آخر 10 مشاركات
امرأة متهورة - شارلوت لامب - روايات غادة (الكاتـب : Just Faith - )           »          وداعا.. يليق بك || للكتابة : إيناس السيد (الكاتـب : enaasalsayed - )           »          87 - ومرت الغيوم -آن هامبسون -عبير جديدة (كتابة /كاملة)** (الكاتـب : Just Faith - )           »          131-القاضي والمخترعة - روايات ألحــــان (الكاتـب : Roqaya Sayeed Aqaisy - )           »          حنين الدم ... للدم *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : رؤى صباح مهدي - )           »          وآخرون يعشقون *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : انسام ليبيا - )           »          5 - الرجل السراب - جانيت ديلي - أحلام القديمة ( كتابة / كاملة ) (الكاتـب : gasmin - )           »          جنون الرغبة (15) للكاتبة: Sarah Morgan *كاملة+روابط* (الكاتـب : مستكاوى - )           »          ياسميـن الشتـاء-قلوب شرقية(26)-[حصرياً]-للكاتبة الرائعة::جود علي(مميزة)*كاملة* (الكاتـب : *جود علي* - )           »          اللوحة الغامضة (48) للكاتبة: كارول مورتيمور .. كاملة .. (الكاتـب : cutebabi - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree164Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-05-22, 09:17 PM   #191

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
Toto


الفصل التاسع عشر
***
تضع الأدوية في حقيبة بلاستيكية تناولها للمرأة أمامها، تخبرها بثمن العلاج لتنقدها الأخرى المال وتغادر.
تغلق المرأة الباب خلفها إلا أن أمينة إستوقفتها قائلة
-اتركيه من فضلكِ.
الهواء البارد الذي يشبه الرصاص في اختراق الجسد المعذب، ينعش أنفها، ويجمد عينيها وعقلها معا، وهي أكثر من يحتاج هذا التجمد اللحظي لتتوقف عن التفكير فيه.
لا تردها أية أخبار عنه منذ انسحبت من العمل عنده إلى الفراغ الذي ملأ حياتها لشهر كامل، حتى تنازلت للعمل في هذه الصيدلية المجاورة لمنزلهم، لا تطمح لجني المال، إنما هو الوقت الذي ينهشها ببطئه.
تتفقد الرسائل بهاتفها
-لقد عدت من العمل، انتظركِ على العشاء، لا تتأخري رجاءً.
رسالة إيمان اليومية، التي تتجاهلها وتتأخر حتى يحين وقت نومها فلا تراها حالما تعود من الصيدلية، أحيانا كثيرة تتحجج بشرائها مسكنات كي تمر عليها وتلقي التحية.
مع تنفيذ إيمان لقرارها برفض سالم، إزداد كرهها لنفسها، خاصة بعد كلمات عبد الرحمن لها بأنها أنانية لا تفكر سوى في مشاعرها فقط.
ومنذ وقتها لا تجلس كثيرا في المنزل، ولا تتقابل مع إيمان إلا قليلا.
تراها تكبر، وتنفق بسخاء، وتهاديهم بملابس كثيرة من تصميمها، امتلأت خزانتها بالدفاتر التي تحمل تصاميمها، وبالأزياء التي تحمل بصمتها.
تشعر بسعادتها في تحقيق ذاتها على هذا النحو السريع المغري، لكن هروبها منها ليس لذلك فقط، وإنما لتلك النظرة التي لا تفارها رغم تحسن أوضاعهم.
هي أكثر من يعلم تلك النظرة، تعلم موطنها، وعمقها، وتأثيرها، فهي مثلها تعاني حتى مع فراقه.
لقد كان لقائهم الأخير كارثي، ولا تعتقد بأنه يرغب في رؤيتها مجددا، وتأكيدا على ظنونها، هو لم يحاول اعتراض طريقها منذ شهور ولت.
يطرق الخطاب بابها وترفض، فهي لن تستطيع الزواج والإنجاب وقلبها لازال أسيرا له.
امرأة أخرى تحمل طفل يصرخ
-أرجوكِ هذا موعد حقنته، برفق إذا سمحتِ.
عبأت الدواء، وحقنته للطفل، لتمنحها أمه ابتسامة هادئة رغم صرخات ابنها الذي لم تتوقف، فتشكرها وتغادر.
كيف ستحتمل قرب رجل آخر غيره، كيف ستشعر بقبلة غير خاصته، قبلة شائكة لم تصل لشفتيها حركت كل المشاعر المدفونة منذ سنوات في استقامة وثبات، هتك عذرية أفكارها لتصبح ملكه وحده.
أنفاسه وكلمة "تزوجيني" بهذا التملك منه.
من غيره سيقولها بهذا التأثير المذيب لجوارحها.
كيف ستتحمل صرخات طفل ليس منه، وتتحمل تعبه وغضبه وصراخه إلا وكانت تنتظره ليساعدها في تدليله ومنحه الحب.
منذ غادرته وهي فقط تفكر في اللحظات الخاصة بينهم، فقط تزوجيني، أنا أريدكِ زوجة، كوني معي.
وعندما تصل إلى أنتِ أنانية سهوا، تنهار عينيها بدموع مؤنبة مشتاقة.
رسالة أخرى من إيمان تفصلها عن أحلامها
-لازلت مستيقظة يا أمينة أريدكِ في أمرٍ هام.
كانت رسالتها مع وصول الطبيب المسؤول عن الصيدلية، الذي يمنحها خصوصيتها كاملة لكن بنظرات متفحصة، متأملة، هادئة.
لا يلزمها بوقت للمغادرة رغم أن وقتها منذ أن يحضر هو، فتظل تعمل حتى تتأكد من نوم إيمان.
بدأت التساؤلات تعنفها عن سبب رسالتها، فتحمل حقيبتها مستأذنة قبل موعد مغادرتها الذي حفظه بساعة كاملة.
لحظات وكانت في المنزل تنتظرها إيمان وهي داخل منامتها الشتوية التي تشبه الأغطية في نعومتها.
تشير إليها ب
-أهلا.
فتضع أمينة حقيبتها وتجلس لترتاح من السلم القصير.
-خيرا يا إيمان.
أشارت بها بلهفة.
فنظرت إيمان أرضا، رغم أنها خططت جيدا للحديث معها، لكنها تخاف حقا من رد فعلها
-لقد أتى اليوم سالم إلى الدار وطلبني للزواج مجددا.
حالة إجتياح من المشاعر المتضاربة مجددا لا تقوَ على إيقافها فتلجم لسانها عن الرد لتكمل إيمان
-أنا موافقة يا أمينة، لقد نال مني سالم هذه المرة بتعقله وصبره وتفهمه لما أحتاج وتمسكه بي.
ولماذا لم يتمسك بها عبد الرحمن مثله!
لماذا لم يبحث عنها وكأنها ورقة في دفتره وطواها ولن يعود لقرائتها مجددا!
لماذا لم يتفهم غضبها عليه وهو يتهمها باخفاء سر ابنه عنه!
لماذا لم يأتِ إليها وهي في أمس الحاجة إليه، لماذا!
-سالم منحني الأمل، مسح فكرتي الأولى عن الحياة، جعلني أخطو نحو عالم جديد بأجواءه وتفاصيله، فتح لي أبواب الأحلام على مصراعيها.
ولماذا أُغلقت في وجهها هي!
لماذا لم يتفهم غيرتها، بل وخوفها عليه وفدائها بنفسها من أجل لم أسرته من جديد لأجل طفله.
-سالم شاب طموح، ذكي، وسيم.
هي تتحدث عن عبد الرحمن أكيد، هذه هي صفاته.
-أي امرأة تحلم بقربه، وهو يريدني أنا يا أمينة.
هي أيضا تحلم بقربه، تود لو جبال الجليد بينهم تذوب ليكون لها وحدها.
-البنات في الدار يتحدثن عنه، لقد رأيتهم أكثر من مرة ينطقن اسمه بوله مصاحب لملامحهم، يتغزلون فيه أمامي.
تغار، إيمان تغار على سالم، وهي أيضا، ليس معنى منحه فرصة مع عاليا بأنها لا تغار عليه، وتحلم بتملكها له، هي تتغنى بالمثالية ولا تملكها وقت تنهش الغيرة قلبها.
-أمينة، سالم سيأتي الخميس المقبل لخطبتي.
دقات قلبها تعزف سينفونية الخوف بحرفية فرقة موسيقية متمرسة، نبض خافت يغزو ساقيها تشعر به ينبهها أنها أوشكت على السقوط.
ستراه مجددا، هي لم تنسَ ملامحه، ولا حدته، تجهمه، قسوة كلماته، لتراه مجددا، لا، هذا كثير، كثير جدا.
-سيأتي وحده، بناء على رغبتي حتى لا تقابلي خاله.
عزفت عن الإشارة لاسمه شفقة بأختها التي تلونت بشرتها عندما علمت بقدوم سالم.
لقد قطعت عليها إيمان كل طرق التشكك، فلم تعد الفرص غير متكافئة، فشهرة إيمان ومركزها الجديد أضاف لها الإستقلالية والقوة، وتمسكه بها أكد على حبه، فلم يعد هناك مبررات ترجح كفتها سوى أنانيتها التي دحضتها أختها بأنها لن ترَ عبد الرحمن ولو مصادفةً.
تجلس بإرهاق وقد استنزفها حديث أختها، تقول باستسلام
-موافقة.
**
-لأني تيقنت أني أحبك ولست بقادرة على العيش بدونك.
يمسك يدها يدس خاتمه في أصبعها،ذكرى كلماتها تضربه ما إن انتهى من تلبيسها الخاتم، تزامنا مع تلك الرعدات الكهربائية التي تضرب قلبه لتعمه الحماسة والسعادة بلمسها، يتحدث ببطء وعينيها فوق شفتيه لتفهمه، بينما هو ينظر إلى عينيها وهي تقرؤه، متخيلا نظرتها مغوية تتوق لتذوق شفتيه لا فهمه
-مبروك.
ابتسمت بخجل، تهز رأسها عندما منعها من سحب يديها منه، ينتفض على زغرودة زوجة عمها، بينما هو التزم من جانبة بحضور صديقين له، وعم ربيع بإكبار له، متحججا أمامهم بسفر خاله المفاجيء.
ولم يهتم أحد بالخال طالما المخطوبين سعداء، وهي كذلك.
توزع الحلوى على الجميع وابتسامتها تشرق بحياء، لم تظن بأنها ستسعد كما الآن، لقد صبر الإثنان كثيرا ليحظيا ببعضهم في النهاية، يستحقوا النصر.
تربت على كتف عمها ترحب به، وتعطي بناته العصائر مرددة
-العقبى لكن.
تزغرد هي الأخرى وهي ترى أميرة ترقص على أنغام الموسيقى بسعادة غامرة، تمر بالقرب من الباب لتضع الصينية على الطاولة الكبيرة جوارها.
تدمع عينيها بفرحة خالصة، كم كانت قاسية القلب عندما فرقتهم من قبل دون قصد بغباء حديثها وانهيارها أمام إيمان، ترى انشغال سالم عن إيمان للحظات بالهاتف، ترى هل يتحدث إليه!
هل هو مسافر حقا، أم هي حجة فقط لرأب صدع خيبتها، وتحسين الصورة أمام الناس!
تراه يترك هاتفه، ثم يتحدث إلى إيمان التي لا تسمع ولا تشعر بأي شيء الآن سوى وجوده حولها.
منذ اليوم لن تهجره، ولن تغضبه، ستكون معه خطوة بخطوة لتعوض ما مضى من وقت ضائع في هجر وفراق.
ستكون عونه على دنياه، مشددة على طريقه السوي الذي اختارها لتتممه.
كلماته التي استجلبت شفقتها من قبل
"لا تنفصلي عني فأعود"
هي لن تنفصل، أبدا.
يشعر بضغطة كفها فوق كفه، تحرك أنفها وكأنها تجاهد لمواكبة الهواء حولها بتسارع أنفاسها.
لا يعلم فيما تفكر، لكن يشعر بتمسكها وامتلاكها له، تلك الضغطة البسيطة تنم عن أنه هو صاحب أفكارها، الفريد، والوحيد.
تقترب منها أميرة تقبلها، وتبارك له فيقول
-هل انتهت نمرتكِ أخيرا.
قالت بمشاغبة
-أنا أجامل العروس.
ثم عادت لنمرتها كما وصفها فور عودة الموسيقى.
تتابع أمينة تصفيق الجميع، وتعلم أن المدعوين سعداء حقا وليس مجاملة، تهم بحمل الصينية مجددا بعد أن بدلت العصائر، لتراه ينهي الدرج الأخير المؤدي لبيتها.
-عبد الرحمن!
لم تكن تناديه، أو تهمس، بل كانت ترتجف عندما رأته يقترب من الباب، يبسط كفه نحوها مرحبا بها، بينما كفه الآخر حمل الصينية عنها وقد بدأت بالإهتزاز.
لقد كان وقت صعوده صائبا فقد تركها ترحب بضيوفها لساعة كاملة وهو ينتظر رسالة سالم للصعود.
يبدو وكأنه خرج من حمامه للتو، بشعره الذي يلمع لا تعرف بسبب غسله أم تصفيفه ذقنه العبثية التي تركها دون تهذيب لم تمنحه إلا جمالا بريا يليق بملامحه المسترخية، وابتسامته المشرقة.
انتبهت أنه لازال يمد إليها كفه، فارتعشت أصابعها وهي ترفعها إليه.
وسكن كل شيء، الزغاريد لم تعد تسمعها، ولا الموسيقي، ولا ذاك التصفيق الحار المحب.
الشيء الوحيد الذي تشعر به، هو ذاك الدفء المنبعث من كفه العميق كبئر يسحبها في ظلمته.
وهي التي ينعشها الشتاء بهواءه البارد، يغمرها الآن دفء كفه، لتستعيض عن هذا البرود بدفء مطمئن ودود.
يحتوي كفها الرقيق بين كفه المتردد، يمتلئ مقعدها الفارغ في قلبه برؤيتها، ما يشعر به الآن لم يصل إليه مع ذروة لمساته لعاليا، لم ينتفض قلبه هكذا، ولم يتُق للمزيد هكذا بذاك الشغف دون الانتقام.
ما يسيره نحو عاليا هي شهوة منتقمة اكتشف أنه لم يكن يؤذي أحد بها سوى نفسه.
لكن لا بأس من تجربة الموت، لاستشعار قيمة الحياة.
تلمع عينيها ببريق الدموع الصافية، لا احمرار غاضب، ولا شهقات ملتهبة، لمعة كالبهار الحار يعكس مشاعرها، لربما اكتملت فرحتها برؤيته!
تتململ بكفها بين يده فيتركها متأذيا
-العقبى لنا.
كانت كلماته قبل تعالي الزغاريد مجددا، وجذب سالم له كي لا يفضح أمره بالموالسة معه
-مرحبا يا خالي.
فيقول عبد الرحمن وهو يقبله وكأنه كان مسافرا حقا
-لم أستطع تفويت فرحتك يا سالم، مبارك لك.
قال كلماته منتقلا ببصره إليها، وقد تبدل ثباتها للارتجاف، تنادي على أميرة لتحمل عنها.
تتردد في الاقتراب من هالته وقد اتخذ من جوار العريس سكنا لا يتحرك عنه، تدنو منه أميرة تجذبه ليرقص معها على موسيقى المهرجانات الشائعة.
فتحول إرتجافها إلى سعادة وضحك آلم فكيها، تراه يرقص بيديه بطريقة شعبية، يهز رأسه وقدمه، تتمايل أميرة الصغيرة أمامه، وهو يشاكسها راقصا، حتى انفعل سالم فقام إليه.
يهز كتفيه نحوه بينما أميرة أصبحت وسطهم، يرفع سالم أصبعه نحو رأسه يتمايل مع الموسيقى، بينما عبد الرحمن يرفع ركبته وكأنه يركل شيئا ما.
تجلس جوار إيمان التي تضحك بشدة مما يفعل سالم، سعادته الغامرة انعكست على قلبها، الأريكة التي تجلس عليها، إلى أمينة، وإلى النوافذ، تراه يشبه خاله إلى حدٍ كبير، يقاربه طولا، يشبه صلابته، إلا أن سالم ليس متجهم الوجه فاذا انبسط كان كالبحر في يوم مشرق غمرته الشمس دفئا وشعاعا.
أما عبد الرحمن بعيني أمينة بتجهمه، كالقمر إذا ابتسم، زاد ضوئه وبريقه.
لم تراه على هذا الحال يوم زفافه على عاليا، لقد كان الزفاف باردا، صقيعيا، رغم الانفاق الظاهر عليه، هي حقا لم تره سعيد من قبل كما الآن، حتما زواج سالم هو السبب.
انتهت الرقصة، ولم يرغب في الإطالة، يكفي ما ناله وما منحه، لقاء اليوم ضمن ضربات مرتبة، لن تنتهي إلا وهي زوجة له.
كان دخول محمد خافت، لم يشعر أحد به سواها، عطره النافذ الذي سبقه، ومن ثم طلته الرمادية التي صبغت ما حوله بالرماد وزادها تلك السترة الرمادية التي يرتديها.
كانت تعلم بضرورة مجيئه فهو صديق سالم.
تراه يقترب من سالم في مباركة رجولية مبهجة، لطالما أحبت علاقة الشباب وبعضهم البعض، كفوفهم المتضاربة، خشونة أصواتهم، وارتفاع ضحكاتهم.
هذا ما رأته منه وهو يهنيء سالم، همدت حركتها منذ رأته، احتمت بالمطبخ تساعد أمينة رغم أنها وهبت نفسها في هذا اليوم للرقص والزغاريد فقط، متناسية إحساس القهر الذي أصابها مؤخرا.
يخفض عينيه أرضا إلى أن تمر، فيرفعها ويراقبها في صمت، حتى وجهتها أمينة نحوه
-قدمي لمحمد لقد أتى للتو.
اقتربت منه بخجل غريب عليها، يتنافى مع اندفاعها في مشاعرها نحوه.
-تفضل
-شكرا لكِ
كلمتان دارتا بينهم بتحفظ، ونظرات كذات التحفظ، خاصة مع وجود الخالة فوقية التي انقبضت ملامحها فور رؤيته..
ولحظات..ثم غادرت..
هي لن تنسى جريرته، كما لن ينساها هو..
يراقب سعادة سالم بزواجه..
يرفع نظره بجرأة نحو أميرة عكس المتحفظة منذ قليل، يقيمها بنظرة مختلفة، متسائلا في نفسه هل ستقبله بعد كل ما مرا به، لقد علمت بقبح وجهه..هل تمنحه فرصة؟!
فستانها الطويل المنسدل على قوامها المتناسق سرق بصره، حذائها المرتفع وزينة وجهها التي جعلتها كنجمة متوهجة، جميلة.
انسحاب فوقية جعل جلسته مريحة، كان سيغادر مبكرا لولا أن غادرت هي.
تمر عينيه على منزلها المتواضع، يشبه منزل أبيه، الفارق ليس بالكبير..
أميرة سرقت قلبه بشقاوتها المفرطة، لم تكن نظراتها له اليوم مؤنبة كما ظن، خجلة شغوفة.
ما زالت مشاعره متأرجحة بين استحقاقه للحب وبين تأنيبه لنفسه، أصبح يشعر بالجنون من نفسه، تارة يريد تجربة السعادة والانسياق لحياة جديدة، وتارة أخرى يصفع نفسه بالحقيقة أنه لا يستحق الحياة من الأساس.
انتهى الحفل وغادر الجميع..
إلا سالم ومحمد، مازال باب البيت مفتوح، تحسست أمينة من وجودهم، وسالم في عالم آخر مع حبيبته..ومحمد شارد الفكر..وأميرة لازالت تحتمي بالمطبخ، لم يغادر محمد إلا عندما لمحها بالقرب من بابه، منحها نظرة واعدة..بشيء لا تعلمه وابتسامة مترددة تسِر بشيء تجهله. ..
**
وقت الغروب، الظلام يزحف ببطء، تتمسك بذلك الضوء اللامع على صفحة النيل لتتابع تفصد عضلات أكتافه كفصوص البرتقال الملتصقة وهو يجدف بقوة..
تراقب كل شيء يخصه، بضعة قطرات على فانيلته تنبأها بتعبه، لقد وعدها بأن تصبحه ذات مرة في قاربه ووفى، تجلس أمامه، وأميرة خلفه، في حين تعللت أمينة بأنها تصاب بدوار من القوارب فتركوها تشاهدهم من بعيد، مازال يعد ويوفي، غيور لدرجة أنه تكبد عناء التجديف وحده في هذا القارب المتسع، هي تحاول مساعدته..وأميرة أيضا، فاجتمعتا على مجداف واحد مزدوج ظنا منهم بمساعدته ففشلتا.
تشاور لهم أمينة من بعيد بمرح، حتى استمعت لصوته قربها
-لقد تعمدت التطفل على فسحتكم يا أمينة فاعذريني.
لفحتها كلماته وهو يمنحها جانب وجهه، يجلس جوارها وعينه على قارب سالم مردفا وهو يغالب خوفه من تلك المواجهة
-أريد الحديث معكِ وأنتِ لا تمنحيني فرصة.
تنظر جوارها مدعية عدم الإهتمام إليه فقال
-عاليا أسقطت جنينها بإرادتها، لا تريد ما يربطها بي بعد الآن.
لو كان يظن بأن عاليا ستتركه في حاله فهو واهم، لا تعلم من أين جاء بهذا اليقين.
تتنهد بسقم فما يعنيها ليس فقط طفل، وإنما هو الاقتراب.
-لقد تحدثت عاليا إلى خلود وأخبرتها بكل شيء، أني من ابتعت لها المخدر، وأنا من خنتها معكِ.. و….
صاحت فيه بقوة جعلت المقاعد جوارها تهتز
-خنتها معي، يا الهي..أنا الخائنة..أنا من سرقتك منها، أنا…
توقفت عن الحديث وحريق مشتعل بعروقها يؤلمها.
هدأت ورذاذ النيل ينثر شفقته على روحها، قالت بهدوء مغيظ
-ألهذه الدرجة كرهتك ولم تعد تريد ما يربطها بك.
أكملت استفزازها له وهي تخرج قيح جرحها
-لقد عشقتك بجنون، وهكذا ألقتك بجنون، ما الذي تغير بك لتتخلص من قطعة منك تنمو بداخلها.
قال بشرود
-عليكِ أن تصدقي الآن أنها لوثتني بالقدر الذي جعلني ابتعد لأسترد نفسي.
قالت بوجع استوطن حنايا صوتها
-ألم تحزن لفراق طفلك.
انفلتت آهة متألمة من شفتيه لم تشفع له عندها لتمعن في ايلامه
-هل تمنيت هذا الطفل؟، أخبرني يا عبد الرحمن، ماذا لو كانت أنجبت عاليا، ماذا كنت ستفعل واصدقني القول، ألم تكن لتعود إليها لأجله.
يسحق أسنانه وإعصار أسئلتها يطبق على صدره، تطعنه بكلماتها، يلزم الصمت فرده لن يعجبها في كل الأحوال .
صاحت فيه
-أخبرني، ألم تكن تبحث عن فرصة للحديث، هيا.. تكلم الآن، أنا أسمعك.
قال وقد انحنى يستند بكوعه على فخذيه، مبتعدا نسبيا عن نظراتها، خرج صوته السحيق مصطبغا بمرارة مكثفة كالغيوم
-كنت سأثبت لها بأني لم أتعافى بعد وأبحث عن انتقام جديد إن لم تمنحني طفلي
يسحب أنفاس غاضبة ويردف
-كلما تخيلت أن عاليا ستكون راعية ومربية لطفلي فعلى ماذا سينشأ، ماذا سيحب وماذا سيكره، ستختلط المفاهيم لديه مثلها، ناهيكِ عن تلك الجينات التي سيرثها منها لا محالة، التفكير كاد أن يقتلني وأنا ذاهب لفيلا الرشيد، تلك الاسئلة التي طرحتِها كانت تتناوب على رأسي فلا أرى أمامي إلا الانتقام، عاليا صنعت مني وحش غير قادر على معرفة ردة فعله.
ينظر يمينه فيحجب وجهه عنها تماما ويردف
-كنت لأكون له الأب الذي يحتوي ويحتضن، كنت لأهون عليه مساوئ أمه، كنت لأقوِّم عيوبها التي ستظهر في تصرفاته، لم أكن لأفلته يا أمينة.
قالت بحقد تعيس
-هل سعدت بموته يا عبد الرحمن لتختفي تلك المخاوف منه ومن أمه، هل تمنيت أن أكون كاذبة فلا يكون له وجود، أم تمنيت أن يكون قد انتهى بفعل تناولها الحبوب.
يهز رأسه ينفض عنه اتهاماتها التي حدث نفسه بها، هو لا يعرف..لا يعرف.. التفت إليها بجسده كله، وملامحه البائسة تقطر ضعفا ووهن، يكمل ما بدأ
-أنا لست شريكا لها فيما فعلت يا أمينة، لم أتمنى موته ولم أطلب منها ذلك، لماذا تصري على أن تجعليني قاتل حقير يتنصل من طفله، ما يعذبني أنني لم أكن هناك لأنقذه، أنني سببا في وجوده، أنني لم أختر له الأم التي تفديه بروحها، كفاكِ إمعانا في تأنيبي..كفاكِ.
قام من جوارها، يعقد ذراعيه حول صدره ببؤس، يقتلع سيرتها من رأسه اقتلاعا
-عاليا تخلصت من الطفل لأنها لم تكن لتمنحني شيء مفرح من علاقتنا المعقدة.
قالت تطعنه بآخر خنجر تملكه
-أو تثبت لك بأنها لا تطيق شيئا منك وإن كان هذا الشيء روح ليس له علاقة بإثمكما.
يمسح على رأسه ووجهه، عل تلك النيران التي نشبت بجسده حين تذكرها تهدأ، لقد استعمرته تلك الشيطانة بذكرياته معها، بغضبه من نفسه، بتحوله لشخص مناقض تماما لطبيعته
-أمينة، توقفي عن إيذائي لم أعد أحتمل صدقيني، أنا أتشبث بهذا الخيط الرفيع للحفاظ على آدميتي ساعديني، أقسم بأني كنت مجبر على كل شيء.
قالت بحنق خافت وهي تقف هي الأخرى
-كنت مجبر على لمسها؟
يقيد عينيها وقد لمعت بالدموع، خزي أصابه منذ خدر عقله لينهل من تلك المغوية
-أنتِ لا تعلمين ما الذي فعلته بي كي يحدث ذلك.
احمرت خجلا وغضبا فعاجلها مهدئا
-أمينة، أنا أحبكِ، حسنا..لقد أخطأت..
طغت عاطفته على صوته فامتزج بصوت المياة، تسيل دموعها فتذوب فوق صفحتها، لم تمنحه العفو ولا الرد
قالت وحسيس الضوء يضرب قهوة عينيها فتلمع بدموع حبيسة
-وما الذي يضمن لي بأن ذلك لن يتكرر، بأن تتقرب منك إحداهن وتفعل كما تدعي أن عاليا فعلت.
لقد وجعها بشدة، يعترف، مردود ذلك الوجع باتهاماتها وغضبها، دموعها وصراخها.
هي تحبه، فيم كل ذلك إن لم تكن!
لن يتخلى..أبدا ..
-ستكونين معي وقتها، سأحتمي بكِ.
تهز رأسها نفيا وجرحها الذي يئن طلبا لغلقه يصيح
-لا يمكن أن تعاقبيني بهذه القسوة يا أمينة على زلة.
-خطأ الشاطر بألف.
-أنا بليد، كئيب من دونكِ، لقد لوثتني عاليا وأحرقت ما أملك من نقاء، لم يكن بإمكاني العودة للوراء ولا أمكنني الاعتذار منكِ، لم يكن بيدي سقوطي بين يديها وقد أغوتني لأيام ولم ألتفت لها، أنا رجل، وهي شيطانة فاتنة يا أمينة ولست بيوسف، يشفع لي لمسي لها وهي زوجتني فلم اقتنص مما لا أملك، اعذري ضعفي، وقلبي الذي تلطخ بالسواد وأنا معها.
تقترب من النيل، تستمع لصوته الذي يلاحقها
-توقفي عن النظر إلى الخلف وامنحيني فرصة للتقدم، أمينة تزوجيني.
***
وفي مساء اليوم التالي قرر الطرق على الحديد وهو ساخن، متبعا لمنطق الزن على الأذن أمر من السحر، توجه نحو الصيدلية الصغيرة التي تعمل بها، حتى وجدها وحدها دون زبائن، يدخل بهالته المحببة، فتقف عندما رأته.
يمسك ذراعه، صامتا للحظات يمتص دهشتها في قدومه، يبتلع ريقه ويقول
-مساء الخير.
تقول ببلاهة
-مرحبا، هل أخدمك بشيء؟
يمسد رأسه وهو يقول
-أشعر بالتوعك قليلا، حلقي يؤلمني، ربما حرارتي مرتفعة، لا أعلم.
تجاري أكاذيبه قائلة
-لم تزر طبيب؟
-أخبروني بأن هناك ممرضة رقيقة، يديها ناعمة، لن أشعر بها وهي تحقنني الدواء.
تبتعد بعملية تجمع له دواء يخص حالته وتقول
-لست بحاجة إلى الحقن، الحبوب ستفي بالغرض.
يشمر ساعده ويبتلع ريقه
-الحقن أسرع، لن أنتظر مفعول تلك الحبوب لساعات، أنا تعبان.
حنين جارف بهزات من قلبها وهي تراه على هذا الحال ولا تعرف كيف تريحه.
تمسك طرف كمه تنزله ليعود كما كان.
-حرارتي مرتفعة.
تجلب ميزان الحرارة لتقيس حرارته، وهو يقف أمامها مثل القرد بصحة جيدة، فتقول
-افتح فمك.
فأمسك يديها يضعها فوق جبينه ويقول
-بل تقاس هكذا، هكذا علمتني أمي.
ماذا لو تخلى عن تلك الحميمية في حديثه!
سيتوقف قلبها من فرط الإنفعال الذي يضعها به منذ وقت قصير بوجوده في محيطها، تلمس جبينه كما طلب، وليتها ما فعلت، فقد ازداد توترها، وفاضت مشاعرها.
تخفض يديها عنه وهي تقول وقد طفت احاسيسها على وجهها
-عبد الرحمن، ماذا تريد، أنا في محل عمل، لا يليق بك تصرفات الصبيان هذه.
-أنت لم تمنحيني الجواب على طلبي.
تنظر حولها، وتقول
-هنا؟
ترى الدكتور يقترب حتى دلف إلى الصيدليه، ليجلس في مكانه بعد أن ألقى التحية، فترددت تصرفاتها وهي تضع الدواء في حقيبة وتناوله له
-لقد دونت المواعيد فوق الدواء سيدي، شفاك الله.
فهم قولها، يهم بالانصراف وهو يلقي نظرة أخيرة نحو ذاك الرجل، الذي لم يرتح لرؤيته.
**
-ما الذي يمنعك من الزواج يا محمد؟
لفظها سالم بسلاسة وهو يعبث بهاتفه
-لست أهلا للزواج بعد.
قال ساخرا
-ألم أزد راتبك الشهر الماضي.
أجابه مبتسما وهو يعد مشروبا دافئا لكليهما
-هل زدته لتدفعني للزواج، إنه بالكاد يكفيني.
ترك سالم هاتفه مسترخيا على أريكته
-تلمح إلى زيادة أخرى للزواج أيها اللئيم.
انتقلت ابتسامته إلى محمد الذي أجابه بأريحية مترددة
-الأمر ليس له علاقة بالمال يا سالم، إنما هو اقتناع، الزواج ليس بخطوة سهلة كما تعلم، اختيار وتحمل وعطاء، وأنا لا أملك شيئا لأمنحه.
يستمع سالم بتمعن لحججه الواهية فقال مباشرة
-ما رأيك في أميرة، زوجة تعينك على أمور دنياك، أعتقد أن لديكم خلفية للتفاهم.
انمحت ابتسامته واستبدلها بتقطيبة سريعة، سالم يدفعه نحوها، هل يرى خلاصه فيها!
ينظر إليه بتردد وهو يرتشف من شايه، متأملا ملامحه التي أصبحت أهدأ، وتلك الرزانة باتت تحيطه، هو ليس سالم الذي تعرف عليه منذ شهور، لقد نضج..وتبدل حاله، وتعددت اختياراته، هل إيمان سببا لذلك!
يمكنه أن يرتبط بأميرة مثله ليهدئ من حياته، يجد من تشاركه زخم أفكاره وتأنيبه الدائم لنفسه، لكنها هي أيضا منبع التأنيب لما فعله معها.
فليبحث عن زوجة أخرى طالما الأمر هكذا، يبلل شفتيه شاردا..
هو لن يستطيع تشارك حياته مع أحد، لا يتخيل كشف جروحه على أخرى، هي وحدها من تعلم حقيقته..لكنها هل..ستوافق.
قام إلى النافذة وسالم يمنحه السلام في صمته، لا يجبره على شيء، لكنه ادرى به من نفسه السقيمة بأن الصغيرة ستكون جدارا صلبا يسكب عليه أحزانه.
لفحة الهواء الباردة ذابت من سخونة جوفه ليجيبه بشيء غير منتظر.
-علي إنهاء أمر ما أولا قبل التفكير بالزواج.
كانت ذكرياته القريبة أنيسه وهو يطوي الأرض تحت دراجته في طريقه لأكثر شخص قد يبغضه على وجه الأرض..
فوقية.
يطرق بابها وأنفاسه تختض بصدره متضاعفة مع صعوده للسلم، ورهابه من ذلك اللقاء.
تفتح له بنفسها هذه المرة، بوجه كاره لرؤيته، لا تنفك أن تظهره في كل مناسبة تجمعهم.
دخل ببطء منافي لوجوده آخر مرة وقد جاء منشغلا برؤيتة أميرة مرتبا للقائها، أما هذه المرة خائف من مواجهة قد تدمر ما بقى من عمره وتعصف بتلك الأوراق الربيعية التي بدأت تنمو بداخله.
-مساء الخير.
صوته..إنه صوته الرجولي بعبارة متقطعة، اقتربت أميرة من باب المطبخ لتراه عبر شق دقيق حرصت على ألا يظهرها.
تركت ما في يدها مرتعدة من سبب وجوده هنا مجددا، وقد كان آخر لقاء لهم كارثي.
يخطو نحوه الخالة فوقية وكلماته كخطواته المترددة
-هل كانت تحبني..
يرتعش أسفل فكه وذكرى كلمات أمه ترتع في عقله
-هل ما كتبته حقيقي بأنها سامحتني؟
يردف متعلقا بأمل ذابل منها
-هل لو كنتِ مكانها.. كنتِ ستسامحيني؟
تجددت النيران وهي تشعر بهذا الحريق المشتعل بداخلها فتحرقه به
-لا، لم ولن أسامحك، قد تفعل هي بحكم أنها أمك، لكني لست أما لأحد كما تعلم فتلك المشاعر لا أحملها، ولن أكنها لأحد مثلك.
قال بضعف وقد احمرت عينيه حزنا، يجلد ذاته، يبحث عن منفس ومخرج لمشاعره، هو يريد الغفران، يريد أن يحيا، يعلم أنه مخطئ ويستحق الموت، كيف سيعيش بتلك المشاعر ما تبقى من عمره.. كيف؟
-لقد حاولت التخلص من حياتي..من هذا الشعور الذي يحرقني كل يوم وقد قتلتها، كنت أجبن من أن أفعل، كجبني في مواجهتها، ضعفت فسرقها ليتبعها وابل من الخطايا التي لا تغتفر.
تحررت دموعه أخيرا لتمنح عينيه الراحة من ذلك التشوش المرير
-فكرت في قطع شراييني لأنزف حتى أموت، أن أقذف بجسدي من طابق مرتفع فاسقط ممزقا، لكني جبنت..أنا لست بقادر على تحمل ألم الدنيا حتى ألقى الله وجزائي نار الآخرة.
انتفضت تغمض عينيها بقوة، ترفع يديها نحو أذنها تمنع كلماته التي تذكرها بجحيم صديقتها الدائم بينما هو يمسح دموعه ويقول بتيه، كالمدمن الذي يبحث عن جرعته ليسكن أوجاعه
-أرجوكِ لا تفسدي حياتي أكثر من ذلك، لقد حققتِ انتقامك مني وأقسم بالله أني لم ولن أتعافى، أنا أموت كلما تخيلت ذلك النجس وهو يجتمع بها على طريق مخيف غارق في الظلام، لا أحد لينجدها، ولا تملك القوة لتبعده عنها، يائسة وقد خذلها ابنها أولا.
تساقطت دموعها وشهقت تقول
-لو كان الجزاء بيدي لمزقتك بأسناني، لو لم توصيني بك وأنا أتمسك بحبي لها لأدميتك بوحشية ممزقة وجهك، كنت لأنهش كبدك حتى تموت، أنت لا تعلم مدى كرهي لك، أنت خبيث النفس أسود السريرة، لم تكتفِ بما فعلت مع أمك والتففت نحو فتاة أيضا لا حول لها ولا قوة، تبادلها الرسائل والحديث وتشغلها بك.
هم على قول شيء وقد تحول وهنه إلي طاقة تصد ما قد يقال عن أميرة فقاطعته
-أنا أعلم كل شيء، لقد رأيتك تتصل بها ورأيت وجهك القميء، جئتني ولا تعلم جريرتك كي تجعلني وسيط بينكما وأنا خير من يعرف نذالتك، لقد خرقت قارب والدتك حتى أغرقتها فماذا عن أميرة؟
صورته كوحش مغتصب، كسيف غاشم يقتلع ما يقابله من جذوره..
يهز رأسه ودموعه لازالت سلاحه، غير قادر على اقناعها ولا نيل غفرانها.
-لم تأتِ البيت من بابه كأي خسيس جبل على الإلتفاف على الأعراض واستباحتها.. أنت…
-كفى، كفى كفى..لم أعهدكِ بتلك القسوة يا خالتي..أبدا..على رسلكِ، هو لم يلتف حولي بل أنا من قبلت دخوله إلى حياتي، لقد كان قدرنا وانتهينا، كان زميلي في الجامعة والعمل والآن ليس بيننا شيء.
صمت متهالكا، يحاول السيطرة على أعصابه، يرحمه القدر برؤيته لصورتها العذبة، شعرها الطويل، جمال طلتها، وبهاء بشرتها..
هي هنا، استمعت لكل شيء، لقد تدخلت لنجدته..
-هو لا يستحق كل ذلك، فتى يستمع لوالدته وهي تتحدث لرجل غريب كل يوم، في فورة شبابه وحميته، أنا لا أرى فعلته إلا غيرة ورجولة عليها مهما كانت النتائج خاطئة..إنه قدرها.
يبتلع ريقه وهي تواجه فوقية بما حملته مشاعره وقتها
-هي شريكة فيما حدث، في إختيارها مصيرها، لماذا تحمليه هو كل العبء وقد كانت أمه هي أصل المشكلة، هو ليس مسؤولا عن فساد نفس أحدهم، ولا عن تفكير أمه المخزي بالانتحار..
تستفزها، كلمات أميرة تستفزها لدرجة الموت
-من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، ماذا لو تخلص من حياته جراء رسالتكِ وحقدكِ عليه، هل سترتاحي عندما تستمعي لخبر موته، هل ستهنأ صديقتكِ التي وصتكِ عليه في نهاية رسالتها.
لم تقوَ قدميه على حمله فجلس على أقرب مقعد بينما أميرة تكمل وقد تلبستها روح محامي مخضرم يدفع التهم عن موكله
-سامحي..اغفري..فوالله ليس هناك ما يستحق أذية أحد وإنهاء حياته على جريمة مضت عليها سنوات طويلة، لقد أججت الجرح ورششتِ عليه الملح ليلتهب، اتركيه يبرأ..
تبتلع ريقها وهي تقول
-أما عن نذالته معي فقد اعتذر، وانتهى الأمر.
يرفع بصره ينهل من براءة روحها
-هل سامحتني يا أميرة؟
***
ترتدي حذائها بالقرب من الباب، موعدها المسائي في الصيدلية، تصيح
-أميرة أنا ذاهبة للعمل..
وحينما لم يأتيها رد علمت بأنها حتما عند الخالة فوقية، تفتح الباب ليواجهها باب خالتها المفتوح، وترتطم أذنها ب
-أما عن نذالته معي فقد اعتذر.
فتخطو خطوة إلى الداخل ولم يرها محمد وقد أولاها ظهره
-هل سامحتني يا أميرة؟
تصلبت أمينة مما تسمع، في حين انزوت فوقية منحية نفسها جانبا..
بينما أميرة عانت من ارتفاع صاخب لضغط دمها هي ترى أمينة وتسمعها تقول
-عن أي نذالة تتحدثين؟ وعلامَ يطلب السماح منكِ؟

قراءة ممتعة💞


هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 28-05-22, 08:11 PM   #192

قصص من وحي الاعضاء

اشراف القسم

 
الصورة الرمزية قصص من وحي الاعضاء

? العضوٌ??? » 168130
?  التسِجيلٌ » Apr 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,558
?  نُقآطِيْ » قصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond reputeقصص من وحي الاعضاء has a reputation beyond repute
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تم تمييز الرواية وتثبيتها بتميز اسلوب كاتبتها اسلوبا وطرحاً

الف مبروك ونتمنى لك دوام التميز ونرجو أن يعجبك الغلاف الاهداء من احدى مصممات فريق وحي الاعضاء



اشراف وحي الاعضاء







روزا❤ likes this.

قصص من وحي الاعضاء غير متواجد حالياً  
التوقيع
جروب القسم على الفيسبوك

https://www.facebook.com/groups/491842117836072/

رد مع اقتباس
قديم 28-05-22, 08:19 PM   #193

**منى لطيفي (نصر الدين )**

مشرفةوكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وبطلة اتقابلنا فين ؟

 
الصورة الرمزية **منى لطيفي (نصر الدين )**

? العضوٌ??? » 375200
?  التسِجيلٌ » Jun 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,633
?  نُقآطِيْ » **منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute**منى لطيفي (نصر الدين )** has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة ورحمة وبركاته
مبارك التميز الله يوفقك دوم يارب🌷🌷🌷

هالة حمدي likes this.

**منى لطيفي (نصر الدين )** غير متواجد حالياً  
التوقيع
لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
رد مع اقتباس
قديم 29-05-22, 01:19 AM   #194

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة ورحمة وبركاته
مبارك التميز الله يوفقك دوم يارب🌷🌷🌷


الله يبارك في عمرك يا منى حبيبتي..
متحرمش من مباركتك الطيبة


هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 29-05-22, 02:12 AM   #195

عزيزات

? العضوٌ??? » 479608
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 211
?  نُقآطِيْ » عزيزات is on a distinguished road
افتراضي

مبروك التمييز تستحقين 🥰🥰🥰🥰🥰😍
هالة حمدي likes this.

عزيزات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-05-22, 08:55 PM   #196

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل العشرين

انسحبت الدماء من وجهها وكذلك الإجابات من صدرها..
وقف ملتفتا لدخولها الغير متوقع إليهم، لقد انتهى الأمر وطمرت الحقيقة..ماذا يحدث معه ليطفو كل شيء على السطح الآن.
-لاشيء..لا شيء يا أمينة..
إجابة قلقة خائفة من أميرة لم تطمئنها..نذالة تعني علاقة وسماح يعني مصيبة.
تختزل المسافة بينهم في خطوة تقيد وجه أختها بنظراتها
-أخبريني فيم السماح إذن..
جاء صوته من خلفها حاسما
-أمينة..أنا أطلب أميرة للزواج.
لم يكن طلبه سبيلا لاستدعاء هدوئها وإنما أجج التساؤلات بداخلها أكثر..
-ما الذي حدث بينكما لتطلب مني هذا الطلب الآن؟
أفكار متضاربة أنهكت عقلها.. الآن يطلبها للزواج..في هذا الوقت العصيب الذي لا يمكنها رفضه فيه..
قالت مرتعشة وهي ترى الخوف والصدمة يتعاقبان على وجه أختها
-اهدأي يا أمينة..
تمسك كتفيها تهزها بعنف، تصيح بها
-أنا أريد أن أعرف ما الذي يحدث خلف ظهري؟
تهافتت الدموع على وجنتيها
-وربي لم يحدث شيء.
تجذبها من شعرها بحركة مباغتة أخرجت شحنتها فيها
-لا تختبري صبري الآن أرجوكِ، شاب يطلب من أختي السماح وعندما رآني طلب الزواج منها، هل خرجتي معه، هل لامسكِ، لا تتركيني لخيالي يا أميرة وأخبريني بما يحدث وإلا كسرت عظامكِ.
قالت متألمة بهمس
-عاليا..
شعرت بتراخي شعرها قليلا وأمينة تفلتها، اسم من أربعة أحرف كانوا سببا في زلزلتها، تتحرك عينيها بارتجافة نحوه، ترتجف الأرض من تحتها أو ربما قدميها.
تعود بنظرها إلى أميرة فتصفعها على وجنتها، رأسها، كتفيها.. وقد ظنت الأسوأ.
انهالت عليها ضربا فباتت لا تشعر بنفسها ولا بشئ حولها، لم تنتظر لاستكمال الحدث وقد فطنت للحكاية كلها في ثواني مرت بثقل.
لم تشعر إلا بجسده الذي حال بينها وبين أمينة وقد تخدر جسدها من شدة الضرب، ليتصدى هو لصفعات أختها التي نالت من صدره وبطنه.
لم تتوقف أمينة وقد بدت كالتائهة حتى خارت قواها فسقطت كالبناء المنهار في سرعة سقوطه.
تلقفتها يد فوقية برفق، تمنحه نظرات كارهه، مؤكدة على أنه السبب في كل شيء.
تبعتها أميرة التي قالت وهي تشهق تصارع دموعها
-لقد قاتل عبد الرحمن لأجلكِ يا أمينة، لقد تزوج عاليا لأجلكِ من الأساس، يمكنني إخفاء الحقيقة وقد زاد هو عني بشهامته وطيب خلقه، ولا أحد سيخبركِ..لكني أنا من ستفعل.
عبد الرحمن هو..هو بطل القصة! تمسك رأسها تصارع تلك الحقائق.
تمزق فؤاده وهو يراها على هذا الحال، لم يحلم في أسوأ كوابيسه أن تظهر الحقيقة بهذا الشكل، بغباءه وسوء تقديره للأمور.
مسحت دموعها تتمسك بخيط الصلابة الرفيع تقص حكايتها على أختها التي ستجن مما يحدث
-لقد أرسلت عاليا زميلي محمد ليمثل علي دور الحب ويمنحها صور تجمعنا لتضغط على عبد الرحمن ليتزوجها..
تضع يدها فوق فمها تكتم شهقاتها، تقول بهمس قاتل
-أنتِ..أنتِ السبب فيما يحدث لنا جميعا.. أنتِ..لا أصدق، هكذا ربيتكِ، هذه تربيتي وسهري عليكِ وحديثي الطويل معكِ عن الشرف والسمعة والعفة.
تضرب فخذيها تنوح على أعوام مضت لم تجنِ منها سوى الخيبة.
-لقد وثقت بكِ، منحتكِ حرية لم تكوني تحلمي بها، يا إلهي.. أنا لا أصدق..
تمسك جبينها وأنفاسها تتقلص، تستمع لصوته المدافع، ونظراته معلقة على فوقية
-أنا السبب فيما يحدث الآن، صدقيني لم أمنح عاليا شيء..
قامت تقاطعه بحدة، تقول وهي تصرخ في وجهه تدفعه في صدره نحو الباب
-كيف وقد وافق عبد الرحمن على الزواج منها اتقاء للفضائح، لا تخبرني أنها صورتك وأنت تحتسي معها الشاي في العمل، ولا تخبرني بأنها فبركت صور لكما.
أجابها بصلابة، يواجه دفعها له بوقوف ثابت
-اسألي عبد الرحمن هو وحده من يعرف تلك الإجابة.
يضرب الهدوء تلك العاصفة المتقدة، تتلاقى أعينهم بشقاء ووهن، تشعر بالخزي يكتنفها وقد أهينت أمامه بأسوأ الطرق، يد أمينة لم تمتد على أحداهما أبدا، دائما ما كان التوجيه والنقاش ثمرة جدالهن العميق، تذرف دموعا خائبة تنعي ثقة أختها فيها ممتنة لما يحدث وقد تطهرت الآن.. الآن فقط من ذنبها.
هو يحميها كدرع من الرصاصات الغاضبة التي تطلقها أمينة، ترقب نظرته المشفقة، كفه الذي افترش صدره كاتما وجعه.. حتما ضربات أمينة تؤلمه، وربما تؤلم قلبه مثلها تماما.
يتزامن ما يحدث مع اتصال من عبد الرحمن.. إنه هو..
يظهر في أشد الأوقات إحتياجا إليه..
تمسح دموعها بسرعة وهي تعي قبح رفضها وهو من قاتل لأجلها وعائلتها، تبكي بشدة وقد ضيعت الكثير من الوقت لتوافق على رجل مثله.
-وربي لن أترك سالم يهنأ بالزواج دوني، سوف آتي وأعرقل لكِ كل شيء وأفسد فرحتكِ يا أمينة أقسم بالله، أنت لم ترِ الوجه الآخر لي.
رسالة كتابية بعد أن لغت اتصاله..
رسالة أخرى
-تعلمين أني أحبكِ، وأحب النسمة العابرة بجواركِ فتحمل عبيركِ نحوي، أرجوكِ يا أمينة، توقفي عن إقصائي عن حياتكِ، وارتدي شيئا يحمل رائحتكِ التي أحبها، سآتي يا أمينة ولن يمنعني أحد.

***
خطوة من قدمه إلى الداخل أبعدتها عن الباب ليقترب وقلبه يخفق مرتعبا من رؤيتها على هذا الحال، ملبيا رسالتها المختزلة(تعالى في الحال)
-أمينة؟
كانت تتمنى بأن تكون أمينة حقا على أخواتها وتكون حفظت الأمانة.
منحتها هذه الخاطرة المزيد من الدمع..
رائحتها، يغمض عينيه منتبها لتلك الرائحة المنبعثة منها فظنها تمنحه موافقتها للاقتراب.
يتمعن في لفت نظرها وهو يقترب بأنفه نحوها
-هل منحتني موافقتكِ أخيرا؟
أزعجته تلك الغمامة الكئيبة التي تطفو على البيت، يراقبها وهي ترفع عينيها نحوه
-أخبرني عن تلك الصور التي تجمع أميرة بمحمد يا عبد الرحمن، في أي وضع كانوا لتجبرك عاليا على الزواج منها؟
قال بتيه خائفا على علاقتها بأختها
-من أخبركِ؟
قالت أميرة بحزن بائس
-أنا يا عبد الرحمن، يجب أن تتوقف عن لومك، يجب أن توافق على الزواج منك، هي لن تجد من يحبها مثلك.
قال مختضا على هشاشتهم..
-ليس بهذه الطريقة يا أميرة ولم يكن هذا وقته.
-لقد فتحت كل الجروح وعلينا مداواتها، كفاها رفضا وفراق.
قال مقتربا من أمينة
-أنا قادر على إقناعها، قادر على الابتعاد لوقت طويل والعودة من جديد لأثبت لها بأني سأعود، دوما سأعود، لن أتركها ولن أقبل بأية مصاعب دونها فالصعب معها يهون، كنت سأظل هكذا لسنوات حتى أقنعها يا أميرة، لم يكن سيعرف أحد والأمر ينتهي، لماذا فعلتِ ذلك لماذا؟
قالت أمينة بتعب
-أخبرني يا عبد الرحمن ماذا وجدت في الصور؟
يحتوي وجهها بعينيه، يملأها بحضورها الواهن
-أنت تؤلمي ذاتكِ، تستمتعين بالعقوبة التي تجديها مناسبة، أنتِ لم تقصري معهن أقسم لكِ على ذلك، لقد ربيتِ وأحسنتِ تربيتكِ يا أمينة، لقد صارحتك أميرة ولم يكن من الأمر بد.
نظر إليها وحرب عينيها تؤكد على بؤسها وحزنها.
-لقد اقتصصت لكِ منه..
يتدخل سالم المستند على الباب منذ حضوره
-وكنت لأقتص منه أنا الآخر لولا أنه تغير.
عقدت حاجبيها بشدة، تمسح دموعها بشرود، الكل يعلم عداها..
تلاقت نظراتها اللائمة لأميرة، لن تسامحها على ما حدث مهما طال الوقت…
-لقد مسحت الصور من هاتف عاليا نهائيا ولا يمكنها استردادها..ومن هاتفي أيضا، ضعي كل ما حدث في خانة الماضي يا أمينة وتوقفي عن لوم نفسك، نستحق الهدوء، والعيش في سلام..
قالت ببؤس
-لقد أتى محمد لخطبتها.
تنبسط ملامح سالم وهو يراها تأخذ رأيه
-أنا هنا بالمناسبة، هذه العائلة وقراراتها في رقبتي أنا.
وخزه عبد الرحمن في صدره فسعل بشدة
-وأنا الأكبر سنا، والأقدم حبا، والمدافع الأول فالقرار قراري.
متوجها ببصره نحو أميرة، التي تورد وجهها بشدة رغم انتفاخه من شدة البكاء.
لم ينصرف محمد إلا بتوسلها له بأن يغادر فالأمر لا يحتمل وجوده..
لم يمشي إلا وهي تمنحه وعدها بالتفكير في طلب زواجه منها..وطالما القرار بيد عبد الرحمن..هي حتما مطمئنة.
***
-عاليا!
يقترب بصحبة أمينة من تلك الشجرة البعيدة، يرغب بتجربة الهواء برائحة النيل معها وهي هكذا، بحجابها، مرصعة، تضوي ككريستالة مبهجة.
يتوقف ليحجب عنها ما خلفه بجسده، فيغمرها بسحر عينية المكحلة بالشوق.
-أترقب اللحظة التي سأنفرد بكِ فيها يا أمينة.
تبتسم بنعومة زادتها توهجا بعينيه فيردف
-أنا أحبكِ.
بذات الهمس، في تلك الأجواء، بعد عقد قرانهم، قاتلة.
تذبح تماسكها بقربه.
-أنتِ جميلة جدا.
بهذا الخفوت، وتلك النظرة، بانفراجة شفتية، مؤلمة لقلبها.
كم ترغب الآن في الاندساس بين أحضانه لتخبره بأن يتوقف عن الكلام، الذي يذهب بعقلها ولا يزيدها إلا جنونا ووقوعا في حبه.
-هل أقاطع شيئا ما هنا؟
يلتفت على الفور نحوها وقد أثار صوتها غثيانه، كم هي قاتلة للذات؟
يلتفت إليها بكله فبات يرى ركض سالم نحوه بصحبة إيمان هاتفا باسمها، حاجبا عن أمينة خلفه رؤيتها.
-ما الذي أتى بكِ إلى هنا؟
قالت بصراحة وصلت لمسامع سالم الذي اقترب
-جئت أفسد ليلتك.
أمسكها سالم بقوة يلفها إليه
-كيف تجرؤين على المجيء إلى هنا؟
واجهت صخب عنفه بحديثها البطئ
-كما جئت شقتك من قبل يا سالم.
وكأنك أسقطت عملة معدنية في سكون تام فقرعت بصوتها لتصدمك بترددات سقوطها.
تكمل حديثها مستغلة صمت الجميع واهتمامهم بما تقول
-أم نسيت ذلك اليوم الذي عرضت فيه مهاراتك، وأنا بصحبتك.
تستدير وتكمل حديثها الذي تتابعه إيمان ملتقطة ما تلملمه من حروف شفتيها
-يوم أتى خالك لينقذني من تهورك.
تشير باستهتار وسخرية
-لم أتخيل أن نهايتك ستكون على يد تلك الصماء!
لا يصدق نفسه من كذبها، لقد جاءت خصيصا لتفسد ليلته أيضا مع إيمان، يقف كالتمثال لا يصدق ما تفعله، بينما إيمان أمسكت ذراعه وتبدلت ملامحها.
خطوة منها لليسار حتى باتت أمينة تراها جيدا
-كيف حال العروس؟
أصبح عبد الرحمن يواجههم فأكملت بغل هاديء
-أتمنى أن تسعدي بليلتكِ كما سعدت أنا بليلتي.
تلتف حولها كأفعى تلقي سمها
-أصدقكِ قولا، لم أسعد بليلتي الأولى.
تكمل دورتها حولها لتقترب منه تربت فوق صدره وتقول بفحيح
-ليس عيبا فيه لا سمح الله، وإنما دلالا مني.
تمسك طرف بلوزتها القصيرة تنوه على وشمها وأربعتهم يناظرنها بحذر، لا يعلموا ما الذي تفعله تلك المجنونة عداه هو، يصدقها عندما أخبرته بسبب مجيئها، وهو لن يستوقفها في شيء، فلتنه مسرحيتها وتغادر بهدوء.
_وشم من كلمتان..ألم يخبركِ عنه؟
اقتربت أكثر من أمينة تمعن في إغاظتها
-هل صنعتِ واحد مثله، لقد أحبه كثيرا، وقبله مرارا.
تقول بإصرار
-حدثيني إن فشلتِ في إغواءه، فعبد الرحمن ليس ككل الرجال.
تنظر إلى سالم وتردف
-لا يخضع بسهولة.
تهم بالمغادرة وقد حاول سالم التهجم عليها فمنعه عبد الرحمن بإشارة من يده
-تمنياتي لك بالعمر المديد يا عبد الرحمن، وبالذرية الكثيرة.
ومع خطواتها الأخيرة بالقرب منه ألقت آخر سمومها
-أما عن طفلك مني، فقد أسقطته بنفسي، بشربة دواء، انتهى به داخل المرحاض، دم كريه تخلصت منه كي لا يجمعني بك طريق.
يضغط على أسنانه بعنف أوشك على تكسيرها، كيف تخبره بمنتهى البرود عن قتلها لروح أودعها الله في رحمها، كيف من السهل عليها إنهاء علاقتها معه بهذه القسوة المشينة!
تقترب من فتح سيارتها ليهتف باسمها يستوقفها، تلتفت إليه ويقترب منها بوجه حاد متجهم.
وما إن وصل إليها صفعها، بكل ما أوتي من قوة فانهارت تصرخ به
- أيها الحقير، هل نسيت نفسك، لقد كنت تعمل خادم عندي.
يمنع طارق نفسه من التدخل وهو بين الشجيرات القريبة، لقد راهن على عودتها واللهاث حوله من جديد، جيد أن حضر ليلة عقد قران عبد الرحمن ليراها.
تلك اللطمة التي استقرت فوق وجنتها شعر بها فوق وجهه، انتفض متألما..عازفا عن الظهور لينتهي الأمر ويتبعها.
يلف عبد الرحمن شعرها حول يده في الوقت الذي شهقت فيه أمينة من رؤيته يعنفها
-يبدو أنكِ إشتقتِ لجنون كمال وجلده لكِ.
تزعزع ثبات بؤبؤها بعد إتيانه على سيرته، تخرج أنفاسها متقطعة برعدات متوالية من أنفها فيشد على شعرها أكثر
-يمكنني ركلكِ الآن، أو تقييدك خلف سيارتكِ وأنا أقودها لأسلخ جسدكِ الآن ولن يعاتبني أحد.
يسحب أنفاسه بحدة آلمت صدره
-عن أي ليلة تلك التي تتغنين بها يا سليلة الحسب، أنسيتِ بأنكِ لستِ بكر.
يستمع لأنفاس سالم التي وصلت لأوجها ويعلم لو أنه تركها له لسحقها بين يديه.
ويستمع لشهقة أمينة التي حتما من أجل رؤيته على هذا الحال ومواجهته لها على هذا النحو.
إيمان بملامح مستفهمة وعبد الرحمن يوليها ظهره فلا ترى شفتيه ولا تستطيع سماعه، لكنها تتابع إنفعالات سالم جيدا.
-أم نسيتِ بأنكِ كنتِ نزيلة في مصحة نفسية وأن زواجي منك ليس رفعة أو مكرمة، أم فاتكِ ركضكِ خلفي حتى أتزوجكِ وأنا أرفضكِ بالكلية.
برقت عينيها بشرارات ملتهبة
-هذا مبررك للانتقام مني ودفعي نحو الجنون.
يلتفت اليها
-أنتِ مجنونة بالفعل، ألم تعِ هذا بعد، مجنونة، منبوذة، تجلبين العار لكل من يقترب منكِ.
يترك شعرها بعنف مبتعدا عنها، ينفلت صوته منه مرتفعا قويا
-أنا لم أرَ امرأة في بجاحتكِ صدقا.
تهجم عليه تجذبه من سترته ليواجهها
-تفضل تلك علي.
-بل أنا من ركضت خلفها، فهكذا هم بنات الأصول الشرفاء، تبحثين عنهم بالمجهر، وعندما تلتقيهم لن تفرطي فيهم أبدا.
يرد كلماتها منذ قليل عليها
-يختلفن كثيرا عمن هم من نوعيتكِ اللائي يزرن البيوت بحجة العمل.
تلك الكلمات قرأتها إيمان فكانت كدليل البراءة لسالم، الذي لن يزعزع حبها له كلمات حاقدة مؤججة للكراهية كتلك.
لا تنكر غيرتها ولا رغبتها في سحق قدمه بكعب حذائها وهو جوارها، لكنها تعرف تلك الأفعى جيدا مما فعلته بأختيها.
-تتصنع الشرف وأنت مخادع، لقد دفعتني نحو الحبوب وكنت تعلم ما أعاني، لقد أشعلت خوفي وجعلت منه حفل لتتشفى بانتصارك.
هنا تدخلت أمينة بحدة
-بل كنتِ تتناوليها من قبل معرفتكِ به.
-حسنا، لنسأل الشريفة عمن كان يجلبها لي.
يقف أمامها جامد الجسد متصلب الأطراف، يود لو يخنقها ليحرر العالم من شرورها.
-لقد سرقتك مني.
تدخلت أمينة مجددا
-بل أعدته إليكِ متمسكا بطفله منكِ، طفلكِ الذي تتغنين بفقده كدم كريه.
-ها هي المضحية تمجد ذاتها.
يبتعد عنها خطوات محسوبة
-لقد فعلت، وجئت إليكِ لا للرجوع، إنما لتخليص طفلي من أم مجنونة مثلكِ، ولم أكن لأردكِ أو أجتمع بكِ مرة أخرى.
تغمض أمينة عينيها، لا تعلم إن كانت غاضبة منه أم عليه، هل تضمه إليها بعد أن علمت معاناته، أم تهرب منه لرؤية وجهه القبيح في مواجهة عاليا.
تلك المواجهة ستترك في نفوس الجميع أثر لا محالة.
مطر خفيف بدأ في التساقط، لم ينتبه له أحد، والجميع منقبض مما يحدث.
تقول بحنين كاذب
-وأنت يا سالم، نسيت فطورنا سويا في الكافية القريب، نسيت جنوننا وقيادتنا، نسيت المقطم، فيض أرواحنا، نسيتني يا سالم، لم تشفع لحظاتنا في إثناءه عن تدميري.
-أنتِ من دمرت نفسك يا عاليا، أنت من توددتِ لي وكأني سلمة سريعة للوصول إليه، إخترت أصعب الطرق لشراء رجل يعرف كل ماضيكِ، ليس كل الرجال يمكنكِ شرائهم.
تتميز غيظا من رده الحاسم، تحرقها النيران وقد رأت إيمان تدفعه خلفها وتقف عاقدة ذراعيها أمام صدرها تواجهها.
تبتعد عنها لترمي بحقد مفاجأتها، من جاءت لأجلها
-أتمنى قبل مغادرتي أن تسأل الشريفة عن صغيرتها وما تفعله في الجامعة مع حبيبها، ألم ترَ الفيديو الذي يجمع أميرتها معه، في ذاك المكان الخالى.
لقد قرأت إيمان شفتيها جيدا، وفهمت ما تعني، تضع كفها على فمها من بجاحتها، تنظر إلى أمينة التي اندهشت من ابتسامتها، ليأتيها الجواب من خلفها
-اطمئني يا عاليا، لقد أخبرتها أميرة بنفسها.
اقترب محمد خطوات بسيطة، وأميرة تتوسد ذراعه، بينما ذراعه الحر ملتف حول خصرها بحميمية معذبة، يقول بحسم
-من دعاكِ للحضور، أعتقد أن الجميع يكره وجودكِ، أنتِ شيطان يسعده الوقيعة والكراهية، واليوم ليس لكِ مكان بيننا.
كان قد وصل في الوقت المناسب وقد تأخرت خطواته لينفرد بحبيبته عن الجميع، فيشد من سرعته حالما رآها واستشعر التوتر البعيد لعائلته الجديدة.
حاولت الاسترخاء وهي تقول
-لقد انصعت لأوامري وفعلت ما أريد ، انتظرت الأموال ومنحتك هاتف جديد لم تكن لتحمله براتبك الضعيف.
قال ببساطة مغيظة
-لم أنكر، الجميع يعرف.
احتدت نبرته وهو ينظر إليها بكره
-أتيتي إلي لانكِ تعلمين جيدا أن أمينة تحاوطها وتهتم بها ولا مدخل لكِ إليها إلا بمساعدتي.

التفت برأسه إلى أميرته مردفا
-أنتِ لا تعلمين كيف أصلحتني، لقد كانت لعبتكِ من حسن حظي لأتقرب من أميرة، بل وأتأكد من أنها كالسيف لا تصاحب ولا ترافق وقد تملكتني فكرة أن الفتيات في هذا الزمن لا يعلمن للعفة معنى، حطمت صنم الخيانة بداخلي وأثبتت أنها لي، أنا.. هي لي وحدي. .
ابتلع ريقه مبتعدا عنها وقربه الخطير منها يؤجج خواطره.
تبدلت نبرته إلى البرود ليردف
-ورغم ذلك..أؤكد على عدم سعادتي برؤيتكِ.
احكم عبد الرحمن قبضته حول ذراعها بغضب وقد ضاق ذرعا بما تقول، يفتح سيارتها، يدفعها بقوه بداخلها ويغلق الباب بعنف.
ينزل نحو نافذتها، وبصوت خشن يأتي من الأعماق، وعينين يتطار الشرر منهم حتى يحرقها، بعنق متضخم، وعرق نابض وسط جبهته من إنحائته يقول
-إن رأيت وجهكِ ولو صدفة مرة أخرى سأقتلكِ.
يضغط على أسنانه، تلفحها أنفاسه الساخطة يكرر
-هل سمعتني، سأقتكِ، دون تردد.
رفع جسده عن نافذتها، تكابد خوفها منه ومن تهديده، تتفكر في كلماته مرتعدة، وقد انقلبت تخطيطاتها عليها ليهنأ الجميع وتنبذ هي، إستمعت إلى قبضته فوق سيارتها يخبط بقوة بأن تنصرف، ففعلت بسرعة، تخشي صدق تهديده.
***
يلف السلاسل الدقيقة حول معصمها مستغلا لعمق نومها وثقله، انتفضت في محاولة للتخلص منهم فور انتهاءه من قفلهم بإحكام.
تنام على بطنها وشعرها القصير يفترش وجهها بعبثية، مهمل هو ككل ما فيها.
ملابس غالية لكنها متسخة، غرفة مفروشة على أحدث طراز لكنها مكتظة بالأطباق البلاستيكية الفارغة، وأكواب القهوة الكارتونية.
لقد تبعها ذاك اليوم وعرف مكانها، ترك لها الوقت لتهدأ بعد تلك المواجهة العصيبة.
-فك قيدي يا طارق أرجوك.
يخبط بقدمه مطفأة السجائر التي تعلقت رائحتها بجدران الغرفة.
يعلو صوتها مع انقلابها على ظهرها بتعب
-طارق فكني، لم أعتد منك على ذلك، أرجوك فكني.
يدور حولها وقد بلغ غضبه الذروة، تلف برقبتها نحوه وهي تراه يحدق بها بحاجبين أوشكا على الإلتحام.
-أنا لم أفعل شيء، لقد هربت، فقط هربت من الجميع عل حياتكم تستقيم بدوني.
تواصل حديثها الدفاعي بنهم
-لقد استمعت إليك أنت وخلود..لقد أثقلت كتفيك، لقد وصفتني بالمجنونة..تمنيت لو أسقطت جنيني كي لاتتحمل عبء آخر مثلي.
جنون توسلها جعل من عقدة صمته عقدتين، يخفي انفعالاته عن عينها بينما داخله صراع أجوف لا يملك حسمه.
-أنا.. أنا أسقطت جنيني، لست بحاجة لأحد ولا أحد مسؤول عني منذ طلاقي، لقد رفعت حمايتك عني منذ وقتها ولا أريد استعادتها.
قيدها أعادها للوراء سنوات ليتشنج جسدها بعنف ذكرياتها مع صراخها
-أرجوك يا طاارق.
لسعة السوط، مع لمسة حانية وتهويدة لروحها بالعشق، كلمات مثخنة بالعاطفة وفعل وحشي تجاه جسدها.
ترجي آخر لأخيها رد في صدرها بصمته، تمثال بغير إشارة أو ملامح.
سيل الدموع يختلط بشعرها مع استلقائها وروحها تتفتت بذكرياتها المؤلمة.
صورة كمال وهو يعرج ويقترب منها هامسا بشوقه لتعذيبها..
دواء تدسه في حقيبتها فتعطيه للجد لحقن أبيها، جد خلود وهو يطبطب على قلبها، تضغط قدميها فوق سريرها تحاول تخليص نفسها من القيود فتبدو كمن تلقى جرعة من الكهرباء فسرت نحو دماغه مباشرة.
تصرخ بفشلها تشهق باكية
-لقد قتلت أبي.
نواح الأطفال، واهتزاز المجاذيب، وحديث الأسوياء.
خلطة من التناقضات قد اقتنع بها من قبل وتركها تتعافى وتواجه الجميع، حتى فطن جنونها وتلونها.
لن ينخدع بتلك الأقاويل فلقد سمع شبيهاتها من قبل وتفتت قلبه عليها، أما الآن فيقف صلبا ضد كذبها.
يقترب إليها بفحيح
-كنت لأفتخر بتعذيب أبيكِ أمامكِ لو كنت أعلم بمازوشيكِ.
يقترب أكثر وقد خافت من قسوة ملامحه
-كنت لأهبكِ أنا السوط، بل لاشتريته لأجلك وألهبت جسدكِ به كالطفل الذي يتعلق بشيء يضره لكنه يسعده، لربما افقتِ من جنونكِ ونجحت في تربيتكِ منذ بادئ الأمر.
شعرت برغبة عارمة في المهانة
-اضربني يا طارق، هيا، كفر عن أخطاءك واصفعني يا أخي، إفعل بي ما شئت، والآن.
يعدل هيئته، يتأملها ببطء، وقد عاد لصمته من جديد مع انقطاع أنفاسها أمامه واحمرار وجهها.
لحظات مرت عليه ليفهم ما حدث للتو.
يكاد يسقط صريعا مما فهمه..
هي لم تتخطَ خطوة واحدة نحو علاجها؟
أم هي انتكاسة؟
ملامح الامتعاض على وجهه غير قادر على إخفائها، ولا يستطيع أن ينظر إليها.
دقائق يستمع لنشيجها بحيرة، مستاء مما يستقيه منها، قال يخفي عنها هواجسه بظهره.
-عبد الرحمن طلقكِ.
تبتلع ريقها ودموعها، تتبدل ملامحها..
تضغط على أسنانها وكأن تحتهم إسفنجة الصعق، قدميها متخشبة بأنفاس متسارعة.
-قبل هروبكِ بالمناسبة.
جلس جوارها يصارع رغبته في شتمها ينظر إلى عينيها المهتزة، يحاصرها بأسئلته
-لماذا يطلقكِ وأنت تحملين طفله، هل أخبرته؟
تسيل دموعها أنهارا تزامنا مع حدتها
-أنا أكرهه، أكرهه، لا تتحدث عنه أمامي.
-ماذا عن عالم الأعمال، ألن تعودي إليه؟
-لا.
-هل خططتِ للإيقاع به؟
تعالى نشيجها كالأطفال، كمن فرقعت بالونتها، مخزون من الدموع تماسكت لئلا تسقطه منذ شهور.
أخيها هو سندها وظهرها الصلب، علاقتهم أبدية لن تنتهي إلا بالموت، من ستظهر خيباتها أمامه إلاه، من يثأر لها ويهمه أمرها سواه!
-طارق أرجوك، فكني ونتحدث بالعقل.
قال بهدوء وهو يعي توسلاتها المريضة، مؤكد اشتاقت لمن يمتهنها.
-أنتِ لا تملكي ذرة تعقل، لم يهمك من دهستهم وأنتِ في طريقكِ لتحقيق حلمكِ الذي هو رجل؟
بجسد ساكن متماسك يكتم اشتعاله أردف
-كيف عدتِ إليه متحججة بافساد ليلته والتبجح بتخلصكِ من جنينك؟
يضرب على جنون مشاعرها
-كيف تخلصتِ من قطعة منكِ فقط للانتقام، لقد قتلتِ طفلكِ يا عاليا، خنقتِ طاقة الأمل التي ربما أنقذتكِ.
-أنا لم أكن طاقة الأمل لأحد، لقد نبذتوني، كرهتوني، لماذا أكرر أخطاء أمي مع طفلي يا طارق.. لماذا؟ لماذا يسعد ويهنأ بطفل ولن أكون معه، سيأخذه لأمينة..
تتعذب بصراخ
-يحبها، ويحظى بطفلي.. سعيد.. وأنا..أنا..أين سأكون..
قال وهو يجذبها بصلابة لتقوم معه
-أخبركِ أنا، ستذهبين إلى مصحة نفسية حتى تتعافي، ومنها إلى أخرى حتى أتأكد بنفسي من علاجكِ، ومنها إلى الخارج ليُصدَّق على كلام أطبائكِ هنا.
تمتنع عن السير معه تدفعه بكتفها بعنف
-لن تعودي إلى الفيلا إلا ومعي تقارير تثبت تعافيكِ التام وبعدها ستكونين تحت رعايتي مجددا، ولن أرفع عيني عليكِ، سأسجنكِ في القبو لو تطلب الأمر ذلك حتى موتكِ.
تناظره بتصلب شفتيها تهتز كأنها تكتم حديثا فاض به قلبها، تضرب رأسها بصدره مرارا ومرارا، تصرخ بشدة.
لم يرها سوى نفسه، ذات الصراخ بين يدي خلود، المطر، رجفة النوافذ، يوم اعترافه لخلود عن وجعه..مشهد يتكرر أمامه الآن وعاليا بطلته.
لم تحتويها ذراعيه وقد اكتفى من خداعها..
تسقط على ركبتيها تكمل صراخها..
يشفق عليها، يدعي القوة يقسم على ذلك لكنها أخته، التي لطالما دعمها واحتواها..
سيغير وسيلته هذه المرة لربما نفعت الشدة..
نشيجها المختلط بحديثها لا يفهمه، ينزل أرضا نحوها فيرفعها إليه.
-أنا أحتاج للعلاج..عالجني..أنا موافقة لكن فك قيدي.
أمسك هاتفه يجري محادثة كتابية، ليرن بابها سريعا، تلاحقت الصور أمامه بين جذب اثنين لها، ودفعها لهم، بين بكائها وقوتها..
لم يتمنَ رؤية ذلك في حياته، يتقطع فؤاده ويتمزق إربا، لكن أذيتها للغير باتت في رقبته.
يخرج من سترته هاتفه الذي سجل عليه هذا الحديث، الذي دون العرض على طبيبتها يكشف جنونها ومازوشيتها.
***
الخاتمة
***
-سوف نتأخر على الزفاف يا محمد.
تجلس خلفه وهي تضع خوذة فوق حجابها الأبيض فتتذكر ذلك التاج اللامع الساكن فوق رأسها فتنزعه.
-لماذا لم نركب معهم السيارة، ستفسد زينتي!
قال وهو يزيح مثبت الدراجة بقدمه، ويتناول التاج من يديها يضعه بجيب سترته الرسمية، أختارها بيضاء عكس العريسين الآخرين الذين سيشاركنه عرسه كما كل شيء..
البناية، المصعد ذاته، محل الأثاث، كل شيء.
-أين؟ فوق شباكها، أم أجلسكِ أنتِ جوار سالم وأجلس أنا فوق السيارة، لا تقلقي حبيبتي، لن نفسد شيئا هذه الليلة.
-أنا أملك دراجة بخارية وسأزفكِ بها شريطة أن تمنحيني ثقتكِ
ملتفتا إليها بجانب وجهه الذي اختفى داخل خوذته
-وفرحتكِ.
-سالم يملك سيارة أيضا وكان بإمكانه الزفاف وحده.
أكمل عنها
-يريد أن يشعر بسعادته مكتملة وهو بصحبة خاله فلماذا نتطفل عليهم؟
شرع في تشغيل الدراجة، شتاء، شوارع شبه فارغة، سرعة عالية..
يجلب الهواء عطره الثقيل فيسكرها مستندة على كتفه بينما كفيها متشابكتين حول خصره فتشابك طرفي سترته بدون زر يغلقها.
مستمتعة بلسعة البرد التي تتغلغل لفستانها فتشعر برعدة لذيذة بصحبته..
وكأنها ملكت الدنيا وما فيها، لقد أرادت أن تكون بصحبة أخواتها لكن صحبته حنين، والارتباط به شغف قلبها..
حتما ستراهم، كل يوم.. كل دقيقة..لن يبتعدوا أبدا.
ضاقت أنفاسه وهي تشدد من عناقها لظهره فعلم عن أفكارها، شكى تملكها بحبها واستوطنت لمساتها قلبه.
تلك الملامسة الصلبة لخوذتها كتفه، إنما هي تسليم له وإذعان لحبه الذي لطالما تغنى به في الأيام الماضية.
يفك قيد أحدى يديه عن القيادة ويحتوي كفيها بكفه، تربيتة مطمئنة، حانية، ثم مزحة مشاكسة
-خففي قيدكِ قليلا سأختنق يا أميرة، أنا لن أهرب.
-لقد فعلتها مرارا وابتعدت.
-حتما لن أفعلها اليوم وأنا عريس.
يأخذ ملف بدراجته فتشتد ضمتها أكثر وأكثر، فانهارت عاطفته أمام لمساتها وتمسكها فقال بنعومة
-ربما أهرب بكِ.
ابتسمت وهي تشعر به يركن دراجته، لم يقتربوا حتى من القاعة المتفق عليها، قالت بقلق
-ما الأمر؟
يمسك كفيها التي لازالتا معقودتين حول خصره فيرفعهم نحو صدره
-أنظري بنفسكِ.
قلبه يدق..لا..خفقات مدوية تعصف بصدره وقد نفد رصيده من الصبر؛ يمسكها وينزلها من خلفه، يفسح لها مكان للجلوس أمامه
-منذ اليوم ستكونين أمامي يا أميرة، أريد أن أراكِ في كل وقت، أريد أن أنعم بوجهكِ البرئ طوال الوقت.
ينزع عن وجهها الخوذة ليرى جمالها الآخذ، عينيها التي ازدادت اتساعا، لونهم البني الذي يعشقه، لقد رفض أن ترتدي عدسات لاصقة في هذا اليوم.. أرادها كما هي..
يخرج التاج من سترته مجددا..
-أردت أن ألبسكِ إياه بيدي يا درتي..
كان لازال بخوذته، لا ترى سوى وجنتيه الملتصقة بين جانبيها فنزعتها عنه..
-أنا درتك يا محمد.
يتبع قوله بتلبيسها التاج أعلى رأسها
-وستظلين هكذا دوما، درة لم أكن أحلم بامتلاكها..
لحظات وابتل التاج، وهدمت تصفيفته، وذهب لمعان شعره، أمطار غزيرة غمرتهم، وكأنها تذكرهم بأول خفقة..أول تساؤل وتصادم واقتراب..
تذكرهم بأنه قدرها منذ البداية مهما ابتعدت.
***
زفافه الثاني، لكن فرحته الأولى، فرحة موافقتها، ولذة السير في طريق طويل مشاه بصبر نحوها، كفها المطلي بطلاء شفاف يعكس طهر روحها مستند برقة فوق مرفقه وهو يدخل بها القاعة.
تستقبله الدفوف كما القارع بقفصه، يمسك بيده المفرودة بجانبه يدها المنبسطة على مرفقه بتملك خطير..فتتنتقل سعادته إليها..
لقد حضرت زفافه من قبل كأحد المعازيم، كان جافا وباردا هو وأجواءه ومن حوله جميعهم، وكأن عاليا منحت كل شيء الصقيع القاتل.
فعلت مثله فكانت يدها فوق يديه وتحتها، من يراهم الآن يوقن بأنه الحب، الزواج الذي كلل علاقة طويلة من الكر والفر.
لم يتحدث أحدهما في ذلك الوقت فالدفوف مرتفعة الصوت، كما لازمها صخب أفكارهم.
تنظر إلى الخطوط حول فمه، مسترخية..
ابتسامته الرائقة المشرقة..
رفعة كفه يحيي عم ربيع الذي قص حكايته عليها وامتلأ برادها وإيمان بمشروعه الصغير، بينما محمد أُقحِم الزبادي في براده عنوة من قبل سالم، مهددا إياه بأنه سيقطع عيشه بالمثل لو قطع الآخر عيشه لدى العم ربيع.
إبتسامة تضاهي صفائها صفاء السماء، وسعادة غامرة طغت على خوفها من نظرات الجميع إليها، هي لا تحب أن تكون محط الأنظار ..
يرى نظراتها التي استقرت أرضا، متذكرا تلك اللعنة المحبة للأضواء التي نزلت عليه كالصاعقة، مبتسما بأنه تخلص منها وبكل ما يتعلق بها.
ينحيها عن عقله.. هو لن يتذكرها حتى بينه وبين نفسه..حتى اللعنات المؤذية لنفوسنا توجب علينا نسيانها لنكمل حياتنا باسترخاء وقدرة على المنح..
-لقد تأخرت أميرة..
-هي مع زوجها يا أمينة، توقفي عن معاملتهم كأطفال لقد سلمتي كلتاهما لرجال.
عندها فقط..فقط..علمت بأنها نالت أفضلهم.
**
يحثا الخطا هما الإثنان عندما وجدوا سالم وإيمان بانتظارهم في الخارج وفاتتهم الزفة.
ينظر إليه سالم بضيق والمياة تقطر من بدلته وفستان أميرة.
-أين كنتم، لا تخبروني أنكم وددتم تجربة الرومانسية تحت المطر فأخرتم زفافي ساعة كاملة.
قالت أميرة تشير إلى إيمان
-انتِ تلعقين المتبقي من الأرز باللبن من الملاعق والطناجر وتمطر فوق رأسي أنا.
ضحك ثغرها الصغير، طفلة هي يوم عرسها بقصر قامتها جوار سالم المتعلقة بذراعه، تقترب منه مندسة بسعادة في يده..
كانت ترغب دوما في أن يكون يوم عرسها ماطر..أشارت إليه
-هل يمكننا تجربة الرومانسية بالخارج يا سالم تحت المطر..
رفعت أميرة وجهها نحو السماء، بينما محمد يمسح وجهه وشعره الذي التصق برقبته وجبينه..
-هذه تجربة لا أنصحكِ بها يا إيمان.
خبطه سالم على كتفه
-عليك بتعلم لغة الإشارة سنكون عائلة ولا أريد أن تحرجها بعدم التواصل معها..
بدا مترددا
- أقول لك..لا يهم، لا تهتم للأمر ..لا تتواصل معها من الأساس.
يلتفت بوجهه متسائلا
-سالم..أين عبد الرحمن وأمينة؟
قال وهو يخرج كفيه من جيبي بنطاله يعقدهما حول صدره
-تصرفا ككبيرين مسؤولين واستقبلا المعازيم نيابة عنا.
قال محمد وهو يغلق سترته برسمية
-ولماذا لم تتصرف كناضج مثله؟
يدفع سالم يد محمد ويفتح سترته التي أغلقها للتو
-أولا يا حبيبي هذه لا فائدة من غلقها أو فتحها، عليك معرفة أنك وهي ستنعما بأسبوعين بصحبة الإنفلونزا وادعو لي حينها، أما عن دخولي..
اقترب منه ليقول
-المفاجأة أيها الغبي، ألم أخبرك؟
خبط محمد على رأسه مقلدا سالم
-أولا شكرا على هذا الفأل الحسن لإصابتي وزوجتي..
قاطعه سالم
-لا تشكرني هذا واجبي..
قاطعه الأول
-ثانيا، ما علاقة المفاجأة بنا.. أنت ستفاجئها هي..
شعر ت إيمان بشيء بينهم وإشارات محمد متجهة صوبها، لم تفهم حديثهم وهي منتبهة على أميرة التي تحاول التخلص من المياة التي أثقلت فستانها..
قال بتفكير
-هل مفتاح سيارة عبد الرحمن معك؟
-لا.. لماذا؟
-أفكر بالهروب فعليا، لن نظل طوال الحفل هكذا حتما سنمرض..
يجذبه من يده..واليد الأخرى يتمسك بحبيبته مقتحما القاعة..مفوتا عليه فرصة التراجع فهو لن ينتظر ثانية إضافية أخرى، وحالما رآه منظم الحفل شغل موسيقى هادئة.. أضواء خافتة..
التفت الجميع نحوهم..وأميرة التي التقطها محمد قبل اقتحام القاعة تدخل مسرعة متعلقة بيده.
يقتربا من منتصف القاعة..ترك محمد منتبها بحواسه إليها، والأضواء كلها فوقهم.. وبأشارة متفق عليها دوت كلمات..
أنا عندي حِلم وفي يوم أكيد
هقدر و أطول أبعد سما
أشار بها على مهل وعينيه تلمع وقلبه يترقب، وشفتيه تغني..
تتلقف كلماته واشاراته حولها، تتشبع من عذوبة إشاراته.. قلبها يخفق، عينيها دامعة تعكس صورته وفرحته فيكمل
أنا فيَّ قلب يقدر يقول
الكلمة من غير ترجمة
انفلتت دموعها، وارتعشت يديها بيده وهو يؤدي دور مترجم الإشارة لها أمام الجميع، فترد عليه بأشارتها الناعمة..
-أنت قلبي ولساني.
لازال يدور بها ومعها، يذيقها حنان لم يغمرها بتلك الدفقات المشبعة يوما، يغمض عينيه ويشير
بحلم يكون لي في يوم كَيان
و أخد مكان و أوصل لأحلامي إنما.
فتتسع ابتسامتها وتشير إليه
-أنت من صنعتني
يمسك خصرها متمايلا معها، يجمع أصابعه معبرا عن الشمس بحركة خطفت لبها
الشمس نورها عشان يبان
لازم تكون الدنيا قَبله مظلمة.
يتلقف دموعها بين كفه، يزيحها برقة مملسا على نعومة وجنتها فتشير له من ذلك القرب
-أنت شمسي ونوري.
انضمت إليهم أمينة وهي تشير إليها بأشارات طويلة
المستحيل وَهم في خيال
كل اللي سابو القطْر فات
بس اللي يتعب في الزمان
ده بكرة يِعمل مُعجزات.
لقد صنعتها بهم، من دعمهم وحبهم، تركت أميرة كف محمد ملتفة هي الأخرى حول إيمان مشيرة لها
يفرق معانا كل حد
و كل إيد بتشدنا
وإزاي في ناس واقفين ورانا
بدون سبب بتحبنا.
لم تكن تبكي وحدها، ثلاثتهن بكين، الحاضرين من النساء، بينما الرجال تأثروا من تلك الدفعة القوية من الحب التي تغمرهم..
أشارت إيمان هذه المرة ولا زالت بين يديه
ومكان ما حلمي يكون
هروح دايما هناك
في حلم مستنيني على خط النهاية.
إشارات أمينة وأميرة مشكلين دائرة ضيقة بيضاء بفساتينهم المطرزة المتوهجة ببريق السعادة.
ومن غير ما تحتاج حد فينا إحنا معاك
حتكون في يوم بطل الحكاية
أنا عارف إني مُختلف
ودي حاجة مُش بإيديا إني أحلها
أنا نفسي بس أشوف و أحس
في عيونكو نظرة أرتاح لها

قالو الجمال في الروح
عشان هيا اللي باقية
مهما هتعدي السنين.
ملابسهم التي تعكس بلل الأمطار التي لم يعودوا شاعرين ببرودتها، ذلك الدفء المنبعث من قلوبهم غمر القاعة وربما جفف ثيابهم، كانت شفتيها تبعث له رسالة من الأغنية، وكذلك عينيها..
هل تقصده!
قلت الجمال إنك تشوف نفسك
جميلة بأي شكل في كل عيب
اختلافنا رحمة لينا
و حكمة من حكم الحياة
كل واحد ناقصه حاجة
في غيره حاجة مكملاه
فرد كفه على خصرها من الخلف، يسحبها نحوه من تلك الدائرة الصغيرة، هو يشعر بالسعادة في يوم عرسه، هو يوم عرسه بحق، اختياره وقلبه، يقربها من صدره يكمل الاغنية بأذنيها
مش مهم تعيش حياتك
كلها مع حد شبهك
المهم إنك تعيش
مع حد مطمن معاه

تمت بفضل الله💞


هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 31-05-22, 08:56 PM   #197

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عزيزات مشاهدة المشاركة
مبروك التمييز تستحقين 🥰🥰🥰🥰🥰😍
الله يبارك في عمرك حبيبتي
ممنونة للمباركة الطيبة

عزيزات likes this.

هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس
قديم 01-06-22, 07:06 AM   #198

سناء يافي

? العضوٌ??? » 497803
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 447
?  نُقآطِيْ » سناء يافي is on a distinguished road
افتراضي

الله رواية رائعة ونهاية سعيدة كل واحد نال الي يستحقه تسلم ايدك وبالتوفيق
هالة حمدي likes this.

سناء يافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-06-22, 10:51 PM   #199

hamossa

? العضوٌ??? » 342870
?  التسِجيلٌ » Apr 2015
? مشَارَ?اتْي » 590
?  نُقآطِيْ » hamossa is on a distinguished road
افتراضي

thank uuu so much
هالة حمدي likes this.

hamossa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 11-06-22, 02:13 AM   #200

funy19

? العضوٌ??? » 36652
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 3,009
?  نُقآطِيْ » funy19 is on a distinguished road
افتراضي

Thaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaaanks
هالة حمدي likes this.

funy19 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:55 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.