آخر 10 مشاركات
العاطفة الانتقامية (19) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          حب مقيد بالكبرياء -قلوب أحلام قصيرة زائرة _ للكاتبة المبدعة: مها هشام*كاملة &الرابط* (الكاتـب : Omima Hisham - )           »          عزيزى كيليان (58)للكاتبة K.L. Donn الجزء1من سلسلة رسائل حب Love Letters..كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حبي الذي يموت - ميشيل ريد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          دين العذراء (158) للكاتبة : Abby Green .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          صقور تخشى الحب (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة الوطن و الحب (الكاتـب : bella snow - )           »          هذه دُنيايْ ┃ * مميزة *مكتمله* (الكاتـب : Aurora - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1307Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-03-22, 12:47 AM   #281

ألحان الربيع
 
الصورة الرمزية ألحان الربيع

? العضوٌ??? » 492532
?  التسِجيلٌ » Sep 2021
? مشَارَ?اتْي » 2,297
? الًجنِس »
?  نُقآطِيْ » ألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond reputeألحان الربيع has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورهان الشاعر مشاهدة المشاركة
حبيبتي الغالية.....
تعرفين أنني سأشتاقك جدا؟! الفصل القادم هو الأخير و لا أدري كيف لي أن أصبر أكثر من شهر حتى ما بعد رمضان إن شاء الله لبدئ الرواية الجديدة و التي أتمنى أن تكوني حاضرة فيها فهي بشكل خاص قريبة جدا مني أكثر من أي شيء كتبته يوما.
نعود إلى جاسر و زينب، هههه حبيبتي كما لو تسبقين الفرح بليلة لا أعلم هل أنا من لم أعبر جيدا أو أنك متحمسة جدا لذا لم تلاحظي نديم يا حبيبتي يحب زينب و جاسر قد أدرك ذلك منذ زمن و هو سبب توتر علاقتهما حتى إنقطعت، عموما هو كان يحبها و للقادم قصة أخرى.
و شعورك يا حبيبة قلبي لن يخيب في الأخير هههه لست شريرة أنا لا أقوى على جعل أحد حزين و لو في رواية.
الفصل القديم سيكون طويلا جدا و لازلت أكتبه لحد الأن لازلت الأفكار تقودني يمينا و شمالا و لم أرصو على بر واحد.
سعيدة أنك إستمتعت بالفصل دوما في إنتظارك حبيبتي دمتي بألف خير
بتصدقي للحظة حسيت بهالشي بالنسبة لنديم انه حاطط عينه عليها هههه وانقهرت ليش لحتى يحضنها بصفته شو ؟!......لكن صفيت النية والصقته بحنين ههههه عشان بدي تلاقي شريك الها....


الله يتمملك روايتك على خير يا قمر وان شاء الله سننتظرك مع روايتك الجديدة وابطال جدد وساشتاق لكِ حقاً وسافتقدك يوم الاثنين......
تصبحين على خير


ألحان الربيع متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-03-22, 10:54 PM   #282

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,578
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.مساء الخير حبيبتي طيبة القلب

☆لم يفت الاوان بعد☆

وإن تأخرت زينب في الذهاب لجاسر بالمستشفي
فقد ذهبت أخيراوإن كان تأنيب الضمير هو ما دفعها لتهرع إليه فقد كان يجب ذهابها منذ البداية وعدم الإستسلام للاحزان

فهي بشكل غير مباشر وافقت علي وجوده بحياتها وهو زوجا لغيرها
وجودها معه في غيبوبته هام جدا لأنه يعطيه الرغبة في التمسك بالحياة والخروج من غيبوبته

ومن الصدف أن يكون نديم صديقه هو من يشرف علي حالته والذى بدا من الوهلة الاولي انه كان عاشقا صامتا لزينب توارى بعيدا لمرأى الحب الجارف بينها وجاسر

والاغرب ان يظل علي اخلاصه هو الآخر لمشاعر من طرف واحد فيظل بلا زواج

هم يستغربون من إعتصامها بالمستشفي طوال الوقت وترك كل شئ ورائها
ولكني أراه السلوك الطبيعي الظتوقع منها وهو من سيعيد جاسر مرة اخرى ليلبسها خاتمه بنفسه

☆وقت مستقطع☆

عودة زينب لبيتها وحياتها ظننتها وقت مستقطع وستعاود مكوثها بجوار جاسر ولكنها بالفعل عادت لحياتهامن اجل أحبائها فهي تستطيع أن تواصل الحياة علي الجبهتين.. مع أسرتها ومع جاسر

لكن حبيبتي ما هذه القسوة التي لم اعهدها بك سنتان كاملتان وجاسر غارقا في غيبوبته وزينب تستمر في عقوبةالانتظار التي لا تنتهي من سفر جاسر أول مرة بإرادته والآن سفره رغما عنه

☆بداية ونهاية☆

لم تقصر زينب في حياتهافأهلها لهم حق فيها وقد تكون ازمة جاسر تلك رحمة من جهة أخرى فتقرب نديم من أسرة زينب بهذا الشكل ربما يكون باب امل بالنسبة لحنين فيبدو أنه شبيه زباد في أخذه مكانة الإبن
وقد آن لحنين ان تبدأ بداية جديدةهي ونديم

بينما النهاية المرعبة للفصل لن تكون برحيل جاسر أبدا فلن تفعليهاحبيبتي بزينب

فهي حالة طارئة سيتم معالجتها لحين عودته من رحلته البعيدة عن دنيانامؤقتا

سلمتي حبيبتي علي الفصل الجميل الذى أجدتي نقل مشاعر زينب إلينا بكل تلك المصداقية والشفافية
وقد بدأتي الفصل بتلك الخاطرة الرقيقة المعبرة بشكل رقيق جدا عن مشاعر زينب
وبعدها أرعبتينا بالمشهد الأخير بإقتدار أيضا

بانتظار الفصل القادم بشوق
دمتي حبيبتي في فضل من الله ونعمة


shezo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-03-22, 12:48 AM   #283

لبنى البلسان

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية لبنى البلسان

? العضوٌ??? » 462696
?  التسِجيلٌ » Mar 2020
? مشَارَ?اتْي » 5,543
?  نُقآطِيْ » لبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond reputeلبنى البلسان has a reputation beyond repute
افتراضي


مساء النور والسرور نورهان
فصل جميل جدا وأحببت الخاطرة كثيرا
تسلم أنامل ويعطيك ألف عافية
بانتظار احداث الفصل القادم







لبنى البلسان غير متواجد حالياً  
التوقيع


أعظم الارزاق ♡
دعوة رفعت بإسمك في ظهر الغيب ★
لاأنت طلبتها.... ولا حتى تعلمها ☆




رد مع اقتباس
قديم 17-03-22, 12:12 AM   #284

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shezo مشاهدة المشاركة
مرحبا.مساء الخير حبيبتي طيبة القلب

☆لم يفت الاوان بعد☆

وإن تأخرت زينب في الذهاب لجاسر بالمستشفي
فقد ذهبت أخيراوإن كان تأنيب الضمير هو ما دفعها لتهرع إليه فقد كان يجب ذهابها منذ البداية وعدم الإستسلام للاحزان

فهي بشكل غير مباشر وافقت علي وجوده بحياتها وهو زوجا لغيرها
وجودها معه في غيبوبته هام جدا لأنه يعطيه الرغبة في التمسك بالحياة والخروج من غيبوبته

ومن الصدف أن يكون نديم صديقه هو من يشرف علي حالته والذى بدا من الوهلة الاولي انه كان عاشقا صامتا لزينب توارى بعيدا لمرأى الحب الجارف بينها وجاسر

والاغرب ان يظل علي اخلاصه هو الآخر لمشاعر من طرف واحد فيظل بلا زواج

هم يستغربون من إعتصامها بالمستشفي طوال الوقت وترك كل شئ ورائها
ولكني أراه السلوك الطبيعي الظتوقع منها وهو من سيعيد جاسر مرة اخرى ليلبسها خاتمه بنفسه

☆وقت مستقطع☆

عودة زينب لبيتها وحياتها ظننتها وقت مستقطع وستعاود مكوثها بجوار جاسر ولكنها بالفعل عادت لحياتهامن اجل أحبائها فهي تستطيع أن تواصل الحياة علي الجبهتين.. مع أسرتها ومع جاسر

لكن حبيبتي ما هذه القسوة التي لم اعهدها بك سنتان كاملتان وجاسر غارقا في غيبوبته وزينب تستمر في عقوبةالانتظار التي لا تنتهي من سفر جاسر أول مرة بإرادته والآن سفره رغما عنه

☆بداية ونهاية☆

لم تقصر زينب في حياتهافأهلها لهم حق فيها وقد تكون ازمة جاسر تلك رحمة من جهة أخرى فتقرب نديم من أسرة زينب بهذا الشكل ربما يكون باب امل بالنسبة لحنين فيبدو أنه شبيه زباد في أخذه مكانة الإبن
وقد آن لحنين ان تبدأ بداية جديدةهي ونديم

بينما النهاية المرعبة للفصل لن تكون برحيل جاسر أبدا فلن تفعليهاحبيبتي بزينب

فهي حالة طارئة سيتم معالجتها لحين عودته من رحلته البعيدة عن دنيانامؤقتا

سلمتي حبيبتي علي الفصل الجميل الذى أجدتي نقل مشاعر زينب إلينا بكل تلك المصداقية والشفافية
وقد بدأتي الفصل بتلك الخاطرة الرقيقة المعبرة بشكل رقيق جدا عن مشاعر زينب
وبعدها أرعبتينا بالمشهد الأخير بإقتدار أيضا

بانتظار الفصل القادم بشوق
دمتي حبيبتي في فضل من الله ونعمة


حبيبتي الغالية....
ههه أحب ثقتك بي يعني أنت متأكدة تماما أنني لن أفعل ذلك بزينب رغم قسوتي عليها بجعل جاسر غارق في غيبوبته لمدة سنتين، ههه أنا جررتكم معي في الفصلين الأخيرين في دوامة من المشاعر غرقت بها معكم، لنتشارك مع زينب حزنها.
الصدمة التي تعرضت لها زينب مرت بمراحل الأولى كانت عدم التصديق و الرفض القاطع الثانية كانت الإدراك دون تقبل، و الأخير التعايش مع أحزانها، فمهما كان هي قد إكتسبت مناعة ضد الألم و أصبحت تجيد التعايش معه و لو لم تشفى منه.
الفصل الأخير إن شاء الله سيوضح كل شيء سيكون مختلفا جدا عن باقي الفصول و يعادل خمسة فصول من السابقة.
سعيدة أن كلماتي وصلتكن و إستمتعتم بها كما أستمتع أنا بقراءة تعاليقم
دمتي بألف خير و عافية


نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-03-22, 12:15 AM   #285

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لبنى البلسان مشاهدة المشاركة

مساء النور والسرور نورهان
فصل جميل جدا وأحببت الخاطرة كثيرا
تسلم أنامل ويعطيك ألف عافية
بانتظار احداث الفصل القادم






مساء الخيرات و المسرات جميلتي
لا أجمل من حضورك عزيزتي، سعيدة أن الفصل و الخاطرة قد أعجبوك.
إن شاء الله نلتقي الأسبوع المقبل
دمتي في أمان الله


نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 08:18 PM   #286

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي



الفصل الواحد والعشرون والأخير

حينما نكتب فنحن نشيد عالما خاصا بنا، عالما نستطيع تأثيته كما شئنا، بكلمات عناقها يعطي روحا لعالم الخيال و يمنحه الحق في العيش و الإندماج بالواقع.
أقصى لحظات الحرية التي قد تعيشها في هذا العالم هي أن تمسك قلما بين يديك و تخط على صفحة بيضاء أقدارا تتلاعب بها كما شئت، تضيف لها ما تريد و تجردها مما لا تريده، تحاور نفسك بلغة يختلف معناها مع إختلاف النفوس التي تتلقها، لغة سرية حتى و أنت تتلفظ بها قد لا تدرك كل معانيها إلا بعد حين، فكل مرة مررت بها ستكشف شيئا في نفسك لم تكن أنت تعرفه.
إذا كنا بالكتابة نعيش كل ما نريد، و نختار بحرية ما نتمناه، فلما نقحم أحزاننا و همومنا أيضا وسط السطور؟!
لما لا نبني عالما جميلا خال من كل مظهر ألم أو حزن و نحن نملك كل القدرة على ذلك؟!
ذلك لأننا لا نكتب فقط لننال ما نريد، بل نكتب أيضا لنتخلص مما لا نريد.
هي عملية قتل و إحياء، ففي جملة واحدة قد نحيي بكلمة حلم عمر، و قد نقتل بأخرى ألم دهر.
فالكتابة تربة قد نشيد عليها قصورا، و قد نحفر فيها قبورا.
هي حياة جميلة و موت سهل.
في الحقيقة نحن لا نبتغي حقا حياة خالية إلا من السعادة، فلولا الطعم المر لما أدركنا أن هناك طعما حلوا، ما نبتغيه نحن حقا هو نهاية سعيدة.
و هل هناك حقا نهاية سعيدة؟! فالنهاية الحقيقية لكل إنسان ليست غير الموت، و يظل الموت واحدا مع إختلاف الأسباب، فهل يمكننا أن نطلق على أحد الميتات أنها أكثر سعادة من أخرى؟!
فتظل فاجعة الموت واحدة مع تعدده.
لكن فقط بالكتابة نستطيع إختيار نهاية ليست كالنهايات، نحقق بها أمنية قديمة تراودنا في تلك الأوقات القليلة التي نكون فيها في أشد لحظات حياتنا سعادة فنتمنى وقوف الزمن. هكذا نحن نوقف الحياة عند تلك النقطة بإيقاف نزيف حروفنا. بوضع نقطة توقف سيل كلماتنا، و تترك السعادة متدفقة إلى الأبد تفيظ على نقطة النهاية.
أقفلت كتابها و هي ترمي بالقلم بعيدا، كي لا يغريها سحره مجددا فيجعلها تغوص في بحور أخرى لم تعد تقوى على التجديف فيها بنفسها المنهكة.
أرجعت رأسها للوراء، تستند به على ظهر أريكتها الوثيرة، و توقف نزيف قلمها لا يعني إلا تدفقا جديدا لسيل ذكرياتها. تدفقا ستجعله الأخير و تنهي به للأبد هذه الرواية التي طالت بها سطورها أكثر من اللزوم، ستغلق هذا الكتاب إلى الأبد كي تشرع في كتابة أخر، سكتبه على حياة مختلفة هذه المرة.
لازال وقع الذكرى حيا قويا و كأنه حدث الأن لتو و ليس قبل أكثر من عامين، و كأنها الأن فقط ذهبت في ذلك اليوم للمستشفى كعادتها قبلا تحمل في قبلها أملا و خوفا ليسقط أملها بين رجليها و هي ترى هرولة الأطباء إلى غرفته من ضمنهم نديم، حينما تعلقت يومها بذراعه، تركها بعد أن ضغط على يدها و كأنه يطلب منها الصبر، تلك الأصوات لاتزال جميعها حية في ذاكرتها لكن بصخب أشد، جرت إلى النافدة الزجاجية لرؤيته، و توقف قلبها و هي ترى محاولتهم لإنعاش قلبه المتوقف، ثم لا تذكر شيئا بعد ذلك، و قد إنهارت على طولها فوق أرضية المشفى. قلبها يخفق بسرعة لمجرد الذكرى، فكيف إستطاعت هكذا العيش معها، قد تغيرت حياتها كثيرا بعد ذلك اليوم، بل هي أيضا قد تغيرت و لم تعد كما كانت أبدا.
دخل إلى غرفتهما الواسعة، فوجدها كعادتها جالسة أمام أورقها الكثيفة، ترجع رأسها للوراء فتتهدى خصلاتها الناعمة معه و قد ظهر لونها النحاسي المائل للأحمر واضحا تحت أشعة الشمس المتسللة إلى الغرفة من خلف الستائر الشفافة، تغمض عينيها، بينما أصابعها الرقيقة تحدث لحنا خافتا و هي تطرق بهما على حافة مكتبها، في هذه اللحظة تمنى لو يملك نفس موهبتها في الرسم حينها لكان قد جسدها الأن في لوحة تذيب الناظر إليها سحرا، كما يذوب قلبه الأن لرؤية زمردته الثمينة، حبيبته القوية و الرقيقة في آن واحد، كيف لأنثى أن تجمع في روحها هذه المتناقضات؟ قطته شرسة قوية، جدية تماما وقت العمل، حالمة رقيقة و هي ترسم و الأن و هي تكتب أيضا، دافئة مشتعلة كحبيبة لا تبخل عليه بسيول عشقها و جموح عاطفتها، أيستطيع أن يحبها أكثر من هذا؟ كيف لقلبه أن يتحمل كل هذا الحب الذي لا يتوقف عن النمو و التضخم في صدره مع مرور الأيام، وصالها نعيم أشد جمالا من أن يعيشه بروحه الأرضية هذه.
إقترب منها بهدوء، هي حتى الأن لم تشعر بوجوده، تبدوا شاردة تماما، منقطعة عن العالم و قد سافرت بخيالها لمكان لا يدريه، يشعر بغيرة شديدة من تفكيرها الذي قد يهيم في أي واد غير بحر حبه الواسع، دون أن يدري أن أي واد كان مصبه في الأخير داخل بحاره.
إنحنى إليها ببطئ ليطبع قبلة ناعمة على خدها، جعلتها تفتح عينيها الكهرمانيتين لتنظر إليه، إبتسم لها بحنان و هو يفتح فمه ليقول لها شيئا إلى أنها صدمته و فاجأته في نفس الوقت و هي ترتمي في أحضانه حتى تراجع للوراء قليلا، تعلقت برقبته تحشر وجهها في طيات عنقه، و هي تهمس بإسمه في لوعة.
_جاسر.
شدها إليه يربث على ظهره بحنان، بينما يسألها برقة و قد إمتلأت نبرته قلقا
_حبيبتي ما بك يا غالية؟! هل أنت بخير؟!
أحس برطوبة في بشرة رقبته، ليرفع وجهها إليه،يطوقه بكفيه، بحر عينيه الذي يفيظ عشقا لا منتهيا يعانق رمال عينيها الدافئتين و لتان كانتا تغوصان في بركة حمراء بسبب بكائها، إزداد قلقه و هو يسألها
_ما بك حبيبتي أنت لست على ما يرام أبدا، في الأصل قد أقلقتني عليك جدا حينما رفضت اليوم الذهاب إلى العمل، في طفرة نادرة لسيدة سوق الأعمال زينب الحريري.
إبتسمت زينب بتعب و هي تقول
_السنين تغير فينا الكثير يا جاسر، عموما أنا فقط كنت أريد أن أرمي ورائي الماضي بكل أحزانه و ألامه، لنبدأ صفحة جديدة.
ظهر الألم على وجهه و هو يقول لها معتذرا بألم
_أنا آسف، آسف جدا على كل الألم الذي سببته لك قبلا.
إبتسمت له بحنان و هي تقبل باطن كفه الذي يطوق وجهها قائلة
_ما عاد ذلك الأن مهما يا حبيبي أنا دفنت الماضي، إنتهى كل شيء،نحن الأنا معا و نورسين معنا.
إتسعت إبتسامته في سعادة و حنان من مجرد ذكر إسم صغيرته، سألها و هو يداعب وجنتيها بيده.
_ذكرتيني أين الصغيرة؟
إبتسمت و هي تجيبه
_مع أمي تعرف أنها لا تفارقها أبدا.
أردف بحنان و يده الأن تداعب شفتيها
_و من سيستطيع مفارقة تلك الجميلة؟ و خصوصا أنها تشبهني كثيرا.
عقدت حاجبيها بإنزعاج و هي تقول
_نورسين لا تشبهك بل تشبهني أنا بشهادة الجميع!
ضحك ملأ فاه و هو يجيبها مداعبا.
_و عينيها الزرق ممن أخذتهم؟
بدت كطفلتهما الصغيرة ذات العام الواحد و هي تزم شفتيها قائلة بغيظ.
_لها لون شعري و ملامحي، و لا تنسى أن أمي أيضا لها عيون زرقاء يعني ذلك موجود في جيناتي، فلما لا تقول أنها أخذت عينيها من أمي.
بيديه الإثنين قرص وجنتيها كما يفعل مع صغيرتهما، ليراضيها كمن يراضي طفلة صغيرة و هو يقول
_أليس، من حقي أن تشبهني إبنتي ألهذه الدرجة أنا بشع؟
نظرت له بإستنكار و هي تقول
_أنت بشع؟! أنا لم أرى في الأرض كلها أشد منك وسامة، لكن فقط لا أحب غرورك.
ضحك مرجعا رأسه للوراء، بينما تأملته هي بحب جارف، كم تحبه، تحبه بدرجة لا يمكنها وضع وصف أو حجم لها حتى لو كان هذا الحجم مجرات، و هذا الوصف أجمل ما في الدنيا من شعر و كلمات، لكنها رغم نيلها لكل ما حلمت به يوما، لا تستطيع التوقف عن خوفها الشديد من أن تخسره في أي وقت، فتتذكر جيدا، لما ظنت أنها خسرته، لتفقد وعيهاغير متقبلة للأمر أبداً، و حين نهظت وجدته هو جالسا قرب سريرها، فيومها بعد توقف قلبه و عودته للنبض عاد للحياة من جديد و لم تكن هي في إستقباله.
_أين شردت عني حبيبتي؟
لم تدرك أنه توقف عن الضحك إلا حينما سمعت صوته الحنونة يحدثها، تبسمت له قائلة.
_و في ما سأشرد غيرك يا نبض قلبي؟!
رغم أن كلامها الذي خرج من قلبها يؤكده بريق عينيها أسعده و جعل قلبه بنبض لها عشقا، إلا أنه لم يستصغ لهجة الألم في صوتها، و لمعان الحزن في عينيها، قال لها بحنان و يده ترسم ملامحها الجميلة، بينما يده الأخرى، تغوص بين أمواج شعرها الناعم.
_و لما تشردين بي و أنا معك، أطيفي أحب إليك مني؟!
حركت رأسها بنفي و هي ترفع ذراعيها لتحيط بهما رقبته قائلة بكل حب في قلبها.
_بل أنت كل حياتي. أحبك كثيرا جاسر، أحبك فوق المحبة و العشق و الهيام.
و قبل أن تمنحه فرصة للرد عليها كانت تنحني مقبلة شفتيه بلوعة، قبلة تدفن فيها كل الماضي و ألمه و تزرع فيها كل أماني المستقبل، حان الوقت لتخلى عن حزنها و قلقها الزائد عن اللزوم التي أصبحت تحيط به كل فرد من عائلتها حتى خنقتهم، الخوف لا يصد القدر، فل تضع ثقتها بالله و تتهنى، لا تعلم متى قلبت الأوضاع و أصبح هو جالسا على الأريكة و هي في حجره، بادلها القبلة بلوعة أكبر و حب جارف أغرقهما، إبتعدت عنه تفصل القبلة بعد أن أحست بحاجتها الشديدة للهواء، أنفاسهما معا قد أصبحت لهاثا. تسند جبينها على جبينه، يدها تغرسها في سواد شعره، و هي تدلك فروته بنعومة يعشقها منها، فكم يتحين الفرص لينام على رجليها و هي يطالبها لفعل حركتها هذه، بالمقابل هو من يهتم بشعرها، يجففه و يسرحه، و أحيانا يحب تضفيره، كما لو كانت طفلته الصغيرة يدللها.
كان يضمها إليه بقوة يديه تتجولان على خصرها و قد تسللتا من تحت قماش قميصها الخفيف، بصوت أجش تملؤه العاطفة قد قال و هو يتمنى إدخلها بين ضلوعه.
_و أنا أعشقك، أعشقك بطريقة تفوق عقلي و قلبي و إستعابي، أعشقك عشقا لو عددته لك لما كفتني الأيام منذ خلق الأرض إلى يوم البعث، أحبك حبا لو حاولت تدوينه ما كفتني أوراق أشجار العالم بأسرها عبر الحصور، أحبك حبا ما غزلته كلمات الهوى مجتمعة بكل اللغات، أحبك حبا لو خرج من قلبي ما تسع له الكون بأراضيه و سمواته، أحبك قبل أن يبدأ الحب، و أعشقك قبل أن يوجد العشق، أهواك قبل أن يمس الهوى قلبا، و ما لنهاية في هذا الحب مهما كان و لو مرت أزمنة و جاء زمان.
و كما فعلت معه هو لم يمنحها فرصة و هو يرى إرتجاف شفتيها تريد قول شيء، و دمعة متأثرة قد نزلت من عينيها، كان يسطو على ثغرها في تملك عاشق. يقبلها قبلة الحياة، قبلة يوثق فيها كل ما قال و لم يقل، قبلة تحمل في طياتها ما لن تصوغه الكلمات، يرتوي منها و يرويها.
فصل القبلة لتنزل من على رجليها و قد تبدل مزاجها للنقيض فجأة، أصبحت أكثر حيوية و نشاطا، شاهدها تتوجه إلى خزانة ملابسها مخرجة منها فستانا صيفيا وردي اللون، تذكر يوم أهدته حنين إليها فرفعت حاجبيها قائلة بإستنكار، "أنا لا أرتدي الوردي يبدوا طفوليا و أنثويا أكثر من اللزوم"، نهظ من مكانه و هو يراها تجهز لبسة كاملة، ما يبين نيتها الواضحة للخروج. وقف أمامها متسائلا و هو يعقد حاجبيه بإبتسامة
_إلى أين العزم إن شاء الله؟
تجاوزته قائلة
_بدلا أن تعيق طريقي إذهب و بدل ملابسك كي لا نضيع الوقت.
هذه المرة عقد حاجبيه بإستغراب حقا، بينما كان يعقدهم قبلا مازحا.
_إلى أين سنذهب؟!
كانت قد بدأت بإرتداء ملابسها و هي تزيل بلوزتها الصيفية ذات اللون الأصفر الدافئ و تحشر الفستان في رأسها قائلة
_أنسيت أن غدا عيد ميلاد نورسين الأول، سنذهب لشراء شيء لها، و منها أحتاج جدا لنذهب للبحر.
ساعدها على إغلاق سحاب الفستان حين منحته ظهرها ليفعل و بالطبع ما كان لينسى أن يطبع قبلة خفيفة على بشرتها الناعمة، قال لها و هو يعيد تسريح شعرها على كتفيه.
_أليسو إخوتك من قالو أنهم سيتكلفون بأمر الحفل و كل شيء، حتى أنهم منعوك أنت و أمي نرمين من فعل أي شيء؟
إبتعدت عنه تخرج بعد الإكسسوارات الملونة، لا يدري متى إشترتها فهي لم ترتديها يوما، أدخلت عقيقا بأحجار ملونة في عنقها، ثم أرفقته بقرطين بلون وردي غامق قد كان من ضمن ألوان العقيق، بينما تقول له.
_بسرعة إذهب و إرتدي ملابسك، لا تقف تتفرج بي و كأنك لم تراني قبلا.
إقترب منها ليطوق خصرها و هو يقبل وجنتيها قائلا.
_أنا لن أشبع أبدا منك أو من النظر لبهائك و إن كرست حياتي لفعل ذلك.
إبتسمت له بحب و هي ترفع يدها لتداعب شعره، تنظر لإنعكاس صورتهما في المرآة و هي تدعو الله في قلبها، ألا يكتب عليهما حزنا أو غما، من كل قلبها تدعو أن يكون يومها قبل يومه. أبعدت تلك الأفكار من رأسها و هي توبخ نفسها داخليا ألم تقطع فقط قبل قليل على نفسها وعد برمي كل ما يقلقها وراء ظهرها؟! رفعت رجليها قليلا لتقبل وجنتيه و هي تقول
_هيا حبيبي إذهب و غير ملابسك بسرعة، أنا سأكمل تجهيز نفسي ثم أمر للإطمئنان على نورسين قبل خروجنا.
أجابها و هو يداعب شعرها بيديه
_أتممي أنت تجهيز نفسك، أنا أصلا بملابس الخروج لم أنزعها بعد.
نظرت له من أعلى رأسه لأخمص قدميه لتقول عاقدة حاجبيها. بينما تنسل من بين ذراعيه.
_أنت بملابس العمل، بذلة رسمية، إرتدي شيئا صيفيا خفيفا، كقميص بنصف كم مثلا.
ضحك و هو يقول
_ما سر هذا المزاج المختلف؟ منذ متى أنت كنت تحبين غير الملابس الرسمية؟
ثم رفع حاجبيه قائلا
_ و الوردي من فوق!
ضربته على كتفه و هي تقول
_لا تسخر مني و أسرع و إلا لن أنتظرك.
لم يتزحزح من أمامها و هو يقول
_ما سر الوردي معك اليوم و الملابس الصيفية "الغير رسمية"..
إبتسمت له قائلة بوداعة أسرت قلبه
_أريد اليوم التحرر من أي قيود، أريد إنعاش روحي.
ثم دفعته قائلة
_هيا كفاك ثرثرة و إذهب و جهز نفسك و ألا لن أنتظرك أبداً!
توجه إلى خزانة الملابس ليفتح النصف الخاص به، و هو يقول.
_حسنا، حسنا سأحاول الإنتهاء بأسرع ما يمكنني لتذهب معا للسنجاب الصغير.
عبست بإنزعاج و هي تنزل قلم الحمرة الوردية الفاتح الذي كانت تلون به شفتيها قائلة بغيظ.
_كم مرة قلت لك لا تناديها بالسنجاب هذا يزعجني!
ضحك و هو يكمل إخراج ملابسه ليقول
_هي حقا تشبه السنجاب بأنفاها الصغير و عيونها البراقة، أضيفي لذلك لون شعرها، و ما أتم الصورة بإتقان تلك السنين الأمامين اللتان كبرا لها. حقا تبدوا كسنجاب حلو لا تشبع من اللعب به.
كانت قد إقتربت منه لتضربه بإنزعاج على ذراعيه، قبل أن تشهر إصبعها في وجهه مهددة.
_ أقسم بالله العلي العظيم يا جاسر لو نديتها مرة أخرى بهذا اللقب السخيف سوف.....
قطع تهديدها و هو يحمل يديها ليطبع عليها قبلة و هو يقول.
_بالله عليك يا حبيبتي لا تقسمي فقط أمزح. بما تردين أن أدلل صغيرتنا حتى ترضي؟!
هزت كتفيها قائلة.
_كلمات الدلال لا حصر لها يمكنك منادتها بها، مثلا عصفوتي، جوهرتي، وردتي، قطتي، قطعة الحلوى، سكرتي، كتكوت.....
قاطع إسترسالها و هو يقول
_إنتظري، إنتظري، لقد ذكرتي ثلاث كلمات في حديثك تنتمي إلى حقل السنجاب، أو ليس القط و العصفور و الكتكوت حيوانات مثل الأول؟! فلما ترفضين المسكين و توافقين على الأخرين ما الفرق؟!
تنهدت بغيظ و هي تقول رافعة حاجبيها، تجز على أسنانها.
_هناك فرق بالتأكيد! و فرق كبير جدا! فالحمار ليس هو الحصان. كما الغزل ليس ضبعا! أتعي الفرق! ثم من كل كلامي لما لم تعقب إلا على هؤلاء ثلاثة؟! قد قلت جوهرتي، قطعة الحلوى، سكرتي، زهرتي فلما تصر على التعليق، على ما تحبه أنت فقط!
إبتسم و هو يقول بهدوء مستفز
_قلت وردتي و ليس زهرتي.
أدارت عينيها بسؤم و هي تقول
_و الله أستهل أكثر أنا الذي أضع رأسي، برأسك، قال تغيير المزاج قال، و هل يرتاح من إرتبط بك حتى يهدأ مزاجه، بسببك سنتأخر و لن نلحق المرور بالبحر قبل الغروب. و لا شراء هدية مناسبة لنورسين من أجل عيد ميلادها غدا.
رفع نظره للساعة الجدارية المعلقة في غرفتهما ليقول
_لازال الوقت مباكرا نحن في العصر فقط و النهار الصيفي طويل.
عادت لقلم الحمرة التي تركته قبلا لتمرره على شفتيها و هي تقول
_أنا أريد النوم باكرا، لأذهب إلى العمل، قد فوت علي الكثير اليوم، كما يجب أن أمر على وجدان في متجر حلوياتها.
كان يبدل عليه، ينزع ربطة عنقه و يتبعها بسترته، ثم يفتح بتركيز أزرار قميصه و هو يقول
_لقد منعتك من زيارة متجرها أو مقهها حتى مرور عيد ميلاد نورسين، فهي قد قررت تركه مفاجأة لنا هناك.
كانت الأن تمشط شعرها، لتلوح بالمشط و هي تجيبه
_صاحبة اطعيد ميلاد إبنتي! فلما يجهزون حفلها دون مشاورتي بشيء؟! ألم تكتفي وجدان بأخذ حنين مني حين فتحت مقهها المرفوق بمتجر حلويات، أو متجر الحلويات المرفوق بمقهى؟ لا أدري أي مسمى أمنحه له بالضبط، منذ متى كانت حنين اصلا تفهم بشيء في الطبخ؟ قبل إنتقالها لقصرنا كانت تقوم بأكل الخص و الطماطم النيئين كالأرنب، فما الذي تغير الأن؟!
ضحك و هو يجيبها
_حنين لا تعمل في المطبخ كما تعرفين، لقد أمسكت محاسبة و تسيير المتجر، و بالتالي عملت في ميدانها، لا تكوني أنانية زينب أنت معك أنا و فارس فأترك حنين لوجدان المسكينة.
رمت المشط على طاولة الزينة لتلتفت إليه و هي تقول
_حتى أمي و الأطفال يكونون دوما معها في المتجر، فقط اليوم لم تذهب لأنهم قررو بمن فيهم السيد فارس المحترم، أن الحفل سيكون مفاجأة لها أيضا و هي.....
بترت كلماتها بينما تنظر له بعبوس قائلة بصدم
_رمادي!
إقتربت منه تنزله إلى مستواها، تنزع عنه القميص بنوع من العنف، ضحك و هو يستل يده من كمي القميص، ليستوي بجدعه العاري، يرجع شعره للوراء بعد أن تشعت بسبب سحبها للقميص، ضحك و هو يقول
_بالرفق. بالرفق يا سيدتي كنت ستنزعين رأسي ايضا! ما كل هذا العنف؟! ألم تطلبي مني أن أرتدي قميصا صيفيا، و هذا قميص صيفي و رياضي فأين المشكلة؟!
تجاوزته تفتش في خزانة ملابسه قائلة
_و تقوم بإرتداء قميص رمادي؟! ألم تجد لونا أكثر منه كآبة، أنظر إليه كم يبعث لتشاؤم؟!
ضحك و هو يقول
_ما قصتك أنت مع الألوان اليوم؟ أتردين أن أرتدي مثلك قميصا ورديا؟ لن تجدي هذا اللون السخيف بين ملابسي أبدا، أصلا....
قطع كلامه حين ضرب وجهه القميص الذي ألقته عليه، كان بلون أزرق فاتح، أمسكه ناظرا إليه بإستغراب و هو يقول
_ و ما يفرق الأزرق عن الرمادي حتى إنه من مشتاقته؟
تجاوزته تعود لمرآتها لتجمع شعرها بمشبك صغير و هي تقول
_ما يفرق الحصان عن الحمار، لكن ماذا تفهم أنت؟
إنحنت لترتدي صندلها الصيفي، لكن قبل أن تحشر رجلها فيه، شهقت و هي ترفع عاليا من خصرها شعرها قد غطى رأسها تماما و هو ينسدل للأسفل، حاولت التحرر من قبضته و هي تحرك رجليها و يديها صارخة به.
_جاسر أنزليني! ماذا تفعل أيها المجنون أتركني!
لم يتزلها إلا على الأريكة التي وجدها عليها حين دخل، أوقفها عليها فأخذت تبعد شعرها الذي تشعت بعد طول المجهود الذي بدلته معه لتقول بتأفف
_ما شغل الأطفال هذا يا جاسر! قد مشطت شعري لتو! أنا أقول لك علينا أن لا نتأخر، و أنت تبدل جهدك لتؤخرنا ما هذا الجنون! سأفقد عقلي بسببك.
إبتسم و هو يقول
_حقا لا أرى أي فرق بين الحصان و الحمار هما متشابهين جدا، غير أن الأول كثير الحظ و الثاني المسكين منعدمه.
قبل أن تتلفظ بشيء و قد ظهر الأنزعاج على محياها، وضع القميص بين يديها و هو يقول
_ألبسيني إياه أنت كما نزعتي الأخر، لكن برفق، و لا تخشي على شعرك حبيبتي أنا سأتكلف به.
أمسكته منه بتأفف رغم سعادتها الداخلية، ثم ألبسته له كما تلبسه لإبنتهما، حين إنتهت سألته عاقدة حاجبيها تدعي عدم الرضى و هي تقول
_هل إرتحت الأ....
قاطع كلماتها و هو يشدها مرة أخرى ليحملها و هو يحيط خصرها، بينما شفتيه قد سرقت شفتيها بقبلة، بادلها إياها و هو يمشي بها و هذه المرة أنزلها على الكرسي أمام مرآة الزينة، طبع قبلة على خدها، قبل أن يهز المشط يمرره برفق على خصلاتها النحاسية و هو يقول.
_كم أعشق لون شعرك الفريد و كأنه يتغير كل لحظة.
إنحنى برأسه يستنشق عبيره و هو يقول
_و آه من رائحته المسكرة تذهب بعقلي و بروحي.
إبتسمت بحنان و هي ترفع يدها لتتخلل خصالات شعره الأسود بينما تقول برقة
_مصر يا حبيبي كعادتك على إلغاء كل الخطط الذي أضعها صحيح؟
عاد ليمشط شعرها، قبل أن يضفره و هو يقول
_لن ألغي خطتك يا قلبي، نصف ساعة و نخرج.
عقدت حاجبيها و هي تقول
_ماذا تفعل لما تضفر شعري؟
إبتسم لها قائلا
_في سبيل التغيير الذي إخترتيه، تبدين الأن كطفلة صغيرة، أخاف أن أخرج معك الأن فأتهم أني تزوجت بقاصر.
ضحكت و هي تحرك رأسها قائلة
_لن تتغير أبدا تعرف جيدا كيف تلعب بعقل أنثى.
كان قد أنهى الضفيرة و ربطها بمطاط أبيض اللون. ليمسك كفيها يوقفها معه، و هو يقول
_هيا لنذهب الأن إلى الأرنبة الصغيرة.
صرخت فيه بغيظ
_جاسر.
ضحك و هو يقول
_حسنا، حسنا القطة سنذهب لنرى القطة.
أوقفته و هي تقول
_إنتظر أنا لم أرتدي حذائي بعد.
وقف بها لتشهق متفاجئة و هو يعيد حملها من جديد، أنزلها هذه المرة على طاولة الزينة، ضحكت من قلبها و هي تقول
_ما بالك اليوم يا جاسر أجدك إستحليت حملي، هل راق لك الأمر؟
إنحنى ليحمل الصندل الذي كانت سترتديه، ثم أمسك قدمها، يلبسه لها مبتسما و هو يمرر يديه على أظافرها الحمراء قائلا
_أتذكرين اليوم الذي وعدتك فيه أن أداوم على صبغ أظافرك بهذا اللون؟ألم أفي بوعدي؟
بإبتسامة عاشقة و حنين يلمع بعينيها قالت مدتا يدها لتحيط وجهه
_بل فعلت، فعلت حقا، أنت وفيت بوعودك كلها لي.
ثم أكملت ضاحكة
_لكن بأي ثمن أيها القاسي، أنت لم تجد بالوصال إلا بعد أن أنهكت قلبي المسكين نهكا.
رفع وجهه إليها و قد إنتهى من إلباسها الصندل، لهجة اللوم في صوتها قد خرجت رغما عنها منها، يعلم جيدا أن جرحها كان عميقا، عميقا جدا لدرجة أنه لم يستطع محوه بعد مرور أكثر من سنتين، أحاط وجهها بكفيه، ينظر إلى الحزن العميق السابح في مقلتيها، رغم أن جميع أحزانهم و ألامهم إنتهت إلا أن هذا الحزن أبى أن يختفي دون أن يترك شيء منه في نفسهم. هو قد قطع وعدا على نفسه أن يكرس حياته، لقتل كل بذور الحزن و الألم الذي زرعها بيده في روحها، وعد نفسه بإقتلاعها إقتلاعا، ليزرع بدها البسمة و الأفراح، هو يمضي في الطريق الصحيح، لكنه لازال طويلا، طويلا جدا أمامه، رغم أنه قد قطع شوطا مهما.
هو إيضا قد إشتعل الحزن في عينيه،بينما ينظر إلى ملامحها الجميلة، تلك الملامح التي لا تزيدها السنين إلى فتنة، و وجهها يكتسب رقة بعد رقة. قال لها ببعض الألم و أصابعه تتجول على صفحة وجهها البيضاء.
_أعلم أني لو نسجت من كلمات الإعتذار موشحا ما أوفيتك حقك، لكني حبيبتي مالي إلا أن أعتذر منك كل مرة، آسف، آسف حبيبتي، آسف يا نور عيني على كل ألم سببته لك بإرادتي أو مجبرا، و كوني متأكدة أني دوما كنت مجبرا حبيبتي. دوما كانت الظروف أقوى مني.
رفعت يدها لتطوق وجهه هي الأخرى و هي تقول
_و أنا كم مرة سأخبرك أنني سامحتك، بل أنا لم أحمل يوما لك في قلبي غير الحب؟ هي ظروف كان قدرنا أن نمر بها، و ربما لولها ما كانت علاقتنا لتكون بهذه القوة و المتانة، أنا التي أسهبت في الحزن أكثر من اللزوم، ربما قلبي نسي كيف يسعد لمدة طويلة، لكن معك أدخل عالم الحب و السعادة معا، أكتشفهما من جديد، و ما أحلاهما حبيبي و أنا أذوقهما معك.
إنحنت لتقبل وجنتيه و هي تهمس بعشق
_ما أحلى كل شيء بقربك حبيبي، لا أبتغي من الله إلا أن يحفظك أنت لي و جميع من أحب. أكون أشد أهل الأرض سعادة و أنا هكذا في أحضانك.
جدبها إليه ليعتصرها بين ذراعيه، بينما تشبتت هي به تبادله العناق، في حين تزرع قبلا حانية على كتفه و رقبته.
إبتعدت عنه بعد مدة و هي تقول بينما تمسح عبرة نزلت منها مرغمة و إبتسامة تزين ثغرها الحلو
_قد وعدتني أننا سنخرج في نصف ساعة، و ها هي نصف ساعة قد مرت و أكثر و نحن لم نرى نورسين بعد.
مدت له يدها لتوقفه من جلسته على الأرض، فأمسك بكفها الممدودة و إستقام واقفا، ثم رفع كفها لشفتيه مقبلا إياها و هو يقول
_تسلمين حبيبتي.
رفعت نفسها لتطبع قبلة على ذقنه و هي تقول
_أحبك جدا.
غمز لها قائلا
_أضرورية تلك الخطة التي رسمت أم نبدلها الأن بخطة في غرفتنا أعدك أن تستمتعي كثيرا.
ضحكت و هي تحرك رأسها بيأس قائلة
_أنت لا تصدق!
جدبته من يده تخرجه من الغرفة و هي تقول
_رغما عنك خطتي هي التي ستسري هذه المرة، لكن كي تعرف كم أنا عادلة جدا يا حبيبي، سأتركك تطبق خطتك بعد عودتنا.
ضحك و هو يقول
_لا أعدل منك حبيبتي، يحيى العدل و المساوات.
ضحكت و هي تجره على السلالم لتنزل إلى غرفة إبنتها في الطبق الأول، فأمها قد أصرت أن تكون غرف الأحفاد جميعها بقرب غرفتها.
في طريقها إلتقت بالسيدة خديجة التي حيتها بإبتسامة و هي تقول
_يليق بك الوردي كثيرا يا زينب.
ضحكت زينب و هي تقول
_قوليها لهذا الجلف الواقف بجانبي لقد قال أن اللون سخيف و طفولي و أنثوي أكثر من اللزوم!
ضحكت خديجة و هي تقول
_أعذريه فهو لم يعتد منك مثل هذه الألوان الحيوية، لكن لا أسمح لك بمنادة السيد جاسر بالجلف هو وسيم و رومانسي جدا، أبعد تماما ما يكون بالجلف.
ضحكت زينب و هي تقول
_هل تتحرشين بزوجي يا خديجة هذا العشم.
ضحكت خديجة و هي تقول
_ليست لدي فرصة أبداً أمامك حتى إن أردت، أنا أحلامي ليست أكثر مني، ثم إنني لو تزوجت باكرا كباقي الخلق في زماني لا أنجبته، قد شخت و ذهب شبابي و ذلك الجمال الشحيح قد إختفى.
هذه المرة جاسر من تحدث و هو يقول
_و لو يا خوخة أنت قادرة على إيطاحة جيش كامل من الرجال بجمالك، و لا تزالين في ريعان شبابك. لو أنني لست متزوجا لتزوجتك.
قرصته زينب و هي تقول بغيظ جزتا على أسنانها
_نسيت يا حبيبتي خوخة أن تضيفي على مزياه المذهلة أنه حنون جدا و رقيق، يحب الزواج بالفتيات الواقعات في المصائب، هل لك مصيبة يعينك عليها.
ضحكت خديجة و هي تقول
_لا الحمدالله، لا مصيبة لدي نجانا الله من المصائب.
حركت زينب رأسها و هي تقول
_هل أمي في غرفتها؟
أومأت خديجة برأسها قائلة
_أجل هي هناك مع نورسين و نسيم.
رفع جاسر حاجبه قائلا
_ذلك العلقة مع نورسين إذن لن نرى إبنتي أبداً، ما إن أحملها حتى يبدأ بالبكاء، بينما هو لا يكف عن تقبيلها و ضمها أي طفل هذا من صغره قرر إختطاف إبنتي؟!
ضحكت خديجة و هي تتجاوزهما صاعدة الدرج بينما ضربته زينب بإنزعاج و هي تقول
_لا تقل على إبن أخي علقة يا جاسر! لو سمعك فارس سيقتلع لسانك!
ضحك و هو يطوق خصرها نازلا بها الأسفل
_و هل كذبت في شيء، صاحب العيون الخضراء لا يترك إبنتي أبداً يقبلها حتى يبكيها ثم يمنحها مصصته و هو يطبطب عليها.
ضحكت زينب و هي تقول
_بالله عليك أليس رومانسيا؟
دفعها جاسر بإتجاه غرفة أمها و هو يقول
_بل علقة، كان يوما لا خير فيه حين قرر فارس أن يزيد من أفراد أسرته.
مجددا ضربته و هي تقول
_قلت لك لا تتحدث عن إبن أخي بهذه الطريقة.
قال رافعا رأسه بغرور
_حتى يتوقف هو عن التحرش بإبنتي.
دخلا الغرفة، كانت نرمين تقول بحنق و هي تحاول تخليص نورسين من ذراع نسيم الصغير التي تطوقها بقوة
_يا بني أتركني فقط أغير لها ملابسها، أصريت على جعلها تشرب الحليب بنفسك فأرقت نصفه عليه،ا دعني أغير ملابسها و أرجعها لك.
رفع جاسر كتفيه قائلا
_ها هو ما قلناه.
كتمت زينب ضحكتها و هي تعض على شفتيها، دخلت الغرفة بينما تقول
_مساء الخير أمي، كيف حالك و الأولاد؟
إلتفتت نرمين إليها قائلة
_تعالي يا إبتتي لتفكي معي هذين الإثنين، سيخرجان على عقلي!
ضحكت زينب و هي تقترب من مهد الصغيرين التي ربيت فيه هي و أخويها، و قد خبأته أمها، لتفاجئهم به عند حمل وجدان، أصرت على وضعه في غرفتها، فتربى فيه نسيم، ثم نورسين من بعده، لكن الصغير، لم يشأ ترك مكانه لإبنة عمته، بل لم يشأ تركها هي.
عندما وصلت مدت يديها لنسيم قائلة
_نونو حبيب عمتك تعال لدي.
ضحك نسيم الذي لا يسمع أحدا غير عمته ليمد يده إليها و قد ترك الصغيرة التي بدورها بدأت في البكاء و هي تمد يديها إلى أمها.
وضعت نرمين يدا على يد و هي تقول
_أنا من نصيبي التعب معهم و الحب كله لك.
قال جاسر و هو يقترب إليهم
_المشكلة يا خالتي في هذا الذي إحتكر نسائي.
كان نسيم يلعب في شعر عمته، فالصغير يهوى الشعور و اللعب بها، بينما عمته تقبل كفيه.الصغيرين و هي تلاعبه.
إنحنى جاسر ليحمل صغيرته التي هللت فرحة ما إن حملها. قبل وجنتيها الحمراوين بطريقة شهية، و هو يداعبها، لكن إرتفع في الحال صراخ رافض و نسيم يحاول أخدها من يديه و هو يضربه. ضحك جاسر و هو يبعد الصغيرة عن مرمى يد الطفل بينما يقول
_ما بك يا إبن فارس أتريد حرماني من إبنتي و هي في هذا السن لا و الله لا كانت لك!
ضمت زينب الطفل ضاحكة بينما تقول له
_إهدأ يا صغيري هو والدها سيفرح بها قليلا ثم يتركها لك.
بدى أن الصغير قد فهمها و سمع كلامها رغم أنه زم شفتيه بعدم رضى و هو يقول
_نونا لي.
ضحكت زينب و هي تقول
_لك. هي لك يا بطل فقط لا تغضب.
نظر لجاسر ثم أعاد نظره إليها و هو يقول بكلامه الملغز.
_جار لا.
ضحكت و هي تقول
_لا أبداً أنت الكل في الكل.
عقد جاسر حاجبيه و هو يقول
_يا حسرتي على السين و أين ذهبت. ثم ما بال إبن فارس معي؟ أنا أبوها فكيف يريد حرماني منها؟!
نظر الصغير لجاسر بشر و هو يعقد ملامح وجهه، ضم جاسر إبنته له و هو يقول
_يا لطيف! نظرات إبن أخيك إجرامية، أبو عيون خضراء لن يكون سهلا.
ضحكت زينب و هي تقبل وجنتي إبن أخيها بينما تقول
_أترك عنك الطفل يا جاسر لا تغضبه.
نظر إليها جاسر بإستنكار و هو يفتح عينيه بصدمة مشيرا إلى نفسه
_أنا من أفعل له شيئا.
ضحكت نرمين هذه المرة و هي تقول
_زوجك على حق هذا الصغير المشاغب ليس سهلا أبدا، من الصباح و أنا أحاول أخذ الصغيرة من يده لأبدل ثيابها لكنه لم يشأ تركها، و من فوق لا يكف عن البكاء و الصراخ إن قررت أخذها للإستحمام قال يريد أن يستحم معها.
شهق جاسر بإستنكار و هو يضم نورسين إليه قائلا.
_لا و الله لا كانت لك؟ أطفل هذا حقا؟!
بينما ضحكت زينب و هي تقبل وجنتي الصغير قائلة
_عليك أن تفرح فإبنتك ستكون دوما محاطة بعينين ستحرسانها.
حرك جاسر رأسه و هو يقول بغيظ
_و أنا ألا أملؤ عينيك؟ أقال لك أحد أنني لست قادرا على تحمل مسؤولية إبنتي؟!
لم تجبه زينب و هي تداعب الصغير قائلة
_أنت ستترك يا حبيبي جدتك تبدل ثياب نورسين ثم تعيدلها فهي لك.
كرر بثقة مضحكة مع ملامحه الطفولية الرقيقة
_نونا لي.
ضحكت زينب و هي تعيده لمكانه قائلة
_هي لك. لك يا بطل. سأودعها الأن لأنني سأخرج هل ستسمح لي بذلك.
حرك رأسه موافقا و هو يقول
_حسنا.
قبلته زينب مرة أخرى شاكرة، بينما قال جاسر مستنكرا
_يا لكرمك يا سيدي، ما عاد بإمكاننا أن نرى إبنتنا إلا إذا أخذنا إذنك. هذا و أنت إبن ثلاث سنوات فقط!
إستقامت زينب بعد أن أنزلت الصغير في مكانه، لتمد يدها لصغيرتها التي تعلقت بها ضاحكة، قبلت وجنتيها و هي تقول
_اه كم إشتقت لك يا قطعة سكر، أكلك و لا أشبع.
ضحكت الصغيرة و أمها تدغدغ رقبتها. بينما نرمين كانت تنظر إليهما هما الإثنين بحنان بالغ، كم خشيت أن تموت قبل أن ترى هذه الصورة، كان قلبها يحترق ألما و هي تشاهد عزوف إبنتها عن الزواج و تساقط أورقها لتذبل قبل الوقت، زاد ألمها و هي ترى تعلقها بشفاء حبيبها كمن يتعلق في الأوهام، و قد صارحهم الطبيب مرة أن أمل عودته ضئيل جدا حتى أنه إقترح أن يزيل تلك الألات التي تحبس الحياة في جسده الذي لا حياة فيه، فيموت براحة، لكن صديقه نديم رفض ذلك رفضا قاطعا و قرر التكلف هو وحده بحالته، كل هذا لم تخبر به زينب، و هي تعيش بأمالها و ألامها على عودته. نظرت إلى زوج إبنتها الذي كان يحيط زوجته و إبنته هذه اللحظة، يهمس لإبنتها بشيء ما فتتورد وجنتيها، و هي ترد عليه بإعتاب ضاحك، بينما الصغير كان بجدبها من ملابسها و أمام إلحاحه إضطرت لتبعد نظرها عن الثلاثة لتخفضه له، سألته باسمة
_ماذا تريد يا صغيري؟
جلس الصغير في حجرها و هو يقول
_أنا نونو أيضا.
ضحكت و هي تفهم منه أن "نونو" هي ملابس جميلة، قد أصبحت تدرك لغة الأطفال و قد ربت أجيالا على يدها. تعلق أكثر بها و هو يقول
_مامي أنا جميل.
داعبت شعره الأشقر الخفيف و هي تقبل وجنتيه قائلة
_كما تريد حبيبي.
وقفت تحمله و هي تقول
_في الوقت الذي أغير فيه الملابس لهذا الصغير.
غمزت لجاسر و هي تكمل
_يمكنك الأن أخذ راحتك مع صغيرتك قبل أن أعود.
قبل رأسها قائلا
_أجمل حماة في الدنيا لا أحد يفهمني مثلك...أي!
تأوه حين ضربه الصغير بيده يبعده عن جدته، فقال عاقدا حاجبيه و هو يحك خده
_ما هذا الطفل العنيف؟! ما بك معي يا إبن فارس!
ضحكت زينب و هي تقول
_لا أحد ينصف عمته مثله. أين كنت يا صغيري منذ مدة لتأخذ ثأري منه؟!
نظر لها جاسر بصدمة مفتعلة و هو يقول
_تشمتين!
بينما خرجت نرمين من الغرفة و هي تحرك رأسها ضاحكة، أوقفتها زينب قائلة
_أمي أين ملابس نورسين؟ أريد أن ألبسها أنا.
أشارت نرمين لفراشها قائلة
_فوق السرير أعددتها كاملة غير أن البطل الصغيرة لم يتركني ألبسها لها.
حركت زينب رأسها موافقة و هي تهدهد الصغيرة، إقترب جاسر منها ما إن خرجت أمها ليطوق خصرها بينما يداعب بلحيته الخفيفة رقبت إبنته التي إنفجرت مطلقة ضحكاتها الحلوة، همس بجانب أذن أمها
_اه لو تعلمين كم أعشقك زمردتي.
إبتسمت بحنان و ذلك الإسم الذي كان يجرحها قديما، أصبحت تهواه منه بعد أن شرح لها سبب تسميتها به و هو يشبهها بالزمرد اللامع لغبلوتها عنده
رفعت يدها لتداعب شعره قائلا
_و أنا أحبك، أحبك جدا حبيبي، لا حرمني الله منك و من هذه السعادة الذي تلفوني بها أنت و إبنتنا.
إبتعدت عنه لتقول
_دعني أولا أغير لها ملابسها.
تبعها و هي تمضي بإبنتهما لسرير أماه بينما يقول
_أريد مساعدتك.
حركت رأسها قائلة
_لن تجيد ذلك.
غمز لها و هو يقول بمكر
_أنا أغير ملابس أمها فكيف لن أستطيع تغيير ملابسها هي؟
حمرة خفيفة كست وجنتيها و هي تعاتبه
_ألا تخجل قليلا؟ ثم إن الأمر مختلف مع الأطفال يلزم الكثير من الحرص و الرفق.
قال باسما
_كذلك الذي نزعت به قميصي عني قبل قليل.
ضحكت بينما تقول
_حقا أنت حالة ميؤوس منها!
برفق أزالت عن الصغيرة الفستان المتسخ و هي تداعبها، فتبادلها الصغيرة إبتسامات و همهمات غير مفهومة، لتنحني مقبلة وجنتيها و هي تضاحكها. حينما حملت الفستان الأبيض المليئ بأزهار صغيرة خطفه منها جاسر و هو يقول
_دعيني أنا ألبسه لها.
ناولته الفستان بإبتسامة فحمل الصغيرة واضعا إياها على حجره، يلبسه لها بتركيز شديد و حذر أشد، بينما يغني لها بصوت مضحك، و الطفلة تنظر له فاغرة فهها الصغير. ضحكت زينب بقوة و هي ترجع رأسها للوراء قائلة
_يا الله السيد جاسر المحترم يغني، أنظر إبنتك مصدومة فيك.
كان قد أدخل رأس الصغيرة في الفستان و يدا واحدة، بينما اليد الأخرى لم يسحبها بعد، عقد حاجبيه قائلا
_و ماذا هل ظننت أن أخاك فقط من يجيد الغناء؟ أنا أيضا لي مواهبي، لكني لا أحب نشرها.
الصغيرة أيضا ضحكت و هي تركل بيديها و رجلها، و هي تظن أمها تضحك معها، مجددا إقتربت منها لتقبل وجنتيها و هي ترد عليه
_يكفيك مقارنة بنفسك مع فارس و إبنه و ستكون بخير.
قال لها ضاحكا و هو يقبل شفتيها قبلة خفيفة
_أنت فقط تظلمينني يا زمردتي. إنتظري لتسمعي صوتي الحقيقي ستبهرين.
فتح فمه ليبدأ بالغناء لكنها ضربته ضاحكة بالوسادة و هي تقول.
_أصمت! يا إلهي أصمت ستسقط السقوف على رؤسنا!
ضحك و هو ينحني ليقبل إبنته التي تنظر لهما بإستغراب و يقرص وجنتيها، قبل أن يتمم إلباسها و هو يقول بمداعبة
_أرأيت ما تفعله ماما ببابا يا صغيرتي؟
كررت الصغيرة ورأه بالكلمتين الوحيدتين التي تعلمت نطقهما بشكل صحيح
_ماما. بابا.
قبلها مجددا و قد ألبسها فستانها، ليحملها عاليا في السماء فترتفع ضحكاتها. قبلها و هو يقول
_وردتي الشهية قد أصبحت جاهزة لتؤكل الأن.
أخذتها زينب من يده لتعطرها و هي تقول
_أنا من سأكلها الأولى و لن أترك لك نصيبا منها أبداً أبداً.
أرفقت كلماتها بإنحتنائها على رقبة الصغيرة تداعبها بشفتيها و كأنها ستأكلها حقا، بينما تصدر أصواتا متلذذة. إقترب منهما جاسر ليشركها رغما عنها في أكل الصغيرة و هو بحيط خصرها، و بالتأكيد كانت قبلته تطال حتى الأخرى و ليست إبنته فقط. تنحنحت نرمين و هي تدخل عليهم، ليبتعد هو عنها بعد أن طبع قبلة على خد الصغيرة، شاهد زوجته الحبيبة متوردة الخدين. و هي تهرب منه لتأخذ الصغيرة إلى مهدها و هي تقول لأمها
_سنخرج قليلا أنا و جاسر، هل تريدين شيئا أجلبه لك أو للصغيرين؟
إبتسمت لها أمها قائلة
_سلامتك يا صغيرتي، إستمتعا بوقتكما.
إنسل نسيم من حضن جدته ليلحق بنورسين يطوقها بذراعيه و يقبل خدها قائلا.
_مية.
و "مية" هذه في لغته تعني جميلة، ضحكت زينب و هي تداعب شعره الأشقر الناعم قائلة
_إعتني بها جيدا.
قالتها و هي تلحق بجاسر تمسك يديه ليتوجهان معا خارج الغرفة، قال لها عاقدا حاجبيه، و هو ينحني هامسا في أذنها
_أصارحك القول يا حبيبتي ذلك الطفل يستفزني! أمن الأن يريد تملك صغيرتي؟!
حركت رأسها و هي تقول مبتسمة
_لا أمل فيك يا قلبي تضع رأسك في رأس طفل قد تعلم المشي توا!
_مساء الخير.
إلتفت كل من جاسر و زينب إلى زينب الصغيرة التي أكملت الأن تسع سنوات. كانت ترتدي فستان البالي الخاص بها بعد أن أتت من دورتها التدربية. إبتسم جاسر و هو يقول
_ها هي حبيبتي قد أتت. ليست مثل أخيها ثقيل الظل.
ضحكت زينب الصغيرة و هي تسحبه لها لتقبل وجنتيه قائلة
_ أرأيت يا عمي كيف زاحمني الصغير في مكاني؟ نصيحة مني لا تنجبا مجددا أنت و زينب تكفيكما الصغيرة الحلوة نورسين.
ضحك و هو يقول
_دون أن تقولي، زينب الكبيرة تمانع بتتا هي تريد تعديل الإينجابية في العالم. إذن ألن تريننا الرقصة التي تعلمتيها اليوم؟
غمزت له قائلة
_كلا فأنا أجهز عرضا رائعا لحفل الغد.
عقد حاجبيه مدعيا الإنزعاج و هو يقول
_هكذا يا زنوبة تحرمينني أنا من رقصتك الحلوة؟
ضحكت و هي تستدير على قدم واحدة قائلة
_أيكفيك هذا؟
ضحك و هو يقول لها بح
_ يكفينا و يزيد جميلتي.
إنحنت إليها زينب سائلة
_هل تخرجين معنا حبيبتي؟
حركت رأسها بنفي و هي تقول
_للآسف لن أستطيع الأن علي أن أستحم كان التدريب شقا اليوم. مرة أخرى و إستمتعا بوقتكما.
قالتها و هي تصعد الدرج جارية متوجهة لغرفتها. إبتسمت زينب و هي تقول
_الأطفال يكبرون بسرعة غدا نجد نورسين في نفس سنها.
ضحك جاسر و هو يقول
_قلي غدا يأخذها منا إبن أخوك بالغصب ليتزوجها.
ضحكت و هي تقول
_لا أمل! لا أمل معك أبدا! حبك للصغير لن يتغير.
قبل وجنتها و هو يقول
_دعينا نخرج قبل غروب الشمس فقد تأخرنا حقا هذه المرة.
_______
_ما رأيك حنين هل الحلوى لذيذة؟ كلها من شكولا فكما تعلمين أسرتنا بأكمالها عاشقة لها، هل هي حلوة كثيرا؟
حملت حنين قطعتين وضعتهما في فمها مرة واحدة و ثلاث قطع في يدها و هي تدعي أنها تتذوق بينما يدها تتسلل لسرقة المزيد.
_لذيذ...لذيذ لكن أظن..
ضربت وجدان يديها و هي تسحب منها الحلوى قائلة
_قلت ذوقي لا إقضي على صينية الحلوى بأكملها!
ضحكت حنين و هي تقول
_لا تكوني مديرة شريرة، أنا صاحبة الذوق الرفيع، خبرتي في التذوق لا تضهى أبدا، لو وجدوني من يقدرون المواهب الفريدة لما كنت هنا.
كانت تتحدث و يدها تسرق المزيد من القطع في الخفاء، لكن وجدان لم تكن غافلة عنها، فما تركتها تكمل كلامها قبل أن تسحب منها جميع ما أخذت و هي تقول
_هل أنا مع إمرأة عاقلة أم مع طفلة صغيرة؟ انا تركت أمي في المنزل فقط لتبقى مع الطفلين كي لا يبكيا على الحلويات و أنت أكثر منهم! حتى زينب إبنتي أعقل منك فرغم حبها الشديد لشكولا تكتف بالقطعتين اللتين أمنحهما لها.
عقدت حنين حاجبيها و هي تقول
_يا لك من أم بخيلة، تمتلكين متجرا من الحلويات و لا تعطين لإبنتك إلا قطعتين صغيرتين؟ أظن أنني سأترك العمل معك و أعود لزينب هي ليست شحيحة مثلك.
حملت وجدان معلقة خشب كبيرة لترفع في وجه حنين و هي تقول
_إغربي عن وجهي الأن أحسن لك و إلا أريتك ما من الممكن أن تفعله بك الشحيحة البخيلة.
غادرت حنين ضاحكة من المطبخ الكبير و لم تنسى سرقة قطعتين من الحلوى، لتغلق الباب وراءها، إبتسمت وجدان ما إن خرجت حنين مغلقة الباب وراءها لتستند بيديها على سطح المطبخ.
لا أحد ينكر أن حنين قد تحسنت حالتها مؤخرا، فأصبحت أكثر إنطلاقا و حيوية، رغم الحزن الذي يفلت منها أحيانا في شرودها، ترى شوقها الأمومي يهرب منها واضحا و هي تلاعب الأطفال،غير أنها لازالت مصرة على حبس نفسها في الماضي و آلامه، رفضت الإرتباط بأي طريقة كانت بل حتى فتح الموضوع معها أصبح محرما، هي تعمدت جعلها تعمل معها لتتعرف على أناس أكثر، و المقهى يعج بالزوار من مختلف الطباقات، شباب كثر حاولو التودد إلى حنين، لكنها كانت تقمعهم قمعا دون أن تمنح نفسها و لو فرصة للتفكير. شهقت وجدان و رائحة الحريق ترتفع لتتذكر أنها نسيت الكعك في الفرن المشعول، شهقت و هي تجري لتطفئ الفرن، لتخرج منه الكعكة المتفحمة و هي تقول متنهدة بآسى
_ما شاء الله عليك يا وجدان! لن تكوني أنت أنت، إن لم تحرقي يوما شيئا! على جمال سعدي يجب أن أعيد إعدادها من جديد.
_فلتتنتظر هذه الكعكة أو لتوكليها لأحد النساء العاملات معك، فأنا الأن أحتاج لحبيبتي.
إستدارت وجدان مبتسمة لفارس و هي تقول
_حبيبي متى أتيت أنت؟
إبتسم و هو يرد عليها
_منذ أدركت إحتراق كعكتك الحبيبة.
إقترب إليها ليقبل وجنتيها قائلا
_كيف حالك حبيبتي؟!
و قبل أن تجيبه شهقت و هو يحملها لينزلها على سطح المطبخ، ضحكت و هي تقول
_ماذا تفعل يا مجنون! سيدخل أحد ليشاهدنا هكذا ماذا تريد أن يظن فينا؟
جدبها إليه ليقبل شفتيها قبلة طويلة قبل ان يبتعد عنها و هو يقول بأنفاس لاهثة
_لا تقلقي إلتقيت حنين في طريقي و أوصيتها أن لا تترك أحدا يأتي إلى هنا، ثم هذا مطبخك الخاص و نادرا ما تأتي أحد العاملات لسؤالك عن شيء ما، فقد فضلت ترك جانب من الخصوصية لك هنا، و كأنه لا يكفيك مكتب الإدارة الذي تقضين فيه وقتا عظيما في الدردشة أنت و حنين.
عقدت حاجبيها قائلة
_أتفصد أني أضيع الوقت؟! أصلا نحن نادرا ما نجلس في مكتب حنين، أنا من أذهب إليها لأخرجها من عزلتها قليلا، حتى ترافقنا أنا و أمي و الأطفال للخارج. و قلي أنت لما أتيت؟
سحب محبس الشعر الذي كانت ترفع به شعرها للأعلى، لينسدل كشلال من الشكولا على كتفيها، حشر وجهه فيه يستنشق عبيره و هو يقول
_إشتقت إلى زوجتي ألا يحق لي أن أتي لرؤيتها؟
إبتسمت و هي تداعب لحيته الشقراء قائلة
_بل لك كل الحق سيدي.
كان يداعب شعرها بيده بينما يسألها
_بإسثناء الكيك الذي إحترق أين وصلت تجهيزات حفل الغد؟
حركت رأسها قائلة
_الكعك الذي إحترق لم يكن للغد، كنت أنوي أخذه للمنزل اليوم حتى نأكله بعد العشاء.
قبل وجنتها و هو يقول
_لا دعي للتفكير فيه حبيبتي، نشتري ما هو أفضل منه و نأخذه لهم.
عقدت حاجبيها بإنزعاج و هي تقول.
_أتقصد أن طبخي ليس جميل، و كعك من متجر أخر منافس سيكون أفضل؟!
ضحك و هو يقول
_يا إلهي على النساء! دائما تفهموننا نحن الرجال بشكل خاطئ و هل هناك في الدنيا كلها ما هو ألذ مما تصنعه يديك الحبيبتين؟ كنت سأشتري بالطبع حلوى من متجرك ألا توجد إلا هذه؟
قالها و هو يقبل يديها الإثنين، إبتسمت له بينما ترد
_تجيد دوما يا حبيبي التلاعب بقلبي كما تشاء! لتقلب الأمور لصالحك.
قبل شفتيها قبلة خفيفة و هو يقول
_تظلمينني دوما يا عصفورتي. إذن لم تقولي لي أين وصلت تجهيزات الحفل؟ هل تريدين مني أي مساعدة؟
إبتسمت و هي تقول
_بالنسبة للطعام كل شيء جاهز، و الزينة سنبدؤها بعد نصف ساعة لأننا سنغلق المقهى مباكرا اليوم.
كانت يتلاعب بخصلاتها البنية بينما يقول
_إذن أنا سأساعدك يجب أن تكون حفلة زوجة إبني على أكمل وجه.
ضحكت وجدان و هي تقول
_لو سمعك جاسر ستكون ليلتك سوداء.
عقد حاجبيه قائلا
_و هل ستجد إبنته أفضل من إبني؟! و خصوصا إن أخذ صفاتي حين يكبر.
ضحكت و هي تقول
_لا أفضل أبدا من أبنائك سيد فارس.
قال بغرور
_بالتأكيد فأمهم هي الأجمل على الإطلاق!
أنزلها من على سطح المطبخ و هو يقول
_أشعر بالجوع ألا طعام هنا موجود؟!
إبتسمت له قائلة
_هذا مقهى يا حبيبي و ليس مطعم، لكن يمكنني إعطاؤك بعد المملحات و قطعة كعك.
قبل كفيها قائلا
_كل شيء من هاتين اليدين مرحب به.
ضحكت و هي تقول
_إذن إذهب و إجلس قليلا لأحظر لك ما تريد.
أحاط خصرها و هو يقول
_بل سأبقى لأساعدك.
ضحكت مجيبة عليه
_أنت لا تساعدني أبدا. بل لا تجيد غير تعطيلي.
قبل وجنتيها مردفا
_ألم أقل لك أنك تظلمينني دوما، حرام عليك فأنا بريئ تماما.
ضحكت و هي تقول
_حسنا أيها البريء هيا أغلق فمك و ساعدني صامتا.
ضحك و هو يقبل وجنتها قائلا
_سمعا و طاعة مولاتي.
شاردة كانت تقف في الحديقة الخلفية للمطعم، تغمض عينيها و هي تنصت لصوت الأمواج المتلاطمة، الذي يجلبها الريح من البحر القريب منهم شديدة القوة، لم ترفع يدها حتى لإبعاد خصلات شعرها الشقراء المتضاربة على صفحة وجهها، و كأنها قد إستحلت حرب الهواء على خصلاتها التي تمثل الحرب الجارية في داخلها، و كأنها أحبت تلك الهالة التي أحاطتها بها و هي تفصلها أكثر عن مشاهدة هذا العالم، يديها كان يمران ببطئ على ذراعيها فوق البلوزة الصيفية الخفيفة، الألم لم يتغير أبدا، يعلم الله أنها حاولت إستئصال الذكرى الأليمة من قبلها لكنها لم تستطع. لم تستطع و حبه قد كبل قلبها و روحها بالأصفاد، قد تعبت حقا تشعر أنها أصبحت عجوزا تنتظر قدوم الموت ليخلصها من حياتها الكئيبة، رغم أن محاولات عائلتها التي لا رابط دم يجمعها معهم بإخراجها من حالتها هذه لم يفلحوا، خالتها نرمين و التي أصبحت تناديها بأمي لا تكف بمساعدة من وجدان عن جلب العريس تلو الأخر لها، قد ملت حقا من الرفض كل مرة، ملت من تكرير نفس الكلام و رؤية الألم في أعين من يحيطون بها و الذين اضحت أكبر مشاكلهم في الحياة هي إخراجها من شرنقتها تلك، و يظنون أن هذا الإخراج سيكون بتزويجها من رجل، لا يستطيعون أن يفهمو أنه كان مختلفا، مختلفا بحنانه و إحتوائه بتفهمه، لا أحد قد فهمها مثله، لا أحد قد إستطاع الوصول إلى أعماقها كما فعل هو، لا أحد لامس جروحها و دواها كما فعل هو، فكيف يستكثر عليها الجميع أن تعيش وفية لذكراه؟ هم جميعا قد كتب لهم القدر العيش بجانب من يحبون، و الله لا تحسدهم بل تتمنى لهم من كل قلبها دوام هذه النعمة، فلما هم يستكثرون عليها مجرد ذكرى، ذكرى هي كل نصيبها من السعادة؟ أيظنون أنها ليست إنسانة؟ بالطبع تثوق إلى تكوين أسرة، أن تملك هي الأخرى أطفالا، إبتسمت بحنين لمجرد الفكرة تذكرت يوم كان يجلس معها لإختيار أسماء أطفالهم فتحمر هي خجلة و تطلب من أن يصمت لكنه يضحك قائلا أن مثل هذه الأمور وجب مناقشتها مبكرا لتجنب المشاكل في المستقبل، و لم يدرك أن لا مستقبل سيجمعهما، إبتسمت بألم و هي تفكر لكل فرد من إسمه نصيب، و قد أخذت هي النصيب الأكبر من إسمها فقدر عليها العيش طوال حياتها في حنين لا نهاية له، كتب عليها أن تظل أسيرة الماضي و ذكرياته فريسة الشوق و ضحية الحنين القاتل، يبدوا إسمها رقيقا يطرب السمع، لكنه قاتل مؤلم، مؤلم لدرجة لا تحتمل، لو أنها تزوجت في الماضي لإخترت إسم أطفالها بعناية كي لا تطالهم لعنة من أسمائهم. قد رضيت بحياته و إرتضت بما إختاره القدر لها، رضيت رغم الألم الذي ينهش قلبها، رضيت و لا حل أخر لها غير ذلك، فل تكن حنين، فقط حنين بكل ما حمله الإسم من معنى
_حنين.
ظنت أنها تتخيل و هي تسمع إسمها بتلك النبرة الحانية، الدافئة جدا و التي لم تسمعها إلا منه، أغمضت عينيها متنهدة بحرقة، و تلك الحروف تداعب أوتار قلبها، لكن منادات إسمها للمرة ثانية جعلها تدرك أنها ليست في وهم أو حلم جميل كما كانت تتمنى، كيف لم تستطيع لمس الإختلاف في هذه النبرة التي يغلب عليها القليل من الشجن؟ و المختلفة عن نبرة زياد الدفئة و الحالمة في نفس الوقت.
_حنين.
منادة إسمها للمرة الثالثة و اليد التي حطت على كتفيها جعلتها تنتفض و هي تستدير إليه. نظرت إليه متسائلة و قد تذكرت للتو رفع يديها لإبعاد خصلات شعرها المجنونة عن وجهها
_نديم ماذا تفعل هنا؟ كيف أتيت؟
جدبها معه برفق من ذراعها ليجلسها على الكرسي الموجود في الحديقة، فلم تعترض لتجلس و يجلس هو بجانبها، نظرا بعيدا إلى الشفق الأحمر و الشمس التي بدأت في الإختفاء. ليقول في شرود
_علمت أنني سأجدك هنا، لهذا أتيت مباشرة لهذا المكان.
أعاد نظره إليها ليسألها و هو يتأمل ملامح وجهها الجميلة.
_لما دوما تحبين الهروب و الإنعزال عن الجميع؟ أتفظلين وحدتك عن الأخرين؟
رفعت كتفيها قائلة
_كلا أنا أحبهم جميعا لكنني...
قاطعها قائلا
_لكنك تثيرين الماضي بألمه عن عيش الحاضر و التفكير في المستقبل.
عقدت حاجبيها بإنزعاج قائلة
_حتى أنت يا نديم ستتطرق إلى هـذا الموضوع! لقد كنت من تتفهمني طوال هذه المدة! فما الذي حدث لك الأن.
نظر لها بطريقة غريبة، بطريقة جعلت قلبها يدوي في صدرها بطريقة نستها منذ مدة طويلة و نظراته تذكرها بالأخر الذي لن يعود أبدا، خرج صوته أجشا عميقا و هو يمد يده ليمررها برفق على وجنتها و عينيه مركزة على عينيها
_أنت من لم تفهميني يا حنين لم تفهميني أبدا يا جميلتي.
إبتلعت ريقها و نبضاتها تزداد جنونا، ليست هذه أول مرة يناديها فيها بجميلتي، لكن طريقة منادته الأن بها كانت مختلفة، مختلفة تماما، لم تكن ممازحة كما إعتدتها منه، بل كان يقصدها نظراته تخبرها أنه يقصد كل حرف منها، بل يقصد ما هو أبعد منها. حاولت إبعاد وجهها عنه و هي تقول بتلعثم
_ن..نديم...ماذا تفعل هل جننت؟!
إبتسم إبتسامة غريبة و هو يرد عليها بصوت متحشرج صوت دافئ، دافئ جدا قد عانق روحها الباردة.
_جننت و أنت السبب هذه المرة، حنين أنا أحبك، لا أدري متى أو كيف بالضبط لكنني أحبك.
إنتفضت من مكانها تبتعد عنه بغضب و هي تصرخ فيه
_هل جننت ما الذي تهذي به يا نديم! أنت مجرد صديق! مجرد صديق لا تجعلني أخسرك أنت أيضا!
هربت دموعها من عينيها و صدرها يعلو و ينزل بعنف و كأنها خرجت لتو من سباق مراتوني وقف هو الأخر أمامها ليمسك ذراعيها الإثنين بيديه، يهزها ببعض القوة و هو يقول
_أفيقي يا حنين أفيقي! لما تنتقمين من نفسك بهذه الطريقة، لما تسجنينها في الحزن و الألام و تدعين أنه قدرك؟! لاتكوني أنانية لهذه الدرجة و تعذبين كل من يحيط بك. إرحمي نفسك يا حنين! الحياة أمامك و ليست وراءك. أمامك ألا تفهمين؟!
دفعته عنها بقوة لترفع يديها تمسح بهما الدموع التي هربت من عينيها و هي تقول
_أنت لا يحق لك أبداً التدخل بحياتي! من هنا إنسى أنك عرفتني يوما، إن لم تعد الصداقة التي أعطيتها لك تكفيك، فكن أكيدا أنني أبداً لن أمنحك شيئا أخر أبداً! هذا القلب الذي في صدري ملك لشخص واحد فقط. هو لن يحب مرة ثانية، لن يستطيع أن يكون لشخص أخر أبداً. أبداً يا نديم أتفهم!
طوق وجهها بيديها و لم يسمح لها بالإبتعاد عنه أبداً يرفعه لتواجه عينيها عينيه. بينما أصابعه تتجول برقة على صفحة وجهها الناعمة.
_بل سيحب مرة أخرى لو تركت له أنت الفرصة في ذلك. و لا تنكري أنك متأثرة بي و لو قليلا.
دفعته بعنف و هي تصرخ فيه بغضب
_يا لك من أناني مغرور! تثق بنفسك أكثر من اللزوم! أنت فقط ترفض الرفض مرتين! تريد أن تثبت لنفسك أنك إن أردت شيئا تستطيع الوصول إليه! لا تخذني رهانا لتغطي على فشلك يا نديم!
عم الصمت للحظات لا يتخلله إلا صوت الرياح و أنفاسها العنيفة، بينما هو وقف ينظر إليها بصمت و قد ظهر بعض الألم في عينيه رغم جمود ملامحه. أخفضت نظرها للأرض و هي تقول معتذرة
_أنا لم أرد أن أقول ما قلت نديم، لكنك ضغطت علي!
حرك رأسه قائلا
_بل جيد أنك أثرت هذا الموضوع الأن، لأنني لم أكن أعرف كيف سأناقشه معك.
تنهدت و هي ترفع شعرها للأعلى بينما تقول
_نديم أرجوك دعنا نغلق هذا الموضوع، لا طائل من الحديث فيه أبداً، مهما كان الأمر أن لن أصلح لك أبدا، لست إلا شبح إمرأة تتنفس دون أن تكون حية حقا.
عاد ليمسك ذراعها فلم تمانع هذه المرة ليقول بحزم و هو ينظر إلى عينيها.
_يل سنتحدث، سنتحدث الأن و ستسمعينني، ما يقارب الأربع سنوات قد مضو، يكفي أنني صبرت طول هذه المدة، العمر يمضي بسرعة يا حنين لم نعد صغارا لتضييع المزيد من الوقت!
قالت بقهر
_ليته يمضي! ليته يمضي و ينتهي عمري الأليم في هذه الحياة البئيسة!
قربها منه حتى أصبح صدرها ملاصقا لصدره ليقول لها بهمس و شفتيه تمران على بشرتها الباردة.
_لا تستعجلي المحتوم يا حنين، لا تزال أمامك الحياة تفتح ذراعيها، لا ترفضي نعمة يتمنها غيرك، لو تعلمين قيمة هذه الحياة التي تتمنين التخلص منها، لو رأيت كم من مريض لدي يتمنى و لو نعمة من النعم الكثيرة التي جاد الله عليك بها، لا تكوني جاحدة لما تملكين، قد كان هذا قدر الله فلا مبدل له.
كلماته كسرت ذلك الجدار الواهي الذي بنته على روحها، و أطارت مقاومتها كاملة، لتنفجر باكية، باكية كطفل صغير فقد والديه لتو، جرها إليه يحتضنها لصدره، يربث على ظهرها بحنان، قبل رأسها و هو يهمس بدفئ
_كفى حبيبتي... لا بأس...لا بأس.
لا تعلم كم ظلت على حالها هذه، تبكي داخل حضنه، تلقي عبأ سنين طويلة، سنين حملت ثقلها وحيدة، لم تشعر بهذا التحرر من قبل، و لا مرة إستطاعت هكذا التعبير عن ما بداخلها، و هي تكتمه داخل نفسها، كان الظلام قد غطى المكان تماما حين إبتعدت عنه، مسحت دموعها بقبضتي يديها و هي تنظر إلى السماء المظلمة و هي تقول بإستغراب
_أتى الليل.
ضحك و هو يقول
_أكان حضني جميلا حتى لم تحسي بالوقت لهذه الدرجة؟
إحمرت خديها و هي تضرب ذراعيه قائلة
_وقح.
حاولت تجاوزه لتعود لداخل المطعم لكنه أمسك ذراعها قائلا بجدية
_إنتظري حنين يجب أن نتحدث.
أخفضت رأسها للأرض فإنسلت خصلة من شعرها الأشقر، لتعيده خلف أذنها و هي تقول
_ليس لدينا ما نتحدث فيه نديم، لا بد أن وجدان تبحث عني، علي أن أساعدها في تحضير حفلة نورسين.
_و أنت ألا تتوقين لإمتلاك أطفال أنت أيضا، إلا متى ستظلين تربين أطفال غيرك!
صرخت به بألم
_أتعايرني يا نديم! زينب و وجدان أختيّ، و أولادهم هم أولادي أنا أيضا!
أجابها بجدية
_أنا لا أنكر ذلك و أحب علاقتكم ببعض، لكن الأمر يختلف، أن تملك أطفالك أنت تربينهم بيدك و تسهرين عليهم لا يشبه أبداً الإعتناء بأطفال غيرك و هم منسوبون له.
عضت على شفتيها قائلة
_ماذا تريد من كل هذا يا نديم؟ لما تتدخل في ما لا يعنيك؟
قال بتأكيد
_بل يعنني! أنت كلك يا حنين تعنينني! أنا أحبك! أتفهمين!
حركت رأسها بنفي و هي تقول بألم
_كلا يا نديم أنت لا تحبني أنا! قد جدبك ضعفي و وحدتي فقط! لأنني في ذلك أشبهك، أنت تحبها هي و لست أنا!
تصلبت ملامحه لثانية، ظهر الألم فيها جليا على وجهها و هي تحاول سحب يديه منها قائلة
_أتركني يا نديم، إبحث عن دوائك في مكان أخر ففاقد الشيء لا يعطيه!
لم يعتق ذراعها بل جدبها مرة أخرى ليجلسها على الكرسي، جلس بعيدا عنها قليلا، صمت لثانية قبل أن يقول
_ لثاني مرة تثرين الموضوع يا حنين.
إبتسمت و هي تقول بألم
_و هل تنوي الإنكار؟!
رفع نظره إليها، لتلتقي عينيه السودويتين بعسل عينيها، وقد إنعكس عليه الضوء الأحمر للحديقة فبدت منيرتين كشمس تخطف القلوب، قال بتأكيد
_أبداً.
عاد ليخفض عينيه للأسفل يعبث بساعة معصمه و كأنه يريد إلهاء نفسه بها.
_جاسر كان صديقي منذ طفولة، قد أمضينا طول سنوات حياتنا معا، حتى إختار هو إكمال دراسته في إدارة الأعمال، بينما كنت أنا أحب الطب فإخترت أن أكمل توجهي في هذا المجال، و رغم ذلك لم نفترق، بل ضللنا نلتقي بعد كل محاضرة داخل الجامعة و خارج أصوارها.
صمت قليلا قبل أن يقول
_يقولون أن للأصدقاء المقربين عادة نفس الميول، لهذا كثيرا ما يقعون في حب نفس الشخص و هذا ما حدث.
رفع نديم وجهه إليها ليرى تأثير حديثه الصريح عليها، فقابل وجهها الجامد، لا يظهر عليه شيء إلا إهتزاز طفيف لعينيها. عاد يكمل و هو ينقل عينه لبعيد و كأن الذكريات تصور أمامه.
_كنت أول من رأها، رغم أنها في جامعة جاسر لا جامعتي، ذلك اليوم كانت تنزل الدرج مسرعة حتى إصطدمت بي، إعتذرت ببشاشة و أكملت طريقها دون أن يكون الموقف قد عنى لها شيئا، بينما أنا قد عنى لي الكثير، نبرة صوتها و هي تعتذر، رائحتها العطرية التي إلتصقت بثيابي بمجرد إصطدام، شعرها بلونه الغريب و نعومته الفاتنة و هو يطير ورأها في جرييها، كان كل ما بها فاتنا و قادرا على إطاحة عقل أعتى الرجال، بينما أنا كنت فقط شابا لا تجربة له، كل حياته دفنها بين صفحات المقررات الدراسية، و المناهج العلمية، قد فتنت بها أعجبت بها بل أحببتها لا أنكر! كم كانت طعنة قوية حين أتاني أخي و صديقي الحبيب ذات يوم ليعرفني على حبيبته التي كان يقضي كل الأوقات يحكي لي عنها، و بأنها من أسرة غنية جدا، لكنه يحلم أن يكون ذاته حتى يستحقها، أبدا ما كنت أظن أنه يحكي لي عنها، حتى رأيتها معه، يدها تمسك بيده و إبتسامة سعيدة تزين وجهها و تضيء ثغرها الحلو،بينما عينيها تشعان عشقا لصديقي، كانت ضربة مؤلمة حقا، جرحا لا يندمل، لكني بمجرد أن علمت حبها لصديقي، دفنت هذا الحب داخل قلبي، دفنته مع جرحي و ألمي، لكن كان يكفيني أن أرى السعادة على ملامح وجهها حتى أرتاح و يخف الكثير من نيران قلبي، أقنعت نفسي أن هذا قدري و قررت الإبتعاد نهائيا مع جرحي، خصوصا أن جاسر قد لاحظ حبي لها رغم كل جهودي لتخبئته، لكن الحب كالعطر لا تخفى رائحته أبدا، لم أحتمل جمود صديقي في التعامل معي فقررت الإبتعاد بكل جروحي و ألامي و قد أمنت أن ذلك قدري و أنني لن أحب بعدها أبدا.
نقل نظره إليها في هذه اللحظة فإرتعشت و هي ترى نظراته الموجهة لها، كانت تحمل ألف شعور و شعور، لم ترى يوما هذه النظرة موجهة لها إلا من حبيبها الغالي زياد، مد يده ليمررها برفق و تأني على بشرتها الناعمة. ثم أكمل و عينيه لا تحيذ عن عينيها
_حتى اليوم الذي دخلتي فيه أنت لحياتي، لم أظن أنني سأحب بهذا العنف و هذه القوة مرة أخرى، إلا أن إجتاحني عشقك دون إستشارة، أجل في الأول كنت أرى فيك نفسي بحبك المتألم، بالحزن الذي تحملينه في قلبك، و قد كان ذلك أول ما جدبني إليك، حتى إنقلب شعوري من مجرد الإستئناس و الفضول إلى عشق جارف، أخذت قلبي يا حنين و محوت معك أي حب أخر، كل ذلك الذي ملأ قلبي يوما لم يعد إلا ذكرى، أعطينا فرصة أرجوك حبيبتي
قال جملته و هو يقترب إليها حتى إختلطت أنفاسهما، كان صدرها يعلو و ينزل بعنف و هي تنظر إليه بتشوش، هذه العاطفة الحارة التي يلوفها بها هي في أمس الحاجة إليها، تثوق إلى إمساكها بيديها لكنها لا تستطيع، لا تستطيع أبدا فذاك تراه خيانة، خيانة لحبيبها الذي أعطاها كل شيء، لا تتقبل أن تترك الموت هكذا يفرق بينهما، لا تستطيع فعل ذلك أبداً، لا تنكر تأثرها بنديم ففيه الكثير من زياد، لكنه ليس هو! كادت شفتيه تلمس شفتيها حين نطقت بلوعة
_لكنني أحبه. أحبه و لن أنساه أبدا.
إبتعد وجهه عنها لكن يديه لم تترك بشرتها، أنفاسه أصبحت أكثر عنفا كما رأت بوضوح إلتماعة الألم في عينيها لكنه.
_أعلم. أعلم جيدا و لم أطلب منك أن تنسيه أو توقفي حبه فذلك ليس بيدينا، أرجوك بإعطاء فرصة لنا يا حنين أنت تستحقين السعادة، لو لم تحبيني سيكون حبي كافيا لنعيش به معنا.
نزلت الدموع من عينيها و هي تترجاه
_نديم أرجوك لا تفعل بنا هذا! لن أصلح لك!
يديه إنحدرت من وجنتيها إلى خصلات شعرها يغرز أصابعها بين طيات شعرها الحريري و هو يقول بلوعة
_أنا الذي أترجاك يا حنين لا تفعلي بنفسك هذا، لا تدفني روحك و أنت حية، أنا من أترجاك، أعطي لنفسك و نفسي فرصة.
نهضت من مكانها مرة أخرى و هي تحرك رأسها بنفي إنحدرت دموعها على وجنتيها و هي تقول بألم
_لن أستطيع! لا يمكن! يستحيل أن أكون زوجة لغير زياد! لن أتمكن!
نهظ إليها هذه المرة و جرها إليه بعنف حتى إصطدم صدرها بصدره، لم يمنحها فرصة لقول شيء أو لإستيعاب الأمر و هو ينحني مقبلا شفتيها، لم تبدي أي ردة فعل من صدمتها غير أن رجليها خانها تماما و كادت لتسقط لولا أنه طوقها بذراعيه، يجتاحها بعاطفة قوية يترجها بلغة أخرى بعد ما لم تفلح معها لغة الكلمات، عينيها العسليتين قد إتسعت من صدمة، هجومه كسر كل دفاعتها الواهية، قد كانت حقا محتاجة له، محتاجة لهذا القرب، محتاجة للذوبان في روح تحبها و تقدرها، ربما بطريقة مختلفة عن تلك التي كانت تربطها بزياد، لكنها يستحيل أن تنكر إنجدابها إليه، كرجل و كشخص، نهظت من صدمتها و هي تدرك وضعهما فجأة، لتدفعه عنها بعنف، و تجري مبتعدة عنه دون أن تستطيع كتم دموعها المتألمة، مع عودتها للمقهى إصطدمت بقوة في وجدان بسبب جريها العنيف، أمسكتها الأخرى من ذراعيها و هي تقول
_أين إختفيت يا حنين كنت.....
بترت كلماتها و هي تلاحظ وجهها المتورم من البكاء، و الدموع التي تغسل وجنتيها، شحب وجهها بقلق و هي تسألها، متفحصة إياها، بينما تمسح لها دموعها
_يا إلهي يا حنين ما بك حبيبتي؟ ما الذي أوصلك لهذه الحالة؟
لكن حنين لم تجبها و قد كانت عاجزة عن إيقاف سيل دموعها، إنسحبت من بين يدي صديقتها و هي تكمل جريها متوجهة لغرفة مكتبها، تبعتها وجدان و القلق يعصف بها، إنتفضت متراجعة للوراء بعد أن أغلقت حنين الباب ورأها بعنف، ثم أدارت المفتاح بقفله، ظلت تطرق على الباب بقوة تناديها فلا تلقى منها إيجابة، أتى زوجها على صوتها المرتفع و هي تخبط على الباب، سألها بقلق بينما يقترب منها
_وجدان ما بك حبيبتي ما الذي حدث.
إستدارت إليه وجدان لتتعلق برقبته قائلة بقلق شديد
_فارس! فارس حنين لا أعلم ما بها كانت تبكي و أغلقت عليها الباب دون أن تخبرني بما بها، أنا قلقة عليها جدا، حاول أن تفتح الباب يجب أن أعلم ما بها!
_هي بخير لا تقلقا عليها.


يتبع .............



نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 08:23 PM   #287

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي




إستدار الإثنان إلى الواقف بعيدا عنهما بمسافة ليست كبيرة، كان يضع يديه بجيبه، بينما نظراته قد كسيت بالغموض. كان فارس من تحدث معه و هو يسأله بنوع من التوجس
_هل تعلم ما بها حنين؟! هل أذيتها بشيء؟! أقسم إن علمت أنها...
أوقف نديم إسترساله في تهديده و هو يقول
_لا تقلق عليها فارس، أنا لم أؤذيها في شيء لكنها تحتاج للإختلاء بنفسها قليلا كي تراجع قرارتها.
إبتعدت وجدان عن زوجها و هي توجه نظرها لنديم سائلة إياه
_ماذا تقصد بكلامك نديم؟ أختي ما بها؟ أنا أعرف حنين جيدا، هي لن تصل لهذه الحالة إلا بسبب شيء يؤثر عليها كثيرا، ما الذي حدث بينكما في الحديقة الخلفية؟ هل تشجرتما؟ هل أذيتها بكلمة؟
كانت نبرة وجدان تحمل بين طياتها بعض العتاب ممزوجا بالقلق. حرك نديم رأسه قائلا
_إهدأ أرجوكما، أنا يستحيل أن أؤذي حنين لأني...
صمت قليل قبل أن يوجها نظره إليهما مباشرة و هو يقول بقوة.
_لأنني أحبها.
عم الصمت في أرجاء المكان، و قد علت الصدمة وجهيّ فارس و وجدان و هما ينظران إليه بعدم إستعاب من إعترافه المفاجئ، كانت وجدان أول من تحدث و هي تسأله ما إن وجدت صوتها
_ه..هل إعترفت لها بذلك؟
حرك رأسه موافقا و هو يقول
_أجل و طلبتها للزواج، حنين مشتتة الأن و مصدومة، لكن بعد هذا ستصبح بخير، أن تحتمل ألم ساعة و الورم يستل من روحك خير من أن تعيش دهرا كاملا بألم لم تتخلص منه فقط لأنك لم تملك الشجاعة.
و قبل أن يحصل على أي جواب منهما إستدار مغادرا و هو يقول
_عن إذنكما سأذهب الأن، ربما أزروكم في وقت قريب لطلب يد حنين رسميا.
و إنسحب مغادرا المكان و المقهى بأكمله، رفعت وجدان رأسها إلى فارس، وجدته يتطلع إليها بحنان و إبتسامته البشوشة تزين ثغره، سألته
_أتظن أنها ستكون بخير؟
قبل جبينها و هو برقة
_ستكون بخير حبيبتي، نديم محق في كلامه أظن أن حنين أخيرا ستجد ما فقدته.
حركت رأسها و هي تقول
_أنا خائفة، خائفة جدا عليها يا فارس، رغم كل تظهرها بالقوة هي أرق بكثير مما يمكن أن تتصور.
داعب وجنتها و هو يقول بحنان
_ألم تكوني تلعبين دور الخطابة مع حنين و أنت تحضرين لها كل يوم عريسا جديدا من زبنائك، ها هو جأها رجل لا يقارن بكل من أحضرتيهم لها سابقا، طبيب وسيم و يحبها، أم أن مشكلتك لأنه ليس من مرشحيك؟
ضحكت بخفوت و هي تقول
_تعلم أن هذا ليس السبب، رغم تقرب نديم من حنين منذ الفترة التي كان فيها جاسر في المستشفى إلا أنني ظننت أن علاقتهما لا تتعدى أن تكون صداقة، فعلى حسب كلام زينب هو متعلق بحبيبة ما ذهبت و تركته.
عقد حاجبيه ليسألها قائلا
_و زينب من أين عرفت ذلك.
رفعت كتفيها قائلة
_كنت سألتها يوما لما لم يرتبط حتى الأن رغم أنه يملك كل متطلبات بناء أسرة، أخبرتني أنه قال لها يوما أنه يحب أو كان يحب فتاة أخرى لكنه تخلت عنه أو شيئا من هذا القبيل.
إفترى ثغرها على إبتسامة فجأة و هي تقول بسعادة و كأنها أدركت أمرا فوق الطبيعة
_يا إلهي كيف لم أفكر بها؟! لقد كنت غرية جدا. هما الإثنين قد ضقى نفس الجرح، سيفهمان بعضهما جيدا و يعرفان كيف يداويان جراح بعد. جرت مبتعدة عنه متوجهة لمطبخها الخاص، سألها مبتسما و هو يتبعها إلى أين ستذهبين الأن يا مجنونتي.
كانت قد وصلت إلى هاتفها تحملها و هي تقول
_سأتصل بزينب علي أن أخبرها الأن بما حدث بسرعة.
ضحك و هو يقول
_تمهلي قليلا لما كل هذه العجلة، أخبريها اليوم ليلا.
رفعت سببتها لفمها تطلب منها الصمت و هي تنتظر إيجابة الأخرى على الخط، بعد لحظات ألقت الهاتف على الطاولة و هي تقول بغيظ
_هي لا تجيبني.
أبعد الهاتف عن مرمها و هو يقترب منها قائلا
_خيرا فعلت سيكون أفضل أن تخبريها مباشرة هكذا وجها لوجه، فينال الخبر حقه.
إتسعت إبتسامتها و هي تبتعد عنه و قد تجدد حماسها بينما تقول بسعادة.
_معك حق. علي أن أجهز شيئا يليق بهذه المناسبة، سأصنع كعك شكولا بالبندق و الكراميل حنين تموت عليها.
ضحك و هو يشاهد حماسها و شروعها في نفس اللحظة بفعل ما قالت
_من ورائك يا وجداني سنصبح أسرة من البلالين بأجسام منتفخة لن يسعنا مكان أبدا.
عقدت حاجبيها و هي تنظر لنفسها قائلة
_أحقا أصبحت سمينة؟ منذ إزدياد نسيم و أنا أحس أنني زدت في الوزن، مع أنني أذهب كل أسبوع لصالة الرياضة.
كانت تبدوا على و شك البكاء و هي تنظر إلى إنعكاس صورتها في زجاج الفرن الكبير
_أحقا أنا سمينة؟! أنظر يا فارس جسمي رشيق أليس كذلك؟
ضحك و هو يقترب منها و يحيط خصرها بيديه بينما يقبل نحرها قائلا
_من يا مجنونتي يا سيدة الرشاقة قد ذكر أنك سمينة، أنت يا حياتي لا تظهر فيك النعمة.
عقدت حاجبيها بإنزعاج توشك على التضمر قائلة شيئا ما، لتشهق حين رفعها بحركة سريعة لتصبح محمولة كطفل صغير، تتعلق برقبته.
_فارس أيها المجنون ماذا تفعل لما حملتني بهذه الطريقة؟
قبل وجنتيها و هو يقول، أؤكد لك أنك يا حبيبتي أرشق النساء أنظري أحملك كما أحمل نسيم.
ضحكت لتنحني برأسها مقبلة ذقنه و هي تقول
_حبيبي الوسيم يعرف كيف يراضي الأنثى.
إنحنى برأسه ليلتقط شفتيها في قبلة سريعة و هو يقول
_أرأيت كم تظلمينني يا وجداني. أنا عاشق رومانسي رائع لا مثيل لي أبدا و أنت تنادينني بالمجنون.
ضحكت و هي تداعب لحيته الشقراء بيديها قائلة
_حقك علي يا نبض القلب.
تغيرت ملامحها فجأة للعبوس، لتنسل من ذراعيه في حركة كادت تسقطهما معا. سألها فارس و هو يراها تجري بطريقة خرقاء هنا و هناك.
_ما الذي حدث لك فجأة! إسم الله عليك يا حبيبتي قد كنت رقيقة و وديعة قبل ثانية فقط!
كانت تنحني على ركبتيها لتخرج شيئا من أسفل المنضدة، قالت بتضمر و هي تحاول سحب صندوق كبير من أسفلها.
_منك لله يا فارس أنت دوما تشغلني! بسببك قد نسيت كومة الأعمال التي على رأسي لم نبدأ حتى بتزيين المقهى و لا بصنع كعك حنين!
ضحك و هو يقترب منها ليساعدها في جر الصندوق قائلا
_و ما ذنبي أنا؟ أنت التي لست منظمة في عملك تقررين فعل ألف شيء في ثانية واحدة، ثم يأتي شيء أخر لينسف كل خططك المجنونة.
عقدت ذراعيها و قد تركته يجر الصندوق وحده و هي تقول بتذمر
_إنقلبت لإلصاق التهمة علي أنا! هكذا يا فارس؟ و من أتى ليشغلني أصلا. كنت أعمل في أمان الله حتى أتيت أنت، طفلي الثالث أنت! لا زينب و لا نسيم لم يتعباني يوما كما تفعل أيها الطفل الذي لا يكبر أبدا!
ضحك و هو يقول لها
_بدلا من أن تضيعي الوقت جالسة على الأرض تتضمرين كزوجة أصيلة إنهضي و أكملي عملك فلا وقت لتضييعه، لو إبتدأنا الأن لن نكمل حتى وجه الفجر.
نهظت من مكانها تنفض ثيابها قائلة
_كله بسببك أنت لو لم تأتي، لكنت أنهيت عملي منذ زمن.
حرك رأسه بيأس منها و هو ينحني لحمل الصندوق الكبير الذي يحوي على الزينة
_إتبعيني يا وجدان هيا يا حياتي الوقت يداهمنا.
إبتسمت صغيرة زينت ثغرها لم يراها هو، بينما تتبعه مفكرة كم تحبه بل تعشقه، و يروق لها مشاكسته جدا، هو حقا طفلها الغالي و الأقرب لقلبها، طفلها الذي لن يكبر أبدا. إقتربت منه لتطبع قبلة على وجنتيه. ثم جرت مبتعدة عنه تسبقه للخارج. إبتسم و هو يحرك رأسه قائلا
_أقسم أني أحب مجنونة، علي أن أعرض حالتها على وائل أو زوجته.
ما إن أغلقت عليها الباب و دموعها تسيل مضررا بحرقة و ألم حتى كان أول ما وقع عليه نظرها هو صورته المحطوطة على سطح مكتبها بأيد مرتجفة حملتها بيديها، تنظر إلى وجهه البشوش المبتسم بإشراقة، و كأنه لم يحمل من هموم الدنيا شيئا في قلبه.
كم كان وسيما كم كان رائعا. كم كان ممتلأ بالحياة لدرجة أنك لن تتخيل أبدا طيف الموت يمر به و لو من بعيد. سنوات مرت و هي لحد الأن لم تتقبل حقيقة موته، لاتزال تنتظر ظهوره في أي لحظة في أي ثانية، عقلها لم يتقبل أبدا أنه كان و لم يعد و لن يعود أبداً. تمرر يديها على صورته بأصابع مرتجفة و قد سقطت دموعها على زجاج الإيطار الذي يحمل صورته، همست بلوعة، و صوتها خرج مهزوزا مرتجفا ككل شيء فيها
_زياد....حبيبي.
ضمت صورته إلى قلبها، تعتصرها بقوة، و هي تبكي بمرارة ترثيه و كأنها فقدته للتو، أو ربما لتو فقط قد أدركت أنها فقدته. أبعدت الصورة عن صدرها تعود لتفترس ملامحه الحبيبة، و كأنه تحفظها لأخر مرة، كانت دموعها قد جفت، بينما كل جزء فيها هي كان يبكي، رفعت يديها إلى شفتيها، تتذكر طعم تلك القبلة التي إنتزعها منها و كأنه ينتزعها من وهمها، كانت أشبه بصفعة تعيدها إلى الواقع، لم تكن مجرد قبلة، نديم عرف كيف يوقضها من وهمها الذي سجنت نفسها فيه، و كأنه بذلك جعلها تذوق الحياة بحبه الحي، بعدما كانت تعيش وسط أطلال حب مات، تحتفظ بجثته المتعفنة التي أمرضت روحها و أسقمتها. " إكرام الميت دفنه"، كررت الجملة بصوت مهزوز و متألم، ثم مسحت دمعة فرت من عينيها بعنف و هي تكرر بقوة
_إكرام الميت دفنه يا حنين، ما دمت تحبينه إدفيني ذكراه في قلبك لا تجعلي جثته تتعفن على أرض الواقع، إحتفضي بذكراه في قلبك، لا تقتلي روحك التي أحبها بالحزن، قد كان يكره الإستسلام للضعف و الحزن و يدعو للسعادة فلا تكوني ما يكرهه.
رفعت صورته إلى شفتيها، لتقبلها قبلة عميقة جدا و هي تغمض عينيها، قبلة محبة، مجروحة، معتذرة و مودعة، تشعر كمن سيقتلع قلبه من صدره.
عادت لتنظر إلى صورته تضمها إلى قلبها مرة أخرى مغمضة عينيها، إبتسامة مليئة بالحب و الحنين قد رسمت على شفتيها و هي تفتحهما لتنطق بصوت عذب.
يا وردة فيها من كل حسن ألوان
و قصيدة ترقص على أعذب الألحان
يا شمسا شارقتا على الدوام
و حقيقة أجمل من كل الاحلام.

صمتت تعض على شفتيها بحنين جارف ليخرج صوتها مغلفا ببحبة البكاء و هي تكمل

يا وطنا لكل جميل
يا حبا عتيقا و أصيل
يا ذات الجمال و ذات الكمال
يا من بنيت على أرض قلبها كل الأمال
أيتها الحبيبة المشتعلة من الغرام
يا من لن يرضيها أعذب الكلام
إنك في الحياة كل الحياة
تزهرين و تتفتحين في كل اللحظات
و تصنعين بهواك الأفراح و المسرات

مجددا صمتت و صوتها يتهدرج ألما يوشك على الإختفاء، لكنها عادت لتكمل بإبتسامة مشتاقة.

قد أشعلتي قلبي حبا
و أنهكتي عقلي بعدا
بنيت بك مع الماضي سدا
و زينت أزقة قلبي بصورك دربا دربا
جهزت عدتي معك للقتال
و ما خشيت معك حروبا أو أهوال
غرس الحب أضحى معك غابات من أشجار
و حديقة قلبي قد ملئت بكل الأزهار

صدرها كان يعلو و ينزل بعنف و صورته تستقر فوق قلبها. بينما صوتها يتهدرج أكثر و هي تكمل

لن يجد فؤادي مع عشقك أي ملل
و سيعزف قلبي ألحان الحب لك دون كلل
فضمي لصدرك قلبي الصغير
الذي ما إرتكب في حبك ولا تقصير
إسقي بيديك عشقي الكبير
الذي ما له في هذه الدنيا نضير
إستريحي في رحاب روحي
أقيمي دون أن تروحي
غني لي إحكي لي
دعيني أسمع حديثا من حب
دعيني أتلذذ بدفئ القرب
أحبني دون أسباب
وإخرقي معي كل القوانين و لا تخشي من عقاب
فلا أصعب من البعد عقاب
إقتحمي قلبي و لا تطرقي الباب
فالباب يا عمري للأغراب
إقتحمي و لملمي بهواك كل الخراب
أطفئي بماء حبك نار العذاب
و دخلي بين الجلد و الثياب
لا تخشي من الناس عتاب
فالهوى هو كل الصواب

ما إن أكملت كلمات القصيدة الذي ألقاها يوما على مسامعها متغزلا بها حتى إنفجرت باكية، تبكي بألم و حرقة، تمتمت بحروف مختنقة و هي تعصر صورته على صدرها
_ليت حبك كان أقل يا زياد. ليتك يا حبيبي لم تحبني إلى تلك الدرجة التي هانت أمامها كل المشاعر الأخرى، فلم تدع مكانا في قلبي ليغرك. أحبك رغما عني، أحبك كما لن أحب أحدا بعدك!
رفعت الصورة لتنظر إليها بإبتسامة تمرر أصابعها على وجهه الضاحك. و هي تتمتم بعشق
_ستظل حبيبي الأول و الأغلى يا زياد مهما حدث تأكد من ذلك. و لا إنسان سيقدر على أخذ مكانتك يا حبيبي.
أنزلت الصورة برفق على سطح المكتب ثم نهظت بخطوات مرتجفة لتتجه إلى الحمام المرفوق بمكتبها، وقفت تنظر إلى إنعكاس صورتها في المرآة، شعرها الأشقر التي إعتادت جمعه دوما، كان يسترسل على كتفيها بجنون. بشرتها البيضاء قد غزتها الحمرة، كما تلونت عينيها بلون دموي، رفعت أصابعها تمررها على شفتيها المتورمة قليلا، لما لم تشعر بالإنزعاج لإقتراب نديم منها، أهكذا أصبحت تشعر بالحمران لهذه الدرجة؟ ألم يكن عيشها على ذكرى إنسان بعظمة حبيبها كافيا؟! لما تستشعر هذه الألفة معه، لما هو وحده من إستطاع أن ينفد إلى روحها، يحرك أعماقها، رفعت يديها تجمع خصلاتها الشقراء المشعتة للأعلى ثم أخرجة ربطة شعر تربطه بها، لتبدوا ملامح وجهها أكثرا وضحوحا، لحظات لم تفعل شيئا إلا مواجهة إنعكاس صورتها في المرآة.
إبتسامة حنين متألمة رسمت على شفتيها و ذكريات من ماضي، ماضي سحيق جدا بعيد جدا يجتاحها بقوة و عذوبة
"أتعلمين أنك جميلة جدا"
ضحكت و هي تنظر إليه قائلة
"إذن أنت تحبني لأنني جميلة؟ "
إبتسم لها بحنان و هو يقول
"بل أنت جميلة لأنني أحبك"
زمت شفتيها و هي تقول
"هذا يعني أنني لن أظل جميلة إن توقفت يوما عن حبي"
سحبها معه ليجلسا معا فوق العشب الأخضر تحت ظلال شجرة كبيرة
"حينما تتوقف الشمس عن الشروق و الأرض عن الدوران، حين يتوقف القمر عن الظهور و تنطفؤ جميع نجوم العالم، يوم لا تنفتح زهور و لا تكبر أشجار، لن يسمع تغريد عصفور، و لا نسيم الصباح سيمر علينا، ذلك اليوم يا حبيبتي البعيد الذي سيتوقف فيه كل شيء ما كان حبي لك أبداً ليتوقف، حتى إن سكت هذا القلب عن الخفقان و فارقت روحي هذا الجسد لخالقها سأحبك، لا أعرف كيف لكنني متأكد أنني سأحبك"
إبتسمت له بعشق و هي تقول
"أنت لا تعرف ما تصنعه بي يا زياد، أنا أعشقك بطريقة لا يمكنك أن تتخيلها، لا أجيد التعبير مثلك، لكن عل عيني توصل إليك الرسالة، عل خفقات قلبي المجنونة بك تشرح لك"
قالتها و هي تمسك يديه لتضع راحة كفه فوق قلبها النابض بجنون، إبتسم لها بحنان و حب شديد و هو يقول
"لا تهمني كلمات يا من يحن لها قلبي و هي بقربي، أنا أعشقك أنت لا الكلمات، حبك تستشعره كل ذرة بروحي بجسدي بقلبي، أنت يا حياتي كتاب مفتوح لي"
قطف وردة بيضاء صغيرة وضعها في خصلاتها الشقراء، ثم طبع قبلة خفيفة على وجنتها و هو يقول
"أحبك جدا يا زهرة قلبي"
إبتسمت له بدفئ و هي تقول بلوعة
"و أنا أعشق يا حبيبي و لا أستطيع العيش بدونك أبدا"
عقد حاجبيه بعدم رضا و هو يقول لها بعتاب
"لا تقولي هكذا يا حبيبتي أنت عليك أن تعيشي بنفسك، من أجل نفسك أولا الحياة نعمة خاصة وهبها الله لكل واحد منا، الحب هو الذي يجمع هذه الحياة و يوحدنا، فلا أحد يعلم ما تخفيه لنا الأقدار، أحب أن تعتمدي على نفسك و تستقلي بها حبيبتي، لا أريد أن يكون حبي لك قيدا بل جناحين تطيرين بهما"
هذه المرة كان دورها لتعقد حاجبيها و قد إرتسم الألم و الحزن على ملامحها
"لما تقول هذا يا زياد؟! توا قد قلت أنك لن تتوقف عن حبي أبداً! هل تنوي تركي حقا يا زياد"
ضحك و هو يحمل يديها ليطبع عليهما قبلة حانية و هو يقول
" و هل هناك من يترك قلبه يا حبيبتي؟! أنا سأظل معك حتى يتوقف قلبي عن الخفقان. "
حركت رأسها و هي تقول
"إذن ما الداعي لهذه الكلمات المؤلمة؟!"
رفع كاتفيه و هو ينظر إلى السماء قائلا
"لا أعرف لكنني أحسست أني محتاج لقولها، لو أمر الدنيا في يدي لا أتركك أبدا تحت أي ظروف، لكن فوقنا يا حبيبتي قدر أقوى هو المتحكم في مصائرنا"
أدمعت عينيها و هي تقول ببحة بكاء
"أنت تخيفني بكلامك هذا يا حبيبي"
أعاد نظره إليها فتألم قلبه من ملامحه الحزينة، إقترب متها ليقبل عينيها و هو يقول
"كلا يا عمري لا أحب أن أرى هذه الدموع على وجهك يا نبض قلبي"
أحاط وجهها بكفيه و هو يكمل
"حبيبتي أكره رؤية الحزن و الألم يجتاحان هذه الملامح الجميلة، أنا أتكلم معك فقط لهذا السبب لأني أخشى يوما تفترسك فيه الأحزان و لا تكون عندي قدرة لإخراجك منها"
الألم كان يفتك بأوصالها و هي تقول بترجي
"زياد لا تقل هذا الكلام، لا تتحدث عن يوم لا تكون فيه بجانبي، أحترق حية لمجرد الفكرة! و لا أتخيل بعدك أبدا مهما كان !"
تأوه قائلا
"حفظك الله من كل سوء حبيبتي لا تقولي هذا"
أعاد خصلة من شعرها الأشقر وراء أذنها و هو ينظر لها مبتسما ليكمل
"حبيبتي أنا أعشق براءتك أنوثتك و رقتك، لكن أريدك قوية، الحياة مليئة بالمصائب و العثرات، تأكدي أنني سأكرس حياتي لحمايتك من كل ألم قد يمسك، لكني لا أريد أن تعتمدي علي تماما، كني مقاتلة شرسة، الحياة أشبه بساحة حرب أول الضحايا الساقطين على أرضها هم الضعفاء"
عاد ينظر إلى عينيها الفاتنتين اللتان تنظران إليه بقلق و خوف ليكمل برقة
"حنيني تأكدي أنني لن أتركك أبدا ما دام الأمر بيدي، لكن نحن في الحياة يا صغيرتي و كل شيء متوقع عديني إن يوما إبتعدت عنك لظرف هو فوق إرادتي أن تكوني قوية أن لا تستسلمي، لو كنت تحبينني حقا كني سعيدة، سعيدة لأجلي"
حركت رأسها و دموعها تفر من عينيها بينما تقول
"كفى أترجاك زياد عن هذا الكلام؟! ما بك اليوم! تأكد أن سعادتي ليست إلا بك أنت! سعادتي يا زياد هي أنت حبيبي"
تبسم لها بحنان و يده تداعب بشرتها شديدة البياض ليقول
"الله سبحانه لم يحصر السعادة في شيء واحد في هذا العالم فلا تفعليها أنت، إن يوما باعدت بيننا الأيام لا قدر الله لنا ذلك، لا تستسلمي حاربي بيديك و رجليك من أجل سعادتك و أنا يا قلبي، سأكون راضيا عليك دوما"
شهقة بكاء قد صدرت عنها و هي تضربه لصدره قائلة
"ما بك يا زياد تتحدث كزوج يفكر في الزواج على إمرأته و يستميل عاطفتها ليلهيها عن معرفة الأمر"
بكاؤها زاد و هي تقول
"لا تكون أنانيا يا زياد تغرقني بحب لا مثيل له، و تخيل لي الأن حياة بدونه؟! لا تكون قاسيا يا حبيبي هكذ. ما الذي جرى لك اليوم؟! لم أراك بهذه الكآبة سابقا؟! "
ضحك و هو يضمها إلى صدره مربثا على ظهرها بينما يقول بحنان
"لا بأس حبيبتي لا تشغلي بالك أنا فقط قد أنهيت رواية رومانسية حزينة و تأثر مزاجي الشاعري بها"
إبتعدت عنه تشهر إصبعها في وجهه و هي تقول
"إن أعدت قراءة هذا النوع السيء من روايات، لن أسمح لك بعدها بتصفح أي كتاب. لا أريد هذا المزاج الذي يحرق قلبي!"
ضحك و هو يقربها إليه ليقبل جبينها قائلا
"لن أقرأها مجددا صغيرتي أعدك رغم أني أرى أن جمالية الحب و قدسيته في الحزن"
عقدت حاجبيها بعدم رضا توشك على قول شيئ تعترض به، لكنه قاطعها قائلا
"قد أخذت مني وعدا و أنا أيضا أريد وعدا ممثلا، عديني حبيبتي أن لا تستسلمي للحزن مهما كان و أن تحاربي من أجل سعادتك، تشبتي بأي خيط تري فيه نجاتك و لا تستسلمي"
فتحت شفتيها تهمس بإسمه بإرتجاف
"زياد"
كرر قائلا
"عديني أرجوك صغيرتي"
هربت دمعة من عينيها و هي تقول
"أعدك"
إبتسم لها بحب ليمسح دموعها برقة و هو يقول
"أدفع عمري كله كي لا أرى دموعك الغالية هذه"
قبل جبينها قبل أن يقف و يسحبها معه، تطاير فستانها كما ضحكاتها و هي تجري ورأه توشك على أن تسقط مع كل خطوة
"مهلا يا زياد أنا لا أستطيع مجارات خطواتك!"
إستدار إليها دون أن يتوقف عن الجري و هو يقول
"أنت إسترخي فقط و دعي نفسك للهواء، دعيه يأخذ كل مخاوفنا معه، دعينا مع حبنا فقط"
ضحكت و هي تتبع خطواته، تشعر نفسها طائرا حرا يحلق في السماء، شعرها الذهبي لا يدرك ظهرها و هو يطير في السماء فقط، أغمضت عينيها تحس بجمالية اللحظة، فلم تشعر به حين توقف فجأة لتصطدم بصدره بقوة، إبتسمت له بحب و هي تطالعه من علو، إضطرت لرفع يدها تظلل به من أشعة الشمس. إبتسم لها بحنان و هو يقول
"أحبك...أحبك جدا يا شمس حياتي"
إنحنى ليقبل وجنتيها قبلة طويلة رقيقة حنونة ككل شيء فيه و قبل أن تقول شيئا، كان يسحبها وراءه مجددا، لتتعالى ضحكاتها من جديد و هي تجاري خطواته.
إبتسمت متألمة قد حفرت محياها الحزين و هي تضع كفها على صدرها فوق موضع قلبها الذي كان يضرب برتابة غريبة، فتحت عينيها ببطء، رموشها الكثيفة تتفرق شيئا فشيئا لتعود للنظر إلى إنعكاس صورتها في المرآة، بينما صوته الحبيب يضج في مسامعها
"عيديني أن تكوني سعيدة عمري، مهما حدث. عيديني أرجوك"
إتكأت بيديها على المغسل و هي تنظر لإنعكاس وجهها في المرآة هامسة
"أي وعد هذا الذي ربطتيني به؟ أيعقل أنك كنت تدري؟ و إن كنت كذلك فلما علقتني بهذا الحب يا وجع قلبي؟! لما لم تكن شخصا عاديا و حسب؟! لما أهديتني حبا كهذا و إنسحبت؟!"
ركزت نظرها على عينيها و هي تقول
"أيكون تحقيقي لهذا الوعد بزواجي من غيرك يا حبيبي؟! فبالله عليك كيف أقدر على ذلم، و هل أتزوج الغم طوال حياتي؟! أحبك يا حبيبي، أحبك و أحتاجك"
غسلت وجهها بالماء البارد، بللته مرة بعد مرة و هي تضربه بالماء، قبل أن تستقيم لتنظر لوجهها للمرة الأخيرة، سحبت المنشفة و مسحته ثم خرجت من الحمام، و قبل أن تخرج من المكتب بأكمله، حملت صورته الحبيبة لترفعها إلى شفتيها تقبلها بحب فياض. أبعدت الصورة لتواجهها قائلة
_ستظل الأول و الأغلى و الأقرب لقلبي ما حييت أنت حبي الأوحد يا زياد، و إن وافقت فإني سأطمر قلبي إلى الأبد.


يتبع .................


نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 08:31 PM   #288

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي






أعادت الصورة إلى المكتب ثم خرجت منه، تكتم غصة في قلبها، كان الهدوء يعم المكان و أنوار قلية هي المضاءة، سمعت حركة قادمة من المقهى، فضربت على جبينها قائلة
_يا إلهي كيف نسيت؟! غدا عيد ميلاد نورسين كان علي أن أجهز الزينة مع وجدان.
هرولت بخطواتها تكتم ألمها كما إعتادت لتدخل إلى الحجرة الواسعة للمقهى و هي تقول
_أعتذر عن تأخري بما يمكنني أن أبدأ الأن؟!
إقتربت منها وجدان و قد وضعت ما كان بيديها، لتسحبها إلى حضنها تضمها بقوة و هي تهمس
_حبيبتي هل أنت بخير؟! أقلقتني عليك جدا!
رفعت حنين يدها لتربث على ظهر وجدان و هي تقول بصوت لا يحمل معنى الكلمة
_أنا بخير...بخير لا تقلقي.
إبتعدت عنها دون أن تنظر إليها فترى في وجهها عكس ما صرحت به، إقتربت من الصندوق الكبير تخرج منه بعض الزينة و تبدأ بالعمل، بينما ظلت وجدان واقفة في مكانها، لم تكن تحتاج لرؤية وجهها كي تعلم أنها حقا ليستx بخير، تنظر إلى رفيقة دربها و أختها التي أبت السعادة أن تقرب حياتها و لو من بعيد، أحست بيد زوجها تحط على كتفها، فرفعت له نظراتها المتألمة، ذكرياتها سافرت بها بعيدا، إلى وقت مرض فارس و الذي أوشكت خلاله أن تفقده، كانت ستفقد صوابها من مجرد الإحتمال، بل ما لا يعرفه هو أنها خلال مرضه تابعت مع طبيب نفسي كي تتمكن من الوقوف معه بصلابة و رباطة جأش.
نظرت إلى عينيه الحنونتين اللتان تلوفانها بمؤازرة دون أن يعرف أين سافر بها تفكيرها، إبتسم لها بحنان و هو يقول
_ستكون بخير.
ردت إبتسامته بأخرىx مهتزة و هي تعيد نظرها لحنين التي شرعت بتنفيد العمل بإندماج و تركيز نابعا من رغبتها في الهروب من كل شيء، إبتعدت عنه خطوة هي نفس الخطوة التي إقتربت بها من حنين، قبل أن تمنع نفسها سألتهاx و هي ترغب بإخراجها من السجن الذي حبست فيه نفسها
_ما ردك على طلب نديم؟
توقفت يدها عن ما تفعل للحظة، لكنها لم تستدر إليها بل عاودت الرجوع لإكمال ما كانت تعمل، مفضلة تجاهل السؤال، و ما كان هذا ليرضي وجدان، التي إتجعت إليها، أمسكتها من ذراعيها تديرها لمواجهتها، لم يخفى عليها أثار البكاء من تورم عينيها و إحمرارهما الشديد، فأدركت أن كل ذلك الوقت التي إختبأت فيه وسط مكتبها قد قضته في البكاء. سألتها بغصة متألمة
_إلى متى ستظلين على هذه الحالة يا حنين؟ عقد من الزمن قد مر فمتى ستخلصين نفسك من العذاب؟
واجهت حنين نظرات صديقتها و هي تقول
_و هل ترون أنتم تحرري من هذا السجن سيكون بزواجي؟! هكذا بكل بساطة الحل السحري لكل معاناتي هو الزواج! و كأنك لم تجربي الحب يوما! أنتم لن تفهموني أبدا يا وجدان! لن تفهموني!
سحبت ذراعها من يد وجدان و هي تعود للعمل بنوع من العنف تحصر دموعها المتألمة كي لا تفيض من مقلتيها. أجابتها وجدان بحدة
_أجل يا حنين قد يكون علاجك بالزواج، هذه هي الفطرة التي خلقنا الله عليها، نحتاج لشريك نتقاسم معه كل لحظات حياتنا، العلاقة بين الزوجين مختلفة عن أي نوع من العلاقات الأخرى، قد تجيدين السكينة في حضن زوجك يا حنين، لن أكذب عليك و أقول أنك ستجدين ذلك الحب الذي فقدتيه بفقدانك لزياد لكن على الأقل ستحصلين على حياة طبيعية مثل الناس، ليس حالا سحريا، لكنه أفضل حل!

نفضت حنين ما كان بيديها لتستدير إلى وجدان صارخة
_كفى! كفى يا وجدان أرجوك! لا تضغطي علي أكثر! يكفيني الضغط الذي تعرضت إليه اليوم يكفيني و يزيد! فبحق الله إبتعدي عني!
كانتx وجدان على وشك أن تعترض بشيء ما، لكن فارس قد سحبها و هو يبعدها عن حنين قائلا
_حنين معها حق يا وجدان لا تضغطي عليها هي أدرى بمصلحتها.
عقدت حاجبيها بإعتراض و هي تقول
_لكن....
قاطعها بحزم قائلا
_هيا وجدان دعينا نكمل عملنا الوقت قد تأخر.
رغم ملامح وجهها المعترضة إلا أنها إستسلمت له بعد أن ألقت نظرة معترضة على حنين التي عادت من جديد لمباشرة عملها، هي الأخرى قد باشرت العمل وسط الجو المشحون تماما، بمشاعر متأججة.

أمام أمواج البحر المتلاطمة على جسر حجري في أطراف المدينة، و قفت تتأمل سكون الليل إلا من أصوات الطبيعة، كان يقف ورأها يضم خصرها بيديه، بينما يريح ذقنه على كتفيها، تلك الرياح التي تلعب بشعرها تجعل عبيرها يتوغل داخل حواسه أكثر و أكثر، و خصلاتها بلونها الذي أضحى وسط ظلام الليل أقرب للبني أو الأسود يدغدغ بشرته، منذ خرجا و هي تجره عبر شطئان المدينة بأكملها، تعج نشاطا و حيوية و كأنها عادت مراهقة لا هم و لا مسؤولية لها تسعى لعيش العمر طولا و عرضا، بطاقة لا تنذب، ضحكت كما لا يتذكر أنها ضحكته من قبل، شاغبته و عاكسته بروح حلوة، كم رمقها بتحذير و هو يرى لفتها للأنظار بسبب ضحكها الحيوي المليئ بأنثوية فطرية، شدها إليه بقوة و هو ينظر بتهديد لكل عين ذكورية تلتفت لها بإعجاب و هي تشاهد عفويتها في التحدث بإنطلاق و عذوبة مع ضحكات تفصل بين كل مقطع و أخر، تخبؤ رأسها في صدره و هي تكمل ضحكها وسطه، و تشتذ ذراعه على خصرها و هو يتمنى حملها و الهروب بها الأن، بعيدا عن كل أعين البشر، بعيدا عن المسؤوليات و كل شيء، ربما عليه بعد إنتهاء الإحتفال بعيد ميلاد صغيرتهم، أن يقيم شهر عسل من جديد، و شهر عسل حقيقي، فبعد زواجهما السريع و خصوصا أنه لم يكن قد شفي تماما منx الحادث، لم يحصولا إلا على إيجازة لمدة أسبوع لم تكن كافية أبدا بالنسبة له و بعد أقل من عام شرفتهما الصغيرة نورسين و كأنها لم تطق التأخر أكثر. سنجابته الحلوة كما يحب تسميتها لإغاضة زوجته الأحلى. منذ وصلا إلى هنا و هي تتخذ الصمت ثوبا لها، و كأن كل تلك الطاقة و الحيوية التي تملكتها نضبت فجأة كما إشتعلت فجأة، يعلم أنها لحد الأن لم تشفى تماما من تأثير كل ما مرو به، خصوصا أن كل الأمور بعد الحادثة مرت بسرعة، هو يتذكر بكأها الهستيري ما إن إستيقظت بعد فقدانها للوعي، و وجدته أمامها، إرتمت عليه تتعلق به و تلومه، لم يفلح حينها أبدا في تهدئتها حتى حقنوها بمهدئ أفقدها وعيها مرة أخرى، حينها و من حيث لا يدري شاهد صديقه و أخاه القديم واقفا فوق رأسه ينظر إليه بإشياق و عتاب، في تلك اللحظة، نسي كل شيء، نسي سبب توتر علاقتهما منذ زمن عندما عرف أنه يكن المشاعر لحبيبته، و كأن عودته من الموت جعلته يدرك قيمة كل ما يحيط به، أخبره نديم حينها بكل ما حصل أثناء فقدانه للوعي، كيف بقيت حبيبته ساهرة على الدوام بقربه، و كيف كادت تجن حين توقف قلبه قبل قليل، توقف ليعود للنبض و يعود معه وعيه هذه المرة، لكنها ما كانت لتستوعب ذلك و منظر جسده الذي ينتفظ بسبب الصاعق الكهربائي و طنين المزعج للألات الطبية أخرجها تماما عن وعييها و هي تقتحم الغرفة غير عابئة بأيادي الأطباء التي تمنعها، تتوسله بحرقة أدمت قلوب المتواجدين، و ربما في تلك اللحظة وصله هو الأخر توسلها فأراد أن يعتقها من ألامها، ليستجيب جسده للألات الطبية و يفتح عينيه بمعجزة، حين أغلقت هي عينيها.
و رغم كل شيء تلك اللحظة الشديدة لايزال مفعولها قويا عليها رغم مرور ما يقارب الثلاث سنوات على ذلك اليوم.
لازالت تستيقظ ليلا لتوقضه من نومه و هي تناديه ببعض الخوف و كأنها تريد أن تتأكد من وجودهx واقعا، و كأنها لم تصدق بعد أنه أضحى حقيقة لا وهما، يطمئنها عليه و يشدها لحضنه، فتمرغ رأسها وسط صدره تستمع إلى نبضات قلبه، ثم تهمس له بتوسل "لا تتركني أرجوك يا حبيبي"، و تعود لرفع رأسها من حضنه تمسك وجهه بين يديها، و عينيها تجريان على كل تفاصيله، كما أصابعها الرقيقة التي تداعب بشرته، يبتسم لها بحنان ليطمئنها و هو يخبرها أنه هنا و لن يتركها أبداً،فتظل هي صامتة تحدق به فقط، عينيها تشتعلان حبا و خوفا و توسلا، يحترم صمتها و خوفها و يتركها كما شأت تطمئن عليه، دون أن يتوقف هو عن الهمس لها بكلمات تحبيبية، و بعد مدة تنزل برأسه لوجهه تقبل كل جزء فيه و هي تهمس له كم تحبه، يبادلها هو قبلاتها دون أن يتوقف عن طمأنتها و بعد مدة قصيرة تعود للنوم كأن كل ذلك كان مجرد حلم، كم يؤلمه كل ما أوصلها له دون قصد منه، لا يستطيعx التوقف عن الشعور بالذنب، و لا عن شكر الله لأنه منحاهما فرصة ليكونا معا بعد أن كان كل الأمر أشبه بحلم مستحيل.
_جاسر.
همسها بإسمه جعله يستيقظ من سيل أفكاره، قبل رقبتها قبل أن يسألها بصوت دافئ
_نعم حبيبتي.
أكملت كلامها بشرود و نظراتها لا تتزحزح عن البحر
_أتعلم أنني وقعت في حب البحر مرتين؟
لم يعقب على كلامها و هو يعلم أنها لا تسأله حقا بل ترغب فقط في بداية الحديث، إكتفى فقط بحشر رأسه بين طياة شعرها و طبع قبلة على كتفها، و كما توقع لحظة فقط و أكملت إسترسال حديثها.
_المرة الأولى التي وقعت فيها بحبه لا أتذكرها أبداً، فمنذ أصبحت أستوعب الحياة و أنا أحبه و أعشقه، أرى فيه أنيسا غاليا و رفيقا لا أستحمل بعده، كنت أجبر أبي دوما على أخدي إليه كل مرة في طريق عودتنا للمدرسة، كانت أمي تشبعه تقريعا، فيضحك و هو يحاول إرضاءها بطريقته، و يطلب مني أنا و أخوي أن نصعد لإنجاز واجبتنا كي تتوقف أمي عن القلق، ربما ورثت حب البحر عن أبي، رغم أني لم أكن أحب السباحة يوما، علاقتي بالبحر كانت مختلفة، لم أفكر يوما في سبر أغواره كنت أرى جماله في غموضه، في غضبه و سكونه، كنت أهواه في بعده.
صمتت لثانية، ثم إستادرة إليه لتواجهه، دون أن يترك هو خصرها، رفعت رأسها إليه و قد إرتسمت إبتسامة حلوة على شفتيها، رفعت يدها أيضا لتمرره برقة على وجنته و هي تقول
_أما المرة الثانية التي عشقت فيها البحر فلازلت أذكرها جيدا و كأنها حدثت الأن فقط، هذه المرة لم يكفيني رؤية البحر من بعيد بل كنت أريد الغرق فيه، أريد أن أعرفه ركنا ركنا، أن أتلاشى فيه، أن أتعارك مع أمواجه، أن أصاحبه في هدوئه و صخبه، في غضبه و لينه، دون أن أخاف أو أجزع، فهل يخاف المرء من نفسه؟
إبتسمت بحنان و هي ترفع يديها لتداعب رموشه فيضطر لإغماض عينيه،x أطلقت ضحكة قصيرةx و هيx تكمل بمداعبة
_حين وقع نظري على عينيك لأول مرة علمت أني من جديدx سقطت في غرام البحر،x و أي غرام هذا الذي كبلتني به أمواج ذلك البحر الغالي.
إبتسمتx و قد إحمرت وجنتيها قليلا و هيx تقول
_يومها تضاعفت زيارتي للبحر كنت أتأمله و إبتسامةx عاشقة رسمت علىx شفتي،x أتأمله و أتخيل عيونا سرقت النوم من أجفاني و سرقت قلبي من صدري.
إرتفعت على قدميها لتطبع قبلة علىx عينيه و هي تقول
_"الموج الأزرق في عينيك ينادينيx نحو الأعمق،x و أنا ما عندي تجربة في الحب و لا عندي زورق "
قبل كفيها الإثنين قبل أن يقول لها بإبتسامة
_أغمضي عينيك لدي لك مفاجأة.
عقدت حاجبيها قائلة بإبتسامة
_مفاجأة و ما هي؟
حرك رأسه قائلا
_أغمضي عينيك لتري.
بدى كما لو أن مزاجها المرح عاد إليها من جديد و هي تقول له بمشاكسة
_و كيف تريدني أن أرى مغمضة العينين يا فهيم؟
ضحك و هو يقول
_أغمضي عينيك فقط.
أغمضت عينيها و الإبتسامة تظلل محياها، فوق الجسر الحجري وراءها البحر يمتد متلألأ تحت نور البدر المكتمل هذه الليلة كبهائها، كانت خصلاتها المجنونة التي تكره القيود متحررة على كتفيها تتحرك في كل الإتجاهات مع الريح، بدت لوحة تخطف الأنظار، و كأنها حورية هريت خلستا من مملكتها داخل للبحر، و خرجت لتعانق نور البدر الشبيه ببهائها، كانت لاتزال مغمضة العينين و هي تسأله متململتا في وقفتها
_أين أنت يا جاسر؟ هل ذهبت و تركتني؟
و قبل أن تفتح عينيها كان قد أحاط خصرها لينحني مقبلا شفتيها، كاتما شهقتها المتفاجئة، سرعان ما تجاوبت معه و هي ترفع كفيها لتحيط رقبته، و تبادله قبلته، أنزلها على حافة الجسر فزاد تشبتها به، و لم يعتق هو شفتيها حتى كانت حجتهما للهواء شديدة،
ظل محيطا خصرها بقوة كما كانت هي متشبتتا به و قد كانت عالقة بين بحرين وقعت في عشقهما، بحر عينيه اللتان تنظران إليها بكل عشق و البحر بأمواجه المتضاربة التي تخرق سكون الليل، خرج صوتها متحشرجا و هي تسأله من بين أنفاسها اللاهثة
_أين هي هديتي التي وعدتني بها؟ أكانت كل هذه المقدمة الطويلة لازمة لأخذها؟
ضحك و هو يقول
_أي هدية يا حبيبتي، ألم تكفيك القبلة هدية؟ أصبحت طماعة جدا، أين هي العاشقة القانوعة التي أعرفها؟
عقدت حاجبيها و هي تضربه على كتفه قائلة
_أنت تسخر مني أليس كذلك؟ القبلة أصبحت عندك هدية الأن!
إبتسم لها قائلا
_كما الإبتسامة صدقة القبلة هدية، و هل ترين أجمل من قبلة على سطح جسر حجري عتيق يحمل بين طياته تريخا عريقا قد تعاقبت عليه حظارات مختلفة، في قلب أمواج البحر المجنونة كحبنا، تحت أشعة البدر المنيرة أليس الأمر غاية في الرومانسية.
حركت رأسها و هي تقول زمة شفتيها
_قمة الرومانسية و المخاطرة، تعرف أننا في مكان عمومي فل تحمد الله أن شرطة الأدب لم تلقي القبض علينا، كان منظرنا ليكون كارثيا.
ضحك و هو يقول
_بل كانت لتكون مغامرة حلوة لا أحلى من قلة الأدب حبيبتي صدقيني. ثم من سيصل إلى هـذا المكان في مثل هذا الوقت المتأخر؟
قبل أن تجيبه صدح صوت ورأهما يقول بلهجة ثقيلة
_أنتما بسرعة أخرجا كل ما لديكما و إلا إنتهى عمركما البئيس هنا دون أن يعلم عنكما أحد شيئا.
إنتفض الإثنين على نبرة المتشرد الخشنة، أنزلها جاسر من على حافة الجسر ليخبأها ورأه، و هو يرفع يديه قائلا
_إهدأ يا صديقي سنعطيك كل ما تريد فقط أتركنا لدينا طفلة صغيرة ستكمل سنتها الأولى غدا.
حرك السكين أمام وجهه و هو يقول
_طفلة صغيرة و تتعشقان هنا على الجسر؟ أليس لكم بيت تتبادلان فيه القبل، لا تضحك علي و أعطيني الأن كل ما عندك، و إلا كتبت الجرائد غدا عن عاشقين قتلا ليلا فوق الجسر، لا تشوه سمعة حبيبتك، بالتأكيد هي خارجة معك من وراء ظهر أهلها.
قال له جاسر بإعتراض
_قلتك لك أنها زوجتي!
صرخ فيه المتشرد الذي كان يبدو رجلا في بداية عقده الخامس.
_قلت لك ناولني ما لديك و كفى كلاما!
أخرج جاسر محفضة نقوده من جيبه و ناولها إياه و هو يقول
_هل ستتركنا نذهب الأن؟
غمغم المتشرد بإعتراض و هو يرفع السكين في وجه جاسر من جديد
_تسخر مني قلت هاتي كل ما عندك هاتفك ساعتك. هيا! و أيضا ما لدى عشيقتك أريده.
من وراء ظهر جاسر ناولته زينب هاتفها و حقيبتها قائلة
_تفضل خذ يا سيدي ودعنا نذهب.
إبتسم المتشرد و هو يتفحص غنيمته قائلا
_كن طائعا مثل صديقتك و هاتيني ما لديك.
تأفف جاسر و هو يخرج هاتفه يناوله إياه و يزيل ساعته من معصمه. قائلا بغيظ
_و الأن هل إكتفيت؟
أمسك المتشرد قميصه قائلا بتقييم
_يبدو مركة عالمية، أريد هذا القميص أيضا و حتى سروالك.
فتح جاسر عينيه بصدمة و هو يقول
_هل جننت! تردني أن أرجع للبيت عاريا؟!
رفع الرجل كتفيه قائلا
_لك الإختيار ترجع عاريا أو لا ترجع أبداً إخلع بسرعة!
مكرها فعل جاسر ما طلبه له بينما زينب لا تزال مختبئة وراءه. و بعد كل هذا تكرم المتشرد ليعتق رقبتهما قائلا
_حسنا يمكنكما الذهاب الأن، و لتعرف كم أنا كريم لم أطلب فستان عشيقتك رغم أنه يبدوا غالي الثمن، أنا رجل محترم و لا أرضى أن أجعل إمرأة تسير عارية في الشارع. غمغم جاسر قائلا
_كنت إفعلها فقط و ترى ما كنت لأفعل بك.
قالها و هو يسحب زينب معه بإتجاه السيارة، سأله المتشرد بنبرة مهددة
_هل قلت شيئا يا هذا؟!
حرك رأسه بنفي قائلا
_قلت أنني أشعر بالبرد و حسب.
حرك المتشرد رأسه قائلا
_هيا أغرب عن وجهي بسرعة و إلا غيرت رأيي و تركت لكما علامة للذكرى.
جر جاسر زينب ورأه ليصعدا السيارة و هو لا يكف عن التضمر، إنفجرت زينب بالضحك ما إن أغلقا الباب عليهما، لينظر لها رافعا حاجبيه بصدمة.
_تضحكين يا زينب!
زاد ضحكها أكثر و هي تهمس
_و الله لا أصدق! أرأيت ما فعلته بنا!
إنعقد حاجبيه و هو يسألها
_و ما فعلته أنا؟ ألم تكن فكرتك أنت لنأتي إلى هنا؟
مسحت دمعتين من عينيها بسبب ضحكها و هي تقول
_أنت من قبلتني فجعلته يتجرأ علينا.
قال ساخرا و هو يسوق مبتعدا عن المكان المشؤوم.
_و كأنك لم تبادليني القبلة.
رفعت كتفيها بينما تجيبه
_أنت الملوم لأنك قبلتني أنا يا حبيبي ضعيفة أمامك.
عادت لتضحك من جديد و هي تقول
_قال هدية قال! أكانت هذه المغامرة الرائعة هي الهدية؟ حقا قد فاقت في إيثارتها، إيثارة مغامرة مع شرطة الأدب لو جرتنا ورأها للمغفر.
عض على شفتيه قائلا
_إضحكي حبيبتي إضحكي يليق ذاك بك أنت كنت مخبأة ورائي في أمان و أنا من كنت أمام وجه المدفع.
رفعت كتفيها قائلة
_كنت أدري أنك فقط تجاريه لم يكن قويا حقا، أنت تفوقه قوة و هو كان وحيدا، علمت أنك كنت قادرا على إيقافه إن أردت، لكن سايرته خوفا علي.
إبتسم و هو يقول
_قد أحسست بإرتجافك ورائي حبيبتي، لكنك كالعادة كنت شجاعة و واجهتي الموقف.
إبتسمت ببعض الحزن قائلة
_كنت أخشى أن أفقدك من جديد لكن في نفس الوقت كنت مطمئنة، قلبي أعلمني أنك ستكون بخير.
رفع يديها إلى شفتيه قائلا
_فل يسلم قلبك الصادق حبيبتي.
إبتسمت له بحب قبل أن تعود للإنفجار بالضحك، سألها مرة أخرى و هو يدير عينيع
_و على ما تضحكين هذه المرة أيضا؟!
أشارت إليه قائلة
_أهكذا ستدخل عليهم في البيت بسرولك الداخلي فقط؟
رفع كتفيه قائلا
_لا بأس تشترين لي أي شيء في الطريق أستر به نفسي.
ضحكت و هي تقول رافعة حاجبيها
_و بماذا سنشتري إن شاء الله،كل مالنا قد سرق سيدي.
ضرب على المقود متأففا و هو يقول
_اللعين! لو لم تكوني معي لأذقته درسا لن ينساه طول حياته، إن شاء الله لا يهنأ بغنيمته.
ضحكت و هي تقول
_حرام عليك لا تقل عنه هكذا، كيف ما كان هو سارق محترم، كان لديه سكين و لم يضرب بها أحدنا.
قال جاسر بغيظ
_هذه الطيبة الأكثر من اللزوم التي أصبحت فيك تغظني جدا.
حركت رأسها قائلة
_ليست طيبة لكن حتى هو يعلم الله بظروفه، من الواضح أن يبيت في الشارع، الحياة ليست سهلة أبدا.
رفع حاجبيه قائلا
_السيدة زينب الحريري تتحدث عن معانات ساكني الشوارع و ما أدراك بها أنت؟
حركت رأسها بيأس و هي تقول
_لن تتغير يا جاسر دوما ستظل تنظر إلي و كأني من كوكب أخر، فقط لأنني ولدت في عائلة غنية، من المفروض أن لا أعلم شيئا عن أمور الدنيا؟
أجبها بنفي قائلا
_لم أقل هذا حبيبتي فقط يزعجني أن تتعاطفي مع مجرم، سيترك زوجك يعود عاريا للبيت.
إستندت برأسها على ظهر الكرسي و هي تقول
_أشعر بالنوم لقد تأخرنا عنهم جدا، لابد أنهم بدءو في القلق علينا.
غمغم بحنق غير حقيقي
_أنت إرتاحي و إستلقي بعد أن جررتينا إلى هـذا المصير المشؤوم، و أنا من عليه أن يتحمل العواقب.
إبتسمت و هي مغمضة العينين بينما تقول
_بالمناسبة أنا لم أسامحك بعد على كذبك علي في شأن الهدية.x أنتظر التعويض.
مد يده لمذياع السيارة يشعل أغنية هادئة و هو يقول
_نامي الأن حبيبتي فقط نامي، حقا تصبحين متعبة حين يدور بك النوم.
ضحكت و هي تقولي
_أحبك كثيراً.
إبتسم لها بحنان لينحني طابعا قبلة خفيفة على وجنتها و هو يقول
_و أنا أحبك زمردتي.
بعد مدة أوقف السيارة قرب القصر، نظر إلى الأضواء المشتعلة في القصر ليقول بيأس
_لم ينامو بعد.
رفعت زينب كتفيها قائلة
_تعلم أني المبكرة الوحيدة هنا، هم جميعا يحبون السهر ليلا، حتى أمي قد إندمجت في عادتهم، زد على ذلك إنه الصيف.
قال بيأس
_كنت أسوق بتثاقل عل و عسى يكون الجميع صعد إلى غرفته، كنت أمني نفسي بمعجزة.
ضحكت و هي تقول
_لم تحدث المعجزة يا حبيبي، فدعنا ننزل سيخرجن للبحث علينا إن تأخرنا أكثر.
رفع حاجبيه قائلا
_تردين أن أنزل عند أهلك هكذا؟!x هل جننت حقا!
خلعت الوشاح الذي كانت تحيط رقبتها لتقول له.
_أحط خصرك بهذا و هيا بنا.
نظر إلى الوشاح المورد رافعا حاجبيه
_أحيط خصري بهذا!
فتحت باب سيارتها لتنزل منه قائلة
_ليس شأني إصنع ما شئت إذن.
لعن و هو يحيط خصره كما طلبت منه بوشاحها المورد. لينزل في نفس اللحظة التي خرج فيها فارس عاقدا حاجبيه و هو يتسأل
_أين كنتما إتصلنا بكما مرارا لكن....
بتر جملته و هو يشاهد جاسر عاريا إلا من ذلك الوشاح بوروده الملونة. إنفجر ضحكا و هو يقول لزينب
_ماذا حدث لزوجك يا أختي أين هي ملابسه؟
قبلت وجنتيه و هي تقول باسمة
_آسفان لأننا أقلقناكم علينا، تعرض لنا متشرد مسكين أخذ المال و الهواتف و ملابس جاسر.
ضحك فارس و هو يقول
_يا له من متشرد مسكين ألم تأخذي رقمه حتى تعطيه باقي ثياب جاسر سيفرح المسكين.
قالت زينب تدعي الأسف و هي تكتم ضحكتها عن جاسر
_اه! معك حق لم يخطر ذلك على بالي أبداً ربما علينا البحث عليه لأطلب منه رقمه سيسعد المسكين.
شهقت ضاحكة و جاسر يجرها من أمام أخيها قائلا
_حسابك معي عسير يا زينب على كل سخريتك هذه مني، فقط إنتظري حبيبتي.
توقف قبل أن يدلف من الباب الداخلي للقصر ليقول لها
_أدخلي أنت أولا و أطلبي منهم إخلاء المكان حتى أدخل.
و قبل أن تجيبه فتح الباب من تلقاء نفسه، لتظهر منه وجدان و هي تقول
_أين...
لكنها شهقت تضع يدها على فمها ما إن رأت منظر جاسر، لحق بهما فارس ليغمض عيني زوجته بيده و هو يدخلها قائلا
_تعالي حبيبتي قد ذهب الحياء من الدنيا أختي المسكينة و ما جلب لها حظها العثر.
غمغم جاسر قائلا
_و أنا أتسأل من أين جاء ذلك الصغير بإزعاجه و سماجته ما هو إبن أبيه.
قرصته زينب قائلة
_أصمت سيسمعك.
ثم جرته ورأها بإتجاه السلالم، بينما تشرح بصوت عالي لأمها و حنين الجليستين في البهو مفتوحتي الفم من الصدمة
_لا تقلقو يا جماعة فقط سارق أخذ ملابس جاسر و نحن جميعا بخير، سيغير ثيابه و ننزل لكم.
عاد فارس بزوجته و قد أزال يديه من على عينيها ليجلسها بجانبه قائلا
_أرأيت حبيبتي كل شيء في تجديد حتى اللصوص بدأو يتفنانون في عملهم.
نهظت نرمين بقلق و هي تقول
_زينب حبيبتي علي أن أطمئن عليها المسكينة، لا وفقهما الله هؤلاء المجرمون الذي يعجون فسدا في الأرض!
أوقفها فارس قائلا
_أين ستذهبين ألم تري زوجها عاريا ستدخلين عنده هكذا.
عادت للجلوس مكانها و القلق يعصف بها، بينما إحمرت حنين و هي تعض على شفتيها بخجل، إقتربت منها وجدان لتهمس في أذنها مستغلة الفرصة
_لا تقلقي حبيبتي ستتعودين بعد الزواج على كل هذا، بل ستحبينه حتى نديم ما شاء الله يدخل للخاطر.
رمقتها حنين بتهديد لترفع يديها قائلة
_و ماذا قلت أنا؟ لما تنظرين إلي بهذه الطريقة التهديدية؟!
و قبل أن تجيبها دخلت زينب برفقة جاسر، لتقفز عليها أمها معانقة إياها و هي تتفحصها قائلة
_حبيبتي الغالية هل أنت بخير هل أصابك أي مكروه؟
إبتسمت لها زينب و هي تقبل كفيها قائلة
_نحن بخير تماما حبيبتي لا تقلقي.
قال جاسر بتدمر مفتعل
_رحمك الله يا أمي الغالية من بعدك ما عاد أحد يهتم بي.
قالها و هو يقترب من إبنته التي تلعب في الأرض مع إبن خالها، حملها ليتلقى ضربة قوية من نسيم و هو يصرخ معترضا، عقد جاسر حاجبيه بإنزعاج و هو يقول
_أنت أيضا على رأسي أيها الصغير هي إبنتي و أنت ما شأنك؟.
قال له فارس ضاحكا
_أترك إبني عنك يا جاسر.
قال له جاسر بغيظ
_هو من عليه أن يترك إبنتي لم أعد أراها بسببه!
_نديم خطب حنين.
حالة من السكون و الذهول قد غطت علىx الجميع حتى الصغيرx نسيم قد توقف عن الصراخ مكتفيا بالتشبت برجل جاسر.x إلتفتت جميع الرؤوس إلى إتجاه وجدان التي نطقت بالخبر على حين غفلة،x حنينx مصدومة من السرعة التي ألقت بها وجدانx الخبر،x بينما تشنج جاسر قليلا كما يحدث معه دوما كلما ذكر إسم نديم،x فرغم أن علاقته عادت جيدة كما الماضي إلا أنه لا يستطيع أبدا تجاوز غيرته علىx حبيبة قلبه.x أول من تحدث هيx زينبx و قد أشرق وجهها بالسرور و هيx تقول
_صحيح؟!x هل خطبها نديم حقا!x هو شخص رائع جدا و ماذاx كان رد حنين؟
و قبل أن تنطق وجدانx بشيء سبقتها حنين و هيx ترد.
_وفقت.
و قبل أن يتجاوز الجميع صدمتهم من رد حنينx ،x كانت تنهظ مغادرة المكان،x و كأنها ترفض إعطاء أي تفسير أخر.
مساء اليوم تالي....
كانت تقف أمام المرآة تضع قرطيها اللؤلئيين في أذنها، و قد جمعت شعرها في تصفيفة أنيقة و زينته ببضع مشابك لؤلئية، إلتفتت لذلك الذي كان يعقد ربطة عنقه على بعد بضع خطوات منها، سألته ببعض الحرج.
_ألن يكون مبتذلا أن أحضر عيد ميلاد إبنتي بفستان أبيض أشبه بفستان العروس؟!
إقترب منها جاسر و البسمة تعلوا محياه ليمسك وجهها بين يديه و ينحني مقبلا جبينها و هو يقول بحب
_تبدين فاتنة غاليتي، أبدا ليس مبتذلا أنت ستظلين عروسا للأبد زمرد، كل يوم أحس أنك تزفين لي لأول مرة، ثم إني قد إخترت فستانا مماثلا لنورسين، أميرتي الغاليتين، ستبدوان في قمة جمالهما اليوم.
إبتسمت له بحنان و هي ترفع يديها لتعقد ربطة عنقه قائلة
_منذ متى حضرت هذا الفستان يا جاسر، عليه طابع شركتنا، كيف لا يمر تصميم كهذا على يدي؟
ضحكب خفة قائلا
_ستبدئين الأن بممارسة دور المديرة الصارمة علينا، عموما ليس جيدا أن نخرج لإقتناء الملابس من مكان ما و نحن نملك شركة لتصميم الأزياء، ظلم هذا و تبخيس لقدرتنا، لقد أوصيت مصمم الشركة قبل أشهر بإعداد فستانين متماثلين شكلا، فستانا كفستان الأميرات و بالأبيض لون حبنا أنا و أنت.
أحاطت رقبته بيديها و هي تقول
_أنت ليس هناك مثلك يا حبيبي أبداً. أحبك جدا.
قبل شفتيها قبلة خاطفة و هو يقول
_و أنا أعشقك حبيبتي.
عقد حاجبيه بجدية و هو يقول
_يا رب كيف نسيت أن أخبرك بهذا و هو في غاية الأهمية.
عقدت حاجبيها و هي تقول بتساؤل
_ما هو؟
إنحنى ليهمس في أذنها و كأنه يفضي لها بسر خطير
_أتعلمين أنك الليلة أجمل نساء الأرض، بل أجمل أنثى حطت برجليها على الكوكب، ذلك البدر المنير في سمائه أسمعه يلتوي غيرة منك، أتسمعينه أنت؟ أيصلك صوت أنين الياسمين على أغصانها و قد فقدت كل جمالها أمام فتنتك! ورود الحديقة يا حبيبتي بألوانها المبهجة للروح، كساها الحزن و قد سرقت أنت الأنظار عنها، أنظري إلى تلك الحمامة البيضاء البعيدة لم تنم الليلة و هي تعض أظافرها حسرة على كل رقتها و صفائها الذي إستحوذت عليه أنت، هذه الليلة قد سرقت كل الجمال الذي في الكون، أخشى عليك من عيون الحاسدين حبيبتي، لكن لا تقلقي لن أتركك طوال الحفل، سأحميك بحبي من كل الأعين و من كل الحاسدين حتى نصعد إلى محراب عشقنا من جديد، و أهرب بك قبل منتصف الليل من كل كائن.
دمعة قد فرت من عينيها من فرط التأثر لتحشر رأسها في رقبته و هي تقف على طرف رجليها، همست له بصوت متحشرج من ثقلx العاطفة
_يا حبيبي رفقا بقلبي! هذا الحب علي كثير، كثير فوق كل تحملي!
ضمها إليه أكثر و هو يقول بضحكة صغيرة
_يا ظالمة تطلبين مني الرفق و أنت لم ترأفي يوما بهذا القلب المسكين و قد إجتاحه حبك كإعصار جارف؟ لو تعلمين ما تفعلينه بي يا حياتي فقط من نظرة، أخاف أن يتوقف قلبي يوما من شدة العشق.
تشبتت به أكثر و هي تمرر شفتيها على رقبته تطبع قبلا قصيرة عاشقة عليها، إبتعدت عنه لتنظر إلى بحر عينيه الغارق في العاطفة لتقول مبتسمة
_علينا أن نخرج بسرعة حبيبي لا بد أنهم ينتظرننا منذ مدة.
قالتها و هي تتجاوزه بسرعة لكنه أمسك ذراعيها قائلا
_هكذا ستخرجين؟!
عقدت حاجبيها و هي تنظر إلى إنعكاس صورتها في المرآة القريبة بينما ترد عليه
_هكذا؟! هل ينقص مظهري شيء، أنا أرى أنه جيد تماما.
إبتسم لها بحنان قائلا
_هذا لا جدال فيه لقد أخبرتك فقط قبل قليل عن ذلك.
إبتسمت و هي تقول
_إذن ماذا تقصد أتريد تعطيلنا هكذا فقط.
ضحك و هو يحرك رأسه بينما يبتعد عنها بإتجاه طاولة الزينة قائلا
_أنت دوما تظلمينني يا حبيبتي لكن لا بأس كله فداك.
فتح الجرور الأبيض المذهب ككل أثاث غرفة نومهما، ليخرج منه صندوقا متوسط الحجم من المخمل الأحمر، إتسعت إبتسامتها و هي تسأله
_من أين جئت بهذا؟!
فتح الصندوق ليخرج منه قلادة من الزمرد و هو يقول بحنان
_هذا لك زمردتي، منذ أن أطلقت عليك اللقب و أنا أحلم باليوم الذي أضع فيه هذا الحجر الثمين الذي يشبهك حول رقبتك.
إبتسمت بتأثر و قد نزلت دمعة أخرى من عينيها كان تشكو من شحاحة الدموع معها وقت الحزن و ها هي تنزل بسخاء من فرط سعادتها، سمحت له بإلباسها القلادة و هي تقول ضاحكة بصوت رقيق
_كنت أشعر بالغيظ من منادتي بهذا الإسم سابقا و أنا أظن أنك تغلط في إسمي، أما الأن فأنا أعشقه.
ضحك و هو يقبل رقبتها بعدما وضع العقد عليها ليقول
_كنت غبية جدا زمردتي حتى تظني ذلك.
ضحكت و هي تقول
_حسنا هديتك الأن تشفع لك عن منادتي بالغبية.
عاد ليستدير كي يصبح في مواجهتها، يرفع يدها لشفتيه قائلا
_تستهلين لأنك ظننت بي ذلك.
ضحكت لتسأله قائلة
_أهذه هي الهدية التي كنت ستعطيها لي البارحة؟
حرك رأسه قائلا
_و أحمد الله أني فكرت بتقبيلك قبل أن أخرجها من السيارة و إلى كان سيكون مصيرها من مصير ملابسي.
ضحكت برقة و هي تقول
_إذن محظوظة جدا أنا بتلك القبلة، و لم تخبرني بعد ما مناسبة هذه الهدية؟
إبتسم و هو يجيبها مرجعا بعد الخصلات الفارة من تسريحتها وراء أذنها
_هم في الحقيقة سببين.
رفعت حاجبيها و هي تسأله رغم معرفتها للجواب
_و هما؟
طبع قبلة على وجنتها و هو يقول
_الأول أن في مثل هذا اليوم أهديتني أغلى هدية في حياتي، طفلتنا الجميلة.
إنحنى مقبلا وجنتها الأخرى و هو يقول
_أما الثاني يا زمردتي، فهو عيد زواجنا، جميل أن يكون عيد زواجنا في نفس شهر عيد ميلاد إبنتنا.
إبتسمت له قائلة
_لكنه ليس اليوم بل عيد زواج غدا.
عض على شفتيه قائلا
_بالضبط هذا هو المشكل، لما لم تصبري قليلا و تضعي نورسين في نفس يوم عيد زواجنا؟
ضحكت و هي تجبه قائلة
_عفوا يا سيدي في ذلك الوقت التي كنت أموت فيه من ألم المخاض لم يخطر على بالي أن اقول للألم إذهب و عد غدا.
ضحك هو الأخر ليقبل جبينها قائلا
_إذن فيها خير لنجعل الحفل يومين بدلا من يوم واحد.
إبتسمت له بحب قائلة
_حتى أنا حضرت لك هديتك.
عقد حاجبيه قائلا
_أين هي أريد أن أراها الأن.
حركت رأسها بمكر و هي تقول
_لن أعطيها لك حتى نعود ليلا من الحفل، لتكون الساعة حينها قاربت منتصف الليل و نكون نحن قد دخلنا في التاريخ الحقيقي لعيد زواجنا.
عقد حاجبيه قائلا
_يا لك من ماكرة أنا أعطيتك هديتي و أنت قلبك لا يلين.
ضحكت و هي تخرج من الغرفة قائلة
_ليس شأني أنت من جلبتها لنفسك.
ما إن تجاوزت أعتاب الغرفة حتى إلتقت بفارس و وجدان قادمان بإتجاهها، صفر فارس قائلا بإعجاب
_ما أحلاك حبيبتي تبدين فاتنة جدا، إذن هذا السبب الذي جعل المبجل جاسر يأخرك علينا نحن جميعا ننتظر في الأسفل.
إقترب منها ليقبل جبينها و هو يقول بحنان
_حفظك الله غاليتي، عيد ميلاد سعيد لصغيرتك الحلوة، أنتظر اليوم الذي تكبر فيه لأزوجها من إبني.
لحق جاسر بها في هذه اللحظة ليحيط خصرها قائلا
_تحلم يا حبيبي إبنك لن أزوجه لأبنتي حتى لو ظل أخر رجل على الأرض.
رفع فارس حاجبيه قائلا
_حتى يكون القرار قرارك أنت أنا إبني لن أزوجه إلا لإبنة أختي.
قبل أن يجيبه بشيء إندفعت زينب الصغيرة إليهما بفستانها الوردي الذي يهفهف ورأها و هي تلهث من صعودها الدرج جريا بينما تقول
_أين تأخرتم جميعا جدتي تنتظركم.
وقع نظرها على عمتها لتقول بإعجاب و هي تضع يدها على فمها المفتوح
_وااو يا زينب أنت تبدين جميلة جدا و كأنك عروس مرة أخرى.
ضحكت زينب بحنان و هي تنزل لمستوى الصغيرة، تضمها إليها، هذه الطفلة سيظل لها مكان خاص جدا في قلبها، فرغم أنها أصبحت أما و أنجبت طفلتها الحبيبة، إلا أن زينب غير، هي تحس بها جزءا منها، قبلت وجنتيها بحنان و هي تقول
_بل جمالي لا شيء أمامك يا أميرتي الملونة أنت فاتنة.
طبعت زينب قبلة على وجنة عمتها و هي تقول بإفتخار
_نحن جميعا نساء هذا القصر شديدو الجمال، حتى نورسين بدت رائعة جدا أخي لا يتركها أبدا جدتي و حنين يعانون من أجل حمل نورسين التي لم تتعلم المشي جيدا بعد، هو يريد أن تمشي بجانبه، و بذكر حنين تعلمين كيف جأت جميلة؟ لقد إرتدت.....
_و كأنني أسمع من يتحدث عني.
قالتها حنين و هي تصعد درجات السلالم ترفع فستانها الطويل قليلا، كانت فاتنة باللون الأخضر الملكي الذي أبرز شقرتها و بياض بشرتها، ملامحها كانت مسترخية بطريقة غريبة و هي لم تواجه أحداx بعد إعترافها البارحة، إقتربت بإبتسامة من زينب لتقبلها قائلة
_تبدين فاتنة حبيبتي كالعادة إختيار جاسر كان موفقا.
إبتسمت لها زينب و قد إلتمعت الدموع في عينيها، لقد أصبحت حساسة بطريقة مفرطة جدا. قالت لها برقة
_و إختيارك أنت موفق يا غاليتي، أنا متأكدة أن نديم سيداوي جروحك و يسعدك، قد يصر على عقد قرانكما اليوم عندما يرى فتنتك، لحد الأن أنت لم ترد عليه و تعلميه عن موافقتك.
جمود مرفوق بالألم قد ظلل ملامح وجهها لكنها إبتسمت مجيبة صديقتها
_أفضل أن أبلغه بموافتي الليلة في الحفل.
إبتسمت لها زينب و هي تربث على ذراعها قائلة
_أحسن ما تفعلين غاليتي، طريقة رومانسية.
لم تعقب و هي تتراجع بضع خطوات للوراء مبتعدة عن زينب، تترك المساحة لوجدان التي لم تبارك لها حتى الأن، قالت وجدان مبتسمة و هي تضمها
_قد خطفت الأضواء الليلة يا زنوبة، فقط لأسلم عليك لم ألحق دوري.
ضحكت زينب و هي تقول
_على قول إبنتك نحن نساء هذا القصر جميعنا جميلات، حتى أنت تبدين رائعة جدا بفستانك الذهبي، حتى أنظري لعيون أخي كيف لم تعقتك أبداً.
ضحكت وجدان و هي تقول
_عيون أخيك لا تعتقوني مهما إرتديت.
_ما بكم يا أولاد أكل من يصعد يختفي هنا؟ لا بد أن الضيوف وصلو للحفل و نحن حفلنا إنتقل إلى الدرج.
قالتها نرمين و هي رغم إدعائها للغضب إلا أن عيونها ترمق عائلتها الحبيبة التي كبرت بكل حب و فرح، و هي ترجو الله أن يظلو جميعا بخير. إقترب منها جاسر ليقبل جبينها قائلا
_أهلا بالملكة الرائعة نرمين الأسود يليق بك جدا.
إبتسمت له نرمين بحنان و هي تربث على وجنتيه قائلة
_شكرا لك يا ولدي حماكما الله لبعض. أنت أيضا شديد الوسامة بطريقة مذهلة.
إتسعت إبتسامته و هو يقول
_لا حرمني الله منك نرمينا لا أحد ينصفني مثلك يا وردة، حتى زوجتي لم تلقي علي و لو كلمة إعجاب.
ضحكت و هي تقول
_لا جدال في عشق إبنتي و إعجابها بك
إقتربت زينب منها لتقولو هي تتعمد تجاهل الجزء الخاص بها.
_أمي جاسر على حق هذا الفستان يبدوا عليك رائعا، و حتى تصفيفة شعرك تبدوا مذهلة.
إبتسمت لها أمها بحنان لتضمها إليها قائلة
_يا وردتي أنت الأحلى و الأجمل على الإطلاق.
تنحنحت وجدان قائلة
_أمي ستصيبونا الغيرة نحن.
إبتسمت نرمين بحنان و هي تفتح يديها لتنادي وجدان و حنين قائلة
_تعالو يا بناتي الغاليات إلى حضني حماكن الله من كل شر.
إقتربت منها كل من حنين و وجدان لينضما إلى العناق الجماعي. نادت نرمين حفيدتها الواقفة قرب جاسر قائلة
_تعالي حتى أنت أميرتي لا يكتمل العناق من دونك.
إندفعت الصغيرة زينب إليهما بحماس لتنظم إلى العناق. بينما وقف جاسر قرب فارس قائلا
_ و نحن ما دورنا هنا إن شاء الله نراقب العناق الأنثوي بتحسر.
وصله صوت حماته قائلا
_جاسر إذهب يا ولدي إلى الطفلين هما وحدهما.
في رمشة عين كان يتجاوز الدرج و هو يقول
_يا إلهي إبنتي الحبيبة وحدها مع العلقة، علي أن ألحقها بسرعة قبل أن يتسبب لها بفضيحة.
تبعه فارس و هو يقول
_و أنا يجب أنقد إبني المسكين منك.
بينما تعالت ضحكات الفتيات. قبل أن يتبعهوما أيضا للأسفل متوجهين للحفل.
في الحفل.....
كانت تقبل صغيرتها بحب و هي تراقصها قائلة
_يا عصفورتي الحلوة تكبرين بسرعة أنت فاتنة جدا حلوتي.
إقترب منها جاسر ليقبل وجنتي صغيرته و هو يقول
_هكذا طوال الحفل سرقت أمك مني يبدوا أن علي أن أكون ممنونا للسيد نسيم الذي لا يعتقك لولاه ما كنت لأرى أمك.
ضحكت زينب و هي تقول
_ألم تكن حانقا عليه قبل قليل المسكين لم يتوقف عن البكاء، عندما نزعت منه نورسين نزعا.
قبل وجنتي صغيرته و هو يداعبها قائلا
_يثير حنقي بتشبته بها، لكن و أنت لا تتركينها الأن طوال الحفل أثير حنقي أكثر أنا لم أراقصك حتى!
ضحكت و هي تقول
_لا عليك أن تتذمر هو يومها .
حرك رأسه بنفي قائلا
_بل يوما أنا و أنت قبل كل شيء.
_زينب إبنتي أعطيني الصغيرة قليلا نسيم شاق رأسي من البكاء دعه يلاعبها كي يريحني.
ضحك جاسر و هو يتناول طفلتهما من يديها لينزلها أرضا يناولها لنسيم صغير قائلا
_تفضل يا فتى ها هي صغيرتي أمانة لديك يمكنك اللعب معها الأن كما شئت.
تهلل وجه الصغير و قد توقف عن البكاء و من العجب قبل خد جاسر و هو يقول.
_شكرا عموا.
ضحك جاسر بعدم تصديق لكنه داعب الشعر الأشفر للفتى و هو يقول إعتني بها جيدا و لا تكثر من تقبيلها.
ضم الصغير إليه نورسين و لم يبدوا أنه سمع وصية أبيها فقد إنهال عليها قبلا في تلك اللحظة، لتسحبهما جدتهما معا إلى المكان المخصص للعب الأطفال.
إستدار جاسر إلى زينب التي كانت تنظر بحب إلى إبنتها التي إبتعدت مع جدتها، إبتسم لها و هو يقترب منها قائلا
_و أخيرا إنفردت بك.
رفعت حاجبيها قائلة
_أنت صدرت إبنتك لتفعل ألا تشعر بالذنب؟!
رفع كتفيه قائلا
_حتى لو كانت إبنتي و قطعة من قلبي فلن أسمح لها أبداً بأخدك مني.
مد إليها يديه قائلا
_هل تسمحين لي بهذه الرقصة زمردتي.
وضعت يدها بين كفه الممدودة إليه و هي تقول
_بكل تأكيد أيها الوسيم.
أحاط خصرها بيديه ليتمايل معها على ألحان الموسيقى و هو يقول
_أتعلمين كم أنت جميلة الليلة حبيبتي؟
ضحكت و هي تقول محركة رأسها بنفي
_كلا لا أعلم.
إبتسم لها بدفئ و هو يقبل وجنتها ليقول
_أنت جميلة لدرجة ستجعلني أحملك الأن و أهرب بك خارج الحفل، لأخطفك لمدة لا تقل عن شهر في مكان لا تراك عين غير عيني. أريد شهر عسل جديد، شهر عسل طويل هذه المرة.
ضحكت و هي تقول
_أي شهر عسل تريد و نحن لدينا طفلة أتمت العام.
رفع كتفيه و هو يقول
_لا يهم و إن أتمت الأربعين، أنا لن أتنازل عن شهر عسل في كل سنة ما منعني منه السنة الماضية هو أنك كنت قد أنجبت نورسين للتو.
عقدت حاجبيها قائلة
_أنت تتحدث بجدية عن موضوع شهر العسل؟
إتسعت إبتسامته و هو يقول
_بالتأكيد زمردتي أنت لن تعودي للبيت أو العمل لمدة شهر، مباشرة بعد الحفلة سننطلق في رحلة عسل لذيذة.
ضحكت و هي تقول
_و إبنتك؟!
قبل وجنتيها بينما لازال يتمايل معها على ألحان الموسيقى
_إبنتي مع جدتها لن يتغير شيء.
سألته مجددا
_و العمل؟
قبل وجنتها الأخرى و هو يقول
_بقي أسبوعين عن العطلة السنوية، فارس قادر على إدارة الشركة خلالهما و ستذهب حنين لمساعدته.
رفعت حاجبيها قائلة
_أنت خططت لكل شيء.
قبل ذقنها هذه المرة و هو يقول
_بالتأكيد ماذا كنت تظنين؟!
هي من إرتفعت قليلا الأن لتقبل وجنتيه قائلة
_ألن تخبرني إلى أين ستأخذني.
أتى دوره ليتسم بمكر و هو يقول
_حتى تخبرينني عن هديتي
ضحكت قائلة
_تحلم حبيبي لن أرضى بالمساومة، الهدية سترها بعد إنتهاء الحفل.
رفع كتفيه و هو يعقب
_إذن أنت أيضا لن تعرفي حتى النهاية الحفلة.
نظرت إليه بدلال قائلة
_هكذا يا حبيبي.
قبل وجنتها قائلا
_هكذا حبيبتي.
إبتسمت و هي تسند رأسها على صدره بينما تكمل تمايلها معه على ألحان الموسيقى.
_ألن تكفي عن الإختباء؟
إنتفضت حنين و هي تستدير إليه بتفاجؤ، لقد تعمدت الدخول إلى المطبخ بعد أن لاحظت إلتهاءه بالحديث مع نرمين، التي كانت توقفه أمامها في حديث طويل لم تعرف ماهيته، إضطرت لرفع رأسها قليلا حتى ترى وجهه، فرغم أنها ترتددي حذاءا عاليا إلا أنه لازال يفوقها في الطول بمراحل، سألته بتوتر و هي لا تعلم لما النظر إلى ملامحه الوسيمة هذه تشعرها بكل هذا الإرتباك.
_نديم ماذا تفعل هنا؟!
إقترب منها خطوة فإضطرت للتراجع للوراء، لكن جسدها إصطدم بسطح المطبخ، رفعت يديها تمسك بحافته، و دقات قلبها تضرب بقوة، حمرة علت وجنتيها و هي تتذكر تقبيله لها، وصلها صوته من بين أفكارها المضطرة بعد أن أوشك جسده على الإلتصاق بجسدها. قال بصوت خافت أشبه بالنجوى
_أتعقب أثر أميرة هاربة، لم تنتظر منتصف الليل لتتورى عن أعين الأمير الذي ينتظر بلهفة جوابها. بيننا سؤال معلق أليس كذلك يا حنين؟!
همس بسؤاله الأخير بلطف جعلها تشعر بالوهن، لما يجب أن يكون رقيقا لهذه الدرجةالتي تثير إرتباكها، لما هكذا يخلق فيها كل أنواع المشاعر المتناقضة؟! هو ليس حبا هي قد جربت الحب و تدري معناه، لكنه شعور قوي، قوي جدا و لا تستطيع تجاوزه أبدا.xx
لم تعد تقوى على مواجهته أكثر بعينيها فأخفضتهما و هي تحاول تجاوزه قائلة بتلثم
_هم ينتظرونني علي أن أذهب الأن.
أمسك ذراعها يمنعها من تجاوزه، بينما إمتدت يده الأخرى لترفع ذقنها، حتى تتلقى عينيه بعينيها، إمتدت أصابعه تداعب بشرة وجنتها ليسألها بخفوت و إبتسامة حنونة تزين ثغره.
_إذن ما جوابك حبيبتي هيا أسعدي قلبي و أخبريني؟
سألته و هي تقاوم المشاعر التي تعصف بها بسبب نظراته
_أنت لم تمنحني الوقت الكافي، أمر مصيري كالزواج لا يتخذ قراره في أربعة و عشرين ساعة.
رفع يده ينظر لساعة معصمه و هو يقول
_ستة و عشرون ساعة و خمسة و ثلاثون دقيقة.
عقدت حاجبيها قائلة بعدم فهم
_عفوا؟!
إبتسم ردا عليها
_قلت لك أن طلب زواجي قد مر عليه بالضبط ستة و عشرون ساعة و خمسة و ثلاثون دقيقة حبيبتي، و إنسانة واعية مثلك يكفيها هذا الوقت لتتخذ قرارا، ألا يكفي عشر سنوات التي ضيعتها هباءا العمر يمضي بسرعة حبيبتي يكفي ما ضاع منه.
حركت رأسها و هي تقول بتوتر
_كف عن منادتي بحبيبتي!
إتسعت إبتسامته الحنونة و قد رفع يده الأخرى يمررها برقة متناهية على وجنتها دمرت المتبقي من محاولتها الواهية لوأد توترها المغيض
_و لما أتوقف عن ذلك حبيبتي و أنا أحس بها؟ أحس بها يا حياتي بطريقة شديدة، شديدة جدا.
ظل ينظر إلى عينيها بحب جارف و توترها هكذا أمامه جعله يشعر نحوها بطاقة تملك غريبة، هذه الأنثى التي تعج أنوثة وأدتها قبل الأوان، هذه الوردة المتوارات بين ركام الأزمان. بنفسه يريد إعادة بنائها من جديد، أن يمسح كل الغبار الذي يغطي روحها، أن يحفر بيديه ليعيد إخراج نورها المتوهج، سيسقيها من حبه لتتفتح أوراقها من جديد، سيحيطها بإهتمامه لتعود ناظرة ممتلئة بالحياة، يريد أن يكرس حياته من أجلها و أجلها فقط، هذا التشتت و الخوف في عينيها يزرع به قوة حمائية كبيرة، توسلها الذي يفلت من عينيها دون أن تدري و كأنها تطلب منه الإغاثة في خفية عن نفسها يجعله يقطع على نفسه وعودا كثيرة كلها تصب في إنقاد هذه الحورية الغارقة، فتحت فمها لتقول له بتوتر و عينيها تحاكي تخبط نفسها
_ل..لكن أنا.....
توقفت و كأنها لا تقوى على الإكمال. إتسعت إبتسامته الحنونة و هو يقول
_أنت ماذا حبيبتي؟
رغما عنها إنسلت دمعة من عينيها، دمعة كان مصدرها توترها و تخبط مشاعرها، و أعطى الإنطلاقة لها حنانه المفرط الذي لفها به. يا إلهي كم إشتاقت لهذا الحنان، إشتقته بطريقة لم تتخيله، قد كادت تنساه و هو ذكرها به، ذكرها لإحتياجها الشديد للإحتواء و الحب أن تنتمي بروحها و وجدانها لشخص مثله يقدر أنوثتها و يرويها، خرج صوتها متحشرجا و قد إختلطت صور الماضي بالحاضر أمام عينيها
_لكنني أحب زياد. نديم أنا لن أكذب عليك، لا يمكنني أن أنسى زياد يوما سيظل حبي الأول، حبه لن ينتهي أبداً في قلبي.
رغم الإختلاج الذي أصاب ملامحه قائلا إلا أنه لم يتخلى عن إبتسامته الحنونة المتفهمة، ليقول لها برقة و هو يمسح دموعها
_و أنا راض، راض بذلك حبيبتي،،وفاؤك لزياد ليزيدوني إلا حبا لك، إنسانة عظيمة مثلك تحمل بين قلبها كل هذا الحب و الوفاء لشخص قد مات منذ زمن، هي من أستطيع أن أءتمنها على حياتي و حبي و أسرتي و أنا مطمئن، لن أطالبك بنسيه فلا سلطة لنا على القلب، لكن إمنحيني و لو مكانا صغيرا بهذا القلب، أدخلي حياتي و أسعدني.
إبتسمت بإرتجاف و هي تحرك رأسها موافقة، لتتسع إبتسامته الحنونة و هو يقول
_ماذا يمكنني أن أفهم من هذه الحركة؟
رفعت عينيها لتواجه عينيه و هي تقول بصوت مبحوح
_أنا موافقة.
تهللت أسارير وجهه فرحا ليجدبها لحضنه ضما إياها، بينما يقبل رأسها قائلا
_حبيبتي أعدك أن أكرس كل حياتي من أجل إسعادكx يا عمري، شكرا لك، شكرا لك لأنك منحتينا هذه الفرصة.
تعلقت هي به تبكي بصمت على صدره دون أن تعرف عن ما بالضبط كانت تبكي، فقد أحست براحة غريبة، راحة لم تشعر بها منذ زمن طويل، طويل جدا.
إبتعد عنها ليمحو دموعها من جديد، ثم يطبع قبلة طويلة على جبينها و هو يغمغم
_أحبك جدا.
رفع ذقنها بيديه لينظر لعينيها بحنان يحاول طمأنتها و هو يرى قلقها الشديد، همس لها بدفئ و هو يغرق في عسل عينيها
_وعد مني حبيبتي أن أقتل قلقك هذا و أحيي فيك كل هذا الجمال الذي قتلتيه في نفسك.
أمسك يدها بين يديه ليدس في إصبعها خاتما ذهبيا رقيقا بفصوص براقة، وضعت يدها الأخر على فمها و قد أصدرت ضحكة متعجبة و هي تقول
_كيف أتيت بهذا الخاتم يا نديم؟ أنت لم تأخذ جوابي إلا الأن.
رفع يدها لشفتيه يقبلها بحنان قائلا
_لم أكن لأنتظر جوابك، و قد راهنت أن أخذ موافقتك اليوم.
ضحكت قائلة
_يا لك من مغرور من أين لك بكل هذه الثقة و أنا بنفسي لم أكن أعلم موافقتي
ضحك و هو يقول
_ليس غرورا حبيبتي بل قولي أنني أصبحت أفهمك أكثر من نفسك.
إبتسمت له ببعض الشرود و الألم لا يبارح عينيها الجميلتين، أعطها ذبلة فضية بين راحة يديها و هو يقول.
_دورك حبيبتي لتلبسين الذبلة.
أمسكتها منه بيد مرتجفة و ذكرى أخرى تجتاحها، يعود بها الزمن إلى يوم مماثل، يوم ظنت فيه أنها نالت سعادتها بيديها و لم تعلم ما كانت تخبؤه لها الأيام، أمسكت يده الأسمر الذي بدى متانقضا تماما مع يديها البيضاء الرقيقة لونا و حجما، تمنع إنسياب دموعها بشق الأنفس دون أن تعرف بما تحس حقا هذه اللحظة، إستغرق إلباسها الخاتم له وقتا أطول بكثير من اللزوم، و يدها ترتعش كالورقة في مهب الريح، بدى صبورا جدا و هو ينتظرها حتى تتم مهمتها الشاقة دون أن أي تأفف أو شكوى، رفعت عينيها التائهتين إليه ما إن إنتهت، فإبتسم لها بحنان و هو يقول
_مبارك علينا حبيبتي.
مجددا رفع يديها لشفتيه يطبع على ظهرها قبلة طويلة قبل أن يسحبها خارج المطبخ قائلا
_دعينا نخبرهم جميعا بذلك، أنا متأكد أنهم سيسعدون من أجلنا.
حركت رأسها موافقة و إبتسامة مرتجفة تزين ثغرها، فرغم كل شيء قد غزاها شعور بالإطمئنان و الراحة فقدته منذ زمن طويل، و كأنها طوال هذهx السنولت كانت تجدفه في بحر عاصف و بعدما إستسلمت للغرق وجدت نفسها ترصو فوق بر الأمان
أحاط خصرها يتمايل معها على أنغام الموسيقى الهادئة، ليعقد حاجبيه قائلا بمشاكسة لم تلاحظها
_أتعلمين حبيبتي أظن أنك على حق وزنك قد زاد كثيرا، حتى خصرك أصبح ممتلئاx أكثر من اللزوم.
تقلصت ملامحها و قد أوشكت على البكاء بين الدموع كست عينيها الخضراوتين و هي تسأله بإرتجاف و عينيها تنولان لتقييم جسدها
_حقا حدث ذلك يا إلهي! فارس أنا أصبحت سمينة، لن تظل تحبني بعد الأن!
و كما توقع إنقلب صوتها المتهدرج بإقتراب البكاء، إلى لهجة غاضبة و هي تتهمه قائلة
_أصلا كله بسببك أنت و طفلك! أنت من أصريت على الإنجاب من جديد! منذ أن ولدت لنسيم و أنا أحس بخسارتي لرشاقتي تماما!
ضربت صدره و هي تقول و قد عادت لهجتها للتهدرج مجددا ببحة البكاء
_أنت السبب أنا كنت جميلة رشيقة و أنت و إبنك فعلتوها بي!
لم يستطع كبت ضحكته أكثر، فضحك حتى أدمعت عيناه و هو يضمها إلى صدره يحشر رأسها بين ثناياه، بينما يطبع قبلة محبة فوق شعرها البني و هو يقول
_إهدئي حبيبتي أنا فقط أمزح معك، لا أرشق منك على الإطلاق حبيبتي! و أنا لن أتوقف أبداً عن حبك و لو أصبحت برميلا، أنت الأجمل و الأحلى و الأكثر أناقة.
إبتعدت عنه و هي تمسح دموعا لم تسقط، بينما تسأله زمة شفتيها بطريقة جعلتها تشبه زينب الصغير في ما مضى
_حقا؟!
أجابها مؤكدا و هو يطبع قبلة على وجنتها
_بالتأكيد حبيبتي. ثم ما بك أنت و جاسر على صغيري المسكين؟! نسيم لم يفعل شيئا، حتى لو زاد وزنك يوما سيكون بسبب كميات الحلويات التي تستهلكينها حبيبتي.
دافعت عن نفسها قائلة
_لا تكن ظالما تعرف أنني أحب إبني، ثم أنا لا أتناول الكثير من الحلويات القليل فقط و أمارس الرياضة يوميا من فوق ناهيك عن ذهابي كل أسبوع لصالة الرياضية!
قبل أن تجيبه توقفت الموسيقى فجأة، فتوجهت النظرات مباشرة إلى ذلك الذي وقف في المنصة يأخذ مكبر الصوت من الفرقة الموسيقية، تسأل فارس مستعجبا.
_ماذا يا تراه يفعل نديم؟!
بينما ظهر الحماس على وجه زوجته و هي تصمته قائلة
_دعنا نسمع يا إلهي أنا متأكد أن حدثا رومانسيا رائعا سيحدث الأن.
قالتها و هي تنظر إلى الواقفة في الظلام بفستانها الأخضر يملأ القلق محياها. و لم يخيبها نديم و هو يقول
_مرحبا بكم. أولا أعتذر من أصحاب الحفلة لإقحام نفسي عليهم بهذه الطريقة، لكني أحببت أن يكون الفرح، فرحتين، فاليوم وافقت حبيبتي على طلبي لها للزواج.
تعالت التصفيقات و التهليلات، ليتجه هو إلى حببيته المختبئة في الظلام يسحبها معه و الخجل على وشك قتلها ليتمم بإبتسامة و هو يضع يده على كتفيها
_سنستأذن من الصغيرة نورسين لنشاركها حفلتها، فأعقد قراني اليوم على خالتها.
كلمة الصدمة لم تكن كافية للتعبير عن شكل حنين التي نظرت له بعدم تصديق، أكانت قبل قليل في موافقة على زواج ظنته بعيدا لتصبح الأن في عقد قران!
إنحنى إليها ليقبل وجنتيها و هو يهمس بجانب أذنها
_تحكمي قليلا حبيبتي في ملامح وجهك الكل ينظر إلينا.
رفعت عينيها المصدومتين إليه و هي تسأله
_أتدري ما قلت يا نديم أي عقد قران يحدث بهذه السرعة!
إتسعت إبتسامته و هو يقول
_أجل حبيبتي سيكون عقد قران و زواج رسميا أيضا،،خير البر عاجله.
حركت رأسها بنفي و هي تقول
_لكنك لم تطلب يدي للزواج إلا البارحة و لم أوافق إلا الأن! ما هذا الجنون!
إبتسم لها قائلا
_تسمعين بالمثل القائل "إضرب الحديد ما دام ساخنا"؟ لن أتركك لتخبط نفسك حبيبتي، أريدك أن تكوني قربي و في بيتي لأعرف كيف أقتل فيك كل مخاوفك و أخرجك من الغار الذي دفنت فيه نفسك.
فتحت فمها بصدمة و هي تسأله بتلعثم
_بيتك؟!
ضحك و هو يضمها إليه قائلا
_و ماذا كنت تظنين؟ عموما المأذون ينتظرنا منذ بداية الحفل لا تتركيه ينتظر أكثر.
رفعت عينيها لزوجها المبتسم و هو ينظر إلى نجمي الحفلة الأجمل، كانت سعيدة جدا لأن صديقتها أخيرا وجدت شريك حياتها المناسب، منذ أول مرة رأت فيها نديم بعد الحادث تمنته في نفسها لحنين و هي تدرك أنهما الإثنين عانيا من نفس الألم، لم تكن تتوقع أن أمنيتها ستحقق و أن القدر سيلعب دوره ليألف بين قلوبهما، تستطيع الأن أن تستشعر حب نديم لأختها الغالية، و تتمنى أن تحبه بنفس الطريقة في المقابل، و تتجاوز جرحها الذي يقتلها يوما بعد يوم. سألته و هي تضع يدها على كتفه
_كنت تعرف صحيح؟! حتى البارحة لم تكن مستعجبا حقا لا من الطلب و لا الموافقة.
أحنى رأسه إليها و إبتسامة جميلة تزين ثغره ليقول
_بالتأكيد كنت أعرف نديم ما كان ليخفي علي أمرا كهذا حتى أنني من تحدث مع المأذون الذي عقد قرننا في المشفى ليفعل معهما المثل.
ضحكت و هي تقول
_مقدور المأذون المسكين في حالات الزواج الغريبة، لما لم تقولها لي.
رفع كفها ليطبع قبلة على ظهره و هو يقول
_نديم إءتمنني على سره و ما كنت لأفضحه. دعينا نذهب الأن لنبارك لهم، ثم إنني يجب أن أكون شاهدا على زواجهما.
إبتسمت و هي تقول
_إنتظر حتى تعتق أمي حصارها، أنظر كيف تعانقها هي أسعد منا جميعا، أعلم أنها أحبت نديم كثيرا لتشابهه مع زياد.
إبتسم و هو يرى نرمين تضم إليها نديم هذه المرة، هو سعيد جدا بأن صديقه وجد أخيرا أسرة ينتمي إليها، فنديم قد عانى اليتم و الإضطهاد منذ صغره و قد كان يتمنى له السعادة من كل قلبه.
بعد منتصف الليل.....
وسط الظلام دخلا إلى غرفتهما الكبيرة، و السعادة كانت رفيقتهما هذه المرة و هما يتحدثان عن حفل عيد الميلاد الذي إنقلب زواجا فجأة، و ملامح حنين المصدومة التي لا تعرف كيف فجأة أصبحت ترتدي فستان زفاف! و قادها زوجها معها في رحلة شهر عسل مفاجئة،مرت الأمور بسرعة أكثر مما يتقبلها العقل، فدائما تأتي السعادة على عجل عكس الحزن الذي يمر متمهلا جدا يأخذ كل وقته على راحته.
إلتفتت إليه ما إن دخلت الغرفة لتضيء نور الأباجورة الصغير و هي تقول
_لا أزال غير مستوعبة لما حدث! لم أفهم كيف مر كل شيء بهذه السرعة الجنونية دوما رأيت نديم صبورا متمهلا! هذا زفاف وجب إدراجه في موسوعة جينيس للأرقام القياسية!
ضحك و هو يقول
_بل نديم صبر كثيرا، منذ أكثر من عام و هو يتمهل للإقتراب من صديقتك العنيدة.
إبتسمت و هي تقول
_أنا سعيدة جدا من أجلها هي و نديم، رغم حبي الكبير لأخي و حزني عليها إلا انني لم أحب يوما ما كانت تفعله في نفسها.
قبل جبينها و هو يقول
_الحمدلله على كل حال حبيبتي أقدار الله فيها خير دائما.
إبتسمت له بحب و هي تحمد الله من كل قلبها، قبل أن تستدير داخل الغرفة، لكنها عقدت حاجبيها و هي تشاهد حقائب السفر الكبير المحطوطة على الفراش. سألته متسعجبة
_ما هذا؟!
قبل وجنتها و هو يقول
_حقائب سفر حبيبتي، أتينا لأخدها فقط ثم نذهب في رحلة عسلنا الطويلة.
سألته مبتسمة بعجب
_الأن؟!
طبع قبلة أخرى على وجنتها و هو يقول
_أجل حبيبتي الأن. لكنني قبلا أنتظر هديتي.
سألته بلهفة
_أين سنذهب؟
حرك رأسه قائلا
_الهدية أولا.
ضحكت و هي تتوجه إلى الرف السري، الموجود بمكتبه الصغير قرب النافدة و أخرجت لعجبه كتابا.
عقد حاجبيه متسائلا
_كتاب؟!
حركت رأسها بموافقة و هي الكتاب قائلة
_أنظر.
ضم حاجبيه و هو يقرأ بإستغراب
_جمرة العشق؟!
هزت رأسها قائلة بإبتسامة
_هذه قصتنا كتبتها بكل الحب و الألم و الشوق الذي كان في قلبي أتمنى أن تعجبك.
ضمها إليه بقوة و رغما عنه هربت دمعة يتيمة من عينيه، أبعدها عنه و هو يسألها بدفئ
_أأخبرتك يوما أنني أحبك؟
ضحكت و هي تحرك رأسها بنفي قائلة
_أبدا
إنحنى يقبل ثغرها و هو يقول
_إذن إعلمي أنني أحبك جدا زمردتي بل أعشقك.
إبتعدت عنه و هي تحيط وجهه بيديها متسائلة
_إذن أين سنذهب.
شهقة بتفاجؤ و هي تحمل بين ذراعيه ليخرج بها من الغرفة قائلا
_إلى المزعة منذ المرة التي إختفيت فيها و أنا أحلم بزيارتها معك.
قالها هامسا و هو يقبل جانب أذنها لينزل بها على الدرج بينما هي متشبب به تهمس بعشق
_أحبك...أحبك كثيرا جاسر.
همس لها بدفئ
_و أنا أعشقك مدللتي.


انتهى الفصل الواحد والعشرون والأخير
قراءة ممتعة لكم حبيباتي
انتهت الرحلة وكانت أروع رحلة برفقتكم
تحياتي وقبلاتي لكم جميعا




نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 08:41 PM   #289

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 19 ( الأعضاء 4 والزوار 15)
‏نورهان الشاعر ، نبيلة ، إلينا. نورة نورة .


نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-03-22, 11:39 PM   #290

Nesrine Nina

مشرفة البشرة والشعر,حارس الكافية،ابنة بارة بأمها،شاعرةمتألقةوراوي القلوب ونجم أسماءأعضاءروايتي وحاملةنجمتين بكلاكيت ثاني مرةوأميرةرسالة من القلب وخباياجنون المطر، كنز سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية Nesrine Nina

? العضوٌ??? » 412579
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,921
?  نُقآطِيْ » Nesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond reputeNesrine Nina has a reputation beyond repute
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 8 ( الأعضاء 3 والزوار 5)
‏Nesrine Nina*, ‏Stella1, ‏حمراء الشعر


Nesrine Nina غير متواجد حالياً  
التوقيع
كم تمنيت مرور الأيام ونسيت أنها عمري
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:17 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.