آخر 10 مشاركات
غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          طوق نجاة (4) .. سلسلة حكايا القلوب (الكاتـب : سلافه الشرقاوي - )           »          42 - وانطفأت الشموع - كارول مورتيمر ( إعادة تصوير ) (الكاتـب : عيون المها - )           »          رواية المخبا خلف الايام * متميزه و مكتملة * (الكاتـب : مريم نجمة - )           »          موسم الورد* متميزه * مكتملة (الكاتـب : Asma- - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          383 - همسات الندم - جين بورتر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          أميرتى العنيدة (87) للكاتبة: جين بورتر ..كاملة.. (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          366 - عروس الصقر - جين بورتر (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          عروس من الخيال (75) للكاتبة: آنا ديبالو (الجزء 2 من سلسلة عرسان أرستقراطيين) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1264Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-08-22, 10:21 PM   #71

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي


خاطرة شاهين 👇👇❤️
أ
نا رجلُ حروب لا يرغم.
بصراعات القلب والعقل والروح متخم.
ما بين جوانحي صرح بُني من قبل التاريخ
فكيف لهوة في وجنتك أن تزلزل حصن لا يُهدم.
كل المشاعر من قبل مجيئك كانت تُعلِن تمردها حتى أتيت فصار كل تمردي مُعدَم.
والأفكار الثائرة كانت تقاتل لتنتصر بداخلي لكن عينيك أنذراني بأن لثورتي قد أرجم،
ألزمتني حد الهوى فأعلنت اعتزالي وبت عاشق مغرم.
بليتني….
فليبتليك الله
لعلك بحال الهائمين قد تعلم،
فلو أنك عن صهوة الأمجاد انزلتني قسرًا فلن أبارحك حتى ترقي كنجم في الليل المظلم


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 09:22 PM   #72

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ❤️
ازيكن جميعًا 🌹

خاطره...

إني أعيش أعتى كوارثي
فلا يعد لقائنا سوى الم.وت
لكني لن أهابك اليوم.
ولن أكتفي أن أتحصن من حربك الجائحة بالصمت.
لن أقف أمامك كخصم أعزل يندد بالسلم..
فلا يجيب سوى فراقك الباتر مخيف الصوت
إني قُت.لت على يديكِ سابقآ
فحاشاني الآن أن أهاب الموت،
حاشاني أن أقبل أن يعود ما مضى
بعدما فتكت بي إرادتك التي لا يوقفها رفض
ولا يمنعها صد.
بلوتني بوجع ووشم لا يزول
يترفع الزمن عن محو أثرهما كما أنت.
إني حطامك الذي عبرته،
ورماد حريقك الذي أشعلته
حين رفضت الحقائق وتعنت.
عالق أنا بانتمائي لعشقك أنت.
عالق في ورطتي التي لا سبيل للخلاص منها فعلت.
عالق حد أن ملّني الصبر ومللت.
فلا تنتظر مني الصمود أكثر
ألا يكفيك معجزة أني صمدت.
لكني في طريقي إليك أرخي حصوني
، لتصير مواجهتنا كارثة كما توقعت.


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-08-22, 09:38 PM   #73

nagah elsayed

? العضوٌ??? » 266456
?  التسِجيلٌ » Oct 2012
? مشَارَ?اتْي » 922
?  نُقآطِيْ » nagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond reputenagah elsayed has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير
ممكن اعرف مواعيد الفصول امتى


nagah elsayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-22, 02:59 AM   #74

ندى الابراهيم
 
الصورة الرمزية ندى الابراهيم

? العضوٌ??? » 275510
?  التسِجيلٌ » Nov 2012
? مشَارَ?اتْي » 492
?  نُقآطِيْ » ندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond reputeندى الابراهيم has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم
قرائة الجزء الأول براكين من عشق
وكتير كان مميز
بشكر الكاتبه وهل رح طول الجزء الثاني


ندى الابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-08-22, 12:28 AM   #75

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الرابع عشر


ويهيء لي أني من عشقك قد أنجو
أوليس كل عاشق بالنجاة متوهم
فلا قلب قد يدرك بالحب مقدار تورطه
إن التورط في عرف العاشقين أمر ملزم
وتوحدي فيك وإن كنت من قبل لا أدركه
الآن قد ألم به العقل مسلمًا لاجتياح مبهم
فمن أنا لأتصدى لعينين عقدت عليها نبضي
وأنا أسقط في مدار أحداقهما البريء الحالم
لا وصف قد يشملكِ بين أسطري التي م.ات بها الكلام
فأنا لم يسبق لي أن كنت في الغرام متيم
متلفي أنتِ …فمنذ حضرتِ إلى أرضي… وأنا أصارع نفسي لأجلكِ خافضًا سلاحي أعد هزائمي
إني مصر على حبك وإن كان آخر عهدي بالحياة
وإن كان كداء يفتك بلا رحمة آخره قبر مظلم
فأنا لست رجل يموت على فراشه كهلًا أكل منه الزمان
بل إن الموت على حبك ربما هو إنتصاري الأعظم
قُدّر ونقش فوق جبيني أن تأخذني أنثى من ذاتي
وتغير مفاهيمي حتى أصير بكل المستحيل جازم
أن تجعلني أغير وجهتي وأنشق عن جذوري
كأنها تمنحني الهوية بأن تغرسني بين أضلعها
وترشد خطاي وتقوم تخبطي بسطوة وجودها الحاسم
لا نهاية في قصتنا قد تعلن عن نفسها فلم يعد القرار
حرًا وهناك أنثى اعتلت كل الحكايا بإرادة عازم
ربما كان مقدرًا من البداية أن نتشتت حتى نلتقي
حتى نقترب فنتوازن ويسير الحب وحده المتحكم
فللكون حكم يسير بها ومسارات تتقاطع بأجل معلم
فنحن …ما نحن سوى غريبان التقيا بخضم الحياة
لتهديني خيار بعدما عدمت الخيارات وتجعلني
أشعر بدمائك التي تجري بمجرى دمي.
عبثًا إن ظننت يومًا أن حبي لك قد ينتهي
فمحال أن يرضى من أضاءت عينيه
بعد طول عمى أن يعود إلى حجيم مظلم.
༺༻
أيتها الناشبة بين شغاف العقل كنيران أضرمت إني صرت لأجلك على وشك الهذيان، فلمن أبوح بما تفعلين؟؟؟ مدمرتي تقف على أعتاب الحشا وتضرم النيران، لا سلام سيزور
صدري بعدما ولى عهد السلام حين أحتل وجداني، عبثًا أن تدركين يومًا منطقي …عبثًا أن تفهمين مغزى أحزاني، من قال أن الحب منحة …من قال أن العشق أجنان، سيدتي لقد ثارت بين جوانحي أهوال لبركان، سيدتي لا تتوقعي مني تفهمًا فظنونك نحوي محض بهتان …فأنا رجل أقف على حافة الهاوية وبداخلي مشاعر وصلت لحدود الغليان.
༺༻
ترجّل فخر من سيارة سمراء يرفع عينيه بحزن شديد نحو المنزل الذي عاد إليه بعدما أمضى في المشفى عدة أيام مرت عليه وهو في حالة من الصراع النفسي المقيت، عدة أيام أدرك فيهما معنى ألا يجد ليل من حوله فيتعرى ظهره وتنخفض هامته ويضيق صدره، لقد امتنع ليل عن زيارته منذ ذلك اليوم الذي أمسك فيه بيهدين تتسلل إليه، كما امتنعت هي أيضًا عن إعادة زياراتها حتى ولو للحظة قد لا تغير الكثير من الأمور بالنسبة إليها لكنها كانت ستمنحه بعضًا من السكون والطمأنينة، كأنهما تواطأا معًا على منحه أيام من الجلد المميت لحواسه التي لا تشعر بمعنى الحياة والتفاعل مع ما حولها سوى وهي في حضرة ليل أو على الأقل وفي أكثر حالاته بؤسًا ولوعة حين يشعر بها قريبة جدًا كأنها باتت تسكن الشريان وتعمر فيه مساحات موجعة كأنها تحتاجه قسرًا فلا يرد ذلك الزحف إلى خلاياه سوى باستسلام هاديء ومشاعر متورطة إلى حد كبير كما هو حاله الآن، خرجت من شفتي فخر آهة نادمة متحسرة خافتة متلونة بالحرقة قبل أن يلتفت ليخرج حقيبته من السيارة فتسرع سمراء والتي استدارت حول السيارة في مساعدته وهي تقول
" اتركها سأدخلها أنا، لا بأس ليست ثقيلة "
نظر لها فخر بتأثر وقال
" أنا بخير سمراء، يمكنني حمل ألف حقيبة لكن ما بصدري لست بقبلًا له، فأنا لن أتحمل خصامه لي أكثر من ذلك، لن أتحمل أن يجافيني وهو يشعر بأني خذلته " قالت له سمراء التي أغلقت باب السيارة بعدما حمل الحقيبة بيده السليمة
" فخر أطمئن أنت تدري أنه يمنع نفسه عنك بشق الأنفس، وأنه بمجرد أن يراك سيسقط قناع جموده وسيأخذك بين أحضانه، أتدري.. أنا منذ دخولك المشفى عاجزه على التعامل معه، حزنه عليك …خوفه وقلقه أتعبوه جدًا واتعبوني معه، لذلك كن متفهمًا لما يمر به وحاول إحتواء ثورته وأنت متفهم أن هناك فرق كبير بين من يثور عليك ومن يثور لأجلك "
هز فخر رأسه بطاعة كأنه طفل تائه دون كف أخيه التي تشد عضده وتتمسك به في غمار الحياة ثم قال بامتنان
" أتعلمين يا سمراء أن أجمل ما فعل ليل لنا أن تمسك بكِ بكل استماتة كأنه يدرك أننا لن نحظى أنا وهو بهذا العمر بأم سواكِ، لن نحظى بقلب يعاملنا بحب وعطاء لا يشوبهما خفايا سواكِ، لن يشعرنا بمعنى البيت والأسرة ولهفة الأحبة والدفيء سواكِ …أنت أعظم ما حدث لنا " ترقرت الدموع بعيون سمراء التي نظرت لفخر بتأثر وقالت
" في الحقيقة ..ليل هو أعظم ما حدث لنا معًا لذلك أرجوك فخر تحمل اضطراب مشاعره وتفهم انفجاره إن حدث ولا تخشى شيء أنا في ظهرك، أنت أخي الصغير ..دومًا الصغار لهم مكانة تختلف" قال لها فخر
" سأفعل كل ما يمكنني فعله " مسحت سمراء دمعة تسللت إلى طرف عينيها وتحركت فتحرك فخر بجوارها يتبع خطاها شاردًا ليوقفها سائلًا قبل خطوات من باب المنزل الخارجي بصوت شعرته متخم بالنجوى والجوى
" هل تظنين أنها أحبتني قط أم أنها فقط كانت تتلاعب برجل أبله مراهق المشاعر مثلي …متعطش للارتباط والحب وإن أنكر…هل تظنين أنها ربما ولو للحظة اهتمت لأمري حقًا، أنها تألمت لأجلي …أنها أدركت مقدار معاناتي وحاولت مساعدتي، هل هناك أملًا أن أكون لها أي شيء غير كوني لعبة بيديها "
تنهدت سمراء تم التفتت له قائلة بهدوء
" فخر أنا لا أعرف تلك الفتاة لكني أعرف شيئًا آخر …هناك دوما للحكايا وجهان، أظن أن ما حدث معك غير مقبول مطلقًا لقد كدنا نفقدك لكني في الحقيقة لا أحملها ذنب ذلك كاملًا فأنت بهشاشتك ومخاوفك واضطراب مشاعرك كنت ضعيف قابل للعطب، ودعني أسألك سؤال مهم جدًا ؟؟ ماذا لو لم تظهر الفتاة …ماذا لو كنا جميعًا مازلنا نظن أنها محض وهم، تخيل كم كان ليكون الوضع كارثي، الفتاة جازفت وجاءت إليك رغم علمي من مأمون بأنها تصاب بحالة هلع حين ينظر لها شخص غريب بشكل مباشر فما بالك في كونها اقتحمت لأجلك مشفى، صدقًا أنا لا أحاول تجميل موقفها أو الجانب النسائي بداخلي ينصرها لكني أنظر للموقف بشمول، وأريدك ألا تغوص في عمق مشاعرك الموجعة فهذه الفتاة مهما شعرت بالأذى منها فهناك حقيقة مؤكدة …أنها تهتم لك، ربما يختلف ذلك الاهتمام عما تصبو إليه ..لكن ظلمًا منك أن تفترض أنه غير موجود وتتحامل عليها أكثر لأنك لا تستطيع التعامل مع غضبك منها.. فهذا ليس الحل …وعلى كُلٍ لقد رحلت لحال سبيلها …أليس كذلك"
سؤال محطم لقلبه، سؤال لا إجابة له سوى وجع بلا نهاية …لذلك ترك فخر العنان لوجعه ليتفشى أكثر وهو يتحرك للأمام تاركًا الإجابة لتصل سمراء التي ظهر على وجهها التوتر وأسرعت لتفتح الباب مدركة أن تلك تمكنت منه وانتهى.
༺༻
كان ليل يقف متواريًا خلف النافذة يراقب وصوله بقلب متلهف حزين، يرى عودته التي ربتت على قلبه المنحور ونزلت عليه بردًا وسلامًا، ولكن عينيه لا تخلو من خذلان وغضب وشيء آخر جعله يرتدي ذلك الوجه الحازم الذي يرتديه الآباء حين يصيبهم القلق البالغ على أبنائهم، أو حين يجبرون للقسوة على أبناءهم من أجل تقويمهم ودفعهم للطريق الصحيح، وجه حاسم لا تهاون فيما يصدر عنه وقد شعر بالخطر لأول مرة يحاوط فخر ومحال أن يقف مكتوف اليدين حتى وإن توجب عليه تقرير مصيره عنه إن كان هو عاجزًا عن ذلك …راقب كسرة عينيه بقهر شديد…راقب تهدل أكتافه بحسرة …وراقب حديثه مع سمراء بامتنان بالغ لها، فقد أبدت تفهمًا ودعمًا واحتواء ومودة بالغة نحو الوضع بأكمله الايام المنصرمة، حين سمع ليل الباب الخارجي يُفتح تحرك ليجلس على أريكة مقابلة للنافذة بجمود تام ليس مستعدًا للدخول في أي نقاش مع فخر الآن، بل يريد أن يرتب ما يفكر به قبلًا لكن فخر الذي اندفع يبحث عنه لم يترك له تلك الفرصة وهو يدخل عليه الغرفة قائلًا بلهفة وخجل
" أخي "
همّ بالاقتراب يحني هامته ليقبل رأسه ويده ليمنعه ليل وهو يقف قائلًا
" هل أصبحت بخير"
وقف فخر مجروحًا من استقباله الجاف وقال
" الحمد لله، أطمئن …اشتقت اليك يا أخي …افتقدت وجودك من حولي …أنا أسف لما حدث ف…
قاطعه ليل قائلًا
" وفر اعتذارك فليس له داعي، وفره لأن الحديث لن يحل هذا الموقف، شعورك بالأسف لم يكن ليفيد لو أني فقدتك …كلمة أسف لن تصلح من شيء مطلقًا "
ظهرت الدموع بعينا فخر الذي قال
" أرجوك ليل …
قاطعه ليل هادرًا
" لماذا ترجوني فخر …لأسامحك…ماذا هل تظن نفسك دعست قدمي في فورة ما حدث، لقد دعست قلبي، كيف بربك أقدمت على ما أقدمت دون أن تفكر في "
قال فخر بصوت يهزه بكاء مكتوم
" ليل أنا كنت متعبًا، كنت ممزقًا ما بين ظنوني ومشاعري وفقدي، لأول مرة أشعر أن قلبي ليس بموضعه …ليس بصدري …كأنها مدت يدها بين أضلعي وانتزعته في قبضتها التي أحكمتها من حوله "
قال ليل بغضب وقسوة رأى أنه لابد منها
" كل ما تقوله ليس مبرر لما فعلته بنا…فحين يضعف إيمانك إلي تلك الدرجة وتُقدم على معصية كهذه لا يستهان بها، حين تكن تحت سماء الله وفي معيته و تسمح لنفسك بالخروج من رحمته بميتة كتلك، حين تقدم على الكفر والقنوط من رحمة الله لأنك تركت المجال لصغيرة مثل هذه أن تتلاعب بك وبنا فأنت لست رجلًا، لا تعرف ماذا يعني الإيمان بالله لا تعرف ماذا تعني العائلة، لا تهتم لآلام من حولك، لا يعنيك الأرواح المعلقة بك، أنا صدمت فيك، صدمتي في أن ما بيننا هش قد يهتز ويتزلزل حين يميل قلبك لفتاة…. فأنا حين مال قلبي والتوى ميلًا كنت أنت في مأمن من ميله والتواءه لما بربك جعلتني أمر بهذا "
اندفع فخر يلتقط كف أخيه ليقبلها معتذرًا لكن ليل سحب يده بقوة وهو يقول
" لا تحاول فأنا لن أرضى حتى توقف هذه المهزلة "
قال فخر باندفاع
" أخبرني عما يرضيك أخي وانا طوع يدك، مهما كان أمرك سيكون سيفًا على عنقي "
قال ليل بصوت قاطع وهو يمسكه من تلابيبه ويهزه بعنف
" قلبك هذا الذي يؤلمك حد التطرف ونحر معصمك عليك أن تختار ساكنيه، عليك ألا تسلمه سوى لابنة أصول على خلق ودين تدرك أن التلاعب بالبشر هو قمة الاستهتار وانعدام التربية، عليك أن تربطه بإنسانة تحتويه وتحافظ عليه وتخلص له لذلك لقد قررت أن نخطب لك فأنا واثق أنك تعلمت درسك جيدًا وأدركت ماهية تلك الفتاة "
تجمدت الأنفاس في صدر فخر بصدمة وقلبه المستنكر ارتج رفضًا وملامح يهدين التي طبقت في جوارحه أضحت حاضرة تسأله بالله ألا يقس أو يخون فوقف مُمَزقًا ما بينها وبين أخيه لتتدخل سمراء تقول معترضة
" ليل هذا القرار مبكرًا جدًا على إتخاذه، ليتعافى فخر مما هو فيه ويسيطر على مشاعره وبعدها ….
قاطعها ليل قائلًا كأنه يعلن أنه قد أخذ القرار ولن يستمع لأحد
" ليكن رجلًا كما آمل وكما ربيته ويجبر نفسه على التعافي وعبور تلك الزلة بحفظ نفسه وجوارحه داخل علاقة صحيحة، سأحدث بشر اليوم لكي يهاتف منذر لنذهب معًا جميعًا لارض العزايزه، وسنطلب من الشيخ عبد الرحمن يد أخت زوجة منذر فقد شعرنا جميعًا بإعجابك بها في أفراح العائلة "
قالت سمراء بتفكير
" أصالة العزايزي "
قال ليل مؤكدًا
" نعم …الفتاة خلوقة وابنة رجال ومتعلمة وألف من يتمنى ودها، هذه من تليق به …وهذه من يسلمها قلبه واسمه وهو مطمئن …وهذه من ستساعده ليتخطى ما حدث ومن ستجعلني مطمئنًا عليه من الخطر الذي يحوم حوله "
نظرت سمراء لفخر بشفقة فقد بدى شديد الاضطراب يكبت الكثير من الانفعالات والمشاعر ورغم ذلك لم يكن ليعصي أمر أخيه فيكفيه ما ناله منه فاندفع يلقي نفسه بين ذراعي أخيه الذي ترك تلابيبه واحتواه بقوة وهو يسمعه يقول
" أمرك أخي …أمرك وإن كان للقلب أمر سواه فلا يبقى بالعقل أمر يعلو على أمرك …أمرك نافذ "
أغمض ليل عينيه يتنفس براحة وهو يقول
" سلم لله أمرك، واعلم أني أفعل ذلك لأجلك "
سقطت دمعة من عين فخر توارت في ملابس أخيه وبينما رأسه تميل على كتفه كأنه يتوارى به من الدنيا شعر أن يهدين تنظر لعمق عينيه وتشاركه البكاء لا يدري وجعًا أم ذنبًا لكن في كلا الحالتين كانت تشاركه كل ما يحدث.
༺༻
في نفس الوقت وبالمدينة الساحلية كانت بهية تركب سيارة أجرة ففرط الشعور بالسعادة دفع كل ما بها يرتجف لدرجة جعلتها غير قادرة على القيادة التي لم تصبح متمكنة فيها بعد، كانت تنظر من النافذة إلى الطريق فتشعر كأن بهجة قلبها جعلتها ترى الكون كله جميل بشكل غير مسبوق، البشر ملامحهم ازدادت بشاشة والتفاصيل أضحت أكثر سحرًا،
والحماس كان واضح على لغة جسدها التي كما لو أنها لطفلة حل عليها العيد مغدقًا عليها بكل المشاعر التي اشتاقت لها سنوات طويلة كانت قد ملت من عدها لدرجة تشعرها أن ما مضى عمر بلا عدد، في كف يدها اختبار الحمل تنظر إليه دون توقف …تحصي العلامات داخله ببطء، كأنها تتأكد أنها ليست متوهمة للمرة العشرين على الأقل لتتوقف السيارة والسائق يقول
" لقد وصلنا "
أسرعت بهية تفتح حقيبتها وتخرج منها ورقة مالية تعد ثلاثة أضعاف ما يجب عليها دفعه وقالت
" تفضل وشكرًا لك"
همّت بالترجل ليسرع السائق قائلًا
" انتظري لأنقدك الباقي يا مدام" قالت بهية
" لا داعي ..توكل على الله" وهمّت بالترجل مجددًا لترى منذر ينزل من الشركة ويتحرك نحو سيارته التي أحضرها له مسؤول تنظيم السيارات فركبها، فتحركت مسرعة تناديه وتلوح له لكنه لم يلحظها لذلك انطلق… فعادت مسرعة نحو سيارة الأجرة ومازالت ابتسامة حالمة تتسع على شفتيها وقالت
" من فضلك اتبع هذه السيارة، أنه زوجي ساهاتفه ليتوقف على جانب الطريق لكن فلتلحقه "
قال الرجل
" أمرك سيدتي "
ثم انطلق مسرعًا يتبع منذر الذي حاولت بهية مهاتفته أكثر من مرة لكنه لم يُجِب فقالت للسائق
" أنه لا يجيب، مؤكد هاتفه صامت، سأحاول أكثر ربما انتبه لهاتفه لكن من فضلك لا تفقد أثره"
هز الرجل رأسه بطاعة ونفذ أمرها بينما هي ظلت تتخيل كيف سيتفاجيء برؤيتها، وكيف ستفاجأه بأمر الحمل …وكيف سيكون رد فعله وترسم لنفسها تفاصيل تود في هذه الحياة لو تعيشها مرة واحدة فقط.
༺༻
توقفت سيارة منذر وترجل منها ليراه السائق الذي اقترب أكثر حتى توقف خلف السيارة وقال لبهية
" سيدتي زوجك ترجل ها هو يسير نحو منطقة المنازل البحرية هل تريه "
قالت بهية بحماس كبير
" نعم، من فضلك انتظرني هنا فلربما لديه عمل وسيتحتم عليّ حينها الرجوع معك "
قال السائق بلباقة
" سأكون في انتظارك سيدتي " أسرعت بهية تسير خلف منذر الذي كان يسبقها بعدة أمتار محاولة أن تناديه لكنها تحرجت من لفت أنظار المارة والذين كانوا يستنكرون مظهرها الخارجي بمكان منفتح كهذا ورغم ذلك تجاهلت كل النظرات التي قد تكدر عليها صفو لحظتها وأكملت طريقها لتصعد ثلاث درجات حجرية نحو باب المنزل الزجاجي لتجد نفسها متوترة وهي تفكر أن ربما زوجها بالداخل ضيفًا لدى صديق له، أو ربما يجلس وسط رجال، ألا يعد ما تفعله تهورًا لا يليق بسنها ولا مكانة زوجها، لذلك حاولت مهاتفته في محاولة يملأها الاصرار على مشاركته سعادتها ليفتح الباب الزجاجي فجأة وتظهر منه إمرأة ترتدي ثوب سباحة جريء لدرجة من الفجاجة جعلت بهية تتراجع للخلف عدة الخطوات بصدمة ونفور لتتأملها المرأة باستغراب وتقول
" من تريدين، هل أنت تائهة " هزت بهية رأسها في حركة غير مفهومة تكاد لا تستوعب ما تراه وهي تقول بصوت متقطع
" زوجي …منذر، يبدو أني أخطأت المدخل عذرًا منك، ربما هو المدخل الآخر ..أسفة"
في تلك اللحظة صدح صوت منذر يقول
" هانيا هل انتهيتِ "
ارتكنت هانيا على الباب بوضعية استعراضية وقالت
" أنا بالخارج منذر، أسرع فهناك من يريدك "
كانت بهية تطبق كفها على اختبار الحمل بقوة وعينيها تترقب لحظة ظهوره ليظهر مجردًا من جميع ملابسه يرتدي زي سباحة هو الآخر ويقول
" من "
لتقف الكلمة في حلقه وعينيه تتوسعان بصدمة وهو يقول كأنه يتأكد
" بهية "
حركت بهية عينيها بينهما وهي تبتلع غصة مريرة وسألته بهدوء شعره منذر خطرًا كبيرًا
" من هذه ؟؟؟ "
سؤال إجابته مخزية لكنه لم يكن ليكسر نفسه أمامها فهو قد استكفى انكسار أمام نساءه لذلك قال بثبات يدعيه
" زوجتي "
صمتت بهية تتأمل الأخرى بنوع من الفجيعة ثم أسبلت أهدابها عنها تستشعر ذلك الدمار الذي أحل بسعادتها قبل أن تسأله بهدوء تام " هل هو زواج شرعي معلن ؟؟" سؤالها كان كصفعة هوت على وجهه فأفاقته للواقع الذي يعيشه، للموقف الذي يتعامل معه، لمدى انحدرت حقارته، امتد الصمت المشحون بصراع النفس قبل أن يقول منذر بكذب محافظًا على المتبقي من كرامته المهدرة
" نعم "
فتسأله كأنها تبحث باستماتة عن مخرج لنفسها من تلك الصدمة
" إذًا العائلة تعلم بزواجك " أطلقت هانيا ضحكة خليعة جعلت منذر يزغرها بعنف قبل أن يلتفت لبهية عاجزًا عن الرد لتنظر له بأعظم شعور بالحسرة انتابها يومًا ما وهي تقول
" مبارك لك ، جعلها الله زيجة العمر بإذن الله"
تنفس منذر بعنف ورد فعلها كان يملأه بالرعب عليها، لقد بدت خاضعة تمامًا غير قادرة على أخذ خطوة الاعتراض حتى وهذا أوجعه جدًا وذكره بحاله حين فرض عليه إلقاء يمين الطلاق قسرًا لتسلب منه إرادته وكبريايه وشعوره برجولته لترفع بهية نقابها فيظهر وجهها فاتن القسمات والذي صار يعكر صفوه حزن وانكسار كانا كخنجر ضخم انغرس في حشاه لتفاجئه وهي تقول بارتباك شديد
" لقد ذهبت إلى الشركة لمقابلتك لكني وجدتك تخرج منها فتبعتك دون تفكير لكي أخبرك أني …حامل "
نطقت الكلمة التي تردد صداها بين جوانجها بوقع عميق موجع، ثم التقطت أنفاسها قدر استطاعتها وهي تبتسم ابتسامة مقتولة على شفتيها وتنظر لهانيا قائلة
" العقبي لكِ، وآسفة على التطفل" ليسقط منها اختبار الحمل وهي تستدير بسرعة لترحل ركضًا فيندفع منذر ليتبعها وهناك شعور كارثي يجتاح خمول عقله لتوقفه يد هانيا التي قالت بعصبية " جواز من الشرعي والمعلن …لماذا كذبت عليها "
نفض منذر كفها عن ذراعه بعنف ثم ركض مسرعًا ليلحق ببهية لا يدري ماذا سيقول أو كيف سيبرر لكنه أراد في تلك اللحظة إدراكها أكثر من أي شيء تمناه مطلقًا،
أكثر مما تمنى أن تسمعه أسمهان وتمنحه فرصة، لقد كانت في تلك اللحظة بهية لمنذر غاية ليتها تدرك، ليراها تركب سيارة أجرة وتنطلق راحلة فيقف في منتصف الطريق يتابع رحيل السيارة وهو يرفع ذراعيه فوق رأسه شاعرًا أن هناك خسارة غير محتملة تلوح في الأفق، خسارة كبيرة ستدمر حياته أكثر وأكثر …خسارة صعبة التعويض …فماذا يفعل بنفسه بحق الله.
༺༻
في نفس الوقت داخل منزل مأمون الصالحي كانت سجى تقف بابتسامة ناعمة وبرقيها المعهود لتستقبل بشر وبتول قائلة " أهلًا وسهلًا…تفضلا "
ابتسم لها بشر وقال
" أهلا بكِ سجى، كيف حالك وكيف حال نوراي "
أجابت مبتسمة
" فتاتي الرقيقة بخير هي وأخيها يا بشر "
ادعى بشر العبوس حين ذكر جواد الصغير وقال
" نعم لدي علم أن صغيرك بخير، فهو يكاد يقيم لدينا حتى وهو ببيتك "
ضحكت سجى وقالت
" نعم أعلم فجواد لا يلتزم بقوانين خاصة إذا تعلق الأمر بتولين "
قال بشر بصدق
" لا شيء يتعلق بهما قد يخضع لقوانين ….أنهما يخضعان كل ما حولهما ليسير طوع بنانهما " هزت سجى رأسها وهي تتقدمهم نحو غرفة المكتب وقالت
" من فضلك لا تقارن تولين الكبيرة بالصغيرة، فالصغيرة هذه أفسدها الدلال "
ثم التفتت لبتول المتوترة تربت على كتفها بلطف وتقول
" عذرًا منك يا بتول ..أخذني الحديث عن الصغار …مأمون في انتظاركما …ماذا تشربين" قالت فتون
" لا شيء …لا تتعبي نفسك …شكرا لكِ "
ابتسمت سجى وقالت
" لا تعب بالأمر ..أتعلمين اتركي أمر ضيافتك لي، أنهي فقط أمورك مع مأمون وسأنتظرك لنقضي بعض الوقت سويًا "
هزت فتون رأسها وهي تخطو داخل الغرفة ليقف مأمون بهيبة موترة يستقبلها ليتأمل بتول ويقول " زيارة غير متوقعة كما قال بشر، أهلا بتول …تفضلي " جلست بتول على المقعد المقابل للمكتب فيما جلس على المقعد المقابل لها وهو يقول لمأمون
" كما أخبرتك بالهاتف، الأمر معقد وعليك أن تستمع له بنفسك منها "
قال مأمون لبشر
" لا بأس …فالأمور المعقدة أحيانًا تكن أوضح ما يكون، ما الأمر بتول …كيف أستطيع مساعدتك "
ظهر التوتر الشديد على وجه بتول التي قالت
" سؤال مبدئي ستكون إجابته كفيلة لدفعي لإكمال أسئلتي سيد جواد، هل تظن أن هناك علاقة تجمع بين والدك وفيلو ….وقبل أن تجيب أرجوك أعلم أني لا أسأل مجرد سؤال عابر ناتج عن تخمين أو فراغ فكري بل حسب علمي أن السيد جواد كان متشعب العلاقات مع الحكومة الخارجية، انتقائي جدًا فيمن يتركه ليخترق عالم أعمالكم خاصة وأني أعلم أن السيد بشر وأسرته كانوا محاطين بتهديد استمر لسنوات من شخص خطير …حشاد الأحمدي…وهنا يأتي السؤال كيف ترك والدك المجال لفيلو ليصبح شريكًا لكم فزوجي حينها كان يمتلك ماضي بشعًا وحاضر غامضًا وكما ترى مستقبلًا مجهول "
تفرس مأمون بها قبل أن يرخي ظهره للخلف ويتبادل النظرات مع بشر قبل أن يقول
" وضحي سؤالك أكثر يا بتول …فإن تعذر عليّ فهم المغزى من السؤال قد يتعذر عليّ إيجاد الإجابة الصحيحة من أجلك " حركت بتول عينيها ما بين جواد وبشر وقالت
" هناك حلقة أحتاج لفهم سر اتصالها ببعضها، أسماء بعيدة كل البعد ولكن يربطها شيئين
الغموض …وتسلسل الأحداث …هناك شيء عاد من الماضي وسيجعلنا جميعًا لسنا بأمان، لذلك عليكم مساعدتي وخاصة أنت سيد مأمون "
تحسس مأمون فكه بتفكير وظهر على وجهه الحذر الشديد ثم سألها مباغتًا
" وأنتِ بتول هل لو وجدت لدينا ما تحتاجين إليه من مساعدة وصراحة هل ستكونين قادرة على مبادلتنا ذلك بصراحة مطلقة من جانبك "
تلجلجت وقالت بصدق
" قدر استطاعتي سأكون أعدك " سألها مستفسرًا
" وهل هناك ما هو فوق استطاعتك "
أجابته
" للأسف الشديد نعم "
كان نظرات بشر لمأمون تشع وجلًا فطمأنه مأمون بنظراته قبل أن يقول
" هذه ليست إجابة مرضية لي، إن أردتِ أخذ وقتك في التفكير فلكِ كل الوقت لكن لتعلمي أني لن أقبل سوى بصراحه مطلقة من جانبكِ، ذلك الجانب الذي يستعصي عليكِ البوح حاليًا سيجبرني على إنهاء هذا النقاش حتى تستطيعين الخوض فيه " قالت بتول معترضة بتشتت
" لكن…
قاطعها بشر هذه المرة قائلًا
" بتول أنتِ تضعين أسماءنا في دائرة غريبة وهذا أقل ما يمكننا مطالبتك به، حديثك عن تولين مازال يدوي بعقلي لذلك لا تنتظري من أحد منا التورط في أمر قد يكون غير ظاهر لنا بأكمله …وواضح وضوح الشمس "
فركت بتول كفيها بتوتر وقالت
" طلبكما لا يقارن بمطلبي، أنتما هكذا تعقدان الأمور "
قال مأمون
" بالعكس نحن نحمي أنفسنا مما يجعلك متوترة إلى هذا الحد " نظرت له بتول قليلًا تغالب مخاوفها لتتحدث وحين لم تستطع وقفت أمامهما وقالت
" سأنتظر مع سجى بالخارج " ثم انسحبت لينظر بشر لمأمون ويسأله
" ماذا ترى"
أجابه مأمون بتفكير
" أرى أن علينا أولًا أن نتأكد أن تولين لا تخفي عليك شيء يا بشر"
صمت بشر مفكرًا وفي صمته كان هناك زوبعة مخاوف تكشف عن نفسها وتستعد لتعلن عليه الحرب.
༺༻
يا شاهقة مثل الجبال في قلبي إني بعينيك أفتن.
توقفي سيدتي عن الترحال في شرياني فسحرك بالنبض يستوطن.
توقفي بربك لأستعيد ذاتي التي أربكت مواقفها باجتياحك المعلن.
تمهلي يا غازية في غزو كياني فأنا رجل لست بمحصن، رجل لم يكن له في الحب باع ولم يسبق أنه بغزل النساء تفنن.
صخر كان لا يهتز له طرف فمن كان بزلزال روحه يتكهن، من كان ليعلم أنه للأشعار سيردد ويدون.
من كان يصدق أنه للفرص سيدبر ويتحين.
من كان يظن أن يحتل السهد عينيه التي كانت بالنوم تتوسن. كأنك انقلاب وحل على عالمه وليس في القادم هدوء يضمن.
༺༻
ما نفع البكاء …ماذا يغير البكاء …وهل تطفيء الدموع نيران القلب أن تزيدها أجيجًا وتجبرًا، كانت يهدين تستمع لما يدور بمنزل فخر والقهر يتزايد بداخلها حتى نشب كحريق توغل بها و أهلكها من رأسها حتى الاصابع، لم تكن تريد سوى الاطمئنان عليه خاصة بعدما تخلى عن هاتفه تمامًا فترة بقاءه بالمشفى أو ربما اشترى آخر لا تعلم حقًا، لكن قلقها الشديد عليه والذي مزقها لأيام جعلها بعد صراع طويل جدًا تقدم على اختراق هاتف زوجة أخيه والتي أحبتها وأحترمتها للغاية لشدة ما تعتني بفخر وتهتم لأمره، لم تكن تخطط سوى لسماع صوته والتأكد أنه بخير وبعدها ستنسحب مهزومة لتلملم زيول حسرتها وخسارتها تاركة إياه ليتخطى ما حدث وينعم بحياته التي لن تحاول مطلقًا أن تعلم عنها أي شيء لكن القدر كان لها بالمرصاد وجعلها تتذوق علقم الكلمات التي سعت بنفسها لتسمعها، جعلها تدفع ثمن استراقها السمع غاليًا …فحين أمره أخيه بالزواج من أخرى شعرت كأنه صوب سهم مسموم نحو قلبها الذي انفطر وجعًا وحزنًا، شعرت أن صرح حبها الضخم ينهار فوقها خامدًا فيها أنفاسها دافعًا بالنبض ليموت ولو بقيت الأنفاس عالقة، نحبت يهدين ليتحول نحبها لعويل اشتد واشتد حتى شعرت أنها قد تموت من عنف بكائها لينقذها صوت الرسالة التي وصلت إلى جهازها اللوحي فتجمدت تكتم نحيبها بقوة وتعد داخلها إلى عشرة محاولة أن تهدأ نسبيًا مجمدة كافة مشاعرها بمكان قصي داخل صدرها وهي تتحرك من سريرها تتوجه نحو الطاولة البيضاء النصف دائرية الموضوع فوقها الحاسوب لتتفقد الرسالة ثم تتنفس بعمق شديد وهي تخرج مناديل من جيب سترتها الرياضية لتمسح وجهها ثم ترفع القلنسوة لتخفيه تمامًا وهي تحمل الحاسوب وتتحرك نحو باب الغرفة لتتوقف أمامه مباشرة لتضع يدها اليسرى على قلبها تتحسس نبضه وهي تقول
" حكم أنقذني من الموت، وكنت أراك يا حبيبي منقذي من الحياة، أعدك فخر وإن نسيتني لن أنساك بل ستظل بقلبي خاتمة كل الأشياء التي تمنيها "
سالت دموعها فاغمضت عينيها بقوة تستعيد سيطرتها وتتنفس بعمق وهي تقول
" ليتك قبل أن ترحل عني كنت لي ولو يومًا، لا عدل في كونك قد تستطيع المضي قدمًا بينما أنا عالقة، ولا عدل في كوني دونك ناقصة بينما أنت تبحث عن أخرى تكملك، لن أقول ليتنا لم نلتق فستظل عينيك اللتان احتلا عقلي أفضل ما صرف عني ذكريات الماضي…ستظل باقيًا بداخلي وان لم تكن لي فليس لأحد أن ينزعك من داخلي …حبي لك هو لي ولن ينزعه أحد من صدري "
عادت لتربت على قلبها تخدره عن الوجع بكلمات تغير الواقع أو الحقائق ولن تداوي الوجع.
༺༻
بعد دقائق طرقت يهدين باب مكتب حكم ثم ولجت إليه لا تقدر على رفع عينيها نحوه أو اختراق حاجز الصد الذي رفعه بينهما منذ ما حدث، كانت واهنة متألمة تكافح لتتماسك وتكون بقدر الإمكان داعمًا له في الوضع الكارثي الذي يحاوطه من كل إتجاه، ليرفع حكم عينيه نحوها يتفرس بلغة جسدها فيقرأها كأنها كتاب مفتوح هش الصفحات ورقيق المحتوى، لقد كانت كأنقاض أنثى أطاح بها الهوى فبدأ الحزن يتغذى على وجعها ويتضخم إلى حد أن ابتلعها، كانت يهدين منكسرة القلب والروح، معطوبة كما لم تكن من قبل وهذا زاد من غضبه وجعله يريد معاقبتها أكثر لكي لا تتجرأ وتخالف أوامره وتضع نفسها في مواجهة بركان لا تدري عن ثورته شيء …فما الحب سوى فقد …نفقد قلوبنا حين ترحل عنا نحو من نحب ….وحين يرحل من نحب ترحل قلوبنا معهم فنعيش فارغين من الداخل …أجساد بلا قلب …أموات لم يحن موعد رحيلهم …عاشقين قلوبهم ترقد تحت التراب.
قال حكم بصوت جمد الدماء بعروق يهدين
" ماذا هل مللتِ الصمت بقوقعتك فجئتِ لتصمتي بمكتبي " شعرت بالهوان وقد بدأ الثبات الذي تدعيه في التداعي لذلك قالت " لا حكم، صمتي أنا متأقلمة معه وليس لي أن أحملك ثقله هو الآخر يكفي أنك تحملني على رأسك وبين عينيك لسنوات "
تأثر لحديثها بشدة لذلك وقف يعطيها ظهره ويقترب من النافذة ينظر منها نحو الخارج ويقول
" لا داعي لهذا الحديث يهدين، قولي ما أتيتِ لقوله ثم عودي لعزلتك "
تحكمت في موجة بكاء عنيفة على وشك التمكن منها وهي تفتح حاسوبها وتضعه على طرف مكتبه وتقول
" لقد رتبت كل شيء، أخذ مني الأمر أيامًا أعلم لكني ..
قاطعها حكم بأسلوب بدي متهكمًا " لكنكِ لم تكوني حاضرة الذهن للاسف الشديد"
قالت يهدين بغصة
" لا حكم، بل أنا لم أرد إعادة فياض لباريس حيث قد تنقطع أخباره إذا تولى مدير أعماله ماثيو الاهتمام به وإدارة شؤونه وهو في حالته هذه، فرغم إخلاصه لفياض خشيت أن تضعف نفسه إن علم بمصابه وتدفعه ليتلاعب بما بين يديه من سلطة وأموال بل فكرت أنه قد يؤذي فياض لكي لا يتعافى مطلقًا، فأنا تعلمت أن السلطة تغير النفوس كثيرًا …وأن الحذر وحده ما قد يمنح النجاة "
قال حكم بقوة
" لا لم تتعلمي شيء يا يهدين والا ما كنتِ تركتِ المجال لأحد ليفرض سطوته على قلبك " أخفضت يهدين رأسها أكثر لتنزلق القلنسوة أكثر فتداري ارتعاش فكها الذي ينذر بالبكاء وهي تتجاهل تعقيب حكم وتكمل قائلة
" لقد أعددت خطة تمويه لكي أضمن ألا يتعقبه أحد، وبحثت له عن مصحة تناسب حالته آمنة جدًا …تحافظ على سرية المرضى، بها خبراء عالميين في كافة المجالات وبعد تفكير وجدت أن طايع هو الوحيد الذي بإمكانه مرافقته إلى هذا المكان "
التفت لها حكم وسأل بعدم فهم
" طايع "
قالت له
" نعم فزوجته بالرينا معروفة رتبت لها منحة لدراسة الباليه بأكبر جامعات موسكو، كما أن هناك تجارب أداء تخص أكبر الفرق العالمية ستبدأ بعد شهر ومحال أن ترفض تلك الفرصة، هذا غير أن طايع لن يؤثرعليه الانتقال فهو رسام ويمكنه ممارسة عمله في أي مكان دون تعقيدات، لكن يبقى إقناعه هو العقبة التي سأتركها لك، طايع محال أن يوافق دون ضغط " وقفتها …ارتجافتها الواضحة …صوتها الخافت المختنق جعلوه يقول
" يهدين ارفعي رأسكِ وأنتِ تتحدثين معي، توقفي عن ضعفك هذا حالًا "
حاولت يهدين تنفيذ أمره لكن استعصى عليها الأمر فقالت ببكاء " لا أستطيع "
هدر بها حكم
" ماذا تستطيعين فعله إذًا، عصيان أمري …التورط في المشاكل، تعريض نفسك للألم " قالت يهدين بحرقة
" كفى ..كفى أرجوك "
ثم خرجت من غرفة المكتب تهرول باكية فسقط حكم جالسًا على مقعده ينظر للسقف بغضب للحظات قبل أن ينزل عينيه لشاشة الحاسوب التي انطفأت لتظهر صورة فخر كخلفية تتحرك يمينًا ويسارًا كأنه يتحداه أن يخرجه من عقلها وقلبها فاطاح حكم بالحاسوب أرضًا ليصطدم بقدم شيراز التي تأوهت بعبوس وهي تقول
" ماذا يحدث، ماذا فعلت بيهدين"
وقف حكم بانفعال جعل عينيها تتسع بخوف شديد وشمر عن ساعديه العضليين بشكل جعلها تتوجس، واقترب منها بغضب قبض قلبها لكنها لم تتزحزح خطوة للخلف وهي تقول
" عليك أن تهدأ، أسلوبك مع يهدين سيزيد الأمر سوءًا، عليك أن تتفهم مشاعرها وتدرك أن الحب أمر لا نتحكم به ف…
صمتت ولم تعد قادرة على الثرثرة أكثر وقد أصبح كالمارد يقف أمامها تمامًا ينظر إلى عينيها ويقول
" هل طرقتِ الباب حين دخلتِ " حركت عينيها بحرج وقالت
" لا فالباب…
قاطعها حكم قائلًا بحدة أشد
" هل سمح لكِ أحد بالتدخل فيما يحدث "
هزت رأسها نافية بحرج لا تجد ما تقوله ليصرخ بصوت أفزعها " هل من اللائق تسللك إلى كل مكان والتنصت على كل الأبواب والتدخل فيما لا يعنيك "
قالت شيراز محاولة الدفاع عن نفسها
" هذا لم يحدث "
قال حكم بحدة مستنكرًا
" ماذا "
قالت بتوتر
" أقصد أني لم أقترب من غرفتك"
نظر لها حكم بقوة تكذب حديثها فقالت بضيق
" هي مرة واحدة، دخلتها عن طريق الخطأ وأنا أتفقد المنزل، هذا لا يعد تسلل، ثم لا تحاول تشتيتي عن أمر يهدين "
تجاهل حكم ثرثرتها وقال بغضب " وماذا قلت بشأن ملابسك " تراجعت شيراز للخلف خطوتين وقالت
" يكفي صراخًا، قل إلى الخارج وسأخرج فورًا، لا داعي لكل هذا"
كانت رائحة شعرها الذي تجمعه فوق رأسها بغوغائية يزكم أنفاسه ويشوش أفكاره فأشاح بوجهه عنها وهو يرفع يده بحدة مشيرًا نحو الخارج ليجدها تقول
" سامحها أرجوك، يهدين تبدو متعلقة بك، نبذ الأهل يعد أسوء ما قد يحدث لنا، هي تحتاجك الآن أكثر من أي وقت مضى، إنها تغرق في مشاعر لا تعرف كيف تتعامل معها، ساعدها وقدم لها الدعم لتعبر محنتها ثم عاقبها حين تكن أكثر تقبلًا للعقاب، هي حاليًا تجلد ذاتها وهذا يكفي "
أنزل ذراعه بهدوء واستدار نحو وجهها ببطء شديد جعل طبول الحرب في صدرها تقرع ليسألها مباغتا
" هل كنتِ مكانها يومًا " حاصرها بسؤاله فابتسمت ابتسامة لا تفسير لها في قاموس السعادة، إنها ابتسامة مخادعة …متلونة بالقهر، قبل أن تتحرك مغادرة ليقطع خطواتها وهو يقول
" غياث الشافعي قابلني وعرض عليّ أمر يخص حريتك، هل لديكِ الاستعداد لتسمعي "
التفتت تنظر له بصدمة قبل أن تستدير له بأكملها تناظره بصمت ليقرأ مخاوفها ويقول
" هو لا يسعى خلف إيذائكِ بل كان يحاول عقد صفقة ربما تكون مهمة بالنسبة لكِ "
اقتربت شيراز وقالت
" أنا لدي كل الاستعداد لأستمع لك لو أن ما لديك سيغير من واقعي شيئًا "
تفرس بها حكم وقال
" ما الذي تريدين تغيره في واقعكِ تحديدًا "
أجابته
" كل شيء، أتمنى لو أحل شخصًا ما قيود الماضي والحاضر وتركني لأنطلق، الحياة تنتظرني مؤكدًا في مكان ما …حتى إن كان الموت ما ينتظرني فأنا لا أبالي ما دمت سأموت بسلام كما البشر، فلا خوف ولا أبواب مغلقة ولا دماء، يا إلهي …أنا قد أدفع عمري مقابل لحظة حرية واحدة تٌمنح لي، أتعرف أني أتمنى لو كان بإمكاني أن أصهل مخرجة كل ما بداخلي مثل الصهباء "
عادت الكلمة لتدق في رأسه كما الناقوس …فرس …فرس لتتحرك شفتيه دون أن يدري معبرة عن أفكاره فيقول
" الفرس "
هزت شيراز رأسها ليكمل بصدمة وقد أدرك ما تمتنع عن قوله
" تحسدين الفرس على صهيلها " قالت بصدق
" وعلى جموحها وإنطلاقها، على قوتها وإيبائها على حريتها " تراجع حكم بسرعة يجلس خلف مكتبه كأنه يحمي نفسه من غواية مؤكدة، فشيراز كانت تملك فتنة لا يستهان بها، فتنة قد تحسدها عليها ألف فرس …كانت إمرأة تخترق وعيه بجموح فرس، وتفرض ذاتها على عقله بشجاعة فرس، وتتواصل معه بطريقة مبهمة كما لو أنها لفرس وهذا جعله متحفزًا ينقر بأصابعه على المكتب بينهما بتوتر، يشاهدها وهي تجلس ترفع عينيها له تاركة له المجال ليقرأ ما بخلدها فتأخذه النظرة الأولى عنوة …والثانية غلابًا… والثالثة لم يدع لها المجال وهو يقول
" أخبريني بكل شيء، لا تخفي عني التفاصيل مهما كان صغيرة"
قالت له
" كيف أفعل وأنت تقرأ صمتي " ردها جمّد عيون حكم التي كانت تتشاغل عن النظر إليها، لتموج بهما نظرة مبهمة وهو يستمع لاسم شاهين لأول مرة…تموج بشكل جعله يركز في كل اضطراب هاج بداخله ليجده مقرون بحديثها الذي شعره صاعق عنيف لمشاعره التي ماتت منذ سنوات، كأنه يحاول إنعاش ما بقي من قلبه وكم كان هذا مؤلمًا.
༺༻
في نفس الوقت كان سلطان يعبر الطريق نحو باب الجامعة وعلى وجهة تعابير مخيفة تنذر بمقدار غضبه وحدة ما يعتريه، كان بصدره حرقة خانقة ورفض جنوني دفعاه للهياج أكثر دون أن يتوقف للحظة ويتفهم ماهية ما يحدث معه، لم يكن يملك من الصبر ما يجعله يتريث ويحلل ما يحدث داخله، بل في لحظة واحدة كان كالمارد يظهر أمام فاطمة التي قرأت غضبه فورًا ورغم ارتجاف داخلها ظل خارجها ثابتًا ..متوازنًا وهي تقول لعماد محاولة إدارة الموقف بذكاء لكي لا تنفجر في وجهها تلك القنبلة التي تهاوى صمام أمامها تمامًا وأضحت جاهزة للإبادة
" لقد وصل ابن عمي ليأخذني ولا أعرف بما سأبرر له وقوفي معك، فهو حامي الدماء لا يتقبل تلك التصرفات المنفتحة "
قال عماد بحرج
" لا تقلقي سأحاول شرح الموقف له في النهاية نحن لم نخطيء بشيء "
كان بداخلها رغبتان واحدة تحسها على الفرار من هول ما تراه بعينيه والأخرى تثبت قدميها بالأرض وتجعلها تستعد لذلك الطوفان الذي هدر بصوت رج جدارن الجامعة
" اسبقيني إلى السيارة "
ظهر الرفض لأسلوبه جلي بعينيها لكنه قال بحدة قاطعة
" حالًا "
تدخل عماد يقول بتوتر للموقف الذي وضعها فيه وباستنكار لحدة سلطان معها
" سيد سلطان لا داعي لذلك الأسلوب وتلك الحدة فلم يحدث شيئًا لكل هذا "
التفت له سلطان بغضب شديد يظهر من حركة جسده المكبوتة كأنه يحاول السيطرة على انفعاله بشق الأنفس وقال بحدة
" أنا لم أوجه لك حديث بعد "
ثم نظر إلى فاطمة وقال بعيون محذرة
" قلت إلى السيارة "
رغم فظاظة أسلوبه خشيتها عليه من التورط في شجار أو مشكلة مع عماد جعلاها تقول
" سلطان …أنا أريد أن أوضح لك الموقف فبينما أنا في طريقي إلى الخارج استوقفني …..
عند هذا الكلمة وكان عقال الغضب قد فرط فعاد بعينيه لعماد وقال
" أتعلم كيف أتحكم في ذاتي لكي لا أسبب مشكلة قد تلفت لها الأنظار بالجامعة، أقسم بالله العظيم إن رأيتك مجددًا في محيطها لاي سبب لن أفكر مرتين قبل أن أؤدبك كما لم يفعل والدك والجامعة التي خرجت منها "
قال عماد بحاجبين معقودين من شدة الإهانة
" هل تعرف مع من تتحدث " ارتفع طرف شفة سلطان العلوية في ضحكة متهكمة قبل أن يمسك عماد من تلابيبه بعنف ويقول
" نعم أعلم يا سيادة الضابط الذي يقطع درب بنات الناس ظنًا منه أنه لن يجد من يقف له "
دفع عماد يد سلطان عنه بعنف كبير لكنه لم يستطع الفكاك منها وهو يقول
" أخفض يدك وإلا ستدفع الثمن غاليًا، أنا لم أقطع درب فاطمة بل جئت للتحدث معها "
جن جنون سلطان وهو يقول
" فيما، هل يجمعكما أحاديث…هل بينكما ما قد يقال ..هل أبدت لك قبول …انطق " قال عماد الذي لم يعد يحتمل الموقف ولم يعد لديه أي استعداد للتهاون أكثر مع سلطان لكي لا يعقد الموقف ويبعد المسافات بينه وبين تلك التي تعلق قلبه بها
" أنا تقدمت لخطبتها، أنا لا أتلاعب ببنات الناس "
ثم فاجيء سلطان بلكمه توسعت لها أعين فاطمة ذعرًا ليلتفت له سلطان ويقول
" وهل رفضها لم يصلك، إذًا دعني أوصله لك "
دخلا الاثنين في عراك غير متكافيء ليجتمع الشباب من حولهما وأمن الجامعة محاولين الفصل بينهما وفي وسط كل هذا كانت أعين سلطان تبحث عن فاطمة التي وقفت بعيد تشاهد ما يحدث بعيون جامدة أخبرته أنها غاضبة إلى حد سيصعب التعامل معه وهذا جعل انفعاله يزداد فأصبح غير قابل للسيطرة.
༺༻
بعد قليل…
كانت تركب فاطمة السيارة بجوار سلطان الذي خرج من الشجار دون قطرة دماء واحدة بعكس عماد الذي لمحت جبهته تنزف دمًا بينما هو يتحرك نحو سيارته، لم تنبس ببنت شفة ولم تلتفت له لتتفقد حاله بل تجاهلته بصمت جعل عقله مشتت عن الكارثة التي ارتكبها للتو بتعديه على ضابط شرطة بينما كامل تركيزه منصب على عينيها الغاضبة وصمتها الذي يعلن في طياته عن اعتراض يستشعره بكل جوارحه وهذا جعله يقود بطريقة جنونية كأنه يسابق الريح ليوصلها لمنزلها متفاديًا أي لحظة تصادم قد تحدث وهو في هذه الحالة لأنه حينها سيؤذيها لا محالة، كانت غاضبة وكان غاضب وهذا جعل الأجواء بينهما مشحونة إلى حد الخطر، زاد سرعته أكثر كأنه بتلك الطريقة يجبرها بالخروج عن صمتها لتقول
" هديء السرعة لأني لا أريد الموت على الطريق، إن كان هذا هدفك لا مانع لدي ولكن أنزلني هنا وسأعود للمنزل بمفردي "
رد عليها مخرجًا كل طاقة غضبه في حديثه يقول
" اصمتي تمامًا حتى نصل " قالت له بقوة
" لا تتحدث معي هكذا، أوقف تلك السيارة حالًا
" قال سلطان بحدة
" باب السيارة يمنعك من الرحيل هنا …حسنًا …ما الذي منعك من الرحيل هناك، كيف سمحتِ لنفسك أن تقفي لتتبادلي الحديث مع شاب تعلمين أنه يحوم من حولكِ، هل أعجبكِ الأمر …أم ندمتي على رفضك الارتباط به " قالت فاطمة
" إياك أن تعاملني بطريقة تجعلني أشعر أني في وضع إتهام، أنا لن أقبل ذلك …أوقف السيارة حالًا، أتدري لا مخطيء هنا سواي لأني قبلت بالرضوخ لأمرك وركوب هذه السيارة " قال سلطان بعصبية
" ماذا هل كنت تنوين أيضًا
كسر كلمتي؟ هل مازال لديك الجرأة لتجادليني "
قالت فاطمة
" لدي الجرأة لأجادل كل من يتجرأ على الظن بي، ماذا هل تظن أن كوني بدون أب يحميني من تلك العائلة سيجعلني راضخة …منكسرة …لا والله فأنا فاطمة العطار "
كلمتها زلزلت مشاعره فنظر إليها بغضب شديد وهو يوقف السيارة بحدة وقال
" نعم أنتِ فاطمة العطار …أنتِ بذاتك من وضعت نفسك محل ظنون بوقفتك تلك، هل يعلم كل من مر بكما أنه من قطع طريقك …أنه من يطلب ودك …أنه من يسعى خلفك، لا أظن فحضرة الضابط مؤكد كأي شاب يعرف الكثيرات وبوقفتك تلك صرتي واحدة منهم، أنقصتِ من قدر نفسك حين لم تتجاهلي وجوده وتكملي طريقك كأنه لم يكن، قد أعذرك لو كنت جاهلة بشخصه لا تعرفين من هو وباغتك بقطع طريقكِ، لكن أن تقفي برضاكِ تدعي لياقة وتحضر وتفهم منكِ نحو رجل يرغبكِ ما هو سوى ….
صمت تمامًا فتوسعت أعين فاطمة وهي تلتفت لتنظر إليه منتظرة ما سيقول لتجده يثور مفرغًا غضبه في نزول كفيه بغضب فوق عجلة القيادة مرة بعد مرة فحاولت فتح الباب لتتفاجيء بكونه مغلق قبل أن ينطلق مكملًا طريقه فتقول بغضب شديد
" قل ما شئت، وافعل ما شئت فأنا لم أخطيء لأهتز من سوء حديثك، لكن من اليوم لتعلم أني حقًا لم أعد أريد معرفتك سلطان العطار "
كأنها تنطق اسمه في لحظات لا تناسب ذلك مطلقًا، فهناك مواقف تستلزم منه ثباات يضيع في تأمله لاسمه من شفتيها، البساطة التي تنطق بها الاسم كأنها اعتادت على أن تناديه لسنوات، كأنها لعمرها بأكمله كانت متربعة في كنفه تكبر بين يديه، تزدهر تحت عينيه وتصير أنثى لتجابهه وتتلاعب بسلام نفسه الذي أضحى في حالة من عدم الاستقرار منذ ظهور فاطمة العطار، لذلك هدر سلطان قائلًا
" فاطمة …اصمتي تمامًا، فما تتفوهين به الآن لم يعد خيارك، هل تظني أنك حرة نفسك لتفعلي ما يحلو لكِ، لا هذا كان ماضي وولى لكنكِ الآن تحت عيني وفي زمامي وعليكِ إدراك ذلك جيدًا " قالت فاطمة بندية
" أنت متوهم "
زغرها سلطان بنظرة قاتلة لم تعرها أي إهتمام وهي تنتظر أن تتوقف السيارة أمام البيت فتحاول فتح الباب مجددًا لتسمع صوته يقول " منذ اليوم لا ذهاب ولا إياب إلا وقدم عيسى على قدمك، هل تفهمين "
ثم ضغط زر القفل لينفتح الباب فنزلت فاطمة بغضب شديد وأغلقت باب السيارة بعنف كأنها تنتقم منه فترجل يتبع خطاها حتى دخلت المنزل وصعدت بعض الدرجات فقال لها
" لا تحاولي مخالفة حديثي فاطمة، لا تختبري صبري " قالت له
" لا أمر لك عليّ "
عقد سلطان حاجبيه وجذب الباب الخارجي يغلقه بعنف قفزت منه فاطمة قبل أن تسرع وهي تصعد درجات المنزل باكية.
༺༻
في الخارج دخل سلطان محل العطارة يغلي من تلك التي لا ترى نفسها مخطئة، يغلي من قرب ذلك الوغد منها ..من نظراته نحوها، من تودده إليها …من سعيه خلفها …كانت دمائه تفور بجنون ليراه عيسى فيقترب منه يسأله بقلق من هيئته المشدودة
" هل عادت فاطمة "
أجابه سلطان
" نعم ولكني أريدك في أمر مهم، هل يمكنك ترك المحل، أين رضا"
أجابه عيسى
" أرسل الحاج رفاعي ابنه أيوب في طلب كرم ورضا وشدد على ضرورة حضورهما فتركا كل شيء وذهبا إليه "
عبس سلطان وسأله
" هل حدث شيء لا علم لي به " قال عيسى
" على حد علمي أبدًا، لكن لعلها جلسة عرفية تستوجب وجود رجال، أنت تعرف مكانة الحاج رفاعي والتي تجعله ذا كلمة مسموعة وحكم نافذ "
قال سلطان
" الحاج رفاعي لا يرسل في طلب أحد إلا لغرض، عمومًا عند عودتهما أخبرني بما يدور لكن الآن دعني أحدثك فيما أريدك به".
༺༻
أمام بيت الحاج رفاعي وصل كرم ورضا يترجلا من السيارة ليتفاجئا بكم مهول من السيارات والرجال الوافدين للمنزل ليتوجس رضا ويتملك منه القلق أن يكون هناك ما وصل للحاج رفاعي بشأن ما صدر عنهما تجاه فاطمة فالتف لأيوب والذي يعد ذراع الحاج رفاعي الأيمن رغم كونه ليس أكبر أبنائه يسأله
" خير يا أيوب، مضيفة والدك عامرة بالرجال، ماذا يحدث" أجابه أيوب
" كل خير باذن الله تعالى، تفضلا إنه في انتظاركما "
تبادل رضا وكرم النظرات القلقة وتبعوه نحو المضيفة ليقول الحاج رفاعي بمجرد دخولهما
" أهلا وسهلا بالعطارين …أهلا بأبناء الرجل الطيب، رحم الله والدكما"
علا صوت الجالسين بدعوات متفرقة ورضا وكرم يسلمان على الجالسين حتى وصلا للحاج رفاعي فقال رضا
" دعوتك عزيزة على القلب يا حاج، جعل الله مجلسك عامرًا بالأحباب"
ربت الحاج رفاعي على كتفه وهو يقول
" أنرتم يا بني، تفضلوا …الضيافة يا أيوب "
ابتسم أيوب فهذه الكلمة لا تفارق فم والده كلما دخل عليه رجل رغم أن الخير الكثير والمكان عامر بالضيافة وأبناء إخوته يدورون دون راحة للاهتمام بهذا الأمر وقال
" أمرك يا حاج "
ليجلس رضا بجوار الحاج رفاعي في مقعد بدا كأنه متروك له لحين حضوره ونظره معلق بكرم الذي قال
" كيف حالك يا حاج، أطال الله في عمرك وأدامك لأحبابك"
قال له بخير يا بني، تفضل …زادت المضيفة نورًا بجمعتكم والله، الضيافة يا أيوب "
هز أيوب رأسه بطاعة وابتسامة لا تفارقه وقال
" أمرك يا حاج"
لتتوسع عينا كرم ورضا وهم يرون شاهين يجاوره علِيّ وأعمامه وأبناء عمومته الذين يجلسون مقابلًا لهم وسط جمع من الرجال ذوات الهيبة والشأن، التفت رضا وسأل الحاج رفاعي وعقله ربط وجودهم بمؤيد لا غيره فهو الوحيد الغائب عن الجلسة وهو الطرف الوحيد الذي يجمع بينهما
" خير يا حاج، أنا لا أفهم شيء" ابتسم رفاعي وقال
" طبعًا أنت تعرف آل الجوهري"
قال رضا بنوع من الترفع
" بالطبع، إنهم أهل خير ومعرفة خير وبيننا صلة قرابة وإن كانت بعيدة لكن كفى أنها جمعتنا بأشخاص كرام مثلهم "
قال منصور بسعادة وقد شعر أنه منذ فترة بدأ يستعيد علاقاته ويقوي موقفه ويشد من مكانته بينما بدأ نجم الشافعية بالأفول
" أكرمك الله يا ابن الطيبين، وأدام بيننا الود "
قال رضا الذي كان يحاول التعامل مع الموقف بعكس كرم الذي كان يرمق شاهين بحقد غير مبرر
" اللهم آمين، إذًا يا حاج هل حضورنا مرتبط بآل الجوهري " قال الحاج رفاعي
" نعم يا بني …فهم من جمعوا كل هؤلاء الطيبين الكرام الذين أناروا ضيافتي وزادوني شرفًا " ارتفعت الأصوات في المكان ردا على حفاوته وترحيبه ليقترب أيوب من شاهين ويقول
" الحاج يقوم بالأمر على أكمل وجه، مبارك يا عريس "
هز شاهين رأسه وقال
" أنت لا تعرف سلطان العطار، مبارك هذه احتفظ بها حتى أسمع موافقة أخيها وليعينني الله عليها صعبة المراس هي وأخيها "
لكزه علِيّ بعنف يقول
" احفظ لسانك "
تجهم شاهين وقال
" لماذا تبدو غاضبًا كأني غصبتك على القدوم معي
" قال علِيّ
" لأن هذا ما فعلته فعلًا يا شاهين لذلك اصمت تمامًا ودعنا نرى إلى أين ستصل الأمور، فأنا لست مقتنع بما يحدث "
انعقد حاجب شاهين وقال بحدة خافتة
" ماذا هل تراني أنت أيضًا لا أليق بها "
نظر له علِيّ بطرف عينه وقال
" قلت لك هذا من قبل ما الجديد" ضحك أيوب فدفعه شاهين ليبتعد وهو يهمس لعلِيّ
" توقف عن الإساءة لي وأنا أجمع الرجال ليتوسطوا لي في خطبة لا أحد راضي عنها سواي على ما يبدو "
قال علِيّ
" حماس والدك للزيجة يشع من عينيه والعائلة من خلفه تدعمك ماذا تريد أكثر، سارة حظيت بإعجاب منصور الجوهري ولن يفلتها اطمئن "
قال شاهين بحيرة
" لكنها لم تحظ بإعجاب السيدة عاليا على ما يبدو، فلن تتصور كم هي معارضة للأمر "
همّ علِيّ بالرد لكن وصول عائلة شهدان جعل المضيفة تمتلأ بالترحيب والتهليل وآصف يحاول التعامل ببساطة قدر استطاعته لكن نزعة الشموخ بداخله غالبته ليظهر بين الحضور متعاليًا واثقا ذو هيبة ومكانة يتحرك ليجلس بجوار شاهين الذي قال له تأخرت ليرد آصف ببرود
" كنت أرد لك بعضًا من أفعالك، هل توترت من تأخيري "
كشر شاهين عن أنيابه بغضب شديد لكن صوت الحاج رفاعي جذب انتباهه وهو يقول لرضا
" لقد جمع السيد منصور الجوهري كل هؤلاء الكرام ليكونوا واسطة خير بينهم وبين سلطان العطار ولكنّي فضلت أن تحضر أولًا لنتحدث معك قبل أن نذهب إليه، فأنت تعتبر كبير العائلة بعد وفاة الحاج اسماعيل وسلطان مؤكد يحترم كلمتك " تنحنح رضا راسمًا ذاته قدر استطاعته وقال
" بالطبع يا حاج أؤمرني "
قال الحاج رفاعي
" هل ستتحدث يا سيد منصور أم أتحدث أنا "
كان كرم يستشعر ما يحدث وعقله يكذب شعوره وهو يسمع منصور يقول
" الاحترام لك ولضيافتك، نحن لم نأت اليوم سوى لنستمع بكلمتك التي ستبارك الأمر بإذن الله" ابتسم الحاج رفاعي وقال
" السيد منصور يسعى إلى مصاهرتكم، ابنه الكبير يريد الزواج من كريمتكم أخت سلطان …لقد طلبها منه أكثر من مرة لكن سلطان رفض لذلك هذه المرة نريد أن نحصل على موافقته خاصة وأن الشاب لا يعيبه شيء، وكل ما يطلبه سلطان مجاب " سارع شاهين يقول لرضا بنبرة تدل على مكانته المسيطرة
" إن كان ما يقلقه هو أمر نزاعنا مع الشافعية فتلك المهاترات نساءنا خارجها تمامًا، سارة ستكون في الحفظ والصون مكرمة داخل بيتي "
دعا رضا ربه ألا يصدر عن كرم فعل جنوني حتى يخرجوا من هنا فهو يدري أن أخاه يريد سارة ولو أن ما حدث منه لم يحدث كانت لتكون الآن زوجته من عدة سنوات، لكن قلة عقله وضيق تفكيره أوقعاه في شر أعماله وهمّ بالرد ليقف كرم قائلًا بحقد موجه الشاهين
" لم يكن سلطان ليقبل بخطبتها منك لأنه لا أحد يخطب على خطبة أخيه، سارة تعد خطيبتي منذ سنوات"
عمّ الصمت وبهتت الوجوه لكن لا شعور كان يقارن بشعور شاهين الذي غمره إحساس بالخديعة، إحساس جاش بصدره يدعوه إلى الفتك بها لو أنها تركته ليستنشق عطره على معصمها بينما هي لغيره ليسمع صوت والده يقول بتوتر
" لكن يا بني حين طلبها شاهين من سلطان لم يلمح له حتى أنها مرتبطة، بل كان اعتراضه لأسباب أخرى تمامًا، وجميعنا نعلم أن سلطان رجل مباشر لا يلف حول الحقائق "
زغر رضا كرم الذي بدأ يهز هيبة سلطان وسط الرجال، حذره بعينيه لكي يتراجع عما يفعل قبل أن يسوء الأمر أكثر لكن كرم قال بغضب
" هي لي منذ سنوات وما كنت لأقف وسط الرجال وأتحدث بقوة إن لم أكن على حق "
وقف شاهين الذي اندلعت به نيران اليقين الذي يتحدث به كرم وخرج مسرعًا من المجلس فاندفع خلفه علِيّ وزكريا وآصف ينادونه لكنه لم يلتفت لأحد وهو يركب سيارته وينطلق ليقول آصف بغضب شديد
" الحقوه وإلا سيقتلها "
༺༻

بعد ما يقارب الساعة كانت سارة تجلس على طرف مكتب ملاك التي تبدو منذ أيام شاردة في ملكوت الله دون سبب واضح، تكاد لا تأكل ولا تشرب ولا تتكلم كأنها مصابة بإعياء شديد وتقول " يا ملاك أريحي قلبي، ما بك ..يا حبيبتي إن لم تخبرينا من ستخبرين إذًا.
ما يجعلك مهمومة هكذا ؟؟"
قالت ملاك وهي تفرك جبهتها
" سارة لا تقلقي إنه مجرد إرهاق عمل وقلة نوم، فأنا أعاني من الأرق منذ فترة "
قالت سارة
" حديثك هذا يدفعني لأقلق أكثر يا ملاك، بالله عليكي تفهمي توترنا جميعًا لحالكِ، عقولنا من الخوف عليكِ تتطرف في تفكيرها بشأنكِ أحيانًا، لا داعي حبيبتي لتفرضي الصمت من حولك تاركة إيانا لنحترق توجسًا لأمرك"
قالت ملاك وهي تشعر أنها على وشك الانهيار
" بالله عليكِ يا سارة ارحميني من هذا التحقيق، فأنا منذ أيام لا أنتهي من كم الأسئلة التي يطرحها كل من حولي، لقد تعبت من تكرار حديثي واجهدت من تبرير نفسي للجميع، أنا لم أعد أستطيع تحمل هذا أكثر "
قالت سارة بقلة حيلة
" حسنًا يا ملاك أنا لا أريد الضغط عليكِ لكن لو كنتِ بمحنة ونحن آخر من يعلم صدقيني لن يسامحك أو يتقبل تبريرك أحد، فنحن منذ سنوات معًا علي الحلوة والمرة، ماذا تغير ؟؟"
قالت ملاك بتعب
" لا شيء …لم يتغير شيء أو أحد سواي يا سارة، لقد أرهقت قليلا لكني واثقة أن كل شيء سيكون بخير قريبًا "
تنهدت سارة بضيق من صمت ملاك المحير وقالت
" بإذن الله، ما رأيك أن تغادري لترتاحي ولتنهي هذه الملفات بالغد، لا أظن أننا سنحتاج إليها اليوم "
قالت ملاك
" لا داعي فجميعنا سنغادر معًا بعد ساعة تقريبًا، أين حور وكنزي "
أجابتها سارة وهي تتحرك نحو مبرد صغير موضوع في ركن من أركان المكتب
" تراجعان بعض بنود العقود الجديدة لنتفادا المشاكل التي واجهتنا بالفترة السابقة "
التقطت سارة لوح شيكولاته وزجاجة مياه وقالت
" الشيكولاته التي يحضرها بشر مميزه جدًا، هل أحضر لك واحدة"
هزت ملاك رأسها موافقة لتسمع سارة جلبة بالخارج فتنظر لملاك باستغراب قبل أن تغلق المبرد بسرعة وتفتح باب المكتب لترى شاهين يقف في بهياج يتلفت حوله كما المجنون كأنه يبحث عن شيء بينما علِيّ يكبله وزكريا يحاول دفعه لخارج المكتب والعاملين تجمعوا حولهم لمشاهدة ما يحدث فقالت بصوت غاضب
" ماذا يحدث"
التفت لها شاهين يقول بغضب شديد
" أهلًا وسهلًا بابنة الأصول، التي تربت على مكارم الاخلاق، وتُفرّق بين الصواب و الخطأ، ولا تفهم في التلاعب بالرجال كال…
كتم علِيّ فم شاهين وهو يصرخ به
" ما بِكَ يا رجل، هل جننت …شاهين دعنا نرحل هيا "
وقفت ملاك تراقب ما يحدث بخوف شديد لتتولى سارة زمام الأمور وكبريائها يعلن استنفاره وتلك الكلمة التي لم تنطق قد جرحت كرامتها جرح بالغ، لذلك قالت بصوت قاطع للعاملين
" كل واحد بمكانه يا سادة، ليس أول شجار تحضروه لنا، يمكنكم المتابعة من أماكنكم"
عاد كل واحد منهم إلى مكانه يشاهد ما يحدث باهتمام بينما تقدمت سارة تجاه شاهين ترمقه بعيون تتحداه أن يتلفظ بما هم بالتلفظ به وهي التي لم تتخلص بعد من وقع لقائهما الاخير وقالت " أهلًا بك يا محترم، ما بك هل فقدت عقلك لتقتحم المكان وصوتك ما شاء الله يجلجل، فاتحًا صدرك كأنك تستعد للشجار والأدهى من هذا تستعرض مقومات لسانك العجيبة عليّ، لقد قلت لك سابقًا أني لست كنزي التي تراك بعبع …ولست بضعيفة قد يستعصى عليها رد حديثك بما هو أقوى منه لذلك الزم حدودك واحترم المكان الذي تقف به، واحترم من تقف في حضرتهم وتحدث بهدوء وأدب والا الباب يمر منه جمل وليس صقر "
نفض شاهين علِيّ بعيدًا عنه وقال
" ماذا أنتظر من خائنة مثلكِ سوى هذه السماجة في استعراض صلابتها، فأنتِ فنانة في الإقناع …لقد تلاعبتِ بي ..أكاد لا أصدق أني صدقتكِ، دعيني أصفق لكِ على صفاقتك "
جذبه علِيّ للخلف وهو يقول
" يا شاهين كفى …كفى "
لكن شاهين قال وهو يجذب نفسه " دعني أحيي تلك المخادعة علِيّ وبعدها سأرحل، مخطوبة لكرم وتجعلين شاهين يتغزل بكِ ويستنشق العطر فوق جلدك، من غيرنا على لائحتك "
شهقت ملاك من فجاجة الحديث فيما وقفت سارة متجمدة تحاول أن تستوعب أنها حاليًا في منتصف فضيحة ستجعل كل من حولها يظنونها منحلة، أخفضت عينيها تحلل ما يقوله ثم رفعت وجهها له وقالت
" هل انتهيت "
قال شاهين بغضب
" لا …فجميعكن من نفس النوع …خائنات لا يؤتمن جانبكن لكن هذا المرة أنت عبثت مع الشخص الخطأ يا ابنة العطار "
قال زكريا وهو يحاول دفع أخيه للخارج
" توقف عن إثارة الفضائح يا شاهين "
في تلك اللحظة دخلت كنزي ومن خلفها تولين تقول
" ماذا يحدث "
التفت لهما شاهين وقال
" ها قد وصلت حاملة دماء القذرين، لتنضم إلى المخادعة ليكوّنا فريق من الأفاعي القاتلة
" صرخ به علِيّ
" شاهين احذر مما تفعله، أنا لن أتهاون فيما يخص زوجتي " التفت له شاهين قائلًا
" لمتي ستقف في ظهرها وتحميها دون تردد، لمتى ستخشى عليها من كل شيء، ماذا تنتظر …أن تطعنك وتكسرك أمام الجميع لتقرر حينها أن تفيق من وهمك "
أمسكه علِيّ يهزه بعنف ويقول
" أفق أنت من نوبة غضبك هذه فأنت تتمادى يا شاهين "
قالت كنزي لسارة
" ماذا يفعل هذا هنا ولماذا لم تطلبي له الشرطة لكي ياخذونه إلى حيث يستحق "
هدر بها علِيّ
" كنزي لا تتدخلي، لا تكوني طرفًا في هذا "
قالت سارة بحدة
" أنا واقفة بصبر لأعرف من أطراف المهزلة التي تحدث يا سيد علِيّ، فما حدث لن أمرره مطلقًا "
قال شاهين
" ولكِ عين لتتكلمي، هل تركتني لاخوض شجار مع خطيبك لأجل أن تثيري غيرته، ما كان المغزى مما تفعلينه يا أخت سلطان "
قالت كنزي لعلِيّ
" هل أحضرت هذا الهمجي ليهينني وصديقتي بمحل عملنا " قال علِيّ
" أنا لم أحضر أحد يا كنزي، توقفي عن جعل الأمر شخصيًا كلما سنحت لك الفرصة "
اقتربت سارة من شاهين وقالت ببرود
" أنت حتى الآن لم تبح عن سبب حضورك "
قال علِيّ
" يا سارة توقفي عن استفزازه فقد علم بأمر خطبتك لكرم بينما هو يجلس وسط رجال كان يجمعهم كواسطة خير بينه وبين أخيكِ ليطلب يدكِ "
هزت سارة رأسها وقالت
" وكيف علم إن شاء الله "
قال شاهين
" خطيبك حامي الدماء وقف وسط الرجال وقال هي لي منذ سنوات وسلطان يعلم ذلك، ماذا يعني هذا "
نظرت سارة لعينيه بقوة وقالت
" لا يعني سوى أن الله أنقذني منك ومنه، وما حدث اليوم تذكره جيدًا لأن الحساب عليه سيكون عسير، لقد فكرت في صفعك أمام هذا الجمع، أو أن أمسح بكرامتك أرض هذا المكتب لكن لا، انتظر وسترى بعينيك ردي "
حديثها كان مخيف جدًا الجميع تجمد بينما سارة تتوجه إلى المكتب لتلتقط حقيبتها فتقول تولين لشاهين
" سارة ليست مخطوبة لكرم، لقد كاد أن يحدث الأمر منذ سنوات وانتهى قبل أن يبدأ والجميع يعلم ذلك، سارة ليست فتاة التقيتها في أحد النوادي الليلية التي تذهب إليها يا سيد شاهين وليست من قد تتقبل أن تصبح كرامتها مرمى لسهام ظنونك ولسانك، أتعلم أنت لا تستحقها فعلًا "
نظرت كنزي لعلِيّ وقالت
" خذ من معك وارحل من هنا حالًا والا سأطلب الشرطة لكم " نظر لها علِيّ بغضب وقال
" تطلبين الشرطة لزوجك، هذا رائع "
قالت له
" أنت من أحضرت هذه الهمجي إلى محل عملي ليتعدى على سارة بجنونه وسلاطة لسانه، كرم وسارة !!!هل جنّ…؟؟؟ لكن إن كان كرم وغد فمن معك لا يختلف كثيرًا عسى أن يهشم له سلطان وجهه تمامًا "
التفت شاهين بحدة تجاه كنزي التي ارتجفت من نظرته وقالت
" أريدكم خارج مكتبي حالًا" كان شاهين يراقب سارة التي تجمع أشيائها بهدوء ثم تحمل حقيبتها ولا يدري أنها تمنح نفسها كامل الوقت لتتحكم في ارتجافتها، ثم تابعها وهى تخرج من المكتب متوجهة نحو الباب فتوقفها ذراع تولين التي سألتها
" إلي أين "
قالت سارة
" ذاهبة لأسترد حقي فأمر كرم متروك لسلطان هو كفيل بذلك الحقير، أما أمر من طعنني في كرامتي علنًا سأتولاه، دقائق وسأكون في مكتب المحامي الخاص بي لاتنازل عن القضية التي رفعتها ضد عابد الشافعي ليخرج من سجنه ويكمل ما منعته عن فعله "
انسحبت الدماء من وجه علِيّ وزكريا بينما شاهين كان يراقب صلابتها بعين تتقصى الحقيقة التي رغم غضبه شعر بوجودها، كأنما ذهبت السكرة وجاءت الفكرة لكن بعدما كان الوضع أصبح كارثي غير قابل للتعديل، شعر أنه يحتاج إلى الوقوف بثبات ليفكر وحده في طاقة وجعه التي انطلقت لتجتاحه فأفرغها في أنثى لم تعده بشيء، ماذا لو أنه صنع عطرًا لأجلها …ماذا لو أنه تمناها بكل فكر هاديء بداخله، ماذا لو أنه رفعها فوق كل الماضي وظن أن بإمكانها أن تكون جداره العازل، ماذا لو أنه لسنوات لم يعلن رغبته في أنثى سواها، هذا لا يعطيه الحق للإندفاع هكذا وهو الذي لم يفعلها لمن سلمته لألد أعدائه، قال علِيّ لسارة
" أرجوكِ يا سارة لا داعي للتسرع، شاهين أخطأ لكن تتوقعي كيف كان الوضع مخجلًا جارحًا لكرامته وهو يجلس بين الرجال ثم وقف ابن عمك و…
صمت علِيّ حين انسحب شاهين فجأة خارج المكتب فتبعه زكريا بينما نظر لكنزي ليجدها تتهرب منه فهز رأسه بغضب شديد يخرج من المكان مسرعًا ليجد زكريا يقف بحيرة وهو ينظر يمينا ويسارا ويقول لعلِيّ
" لا أعرف أين ذهب "
༺༻
بالأعلي قالت تولين
" لا أصدق ما حدث، كيف تجرأ كرم على فعل ذلك"
قالت كنزي
" مهما فعل ذلك الوغد، هذا لا يعطي مبرر للوغد الآخر ليتعامل معها هكذا "
قالت ملاك
" لقد خفت منه، لقد بدا موجوع وغاضب "
قالت سارة
" لقد تسبب لي في فضيحة في مكان عملي لكني أستحق ما حدث، كنت أعلم أن منذ آخر مرة تقابلنا فيها أن تباسطي معه في الحديث ستكون عواقبه وخيمة، وأن الله سيعاقبني لا محالة " ربتت تولين على ظهرها وقالت
" اهدئي يا سارة، فما حدث قد حدث، ابلغي سلطان إن شئتِ أو اذهبي للمحامي لكن لا تجلدي نفسك "
قالت سارة مخذولة الروح وكأن بها وهج انكسر
" كيف تجرأ على فعل ما فعل " قالت كنزي
" الوغد يظنك شيراز الشافعي التي سلمته للشافعية وذهبت وتزوجت صديق عمره، شاهين مازال جرحه منها يحركه على ما أعتقد "
التفتت لها سارة وسألت باهتمام كبير
" من تلك، كأنما الاسم مر عليّ من قبل "
زفرت كنزي أنفاسها المثقلة وقالت
" دعونا ندخل للمكتب وسأحكي لكم كل ما أعرفه عن الأمر فلقد كان هذا منذ أعوام"
سألت ملاك سارة
" والمحامي ألن تذهب "
هزت سارة رأسها وقالت
" ربما سأفعل لكن ليس الآن، فلا ينفع أن أتحرك دون علم سلطان، ولا ينفع أن أخذ قرار متسرع نتيجة غضب يتملكني وهذا لا يعني مطلقًا أني سامرر له ما فعل ..مطلقا "
༺༻
ارفع يدك عن قلبي فأنا صرت للمستك أتوسل.
صرت معذبًا بك والمشاعر إلى عمقي في حضرتك تتوغل.
إني أحبك لا قدرة لي على البوح بها فإياك متلفي أن تسأل.
إياك أن تضعني ما بين المطرقة والسندان وتدفعني دفعًا لأن أقبل. فإن صمتي ليس بهين إنه كأكوام من الحديث يتكتل.
وما بين جوانحي ما عاد ليسع وجودك فأضحت مشاعري نحوك تتسربل.
إني أحبك متلهفًا ألا تكفيك كشرح مفصل!
༺༻
الفجر الذي امتد في ربوع العالم من حوله واخترق بعبقه البارد صدره أشعر أن شروق شمس أيامه التي لم يعش سوى ظلامها الدامس قد حان، هناك بأقصى أعماق قلبه مشاعر تدفعه لتذوق طعم الحياة التي لم يعرفها سوى مُرة بل شديدة المرارة، تدفعه لكي لا يفكر في الغد بل تجعله يرهن عمره باللحظة التي بين يديه الآن، اللحظة التي يجب أن يعيشها قدر استطاعته، فلا يترك ثانية لتمرعبثًا فلعل تلك الثواني تكن هي زاده لما بَقِيَ من العمر، تنفس رائف بعمق وهدير قلبه شوقًا لتلك الثرثارة التي انفصلت عنه في غرفة أخرى بعد خضوعها لعملية تصحيح النظر يدفع الابتسامة إلى شفتيه، لقد كان يتنعم وهو يعيش تلك المشاعر، كان يشعر بقيمة النبض والانفاس، كان يحس بذاته وبكونه إنسان أصبح لديه في حياته شخص يهتم له ..يخشى فراقه …يخاف عليه .. يغار عليه …يحبه …ويراه الافضل، هو بفضلها صار الافضل فيا ويل قلبه، كيف تبدل هكذا …لقد صار لا يدرك ماضي ولا هوية ولا عنوان سوى أنها معه وامامهما طريق سيسيراه معًا إلى نهايته مهما تطلب الأمر، عاد هدير قلبه شوقًا إليها ليشتت هدوئه فتحرك رائف كأنه لم يعد يتحمل الانتظار حتى تشرق الشمس ليراها، فتح باب الغرفة وتسلل ما بين الممرات، كلما قابلته ممرضة أو عاملة يبتسم لها باعتذار فتغض الطرف عنها وهي مدركة وجهته، وصل إلى باب الغرفة، وطرق الباب بهدوء لكنه لم ينتظر أن تسمح له فدخل الغرفة يقول
" أصالة "
كأن قلبها كان في صراع مع الدقائق والشمس التي تأبى أن تشرق والممرضات اللاتي يمنعها من الذهاب إليه لينتهي كل شيء وهي تقول
" رائف "
قال لها وهو يدخل ويغلق الباب
" مستيقظة "
قالت
" وجاهزة للقدوم إليك لكن الممرضة منعتني، كيف سمحت لك "
قال لها
" نظرة من عيني كانت كفيلة باخضاعها لأمري، فأنا لا أقاوم " ظهر الغضب جلي على وجهها وجذبت الوسادة بعنف تدفعها نحوه فالتقطها رائف وهو يقول
" أمزح معكِ، لقد بتِ مزعجة " قالت له
" انتظر فقط لأتعافى وأخلع النظارة وسأتى إليك لتعلمني طرق الاخضاع بالعينين فأنا سأحتاجه قريبا "
قال لها بغيرة لا تطاق
" فيما ستحتاجيها إن شاء الله " قالت له
" أمور شخصية لا تتدخل، وارحل إلى غرفتك هيا "
نظر لها رائف بعبوس وتحرك نحو الباب فمطت شفتيها بقهر وغضب ليلتفت ليرمقها بخبث ويقول
" كنت أمزح معك، لقد جئت لرؤيتك لأني لم أستطع الانتظار للصباح، ما رأيكِ أن أخذكِ للبحر"
سألته بصدمة
" متى "
قال لها
" الآن، بهذه الملابس لن أتأنق حتى لا تهرع الفتيات نحوي وبدون مليم واحد فأنا أعلنت إفلاسي "
أسرعت تنزل عن السرير ترتدي خف ناعم بقدمها ثم تلف طرحة حجابها باحكام وترتدي نظارة الشمس فوقه وقالت
" ما رأيك في أناقتي "
قال لها
" ستغار الشمس منكِ فهي قد ينطفيء وهجها ويغيب لكن وهجك باق ما بقي الزمان لا أفول له "
أحمرت وجنتيها بخجل ورغم أن مظهرها بدى مضحك جدًا لكنه كان لعينيه أجمل ما يكون، فأخرجت ورقة بمئة دولار وقالت " هذه تبقت معي، أليس هذا رائعًا"
قال رائف
" لا أروع من ذلك، هيا بنا " سارت بجانبه يتسللان إلى خارج المشفى هو ببجامة رياضية بسيطة ابتاعتها له مع ملابسها وخف وهي باسدال قطني واسع وخف مماثل ونظارة الشمس التي تكاد لا ترى من خلفها أي شيء.
༺༻
صوت البحر اخترق صدرها متمازجًا مع رائحته التي كانت كأنها تداوي الروح، قالت أصالة وهي تنظر لرائف بسعادة وقد خلعت نظارة الشمس عن عينيها رغم رفضه فالشمس على وشك الشروق
" ألا يمكننا البقاء هنا أكثر، ليس بالمشفى أقصد هنا بمنزل قريب من البحر "
قال رائف الذي يحمل خفه وخفها ويسير بجوارها على الرمال
" الوقت ليس بصالحنا أصالة " قالت أصالة معترضة
" بالعكس، الوقت بأكمله معنا، ألم نصل …ألم تنتهي كل المخاطر، وها أنت صرت بخير، حتى أنا بجوارك أكون بخير، ما الذي يمنع إذًا "
قال وهو يتابع خطواتها ويوجهها فهي عبثية الخطوات كما لو أنها طفلة "
أصالة هذه المحطة الأخيرة قبل أرض العزايزة واظن أننا أطلنا المكوث بها، لأكون صادقًا معك لقد كنت أعطيك وأعطي نفسي الوقت لنتعافى ونستطيع أن ننهي تلك الرحلة بقوة، لم أكن لأستطيع ترككِ وأنت بالوهن الذي وصلنا به إلى هنا "
توقفت أقدام أصالة بصدمة كبيرة وقالت
" أنا لا أفهم، رائف هل تقصد أنه سيتحتم علينا أن نفترق "
نظر لها بحزن عميق وقال
" لقد وصلنا أصالة، هذا كان سيحدث عاجلًا أو آجلا"
قالت له برفض
" لا أنت وعدتني هل نسيت وعدك "
قال لها
" لم أنس قط أصالة …ما دمت حيآ أتنفس ستكونين آمنة مطمئنة حتى أوصلك إل باب منزلك "
" منزلي ؟؟ أنا لا أمان لي سوى معك، أنا لا أريد العودة بدونك، لنعد لكن وأنت معي "
قال لها بقلة حيلة
" بأي صفة ؟؟"
قالت له بحزن شديد
" جد صفة، أنت وجدت طريقة لعودتنا ألا يمكنك إيجاد طريقة لتبقيني جوارك أبدًا، ماذا هل لديك ترتيبات أخرى أنا لست ضمنها، أخبرني رائف وسأتفهم، لن أفرض عليك نفسي لو …
وضع رائف سبابته على شفتيها وقال
" بل افرضي نفسك عليّ، وعلى إرادتي، وعلى أفكاري، افعلي ما يحلو لكِ، من أنا لأعترض، لكن افعلي كل ذلك دون أن تتحاملين عليّ فيما سيأتي لأنه سيكون خارج عن إرادتي "
انتفض قلبها مضطربًا من لمسته فأبعدت شفتيها عن سبابته تلهث وهي تقول
" رائف أنا لن أستطيع أن أبتعد، أرجوك لا تتركني "
أطبق كفه كأنه يغلقها على لمستها التي علقت بشغاف قلبه وقال
" عيناكِ سلبتني نفسي، فحتى لو كنت بعيد أنا معك "
قالت له
" لا تحاول السيطرة عليّ ببضع كلمات أرجوك جد حلًا "
كانت ترجوه ليعلن حبه ليقول أريدكِ، كانت في أضعف حالتها في تلك اللحظة، كانت على استعداد لمواجهة الموت وهي تقف بجواره في أرض العزايزة وتقول أحبه وأريده لما بقى من عمري، كانت تتمنى لو أن لديها الجرأة لتقول تزوجني، كانت تلمح قدر استطاعتها وهو كان مدركًا لما تفعل لكنها تطلب ما لا تدرك أبعاده، ما لا تعرف عنه أي شئ، ليت الأمر بتلك السهولة، ليت الأمر محض مواجهة وستنتهي حتى لو برصاصة تنام في صدره لذلك تحدث متألمًا وقال
"في هذه الرحلة وعد أخير …وعد صادق … وعد من قلبي لكِ …أنا لن أبتعد أصالة اعلمي دائمًا أني سأكون حولك أحميك حتى وإن لم تريني "
ثارت تقول
" ما حاجتي لحمى يجعلك خارج مدار عيناي "
أشاح رائف وجهه عنها غير قادر عل مواجهتها، فما تريده منه يشق عليه ألا يلبيه لكن ماذا تعلم هي عما مضى ليقول بلوعة
" أصالة "
لكنها كانت تشعر بالتيه كأنها قد وجدت مركز الكون وجاء اللحظة لتنفصل عنه فقالت بحرقة
" إن كنت تبلغني أنه الفراق فأنا لن أكبلك بالبقاء جواري فأنت تستحق أن تحل من قيدي أخيرًا " عجزه عن إرضاءها وعجزه عن الشرح وخوفه من القادم جعلوه ينفعل قائلًا
" أصالة، ماذا تقولين أنتِ "
قالت بأقصى ما استطاعت من إصرار
" رائف …أخبرني ماذا أكون بالنسبة لك "
حرك رأسه ينظر للسماء الممتدة فوقهما فهي مصرة على أن تكون واضحة لدرجة لا يتقبلها الواقع المظلم حولها، ماذا تكون له ….إنها له …كل ما له، بربها ماذا يقول …ماذا تكون له …إنها شطره…حقيقته …إنها الحياة ،
طال صمته حتى شعرت كسكين صديء مغروس بقلبها وحينها قالت ببكاء
" أعدني رائف "
ثم جذبت خفها من يده بعنف لترتديه وهي تجري لتسبقه فينظر رائف إلى البحر ويقول
" حتي حين جئت إليك، لم يأتني منك سوى موج هادر، إذا كان الموت قدري فلماذا في بحور العشق أغامر "
ثم ألقى خفه أرضًا وإرتداه وأسرع يلحقها غافلا عن العيون التي ترصدهما عن بعد.
༺༻
في نفس الوقت داخل مزرعة قريبة جدًا من أرض العزايزة
كان حيان البدري يجلس أرضًا أمام مرآة الخزانة ويضع صغيرته بين قدميه وقد ألبسها فستانها المطبوع بأكمله بورود الجوري ينتقي لها ربطة للشعر تلائم الفستان وهو يضيق عينيه بتركيز بينما ملابسه التي جهزتها ورد لأجله ألقاها أرضًا في تصريح صامت باعتراضه على هذه الملابس التي تكبله، وحين استقر على ربطة مميزة رفع الفرشاة يجمع شعرها بدقة متناهية بينما هي مستمتعة بمص اللعبة التي بين يديها ليدخل رابي يقول بعبوس
" أبي، أغلق لي حذائي "
قال حيان لابنه بلا مبالاة
" اذهب لوالدتك فأنا أهتم بأختك، انظر هذه الربطة تحتاج دقة عالية لكي تظل صامدة وجميلة المنظر" قال رابي الذي بدت ملابسه تحتاج إلى اهتمام وتنظيم بالغ بعكس أخته
" والدتي تقف أمام المرآة وتحدث نفسها بغضب وعلى وشك أن تبكي "
نظر له حيان بطرف عينيه ثم نظر للربطة بين يديه ثم بمنتهى الضيق تركها مضطرًا وهو يقول لرابي
" اجلس بجوار أختك، لا تدعها تضع الفرشة في فمها، كن يقظًا لها، سأطمئن على والدتك وسأعود "
قال الصغير
" حسنا يا أبي ولكن أسرعا فالأدهم ينتظرني ليطفيء الشموع في حضوري"
قال والده
" لن نتأخر لكن راقب أختك" هز رابي رأسه بطاعة فتحرك حيان عدة خطوات ثم تراجع للخلف يلقي نظرة أخيرة قبل أن يعبر نحو الغرفة الأخرى ليجد ورد قد بدأت في البكاء فعلًا فيقول وهو يرسم علامات الصدمة على وجهه باحتراف
" ورد ما بكِ، ماذا حدث، هل أنتِ متعبة "
كانت تدرك أنه يعلم أنها ليست متعبة، فلو كانت متعبة لأقام الدنيا من حولها لتقول ما هو مستعد لسماعه تمامًا "
ملابسي بأكملها لم تعد تناسبني، قلت لك لا أحد يحمل بهذه السرعة، كان عليّ استعادة السيطرة على وزني ثم بعدها لأفكر بالأمر "
وضع يده على بطنها يتحسسها بسعادة ويقول
" حين تأتي زنبق أعدك أن أعطيكِ المجال لتستعيدي كل الأشياء التي تريدين استعادتها، ثم هذا الوزن لابد منه أنتِ حامل عليكِ أن تتغذي فأنت تأكلين لاثنين الآن "
قالت بحزن
" هذا ما تقوله لي كل مرة، لقد أصبحت سمينة …ثم الطبيبة قالت ولد من زنبق هذه! "
ضمها حيان بحنان وقال
" لا فتاة أنا متأكد من ذلك، ما رأيك أن تخرجي ملابسك التي اشتريتها فترة حملك بجوري وستجدين شيئًا مناسب، في النهاية الفستان الذي كنتِ تخططين لارتدائه كان بشع، وملابسي بشعة "
ابتعدت ورد عنه بغضب وقالت
" لم يعد بهذا المنزل شيء يروق لك سوى جوري "
ابتسم لها وقال وهو يقترب بهمس حسي أرخى أعصابها
" لا شيء قبل ورد …فلا تبخلي على بما بعدها "
تعلقت بعنقه وقد أصبح القرب أكثر اجتياحًا لينتفضا معًا على صوت زكية تصرخ من الطابق السفلي
" هناك من يسأل عنك يا أبو رابي، يقول ضيف "
عبس حيان مستغربًا فيما قالت ورد بانفعال
" هل عزمت أحد في اليوم الوحيد الذي ستشاركنا الخروج به، حيان انطق "
قال لها
" لا أذكر، ربما ضيف مر ليلقي السلام سأذهب لأتفقد الأمر " قالت ورد
" أنسى أن تتهرب من الخروج معنا، سنخرج حتى لو كلفني الأمر قتل ذكية "
ابتسم حيان وهو ينزل السلم فقالت ورد بغيظ
" أو سأطرد الضيف "
تجهمت ملامحه وهو يقول لذكية " اصعدي واهتمي بجوري ورابي حتى تنتهي أمهما مما تفعل"
ثم توجه نحو الباب يقطع المسافة حتى بوابة المزرعة وهو يراقب كل صغيرة وكبيرة بعينيه ثم يشير لحارس المزرعة ليفتح له الباب، لتنفرج ضلفتي الباب ببطء شديد انتهى بأن توسعت عين حيان التي يرى بها بصدمة بينما الواقف بجوار سيارته الفارهة يلوح له ببرود ويقول
" تغيرت كثيرًا يا ابن البدري، كدت لا أعرفك "
قال حيان بنبرة كأنها جاءت من عمق وحش لبث في ثبات لسنوات " راشد ".
༺༻
انتهى الجزء الأول من الفصل الخامس عشر
قراءة ممتعه❤️

💥ملحوظه لمن لم تقرأ براكين
حيان وورد أبطال ظهرو ف الجزء الأول براكين من عشق


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-08-22, 03:44 AM   #76

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nagah elsayed مشاهدة المشاركة
مساء الخير
ممكن اعرف مواعيد الفصول امتى
مساء النور حبيبتي ❤️
كل يوم أربع الساعه ١١ مساءًا باذن الله ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-08-22, 03:46 AM   #77

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى الابراهيم مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
قرائة الجزء الأول براكين من عشق
وكتير كان مميز
بشكر الكاتبه وهل رح طول الجزء الثاني
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
اهلا بيكي ❤️
تسلمي حبيبتي كلك زوء ولطف
مفهمتش يعني ايه رح طول انا اسفه ممكن توضيح؟
الجزء الثاني بينزل فصول حاليا كل يوم أربعاء


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-08-22, 07:22 AM   #78

سناء يافي

? العضوٌ??? » 497803
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 447
?  نُقآطِيْ » سناء يافي is on a distinguished road
افتراضي ارض السيد

سلام فصل راىع واحداث رائعة شاهين متسرع وعصبي كيف بدو يصلح موقفه مع سارة سلطان وفاطمة راىعين مع بعض منذر وما ادراك بتخبيص منذر تسلم ايدك عا تعبك معنا

سناء يافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-08-22, 12:25 PM   #79

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سناء يافي مشاهدة المشاركة
سلام فصل راىع واحداث رائعة شاهين متسرع وعصبي كيف بدو يصلح موقفه مع سارة سلطان وفاطمة راىعين مع بعض منذر وما ادراك بتخبيص منذر تسلم ايدك عا تعبك معنا
تسلمي ❤️ كلك زوءك ولطف
شاهين موجوع وحاسس بالخيانه علشان كده تصرفاته فيها اندفاع منذر لازم يفوق للاسف بيخسر كتير
سعيدة ان الفصل نال اعجابك اتمنى افضل عند حسن ظنك ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-08-22, 01:45 AM   #80

امل ابراهيم

? العضوٌ??? » 256227
?  التسِجيلٌ » Jul 2012
? مشَارَ?اتْي » 772
?  نُقآطِيْ » امل ابراهيم is on a distinguished road
Rewitysmile2

روعة تسلم ايدك وشكرااااااااااااااااااااا ااااا

امل ابراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:34 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.