاقاه علي يد العمدة الظالم بعد أن أجبر والديه علي بيعه لهم .
ويظل أنهم تخلواعن إبنهم مهما كان الضغط أو التهديد وتطالب أمه الآن ان يأخذ بثأر أبيه علي أى اساس لا أفهم
هو في بطاقته الرسمية لبس إبنا لهم وفقدوا كل حقوقهم عليه والتي ليس من ضمنها القتل الذى حرمه الله
وعودته للبلدة أساسا ليس لها داع فقد ضاع الدم وصلة الرحم يوم فر هاربا لم يحميه أب أو تحنو عليه أم
*من يشترى..ومن يبيع*من يبيع نفسه من أجل المال متخليا عمن يحب يعتقد كل الناس مثله فترى نور أن مريم طامعة خاصة انها فقيرة
وكم من فقير مال عزيز نفس وكم من وفير مال جشع نفس .
ولكنه عمي القلوب الذى يغذى نور بأنها لو أزاحت مريم من طريقها ستستعيد زاهر
وبالطبع لن تكون وسيلتها في إبعاد مريم شريفة خاصة في وجود مدير أعمال مستعد لشراء ودها بأى ثمن
*حب لا يرى النور*مريم تعجبني بواقعيتها وعقلانيتها جدافرغم حبها لزاهر وسعادتها بسؤاله الدائم عنها
إلا أنهاتسعي لتحديد موقفه منها فهي ترى الحب بعينيه ولكنه لم يصرح لا بحبه ولا بما ينتوى فعله
مما يجعلها تعتقد أنه يريد إرتباطا سريا فتحسم أمرها ولتنتزع ذلك الحب من قلبها ما دام لا يحفظ لها كرامتها
وللحق أخطأ زاهر عندما احتفظ بما ينتويه من أجلها لنفسه حتي يحصل علي موافقة والدته ويأمن أن لا تسئ لمريم.
أفضل طريق هو الوضوح والصراحة وما كان رجل الأعمال الناجح لتعييه الوسيلة في توضيح نيته وظروفه المؤقتة التي يسعى للتغلب عليها أى أنها مسألة وقت بدلا من أن تظن مريم به الظنون
*أهواك بلا أمل*جميلة جدا كلمات الأغنية ومعزوفة االكمان سمعتها رائع فعلافأنا أعشقx الكمان وأسميها العازف الحزين
ذائقتك الفنية جميلة جدا فشكرا لك علي هذا الإهداء الجميل
سلمت يداكي علي الفصل الجميل وإبداع السرد بلغتك الرصينة والتشبيهات والمحسنات البديعية الرائعة وصدق التعبير عن المشاعر والأحاسيس
دام الله عليك ألقك وإبداعك وموهبتك المميزة
إلي لقاء دمتي بكل الخير والتوفيق من الله


shezo غير متواجد حالياً  
قديم 21-11-21, 12:20 AM   #86

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس عشر

الفصل السادس عشر

- مرحب يا مرحب بولدي الهارب.
وقع ترحاب أمه على أذنه، كوقع الصفعة التي قد يتلقاها على وجهه من أقرب الناس إليه.
هو بنظرها ولدها الهارب، الذي كان يتوجب عليه أن يبقى ليتجرع مزيدا من الذل والألم والمهانة، ويُضيّع مستقبله كما أضاعوا ماضيه بتخليهم عنه، وربما حينها فقط ترضى!
سألها بأسفٍ قائلا:
- أهذا ترحابك بي يا أمي بعد طول غياب؟! ابنك في عينيك مجرد هارب؟!
تقدمت أمه نحوه ببطء، كانت امرأة في عقدها السادس لكن بنيتها الطويلة كابنها لم يبدُ عليها الهرم، وقفت أمامه بقامتها الطويلة المتّشحة بالسواد، ونظرت له نظرة تملؤها الجمود أطلت من وجهها المتغضن، وقد عقدت حاجبيها بصرامة، وأحنت فمها بامتعاض، ثم سألته باستنكارٍ بلهجتها الصعيدية بجفاء، وهي تخبطه خبطتين غليظتين على صدره جهة اليسار براحة يدها المبسوطة:
- وكيف أرحب بزين الرجال؟ بالزمر والطبل والزغاريد؟!
تلقى "موسى" ضربات أمه الساخرة على صدره بحزن عميق، وغضب يمور بصدره لكنه كظمه، وأغمض عينيه بقوة، واستغفر بصوت، ثم فتح عينيه لينظر لوجهها الجامد.
لم يكن يشبهها في الملامح، وإن أشبهها بطول القامة، وحمد ربه أنه لم يشبهها بأي شيء آخر !
لايدرك ما الذي ذكّره بأم "فريدة"، تلك السيدة التي تقطر ملامحها فيوضا من الطيبة، والحنان تشمله به إذا ما رأته، وهو لم يكن ابنها، ولا فلذة كبدها!
فما بال أمه بهذه القساوة، لمَ لمْ تكنْ له أمََّا بحق؟ تدفع عنه ما يضره، ويؤذيه قدر استطاعتها، لا تدفعه هو دفعا لما يُهلكه!
تكلّم بعد صمته الذي تعمّده، ليتمالك ثورة أعصابه متجاهلا تساؤلها:
- أبلغتني صفية أنك مريضة، وتريدين رؤيتي لكني أراك في أفضل حال، فلم طلبتِ مجيئي؟
- الثأر!
انفعل موسى وهو يصيح:
- أي ثأر؟
قالت بانفعال، وهي تتجه نحو أريكة رابضة في ساحة البيت الواسعة لتجلس عليها:
- ثأر أبيك يا موسى، أبوك الذي خطفه القتل من بيننا، وتركنا نعيش وحدنا، وأنت .. أنت هارب.
توجه نحوها "موسى" ليجلس إلى جوارها، وهو يسألها بذهولٍ مستنكر:
- وهل تنتظرين أن يخطفني الموت أيضا كما خطف أبي؟
ثم قولي لي ممن تريدين الثأر؟ من أبناء ذلك الرجل الذي قتله دون عمد عندما كان يتربص بالعمدة، وقد نال جزاءه ولم يتركه العمدة إلا، وقد أنهى حياته، ورمى زوجته، وأبنائه خارج البلد؟
أم آخذ الثأر من العمدة الذي كان ظلمه سببا في هلاك أبي؟
- خذ بثأرك من ابن قاتل أبيك، سمعت أنه عاد هو، وأمه إلى البلد*مرة أخرى، ولم يعترض العمدة على عودته خذ……
قاطعها "موسى" وهو يقول من بين أسنانه، وقد تلألأت الدموع في مقلتيه:
- لن آخذ بثأر أحد … ألم تُقرّي أنت وأبي، أن ابنكما "موسى" قد مات؟!
لا يهمني إن كنتم قد فعلتم ذلك خوفا منه أو طمعا في ماله، لكنكم ارتضيتم حقيقة موتي، وأنا على وجه الحياة، أنا بالنسبة لكم لست "موسى" وبرأيك يا أمي، كيف تطلبين من شبح ابنك أن يأخذ بثأر أبيه؟
هبت أمه واقفة، وهي تقول بغضبٍ شديدٍ:
- طيب أنت شبح "موسى" لكنك صالح علوي، والعمدة سيفرح كثيرًا إذا علم بمكانك.
نزل تهديدها عليه كالصاعقة، أتهدده بأن تفشي سره إلى العمدة؟!
كيف لها أن تفعل، وهي أمه، ودمها يجري بدمه؟ كيف تقسو عليه كل هذه القسوة، وتطرده من حنانها ورحمتها؟ أو تمتلك في قلبها في الأساس شيئًا من الرحمة ؟
نظر مبهوتا لأخته التي وقفت منزوية على نفسها، عند باب حجرة ربما تكون حجرتها، تستمع لما يدور بينهما ويبدو على وجهها الحزن والأسف، اﻷن يفهم لِمَ استقبلته أخته باكية لابد أنها عانت في عيشها مع أمها الأمرّين، ولولا إصرار أبيه على تعليمها، وحصولها على شهادة الليسانس في الحقوق، لما كانت أكملت تعليمها، رضوخًا لرغبة أمها التي لا تعترف بتعليم البنات، وترى أن المرأة ليس لها عمل إلا في بيت زوجها، وربما كانت أجبرتها على الزواج في سن صغيرة، كما يشعر أنها أجبرتها على زواجها منذ عامين من رجل من بلدتهم لا يعرف حتى كيف يكتب اسمه، هذا ما أخبرته به أخته، وهي تضحك ساخرة في إحدى مكالماته المتباعدة التي كان يهاتفها فيها ليطمئن على حالها!
اﻵن يشعر أن حالها لا يختلف عن حاله، فأمهما كفيلة بأن تحوّل حياتهما إلى جحيم!
قطع تفكيره صوت أمه الحاد، وهي تسأله:
- ها… ماذا قلت؟
- أنا سأتزوج قريبًا يا أمي.
هُيء له أنه رأى بوجهها نظرة سعيدة سرعان ما تلاشت، وهي تسأله:
- ومن هذه التي ستتزوجها؟ بنت من بنات مصر*؟
لا تعرف أدبًا ولا أصولًا ولا حياءً؟
كان واجبًا عليك أن تتزوج بنت خالتك "صابحة" أو أي بنت من بنات البلد.
قام من مجلسه، ُيغالب ضيقه، وحسرته، واتجه نحوها ليترجاها قائلا:
- أرجوكِ لا تفسدي عليّ مستقبلي كما أفسدتم ماضيَّ، هي فتاة رائعة ستحبينها إذا ما رأيتيها، افرحي لي واتركيني أفرح.
صمتت أمه للحظات، وأبعدت وجهها عنه، وهي تقول:
- طيب … اذهب وتزوج، ولنا كلام آخر بعد زواجك يا عريس، وإلا ستجد رجال العمدة حاضرين عندك يهنئونك بالعرس.

تركته ودلفت إلى حجرة أخرى غير التي تقف عند بابها "صفية" كان مذهولا، لا يُصدق كل ما سمعه، ولا ما يحدث له، فتهاوى جالسًا، وقد أحنى رأسه، وأسندها على كفيّه في هيئة توحي للناظر باليأس وقلة الحيلة، جرت من عينه دمعة مقهورة. حاول أن يحبس أختها بإغماض عينيه.
شعر بكف يربت على ظهره بحنان، وسمع صوت أخته وهي تقول:
- لا تحزن يا أخي سيفرجها الله ... احكي لي هيا هل نويت الزواج فعلا؟
ابتسم وأسند ظهره إلى ظهر الأريكة، وهو يمسح بكفيه وجهه ليزيل أثر البكاء ثم نظر لأخته مبتسما، وهو يربّت على وجهها:
- نعم سأفعل.
اتسعت ابتسامتها، وهي تقول له:
- هيا اخبرني عنها ما اسمها؟ وكيف شكلها؟
- اسمها "فريدة".

*********

لم يكفّ "زاهر" عن إنهاء أغلب أعماله المتأخرة، بعقل مشوش وقلب مهموم لانقطاع أخبار "مريم" عنه، إلا أنه حاول أن ينغمس بكل كيانه في عمله، حتى يكفّ عن تفكيره بها الذي لا ينقطع.
وضع سماعة هاتف مكتبه على أذنه منتظرًا سماع صوتٍ بالطرف اﻵخر، حتى أتاه صوت مدير المكتب:
- أهلا بك في إحدى فروع شركات سيف القاسمي، كيف يمكنني مساعدتك؟
- من فضلك هل "سيف" موجود اﻵن بالشركة؟
- نعم يا فندم، لكنّه يوشك على المغادرة. .
- لا لا من فضلك أخبره أن ينتظرني، قل له "زاهر" يريدك بأمر هام.
- حسنا سأفعل حالا.
- شكرا لك.
أنهى اتصاله، وقام مسرعًا يرتدى سترته التي كانت تحيط ظهر كرسيه، لا بد أن يلحق به قبل أن يغادر، هو يعرف أن الوقت تأخر كثيرا وتجاوز منتصف الليل، لكنه قرر التوجه إلى مقر شركة "سيف" ليس للحديث معه عن شراكتهما فهو غير متابع لهذه الشركة المشتركة، وإنما لينفض يده من تلك الشراكة، فهو لن يضع يده بيد "سيف" الملوثة بالدماء بعد اﻵن.
وصل إلى مقر الشركة بوقت قياسي، فدلف إلى مكتب "سيف" بعد أن أذن له مدير المكتب بالدخول.
قابله "سيف" بترحاب هادئ أرستقراطي يليق برجل أعمال كبير، لكنه خالٍ من حرارة كان يستقبله بها من قبل، وكأنه قد علم مسبقًا سبب زيارته له:
- أهلًا زاهر كيف تسير الأمور معك؟
بادله "زاهر" بروده الذي هو سلاح كل منهما في حياته العملية، حتى وإن كان برودا مصطنعا يخفي الكثير، ثم أجابه بعد أن جلس، وأراح ظهره على مقعده قائلًا:
- أغلب الأمور بخير فيما عدا شركتنا فأنا غير متابع للعمل بها لانشغالي بأعمال أخرى، ثم إني على وشك السفر بعد شهرين أو أقل من اﻵن لذا جئتك ل...
- لتفض الشراكة - قاطعه "سيف" بجملته المقتضبة، فلم يكن أمرًا عويصًا عليه أن يستنتج ذلك، بعد تلك المقدمة التي ابتدأ زاهر بها حديثه، وخاصة بعد انقطاع زاهر عن زيارته له منذ مقتل ذلك المعلم الذي يدعى "وليد".
أحمق يا زاهر متسرع في إلقاء الأحكام، وإن كنت قد اتخذت دور القاضي لكي تحاكم من تشاء، فهذا الدور لن تمارسه معي أنا، "فسيف القاسمي" لم يُخلق بعد ذلك الذي يحاسبه على ما يفعل !
قالها محدثًا نفسه عاضًا على نواجذه، فبرزت عضمتي فكّه من الغضب.
ظن "زاهر" أنه غضب بسبب رغبته في فض الشراكة التي بينهما، ولم يستطرد في تفكيره، حتى جاءه رد "سيف" هاتكًا حجب ظنونه قائلا بهدوء يناقض غضبه المكتوم :
- لا مانع لدي فقد تم توظيف خبراء أكْفّاء بهذا المجال بالشركة، ولست بحاجة إلى شراكتك إن كنت مشغولا إلى هذا الحد.
في الحقيقة هو لم يكن مشغولا لتلك الدرجة، إلا أنه أراد لأيامه القادمة أن تكون خالية من سيف، خالية من رجل يسفك الدماء، بقلب بارد لمجرد أن هذا يفي برغباته، ويوصله إلى ما يريد .
ولأنه لم يكن بحاجة لمزيد من الحجج التي يسوقها لسيف خاصة بعد ردوده المقتضبة على حديثه، ثم تلهّيه عنه بالنظر إلى أوراقٍ رابضةٍ أمامه كأنه بذلك يعلن انتهاء الجلسة فما كان منه إلّا أن قام وصافحه في برود متمنيا له التوفيق، وخرج من مكتبه بلا رجعة، وهو عازم على توكيل أمر فض تلك الشراكة البائسة لمحامي شركاته، ولن يحمل عقله عبئا جديدًا للتفكير به.
أما "سيف" فلم يكن غافلًا كذلك عن تفكير "زاهر" ونظرته إليه، فمنذ أن شك بأمره عندما تولى منصب محامٍ للدفاع عن "فريدة" قبل -أن يتولى منصب القاضي اﻵن لمحاكمته- وهو يتتبع أخباره سرا وعلم أنه ليس له علاقه بفريدة، لأنه يسعى وراء امرأة أخرى شغلت قلبه ولبّه، كانت تعمل بنفس المدرسة التي تعمل بها فريدة،، وتركت المدرسة اﻵن لتعمل بمكان اَخر، لم يهتم بمعرفته، ولم يهتم بباقي التفاصيل التي جاءته؛ فزاهر لا يهمه أمره، طالما ثبت له أنه بعيد عن فريدته، ولا يفكر بها، وإنما كان يدافع عنها من قبل، ربما لينفث عن مواهبه المكبوته في ممارسة دور محامي الدفاع المحنك.
وهو على ثقة أن زاهر أراد أن يفض شراكته معه ليس لانشغاله كما يزعم، وإنما تمهيدا لحياة هانئة مع تلك الفتاة التي يسعى خلفها، لذا أراد أن ينفض يده من يد شريكه الملوثة بالدماء.
فزاهر يفعل ذلك لأجل فتاته التي أحبها، وهذا حقه، وهو كذلك لوث يديه - كما يعتقد "زاهر" ويقاضيه على فعلته بفض شراكتهما- من أجل الحصول مرة أخرى على امرأة أرادها بشدة، وأحب تملّكها، فما وضع عليه صك ملكيته لن يكون لغيره أبدًا، وكلٌ يعبر عن حبه بطريقته التي تروقه، وهو امرؤ لا يروقه السعي وراء النساء بل هن يأتينه بإرادتهن، وإن لم يأتين طوعًا كفريدته، وظنن بأنفسهن الكبر، والجموح فهو قادر على ترويض ذاك الجموح، والكبر أو كسره فيأتينه حتى ولو كرهًا !
****
خرج زاهر من الشركة فلفح، وجهه نسيم ليلي بارد جعله تنفس بعمق وكأنه أزال من فوق صدره حِملًا ثقيلًا، فقد كان وجود "سيف" بحياته أمرًا غير آمنٍ، أشبه ببركان خامل قد يثور بأي لحظة ويهلك من حوله، وهو يدرك جيدا أن وجود "سيف" لم يكن سينير حياته بل سيشوه بها النور كقنديل لطخ زجاجه الدماء، وإنما كان أقرب الاحتمالات بوجود سيف في حياته هو أن يحيلها إلى ليلٍ هو في غنى عنه، لذا لم يراوده الندم للحظة على ما أقدم عليه منذ قليل.
وها هو أنهى أغلب مشاغله، وحلّ ما تعسّر منها، ولم يبق له إلا أمر واحد هو أهم مشاغله، وأكبرها، هو حديثه مع أمه بشأن زواجه "مريم" وامتصاص عاصفتها التي ستعصفها بوجهه، لكنّه سيبذل كل ما بوسعه محاولا إقناعها بمريم، ومنعها كذلك من التعرّض لها بأي شيء يضايقها؛ لذا قرّر أن يتجه إلى فيلته لينهي هذا الأمر، ثم ارتسمت على شفتيه بسمة جذابة رائقة عندما شعر باقتراب حصوله على بغيته التي تشغله، فانبعث من عينيه البندقيتين بريق خاص..
بريق لا تخطئه عين خبير ...
بريق الحب.

******
فركت "صفية" راحة كفيها ببعضهما البعض بحماس، وقالت بسعادة:
- اخبرني .. اخبرني بكل شيء عنها.

ابتسم موسى وربّت على ذراعها سائلًا إيّاها :
- اخبريني أنت أولا، كيف حالك مع زوجك، ومع أمك في غيابي؟

هدأ حماسها قليلا، وزاغت عيناها بعيدا عن وجهه لتجيبه بابتسامة جانبية:
- بخير يا حبيبي كل شيء بخير.
ثم حوَلت دفة الحديث بسرعة عنها، وكأنّها تريد أن تُخفي أمرًافقالت وقد عاد لها حماسها ثانية:
- دعك مني، واخبرني أنت عن هذه الفريدة.

لم يخف عليه محاولتها في قطع الحديث عن أحوالها، وابتسامتها التي تفضح حزنً خفيًا، وشعر أنها تُخفي أمرًا عنه، ربما تفعل ذلك حتى لا تقلقه؛ لذا اقترب منها، وأمسك ذقنها ليرفع وجهها إليه وقال:
- أشعر أنك تخفين أمرًا عني، لا تحاولي إنكار ذلك حتى لا تضطري للكذب، ولكن اعلمي أني موجود دائما إن احتجتِ شيئا ... أنا سندك يا صفية، فلا تخجلي من طلب أي شيء مني.
منحته ابتسامة حنونة كقلبها وقالت:
- لا حرمني الله منك يا أحن أخ في الدنيا .. هيا اخبرني بقصتك، جعلت حلقي يجف من كثرة السؤال.
شرد قليلا، وهو يعاود تذكّره لكل المواقف التي جمعته بفريدته، منذ أن رآها، وهي مريضة لأول مرة، وحتى هذه اللحظة بعد أن عزم ألا يفرض نفسه عليها هي وأمها الحنونة، وعندما أعياه كثرة الإفضاء بمشاعره، وتفكيره سكت.

فقالت له صفية بشيء من التردد:
- حسنا أنا أحببتها من خلال حبك لها ولكنها ... مطلقة يا موسى .. ليست بكر، وأنت لم يسبق لك الزواج من قبل.

اعتدل "موسى" وقد فاجأه تعليق أخته، فظهر على وجهه الضيق ثم سألها:
- وما العيب في ذلك يا صفية؟
ألم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم، بالسيدة خديجة وهو بكر ، وهي ثيّب، وكانت قد تزوجت قبله زوجين، وأكبر منه بأعوام؟ لكنه تزوجها وكانت أحب زوجاته إليه، فما الداعي لهذه التصنيفات التي تذكرينها اﻵن؟
- لكنك لست الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا هي خديجة، ولا المجتمع الذي تعيشان به مجتمع صدر الإسلام يا "موسى"، أنا لا أقول هذا الكلام لأني مقتنعة به، بل أقوله بلسان أمك وتفكيرها، أمك ستقلب الدنيا، ولن تعدلها إذا علمت أنها امرأة سبق لها الزواج -قالتها بصوت هامس-
داعب موسى بأصابعه شعيرات شاربه، ولحيته كعادته كلما توتر أو شرد بالتفكير، وأجابها:
- أنا لم أكن أنوي إخبار أمك بنيتي في الزواج من "فريدة"، تلك النية التي لم أستقر عليها إلا اﻵن، ولا أعرف إن كانت ستقبل بي "فريدة" أم لا، لكني تفاجأت بنفسي أخبرها بذلك الأمر لعل قلبها يلين، ولكن للأسف……
صمت، ولم يكمل جملته ففهمت أخته مراده، لكنها سألته باهتمام:
- ولِمَ تظن أن فريدة قد لا تقبل بك؟
أجابها وعلى وجهه إمارات الضيق قائلًا:
- لا أعرف إن كانت ستقبل بي أم لا، فأحيانا كنت أشعر أنها تتقبل حضوري، وأحيانا أخرى كنت أشعر أنها لا تتقبلني، وأنا لا أستطيع في كلا الحالتين أن أجزم بحقيقة مشاعرها نحوي، ولكن ما يخنق نفسي هو ضيق حالي، هي وأمها حالتهما المادية أفضل من حالنا بكثيرٍ... صحيح أنها ليست من بنات الذوات مثلا، ولكنها وكما قلت حالتها المادية أفضل منا، كما أنها لا تعرف شيئا عن أمر الثأر هذا، ولا تعرف شيئا عن ماضيَّ، وأخشى أن ترفضني إذا علمت بكل هذا وسيكون لها الحق؛ لأنه كما يقول المثل الشعبي (الرجل لا يعيبه سوى جيبه) وأنا للأسف لدي ما يُعيبني!

ابتسمت صفية، وربتت على ركبته بمآزرة وهي تقول بثقة:
- أنا لا أتفق معك يا موسى، أنت لا يعيبك أي شيء -و بدأت تعدد بمرح على أصابع يديها قائلة- رجل طيب، وابن أصل ، وقامة، ووسامة، وعلم، ودين كل هذه الصفات، لا يعيبها جيبك، ولا أي أمر آخر، ثم إنك طبيب، ومع الوقت سيلمع نجمك ويزداد رزقك، ثم إنك لا تتوقع البلاء قبل حدوثه، اطلبها للزواج حتى لا تبقى محزونا مشتتا هكذا، والله يُغنيك من القليل الحلال بالكثير، ولا تخبرها بأمر الثأر ولا تتحدث كثيرا عن الماضي، ولا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ويفرجها من عنده، اذهب لطلب يدها، ولا تماطل ربما كانت هي كذلك تنتظر أن تنطق وتفصح عن مكنون مشاعرك، وأنت لا تدري، فالمرأة قد ترضى برجلِِ فقير يسعى إليها، ويبذل كل ما في وسعه لنيل حبها ورضاها، ولكنها لا ترضى بِذَكَرٍ ضعيفٍ يهواها من بعيد ولكنه لا يكلف نفسه محاولة ومشقة الوصول إليها، ويخشى مواجهة الصعاب لأجلها حتى ولو معه مال قارون.
تنهد موسى براحة بعد سماعه لحديث أخته، وقد أقنعته حجتها، وعزم على فعل ما قالته له، فابتسم براحة وهو يقول لها:
- كبرتِ يا صفية، وصرت محامية ماهرة أول ما نطقتِ مدافعة دافعتِ عن أخيك.
ضحكت وقد تورد وجهها خجلا وقالت:
- أتم الله سعدك يا أخي، هيا قم لتستريح قليلا قبل الفجر.
وقف موسى وقبّل رأسها وهو يقول:
- لا بل سأرحل اﻵن قبل أن يطلع النهار ويراني أحد، ولا تخبري زوجك بمجيئي، أنت لا تعرفين شيئا عني اتفقنا.
بدا على وجه أخته الحزن وقالت:
- لكنك لم تبق معنا ولو ليلة واحدة، ولم ترتح من السفر.
ابتسم بأسفٍ وهو يقول:
لا بأس يا صفية، اعتدت عدم الراحة، ثم إن هذا المكان يخنقني، ولا أجد فيه راحتي سأرحل اﻵن وسأخبرك بأي جديد عبر الهاتف.
اهتمي بحالك وإن احتجت شيئا هاتفيني ولا تتردي، لأنني لن أتأخر عنك صدقيني.
مسحت صفية دموعها التي فرّت من مقلتيها وأجابته داعية:
- لا حرمني الله من وجودك يا أخي.
خرج من الدار مستترا بالظلام كما جاء مستترا به يودعه حفيف أوراق الشجر، وصوت صرار الليل، فيحث الخطى ليصل إلى محطة القطار قبل أن يلج النهار في الليل، ويعود إلى حيث يحيا "موسى" روحا وجسدا، لا يحيا كشبح، وربما حياته القادمة تملؤها بعضا من السعادة إذا ما وافقت "فريدة" على مطلبه فيجافيه العالم وتصالحه فريدته.

******
- يا شمس حياتي ..أين أنتِ؟
ابتسمت الأم لتلك الجلبة المحببة التي اعتادت أن تصدرها ابنتها الوحيدة عند قدومها من عملها، حاولت أن تخفي بابتسامتها الشاحبة، التي ارتسمت على شفتيها ألم ذلك الصداع اللعين الذي ينتابها من حين ﻵخر، وكأنها ينقصها ذاك الدق المستمر بمخها، بجانب حالات الدوار الناجمة عن مرضها بالضغط!
- أنا هنا يا صغيرتي.
أتى "فريدة" صوت أمها من المطبخ، تلك مملكتها التي اعتادت أن تجد أمها جالسة بها، فابتسمت ونزعت عنها حجابها، ثم حرّرت شعرها الغجري المموج بخصلاته الثائرة من ربطته التي قيدته بها تحت حجابها، وتوجهت إلى المطبخ، ثم حاوطت جسد أمها الجالسة تقطع شرائح البطاطا بانهماك بذراعيها، وقبلت وجنتها قائلة:
- ألا تملّين يا حبيبتي من عملك بالمطبخ ؟

حافظت أمها على بسمتها، وأجابت سؤالها بسؤال:
- لنفترض أني مللت، من سيعد لنا طعام الغداء حينئذ؟
ضحكت فريدة ضحكة رائقة فقد فهمت ما ترمي إليه أمها؛ لذا أخذت من يدها السكين وقالت:
- ستعده لكِ صغيرتك، وأنتِ المسئولة عن النتائج.

-مزاجك رائق اليوم ما شاء الله -قالتها أمها بضحكة تملؤها الحب رغم تعبها-
فاكتفت "فريدة" بابتسامة، وإيماءة ثم تناولت من أمها ما كانت تقوم بتقطيعه، لتكمل ما بدأته أمها، ولم تعقب.
فالحق يقال هي بالفعل صاحبة مزاج رائق، وراحة بال تحسد عليها هذه الأيام، فبعدما علمت من مديرها عندما استدعاها مجددا، ليخبرها سبب حضور "سيف" وأنه أراد أن يلحق ابن أخته بالفصل الذي تدرس فيه بحجة تعلق الولد بها، كانت تظن أن "سيف" سيزعجها بوجوده، ويربكها بملاحقته الدائمة لها، لكنه أخلف كل ظنونها، وانقصى شهرٌ أو ربما يزيد قليلا؛ ولم يحدث ما يثير قلقها، ولم يصدق هو في وعيده لها، إن هي أخلفت موعدها معه، حين أتاها في عقر عملها يطلب منها ملاقته بموعد حدده لها، فكيف لا تشعر بالسعادة، والسكينة، وهي تستشعر زوال خطر "سيف"، بعد أن رفضت دعوته وصفعته على وجه كبريائه؟!
كل هذا كفيل بأن يشعرها بالسكينة وراحة البال، فقد زالت غمامة سيف، وانقشعت عن أيامها، وربما كان قد راهن نفسه أنها ستعود له، وخسر الرهان لذا ملّ من مطاردتها وزهد فيها، وها هي اليوم تعتبر زهده فيها نعمة كبيرة، بعدما كان يؤلمها ذاك الشعور من قبل إذا شعرت به أثناء زواجهما.
هي تعرف جيدا أنها إذا سمعتها أي امرأة أخرى تعرف سيف أو لا تعرفه ربما اتهمتها بالجنون، فمن تلك التي تغبط بزهد رجل في حبها؟
ومن تلك التي تسعد بهجر رجل ك"سيف" لها؟
ولأنها تعلم تمام العلم -كما هو يعلم- أنه رجل تحسدها عليه جميع النساء، ولكن ذلك لمن ترى ظاهره فقط، ولم تحط علما بباطنه الفاسد الذي نخره الدود!
فمن أكثر منها سيكتشف داخله المعطوب المتسلط بجنون والمتملك حد المرض، ظهرت لها عيوبه كاملة خاصة بعد مواجهتها الأخيرة معه، بعدما ذهبت السَّكْرة.. سكرةُ الحب التي غرقت بها حتى الثمالة ولمعت بذهنها الفكرة!
إذََا من الطبيعي أن تسعد اﻵن بزهده بها، ولتشبع به جميع النساء، فيكفيها أنه كان حبها الأول الذي سقاها الخذلان، وأول من تعلّمت على يديه الحب والكره، وأول من سقاها الأمان بيد، ونزعه منها بالأخرى، ونزع معه كل أمانها وثقتها بمن حولها.
صحيح أن شعورًا كبوسي يخامرها بأن ما تمر به ما هو إلا هدوء يسبق العاصفة، لكنها ستنحّي هواجسها جانبا وتبعدها عن صفحة أيامها فتطوي ذلك الماضي الأليم من حياتها مستبشرة خيرا بالقادم.
ورغم شعورها براحة البال إلا أن هناك أمر -وللعجب- يعكر عليها صفو مزاجها، أمر لم تكن تتوقع يوما أنه سيكون سببا من أسباب تعكير مزاجها، ولو أن أحدا أخبرها بذلك يوما ما لكانت قد اتهمته بالجنون في الحال.
ذلك السبب هو اختفاء جارهم "موسى" عن ناظريها منذ فترة
حتى، ولو صدفة عند ذهابها أو إيابها من العمل كما هي المرات القليلة التي جمعتهما، فيتحاشى فيها النظر إليها كلما تشابكت أعينهما عن غير عمد!
واﻵن وكأنه اختفى وصار يتجنّب ملاقاتها بتجنب وقوع الصدف!
أتحبه؟.. لا لا لقد اختبرت هذا الشعور من قبل، ولا يمكن أن تطلق على ما تشعر به اﻵن حبا، ولكنها ربما ما تشعر به مجرد افتقاد وجوده حولها هي وأمها، رغم استثقالها لسؤاله عنهما من قبل، لكنها باتت تستأنس بوجوده حتى ولو من بعيد. فلا تنكر أن وجوده يبث فيها نوعا من الأمان!
وربما ما تشعر به نحوه هو شعور بالذنب، رغم أنها قدمت اعتذارًا له، إلا أنها لا تستطيع أن تفسّر تحاشيه لها، واختفاءه سوى أنه لم يصفح بعد!
ثم ترجمت تفكيرها به، هيئة كلمات سائلة أمها الواقفة أمام الموقد:
- هل ترين ذلك الطبيب الذي يدعى ..-ثم صمتت قليلا وتأتأت كأنها تحاول أن تتذكر اسمه رغبة منها في أن تساعدها أمها في جذب أطراف الحديث-
- موسى -قالتها أمها، وارتسمت على وجهها بسمة رضا فها هي ابنتها بدأت تهتم لأمره دون محاولات كثيرة منها.
- نعم ... موسى .. ألا ترينه يا أمي؟

- لا لم أره منذ فترة، ربما رحل من هذه الشقة.
قطبت "فريدة" جبينها، وشعرت بضيق خفي من فكرة رحيله غير المستبعدة، لم تعقّب على حديث أمها، ثم أنهت ما كانت تفعله، وقامت من جلستها متوجهه نحو باب المطبخ قائلة لأمها:
- سأبدل ملابسي وأصلي، ربما أخلد للنوم قليلا، تركت أمها واتجهت نحو غرفتها لتبدل ثيابها، وتطلق لتفكيرها العنان، وبعدما أغلقت باب غرفتها، وشرعت في تبديل ثيابها حتى سمعت جرس الباب يدق، ثم خطوات أمها متجهة نحو الباب ثم فتحه لكنها لم تستطع أن تتبين من الطارق من موقعها بغرفتها؛ لذا تجاهلت الأمر، وأكملت تبديل ثيابها دون اكتراث منها بمعرفة الطارق، حتى سمعت طرقا خفيفا على باب حجرتها فأذنت لأمها بالدخول، وهي تبادرها بالسؤال:
- هل لدينا ضيوف؟
فأجابتها أمها وعلى وجهها ابتسامة منشرحة:
- لا ... ولكن سيكون لدينا ضيف في المساء.
بدى على وجه فريدة علامات التعجب وهي تتسائل:
- كيف عرفتِ ذلك؟ ومن الطارق؟

أجابتها أمها مقلدة ابنتها، ولا يزال وجهها المتغضن تزينه البسمة:
- ذلك الطبيب..الذي يدعى -ثم تأتأت كأنها تتذكر اسمه كما فعلت فريدة تماما- نعم ...موسى
بدا على وجه "فريدة" الاهتمام وسألت:
- ما به؟
أكلمت أمها بابتسامة: ظهر أخيرا وأتى طالبا الإذن في زيارتنا بعد صلاة العشاء، ليحتسي معنا كوبا من الشاي، وقد أذنت له .. سأتركك أنا اﻵن؛ لتخلدي للنوم.
لم تنتظر الأم رد فعل من ابنتها، وخرجت مغلقة خلفها الباب، تاركة وراءها فريدة تتقاذفها الأسئلة المحيرة من جديد.
جلست على طرف الفراش وهي تسأل نفسها:
- أين كان مختفيا؟
ولِم سيأتي لزيارتنا؟
وما وراء هذه الزيارة المباغتة؟
ألن أخلد للنوم قليلا؟! لا أظن أن عقلي سيتركني وشأني ويدعني أنام، ومن أين يأتي النوم اﻵن؟

****
دلف إلى شقته وخليط من المشاعر يتقاذفه، كثير من الألم والحزن والكمد، وقليل من الانشراح قد يزداد في قادم الأيام، لعل فريدته ترضى به زوجا، وإن رضيت سيكون هذا بارقة أمل بالنسبة إليه وأول الغيث؛ لذلك لم يستطع الانتظار ليرتاح بعد عودته من سفرته السريعة، ثم يتقدم بطلبه لأمها بل سارع بطلبه أول ما عاد، وخير البر عاجله يكفيه طول انتظار، ولعله في هذا المساء يرسو معها على شاطئ غير شاطئ اﻵلام، ويكون شاطئ الحب هو أول محطتهما، ورغم إنهاكه الشديد بسبب رحلة الذهاب والعودة من قريته حتى القاهرة؛ إلا أن عقله متيقّظ بشدة، ولن يستطيع النوم حتى يأتي الوقت المعلوم لذا قرر أن يذهب لدوامه بالمشفى، فيقضي بها بعض الوقت ملهيا نفسه بعمله عن التفكير بالأمر حتى يحين الموعد الذي سيحدد له بداية جديدة، فإما سعادة أو تُعس!

********

- كتبت لك دواءََ غالي الثمن قليلا لأنه مستورد، وآثاره الجانبية أقل حدة من المصنع هنا، خذه مرتين قبل الأكل.
ظهر الاستياء على وجه الرجل الجالس أمامه، الذي توحي هيئته بضيق ذات يده وقال معترضا:
- لا … لا اعطني اسم الدواء غير المستورد، وسأتحمل اَثاره.
صمت "موسى" قليلا، لا يعرف كيف يجيبه فهو مريض وآثار الدواء قد تُظهر له أعراضا أخرى تزيد مرضه، لكنه قرر أن يساعده فقال له مبتسما:
- لا بالطبع من فينا الطبيب يا رجل، خذ نشرة علاجك واسترد رسوم الفحص قبل أن تغادر، واحضر الدواء، ولا تنسَ موعد استشارتك بعد أسبوع مثل هذا اليوم.
انشرح وجه الرجل بعدما كان يعلوه الهم وانهال عليه بالدعوات المباركات، متمنيا من الله أن يجعلها من حظه ونصيبه.
خرج الرجل بنشاط وهمة وكأنه صار صحيحا في ثواني، وترك وراءه "موسى" مبتسما سعيدا متفائلا بتلك الدعوات التي أمّن عليها.
وما هي إلا دقائق حتى طلب دخول الحالة التالية والأخيرة، ففتح الباب وتقدم رجل نحوه، لم يلحظ هيئته لانهماكه بكتابة تقرير عن الحالة السابقة، ثم سأله عندما جلس أمامه دون أن ينظر إليه:
- كيف حالك؟
أتته الإجابة مقتضبة بصوت رخيم:
- لست بخير.
فرفع موسى وجهه إليه مبتسما لينظر لرجل عريض المنكبين، ووسيم التقاسيم الذي يجلس أمامه، وتعجّب في سره من سبب حضوره لمشفى كالتي يعمل بها طلبا للعلاج، رغم أن هيئته توحي أنه إن مرض فقد يأتيه الطبيب حيث هو، لكنه تخطى استغرابه بسؤال له:
- لِمَ؟ ما اسمك أولا وبم تشعر؟
- "سيف" … سيف القاسمي.
يُتبع……

__________________________________________________ ____
*1- البلد كناية عن قريته
*2- مصر : كناية عن بنات المدينة
-بانتظار رأيكم ونقدكم البناء دمتم بحب 🌼❤
-بقلم/ فايزة ضياء العشري

زهرورة and shezo like this.

فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 21-11-21, 12:29 AM   #87

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.مساء الخير مبدعتنا الجميلة
*لست مدينا لأحد*موسي بنشأته القاسية تلك وكل العذاب الذي لاقاه علي يد العمدة الظالم بعد أن أجبر والديه علي بيعه لهم .
ويظل أنهم تخلواعن إبنهم مهما كان الضغط أو التهديد وتطالب أمه الآن ان يأخذ بثأر أبيه علي أى اساس لا أفهم
هو في بطاقته الرسمية لبس إبنا لهم وفقدوا كل حقوقهم عليه والتي ليس من ضمنها القتل الذى حرمه الله
وعودته للبلدة أساسا ليس لها داع فقد ضاع الدم وصلة الرحم يوم فر هاربا لم يحميه أب أو تحنو عليه أم
*من يشترى..ومن يبيع*من يبيع نفسه من أجل المال متخليا عمن يحب يعتقد كل الناس مثله فترى نور أن مريم طامعة خاصة انها فقيرة
وكم من فقير مال عزيز نفس وكم من وفير مال جشع نفس .
ولكنه عمي القلوب الذى يغذى نور بأنها لو أزاحت مريم من طريقها ستستعيد زاهر
وبالطبع لن تكون وسيلتها في إبعاد مريم شريفة خاصة في وجود مدير أعمال مستعد لشراء ودها بأى ثمن
*حب لا يرى النور*مريم تعجبني بواقعيتها وعقلانيتها جدافرغم حبها لزاهر وسعادتها بسؤاله الدائم عنها
إلا أنهاتسعي لتحديد موقفه منها فهي ترى الحب بعينيه ولكنه لم يصرح لا بحبه ولا بما ينتوى فعله
مما يجعلها تعتقد أنه يريد إرتباطا سريا فتحسم أمرها ولتنتزع ذلك الحب من قلبها ما دام لا يحفظ لها كرامتها
وللحق أخطأ زاهر عندما احتفظ بما ينتويه من أجلها لنفسه حتي يحصل علي موافقة والدته ويأمن أن لا تسئ لمريم.
أفضل طريق هو الوضوح والصراحة وما كان رجل الأعمال الناجح لتعييه الوسيلة في توضيح نيته وظروفه المؤقتة التي يسعى للتغلب عليها أى أنها مسألة وقت بدلا من أن تظن مريم به الظنون
*أهواك بلا أمل*جميلة جدا كلمات الأغنية ومعزوفة االكمان سمعتها رائع فعلافأنا أعشقx الكمان وأسميها العازف الحزين
ذائقتك الفنية جميلة جدا فشكرا لك علي هذا الإهداء الجميل
سلمت يداكي علي الفصل الجميل وإبداع السرد بلغتك الرصينة والتشبيهات والمحسنات البديعية الرائعة وصدق التعبير عن المشاعر والأحاسيس
دام الله عليك ألقك وإبداعك وموهبتك المميزة
إلي لقاء دمتي بكل الخير والتوفيق من الله

مساء الورد المزهر لعيني شيزو الجميلة والصغيرة ابتهال

هي أمه على كل حال حتى وإن تخلت عنه وهو يشعر بواجبية إرضائها لكن لن يكون هذا على حساب حياته، أما "زاهر" فلم يكن سيعدم الحيلة أو الطريقة التي يفهم بها مريم ظروفه لكن ألا تتفقي معي أننا أحيانا يصيبنا الخرس في وقت كان يلزمه الكلام وكأن القدر شاء أن نصمت فقط فيتلاعب بنا !

سعدت جدا أن الأغنية والموسيقى أعجبتك وكذلك مدحك للفصل زادني سعادة ورضى بعد تعب طويل بالكتابة
أدامك الله قارئة مميزة ومؤثرة
دمتِ بكل خير وحب🌼❤❤

زهرورة and shezo like this.

فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 21-11-21, 08:08 AM   #88

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,559
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.صباح الإشراق علي عيون أحلي فايزة وفايزة بإذن الله
**عقول صدئة**لأ أعتقد ان هناك أم مهما بلغت قسوتها وتفكيرها المحدود وتمسكها بعادات وتقاليد بالية عفا عليها الزمن ستلقي بإبنها في براثن وحش كالعمدة سرقه منهم بالتهديد أو إغراء المال.
كل الحجج التي ساقها موسي جاءت صحيحة وموجعة لو كانت أمه ليست بتلك الثقافة لأدمت قلبها ولبكت دما وليس دموعا
موسي عليه ألا يلقي بالا لتهديدها فليس لديه خيار سوى الرهان علي حنان الأم وخشيتها علي وليدها
إذ يكفيه جبهة سيف الذى لا يحمل سوى مشاعر الكبر والنرجسية والقسوة
وكما جاء ملتحفا بعباءة الليل رحل كذلك ولم يجن من زيارته سوى مؤازرة أخته له وحثه علي طلب يد فريدة رغم حزنها الدفين من ذلك الزوج الجاهل الذى زوجتها أمه إياه
**أنا خير منه**ما أسوأ الإنسان وأشقاه حين يتصور نفسه قد ملك مقاليد الحياة مثل النمرود عندما جادل بها سيدنا إبراهيم قائلا "أنا أحي و أميت"وبالأخير كان مصرعه ومهلكه بأضئل مخلوقات الله مجرد بعوضة
برأى أن من يتجبر علي خلق الله هو يتجبر علي خالق الخلق مع أن الدنيا كلها لا تساوى جناح بعوضة عند خالقها فكم يساوى مجرد إنسان خلقه الله
زاهر وهو يفض شراكته مع سيف لم يغضبه ذلك الأمر
بل ما أغضبه هو تجرؤ زاهر علي نصب محكمة له ومحاكمتة بسفك الدماء..هو بالفعل أعمي بصر وبصيرة.
لقد افلح زاهر في هذا القرار وبدأ يرتب بقية الخطوات ليصل لمبتغاه وأول عقبة وهي الحصول علي موافقة والدته.
**يا لحسن ظن الأبرياء**اطمئنان فريده الوهمي بأن سيف إبتعد عنها بعد انقطاعه هو حلم لن تحصل عليه بسهولة
فكل خطوة يخطوها ذلك الشيطان مدروسة جيدا
ولأول مرة تصحو من غفوتها وترى الصورة البشعة لسيف المصاب بجنون التملك المعتقد نفس هبة السماء لنساء الأرض وهو من أبشع من وطأ أرضها كإبليس الذى جادل بها المولي تعالي قائلا"أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين"سورةx(xص)xxxx
ومن قال أن النار أفضل من الطين ؟النار تذوى وتتحول لرماد يختلط بأديم الأرض فساعتها يصبح له صبغة ووجود بأن صار طينا وإلا ظل رمادا تذروه الرياح
وما أصل النار سوى الأشجار التي تنمو بالطين اى أن الطين مصدرا لها سواء علي هيئة فحم متحجر او تحولت لبترول علي مدار السنين
ايضا من التطورات بالنسبة لها أن تتسائل صراحة عن موسي الذى أختفي من ساحة حياتهم
فلماذا يشغل بالها الآن وقد أرتدت عن مشاعر الحب بعدما عانت من كل أعراضها الجانبية؟ فهل شفائها علي يد موسي؟ام شقاء موسي علي يدى سيف بسببها؟
وقد عمل بنصبيحة شقيقته وطلب موعدا بالمساء
فما الذى تدخرينه لنا حبيبتي من مفاجأت؟
اجل.. أجل ..لقد جاءت الإجابة سريعا وها هو الشيطان يزور موسي بمشفاه .
فهل حان موعد النزال لإبعاد الغريم الثاني عن فريدة كما فعل مع وليد؟
سلمت اناملك وقريحتك الوهاجة بكل حرف جاء بالفصل مبدع ورائع ومشوق
وما زلت أرى أن موسي وقصته كانت تصلح نواة لرواية قائمة بذاتها لا ينقصها اى عنصر من العقدة والحبكة والاشخاص والإبداع
ولكنك أعطيتنا لوحة كاملة الملامح والقسمات كل شخص بها وكل لمحة من شخصيته جلية واضحة بلوحة إبداع فايزة العشرى
أنار الله دربك حبيبتي وأدام عليك نعمة الإبداع والإحساس الصادق الدافئ
بانتظار القادم لك خالص حبي ومودتي


shezo غير متواجد حالياً  
قديم 28-11-21, 12:39 AM   #89

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السابع عشر

الفصل السابع عشر

- "سيف القاسمي" -سجل اسمه على ورقة الفحص وهو يردده بلسانه، وبداخله شيءٌ يشعره أن الاسم مألوف، له لكن لا يدري سببا وراء هذا الإحساس!
رفع رأسه إليه، وسأله:
- بِمَ تشعر؟
ثبّت سيف عينيه على وجه خصمه بهدوء وثقة، رغم شعوره الذي خامره بأن خصمه لا يستهان به، يبدو له رجلا وقورا من النوع الذي قد يروق "فريدته"، كما أن هيئته لا توحي له بأنه ممن قد يغريهم المال، مثل الوغد السابق الذي يدعى "وليد". هذا الرجل ستكون الحرب معه من نوع آخر.
نطق أخيرًا بعد صمت دام دقائق، وكلاهما ينظر للأخر بمشاعر متباينة، بين الكره واللامبالاة، قائلا بهدوء وبطء لا يوحي للسامع أنه مريض.
- قلبي.…
قطّب "موسى" جبينه وتسائل باهتمام :
- ما به؟
أكمل سيف ببرودٍ، وقد أراح ظهره إلى ظهر مقعده:
- يؤلمني قليلا …
صمت "موسى" قليلا متعجبا من طريقة كلام الرجل الجالس أمامه، فالمريض لا ينتظر أن يسأله الطبيب عما به، وحتى وإن انتظر ، فما إن يسأل حتى يفضي بما لديه شارحا كل ألمه بالتفصيل، لا يُقطِّر الكلمات كما يُقَطِّرُها هذا الرجل الذي لا يبدو له مريضا من الأساس!
ورغم ذلك قام "موسى" من مجلسه، وهو يقول مشيرًا له نحو سرير الفحص قائلا:
- دعني أفحصك.
لم يتحرك "سيف" من مكانه، وإنما نظر "لموسى" ببرود، وبعينين ثاقبتين غامضتين أشار له بالجلوس وهو يقول:

لا تتعب نفسك فأنا لم آت للفحص، وإنما أتيت لاستشارة طبية أردت سماعها … منك.
زادت دهشة "موسى"، وحيرته فمكث مكانه واقفا وسأله:
- أية استشارة؟
نظر "سيف" نحوه ثم وضع ساقا على أخرى، وسأله وهو يضغط على حروفه :
- أليست الأمراض، والأورام الخبيثة قابلة للاستئصال؟!
سكت "موسى" وهناك شيء بداخله يجعله يشعر أن كلام الرجل الجالس أمامه يحمل معنى أبعد من المعنى الذي يحمله ظاهر سؤاله خاصة، وقد ضغط على حروف كلمة "الخبيثة" وكأنه مثلا يقصده؟!! ولكن لمَ؟!
سأله "موسى" وهو يتجه نحوه مكتبه مجددا ليجلس، وعقله يدور بعدم فهم قائلا:
- ألم تقل أن قلبك يؤلمك؟! ما دخل الأمراض، والأورام الخبيثة بموضوعك؟!
- تأتأ "سيف" ممتعضا، وأجابه:
- لا داع لتساؤلات كثيرة.
بدى على وجه "موسى" الضيق، والضجر من ذلك الرجل المتعجرف الجالس أمامه، وتمنى أن يرحل فورا فقد عكر وجوده مزاجه المتكدر؛ لذا أجابه لعله يرحل من أمامه قائلا:
- نعم يمكن ذلك، ولكن هذا على حسب حجم المرض أو الورم، ونوعه، ومكان نموه، ومرحلته، لذلك يمكن استئصاله، ولكن يجب أن يكون في مراحله الأولى وقبل انتشاره.
ابتسم "سيف" برضا، وكأنه قد حصل على الجواب الذي يريد سماعه؛ لذا قام من مجلسه وهو يقول:
- جميل جدا … لا يزال الأمر بمرحلته الأولى، ويمكن استئصاله بأي وقت.
كنت أحتاج سماع هذا الرأي …منك.
نظر له موسى بعدم فهم وسأله:
- ماذا تقصد؟
تجاهل "سيف" سؤاله، وهو يتجه نحو الباب قائلا:
- فرصة سعيدة .. يا دكتور ……"موسى"
خرج وقد تبعته نظرات "موسى" الحائرة غير المطمئنة! كان حضوره مقبضا مبهما، ولم يشعر أن كلامه بريءٌ أو أن تساؤله مجرد تساؤل مريض يحتاج استشارة ما؛ بل كان تساؤلا يهدف من ورائه لأمر آخر لا يستطيع معرفة كنهه، ولكنه أمر لا يبشر بخير !
زفر بضيق، وهو يحاول إزالة هذا الرجل من عقله تماما حتى لا يزداد توترا على توتره أثناء زيارته المرتقبة ل"فريدته"؛ لذا قام من مكانه وخلع عنه معطفه الأبيض وعلقه على المشجب ثم خرج مسرعا، فلم يبقَ على موعده سوى ساعة واحدة .

******

ارتدت عباءة كحلية فضفاضة مزركشة الأكمام بنقوش لحروف عربية بديعة باللون الرمادي، وحجابا رماديا أحكمت من تحته عقدة شعرها الطويل.
هذا ما استقر رأيها على ارتدائه لاستقبال ضيفهما، فوقفت أمام المرآة تتأمل نفسها في رضا عن هيئتها، وتضبط حجابها فتخفي تحته خصلتها الغجرية التي انسدلت، رغم محاولتها تثبيتها تحت حجابها!
شرد عقلها متذكرًا آخر مرة حلَّ عليهم "موسى" ضيفا، تذكرت هيئتها السافرة، فتوردت وجنتيها خجلا من حماقتها، وسوء تصرفها، وتفكيرها في ذلك الوقت!
ولَكَمْ تبدو اﻵن في مرآتها نقيضا لتلك المرأة المتبجحة التي خرجت لاستقباله من قبل!
نفضت عن عقلها تلك الذكرى التي أربكت مشاعرها، وعقلها، وهي في غنى عن ذلك.
سمعت طرقات على باب حجرتها فتنبهت من شرودها، وتوجهت لتفتح لأمها الباب بدلا من أن تأذن لها بالدخول. ابتسمت لها أمها برضا عندما وقع نظرها على ما ارتدته، فقالت مادحة:
- جميل ما ارتديتِ اختيار موفق يا صغيرتي.
ابتسمت لأمها، وقد أعادها مدح أمها لردائها الحالي، إلى نظرة أمها الساخطة من قبل على ملابسها الضيّقة التي ارتدتها وطلت بها على ضيفهما، وكيف كان يوما عبوسا انتهى بصفعة، وبكاء ترى أنها كانت تستحقه!.
وتساءلت كيف سينتهي يومها هذا؟ وماذا تحمل لها الساعات القادمة يا ترى؟! و قبل أن تجد ردًا مناسبا لمدح أمها سمعا جرس بيتهما، فتقدمت أمها لتفتح الباب، ومن ورائها تقدمت "فريدة" وقد أرفل ثوبها الرقيق؛ لتستقبل ضيفهما مع أمها.
- أهلا وسهلا .. أهلا وسهلا تفضل يا ابني .. تفضل.
-قالتها أمها وهي تفسح له الطريق للداخل مرحبة به، فدلف بعدما ألقى السلام، وقلبه بين سعادة، وشقاء كيف لمرأة لا تربطه بها أية صلة أن ترحب به بهذه الحفاوة، والود، وتناديه ب"ابني" وأمه التي خرج من رحمها قد استقبلته بجفاء، وبنعته بالهارب! فيا لغرابة الحياة التي يحنو فيها الغريب، وذي القربى ما أقساهم!
ابتسم لأم "فريدة"، وشكرها مبتلعًا غصّته، ثم التفت بوجهه فوقعت عيناه على فريدته ... زهرة فؤاده الجورية، وأمل الحب في أيامه المقبلة، وسعادته القريبة البعيدة في ذات الوقت.
بدت له أكثر فتنة، وجمالا بثيابها الفضفاضة، لو أنها تعلم ذلك ما كانت استقبلته بمظهر عابث من قبل، وكأنها طفلة تلهو بزينة أمها بجنون.
ابتسم لها وحيّاها برأسه، فرحّبت به بوجه مشرب بحمرة الخجل، والارتباك يُطلّ عليه من صوتها، وقد زاغت عيناها في اللاشيء من حوله هرًبا من الوقوع في شباك عينيه!!.
مدّت له كفها مصافحة في محاولة منها لإخفاء ارتباكها قائلةً:
- أهلًا بك يا دكتور "موسى"
رفرف قلبه بين جوانحه من سماع اسمه يخرج من بين شفتيها بهذه الرقّة، لم يكن يدرك مدى عذوبة اسمه إلا عندما نطقت هي به!
تردد في التقاط كفها الصغير الممدودة تجاهه داخل كفه الكبير العريض، فقد كان غارقًا في شعوره الجارف نحوها، وصدره يكاد يفيض بحديث كبّله بصمتٍ يحرقه بلهيب الكلمات التي تبغى التحرر قبل أوانها؛ لذا بسط كفّه نحوها فضمته هي بكفها، أما هو فلم يقبض كفه، وإنما تركه مبسوطا لأنه لو فعل لما اكتفى بضم كفها، بل كان ليضمها إلى صدره، فيخفيها بين جوانح قلبه لتسكن ملكة على عرش فؤاده، وتكفيه بوجودها عن كل النساء، ويغنيه حضورها بحياته عن تعاسات ماضيه الأليم.
كبح زمام مشاعره، وتقدّم نحو المقعد الذي أشارت له أمها بالجلوس عليه، ثم قالت له بوجهها البشوش ذو الطيبة اللامتناهية بعدما استراح على مقعده:
- ثواني وأُعِدّ لك كوبًا من الشاي .. أم تريد احتساء شيئا اَخر ؟
- شكرًا يا أمي لا ترهقي نفسك .. تفضلي بالجلوس فأنا أريد الحديث معك .
جلست الأم ولا تزال البسمة تعلو محياها، وقالت:
- تفضل يا ابني ... خيرًا إن شاء الله !
جلست "فريدة" إلى جوار أمها، متابعة هذا الحديث بقلبٍ مرتقبٍ لمعرفة سبب مجيئه إليهم، وأثناء ترقّبها كانت تحاول استراق النظر إليه، ولكن ارتباكها كان عائقًا لها، فاكتفت بنظرات خاطفة نحوه من حين ﻵخر، فاستطاعت باستراقها النظر أن تلمح لون ثيابه وهيئته العامة فقط، وبدا لها بذراعيه المفتولين، وقميصه الماروني، وساعديه القويين اللذين شمّر عنهما فبدت سُمرة بشرته كأحد اَلهة الإغريق الأقوياء التي كانت تقرأ عن صفاتهم في أساطير اليونان!
كان قد اتكأ بساعديه على ركبتيه وشبك كفيه بعضهما ببعض ليخفي عنه توتره، وهو يستعد للكلام، رفع بصره تجاهها فضبطها متلبسة بتهمة النظر إلى وجهه فخفضت رأسها بسرعة مرتبكة وزاد توترها، فحاولت أن تلهي نفسها عن اضطرابها فأمعنت النظر في نقوش السجاد المبسوط تحت أرجلهم، فابتسم لتصرفها البريء، وبدأ بالحديث، فأتاها صوته الرجولي الذي يشوبه بعض التوتر قائلا:
- أعتقد أنكما تعرفان عني أغلب الأشياء، وذلك من خلال حديثي معكما في آخر زيارة لي هنا عدا معرفة اسمي كاملا وهو "موسى نصر الدين" والدي متوفي، وأختي الصغرى متزوجة، وتعيش مع والدتي بقريتنا، كما تعرفان أنا طبيب أعمل بمشفى(.…) طبيبًا لأمراض الباطني في بداية مشواري المهني، عشت بالقاهرة منذ سنين، ولا أنوي العودة للعيش بقريتي لقلة العائد المادي من فرص العمل المتاحة هناك إن وجدت، ثم صمت هنيهة، وكأنه يستجمع الشجاعة بداخله ليكمل قائلا- أنا... أنا جئت اليوم طالبا الزواج من الأستاذة "فريدة".
ألقى طلبه، وصمت قليلًا مراقبًا وقع سؤاله على المرأتين، ليجد السيدة "شمس" تبتسم ببشر ووجه مرحب بطلبه، ثم حولت نظرها إلى ابنتها، فنظر بدوره نحو "فريدة" التي بدا على وجهها الدهشة، المفاجأة، وقد ازداد توهج وجنتيها حتى ظن أن الحرارة صارت تنبعث منهما فتزيد الجو اتقادا، وتزيد من تعرّقه الناجم عن ارتباكه !
كانت مشتتة بحق فلم يدر بمخيلتها أبدا أنه طلب استضافته لهذا السب، لم تكن تتوقع ذلك خاصة بعد فترة اختفائه، وتحاشيه النظر إليها من قبل ذاك الاختفاء، حتى ظنّت أنه لم يصفح لها ما بدر منها سابقا، والآن أتى طالبا الزواج منها هكذا فجأة من دون مقدمات؟!
هكذا جاء طارقا باب قلبها المكلل بالخيبة، ليبدأ حياته معها؟!
لم اختارها هي دونا عمن سواها، وهي التي بدأت وانتهت في ربيع عمرها؟!
ألا يجدر به أن يطلب الزواج من فتاة تبدأ كما يبدأ هو؟!
قطع صمتها، وأكمل حديثه قائلا:
- ينبغي عليَّ كذلك أن أوضح لكما أني لست ثريا فأنا مقدور الحال، ولكني قادر على إعالة من سأتزوجها، ورغم ذلك، فأنا لست ذا قدرة على تقديم لها حياة مترفة مرفهة، لكن الله يغني بالقليل، وأنا واجبي ألا أقصر في شيء معها، وهذا ما سأقوم به إن شاء الله.
صمت منتظرا ردة فعلهما على كلامه، وقلبه يخفق بشدة خوفا من رفض طلبه فترقّب ردها بقلق.
أما فريدة فقد نظرت صوب أمها في نظرة خاطفة والتي كانت تنتظر بدورها رد فعل ابنتها على كلام "موسى" دون رغبة منها في إبداء موافقة أو دعم له، حتى لا تتهمها فيما بعد أنها السبب في موافقتها، بل تركتها تكون صاحبة القرار الأول والأخير في هذا الشأن.
وبعد أن طال صمتها الحائر، وكأنها تلعب على أوتار قلقهما دون عمد، نطقت أمها قائلة:
- أنت يا ابني رجل لا يعيبه شيء حتى وإن كنت مقدور الحال كما تقول، فتكفي صراحتك هذه، فالصراحة مهمة في بناء أي علاقة وأنا عن نفسي موافقة موافقة مبدأية حتى نعرف رأي فريدة.
ثم نظرت نحو فريدة قائلة:
- ما قولك يا فريدة؟
كانت خائفة تائهة في بحر متلاطم لا تستطيع أن تجد فيه شاطئ الأمان أو المرسى!
نعم عاهدت نفسها على أن تبدأ صفحة بيضاء لا تلطخها ذكريات الماضي، ولكن هل يُنسى الماضي؟!
هل يمكنها أن تثق بأي رجل ثانية، وتمنحه قلبها ليتلاعب بها مجددا؟!
هل يمكنها أن تأمن بعدما اجتث "سيف" كل بذور الأمان من أعماق قلبها؟!
هل يمكن أن تحيا بلا خوف أم أن ضريبة الحب هي الخوف؟!
ولمّا سكتت ولم تجب، قامت أمها من مجلسها والاستياء بادِِ على وجهها، بسبب صمت ابنتها وقالت موجهة كلامها لموسى بابتسامة :
- سأعد لكما شرابا - ثم انصرفت، وكأنّها بذلك تفسح لهما مجالا للحديث دون حرج، ربما يستطيع هو أن يمنحها الثقة التي تريدها، وينتزع منها إعلانًا بالرضا بعد اقتناع!
تبعتها فريدة بنظرات تشي برغبتها في بقاء أمها لكن لم تنل ما أرادت، فعاد إليها ارتباكها وتشتتها وظل "موسى" موجها بصره إلى شفتيها كأنه يستنطقهما، ويستحلفهما بالموافقة ثم أتاها صوته وقد تلاشى منه التوتر، وحلّ محله السكينة والهدوء قائلا:
- فريدة.. أنا لا أعرف مدى صعوبة ما مررتِ به قبل هذه اللحظة، لكن توتر ملامحك يشي بخوفك من التجربة! وكأنك خائفة من مجرد الولوج في بحر الحب من جديد، ملامحك وضياع نظراتك تفضح خوفك وليس رفضك... لو كان ما أقرأه بملامحك اﻵن فضا لتمنيت لك فورا حياة سعيدة، ولانصرفت في الحال، لكنه ليس رفضا بقدرِ ما هو خوف، وتردد، أصحيح ما أقوله؟
رفعت وجهها نحوه على استحياء، وهي لا تعرف بم تجيبه؟ فهي بالفعل خائفة رغم طاقة الأمان المنبعثة من صوته، والمحيطة بوجوده كهالة من نور وسط ظلمة قلبها الحالكة، فاكتفت بإيماءة من وجهها بمعنى نعم تأييدا لقوله.
فابتسم وعلت البشرى وجهه ثم أكمل قائلا:
- حسنا إذا كان ما يملأ قلبك هو الخوف فأنا كفيل به، وجدير بأن اجتثه من أعماق قلبك، وأزرع محله بذور حبِِ وأسقيها كل يوم بأمان وجودك معي.
رفعت وجهها نحوه من جديد وأطالت النظر بعينيه لعلها تستشف منهما صدق كلامه البراق.
عيناه التي ينزوي وراء بريقهما حزن دفين، ولكنهما رغم ذلك مشعتان ببريق خاص، بريق آخاذ يبعث السكينة في القلب..
يبدد الظلمة من الروح..
كأنه قبس من نور الفجر بهدوئه، وسكينته!
وكأنه ضي الندى فوق أوراق الشجر، أو كتغريد العصافير.
خلاف ما كانت عليه نظرات "سيف" اللعوبة الصقرية، المقتنصة لقلبها، ثم تركته مذبوحا على جنبات الطريق!
أنفه مستقيم أشم في كبرياء لا يُذل، وزيَّن وجهه بشارب ولحية لا تتعدى حدود وجهه فزداته وقارا و ،وسامة، لم يكن جميلا كسيف ولكنه وسيمٌ، جذابٌ بصوته الحاني، قسماته مريحة دافئة.
أخذ هو من شرودها بقسماته فرصة ليحفظ رسمة وجهها الحبيب، ويملأ بها براويز قلبه، وجهها الملائكي الطفولي وعيناها الخائفتان يستنفران به كل رغبة في مصارعة وحش الخوف بعينيها، ذلك الخوف الذي كان يقيده يوما لكنه تخلص منه وخرج من قممه، لكنها تبدو له أنها لا تزال تنازع خوفها ولم تتغلب عليه بعد، وهو جدير بأن يخلصها من كل مخاوفها ويهزم شبح الخوف بعينيها، ويرديه صريعا .. تلك النظرات التائهة كنظرات طفلة ضلت طريقها عن والديها تستحث به الرغبة بضمها إلى صدره؛ لتهدءتها ثم يتوجه بها لشطآن الأمان فتهنأ وتقر عينا.
ناداها لينبهها من شرودها:
-"فريدة"!
أجفلت وخجلت من نفسها لتطلعها بوجهه، فغضت البصر ثم قالت بلجلجة:
- لا أعرف ...لم لا تبدأ حياتك مع امرأة لم يسبقك أحد إليها ؟! لم اخترتني أنا؟
ابتسم وأجابها قائلا:
- ولم لا؟ هل ترين بالأمر عيبََا؟!
- لا .. ولكن .. أنا …
صمتت ولم تكمل وقد تاهت الحروف من شفتيها
فتنهد بصبر وقال:
أنت مَن دق لها قلبي، ولا أرى ما ذكرتيه حائلا بيني وبينك، فالحب ليس له قوانيه ولا أحكام.. "فريدة" لا تأخذيني بذنب غيري ... لا أظنك ظالمة!! ، فقط اعطِي لقلبك فرصة أخرى. سأخبرك سرا - ثم وضع يده بجانبه فيه علامة على السرية وأكمل- تعلمتُ ألا أبُتَّ بقرار هام في حياتي إلا بعد أن استخير من هو أعلم مني بالكثير.
بدا على وجهها اهتمام طفولي ثم سألته:
- أتقصد أمي - ثم ابتسمت بجانب فيها وهي تكمل- رأيها معلوم من البداية .
بادلها الابتسامة بأخرى ثم أكمل قائلا:
- لا .. لم أقصد رأي أمك ..ولا رأي أي إنسان آخر ضعيف الحجة، قاصر النظر لا يعلم الغيب؛ بل أقصد أني استخير الله في كل أمر يؤرقني، ألجأ إليه وحده، وأتوجه إليه بكُليتي فإما تسكنني الراحة والإقبال تجاه هذا الأمر وإما يرف حولي النفور... لم لا تستخيرين الله أنت أيضا قبل أنت تعطيني ردا بالقبول أو بالرفض؟!
لاحت على شفتيها طيف ابتسامة، ما قاله لم يكن يستدعي السرية، ولكنها فهمت أنه فعل ذلك ليأسر انتباهها، ويخفض من حدة توترها بجذب تركيزها لما سيقول، وقد نجح.
فقالت مؤيدة حديثه، ولا تزال بسمتها تزين شفتيها:
- معك حق... سأفعل إن شاء الله
- وعد؟!
- نعم وعَد .
ابتسم عندما وعدته بأنها ستفعل ما نصحها به، وستفكر بأمر اقترانهما، ثم قطع عهدا مع نفسه بأن يكون راضيا بنتيجة تفكيرها، وصلاتها أيًا كانت فكل ما يختاره الله لنا خير، لكنه رغم ذلك لن يكف عن دعائه بأن يرزقه الله إياها حلالا طيبا مباركا فقلبه، ونفسه معلقان بها أسيران لها، وهو يثق بأن الله لن يخيب رجاءَ عبدٍ دعاه لخير.
قام من مجلسه مستعدا للانصراف قائلا:
- حسنا سأنصرف الآن .. وسأنتظر ردك بعد ثلاثة أيام أعتقد أنها مدة كافية؟ -قالها متسائلا-
- نعم هي كذلك.
دلفت أمها حاملة أكواب الشاي فتفاجأت لمّا رأته يستعد للانصراف، وشعرت أن ابنتها ربما تكون قد أغضبته كما فعلت من قبل لذا همّ بالخروج، لكن وجهه المبتسم جعلها تسأله مستفهمة :
- إلى أين يا ابني ألن تحتسي شرابك؟!
أجابها وبسمته الودودة تزين ثغره :
- عذرا يا أمي سأزوركما بعد ثلاثة أيام لأعرف رد فريدة، وربما احتسي شيئا آخر حينها -قالها موجها نظره نحو فريدة التي كانت غافلة عن نظرته، غارقة بحيائها الفطري، وفهمت الأم ما يرمي إليه، فابتسمت بسعادة وردّت له تحية انصرافه ثم اتجهت معه صوب الباب مودعة أياه، وبقيت "فريدة" مكانها كتمثال من زجاج هش قابل للانكسار في أيَّة لحظة يُساء فيها التعامل معه من جديد.
وما إن أغلقت أمها الباب وراءها حتى قامت فريدة متجهة إلى غرفتها؛ لتختلي بنفسها فلم تكن في حالة تسمح لها بأن تجلس منتظرة حديث أمها وجهودها الإقناعية بهذه الخِطبة، هي فقط متخبطة بمشاعرها الجديدة، وتريد أن تلملم شظايا إحساسها المبعثر في كل درب من دروب المشاعر.
نزعت عنها حجابها وحرّرت شعرها من قيده فتركته ثائرًا مبعثرًا كما هي روحها، ارتمت على فراشها ثم وضعت كفيها على قلبها فتسربت إليها خفقاته الثائرة في حنايا ضلوعها، ضغطت برفق على موضعه لعلها تُثَّبِت رجفة الفؤاد لكنه لم يهدأ؛ بل ظل يدق في جنون، شعرت بحاجتها لمن يسمع حيرة قلبها ولكن دون توجيه أو نصح، فهي في غنى عن الإرشاد لذا قامت من فورها، وأخرجت دفتر خواطرها تبثه شكواها فأمسكت القلم، ثم سكنت قليلا، لم تعرف من أين تبدأ ولا ماذا تكتب فقلبها يضج بالحديث ثم اقتربت بطرف قلمها من صفحتها البيضاء، ثم انساب الكلم رقراقا يبحر على أسطر الصفحة البيضاء:


من جديد
تدور دائرة حياتي
ويرف قلبي
في وجلِِ من المجهول
من حب قد يصبه ذبول
ماذا لو سلمته مقاليد الحكم على قلبي؟!
أيعيد ليَ قلبي مكسور؟!
أيكون القاضي أم الجلاد
أيكون الموج أم المرفأ
أم يهدي لعمري طول أفول
من جديد ..
الحب يدعوني من جديد
ويطرق أبواب قلبي المؤصدة
بصدأ الخوف من ماضٍ بعيد
يدعوني .. هلمي..
إلى أرضِ ربيع الحب المزهرة
وتحرري من أسر ماضيكِ الذي
بعرض صحراء مقفرة
هيا اشربي من عين الأمان التي
فجرها لك موسى مقدما
وبعينيه وعد بتفجير إحدى عشر عينا أخرى كاملة
من الحب والأمان والسكن
يرتوي منها ظمأ الفؤاد
وينتشي منها النسيم بالليالي المقمرة
من جديد
تنساب ألحانَ الحب الشجيات
تبدد مخاوف عيني الساهرة
ويأمرني قلبي
هيا ارفعي رايتك البيضاء واستسلمي
وسلِّمي مفاتيح حصنك
وينهرني عقلي
اهربي يا غافلة
لاتنصاعي لوحش الحب
فيأتيك الهم ركضا يغزو كيانك من جديد
فأيهما تتبع عيني الساهرة!

أغلقت دفترها بشعور جديد يملأ قلبها بالراحة بعد ما سكبت ضجة أفكارها وباحت بها على الورق، ثم نهضت من فراشها لتخرج من غرفتها فتطمئن أن أمها تناولت دواءها، ثم تعود إلى غرفتها فتصلي صلاة استخارة كما نصحها "موسى" و تهنأ بما تبقى لها من ساعات بالنوم .
*******
تمدد على فراشه الوثير عاري الصدر، وقد عقد ساعديه وراء رأسه، حرارة قلبه جعلته لا يتحمل ثوبه، صوت خرير المياه بالمرحاض المرفق بغرفته يزداد، لقد أنسته تلك اللعوب ضيقه بقضاء ليلة معها، لكنه اﻵن عاد لتفكيره وتخطيطه!
كان لابد له من رؤيته ل"موسى" هذا ليعرف طبيعة خصمه، وقد فعل، لكنه ازداد ضيقا وصار الشرر يتطاير من عينيه تطايرا بعدما لاقاه، فهو رجل لا يغريه المال، ويبدو له قديسا ليس له سقطات نسائية، لكن لا بد أن وراءه أمرا، لا بد من ثغرة يستطيع من خلالها لي ذراعه، وقد لا يفعل إن تعقلت "فريدة" وعادت أحضانه مجددا، هي التي ستحكم في أمر "موسى" ؛ لذا عليه أن يعرف كل ثغراته حتى يقبض على روحه بقبضة من حديد ما إن احتاج إلى ذلك ويقوم باستئصاله من قلب فريدته - إن لزم الأمر وثبت أنه صار له مكانا بقلبها- مثلما استشاره تماما بشأن المرض الخبيث، هو فقط أراد أن يجعله يقر بلسانه أن هذا العلاج الحتمي للأمراض الخبيثة مثله، فهو لن يكون ظالما إذا أزاله من طريقه بطريقته الخاصة!
لم ينتبه إلا وهذه المرأة تجلس إلى جواره وتسأله بميوعة:
- ألا تريد أن تأكل شيئا؟
نظر إليه وقد ارتدت ما يبدي من أكثر مما يخفي، وعطرها النفاذ قد تخلل أعماقه فغمز بعينه قائلا:
- نعم … أنت .
أطلقت ضحكة مجلجة، وهي تتجه نحوه ليغيبا معا في وحل المعصية، ودنس الذنب!

*****


حيرت قلبي معاك وأنا بداري واخبي
قولي اعمل إيه ويّاك ولا اعمل ويّا قلبي

نغماتها مسكنة ﻵلام قلبها، وكلماتها تزيد أشجانها وربما تعمل على مواساتها أيضا لأن كوكب الشرق نفسها التي انساب صوتها -من المذياع الرابض بقهوة عم "عامر" يجيش باﻵلام المحرقة، وأنها عانت مما تعاني هي منه الآن من ألم وحيرة، بل ووجع ينخز قلبها كلما تذكرت بروده معاها في اَخر لقاء لهما ،صقيع شتائي اجتاح قلبها منذ تلك اللحظات التي تحدثت معه بها ، صقيع يقشعر له بدنها كلما تذكرت سكناته وعينيه الزائغتين التي لا تريد أن تشتبك معها في حديث ربما فسرته هي على هواها ورغبتها.


نفسي أشكيلك من نار حبي
نفسي احكيلك على اللي في قلبي

نعم بقلبها نار تتمنى لو تطفئها لكنها لا تستطيع، وبعقلها دوامات وعواصف من الفكر تعصف بروحها تمنت لو تهدأه لكنها لم تستطع لذلك سبيلا.
كم كانت حمقاء عندما نقضت عهدها مع قلبها بأن تتعلم من أخطاء من سبقوها فلا تكرر الخطأ ذاته، ولكنها نقضته وخاضت معركة الحب دون أن تدري، وها هي تجني ثمار الخيبة! كان لا بد لها من الحيطة والحذر، فالحب معركة خطرة لم تكن مأمونة العواقب يوما، وهي لم تر قصة حب مكتملة الأركان لؤلؤية الطالع ،ذات عبق فواح حتى اﻵن، بل قصص حب مجهضة مشوهة ممزقة على أعتاب صخرة الواقع المرير ، فلمَ لم تروض قلبها أكثر حتى لا يقع بشباك الحب، بل وأي حب هذا؟
حب الفقيرة للغني؟
حب النقص للتمام؟
لماذا لم تتعلم من حكاية فريدة، وتخرج بدرس واحد مستفاد؟
تلك الفروق بينهما حجر عثرة كبير، وقلبها العنيد جامح طامع بحب دُرْيّ يشع نورا، يبدد ظلمات أيامها السابقة، لكنها اﻵن بعد خيبتها بردود "زاهر" عليها عند آخر لقاء صارت تشعر أنها قد كتب عليها الحياة منبوذة كمريض بداء معدِِ!..
منبوذة من أبيها لأنها أنثى!
منبوذة من أخيها الذي توقن أنه لا يعرف وجهها حتى!
وذاك الذي دق له الوتين لم يكلف نفسه عناء البقاء بجوارها!
وهل صار البقاء بجوارها حقيقة عناء؟!


وأقولك ع اللي بكاني
وأقولك ع اللي سهرني وأصورلك ضنا روحي
وعِزّة نفسي منعاني
وعِزّة نفسي منعاني*

هذا هو مربط الفرس (عزة النفس) هي أيضا عزة نفسها تمنعها من البوح بمكنون صدرها، رغم أن لديها ألف حكاية ترويها على صدره بدموع حارقة، وتخبره كيف كان صمته موجعًا فلا يفلح الصمت أبدا في موضع الكلام بل إن الصمت في تلك اللحظات يؤجج لهيب الظنون السيئة!
خرجت أم مريم من غرفتها بعدما آوت قليلا إلى فراشها لتنال قسطا من النوم الذي جافها، بسبب صوت المذياع الذي تسلل إلى حجرتها، ويصاحبه أصوات قرقرة النارجيلة، وفرقعة حجر النرد، وقوالب الطاولة.
وجدت "مريم" جالسة على إحدى كراسي الصالون المتهالكة، ونظرتها تشي بشرودها العميق في عالم هي وحدها أعلم به، نظرة مليئة بالخواء، وكأنها قد اقتلعت جزءا من أعماق صدرها فانعكست الفجوة بداخلها بالفراغ بعينيها! لم تذهب منذ يومين إلى عملها وها هو اليوم الثالث مدعية أنها مريضة، رغم أنها لم تلحظ عليها إعياءََ بدنيا، ولكنها تشعر أن مرضها بروحها ومرض الروح أقوى من مرض البدن، وتسائلت في نفسها عن سبب لذلك لكنها لم تستطع أن تصل لجواب، فجلست الأم أمام ابنتها سائلة إياها:
- ها يا "مريم" كيف أنت اﻵن؟ لمَ لم تذهبي اليوم أيضا إلى عملك؟
صمتت مريم ولم تعرف بم تجيب هي لا تريد أن تذهب إلى عملها مجددا، رغم حاجتها إليه لأنه يذكرها به، يذكرها بكل تفاصيل خيبتها، ولكنها لن تستطيع البوح لأمها بذلك حتى لا تصب عليها جام غضبها، وهي غير قادرة على ذلك.
لذا قطعت صمتها الذي عبقته "أم كلثوم" بكلماتها قائلة:
- لا أزال أشعر ببعض المرض سأذهب غدا ربما أو بعد غد.
سكتت أمها شاعرة بأن ابنتها تخفي شيئا لن تبوح به، لم تعد تعرف هل فشلت في أن تكون صديقة لابنتها، أم أنها لا تتحدث إليها حتى لا تحملها جزءا من أعبائها التي اعتادت على حملها كاملة؟!
ثم عاودت سؤالها من جديد:
- هل فكرتِ في ذلك الموضوع الذي أخبرتك به؟
وجمت مريم وتاهت الكلمات من فوق شفتيها من جديد، أي موضوع هذا الذي تتحدث عنه أمها هي لا تتذكر شيئا، ولا يملأ عقلها سوى "زاهر" فقط وما سواه عدم، فكيف لها أن تخبر أمها بذلك؟ تلجلج الكلام عندما خرج من فيها سائلة أمها :
- أي موضوع هذا يا أمي .. ذكريني؟
تنهدت أمها وأجابت:
- موضوع خطبتك من "ممدوح" ابن الحاج "غالي" ليس لك حق في الاعتراض عليه، فهو ضابط وابن أصول وأهله طيبون .
غاص قلب مريم واضطربت معدتها، عقلها يخبرها بأن الصواب أن توافق دون حتى تفكير، وقلبها يستحلفها ألا تفعل فهو لا يزال متشبثا بخيوط حب وهمية، ولكنها ألقمت قلبها حجرا أخرسته، ونظرت لأمها بثبات قائلة:
- أعدك سأفكر اليوم بالأمر، وسأخبرك برأبي غدا يا أمي لا تقلقي .

ابتسمت أمها واطمئن قلبها من قول ابنتها الذي يشي بعزمها بالفعل على التفكير .
قامت أمها لتتوضأ وتصلي، ومكثت مريم كما هي رابضة مكانها يحرقها قيظ قلبها، وتلهبها حرارة الجو المحيط بها. سمعت الباب يدق، فقامت تتلكأ ثم توجهت لتفتح، توقعت أن تكون الحاجة "إحسان" زوجة العم "عامر" جاءت تجالس أمها، فهي من مدة طويلة لم تأت لزيارة أمها، ثم أنهما ليس لهما من يسأل عليهما من الأساس سواها هي وزوجها؛ لذا رسمت على وجهها ابتسامة رقيقة، ولم تبال بوضع وشاحها على شعرها الذي كانت قد فرقته إلى نصفين، وعقدت كل نصف على حدى بربطة صغيرة فبدت كطفلة في العاشرة من عمرها عادت من مدرستها للتو.
وما إن فتحت الباب، حتى ارتدت خطوة إلى الوراء وشهقت بذهول واضعة كفها على فمها، لتكتم باقي شهقتها قائلة بصوت مرتعش من أثر المفاجأة:
- زاهر!!
يُتبع……
__________________________________________________ ______________
* أغنية حيرت قلبي غناء أم كلثوم كلمات أحمد رامي

بانتظار رأيكم ونقدكم البناء فلا تبخلوا به مودتي💙
- بقلم/فايزة ضياء العشري


فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
قديم 28-11-21, 12:48 AM   #90

فايزة العشري لوزة
 
الصورة الرمزية فايزة العشري لوزة

? العضوٌ??? » 472964
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » فايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond reputeفايزة العشري لوزة has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.صباح الإشراق علي عيون أحلي فايزة وفايزة بإذن الله
**عقول صدئة**لأ أعتقد ان هناك أم مهما بلغت قسوتها وتفكيرها المحدود وتمسكها بعادات وتقاليد بالية عفا عليها الزمن ستلقي بإبنها في براثن وحش كالعمدة سرقه منهم بالتهديد أو إغراء المال.
كل الحجج التي ساقها موسي جاءت صحيحة وموجعة لو كانت أمه ليست بتلك الثقافة لأدمت قلبها ولبكت دما وليس دموعا
موسي عليه ألا يلقي بالا لتهديدها فليس لديه خيار سوى الرهان علي حنان الأم وخشيتها علي وليدها
إذ يكفيه جبهة سيف الذى لا يحمل سوى مشاعر الكبر والنرجسية والقسوة
وكما جاء ملتحفا بعباءة الليل رحل كذلك ولم يجن من زيارته سوى مؤازرة أخته له وحثه علي طلب يد فريدة رغم حزنها الدفين من ذلك الزوج الجاهل الذى زوجتها أمه إياه
**أنا خير منه**ما أسوأ الإنسان وأشقاه حين يتصور نفسه قد ملك مقاليد الحياة مثل النمرود عندما جادل بها سيدنا إبراهيم قائلا "أنا أحي و أميت"وبالأخير كان مصرعه ومهلكه بأضئل مخلوقات الله مجرد بعوضة
برأى أن من يتجبر علي خلق الله هو يتجبر علي خالق الخلق مع أن الدنيا كلها لا تساوى جناح بعوضة عند خالقها فكم يساوى مجرد إنسان خلقه الله
زاهر وهو يفض شراكته مع سيف لم يغضبه ذلك الأمر
بل ما أغضبه هو تجرؤ زاهر علي نصب محكمة له ومحاكمتة بسفك الدماء..هو بالفعل أعمي بصر وبصيرة.
لقد افلح زاهر في هذا القرار وبدأ يرتب بقية الخطوات ليصل لمبتغاه وأول عقبة وهي الحصول علي موافقة والدته.
**يا لحسن ظن الأبرياء**اطمئنان فريده الوهمي بأن سيف إبتعد عنها بعد انقطاعه هو حلم لن تحصل عليه بسهولة
فكل خطوة يخطوها ذلك الشيطان مدروسة جيدا
ولأول مرة تصحو من غفوتها وترى الصورة البشعة لسيف المصاب بجنون التملك المعتقد نفس هبة السماء لنساء الأرض وهو من أبشع من وطأ أرضها كإبليس الذى جادل بها المولي تعالي قائلا"أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين"سورةx(xص)xxxx
ومن قال أن النار أفضل من الطين ؟النار تذوى وتتحول لرماد يختلط بأديم الأرض فساعتها يصبح له صبغة ووجود بأن صار طينا وإلا ظل رمادا تذروه الرياح
وما أصل النار سوى الأشجار التي تنمو بالطين اى أن الطين مصدرا لها سواء علي هيئة فحم متحجر او تحولت لبترول علي مدار السنين
ايضا من التطورات بالنسبة لها أن تتسائل صراحة عن موسي الذى أختفي من ساحة حياتهم
فلماذا يشغل بالها الآن وقد أرتدت عن مشاعر الحب بعدما عانت من كل أعراضها الجانبية؟ فهل شفائها علي يد موسي؟ام شقاء موسي علي يدى سيف بسببها؟
وقد عمل بنصبيحة شقيقته وطلب موعدا بالمساء
فما الذى تدخرينه لنا حبيبتي من مفاجأت؟
اجل.. أجل ..لقد جاءت الإجابة سريعا وها هو الشيطان يزور موسي بمشفاه .
فهل حان موعد النزال لإبعاد الغريم الثاني عن فريدة كما فعل مع وليد؟
سلمت اناملك وقريحتك الوهاجة بكل حرف جاء بالفصل مبدع ورائع ومشوق
وما زلت أرى أن موسي وقصته كانت تصلح نواة لرواية قائمة بذاتها لا ينقصها اى عنصر من العقدة والحبكة والاشخاص والإبداع
ولكنك أعطيتنا لوحة كاملة الملامح والقسمات كل شخص بها وكل لمحة من شخصيته جلية واضحة بلوحة إبداع فايزة العشرى
أنار الله دربك حبيبتي وأدام عليك نعمة الإبداع والإحساس الصادق الدافئ
بانتظار القادم لك خالص حبي ومودتي

صباح الورد لعيني قارئتي المميزة أولا أعتذر بك بشدة عن تأخري بالرد عليك لكني والله منهكة ومشغولة بطريقة غير طبيعية، وأحاول أن ألتزم بميعاد النشر لأجل قارئة مثلك وكل القارء الصمتين فيزيد هذا إنهاكي، فشكرا بحجم السماء على وجودك وقراءتك المميزة ودعواتك وتشجيعك .
ثانيا كثيرا ما قرأنا عن حوادث أمهات يلقين بأولادهن على قارعة الطريق أو يقمن بقتلهن بعقلية أشبه بعقلية حيوانات البراري عن عقلية أم تحنو وتحب فلا تتعجبي من أم موسى ولا تستبعدي عنها فعل شيء.
ثالثا تعجبني دائما عنوانيك الجانبية واستشهادك بالقراَن نعم الشيطان يغتر بنفسه دائما وتأخذه العزة بالإثم ولكن ما مصيره في واقعنا يا ترى؟!
رابعا أكرر لك امتناني لدعواتك الرقيقة التي تزيل عني عناء تعبي بالفصل سلمت وسلمت عيناك التي قرأت واهتمت 💙
ولا تنسي قبلاتي للصغيرتي ابتهال😘💙🌼


فايزة العشري لوزة غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
فريدة، زاهر، حب، وجع، سيف، مريم، موسى، أشواك، ندم

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:54 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.