آخر 10 مشاركات
صقور تخشى الحب (1) *مميزة ومكتملة* سلسلة الوطن و الحب (الكاتـب : bella snow - )           »          معذبتي الحمراء (151) للكاتبة: Kim Lawrence *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ذكريات سجينة (69) للكاتبة: أبي غرين (الجزء الثاني من سلسلة الشقيقان) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          الفارس الشجاع (29) للكاتبة: Day Leclaire *كاملة+روابط* (الكاتـب : بحر الندى - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          عندما تنحني الجبال " متميزة " مكتملة ... (الكاتـب : blue me - )           »          قدرنا معاً (40) للكاتبة:Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          1 - الاختفاء الغامض (الكاتـب : MooNy87 - )           »          أكاذيب صغيرة (42) للكاتبة:Chantelle Shaw *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          ثمن الخطيئة (149) للكاتبة: Dani Collins *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

مشاهدة نتائج الإستطلاع: ما هي أكثر شخصية من الأبطال أثارت انتباهكم في الرواية؟؟
سمر 3 27.27%
عليا 5 45.45%
ثريا 7 63.64%
عزة 2 18.18%
أسامة 3 27.27%
أشرف 1 9.09%
أنس 2 18.18%
زكريا 1 9.09%
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 11. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع

Like Tree1899Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-04-24, 10:40 PM   #611

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 619
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
Post الفصل الثامن والعشرين….وشمتِ اسمكِ بين أنفاسي????




وشمتِ اسمكِ بين أنفاسي ????

الفصل الثامن والعشرون

'في منزل عائلة الذهبي'
تجاوز زكريا باب غرفته،التي أصبحت ملكا لابنته الآن وانتقل هو إلى غرفة أخرى رافضا أن تنتقل عزة لنفس غرفة زوجيته السابقة،تقدم للداخل بخطوات متثاقلة تحمل خلفها الكثير من الحزن،الخذلان،تأنيب الضمير والخوف من التقصير،زفر نفسا مؤلما كان يثقل على أنفاسه،وامتقع وجهه من الأسى وعيناه تلمح صورة قديمة تجمعه بزوجته الراحلة.
ابتلع ريقه وهو يحرر عنقه من الربطة التي شعر بأنها تطبق على أنفاسه للحظة ثم رمى بها لأبعد نقطة في الغرفة، ارتمى بجسده أرضا والتقط الصورة بين أنامله المرتجفة،وطالعها بعيون قاسية،لا بل مشتاقة،عاجزة والأكثر من ذلك تشعر بالعار وتأنيب الضمير.
سافرت به ذاكرته لقبل ثلاث سنوات،لتستنزف المتبقي من طاقته لهذا اليوم الطويل الذي يأبى الانتهاء.
'قبل ثلاث سنوات(يوم ولادة لينا)'
استيقظ زكريا باكرا كعادته،فتحرك بهدوء في الغرفة لكي لا يوقظها بعد صراعها طوال الليل مع المخاض،أخذ حماما سريعا قبل أن يغير ملابسه لبذلة رسمية باللون الرمادي وقميص أبيض تحتها،كان يرش عطره المفضل عندما تفاجأ بها خلفه،حضنت خصره بقوة ثم أراحت خدها على ظهره وغمغمت بصوت متعب"لماذا لا تبقى معي اليوم!"
وضع عطره جانبا ثم تشبث بذراعها قبل أن يدير جسده الرياضي ليقابلها،تأملها من علو قامته،أنثى ذات جمال هادئ بعيون كستنائية واسعة وشعر بلون الكراميل يصل لكتفيها،ترتدي قميص نوم بحمالات رفيعة يصل لركبتيها وقد التصق ببطنها بشكل ملفت أبرز تكورها وانتفاخها.
احتضنت كفه خدها ثم مال إليها وطبع قبلة حانية على جبهتها وأخرى على خدها قائلا بهدوء"كيف حال كراميليتي اليوم!؟" ثم تحسس رقبتها المكشوفة وصولا لقدها ثم بطنها المنتفخة،فردت عليه بصوت متعب"أنا بخير،وصغيرتنا تزداد شقاوة وحماسا لرؤيتك"
أفرجت ملامحه الحادة عن ابتسامة صادقة ثم انحنى بهدوء مستندا على إحدى ركبتيه أرضا ورفع ثوبها ليكشف عن بطنها العارية التي تحسسها بنهم قبل أن يطبع قبلات رقيقة عليها ويداعبها بكلمات تشع حنية كأنها تسمعه،فقال"هل أنت متحمسة لهذه الدنيا يا حلوتي! يالسعادتي إن كنت تشبهين والدتك في جمالها ورقتها وحنيتها،فلا تتأخري في المجيء أكثر من هذا!"
ابتسمت إيمان بوهن وكلماته تدغدغ مسامعها، فمدت كفها تتحسس شعره الندي وعينيها تقبل ملامحه، فتحاملت على نفسها وانحنت لتطبع شفتيها على جبهته وأطالت القبلة عن المعتاد،رفع نظراته ناحيتها يتشرب ملامحها المتعبة ثم وقف بهدوء بعد أن استقامت في وقفتها، وقادها لسريرها قائلا بقلق"لا تغادري سريرك اليوم،حبيبتي، فالطبيب منع أن تتحركي خاصة مع اقتراب موعد الولادة"
جلست بحذر فانحنى ليرفع كلا ساقيها من على الأرض ثم وضعهما بعناية فوق السرير وباشر في تمسيدهما، عندما عدل وضعية جلوسها لتتكئ بظهرها على دعامة السرير.
مدت كفها نحوه تتوسل اقترابه،فاستجاب لها ثم جلس بجانبها فقالت برقة"لو أنك تبقى معي اليوم يا زكريا" ثم اقتربت منه تحتضنه بقوة،فرد عليها مستغربا وهو يبادلها الحضن وكفيه تمسدان ظهرها من الخلف"هل تشعرين بالتوعك!؟"
هزت رأسها نفيا وهي تتشمم رقبته ثم سحبت نفسا عميقا من عبير عطره قبل أن ترد عليه بدلال وهن"أنا بخير،لكن لسبب مجهول لا أريد أن أبتعد عنك اليوم،ولا مغادرة حضنك أبدا،وحده وجودك بجانبي من يحد من وجعي ويسد جوعة قلبي العاشق"ثم شددت من حضنها له.
بادلها الحضن بآخر أقوى وقد رجح أن سبب حالتها هذه هو قلقها من اقتراب موعد ولادتها،لذلك لم يحاول سؤالها عن شيء،وحمل هاتفه يتصل بالمكتب ليخبرهم بأنه سيتأخر عن العمل اليوم لحين بدء الاجتماع.
تخلص من حذائه وسترة بذلته وقميصه على عجل ثم اندس بجانبها على السرير مستلقيا على بطنه يحتضن خصرها بتملك مخبرا إياها أنه سيبقى معها لساعات إضافية اليوم.
مدت كفها تمسد شعره وكتفيه العاريين بحنان عارم ثم استرسلت في الحديث وهي تلهث بين كلمة والأخرى وقد أهدر المخاض طاقتها بالكامل، فقالت"عندما التقيتك لأول مرة،لم أتخيل بأن أحبك بهذا القدر يا زكريا(رفع نظراته لوجهها الذي فقد إشراقته مؤخرا)أن أتوه في رقتك وتفهمك،في كل اختلاجة صادرة عنك، كنت لي دائما نعم الزوج والرفيق والسند، ومتأكدة من أنك ستكون أبا رائعا لابنتنا"
أسكتها عن الكلام واضعا سبابته فوق شفتيها قائلا بعتاب"بل سأكون لك دائما الأب والسند والرفيق لآخر العمر، وسننجب الكثير من الأطفال،ويا لحظهم لأنهم سيحصلون على أحن أم في العالم" رفع سبابته في وجهها قائلا بمزاح يحاول تلطيف الجو"لكن احذري من أن تغدقيهم بحنانك أكثر مني لن أتنازل عن هذا أبدا"
قهقهت بتعب ثم تحسست بطنها بألم وقد أصبحت أبسط الحركات التي تفعلها تسبب لها تشنجات مؤلمة.
اعتدل زكريا في جلسته ثم خيم عليها بجسده قبل أن يميل بوجهه ويقتنص شفتيها في قبلة بث من خلالها أشواقه التي حرص على كبحها لوقت طويل رفقا بحالتها،وبادلته الشوق بشوق أعنف بكثير،متشبثة بعنقه وكأنه حبل نجاتها، ابتعد عنها طالبا للهواء، فاستراحت بجبهتها على ذقنه تلهث بسرعة محاولة التقاط أنفاسها هي الأخرى.
ابتسم بأسى من الذكرى،مدركا أنها آخر ذكرى سعيدة جمعتهما معا،وما كانت سوى بداية لمأساته الحقيقية.
سافرت به ذاكرته لنفس اليوم، عندما استقبل اتصالا من أنس يخبره أنه نقل إيمان للمستشفى بعد أن تمكن منها المخاض،وقد تزامن مع انتهاء اجتماعه فهرع بفزغ مختلط مع فرحة عارمة لاستقبال الضيف الجديد.
تسابقت خطواته في رواق المشفى،خطوة تدفع الأخرى، وقلبه ينبض بسرعة متشوقا لرؤيتهما معا، خاصة بعد أن منعه الازدحام الذي صادفه في الطريق من الوصول في وقت أبكر ليحضر الولادة الكاملة للينا،فكان من حظه أن وصل بعدها مباشرة.
ملامح الطبيب المكفهرة،الامتقاع والصدمة اللتان عليا وجه أنس وتراجعه خطوتين للوراء يحاول الإمساك بجسد والدته التي خانتها ركبتيها من وقع الخبر والدموع التي أخذت مجراها نحو خديها بدون أن تستوعب الخبر بعد، كل ما حدث أمام ناظريه في مدة لم تتجاوز الثلاث ثواني كان كفيلا بشل حركة جسده،بل الدماء التي تجري في عروقه، اقترب بوهن غزا أطرافه فلم يكن في وضع يسمح له بالمشي بطريقة سليمة وكل ذرة من كيانه تطالب بتكذيب ما تراه عيناه.
ما خرج من فاه الطبيب، أعيد على مسامعه مجددا بشكل مرعب زلزل كيانه وهدم عالمه…'لقد فعلنا كل ما بوسعنا،لكننا لم نستطع إنقاذهما معا،الطفلة في أمان لكن الوالدة وافتها المنية بسبب ارتفاع حاد في ضغط الدم،الله يرزقكم الصبر والسلوان،ورحم الله السيدة إيمان'.
رمش عدة مرات، ثم اتسعت عينيه تدريجيا وتوقفت رئتيه عن العمل لثواني أو ربما دقائق، لا يدري…أهكذا يشعر المرء عندما تنخلع روحه عن جسده،صعق فؤاده كما صعقت روحه..ولم يستوعب أن المذاق المالح الذي وصل لشفتيه لم يكن سوى دموع الغم الذي جثا على صدره وربما لن يغادره أبدا،كما لم يستوعب قوة قبضته على ملابس الطبيب صارخا بقوة بكل ما تحمل نفسه من ألم"أريد زوجتي حالا، كيف تخبرني أنها دخلت حية ترزق، وستخرج من عندكم جثة هامدة"، كان الطبيب يختنق وهو يردد بصوت متقطع"اهدأ يا سيد زكريا أرجوك، أنا متفهم لحزنك..ومتأسف لمصابك" وهو يربت على قبضته بكفه الطليقة ثم يسعل بين الكلمة والأخرى.
انتشل أنس نفسه من الحزن والصدمة التي ألمت به هو أيضا ثم مسح وجهه من بقايا دموع لم يستطع كبحها سابقا عندما تلقى الخبر..فاقترب من شقيقه بسرعة مستوعبا أنه يحتاج إليه الآن أكثر من أي وقت مضى، طوقه من الخلف وهو يحاول السيطرة على نوبه الهياج التي أصابته وتتناقض مع طبيعته الهادئة، وتدخل باقي الفريق الطبي ليخلصوا الطبيب من قبضته.
ردد أنس من خلفه بصوت مغلف بالأسى"لله ما أعطى ولله ما أخذ يا زكريا،ولا مرد لقضاء الله وهو خير الحاكمين وخير ما يكتب ويقضي به، اصبر اصبر فما لك ولنا سوى الصبر"
كان يلقي بكلماته على مسامع شقيقه ولم يدري أنها حفرت بذاكرته وقد رددها أحدهم على مسامعه يوم وفاة والده فبقيت ملتصقة في ركن بعيد إلى أن حان أوان استعمالها مجددا في فاجعة أخرى.
كان زكريا يحرك رأسه يمينا وشمالا بتيه وعدم تصديق، ولا يسمع شيئا سوى طنين عالي والرؤية أمامه مشوشة أوضحتها قامة والدته وهي تهم نحوه بقلب ملتاع تتلقفه بين أحضانها كأنه طفل في الخامسة، وكان حضنها النقطة التي أفاضت الكأس، وأسقطت المتبقي من حصونه…فانفجر ببكاء مرير يغلفه الأسى،هز أرجاء المشفى بأكملها، وعلم الجميع ليلتها أن أحدهم غادرته روحه ودفن حيا معها.
تسربت من جيب سرواله العلبة المخملية التي كان يعبث بها في وقت سابق،فأيقظته من ذكرياته ثم أخذ نفسا عميقا يطرد به الثقل الذي جثم على صدره وصولا لأطرافه أيضا، قلبها بين أنامله وذكرى ابتسامتها وفرحتها بالخاتم تسيطر على تفكيره طاردة ما كان يشعر به قبل لحظات..ظهر طيف ابتسامة على شفتيه بدون أن تصل لعينيه وتسلل الخوف من المستقبل ليحل محله بداخله.
رنين هاتفه أخرجه من قوقعة أفكاره،فتطلع للهاتف بفضول ليلمح اسم'أشرف'، تنهد بثقل قبل أن يفتح الخط ليستقبل نبرة أشرف الجافة وهو يقول"انزل، أنا أمام باب منزلك" ثم أقفل الخط بدون سابق إنذار.
ظهرت علامات التعجب على ملامحه، ثم نظر للهاتف بغموض واتجه للخارج.
__________________________
'في اليوم التالي'
'في المساء'
'في قاعة الحفلات'
توافد الضيوف على قاعة الأفراح، وكان باستقبالهم كل من والدي عَلْيا ووالدي عزة،بالإضافة إلى أشرف وأسامة اللذان كانا حريصين على أن يكون كل شيء جاهزا قبل انتهاء العروستين من تجهيز نفسيهما، ووصول العريسين أيضا.
'في غرفة داخلية تابعة لقاعة الحفلات'
كانت المزينة قد انتهت من اللمسات الأخيرة على وجه عزة وباشرت في تصفيف شعر عَلْيا.
في حين أن 'النّْكّافَة' ومساعداتها بدأن في مساعدة عزة على ارتداء أول 'تكشيطة'، وكانت باللون الزهري المكسيكي،وتكسوها السفيفة والعقاد ونقوشات باللون الذهبي، أغلقت المساعدة الحزام'الْمْضْمَّة المغربية' الذهبي ذو الأحجار الكريمة بإحكام حول خصرها، وفعلت المثل مع عقدها الذهبي الذي يحمل نفس زخرفة القرطين الذهبيين المتدليين من أذنيها ثم أحاطت رقبتها بعقد من طبقات من اللؤلؤ الحر تتوسطه قطعة ذهبية.
تعمدت المزينة أن تربط حجاب عزة المنقوش بالون الذهبي خلف رقبتها ثم ثبتت عليه طرحة شفافة ذات نقوش ذهبية خلف رأسها ويتجاوز طولها طول القفطان، وأنهت تجهيزها بآخر قطعتين، شوكة تقليدية كبيرة ذهبية عند فتحة العنق لتجمع بين طرفي الثوب، ثم تاج ذهبي أكمل طلتها البهية.
تطلعت عزة لنفسها في المرآة الطويلة بانبهار ثم زينت ابتسامة صغيرة ثغرها عندما قفزت إلى ذهنها فكرة أنها ستثير انبهاره أيضا بهيأتها التي بدت فخمة كما وصفتها عَلْيا بعد أن انتهت من تصفيف شعرها وباشرت هي الأخرى بارتداء قفطانها.
حاولت المساعدات التعامل بحرص مع شعرها الذي اختارت المصففة تصفيفه للأعلى مع تحرير بعض الخصلات من الخلف دون أن تصل لكتفيها،وفعلت المثل مع الجزء الأمامي من شعرها بما يتناسب مع ملامح واستدارة وجهها.
اختارت عَلْيا قفطانا باللون الأزرق الزبرجدي ذو نقوشات فضية وعقاد بين اللون الفضي ونفس لون القفطان.وأحاطت المساعدة خصرها بمْضْمَّة مغربية باللون الفضي اللامع، في حين أنها لم تبالغ في الاكسسوارات وأصرت على ارتداء عقد فضي يضم دلايات بأشكال مختلفة وقرطين يحملان أحد الأشكال،ثم وضعت'النْكَّافَة' تاجا فضيا فوق رأسها من نفس الطقم.
اقتحمت سمر الغرفة ثم توقفت لثواني منبهرة قبل أن تنطق بذهول"يا ما شاء الله!" واتسعت ابتسامتها تدريجيا ثم أكملت وهي تقترب منهما"تبدوان مذهلتين، الأثواب والألوان لائقة عليكما،وزينة الوجه..'نطقت آخر كلمة بتأثر'buena" بمعنى رائعة ثم تفحصت حقيبتها تبحث عن هاتفها قائلة"هذه اللحظة تحتاج للتوثيق..ها هو" ورفعت الهاتف أمام وجههيها كأنها حققت نصرا بإيجاده ثم ناولت الهاتف لأول شخص أمامها قائلة"هل تستطيعين التقاط صورة لنا؟"
ابتسمت المساعدة وأومأت برأسها ثم نظرت لهما تنتظر أن يعدلن وضعيتهن.
تراجعت سمر خطوتين للخلف ثم وقفت بين العروستين وأمسكت كفيهما قبل أن تقول"أريد أن أرى أوسع ابتسامة لديكما" ثم باشرت بالعد" ثلاثة، اثنان،واحد" وأفرجت الثلاثة عن ابتسامتهن السعيدة، قبل أن تقابلهما سمر مجددا وتضمهما بخفة وحذر لكي لا تفسد طلتهما قائلة بنبرة صادقة"مبارك لكما للمرة الألف، أتمنى أن يهنأ قلبكما للأبد وتجدا سعادتكما المرجوة"
بادلتها عَلْيا الحضن هامسة"وأنت أيضا ستجدين من يستحقك يوما ما..تبدين فاتنة يا سمارا"
أومأت سمر ثم نظرت لهما بعيون متسعة وقد تذكرت الأمر التي جاءت من أجله أخيرا،فضربت جبهتها قائلة"ستقتلني عزيزة هذه المرة! لقد اتصلت بي لأخبركما أنهم على وشك الوصول"
ابتلعت عزة ريقها وفعلت عَلْيا المثل وبدأت علامات التوتر المختلطة مع الحماس تظهر على ملامحهما.
قاطعت 'النْكَّافة' حديث الفتيات موجهة كلامها لسمر"من الجيد أنك أخبرتني أنهم على وشك الوصول، سأحاول أن أجهز العروستين نفسيا فدائما ما تكون اللحظة الأولى مربكة للجميع، وأنت أخبري عائلتي العروستين أنهما جاهزتين".
أومأت سمر ثم غادرت الغرفة بعد أن أمطرتهما بقبلات هوائية معبرة مجددا عن مدى جمالهما.
*****
'في الممر المؤدي إلى الدرج الموصل للقاعة'
تقابلت نظراتهما وتوقفت خطواتهما لثواني بدون أن يدركا ذلك، وأخيرا وجد لحظة يستطيع أن يسترق فيها النظرات كما تشتهي نفسه،فبالرغم من انشغاله لم يغفل عن تحركها هنا وهناك بقفطانها الأحمر الذي لم يتبين تفاصيله سوى الآن.
قفطان النطع الفاسي، ثوب فريد من نوعه بلون أحمر فاقع تتخلله نقوش لورود باللون البنفسجي وأخرى ذهبية،وتمتد ياقته بالسفيفة والعقاد لتصل لأعلى رقبتها لتكتمل الطلة بمْضْمَّة ذهبية زينت خصرها الرفيع.
اختارت سمر هذه المرة أن ترفع شعرها المجعد على شكل كعكة وتركت بعض الخصلات المجعدة بعناية تستقر على جبهتها وخديها بدون أن تغطي وجهها، واعتمدت زينة وجه رقيقة ولم تستغني عن أحمر شفاه بلون القفطان.
زفر أشرف نفسا عميقا وقد تشبعت رئتيه بعبير عطرها الفواح فتعجب من الطريقة التي أصبح يلتقط فيها رائحتها ولو كانت بين العشرات من الأشخاص.
لقد أصبحت إدمانا من نوع آخر بالنسبة إليه،إدمان لذيذ لكنه يؤلم روحه المشوهة…يريدها لكنه يمقت بني جنسها، وكلما حاول خطو خطوة نحوها تسحبه ذكرياته عشرات الخطوات إلى الخلف مذكرة إياه بماضيه.
ابتلعت ريقها وقد أخرسها حضوره الطاغي، وهي تعترف أنها تحاول تجنبه منذ تخريبها لسيارته،ليس خجلا من فعلتها بل كانت تشعر بالعكس تماما،وكلما تذكرت ما فعلته تستلذ به أكثر..لكنها متعبة مما تشعر به اتجاهه..ولم تعد قادرة على الثبات على شعور واحد، يا إما أن تحبه بكل جوارحها أو تكرهه فقط.
لم يشعر بنفسه وهو ينبس بصوت أجش التقطته أذنيها فاخترق أعماقها"يا رحيم!" كانت نبرته تحمل الكثير من المشاعر المثقلة التي كان يكبحها…فلا يوجد أقسى من أن ترغب بأحد لكنك لا تستطيع تجاوز نفسك للوصول إليه، ارتفعت أنامله لتصل لربطة عنقه،فحركها قليلا بغية التنفس بأريحية وقد كان يظن أنها من تطبق على أنفاسه، بدون أن تتزحزح عينيه على الماثلة أمامه وقد لاحظ تململها قبل أن تقرر تحرير قدميها وتختفي من أمامه..
همس باسمها"سمارا"
تسلل صوته لمسامعها فاستدارت بهدوء وأسرعت بالقول "العروستين جاهزتين، تستطيع الاتصال بالشباب" ثم رفعت الهاتف لأذنها تتظاهر بالتحدث مع أحدهم ولم تكن ترغب بأن يتفوه بأي تعليق قد يغير مزاجها الليلة.
راقب اختفاءها من أمامه وضجيج كعبها العالي يعبث بطبل أذنيه كما سبق وعبث بأوثار قلبه..أيقظه رنين هاتفه، فأخرجه من جيبه بسرعة، وكانت عزة المتصلة..رد عليها بسرعة"عزة! أنا أمام غرفة تغيير الملابس"..
فتح باب الغرفة فأخرجت عزة رأسها ولازالت تضع الهاتف على أذنها..راقبت ملامحه بفضول..ولم تخفى عليها نظرة الانبهار التي زينت زرقاوتيه لتنتقل لنظرة متأثرة قد ينجح في إخفائها عن الجميع إلا هي…خرجت من الغرفة ثم اقتربت منه ووقفت على بعد خطوتين فكان السباق بتقليص تلك المسافة وانحنى يعانقها بتأثر استشعرته، ولم يكن قادرا على التعبير عما يخالجه من مشاعر وهو يرى شقيقته، قطعة من قلبه ستزف الليلة لعريسها، فلا زال لا يصدق أنها كبرت لتصبح عروسا وهي في نظره الطفلة المدللة التي كان يأخذها معه أينما ذهب..
فك العناق واكتفى بوضع راحتيه على كتفها حريصا على عدم إتلاف زينتها، فطالعته بعيون دامعة من شدة التوتر والتأثر والعديد من المشاعر المختلطة التي لم تستطع تصنيفها…همست"كيف أبدو؟!"..غمغم بتأثر"جميلة لدرجة أني أفكر في الهروب بك الليلة، بدل زفك لمتحجر الهيأة ذاك!"
ضحكت من وصفه له ثم همست باعتراض طفولي"لا تناديه بذلك!"
هز كتفيه بلامبالاة قائلا"وهل افتريت عليه، إنه يستخسر فينا حتى الابتسامة، فلم نعد نعرف إن كان سعيدا بهذا الزواج أم مجبرا"
توسعت عينيها لثواني، تحاول استيعاب كلامه، فأشرف لم يكن يعلم أنه يغذي وحشا بداخلها بسبب ما تفوه به الآن.. ألقى عليها نظرة سريعة عندما لم تجاريه في الحديث، فأكمل ينفي ما قاله بعد أن استشعر تشنجها"لا تأخذي كلامي على محمل الجد، فلم يخلق بعد من لا يسعده تواجد عزة في حياته، وها هو زوجك المصون يريد أن يحرمني من هذه النعمة الآن!"
ابتسمت بوهن بدون أن تصل الابتسامة لمقلتيها فانحنى يطبع قبلة على جبهتها بحرص وقال بمزاح يحاول جعلها تسترخي"ما رأيك في عرضي؟ هل نهرب الليلة!"
نفضت عنها الأفكار السوداوية التي بدأت تهاجمها مؤخرا،أفكارا تجعلها تغرق في دوامة ستسبب لها الألم حتما إن لم تستطع النجاة منها…تنفست بعمق تحاول استجماع شتات نفسها ثم قالت بنبرة حاولت جاهدة أن تجعلها عادية"بل سنحضر هذا الزفاف وسنرقص كما لم نرقص من قبل'ثم حركت كتفيها أمامه بعبث' وسأسمح لك بخطفي لتراقصني كما تشاء الليلة، فالمرء منا لا يتزوج كل عام"
أسعده تفاعلها مع مزاحه فقال يشاكسها"اعفيني من فقرة الرقص، تعلمين أنني لا أحب ذلك!"
ضحكت باستمتاع ثم احتضنت كفها خده قائلة بتهديد"سترقص الليلة يعني سترقص يا حبيب أختك،إلا إذا كنت ترغب في رؤية شقيقتك تترجى متحجر الهيأة ليراقصها"
عبست ملامحه لوهلة منزعجا من التلميحات التي تلوح في الأفق، حول أن أخته تشعر بأنها تعرض وتفرض نفسها على زكريا، الذي لاحظ عدم تفاعله مع أجواء الزفاف كعريس متلهف للنعم بقرب زوجته..شعر بالتوجس وقد تذكر لقاءه بهذا الأخير في ليلة عقد القران، لكنه حاول السيطرة على أفكاره هو الآخر فقد تأخر الوقت ليقوم بردة فعل اتجاه الموضوع ولا يريد إثارة قلق عزة في ليلة عمرها كما يقولون..
قال يغير الموضوع"كيف تشعرين؟"
ابتسمت بهدوء"سعيدة ومتوترة ومتحمسة في الوقت ذاته"
احتضنت كفه كفها الصغيرة ثم قال بهدوء يدعمها"سيمر كل شيء على أحسن ما يرام، أنت فقط استرخ ولا تدعي أي أفكار تنسيك أنك عروس الليلة،وأجمل وأرق عروس أيضا"ربت على كتفها بحب، فهمست تنظر إليه بتأثر"هل تصدق أني أحبك يا أشرف أكثر من أي شخص في هذا العالم!"
تنحنح بتأثر يحاول تقليل الضغط على حنجرته من قوة المشاعر التي يشعر بها الليلة، فلم تسعفه الكلمات ليعبر عن إحساسه اتجاه شقيقته واكتفى بالضغط على كفها قبل أن يقاطعهم صوت مراد القادم من الاتجاه المعاكس قائلا بصوت عابث"الحب يتطاير في الأفق،وليس لي نصيب فيما توزعينه يا عزة"
ابتسمت بحب فحررت كفها من كف أشرف ثم قرصت خده بلطف فابتسم في وجهها ومال يحتضنها بقوة هامسا"تبدين رائعة يا عزة" ربتت على كتفه بحنان ثم ردت عليه بنفس النبرة"وأنت تبدو وسيما جدا ببذلتك السوداء" صمتت لثواني ثم أكملت"أنا سعيدة وممتنة جدا لأنك استعدت عافيتك" فك العناق ثم تأمل وجهها لثواني مبتسما قبل أن يقول"لقد أوشكت عائلة العريس على الوصول"
نظرت لأشرف الذي كان ينظر لها أيضا فهمست بتوتر مجددا "أظن حان وقت النزول!"
أومأ برأسه ثم أشار لها بالدخول قائلا" سأنزل للأسفل لأخبر أبي ووالد عَلْيا، لكي يتجهزا" ثم نظر لمراد الذي كان يتفادى النظر إليه منذ تلك الحادثة، فبالرغم من محاولة التظاهر بأن كل شيء على ما يرام بينهما لكنه يستشعر ذلك الحائط الضخم الحائل بينهما ولا أحد منهما قادر على تجاوزه،بل لا يدرك سببه حتى..عزم على التحدث معه بعد انتهاء الزفاف، فقد حان الوقت لتتوضح الكثير من الأمور العالقة، ولتتصافى القلوب أيضا..
احتضن كتفيه بعد أن دخلت عزة ثم سحبه معه لينزلا للقاعة معا بدون أن يحدث أحدهما الآخر.
**********
ما بين الفرحة العارمة،التردد والتوتر وسلطان المشاعر الخامدة، توقفت كل من سيارتي أنس وزكريا قبل قاعة الحفلات بشارعين ينتظران اتصالا من أشرف ليسمح لهما بالدخول،كما توقفت خلفهما العديد من السيارت التي تضم عائلتهما، ولم تخل الأجواء من الأنغام الموسيقية وأصوات مزامير السيارات التي لم تتوقف منذ خروجهم من المنزل.
كان زكريا مركزا نظراته على مقود السيارة غير مستجيب لحركات لينا التي كانت تعبث بشعره وخده من خلال جلستها في الخلف، فلم يبد واعيا لما يحدث حوله وقد غاب في فلك ذكرياته مجددا كما فعل طوال الأسبوع…لمحه أنس ففتح زجاج نافذته مشيرا لوالدته التي كانت تتخذ المقعد بجانب السائق في سيارة شقيقه، بأن تناديه من أجله..
نقلت نظراتها بينهما فوضعت كفها بهدوء على كتف زكريا ونادته بهمس"بني!"، جفل من حركتها ثم نقل نظراته بينهما لثواني يحاول إخراج نفسه مما كان غارقا فيه ثم تمتم"هل قلتِ شيئا يا أمي!؟"
هزت رأسها نفيا والغصة في قلبها تأبى أن تنشرح مادام ابنها لم يستجب للسعادة التي تطرق بابه، ثم ربتت على كتفه بحنية قائلة"أنس يناديك!"
إنها بين نارين، فمن جهة ترى بكرها يلتهم حصته من السعادة التي غمرته وانشرحت ملامحه منذ عقد قرانه على عَلْيا فانزاح عنه الغم، بينما الآخر لا زال منغمسا في ظلمات حزنه وكأن القطع التي ترمم راحته تأبى أن تتجمع، ولا تدري إن كان إقدامه على خطوة كهذه فكرة سديدة أم قرار متسرع سيقضي على قلبين لا محال!.
تأمل أنس وجهه لثواني قبل أن يهز رأسه بخفة وغمزه بمعنى"هل كل شيء بخير!"
أومأ ببطء مغمضا عينيه لجزء من الثانية بمعنى"أنا بخير لا تقلق" ثم استدار للينا التي كانت تمطره بالقبلات منذ مدة فقبل خدها بحنان متدفق بدا جليا على عينيه وسألها"هل أنت سعيدة لأن بابا سيتزوج!"
مالت عليه تعانق رقبته بدلع قائلة بصوت لازال يلتمس طريقة ليغدو واضحا"ًلينا سئيدة لأن ماما أزة ستكون مع بابا"ثم استقامت وصفقت بمرح"لينا ستركص" وحركت خصرها أمام نظراته التي تفيض حنانا فأهداها ابتسامة هادئة متناقضة مع ما يدور في خلده من مشاعر مختلطة، فكلمة ماما كانت كالملح فوق جرحه المتقيح واسم عزة لابد أن يكون البلسم الذي سيداوي هذا الجرح..
استدارت عزيزة ترتب شعر لينا ثم سألتها بحنان"من أخبرك بأن تنادي عزة بماما؟"
ردت لينا وهي تلعب بأناملها"أزة قالت ذلك"
اتسعت ابتسامة عزيزة ثم نقلت نظراتها لزكريا الذي بدا متابعا للحديث بينهما..فأكملت لينا وهي ترفع أناملها الصغيرة أمام وجه والدها تُعِدُّ"قالت،لينا لديها ثلاثَ ماما، ماما إيمان، ماما أزيزة، وماما أزة" قفزت بمرح مجددا وهتفت بالانجليزية"Lucky Lina” بمعنى لينا محظوظة..
تسارعت دقات قلب زكريا وعلقت غصة مؤلمة في حلقه فلم يكن يدري إن كان ذلك بسبب الشفقة على حال ابنته اليتيمة، أم عروسته التي ستعيش مع رجل لازال يعيش مع ظل امرأة أخرى توارت جثتها تحت التراب، أم شفقة على نفسه من صراعه الداخلي ومقاومته للمشاعر اللذيذة التي بدأت تعرف طريقها لتذيب جليد قلبه،ولكنه يقف في وجهها كالحصن المنيع وقد اعتاد على شعور الكمد بداخله.
الكمد*:حزن لا يمكن تجاوزه.
قطع انغماسه في أفكاره مجددا رنين هاتفه،فلمح اسم أشرف ورد عليه مباشرة، وكانت إشارة لعائلته لينطلقوا جميعا فقد حان وقت دخولهم.
*********
*في قاعة الحفلات*
توقفت الفرقة الموسيقية عن العزف كما سكت المغني الرئيسي عن الغناء والمدعوون عن الرقص، مستعدين لاستقبال العروستين..
اصطفت الأمهات بجانب المدخل والفتيات وقفن وسط القاعة وكانت من بينهن سمر وثريا وليلى اللواتي خطفن الأنظار بطلتهن، فبجانب قفطان سمر المثير للاهتمام، فقد اختارت ثريا قفطانا باللون الأزرق الداكن، لم يكن مبهرجا بل كان بسيطا ينتهي بتطريزات بيضات في نهايته وأخرى مماثلة في كميه،ثم فردت شعرها بالمكواة فظهر طوله الحقيقي الذي يصل لأسفل ظهرها وبدا لونه أفتح عن ذي قبل..واكتفت بزينة وجه خفيفة، فكانت تشكل مزيجا غريبا، بدت لأحدهم كشعلة نارية خامدة.
وقف أسامة بين سمر وثريا محتضنا كتفي الأولى، ثم انحنى يهمس بجانب أذن الأخرى"هل سمعت عن كتاب يدعى الأسود يليق بك؟"
حركت حاجبيها بضيق وقد سرت الرعشة في كامل جسدها تحذرها من اقترابه فابتعدت ببنت شفة بدون أن تثير الانتباه وجزت على أسنانها تتمتم بغيض"لقد أفزعتني!"
ابتسم وعينيه مركزة على مراد وحمادة اللذان يحاولان إيجاد مكان مناسب لاستقبال العروستين وعلى ليلى التي تركت المكان بجانب ثريا واقتربت لتقف بجانب حمادة الذي لم يخطئ نظرات الإعجاب في عينيه ومراد بجانبه يناظرها بحنق طفولي استغربه، فتمتم بعبث"هل فعلت!؟"
تجاهلت سؤاله قائلة باستفهام"ما به الكتاب الذي ذكرته للتو!"
ركز نظراته على وجهها ثم رد عليها بنفس نبرته العابثة"كنت أقول لو يغيروا اسمه للأزرق يليق بك"
رفعت حاجبيها باستغراب ثم تغيرت تعابير وجهها للانزعاج وهمت بقول شيء،لكن قاطعتها ضحكة سمر التي حاولت كبحها وهي تقول" ما هذا يا أسامة، لقد ضاعت كل مهاراتك في المغازلة، ألم تجد غير هذا لتمدح طلتها!" ثم ضحكت مجددا وهي تنظر لثريا التي بدا الانزعاج جليا على وجهها"لا تأخذي كلماته على محمل الجد يا ثريا، إنه يفعل معك هذا لأنه يستمتع بردات فعلك" ثم نظرت لأسامة الذي كان ينقل نظراته بينهما باستمتاع"دع الفتاة وشأنها يا أسامة!"
رفع كفيه في الهواء يخلي ذمته من أي اتهام قائلا ببراءة"أنا لم أفعل شيئا يا سمارا لقد كنت أحاول جعلها تسترخي بدلا من وقفتها المتشنجة التي تشبه العسكري"
ردت عليه ثريا بانفعال"أنا مسترخية،بارك الله فيك وفي وصلاتك الفكاهية"
ربت على صدره بامتنان وابتسامة تستفزها تزين ثغره فحاولت قدر الإمكان تفادي النظر لوجهه،ولولا تأكدها من سلامة نيته وبأن تركيبة شخصيته مبنية على التلاعب والمزاح مع من هب ودب لظنته متحرشا يحاول معاكستها، وتنكر في قرارة نفسها أن طريقته الفريدة في التعامل معها تشعرها بالألفة والرغبة في البقاء تحت جناحيه لأطول مدة ممكنة،فلم تستطع تصنيف الشعور الذي يراودها كلما كانت بالقرب منه،ممزوجا بالاستفزاز التي لا تظن أنها ستتخلص منه أبدا..
نقلت سمر نظراتها بينهما وقد استشعرت اختلاف أسامة في تعامله مع ثريا بل أدركته منذ البداية لكنها فضلت المراقبة من بعيد، مكتفية بمناغشته في بعض الأحيان فيكتفي بالابتسام بغموض بدون الاستجابة لها، وبمعرفتها العميقة لخالها ورفيق دربها تكاد تجزم أنه يشعر بالانجذاب اتجاه ثريا ولكن هناك ما يوقف طبيعته المندفعة وغريزة اصطياد الفتيات لديه…أهو الحب الجدي الذي يلوح في الأفق؟..
صدح صوت المرافقات معلنا عن دخول العروستين،قويا يهز أركان القاعة ومتناغما جعل المدعوات أيضا يبدأن في التعشاق أيضا"الصلاة والسلام على رسول الله، الله معاه الجاه العالي" ثم صدحت الزغاريد أيضا وأعدن الكرة مجددا تزامنا مع تقدم العروستين للأمام والمصورون حريصون على عدم تفويت هذه اللحظة..
بدأت الفرقة بالعزف أيضا إحدى الأغاني التي تستقبل بها العروس عادة..

'ها هي جات زينة البنات ( ها قد أتت جميلة البنات)
ها هي جات لالة العروسة وصلات(ها قد أتت العروسة وصلت)
ها هي جات لالة العروسة(ها قد أتت العروسة)
ها هي جات الوردة المحروسة(ها قد أتت الوردة المحروسة)
ها هي جات يا ما أحلاها(ها قد أتت وما أحلاها)
كيف القمرة عاليا فسماها(كالقمر عالية في سمائها)'


فتمايلت الأجساد مع اللحن وتعالت التصفيقات وأتخمت الصدور بمشاعر التأثر والفرحة العارمة..
تقدمت العروستين تحيطهما من الجانبين المرافقات التي كن يرتدين قفاطين بنفس اللون،وقد اخترن اللون الذهبي، في حين أن الفتيات لحقن بهما من الخلف إلى أن وصلتا إلى الكوشة التي كانت تتكون من كنبتين باللون الكريمي تحتوي كل كنبة على مخدات من نفس درجات اللون، ووضعت في الجانبين صناديق تقليدية مزركشة مليئة بالورد الجاف، بالإضافة إلى أرائك صغيرة وزعت بين الجانبين والوسط ليجلس عليها المدعوون لالتقاط الصور.
ساعدت المرافقات كل من عزة وعَلْيا على الجلوس والاعتدال في مكانهما.. فنظرتا لبعضهما بتوتر وكل واحدة منهن تنتظر عريسها على أحر من الجمر..وتراقبان المدعووين من خلف الوشاح الذهبي الشفاف والمطرز الذي كان يغطي وجه كل واحدة منهما وتقع مهمة إزاحته على عاتق العريس.
اقترب مراد من والدته يحتضن جانبها وقد دمعت عيناها من التأثر ثم قبل رأسها وقال مازحا"لقد بدأ الزفاف للتو يا أمي،فكيف ستكون حالتك وهي تغادر في نهاية الحفل"، كأن جملته كان النقطة التي أفاضت الكأس، فازداد انهمار دموعها وتمتمت"هل أنت هنا لتزيد همي"، نظر لها بتأثر يحاول التحكم فيه هو الآخر ثم رد عليها"بالعكس يا أمي، أنا أحاول إخبارك أن الوقت مازال مبكرا على البكاء فعزة تحتاج لأن ترى سعادتنا بها" ناولها منديلا، فبدأت تجفف دموعها موضحة"والله سعيدة لسعادتها وأتمنى من الله أن يرزقها السعادة ويبعد عنها الغم والحزن، وعنكم جميعا"
همس"آمين!" ثم قبل جبهتها متمتما"ابتهجي يا نجاتي، فسأنفرد بك في بيتنا لتدلليني كما أشتهي"
ضحكت من بين دموعها ثم احتضنت كفه خدها"طبعا سأدللك يا حبيبي، وهل هناك غيرك يستحق الدلال"
"يا ما شاء الله على الحب الذي يلوح في الأفق، ألم أعد أملأ عينيك يا نجاتي" قال أشرف الذي اقترب منهما عندما لمح تأثر والدته، ثم ألقى نظرة سريعة على والده الذي لم تحد عينيه عن عزة منذ دخولها وهو يقاوم مشاعر أقوى من تعنته..
احتضنت كفها الحرة خد أشرف أيضا ثم تمتمت بحنان"بالطبع تملؤها يا حبيبي، كلاكما..حفظكما المولى!" انحنى أشرف يقبل جبهتها ثم قال مازحا يوجه كلامه لمراد لعله يبدد البرود الذي يكسو علاقتهما"أرى أنك تستغل انشغالي بعزة لتنعم بحب نجاتي لوحدك"
ابتسم مراد بهدوء مصدرا همهمة خافتة ثم حرك رأسه نافيا وقال"لا أحتاج لذلك،فآخر العنقود ينال الحصة الأكبر من الحب والدلال دائما"
انفرجت شفتي أشرف عن ابتسامة صادقة مصدرها تجاوب شقيقه معه ثم رد" أقنعتني صراحة!" وربت على رقبته بحنان وأكمل"سأذهب لأبي!"
وتحرك برزانة اتجاهه ثم وقف أمامه وتمتم"هل أنت بخير يا حاج!"
انتبه له رشيد ثم رفع نظراته له لثواني يحاول استجماع شتات نفسه ورد باقتضاب"بخير…هل عزة مرتاحة!؟"
هز رأسه بالإيجاب"إنها بخير، والعريسين على وشك الوصول"
رد عليه بنفس نبرته السابقة"جيد!"
في الجزء الآخر من القاعة، كانت آمنة تسلم على الضيوف وترحب بهم مجددا وعينيها على نادية التي تجلس في الطاولة المخصصة لعائلة العروس،كانت متشنجة وتغتصب ابتسامة بين الفينة والأخرى تجامل بها المهنئين..اقتربت منها بهدوء ثم انحنت تهمس بشيء في أذنها فنظرا لعَلْيا في آن واحد، وكانت الأخيرة تنظر لهما أيضا..
ابتلعت نادية غصة مؤلمة مغروزة في حلقها كالإبرة ثم وقفت تعدل قفطانها واقتربت بهدوء من الكوشة وتحديدا الكنبة التي تجلس عليها عَلْيا، التي كانت تتابعها بنظرة فضولية سلفا..
رمشت عدة مرات قبل أن تنحني لتقبل جبهة عَلْيا من فوق الطرحة الشفافة فتلاقت النظرات، وكانت السباقة بإزاحتها قبل أن تهمس"مبارك لكِ مجددا يا عَلْيا" ربتت على كتفها وأكملت "تبدين جميلة" وعجز اللسان عن قول أي شيء آخر من الممكن أن تخبر به أم ابنتها في يوم زفافها، فربما هي أم لجميع أبنائها لكنها لم تعتد أن تكون كذلك مع عَلْيا أبدا..
ابتسامة باردة زينت ثغرعَلْيا ثم تمتمت باقتضاب"شكرا..أتعبتِ نفسك بالمجيء"
تشنجت كف نادية فوق ذراع عَلْيا وردت عليها بنبرة متحسرة"لا داعي لتعليق كهذا يا عَلْيا"
صمتت عَلْيا عن الاسترسال في محادثة عقيمة ستفسد مزاجها الليلة ثم اكتفت بالقول"لا داعي للالتفات لمحاولات جدتي في الجمع بيننا" ابتلعت ريقها ثم أكملت ببرود"فقد فات الأوان! عموما حفظ الله أبنائك" ثم ألقت نظرة سريعة على الطاولة التي كان يجلس عليها زوج والدتها بجانبه ليلى وأشقاؤها وباقي أفراد عائلة آمنة ومعهم زوجة أبيها وأبناؤها أيضا.
لم تستطع نادية أن تقول شيئا فانسحبت بصمت وثقل تأنيب الضمير يجثو على صدرها.
قبضت عَلْيا على كفها تكبح إعصارا من مشاعر كانت تحاول جاهدة كبحها أو ربما إقصاءها لأبعد نقطة في ذكرياتها..فقد وعدت أنس سابقا أنها ستحاول تقبل فكرة أن والديها تطلقا ومن حق كل واحد منهما أن يؤسس حياة خاصة به، ولكن المعضلة هنا أنهما تعاملا معها كنكرة طوال حياتها،كأنهما لم يساهما في إنجابها، وبالرغم من اعتيادها على الحياة بدونهما لكن رؤيتهما اليوم، وكل واحد منهما مع عائلته الصغيرة عزز لديها شعور كونها نكرة وأثار غيرتها وحنقها في الوقت في ذاته والسؤال الذي يتردد في دماغها الآن هو"لماذا حدث معها ذلك هي بالضبط من بين الجميع؟!"
ازداد ضغطها على كفها ولم تكن تشعر بما يدور حولها، إلى أن اقتربت منها سمر بهدوء ثم انحنت تهمس أمام طرحتها"عَلْيا هل أنت بخير!؟"
رشمت عدة مرات متتالية تتخلص من تأثر أفكارها ثم غمغمت بحزن"أنا بخير يا سمر!"
ربتت على كتفها بحنان ثم قالت بنبرة مشجعة"رددي خلفي يا عَلْيا، هذا اليوم الذي كنت أنتظره منذ مدة طويلة ولن أسمح لأي شخص أو أي شيء أن يفسد مزاجي"
تلاقت نظراتهما لثواني سمحت عَلْيا لنفسها بأن تشعر بالامتنان لتواجد سمر في حياتها منذ طفولتها، فسمر وعائلتها كانوا المساند الرسمي لها دائما وكانت سميرة الشخص الذي يقلص لديها الشعور باليتم الذي كان يلازمها..
استجمعت نفسا عميقا ثم زفرت قبل أن تتمتم"هذا اليوم الذي كنت أنتظره منذ مدة طويلة ولن أسمح لأي شخص أو أي شيء أن يفسد علي فرحتي ويعكر مزاجي"
اتسعت ابتسامة سمر وقالت بمرح"هذا جيد! فأمامنا ليلة طويلة وممتعة وستليها سهرة طويلة"ثم غمرتها بشقاوة"ودافئة تميل إلى الاشتعال"
احمرت وجنتي عَلْيا وعزة التي كانت تستمع لهما أيضا فعلت ضحكات سمر وأكملت بوقاحة محببة"سيشتعل الوسط وتلتهب الأنفاس وتنتفض الأجساد بينما سمر المسكينة تلتحف الغطاء وحيدة فوق سريرها" ثم غمزتهما مجددا وهي تتظاهر بالإحباط.
علت ضحكاتهما حتى اخترقت الموسيقى الصادحة أرجاء القاعة فعلقت عزة وهي تحاول كبح ضحكاتها" توقفي عن ذلك يا سمر، أنا أحاول إبعاد تفكيري عن تلك النقطة حتى لا أنزوي في إحدى الأركان خائفة مما من الممكن أن يحدث"
ردت عليها سمر بشقاوة"لن يحدث سوى الخير إن شاء الله"ثم شمرت أكمام قفطانها بحماس قائلة بمزاح"فبحسب تجربتي المتواضعة التي لم تتجاوز قراءتي للروايات ومشاهدتي للمسلسلات أقول وأؤكد لكما أنكما ستستمعان الليلة" ثم ضحكت باستمتاع وأكملت منهية الحديث"عموما سأنهي حديثي هنا فلا داعي لحرق الأحداث التي تفصلكما عنها ساعات قليلة"
ابتسمت عَلْيا وردت عليها بصوت متأثر"سلمتِ يا سمر! وعقبال لكِ أنت أيضا لنحضر زفافك"
ردت عليها"آمين!..المهم العريسين على وشك الوصول، هل أنتما مستعدتـان!"
صوت مزامير السيارات قطع سؤالها، فألقت نظرة سريعة على الفتاتين وقالت بعجلة"سأذهب الآن لأستقبل معهم عائلة أنس!" أرسلت لهما قبلات هوائية ثم أكملت"سأعود بعد قليل لا تتوترا!"
ثم اتجهت لمدخل القاعة وانضمت للشباب ومعهم ثريا التي كانت تساعد آمنة سابقا في التأكد من أن المكان المخصص لجلوس عائلة العريس جاهز..
نزلت عزيزة من السيارة تمسك بيد لينا التي كانت ترتدي قفطانا من قطعتين، القطعة السفلية باللون البرتقالي والعلوية ذهبية شفافة،والسعادة تزين عينيها والابتسامة لم تفارق وجهها، وقف بجانبها من الجهة اليمنى أنس ومن الجهة اليسرى زكريا ثم تقدموا جميعا ومن خلفهم باقي افراد العائلة المكونة من نساء ورجال وفتيات وشباب، بعضهم يحمل باقات أزهار وآخرون يحملون علب من الشوكولاتة الفاخرة والتمر المحشو باللوز والجوز، في حين أن الشباب والرجال ذوو البنية القوية كانو يحملون الصناديق التي تحتوي على هدايا العريسين للعروستين(الدهاز) والتي تضم عادة ملابس تقليدية وعصرية، مجوهرات وملابس النوم وأحذية وغيرها من أدوات الزينة والعطور…
تبادلت العائلات السلام الحار فيما بينهم، في الوقت الذي بدأت فرقة الدقايقية في التطببيل والغناء، وتقدم الجميع لداخل القاعة يغنون مع الفرقة ويرقصون إلى أن وصلوا لمكان جلوس العروستين..واستمرت الفرقة في الغناء…
تقدم أنس أولا بحماس كان واضحا للجميع من حوله، ثم اقترب من عروسه ودقات القلب العالية كانت سيدة الموقف، بكف مرتعش من الحماس والتأثر والتوتر،رفع الطرحة من على وجهها بهدوء فطالعته لثواني ثم خفضت بصرها بخجل فهمس والوحش بداخله يشعر بالرضا"يا رب كن رحيما بعبدك الليلة!"، انحنى يقترب منها ببطء ثم طبع قبلة طويلة ولم يكن يشعر بأي شيء حوله سوى هدير نبضات قلبيهما العالية والنفس الطويل الذي حررته فحرق إبهامه..همس أمام وجهها بنبرة حارة"أحبكِ عَلْيائي"
قفزت غمامة من الدموع لمقلتيها فردت عليه بنبرة متأثرة هامسة"أرجوك يا أنس لا تقل شيئا الآن، فدموعي تحتاج سببا بسيطا لتنهمر فناهيك عن اعترافك اللذيذ"
ضحك ثم قبل جبهتها مجددا قبل أن يسمع صوت أسامة يهمس من خلفه بمكر"أسرع يا حبيب عَلْيائِك فشقيقك ينتظر دوره، وأمامكما العمر بطوله لتتهامسا كما تشاءان"
ابتسمت عَلْيا بخجل وخفضت نظراتها متظاهرة بتأمل نقش الحناء، فغير أنس وقفته لجلسة مريحة بجانبها ثم مد كفه ليلتقط خاصتها بين كفيه وألقى عليها نظرة مطولة ثم ضغط على كفها بحنان والتقت النظرات لثواني أو ربما دقائق لا أحد يدري، قبل أن تنتقل لتأمل الجمع الغفير السعيد من أجلهما والابتسامة لا تفارق محياهما..
بنظرات باردة، وابتسامة جامدة لم تصل لعينيه اقترب زكريا من عزة التي تناظره بفضول من خلف طرحتها ونغزة تلازم قلبها كلما لمحته اشتدت فجأة وهي تتأمل نظراته الباردة اتجاه كل شيء وكل شخص حتى هي، تسلل خيط من الدفء لنظراته وهو يرفع الطرحة عن وجهها لتقابله بابتسامتها الخجولة والمهتزة من شدة توترها..ابتلع ريقه والغصة المؤلمة لازالت عالقة في حلقه،فانحنى ببطء مقبلا جبهتها بسرعة بدون أن يكلف نفسه عناء التعليق على هيأتها،مكتفيا بالقول ببرود لم يستطع التحكم فيه"مبارك لنا!" غمغمت بصوت مرتعش"شكرا!" وتسللت رعشة مؤلمة لجميع أوصالها..جلس بجانبها بهدوء فتلاقت نظراته بأشرف الذي كان يتأملهما عن كثب وامتدت كفه لا إراديا تحتضن كفها الصغيرة، فسرت رعشة مؤلمة ولذيذة في الوقت ذاته بكامل جسدها والتقت النظرات بدون أن تلتحم النفوس،لكنه تمالك نفسه هذه المرة ولم يبعد عينيه بل ابتسم في وجهها بهدوء فبادلته بأخرى تقطر عسلا، ثم نقل نظراته لأشرف مجددا وقد تذكر زيارته المفاجئة له البارحة في منتصف الليل..ويبدو أن ذاكرة كلاهما قد سافرت لنفس البعد.
*الليلة الماضية*
تطلع للهاتف بفضول ليلمح اسم'أشرف'، تنهد بثقل قبل أن يفتح الخط ليستقبل نبرة أشرف الجافة وهو يقول"انزل، أنا أمام باب منزلك" ثم أقفل الخط بدون سابق إنذار.
ظهرت علامات التعجب على ملامحه، ثم نظر للهاتف بغموض واتجه للخارج.
كان أشرف يستند بظهره على سيارته منشغلا بهاتفه إلى أن سمع صوت الباب يفتح فرفع نظراته لتقابل نظرات زكريا الغامضة،فدعاه الأخير للدخول"خير إن شاء الله، تفضل"
هز رأسه نفيا ثم رد عليه بدون مواربة"لم آتي للضيافة"
همهم بتفهم ثم سأله"هل هناك مشكلة!؟"
لم يهتم أشرف بترتيب الكلمات بل تحدث بطريقة مباشرة"أنت المشكلة!"
رفع زكريا إحدى حاجبيه ثم نطق بتعجب"ماذا تقصد!"
رد عليه بمشاعر غيورة وغاضبة في آن واحد"اسمعني يا زكريا، أنا وأنت نعرف بعضنا منذ مدة طويلة، ربما لسنا متقاربين بقدر علاقتي بأنس لكن أنا أدرك كنهك كما تفعل أنت! أنا مقدر لحزنك على وفاة زوجتك ولعدم قدرتك على تجاوز تلك المرحلة لوقت طويل وربما ليومنا هذا.."
قاطعه زكريا لكي لا يسترسل في حديث هو في غنى عن سماعه حاليا"لا داعي للتحدث عن ذلك يا أشرف!"
تأمل وجهه لثواني طويلة ثم قال بعد برهة"أحتاج لتوضيح شيء واحد فقط! عزة يا زكريا خط أحمر..هل تفهم معنى ذلك! يعني من آذاها بقصد أو بغير قصد فيعتبر آذاني شخصيا بغض النظر عن الطريقة وسأكون له بالمرصاد"
سأله بانزعاج"وهل تتوقع مني إيذاءها يا أشرف، ألم تقل للتو أنك تدرك كنهي، أم كان مجرد كلام فارغ!"ابتلع ريقه ثم أكمل"نحن لا نؤذي نساءنا يا صديقي ونعمل جاهدين على عدم إحزانهن بأي طريقة"
أشار بسبابته في وجهه قائلا بانفعال"نعم! نعم هذا هو المطلوب منك، ألا تحزنها" ثم وضع كفه على رقبة زكريا وأكمل بنبرة متأثرة أثارت دهشته"إنها عزة يا زكريا، رقيقة جدا تؤذيها نظرة وتفرحها كلمة" وتجنب عدم الإفصاح عن أن أخته مغرمة بمتحجر الهيأة الواقف أمامه معتبرا الأمر خاصا بهما فقط ولا يحق له التدخل فيما بينهما من مشاعر فالأهم لديه الآن ألا تتأذى عزة بما كان يجمع زكريا بزوجته المرحومة… زفر نفسا عميقا ثم استقام في وقفته وربت بكفه على رقبة الأخير قبل أن يسحبها بهدوء.
لم يكن زكريا أقل منه تأثرا والثقل على وزره يشتد،كما يطارده الخوف من ظلمها معه، خاصة وأنه لا زال يسبح في فلك ذكرياته ومشاعره تجاه المرحومة..ابتلع ريقه يحاول طرد أفكاره ثم تمتم بغير اقتناع"شقيقتك في الحفظ والصون يا أشرف! وسأعيد على مسامعك ما قلته لك من قبل، أنا تزوجت عزة لأنني رأيت فيها المرأة المناسبة لي، ولطباعي ولحياتي، وأظن أنها تراني كما أراها"
استيقظ من أفكاره على حركة بجانبه وقد كانت سمر التي تحاول اختراق الجميع لتصل لأسامة الذي كان يقف بجانب الدقايقية بعد أن علق بعض الأوراق النقدية على ياقة جلباب المغني الرئيسي وهمس في أذنه باسمه واسم سمر ثم بدأ المغني بالنداء بصوت عالي ملحن"لالة سمر يا قطيب اللوز خليوها تدوز( لالة سمر يا فرع شجرة اللوز دعوها تمر) بحركات متمايلة اقتربت سمر من أسامة الذي استقبلها بابتسامة واسعة وأمسك كفيها يحركهما في الهواء قبل أن يديرها حول نفسها ويحررها فرفعت قفطانها من الجانبين بكفيها وبدأت تحرك كتفيها بدلال للأمام والخلف في حركة متزامنة مع قدميها اللتين تهتزان بخفة والإيقاع الموسيقي وأسامة باسطا ذراعيه أمامها يحركهما في الهواء وابتسامة واسعة تزين ثغرهما، وتصفيقات الجميع تحيطهما.
كانت الدماء تغلي في جسده بقدر استمتاعها باللحظة والسعادة البادية على وجهها، وود لو ينتشلها من بين الجميع ويخفيها بين أحشائه، ناقوس الخطر يدق بداخله معلنا عن انفلات المتبقي من حصونه وللمرة الألف يدرك أنه واقع لها حتى النخاع ولا مفر لديه لينتشل نفسه من كل هذا.
سمع المغني الرئيسي ينادي باسمه مرفقا بوصفه كونه شقيق العروسة، فتمنع عن الاقتراب، فلم يكن محبا للرقص والاستعراض، وفضل التصفيق من بعيد لكنه نقل نظراته لعزة في آخر لحظة وكانت تنظر له بفضول وحماس قرأه في عينيها فاستسلم صاغرا واخترق الجمع ثم أخرج من جيبيه ورقة نقدية علقها على ياقة جلباب المغني أيضا ثم بدأ يصفق بحرج ومد يده يسحب مراد الذي سحب معه هو الآخر حمادة وبدأ الأخيرين بالرقص أمام بعضهما رقصا ذكوريا، يتحركان بشكل دائري ويتظاهران بالمشي في مكانهما محترمين الإيقاع الموسيقي مع تحريك ذراعيهما أيضا وخصريهما بخفة وبطريقة رجولية.
أنهت فرقة الدقايقية وصلتها الغنائية فقد حان وقت تغيير ملابس العروستين والانتقال للزي الثاني لهذه الليلة، رافق العريسين عروستيهما إلى غرفة تغيير الملابس والمقربين من خلفهم يرددون التعشاق المغربي بمساعدة مساعدات 'النكّافة'.
أمرت 'النكّافة' بعض الشباب بتجهيز الهودج أو ما يسمى بـ 'الْعْمَّارِيَة المغربية'، فالزي الثاني للعروستين كان مخصصا لهذه الفقرة بالضبط، بحيث ستدخلان محمولتان بالْعْمَّارِيَة التي يحملها عادة أربع شبان أقوياء البنية أو أكثر،يتقدمهم العريس ثم يدخلون القاعة تحت الأنغام المخصصة للفقرة..
استمرت الموسيقى الشعبية بالداخل، والجميع يرقصون وتمت ضيافة الضيوف بعصائر بمختلف النكهات وحلويات متنوعة في انتظار نزول العروستين.
اقتربت ليلى من حمادة تحمل في يدها صحنا يحوي بعض أصناف الحلوى، ثم جلست بجانبه على الكرسي ومن الجهة اليمنى كان يتواجد مراد الذي بدا منشغلا بهاتفه…مد حمادة أنامله ليلتقط واحدة، فبسطت ليلى ذراعها ليصل لمستوى مراد الذي تأمل وجهها لثواني متجهم الملامح ثم مد أنامله لالتقاط إحدى القطع بعشوائية ثم تمتم"شكرا"وانشغل بهاتفه مجددا..
سألها حمادة باهتمام"هل تشعرين بالراحة وأنت ترتدين هذا الزي!"
وقد كانت ترتدي فقطانا باللون الوردي تزين تطريزات على شكل مثلثات ذراعيه والكتفين وتنتهي بعقيق منبت باللون الأبيض، ويمتد صف من العقاد من فتحة العنق إلى الركبتين وينتهي بفتحة تصل إلى الكعبين ويتوسط خصرها حزام من الصم بنفس لون العقاد، وهذا ما أعجب ليلى أكثر، أن القفطان ليس طويلا جدا فيزعجها أثناء تحركها بالإضافة إلى بساطة تصميمه، أنهت طلتها بارتداء حذاء شفاف ذو كعب عالي واكسسوارات فضية بسيطة لا تتعدى سلسالا رقيقا تتدلى منه لؤلؤة بيضاء وحلق يحملون نفس اللؤلؤة ولم تستغن عن ساعتها الذكية، أما زينة الوجه فتكاد تكون منعدمة، وتركت شعرها القصير جدا محررا تتدلى غرته على جبهتها.
ابتسمت ليلى في وجهه وهي تتحسس قفطانها بيديها ثم ردت عليه"نعم!إنه مريح جدا، فعلى الأقل لن أتعثر بنهايته" ثم أكملت بمزاح"لقد كنت أفكر بارتداء سروال بذلة وقميص أبيض، ولحسن الحظ أنه تم إقناعي بالعكس بصعوبة طبعا"
انفجر حمادة ضاحكا ثم رد من بين ضحكاته"من حسن الحظ أنهم فعلوا ذلك!"صمت لثواني يلتقط أنفاسه ثم سألها مجددا"ماذا قررت أنت وعلْيا؟ هل ستكملين دراستك في نفس المدرسة أم ستعودين للدراسة في مكان أقرب لوالديك؟"
همهمت بتفكير ثم تمتمت "لا أعلم بعد، أظن أن والدتي وعَلْيا تحدثوا عن هذا، ووالدتي اقترحت أن تأخذني لمدرسة داخلية لكن عَلْيا عارضت الفكرة، وجدتي آمنة تقول أنه لا بأس إذا بقيت معها في المنزل بما أن عَلْيا ستنتقل لشقة أنس"
أومأ بتفهم ثم سألها مجددا"وما رأيك أنت؟"
هزت كتفيها بلامبالاة"ليفعلوا ما يريدونه، بالرغم من أنني اعتدت على التواجد معكما"
قاطعت ثريا حديثهما عندما اقتربت تسألهم عن سمر، فرد عليها مراد"أظن أنها صعدت لغرفة العروسة"
أومأت بتفهم ثم تمتمت بشكر وهمت بالذهاب فنادتها ليلى"ثريا هل ستصعدين للفتيات"
ردت عليها بهدوء"بلى!"
وقفت ليلى تستعد للذهاب معها"انتظريني سأذهب معك!..نكمل حديثنا فيما بعد يا حمادة!"
أومأ الأخير،فالتفت ينظر لمراد الذي كان يلاحقها بنظراته وعلامات الانزعاج على وجهه، فانحنى يسأله باستغراب"لا أفهم لماذا تعامل الفتاة بجفاء؟"
التفت إليه ثم هز كتفيه بلامبالاة قائلا"بدون سبب، إنها تثير حنقي"
لوى شفتيه باستغراب"غريب أمرك، بالعكس إنها لطيفة وتلقائية جدا"
رد عليه بجفاء"وإن يكن! دعنا لا نتحدث عنها!"
هز رأسه بتفهم ثم غير الموضوع، في حين أن ثريا وليلى اتجهتا لغرفة تغيير الملابس، مرورا بالشباب الأربعة الواقفون أمام باب القاعة ومعهم عصام.
أظلمت ملامح أشرف فجأة وتشنجت أطرافه وهو يرى هند تدخل من الباب الرئيسي للقاعة، ترتدي قفطانا ضيقا باللون الفوشيا يبرز تفاصيل جسدها، يبدو من بعيد وكأنها لا ترتدي شيئا من تحته لكنه كان مبطنا بثوب بنفس لون بشرتها، وذو فتحة صدر واسعة تكشف عن رقبتها الطويلة وجزء من صدرها وصولا لمعدتها..
تحولت نظراته المظلمة إلى الاستنكار وهو يراها تقبل عليهم فألقى بشتيمة من بين شفتيه جعلت الجميع ينتبه إليه وتتبعوا مسار نظراته، فعلت المفاجأة وجوههم أيضا…
قبض على كفيه بعصبية قبل أن يتمتم بصوت كفحيح الثعبان
"ماذا تفعل هذه هنا؟ من دعاها؟"
لم يجيبوه فقد وصلت إليهم واقتربت من عصام تقبل خده بدلال ثم قالت بصوت هادئ، كان يسمعه أشرف كطلقات نارية تصيب كبرياءه"كيف حالك يا عصام، لقد زرت عمتي عدة مرات لكنني لم أرك منذ مدة"
نقل عصام نظراته لأشرف ثم رد عليها بهدوء"لقد أخبرتني بذلك، شكرا لسؤالك، كيف حالك أنت؟ لم أظن بأنك ستأتين!"
تشبتت بذراعه متجاهلة نظرات أشرف النارية حولها ثم قالت"أنا بخير، لقد علمت اليوم فقط عندما اتصل بي عمي رشيد، فقررت المجيء في آخر لحظة"، أومأ بتفهم ثم هم بدعوتها للدخول قبل أن يتصرف أشرف بطريقة متهورة ستحزن عزة، وقد كان أنس يمسك بمرفقه مسبقا تحسبا لأي اندفاع، ووجهه المحمر من الغضب المكبوت لا يبشر بالخير.
نقلت هند نظراتها بين الشباب ثم توقفت عند أسامة الذي كان يناظرها بجمود فقالت ببساطة"أسامة، هذا كان اسمك أليس كذلك!"
لوى شفتيه بامتعاض ثم أومأ برأسه فأكملت"لقد انتظرت اتصالك، لكنك لم تتصل؟"
أمال أشرف رأسه لليسار منصبا نظراته على أسامة وعلامات التعجب علت وجهه قبل أن يقول بجمود"من أين تعرفها؟"
حك أسامة أرنبة أنفه بارتباك ثم اعتدل في وقفته ورد عليه بنبرة صادقة لا تشوبها شائبة"لقد تعرفنا سابقا في الكوفي شوب، لم أكن أعلم أنها ابنة عمك إلى أن أخبرني أنس بذلك"
نقل نظراته بينهما ثم تمتم بجمود"هكذا إذن!" وكانت عينيه تحمل نظرة لائمة معناها"هل تحيكان أمورا من خلفي!"
انسحب عصام من أمامهم يسحب معه هند التي كانت تنظر لهم بتشفي التقطه أنس الذي قال موضحا"أشرف، لا داعي للقفز لاستنتاجات غريبة، من أين لأسامة أن يعرف أنها ابنة عمك"
قاطعه بنزق"وطبعا أخبرته أنها طليقتي أيضا" ثم تذكر شجاره مع سمر عندما اتهمته بأنه يعاملها بسوء لأن للأمرعلاقة بطلاقه الذي لم يتجاوزه بعد، ففهم الآن كيف عرفت معلومة كهذه.
رفع أسامة كفيه في الهواء بحركة تدل على الاستلام ثم قال بنبرة عادية يحاول تلطيف الأجواء"لا داعي لكل هذا يا رفاق، فليس وكأني فعلت شيئا يجب أن أحاسب عليه، لقد كانت مجرد زبونة أخذت معها في الحديث قليلا، وعندما علمت بعلاقتك بها لم أحاول التواصل معها مجددا"
لم يستسغ أشرف ما حصل وقد أخذه بشكل شخصي جدا فرمقهم بنظرة غاضبة ثم هم بالابتعاد عنهم ليتمالك أعصابه فشده زكريا هذه المرة وسحبه ليقف معهم مجددا ثم قال بهدوء"أنت تعلم طبيعة أسامة اللعوبة، إنه يتحدث مع الجميع، وأنا واثق من أنه لم يقصد سوءا"
نفض أشرف ذراعه من كف زكريا ثم قال بنزق"لم أقل أنه فعل شيئا سيئا..لنغلق هذا الموضوع، لا أريد التحدث فيه مجددا"
ثم زفر نفسا قويا يحاول التنفيس عن غضبه ليس من أصدقائه بل بسبب تواجد هند في مناسبة خاصة كهذه، وقد نسي أن والده من الممكن أن يدعوها لكونه لا يعلم بحيثيات طلاقهما.
أرجع سترة بذلته للخلف واضعا كفيه فوق خصره يفكر في طريقة لتفادي الاحتكاك بها، فلمحها تخرج من القاعة وتمشي بميوعة، فأسرع نحوها وهم أنس باللحاق به، لكنه استدار يحدجه بنظرة نارية ورفع سبابته في وجهه قائلا بحزم"لا تلحق بي، لا أحد منكم يلحق بي" ثم استدار مجددا متجها نحوها بأقصى سرعة..
وقف أمامها كالإعصار فطالعته باستغراب ولم يمهلها ثانية واحدة بل قبض على ذراعها بقوة جعلتها تتأوه بألم ثم سحبها نحو ركن الحمامات والغضب يعصف بعقله وكل ذرة في جسده.
دفعها عنه بغضب نحو الحائط، فاستعادت توازنها بصعوبة تمنع نفسها من الارتطام به، ثم هدر بغضب آمرا"ستؤدين واجب الزيارة وتختفي من هنا تماما" ثم رفع سبابته في وجهها متفاديا النظر إليها ومركزا نظراته على الحائط من خلفها وأكمل"وإلا ستندمين على اللحظة التي فكرت فيها بالقدوم إلى هنا"
اقتربت منه بمسكنة قائلة بميوعة"لماذا تعاملني بقسوة يا أشرف" وحاولت لمس ذراعه، فنفضها للخلف بدون تغيير وقفته
وأكمل بنفس النبرة"لا أريد سماع صوتك! ولا حتى رؤيتك أمامي، لقد أخبرتك سابقا بأن تتقي شري يا هند، فلا شيء يمنعني عن إيذائك" شرد لثانية وأنفه يلتقط عبيرا مألوفا، فاستغلت شروده واقتربت منه ثم ارتمت في حضنه ويدها تتحسس ذقنه وكتفيه"لا تفعل بي هذا يا أشرف، لقد ندمت على ما فعلته، ماذا أفعل لكي تسامحني؟أنت لا تنظر لعيني حتى"والتصقت به أكثر وهي تلهث بسرعة"ألم تشتق لي!؟أنا أتعذب من دونك يا أشرف"
كان يدفعها عنه بازدراء وغضبه يتفاقم فاسود المكان أمام عينيه قبل أن تمتد كفه ليقبض على شعرها من الخلف ويسحبها عنه وشعور بالقرف يسيطر عليه ثم صرخ بجنون"لا تلمسيني مجددا ولا تظهري أمامي" كانت كفه تقبض على شعرها ويلهث بقوة ثم أكمل"أنا أشعر بالقرف بل الرغبة في التقيء كلما رأيتك!"
قبضت على ذراعه تحاول تخليص شعرها من قبضته وهي تئن بألم لكن بدون جدوى، ولم تعلم أنه يصارع شياطينه لكي لا يتمادى ويمد يديه عليها كما فعل سابقا، ولازال ضميره يلومه على ذلك فقد كان دائما معارضا للعنف ضد النساء، ولم يكن ذلك لا من تربيته ولا أخلاقه.
شعر بكف صغيره تمسد ذراعه وصوت رقيق اخترق سوداوية تفكيره يهمس باسمه"أشرف" ويدها الأخرى تضغط على كفه تحاول تحرير شعر هند من بين أنامله..وهي تردد اسمه مجددا لكنه بدا في عالم آخر، أعماه الغضب..
رمش عدة مرات وقد وعى أخيرا لما يفعله فقابله وجهها الأسمر المدور الصغير وهي تردد أمام وجهه"أشرف إنها أنا سمر، أفلت شعرها أرجوك!" ثم استدارت تتأكد من أن لا أحد يشاهد ما يحدث..
أفلت كفه تدريجيا عن شعرها فسحبتها سمر بعيدا عنه ثم استدارت تنظر له بقلق، وقد كان وجهه أحمر وأوداجه منتفخة بالإضافة إلى أنفاسه المتسارعة وكل هذا يوحي بصعوبة ما يعتمل في صدره اللحظة.. سألته بقلق"هل أنت بخير؟"
همس من بين أنفاسه اللاهثة"بخير! من الجيد أنك أتيت!" ثم أغمض عينيه يحاول ترويض الوحش بداخله.
استدارت سمر تنظر لهند باستغراب والأخيرة تحاول تعديل شعرها وتتأكد من أن هندامها مرتب..ولسبب مبهم شعرت بالنفور منها لكنها قاومت ذلك الشعور وهي تسألها بأدب"هل أنت بخير؟"
ردت عليها بنبرة متعالية وكرامة مجروحة"وما شأنك؟ لماذا تتدخلين بين رجل وزوجته من الأساس؟"
رمشت سمر عدة مرات بتعجب ثم ابتسمت في وجهها وقالت ببرود"تقصدين طليقته!" ورفعت إحدى حاجبيها تنتظر ردا نافيا.
كانت هند على وشك الرد عليها، لكنها سمعت أشرف يقول بنبرة مرعبة"هند اغربي عن هنا حالا!"
ثم نزع عنه سترته وناولها لسمر التي التقطتها بعناية ودخل للحمام..
تبادلت النظرات الباردة مع هند، فزفرت الأخيرة نفسا غاضبا تتمتم بشيء لم تستطع سمر تبينه قبل أن تختفي من أمامها تضرب الأرض بجنون متجهة للباب الرئيسي للقاعة.
اتكأت سمر على الحائط من خلفها تنتظر خروجه من الحمام،وقد كانت شاردة تماما فلم تشعر باقتراب أنس منها يقول بقلق"أين أشرف؟ هل هو بخير؟"
طالعته سمر لثواني ثم أومأت برأسها قائلة بهدوء"لقد دخل للحمام! كانت حالته غريبة"
أومأ أنس بتفهم ثم هم بالدخول إليه فأوقفته سمر بسؤالها "أنس!" استدار ينظر إليها فأكملت بهمس"لماذا تطلقا؟"
نقل نظراته للباب ثم رد عليها بهمس"لا أستطيع أن أخبرك بشيء يا سمر! لكن هند آذت أشرف كثيرا، ولا زالت تفعل ذلك"
احتضنت سترته ثم أومأت بتفهم وقد شعرت بثقل يجثو على صدرها وإحساس فظيع بالألم من أجله، ليست شفقة عليه، لكن شعور أقوى بكثير من ذلك..شعور أن يتأذى أحد أحبائك ولكنك لا تستطيع فعل شيء لمساعدته…لقد سمعت طرفا من المحادثة قبل قليل بدون أن تقصد التجسس عليهما وإنما كانت تريد دخول الحمام عندما جذبها صوت صراخه فاقتربت لترى ما يحدث لتتفاجأ بهند ترتمي على صدره بطريقة فجة ثم استنفرت مما كانت تبوح به والطريقة التي كانت تلمسه بها،ولم تكن غبية لتتجاهل نظرات أشرف المزدرية ومحاولته المستميتة للتخلص منها، وقد تدخلت عندما اقتضى الأمر تدخلها.
'في الحمام'
كان أشرف يقف أمام المرآة يرش الماء على وجهه من خلف رقبته يحاول إخماد نيران الغضب التي تلتهم رأسه وقد نجح أخيرا في تنظيم أنفاسه وعاد وجهه للونه الطبيعي..سمع صوت الباب يفتح فرفع نظراته ينظر للشخص الذي دخل من خلال المرآة فتقابلت نظراته مع نظرات أنس القلقة،فسأله الأخير بقلق"هل تشعر بتحسن الآن" ثم مد له منديلا نظيفا أخرجه من جيبه، فاستدار أشرف وأخذه منه بهدوء ثم أومأ برأسه وقال بهدوء"أفضل الآن!" ثم بدأ يجفف وجهه ورقبته من الماء الذي تسلل ليبلل ياقة قميصه الأبيض أيضا..
قال أنس بهدوء" لقد رأيتها تغادر القاعة قبل قليل غاضبة، ارتح الآن"
تمتم بجمود"لا يهم!"
رن هاتف أنس، فرفعه لأذنه مجيبا"نعم سمر! إنه بخير، سنخرج حالا!"
نظر له بفضول فتكلم الأخير يرضي فضوله"إنها سمر، تسأل إن كنت بخير، وتقول أن العروستين على وشك النزول"
زم أشرف شفتيه ثم أومأ بتفهم قبل أن يقول"سأخرج حالا" ثم صمت لثواني قبل أن يتمتم بنبرة صادقة"آسف لإزعاجك في يوم كهذا يا أنس!"
نظر له بعتاب ثم اقترب منه يسحبه من رقبته واحتضن رأسه بين رقبته وكتفه"لا تقل شيئا كهذا يا أشرف، أنت لم تزعجني في شيء..أريدك أن تكون بخير فقط!"
بادله أشرف الحضن ثم ربت على ظهره وأكمل بنفس النبرة"أنا سعيد من أجلك، مبارك لك مجددا يا صديقي!"
ابتسم أنس ثم قال بنبرة متسلية"والله وأنا سعيد من أجلي" واتسعت ابتسامته أكثر وهو يفك الحضن"بل سأطير من الفرح"
وكزه في معدته بمزاح"أستطيع استشعار هذا ولا بد أن عَلْيا تشعر بنفس الشيء وأكثر"
اعتدلا في وقفتهما ثم احتضن كل واحد منهما خصر الآخر بمآزرة وخرجا معا، فقال أنس بمزاح"لنخرج قبل أن تلتهمنا سمر، فقد بدت قلقلة للغاية، وإذا تأخرنا وسببنا التوتر لصديقتها وشقيقتك فستقتلنا حتما"
زينت ابتسامة خفيفة ثغر أشرف ولازال يستشعر لمساتها على جسده وصوتها يرن في أذنيه فكان كتهويدة أيقظته من بحر ظلماته، رفع نظراته لتحتضن نظراتها القلقة ويكاد يقسم أنه سمعها تزفر براحة عندما لمحته، فاقتربت منهما وهي تحمل بين يديها سترته وكأس عصير مدته له قائلة بسرعة"اشرب هذا سيجعلك تشعر بتحسن!" احتضنت كفه كفها قبل أن يأخذ الكأس وكأنه يستمد منها الشعور بالهدوء والطاقة ليكمل السهرة، ثم قربه من شفتيه يرتشفه جرعة واحدة، ووضعه بعدها جانبا قبل أن يأخذ منها السترة ويرتديها على عجل هامسا"شكرا سمارا!" وعينيه تأبى أن تحيد عن وجهها!
اكتفت بإيماءة بسيطة قبل أن تستعجلهم قائلة"هيا فالجميع ينتظر"
أمام مدخل القاعة من الداخل، وتحت ألحان مزامير فرقة عيساوة وتعشاق مساعدات النكافة، كانت العروستين تستعدان للجلوس بداخل الهودجين اللذان يحملان نفس اللون الأبيض ونقوش بيضاء تتخللها ظلال ذهبية، في حين أن الشباب الذين سيحملون العروستين كانوا يرتدون جلابيب بيضاء وطرابيش باللون الأحمر، وكانوا قرابة ثماني شباب وكل هودج سيحمل من طرف أربعة منهم…
أمسك زكريا بكف عزة يساعدها على الجلوس وفعل أنس المثل مع عَلْيا فاقتربت المساعدات يعدلن لباسهما، وقد اختارت الفتاتين ارتداء زي متماثل باللون الأبيض تتخله تطريزات ذهبية، والفرق بينهما أن عزة ارتدت حجابا باللون الأبيض وفوقه طرحة شفافة تنتهي أطرافها بتطريزة ذهبية، وعَلْيا سرحت شعرها على شكل كعكة أنيقة خاصة بالعرائس، ووضعت فوقها طرحة شفافة باللون الذهبي البارد وتتخلها تطريزات بنفس اللون.
رفع الشباب الهودجين على أكتافهم في نفس اللحظة ووقف كل عريس أمام عروسته، ثم تقدموا بحذر إلى الداخل تحت تصفيقات جميع الضيوف ورقص البعض منهم، في حين أن نجاة وسميرة وآمنة كانوا يقفون في ركن معا ويراقبون الفتاتين بقلق وخوف من أن تنزلق يد أحد الشباب فيتسبب بكارثة.
من فوق الهودجين، كانت العروستين تلوحان بكفيهما وترسلان قبلات هوائية للجميع وتصفقان تارة وتبتسمان في وجه بعضهما تارة أخرى.
تغيرت النغمة وبدأت الفرقة الموسيقية بغناء أغاني شعبية وحماسية فتزامنت مع حركات متقنة من الشباب وهم يحملون الهودجين، فينزلونه ثم يرفعونه مجددا ويدورون به إلى وصلوا إلى الكوشتين فأنزلوهما بحذر، واحتاج الأمر لعدة ثواني لتستعيدا توازنهما فتستطيعا الوقوف ببساطة.
أمسك كل عريس بيد عروسته ثم جلسا بعناية في المكان المخصص لهم، وتعالت أنغام الموسيقى الشعبية مجددا، فتوسطت النساء القاعة يرقصن على أنغامها باستمتاع، ومنهن من تحاول جذب صديقتها للانضمام لها، فلا نحصل دائما على فرصة الحضور لزفاف عائلي.
في أحد الأركان، احتضن أسامة خدي سمر بين كفيه ثم سألها بقلق"هل أنت بخير، تبدين شاحبة!"
ابتسمت في وجهه تطمئنه ثم قالت بنبرة هادئة"أنا بخير، أشعر ببعض التعب فقط، ربما بسبب قلة نومنا مؤخرا"
أزاح خصلة من شعرها عن جبهتها ثم ضمها لصدره قائلا"تبقت فقط سويعات قليلة لتنالي قسطا كافيا من الراحة"
أومأت توافقه الرأي ثم أكملت"لدي سفر عمل في بداية الأسبوع"
جعد جبينه بانزعاج قائلا"مجددا!"
أومأت بملامح عابسة"نعم فلا بد أن نتأكد من أن العمل في الفندق قد انتهى قبل الافتتاح!"
سألها بفضول"هل ستسافرين وحدك هذه المرة؟"
هزت رأسها نفيا"لا سأذهب أنا وأشرف"
أومأ بتفهم ثم سألها مجددا"بالطائرة؟"
نفت قائلة"لا، في سيارته، خصوصا أن المنطقة قروية أي بعيدة عن المطار بمسافة طويلة جدا ولا نريد تضييع الوقت في البحث عمن يوصلنا أو عن سيارة أخرى"
لوى شفتيه بعدم اقتناع بسفرهما في السيارة مجددا، خاصة وأنهما متعبان بسبب التحضيرات للزفاف ولم ينالا قسطا كافيا من الراحة،فرد"من الأفضل أن تسافرا بالطائرة، عموما أنتما أدرى بذلك، لو لم أكن مشغولا بالعمل كنت سأرافقكما"
ابتسمت في وجهه ثم قالت بنبرة صادقة"وددت لو تفعل ذلك حقا، لكن لا مشكلة لننضم أنا وأنت سفرا لنفس المكان في عطلتنا المقبلة، متأكدة من أنه سينال إعجابك!"
قرص خدها بخفة ثم قال بلطف"لنفعل ذلك إذن!" ثم نقل نظراته في المكان قبل أن تتحول نبرته للحماس قائلا"ما هذا العبث، ألم يدعو أحدهم نجوم الحفلة للرقص بعد!" وكان يقصد العروستين والعريسين..ثم نظر لسمر التي كانت تبادله نفس النظرة المتحمسة"ألا تظنين أنهم بحاجة للتحرك قليلا!"
أومأت موافقة وردت عليه"بلى! لا يجب أن نسكت عن هذا!"
أمسك كفها ثم سحبها معه لوسط القاعة، متجهين نحو العرسان، فوقفا أمامهما وسحب أسامة كف أنس وعلْيا في آن واحد بدون أن يمنحهما فرصة للامتناع، وكانا كمن يبحثان عن الفرصة لفعل ذلك، فاستجابا لذلك فورا، وفعلت سمر المثل مع عزة التي نظرت لزكريا سريعا فأومأ بخفة كأنه يمنحها موافقته، وكان على وشك رفض الانضمام لهم، لكن لم تهمله سمر ثانية واحدة لفعل ذلك بل سحبت كفه قائلة بمزاح"ستتخلى عن دور الرجل الآلي اليوم وتستمتع معنا باللحظة يا سيد زكريا هيا"
ثم سحبتهما للوسط بجانب أسامة الذي كان ينتظرها سابقا والبقية وانضم لهم المغني الرئيسي يتوسط العريسين ويغني إحدى أغانيه الشهيرة..
اقتربت ثريا من عزة ثم عانقتها وقالت بنبرة متأثرة"مبارك لكِ يا عزة، أتمنى لك السعادة وأن تنالي كل الأشياء الجميلة في هذه الحياة" بادلتها الأخيرة الحضن وتمتمت بنبرة صادقة"ولكِ أيضا يا ثريا، وأن تحققي كل ما تتمنين الوصول إليه يوما، ثم تجدي شابا جيدا يسعدك ويعوضك في هذه الحياة"
لم تفكر ثريا في الزواج يوما، لم تكن تغريها الفكرة بقدر ما تبدو لها بئرا يرمي فيه المرء نفسه بغباء فعوض أن يكون مسؤولا عن نفسه وعقده وتعقيدات حياته يصبح مسؤولا عن تعقيدات شخص آخر أيضا..نفضت عنها التفكير فيها ولم تستسغ ذلك خاصة وأن كلمة زواج مرتبطة لديها دائما بمحاولة إجبارها عنه منذ سنوات.
فكت الحضن مع عزة ثم ابتسمت في وجهها بفرحة منبعثة من أعماق قلبها،وأمسكتا الأيدي بمآزرة لثواني قبل أن تذهب باتجاه عَلْيا وتحتضنها أيضا هامسة في أذنها"ربما لم نتعارف لمدة طويلة، لكن السكن معك لوقت قصير كان كافيا لمعرفة كم أنت فتاة جميلة قلبا وقالبا وتستحقين الأفضل في هذه الحياة، مبارك مجددا يا عَلْيا" بادلتها عَلْيا الحضن بتأثر"شكرا ثريا، وأنت أيضا تستحقين الأفضل وستنالينه حتما بفضل جهودك ومثابرتك"
"اعذراني لحظة!" كان هذا أسامة الذي اقترب منهما وفك الحضن قائلا"نعم هكذا! افترقا!" ابتعدتا عن بعضهما تنظران له بفضول، فرفع كف عَلْيا في الهواء يوجه كلامه لأنس"سآخذ زوجتك للحظات يا صاحبي" ثم جذبها نحوه باحترام وأكمل بمزاح"أرجو ألا تكون من الرجال الذين يمنعون زوجاتهم من التحدث مع أصدقائهن، فلن ينجح معي ذلك، لأني أعرفها منذ نعومة أظافرها ولقد عانيت الأمرين لأجمعكما ببعض فلا تنقلبا علي الآن"
علت الضحكات في الوسط وكان أنس ينظر لصديقه بمحبة خالصة تكسوها القليل فقط من الغيرة على عليائه، لكنه حاول تجاهلها وهو يحفظ جيدا شخصية أسامة التي تميل للعبث والمزاح بشأن كل شيء، لكنه ذو معدن أصيل ويميل للشفافية في تصرفاته.
أمسك بكفها يديرها حول نفسها ثم بسط ذراعيه في الهواء يرقص على أنغام الموسيقى ويتحرك بسلاسة، فتحركت أمامه هي الأخرى تتمايل بدون مبالغة وتصفق له باستمتاع فقال بصوت عالي يخترق الضوضاء بجانبه ليصل لأذنيها"اسمعيني يا عَلْيا، من الآن وصاعدا، لا تفكري ولا تفعلي شيئا سوى الاستمتاع بحياتك وتعويض كل ما فاتك!" نظرت له بتأثر ولم تستطع الرد عليه بشيء، فأسامة بمثابة شقيقها الأكبر لو كانت تمتلك واحدا، لم يميز بينها وبين سمر يوما، بل كان يعتني بها دائما وشكل جزءا مهما من مراهقتها الطائشة..أكمل مشيرا لأنس"إذا حدث وأزعجك يوما، بالرغم من أني متأكد من أنه لن يفعل، فقط أخبريني وسأعيد ترتيب معالم وجهه" ضحكت من بين نظراتها المتأثرة، فاقترب منهما أنس يسألهما بفضول"هل كنتما تتحدثان عني؟" وأجسادهم لا زالت تتحرك مع الموسيقى.
رد عليه أسامة" لقد كنت أخبرها كم أنت محظوظ بها وأنها تعرضت لأكبر مقلب في حياتها ألا وهو الزواج بك"
لم يلتفت أنس لمزاحه بل عانقه بمحبة فبادله أسامة العناق بنفس المشاعر وقال بنبرة صادقة"اعتنيا ببعضكما!" ثم فك العناق وقربهما من بعضهما قائلا"هيا هيا، لا تتوقفا عن الرقص"
ثم ابتعد عنهما متجها نحو سمر..
اقترب أنس من عَلْيا يقلص المسافة بينهما يسألها باهتمام"هل أنت سعيدة يا عَلْيائي"
اتسعت ابتسامتها وهي تهمس أمام رقبته"السعادة وصف ضئيل أمام ما أشعر به الآن يا أنس" ثم رفعت سبابتها وإبهامها أمام وجهه ورددت"ضئيل جدا!"
ضحك بسعادة ثم رد عليها"وأنا أسعد يا أُنسَ أنسْ" ثم انحنى يهمس في أذنها"أنتظر بلهفة أن ينتهي الحفل فأهرب بك، فقد انشغلت عني مؤخرا وفوت الكثير من وجبات الإفطار خاصتي"
احمر وجهها من الخجل فضربت كتفه برفق وهي تتمتم بصوت غير مسموع"توقف عن ذلك أنس!"
همس هو الآخر بجانب أذنها"عن ماذا؟ احتجاجي بشأن قبلاتي الصباحية مثلا!"
ردت باحتجاج غير مسموع"أنس توقف، سيسمعونك!"
ابتسم بهدوء ظاهري يخالف تماما الأفكار المشتعلة التي تعصف بدماغه فقال"حسنا سأحتفظ بأفكاري لنفسي، الآن فقط أما بعد الآن فلا أضمن لك" ثم قهقه عاليا وهو يراها تغطي وجهها الأحمر بكفها وتتطلع يمينا وشمالا بخلسة إن كان قد سمع أحد حديثهما.
أما أسامة فقد اقترب من سمر يرقصان معا باستمتاع، فقال بصوت عالي موجها كلامه لعزة التي كانت تصفق بيديها باستمتاع"كنت أود أن أراقصك كما فعلت مع عَلْيا، لكن من الصعب فعل ذلك وزوجك البارد من جهة ثم شقيقك المستفز من جهة أخرى وعلى ما يبدو أنه حساس جدا اتجاه ما يخصه" ثم ألقى نظرة سريعة نحو أشرف الواقف بجانب عزة والذي ابتسم في وجهه ببرود كما فعل زكريا، فأكمل بمرح"كان الله في عونك يا عزة" ضحكت الأخيرة على مزاحه، قبل أن تشعر بيد تسحبها وصاحبها قال بمزاح"دعني أقوم أنا بهذه المهمة يا أسامة ما دمت عاجزا أمام من يحرسها"
علت قهقهات أسامة وهو يضرب كفه بكف مراد قائلا"أنت تروق لي يا ولد، كثيرا"
فاتسعت ابتسامة عزة وهي تراقص مراد بروح مرحة، فيدور حولها برقصته العجيبة التي يتظاهر فيها بالجري وذراعيه تتحركان بجانب جسده…اقتربت منها لينا تجذب ثوبها فانحنت عزة تنظر للكائن الصغير الي يجر ثوبها وذابت ملامح وجهها وهي تراها بثوبها البرتقالي تبدو كعروسة صغيرة تدور في الأرجاء..أمسكت بكلتا كفيها ترقص معها بمرح فهمت بالانحناء وحملها لكن هناك من سبقها، وكان زكريا الذي حملها بين ذراعيه بدون أن تفلت كفها من بين كف عزة التي نظرت له بابتسامة رقيقة تزين ثغرها فهمس"ستفسد ثوبك لذلك حملتها!" أومأت بتفهم وقد تسارعت نبضات قلبها من اقترابه ثم التفتت للينا وابتسمت بحنان وهما تدندنان مع المغني وبدأ جسدها يتمايل شيئا فشيئا مع الموسيقى متخلية عن تحفظها أمامه منذ بداية الحفل.
في إحدى اللحظات، كانت ليلى تقف بجانب حمادة يصفقان ببهجة ومنسجمان مع الجميع، فاقترب منها أنس يجذبها من كفها لتقف بجواره بجانب عَلْيا التي ابتسمت في وجهها بارتباك، فمالت عليها الأولى تحتضنها باندفاع، وقد تملكتها رغبة غريبة في البكاء، شعور متناقض يتملك المقربين عادة، لكن ليلى لم تهتم بتفسيره، ربما الجينات ما جعلتها تشعر بذلك، أو ربما تأنيب ضمير خفي لأنها نعمت بقرب والدتها بعكس عَلْيا التي كان يتم التعامل معها كفرد وهمي يتفادى الجميع التحدث عنه، فنادرا ما كانت تسترسل والدتها في ذكر سيرتها وتحرص على ألا تفعل ذلك في حضور والدها..لم تفهم ذلك في بداية الأمر، لكن ما استنتجته لاحقا بعد احتكاكها المباشر مع شقيقتها، أن شرط والدها للزواج من والدتها ألا تحضر معها عَلْيا ووافقت على ذلك..
ربتت عَلْيا على كتفها بحنان، فلسبب مبهم تذكرها بنفسها بالرغم من أنها لم تتقبل تماما الطريقة التي فرضتها بها والدتها عليها، لكن التشتت والروح المتمردة في عينيها تذكرها بمراهقتها حتما، همست في أذنها"لقد أقنعت والدتك بأن تظلي هنا معنا، وجدتي وافقت على ذلك، لن تضطري للذهاب لمدرسة داخلية"
فكت ليلى الحضن ثم نظرت لها بارتباك"لا أريد أن أزعج الجدة آمنة بتواجدي هنا"
هزت عَلْيا رأسها نفيا"عن أي إزعاج تتكلمين، جدتي تقضي معظم وقتها ما بين التنقل بين منازل أعمامي، ومع ذلك رحبت بفكرة بقائك معها، حتى أنها ستقلل الزيارات لتعتني بك، وشقتي لا تبعد سوى خطوات قليلة عن البيت، كما أن مكان عملي في نفس الشارع، ثم هناك ثريا أيضا، أي لن تظلي وحيدة، لذلك لا داعي لتغييرك المستمر للمدارس"
ردت بحرج"لا داعي لتنشغلوا بي"ثم فركت رقبتها بارتباك"لقد سببت إزعاجا للجميع" أوقفتها عن الاسترسال في الكلام قائلة"لم تسببي الإزعاج لأي أحد، أنت ركزي في دراستك فقط، فلست في مكان غريب، ستظلين معي أنا، شقيقتك!"
أومأت وابتسامة ممتنة تزين شفتيها، في حين أن أنس كان يخصها بنظرة مفتخرة لأنها تحاول تذويب الجليد الذي يحيط علاقتها بشقيقتها، وكانت هذه أول خطوة نحو ذلك، أن تفكر في ليلى ككيان منعزل تماما عن والدتها، فلا يحق لها لومها عن شيء لا علاقة لها به.
بعد الزي الثاني للعروستين باللون الأبيض، تلته التكشيطة الخاصة بفقرة الأكل، حيث تقدم الأطباق الرئيسية للضيوف ومعهم العرسان، ثم الفواكه بمختلف الأنواع، وقد اختارت عزة أن ترتدي تكشيطة باللون الأزرق الياقوتي تتخللها نقوش ذهبية ويتوسط خصرها حزام ذهبي وفوق رأسها تاج نفس اللون مع واعتمدت لفة حجاب التوربان، في حين أن عَلْيا اختارت اللون الأحمر ويتخلل الثوب نقوش ذهبية مرصعة بعقيق بالتوركراز وأحاطت خصرها بحزام ذهبي مزين ببلورات حمراء وتوركوازية، ثم تركت شعرها منسدلا براحة على كتفيها ووضعت تاجا بنفس نقوش الحزام… بعد وضع الأطباق على كل مائدة والتي تضم عادة عشر ضيوف، يقوم العرسان بدورة شرفية على كل مائدة يرحبون بالمدعوين بحفاوة وهذا ما فعله الشباب، ثم اتجهوا لمائدة مستطيلة تتوسط القاعة يجلس عليها المقربون من كل عروس وعريس، وتناول الجميع طعامهم تحت أنغام الطرب الأندلسي.
بعد قليل ذهب العرسان مجددا لتغيير الملابس لأخرى خاصة بالمنطقة، فكان اللباس هذه المرة يسمى بالزي الأمازيغي، وهو عبارة عن قفطان ذو تطريزات خاص يكون عادة باللون الأحمر، الأصفر،الأخضر،الأزرق أو الأبيض، وتلبس فوقه تنورة بيضاء ويوضع فوق الرأس والكتفين ثوب أبيض يسمى الحايك،ووشاح أحمر يلف على الرأس بطريقة خاصة بالإضافة إلى الحلي الأمازيغي المصنوع من الفضة وحذاء مطرز ..أما الرجال فيرتدون جلبابا أبيضا.
اختارت عَلْيا ارتداء القفطان باللون الأصفر، وعزة اختارت اللون الأحمر، في حين أن قريبات العروستين وصديقاتهن اكتفين بوضع الوشاح الأحمر وحلي الرأس الفضي الذي يشبه الغرة، واشترك الجميع في وضع أحمر شفاه باللون الأحمر.
دخل الجميع إلى القاعة تحت أنغام الإيقاعات الأمازيغية، يصفقون ويحركون أكتافهم، إلى أن وصلوا لوسط الميدان، فشكلوا دائرة حول العرسان،وكل عريس أمسك بكف عروسه يراقصها..فتراقصت العروستين بدلال يحركن أكتفاهن بإتقان، كما يفعل العريسين أيضا لكن بطريقة رجولية..في حين أن المحيطين بهم يصفقون ويحركون أكتافهم، ثم في إحدى اللحظات يحومون حولهم قبل أن يجلسوا القرفصاء دون التخلي عن التصفيق.
لقد مر الزفاف بسرعة، وبالرغم من التعب الذي كان يشعر به الجميع، ونصف الحاضرين قد غادروا بعد العشاء مباشرة متحججين بضرورة خلودهم للنوم، فلم يتبقى سوى المقربون جدا، والذين سيشهدون آخر فقرات العرس يستمتعون بتشكيلة الأغاني الرومانسية الخاصة بآخر اللحظات.
لقد نال التعب من الجميع ومع ذلك لازالوا مصرين على استغلال هذه اللحظات بأفضل طريقة، فقد صعد العرسان لتغيير ملابسهم مجددا، فلبس العريسين بذلات رسمية باللون الأسود ولبست العروستين فستانين باللون الأبيض، واختارت عَلْيا فستانا ذو جزء علوي شفاف فتحة رقبته واسعة لكن بدون أن يبرز مفاتنها وكتفين منفوشين،تزينه تفاصيل تشبه فروع الأشجار المزهرة وتمتد على مستوى الذراعين والخصر، وتم تبطين الفستان من جهة الصدر والبطن بثوب من الداخل يشبه لون الجلد، لم تكن تحتاج للكثير من زينة الوجه لتبرز رقتها، فاكتفت بزينة خفيفة وأحمر شفاه باللون الوردي وتسريحة بسيطة على شكل كعكة أنيقة خلف رأسها وطرحة تمتد على طول الفستان مثبتة بتاج لؤلؤي رقيق.
اقترب منها أنس بعيون براقة،تبوح بالكثير ولسان حاله يتمنى أن تنتهي الليلة بأقصى سرعة لينفرد بها، يود أن يحتضنها بكل ما تحمل كلمة التملك من معنى، أن يخبئها بين ثنايا صدره ويتفنن في ترميم كيانها المنكسر قطعة تلو الأخرى، لم يستطع منع نفسه من البوح ولو بالقليل مما يجول بخاطره وهو ينحني ليهمس في أذنها"تبدين كجنية رقيقة،دافئة وجميلة، استولت على قلبي، بل على كل ذرة مني"وأنامله تتحسس ظاهر كفها،فأثار بداخلها زوبعة جعلتها على حافة الانصهار، وهمسة باسمه أفاقته من غيبوبة انشداهه بطلتها..فابتسم يحاول استجماع شتات نفسه وابتعد عنها على مضض ثم احتضنت كفه كفها بتملك يستعدان للخروج.
أما عزة فاعتمدت فستانا محتشما، مكون من قطعتين ملتصقتين بعضهما، فالقطعة السفلية كان بسيطة باللون الأبيض،يعلوها ثوب شفاف بنقوش بيضاء مرصعة باللؤلؤ الأبيض، ويزين خصره حزام رقيق بنفس اللون، أما حجابها فكان أبيضا أيضا دعم هيأتها الملائكية وأنهت طلتها بتاج فضي مرصع باللؤلؤ وضعته فوق رأسها، وكانت تجاهد لتثبت طرحة شفافة يماثل طولها طول الفستان على كتفيها، استدارت تبحث عمن تساعدها في ذلك،فلم تجد أحدا وفتحت الباب لتنادي على إحداهن لتصادفها قامة زكريا وقد كان على وشك طرق الباب لكنها فاجأته بخروجها فبقيت كفه معلقة في الهواء والذهول سيطر على نظراته.
أنزل كفه تدريجيا لتستقر بجانب ساقه ثم تقدم بهدوء يحثها على الدخول، فتراجعت خطوتين للخلف بدون أن تنتبه لخطواتها وكادت أن تتعثر بطرحتها،لكن كانت كفيه الأسرع في التقاطها وهو يسحبها للأمام لتلتصق بجسده،فلفح لهيب أنفاسه جبهتها،ورفعت رأسها بهدوء لتقابلها نظراته العسلية الفاقدة للبهجة،فدفعته عنها برفق ونبست"آسفة،لقد تعثرت"
اعتدل في وقفته يحاول التخلص من سلطان حضورها ثم سألها"هل أنت جاهزة، سننزل حالا"
رمشت عدة مرات، واستدارت تبعد نظراتها عن حاسته ثم رفعت يدها لمسقط قلبها تتحسسه برفق لعلها تنجح في إخماد دقاته..ويدها الأخرى تمسك بالطرحة على أحد كتفيها لكي لا تنزلق..تمتمت بهدوء"كنت أبحث عن إحدى الفتيات لتساعدني في تثبيت الطرحة على كتفاي"
أغلق الباب خلفه بهدوء ثم تقدم باتجاهها قائلا بثبات ظاهري"دعيني أساعدك"
أومأت بموافقة، فوقف خلفها محافظا على المسافة بينهما ثم التقط المشابك التي مدتهم إليه سابقا وانحنى ليصل وجهه لمستوى كتفيها ثم بدأ يثبت الطرحة بتركيز منحها الفرصة لتنعم بقربه وتتأمله كما يحلو لها في المرآة المثبتة على الحائط أمامهما..
التقت نظراتهما في انكعاسهما على المرآة، فاكتفوا بتأمل بعضهما بدون أن ينبسا ببنت شفة، وهو منبهر بطلتها الملائكية وحدث نفسه بنفس الجملة التي قالها يوم عقد القران بأنه لن يدعها ترتدي اللون الأبيض مجددا، أما عزة فكانت تحت وطأة مشاعرها القوية وتحاول تفسير نظراته المبهمة اتجاهها ولسانها لا يقو على البوح بالأسئلة التي تدور في خلدها.
حركة خفيفة في أحد أركان الغرفة أيقظتهما من شرودهما، فالتفت زكريا باهتمام وللمرة الأولى منذ دخوله للغرفة يلاحظ وجود لينا غارقة في سبات عميق فوق إحدى الكنبات..وقد غيرت قفطانها البرتقالي لفستان أبيض يشبه فستان العرائس،ذو جزء علوي شفاف بكمين يصلان لمنتصف كتفيها وجزء سفلي منفوش يصل لكعبيها..سأل بفضول"هل وصيت لها بفستان!"
أومأت عزة وهي ترد عليه بهمس لكي لا تفزعها في نومها"نعم! لقد غيرت ملابسها قبل أن أغير خاصتي،لكي تنعم بقسط كاف من النوم قبل نزولنا مجددا، ثم اقتربت من الكنبة،وانحنت تهمس باسم لينا"لينا، ليلوش حبيبتي، هيا استيقظي" وهي تمسح على خدها برفق..
تململت قليلا مصدرة صوت انزعاج بشفتيها قبل أن تفتح عينيها وتفرج عن ابتسامة واسعة وهي تتمتم"أروسة" ومدت يدها تتحس وجه عزة التي قبلت كفها بحنان وهي تعدل جلستها قائلة"سنسرح شعرك لننزل حسنا؟"
هزت لينا رأسها بالإيجاب مستسلمة لعزة التي كانت تمشط شعرها بانتباه وتسرحه على شكل كعكة صغيرة فوق رأسها،ثم وضعت فوقه بعناية تاجا مصنوعا من الورود.
كان زكريا يراقبهما بصدر منشرح وقد تسرب إليه شعور غريب، مزيج بين الألفة والدفء، فتقدم نحوهما ثم انحنى يطبع قبلة على خد لينا،ووضع كفه على خصر عزة يحثها على الوقوف، فاستجابت له ووقفا متقابلين قبل أن يتقدم نحوها ويطبع قبلة دافئة على جبهتها تعمد أن تطول لثواني هذه المرة.
*****
اقتربت سمر من منسق الأغاني، تقترح عليه فكرة تظن أنها ستعجب العرسان خاصة عَلْيا وأنس، وعينيها مركزان على جزء من القاعة، قبل أن ترفع إبهامها بما يعني أن المهمة تمت بنجاح.
انطفأت جميع الأضواء في القاعة إلا من ضوء خفيف باللون البنفسجي، ولحن هادئ لأغنية معروفة صدح في الأرجاء، قبل أن ينتقل ضوء أبيض باتجاه باب القاعة مركزا على دخول العرسان وكل عروسة تتشبت بذراع عريسها ولينا تتوسطهم تتبختر بفرح أثناء دخولها، وقف الجميع ينتظرون وصولهم لوسط الميدان، فتزامن مع نهوض سميرة من مكانها والتقاطها الميكروفون وبدأت تغني بصوت هادئ متأثر من رؤيتها لعَلْيا التي لطالما اعتبرتها في مقام سمر، وقفوا جميعا في وسط القاعة، فناظرتها عَلْيا بتأثر واقتربت منها ترتمي في حضنها فبادلتها سميرة الحضن وهتفت في الميكروفون"إذا كانت سمر فلذة كبدي فأنت قطعة من قلبي، وأتمنى لك السعادة مع من اختاره قلبك يا حبيبتي" ثم أكملت الغناء، وحضنت كفها لتسلمها لأنس الذي انحنى وقبل رأسها ثم خصها بنظرة تحمل امتنانا على كل شيء فعلته من أجل عَلْيا من قبل، وكأنه بذلك يحمل المشعل عنها ليعوض عَلْياءه عن كل شيء للمتبقي من عمرهما..

يا حبيبي قرب ليّ تضمك بايدي ِ
إنت بتعرف أنا شو بحبك وقديش غالي عليّ
حبيبي خليك حدي غير عيونك ما بدي
بخاف الوحدة إبقى لوحدي لو بتغيب شويه
شو بحبك لما بتحكي
ترسم ع شفافك ضحكة
شو بحبك لما بتبكي بتشكي وعم بتغلغل فيّ
حبيبي إنت الأحلى
عمري بقربك عم يحلى
عطرك سحرك صوتك رسمك صاروا مني وفيّ
شو بحبك لما بتحكي
ترسم ع شفافك ضحكة
شو بحبك لما بتبكي بتشكي وعم بتغلغل فيّ
حبيبي إنت الأحلى
عمري بقربك عم يحلى
عطرك سحرك صوتك رسمك صاروا مني وفيّ
يا حبيب قلبي طمني إنك ما بتبعد عني
إنت حبي ورعشة قلبي وإنت نور عينيّ
يا حبيبي إنت الغالي إنت قمر الليالي
ظل قبالي وريح بالي وغمرني بحنية
شو بحبك لما بتحكي
ترسم ع شفافك ضحكة
شو بحبك لما بتبكي بتشكي وعم بتغلغل فيّ
حبيبي إنت الأحلى
عمري بقربك عم يحلى
عطرك سحرك صوتك رسمك صاروا مني وفيّ
شو بحبك لما بتحكي
ترسم ع شفافك ضحكة
شو بحبك لما بتبكي بتشكي وعم بتغلغل فيّ
حبيبي إنت الأحلى
عمري بقربك عم يحلى
عطرك سحرك صوتك رسمك صاروا مني وفيّ
يا حبيبي قرب ليّ
إنت بتعرف أنا شو بحبك وقديش غالي عليّ
حبيبي خليك حدي غير عيونك ما بدي
بخاف الوحدة إبقى لوحدي لو بتغيب شويه
شو بحبك آه
شو بحبك لما بتحكي
ترسم ع شفافك ضحكة
شو بحبك لما بتبكي بتشكي وعم بتغلغل فيّ
حبيبي إنت الأحلى
عمري بقربك عم يحلى
عطرك سحرك صوتك رسمك صاروا مني وفيّ
شو بحبك لما بتحكي
ترسم ع شفافك ضحكة
شو بحبك لما بتبكي بتشكي وعم بتغلغل فيّ
حبيبي إنت الأحلى
عمري بقربك عم يحلى
عطرك سحرك صوتك رسمك صاروا مني وفيّ
شو بحبك لما بتحكي
ترسم ع شفافك ضحكة
شو بحبك لما بتبكي بتشكي وعم بتغلغل فيّ
حبيبي إنت الأحلى
عمري بقربك عم يحلى
عطرك سحرك صوتك رسمك صاروا مني وفيّ


تحركت برشاقة باتجاه زكريا الذي كان يحتضن خصر عزة ويتحركان مع إيقاع الموسيقى باستحياء، ثم أوقفت الغناء لثواني وهتفت في الميكروفون"اعتنِ بوحيدة نجاة يا زكريا، وأتمنى من الله أن يرزقكما السعادة والسكينة طوال العمر"، سلمت عليها عزة بفرح ثم انحنى زكريا مقبلا رأسها وهمسا بشكر لأنها تطوعت لتهديهم جميعا هذه الأغنية، قبل أن تنسحب ببطء لتترك الساحة لنجوم حفل الزفاف، وأكملت الغناء..فاقترب منها حكيم وابتسامة معجب تزين شفتيه، فوقف بجانبها واحتضن خصرها بدعم، فهو مدرك بمدى إعجابها بالغناء ولم يستطع رفض طلب سمر عندما اقترحت أن تهدي أمها أغنية لعَلْيا، وبالرغم من الغيرة التي يشعر بها الآن إلا أنه سعيد لانطلاقها وسعيد أكثر بسماع صوتها الشجي الذي لم تغيره السنين..طائر السنونو خاصته كما يحب أن يناديها منذ الأزل، أكملت غناءها وهما يتمايلان معا ويراقبان العريسان اللذان كل منهما يحتضن عروسته بتملك بالرغم من اختلاف تعابير الوجوه ومشاعر كل منهم في تلك اللحظة إلا أنهم جميعا منسجمون مع كلمات الأغنية وكل منهما يحتضن نظرات محبوبته.
اقترب أسامة من عزيزة التي كانت تنظر لولديها بتأثر بالغ والدموع على وشك أن تتخذ مجراها على خذها قائلا بمزاح"هيا يا أم العريسين، لقد صبرنا بما فيه الكفاية على تعنتك ورفضك للرقص والآن حان دورك لتريهم رقصة فيفي عبدو الشهيرة" ثم حرك كتفيه أمامه بميوعة، فانفجرت ضاحكة وهي ترفع حجابها لتغطي به وجهها باحتشام هامسة"احترم نفسك يا ولد، هل من في سني يرقصون" ثم تنهدت تطرد شعورها بالتأثر"اتركني أستمتع بما أراه أمامي الآن يساوي الدنيا وما فيها، حفظهم الله ورعاهم وأسعدهم"
أمن على عجل ثم أمسك كفيها يسحبها"آمين..هيا الآن ودعينا من دور العجوز التي لم تشارك في فرح ابنيها ولو بهزة خصر"
قاومته وضحكة ملجلجة خرجت من بين شفتيها قبل أن تستلم له أخيرا، فسحبها ليقفا معا وسط الساحة وهتف"افسحوا المجال فزيزو صاحبة هزة الخصر الشهيرة قد وصلت أخيرا" وأشار لسمر التي أنهت كلامه بزغرودة رقيقة أثارت ضحك الجميع، قبل أن تقترب منهم هي الأخرى تجر خلفها آمنة التي تقاوم تأثرها ودموعها طوال الحفلة.
هتف أسامة"دي جي، شغل لنا الموسيقى"
وصدحت موسيقى هندية ذات إيقاعات اهتزازية، جعلت الجميع يعبس في أول لحظة قبل أن تنبسط ملامحهم عندما رأوْا اندماج الشباب معها وأولهم كان أسامة الذي رفع ذراعيه في السماء يحركهم ببراعة وانحنى يسحب جزءا من حجاب عزيزة ويغطي به وجهه متظاهرا بالخجل، ثم في اللحظة التالية أمسك كفها وأدارها نحو نفسها فاستجابت لحركته على الفور بالرغم من وزنها الزائد قليلا ثم توقفت عن الدوران ووضعت كلا كفيها على خصرها من الجهة اليمنى وهزته على الطريقة الهندية فعلا صفير كل من سمر وأسامة ومعهم مراد وحمادة الذي سحب ليلى من كفيها إلى الساحة ثم حررها فاستقبلها أسامة الذي أدارها نحو نفسها عدة مرات قبل أن تتوقف وتبدأ في التصفيق بحماس مندمجة مع الموسيقى والجميع..
احتضنت سمر ذراع ثريا وصفرت ببراعة لتجذب لها الانتباه قبل أن تتقدم لوسط الساحة ومن خلفها الأخيرة التي تتبعها على مضض، فبدأت تتمايل مقلدة حركات إحدى الأغاني الهندية الشهيرة وأسامة يدور حولها محتويا تغنجها وبراعتها في الرقص وكلاهما مستمتعان بما يفعلانه بينما تناظرهما عينا سميرة وحكيم باستمتاع بالعرض، وثريا تصفق بانبهار من التناغم بينهما، وعينيها على أسامة بالذات مستغربة الطاقة الغريبة التي يتمتع بها وكيف يحرص على إسعاد الجميع، فلم يغفل عن آمنة التي همت بالانسحاب من الساحة عندما أوقفها ثم انحنى مقبلا رأسها باحترام وأمسك ذراعيها يشجعها على التصفيق، ثم انحنى مجددا يهمس في أذنها"عَلْيا بين أيدٍ سليمة يا جدتي، من الآن وصاعدا ستشهدين تألقها كما لم تريها من قبل كوني أكيدة من هذا" دمعت عينيها وهي تستقبل كلماته فاحتضنها وابتسامة جميلة تزين ثغره ثم تمشى معها إلى أن وصل لعَلْيا، ففك الحضن وانسحب تاركا إياهما معا..
نظرا لبعضهما لثواني قبل أن ينفجرا في بكاء يعد طقسا من طقوس النساء في حفلات الزفاف، احتضنتها عَلْيا بقوة فبادلتها آمنة الحضن وهي تردد بلهفة"جدك سعيد في قبره الآن، لا بد أنه يشعر بسعادتك في هذه اللحظة"
ازداد بكاء عَلْيا وتمتمت"تمنيت أن يكون معنا اليوم" ربت أنس على ظهرها بمواساة ثم اقترب يقبل رأس آمنة باحترام بالغ،فكسرت الحضن واحتضنت كفها خده وقالت بنبرة أشبه للتوسل"لقد تربيت في بيتي أنت الآخر،وعَلْيا أمانة لديك إلى آخر العمر، كن لها الأب والأخ والزوج والابن والسند، وستكون لك هي الأم والأخت والزوجة والسكينة، عيشا على مبدأ الرأفة والمودة والاحترام ثم الحب" أومأ برأسه موافقا ثم احتضن كفها بين يديه ونظراته مركزة على عَلْيا قبل أن يقول"سأكون لها كل شيء يا حاجة آمنة، فهي كل شيء بالنسبة لي أيضا" طالعته عَلْيا بامتنان وحنان يفيض من مقلتيها فبسط ذراعه ينشدها إلى حضنه واستجابت له ببساطة ملقية رأسها على صدره وتحتضن كف آمنة بيدها بتملك ولم تشأ أن تحررها.
في وسط حلبة الرقص التقت نجاة وعزيزة، فاحتضنتا بعضهما بفرحة عارمة،وإحداهما كان يطغى على فرحتها حزنها على فراق وحيدتها، تلامست الخدود مع بعضها في سلام حار قبل أن تعبر عزيزة عما يجول في خاطرها قائلة"عزة ابنتي الآن يا نجاة فكوني مطمئنة عليها، وأنا ممتنة لها لأنها استطاعت كسر القوقعة التي كان يحتجز فيها زكريا نفسه"
دمعت عينا نجاة وردت عليها بنبرة حزينة"لأصدقك القول، عزة ما زالت في نظري طفلة، وعالم المتزوجين كبير ومعقد جدا" ثم نقلت نظراتها لزكريا الذي وقف بجانبها ومعه عزة وأكملت"لكنها رقيقة واجتمعت حنية العالم كله فيها، لا أقول هذا لأنها ابنتي، بل لأنها عزة"
احتضن زكريا كف عزة ثم نظر لها طويلا وهي تجاهد وتقاوم نوبة من البكاء،فقال برزانة"عزة أمانة لدي يا خالتي، إذا لم يتحملها كتفاي فسأضعها فوق رأسي، وإذا تعب هو الآخر فرموشي ستكون ملاذها دائما"
ربتت على كتفه بحنان فانحنى وقبل رأسها ثم اقترب من والدته التي احتضنته بعاطفة بالغة وهي تهمس"جبر الله بخاطرك أخيرا يا ولدي، حفظكما الله ورعاكما" بادلها الحضن واكتفى بتوزيع قبلات على جبهتها وخدها، في حين أن عزة ارتمت في حضن والدتها تجهش ببكاء يحمل الكثير من العاطفة والحزن والخوف من المستقبل وشعور فظيع لأنها ستبتعد عن عائلتها ولو أنهم سيكونون معا في نفس المدينة، إلا أن الابتعاد عن بيت العائلة يشعرنا دائما باليتم.
"عزة" نداء من رشيد الذي وقف وسط الحلبة يتوسد عكازه، ابتعدت من حضن والدتها على مضض، ثم استدارت تنظر لوالدها بوجه أحمر وعيون باكية، فما كان منه إلا أن رفع ذراعيه في الهواء، فاستجابت له فورا وارتمت في حضنه فضمهما إلى صدره بدفء وهمس بصوت متجهم"ستتركينا إذن!"
رفعت نظراتها إليه وازداد نحيبها ثم ردت عليه بحزن وعتاب"لا تقل هذا يا أبي"
قبل جبهتها بحنان لم تتعوده منه ثم همس أمام وجهها"سيتغير طعم البيت بما أنك ستغيبين عنه"
زمت شفتيها تقاوم موجة أخرى من البكاء، فمسح وجنتيها براحة كفيه قائلا"توقفي عن البكاء الآن، فلا يجوز أن تتفاءلي به"
سحبت نفسا عميقا تطيع كلماته، ثم أومأت برأسها فتزامن مع وقوف زكريا بجانبها وانحنى يقبل كتف رشيد باحترام ثم قال بأدب"مبارك لنا يا حاج"
طبطب رشيد على ظهره ثم رد عليه"مبارك لكما، بارك الله لكما وجمع بينكما في الخير!"
*******
'في مدينة أخرى'
كان طارق مناوبا طوال الليل في محل البقالة الذي يحتوي على عدة أقسام، منها الخاص بالمواد الغذائية،والجزارة،ثم قسم خاص بالحلويات، فكان عمله هو محاسبة الزبائن، اقترب منه زميله في العمل يحمل هاتفه وينظر بانبهار إلى الشاشة، وناداه بحماس"طارق، هل رأيت إعلان منتج الشعر الأجنبي الجديد الذي غزا الأسواق مؤخرا"
رد عليه بعدم اهتمام"لم أره، التفت لعملك يا صاح ودعني أكمل عد النقود فقد حل الصباح واقترب موعد مناوبة الفريق الثاني"
لم يبد أن زميله كان مهتما بشيء آخر غير ما يراه على هاتفه، فرد عليه"يجب أن ترى العارضة الجديدة التي اشتغلوا معها، إنها طلقة نارية يا صديقي بل صاروخ..يقولون أنها ذات أصول عربية..لابد أنها إشاعة" ثم رفع نظراته لطارق الذي كان مركزا مع عد النقود ووكزه من كتفه ثم رفع الهاتف أمام وجهه قائلا بإصرار"ألق عليها نظرة فقط!"
عبس طارق بانزعاج ثم رفع رأسه ينوي توبيخه، لكن توقفت عيناه على الفيديو المصور لها وهي تقترب من الكاميرا وابتسامة ساحرة تزين شفتيها قبل أن تزيح شعرها عن كتفها بدلال وتقف باستقامة وثقة وسط مجموعة من العارضات ثم انتهى الفيديو.
لم يعلم ما الذي أصابه، عيونه الجاحظة كانت تعبر عن صدمته والمئات من التساؤلات التي قفزت إلى رأسه في ثانية واحدة، فتراجع خطوتين للخلف غير مصدق لما يراه قبل أن يخطف الهاتف من كف زميله ويعيده الشريط مرات متتالية ليتأكد من أنها هي..
كم مضى على آخر لقاء بينهما، عام ونصف أو أكثر من ذلك بقليل، لقد توقف عن العد عندما فقد الأمل في إيجادها.
سأله زميله بقلق"هل أنت بخير؟ هل تعرفها؟"
رمش عدة مرات يحاول استيعاب ما يحدث معه الآن قبل أن يتمتم بنبرة حاول جاهدا أن تبدو عادية"لقد شردت قليلا" ثم ناوله الهاتف بعد أن تحقق من اسم الصفحة التي تنشر الفيديو وتجاوزه متجها إلى الحمام.


نهاية الفصل الثامن والعشرون????
قراءة ممتعة
أتمنى أن ينال إعجابكم❤️
ولا تنسووا مشاركتي آرائكم الصادقة..
موعدنا الاثنين المقبل في نفس التوقيت..











فاطمة الزهراء أوقيتي متواجد حالياً  
التوقيع
رواية:
وشمتِ اسمك بين أنفاسي~
بقلمي
🤍أكتب لأحيا الواقع بنكهة الخيال🤍
رد مع اقتباس
قديم 15-04-24, 10:51 PM   #612

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 619
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
Rewity Smile 5 أزياء يوم الزفاف❤️

نفتتح الجلسة بأزياء عَلْياءْ



ثم أزياء عزة



أزياء باقي الفتيات



أزياء لينا


shezo likes this.

فاطمة الزهراء أوقيتي متواجد حالياً  
التوقيع
رواية:
وشمتِ اسمك بين أنفاسي~
بقلمي
🤍أكتب لأحيا الواقع بنكهة الخيال🤍
رد مع اقتباس
قديم 15-04-24, 10:56 PM   #613

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 619
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
Rewity Smile 5 صور الدهاز

دهاز العروس المغربية يوضع في صناديق كهذه…



والدهاز هو هدية العريس وعائلته للعروسة.


shezo likes this.

فاطمة الزهراء أوقيتي متواجد حالياً  
التوقيع
رواية:
وشمتِ اسمك بين أنفاسي~
بقلمي
🤍أكتب لأحيا الواقع بنكهة الخيال🤍
رد مع اقتباس
قديم 16-04-24, 05:19 AM   #614

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,590
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء أوقيتي مشاهدة المشاركة
مساء الخير جميعا،،

ترقبوا تزول الفصل بعد دقائق معدودة..أتمنى أن ينال إعجابكم ولا تبخلوا علي بآرائكم الصادقة..

قراءة ممتعة❤️

وجدت هذا التصميم البسيط في الأرشيف وقررت مشاركته معكم.




استمتعوا❤️
مرحبا.صباحات الخير يا قلبي

البوست جميل جدا
والغلاف رائع وملائم
وأرى المضمون ينطبق على أشرف كثيرا
ولكنى أعتقد ان كل هواجسه تلك ستزول
وسيخطو خطوات واثقة تجاه سمر
وسيسعدا معا كثيرا

صباحك سكر


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-04-24, 09:10 AM   #615

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,590
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.صباحات الجمال حبيبة قلبي فوفى

*الفصل الثامن والعشرون*
☆كل هذا الحب☆

ما ترسخ عبر السنين من مشاعر صادقة
لم تولى ولم يفتح المرء باب قلبه ليفيض عما يجيش به
أو يستقبل نسمات أخرى قد ترد له روحه
يظل هكذا سجينا مقيدا بأصفاد الماضي لا يعيش الحاضر
ولا ينتظر مستقبلا مضيئا

وفاء زكريا لذكرى زوجته الراحلة إحساس رائع جدا يدل على النبل
ولكن الحياة تستمر وما خلقنا الله لتتوقف حياتنا عند رحيل البعض
فهي سنة الحياة
ولكن زكريا أوقف حياته على تلك اللحظة التى رحلت بها إيمان
أتراه يستطيع تجاوزها مع عزة..؟
أم انها ستدفع ثمن وضع ليست مسئولة عنه.؟

☆مشاعر مختنقة☆
مشاعر الإنسان كالطير الحر المحلق بالسماء تستولى على المرء دون ميعاد
وبعض المناسبات تزكى تلك النزعة لديه
كالاعراس مثلا فد تخرج شوقا دفينا
قد توقظ ذكرى اليمة
قد تعد بالسعادة والجنة المفقودة
هكذا هي مشاعر حرة لا يحدها زمان ولا مكان

يوم العرس والذى بغالبه تغشاه الفرحة
يظهر الكل ردات فعل مختلفة
أشرف يشتاق سمارا وما زال متوجسا
بينما زكريا فحاله حال أعانه الله وأعان عزة عليه
بينما الطبيعيين الوحيدين هما أنس وعليا
وتتوالى المشاعر في تسيدها المشهد بالعرس المهيب

☆من هنا وهناك☆
بين طيات الإحتفالات تدور الكثير من الاحاديث بين النظرات والعبرات
تصريحا وتلميحا وكأنه عالم آخر تحول أفراده إلى حال آخر
يفيض بما تجيش به صدورهم
هو حال من الطفو يسبح به المرء رغما عنه
بين الضحك حينا والبكاء حينا

العرس تحول لمسرح كبير كلايؤدى دوره وفقما يعتمل بقلبه
أشرف وحديث بدا حاد مع زكريا لتوصيته على عزة منتهيا بود ولطف بين الإثنين
وأيضا ذلك الحديث الحاد بين أشرف والمدعوة المتبجحة هند

وحديث عليا مع ليلي بكل ذلك الدفء والحب وإستبقائها معهم
*وثريا تلك المشاهد بالعين الغير مشارك سوى بتضارب مشاعرها

وقد وصلت بنا لنهاية العرس الفخم بكل نجاح

بينما نهاية الفصل برؤية طارق لإعلان ثريا وهذا ما كنت أخشاه فهو مثير للقلق
لكنه مع سعة أفق طارق اظن الأمر سيمضي على خير

سلمت حبيبة قلبي
لك كل الحب وأكثر


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-04-24, 09:13 AM   #616

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,590
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

مرحبا.حبيبتي

ما اروع وصفك للعلاقة الجميلة وذلك الحب النادر بين زكريا وإيمان
ولكنى ألمح من الذكرى التى أوردتها ومظاهر حزنه الرهيب وإنهياره
الكثير من الندم فهو يتصور انه خذلها وتخلى عنها رغم رجائها له ان يبقي معها
وبهذا يكون مسئولا عن رحيلها
وهذا ما يجعله يحرم نفسه من السعادة ويتوقف عن الحياة

حبيبة قلبي انت...اسعد الله قلبك فقد نقلت لنا تفاصيل العرس بكل دقة
لم تتركي شيئا
لا ينقصنا سوى ان نشرب الشربات ونرقص مع العروستين فقد إستعدينا ولبسنا أبهي الملابس فانا للاسف ليس لدي عباءات يعني نمشيها فساتين هههه

*وكم برعت حبيبتي في مسح حالة الحضور جميعا ووصف حالته وما يفكر به بكل براعة
و أكثرها تركيزا على المتعوس زكريا وخائب الرجا أشرف اللذان يضيعان فرص السعادة على نفسيهما
*وايضا ملامح القلق التى بدأت تنتاب عزة رغم عمق مشاعرها الصادقة
بينما بطلة المشهد بدون منازع هي الجميلة لينا العسولة
التى لو أصغي زكريا لحديثها لطار من السعادة وقفل باب الذكريات التى تفسد عليه سعادته
بينما أسامة وثريا فتلك حالة أخرى بلا عنوان

*ما أبدعك حبيبتي وأنت لا تفوتين شيئا من تفاصيل العرس ومن تفاصيل الاشخاص
*ونجم الحفل بلا منازع الجميل اسامة ذلك الذى لا يغفل عن احد صغيرا أم كبيرا ويشعل الاجواء بالبهجة والفرحة
حقا هو يجعل الحجر ينطق
* إلا تلك الجلمود الصوان ثريا
والتى أعذرها فالفرح بالنسبة لها والزواج هو أزمة حياتها ورعبها الأزلى وهى بعد تخطو خطواتها نحو الاستقلال وبناء نفسها

*راق لى جدا كل تفاصيل العرس مذهلة بحق تبعث على البهجة
وجميل جدا تغيير الزى مع كل مرحلة
وأعجبنى جدا شكل صناديق هدايا العروس شكلها تحفة بالفعل
*العرس في خطواته وكأنه عرس ملكي بحق يا جميلة

والفصل كله مبهر ومشوق ومميز يا مبدعتنا القمر


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-04-24, 09:17 AM   #617

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,590
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء أوقيتي مشاهدة المشاركة
نفتتح الجلسة بأزياء عَلْياءْ



ثم أزياء عزة



أزياء باقي الفتيات



أزياء لينا

حبيبة قلبي الجميلة

ما اروعها ازيائكم ياقمر
تحفة بحق
وقد إنتقيتي الالوان والموديلات الملائمة لكل شخصية
والجميلة العسولة لينا ملابسها رائعة

مع ان تغيير الملابس أكثر من مرة مرهق
إلا انها خطوات تدخل البهجة والسرور
وتظل عالقة بالذهن وذكرى جميلة

العاقبة لكل الجميلات معانا
صباحك سكر


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-04-24, 09:19 AM   #618

shezo

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية shezo

? العضوٌ??? » 373461
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 10,590
?  نُقآطِيْ » shezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond reputeshezo has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة الزهراء أوقيتي مشاهدة المشاركة
دهاز العروس المغربية يوضع في صناديق كهذه…



والدهاز هو هدية العريس وعائلته للعروسة.

الله..الله...الله

ما أجملها تلك الصناديق الرائعة الشكل
لتحوى هدايا العروس
وما اجملها عاداتكم
بالبلد الحبيب الجميل المغرب

جعل الله حياتك كلها سعادة وفرحة


shezo متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-04-24, 09:28 PM   #619

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي

حبيبة قلبي أرى نسائم البهجة واسمع تدفقات السرور بين رحاب روايتنا الحبيبة....
ألف الحمدلله على رجوعك الجميل... اشتقنا لك كثيراااااا... بعد غيبة متعبة للقلب....
لي عودة ان شاءلله بعد اكمال الفصل...
فقط أعد أقفطاني واتي.... قبلاااتي فيفي...


نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-04-24, 10:58 PM   #620

نورهان الشاعر
 
الصورة الرمزية نورهان الشاعر

? العضوٌ??? » 477398
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,761
?  نُقآطِيْ » نورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond reputeنورهان الشاعر has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن والعشرون.....

عودة ميمونة لروايتنا الحبيبة التي شغلت جزءا مهما من قلبنا وحين إنقطعت عنا.. قطع معها ذاك الجزء الحبيب تاركا الفراغ ليحل محله.. وها قد جاد الغيث بعد إنتظار وهطل على أراضينا يحيي ما مات من مشاعر فيبتدئ به موسم الإزدهار..!

هناك جروح لا تندمل أبدا مهما مر عليها من زمان.. فهي شرخ مزق الراحة في اوصالنا وشطر الروح إلى نصفين.. فلم تعد من بعده صالحة إلا للرثاء...! تلك الأحزان التي لم تكن يوما غيمة لحظية تمر لساعة ثم تذوي وتذوب.. بل هي راسخة رسوخ الجبال تغير كل تضاريس الروح..!
هناك أشخاص من فرط جمالهم وحنيتهم يكنون كطيف سحري من عالم أخر يملؤون الوجود بعبقهم.. لكنهم سرعان ما ينسحبون من الحياة..! تاركين خلفهم ذكريات وأشواق لا تنضب..! هكذا كانت إيمان حلما جميلا عشقه زكريا بكل جوارحه لكنه سرعان ما ذاب بين كفيه وكأنه السراب..!
غادرت وظلت روحه معلقة بها بحب غمسه الموت بالمواجع.. رحلت وتركت له جزءا منها يوشي له أن ذاك الحلم الجميل كان. يوما حقيقا...!
وها هو اليوم رغم كل حبه العظيم لها.. يتجاوز الماضي وما اصعب ان تصبح ارواح من نحب ماضيا..! يتجاوزه ليرتبط بأخرى بعدها.. فالحياة تستمر..!

اليوم الموعود.. يوم الزفاف والإرتباط الذي دوما ما يكون أجمل تتويج للحب..! وما أجمل التفاصيل التي حكتها بكل مهارة لتصوري زفافا مغربيا اصيلا بكل تفاصيله ومظاهره.. فكانت الأجواء حية وكاننا نراها أمامنا.. مميزة بنكهتها التقليدية التي تحمل ثراتا وإرثا عظيم هو كنزنا الثقافي العظيم.. وهويتنا...!
جميل ان الفرح فرحين بعليا وعزة.. وإن إختلفت أشكال الزيجتين.. وتباينت طباع أصحابهما.. فأرى أن عليا وانس يمضيان لحياتهما بثقة وعزم أكبر وقد أثمر حبهما بعد كل تلك السنوات.. في حين لم تكن قصة عزة بالسهلة ابدا..!

بين تردد زكريا وضياعه بعد أن عجز من تخطي ماضيه.. وهو يتقدم للمستقبل ولا يزال بحمل بين ذراعيه رفاث ما ذهب.. يجذبها الحنين للوراء ويتلصص عليه ضوء أمل يدعوه للتقدم..!
أسامة دوما كما هو لعوب محبوب للقلب حتى وهو يشاكس ثريا دون أن يعتقها منه..! وثريا لم يتغير تدمرها أبدا..! يا إلهي كم إشتقت لهذا الثنائي المميزة بكل مناكشتهما..!

وكما عادتها سمر الجميلة المشرقة بالحياة قد اتت بديعة تسلب الألباب وهي كتلة من الطاقة الجميلة والمشاعر المحببة.. تحيط الكل بحبها وإهتمامها.. وبمشاكساتها الجميلة التي أخذتها من خالها..! وحتى عند اشرف ااذي اوجع قلبها بصفاقته معها.! لازال قلبها يحن..!
كل شيء كان جميلا لم يعثره الا قدوم الافعى الرقطاء هند..!

كم مرت الاجواء جميلة جداً وكان إحتفالا رقيقا يخلد ليكون ليلة العمر..! الحقيقة انني لا احضر الافراح الا نادرا..! بل طاةل حياتي منذ طفولتي حضرت بالكاد اربع اوخمس اعراس زفاف.. هههه فجاهلة كيف تقام الحفلات بكل تفاصبلها... وأنا إستمتعت بحضورها معكم جميعا...!
جميلة منك أن تعودي بعد غياب لنا بالأفراح.. قد أتى الفصل بذاك رقيقا جميلا أمتع روحنا..! فكان بداية سلسة محمسة..!

وفي الاخير فقط ملاحظة اخيرا فضلا منك الخط جد صغير اتعب عيني لتداخل السطور لو أمكنك أن تغيريه المرة المقبلة....
وكل حبي وودي


نورهان الشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:20 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.