آخر 10 مشاركات
عروس للقبطان - كاى دايفز - ع.ق (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          خذني ..؟ -ج1 من سلسلة عشقٌ من نوعٍ آخر -قلوب قصيرة - للرائعة ملاك علي(كاملة& الروابط) (الكاتـب : ملاك علي - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          قيود ناعمة - ج1سلسلة زهورالجبل - قلوب زائرة - للكاتبة نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          بأمر الحب * مميزة & مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          Un mariage sous condition de Linda Howard (الكاتـب : Jamila Omar - )           »          أحلام بعيــــــدة (11) للكاتبة الرائعة: بيان *كامله & مميزة* (الكاتـب : بيدا - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          إشارة ممنوع الحب(57) للكاتبة jemmy *متميزة* كاملة (الكاتـب : Jamila Omar - )           »          صفقة زواج (56) للكاتبة jemmy *كاملة* ...a marriage deal (الكاتـب : Jamila Omar - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree3784Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-02-23, 05:03 PM   #561

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




الفصل الخامس والعشرون

***

تكلموا تُعرفوا، فإن المرء مخبوء تحت لسانه..
من أقوال أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه
سيدنا عليّ ابن أبي طالب
***



أفزعه طرقها الصباحي وصياحها المفاجئ باسمه:

ـ معاوية.

أزاح الغطاء عن وجهه بعصبية وزفر يدلك جبينه بيأس فإن لم ينهض ويسكتها ستظل تناديه هكذا كأنها بائعة في سوق الخضراوات وسيعرف القاصي والداني بأنه لا يزال محتلًا فراشه، كررت النداء فمد يده يمينًا إلى الكومود يلتقط هاتفه فينقر على شاشته لتظهر له الساعة، لا يزالا في السابعة والنصف وقد نام قبل ساعة واحدة فقط بعد أداء صلاة الفجر، لم ترحمه عبلة وتصمت أو تخفض صوتها الجهور حتى، نهض متألمًا برأس ثقيل يغادر الغرفة إلى الصالة المرتبة وتوجه إلى النافذة فتح دفتيها الخشبيين ليقابلها نزقًا:

ـ ماذا تريدين؟
بشّ وجهها مع ابتسامتها الواسعة ورفعت له صينية الفطور:
ـ فطور الهناء يا معاوية بك، حضرته خصيصًا من أجل معاليك.
ضرب جبينه وتحركت أنامله عنيفة مضطربة فوق رأسه وكاد يجتذب خصلاته ويقتلعها غيظًا:
ـ لا أريد الفطور يا عبلة، من فضلك لا تطرقي بابي ثانية، أريد أن أنام الآن.
عبست وأزاحت نظراتها عنه فيما تلوي شفتيها:
ـ والفطور الذي تعبت في إعداده؟!
هدّل كتفيه متنهدًا:
ـ خذيه معكِ ودعيني وشأني.
حدجته غاضبة ثم أشارت لباب المنزل المرتفع نسبيًا:
ـ افتح الباب حتى أضع الطعام في المطبخ.
استنكر ذلك وصاح رافضًا:
ـ بالـتأكيد لن أفتحه، لستِ صغيرة ولا يصح أن تدخلي البيت وأنه فيه وحدي.
جعدت أنفها متهكمة فيما ترمقه بسخرية واضحة:
ـ لكنك أخي، أمي أرضعتك مع أحمد وقالت لنا أنك أصبحت ابنها من وقتها، وكل أولادها إخوة.
حاصرته في ركن ضيق وأجبرته على الاستسلام فتمتم:
ـ لا أنكر ذلك، لكن أخاكِ أحمد نفسه لا يعتبرني أخاه!
مطت شفتيها بلا اكتراث ودارت عيناها حوله بملل:
ـ لا يهم، المهم أنني وحسن نعتبرك أخانا.
استأنفت بعد برهة صمت:
ـ شاركني الفطور الآن، أريد التحدث معك في أمر مهم.
رمقها مضيقًا عينيه فهي أصغر وأقل جدية من التحدث في أمور مهمة:
ـ ما الأمر؟
أشارت برأسها للجلسة الأنيقة أمام باب الشقة مباشرة، فالمدخل يتكون من درج قصير ومساحة واسعة مستوية أمام الباب المغلق، قد اهتم بها العمال وفرشوها بالأثاث قبل أن يسكن معاوية هذا البيت، حثته عبلة بضربة خفيفة على الأرض:
ـ لن أضيع اليوم بأكمله في توسلك يا معاوية لا تصدق أنك مهم.
تمتم خلفها مصدومًا:
ـ لا أصدق أنني مهم؟
افتعلت ابتسامة باردة:
ـ هيا قبل أن أعود للصياح باسمك من جديد.
تأوه حانقًا ودلك جبينه براحة يده بعنف:
ـ حاضر يا عبلة تفضلي افترشي الجلسة بفطورك ريثما أغسل وجهي وأنضم إليكِ.
رفعت ذقنها متعالية قبل أن تقدم على صعود الدرج تحت دهشته من تصرفاتها، هز رأسه يمينًا ويسارًا بلا حيلة وأطبق أجفانه واستدار للداخل، غسل وجهه بماء بارد وجففه ثم خرج إليها ووقف أمام باب الشقة متأففًا:
ـ أنا أسمعك، تفضلي ثرثري.
ضحكت بخفوت فيما ترص الأطباق فوق الطاولة وتشير إليه:
ـ انظر، أنا طباخة ماهرة.
أخفض بصره إلى الطعام الذي تتشدق بمهارة صنعه فوجد أجبان وبيض مسلوق وبطاطا مقلية وبعض المقبلات، رفع عينيه إليها متهكمًا:
ـ واضح واضح، تبدين مثل الشيف بوراك تمامًا.
انطلقت ضحكاتها واستقامت تستدير إليه، دنت منه في خجل وبادرت بعناقه من الجانب، أخذها تحت ذراعه تلقائيًا وضمها للحظات ثم حررها، ابتسمت وعادت إلى أطباقها قائلة بمحبة:
ـ هيا تفضل.
شعر بسكينة تغمره فجأة، هذه الفتاة بريئة وحمقاء ولا تعرف شيئًا عن بشاعة العالم، رافقها في تناول الفطور وأذهلته شهيتها غير المناسبة لضآلة جسدها، وهو فاقد للحواس لا يتذوق الطعام ولا يشعر بروعته مثلما تخبره، تناول عدة لقيمات بصمت حتى وجدها تضع كوب الماء الذي تجرعته في دفعة واحدة فوق الطاولة وراحت تتحدث:
ـ أريد أن أسألك سؤالًا.
وضع الخبز من يده وانتبه لها:
ـ خير.
ازدردت غصة بطيئة وسألته:
ـ ما هو معيار النجاح والفشل يا معاوية؟.
أذهله سؤالها فارتفع كلا حاجباه مستفهمًا:
ـ لماذا تسألين هذا السؤال؟
تنهدت في ضيق وأخبرته:
ـ خالتي صفية قالت أنني فاشلة مثل أمي.
اكتنفه الحنق وود لو ينهض ويذهب إلى خاله ويشكو له ما يسمع لكنه ارتكن للحكمة وسأل عبلة بهدوء:
ـ وما رأيك أنتِ يا عبلة، كيف تقيمين أمي قمر؟
قضمت شفتيها لحظات وغمغمت بصوت يكاد لا يسمع:
ـ لا أعرف.
تحكم في غضبه وراح يحدثها بصبر:
ـ ليس بإمكان المرء أن يكون مثاليًا في كل شيء.
أسبلت أهدابها تكمل بدلًا عنه:
ـ أمي لا تنفك عن العمل المثمر، كل شيء تمسكه بيدها يتحول من شيء بلا قيمة لآخر قيم ومهم إلا....
بتر معاوية سردها الذي انتهى بغصة يأس:
ـ إلا والدك، فقد تزوج صفية وترككم، أليس كذلك؟
أومأت فيما تنطفئ عيناها بغمام الحسرة:
ـ أجل.
رفرفت أهدابه وأجلى صوته ليخرج أكثر قوة ورصانة:
ـ ليس من شأننا أنه فعل ذلك، هو قراره وحده، لقد تضررنا نعم لكن الأمر الواقع أنه اختار بنفسه، فلماذا نظل نحن سجناء الحزن بسببه.
هزت رأسها بطريقة تشي ببساطتها:
ـ ماذا تقصد يا معاوية، أنا لا أفهم.
تبسم برفق:
ـ أقصد أن أمي قمر لم تمت خلفه، وما زالت هنا لا تربط نجاحها فيما تفعله به.
أومأت بتفهم ومن ثم توقفت تبلل شفتها بطرف لسانها:
ـ لكنني فاشلة في كل شيء، أمي لديها بعض النجاحات في البيت والمزرعة ولديها مالها الخاص لكن أنا لا شيء البتة.
أشار برأسه إليها باسمًا:
ـ لا تزالين صغيرة يا عبلة، لديكِ العمر بأكمله تفعلين أشياء مفيدة.
ترددت لحظات قبل أن تتحدث بصوت خفيض:
ـ أنتَ ناجح والجميع يفخرون بك.
تنهد بصدر معتل وأطبق أجفانه فقد باتت هذه السيرة تخنقه:
ـ معيارهم سطحي.
توسعت عيناها تعارضه:
ـ وأنا أيضًا أفخر بك لا تقل عني سطحية.
قهقه وأشار للطعام:
ـ لقد انتهينا من تناول الفطور، هيا انهضي وخذي أطباقك وغادري!
طرقت الطاولة عدة مرات بطفولية:
ـ ليس قبل أن نعقد اتفاقًا.
زفر ومسد جبينه:
ـ ها قد أتينا للمتاعب وألم الرأس.
ضحكت ببراءة:
ـ كما تعرف أنا الآن قد وصلت للثانوية بأعجوبة.
رفع أحد حاجبيه وأنصت لها باهتمام فاستأنفت:
ـ أنت ستساعدني في الدراسة لأكون طبيبة، وأنا سأحضر لك كل يوم وجبة غداء ساخنة.
فغر فاهه فتلك الطفلة تفاوضه بثقة لم يعهدها فيها، لوح لها بكفه بلا اكتراث:
ـ طبيبة مرة واحدة؟... لقد قلتِ إنكِ قد وصلتِ للثانوية بأعجوبة، تظنين أنني ساحر مثلًا ومعي فانوس سحري يحقق لكِ المستحيلات؟
عبست وأدارت وجهها بعيدًا عنه:
ـ لكن عمتي نادرة قالت إنك كنت تلميذًا عاديًا حتى نهاية الإعدادية وبعدها أصبحت تهتم بالدراسة.
اتسعت ضحكتها وأضافت:
ـ ولا تنسى نصيبك من الصفقة، الوجبة الساخنة من يدي!
لوح لها بلا اهتمام:
ـ أمك تحضر لي الطعام كل يوم، لا أحتاجك في شيء.
رفعت ذقنها من جديد:
ـ لكنني أستطيع طهو طعام مختلف غير المحشوات واللحم والدجاج والأوز خاصة أمي.
سألها مضيقًا عينيه:
ـ تستطيعين صنع البيتزا؟
سارعت بالإجابة المشاغبة:
ـ والبرجر أيضًا.
صفق فجأة بحماس:
ـ حسنًا اتفقنا.
ودون مقدمات ظهر حسن من العدم فقد جاء قبل قليل وانتظر حتى تنتهي عبلة من المفاوضات، ضحك بانطلاق فيما يصعد الدرج:
ـ لا أصدق أنك وافقت بتلك السهولة.
تنهد معاوية واتكأ لظهر الأريكة من خلفه:
ـ مع الأسف يا حسن.
وصلهما حسن والتقط إصبع بطاطا مقلي يتناوله ببطء ثم يشير إلى رأس أخته بسبابته:
ـ هنا كتل خرسانية لا تخترقها المواد الدراسية ببساطة.
مال معاوية برأسه مستسلمًا تمامًا:
ـ سأقنعها فيما بعد أن تترك التعليم وتتزوج كي تهتم بزوجها وأطفالها.
ضحك حسن وبسط ذراعيه بمسرحية:
ـ اسمحا لي أن أنضم إلى هذا التجمع الرائع، وأقيم هنا للأبد.
اعتدل معاوية يسأله:
ـ ستظل معنا دائمًا؟.
شرد أمامه يعانق بصره وريقات الأشجار العالية:
ـ ربما حان الوقت للخروج من عباءة أبي والانطلاق هنا.
مشط معاوية المدى من حوله:
ـ وماذا يوجد هنا كي تنطلق فيه؟
تهالك حسن جوار عبلة التي عادت تنتاول الفطور من جديد:
ـ سأنشأ قناة على اليوتيوب وأصور المزرعة بتفاصيلها.
ألقى معاوية وسادتين إليهما، واحدة استهدف بها حسن والثانية لأخته فأجفلا:
ـ لقد أتيت إلى هنا للهرب من الصخب والاختلاء بنفسي، لا يناسبني هذا النشاط الاجتماعي.
قالها ونهض يدلف إلى الشقة ويصفق الباب في وجهيهما فتبادلا نظرات الظفر وانطلقا في الضحك..
***
لم يشعر بالتحرر التام رغم انعزاله وتوبته الكاملة، شيء آخر بات يؤرقه في كل لحظاته، إثم كبير قد اقترفه ذات مرة ويزيد قرفه من نفسه مهما حدث...!
مأوى..
يمتلك رقم هاتفها وتردد كثيرًا في مهاتفتها، في منتصف نهار رائق اتخذ قراره وطلب رقمها، من رقم جديد كان قد أحضره له حسن قبل عدة أيام، سار تحت أشجار المانجو العالية ووضع الهاتف على أذنه، ردت عليه مستغربة الرقم:
ـ أهلا، من معي؟
ازدرد لعابه بعسر وضربه الخزي في مقتل:
ـ أنا..... معاوية... الهلالي.
استقبلته بالصمت لبرهة ثم بدأ وابل من السباب واللعنات يصله متتاليًا، استمع إليها بصبر حتى انتهت لاهثة، وجدته قد سكت وسمعها فاستغربت وسألته:
ـ ماذا تريد يا شبيه الرجال؟
احتقن وجهه فيما يعجز عن الرد على إهانتها:
ـ لدي دقيقة واحدة أحدثك فيها، احترامًا لزوجك الذي لم يؤذينا في شيء سأقول ما أريد سريعًا وأمحو رقم هاتفك من عندي.
لا تنكر أنه أثار فضولها كما أثار حنقها تمامًا فهو يتحدث ككقديس وكأنه لم يتطاول على شرفها قبلًا، اصطكت أسنانها وتهكمت بلذوعة فيما تعلق:
ـ ستحدثني مثلما تتحدث سيئة السمعة عن الشرف؟
فرك جبينه بقوة وقال بمصاحبة زفرة حارة:
ـ أريد أن أعتذر يا سيدة مأوى عمّا بدر مني في حقك وأسأل الله أن يسامحني، أرجوكِ سسامحيني.
توقف عقلها كما لُجم لسانها، سيدة مأوى؟.. وسماح؟... عن أي سماح يسألها، انطلق لسانها دون لجام:
ـ لن أسامحك، لا أنتَ ولا أخاك التيس، وأشهد ليوم القيامة أنكم أسوأ من عرفت، وبيت الهلالي لم ينجب رجالًا بل كلكم نسوة.
ابتلع كل ما يخصه بغية التحرر لكن عند سيرة أخيه لم يتقبلها:
ـ أنا الآن أتحدث عن نفسي يا سيدة مأوى، لقد أخطأت في حقك، لكن أخي لن أسمح لكِ بالتطاول عليه، أنتِ مخطئة أكثر منه.
تنهد بصوت ثقيل مسموع واستأنف:
ـ ما فعلتِه معه حرامًا سيحاسبك الله عليه، أنصحك بالتوبة منه والتوقف عن لومه وحده على كل ما حدث.
أغضبتها طريقته فزعقت بغل واضح:
ـ الدقيقة التي سمحت لنفسك فيها لانتهاك حرمة رجل آخر قد انقضت يا ابن القادرة، اذهب إلى الجحيم أنتَ وعائلتك القذرة.
لم ينبس ببنت شفة ووجل قلبه مما تلفظت به، رمته بسهم محترق فأحرقت صدره من جديد، أنهى المكالمة دون كلمة زائدة وأغلق الهاتف تمامًا، عاد إلى شقته بكآبة تكاد تتقاطر من جوارحه وذهب إلى الحمام مباشرة، ثم وقف طويلًا تحت المرش عاريًا، ماء بارد نظيف يغمره دون أن يرفع يده، رفعها أخيرًا يدلك جلد ذراعيه بقوة، رغم التوبة ورغم الرغبة في التحرر لا يزال يشم رائحة القذراة تفوح منه ولا يعرف خلاصًا لذلك.

يتبع...

5maha, رسوو1435, ru'a and 8 others like this.

Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 21-02-23, 05:11 PM   #562

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



عشق الناسك كارثة!

عشقه لها أفقده جزءًا من اتزانه والكثير من هيبته، والعابد حين يصيبه ذلك السهم النافذ ينزع عنه لباس تقواه ويودي به للهلاك!

لم يعد يحصي الأيام التي تمر مثل حبات العقد المنفلت، سكن العاصمة متخذًا فيها شقة خاصة، طالت غيبته عن القرية التي ولد بها ولم يفكر في تركها يومًا..

عشرات المكالمات تأتيه كل يوم، أمه وهاجر وفاروق وعائلته من كل حدب وصوب قد شعروا بغيابه وتكالبوا على الاتصال به والاطمئنان عليه، حتى معاوية الذي توقع منه زهدًا وانعزالًا ألح في طلبه مما أجبره على الرد عليه هادئًا:
ـ أنا بخير يا معاوية لا تقلق.
اندفع صوت معاوية عبر الهاتف من الجهة الأخرى ملهوفًا:
ـ أقلقتنا عليك يا جبر، ليس طبيعي أن تغادرنا هكذا دون مقدمات.
اضطربت أنفاس جبر ولم يعتد الكذب فأخبره:
ـ أزمة طارئة تخصني، أو بالأحرى هو خطأ جسيم ارتكبته وأدفع ثمنها الآن، ومع الأسف لست وحدي من يدفع الثمن.
صمت معاوية يقلب ما سمعه في رأسه وخاف أن يزيد في الأسئلة فينتهك خصوصية صديقه، تردد لحظة ثم سأله:
ـ هل بإمكانك التفسير؟
سمع زفرة جبر القوية فتراجع معاوية بكياسة:
ـ لا تُفسر بالتفصيل أنا فقط أريد مساعدتك إن لزم الأمر..
ضغط على مقدمة أنفه وشرد أمامه من جلسته على حافة سور الشرفة الأرضية لبيت المزرعة:
ـ بإمكاني المجئ الآن إليكَ والبقاء معك حيثما شئت، أنت تعرف يا شيخ ليس أمامي ولا خلفي أي شيء.
شعر بصدق معاوية ومودته الحقيقية وشكر له ذلك:
ـ أعرف أنك جاد في عرضك لكنني بأمس الحاجة للمواجهة وحدي.
قاطعه معاوية:
ـ لكننا بجانبك، لماذا تبقى وحدك.
تأخر رد جبر الذي جاء مؤثرًا:
ـ مثلك بالضبط، أنا الآن أحتاج لمواجهة نفسي ومحاسبتها، مثلما تفعل أنتَ أيضًا، وإلا فلمَ انعزلت وحدك في مزرعة بعيدة عن الجميع.
اشرأب معاوية يستقبل حضور عبلة الصاخب ويتمتم في غيظ:
ـ ليتهم تركوني وحدي يا شيخ، لقد ألقوا بي في قبضة الحمقى.
ضحك جبر على الطرف الآخر وعلق:
ـ أخبرني سلامة عن زوجة خالك التي أرضعتك وابنتها الصغيرة التي تلازمك.
استغل معاوية لجوء جبر للمزاح وعرض عليه بتهذيب وتواضع:
ـ إن احتجت أي شيء نحن تحت إمرتك من جنيه لمليون!
صمت جبر هنيهة ثم علق ساخرًا:
ـ مليون واحد فقط؟..يا للبخل!، أخوك عرض من مليون إلى عشرة ملايين
يا معاوية.
انطلقت ضحكات معاوية المدوية ومن بينها قال مازحًا:
ـ إذًا عليّ بالعمل معه من الآن فصاعدًا، مصاحبة الأثرياء تجلب الكثير من الأموال بلا شك.
شاركه جبر مزاحه:
ـ هنيئًا لأختي لقد تزوجت كبير علية القوم، لقد ناسبنا الحكومة يا رجل!
قفز معاوية فجأة يتهرب من عبلة التي حاصرته بصينية الطعام ولوح لها رافضًا:
ـ لقد ناسبت أفندينا يا شيخ، وهو عندنا أكبر من الحكومة ذاتها.
تصنع جبر الاستخفاف:
ـ كفى نرجسية، نحن رأينا كوراثه بأنفسنا ونحمد الله أنه الآن قد تعقل وأصبح أخيرًا يفكر جيدًا قبل أن يتصرف.
منحه معاوية نصف التواطؤ ونصف الإنكار:
أجل!.. كل ما تقوله حقيقي، لكننا سننكر!
انتهت المكالمة بجبر يجلس على فراشه الجديد ويقلب في أوراق مهمة أمامه بتركيز كبير قبل أن يلملم تلك الأوراق في حقيبته ويخرج من الشقة..
مرت ثلاث ساعات قبل أن يذهب إلى زمزم بصفة رسمية بطلب استثنائي، كان وحده تلك المرة فنجاح وزوجها قد عادا إلى القرية بعد استقرار الأوضاع في القضية، فالأمر كله بات مرتبطًا بحالتها العقلية، قد أبلغوهم بالتقريرالمبدئي لحالتها والذي ساعدها كثيرًا في سير القضية، اسم مرض يسمعه للمرة الأولى، اضطراب الهوية التفارقي، حين سمعه من المحامي الكبير الذي اختص بقضيتها استفهم عن معناه فأخبره الرجل أن الطبيب فسره بأنه يشبه تعدد الشخصيات، وذلك وضح له أشياء كثيرة كانت مبهمة ومريبة بالنسبة له، تراجع بذاكرته للقاءاتهما في القرية، لقد كانت تتراوح بين شخصيتين فعلًا!
مرات شعر بإنجذابها نحوه وحبها الشديد الذي قراءه في عينيها وأوقات أخرى كانت تدفعه دفعًا للتخلي عنها والضغط عليه كي يزوجها الآخر، الآن قد أدرك الفارق تمامًا..
وقف على باب الغرفة التي تنتظره فيها مع الطبيب وبعض الطاقم الطبي في المشفى، شحذ كل أسلحة ثباته وقوة عزمه كي يمنعها من ارتكاب أي حماقة أمامهم، وليس لأنهما أمام الناس فحسب، بل لأنه لن يقع في الحرام مهما حدث، ولن يسمح للعشق بإيقاعه في تلك الخطيئة التي يقاومها مذ تعرف عليها وأحبها، طرق الباب بآلية ففتحته له إحدى مساعدات الطبيب الصارمات:
ـ تفضل يا شيخ جبر.
رفع كلا حاجبيه الكثين دهشة:
الجميع هنا بات يعرفه!
حمحم بصوت مسموح ودلف يصافح الطبيب الذي استقام يقابله بحفاوة:
أخبروني أن لديك أخبار سارة!
أومأ جبر بعملية واسترق نظرة إلى زمزم الجالسة بصمت تنظر إلى نقطة وهمية على الأرض العتيقة من تحت قدميها:
ـ أجل لدي خبر مهم.
وضع حقيبته فوق الطاولة وفتحه وأخرج منها بعض الأوراق يبسطها أمامه:
ـ وثيقة الطلاق .
رفعت زمزم عينيها إليه فجأة، ركزت في عمق عينيه بجمود، لحظة واحدة وأسبلت أهدابها بانكسار وحسرة، اختلج صدر جبر بقهر وغضب، يكاد يسمع أفكارها ويشعر بمراراتها، هي الآن لا تحبه ولا تريد أن تغرقه في سواد برفقتها، هي الآن حزينة لأن الجن العاشق خذلها وباعها بثمن بخس، استأذن الطبيب الذي أذن له بحركة مهذبة من يده فاستدار إليها ووضع الوثائق أمامها، جذب مقعدًا وجلس عليه أمامها، قرب الأورق إليها فأصبحت تحت عينيها مباشرة، وضع قلمًا فوق الأوراق فرفعت عينيها ببطء إليه ليزدرد لعابه حين يواجه بؤس ملامحها:
ـ علينا بالتخلص منه الآن يا زمزم، هذا الشخص سبب لكِ الأذى ودفعك إلى ارتكاب الجريمة، وقعي هنا وثيقة طلاقك منه وتحرري للأبد.
ظنها ستتردد لكنها فعلت ما هو أفضل، أمسكت بالقلم وفتحت غطاءه وقبضت على القلم بأنامل بيضاء شاحبة سلامياتها بارزة ووقعت الوثائق بخطها الطفولي الرديء، تنفس الصعداء حين فعلت وجذب الأوراق ليخترق صدره سقوط عبرة جوار التوقيع بللت الورقة، أزاحها بطرف سبابتها وأقسم أن ينفق عمره بعد ذلك في تطبيب جروحها ومنحها الحياة السعيدة التي تستحق..
لم يرحل مباشرة ومكث معها ومع الطبيب وبعض معاونيه لبعض الوقت حتى تبدل صمتها فجأة إلى حركة رأي حادة ونظرة شرسة تحمل التملك والتوعد استهدفته خصيصًا، جعلته ينهض كالملسوع ويقف جوار الطبيب على بعد عدة أمتار منها، ضحك الطبيب الذي فهم ما يدور كما فهمه جبر والبقية، تصرفت كأنهما وحيدين بمفردهما وسألته مؤبخة إياه:
ـ متى سنتزوج يا جبر؟!
حك مؤخرة رأسه في حرج واضطر ليعترف:
ـ بعد انقضاء العدة يا زمزم.
رمقته بغضب جم:
ـ وكان يستحق الأمر كل هذا؟.. يا لك من جبان.
تنحنح بصوت مسموع:
ـ لا يصح هذا يا زمزم.
زمت شفتيها وهمت بالنهوض فتأهب للهرب السريع حين سمعها ترقق صوتها وتعلق:
ـ أنت محق، لا يصح أن أتشاجر معك هنا، حين نتزوج س……
كان في لحظة واحدة قد حسب الخطوات تجاه الباب وقفزها في جزء من الثانية قبل أن تصل إليه وتلمسه أمامهم وتحمله جبل ذنوب فوق راسه فلن ينكر أنه يحب لمستها رغم أنها محرمة ويذوب بين يديها عشقًا فيفقد صفة العابد الناسك ويوصم بوصم العاشق المذنب.


يتبع....


Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 21-02-23, 05:13 PM   #563

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



ـ أفندينا..!

صوتها الصافي جلب إلى ثغره بسمة هادئة، احتفظ بوقفته الثابتة على أرض شرفة شقتهما العلوية وحدثها دون أن يلتفت:

ـ اقتربي يا ست هاجر، أشعر بالوحدة بدونك.

سمع صرير باب الشرفة الخشبي قبل أن تنضم إليه وتضع صينية من يدها على طاولة خشبية تنتصف مقعدين أنيقين، حملت طاجنًا صغيرًا من فوق الصينية وجذبت ملعقة الحلوى ثم وقفت جواره تمامًا تضع الطاجن فوق حاجز الشرفة، أخفض بصره عن السماء اليانعة نجومها فوق نسيم الشتاء الحاضر لتوه، ونظر إلى إلى وجه الطاجن المحمر المتطاير البخار منه وابتسم:

ـ لا يزال ساخنًا.
حركت الطاجن في اتجاهه بعض الشيء وضربت بالملعقة على حافته بخفة:
ـ الأرز المعمر كما يجب، سكر متوسط والكثير من القشدة ومن الفرن مباشرة كما يفضله أفندينا.
مالت عيناه إليها مشاغبًا إياها:
ـ أنتِ تعرفين ماذا أفضل بالضبط.
تنفست مقدمات البرودة الطفيفة ببطء وأطبقت أجفانها بقوة ثم باعدت ما بينهما لتمنحه نظرة لامعة:
ـ أعرف بالتأكيد، لقد أعددت لكَ البسبوسة أيضًا، لكن تلك أجلتها لأن تناولها يخضع لطقوسك الخاصة.
قهقه فارتد رأسه للخلف فبدت السماء له أكثر صفاءً ومخمليةً، عاد يخفض رأسه ويستهدفها بتوق ملحوظ:
ـ أروع ما يحدث لأي رجل هو الزواج من امرأة تفهمه.
انحنت قليلًا تغترف بالملعقة الصغيرة بعض من الأرز من جانب الطاجن ثم ترفعه إلى فمه وتطعمه إياه باسمة:
ـ أنا لا أفهمك فقط، أنا أحبك أيضًا.
اتضحت أمارات الراحة على وجهه وتمتم متضرعًا:
ـ أدامك الله لي يا ست هاجر، حياتي تبدلت تمامًا منذ عرفتك.
أطعمته ثانية وأسبلت أهدابها تفضي له بصدق:
ـ كنت متوجسة من فكرة الزواج الثاني، لكن حين رأيتك شعرت بهدوء وسكينة.
توقفت ضاحكة ومن ثم استأنفت:
ـ بالطبع الهدوء والسكينة هذان لا يمتان لحياتك الصاخبة بصلة، لكن يومها اهتدى قلبي لك وهذا أهم شيء.
اتسعت بسمته وهدل كتفيه متنهدًا:
ـ اهتدى قلبي لك، رباااااه.
رمقته بحاجب مرفوع والآخر متوجس:
ـ لا تغير الموضوع، أريد أن أعرف.
قطب متسائلًا:
ـ تعرفين ماذا يا ست الحسن؟.
وضعت الملعقة على حافة الطبق وأمسكت بيده تداعب ظهرها وراحتها ببطء:
ـ أنتَ شارد عني منذ فترة، أيام عديدة أشعر بك غائبًا رغم وجودك جواري.
أخفضت صوتها فازداد حنوًا وعاطفة:
ـ ماذا بك حبيبي، عقلك في عالم آخر.
استحوذ على كفها وضمه داخل قبضته:
ـ المهم أن قلبي هنا.
زمت شفتيها متصنعة الحنق:
ـ قلبك ليس معي كله.
زادت من عقدة جبينها توبخه:
ـ يشاركني فيك قبيلة.
ارتكن إلى ابتسامة هادئة وأنصت لها بصبر فأضافت:
ـ وأنت معي هنا لا تنفك تخبرني، أحبك ياست هاجر، أنتِ روحي ياست هاجر، أنتِ الوحيدة تملكين قلبي وكثير كثير من هذا الكلام الرائع.
دارت عيناه مترقبًا وتبدلت بسمته لبعض المكر فأردفت بنزق ملحوظ:
ـ وحين تجتاز الباب يمتلئ قلبك بالجميع وأنزوي أنا إلى منطقة صغيرة.
أمسك بيدها الأخرى فأضحت كفاها مأسورين داخل قبضتيه الدافئين، تنهدت هاجر وتشربت ملامحه الخشنة بمحبة واحتواء بالغين:
ـ لكنك منذ مدة، لست هنا، ولا توفر لي مساحتي الخاصة التي اعتدتها.
تأثر بما قالته وعز عليه أن تشعر بالتهميش فرقق صوته كما يرق قلبه لها:
ـ قليل عليكِ وقتي وانتباهي وقلبي كله يا ست هاجر لكنني..
صمت هينهة مطرقًا محتارًا كيف يهادنها ويخفف من ضيقها فاتجه إلى أكثر سبيل تفهمه، هي تفهم المشاعر والارتباط والمسئولية:
ـ أنا مُشتت هذه الأيام، أفكر كثيرًا وتتقلب مشاعري.
اتجهت إليه بكل حواسها فصابها شجن صوته في عمق، اقتربت منه والتصقت به بالجنب فأحاط خصرها بذراعه وأكمل:
ـ ومرتبط بأهلي أكثر مما يظن أحد، الصغيرتان ابنتاي، إحداهما هشة سهلة الكسر كما رأيتِ تحتاج الاهتمام، والثانية جامحة يلزمها الكثير من الصبر.
تنهد بعمق فاستشعرت ضجيج صدره:
ـ ونادرة، لا أتخيل صباحًا يأتي ولا نتعارك فيه، هي لا تعرف أن صوتها العالي يريح قلبي.
طفرت من عيني هاجر عبرات دافئة وسمعته يردف:
ـ ومعاوية، سبع سنوات فارق في العمر ليسوا بالكثير لكنني أعتبره ابني الكبير، هو قطعة مني، أحزانه تقتلني، وهو الآن ليس بخير.
تأوه بخفوت مستأنفًا:
ـ الجميع هنا متعب هذه الفترة، وأنا متعب لأجلهم.
ربتت على ظهره برفق:
ـ هم يحبونك كثيرًا يا سلامة، حتى فرح التي تتشاجر معكَ أكثرهم، تحبك بجنون وتغار عليك، كل ما تفعله معكَ بسبب ضيقها من الأذى الذي تصبر عليه رغم أنك قوي وتستطيع تسيير الجميع على هواك إن أردت.
هز رأسه يمنيًا ويسارًا:
ـ لكنني لا أريد.
ضحكت بخفوت:
ـ لهذا أحبك أضعافًا.
هبت نسمة باردة فجأة جعلتها تقشعر وتشير صوب طاجن الأرز:
ـ لقد بردت حلواك المفضلة.
نقل عيناه منها إلى الطبق ثم عاد إليها
يشاكسها ضاحكًا:
ـ لكن البسبوسة تؤكل في أي وقت وعلى مهل.
تخضبت وجنتاها بالحمرة وابتعدت عنه تلملم الأشياء فوق الصينية وتحملها بين يديها:
ـ هيا إلى الداخل، الطقس تبدل.
مشط بعينيه المدى الداكن أمامه:
ـ لم أشعر بخريف هذه السنة، هل لاحظتي أن الشتاء جاء فجأة؟
أومأت تملأ صدرها برياح الشتاء فاستقر في عمق صدرها رهبة وخوف مفاجئين، أبعدت وساوس الشيطان عن رأسها وتمتمت:
ـ أجل لاحظت، عسى أن يأتي الشتاء بكل الخير.
دلفا إلى الداخل وأغلق سلامة باب الشرفة الخشبي واحتلا الصالة الفسيحة، توجهت هاجر صوب طاولة أمام أريكة وثيرة ووضعت فوقها الصينية ثم تهالكت على الأريكة وأشارت له بيدها في رغبة ملحة لضمه:
ـ اقترب واجلس جواري.
أطاعها ودنا منها ليجلس بجانبها ويحتوي كتفيها بذراعه فيتيح لها فرصة الاستناد برأسها لصدره، أزاح عنها وشاح الرأس وداعب خصلاتها حتى غاص لفروة رأسها يلامسها برفق، سلكت مسلك القطط حين تموء في حضن صاحبها واستكانت تمامًا، قبل جبينها بعمق وقال:
ـ لم نتفق على الأطفال قبلًا، كم طفل تريدين يا هاجر.
رفعت وجهها باسمة:
ـ اثنان، طفل وطفلة.
شاركها بسمتها:
ـ حتى يكون لآدم أخ وأخت.
هزت رأسها إيجابًا:
ـ أجل.
لكم كتفها بخفة:
ـ لم تفكري إلا في نفسك وابنك، أنا أريد أربعة، ولدان وبنتان.
نزعت نفسها من حضنه وحدجته بسخط مفتعل:
ـ ماذا؟.. لم نتفق على ذلك.
مد يده لها طالبًا المصافحة فمنحته إياها تلقائيًا، اتسعت بسمته مؤكدًا بغطرسة:
ـ لقد اتفقنا الآن.
شهقت وأشارت إليه بسبابتها:
ـ أنت تتلاعب بي.
مط شفتيه بلا اكتراث:
ـ ليس صحيحًا.
أمسكت بحافة قميصه متسائلة:
ـ كيف تقرر بالنيابة عني، من أنا بالنسبة لك؟.
هبط عليه اللطف مضعافًا وأسر كفيها يقبلهما بعمق وتقديس:
ـ أنتِ أمي يا هاجر.
تصلب كفاها بين يديه كما فعلت حدقتاها، صدمة مباغتة أخذتها وشلت أفكارها، صابه القلق حين أحس تجمدها، فسألها مقبطًا:
ـ ما خطبك؟
جذبت يدها منه ووضعتهما فوق فخذيها وشدت ظهرها لتستقيم في جلستها وتقابله بحزم لغة الجسد كما الصوت تمامًا:
ـ أنا لستُ أمك يا سلامة.
أشارت إلى الأرض مردفة:
ـ والدتك في الأسفل، لديك أم بالفعل.
نقلت سبابتها إلى نفسها مؤكدة:
ـ وأنا هنا زوجة، ولدي طفل بالفعل، أنا تزوجت رجل لأكون امرأته، الفارق كبير جدًا.
استهجن طريقتها:
ـ لا أقصد أمًا بالمعنى الحرفي، أكثر ما جذبني إليكِ في البداية هو علاقتك بآدم.
وجد أن عليه المزيد من التبرير فاستأنف:
ـ ودعمك المستمر لي زاد من احتياجي إليكِ.
زفرت بقوة واحتفظت بوجه متجهم:
ـ لا بأس في ذلك، طبيعي أن تحب علاقتي بطفلي ورائع تمامًا، وطبيعي أن أدعمك بكل قوتي لأننا شركاء وبيننا مودة لا تنقطع.
أومأ متفهمًا فلم تكفها الإيماءة وضغطت على حروفها لاستشعارها وجود خلل ما بسبب علاقته بأمه التي أدت بها للتفوه بمثل هذا الهراء:
ـ انزع هذه الفكرة من رأسك تمامًا، ارمي بها بعيدًا ولا تأتي على ذكرها ثانية.
استجاب سريعًا رغم غضبه الطفيف من طريقتها الشبيهة بطريقة المُعلمة التي توجه تلميذًا مشاغبًا، انزلقت صوبه بعض الشيء حتى التصقت به وهمست بدلال:
ـ أفندينا..!
تلقفها بذراعه واستجاب لمهادنتها:
ـ لا أشتري لكِ الهدايا أبدًا، لابد أن أعوضك، اطلبي ما يحلو لكِ.
رفرفرت أهدابها ببطء تمعن في التفكير ثم تمتمت:
ـ لا أعرف، ربما لو أهديتني الزهور الحمراء أكون سعيدة.
استنكر مندهشًا:
ـ الزهور!
أكمل دهشته:
ـ ظننتك ستطلبين كيلو جرامًا من الذهب أو مزرعة أو حتى منزلًا كبيرًا.
لم يبدو على الاهتمام وضحكت بخفوت:
ـ أخاف أن أخبرك أن لدي إرث ضخم من كل هذا فتطمع بي.
قهقه حتى دمعت عيناه التي جففها بمحرمة جذبها من علبتها أمامه ثم أفضى إليها هامسًا كأنه يعترف بسر خطير:
ـ في الأساس تزوجتك طمعًا في هذا الإرث الضخم.
تصنعت الشهقة وحاوطت وجنتيها بكلا كفيها مع اتساع واضح لعينيها:
ـ لقد عرفتك على حقيقتك الآن.
انحنى إليها يأسر ذقنها بين سبابته وإبهامه:
ـ حقًا يا هاجر، اطلبي أي شيء ولا تخجلي، أخاف أن أمنحكِ هدية لا تروق لكِ.
ارتجفت شفتاها قبل أن تحسم أمرها وتقتنص الفرصة:
ـ لدي طلب واحد.
أثارت فضوله لأنها بدت تتحين الفرصة فضيق عينيه مستفهمًا:
ـ ماذا تريدين؟
ترددت قليلًا ثم استجمعت كل شجاعتها لتباغته بحروفها الخافتة:
ـ أردت أن أقابل زكريا وأطلب منه أن يترك آدم يعيش معي.
تسمر محله كأن دلوًا باردًا قد غمره فجأة ارتعش باطنها بسبب ثباته المفاجئ، راحت تحدق به بصمت ثم شحذت جرأتها وهزته بخفة فدفعته للنظر في عمق عينيها والالتزام بصمته المهيب حتى فحّ بغلظة:
ـ أليس لديكِ رجال؟
اضطربت وكادت تنتفض فهذا وجه مخيف وصارم لم تألفه منه، تلعثمت، حاولت عبثًا تشكيل حروف تدفع تهمة الاستخفاف به عن نفسها، عجزت عن النطق حتى فأشرست ملامحه فيما يهدر:
ـ انطقي!... ألستُ رجلًا تحسبين حسابه قبل أن تتفوهي بذلك؟
صدمها انفعالها والمبالغة في ارتفاع صوته، انقبض كفاها دون إرداة وطفقت تنتقي جُملها بعناية:
ـ من فضلك يا سلامة، لا داعي لتلك الطريقة.
حذرها بسبابة صارمة ونهض:
ـ إياكِ يا هاجر والتحدث معي في هذا الأمر.
ترك الحديث معلقًا وغادرها ودلف إلى غرفتهما، كانت حائرة وغاضبة ومشتتة وغارقة في اليأس، لم يحسم لها أمر ابنها بعد، وكل محاولة منه لإعادته لها تبوء بالفشل، جف منبع صبرها، وغزاها هاجس مقيت بأنه السبب في ابتعاده عنها كل هذا الوقت ورؤيته في زيارات متقطعة فقط بعد أن كانت مطمئنة لإبقائه معها ورعايته بنفسها..


يتبع...
***

5maha, Cecilia, Moon roro and 5 others like this.

Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 21-02-23, 05:15 PM   #564

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



أشرق وجه بنور حين تحسنت حالة زوجها، وكادت تطلق الزغاريد وترج جدران المشفى عندما أبلغوها بإمكانية مغادرته وعودته إلى المنزل، لولا فاروق الذي منعها ضاحكًا:

ـ لن ينسوها لكِ أبدًا، وسيشيرون إليّ قائلين هذا فاروق الذي حولت أمه المشفى إلى قاعة أفراح، هل بإمكانك تأجيل أمر الزغاريد هذا حتى نصل إلى المنزل؟

لوت شفتيها امتعاضًا في بادئ الأمر ثم تفهمته وأومأت له بسعادة بالغة:
ـ نؤجلها يا طبيب قلبي حتى نعود وأطعم القرية كلها بيدي.
تناول يدها بأنامله ورفعها يلثم ظهرها ثم قبض عليها وقادها إلى غرفة أبيه، رافقته إلى نهاية الرواق وفتح فاروق الباب ليدلفا ويجدا طاهرة جالسة على مقعدها أمام فراش عمها تمازحه ويضحكان سويًا:
ـ عمتي بنور لن تمرر الأمر دون احتفال كبير.
أسبل أهدابه باسمًا وتنهد:
ـ دعيها تحتفل لقد سئمت المرض وصمتها الكئيب.
ثم رفع عينيه إلى زوجته الصامتة جوار ابنها:
ـ لم أعتد حزنها ولا أحبه.
اتسعت بسمة بنّور وتقوست عيناها فيما تتقدم منهما متحمسة:
هيا، هيا، انهض أساعدك في تبديل ملابسك، دعنا نغادر هذه المشفى الخرِب.
قهقه فاروق الذي راقب ابتعادها عنه متسع العينين:
ـ خرب!، هذا مشفى كبير وأنا أعمل هنا.
لوحت له بيدها باسمة:
ـ إذًا فهو المشفى المفضل بالنسبة لي.
بسطت أصابعها الخمس وراحت تدمغ به طبعات متتالية على حائط وهمي:
ـ بسم الله أرقيك من كل عين تراك ولا تصلي على النبي.
ثم أدارت يداها تستهدف بها اتجاه طاهرة الجالسة على بعد عدة أمتار منها:
ـ ومن عين ابنة صالحة.
قالتها واستدارت تسير وتواجهها من الناحية الأخرى لفراش زوجها المبتسم بصمت، فصاحت طاهرة تغالب ضحكها:
ـ وماذا فعلت ابنة صالحة؟!
تقدم فاروق منها ووقف خلف مقعدها يضع يده فوق رأسها ويسأل أمه متصنعًا اللوم ومكررًا سؤال زوجته:
ـ أجل، ماذا فعلت؟
رفعت بنور كلا حاجبيها ومطت شفتيها:
ـ تحدق بك متسعة العينين دون رفة جفن.
ارتبكت طاهرة وحمحمت بخفوت مستنكرة:
ـ ولماذا أحدق به؟... أنا فقط أنظر إليكما ولا أقصد شيئًا مما دار في عقلك.
ضيقت بنور عينيها حين شعرت بأن طاهرة تتصرف وكأنها تزيح عنها تهمة قد علقت بها:
ـ وماذا دار في عقلي؟
جاوبتها بنور بمكر:
ـ أنتِ تعرفين وأنا أعرف.
توجهت الأنظار صوب طاهرة التي صمتت تمامًا وأطرقت دون انتباه للواقف خلفها يراقب تنكيسها لرأسها بشعور غريب، بشكل ما كان يود سماع مقصدها، تحركت أنامله ببطء من رأسها إلى كتفها واستقرت عليه، رفعت طاهرة وجهها إليه لتواجه نظراته فاتسعت بسمتها:
ـ أرأيت؟..ليس لديها شيء تقوله، عمتي تنصب لي فخًا وتريد مني السقوط فيه بإرادتي.
رمش ببطء وكاد يسألها مباشرة عمّا يدور في عقلها، ولماذا تبدلت معه بتلك السرعة، ما يحدث بينهما غريب رغم لذته يبقى غامضًا لا يفهمه، أجل سؤالها لوقت لاحق واتسعت بسمته الهادئة:
ـ علينا بالرحيل الآن، الحمد لله هو بخير تمامًا.
أشارت بنور صوب طاهرة وفاروق:
ـ من فضلكما اتركا لي المجال كي أساعد زوجي يبدل ملابسه من أجل الرحيل.
استقامت طاهرة وارفقها فاروق إلى الخارج، أغلقا الباب وتركاها وحدهما، بالخارج استندت طاهرة للحائط المواجه للباب فوقف مواجهًا لها بعدما رفع ساعة معصمه تأكد من الساعة ثم أنزل يده جواره وسألها:
ـ تتذكرين بالأمس.....
احتقن وجهها فجأة وتلفتت حولها في حرج وهمست:
ـ ماذا؟... هل ستذكرني بما حدث بالأمس!.
اتسعت حدقتاه صدمة وهز رأسه نفيًا ثم ضحك دون صوت:
ـ حمقاء، كنت سأسألك عن حقيبة أغراض مهمة تركتها بالأمس قبل أن....
قطعها يحمحم ضاحكًا ثم استأنف:
ـ ونسيت أين وضعتها.
ضيق عينيه متهكمًا:
ـ ربما فهمتِ خطأ لأنك لست معتادة على التحدث بتلقائية عن الليالي الفائتة.
لوت شفتيها لحظة ثم قالت حانقة:
ـ توقف عن تذكر كل شيء.
حدجته بنظرة لائمة:
ـ تستمر في التحدث عن تلك التفاصيل.
مطّ شفتيه يتأملها ويمعن في التفكير:
ـ لا أفهمك أبدًا يا طاهرة، أشعر بالتشوش مما يحدث بيننا.
صابتها في عمق قلبها فغص حزنًا، أنقذتها العمة بنور التي فتحت الباب وسبقتها نبرتها المبتهجة:
ـ ساعداني في نقل الأغراض.
استجاب لأمه مباشرة وخطى للأمام سريعًا، لكن قبل أن يتخطاها مسّ يدها الساكنة جوارها بأطراف أنامله وهمس لها حين مال إليها قليلًا:
ـ لنا حديث طويل فيما بعد، غزالتي.
جمدها محلها مبعثرة المشاعر، وفي السيارة جلست في المقعد الخلفي جوار بنور فيما استقل عمها المقعد الأمامي بجانب فاروق الذي استلم دفة قيادة السيارة وغادر بهم فناء المشفى، إلا أنه توقف على بعد عدة أمتار من البوابة الخارجية، سألته والدته نيابة عن طاهرة وعمها الذين استغربا وقوفه المفاجئ، والإجابة جاءت سريعة حين رأوا رنا تقترب مسرعة من السيارة وتفتح الباب المجاور لطاهرة وتلقي التحية باسمة:
ـ كيف حالكم جميعًا، حمدًا لله على سلامتك ياعمي خيري.
تبادلوا التحية معها إلا طاهرة التي اتسعت عيناها ووجدت نفسها تجلس بين بنور اللاهية عنها بزوجها المتعافي حديثًا وابنة أختها اللاهثة التي تجلس على الجهة الأخرى، لاحظها فاروق عبر مرآة سيارته، ضيق عينيه برهة يستوعب سبب عقدة جبينها وانكماشها المفاجئ، رأها تجفل عندما نبهتها رنا وربتت على ركبتها برفق:
ـ كيف حالك طاهرة، هل أنتِ بخير؟
أومأت لها ببطء وتمتمت:
ـ بخير، كيف حالك أنتِ؟
أجابتها بهدوء وابتسامة خلابة:
ـ كل شيء على ما يرام، أشعر الآن باندهاشك من وجودي لكنني لم أرد تضييع على نفسي فرصة مرافقتكم وتدليل خالتي بنور لكم، أعرف مقدار سعادتها الآن.
نقلت بصرها إلى خالتها تسألها:
ـ أليس كذلك؟
هزت بنور رأسها عدة مرات بحيوية ونشاط مفاجئين:
ـ كذلك يا حبيبة خالتك، اليوم سأعد وليمة كبيرة وأطعم الجميع بيدي.
أدار فاروق رأسه إليها مستنكرًا:
ـ والدي يحتاج للراحة، ما تخططين له سيسبب له الإزعاج.
شهقت وانحنت للأمام تربت على كتف زوجها الجالس أمامها:
ـ بالتأكيد سأحرص على راحته، هو سينام مرتاحًا في غرفته وأنا وبنتاي هاتان سنلتزم المطبخ دون جلبة تزعجه.
أنهت حديثها تشير إلى طاهرة ورنا الجالستين بجانبها، لم يجادلها أحد فطاقة السعادة التي تنشرها حولها كفيلة بأن تجعلهم ينصاعون لرغبتها..
في المنزل حدث ما خططت له بنور تمامًا، ساعد فاروق والده حتى يستكين في فراشه ووضع لأمه جرعة الأدوية اللازمة له وحدد لها موعدها، ثم ذهب لغرفته وتبعته طاهرة بينما توجهت بنور ورنا إلى المطبخ استعدادًا لتحضير الطعام..
في غرفة فاروق وقفت طاهرة أمام باب خزانته المفتوحة تحمل بين كفيها حقيبته التي سألها عنها في المشفى:
ـ تفضل يا طبيب، كنت قد وجدتها ملقاة جوار الفراش واحتفظت بها هنا.
اقترب منها بعدما تأكد من إغلاق باب الحجرة جيدًا، وأخذ الحقيبة منها باسمًا:
ـ شكرًا لكِ.
بسطت يدها بجانبها ضاحكة:
ـ على الرحب سيدي.
ناوش أرنبة أنفها بسبابته قائلًا بخفوت:
ـ أشعر الآن أن جبلًا ثقيلًا قد انزاح عن صدري.
أسبلت أهدابها متنهدة:
ـ وأنا أيضًا، مرض عمي كان سيء الوقع علينا، الحمد لله أنه الآن بخير.
تمتم بعبارات شكر الخالق ثم أدار إليها دفة الحوار:
ـ أود البقاء والتحدث معكِ، أريد أن أفهم سبب اختلافك الأخير معي.
تسمرت محلها وتصلبت حدقتاها دون رمش وسمعته يستأنف بأسف:
ـ لكنني الآن منشغلًا ولابد أن أعود إلى المشفى، بإمكاني تأجيل عيادة المساء فقط.
عجزت عن ازدراد لعابها لجفاف حلقها المباغت، أومأت له عدة مرات، فتنهد تنهيدة عميقة وأمسك بكفها ورفعه إليه ليطبع عليه قبلة تشي باشتياقه ثم ودعها
وغادر المنزل..
ظلت واقفة محلها لبضعة دقائق ضائعة ثم تلفتت حولها، ذكرت نفسها أن الوقت قد حان لتعود أدراجها للخلف، تمت مهمتها بنجاح وعليها التوقف فورًا، غير أن غصة وليدة شقت طريقها إلى عمق صدرها، تمزقت بين رغبتين، رغبة في الفرار السريع وأخرى في البقاء داعسة على كل وسوسات شيطان الهروب، في أيام قليلة تكون في كيانها ذاكرة جديدة، عن زوج وزوجة وقعا صك امتلاك بين جدران هذه الحجرة، تهادى بصرها ببطء على تفاصيل الأثاث من حولها وغمرتها تلك الألفة التي استحوذت عليها منذ اللحظة الأولى، فأضحت حجرته المتضمنة فراشه وخزانته ومكتبه وأغراضه كعرين صغير ضمهما بين دفتي كتاب قصته عن الحب والشغف، أخرجها طرق الباب من لجة أفكارها الثائرة فنقلت بصرها ببطء إلى الباب الذي أغلقه فاروق قبل لحظات، صمت قصير سبق إقدام رنا على اختراق مساحتها وفاروق الحميمية، فحين تساءلت طاهرة عن هوية الطارق أجابتها رنا من خلف الباب:
ـ إنها أنا، لو لم تمانعي، هل بإمكانك استضافتي؟!
امتعضت طاهرة بعض الشيء وكبحت زفرة مسموعة لتتقدم من الباب متحاملة على رفضها وتفتح لها مغتصبة ابتسامة محايدة:
ـ ولماذا أمانع!
في صوتها حنق لاحظته رنا التي قابلتها بمودة صادقة:
ـ خفت أن تكوني متعبة الآن ولا تودي التحدث مع أحد.
كادت تطحن ضروسها ويفتضح أمر غيظها من وجود رنا أمامها، وفي اللحظة الأخيرة رفرفت أهدابها بشبه بسمة:
ـ أنا بخير، كنت سأبدل ملابسي وأنضم إليكما في المطبخ بعد قليل.
هدلت رنا كتفيها وأشارت بكلا كفيها للخارج:
ـ للأسف غادرت خالتي المنزل برفقة فاروق، ذهبت لتبتاع بعض الأغراض وقالت إنها ستتأخر ساعة، لذا فنحن متفرغان لمدة ساعة كاملة.
قبضت طاهرة على حافة الباب بحدة أكثر وأغضبها أن تكون مجبرة على مرافقتها لمدة ساعة، تصلبت البسمة على محياها وتمتمت:
ـ إذًا لدينا وقت فراغ كبير.
علقت رنا بلطف:
ـ ليس كبيرًا أبدًا، سنحتنسي القهوة ونثرثر ريثما تعود خالتي بنور.
وأشارت صوب المطبخ في الخارج:
ـ وضعت الحليب في القدر كي يغلي، سأعد لنا كوبين فيما تبدلين ملابسك، أضع لكِ كم ملعقة سكر؟
عضت طاهرة شفتها وتجاوزت ضيقها:
ـ أنتِ ضيفتنا، ارتاحي قليلًا وأنا سأعد القهوة.
تبسمت رنا فبدت جميلة بشكل ملفت مما أشعل غيرة طاهرة وخاصة حين مدت رنا أناملها تلامس كفها في مهادنة واضحة:
ـ لا عليكِ، إنه بيتي أيضًا.
قالتها واستدارت بحماس متوجهة صوب المطبخ تاركة طاهرة خلفها ترمش ببطء، لم تجد بدا من العودة إلى داخل الغرفة وإغلاق بابها عليها ثم تبدل ملابسها إلى سروال منزلي من الجينز وكنزة قطنية، وقبل أن تجمع خصلاتها في ذيل حصان أو جديلة طويلة عادت رنا تدق الباب من جديد، زمت طاهرة شفتيها ودارت عيناها دورة سأم قبل أن تتوجه صوب الباب وتفتحه لها على مصراعيه، وندمت على ذلك فحين باعدت بين شقي بابها شجعت رنا على الدلوف دون مقدمات واحتلال أرض حجرة فاروق الخاصة بها، تكورت أصابع قدميها في تشبث ضمني بالسطح الصلب من تحتها، وتعالت وتيرة ترقبها حين رأت رنا تتحرك أمامها برشاقة وأريحية، تضع صينية صغيرة عليها كوبين من الخزف مملوئين بالقهوة سريعة التحضير مع الحليب الساخن على الكومود الذي تنام في أول أدراجه أكثر الرسائل قربًا لقلبها، تحمل كوبها بين يديها وتتراجع قليلًا للخلف ثم تجلس على فراش فاروق مبتسمة لها، توسعت عينا طاهرة التي لم تستطع السيطرة على نفسها أكثر من ذلك ودنت منها تمسك بمرفقيها وتدفعها للوقوف تحت صدمة رنا التي سألتها ضاحكة:
ـ ما الأمر، لماذا أوقفتني هكذا؟
ارتبكت طاهرة واكتنفها الحرج، ارتجفت البسمة على ثغرها ووجهتها صوب الأريكة المقابلة للفراش، أطاعتها رنا دون نقاش وجلست حيث أرادت طاهرة تمامًا، طاهرة التي اتسعت بسمتها كأنها انتصرت في معركة مهمة وعادت للجهة الأخرى تحمل كوبها وتجلس على الفراش ترفع ذقنها وتحتسي منه متلذذة:
ـ سلمت يداكِ مذاقه جيد.
شكرتها رنا بكياسة وارتشفت من كوبها مخفية استغرابها من تصرف طاهرة بنجاح، ساد صمت مربك بضع لحظات قطعته رنا متلفتة حولها تتأمل المكان:
ـ لقد تغير كل شيء هنا، أتذكر حين كنت ألجأ لفاروق في المرحلة الابتدائية كي يساعدني في مراجعة دروسي لم تكن الحجرة بتلك العصرية والأناقة.
اتسعت عينا طاهرة دهشة وتمتمت دون سيطرة على لسانها:
ـ كنتِ تدلفين إلى غرفته وحدك وأنتِ في الابتدائية؟!
انفجرت رنا ضاحكة:
ـ بالطبع لا، لم نكن بهذا التسيب، هو وحيد خالتي وأنا كنت وحيدة أمي رحمها الله وكنا نأتي إلى هنا كثيرًا وترافقني أمي حين أسأله عن بعض الأشياء التي لا أفهمها.
لم تكلف طاهرة نفسها عناء إخفاء ضيقها فهي الأولى بذلك وقد منعتها أمها وحذرتها من الاقتراب منه مرارًا حد ابتعادها التام عنه، في حين أن رنا رافقته في طفولتها، رنا التي قاطعت سيل أفكارها معقبة:
ـ لقد لجأت إليه في كل مراحلي الدراسية يا طاهرة حتى الآن، من حظي الجيد أننا سلكنا نفس المسار الدراسي تمامًا.
قضمت طاهرة شفتيها وحارت عيناها مما دفع رنا لتكمل ضاحكة:
ـ لكن بالتأكيد أطلب مساعدته في مكان مناسب.
أومأت لها طاهرة متصنعة البسمة والتفهم رغم جذوة الحريق التي شبت في صدرها، وأنقذها من تلك الحفرة السخيفة التي وقعت فيها صوت عمتها بنور في الخارج تنادي عليها وتصطحب صخبها معها، نهضت طاهرة مستغلة حضور بنور وأشارت صوب الباب المفتوح بحيوية مفاجئة:
ـ هيا خالتي أتت، لنبدأ الحفل..
***
مر على ذلك عدة أيام، سكّنت فيها رغبة الفرار واستجابت للسكون تمامًا، مما شجع فاروق الذي استغل كل دقيقة فراغ لديه ليعود إلى المنزل، ذات مساء هبّ نسيم بارد فاقترب منها:
ـ ما رأيك أن نذهب في رحلة شهر عسل؟
عبست تفكر فاحتوى وجنتها براحة يده وبتر ترددها:
ـ سنذهب!
وجدت نفسها تومئ منشرحة القلب:
ـ أجل، سنفعل..
تحضرا للسفر وبالفعل سافرا بعد عدة أيام، وعلى الطريق قاد بسرعة متوسطة، أمسك بكفها واحتفظ به بعض الوقت، سكونها وابتسامتها الصافية شجعته:
ـ طاهرة، أريد قول شيء.
عدلت وشاح رأسها الحريري مقطبة:
ـ ماذا؟
قبض على مقود السيارة قليلًا:
ـ فكرت في اقتراح، بما أننا الآن معًا، أنا أقدر حبكَ لزكريا ولا أريد حرمانك منه.
لم تفهمه تمامًا فظلت تحدق به منصته ليستأنف بمودة حقيقية:
ـ لذا فكرت لو جمعنا شمل العائلة في بيت واحد ضخم.
اندهشت من اقتراحه الذي فسره:
ـ لدينا أراضٍ شاسعة هي ملك للعائلة كلها، ما رأيك لو أخذنا أحد الأفدنة الصالحة للبناء وبنينا منزلًا كبيرًا ونترك منه مساحة مناسبة للحديقة.
راح يشرح فكرته ويفصل:
ـ نبني المنزل ثلاثة طوابق، حينها لن تفتقدي زكريا وخالتي صالحة ستجد من يؤنسها.
كانت تنظر إليها بصمت فسمعته يخفف من صوته ويضفي عليه كل اللين:
ـ لكن ذلك يحتاج ترميم علاقتك بزوجته، أنتِ وخالتي صالحة تتعاملان معها بطريقة لائقة.
احتقن وجهها بغيظ وصاحت:
ـ وماذا أيضًا؟.
تحول لينه لحزم مفاجئ وقال متجهمًا:
ـ أولًا لا ترفعي صوتك وأنتِ تتحدثين معي، وثانيًا زكريا ليس له ذنب فيما يحدث، يعيش ممزقًا بينكن وأنتن لا تدرين عنه شيئًا.
كتفت ذراعيها أمام صدرها تبتلع جزء من غضبها وحماقتها:
ـ أنا أحبه هو لكنني لا أطيقها.
نظر أمامه ضاغطًا على حروفه:
ـ احتفظي بمشاعرك السلبية، وتعاملي مع الأمور بنضج أكثر من ذلك.
أشاحت بوجهها للجهة الأخرى قائلة بصوت خفيض:
ـ من فضلك نؤجل التحدث في هذا الأمر لوقت لاحق، لا تفسد سفرتنا بهذه السيرة.
لم يمنحها ردًا وترك مساحة الحديث فارغة وتجاهلها تمامً حتى وصلًا إلى المنتج السياحي المقصود..



يتبع....

5maha, Msamo, Moon roro and 4 others like this.

Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 21-02-23, 05:22 PM   #565

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي



ورقة خريف لم تسقط في موعدها بإمكانها تشويه الشتاء وخضاره البرّاق كذلك فكرة خاطئة من شأنها إفساد الحياة ووصمها برتوش سوداء..
أقنعته بضرورة العودة إلى ذلك المنزل، وصدّق حجتها الواهية، أخبرته أن لها أمتعة مهمة هناك تريد حزمها واسترجاعها إلى بيت الهلالي، أوصلها صباحًا وأوقف سيارته أمام الباب مباشرة وظل جالسًا محله وهي صامتة في المقعد المجاور، نقر على المقود بعصبية:
-هذا المكان خانق لم أعد أطيقه.
تمالكت نفسها وأحكمت سيطرتها على جوارحها كيلا تضعف وتعترف له بنيتها، ارتجفت أناملها النائمة في حجرها قبل أن تحسم أمرها وترفعهما ببطء صوبه، وصلت إلى عضده بعد القضاء على جزء لا بأس به من ترددها:
سأحضر أغراضي فقط ونعود إلى بيتنا هناك بلا رجعة.
أعادت يدها إليها حين أدار وجهه ناحيتها، اختل ثباتها هنيهة ومن ثم توقف بؤبؤي عينيها عن الاهتزاز، ابتسم لها برفق فهدأت بواطنها بعض الشيء:
سأنتظرك فلا تتأخر.
اختلط لينه بحنو بسمته:
ـ وددت مساعدتك لكن عملي الطارئ صعّب ذلك.
ضرب مقوده بخفة يلومها على رفضها:
ـ ليتني أحضرت امرأة تساعدك، لم يكن عليّ الإنصات لكِ.
جلبت ابتسامة جامدة فيما تؤكد له:
ـ لا حاجة لي في ذلك.
مد يده إليها يحتوي كفها البارد بقبضته فيعيد بعض من دمائها التي هربت:
ـ تُجهدين نفسك كثيرًا، أحضري ملابسك المهمة فقط، لا نحتاج شيئًا من هنا.
منحته إيماءة ديناميكية وبسمة مرتعشة، ابتهلت كيلا يدرك أنهما أتيا إلى البيت للمرة الأولى في بداية الصيف وملابسها في هذا المنزل كلها صيفية لن تحتاجها أبدًا في الشتاء، التقطت أنفاسها واندفعت بعزم تمسك بمقبض الباب وتفتحه، هبطت السيارة وجذبت حقيبة يدها وأغلقت الباب بهدوء، طال تحديق سلامة فيها، هشاشتها ملحوظة ومعطفها الشتوي الأسود لا يخفي رجفتها بفعل الريح الباردة التي هبّت مفاجئة، كاد يفتح الباب ويترجل من السيارة وينضم إليها ضاربًا بمواعيده والتزامات عمله عرض الحائط، لكنها منعته فقد شعرت ببوادر ذلك حين شرد وهلة وأسرعت بفتح الباب من جديد:
ـ لديك أعمال مهمة وأنا أحب العمل بمفردي، ارحل أنتَ وسأكون بخير لا تقلق أبدًا.
تراكمت كل مواعيد العمل المؤجلة فوق رأسه فتنهد وتخلى عن عبوسه وابتسم:
ـ حسنًا لن أتبعك الآن أنا بالفعل مشغول بشدة لفترة ما بعد الظهيرة، اعتني بنفسك ريثما أعود.
تراجعت عن السيارة بعدما أغلقت الباب بهدوء، أدار سلامة سيارته من جديد وهمّ بالمغادرة، لوح لها فيما يتحرك للخلف ويستدير فيسلك الطريق الخلفي لبيت زكريا ومأوى الذي ألقى عليه نظرة عميقة، اشتعل ندمه على القدوم إلى هنا من الأساس، وراح يلوم نفسه بقدر رغبته في الرحيل تمامًا مع هاجر وعدم النظر للخلف أبدًا، لم يكن يدرك أن القدر يخبئ له حكاية جديدة سوف تبدل أحواله وتهديه العواصف تباعًا..
وعند هاجر فقد وقفت أمام البوابة الحديدية التي استقرت على جوانبها وحواف زخارفها الأتربة الكثيفة، فتحت سحاب حقيبتها وأخرجت منها مفتاحها اللامح ومحرمة ورقية استعملتها لتحمي أناملها من الغبار، أرجأت النظر إلى البيت المجاور إلى حين وفتحت الباب ودلفت مغلقة إياه خلفها..
صعدت الدرج ببطء لتفتح الباب الخشبي الداخلي بمفتاحه ثم دخلت إلى الصالة بهدوء، كان الصمت مطبقًا وكل شيء في محله كما تركته تمامًا، لولا موضع هذا المنزل وظروفه لكانت أحبته واطمأنت فيه بسبب اللحظات السعيدة التي قضتها برفقة سلامة، طافت أرجاء البيت تمشطه بنظراتها التواقة، اختصت غرفة النوم بالكثير من الوقت، أنفقت ساعة كاملة جالسة على حافة الفراش تتذكر كل شيء قد حدث، منذ جاءت وقابلت مأوى وبثت لها الأكاذيب عن سلامة، ثم معرفتها بأفعال سلامة المشينة ذاته وصولًا إلى اتخاذها قرار العودة إلى بيت الهلالي، والآن عادت. عادت تقتطع لحظة من عمر الزمن وتجازف فيها، تعرف أن ما ستقدم عليه خطأ ربما يكلفها الكثير لكن أمومتها غلبتها تلك المرة وعسى أن تكون هي شفيعها وتتمم الأمر دون خسائر، عرفت من والدتها أن زكريا بات يعمل منذ فترة في أرضه الجديدة التي بنى فيها البيت الذي يُسكن فيه زوجته، زكريا الذي يزور آدم بانتظام مثلها، وجدت أنهما ودون اتفاق يتناوبا على زيارته، ليس بسبب احتياجه لهما فحسب بل لأنها تعرف أن زكريا مثلها يحب طفله حبًا لا نهاية له، وربما يكون مثلها يجد في حضن الولد منتهى الراحة والسكينة، نهضت متنهدة تزيح عن كتفيها حجابها الذي خلعته منذ دلوفها المنزل، أحضرت حقيبتها ووضعتها مفتوحة فوق الفراش ثم رتبت بها ملابسها التي أخرجتها من الخزانة، انتهت من عملها وأغلقت سحاب الحقيبة مع زفرة ثقيلة حملت جزءًا مما يحمله صدرها، توجهت إلى الحمام ووقفت أمام مغسلته بضع دقائق شاردة، تفكر في خطوتها التالية، قررت أن تطلب آدم بنفسها، وربما تستعين بمأوى، مجيئها وحدها دون سلامة سيعزز موقفها، لأن جل غضب مأوى وزكريا ينصب على سلامة أكثر منها، ظنت أن ابتعادها معه عن طريقهما قد خفف من وطأة ضيقهما منهما..
فتحت صنبور الماء وأخفضت راحتيها تملأهما الماء البارد ثم تدفع به صوب وجهها الذي تخدر جلده الرقيق وجعلها ترتعش، جففته بمنشفة صغيرة ثم وضعت حجابها فوق رأسها وأحكمت ربطه قبل أن تتخذ القرار الأخير وتبتر كل تراجع محتمل، خرجت من الحمام واستنكفت أن تأتي بخطوتها المتهورة دون منح سلامة خبرًا على الأقل، اكتفت برسالة نصية قصيرة اعتصر قلبها فيما تكتبها بأنامل واجفة
" أعرف أنك ستلتمس لي العذر إن هدأت وحكّمت قلبك الكبير يا سلامة، أريدك أن تتفهمني أرجوك، بحق ما بيننا تغاضى عن الأمر، لأجلي ولأجل صغيري، وسأحملها لكَ في قلبي ما حييت، أنا سأذهب إلى زكريا وأطلب منه آدم بنفسي"
أغلقت هاتفها وظلت دقائق طويلة شاردة تتصور كل المخاطر الممكنة، كل شيء سيء بإمكانه الحدوث قد تجسد أمامها، ارتعش قلبها لشعور فقدها لوحيدها الصغير، ليس عدلًا أن تُحرم منه هكذا فقط لأنها تزوجت، وجدت نفسها تتحرك تلقائيًا صوب باب الخروج وتغادر المنزل..
حين وصلت الشارع الفاصل بين البيتين ترددت قليلًا أتذهب إلى مأوى وتتخذ من حبها الذي لمستها للطفل ذريعة تزيدها جرأة لطلب دعمها ومساعدتها في إقناع زكريا أو تذهب إلى زكريا مباشرة مرتكنة إلى بقايا مودة ورحمة كانت بينهما يومًا..
والحيرة بين الاتجاهين شتتها أكثر، مررت أطراف أناملها المتجمدة التي ذهبت إلى شحوب بدلًا من حالتها المستدفئة بالدم المعتادة، قضمت شفتها وارتفع صدرها وهبط عدة مرات بسبب فورة الأدرينالين التي غزت أوعيتها الدموية فجأة، استدارت بديناميكية في اتجاه زكريا، غلبتها قناعتها أن أقصر طريق إلى ما تريد هو زكريا نفسه ولا تحتاج وسطاء بينهما، الطفل طفلهما وحدهما وهما فقط صاحبي الحق في تحديد كل ما يخصه، سارت عبر الطريق الضيق بين المنزل من الجانب والأرض وتبعته متباعدة عن المنزل تدريجيًا لتنحرف خطواتها صوب زكريا مباشرة، كانت الأرض أمامها مكشوفة على غير العادة، عدة أفدنة شاسعة مزروعة نباتات أرضية، تولت طريقًا فاصلًا بين مساحتين متوازيين من البطاطا والفراولة، دعست على شجيرات النعنع المزروعة على حافة الطريق الطويل فعبقت رائحتها ما حولها، مشت معها ريح باردة، استهدفت العظام مباشرة، أجبرتها على التوقف مرتجفة، ثم عادت تستأنف طريقها من جديد، خطوات سريعة فوق أرض رطبة جعلت قدماها تنزلقان ويتلطخ حذائها الرياضي الرمادي بالطين، تماسكت قدر استطاعتها ودعمت نفسها لتستمر في طريقها دون سقوط، تكرر الأمر عدة مرات فانشغلت بالطريق ونصب عينيها زكريا الذي رأته منهمكًا في الإشراف على عماله، وبدا أنه انتبه لها أخيرًا وترك ما بيده وهمّ بمقابلتها مندهشًا..
ولسوء حظ هاجر رؤيتها له خلت بتوازن قدمها التي انزلقت في الوحل وأوشكت على السقوط لو يد زكريا التي دعمت يدها تلقائيًا وساعدها لتعتدل في وقفتها، غمرهما الحرج والضيق من تلك اللمسة المفاجئة واحتقن وجه هاجر فيما تبتر لحظة الارتباك في سؤاله عن حاله باقتضاب:
ـ جئت لك دون وسيط لأطلب كمك السماح لآدم كي يأتي يعيش معي.
أخفض رأسه بتهذيب:
ـ أنا لا أمانع أن يعيش معكِ لكنني لا أريده أن يعيش في بيت سلامة الهلالي.
أطبقت شفتيها متجهمة:
ـ لكنه زوجي، هل تريد مني الانفصال عن زوجي حتى تمنحني الطفل الذي ولدته؟
هز رأسه مستغفرًا وزفر بعمق:
ـ حاشا لله، بالتأكيد لا أود خراب بيتك، لكن مواقف سلامة ليست مشرفة معنا.
تنهدت وحدثته بهدوء:
ـ بإمكاننا أن نأتي إليكَ معك ويتحدث معك بنفسه، هو كف عن مضايقة الجميع الآن ولا يريد حرماني من آدم بالتأكيد..
وكان غافلين عن زوج العينين اللذين لاحظتا ظهور هاجر المفاجئ وكاد يخرجا من محجريهما من فرط الشرر الذي اندفع منهما وكاد يبدل الطقس الشتوي البارد إلى آخر ساخن من عمق الجحيم..
على جانب آخر كان سلامة الذي وصلته الرسالة دفعت بالدم إلى رأسه وزادت من ضغط دمه، تحكم الغضب به لاسيما وأنه حاول الاتصال بها مرارًا فوجد الهاتف مغلقًا، قفز من محله لحظة وصوله الرسالة واحتل مقعد قيادة سيارته وجنح بها مصدرًا صريرًا مزعجًا قبل أن يشق الطريق الرئيسي ويخلف وراءه سحابة من الغبار الأسود..
وبالعودة إلى مأوى فقد أضحت سيطرتها على مكابحها ضرب خيال، كانت تقف في صالتها تنظر إلى زكريا عبر نافذتها الكبيرة، وأحضرت كوب شاي بلبن مع بعض الفواكه المقطعة، وطفقت تراقب عن كثب حركة زكريا الحيوية بين عماله، يأمر هذا ويحرك معدات مع ذاك ويدير عمله بسلاسة زادت من إعجابها به، اعتادت مراقبته مؤخرًا ووجدت في وجوده الدائم حولها الونس والسلوى، كما أن ذلك زاد تملكها، كرهت الجميع سواه وكرهت وجودهم حوله، صالحة وابنتها ولم تكن تضع في حسبانها تلك المشعوذة التي أتت على حين غيرة، هاجر التي فجأة ودون مقدمات رأتها تحتل مجال رؤيتها، تشوه اللوحة الجميلة أمامها، أرض واسعة لا يساع مداها البصر قد زادها الشتاء بهاءً، ورجل طيب، الرجل الأكثر وسامة في عينيها يقف بطوله الفارع وجسده المشدود يحمل قلبًا حنونًا كما يحمل حبها بين جنباته، لم تكن تريد أكثر من ذلك، لم تحلم أبهى من تلك صورة، الصورة التي عكرت صفوها متصنعة الشرف والآصالة، تلك الحثالة ذات الخطوات المائعة، والتي كادت تسقط عدة مرات في طريقها ولم يحلو لها السقوط إلا أمامه فيندفع زكريا صوبها ملتهفًا لدعمها، ربما أمسك بخصرها النحيل أو لم يفعل، ربما نظر في عينيها وتذكر حميمية بائدة، تلك المرأة ولدت له طفلًا قبل أن يعرفها حتى، بالـتأكيد أغوته وسحرته كما فعلت في سلامة بعده، سلامة الذي رنّ صوته من الذاكرة متبجحًا يخبرها أن الست هاجر أفضل منها وأنه عاش معها ما حرمته منه، احتقن بياض عينيها بحمرة وكادت تنفجر أوعيتها الدموية، كل هذا وهي ساكنة كصنم تم نبذه وهجره، رأتهما يتحدثان، هي متنصبة الجسد ترفع وجهها الكريه له وهو في وضع انحناء، يستمع إليها ويرد عليها، يتحدث ثم يصمت ثم يعود ويتحدث، يتلاطفان!
شبّ في صدرها حريق مهول، نار أكلت بداخلها الأخضر واليابس، جعلتها تدفع بالصينية الصغيرة الساكنة على حافة النافذة المفتوحة، توقع بها إلى الخارج فتحدث دويًا مزعجًا جعل من بالخارج ينتبهوا لمصدر الصوت، التفتوا ليجدوا النافذة فارغة!
ثانية واحدة، ثانية كانت الفاصل الزمني القصير بين الصمت المهيب ودويّ البارود الذي تمثل في صراخ مأوى وهذرها بألفاظ نابية استهدفت هاجر، جعلت زكريا يود لو تنشق الأرض وتبلعه ولا يسمع كل ذلك من مأوى، ومأوى كانت في عالم آخر لا تدرى سوى لون أحمر قاتم كالدم الساخن شوش رؤيتها، خُيل لها أنه انهمر فجأة وزاد جنونها، عاشت في فقاعة من الوهم، الوهم المشوب بالدم، أزكمتها رائحة خيانة، وقهر وخذلان الماضي والحاضر، وتلك المرأة التي نجحت فيما فشلت فيه، بالتأكيد اختلجت بين ذراعي سلامة كما أنها كسبت احترام زكريا، زكريا لا يحترمها طالما يقف يبادل تلك المرأة الهمس على مرأى ومسمع من كل الناس من حولهم، وصلت إلى الجامدين أمامها، لم تدرك أن وشاحها قد سقط وانفلتت خصلاتها الحمراء منه، اندفع زكريا صوبها يستر رأسها فدفعته وتوجهت صوب هاجر المبهوتة تهتف:
ـ أنتِ سعيدة بوجود الرجال حولك.
شهقت هاجر وتحول وجهها على كتلة جمر ملتهبة، عجزت عن الصراخ في وجهها فحولت مأوى دفتها إلى زكريا الذي أمسك بها بعنف وصرخت:
ـ وأنتَ ماذا تريد من عاهرة ابن نادرة، لقد اشتقت لأيامكما السابقة؟.
حاول منعها عن الجنون الذي تفوهت به بتكميم فمها بيده لكن ثورتها العارمة جعلتها تزيد وتزيد من سبابها، مما جعل هاجر تنتفض فجأة وتندفع إليها بجنون مماثل:
ـ يا حقيرة يا رخيصة.
قفزتها طابقت قفزة الضفدع تهرب من بوتقة ساخنة، أجفلت مأوى التي تراجعت للخلف إثر دفع هاجر لها، كالت هاجر لها الصفعات وتحولت الأرض من تحتهم إلى مسرح جنون كل يدلو بدلوه، أتى سلامة في الموعد الخطأ، سمع السباب واخترق أذنيه اسم زوجته العفيفة مقترن بأقذع الألفاظ التي سمعها يومًا، شبّت الحرائق في صدره وشعر بوحل يلطخ رجولته، اندفع كالقذيفة إليهم، يجذب هاجر التي خمشت وجه مأوى وأدمته ورمى بها في الخلف ليتقدم هو ويهم بصفع مأوى وتمزيقها إربًا لكن يد زكريا الصارمة تدخلت في الوقت المناسب زاعقًا:
ـ لا تمد يدك على زوجتي.
وجده قد وقف حاجز بينه وبينها فأدار الدفة صوب زكريا وتبادلا اللكمات العنيفة، حرب متكافئة لم يبدو أنها ستنقضي يومًا، وقفت مأوى خلف زكريا ترى خيالات تتحرك أمامها دون شعور بانتماء لها، كل شيء حولها أسود يتحرك بسرعة وحدة، وهاجر كانت ترى كل شيء بوضوح رغم أنها تبكي بحرقة ونحيبها لا ينقطع..
تدخل رجال زكريا للحول بين الرجلين الذي بدى شجارهما العنيف لن ينقطع واستطاعوا بأعجوبة التفريق بينهما، وكلما فصلاهما تلاحما بشراسة من جديد، طاقة غضب متبادلة وعنف شديد بإمكانه الفتك بكلاهما،
نجح رجال زكريا أخيرًا في منعمها من التشاجر من جديد جعلهما يدركان الصورة كاملة، قد سمع جمع من البشر كل ما حدث، وامرأتين تقدمتا سريعًا إلى مأوى يسألانها عما حدث بأصوات مسموعة، انتبه سلامة لكل ذلك فاستدار إلى هاجر المنتحبة وأمسك بكفها البارد وسار بها بسرعة فائقة، حين تعثرت خلفه وكادت تسقط كمش خصرها بذراعه ورفعها عن الأرض وهرول بها مغادرة تلك البقعة برمتها، وصل إلى سيارته التي أتى بها قبل قليل وحين رأى هاجر قد سلكت طريقها إلى زكريا فعلا هبط من السيارة وتركها مشتعلة المحرك وركض عبر المروج كي يصلها ويمنع تحدثها مع زكريا، فتح باب السيارة وألقى بهاجر فوق المقعد بعنف جعل الأرض تدور بها والتف حول السيارة ليلزم موضع السائق ويقودها بسرعة مهولة تكافئ نبضه الذي جن جنونه..
في الناحية الأخرى كان زكريا قد أمسك بيد مأوى، قادها إلى داخل المنزل، أغلق الباب خلفهما، كل الحلول أمامه انتهت، وكل ود بينهما قد زال، أحضر حقيبة كبيرة من فوق خزانة الملابس، وضعها أرضًا وفتحها، كدس بها الملابس تحت مراقبة مأوى له من خلف أهداب مسدلة، انتهى وأغلق سحاب الحقيبة واستدار إلى مأوى، أحكم غلق وشاحها وسحبها من يدها فاستجابت له، كانت بلا حيلة تتحرك بآلية كدمية بلا حياة، غادر بها المنزل وأغلق بابه، هبط الدرج فهبطت خلفه، توجه بها عبر الطريق المستقيم وسار إلى شاحنة تنقل عماله أحيانًا، يعرف قيادة السيارات لكنه لا يهتم باقتناء واحدة، لديه فقط تلك الشاحنة التي تنقل العمال ولم يسمح أن تستقلها زوجته قط، اليوم فتح بابها وحثها على الجلوس على مقعدها، جلس في الجهة الأخرى وتأكد من غلق الأبواب جيدًا، قاد بها الطريق صامتًا، لا ينظر إليها ولا هي نظرت، وصلا إلى بيت عائلتها، وكما فعل هناك، ساعدها لتهبط وحمل الحقيبة باليد الأخرى وطرق باب عائلتها بغلظة، خرجت أمها التي انشدهت بما تراه، ابنتها في هيئة مزرية وزوجها يحمل حقيبتها، ضربت صدرها متسائلة في ذعر:
ـ ماذا حدث.
لم يجيبها أحد فأفسحت لهما الطريق، دلفا إلى الصالة ورمى زكريا بالحقيبة كما يرمي القمامة ووقف أمام زوجته مباشرة:
ـ أنا لا أعرف إلى الآن سبب طلاقك من سلامة، عرفت ما فعلتِه أنتِ به لكنه لم يتفوه بحرف عمّا حدث بينكما قبل ذلك.
كان جسدها شبه خامد لكن روحها هائمة، عيناها تدوران كأجرام في طور الجنون، أشرست ملامح زكريا لمرة نادرة وصاح بغضب:
ـ وأم ابني؟
هنا اندفع صوت مأوى تصيح بغلظة:
ـ ال..........
أسكتها بصفعة مدوية:
ـ قلت لكِ إنها أم ابني، التي تسبين شرفها وشرفي معها تلك هي أم ابني يا مأوى، وأمه أشرف إنسانة في الكون كله.
سمع اصطكاك أسنانها فأخفض صوته الذي خرج خطيرًا مرعبًا أفزعها:
ـ هاجر وسلامة لهما حق عندك يعلم الله كيف سيأخذانه، لكن.....
توسعت عيناه بشرر مهول:
ـ لكن حقي أنا سآخذه الآن، شرفي خط أحمر..
صمت برهة تشبه شد أجزاء قذيفة للخلف، واندفعت القذيفة بمستوى متوسط، كطلقة جليد تستقر في عمق القلب وتجمده قتيلًا دون قطرة دم واحدة:
ـ أنتِ طالق يا مأوى.





انتهى الفصل
"ولا يزال للحكايا بقايا"

5maha, Cecilia, Moon roro and 7 others like this.

Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس
قديم 21-02-23, 11:35 PM   #566

فتاة طيبة

? العضوٌ??? » 306211
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 567
?  نُقآطِيْ » فتاة طيبة is on a distinguished road
افتراضي

حقيقة كنت اتمنى هذا المصير لمأوى حقارتها وانحطاط اخلاقها لامثيل له قد اقتص الله لسلامة منها اما هاجر فلا اعلم اي غباء جعلها تفعل فعلتها اتمنى ان يتريث سلامة في رد فعله ولايكون مصيرها كمأوى ...
حقيقة جزء ولا اروع يالميس سلمت يداك على هذا الابداع

الديجور likes this.

فتاة طيبة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-02-23, 10:41 PM   #567

samar hemdan
 
الصورة الرمزية samar hemdan

? العضوٌ??? » 461744
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 969
?  نُقآطِيْ » samar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond reputesamar hemdan has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم أتمنى يكون الفصل الخامس والعشرون قد نال إعجابكم❤️

samar hemdan غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-23, 05:56 AM   #568

هبةحسين

? العضوٌ??? » 392364
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 168
?  نُقآطِيْ » هبةحسين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل روعة وزكريا عمل الصح هى فعلا قليلة الادب وكان لازم يطلقها يمكن تحترم نفسها بعد كده
الديجور likes this.

هبةحسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-23, 04:22 PM   #569

صل على النبي محمد
 
الصورة الرمزية صل على النبي محمد

? العضوٌ??? » 404607
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 2,174
?  نُقآطِيْ » صل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond reputeصل على النبي محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد

لا تنسوا الباقيات الصالحات

سبحان الله

الحمد لله

لا إله إلا الله

الله أكبر

لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

الديجور likes this.

صل على النبي محمد غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا إله إلا الله وحده لا شريك له
له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
رد مع اقتباس
قديم 24-02-23, 08:24 AM   #570

سناء يافي

? العضوٌ??? » 497803
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 447
?  نُقآطِيْ » سناء يافي is on a distinguished road
افتراضي مواسم العشق والشوق

فصل رائع جدا رغم كل عيوب مأوى الا اني زعلت عليها
يعني بتحسي ما في حد ينصحها ها البنت والكل جاي عليها ما عندا ثقة بحالها بتمنى تتغير وترجع لزكريا تسلم ايدك

الديجور likes this.

سناء يافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:06 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.