عازفةُ الرعدِ (1) .. سلسلة لقلبكِ أتوهجُ * مكتملة *

[رنا الليثي]

جلسَتْ على حافةِ الفراشِ تلبسها أسيل حذائها الوحيد فى قدمها السليمةِ مثرثرةً بأوامرَ رعد فى بقاءها بمنزلِ خالتهما ،وأوامرَ حازم الصارمةِ بعدم تحركهما مِن المشفى دون أن يأتى دون أن تنتبه لشرودِ آسيا الزائد عن الحدِّ..
وكيف ستنتبه ،وهى لا تعلم ما قد مرَّتْ به؟ إلى الآن تتعجبُ مِن خروجها محافظةً على نفسها بعد تلك الحرب الشرسة مع هذا القذرِ..تتعجبُ مِن قدرتها على التحدثُ ،والتعاملُ بكلِ أريحية ،وكأن شىءًا لم يكنْ..
"آسيا! أين أنتِ؟"
انتبهَتْ آسيا لأسيل التى تناظرها بأعينٍ متوجسةٍ ،فقالَتْ:
"ماذا؟..أنا هنا..فقط شردتُ قليلًا.."
أومأت لها أسيل ،وهى فى حيرةٍ مِن أمرها أ تسألها عن سببِ شرودها أم تتركها؟
"أ لن نذهبَ للبيتِ؟"
ردَّتْ أسيل بإبتسامةٍ مشفقةٍ:
"لو كنتِ تستمعين لكلامى لكنتِ علمتِ بأن حازم هو مَن سيأتى لأخذنا.."
ارتجفَتْ آسيا بشكلٍ ملحوظٍ ،فقطبَتْ أسيل قائلةً:
"ماذا بكِ؟"
ابتسمَتْ لها آسيا قائلةً:
"فقط أشعرُ بالبردِ قليلًا.."
أومأت لها أسيل مصدقةً:
"نعم ،فالخريف قد بدأ منذ زمنٍ ،وأنا لم أُخرِج الملابس الثقيلة بعد.."
انتبهَتْ كلًّا منهما إلى صوتِ طرقاتٍ على باب الغرفةِ تبعه دخول حازم فى هيئةٍ بسيطةٍ عكس هيئته المنمقة كالعادةِ..
"صباح الخير! كيف حالكما اليوم؟"
قالها حازم ،وهو يقتربُ ناظرًا لآسيا التى أخفضَتْ نظرها أرضًا بينما ردَّتْ أسيل مبتسمةً بإرهاقٍ:
"بخيرٍ ،والحمد لله..هل أنهيتْ إجراءات الخروج؟"
أومأ لها ،وأعطاها هويتها الشخصية قائلًا:
"نعم ،وها هى بطاقتكِ..لقد قابلتُ الطبيبَ أيضًا ،وأخبرنى بأنها لن تسيرَ على ر.."
قاطعته آسيا بجمودٍ:
"أعلمُ ،ولذلك سأستخدمُ عكازين إلى أن أُشفى تمامًا.."
ردَّ ببساطةٍ استفزتها:
"هذا صحيح لكنكِ الآن لا تملكينهما ،ولذلك أنا أتيت..هيا أسيل ،فماما تنتظركما!"
ردَّتْ أسيل ،وهى تحملُ حقيبة الملابس ،والأدوات الخفيفة قائلةً:
"لقد حدثتها صباحًا ،وطمأنتها كما فعلَتْ آسيا.."
أومأ لها ،وأعطاها مفتاح سيارته قائلًا:
"ستجدينها أمام باب المشفى مباشرةً..افتحى بابها الخلفى فقط!"
أومأتْ ،وسبقتهما خارجةً مِن الغرفةِ بينما رفعَتْ آسيا أنظارها لحازم أخيرًا دون أن تنظرَ فى وجهه قائلةً:
"أين الكرسى المتحرك؟"
ردَّ ،وهو يقتربُ منها إلى أن وقفَ أمامها قائلًا:
"وما الحاجةُ له؟ السيارة أمام باب المشفى مباشرةً ليس علينا سوى الخروج..هيا آسيا!"
سألته بتوجسٍ:
"هيا ماذا؟"
لم ينتظرْ حتى يشرحَ لها ،فرفعها بخفةٍ ،وكأنه يحملُ وسادةً دون أى عناءٍ مما جعلها تطلقُ شهقةً قصيرةً سرعان ما كتمتها..تشعرُ بالضيقِ إلى حدٍّ يبلغُ بإثارة مشاعر هوجاء بضربه..إنها ليسَتْ بطفلة لتُحمَل هكذا كما أنه لم يأخذْ برأيها قبل أن يفعلها..مَن يظنُّ نفسه؟ شعرَ بتشنجِ جسدها الرفيع بين يديه ،فقالَ لها ،وهو يسيرُ بها خارجًا مِن الغرفةِ:
"اهدأى! أنا لن آكلكِ.."
زفرَتْ بحنقٍ ،وهى تتململُ بين ذراعيه إلى أن وصلا لسيارته..بالرغمِ مِن بساطةِ ملبسه إلا أنه لم يتركْ تلك البساطة تخدعها..تكادُ تقسمُ بأنه أفرغَ زجاجة عطره كاملةً فوق ملابسه هذا الصباحِ..عطره المتكلف مثله يخنقها..أجلسها فى الأريكةِ الخلفيةِ مِن السيارةِ كما فعلَ البارحةِ مما جعلَ أصابعها تقبضُ فوق قميصه لا إراديًا..كانَتْ تظنُّ بأنه لا يشعر بها لكنها غبية لقد كانَ شاعرًا بكل شىء تفعله..حتى إضطراب أنفاسها شعرَ به..التفتَ ،وجلسَ بجانبِ أسيل ؛لينطلقَ بهم إلى البيتِ..
وقفَ فى طريقه إلى البيتِ بفعلِ الزحامِ عدة مرات إلى أن شعرَ بالمللِ ،فقالَ:
"ما رأيكما بأن نقفَ قليلاً ؛لنأكلَ؟"
ردَّتْ آسيا بسرعةٍ:
"ليس لدى أى شهية.."
تداركَتْ أسيل الموقف قائلةً:
"أرى أن ننتظرَ يا حازم حتى نتناول الفطور كلنا معاً.."
أومأ لها ،وأكملَ الطريق بصمتٍ بينما أخذَتْ آسيا تراقبُ تقلبُ الأجواء فى الخارجِ ،وتغيّر لون السماء مِن الأزرق الصافى إلى آخر رمادى شاحبٍ يعجُّ بالشجونِ فى شرودٍ غافلةً عن عينيه المراقبتين لها فى مرآة سيارته..شرودها منذ صغرها يثيرُ بداخله شعورًا بالألمِ..منذ موتِ والديها ،وشرودها هو نقطة ضعفه..كلما شردَتْ تتألقُ بعينيها دموعًا خفيةً لا تسمحُ لها بالظهورِ..كلما شردَتْ تغادرُ الحياةُ وجهها كما تغادرها قوتها دون أن تنتبه فقط هو مَن يلاحظُ هذا كلِّ مرةٍ...وصلوا إلى المنزلِ ،فترجلَتْ أسيل مسرعةً ؛لتساعدَ آسيا لكن منعها حازم قائلًا:
"اهتمى أنتِ بالحقائبِ ،وأنا سأحملها للداخلِ.."
أومأتْ له أسيل ،وانتبهَتْ إلى سيارةٍ بيضاءٍ مرصوفةٍ بجانبِ بيت خالتها ،فالتفتَتْ لحازم الذى قد أخرجَ آسيا بالفعلِ ،وحملها قائلةً:
"أ ليست هذه سيارة رامز؟"
أجابها مقطبًا:
"نعم!..لماذا أتوا اليوم؟ على حدِّ علمى أنهم يأتون يوم الجمعة.."
ردَّتْ آسيا بضيقِ حنقٍ:
"هلّا أدخلتنى ،وأكملت أسألتك بالداخلِ؟..الكل ينظرُ لى الآن.."
دخلَ مع آسيا التى توترَتْ إلى البنايةِ ،وصعدَ الدرجَ بسهولةٍ بينما ذهبَتْ أسيل ،وطرقَتْ الباب عدة مراتٍ إلى أن فتحَتْ لها جميلة ،وأدخلتها مسرعةً حتى يدخلَ حازم حاملًا آسيا..
إزدادَ إنكماش آسيا حين قامَ رامز مِن على الأريكة هو ،وأمه ؛ليضعها حازم فوقها مع صوتِ خالتها الملتاع خوفًا على صغيرتها إلى أن أجلسها حازم برفقٍ ،وهدوءٍ ،وجلسَ على ذراع الأريكةِ..أتَتْ لها خالتها تبسملُ ،وتحوقلُ إلى أن وقفَتْ أمامها تقبّلُ رأسها ،وتسألها عن حالها ،فردَّتْ آسيا ردودٍ مقتضبةٍ بأنها بخيرٍ..
"ما الذى حدثَ يا آسيا؟"
قالتها غادة فى خبثٍ ،فأجابها حازم بإقتضابٍ:
"مجرد حادث.."
ردَّتْ غادة بحقدٍ:
"ألف سلامة يا حبيبتى!"
أومأتْ لها آسيا ،وردَّتْ بخفوتٍ:
"سلّمكِ الله مِن كلِّ مكروهٍ!"
تحدثَتْ فاطمة موجهةً حديثها لآسيا قائلةً:
"رعد قد نقلَ ما يحتاجه إلى الشقةِ فوق ،وجميلة تكفلَتْ بنقلِ ما ستحتاجوه إلى هنا حبيبتى..لا أريدكِ أن تجهدى نفسكِ كثيرًا.."
أكملَ حازم قائلًا:
"كما أن العكازين سيكونان معكِ اليوم لقد اتصلتُ بشركةٍ أعرفها ،وأعطيتهم العنوان على هنا...ستجدينهم هنا بعد قليلٍ لا تقلقى!"
أصدرَتْ غادة صوتًا بشفتيها ينمُّ على الحسرةِ ،وقالَتْ:
"إن كنتُ أعلمُ بأن الحوادثَ تفعلُ كل هذا لكنتُ قذفتُ بنفسى أمام أول سيارةٍ تمرُّ مِن أمامى.."
كزَّتْ آسيا على أسنانها بينما لم تستطعْ فاطمة الصمود أكثر مِن ذلك أمام تلك العقربة المستفزة ،فردَّتْ قائلةً:
"إذهبى ،وجربى يا غادة ،فربما تهدأى قليلًا!"
كتمَتْ أسيل ضحكتها بشقِ الأنفس بينما امتقعَ وجه غادة ،وشعرَ رامز بالإحراجِ..غيّرَتْ جميلة مِن الحوارِ قائلةً:
"ما رأيكم بأن أحضرَ الفطور الآن إلى أن يأتى رعد ،ويشاركنا؟"
ردَّتْ غادة مردفةً:
"لا تتعبى نفسكِ! أنتِ عروسٌ تحتاجُ للراحةِ حتى تتألقين بعرسكِ حبيبتى..سأصعدُ أنا إلى سوسن لأجالسها قليلًا قبل أن أذهبَ.."
ردَّتْ فاطمة مِن بين أسنانها حين لاحظَتْ شحوب وجه جميلتها:
"بالسلامةِ.."
ابتسمَ رامز دون قصدٍ مِن تعبيرات وجه فاطمة الطفولية ،فلكزته أمه بحقدٍ ،وقامَتْ قائلةً:
"حسنًا! أراكم على خيرٍ ،وأبلغوا رعد سلامى.."
أومأتْ لها جميلة ،وذهبَ حازم لإيصالها للبابِ ،وما إن خرجَتْ حتى هدرَتْ آسيا بغضبٍ:
"لماذا تتعاملُ معى بتلك الطريقة؟ ما الذى فعلته لها؟"
لقد فاضَ كيلها..تلك المرأة تكرهها منذ صغرها ،ولا تعلم ما السبب ،وهى الآن ليسَتْ بحاجة إلى أى شىء يضغطُ على أعصابها أكثر..ردَّتْ فاطمة قائلةً:
"الغيرةُ تفعلُ أكثر مِن هذا."
هدرَتْ حينها أسيل غاضبةً:
"غيرة مِن ماذا؟ ولماذا تغِير إمرأةٌ عجوزٌ شمطاءٌ مثلها مِن آسيا؟ ما الذى تملكه آسيا ،ولا تملكه تلك المتصابيةُ؟"
ضحكَتْ فاطمة ،وابتسمَ حازم مراقبًا نارية أسيل المحببة إلى أن ردَّتْ فاطمة:
"إنها لا تغِير مِن آسيا يا حبيبتى ،بل مِن أسماء رحمها الله..لقد كان سعد ،ومصطفى إخوة بالمعنى الحرفى..سعد كان كثيرًا ما يذهبُ لمصطفى ببيته ،ويجالس والده رحمه الله ،وغادة كانَتْ تحبه ؛لذلك حين تزوجَ سعد بأسماء كادَتْ غادة أن تفقدَ عقلها ،و جاءتْ آسيا ،لتكمل ما بدأته أسماء ،فبعد أن أتَتْ آسيا فقدَ سعد عقله بتلك الصغيرةِ السمراءِ التى كانَتْ تشبهه منذ صغرها..هل فهمتم الآن سبب جفاءها؟"
أومأتْ أسيل قائلةً:
"نعم! لقد فهمتُ بأنها عقربة منذ صغرها ،ولا تحبُّ آسيا فقط ،بل لا تحبُّ أمنا أيضًا.."
ضحكَتْ فاطمة ،وقالَتْ جميلة مبتسمةً:
"فلتتركوا تلك السيرة الآن ،وهيا لتغيرا ملابسكما!"
أومأتْ أسيل ،وقامَتْ تساعدُ آسيا التى أخذَتْ تقفزُ فوق ساقٍ واحدةٍ متحاشيةً السير فوق الأخرى بمساعدةِ أسيل ،وجميلة إلى أن دلفَتْ إلى غرفةِ رعد -سابقًا- بينما اتجه حازم إلى المقعدِ المجاورِ لفاطمة هامسًا:
"أريدكِ بأمرٍ هامٍ."


******

[رنا الليثي]

نظرَ فى ساعته مرة أخرى متأففًا ،فأخرجَ هاتفه مجددًا يهاتفها علّها تردُّ لكن أجابه المجيبُ الآلى بأن الهاتفَ خارجُ نطاقِ الخدمةِ مما جعله يتوترُ ،وحسمَ أمره بأن يصعدَ للشركةِ ،ويبحثُ عنها..
بالفعلِ لم يأخذْ كثيرًا ،وكانَ يمشى فى الممرِ المؤدى إلى مكتبها..قبضَ على باقةِ زهور البنفسجِ فى يده دون أن يشعرَ ،فشىءٌ ما يخبره بأن يعودَ أدراجه لكنه لم يستمعْ إلى هذا الصوتِ المُحذِرِ ،وأكملَ طريقه..
طرقَ بضعةِ طرقات على بابِ المكتب ،ودلفَ إليه لكنه لم يجدها به ،بل وجدَ حاجيتها بالداخلِ..وقفَ أمام طاولةِ الرسمِ الخاصةِ بها ،وتركَ باقة الزهور على مقعدها تاركًا بجانبها ورقة وقفَ ؛ليكتبها لها ،وخرجَ دون أن يبحثَ عنها معتقدًا بأن تلك المفاجأةَ ستعجبها..


******

[رنا الليثي]

"هكذا نكونُ قد انتهينا مِن هذا المشروعِ..تبقى لنا فقط إرفاقُ بقية أوراقه به.."
التفتَتْ له ،فوجدته يحدقُ بها فى صمتٍ أقلقها مما جعلها تسأله:
"ماذا بكَ؟ لماذا تنظرُ لى هكذا؟"
ردَّ بهدوءٍ:
"لم أقتنعْ بحجةِ مرضكِ ،فأحاولُ سبر أغواركِ علِّى أجدُّ ما يسدُّ فضولى.."
ضحكَتْ ،وقامَتْ ترتبُ الأوراق بين يديها مردفةً:
"لن تستطيعَ ،فلا تجهدْ نفسكَ.."
قامَ معها قائلًا:
"ربما قد نسيتى أننى كنتُ فى يومٍ مِن الأيامِ أقربُ إليكِ مِن نفسكِ.."
رفعَتْ عيناها له ،وابتسمَتْ قائلةً:
"لم أنسَ يومًا..ربما أنتَ مَن نسيتَ بأننا لم نعدْ كسابقِ عهدنا.."
خرجَ مِن خلف مكتبه ؛ليقفَ أمامها مردفًا:
"ولماذا لا تقولين بأننا قد ابتعدنا لكن ذلك البعد لم يؤثرْ علينا؟ لماذا لا تقولين بأنه لا يزالُ هناك ذلك الرابط الخفى الذى يربطنا سويًا؟"
هل هذا إختبار أم إنه قد شعرَ بها أخيرًا؟..أطرقَتْ صامتةً بينما اقتربَ هو مستطردًا:
"حين رأيتكِ أول مرة ظننتُ أننا لم نعدْ كسابقِ عهدنا كما قلتِ لكن مع الوقتِ وجدتُ أننى كنتُ أتخيلُ هُراءً فى محاولةٍ فاشلةٍ لإقناعِ نفسى بنسيانكِ ،والمضى قدمًا فى حياتى..الحقيقة هى يا سارة أننى لم أعدْ أستطيعُ التمثيلَ أكثر مِن ذلك..لم أعدْ أستطيعُ التظاهرَ بتجاهلكِ ،وإمتلاكَ حياةٍ دون وجودكِ بها.."
لم ترفعْ وجهها ،فإقتربَ مِنها ،ورفعَ وجهها له بنزقٍ مردفًا:
"انظرى لى سارة!"
رفعَتْ له وجهها أخيرًا لكن مكسو بلمعةِ دموعِ حسرتها ،وألمها مما جعله يسرعُ بمسحِ عبراتها قائلًا:
"ما بكِ سارة؟ لم أقصدْ أن أقولَ ما يحزنكِ..فقط أنـ.."
ردَّتْ بصوتٍ خافتٍ بين شهقاتِ بكائها:
"لقد جئتَ..متأخرًا.."
احتضنَ وجهها بكفيه يهمسُ لها:
"بل جئتُ فى أنسبِ وقتًا..أنتِ لم تنجبى بعد يا سارة كما أن حياتكِ معه ليسَتْ تلك الحياة التى ستكملين مِن أجلها أ ليس كذلك؟..انظرى لى سارة ،وأخبرينى أنكِ تحبينه ،وسأصدقكِ..فقط انطقى بها أمام عينى!"
ارتعشَتْ شفتاها فى حركةٍ لا إراديةٍ أشعلَتْ نيرانه التى حاولَ إخمادها مرارًا ،وتكرارًا لكنه يأسَ ،فضمها إليه فى عناقٍ شغوفٍ يبثها أشواقه فى قبلةٍ ضاريةٍ أذابَتْ عظامها بين ذراعيه..
مع كرم كانَتْ تراه -عصام- بين غياهبَ نشوتها لكن الآن لم تجدْ كرم..تحاولُ إيجادَ صورته فى مخيلتها بكلِّ قوةٍ حتى تفرَّ مِن بين براثنَ مشاعره لكنها لا تستطيعُ..
ابعدَ وجهه عن وجهها قليلًا يلهثُ أمام شفتيها بينما فرَّتْ دموعها مجددًا دون إرادةٍ مِنها ،فضربته بصدره تبعده عنها ،وحين حاولَ أن يعترضَ طريقها صفعته بيسارها ،وخرجَتْ مسرعةً أمام عينيه المندهشتين..


******

[رنا الليثي]

"اخرجى يا ريحان! هل سأنتظركِ طوال اليوم؟"
أغمضَتْ عينيها تتنفسُ ببطىءٍ ممنيةً نفسها بأن النَفَسَ القادمَ هو الأخير لكنها تتفاجئُ بآخرٍ يدلفُ إلى رئتيها..ألقَتْ نظرةً أخيرةً إلى صورتها فى المرآةِ أمامها ،وقلبها يعتصره قبضةٌ مِن الجليدِ..ها هى تجردَتْ مِن حجابها الليلة بعد أمر سما لها ،وارتدَتْ فستانًا فاضحًا مِن أجلِ ذاك العرضِ الرخيصِ الذى ستقومُ به بعد قليلٍ..تلك الزينةُ على وجهها تريدُ لو تتركُ لها تشوهات مكانها ،فلا يطلبها أحدهم..تحاولُ بشتى الطرقِ إقناعِ نفسها بأن ما تفعله ستفعله فى الحلالِ لكن هناك أصوات ضحكاتٍ ساخرةٍ تخبرها بألا تجملَ حقيقةَ أنها قد أصبحَتْ عـاهرةً مأجورةً..
"ريحااااااااان!"
أتاها نداءُ سما الصارخُ ،فصرخَتْ مِن داخلِ غرفةِ القياسِ:
"آتية يا سما! انتظرى!"
أعادَتْ النظرَ لنفسها مجددًا ،ورفعَتْ يديها تحتضنُ بهما جسدها الهزيل فى عناقٍ أخيرٍ قبل أن تخرجَ مِن الغرفةِ بثباتٍ لا تعلمُ مصدره إلى سما..
خطَّتْ على كعبى حذائها بهدوءٍ ،ووقفَتْ أمام سما مبهورةَ الأنفاسِ بخيلاءٍ جعلَتْ الثانيةَ تصفرُ لها ،وهى تفحصُ جسدها الجذاب مرة أخرى بنظراتٍ معجبةٍ أسرَّتْ القشعريرةَ فى جسدِ ريحان..
"أين كنتِ تخبئين كلَّ هذا الجمالِ؟ لم أكنْ أعلم أننى كنتُ أعمل مع ملكة.."
أطلقَتْ بعدها ضحكتها المعتادة ،واقتربَتْ مِن ريحان تعدلُ مِن وضعية حمالات فستانها الأسودِ المنسدلِ على جسدها مُبرِزًا إنحناءاته فى جاذبيةٍ فجّةٍ مع برونزيتها اللامعةِ ،وشعرها المموجِ على ظهرها..
"هل..هل سيكونُ زواجًا شرعيًا؟"
أومأتْ سما منشغلةً بما تفعله ،وقالَتْ:
"بالطبعِ حبيبتى!..زواجٌ طبيعىٌ للغايةِ فقط ينقصه الزفاف..لا تقلقى ريحان! أنتِ الوحيدةُ التى أحسنَتْ معاملتى حين عملنا سويًا ؛لذلك لم ألقيكِ لأى شخصٍ..أنا أعطيكِ لمَنْ يستحقكِ..فلا تخافى!"
أومأتْ ريحان بشرودٍ ،فإقتربَتْ مِنها سما تسألها فى قلقٍ:
"ريحان! هل أنتِ عذراءٌ أم..."
هدرَتْ بها ريحان بعنفٍ:
"توقفى سما عن هذا السؤالِ! لقد أخبرتكِ مرارًا أننى.."
اقتربَتْ مِنها ،وربتَتْ على كتفها تهدئها مردفةً:
"حسنًا! حسنًا! إهدأى!..أنا أعلمُ أنكِ صادقةٌ فقط..أنا.."
أطلقَتْ ريحان ضحكةً ساخرةً ،وقالَتْ:
"يحقُّ لكِ التأكد مِن البضاعةِ..لا عليك!"
أنهَتْ جملتها ،ووجدَتْ صوتَ جرسِ البابِ يعلنُ عن قدوم أحدهم ،فأشرقَتْ إبتسامةٌ مشجعةٌ على وجه سما أمام ناظرى ريحان جامدةِ الملامحَ ،وقالَتْ:
"ها قد أتى..استعدى ريحان لأسعدِ أيام حياتكِ!"
قالتها ،وخرجَتْ تاركةً ريحان تتمتمُ لنفسها:
"تشجعى ريحان! هذا كله مِن أجل عمرو.."


******

[رنا الليثي]

ها قد أنهينا فصلنا اليوم حبيباتى! قراءة ممتعة أتمنى أن تشاركونى بآرائكن ،وتكهناتكن للقادمِ بإذن الله

[لبنى البلسان]

فصل جميل جدا
بانتظار ماسيحدث مع ريحان هل ستكمل
ماستفعله وحازم هل الامر الذي سيخبر به امه
هو خطبة اسيا
يعطيك الف عافية
دمتي بود

[bobosty2005]

ليه كده يا رنا ايه الفصل إللى يرفع الضغط ده 😳

بجد مصدومه😌 ببداية الرواية كانت الأمور أقل تعقيدا من ذلك والحياة وردى ولكن الآن كشرت الحياه عن انيابها وهناك من استسلم لها

ريحان😱 لماذا انجرفتى بهذا الطريق و ضعفتى لم يعجبنى تصرفها فلقد مرت بالكثير ولم تتنازل فلماذا الآن هل عمرو سيكون سعيد وفخور من تصرفك هو يعنى كان ناقص كسره اتمنى ان لا تقع بالفخ وتحاول الفرار
افتكرت تهورها😓 عندما واجهت رامز بحبها و رفضه ولكن هذا أسوء

خطوبة جميله و حسام إللى حزنت من أجله أول مرة اتعاطف معه 💔و رغم رفض جميله فالجميع مصمم كأنها عافيه نعم حسام يحبها ولكن يجب ان يكون حب متبادل

ساره وعصام 😡لم يحترموا كونها إمرأة متزوجه لا يستحق كرم الخيانه والله قرفت منهم لا أحبهم👎

آسيا و حازم هناك ما سيحدث بينهما فى زى ما بيقولوا كيميا بينهم💘 ولكنهم ينكروها و عرفنا لماذا والدة رامز مش بلعاها😛

لا جديد فى علاقه رعد و رهف لازم شئ يحركها جات عليهم 💣
هى لم تجد أهل أمها فماذا تنتظر ومتى سيظهر اصف 😎

احسنتى بهذا التحول بالرواية 👏 بالتوفيق بالقادم عزيزتى🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

[رنا الليثي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لبنى البلسان

فصل جميل جدا
بانتظار ماسيحدث مع ريحان هل ستكمل
ماستفعله وحازم هل الامر الذي سيخبر به امه
هو خطبة اسيا
يعطيك الف عافية
دمتي بود

مساء الورد لبنتي الرقيقة❤️ أحمدُ الله أن الفصل قد نال إعجابكِ..لا أعلم بما أجيبك تحديدًا سوى الصبر لما سيحدث بإذن الله 😂😂 وهذا ليس وعيدًا بل وعدًا بأن القادم يحتاجُ إلى الصبرررر❤️❤️😂😂😂
محبتى جميلتي❤️

[رنا الليثي]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bobosty2005

ليه كده يا رنا ايه الفصل إللى يرفع الضغط ده 😳

بجد مصدومه😌 ببداية الرواية كانت الأمور أقل تعقيدا من ذلك والحياة وردى ولكن الآن كشرت الحياه عن انيابها وهناك من استسلم لها

ريحان😱 لماذا انجرفتى بهذا الطريق و ضعفتى لم يعجبنى تصرفها فلقد مرت بالكثير ولم تتنازل فلماذا الآن هل عمرو سيكون سعيد وفخور من تصرفك هو يعنى كان ناقص كسره اتمنى ان لا تقع بالفخ وتحاول الفرار
افتكرت تهورها😓 عندما واجهت رامز بحبها و رفضه ولكن هذا أسوء

خطوبة جميله و حسام إللى حزنت من أجله أول مرة اتعاطف معه 💔و رغم رفض جميله فالجميع مصمم كأنها عافيه نعم حسام يحبها ولكن يجب ان يكون حب متبادل

ساره وعصام 😡لم يحترموا كونها إمرأة متزوجه لا يستحق كرم الخيانه والله قرفت منهم لا أحبهم👎

آسيا و حازم هناك ما سيحدث بينهما فى زى ما بيقولوا كيميا بينهم💘 ولكنهم ينكروها و عرفنا لماذا والدة رامز مش بلعاها😛

لا جديد فى علاقه رعد و رهف لازم شئ يحركها جات عليهم 💣
هى لم تجد أهل أمها فماذا تنتظر ومتى سيظهر اصف 😎

احسنتى بهذا التحول بالرواية 👏 بالتوفيق بالقادم عزيزتى🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹🌹

بوبوستى القمر❤️🌝 لن أنكر بأننى قد فرحتُ بتعليقكِ وبأنني قد استطعت إيصال القليل من المشاعر لكِ عبر الشاشة لكننى أعتذر حقًا على (علو ضغطك) حبيبتي❤️😂 اممممم حسنًا أتفق معكِ فى كرهي لسارة وعصام لكننى أنتظر مثلي مثلكِ ما سأخرجه لكن من حاويتي في القادم علّه يرضيكن..بالفعل كانت الحياة وردية وهذا هو حال حياة أى شخصٍ قبل أن نتعمق فى حياته فلننتظر معا ونرى ما سيحدث بعد ذلك..لقد أسعدتني كلماتكِ الصادقة حبيبة قلبي و أنرتِ الرواية بتعليقكِ العفوي كالعادة..
محبتي جميلتي❤️❤️

[shezo]

مرحبا.صباح الخير جميلتي رنا

☆الوحدة خير من جليس السوء☆
ريحان من كل فقدها وألمه تحزن لفراق بئس الأب فهو آخر من كان يؤنس وحدتها بعد غياب الام والشقيق الإبن

بعد فترة عندما تهدأ ولا تفاجئينا حبيبتي بمزيد من الالم لها ستحمد الله أن أراحها منه..

من ترفض جثته ان تتحرك لقبرها نذير بسوء فعاله فحتي الارض تكره ضمه بين جنبات ترابها

☆مقلب القلوب☆
رعد ورهف أنشودة مكتملة لا يدركان الإثنان معانيها
وبتلك الأنشودة أبيات نشاذ كما نسميها تشوه الصورة

التوائم بينهما والذى يجمعهما دون ميعاد
البوح بما في النفس والقلب دون تفكير بشكل تلقائي

ولكن إخفاء بعض أبيات تلك الانشودة سيجعلها يوما أبيات مكسورة قد يصعب ترميم حروفها

☆ليس ملك يمين☆
لا أحب شخصية حسام منذ البداية
لكن كلامه مع جميلة وحبه لها هو الشئ الوحيد ذو القيمة الراسخة بحياته
لا ادرى السبب حقا وهل هو حب منذ مولدها أم هو رغبة في امتلاكها لرفضها إياه

ربما تكون جميلة خطا فاصلا بحياة حسام ينقله من الفشل والضياع إلي النجاح وتحديد طريقا جديد يحظي فيه بنظرة إحترام له وليس لمال أبيه
لكن ما لايدركه حسام والجميع أن هذا صعبا وشاقاعلي جميلة

متي استطاع الإنسان أن ينتزع حبا استقر في سويداء القلب سنينا ليضع محله شخصا آخر حتي لو ملاك
أمر صعب كإنتزاع الروح فالقلب وما حواه هوسر من أسرار الله يضع محبة شخص وينزع الاخرى

☆الغفلة المختارة ..وبال☆
عندما تنهش الظنون عقل كرم ..عندما يشعر أن زوجته
ليست بكليتها معه وهي بين يديه
عندمايشعر أن حياتها غيرها دخول غريب عليه
ويظل ينكر بقوله إلا سارة ...فلينتظر نتيجة غفلته

ولكن يبدو أن مقولة حازمة حفزته ليسلك سبيلا يجعله يتأكد من ظنونه أو يدحضها

ليته لم يسلكه..وسيلته باقة ورد يتركها بمكتبها..يا ويلي
فالجميلةبالأخير قبعت بين أحضان عصام وتدعي ان الوقت فات

بينما واقع الامر أنها تخون كرم بعصام وهي معه
بينما تخلص في خيانتها مع عصام بإختفاء اى ملمح لكرم
ليس بعد..القادم أسوأ..لكن لسارة وليس الغافل كرم

☆أحملك عمرا بقلبي☆
شرودا يحمل كل ما تعاني منه إسيا يرتسم علي صفحة وجهها بدموع أبية تأبي النزول..ذلك الشرود الذى يستشعره حازم ويحز بنفسه

ولكن كم من الناس يستشعرون شرود المرء
ولكن لإسيا لدى حازم منزلة أخرى تجعله يدرك خبيئة نفسها وهي أيضا تراه بعين مختلفة عن الآخرين ولكنها تغلف تلك النظرة بقسوة متعمدة

وتظل النفوس الحاقدة كما هي..بوجود السيدة غادة تلك التي تسوء آسيا بكلماتها لحظوتها بإهتمام الجميع جراء إصابتها التي إدعوا انها بحادث

وليس السبب فقط غيرتها من حسناء والدة آسيا فالمرأة حقود وصعبة الطباع حتي مع إبنها رامز

☆الصعود للهاوية☆
لم أرتح لتلك السما لحظة واحدة
ولكن أعجب لريحان التي إحتملت هوان لايحتمله بشر
أحبت بكل جوارحها رامز
لم تزل قدماها في أسوا الظروف

عمرو من هذا الذى تبيع نفسها من أجله؟
هل هى غبية لم تدرك أن عمرو ساعتها لن ينظر بوجهها

بئست البيعة بعقد ظاهره زواج وباطنة مهنة قذرة
لا ينحدر إليها إلا الاغبياء ضعاف الإيمان

اى خطأ يمكن تداركه إلا هذا الجرم الذى ستقدم عليهx هو دنس لا تطهره مياه العالم كله

قفلة صادمة جدا حبيبتي رنا..ألم يكن من حق ريحان ان تحيا كالبشر فاخترتي لها هذا المصير
ألن يكتفي البائس من البؤس
فيتعداه إلي الإنحدار

سلمتي حبيبتي علي الفصل الجميل والذى كماقلت هو بداية لاشياء كثيرة تنقلنا لمنحي آخر
بأسلوب متمكن وحوار وسرد راقي

دمتي في آمان الله صغيرة المنتدى الجميلة