آخر 10 مشاركات
ثمن الخطيئة (149) للكاتبة: Dani Collins *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          زهرة .. في غابة الأرواح (3) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          بين ذراعيك مملكتي - ج1 سلسلة رؤساء عاشقون - قلوب زائرة - للرائعة * salmanlina*كاملة * (الكاتـب : salmanlina - )           »          ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          80- لعبة من يخسر يربح- بيني جوردان -روايات عبير الجديدة (الكاتـب : Just Faith - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام

Like Tree22Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-11-21, 05:30 AM   #61

Lautes flower

? العضوٌ??? » 434742
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 480
?  نُقآطِيْ » Lautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond reputeLautes flower has a reputation beyond repute
افتراضي


تسلم ايديك 😍😍😍
روووووووووووووعه ❤
بس مع ان حمزه مظلوم بس ياسمين وجعت قلبي 💔💔💔




Lautes flower غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-21, 12:32 AM   #62

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس
***
استشارة قانونية في الفصل
أ/ دينا زيادة..
أ/ أميرة رضا..
***
عادا إلى المنزل بعد فاصل من السباحة الصباحية الشاقة، فتح بلال البيت تاركًا الدكتور زكي يصف السيارة بالخارج، تقدم من أريكة الصالة يرمي حقيبته ومتعلقاته قبل أن يرمي بنفسه بإعياء واضح، دلف الدكتور زكي بحيوية ونشاط يضع حقيبته على أحد الرفوف، رفع بلال رأسه بالكاد ينظر إليه ويعلق على فوزه عليه وتجاوزه له مرات عديدة:
ـ ماشاء الله حضرتك عضل..
قهقه زكي فيما يرمقه باستخفاف:
ـ أنا طبيعي جدًا، أنتَ بس إللي متربي عالإندومي..
غاص بلال برأسه على وسادة الأريكة ينظر للسقف ضاحكًا:
ـ ماما كانت بتساهم في الإنفجار السكاني بعمليات الولادة بتاعتها مش فاضية تأكلني..
هز الدكتور زكي رأسه ببسمة غامضة وأشار صوب الدرج:
ـ طيب قوم صحيها وأنا هجهز فطار عشان أغذيك أنتَ وهي..
كتف بلال ذراعيه رفضًا:
ـ ما نفطر إحنا من غيرها..
فعل زكي المثل معاندًا:
ـ مفيش فطار إلا وهي هنا.
زفر بلال ساخطًا فالجوع يكاد يقضي عليه:
ـ ما تسيبها نايمة دي واصلة البيت قبل الفجر.
نفى زكي في رصانة:
ـ أنا جبتها بنفسي الساعة واحدة..
تهكم بلال:
ـ وده قبل الفجر بكتير؟
ضحك الدكتور زكي من فطنة الفتي الذي شغل معظم وقته تقريبًا:
ـ أنتَ عايز إيه يا بلال؟
اتكأ بلال على مرفقه يرفع جسده قليلًا ينظر صوب زوج أمه:
ـ عايزك تغضب عليها كدة وتحلف إنها مش خارجة من البيت تاني، إحنا معندناش ستات تبات برة..
التزم وجه الآخر بالحياد كأنه يفكر في هذه النصيحة الثمينة لكنه بعد عدة دقائق تفكير تبسم في غموض:
ـ بس هي دكتورة ومهنتها سامية..
ضحك بلال بميوعة:
ـ سامية!
تقدم الدكتور زكي وجلس على مقعد مجاور لأريكته:
ـ منطقك ذكوري جدًا.
اعتدل بلال يجلس احترامًا له ويجيبه بثقة بالغة:
ـ والمفروض إني كراجل أفكر زيهم؟
احتفظ زكي بالبسمة البسيطة يهز رأسه:
ـ أكيد لاء، بس مش من حقك تلغي حريتهم في اختياراتهم لمجرد إنك راجل..
قالها ورفع سبابته في حمائية:
ـ والطب مهنة سامية فعلًا مسمحلكش تتريق عليها.
رفع بلال حاجبه يسأله:
ـ والمهنة عشان سامية تأخد حياتنا كلها وتبلع كل حاجة حوالينا؟
نفى زكي في رصانة:
ـ في دي معاك حق، المهنة تفضل مهنة مينفعش تسرق حياتنا عشان كدة أنا في وقت ما.. اكتفيت..
ابتسم بلال في إعجاب:
ـ أكتر حاجة عجباني في حضرتك إنك مسيطر على حياتك وبتقودها مش هي اللي بتقودك..
أخفض زكي رأسه متواضعًا:
ـ شكرًا يا فندم، زورونا دومًا.
تقافزت الشقاوة من عيني المراهق:
ـ ما أنا ساكن معاكم، أنتو هتودوني دار مسنين ولا إيه.
هز زكي رأسه يأسًا منه ونهض متوجهًا إلى المطبخ:
ـ يلا صحي الدكتورة سامية عشان نفطرها..
بعد نصف ساعة هبطت مريم الدرج ناعسة تتثاءب، من اليوم التالي لعقد قرانها وانتقالها للعيش في هذا المنزل ويتم إجبارها على تناول الإفطار معهم، مهما حاولت الرفض والتعلل بالنوم أو العمل لا يكترث لها أحد، رأت بلال الذي أيقظها وهبط يساعد زكي في إعداد الفطور يخرج إلى طاولة الطعام ويضع بعض الأطباق، هتف ابنها ضاحكًا:
ـ إن شاء الله في يوم من الأيام هنصحى نلاقيكي مجهزة لنا الفطار..
زجرته قبل أن تلتفت صوب زكي الذي أتى من خلفه باسمًا بهدوء، الرجل الذي يحيرها ولا تستطيع إيجاد مفاتيحه، زوج برتية عراب لابنها وشيء مبهم بالنسبة لها، وضع الأطباق على الطاولة وعاد إليها عدة خطوة يستحثها على الانضمام لهما:
ـ مش جعانة ولا إيه؟
تقدم منها إلى حيز يمحو كل المسافات، يسقطها في الارتباك حين يقترب منها يلامس كتفها وينظر لها دون حواجزه المسبقة، يتفحص وجهها ببسمة راضية ويمنحها الاطمئنان كله، لكنه يترك لها مساحة خاصة جدًا وواسعة المدى، حيث حضر لها غرفة خاصة مفردة كما حضر لبلال مثلها، لم يقتحم خلوتها ولو لمرة واحدة، تحتار معه وتظل دومًا مشوشة عاجزة عن فك ذلك اللغز، أمسك بكفها لينكمش جسدها، يسير بها فتتبع خطاه، جلست عن يمينه تتناول طعامها وتسألهما:
ـ فين ياسمين؟..
أجابها بلال الذي رفع كوب الشاي يحتسي منه القليل:
ـ نزلت قبل ما نوصل من النادي..
ضحكت بهدوء:
ـ إزاي بتجيبوا الطاقة دي للسباحة كل يوم.
هدل بلال أهدابه يجيبها:
ـ أنا معنديش طاقة والله حضرته إللي بيجبرني.
تجاهلهما زكي الذي رفع ساعته ينظر إليها:
ـ يلا بلال هتتأخر على المدرسة..
تأفف بلال:
ـ أنا مرهق وعايز أنام..
هز زكي رأسه في حزم:
ـ لما ترجع ابقى نام براحتك..
نهض بلال بعدما صنع لنفسه شطيرة كبيرة وجذب قطعة خيار يلوكها، كان زكي قد أصر على نقله إلى مدرسة دولية بنفس مستوى مدرسته القديمة لكن الجديدة تبعد عن بيته مسافة خمسة شوارع يسيرها بلال على قدميه ذهابًا وإيابًا، حين اختفى بلال عن الأنظار لتبديل ملابسه وإحضار متعلقاته، أدارت مريم وجهها إلى زكي في امتنان:
ـ أنا مش عارفة أشكر حضرتك إزاي يا دكتور على اهتمامك بيه، بلال اتغير كتير..
أجفلها حين مد يده يربت على ظهر كفها المستكينة فوق الطاولة:
ـ ده ابني؟
اغرورقت عيناها وتملك حلقها غصة فأبوه بذاته لا يهتم به أبدًا، وهذا الرجل لديه صبر لا ينفد معه، بات صديقه المقرب، تعرف على أصدقائه كلهم ذلك غير نقاشاته معه المستمرة في كل شيء..
سحبت كفها بخفر تتهرب بعينيها:
ـ عندي شغل بعد شوية..
ـ أعاد يده إليه يسند بها ذقنه ويهبط بمرفقه إلى الطاولة:
ـ تمام متأخريش وكلمي بلال في وقتك الفاضي اطمني عليه..
تبسمت بهدوء، أمسك بهاتفه يتشاغل به حتى لا تشعر بأنه يحاصرها:
ـ بتضغطي على نفسك بزيادة ليه؟.
ناظرته صامته تحتار في إجابة، رفع عينه عن شاشة الهاتف يسألها:
ـ لسة بتهربي من إيه؟
توسعت عيناها مع تهدج أنفاسها، أضاف بصوت لين:
ـ غيابك الكتير عن بلال مأثر فيه يا مريم، نجاحك مش شغل بس.
فرقت شفتيها بعجز عن التعليق فتعلقت عيناه بها، أخفى تأثره بها واستأنف تناول فطوره، ابتسم لها مهتمًا:
ـ خلصي فطارك عشان أوصلك في طريقي أنا خارج مع صحابي.
***
في مجموعة العجمي حيث تلقت ياسمين ضربتها القاضية، تركتهما خلفها وهرولت مغادرة، شيعها حمزة بعجز، احترق قلبه مثلها وأكثر وفوق الحرقة تمنى جذ عنق ندى التي أتت ونيتها في عينيها لتخريب حياته، هبطت الدرج قاصدة مرأب السيارات حيث تقبع خاصتها، أوقفها حذيفة الذي حاصرها:
ـ استني هجيب عربيتي وأوصلك..
رفعت وجهها إليه بنظرة مثل باب موصد من قوة وخلفها بحر من وجع، أخرجت مفتاحها من حقيبتها تشهره أمام عينيه:
ـ معايا عربيتي وبعرف أسوق، شكرًا يا بشمهندس..
لم تمهله للرد عليها وفتحت بابها واستقلت السيارة تتجنبه وتغادر بها ببطء، لم تنظر خلفها فيكفيها ما رأت..
حين لفح وجنتيها الساخنتين هواء بارد نضحت مقلتاها بعبراتها الساخنة، مالت على المقود الذي تتحكم فيه بصعوبة، كرهت ذلك الاضطراب اللعين الذي يتملك صدرها، تبعها حذيفة بسيارته، حك جبهته حين رآها تترنح ونظر للسماء يبتهل لئلا تحدث كارثة، هاتف حمزة يزعق غاضبًا:
ـ عملت فيها إيه يا بني..
زفر حمزة ساخطًا وقص عليه كل ما حدث، تذكر تلك الفتاة جيدًا، كبح سُبة بذيئة كاد يتفوه بها، راقب سير ندى المضطرب في يأس وسأله مغتاظًا:
ـ بتعمل إيه عندك يا حمزة، ما تيجي تشوف مراتك..
رد حمزة في عصبية:
ـ سايبها تهدا الأول عشان تسمعني..
تهكم حذيفة الذي سيطر على مقود سيارته بأعجوبة:
ـ هيكون لازمتك إيه لما تسيبها في عز حزنها.
سمع زفرة حمزة فأضاف:
ـ يا حمزة يا حبيبي لو مش موجود وهي محتاجة لك يبقى قلم تحديد الحواجب ليه لازمة أكتر منك..
اشتعل حمزة غضبًا فحمحم حذيفة يخبره ضاحكًا:
ـ والله دورت لك على حاجة مؤدبة عشان أقولها بس عندي بدايل تانية لو عايز..
زعق حمزة بقوة:
ـ بس بقى يا حذيفة.
رد حذيفة وأعصابه قد احترقت عن آخرها فيما يراقب ياسمين:
ـ الله يخربيتك، البنت هتتقلب بالعربية وأنتَ مستنيها تهدا..
ضرب الأصغر سطح مكتبه بقبضته:
ـ طيب أنا جاي حالًا..
زاد حذيفة من سرعة سيارته وتخطاها ليجبرها على التوقف، صفت سيارتها على جانب الطريق وكتفت ذراعيها أمام صدرها، ترجل من سيارته وأقبل عليها محتقن الوجه مكفهر الملامح، اقترب من بابها يميل قليلًا ويشهر سبابته:
ـ أيًا كان إللي بيحصل بينكم دلوقت إياكِ تسوقي وأنتِ في الحالة دي..
أخذتها الصدمة فحلت وثاق ذراعيها تهتف:
ـ حضرتك إزاي تكلمني كدة؟
رفع صوته فوق صوتها:
ـ لما تتهوري وتسوقي وأنتَ عصبية احتمال تعملي حادثة وأنتِ عارفة نتايجها كويس، باباكي معندوش بنات غيرك طبعًا والمأساة واضحة، وأخويا هيفضل موجوع عشانك باقي حياته..
صمت لحظة كالمُعلم الساخط على تلاميذه الأغبياء وعاد يهدر:
ـ وكل ده عشان حضرتك مش عارفة تتنازلي وتركبي معايا عشان أوصلك..
طالعته مشدوهة وتوسعت حدقتاها مرتجفة الأوصال:
أغضبها أن يتمادى معها بتلك الطريقة فأشارت صوب سيارته:
ـ اتفضل ابعد عربيتك عايزة أمشي..
رفع أحد حاجبيه وذهب إلى سيارته، أخرج تبغه واستند إليها دون اكتراث بها، ترجلت تهرول إليه تضرب الأرض بقدميها تكاد تشقها:
ـ وده معناه إيه إن شاء الله..
استل من تبغه ينفثه ببطء ويستفزها:
ـ بفسحك شوية، شمي هوا نضيف..
تلفتت حولها مستاءة، هما على أقل تقدير سيأخذا مخالفة مرورية سخيفة تزيد يومها قتامة، ظل يرواغها لبعض الوقت حتى رأى سيارة حمزة تصل إليهما، استغل صدمتها من وصول أخية واتجه من خلفها إلى سيارتها يميل ويجذب منها مفتاحها بسلاسة، أمسك به ببسمة ظفر قبل أن يضغط زر الإغلاق فتجفل ياسمين بعجز عن التصرف:
ـ بتاخد مفتاحي ليه أنا مش هركب مع حد فيكم..
ابتسم لها حذيفة بحلاوة يرمش عدة مرات:
ـ كلمي حد يجي ياخدك.
شهقت حين تذكرت أن هاتفها بداخل حقيبتها القابعة فوق مقعد السيارة، ضربت جبهتها تُهدئ من نفسها حتى لا تسيء التصرف مع رجل يكبرها بالعمر بما يزيد عن العشر سنوات..
غمز حذيفة لأخيه الذي حضر وهبط من سيارته مقتربًا منها في حذر:
ـ هبعتلك حد بعربيتها على بيت الدكتور زكي دلوقت..
توجه حذيفة صوب سيارته يستقلها وينصرف تاركًا حمزة وزوجته متقابلين في أسوأ وضع على قارعة طريق..
أمسك حمزة برسغها فنفضته منه غاضبة:
ـ هعملك مشكلة في الشارع يا حمزة..
كبح غضبه وأخفض صوته في محاولة لاستمالتها:
ـ طول ما أنتي مش بتسمعي هتفضلي بحالتك دي.
اقترب أكثر في محاولة للغوص بين موج عينيها الأزرق فلفظته ساخطة:
ـ ارجع شغلك يا حمزة أنا هاخد تاكسي..
قبض على كفها بقوة وجذبها خلفه صوب السيارة، فتح الباب وأشار إلى المقعد حازمًا:
ـ اتفضلي اركبي، إحنا مش أطفال عشان نتخانق في الشارع.
أطاعته وركبت السيارة ليس خضوعًا له لكن مللًا من الجدال العقيم بلا طائل، استقل مقعد السائق وقاد بها، لم يكن هادئًا رغم هيئته وكانت منهارة تبكي بقلبها لا عينيها، تسلحت بواجهة من حديد وحافظت عليها حتى وصلت باب منزلها الخارجي، حين أوقف السيارة سارعت بفتح الباب والهبوط ومن ثم الركض صوب البوابة، فتحها لها الحارس وهرولت إلى الداخل، كان حمزة خلفها، وصلها يمسك بعضدها بخشونة لم يقصدها:
ـ بس بقى كفاية..
استدارت له تنقل بصرها بين عضدها ووجهه:
ـ أنتَ بتوجعني..
توقفت عيناه عن الحركة وحرر ببطء مطرقًا:
ـ أنا آسف..
أعادت وجهها إلى الباب الذي أتت المربية تفتحه بعد سماعها الجرس الذي ضغط على زره ياسمين، ياسمين التي أومأت له بعصبية:
ـ طيب.
انفتح الباب وتوجهت صوب الدرج متجاهلة إياه، نظر إلى المربية متجهمًا:
ـ دكتور زكي موجود؟
هزت رأسها نفيًا، سألها عن بلال وخالتها فأخبرته فيما تنقل بصرها بينه وبين الدرج الذي اجتازته ياسمين لتوها:
ـ مفيش حد هنا..
أطرق لحظة يفكر ومن ثم طلب في كياسة:
ـ لو سمحتي كلمي الدكتور وقولي له إن في مشكلة بيني وبين ياسمين وإني طلعت أوضتها..
صُدمت المرأة فيما تتراجع تفسح له الطريق معلقة:
ـ حاضر هقوله..
دلف وصعد درجتين ومن ثم أدار رأسه إليها:
ـ فين أوضتها؟
أشارت بسبابتها لأعلى:
ـ الأوضة التالتة على اليمين..
زفر وأكمل طريقه، عند نهاية الدرج العلوية تلفت حوله، ليس من عادته اقتحام خصوصية أحد والوضع غير مريح البتة لكنه يتألم بشدة وغضبه كل لحظة يزداد وطأة، ملأ صدره بالهواء وتوجه صوب غرفتها مباشرة، ومثلما فعلت في مكتبه لم يطرق بابها الآن، فتحه دون طرق ودلف، هز كيانه ما رأى، خلعت فى طريقها سترتها ورمتها أرضًا وظلت فقط بسروالها وقميص قطني يكشف عن ذراعيها، ارتمت على فراشها قبل أن يدلف أصلًا وصم نحيبها أذناه، كل تلك الواجهات الصلبة التي شيدتها أمام انهيارها تحطمت، بكت تشهق بعنف ويرتج جسدها، أشعلت غضبه أكثر وأكثر وعن قلبه فصابته بتخمة الألم، تعجب أن يعانق حبه الوليد كل ذلك الوجع في لحظة، تقدم منها ببطء، في وصوله إليها خجل، ليس بالطبع خجلًا ذكوريًا لكنه من هول الوضع وما أشعرها به، لم يحب أن يكون مصدر لألمها وحالتها المزرية تلك، أقبل على فراشها وسحب مقعدًا قربه منها وجلس عليه، عض شفتيه ندمًا وقهرًا عليها، كانت تُمرغ وجهها في وسادتها وتبكي بحرقة، مد يده إلى رأسها مترددًا، لامسها يمسد خصلاتها في لين فانتفضت، أخيرًا شعرت بوجوده، اتسعت عيناها رفضًا، لم تكن تريد لأحد ولاسيما هو أن يرى حالتها تلك:
ـ اطلع برة أوضتي..
ظنته سيكتفي بدلوف المنزل والتوقف بالأسفل، صدمها أن يغير من طريقته ويصل إلى غرفتها الخاصة، صدمها أكثر حين باغتها بالانضمام إليها، والأشد وقعًا هو ضمه لها إلى صدره، أخذها حين غرة لعالم لا يحوى سواهما، وادٍ مريح تتسلل فيها شمس الشتاء عبر النافذة وتتلصص على ميلاد لحظة لم يختبرا مثلها قبلًا، استسلما لجرف المشاعر، كان العناق الأول يستحق رجفة عشق وليد، تمرغ قربها وخدّرها فنسيت كيف ترفض، همس قرب أذنها يلفحها بأنفاس دافئة:
ـ حضنك رهيب يا ياسمين..
دفن وجهه في جيدها متأوهًا:
ـ مستعد أموت هنا..
كرهت تلك اللحظة المخزية التي لم تدفعه فيها فبكت ثانية بحرقة حد اهتزاز جسدها، هدهدها برفق مربتًا على ظهرها البض:
ـ كفاية بقى، والله أنتِ فهمتي غلط..
حاولت تحرير نفسها من بين ذراعيه وواجهت عينيه هاتفة:
ـ بقالي شهور يا حمزة بحاول أعرف مخبي إيه.
هز رأسه نفيًا يخبرها صدقًا:
ـ والله ما حبيتها، والله ما حبيت أبدًا قبل كدة..
رفعت كفها تدفع به صدره بعيدًا عنها:
ـ دي كانت حاطة إيدها على قلبك يا حمزة، أنا مراتك ومقربناش بالشكل ده..
تنهد أسفًا:
ـ أنا أعرف ندى من زمان، بس علاقتنا مكانتش كدة..
نجحت في الابتعاد عنه، جلست تضم ركبيتها لصدرها وترتكن برأسها إليها، نهض يجلس جوارها دون مسها:
ـ عايز أحكي لك كل حاجة بالتفصيل بس لما ترتاحي شوية..
كان يخفي سعير خلف كلماته، لن يترك ندى اليوم كما تركها ذي قبل، شعر بندم على حماقة الغفران في الماضي، علقت بصوت مكتوم بعدما كفكفت عبراتها:
ـ مفيش داعي، أنا مش هسمع حاجة..
أحس بالضيق من تماديه في الوصول لغرفتها في غياب أبيها، نهض عن فراشها ومد يده يلامس وجهها فمنعته من ذلك بابتعادها عن مرمى كفه:
ـ امشي يا حمزة..
في صوتها ضياع وحزن شديدين، جلس على المقعد ينظر إليها:
ـ مش همشي إلا لما أطمن عليكي..
لم تكترث لوجوده وسحبت الغطاء السميك إلى جسدها تدثرت به وأولته ظهرها فيما تستلقي على الفراش، هدأ تنفسها بعد ربع الساعة فاستقام يقترب منها يقبل رأسه بعمق ويهمس بكلمة لم تسمعها، غادر الغرفة وأغلق بابها، سيعود لها في الغد فهنا كل الروعة لكن اليوم سيأخذ ما تركه بالأمس عند ندى ولن يكون ذلك المغفل مجددًا..
يتبع..

maram alsaeed likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة م ام زياد ; 10-11-21 الساعة 03:54 AM
samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-21, 12:34 AM   #63

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

هبط حمزة الدرج في حرج شديد حين سمع صوت الدكتور زكي بالأسفل برفقة بلال يستجوبان المربية، وصلهما ليجد معالم القلق مرتسمة على وجهيهما بعدما أخبرتهما عمّا حدث، توجه حمزة صوب الدكتور زكي:
ـ أنا آسف يا دكتور على إللي حصل..
سأله الأب باهتمام:
ـ إيه إللي حصل يا حمزة؟
أطبق حمزة أجفانه لبعض الوقت قبل أن يخبره صادقًا:
ـ سوء تفاهم هي مش في حالة مناسبة تسمعني.
ضيق الدكتور زكي عينيه:
ـ إيه إللي يخليها تنهار بالشكل..
مد حمزة يده إليه يصافحه:
ـ هحكي لحضرتك مع ياسمين بس دلوقت عندي مشوار مهم جدًا، هخلصه وأجي لها بكرة الصبح تكون ارتاحت شوية..
تدخل بلال متجاهلًا حمزة:
ـ أنا كلمت ماما وجاية حالا، يلا نطلع لها نطمن عليها..
استدار حمزة له يربت على كتفه:
ـ ياريت تهتموا بيها لحد بكرة بس وأنا مش هسيبها زعلانة كدة تاني..
أولاهما ظهره وانصرف، قصد سيارته
يسمح لغضبه باجتياز كل حواجزه، مارد من نيران الغضب سيجهز على ندى كليًا فالدمعة من عيني الباكية في الأعلى ثمنها غالٍ جدًا، وجد عدة مكالمات من حذيفة تجاهلها وطلب رقم صديقه علي:
ـ ابعت لي لوكيشن بيت ندى حالًا..
زعق باترًا رفض الآخر:
ـ دلوقت يا علي من غير نقاش..
أرسله له بعد عدة دقائق فتوجه صوبها يقتل بداخله حمزة القديم، حمزة المتسامح الذي يترك حقه ببساطة، والذي يستخفون به ويستمرئون تخريب حياته..
على جانب آخر أرقت حذيفة الهواجس، لم يعد إلى عمله كما يفترض وظل يجوب الشوارع بلا هدى، هاتف أخاه مرات عديدة بلا جدوى وبعد كل ذلك القلق وصلته رسالة من صديق أخيه، علي الذي قابله عدة مرات برفقته، كان موقع في منطقة شعبية تبعد نصف الساعة عن مكانه، استغرب ذلك وهاتف علي يسأله:
ـ لوكيشن إيه ده يا علي.
أجابه على قلقًا:
ـ بيت ندى وحمزة رايح لها دلوقت، أنا مش مطمن مش سهل حمزة يوصل لها من غير مشكلة كبيرة..
ضرب حذيفة مقود سيارته بقبضته كما ضرب عقله إعصار من غضب:
ـ طيب أنا هروح له..
أضاف علي بزفرة قلق:
ـ أنا كمان جاي وراكم..
جنح حذيفة بسيارته والذعر ينهش قلبه، حاول تهدئة نفسه دون جدوى، شيء ما بداخله يكبر دون داعٍ، ذكريات ظن أنها ارتحلت بلا عودة لكنها عنيدة تعود فتقتله، زاد من سرعة السيارة إلى أقصى حد ووصل، وجد سيارة حمزة تقف على جانب الطريق وبداخلها أخوه، أخوه الذي مال برأسه إلى المقود يمرر كفيه بين خصلاته السوداء لحظات قبل أن يعتدل فيترجل منها وتستقيم خطواته متحفزة في عزم، أسرع أكثر يهمس باسمه متمنيًا أن يسمعه ويستجيب فيعود للخلف، صف حذيفة سيارته وهبط يركض خلفه دون اهتمام بغلقها حتى، رآه من بعيد يدلف إلى بناية عتيقة بعدما رفع رأسه يتفقد شرفاتها العالية، عرقل سير حذيفة سيارة أغلقت عليه الطريق كادت تصدم طفلًا، استغرق الأمر عشر دقائق في الاطمئنان على الطفل واستعادة هدوء الشارع، منحه ذلك رفاهية الرؤية الكاملة جسدت أمامه حقيقة الفاجعة، رجل ضخم خرج من ورشة تصليح سيارات وطيف الشرور يحوم حول رأسه، يمسك بيده آلة حادة يضرب بها حائط المنزل الذي قصده حمزة توًا بعنف ومن ثم يتبعه يدك الأرض بخطواته، ارتج قلب حذيفة ذعرًا، هرول خلفه ليسمع جلبة من أعلى، حمزة يزعق وفتاة ترد عليه بذات الفظاظة، صعد الدرج بأسرع ما يمكنه فقد تحققت كل هواجسه، رأى الرجل الضخم يصل إليهما فتصرخ الفتاة التي رأته أولًا رعبًا، ليلتفت حمزة مذهولًا ويتلقى سهم القدر الذي نفذ، وعن حذيفة فقد خفف من وطأته حين أزاح الرجل بلكمة قوية حركت موضع الضربة قليلًا وبدلًا من أن تهوى على رأس حمزة تسقط على ذراعه الذي رفعه بغتة فتشق صرخة ألمه المدى، كرر الرجل ضربته عدة مرات في هستيريا، سقط حمزة أرضًا وجن جنون أخيه الذي انهال على الرجل ضربًا حتى دفعه صوب الحائط يضرب رأسه بها بعنف حتى كاد يهشمها، سمع من خلفه صوت الفتاة الصارخة التي رمت نفسها أرضًا قرابة أخيه الغارق في دمه:
ـ أوعي تموت بسببي يا حمزة..
ترك الرجل قبل أن يلفظ آخر أنفاسه بين يديه واستدار لهما، جثا على ركبتيه بلا حيلة، أخذته ظلال الماضي ككل مرة تأخذه، أخ يموت أمام عينيه وحبيبة تسقط، تبًا مالروح تتعلق، لا تصل للبرزخ ولا بجسده تتشبث، تباطأت نبضات قلبه كما حال حمزة، حمزة الذي أمسك بكفه في وهن وأطبق أجفانه مستسلمًا للمصير كما فعل مسبقًا، سقطت دموع حذيفة قهرًا، فلماذا توأمه كل مرة يتخلى؟.
صراخ الفتاة الهستيري جعله يرفع رأسه إليها، لم يعد يعرفها، تلاشت ملامحها كما انطمس كل شيء حوله، سرقته تلك الفقاعة اللعينة التي تنغلق عليه رويدًا، هزه علي الذي حضر وصعقته الحادثة، كان سريع التصرف في طلب الإسعاف وانتشل حذيفة من غياهب ظلامه، طلب من ندى الصارخة أن تصمت وتأتيه بشيء يكتم به نافورة الدماء التي لا تتوقف، نهضت تهرول للداخل وتعثر عدة مرات فتسقط وتنهض، تجمهر أهل المبنى حولهم حتى أتت سيارات الإسعاف، تم نقل حمزة والرجل الذي تبين أن اسمه خالد إلى أقرب مشفى حكومي فقير في إمكانياته لكنه ساعد في إسعافه في الوقت المناسب..
ما تلا ذلك كان كالجنون الذي صاب العائلة برمتها، تم تحرير محضر بالواقعة في قسم الشرطة واحتجاز حذيفة كونه الوحيد غير المصاب، أتى يونس من القسم إلى المشفى بحثًا عن ندى، ذهب إلى عمه عبد العزيز القلق قلبًا وقالبًا:
ـ المحامي قال ممكن يطلع النهاردة لو ندى شهدت على إللي حصل وأنه كان بيدافع عن أخوه..
سمعته ندى الواقفة ترتجف على مقربة فهرعت إليه:
ـ أيوة كان بيدافع عنه أيوة..
استدارت لها أنوار التي تشهق وتنتحب بلا سيطرة، تقدمت منها تمسك بها في عنف:
ـ أنتِ السبب في كل حاجة، ابني هيموت بسببك..
خلصوها من يدها وأخبرها يونس ببأس فيما ينظر صوب ندى نظرة غل حارقة:
ـ هي هتيجي معايا وتقول الحقيقة، جارها اعتدى بالضرب على حمزة وحذيفة دافع عنه..
زعقت أنوار باكية:
ـ ولما تشهد حمزة هيرجع لي؟
جذبها عبد العزيز في حزم يضغط على يدها:
ـ اهدي يا أنوار..
تلفتت حولها ضائعة:
ـ ابني يا عزيز أنا مش حمل وجع عليه هو كمان ده عوض ربنا بعد إللي حصل لنا..
ضمها إليه يخبئها مما يخافه قبلها:
ـ ربنا هيحفظه صدقيني..
هطلت عبراتها في يأس:
ـ قلبه هيقف يا عزيز.
جذبت شهيق مؤلم تتساءل في عصبية:
ـ إحنا ليه لسة قاعدين هنا، مستنيين ايه؟
ربت على ظهرها:
ـ مستنيين تقرير طبي عشان يروح مستشفى تانية..
كانت حالة حمزة حرجة بما يقتضي نقله إلى مشفى مجهزة لجراحة دقيقة حيث تبين وجود تمزق في أوعية الذراع الدموية مع تهشم لعظامه، ساعدهم في ذلك الدكتور زكي الذي أتى سريعًا مع زوجته مريم..
انصرف يونس مع ندى إلى القسم، ندى التي دارت بعينيها أرجاء المشفى لا تكاد ترى أمامها، حماقتها ضيعت منها حمزة بل تكاد تضيع له حياته، جلست بجانب يونس في سيارته وأدارت وجهها إليه:
ـ هيبقى كويس مش كدة..
رمقها بنظرة لن تنساها ما حيت، بغض واشمئزاز امتزج مع حروفه:
ـ كنتِ عايزة منه إيه تاني؟
اجتاح جسدها البرد فارتجفت تنكمش على نفسها، فأكمل يشيح ببصره عنها:
ـ لو مش هيكون ليكي يبقى ميكونش لغيرك؟
عاد ينظر إليها يضيف في قسوة:
ـ أهو بين الحياة والموت بسببك أنتِ وجارك المجنون..
أغمضت عينيها فانفلتت عبرة ساخنة تحرق قلبها قبل وجنتيها:
ـ والله ما كنت أعرف إن كل ده هيحصل، أنا لقيت خالد طالع وراه ومعاه حديدة وفجأة حصلت الكارثة، شهقت تسأله:
ـ كدة خالد هيتسجن كتير ..
انفعل وكاد يحطم وجهها بقبضته:
ـ أيوة هيتجسن وحذيفة كمان لو مشهدتيش معاه..
رفعت كفيها تمرغ وجهها في راحتيهما المحمر:
ـ هشهد والله بس حمزة يسامحني..
تهكم بلذوعة:
ـ يسامحك على إيه ولا إيه يا ندى أنتِ قابلتي شهامته ونبله معاكي بخسة وندالة محصلتش..
نتاءت بنفسها بعيدًا عنه تنظر عبر شباك السيارة الزجاجي تتذكر تهديد خالد السابق لها حين أوقفها وأخبرها مبتجحًا في خشونة:
ـ لو شفتك مع الواد ابن الأكابر ده تاني هقتلهولك..
أزاحت عبراتها عن وجهها شاهقة بألم، أحبت حمزة ولن تنكر ذلك، وكانت تعلم منذ البداية أنه لن يكون لها مهما حدث، استغلته وغدرت به ذات مرة وحين علمت بعقد قرانه بعد شهور مصادفة جن جنونها وأعماها الغضب، تعمدت مصداقة مساعدة زوجته لتنقل لها أخبارها باستمرار، المساعدة التي سمعتها تهاتف صديقتها وتخبرها أنها على وشك اتخاذ خطوة جدية تجاه زوجها فهرعت ندى قبلها تسبقها إليه لتضعه في موقف حرج أمامها متعمدة..
والآن تعض أصابع الندم على فعلتها، رعونتها جعلته يهب دفاعًا عن زواجه وعن المرأة التي رأت حبه لها في عينيها وجاء إليها ليقابل قدره المحتوم على باب منزلها..
دلفت إلى قسم الشرطة قابلت المحامي الخاص بحذيفة العجمي وتناقشت مع بضع دقائق قبل أن يستجوبها الضابط وتقر بما حدث، أدانت خالد كليًا وتم إطلاق حذيفة بضمان بسيط على ذمة القضية..
***
لم يجول بخاطره أن الخطوات التي يسيرها منتفضًا ليقتص لنفسه ولياسمين من ندى ستودي به إلى الهلاك في لحظة، صعد درج ندى والشرور تتملك منه، تلك الخبيثة التي سرقت منه أمواله قبلًا تأتي اليوم وتتبجح بحب لم يمر على قلبه قط، طرق بابها بعنف ففتحته له لتنشده بوجوده:
ـ إيه إلي جابك هنا يا حمزة..
في صوتها ارتجافة ذعر ملحوظة وفي عينيها زيغ متناقض مع ثباتها السابق وتبجحها في مكتبه قبل عدة ساعات، صاح بقوة ترج المنزل بأكمله:
ـ عايز فلوسي يا ندى، وبعدها مش عايز أشوف وشك نهائي..
ضربت بابها بكفها:
ـ ملكش حاجة عندي، اثبت إني أخدت منك فلوس.
قالتها ونظرت خلفها بإجفال مع شهقة مذعورة، صاحت فالتفت ليرى سبب ذلك فوجد رجل أول مرة يراه يقف متأهبًا لقتله وخلفه حذيفة يركض، لم يتمهل أحد فيما يعتزم، رفع ذارعه ليتفادى الضربة فسقط ليسقط معها في جب سحيق من ألم خالص، لم يسمع نفسه ومن حوله وكان في وقوعه اختلال، لحظة فارقة باعدت بينه وبين نبضه، ظل في نقطة فاصلة بين الأحياء والأموات، رأى وجه ياسمين يبتسم من بعيد تميل عليه ومن خلف رأسه الشمس قرابة المغيب، تلاشى وجه ياسمين الضاحك وزلزل كيانه رؤية حذيفة يهرول ولا يتحرك، مكبل بالعجز واليأس يترجاه أن يصمد، استسلم بلا حيلة لحظة وفرق أجفانه بعدها في مكان مزدحم علم بعد ذلك أنه مشفى، تأزم وضعه كليًا وسمعهم يهمسون دون أن يفهم..
***
كانت جالسة على صخرة عالية، مدت يدها للأسفل تملأ جرتها بماء رقراق، بعدها جف النهر الذي اغترفت منه فاحتضنت الجرة تخبئها في قلبها، باغتها القدر وأفلتها منها فسقط متهشمة وتشربت الأرض الجدباء من تحت قدميها الماء كله، استيقظت ياسمين مفزوعة عطشى تلهث، جلست على فراشها مغطاة بسيول من عرق رغم برودة الطقس، سمعت دق خافت على بابها، تساءلت عن هوية الطارق فأجابها بلال مازحًا:
ـ افتحي يا ياسمين ده الزمان جاي يداويكي..
تأففت من مزاحه السخيف ونهضت ترتدي سترتها وتتوجه صوب الباب تفتحه، وجدته يقف مبتسمًا في بشاشة يحمل صينية محملة بالطعام ومن خلفه المربية تحمل صينية أخرى عليها أكواب من العصير الطازج، تقدم للداخل دون دعوة:
ـ أنا ودادة لسة متغديناش لحد دلوقت وجينا ناكل معاكي، عمو وماما خرجوا بعد ما اطمنوا إنك نايمة..
ارتجفت البسمة على وجه المرأة فيما تدلف خلف بلال وتضع الصينية جوار خاصة بلال التي وضعها على طاولة مستديرة، تقدم بلال من ياسمين وجذب كفها بحزم لين إلى المقعد وأجلسها، كانت تشعر بألم يكاد يفتك برأسها فاستسلمت له، جلس قبالتها ببسمة رائقة:
ـ ليه مش بتتخني يا ياسمين؟
قطبت فيما تتناول من يده لقيمة قدمها لها:
ـ عشان بلعب رياضة وباكل أكل صحي..
هز رأسه باستحسان:
ـ طب ليه نانا أرفع منك مع إنها عايشة على البرجر ومش بتلعب رياضة..
تصنع التفكير ورفع رأسه لأعلى يضيق عينيه:
ـ يمكن عشان بتطبل وبتبذل مجهود كبير!
عاد ينظر إليها بثبات وثقة:
ـ أنا فرحان عشان اتخانقتي مع حمزة..
تحفزت فيما تمضع لقيمة جديدة:
ـ انفصلي عنه واستنيني لما أكبر هتجوزك أنا..
ضحكت بشدة فيما تتناول من يده الطعام:
ـ بس أنتَ أخويا..
هز رأسه نفيًا:
ـ أخوكي معنويا بس مش بيولوجيا..
تساءلت ياسمين ضاحكة:
ـ تفتكر لو بابا وخالتو خلفوا وبقى لنا أخ مشترك هنحس بإيه..
رفع سكين الطعام يشهرها في وجهها يحذرها:
ـ هضطر أتعلم فيكم التشريح..
تشاركت ياسمين الضحك مع المربية الصامتة التي تناظرهما بحنان جم،
أطعمها حتى شبعت ثم قدم لها كوب عصير منعش وبعده حبة دواء لألم الرأس، كانت تتضور جوعًا، نهضت تنظر إليه، كان مكتفًا ذراعيه أم صدره ينظر للطعام بشرود، أشارت صوب الطاولة متسائلة:
ـ مش هتاكلوا أنتو كمان ولا إيه؟..
نهض بلال يقف قبالتها يبتسم لها:
ـ عايز أقولك حاجة..
تساءلت عاقدة حاجبيها:
ـ خير يا بيلو..
أجابها سريعًا كي يخفف من وطأة توترتها:
ـ حمزة عمل حادثة صغيرة وعنده خدوش بسيطة جدًا..
شهقت ترفع كفيها إلى فمها، كانت تشعر بحدوث شيء مهيب وتتجاهل تلك المشاعر السلبية، افترت مقلتاها عن عبرات ساخنة:
ـ حصل له إيه يا بلال؟
طمأنها كليًا:
ـ زي ما قلت لك بالظبط، خدش بسيط جدًا وهنروح له دلوقت..
رفرفت بأهدابها يضطرب قلبها حزنًا وقلقًا، تقدمت منها المربية تلامسها بكف حانية:
ـ تعالي يا حبيبتي خدي دش وغيري هدومك، عمك محسن تحت هيوصلك أنتِ وبلال للمستشفى..
ارتدت ملابسها وعقصت خصلاتها في ذيل حصان وذهبت إلى مشفى أبيها، هبطت من السيارة وهرولت إلى الدخل دون اكتراث بأحد، استقبلتها خالتها مريم على الباب تحتضنها، لم تستسلم ياسمين للعناق واشرأبت تتلفت حولها:
ـ عايزة أشوف حمزة يا خالتو..
أغشت عينيها العبرات الحارقة، ربتت الخالة على ظهرها في حنو:
ـ هيبقى بخير بإذن الله..
حاولت التملص من يد مريم والركض للدخل فسارت معها تخبرها:
ـ إحنا مرضيناش يدخل العمليات إلا لما تشوفيه الأول..
أدارت وجهها لها فيما تسير بسرعة فائقة:
ـ عملية؟.....بلال قالي إصابة بسيطة.
أطبقت الخالة شفتيها وأطرقت قبل أن ترفع رأسها إليها:
ـ بصي هو محتاج عملية ضرورية مينفعش يستنى خالص، هيعملها بإذن الله دلوقت ويكون بخير..
شهقت ياسمين باكية بحرقة تتمسك بكفها:
ـ وديني عنده بسرعة..
أخذتها إليه فوجدته على فراش طبي حوله تعقيدات كبيرة لا تفهمها، صدره يعلو ويهبط في تعب وذراعه مصاب، هرولت إليه تشرف عليه من علو:
ـ حمزة!
مد لها يده السليمة مبسمًا في وهن:
ـ إن شاء الله مش هموت قبل ما أحكي لك..
أجهشت في بكاء مرير:
ـ إن شاء الله هتبقى كويس وترجع لي يا حمزة.
أطبق أجفانه متنفسًا بصعوبة، دلف أبوها من خلفها يعانقها:
ـ إن شاء الله هيكون بخير، إهدي..
أشارت صوب حمزة بعجز قبل أن تتمرغ في حضن أبيها باكية بحرقة:
ـ أنا خايفة يا بابا..
أخذتها خالتها من حضنه حتى يتحضر للجراحة التي جهزوا لها غرفة عمليات مجهزة على أعلى مستوى، أخذوه إلى العمليات واستلم بلال وخالتها مهمة تهدئتها، سأل بلال أمه بلا تعبير محدد:
ـ ماما هي مش دي مستشفى ولادة؟
رفعت رأسها إليه في حدة:
ـ دي مستشفى كبيرة يا بلال بيتعمل فيها كل يوم عمليات مهمة، الولادة جزء منها بس..
أمسك بكفي ياسمين الباردتين يدلكهما ويحدثها في أشياء تخصها كي يصرف تفكيرها قليلًا عن الرعب الذي تعيشه، سأل والدته كأنه تذكر شيئًا مهمًا:
ـ هو مش دكتور زكي دكتور نسا؟
زجرته أمه بنظرة حارقة فيما لكمته ياسمين في صدره ليتأوه ضاحكًا، أخبرته مريم في رصانة:
ـ في فريق معاه يا بلال، أساتذة كبار زيه، جراحة عظام وأوعية دموية مش هو إللي هيعمل العملية دي..
تبسمت له في أمل:
ـ إن شاء الله تبقى دكتور كبير زي دكتور زكي ونفتخر بيك..
امتعض وجهه متهكمًا:
ـ على أساس الدكاترة سعدا وكدة.
تأففت تخبره:
ـ هو دكتور زكي مش سعيد؟.
أخبرها متندرا:
ـ مبقاش سعيد غير بعد ما ساب الشغل.
انفعلت ياسمين غاضبة:
ـ أنتو مش حاسين بيا خلص..
قالتها وأجهشت في بكاء عنيف جعل جسدها يرتج فاحتضنتها خالتها تهدهدها وتطمئنها.
***
بالخارج كان الجميع قلقًا، لم يستسلم عبد العزيز لإلحاح أخويه محمد وأحمد كي يجلس حتى، تقدم منه موسى الذي جاء برفقة حذيفة ويونس من قسم الشرطة، أخبرهم ما حدث تفصيلًا:
ـ دلوقت خالد ده هيتحبس بعد ما يخف من تلت لسبع سنين، وحذيفة....
صمت لبعض الوقت يتنفس ببطء ومن ثم يردف:
ـ حذيفة خرج بضمان بس لسة على ذمة القضية، غالبًا ست شهور مع إيقاف التنفيذ لأن البنت شهدت معاه أنه كان بيدافع عن أخوه..
صمت بعض اللحظات يراقب وقع الأمر على عمه الصامت بقلق عارم، وعاد يردف:
ـ لكن لو اتنازلنا....
قاطعه عبد العزيز حازمًا:
ـ تنتازل ليه يا موسى، حمزة مش هيسيب حقه.
أومأ له متفهما ومال يقبل كتفه في تبجيل:
ـ طبعًا يا عمو، مع حضرتك حق.
***
الخوف مرض لا ينفك بالقلب يتمسك، كره خوفه مثلما كره الفقد كله، كل ماحدث حوله كان محفوفًا بالضباب، أشياء كثيرة قد حدثت قبل أن ينتهي به الأمر جالس متربع أرضًا في مشفى ينتظر خروج حمزة من غرفة العمليات، تفاصيل وتورط لا يعنيه في شيء، دافع عنه قدرما استطاع وكاد يهشم رأس الرجل كليًا، تقدمت منه ليلى المتورمة العينين تجلس أمامه تلامس بطنها المتكورة تحوي طفله، أمسكت بيده تدعوه لينتبه لها:
ـ حبيبي!
رفع رأسه إليها ورأت في عينيه طيف وجع ساكن لا ينتهي، مر بعينيه عليها كلها كأنما يتفقدها:
ـ أنتِ كويسة يا ليلى؟
تبسمت من بين دموعها:
ـ كويسة طول ما أنتَ معايا.
أخفض بصره إلى ساقها:
ـ رجلك بخير؟
مررت كفها على فخذها وركبتها تبتسم:
ـ في أحسن حال.
تكذب لأن الحمل وثقله يؤلمانها بشدة، مد يده يلامس كفها:
ـ أنتِ حظك وحش قوي.
بكت أكثر تهز رأسها نفيًا:
ـ لاء يا حبيبي أنا أكتر واحدة محظوظة.
سقطت من عينيه عبرات تبلل لحيته:
ـ حمزة ساب إيدي تاني.
مالت برأسها صوبه، تمسك بعضديه بقوة:
ـ لاء أنتَ دافعت عنه ربنا بعتك تنقذه..
تنهد بقوة، بألم يحتل صدره:
ـ سامحيني.
شهقت باكية:
ـ أنتَ لسة بتقول كدة؟
أسند رأسه إلى رأسها يخبرها بصوت أجش:
ـ بعد كل الحب ده أنتِ بتخافي مني يا لولو، بتخافي أخذلك أو أخونك.
مررت كفها على جانب لحيته تنظر إلى عينيه التي تعشقهما وتضيع في العشق الرابض فيهما:
ـ بس أنتَ بتطمني..
تنهد ثانية بقلب مثقل:
ـ تفتكري حمزة هيخف.
اعتدلت تنظر له بجسارة:
ـ أنا واثقة إن ربنا هيرجعه لنا بالسلامة وكلنا هنبقى بخير..
كانت محقة فقد تم نقله إلى غرفة العناية الفائقة لاستقرار حالته وهنا قد بدأ فصل جديد في حياته وحياة من حوله..
يتبع..


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-21, 12:35 AM   #64

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

***
بعد مرور بعض الوقت..
...
تزايد الدوار الذي استيقظت به حد أنها لم تستطع القيام بعملها في المشفى الصباحي كما يجب، كانت لتذهب وتأخذ قسطًا طويلًا من الراحة لو أن جدولها فارغ، لكن ولسوء الحظ لديها موعد ولادة قيصرية تم تحديده مسبقًا وستأتيها الحالة التي ما عاد ينفعها تأجيل إلى مشفى الدكتور زكي خلال ثلاث ساعات فقط، قادت بأعجوبة إلى المركز الطبي وصفت سيارتها في مرأبه، قابلتها المساعدة في الممر تخبرها:
ـ الحالة في انتظارك يا دكتورة..
أومأت مريم ببطء وحاولت التقاط أنفاسها، لاحظت المساعدة ذلك فسألتها باهتمام:
ـ في حاجة يا دكتورة؟..حضرتك تعبانة..
أشارت بكفها تطمئنها:
ـ هرتاح ساعة قبل العملية وهكون بخير متقلقيش..
انصرفت إلى غرفتها وتناولت بعض العقاقير كي تساعدها لاستعادة نشاطها مجددًا..
ظلت على حالها ولم تجد مفرًا من الاستعانة بأحد زملائها، بحثت في المركز عن زميل متفرغ في هذه الساعة يساعدها ولم تجد منهم أحدًا..
فكرت في آخر الخيارات وهاتفته مترددة فمؤخرًا باتت تتعمد التهرب من التواجد في حيز يحتله، لديها هاجس غريب لا ينفك عن التسلل إلى عقلها فيؤرقها، نفضت من رأسها أفكارها الغبية وكثفت تركيزها على الطلب المستحي:
ـ ممكن أطلب طلب..
أجابها الدكتور زكي مغالبًا بسمة متسلية:
ـ طبعًا يا دكتورة مريم ده أنتِ زي مراتي..
زفرت في تعب:
ـ من فضلك يا دكتور.
نبأه حدسه بأنها ليست على ما يرام فتساءل:
ـ مالك يا مريم؟
سمع تنهيدتها عبر الهاتف فزادت من حيرته وقلقه، أجابته بصوتها الواهن
ـ عندي حالة ولادة دلوقت وللأسف تعبانة ومحتاجة مساعدتك..
خفت صوتها بالتدريج فلم يمهل عقله لحظات للتفكير ووافق مباشرة:
ـ مسافة الطريق بس وهكون معاكِ.
ربما جملته تحمل تأويلًا خفيًا وربما لا لكنها شعرت بشيء غريب يحدث، اطمأنت وانتظرته ولم يخيب ظنها، جاء بكامل همته ونشاطه كما عهدته دومًا في عمله، تحلق تلامذته حوله يرحبون به فقد بات يبخل عليهم بالمشاركة في الجراحات المهمة ولا يأتي إلا كل شهرين مرة على الأكثر، تبادل التحية مع الجميع قبل أن ينفرد بها في غرفتها الخاصة، تقدم منها في محاولة للاطمئنان عليها، سألها بكل اكتراث:
ـ إيه إللي حصل لك..
تهربت من تفحص نظراته، تربكها تلك الثقة البالغة بين حدقيته، يرهبها التفكير في شيء يخصه، تراه رمزًا لا يجب مسه ولو بين خلايا عقلها، قطع بينهما كل المسافات ومد يده إليها برفق أرجف ساعدها تحت قبضته:
ـ نخلص عمليتك المهمة وبعدين تعملي فحوصات أطمن عليكِ..
أومأت له تكتم تنفسها بأعجوبة، ابتسم لها وغادر تاركًا إياها خلفه تدور بعينيها في كل اتجاه حائرة:
ـ هروح أجهز.
ظنها ستتركه يخوض الجراحة وحده لكنها تحاملت على نفسها وجاءت بنصف طاقتها مع الطاقم تقف أمامه وتخبره:
ـ هساعد حضرتك بعد إذنك.
أومأ بلا حروف فابتسمت مريم تميل برأسها تخبر المرأة التي على وشك وضع طفلها الأول:
ـ حظك كويس، أستاذي بنفسه هو إلى هيعمل العملية.
لم ترَ ابتسامته الغامضة من خلف قناعه الطبي لكن البسمة هربت إلى عينيه وفضحته، أتم ما عليه فعله وسألها قبل أن يغادر:
ـ إنتِ كويسة دلوقت.
هزت رأسها إيجابًا فغادر غرفة الجراحة ، قبع في مكتبه لبعض الوقت قبل أن يذهب إليها، طرق الباب فأخبرته أن يدخل، دلف وأغلق الباب من خلفه:
ـ يلا عشان تعملي الفحوصات يا مريم..
نهضت من محلها وكانت تشعر بتحسن فدمدمت:
ـ بقيت كويسة دلوقت الحمد لله، أنا بس أجهدت نفسي مؤخرًا في الشغل..
يعجبه زيغ عينيها وتهربها من شيء لا يكلف نفسه عناء إخفاءه، باغتها بإرهابها أكثر في مواجهة صريحة، بلا حروف مال يلثم ثغرها يضرب الحائط التي بذلت طاقتها القصوى في تشييده بقبضة من حديد فيزلزله فوق رأسها، توسعت عيناها مع تلامس الشفتين، عاندها أكثر وضمها إلى صدره الصلب فابتعدت كمن قرصتها حية، ثورة من انفعال رافض كست وجهها دون جرأة على النطق بحرف واحد تعبر به، أولته ظهرها ترتجف بعنف وصوت تنفس مسموع، تلكأت عيناه عليها دون مواربة مشاعره تجاهها، ابتسم والتفت صوب الباب:
ـ هستناكي تحت متتأخريش..
انفلت دمعها يغرق وجنتيها، جلست على الأريكة تغمر رأسها بين راحتيها وتبكي بحرقة، تأخر رد فعلها قتلها قتلًا، كيف يكسر حواجزهما وكيف لا تصرخ وترفض!
..
انتهت من الفحوصات التي أصر عليها تحت تهرب عينيها المستمر، لا تجسر على المواجهة قط، استقلت السيارة جواره وقاد بها خلال شوارع المدينة المزدحمة، استرق صوبها نظرات واثقة تربكها وتجعلها تشيح بوجهها..
وصلا إلى المنزل فتحت الباب لتهبط وتركض إلى غرفتها دون الالتفات خلفها، لاحظ بلال وياسمين الجالسين مع المربية في الصالة يشاهدون فيلمًا للرسوم المتحركة ونهض يسأله قلقًا:
ـ ماما مالها يا عمو؟
اقترب منه يصافحه بلكمة إلى قبضة بلال:
ـ تعبانة شوية من الشغل وزعلت عشان جبتها..
مطّ بلال شفتيه في ملل:
ـ كنت سيبها تضيع حياتها في أوض العمليات..
لوح الدكتور زكي لابنته الجالسة شبه شاردة:
ـ عاملة إيه يا حبيبتيى..
نهضت بلا رغبة في شيء تقترب منه وتعانقه باسمة:
ـ بخير يا حبيبتي اطمن..
تنهد فليس بمزاجية تسمح له الخوض في أي شيء غير الهاربة دومًا..
أبلغتها المربية صباحًا أن الطبيب سيمنعها من الذهاب إلى العمل إن حاولت، سمعت ذلك وفضلت النوم على الخروج ومواجهة العالم ومواجهته متغافلة أنها تسكن بيته وعلى حافة السقوط في بئره!
جاءها الطعام مع الخادمة عدة مرات وكانت تتناول منه لقيمات بسيطة ولا تغادر الغرفة قط، حتى أنها لم ترى بلال ولا ياسمين يومها، نهضت من فراشها في المساء والصداع يملأ رأسها، ارتدت خفها المنزلي وأخذت مئزرًا نبيذي خفيف معها، تحممت وأنعشها عبق سائل الاستحمام قبل أن تجفف خصلاتها وتغادر، جلست على فراشها مطرقة برأسها، كثرة الأفكار والسير خلف الاحتمالات أرهقها..
بالأسفل كان يقف قبالة النافذة يعقد ذراعيه أمام صدره، ينعكس ضي غرفتها الخافت على زجاج نظارته، مال برأسه قليلًا ببسمة بسيطة، رباه قد تاب قلبه عن الجنون مسبقًا وتلك الهاربة أشعلته مجددًا..
في الأعلى ظلت على حالها قرابة نصف الساعة دون ملل، بل صابها كل الملل وتشعر بنفسها مكبلة لا تقوى على حراك، ما كان عليها القبول بتلك الزيجة، كانت بخير قبل الزواج منه، على الأقل كانت تعرف ماذا تريد من هذا العالم..
طُرق بابها بخفة جعلتها ترفع رأسها تدريجيًا إلى الباب، كانت تقريبًا واثقة من هوية الطارق، ورُغم ذلك نهضت تفتح الباب دون تبديل مئزرها القصير بشيء آخر يصلح لمقابلة الزوار، فتحت الباب بلا اندهاش، قابلها ببسمة في نصفها الدفء واستأثر نصفها الآخر بمكر الذكور الذي لا يمر على امرأة مثلها دون فهمه جيدًا، تراجعت متجهمة تغمغم:
ـ دكتور زكي..
دلف بلا دعوة وأغلق الباب خلفه، أشار إلى الصينية في يده دون أن تفارقه البسمة:
ـ حضرت لك فواكه.
تباعدت بالخطوات والمشاعر، أباحت له السباحة عبر صورتها من بعيد، خصلاتها الكستنائية القصيرة مبعثرة حول وجه فاتن، وجسد فائض بالأنوثة يخفي بعضه مئزرها ذو اللون الذي يناسبها، تمامًا مثل لوحة من كلاسيكيات الفنون، سحب كفها إلى الأريكة وأجلسها، جلس جوارها ووضع الصينية على الطاولة ودون كلمات وديباجات أطعمها منها بشوكة صغيرة قطعة موز، لم تجد بُدًا من التقاطها، صابها الخجل منه وجففت شفتيها بمحرمة ورقية، ابتعدت تضم ساقيها وتقصد طرف الطاولة:
ـ شكرًا يا دكتور أنا بخير..
وضع الشوكة على طرف الطبق وضحك بخفوت:
ـ مش غريبة إنك لسة بتناديني بلقب دكتور وأنتِ مراتي يا مريم؟
تلعثمت مع ضياع التنفس كليًا:
ـ حضرتك..
ضحك أكثر واقترب يحاصرها، كانت في مأزق لا تقوى على الفكاك منه، بات يجاورها تمامًا حد الالتصاق بها، مد يده يلامس خصلاتها ووجنتها برفق ويخبرها بخفوت:
ـ كنت هعرض عليكِ الجواز من أكتر من سنتين بس كنت متردد..
التفتت إليه ببطء حذر ورجفة طفيفة اجتاحت جسدها، اختلط بياض عينيها بحمرة دموع لم تهبط، اكتنف زرقة مقلتيها الجنون فتلاطمت أمواجها بين الرفض والقبول، لا تعلم لمَ يتساوى لديها الطرد والجذب فتظل على حالها، ناظرة إليه وصامتة!
مرر إبهامه على شفتيها فأطبقتهما تتهرب بعينها:
ـ شفايفك حلوة، ليه مش حاطة روج؟
كانت تحتاج دفعة تسقطها عمق البحر ففعلها، حاوط خصرها بذراعه وضمها لصدره، لم تبكِ كليًا ولم تجف عيناها، ارتجفت قليلًا فنهض يحملها، شعرت بنفسها توقع صك بيع الأوطان وتستسلم، باغتها أو لم يباغتها فالنتيجة أنه أخذ خطوة البداية، قبلها بشغف وعانقها بنهم، أمسك بكفيها يقربها كلما ابتعدت، وبين التخبط في الهروب سقطت، صارت زوجته بكل صورة ومعنى، تاهت بين اختلاج القلب والجسد فعجزت عن التفريق بينهما، دفعته ببكاء حار، فبعد الاستسلام اللذيذ المخزي أضحت في نظر نفسها خائنة!
انتهى الفصل
قراءة ممتعة


samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-21, 01:55 AM   #65

Mummum

? العضوٌ??? » 441364
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 462
?  نُقآطِيْ » Mummum is on a distinguished road
افتراضي

جميل جميل جميل يا سمورة تسلم ايدك حبيبتي الفصل رائع يا جميل

Mummum غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-21, 02:11 AM   #66

yara1996

? العضوٌ??? » 388490
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 27
?  نُقآطِيْ » yara1996 is on a distinguished road
افتراضي

حذيفة قطع قلبي 😭💔 عاش حادثة ليلي تاني وفقد توأمه صعب عليا اوي 😭 حمزة راجل متربي وابن ناس اوي ومتسامح بس للاسف اللي كده دلوقتي الناس بتستضعفه ياسمين محظوظة بيه ❤️ دكتور زكي وجمال دكتور زكي الوقور الشقي 😂😂❤️ وقعتي واقفه يا مريم بلال ده سكر النوفيلا والله تحفة 😂❤️❤️ ياسمين حبيبة قلبي انا بحبها جدا وصعبت عليا اوي بس مفيش بربع جنيه ثقة ف حمزة ابن الناس الكويسين ليه كده يا ياسمين 🙄 منتظرة الفصل الاخير علي نااااار وتسلم ايدك تعبك ومجهودك واضح ف الفصل ومع مسؤلياتك كمان

yara1996 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-21, 04:35 AM   #67

م ام زياد

مشرفة منتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية م ام زياد

? العضوٌ??? » 389344
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 2,607
?  نُقآطِيْ » م ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond reputeم ام زياد has a reputation beyond repute
افتراضي

بلال بقي فيه من دكتور زكي نفس وبعد فتره من العشره هيبدا يبقي شبهه في كل حاجه ،قدر يخلي ياسمين تلتهي شويه
أما ياسمين وحمزه فكان لازم يحصل الوجع ايلي يقرب بينهم ويظهر أنهم لايقين ببعض
حذيفه المسكين في كل مره ليلي بتكون امانه رغم أنه محق في انها قلقانه منه إلا أنها ما بتتخلاش عنه
حمزه يا قلب أمه اتمرمط جامد قوي لكن وعسي أن تكرهوا شيئا
وندي الزفت ديه يمكن تخلي عندها دم وتبقى دم عنه بقي
خد مريم علي الهدي أداها المساحه ايلي تقدر تستوعب الوضع الجديد
وفي نفس الوقت بلال يبعد عن تركيزه أنه ممكن يبقي زوج أمه ويحصل بينهم حاجه
وفي الوقت المناسب بدأ الغزو ولما الظروف تهيأت قام بالاحتلال مع ملاحظة أنه طمنها بجملة أنه كان ناوي يتقدم يعني بيقول لها انا من قبل ايلي حصل كنت بفكر فيك كزوجة مش اخت زوجه

تسلم ايدك يا سمسم الفصل بجد بجد تحفه حقيقي شابوه وبالخصوص للدوك زكي باشا😂


م ام زياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-11-21, 08:42 PM   #68

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

الأبلة مريم بتعتبر نفسها خائنة للراحلة
الراجل اتحنط في الترمل يا ست الدكتورة..
خليكو كده لحد ما تعجزوا


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-11-21, 04:59 PM   #69

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الخيرات
سعيدة بتواجدي على ضفاف النوفيلا الحلوة وأسعد بإعلاني عن تمييزها من طرف كادر مشرفات قلوووب أحلام
ألف مبروك التميز سمر، أتمني لقلمك الواعد تألق ونجاح مستمر
وشكر كبيييييير لكن قارئة حلوة اتواجدت على ضفاف هالنوفيلا، أنتن كنز لكل كاتبة
وإليكن أهدى وسام التفاعل المميز من تصميم الجميلة جداا
هدى خورشيد
تحياتي وودي
Fatima Zahrae Azouz


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-11-21, 06:27 PM   #70

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
افتراضي

الف مبروك سموووووووووووري.. تستاهلي وحموزي قمر ويستاهل وزيكوووو حبي قمرين

مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.