آخر 10 مشاركات
تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          وخُلقتِ مِن ضِلعي الأعوجُا=خذني بقايا جروح ارجوك داويني * مميزة * (الكاتـب : قال الزهر آآآه - )           »          تشعلين نارى (160) للكاتبة : Lynne Graham .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          الرغبة المظلمة (63) للكاتبة: جاكلين بيرد×كامله× (الكاتـب : cutebabi - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          كل المنــــــى أنتِ للكاتبة / سراب المنى / مكتمله (الكاتـب : اسطورة ! - )           »          همس الشفاه (150) للكاتبة: Chantelle Shaw *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree2701Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-24, 12:18 AM   #591

اميرة ياسمين

? العضوٌ??? » 498402
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 62
?  نُقآطِيْ » اميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond repute
افتراضي


اللهم اعن اخوتنا في فلسطين والسودان وكل الدول الاسلامية وارفع عنهم الذل والهوان
حمزة**محمد likes this.

اميرة ياسمين متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-01-24, 09:22 AM   #592

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة al gameel rasha مشاهدة المشاركة
كل ظالم وله نهاية وكل انسان مصيره إلى ما آل إليه مصيرك ولكن لا أحد يتعظ فنرى أمثالك يعيثون في الأرض فسادًا ويدهسون تحت أقدامهم الناس وأنت دهست الكثيرين

و انت يا عمر امتى هتعترف انك انسان خسيس جبان
مش هيعترف لإن الشخصيات النرجسية اللي زيه مبتحسش غير بنفسها فقط وأهم حاجة عندهم مصلحتهم العليا وعبد المجيد كان زيه
وفي النهاية كلنا لنا نهاية وهنتحاسب على كل أعمالنا


Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 10-01-24, 06:39 PM   #593

najla1982

نجم روايتي

alkap ~
? العضوٌ??? » 305993
?  التسِجيلٌ » Oct 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,267
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » najla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond reputenajla1982 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
افتراضي

فصل جميل بجمال النهايات السعيدة .... سلمت يداك ...ربي يحمي و يحفظ المسلمين في كل مكان غزة فلسطين إدلب السودان ليبيا اليمن.....

najla1982 غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-01-24, 06:48 AM   #594

Hope&

? العضوٌ??? » 382099
?  التسِجيلٌ » Sep 2016
? مشَارَ?اتْي » 67
?  نُقآطِيْ » Hope& is on a distinguished road
افتراضي

اتعرفت ع روايتي بالصدفة ...وعجبني الاقتباس من مشهد مصراحة عبدالرحمن لشيري...لاني بحب جدا روايات الفصحى ...وقرأت الرواية ابجزء الاول والثاني ف ايام من كتر ما شدتني ....عجبني طريقتك ومتشوقة اتابعك ف اللي جاي ... من الشخصيات اللي عجبتني " شيماء" قوية وعندها ثبات انفعالي ...طبعا كل الشخصيات الرئيسية حلوة وعرفتي ترسمي كل شخصية وعرفتي تظهري ملامحها ...اتمنى لك التوفيق

Hope& غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-01-24, 04:31 PM   #595

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة hope& مشاهدة المشاركة
اتعرفت ع روايتي بالصدفة ...وعجبني الاقتباس من مشهد مصراحة عبدالرحمن لشيري...لاني بحب جدا روايات الفصحى ...وقرأت الرواية ابجزء الاول والثاني ف ايام من كتر ما شدتني ....عجبني طريقتك ومتشوقة اتابعك ف اللي جاي ... من الشخصيات اللي عجبتني " شيماء" قوية وعندها ثبات انفعالي ...طبعا كل الشخصيات الرئيسية حلوة وعرفتي ترسمي كل شخصية وعرفتي تظهري ملامحها ...اتمنى لك التوفيق

تسلمي يا جميلة نورتيني ❤️
واتمنى باقي الأعمال تعجبك ????

Hope& likes this.

Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 15-01-24, 09:55 PM   #596

Heba aly g

كاتبة بقسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Heba aly g

? العضوٌ??? » 459277
?  التسِجيلٌ » Dec 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,500
?  نُقآطِيْ » Heba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond reputeHeba aly g has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس والثلاثون
" قبل الأخير"
حصاد الصبر
***
في الحادي والثلاثون من ديسمبر
نهاية عام وبداية عام وما أجمل النهاية حين يتلوها أجمل بداية ...
وليس هناك أجمل من البدايات حين تكون برفقة من اختاره القلب وألفته الروح فصار بكلمة من الله رفيق الدرب.
في إحدى الفيلات الراقية على أطراف المدينة والتي تم تأجيرها ليوم واحد ليُقام فيها عُرس التوأمتين بعد استقرار مازن وفارس وسهر وسمر على المكان كانت الاستعدادات للعُرس الكبير قد تمت وكل عريس ينتظر عروسه أمام مدخل الفيلا بينما العروستين بإحدى حجرات الطابق الأرضي.
وفي لحظة من اللحظات التي لا تتكرر كثيرًا وقفت التوأمتين أمام بعضهما بعد أن أنهت خبيرة التجميل عملها،كل مُنهما ترتدي فستانها الأبيض المُميز بتصميم يختلف عن الآخر فتنظران إلى بعضهما نظرة مُتأثرة والدموع تلمع بالعيون ثم أقبلت سهر نحو أُختها واحتضنتها مُرددة
– ما شاء الله كالقمر يا حبيبتي.
فتمتمت سمر بصوت مُرتجف ونظرة مُتأثرة – وأنتِ كذلك،والفستان شديد الروعة عليكِ.
وبينما هما مُستغرقتان في لحظتهما الخاصة
كانت فريدة تقف أمام ابنتيها اللتين كانتا آية في الجمال والرقة تشعر برجفة تسري في جسمها كله،عينيها غائمتين بدموع الفرح وقلبها يختلج بشعور الحزن الفطري الذي ينتاب الأم يوم فراق قطعة من قلبها والسعادة لسعادتهما البادية على وجهيهما.
-مبارك حبيباتي ما شاء الله قمرين أمامي لا عروستين.
رددتها فريدة أخيرًا بصوت مُرتعش وأقبلت نحو سهر واحتضنتها بقوة وكل منهما تشعر برجفة جسم الأخرى فأردفت سهر بعد أن قَبَلت أمها بعينين تلمعان بالسعادة والتأثر
– بارك الله فيكِ يا حبيبتي وأطال في عُمرك.
ابتعدت فريدة قليلًا لتملأ عينيها برؤية محياها الجميل وهي تمسح بعينيها على فستانها الأبيض الذي يلتف حول نصفها العلوي بإحكام ثم يتسع من عند جذعها للأسفل ومنثور على تنورته حبيبات من اللؤلؤ كحبات السكر الناعمة وطرحة من التُل الأبيض متعددة الطبقات من فوق حجاب أبيض رقيق يغطي شعرها وعنقها بإحكام
ورددت بصوت مبحوح – حمدًا لله أنكِ لن تبتعدي عن عيني.
ثم أقبلت نحو سمر التي كانت مُتألقة بفستان ناصع البياض بخطوط فضية طولية من أعلى لأسفل، لم يكن مُتسعًا من أسفل الجذع كفستان سهر، كان أقل اتساعًا يُظهِر عودها الفرنسي فتبدو كالأميرات،تُغطي شعرها بتربون رقيق من فوقه طرحة من التُل بخطوط فضية طولية كالفستان فتبدو شديدة السِحر والجاذبية
احتضنتها فريدة وشددت سمر من احتضانها لها وهنا سالت دموع فريدة التي كانت تُلجمها،دموع الفرح الممزوج بشجن ...
لم يكن التأثر من الفراق فابنتيها معها بنفس البناية ولكنها دموع الفرح لبلوغها هذا اليوم الذي تتمناه كل أم وتخشى ألا يُمهلها القدر الفرصة...
تمتمت فدوى وهي تقف خلف فريدة ومشاعرها لا تختلف عن مشاعر شقيقتها – هيا يا فريدة والد البنات بالخارج يُريد الدخول.
ابتعدت فريدة عن ابنتها وتمتمت وهي تكفكف دموعها – حسنًا.
فأردفت سمر وهي تسحب يد أمها فتُقبلها وتردد بنظرة مُتأثرة صادقة – شكرًا يا أمي على كل شيء.
نظرت فريدة بعيني سمر التي لا تزال مُتعلقة بكف أمها فأكملت الأولى بنفس التأثر
– لقد كان المشوار طويل ومُرهِق ونحن أتعبناكِ كثيرًا وصبرتِ من أجلنا على الكثير.
تمتمت فريدة بابتسامة شقت طريقها بيُسرِ فوق شفتيها – قلت لكم كثيرًا تعبكم عندي راحة ويكفي أنني اليوم أجني حصاد الصبر.
كانت الغرفة بها الكثير، الجدة عايدة وفدوى وعلية والبنات جميعًا ونسمة وشيماء فلمعت عيون الجميع بالتأثر وهم يرون الأم وابنتيها بهذه الحالة الاستثنائية.
دلف عبد الرحمن إلى الغرفة بعد أن طرق بابها وفتحت له شيري فأردف يتعجل الجميع
– لمَ كُل هذا التأخير الجميع في الانتظار بالخارج.
وحين وقعت عيناه على شقيقتيه تسمر لثانية بمكانه مُتسع العينين وهو ينظر إليهما ثم دلف بخطوات بطيئة وعيناه لا تحيدان عنهما وحين دنا منهما تمتم بصوت مُختنق بعاطفته تجاههما
– أنا أرى ملكتين أمامي لا عروستين.
ضحكت كل منهما وأقبل هو جهة سمر التي كانت أقرب له وضمها بحنان وهو يبارك لها ويتمنى لها السعادة بحياتها فتمتمت وهي تربت على كتفه بحنان
– ولك بالمثل يا حبيبي.
قَبّل رأسها بحنان ثم دنا من سهر ،ملاكه الصغير ،شقيقته التي لم يرَ بطيبة قلبها
ضمها بحنان وقَبّل رأسها وأردف بجوار أذنها – مبارك غاليتي.
فتمتمت وهي تربت على كتفه – بارك الله فيك حبيبي،الفرحة الكُبرى يوم زفافك.
____
بعد دقائق
كان عمر يدخل إلى الغرفة ويرى ابنتيه فشعر بسيل من مشاعر جارفة تسري بأوردته واتسعت ابتسامته حتى غمرت وجهه كله وكل من شيماء ونسمة تناظرانه بحنان لأنهما تعرفان مدى حبه لابنتيه
-مبارك يا سمر .
رددها عمر وهو يضع كفه فوق كتف سمر ثم أردف وهو يضع يده الأخرى فوق كتف سهر ويناظرها بنفس النظرة – مبارك يا سهر.
ثم ضم كل واحدة منهما بذراعٍ لتستكينان فوق صدره وغامت عيناه بالتأثر وهو يعود بذاكرته لخمس وعشرون عام مضت، يوم مولدهما حين كانت كل منهما على ذراع فضمهما بنفس الشكل.
نفض عنه فيضان مشاعره وهو يبعدهما برفق فحانت منه نظرة إلى فريدة التي كانت تقف بجوار سهر،كانت تبدو أمامه كما كانت منذ سنوات،زال عنها الوهن الذي كانت عليه حين رآها وهي مريضة وعادت إلى ألقها فترتدي فستان أنيق بلون فضي يبرز رشاقة قدها وحجاب رمادي يُضيء وجهها،لمح تلك التفاصيل بنظرة عابرة ولكنها مُدققة ثم أردف وهو ينظر بعينيها
– مُبارك للبنات.
فرددت بابتسامة حلوة وسعادتها تطغى على أي مشاعر أخرى – بارك الله فيك.
كان عبد الرحمن قد انسحب بعد دخول والده ليُبلِغ تيمور أن البنات قد تجهزن وحان وقت الزفة فدلف تيمور معه ليُبارك لهما،توقف قليلًا عند باب الحجرة ينظر إلى ابنتيه اللتين لم يُنجبهما ولكنه رباهما وغامت عيناه بالتأثر وانشق ثغره عن ابتسامة حانية وهو يُدقق بهيئة كل منهما،سهر كعادتها رقيقة هادئة حتى في ثوب عرسها وباقي تفاصيلها وسمر صاخبة مُلفتة للنظر.
انتبهت سهر أولًا إليه فتمتمت – أنكل تيمور.
فصُوِبت الأعين نحو باب الحُجرة المفتوح وخطى تيمور للداخل وابتسامته فوق وجهه وأقبلت سهر نحوه ليلتقيان بمنتصف الحجرة فتلقاها بين ذراعيه وقَبّل رأسها مُرددًا بصوت مشحون بعاطفة أبوية صادقة
– مبارك يا أجمل وأرق عروس.
تمتمت بصوت مُرتجف – بارك الله فيك يا أنكل.
كانت تشعر في هذه اللحظة بمشاعر الاعتزاز والتقدير له لأن دوره معهم لم يكن قليل ولكنها لم تعرف ماذا تقول ولم تُرتب لهذه اللحظة فتمتمت بخفوت وهي تنظر إليه بعينين لامعتين تتجلى بهما مشاعر الامتنان
– شكرًا يا أنكل تيمور،شكرًا على كل شيء.
فابتسم وهو يُقبل رأسها ثانية وتمتم – شكرًا على وجودكم بحياتي.
ثم فتح ذراعيه لسمر التي كانت في انتظار دورها فاحتضنها وقبل رأسها مرددًا بتأثر
– مبارك يا سمر،رائعة حبيبتي، عروس كالقمر.
كانت بعينيه بالفعل كذلك فتُذكره بوالدتها يوم زفافهما فسمر بها الكثير من تفاصيل فريدة وحلاوة روحها.
شددت سمر على كف تيمور ولمعت عيناها بالدموع وتمتمت – شكرًا يا أنكل.
لم تكن تشكره على اطراؤه،كانت تشكره على عُمر كامل كان لها ولإخوتها فيه نِعم الأب وكان يفطن إلى مقصدها من نظرة عينيها
فربت على كفها ومنحها ابتسامة حانية وهو يملأ عينيه برؤية محياها وسعادة من نوع خاص تُدغدغ مشاعره فصغار الأمس صاروا رجال ونساء اليوم.
أما عُمر فرغم عنه كان يساوره شعور بالضيق لوجود تيمور معه بنفس الحجرة والاستياء لارتباط أبناءه به لهذه الدرجة ولكنه صار في حياته كأمر واقع مهما حاول تجاهله .
حاول الانشغال في هذه اللحظات بمتابعة هاتفه رغم أنه لم يكن يفعل شيء محدد.
وحين أتت عيناه بعيني تيمور ردد الأخير بنبرة روتينية
– مُبارك للبنات.
فرد عليه عمر بنفس ذات النبرة
– بارك الله فيك.
______
ارتفعت المزامير في استقبال العروستين اللتين تقفان متجاورتان أمام بوابة الفيلا الداخلية وعلى مرمى أبصارهم حديقة الفيلا التي تجهزت وتزينت على أتم وجه فتضوي أنوارها الساطعة وكل من سمر وسهر تنظران إلى الجمع من المدعوين أمامهما فتشعران برهبة الموقف .
كان بجوار سمر عبد الرحمن وبجوار سهر عمر والأولى تضع يدها بذراع شقيقها والثانية تضع يدها بذراع أبيها فينزل أربعتهم درجات السُلم القليلة بهدوء وكل من مازن وفارس يتجاوران عند الدرجة الأولى من السُلم وحول كل منهما المُقربون فمازن كان بجواره شقيقه يزن وأصدقائه معاذ وبلال ونديم بينما يجلس عمه وأبنائه وبعض من أقارب والدته على إحدى الطاولات المُمتدة بينما يجاور فارس والديه وشقيقته التي تمسك ابني شقيقها الراحل كل منهما في يد بينما تجلس والدتهما على مقعدها تُتابع المشهد من بعيد.
نظر مازن إلى سهر وهي تدنو منه برفقة والدها وفي اقترابها بهيئتها الملائكية الملوكية شعر بدنو السعادة التي كان يستحقها وحين توقف عمر أمامه مد يده إليه مرددًا
– مبارك يا مازن.
صافحه مازن وقبله ثم تمتم بأنفاس مُتسارعة – بارك الله فيك يا دكتور عمر.
تناول عمر يد سهر وسلمها لمازن الذي تلقاها وهو يحدجها بنظرة خاصة فكانت عيناه تلمعان بالظفر أنه أخيرًا نال جائزته بعد طول انتظار فأردف عمر بنظرة خاصة – من اليوم وسهر في عُهدتك فحافظ عليها.
كانت كف سهر بكفه فأحكم عليها بكفه الآخر وردد – في عيني.
ثم طبع قُبلة فوق جبهتها مرددًا – مبارك يا سهر.
فتمتمت بابتسامة حلوة – بارك الله فيك.
أخذ مازن سهر وتنحى بها قليلًا ليُتيح لفارس التقدم ليتسلم سمر من والدها
فتقدم فارس وصافح عُمر ليردد على مسامعه نفس الكلمات التي قالها لمازن ويُسلمه عروسه فتناول فارس يد سمر وقَبّل رأسها مرددًا بجوار أذنها
– مبارك حبيبتي.
ثم نظر إليها نظرة شاملة فقد كان فُستان الزفاف أجمل مما رآه من قبل يوم اشترياه وكانت هي آية في الجمال والسحر.
أحاطت ذراعه بأناملها وتقدما حتى صارا بجوار سهر ومازن فسارت التوأمتين بجوار بعضهما في الزفة وحولهما جمعا كبيرا من الأهل والأصدقاء وكل منهما تنظر من الحين للآخر لتوأمتها والعيون تلمع بسعادة القلب.
كانت هَيَا ترتدي فُستانًا أبيض اللون وتُطلق شعرها حُرا فوق ظهرها وتضع طوقًا من الفُل الأبيض فوق شعرها فتبدو بهيئة ملائكية وعمها يزن يحملها حتى ترى الزفة جيدًا في الوقت الذي جذبه فيه بلال من ذراعه مُرددًا بصوت عال بين الصخب
– ألم تشتاق إلى أيام الشقاوة؟
فَهِم يزن مقصده من نظرته فابتسم وهو يردد بداخله "فعلتها في أفراح الجميع ألن أفعلها في زفاف شقيقي"
ثم سُرعان ما خطى نحو شقيقه وزوجته وأنزل هَيَا بجوارهما ثم قال لسهر
– سنأخذ منكِ العريس لدقائق.
ابتسمت له سهر وهي تُمسد على شعر هَيَا أما يزن فسحب أخاه من ذراعه مُرددًا بحماس مُشتعل
– هيا يا كبير.
ضحك مازن وهو يترك نفسه لأخيه وفي منتصف الدائرة الواسعة التي كانت تُحيط بالعرسان وعلى أنغام الموسيقى والطبول رقص يزن وهو يمسك يدي أخيه الذي لا يُتقِن الرقص الشعبي مثله ودخل بلال الدائرة ليشارك يزن وكل منهما يبدو اتقانه لما يفعل فتوقف مازن أمامهما يكتفي بالتصفيق وانضم إليه معاذ ونديم فوقفا بجواره يصفقان ويشجعان بلال ويزن
فمال نديم على أذن مازن مرددًا بنبرة متهكمة – هل هذا هو الخواجة الذي كنت دائما تتحدث عنه في الفترة الأخيرة!
قهقه مازن ضاحكًا وهو يقول – لم أكن أعلم أن تربية شوارع وسط البلد لا تزال تسري بدمائه.
فأردف مُعاذ ضاحكًا وهو يحول نظره إلى يزن الذي اندمج في الرقص بالعصا التي أخذها من أحد أفراد فرقة الزفة
– كما يقولون تستطيع أن تنتزع الانسان من وطنه وتذهب به إلى أي مكان ولكن لن تستطيع أن تنتزع وطنه من داخله ويزن ما شاء الله لم تؤثر الغربة في أي من أفعاله وصفاته.
هزّ نديم رأسه وعاد إلى مُتابعة رفاقه وصوته الداخلي يُردد بمرارة لا تُفارق حلقه
"الغُربة ليست بفراق المرء لوطنه لأنه يظل بداخلنا مهما ابتعدنا،الغُربة الحقيقية حين تكون غريبًا في وطنك"
____
ظل الرفاق يرقصون ويُشعلون الأجواء وسهر تنظر إلى مازن "الذي يتفاعل مع رفاقه وشقيقه" بحنان، لقد اكتشفت وجها آخر له منذ عودة شقيقه الذي عرفته أكثر منذ عودته فقد دعاه تيمور عدة مرات لديهم مع مازن لترى علاقتهما الاستثنائية التي لم تتوقع مدى عمقها نظرا لسفر يزن المُستمر
وأمام عينيها كانت هيا تتمايل مع الأنغام فتشعر بميل قلبها لتلك الصغيرة التي زرع الله محبتها بقلبها من أول يوم .
انضم بعد قليل إلى الشباب كريم ويامن وعبد الرحمن الذي سحب فارس ليُشارك معهم لتشتعل الأجواء أكثر وفرحة كل من فارس ومازن تطغى فتمد الجميع بالحماس .
اقتربت سهر من سمر قليلًا بعد أن غادر فارس واحتضنت ذراعها وهي تتأمل ملامحها الحُلوة وتمتمت – حمدًا لله أن حقق حُلمنا.
فتمتمت سمر بنظرة مشحونة بالعاطفة – اللهم لك الحمد.
ثم وقفت كل منهما تتطلع إلى زوجها والسعادة مرسومة بإتقان على قسماتها فقد كانت سعادة خالصة.
وخلفهما مباشرة كانت تقف فريدة وفدوى وعلية ونسمة وشيماء وبنات تيمور.
____
انتهت الزفة فآوى كل طير لوليفه يرقصان على أنغام الموسيقى الهادئة والمدعوون يجلسون على مقاعدهم يشاهدون العروسين على شاشة العرض الكبيرة...
والجد إبراهيم يجلس بمقعده تجري عيناه على تلك الشاشة الكبيرة التي تُتيح له رؤية سمر وسهر وعيناه تلمعان بتأثر وشريط العمر يمر أمام عينيه منذ كانتا صغيرتين.

ضَمّ مازن سهر بذراعه وهو يشعر أنه يضم الكون كله،ألقى نظرة على ابنته التي كانت مع عمها ثم ولى سهر اهتمامه كله،لم يتحدث كثيرًا فقد كان زخم مشاعره يُلجمه ولكنها شعرت بمشاعره من عزف أنامله على حدود خصرها وكفه الآخر المُستقر فوق ظهرها أما وجيب قلبه فكان يصلها كعزف مارشات عسكرية،رفعت عينيها إلى عينيه وتمتمت بحنان وهي تلامس بأناملها كتفه
– حِلتك جميلة جدا لقد أحسنت اختيار اللون والموديل.
كان طوال الأيام الماضية في حيرة ما بين اللون الأسود التقليدي واللون الكحلي الذي تعشقه هي بشكل خاص ولكنه في النهاية اختار ما تعشقه فكان بعينيها جذابا بهي الطلة فأردف وهو يميل نحوها ويستند بجبهته فوق جبهتها
– أنا منذ أحسنت اختيار شريكة عُمري وأنا أُحسِن معظم الأمور.
ضحكت ضحكة صغيرة وقربه منها وصوته المُحمل بعشق وعاطفة يجعلان رأسها تدور فتمتمت بجدية مصطنعة
– تعرف أنني لا أتحمل كلامك الحلو وها هي رأسي بدأت في الدوار.
ابتعد قليلا ليرى ملامحها ورفع حاجبه مرددًا – وهل ما قلته يندرج تحت بند الكلام الحلو ليجعل رأسك يدور؟
صمتت وهي لا تعرف بم ترد فأردف بعد ضحكة قصيرة – مفاهيمك ليست مضبوطة يا دكتورة ولكن لا بأس أمامنا العمر كله لنضبطها.
فابتسمت وهي تستند بجبهتها فوق كتفه تترك نفسها تتمايل معه على وقع النغمات الهادئة.
وعلى مقربة منهما كان فارس وسمر يهيمان بدنيا أخرى وكأنهما سكنا كوكبًا غير مأهول فلا يشعران بمن حولهما؛يُثبِت كفيه فوق خصرها وكفيها يستقران فوق كتفيه تملأ عينيها بطلته الجذابة بحلة شديدة السواد تحتها قميص ناصع البياض ورابطة عنق سوداء،فقد بعض الوزن من ضغط الأيام الماضية فتشعر بحنان تجاهه يشبه حنان الأُمهات،تنظر بعينيه المُشتعلتين فتملأها عاطفة أنثوية هادرة تجاهه فتردد مع الأغنية المنسابة بصوتها الذي يعشق طبقته
أنا عايزاك تفضل جنبي
سندي وفارس أحلامي
قلبي في قربك متطمن
خليك دايما قدامي
أنا قبل ما بنطق كلمة
بتكمل ليا كلامي
لم تكن مُجرد كلمات أغنية ترددها بل كانت تخرج من قلبها مباشرة وتشعر بمعانيها،سبق وأخبرته أن كل أغنية يكون فيها اسمه فهي تهديه كلماتها،ضمها إليه ودون اتفاق رفعها بذراعيه ليدور بها عدة دورات فتصرخ بصوت مكتوم وتقهقه ضاحكة في نفس الوقت وصيحات الشباب تعلو والبنات يُصفقن وهو وهي يشعران أنهما يستقلان بِساط الريح وحين لامست قدماها الأرض ثانية شعرت بالدوار فضمها إليه ليُكملان رقصتهما وكل منهما أنفاسه تتسارع فيجد السكينة بقرب صاحبه.
______
كان عمر وعبد الله يمران بين الحضور من الأقارب والأصدقاء يتلقيان المباركات ويتأكدان أن كل شيء على ما يُرام وكان عبد الرحمن يقف مع المسئولين عن البوفيه يُمليهم بعض المُلاحظات وعلى منضدة واحدة كان يجلس كل من كريم وشروق وأسرة كريم ويامن وشمس وأسرة يامن ومعهم شيري.
وحين مر عُمر بجوار الطاولة تلاقت عيناه بعيني شيري التي ابتسمت له ابتسامة حلوة تلتها بأن استقامت واقفة وهي تردد بمودة شديدة
– مبارك يا أنكل.
مدت يدها له مصافحة فلم تتسنى لها الفرصة للمُباركة له من قبل نظرًا للزحام وانشغال الجميع فصافحها وشدد على يدها مرددًا بابتسامة وقورة
– بارك الله فيكِ حبيبتي؛وقريبا جدا نبارك لكِ أنتِ وعبد الرحمن.
ابتسمت له وأمنت على دعوته ثم صافحت عبد الله مرددة – كيف حالك يا أنكل.
صافحها عبد الله وأردف بمودة – بخير يا شيري.
ثم دعى لها هي وعبد الرحمن كما فعل عمر.
وحين انصرفا مال عبد الله على أذن صديقه مرددًا – سبحان الله من يرى استماتتك في رفض البنت من بداية الأمر لا يرى معاملتك الودودة لها الآن.
مط عمر شفتيه ثم قال
– أنت تعرف سبب رفضي في البداية ولكني لن أنكر أن البنت أثبتت نفسها في وقت قصير فدخلت قلبي فهي جميلة الشكل والروح وخفيفة الظل ورقيقة ويكفي أنني رأيت سعادة عبد الرحمن وهو برفقتها لا أريد شيء آخر.
نظر له عبد الله نظرة متشككة ثم تمتم – الحمد لله أن هداك الله.
تغضنت ملامح عمر ثم تمتم بنبرة مستائة ونظرة فاترة – ولكن يظل بها عيب لن أستطيع غض النظر عنه.
رفع عبد الله حاجبه وهو يتوقع القادم فلم يُخيب عمر ظنه وهو يُكمِل – أبوها ... لن نستطيع تغيير هذه الحقيقة.
ضحك عبد الله ولمعت عيناه بالسخرية وقبل أن يرد لمح بعض من أصدقاء عمر وأسرهم وقد أتوا للتو ويقفون عند باب الفيلا ينظرون نحوهم فقال لعمر
– هناك ضيوف أتوا.
_____
أقبل عبد الرحمن نحو شيري التي انشغل عنها من بداية اليوم ومد يده لها ودون كلام وضعت يدها بيده وسارت معه فأردف وهما يبتعدان قليلًا عن الزحام ويرتكنان أسفل شجرة تتيح لهما رؤية الحفل كله من بعيد
– لا تعرفين قدر سعادتي اليوم ،سعادة لأنني اطمأننت على سمر وسهر من جهة وسعادة لأنني سأتفرغ لكِ من جهة أخرى.
ابتسمت وهي تتأمل ملامح وجهه الحبيب وتمسح على هيئته الجذابة في حلة بلون بني داكن تزيده أناقة وجاذبية تتناغم مع فستانها الذهبي الناعم
وتمتمت بحنان أم لا حبيبة – وترتاح من ضغط الفترة الماضية يا عبد الرحمن أنا أشعر بالشفقة عليك فأنت تحملت ضغط كبير منذ زواج شروق وشمس وبعدهما سمر وسهر.
رد متهكمًا – لا وقت للراحة حبيبتي من الغد سأواصل تجهيزات شقتنا.
تمتمت وهي تمسح فوق ذراعه بأناملها – ارتاح قليلًا والتقط أنفاسك فقط من أجلي.
ثم تمتمت بنبرة مازحة – ثم أنني سعيدة جدا بفترة الخطبة هذه وأريدها أن تطول.
رفع حاجبه وسألها – لماذا؟
تمتمت بابتسامة حلوة – لأنني كان لدي احتياج كبير لهذه المشاعر التي تُغرقني بها الآن وأعرف أن بعد الزواج بحُكم الانشغالات وظروف الحياة حدة هذه المشاعر ستهدأ فأريد الاستمتاع بهذه المرحلة لأنني أعرف أنها أجمل أيام العمر.
تلونت ملامحه بالجدية وهو يستدير قليلًا ليُصبِح أمامها يحجب بقامته عنها رؤية أي أحد إلاه بينما تستند هي على جذع الشجرة وتمتم بنظرة مشحونة بالمشاعر وصوت مُحتقن بعمق عاطفته التي لا تتحمل المزيد من الانتظار
– من قال أن المشاعر تهدأ بعد الزواج؟ معلوماتك ليست صحيحة، فالمشاعر تزداد حدتها مع قرب الحبيبين من بعضهما والمشاعر التي تستمتعين بها الآن لا تأتي بمثقال ذرة في بحر المشاعر التي أهذبها وألجمها بداخلي.
كان يتحدث بنبرة طاغية،حضوره نفسه طاغ يُشعرها أن لا رجل بالوجود سواه،حتى مشاعره التي يتحدث عنها شعرت بأطيافها ترتسم فوق محياه وتُخيم بحدقتيه ،اهتزت شفتاها وتسمرت حدقتاها فوق صفحة وجهه وتلاقت العيون العاشقة في نظرة اشتياق لليوم الموعود وكل لحظة حلوة كانت بينهما مرت أمام عيني كل منهما فيشعران بتيار من المشاعر يسري بينهما فتجعله رجل من ورق أمام امرأة من ورق .
تنحنحت شيري وتمتمت وهي تضبط خصلة شعرها خلف أذنها بارتباك – أنا فقط كنت أريدك أن تأخذ فاصلا ولكن ما دمت لا تريد فليس لدي مشكلة.
ابتسم وهو يرى تضرج وجهها بالحُمرة وتمتم بنظرة مُسلية – المهم هل هناك أي شيء كنتِ تتمنينه في فترة الخطبة ولم تجدينه ثم تمتم ضاحكًا: حتى لا تقولين فيما بعد أنني حرمتك من أي شيء.
زمت شفتيها على ابتسامة شديدة الحلاوة ثم تمتمت وهي تعقد ذراعيها أسفل صدرها فتتألق النجمة المتدلية من سلسلتها وتخطف عينيه نحو جيدها
– نعم لم تدير لي أغاني الحب كما يفعل العاشقون.
قهقه ضاحكًا وتمتم وهو يستند بكفه على جذع الشجرة – بسيطة يا شيري إن كان هذا فقط ما لم أفعله في فترة الخطبة أفعله لكِ حبيبتي.
دقائق قليلة اختطفها فيها من الحفل وأشبعها بحلو الكلام واستمد منها طاقة للمواصلة ثم عادا ثانية إلى الحفل يدها بيده.
_____
انتهت الأغنية التي كان يرقص عليها العرسان لتنساب أخرى ذات إيقاع فعاد كل عروسين إلى مكانهما يتجاوران
مد مازن كفه وهو ينظر لسهر فوضعت كفها بكفه فاحتضن أناملها وردد بنظرة خاصة وهو يميل نحوها – سعيدة ؟
فأردفت وهي تضغط أنامله برفق – أكثر مما تتخيل.
ابتسم قائلًا بنبرة خاصة – أتمنى أن تمر الساعات بسرعة.
زفرت زفرة متوترة ثم تمتمت – ستمر.
وبالجوار على مقعدين يشبهان مقعدي سهر ومازن مؤطرين بالورود والاضاءات الملونة كان يجلس فارس وسمر وكل منهما في عالم آخر غزلا تفاصيله معا،كان يحتضن يدها وهو لا يستطع أن يُخفض عينيه عن وجهها الذي كان كلوحة فنية شديدة الجمال،سعادتها كانت تنطبع على قسماتها فتزيدها حلاوة وهي كانت مثله تتعلق عيناها بعينيه طوال الوقت فأردف بابتسامته الجذابة
– عيناكِ بهما الكثير من الكلام.
ابتسمت مرددة – ربما.
رفع حاجبيه قائلًا وهو يميل برأسه جهتها – أنا متأكد أنكِ لديكِ الكثير لتقولينه اليوم.
ناظرته بنظرة حانية ثم هزت رأسها بابتسامة صغيرة وهي لا تزال تملأ عينيها بعينيه دون اكتفاء.
_____
كان عمر يقف بمدخل الفيلا ومعه عبد الله يستقبلان بعض الضيوف
بينما يقف على الجهة الأخرى تيمور وفريدة يستقبلان ضيوفهما وبعد أن استقبل تيمور إخوته وزوجتيهما وأبنائهما قال لفريدة بهدوء دون أن يُبدي أي قدر من مشاعره المُستائة من وجودها هي ووالد أبنائها في حيز واحد
– فريدة ادخلي أنتِ لترحبي بالضيوف بالداخل وأنا سأظل هنا حتى أستقبل الجميع.
-ماريان حدثتني منذ قليل وهي على وصول وكذلك رنا.
رددتها دون أن تدري بمقصده وقبل أن يرد كانت صديقتها ماريان وزوجها ماهر صديق تيمور بالمشفى يُقبلان عليهما ومعهما أبنائهما فاستقبلتها فريدة بترحاب واستقبل تيمور زوجها وبعد دقائق أتت رنا وزوجها وولديها وبعد أن استقبلتهم فريدة قال لها تيمور وهو يشير بيده لفادي ليأتي
– هيا يا فريدة ادخلي أنتِ لترحبي بضيوفك.
أتى فادي على الفور فقال له تيمور – ابق معي لاستقبال الضيوف ودع فريدة تدخل إلى الحفل.
فأردف فادي وهو يقرأ نظرات تيمور ويربطها بوجود عمر على الجهة الأخرى – اذهبي أنتِ يا فريدة يسألون عنكِ بالداخل.
قالها ثم وقف بجوار تيمور كتف بكتف فسأله تيمور
– أين اختفى عبد الرحمن أنا لا ألمحه.
فأردف فادي – كان هو وسامر منذ دقائق معا يستقبلان الضيوف التي تأتي تباعًا.
______
كانت مهيرة تجلس بجوار زوجها وأخويه بهجت والحاجة معتزة وأسرة الأول ومعهم روند التي كانت تلتزم بمقعدها منذ حضورها والأولى تنظر نحو ابنها والسعادة المرسومة فوق ملامحه تغمر قلبها "الذي ذاق الحزن لسنوات" بسعادة مؤقتة.
-مبارك يا مهيرة العاقبة حين تفرحين بأبنائه بإذن الله.
رددتها زوجة بهجت شقيق رفعت فأردفت مهيرة بابتسامة مُجاملة – بارك الله فيكِ،العاقبة حين تفرحين بسند.
وسند كان مع شباب العائلة بجوار فارس يشاركونه فرحته والأخير كان قد استجاب لأصدقائه الذين سحبوه معهم ويرقصون على أنغام أغنية شعبية شهيرة وانضم لهم كريم ويامن ومازن وعبد الرحمن في الوقت الذي تراجع فيه يزن ومعاذ وبلال ونديم حين رأوا مازن مُندمجًا مع أهل زوجته...
فوقف أربعتهم في رُكن من الحديقة يُدخنون بعيدا عن الناس فأردف يزن – ما رأيكم أن نسهر الليلة معا؟
قال معاذ مُتعجبًا – يا بُني ألم أقترح هذا الاقتراح من يومين وأنت رفضت؟
رد يزن مباشرة – لأنني كنت أظن أن هيا ستبيت معي على الأقل الأيام الأولى بعد زفاف مازن ولكنه رفض وقال أنها ستكون معه منذ اليوم الأول لذلك لم يعد لديّ أي ارتباطات.
هز معاذ رأسه مُتفهمًا فأردف بلال بنبرة مسلية
– أنا اشتقت إلى سهرات نديم البريئة.
فأردف معاذ بسماجة – وما دخلك أنت بالسهرات البريئة أو غير البريئة ؟ أنت رجل متزوج ولديك زوجة وابنة تجلسان قريبا منا ما إن ينتهي الحفل ستأخذهما وتعودون إلى بيتكم.
رفع بلال حاجبيه وتمتم باستياء – وهل ستعاقبونني لأنني تزوجت باكرًا عنكم جميعًا؟
قهقهوا جميعًا ضاحكين فدائما معاذ وبلال يتشاكسان هكذا كون الثاني متزوجًا من أخت الأول فأردف نديم أخيرًا
– ما رأيكم أن نأخذ السهرة في الباخرة لديّ؟
فقال بلال بنفس النبرة المشاغبة – ألا يوجد حفل اليوم في فيلا الصحراوي؟
فرد معاذ بغيظ – أنت ثانية؟
فقهقه يزن وهو يروق له شغبهما ثم قال – ما رأيكم أن نأخذ السهرة بشقتي أفضل، لاجل أن ننتهي من صراع الديوك هذا؟
قال نديم وهو يُنفث دخان سيجارته ببطء – لا يوجد لديّ مانع.
ثم نظر إلى بلال مُرددًا بتسلية – ولا يوجد من الأساس سهرات هذه الأيام في فيلا الصحراوي.
فأردف بلال ببراءة مصطنعة – ولا يوجد أيضًا عِلكة؟
فأردف نديم بعينين لامعتين وابتسامة بها قدر ليس هين من المكر الممزوج بالشغب
– ولا يوجد عِلكة أيضًا.
فأردف يزن الذي لا يعرف شيء عن هذه القصة وهو يضع يده بالجيب الداخلي لسترته – معي عِلكة لا تقلقوا من رائحة السجائر.
فانفجروا جميعًا في الضحك بصوت عالٍ دون أن يُدرِك السبب وأردف معاذ من بين ضحكاته
– لا خاصتك تختلف عن خاصة نديم رغم أنك آتيًا من الخارج والمُفترض أن يكون لديك دراية بهذه الأمور.
فنظر له يزن بجهل فأخذ بلال يشرح له مقصدهم فتتسع عيناه بإدراك ويعاودون الضحك والمزاح.
ظلوا يشاكسون بعضهم قليلًا ثم سرعان ما انتهوا من التدخين ثم عادوا ليحاوطون مازن ليكونوا بجواره فيشعر بوجودهم بأنه محاط بإخوته.
______
كانت تتنقل بين المدعوين بخفة وكأنها ابنة عشرون عام فتشعر بأن قدميها لا تُلامسان الأرض...
تشعر أنها أدت رسالتها على أتم وجه وهي ترى قُرتي عينيها عروستين كقمرين ساطعين.
مرت بجوار الطاولة التي يجلس بها الدكتور فؤاد فكان الأخير يجلس مُستندًا على عكازه ينظر عبر نظارته السميكة حوله وقلبه يغمره السعادة لسعادة الصغار فجلست فريدة بجواره ووضعت يدها فوق يده مرددة
– هل تحتاج إلى أي شيء بابا؟
ابتسم وهو يتطلع بوجهها الذي يضوي سعادة وتمتم – لا يا حبيبتي سلامتك.
ابتسمت مرددة بنظرة متأثرة – أنا سعيدة جدا اليوم.
هز رأسه مرددًا بنبرة حانية – تبدو السعادة على ملامحك بالفعل.
ثم أردف بنظرة شاردة – هل تعرفين أنني أشعر أن العمر عاد بي وكأنني أراكِ في اليوم الاول الذي رأيتك به؟
تمتمت بنظرة غائمة بالشجن – ما بين ذاك اليوم البعيد واليوم عُمرًا كاملًا وعقبات أنت أكثر من عايشها معي وعرف تفاصيلها وكم أرهقتني وأماتتني وأحيتني.
ربت فوق كفها وأردف بفخر – ولكنكِ كنتِ بطلة وتحملتي وقاومتي حتى وصلتِ إلى النهاية السعيدة هذه.
-ظننت أنني لن أستطيع التحمل وأنني سأقع في منتصف الطريق.
رددتها بصوت مهزوز فأردف بصوت رغم خفوته قوي النبرة
-ولكن الله كان معك،ربما خسرتِ في بعض جولات الحياة ولكن الفوز كان حليفك في بقيتها وصرتِ الرابح الأكبر في النهاية ،نجحتِ في كسب قلوب من حولك أبناءك وتيمور وبناته وأنا وعايدة وكل من عرفك عن قُرب،وصغارك حين كبروا لم يستطيعوا البُعد عنك حتى عند استقلالهم بحياتهم فضلوا العيش في مُحيطك كطيور تُحلق حول عُشها .
تمتمت بأنفاس مُتهدجة – الحمد لله.
كان تيمور يمر بجوارهما فوجدهما يجلسان متقاربين ويدها بيده فاقترب ومال نحوهما مرددًا
– ماذا تفعلان؟ ثم أكمل بنبرة ساخرة: أنا كنت أشك في هذه العلاقة منذ القدم؟
فقهقهت فريدة ضاحكة ضحكة من القلب وكذلك الدكتور فؤاد.
_______
وعلى مقربة كانت تجلس فدوى وتنظر إلى شقيقتها وابنتيها نظرة غائمة بالتأثر فمال نحوها زوجها سامر متسائلًا – هل بكِ شيء ؟
فتمتمت وهي تنظر إليه نظرة دافئة – أبدًا،سعيدة من أجل البنات ومتأثرة لأنني تابعت كل مراحل حياتهما من البداية، هما كابنتي تماما.
مسد على كتفها مرددًا بحنان – أعرف حبيبتي ،العاقبة حين نفرح معا بروان ومروان.
تمتمت بعينين لامعتين وهي تنظر نحو صغارها اللذان يجلسان على منضدة واحدة مع فؤاد وهيا وأبناء فادي وتمتمت – يارب .
____
توالت فقرات الحفل واندمج كل عروسين بتفاصيلها التي حُفِرت بأذهانهم لليلة العُمر.
كانت فريدة تُجاور شيماء وهما تتابعان فقرات الحفل فتمتمت الثانية وهي تنظر إلى ابنها الذي يقف بين أخوته وقد بدأ يشتد عوده
– أتمنى أن تدوم المودة بين عُدي وإخوته وألا تشغلهم الدنيا عن بعضهم ويقفون معه يوم زفافه بإذن الله.
أردفت فريدة بمودة – إن شاء الله يظلون هكذا طوال العُمر، عبد الرحمن وسمر وسهر يحبونه كثيرًا.
ظلت عيناها مُعلقتين بابنها الذي يُرافق عبد الرحمن ولا يتركه في الوقت الذي توقف فيه عُمر بجوارها مرددًا
– ما الأخبار؟
-كل شيء على ما يُرام.
رددتها شيماء وهي تنظر إليه بابتسامة حلوة
حين شعرت فريدة به هَمّت بسحب نفسها بهدوء ولكنه سبقها وتمتم بابتسامة صغيرة وهو ينظر نحو ابنتيه
– لا أصدق أن العمر مر والصغيرتان صارت كل منهما عروس! هل تتذكرين حجمهما عند ولادتهما؟
غلبتها عاطفتها جهة ابنتيها وتمتمت بابتسامة حانية موجهة نظراتها نحوهما
– أقل من نصف الذراع.
فأردف بنظرة متأثرة – وكنت أخاف من حملهما.
فتمتمت بخفوت – اللهم لك الحمد أنهم كبروا واشتد عودهم.
فأردف هو – اللهم لك الحمد.
رغم أن كل منهما كان نظره موجهًا نحو البنات إلا أن شيماء شعرت بالحنق وغلبتها غيرتها وهما يسترجعان تاريخا مُشتركا بينهما وشعرت رغم وقوفها بالمنتصف إلا أنها هواء.
تنحنحت فريدة وهي تردد لشيماء بلباقة
– سأذهب لأطمئن على وضع البوفيه قبل أن نفتتحه.
فتصنعت شيماء ابتسامة وهي ترد – تفضلي.
وحين استدارت فريدة وجدت فادي أمامها مباشرة فطوق ذراعها بكفه وسحبها بعيدًا مرددًا من بين أسنانه – لمَ تقفين عندك؟
تمتمت بهدوء – كنت آتية للتو لأطمئن على البوفيه.
أردف متهكمًا – لو كان زوجك رأكِ تقفين هكذا كانت ستكون مشكلة.
قالت بجدية – أنا كنت أقف مع شيماء بمفردنا حتى أتى هو وبعدها انصرفت .
أردف بنفس النبرة المتهكمة – وفي نفس اللحظة كان زوجك يبحث عنك.
بحثت بعينيها عنه متسائلة – أين هو؟
مسح بنظراته في المكان ولم يجده فأردف – لا أعرف أين ذهب ولكني أشعر بتوتره رغم أنه لا ينطق فحاولي قدر استطاعتك أن تكوني بجواره ولا تُثيرين غيرته بأي طريقة غير مقصودة.
فهمت مقصده وهزت رأسها ورغم أن تفكيرها كله مُنصبًا على كل تفاصيل الحفل ولا تُفكر بأي شيء آخر إلا أنها انتبهت إلى أن وجود عمر بالتأكيد يُزعج تيمور وعليها أن تنتبه.
زفرت وهي تشعر بأنفاسها تخرج من صدرها بانسيابية وتمتمت وهي تُعلق يديها بذراعه – أنا أشعر كأنني طائرة من السعادة ولا أشعر بأي شيء دون ذلك.
ابتسم وهو يمسح فوق قسماتها بنظرة حانية وقال – والله وأنا يا فريدة.
_____
كان الحفل صاخبًا والحضور عددهم كبير نظرًا لوجود عروسين فشعرت سنا بألم في رأسها وطنين بأُذُنيها فوضعت يدها فوق يد أمها الجالسة بجوارها وتمتمت
– أنا رأسي بدأت تدور من الضوضاء وأذني تؤلمني.
تمتمت أمها دون تفكير
– ما رأيك أن نسير قليلًا في الحديقة نبتعد عن الأصوات العالية ونستنشق الهواء.
هزت سنا رأسها بالموافقة وبعد دقائق كانت تسير برفقة أمها بالحديقة المُتسعة وابتعدا قليلا عن الضجيج، أخذا يتحدثان كعادتهما كصديقتين لا كأُم وابنتها إلى أن قالت أمها
– ألا يوجد حمام قريب؟
قالت سنا – انظري حولك بالتأكيد يوجد.
وبعد قليل
كانت بالفعل قد وصلت إلى مكانه بمدخل ثان خلفي للفيلا بعد أن سألت فدلفت بينما جلست سنا بالشرفة القريبة تنتظر أمها وهي تتنسم الهواء البارد المُنعِش بينما تتسلل الموسيقى إلى أذنيها من بعيد ولكن وجهها تغضن فجأة حين تسللت إلى أنفها رائحة دخان سجائر ومنها إلى رئتيها فسعلت لينتبه من يقف في الشرفة المجاورة والتي يفصلها عن تلك الشرفة سور قصير
كان "سند" ابن عم فارس قد انسحب من الحفل ليختلي بنفسه لدقائق يُدخِن سيجارة على انفراد وحين سمع سُعال رقيق تقدم خطوتين ليستند على السور القصير الفاصل بين الشرفتين وتمتم بحذر وهو يراها تستقيم واقفة
– أعتذر هل دخان السيجارة هو ما يجعلكِ تسعُلين هكذا؟
انتبهت لمصدر الصوت وتمتمت بوجه متغضن وهي تواجهه – نعم فأنا أتحسس منها.
لم تكن الإضاءة في الشرفة بوجه عام جيدة ولكن حين اقترب صارت معقولة ليرى ملامح وجهها بوضوح فاتسعت عيناه وهو يدقق بقسماتها الحلوة أما صوتها الرقيق فكان قصة أخرى
أطفأ السيجارة على الفور وتمتم بارتباك أمام عينيها الخضراوتين الجذابتين المتسعتين أمامه
– أعتذر أنا ابتعدت عن الحفل كله حتى لا أضايق أحد برائحتها.
تمتمت وهي تشيح بوجهها للجهة الأخرى – لا عليك.
شعر بخفقة زائدة بنبضه ولا يعرف سر تلك الكركبة التي أصابته فجأة من مجرد نظرة ؟
لا لم تكن نظرة فهناك نظرة كسهم نافذ إلى أعماق القلب وهي نظرتها هكذا.
تحركت سنا وهي تلامس السور في الوقت الذي شعر فيه بالخجل فالفتاة انصرفت وتركته دون كلمة فتراجع هو الآخر بأمر من العقل رغم توقه للاقتراب...
لم يسمع منها سوى بضع كلمات ولم يرى منها سوى نظرة ولكن ملامحها انطبعت في ذهنه ولا يعرف السر في أنه يريد أن يتحدث إليها ثانية؟
نفض رأسه شاعرا بالتشوش في الوقت الذي عادت فيه والدة سنا إليها فأردفت – تأخرت عليكِ؟
فردت الأخرى – لا كلها دقائق قليلة.
فأحاطت أمها ذراعها بكفها وهما تخرجان من الشرفة وتمتمت
– هَيّا إذا والدك حدثني وقال أننا سنرحل.
في نفس الوقت كان سند ينتحي جانبًا في الشرفة المجاورة وقلبه يقنع عقله بدخول الشرفة التي تجلس بها بأي حجة،وعقله يأمره بالتعقل والبعد عن أفعال المراهقين هذه ولكن في النهاية قلبه غلبه فغادر الشرفة مُتجهًا نحو الشرفة المجاورة ولكنه وجدها خالية فاتسعت عيناه دهشة،الأمر كله حدث في دقائق معدودة،دقائق قليلة ما بين رؤيته لها وحديثهما القصير وتنحيه جانبًا وتفكيره الذي لم يستغرق الكثير فأين ذهبت؟
خرج إلى بهو الفيلا الخالي ومنه إلى الحديقة الخلفية فلم يجدها فأسرع نحو بهو الفيلا ثانية ومنه إلى الحديقة المُقام بها الحفل وهو يتلفت حوله باحثًا عن وجهها بين الوجوه الكثيرة والاحباط يتجلى بملامحه فهو لا يعرف أي شيء عنها لا اسمها ولا حتى إلى من تنتمي إلى أهل وأقارب العروستين أم إلى زوج شقيقة ابن عمه؟
ظل يدور بين المدعوين يبحث عن وجه انطبعت تفاصيله بذهنه بشكل يثير تعجبه في نفس الوقت الذي كان فيه يامن يقف عند بوابة الفيلا يفتح باب سيارة الأجرة لوالدته وشقيقته بينما استقل والده بجوار السائق وقال ليامن – عُد أنت إلى الحفل يا دكتور ولا تقلق.
فأردف يامن بعد أن أغلق باب السيارة – وحدثتي يا أبي عندما تصلون لأطمئن عليكم.
لتنطلق السيارة في طريقها ويعود يامن إلى الحفل.
______
ساعات مرت من السعادة التي فاقت الخيال وكحال كل بداية لها نهاية، انتهى حفل الزفاف بسلام واستقل كل عروسين سيارتهم الخاصة لتنطلق بهما إلى بيتهما ليبدأ كل منهما حياته الجديدة.
وعند باب شقة سمر وفارس كانت فريدة تحتضن ابنتها وتردد بجوار أذنها بثبات رغم توترها الداخلي
– اهتمي بنفسك وكوني هادئة وإن احتجتِ أي شيء في أي وقت حدثيني أنا لن أنام.
تشبثت سمر بحضنها قليلًا ثم قالت بهدوءٍ – اطمأني حبيبتي.
كان صوت الزفة التي فاجأ بها يزن الجميع لا يزال يدوي خاصة أن سهر لا تزال بالأسفل ففريدة فضلت أن تصعد كل بنت على حدا،انسحبت فريدة لتعود إلى سهر تاركة فارس مع والدته بينما دلفت سمر للداخل بعد أن شعرت أن والدة فارس تريده على انفراد
فوقفت مهيرة أمام فارس ورددت بنظرة حانية – مُبارك يا حبيبي، إن شاء الله تكون زيجة العمر ويرزقك الله بالذرية الصالحة.
ربت على كفها قائلًا – اللهم آمين.
فتمتمت بنظرة قلقة – أنا وافقت أن تأخذ شقتك بالقُرب من أهل زوجتك بُناءً على رغبتك ولكني لا أريد لهذا الأمر أن يجعلك تنسانا وتبتعد عنا.
رفع حاجبيه دهشة ثم ردد وهو يحتوي كتفيها بكفيه – لن يحدث أبدًا يا أمي صدقيني سأكون معكم أكثر من أي وقت مضى.
هزت مهيرة رأسها والقلق والخوف رغم عنها يسيطران على عقلها ،لقد اعترضت في بداية الأمر على أن تكون شقة الزوجية بعيدة عن بيتها وقريبة من بيت والدة العروس ظنا منها أن ابنها سيبتعد عنها ولكنه كعادته مؤخرًا صمم على رأيه فلم تملك إلا الامتثال لرغبته.
____
بغرفة نومها كانت سمر تجلس على طرف الفراش تنظر إلى الغرفة الأنيقة التي تشاركا معا في اختيار تفاصيلها وقلبها يتعالى وجيبه حماسا ورهبة،دلف فارس إلى الغرفة وأغلق بابها فأردفت بنبرة مشاكسة
– ما الحكاية؟هل والدتك تخاف عليك مني؟
ابتسم وهو يُقبِل عليها بشوق ولهف ومد يديه فتناول يديها وسحبها لتقف أمامه فتشعر برجفة تسري بأوصالها وأردف وهو يطوق خصرها بكفيه مُتجاهلًا الشق الثاني من سؤالها مُجيبًا عن الأول
– الحكاية بدأت عندما كانت حياتي بالأبيض والأسود فدخلتها جنية مُلونة فصارت بألوان الطيف مُجتمعة.
تبسمت شفتاها وهي تستمع إلى عذوبة كلماته باستمتاع وتقرأ جنون المشاعر بنظرات عينيه،ضمها بقوة ضمة ليست كأي ضمة وهمس بخفوت
– أحبك يا سمر.
تمتمت وهي تشعر بطوفان مشاعره يغمرها – وأنا أحبك.
ابتعدت قليلًا جدًا لتنظر بعينيه مرددة – أحببتك من أول يوم وكل يوم يتضاعف هذا الحب بقلبي.
كانت في حالة مزاجية تجعلها تريد البوح بكل ما في قلبها
وكان في حالة تجعله لا يريد سوى ترجمة مشاعره الحسية المُتأججة بداخله بشكل عملي...
فأقبل عليها بلهف يسحب رحيقها إلى رئتيه فيشعر بالسُكر يسري بأوردته وكذلك هي ...
كان طوال الفترة الماضية يتوق للحظة ينغلق فيها عليهما باب واحد فأقبل عليها بكل مشاعره يروي ظمأ قلبه وروحه، كانت كوردة مُتفتحة بشذى يجعل من يستنشقه يُدمنه وهو أدمنها منذ أن عرفها.
***
تفاجأ الجميع بالزفة التي أحضرها يزن أسفل البناية والتي غمرت الحي الراقي بالصخب في منتصف الليل فظلوا أمام البناية لدقائق بعد صعود سمر وفارس ثم شكر مازن أخيه وأصدقائه واستأذن مع زوجته وابنته وصعدت والدة العروس لتوصلها حتى باب الشقة ثم انصرفت.
دلفت سهر مع مازن وهَيَا إلى شقتهما التي تجهزت على أفضل وجه كما اختارت هي كل تفاصيلها فأردف مازن وهو لا يُصدق أن أخيرًا سهر ببيته وهي عروس كالقمر هكذا
– أنرتِ بيتك يا سهر .
ابتسمت وهي تفرك كفيها توترًا وتنظر حولها إلى الجدران والأثاث فأردفت هَيَا بسعادة وهي ترى البيت بشكل جديد وحياتها نفسها صارت بلون جديد
– أنا سعيدة لأن ماما انتقلت للعيش معنا.
احتضنتها سهر وتمتمت بحنان – وأنا يا حبيبتي سعيدة لأنني سأكون معكِ في كل وقت.
اقترب مازن من سهر فضمها وقبل رأسها واحتضن هيا بذراعه الآخر وأردف – أنتما أغلى ما لديّ، بارك الله لي بكما.
ثم نظر إلى هَيَا قائلًا – إلى غرفتكِ يا قمري لنُبدل هذ الفستان ونغتسل وننام.
هزت رأسها والنُعاس بعينيها فأردفت سهر بحنان
– سأبدل فستاني وآتي لأبدل لها ملابسها.
ابتسم لها مازن قائلًا – لا حبيبتي أنا سأفعل ذلك وأنتِ لا تشغلي ذهنك بأي شيء.
ثم قال لهيا – إلى غرفتك وأنا سآتي خلفك مباشرة.
أسرعت الصغيرة بينما بسط مازن كفه أمام سهر لتسبقه ودلفا إلى حجرة النوم القريبة من حجرة هَيَا فأردفت ما إن هَمّ بغلق الباب عليهما
– اذهب أنت لهيا وأنا سأبدل ملابسي وآتي إليكما.
رفع حاجبه وتمتم – وأنا ألن أساعدك في تبديل الفستان؟
رددها بنبرة اعتراضية فأردفت مُدعية الجدية والحزم
– لا يا مازن هذه الفقرة انتهت منذ زمن ولم يعد أحد يفعلها.
فبرطم باستياء – أنا كنت أتعجل الزواج من أجل هذه الفقرة على وجه الخصوص.
لم تستطع تمالك نفسها فقهقهت ضاحكة في نفس اللحظة التي على فيها صوت هَيَا وهي تصيح – بابا ... ماما.
فأردفت سهر وعينيها تلمعان بالتسلية – اذهب الى البنت حتى أنتهي.
جز على أسنانه في الوقت الذي على فيه صوت هَيَا – بابا.
فقهقهت سهر ضاحكة على هيئته المستائة وهو يقف في المنتصف بينها وبين هَيَا.
_____
بعد قليل
كانت سهر بحجرة الملابس المُلحقة بحجرة نومها،نزعت بسهولة طرحتها وحجابها أما الفستان فتعلق سحابه بمنتصف ظهرها فكانت تحاول معه حتى كاد أن ينقطع فاستدارت لتولي ظهرها للمرآة لتُعالج الأمر في الوقت الذي دلف فيه مازن بهدوء إلى الحجرة بعد أن بدل لهيا ملابسها بسرعة وأحضر لها كوب لبن وبعض البسكويت لتأكل قبل النوم وحين دلف إلى الحجرة تسللت إلى أنفه رائحة حلوة
رائحة الدفء والأمان ممزوجة بعطر سهر الذي يعشقه ...
كان قد نزع سترته ورابطة عنقه وبقى بقميصه وبنطاله فدلف بخطوات هادئة إلى الحجرة الصغيرة فرآها لا تزال تحاول فتح السحاب فأردف بابتسامة ظافرة وهو يدنو منها
– لأن نيتي كانت سليمة من البداية نصرني الله وتعطلتِ حتى أعود.
تنحنحت وهي تشعر بتسارع أنفاسها وولته وجهها حتى تداري ظهرها عنه ،كان يُقدر حيائها الفطري مُضافا إليه حياء البكر التي تعيش هذه المشاعر لأول مرة ولم يكن قاصدًا أن يوترها ولكن مشاعره تجاهها كانت تغلبه
استدار ووقف خلفها مُباشرة وفتح سحاب الفستان بسهولة وفي ثوان كان قد تولى أمر نزعه ليتلجم أمامها لثوان وهي تتجلى أمام عينيه كأجمل أنثى رآها بحياته...
لم يكن يُبالغ في مشاعره ...
كانت سهر في تلك اللحظة كقمر مُكتمل أضاء مدينة مُعتمة،شعر كأن كل جزء به يتوهج بشعلة من نار تُدفيء ولا تحرق فضمها إليه بتوق سنوات الحرمان التي مرت عليه،كانت مشاعره صادقة وثورته متأججة ورغم الدفء الذي غمرها به الا أنها كانت ترتجف كورقة شجر ...
فقد كان هذا قربهما الأول،طوال الأشهر الماضية من بعد عقد القران ولقائاتهما إما بالمنزل أو بالخارج وكان سيُجن لينفرد بها ولم يستطع والان هي ببيته، بغرفة نومه، تستكين بين ذراعيه
-سهر .
نطق حروف اسمها وهو يشدد من إحكام ذراعيه حولها فهمست بأنفاس مُتسارعة – نعم .
مرر أنامله فوق خصلات شعرها السوداء الكثيفة متوسطة الطول وأبعدها قليلًا ثم سرعان ما استعادها ثانية وهو يطبع وشمه على كل إنش بوجهها ويسحب إلى رئتيه أنفاسها الهادرة فيدمجها بأنفاسه الصاخبة فتشعر بنفسها وقعت غريقة في بحر مشاعره.
دقائق معدودة مرت عليهما وهو كان كالصائم الذي وُضِعت أمامه تمرة فتناولها لتسيل حلاوتها بحلقه تُنسيه طول الصيام وتعده بأن بعدها مائدة عامرة من أشهى الطعام ...
طرقات على باب الغرفة انتزعت كل منهما من سكرة المشاعر التي غرقا فيها وكانت سهر أول من تنبهت فأردفت بخفوت
– هَيَا تطرق على الباب.
ابتعد قليلا مُجبرًا ولو خُيّر ما ابتعد عن جرة العسل التي غرق بها فنفض رأسه يمينًا ويسارًا ثم تمتم بصوت خشن – حسنًا، سأعود إليكِ بعد قليل.
انسحب من حجرة الملابس وخرج لهيا وهي وقفت تبسط راحتها فوق صدرها تحاول التقاط أنفاسها فجلست على أقرب مقعد وهي تردد بصوت مُرتجف – سامحك الله يا مازن.
_____
بعد قليل
كانت سهر تغادر غرفة نومها بعد أن استجمعت رباطة جأشها وقد ارتدت غلالة حريرية ناصعة البياض وفوقها مأزرًا بنفس اللون يُغطي ذراعيها ويصل حتى رُكبتيها ودلفت إلى حُجرة هَيَا التي كانت راقدة بفراشها وبجوارها مازن الذي لا يزال بملابسه وحين رأتها الصغيرة صاحت بحماس
– ها قد أتت ماما.
ابتسمت سهر للصغيرة وأشاحت بوجهها بعيدًا عن مازن الذي تعلقت عيناه بهيئتها الساحرة وأنوثتها الطاغية التي كانت متوارية عن عينيه وها هي يُرفع الستار عنها
جلست بجوار هيا من الجهة الأخرى وطبعت قبلة فوق وجنتها قائلة
– حبيبتي أنتِ هل تناولتِ طعامك؟
هزت هَيَا رأسها قائلة – نعم وأريد قصة قبل النوم، من منكما سيحكيها؟
رد مازن بسرعة – أنا سأحكيها بسرعة حتى ننتهي وتنامين.
قالت باعتراض – ولمَ السرعة أنا لست مُتعجلة.
تمتم بنبرة مُتهكمة – يا ابنتي أنا المُتعجل.
زمت سهر شفتيها على ابتسامة حلوة ومسدت على شعر هَيَا "الملون الناعم" بحنان ثم بسطت كفها فوق خصرها فاحتضن مازن أناملها بأنامله وحانت منهما نظرة عميقة حتى أسبلت سهر أهدابها فأردفت هَيَا بعينين متسعتين
– بابا أنا أريد أن يكون لي إخوة كثيرون.
تفاجأ كل منهما بطلبها المُفاجيء
فأردف مازن دون تفكير – أنتِ فقط حبيبتي نامي واغرقي في الأحلام وأنا أعدك أن أملأ عليكِ البيت بالكثير من الإخوة.
وضعت سهر أناملها فوق شفتيها وأشاحت بوجهها خجلا منه فأردف وهو يُغلق الضوء من جواره ويكتفي بالاضاءة الخافتة للغرفة
– كان يا ما كان في سالف العصر والزمان أميرة جميلة اسمها هَيَا.....
أخذ يحكي لصغيرته حكايتها المُفضلة بصوته الدافيء وكل منهما يحيطها من جهة حتى استسلمت لسلطان النوم فهمس مازن بخفوت – سهر .
ولكن سهر لم ترد فاعتدل بموضعه ليجدها قد أسبلت أهدابها فاتسعت عيناه وأردف وهو يهزها برفق
– لا يا سهر لم نتفق على هذا !
رفرفت بأهدابها وثغرها ينشق عن ابتسامة،كان صوته بالفعل مُحرضًا على الاسترخاء والنوم فغفت لدقائق معدودة ولكنها سرعان ما استفاقت وتمتمت بصوت ناعس
– نحن لم نتفق على شيء بعد.
غمرت الابتسامة وجهه حين سمع صوتها ومد يده لها ليغادران الحجرة بهدوء حتى لا يزعجان الصغيرة ودلفا إلى حجرتهما فعاد التوتر إلى سهر ثانية فأردف وهو يسحبها نحوه مُخترقًا حدودها فيدمجها بحدوده
– عند أي نقطة بالضبط توقفنا في حديثنا الأول ؟
فتمتمت باضطراب من غزوه المُفاجيء – لا أتذكر.
فأردف وهو يشعر بطاقة هائلة تتملكه – أنا أتذكر.
أما هي فكل ما تذكره من هذه الليلة الاستثنائية أنها شعرت على يديه بأنها أُنثى كما يجب أن يكون.
***
عادت فريدة إلى بيتها دون ابنتيها...
ومنذ ما يقارب الشهر خلى البيت من شروق وشمس...
فكانت رقعة الخواء بداخلها تتسع...
كانت تطمئن كالعادة على الجميع قبل نومها،خرجت من حجرة الجدة عايدة بعد أن اطمأنت أن شيري قد نامت والجدة أخذت دوائها ومرت بجوار حجرتي شروق وشمس وسمر وسهر وشعور بالوحشة ينتابها ولكنها نفضت هذا الشعور وهي تردد لنفسها
– حمدًا لله جميعهن بالقُرب ما إن أشتاق لإحداهن حتى تكون بحضني.
دلفت إلى حجرة فؤاد واطمأنت عليه وقد خلد للنوم وكذلك الدكتور فؤاد وحين دخلت غرفتها كان تيمور يرقد بالفراش يضع نظارته ويقرأ كتابًا فأردفت وهي تنزع مأزرها وتضعه على المقعد المجاور
– ظننتك نمت.
وضع الكتاب ونزع النظارة وفتح ذراعه لها فالتجأت له وهمس وهو يضمها بحنان
– أعرف أن الليلة لن تمر عليكِ مرور الكرام ولن تستطيعي النوم.
لمعت عيناها بالدموع وتمتمت وهي ترفع وجهها إليه – هي كذلك.
فأردف في محاولة منه لتهوين الأمر وهو يدرك مدى صعوبته خاصة في البداية
– كل شيء في بدايته يكون صعبًا ولكننا مع الوقت نعتاد.
هزت رأسها وهي تستند بجانب رأسها على صدره فأردف بنبرة خاصة
– ما رأيك أن نستغل الأرق في شيء مُفيد؟
تسللت ابتسامة إلى شفتيها وتمتمت بدلال – شيء مثل ماذا ؟
فأردف وهو يُمرر أنامله بين خصلات شعرها ويحيط جانب وجهها بكفه فترفع عينيها إلى عينيه
– الأمور التي كانت مُؤجلة الفترة الماضية لانشغالك الدائم وعدم تفرغك لي.
قال كلماته الأخيرة يشاكسها ولكنها شعرت بالفعل بأنها كانت مُقصِرة في حقه فتمتمت بحنان وهي تلامس ذقنه تمشط خصلاتها بأناملها
– ها أنا قد تفرغت لك.
ولمساتها الحانية كانت كفيلة بأن تمحي عنه توتر وإرهاق الفترة الماضية ولحظاتهما الحلوة معا كفيلة بأن تبث بداخلها الطمأنينة والسكينة.
***
صباح الخير يا هانم
صباح العاشق الهايم
إذا نامت عيون الناس أنا يومين مو نايم صباح الخير صباح الخير يا هانم.
تسلل صوت كاظم الساهر إلى أذنيها بوضوح فشعرت فريدة أنها نامت كثيرًا وقبل أن تفتح عينيها مسدت بأناملها على الذراع المُستقر فوق خصرها وتمتمت بابتسامة حلوة
– منذ وقت طويل وأنت لم تفعلها يا تيمور، جيد أنك تذكرت أن هذه الأمور الصغيرة تفرق معي.
قالتها وهي تمسد بأناملها على جانب وجهه الذي تغضن وكلمات الأغنية تنساب عبر أذنيه ففتح عينيه في الوقت الذي فتحت فيه عينيها ليتطلع كل منهما في الآخر فأردفت فريدة بتعجب
– ألست أنت من تدير هذه الأغنية لي؟
فأردف بصوت ناعس – أنا لم أستفيق من النوم بعد!
وفي الحديقة كانت شيري تجلس فوق الأرجوحة وبالطابق الثاني يقف عبد الرحمن يرتشف قهوته ببطء واستمتاع وبجواره مشغل الأغاني،منذ قليل حدثها وقال لها أن تنتظره بالحديقة فظنته سينزل لها ولكنه فاجأها بما يفعله،بالأمس فقط طلبتها منه واليوم ينفذها بكل الحُب.
صباح الجوري والعنبر
خطيرة أنتِ وأنا الأخطر
طالب قهوة بلا سكر
أنتِ الشهد يا هانم
صباح الخير صباح الخير
صباح الخير يا هانم.
كانت تستمع إلى الكلمات وكأنها كُتبت من أجلها ينقصها فقط أن يرددها بصوته وهو كان يشرب قهوته وهو ينظر إليها بحب ولو عليه يُحقق لها كل ما تتمناه ولكنها فعلا أمانيها بسيطة وربما هذا ما يشعره دائمًا بالتقصير نحوها.
نزل تيمور إلى الحديقة ليرى مصدر الصوت وحين رأته شيري استقامت واقفة وشعرت بالحرج وحين رفع عينيه للأعلى ووجد عبد الرحمن أردف باستنكار
– ما الذي تفعله عندك يا عبد الرحمن؟
وضع الأخير فنجان القهوة فوق السور وأغلق مُشغِل الأغاني وأجلى صوته قائلًا
– كنت أُجرب مُشغل الأغاني الجديد لأرى مدى كفائته.
رفع تيمور حاجبيه مرددًا باستنكار – في الصباح هكذا؟
فأردف عبد الرحمن بعد ضحكة قصيرة – نعم.
دارى تيمور ابتسامته وسأل شيري التي تقف غارقة بخجلها
– وأنتِ ماذا تفعلين؟ تتأكدين أيضًا من كفاءة مُشغل الأغاني؟
تمتمت بخجل – نعم فهو اشتراه قريبًا وكان يسألني عن رأيي فيه.
مط تيمور شفتيه ثم رفع عينيه للأعلى قائلًا – انزل يا بُني هداك الله .
ثم بسط كفه لتصعد شيري أمامه إلى البيت مُرددًا – تفضلي يا هانم.
وبنافذة حجرتها كانت فريدة تتابع المشهد وهي لا تستطيع السيطرة على نفسها من كثرة الضحك.
***
تململت سمر في نومها وحين شعر فارس بحركتها استفاق كليا وكان منذ قليل يتسلل إلى أذنيه صوت كاظم الساهر وهو بين اليقظة والنوم
فتح عينيه وهو يحيطها بذراعه فيُعيدها إلى جواره ثانية مرددًا – صباح الخير حبيبتي.
رددها وهو يطبع قبلة فوق خصلات شعرها المبعثرة بفوضوية فتمتمت وعينيها مُسبلتين – صباح الخير.
تمتم وهو يتأمل ملامحها الحلوة ويستعيد كل لحظة مرت عليهما بالأمس – ألم تشبعي من النوم بعد ؟
أردفت بوخم – لا ،أشعر أنني أريد أن أنام لعِدة أيام قادمة.
أردف وهو يُمرر ابهامه فوق وجنتها – أجليه لما بعد سفرنا وعودتنا.
رفرفت بأهدابها لتجده يغوص بملامحها فقالت
– لولا أننا بالفعل حجزنا كنت قلت لك نؤجل فأنا أشعر برغبة في أن أظل ساكنة دون أن أفعل شيء لأيام، فقط أنا وأنت.
تمتم بنظرة خاصة – هناك أيضًا سنكون أنا وأنتِ فقط.
مال على وجهها وأخذ رشفة من بحر العسل الذي غرق فيه بالأمس حد الثُمالة ثم أردف بعدها بنظرة متوهجة – كنت أعرف من البداية أن هناك كيمياء عالية ستكون بيننا.
فأسبلت أهدابها وهي تعرف إلى ماذا يرمي بكلماته فلم تصل بعد إلى الحد الذي تستطيع فيه مُجاراة كلماته الجريئة.
***
فتحت هَيَا عينيها فنظرت حولها إلى حجرتها التي تم تجديد دهاناتها وأثاثها فابتسمت ابتسامة حلوة وتثائبت كقطة صغيرة،لم يكن لديها الرغبة في القيام فقد كانت الأيام الماضية ما بين بيت عمها يزن الذي أجره بالقرب منهما وما بين بيت سهر واليوم فقط تشعر أنها عادت إلى بيتها وليس هناك أجمل من الشعور بأمان المرء ببيته،تناولت جهاز التحكم بالتلفاز وفتحته على قناة الأطفال التي تحبها وظلت بمكانها تشاهده باستمتاع.
____
فتحت سهر عينيها بعد أن تسلل إلى أذنيها صوت التلفاز العالي الصادر من حجرة هَيَا فكان مازن غارقًا في النوم،وذراعه يحيطها فغمرته بنظرة حانية وكل ما مر بينهما بالأمس يمر أمام عينيها في شريط متسلسل.
ابتسمت وهي تتذكر كم كان يتملكها الخجل لوقت طويل وكم شعرت في لحظة معينة أنه يحتاج إليها بشكل خاص ،كانت تراه دوما رجل يحتاج إلى امرأة وبالأمس رأت له عدة وجوه
رجل بحاجة لامرأة
وشاب بحاجة لحبيبة
وطفل بحاجة لأم
فكانت له جميعهن وكان لها رجل أحلامها وحبيب عمرها
حاولت الانسحاب بهدوء من جواره حتى لا تزعجه ولكن ذراعه كان ثقيلًا فوقها
حاولت مرة أُخرى فابتسم وهو مُغمض العينين فتمتمت بحاجبين مرفوعين – أنت مُستيقظ يا مازن.
اتسعت ابتسامته وفتح عينيه ليأسرها لون الزيتون بهما كما يأسرها صاحبهما الذي تمتم بصوت رخيم – صباح الخير حبيبتي.
-صباح الخير.
رددتها برقة فسألها وهو يلامس خصلة سوداء فوق جبهتها – نمتِ جيدًا؟
فردت بابتسامة حلوة – نعم .
قال وهو مستمتع بحوارهما الدافيء الخافت بعد ليلة من أجمل ليالي العُمر – كنت أخشى أن تتأثري بتغيير مكان نومك.
فقالت بمنتهى الصدق – أنا شعرت بالألفة في هذا البيت منذ أن كنا نجهزه وبالأمس لم يساورني الشعور بالغربة بالعكس شعرت أنني في بيتي.
ضمها إليه مرددًا بحنان دافق – هو بيتك، وأنتِ وطني.
جملته الأخيرة كفيلة بأن تبث السكينة بقلبها،وهل هناك شعور أصدق من أن يراك أغلى من بالكون وطنه ؟
ظلا قليلًا معا يبوح كل منهما للآخر بمشاعره الحلوة حتى تركها لتأخذ حمامها وخرج هو إلى الصغيرة بمزاج رائق وحين خرجت سهر وجدته قد جهز الإفطار وأعد القهوة فأردفت ضاحكة
– ما كل هذا الدلال ؟ أنا سأعتاد على ذلك .
طبع قبلة فوق وجنتها وقال – اعتادي حبيبتي.
فتمتمت بنظرة حانية – بارك الله لي فيك ولا حرمني منك.
ابتسم ونفس الدعوى يتردد صداها بأذنيه بصوت أمه الراحلة.
خرجت هيا من غرفتها ترتدي منامة رقيقة وشعرها ينساب فوق ظهرها فأردفت سهر بحنان – ما هذا الجمال وهذه الرقة ؟
ابتسمت هيا وانتشت من اطرائها فترجمت سعادتها على هيئة حضن لسهر التي فتحت ذراعيها لها فيشعر مازن بتمام الرضا وهو يراهما بهذا التآلف ثم جلس ثلاثتهم على طاولة السفرة ليتناولوا افطارهم الأول ببيتهم.
***
فتحت شمس باب بيت والدها بمفتاحها الخاص وصاحت بصوت عال والدنيا لا تسعها من فرط سعادتها – بابا ... ماما.
كان عبد الرحمن وشيري يجلسان بحجرة المعيشة يشاهدان تصاميم تخص شقتهما على جهاز عبد الرحمن اللوحي وبالقرب منهما فؤاد الصغير .
فاستقام ثلاثتهم وقد توتروا من صوتها واندفاعها فقال عبد الرحمن بقلق – ماذا بكِ يا شمس؟
وقبل أن ترد كانت فريدة تُسرع نحوها مرددة بأنفاس مُتسارعة – ماذا حدث؟
فلوحت لها شمس بكتاب بيدها قائلة بحماس
– لقد تم صدور روايتي .
قالت جملتها وهي تحتضن فريدة وتدور بها عدة دورات حول نفسها وفريدة تردد بسعادة – مبارك يا شمس مبارك يا حبيبتي.
خرج تيمور من حجرته على أصواتهم فأقبلت شمس نحوه مرددة بعينين تشعان بالسعادة – روايتي طُبِعت يا بابا.
ضمها إليه وهنأها وهو يمسك الكتاب بيده يقرأ اسم الكاتبة المطبوع فوق الغُلاف الرقيق
"شمس تيمور"
فيشعر بسعادة من نوع خاص واعتزاز بابنته
فتمتمت هي بتأثر – افتحه واقرأ الإهداء.
وحين فتحه تيمور اتسعت عيناه تأثرًا وهو يقرأ اهداءها

أهدي عملي الأول إلى
رجلين وامرأتين
-رجل أتشرف وأعتز بأن اسمه يتلو اسمي دوما ،علمني كيف أكون انسانة نافعة لنفسي ولمن حولي ،أهداني الحب دون مُقابل وصرت بفضله ودعمه طبيبة وكاتبة.
-ورجل اخترت أن أُكمل معه ما تبقى من عمري وأشكر الأقدار التي جمعتنا معا.
-إلى امرأة حملتني في سنواتي الأولى ولم يُمهلها القدر أن تُكمل معي الرحلة.
-وامرأة أكملت معي الرحلة بكل الحُب فلها مني كل الحُب.
كان تيمور يقرأ الإهداء بصوت عالٍ فخرجت الجدة عايدة وكذلك الدكتور فؤاد ليستمع الجميع إلى الإهداء المؤثر فيباركون لها وتحتضنها فريدة ثانية وهي تردد بأذنها بحنان دافق
– وأنا أحبك يا شمس، أحبك يا ابنتي وحبيبتي.

نهاية الفصل السادس والثلاثون
"قبل الأخير"
قراءة ممتعة بإذن الله
الفصل الأخير بإذن الله الاسبوع بعد القادم نظرا لامتحانات منتصف العام


Heba aly g غير متواجد حالياً  
التوقيع
لا بأس إن قضيت نصف عمرك غريب الروح إذا كنت ستقضي ما تبقى منه حبيب الروح
رد مع اقتباس
قديم 15-01-24, 11:44 PM   #597

ايمان صفي

? العضوٌ??? » 476237
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 223
?  نُقآطِيْ » ايمان صفي is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك وعيونك مع اني كتير حزينة لان الرحلة رح تنتهي مع هل رواية اللي بتجنن بس ناطرين منك ما تتاخري علينا❣️

ايمان صفي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-01-24, 01:12 AM   #598

Dina abd elhalim

? العضوٌ??? » 434126
?  التسِجيلٌ » Oct 2018
? مشَارَ?اتْي » 242
?  نُقآطِيْ » Dina abd elhalim is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك الفصل روعه روعه مفيش كلام يوفيه حقه عشنا فيه مشاعر جميله
بالتوفيق دائما


Dina abd elhalim غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-01-24, 03:44 AM   #599

حمزة**محمد

? العضوٌ??? » 481498
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 156
?  نُقآطِيْ » حمزة**محمد is on a distinguished road
افتراضي

تسلم ايدك ويسلم اسلوب الحلو انتي راقيه في كل حاجه ما شاء الله
اتمني التوفيق والنجاح في امتحانتكم ربنا ييسر


حمزة**محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-01-24, 12:16 PM   #600

اميرة ياسمين

? العضوٌ??? » 498402
?  التسِجيلٌ » Jan 2022
? مشَارَ?اتْي » 62
?  نُقآطِيْ » اميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond reputeاميرة ياسمين has a reputation beyond repute
افتراضي

شكرا على ابداعك الام هي الحضن الكبير للابناء تفرح لفرحهم وتحزن لحزنهم وما مشاعر فريدة الا دلالة على ذالك حفظ الله كل الامهات والاباء وجزاهم عنا كل الجزاء بااتوفيق في الامتحانات واعانكم الله وبانتظارك دمتي بالف خير
Heba aly g likes this.

اميرة ياسمين متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:30 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.