آخر 10 مشاركات
ذنوب مُقيدة بالنسيان *مكتملة* (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          46 - صرخة البراري - مارغريت واي - ع.ق ( كتابة / كاملة )** (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          حب غير متوقع (2) للكاتبة: Mary Rock *كاملة+روابط* (الكاتـب : monaaa - )           »          لا تَرُدِّي ناشدًا.. سعاد محمد (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          2 ـ عصفورة النار ـأن ميثر كنوز احلام قديمة (كتابة /كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          الابتزاز العاطفي (72) للكاتبة: لين جراهام .. كاملة .. (الكاتـب : سما مصر - )           »          القفص الذهبي (68) للكاتبة: أبي غرين (الجزء الاول من سلسلة الشقيقان) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          سراب الحب (8) للكاتبة الخلابة: نور الهدى *مميزة & كاملة* (الكاتـب : نور لينة - )           »          متاهات بين أروقة العشق(1) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          عندما يعشقون صغاراً (2) *مميزة و مكتملة *.. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree6588Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 24-08-23, 03:15 PM   #1281

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور الهدى نسيم مشاهدة المشاركة
شكرا لمرورك الطيب وردك على تعليقي
لأول مرة ءرى كاتبة مهتمة جدا جدا وترد على القراء
وهذا يحسب لك

لأنك مميزة بلاشك

رزان ماعرفت عمرها بالضبط
يعني ممكن ريناد
او تكفيه رغد هههه

رزان 27
وسيف عدا ال 40
ههههههههههههههه


Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-23, 03:30 PM   #1282

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة aurora مشاهدة المشاركة
عشان تنتبهوا يا بنات للاعلان


Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-23, 05:09 PM   #1283

loussa

? العضوٌ??? » 437551
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » loussa is on a distinguished road
افتراضي

تسلمي عالروايه

loussa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-23, 07:36 PM   #1284

فاتن مصيلحى

? العضوٌ??? » 489643
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » فاتن مصيلحى is on a distinguished road
افتراضي

أحلى وأجمل كاتبة فى الدنيا

فاتن مصيلحى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-23, 07:53 PM   #1285

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الفصل السادس والعشرون

.

.


أنا رجل لا أميل .. ثاقب النظرة .. سديد الرأي
أعرف جيداً متى أحيك الورد سجاداً لك
و متى أمحو الأحلام
لكن إياك ثم إياك
أن تجربي اللعب فيما يمس عائلتي
حينها صدقيني ستجدينني رجلاً لا يعرفك
رجلاً يحيل الورد شوكاً و البسمة دمعاً
و الضحكة بؤساً و حزنًا ..

.

.


سيف
====================


انقضى العرس على خير الحمد لله و انحسرت معه طاقته الى الصفر فصعد رداد لسيارته حتى يعود لمنزله
و يرتب حقيبة سريعة من أجل المستشفى فجراحته ستكون صباحًا كأقصى حدّ له سمح له الطبيب …
وقد تأخر لأيام طويلة و المسكن لم يعد يجدي نفعًا معه ليُحارب الألم ..
صغّر عينيه في السيارة التي أمامه فهي سيارته الثانية التي أعطاها للسائق لأجل مشاوير عائلته ..
اتسعت عينيه كعينيّ السبّع ..!!
وتلك ..!!
تلك التي اقتربت من سيارة السائق و تتهادى
و كاد يُقسم أن يترجّل الآن فيكسر لها ساقيها و قد عجز عن تعديل مشيتها الملتوية …
ولكنه تمهّل ..
يعرفها ..!!
يعرفها من ظلها و مشيتها و يحفظ جميع حناياها شبرًا شبرًا ..
فتحت باب السيارة ثم عادت للخلف و أغلقت الباب …
ووقفت هكذا كالمومياء المحنطة من زمن الفراعنة في وسط الشارع بزينتها التي رأها و تخفيها أسفل عبائتها و السيارات مزدحمة أمام باب الشاليه ..
تلك الزينة التي سلبت عقله بنعومتها حينما رأها للوهلة الأولى فخطفت أنفاسه …
عندما كانت تلتقط بعض الصور مع فرح و تنظر له بعينيها العاتبتين وفمها الشهيّ مزموم ..
و كأنها تقول له أرفض لنرى ؟!
فهي تعرف أنه لا يحب أن يلتقط أحدًا صورها ..
و لكنه حجب غضبه داخل صدره الذي يتألم و شاركهما بعض الصور للذكرى لأن فرح قد طلبت منه …
ثم ابتسم و هو يتذكر منارته و صدمتها المرتاعة قبل ساعات عندما تنازل أكثر عن بعض من مبادئه بما أنها لن تضر بشيء …
فأزاح فرح عن طريقه بهدوء …
فيلتقط خصر زوجته الذي شعر به قد ازداد وزنًا وبرز جوفها بروزًا ملحوظًا خلال فترة منذ رحيلها من منزله ..
ويشعر بطول الغياب …
وطلب من المصورة أن تلتقط لهما صورة فهما لم يتصورا في زواجهما ..
وقد كانت تبدو مبهرة باندهاشها واستنكارها …
شفتيها المنفرجتين الشهيتين بلونهما الوردي
رقتها وهي قريبة منه لهذا الحد المؤلم …
تنازل لأجل عينيها الجميلتين حتى لا يرى الحزن يطوف بهما ..
يريدها أن تصبح سعيدة معه ومرتاحه لا ينغص عليها شيء ..
أن تخبره بما تريد و تحدث إليه دون تردد أو خوف
اكتشف أن خوفها من غضبه هو ما يجعلها تصمت ولا تتحدث إليه
ولا تخبره عن ما يجول في خاطرها ..
لولا أمر جراحته بعد ساعات ما كان ليسمح لها بالعودة هذا اليوم لمنزل عائلتها ولو على جثته و لَحَلّ مشكلتهما في منزلهما ..
وهذا ما جعله لا يضغط عليها بالعودة ..
نظر اليها عبر زجاج سيارته قاطب الحاجبين مكفهرّ الملامح لوقوفها الطويل في الشارع
تعبث بهاتفها …
ثم فجأه سمع رنين هاتفه لينظر اليه و قد كانت هي من تتصل عليه ..
شعر بالتوجس فترجل من سيارته وتوجه إليها بخطواته الصلبة …
يقول بحدة :- ليش واقفة هنا كل ذا الوقت ؟!
انتفضت كمن قرصها أحدهم فنظرت له من خلف فتحات نقابها و ردت بحرج :- كنت اتصل عليك أشوف وينك إذا ممكن ترجعني بيت أهلي ؟!
أصرّت و ضغطت على كلمة “ بيت أهلي “
ثم تابعت بحرج أكبر :- جعفر جا وما معه العاملة .. وأدق على عيسى و ما يرد عليّ اتفقنا إنه هو الي يرجعني ..
حسنًا ..
إذًا كان هو آخر الحلول ..
اقترب رداد من سيارة السائق واستند بساعده إليها ليفتح السائق النافذة مذعورًا لطلته …
لا لشيء …!!
ولكن هكذا فطلته ونظراته القاسية دائمًا ما تثير الرعب في الأوصال ..
رغم أنه يتحدث بهدوء تام كالآن عندما سأله :- ليش ما جبت العاملة معك ؟!
فيرد جعفر بخفوت :- تعبانه و بطنها يعورها …
فيقول رداد من بين أسنانه يحاول أن يكبح غضبه :- المرة الثانية تكلمني لا تتصرف من راسك .. مفهوم ..!!!
فهذا السائق يعلم أنه يرفض رفضًا باتًا أن تخرج معه زوجته لوحدها فما تزال صغيرة وليس مثل فرح ..
هز جعفر رأسه بهدوء يشتت عينيه عن عينيّ رداد …
فيتابع رداد بحنق وهو يعدل وقفته :- يلا تلايط أشوف ..
بكل وقاحة يأتي بدون المساعدة …
هذا ما كان ينقصه أن تعود زوجته مع السائق لوحدها ليلًا و قد تجاوز الوقت منتصف الليل في مكان بعيد عن أضواء المدينة …
فيستدير حيث تقف هي ويبدو التعب عليها جليًا فلقد استشعر تعبها من صوتها المنهك ..
ليرق قلبه لها ..
وضع ذراعه خلف ظهرها بالقرب من كتفها دون أن يمسّها لتسير معه إلى سيارته ..
التي لا تتذكر متى آخر مره قد صعدت إليها و كم اشتاقت لهذه اللحظات البسيطة معه ..
فتح لها الباب حتى تصعد تحت أنظاره التي شعرت بها ستحرقها لا ماحاله كما في العادة ..
واستدار ليركب في مكانه ..
ثم شعر أنه يرغب في التقاط كفّها الباردة كالصقيع يحتضنها بكفه الدافئة ..
وقد فعل …!!
أما هي فصمتت على مضض و لم تعارض لقد اشتاقت إليه حدّ الألم فلا مانع أن يمسك يدها التي احترقت بدفء يده …
لكنها لن تتنازل عن حقوقها …
سار في طريقه وقد حلّ عليهم صمتٌ مهيب ..
الطريق مظلم و طويل ..
لكن الظلام سيتبدد ويظهر النور و الطريق سينتهي ويطُوى بعده لا محاله ..
فنهاية الطريق قد اقتربت أكثر مما كان يتخيل ..!!
قاطع الصمت صوتها الناعم تقول بأسى هادئ و عينيها تنظر للطريق المظلم بشرود :- شفت ريناد بالعرس ..!!
فلقد رأتها بعد أن التقطت معه الصور …
كانت أجمل اللحظات التي لم تتخيلها في حياتها الكئيبة بأنه تنازل عن استبداده ليلتقط معها بعض الصور ..
فتعود للعرس و روحها المنعشة تحلق كالفراشات
و الابتسامه تزين ثغرها ..
شعرت بجسده يتشنج وقد سار التشنج على ذراعه حتى وصل ليده ..
فيرد بصوتٍ متعب :- ما أدري وش الي جابها ؟! بس الأكيد ماحد من طرفنا عزمها ..
فقالت بذات الشرود دون أن تنظر اليه :- أدري .. قالت لي إنها جايه من طرف أم العريس ..
لم ينظر إليها و رد بهدوء وقبضته تشتد على يدها دون أن يشعر :- بس هذا الي قالته ؟!
تنهدت فنار لتتابع بضيق أطبق على صدرها كلما ذُكر اسمها بينهما ولا تعرف لما تجلب الضيق لنفسها :- قالت لي إنه خالها هو الي طلب منك تتزوجها وشخصياتكم ما تتناسب ويعني من هذا الكلام …
زم شفتيه وعقد حاجبيه ليسألها بتوجس :- بس كذه ؟!
هذه المرة هي من غضبت برقة لتسأله بحيرة :- إيه بس في شيء ثاني لازم أعرفه ؟!
هذه المرة هو من ابتسم واستدار برأسه إليها فيقول بصوت منهك :- شي لازم تعرفينه ؟! لا ..
بس إذا ممكن نقفل على هذا الموضوع نهائيًا و لا عاد نفتحه ؟! لأن الموضوع انتهى يا فنار انتهى …
يكفّي تعذبين نفسك وتعذبيني معك ..
و أنا أعتذر منك لأني ما علمتك من البداية ..
بس أنا انسان كتوم و هذا طبع فيني من الصغر ما أقدر أغيره بيوم وليلة ..
نعم هي تعرف ذلك ..
إنه متباعد دومًا لا يفصح عن مشاعره أو عن ما يحبه او عن ما يكرهه …
عليها أن تكون هي الفطنة وتكتشف ذلك بنفسها و هذا يُضايقها ..
ارتعشت شفتيها بينما غامت عينيها بشرود :- أدري إنه الموضوع انتهى بس غصبًا عني أغار ..
و لا ودي بعدين إنك تخبّي عني أي شيء ..
ما هو المفروض إني زوجتك وشريكة حياتك ؟!
ما هي حلوه بحقي أعرف من الناس أشياء تخصك .
توجس رداد من حديثها …
هل تلمح أنها تعرف عن جراحته ؟!
ولكنه تجاهل هذا الإحساس و سحب كفها لفمه و ليُلثم باطنها ..
فترتعش هي في مكانها بتأثر من حركه لم تتوقعها منه و شعرت بقلبها ينبض بشدّة ويغوص في أعماقها ..
فيفاجئها رداد قائلًا بتهور منفعل و ليس من عادته البوح بمشاعره :- وأنا بعد غصبٍ عني أغار بس تفتحين الموضوع الي تعرفينه ..
لتخفت نبرته فورًا يردف بتأني :- و أبشري ما عاد بكون في بينا أسرار إذا هالشي بضايقك ..
تنهد بكبت و لا يستطيع أن يؤذيها بهذا الخبز
لتمر جراحته على خير وبعدها لكل حادث حديث
احمرت وجنتيها و عرفت ما يقصده بغيرته …
رغم أنه شتّان ما بين الموضوعين ولكنها سعيدة أن لديها شيئًا تغيظه به ..
وأنه يشعر بما تشعر هي نحوه وقد عبرّ ولو قليلًا عمّا يجول في خاطره ..
فتهمس من بين أسنانها بتوجس :- على هذا الطاري ترى عرسه اليوم على بنت خالتي ترف ..
تنهد رداد بنفاذ صبر …
لتتابع بهدوء بغيض تستفزه و كأنها تريد أن تختبر ردة فعله :- و خالتي سارة بتسوي لهم " زوارة " بعد ما يرجعون من شهر العسل للماقدر يحضر العرس و أنا صراحة ودي أروح و أواجه الكل ..!!!
كانت تتحدث بثقة نابعة من أعماقها ولم تحاول النظر لعينيه القاسيتين كالوحوش ..
لقد استنكرت صمته دون أن يقذفها بكلامه المسموم فتلتفت إليه بهدوء ..
فهالها بأن تراه يرمش بعينيه مرارًا يحاول فتحهما وكأنه يشعر بالنُعاس …
بينما يقود السيارة ببطء شديد في جوف الظلام ..
إنه الآن مشوش جدًا وغير قادر على التركيز ..
فكّر بسخرية أن التعب المضني قد قاطع لحظات حديثهما الشيّق و تشوشت عينيه على الطريق و شعر أنه بعد دقائق سيفقد الرؤيا ..
فوقف بمكانٍ مناسب بجانب الطريق و يُشغل الغمّازات المضيئة ..
يُريح مؤخرة رأسه على المقعد فتتعثر أنفاسه ورئته لا تساعده على التنفس جيدًا ..
يحاول أن يلتقط أنفاسه المتبعثرة لقد كان متعب و شديد الإنهاك و عرف أنه لن يستطيع إكمال الطريق فهو الآن في أكثر حالاته وهنًا كما لم يكن من قبل …
ويكره هذا الإحساس أمامها أن تراه بكل هذا التخاذل …
فهمس بصوتٍ فاتر :- فنار افتحي الدرج عندك في مسكن هاتيه و دقي على عيسى يجي ياخذك الحين ..
نظرت له بحيرة قاطبة ملامحها بألم من حاله و هي تراه بهذا الضعف لأول مرّة ..!!
فتنفذ أمره الأول وتخرج المسكن فتساعده على ابتلاعه …
وهالها رؤيه هذا المسكن من أقوى أنواع المسكنات و العلبة على وشك النفاذ ..!!!
فتقول بصوت غمره الوجع وحاجبيها مقطبين :- رداد تكفى وش فيك ؟! ليش تعبان ؟!
فيهمس يربت على يدها يبثها الإطمئنان :- ما فيني شيء يا بنت الحلال تعب عادي ما نمت زين يلا دقي على عيسى خلّه يجي ..
تمسّك بها العناد و اشتد لتنفعل بغضب و هي تعرف أنه يكذب لتهتف بقنوط :- حرام عليك يا رداد وبعدين معك ؟!
مو توك تقول ما في أسرار و المفروض إني شريكة حياتك ؟! وين الشراكة ؟!
و أنت تخبي عني كل شيء وتقصيني من كل القرارات ..
أليس عليهما أن يكونا معًا في السرّاء والضراء ؟!
ازدادت نبرتها حدّة ناعمة لتقول بتصميم طفولي :- الحين تقولي وش فيك ولا عاد ما بتشوف وجهي مرة ثانية ؟!
لم يعد يستطيع المقاومة أكثر و هذه العنيدة تطن بصوتها على رأسه كطنين النحل و لن تتركه وشأنه قبل أن تعرف ..
فيخبرها بكل شيء بإختصار منهك ..
فتشهق فنار بهلع :- يمّة منك ومن الجبروت الي فيك … صابر كل هذا الوقت على الوجع وتاخذ من أقوى المسكنات الي ممكن تسبب لك مشكلة ثانية عشان عرس فرح بس ..!! ولا فكرت تعلمني عشان أكون جنبك ..
ليهمس لها :- ما أبيك ترجعين لأني تعبان وتحسين إنك مضغوطه ودي كان ترجعين برغبتك ..
شعرت برغبةٍ كبيرة للبكاء ألمًا عليه وعلى صبره الأحمق …
و لكن هذا ليس وقت البكاء فعليها أن تتصرف و هي في وقت الأزمات تعرف كيف تتصرف دومًا ..
فهو منهك جدًا يبدو تنفسه ضئيلًا حتى رأسه يحاول أن يرفعه فيعود للخلف قسرًا وكأن مغناطيسًا يجذبه …
التقطت هاتفها و اتصلت فورًا على أحدهم فأكيد أنه لم يبتعد كثيرًا …
فتقول بصوتٍ حازم لا يليق بدلالها :- جعفر أنت وين ؟! طيب ارجع الحين أرسل لك لوكيشن ..
عقد رداد حاجبيه بضيق يُحاول إلتقاط أنفاسه بصعوبة حتى يرفض …
و عرفت ما هو الشيء الذي يشعره بالضيق الشديد فيطبق على رئته ..
و قالت تهمس بخفوت حاني قرب أذنه :- حبيبي إهدى ولا تضغط على نفسك أكثر ..
أدري إنك ما رح ترضى تروح مع السواق و أنت في هاذي الحالة بس الضرورة ما في إلا هذا الحل بنروح المستشفى و أنت ساكت ..
نظر لها بعينيه الحادتين يخترق جمال عينيها الواسعتين كعينيّ المها …
لقد استسلم على مضض و رغمًا عنه
فهمس بخفوت شديد مُختصرًا بحدة :- ما تروحين بالفستان ومكياجك امسحيه ..
تتأففت بضجر و ضربت كفيّها ببعضهما من عناده الفظّ ..
هل هذا وقته الآن ؟!
اتصلت على والدتها وأخبرتها أن تُحضّر لها حقيبة في المستشفى حتى تغير ملابسها و تمسح زينتها ..
فهي لن تتركه ولا للحظة واحدة …
فجأة شعرت بحنانٍ غائر و قلبها يلين لأجله …
فهو يستحق أن تعطيه فرصة ….
أمّا جُرحها منه فهي واثقة أن الله سيربط على قلبها في يومٍ ما فهي لم تتوقف عن الدعاء وعن الإستخارة ..
صوت في أعماقها يهمس أن الزمن كفيل لمعالجة جروحها …
فما زال حديثهما في منتصفه ..


====================


كانت فرح تتجول في شقتها الصغيرة تستكشفها …
لقد قررت البقاء ليومين هنا بدلًا عن الفندق من أجل تركي و لأنهما سيسافران لشهر العسل إلى مكّة لأداء العمرة أولًا ثم الى أوروبا ..
لقد ذهب معن مع إخوته لقضاء صلاة الجمعة ثم من هناك يذهبون إلى المقبرة لزيارة والدهم ..
و من بعدها يتوجهون لإحضار مقاضي الأسبوع و ربما بعض الكيك والحلا من أجل قهوة العصر
كعادة عائلية اسبوعية تتكرر كروتين أسبوعي ..
ولكن اليوم بإختلاف بسيط لن يشاركوهم العادات لأنهم ما زالوا " معاريس " …
صلّت فرح الظهر و قررّت أن تنزل لتسلّم على خالتها إلى أن يأتي معن ..
إرتدت عبائتها إحتياطًا وخرجت من الشقة لتتفاجأ بالشقة المقابلة لها يُفتح بابها فتظهر من خلف الباب إمرأة هي تعرف جيدًا أنها تكبُرها عمرًا ربما في منتصف الثلاثين و أكثر ..
ولكن لا يبدو عليها هذا قطعًا ..!!!
ربما بسبب بعض الإجراءات التجميلية التي تقوم بها للمحافظة على رونقها …
إبتسمت لها رغد وقالت :- أهلًا يا عروسة …
تعالي إشربي فنجان قهوه لين يرجعون الرجال ..
لا تعرف لما شعرت فرح بالقشعريرة من إبتسامتها ونبرة صوتها الغريبة …
و لكنها قررت أنه من الأفضل أن تتعرف إليها لتعرف هي من أي فصيلة من الناس ؟!
و تتعامل معها على هذا الأساس …
فدائمًا عند أول لقاء بأي أحد تكون متوجسة حتى تعرف طينته …
دخلت فرح للشقة تنظر لها بإنبهار وتهمس بداخلها " ماشاء الله لا قوة إلا بالله "
لقد شعرت أنها تدخل إلى ردهة أحد الفنادق الفاخرة ..
أثار الثراء واضحة على كل قطعة في طريقها للصالة فهي لم تستقبلها بالمجلس ..
يناقض تمامًا أثاث بيتها البسيط الذي اختارته مع معن ..
لاحظت رغد إنبهارها فتقول سريعًا بدلال :- عاد كل شيء تشوفينه هنا من مكان شي من إيطاليا وشيء من اسبانيا و الصالة احسن كنب تاخذينه من أمريكا ..
عبست رغد بوجهها و نفثت هواءً من فمها فتتابع بتحذلق وهي تحرك يديها أمام صدرها :- يووه لو تشوفين تعبنا و هلكنا أنا وسيف و حنّا ندور في المحلات وتختارين قماش وخامات وعلى أعصابك يوم ترجعين ويشحنونه نفس يكون الي تخيلتيه أو لا ..
حركت يدها بجانب رأسها بينما تجلس على الأريكة وتقابلها فرح :- عقل خلاص ما عاد في عقل دخنا ..
نظرت فرح لزينتها المفرطة أكثر من اللازم بما أن الوقت ما زال ظهرًا ..!!
كيف ترتاح بأطنان مساحيق التجميل على وجهها ؟
ثم لوت فرح شفتيها و ردت ببساطة :- ما حد حادك تتعبين وكل شي متوفر هنا ..
ضحكت رغد بتزلّف فتشوح لها بكفها :- يا شيخة كل شيء هنا مكرر ونفس الشي بكل المحلات و أنا أحب أكون متميزّة ..
اغتصبت فرح ابتسامة تجاملها ..
ثم قالت رغد بعينيها النفّاذتين :- ما علمتيني وش تشربين قهوة ؟!
تابعت بتباهي :- تخيلي نفسك بكوفي كل شيء عندنا ..!!
تنهدت فرح و ردت بإختصار :- أي شيء من يدك ما تفرق ..
لم ترتح فرح لها أبدًا فمنذ دخولها من الباب و هي تشن عليها هجومًا كاسحًا بكل ما أوتيت من قوة وأسلحة من خلف غلاف إبتسامتها التي استشعرت الآن خبثها ..
قدمت لها رغد القهوة وسألتها فرح بلطف :- سمعت عندك توأم ؟! نايمين للحين ؟!
جلست رغد أمامها بأناقة وقالت بهدوء :- نايمين تحت يوم عرفوا انه تركي نايم تحت غاروا ..
وغمزت لها بعينها بمكر …
واعتبرتها فرح غمزةً وقحة كأول لقاء لهما معًا .!!
ثم تابعت رغد بتباهي :- دام معهم خدامتهم عادي ما تفرق ..
نظرت لها رغد تخترقها بنظراتها القوية وتابعت بتفاخر :- عندي خدامة ..
قالتها و كأنها تغيظها ..!!
عادت فرح تغتصب إبتسامتها حتى شعرت بفمها يتمزق من شدّها عليه و باغتتها رغد بسؤالٍ وقح ..!!
حيث سألتها :- إلّا صدق ليش جيتوا لبيتكم يا المعاريس ما رحتوا لفندق ؟!
فتابعت رغد بعدم تصديق وعينين متسعتين بدهشة :- ندري إن معن على قد حاله بس ما هو لدرجه يجيبك البيت في أول ليله و تسكتين له بيتمادى مع الوقت ..
فترتشف فرح بعض القهوة بهدوء تام تحاول تمالك أعصابها من الانفلات حتى تخرج من هذا العرين ..
و ردت بهدوء يناقض العواصف التي تدور في داخلها فتبعثر كل شيء أمامها :- أنا الي قلت له عشان تركي لا يفقد ابوه و يحس إنه قريب منه ..
وهي كلها يومين و بنسافر ..
إرتفع حاجبيّ رغد بغرور وكأنها تذكرت و قالت بخبث :- صح وين بتسافرون شهر العسل ؟! داخل السعودية ؟!
قالتها و كأنها تستهزأ بها ..
و قبل أن تجيب فرح ….
أردفت رغد بتفاخر مستفز :- حنّا رحنا لألمانيا ولفّينا أهم المناطق في أوروبا ..
و كأنها تغيظها أكثر و تقول نحن أفضل حالًا منكم
تجاهلت فرح متعمدة أن تجيبها عن تساؤلها …
و ردت ببرود كالصقيع تنظر لها من خلف أهدابها كريش الصقر :- ما سألتك وين رحتِ شهر العسل ؟! ولا لي دخل اسأل …
وكأنها تقول لها " لا عاد تسألين بشيء ما يخصك "
أطلقت رغد ضحكةً صاخبة :- أنا جاوبتك عشان لا تقولين فضولية بس تسأل ولا نعرف عنها شيء ..
تنهدت فرح لتشرب آخر رشفة من فنجانها و أخيرًا حتى تنهض تريد الإستئذان ..
قائله بأدب وهي تنوي أن تكون هذه المرة الأولى و الأخيرة أن تدخل هذا المنزل :- يلا عن إذنك بنزل أطمن على تركي ..
قالت رغد بخبث :- تحبينه ؟!
ارتفع حاجب فرح بتحفّز :- أكيد أحبه و أخذ قطعة من قلبي ..
فترد رغد ببرود و بنظرات عدم التصديق :- اااه بس مع ذلك تضلين زوجه أب إن رحت ولا جيت احس فيك شي مانيب مرتاحه لك ..
مسكين هالتركي الله اعلم وش بتسوين فيه ؟!
شهقت فرح بذعر لوقاحتها الشديدة معها و منذ اللقاء الأول ..!!
فتقول بحدة وظهر الغضب جليًا على ملامحها السمراء وقد أغضبتها حقًا عند هذه النقطة :- لو سمحتِ هاذي المرة الأولى الي أدخل فيها بيتك ودخلته وأنا محترمه و المفروض أقابل هذا الإحترام بنفسه ..
ما أسمح لك تتكلمين عني و أنتِ ما تعرفيني ..
فتخترقها فرح بنظراتها القوية كالرمح :- بس الواضح إني عرفتك .. عرفتك زين ..
كادت أن تغادر فرح المنزل وداخلها يغلي كالمرجل إن كانت لا تحترمها بهذه الطريقة ..
فكيف تحترم زوجها وباقي الناس ؟!
أعوذ بالله …!!!
ولكن فرح توقفت وجسدها يتشنج بذهول …!!
وقد وصلها صوت رغد متجمدًا كالصقيع
عندما لم يعجبها ردها وهجومها عليها بهذه الطريقة الفظة …
فقالت بنظراتٍ باردة صقيعية :- إيه صح يا سلفتي الحلوة .. لو بغيتِ تعدلين على شقتك تكسير ودهان و خرابيط يا ليت تعطينا خبر قبل ..!!
ارتفع حاجبيّ فرح للأعلى حتى وصلا لمنابت شعرها من الدهشة ..!!
فهذه المرأة غير معقولة أبدًا ….!!!
فاستدارت إليها فرح ترد بشراسة :- وليش أعطيكِ خبر إن شاء الله لو بغير شيء في شقتي ؟!
فتقذفها رغد بقذيفة من بين شفتيها :- لأنكم يا حبيبتي مستأجرين عندنا …!!
لاحظت رغد تشنج فرح وتصلّبها وامتقاع ملامحها الواضحة لتردف بذهول زائف و كأنها أخطأت الكلام :- أوووبس آسفه ما دريت إنه زوجك ما علمك عن الموضوع ..!!
ثم تابعت بسخرية مبطنة خلف شفتيها المبتسمتين :- بس لا تشيلين هم طبعًا أجار رمزي سيف أصلًا كان رافض ياخذ الأجار بس زوجك عنده ذوق وقرر يدفع له ..!!
فهمست فرح بخفوت كاذب :- لا يا روح أمك أعرف و زوجي علمني بس أنا متفاجأة من أسلوبك الغريب و هذا أول لقاء لنا ..
غادرت فرح بعنف تجر أذيال العاصفة من خلفها ..
أما رغد ففور خروج فرح من شقتها وصلها إتصال من الهاتف من خالتها تخبرها به أنها سترسل لها أطفالها ..
و قد عرفت الآن أن سيف قد صرّف الخادمة …
اتسعت عينيها بذهول وصدمة …!!
كيف يفعل ذلك ؟!
خادمة واحدة بالكاد تقوم بأمورهم فكيف يخرجها ؟!
فجأة انتابها الذعر …!!
و تذكرت تلك السنوات العشر دون الأطفال أجمل سنوات قضتها في حياتها …
لطالما كانت تعيش أميرة كالأميرات طوال عشر سنوات أغدقها سيف بالدلال …
بالطبع يشتري سكوتها عن سره الذي لا يرغب بأحد أن يعرفه و هي كانت تأخذ وتعطي بذلك القدر الذي يريد ..
ولكن فجأة نجحت محاولاتهما للإنجاب و أصبحت حامل وسعدت لذلك ..
وتأملّت أن يكون طفلًا واحدًا ليتضح انهم ثلاثة دفعة واحدة فتنقلب حياتها رأسًا على عقب ..!!
فعلًا ..
فقد شعرت بذلك وكأنها ساعة رملية تتقلب للأعلى والأسفل …
لقد ساعدها سيف كثيرًا ووفر لها كل أساليب الراحة و تجاوزت مرحله اكتئاب ما بعد الولادة و الخوف من التوأم بوجوده معها ..
فالفرحة لم تكن تسعه بعد كل هذا الإنتظار ..
ولكن …!!!
و مع ذلك حياتها انحسرت وضاقت بهؤلاء الأطفال فقط ..
وبالرغم انه احضر مساعدة و لكنها لم تعد تستطيع الخروج مثل السابق ..
فهو لا يقبل أن يجلسوا لوحدهم مع المساعدة ..
حسنًا …
يساعدها بهم دائمًا و يجلس معهم بالمنزل لتخرج هي و تتنزه وتروّح عن نفسها ..
ولكن هي ايضًا تريد الخروج معه و كان يحقق رغبتها بأن يستأذن اخته أن تهتم بالأطفال بوجود المساعدة ..
ولكن تلك اللئيمة غزل منذ عرفت أن أخيها يترك عندها الأطفال ليخرج معها باتت ترفض الاهتمام بهم و هو بات يُحرج ان يطلب ذلك من اخته ..
وحتى السفر لم تعد تسافر معه لوحدهما و إن سافرت أُجبرت على أخذ الأطفال معها …
فلا عائلته و لا عائلتها يقبلون تحمل مسؤولية ثلاثه اطفال حتى مع المساعدة ..!!
وهم محقون مساعدة واحده لا تفي بالغرض مع هؤلاء المشاغبين ..
وكأن الجميع يقولون لها لقد أصبحتِ أم …!!
ونضب وقت الدلال إجلسي وانتبهي على أطفالك ..
هي تحبهم كثيرًا و تخاف عليهم من العين والحسد
ولكن لا يعني ذلك أن تدفن نفسها حيه من اجلهم ..
وهي تكره هذه الحياة التي أجبرت عليها ..!!
تكرهها و لا تشعر بالرضى ..
أبدًا لا تشعر بالرضى ..!!
هي تريد حياتها السابقة قبل وجودهم لقد أخذوا من طاقتها الكثير واستنزفوها ..
والآن هل يجرؤ ويبعد الخادمة بعد كل ذلك ؟!


****************


غيرت فرح رأيها ولم تنزل للأسفل لترى خالتها وبالطبع هي عروس لن يلومها أحد و عادت لشقتها تتنهد بكبت وتنتظر معن …
بينما سلفتها قد عكرت صفو مزاجها اليوم ..
عكرته كثيرًا وضايقتها ..
ليس من أجل إظهارها بأنهم أفضل منهم حالًا ومادة …
لا لا لا ….
بل من أجل ذلك الكلام الذي قالته بأنها زوجة أب ..!!
فقد جرحها و إنتابها بعض الذعر بأنها قد تؤذي كوكي دون أن تقصد أو تظلمه …
سمعت صوت الباب يُفتح ويدخل معن مبتسمًا ..
فترد له الابتسامه بتوتر ..
فيسألها بمزاجٍ رائق :- طفشتِ و أنتِ تنتظريني ؟!
فترد ببهجةٍ زائفة :- لاااا … تسليت مع زوجة أخوك عزمتني على فنجان قهوة ما شاء الله عليها ..
ضمت اصابع يدها وهي تحركها للأمام و الخلف تتابع ضاحكة بمرح هذه المرة :- ترمي عليّ قذائف و صواريخ من أول لقاء ..
ارتفع حاجبه بارتياب ولم يضحك فلا شيء يثير الضحك إن ذُكرت زوجة أخيه في الموضوع …
فكل ما يثيره النفور و الإشمئزاز و هو يتذكر زوجته الأولى ..
التي جعلت من حياته جحيمًا بسببها و بسبب غيرتها من كل شيء و على أتفه الأشياء ….
ليطلقها و تتزوج شخصًا ثريًا كما أرادت وتسافر للخارج تاركه له تركي ..
الشيء الوحيد الذي يشكرها عليه فقد كان هو أنيسه في وحدته التي غرق بها في بحرٍ أسود عميق لا نهاية له ..
ولكن بالطبع فكل شيء له نهاية ..
فهو لم يكن يريد من فرح أن تختلي بها أو تقابلها بشكلٍ خاص ..
فسألها بحيرة :- وش الي صار ؟!
أخبرته فرح بكل شيء بمزاحها المعتاد ولم تخفي عنه أي أمر فهي لا تريد أن تبدأ حياتهما بالأسرار والخداع فكل ما يضايقها ستخبره به وستطلب منه أن يفعل المثل …
انتهت من حديثها بينما كان هو عابس الوجه بشدّة ..
وقالت فرح بعتاب :- وآخر شيء علمتني عن موضوع الشقة و إنك مستأجرها وبكل وقاحة تطلب مني لا أسوّي فيها شيء …
برر لها معن بضيق أطبق على صدره :- ما قد صارت فرصة عشان أعلمك بس في النهاية أكيد
بتعرفين الموضوع ما هو سر …
ردت فرح بخفوت :- أدري يا عمري وعشان كذه مشّيت الموضوع وسويت نفسي أعرف .. الي ضايقتي إني عرفت منها و كأن قصدها تخبب بينا من البداية أعوذ بالله منها …!!
إرتفع صدر معن وانخفض بشدة والقهر يملأ حناياه ..
و الغضب زحف زحفًا على جسده ..
لقد تفاجأ من رده فعل فرح لو كانت تلك لفضحته في التوّ و اللحظة ..
ثم اندفع نحو الباب ليقول بغضب :- بروح أكلم أخوي …
شهقت فرح لتتبعه وتسحبه من معصمه قائلة بإنفعال :- معن مو من جدك ؟! بتروح تعلمه وتسبب مشاكل بين الأخوان عشان حريم العيال ما قلت لك عشان تروح تعلمه … أنا ما أبغى إلا كل شيء بينا يكون واضح من البداية وصريح عشان لا أحد يشيل على الثاني شيء …
إزداد عبوس وجهه و رد بحنق وغضب :- ما كنت بعلمه عن زوجته الغثيثة هذا الي ناقص أتكلم في النسوان عند أخوي و هو مغرّقني بكرمه ..
كنت بقوله بطلع من الشقة ما ودي نفس المشاكل تتكرر مرة ثانية يا فرح …
قال جملته الأخيرة بقنوط شديد أثقل قلبه …
و زمت فرح شفتيها بضيق لحاله وكم يبدو يائسًا …
فتحيط ذراعيها على خصره وتعانقه بحنان لتهمس بمنطقية :- الحين أمك تزعل و أخوك يزعل أكيد بيسألون ليش بتطلع ؟! و أنت وش بترد ؟!
أنا عني أعرف أتعامل مع هاذي الأشكال مني أنا ما رح يكون في مشاكل …
ضيق عينيه ذات الجواهر السوداء المتوهجة الشبيهتين بعينيّ أخيه :- يعني ما بأثر فيك كلامها السخيف ولا بتقهرك بالماركات والخرابيط ؟!
استاءت فرح بأن معن يعرف عنها كل شيء ..!!
هل من المعقول أن سيف لا يعرف عن تصرفاتها ؟!
أو يصمت حبًا لها ؟!
أزاحت فرح أفكارها جانبًا و عادت لوصله مزاحها فترد عليه بمبالغة :- لا طبعًا ..!!
على بالك ما أقدر أشتري ماركات ؟! لو أوريها حسابي بالبنك يغمى عليها من القهر ..
ضحك معن بإنشراح فيرد :- صادقة ولا تبالغين ؟!
نظرت له بطرف عينيها تقول :- يعني أنا طبعي كذه حريصة على مستقبلي وهذا حصيلة إدخار سنين من الشغل و التعب و جزء منه مشغلته باستثمار ..
و رداد الي علمني الإدارة المالية عشان لا يجي آخر الشهر مطفرة ..
ابتعدت عنه ثم لامست ذقنها بسبابتها وقالت بتفكير عميق دون أن تنظر إليه :- مع إنه الحين هو الي يفسفس فلوسه على خرابيط وهدايا ..
بس يلا هي هالمرة وخلاص وأكيد بسوي كنترول شاطر مازينخاف عليه …
إبتسم معن بينما يتأملها و هي تتحدث مع نفسها
ثم نظرت إليه مصغرة عينيها باستنكار تشير إليه بإصبع الإتهام :- وأنا آسفة على كلامي هذا بس لاحظت أنت ما عندك إدارة مالية ومسرف للغاية ..
اتسعت عينيه بصدمه يشير لنفسه ببراءة :- أنا ..!!
هزت رأسها بتأكيد …
فتتابع وهي تهز رأسها بحسرة :- إيه أكيد ولا في أحد بيدخل الأربعين وما عنده للحين بيت ملك ؟!
عاد الله يعيني بكون وراك لين تتعدل …
ضحك معن بإنشراح فيصعقها بالقول :- عاد وش بتقولين إذا عرفتِ إنه حياتي وشغلي هذا كله مشى بدون تخطيط مني أخويايّ هم الي يجروني …
فترت شفتيها بذهول :- وش قصدك ؟!
فيسحبها من ساعدها ليتوجه للصالة فيُجلسها ويجلس بجانبها يُحيط كتفها بذراعه ويُداعب أطراف شعرها …
ويقول بضحكة صغيرة :- يعني قصدي ..
أول ما تخرجت من الثانوي كنت فاغر ما أدري وين أروح و لا فكرت أقدم جامعة و لا لي هدف معين …
لين جا خويّ وسحبني معاه لدبلوم و مع الخيل يا شقرا ودرست وخلصت وجلست …
لين جا خويّ الثاني يسحبني ويقول تعال نقدم على وظيفة وقدمنا سوا بشركة عادية ما لها اسم معروف …
بس المهم وظيفة من وراها راتب ..
ثم أشار بيده للخلف متابعًا بنفس الابتسامه العريضة :- وبعدها بفترة جت شركة كبيرة و مشهورة لها إسمها بالسوق اشترت الشركة الصغيرة الي اشتغلت فيها وصرت ضمن موظفيها
يعني حتى ما سعيت لها " حظّ " بس الشغل عندي شغل … يعني أشتغل ما أتقاعس ..
شهقت فرح بصدمة :- يعني حياتك مشت كذه بدون تخطيط .. يممممّة شلون كذه تجازف بحياتك وبدون أهداف ؟!
ما تصير هاذي العشوائية الحمدلله إنك تسمع الكلام …
ضحك بإنشراح بينما يشعر أن الحياة بدأت تبتسم لهما معًا كما لم تبتسم من قبل ..
لم يخطئ حين أسماها فرحة حياته …
ثم انتفضت فرح فجأة و انتفض معها معن وهما ينظران لبعضهما بإستنكار …!!
وصوت عويل بكاء وصراخٌ صاخب قادم من الشقّة المجاورة …!!!


******************


تأففت رغد بضجر شديد تنظر لأطفالها يلعبون أمامها مع تركي ..
الوضع الآن كالتالي ..
مزعج للغاية صراخهم يطن في رأسها كالذباب …
الخادمة غير موجودة ..
و استشعرت أن هذا عقابه لها لأنها لم تذهب لعرس أخيه ..
حاولت تصريف الأطفال للأسفل في ليلة الزواج حتى تراضيه كعادتها و لكن مزاجه معكّر …
و إن كان معكّر تعرف جيدًا أنها مهما فعلت لن يجدي نفعًا معه …
فعليه أن يكون رائق المزاج والنفسية و تعرف أنه يكره هذا الأسلوب أن تراضيه ثم تطلب ما تريد وكأنها صفقة تبادل ..!!!
لذلك فهي بالعادة تطلب مباشرة ما تريد ..
ولكن الآن تعرف أنه و لا أي أسلوب سينفع معه بما أنه غاضب ..
وضعت رأسها بين كفيها تفكر بذعر كيف ستتصرف ؟!
من سينهض صباحًا مع الأطفال يُلبسهم ويُحضر إفطارهم ويأخذهم المدرسة ويُسرّح شعورهم ؟!
من سيطبخ الطعام للأطفال ؟!
من سيُخلدهم للنوم في المساء ؟!
الخادمة هي من كانت تفعل كل ذلك ..!!
ازدادت الضوضاء من حولها و ازداد الإزعاج و رأسها يكاد ينفجر كالقنبلة الموقوته ..
لتصرخ بهم جميعًا :- خلاااااص بس انطموا …!!!
ضربت ابنتها الصغيرة على كتفها بدفعة خفيفة ..
كما فعلت مع تركي الذي بجانبها فهما أقرب لها ..
فانطلق عويل الصغيرين على دخول سيف الذي تفاجأ من هذا المشهد ..!!!
فيهدر بها كجلجة الرعد بين السحب الملبدة بالعواصف :- رغد انجنيتِ ليش تضربينهم ؟! صاحية أنتِ ؟!
اندفعت نحوه ابنته تركض وتقفز بين أخضانه وتبعها اخوتها وتركي كذلك فيستقبلهم جميعًا بين ذراعيه لداخل صدره الرحب …
فتصرخ رغد بنوبةٍ من جنون عندما تغضب :- ليش تطلّع الخدامة يا سيف بس لأني ما حضرت عرس أخوك تسوي فيني كذه ؟!
والله أكبر يا العرس .. عرس الأمير و أنا مادري …
فيهتف سيف من بين أسنانه كفحيح الأفعى حتى لا يُخيف الأطفال :- انطمي صوتك لا يعلى وتفضحينا مع أخوي و زوجته ..
و إيه عشان كذه قلت لك أهلي خط أحمر تحترمينهم غصبٍ عنك أي شي ثاني بينكم يا الحريم ما يهمني إلا الإحترام و التقدير ..
وعشان حركتك الوصخة هاذي مع الصغار إنسي شيء اسمه خدامة و نصيحة تبدين ترتبين مسؤولياتك و أولوياتك من الحين ..
أبعد الأطفال عنه ليتوجه نحوها بخطى متمهلة وخطيرة …
فيُتابع بنفس النبرة الخافتة التي ترعبها حينما يتحدث بها :- من اليوم و رايح تقومين بمسؤولياتك كاملة وبعدين أشوف و أفكر لا تأدبتِ أرجع الخدامة ولا لا ..
الفضاوة لعبت في عقلك وهبّلت فيك و الحين اذلفي للغرفة لا أشوف وجهك ..
اهتزّ جسدها بخوف وهي تعرف حالاته المرعبة النادرة هذه حينما يعاملها بهذا الأسلوب بمعنى أنه طفح الكيل ..!!
ولكنها لن تسمح له أن يلوي ذراعها أبدًا …
فتقول بخفوت خبيث :- أنا آسفة بس حياه زي كذه ما أقدر أتحملها بدون خدامة إذا هي كانت وحدة ويلّا تمشي أمورنا شلون لو راحت ؟!
أنا بروح لبيت أهلي وبروحي وبخلي لك العيال وأشوف تقدر تتحملهم لوحدك عشان تجبرني أتحملهم لوحدي ..
فينظر لها سيف يخترق عينيها الخبيثتين بعينيه اللتين تشبهان جواهر سوداء تبرق …
فيقول بنبرة تهديد خافت وخطير :- صدقيني يا رغد لو سوّيتيها هاذي المرّة ما بتكون مثل كل مرة وأرجعك لأن الوضع اختلف الآن ..
وأنتِ الي تكونين غلطانة في كل مرة و كبر عقلي وأرجعك عشان لا تكبر المشكلة ..
ضحكت بخفوت وهي تعرف أنه يعشقها ولا يستطيع أن يستغني عنها …
ستترك الأطفال له حتى يُجن ويُسرّع بإرضاءها كما في العادة ..
فهو لن يتحمل لوحده وتعرف ذلك جيدًا ..
إنها فقط المرة الأولى التي تفعلها بعد ولادتها وتذهب لمنزل عائلتها " طامح " و تعرف جيدًا أنهم لن يستقبلوها مع الأطفال وبدون مساعدة أيضًا ..!!
ولذلك هي مجبرة على تركهم حتى يُعيدها بأسرع وقت ..!!!


====================


كانت رباب تجلس على سريرها تنظر لمجلدات الصور أمام عينيها الغائرتين بالدموع …
و احتلّ الجفاف بشرتها وقد امتصت بشرتها الكثير من الدموع عبر مساماتها حتى نبتت أشجار و أينعت ..
يا الله ….
لأيام دموعها المنهمرة كخناجر تطعنها في كل مكان من جسدها لم تنضب …
وفي كل مرة تبكي يزداد الألم وطأة
لا تذكر أنها قد بكت هكذا في كل حياتها
لا تعرف كم يومًا بقت تبكي ؟!
تشعر و كأنها بكت لألف ليلٍ مع ألف نهار ..
فدائمًا كانت حياتها سعيدة دون منغصات إلا من تقريع جدتها الدائم الذي اعتادت عليه
فترت شفتيها تحاول إلتقاط بعض الهواء
تنظر لصورها هي و أخيها جدتها والدها و …!!
ابتلعت ريقها كشفرة حلاقة مزّقت حنجرتها و أسبلت أهدابها الغارقة بالدموع …
والدتها …
التي فعلت كل ذلك و أحالت حياتهم و وضعتها على صفيحٍ من نارٍ مستعرّة و أحرقت كل من جلس عليها ..
مزقت صور والدتها بغضب أعمى عينيها لهذه اللحظة …!!!
وكانت تنتزع صورتها عن صور العائلة وتقص رأسها عن الصور العائلية بالمقص فلا تظن أن أحدًا يريد أن يراها بعد تلك الحقيقة ….
تريد أن تحرقها كما حرقت هذه العائلة ….
فلقد طلّقها والدها فور أن اطمئن عن الغامد واستقرار حالته الصحية و خرجت لتستقر في منزل أخيها …
أي خالها الذي يقاطع الجميع منذ سنين لظنه بأنهم سلبوا الورث و ما زال يظن ..
وتعرف جيدًا الحياة القاسية و المريرة التي ستعيشها والدتها هناك تحت ظلّ قسوته و بُخله الشديد ..
والذي جنّ جنونه حينما عرف بفعلتها الشنيعة بأختهم في النهاية لديه قلب ..
فأبرحها ضربًا حتى أودى بها للمستشفى دون أن يهتم أحد ليذهب ويطمئن عليها فحرارة الصدمة لم تبرد حتى الآن ..
وفي النهاية ….!!!
ستعود لداره قسرًا فلا أحد لديها غيره و هو مجبر على استقبالها ..
لا تعرف هل هذا عقاب عادل عمّا فعلته ؟!
أم أنه مجرد رفاهية ؟!
لقد ربت الغامد و أحبته أكثر منها ..
فوالدتها أوقدت نارًا و قذفت بهم نحوها واحدًا تلوى الآخر كقطع الحطب فتزيد النار اشتعالًا …
وشراراتها تبعثرت لكل من حولهم ..
لقد أحرقتهم والدتها جميعًا أحرقتهم أحياء …!!
ولكنهم لم يغدوا رمادًا ..
و كأنهم أفاعي تتلوّن جلودها فيحترقون أكثر من المرة التي قبلها مع كل يومٍ يمر …
الجميع تغير ..!!
أُنتزعت الضحكة من أفواه الجميع في العائلة ..
غادر الدفء هذا البيت ..
تعرف أن غضبها على والدتها سيبرد في يومٍ ما
فهي والدتها مهما حدث و جزء من روحها وكيانها ..
ولكنها لم تتخيل يومًا أن والدتها و من تكون الجنة تحت قدميها ..
مجرمة .. خاطفة ..!!
حتى هذه الألفاظ الفظيعة شعرت بها كشفرة مسننة تسير على لسانها و تعجز عن التصديق ..
لا تملك الآن في قلبها إلّا أن تشعر نحوها سِوى بالغضب الشديد …
فأخيها الحبيب لا يحدثها ولا ينظر إليها و كأنه وقع في بؤرة من الظلال
و تاه في مدارات الحياة يرفض الخروج منها …
تذكرت الكثير من المواقف التي تجمعهما تلك الضحكة التي كانت تحبها على ثغرة و لكنها الآن أُنتزعت من وجهه الوسيم …
ولكن من أقوى المواقف و أكثرها ألمًا وقوة حيث أدركت أن لا سند لها غيره …
هو ذاك ..!!
حينما كانت ما تزال جاهلة في الثانوية ….
و قبض عليها الغامد بالجرم المشهود تُحدّث أحد الشباب على الهاتف بهفوةٍ وقعت بها تحت تأثير صديقات السوء ..
فهي أخطأت بحق نفسها وحق عائلتها وأخطأت كثيرًا ..
شعرت بالرعب يزحف لجسدها وهي ترى نظراته المضطرمة باللهب …
ولوهلة ظنت أنه سيضربها حتى يشفي غليلة رغم أن ذلك لم يكن أسلوبه أبدًا …!!
و فاجأها كثيرًا تعامله مع الموقف بكل هدوء و حكمة و برود أعصاب التقط هاتفها ليضعه على اذنه فيسمع ما يقوله الطرف الآخر …
فتتوحش نظرته أكثر و يزأر غاضبًا بذلك الشاب ويهدده ثم قام بتغيير رقم هاتفها …
خاصمها لأيام طويلة و هو ينظر لها بعتاب شديد ولم يكلمها كلمة ..
لم يعد يلعب أو يمزح معها أو يجوّلها في السوق ..
اخترق قلبها خصامه لها فهي لم تعتد ذلك منه بعد الدلال الذي أغدقها به ثم جاءها بعد أن هدأت فورة غضبه …
يعاتبها بالقول “ خيّبتِ ثقتنا فيكِ يا رباب “
يحدثها و ينصحها و يقنعها لينتهي حوارهما الطويل بعناقٍ شديد أفرغت بها دموعها على صدره ..
نعم …!!!
الآن تذكرت تلك الأيام بكت كثيرًا كما تبكي الآن ..
دخلت عليها أفنان بيدها صينية يوجد عليها بعض الطعام …
وجهها فاتر من الإرهاق فمنذ أيام وهي تدور هنا و هناك و تلبي احتياجاتهم و تواسي الجميع بسبب هذه الفاجعة التي ارتكبتها زوجة عمها …
تشعر أنها الوحيدة التي حافظت على صفاء عقلها و لكنها أهملت جلسات الطبيبة النفسية …
فأي نفسية ستتحسن مع هذا الوضع المزري ؟!
فتقول بصوت فاتر :- رباب يا حبيبتي ما يصير تسوّين كذه بنفسك ..
لازم تاكلين عشان تقدرين تشوفين الغامد اليوم و يكون عندك طاقة تقابلينه …
ابتلعت رباب ريقها وهمست بنشيج :- ما رضى يشوفني يا أفنان ما رضى يشوف أحد .. حتى خالتي و إخوانه رفض يشوفهم …
فتواسيها أفنان :- ما عليه لا تلومينه أبدًا الوضع صعب عليه أكثر من أي أحد بس اليوم سمعت إنه بدأ يتكلم شوي و ياخذ ويعطي عطيه فرصة حتى سحاب بتروح معك تشوفه …
هزت رباب رأسها بشرود وعينيها زائغتين في الفراغ ..


*******************


في المستشفى …
طرقت رباب الباب على غرفة أخيها و فُتح الباب بقسوة ..
ليظهر أمامها المثنى عاقد الحاجبين عابس الوجه ..
لقد عرفته إنه شبيه أخيها ولكن شعرهما مختلف ..
و ليس لديه الندبة على صدغه مثل أخيها ..
وبالتأكيد نصف وجهه غير مشوه ..!!
فهمست بفتور :- لو سمحت ابعد أبغى أشوف أخوي ..
حينما قالت “ أخوي “ عرفها و شعر بمرارةٍ عالقة في حلقه ترفض المرور …
أخيها الذي في الداخل هو أخيه و كأنهم يدورون داخل شبكة من العنكبوت ..
كيف يكون ذلك ؟!
كله بسبب تلك القذرة الوضيعة من شتت عائلتهم وقذفت بهم للنار دون حساب لأي شيء ..
ابتعد المثنى عن الباب على مضض و صغّر عينيه بازدراء يرى دخولها و إغلاقها الباب في وجهه بكل قلّة أدب …!!!
بينما سحاب تنتظر بهدوء في الرواق لتتحدث إليه ..
حتى إن لم ينظر لها أو يتحدث إليها ستخبره بكل ما يدور في قلبها و تخرج تاركة الكرة في ملعبه ..
بعد مدة من الوقت خرجت رباب من الغرفة وعينيها تلمعان كما النجوم …
ابتسمت سحاب بفتور يبدو أن لقائهما قد أجدى نفعًا ..!!
قالت سحاب برقة :- ها بشري ؟! وش الي صار معك ؟!
ضحكت رباب بخفه و همست :- رضى أحضنه الحمد لله ولو إنه بارد مو هو الغامد الي أعرفه و مسح على شعري و قالي إنه يحتاج الوقت عشان يستوعب الموضوع و يرتب أموره و أفكاره و كثير أشياء بحياته ..
أومأت سحاب بهدوء تخفي خلف ابتسامتها الشفافة قلبها الذي يتمزق ألمًا لما حدث معه
و من هذه المواجهة القادمة ..
ستدوس على قلبها وكرامتها لأجلهما معًا ..
دخلت إليه أخيرًا تنتظر هذا اللقاء منذ وقتٍ طويل
فرأته جالسًا عيناه تسرحان بالفراغ أمامه و كأنه غارق في بئر عميق ..
ألقت السلام بفتور و رد عليها السلام بذات الفتور دون أن ينظر إليها …
ويبدو أنه لم يتمالك لسانه أن يقول لها بحدّة مضطرمة بالغضب ليست من عادته :- جايّه تشمتين فيني يا سحاب ؟!
لانت نظراته فجأة وخفّ حدّة لهبها المشتعل …
فيتابع بوهن ظهر في صوته :- جاتك الحين فرصة أكبر من وجهي المشوه عشان تتشمتين ..!!
كتمت شقهتها المفجوعة داخل قلبها وتركتها في الداخل ترش عليها الملح فتنعصر ألمًا ..
و ردت بصوتٍ واثق وهادئ رغم انه استفزها بظنه السيء بها :- لا .. مانيب جايّه أتشمت فيك ولا أشفق عليك و على حالك …
ضاقت نظراتها لتردف بقوة :- لأنه حالك ما يثير الشفقة أنت ما لك أي ذنب بأي شي صار ..
ما حد له ذنب بالي صار للكل غير زوجة عمي …
مهما تأثرت يا الغامد فالكل تأثر ولو بدرجات مختلفــ …
قاطعها بنبرة صارمة حادّة نافذة الصبر :- ليش جايه يا سحاب ؟! أنتِ طلبتِ الطلاق وصار الي تبغينه .. أي تنازل منك ما رح يخليني أفكر غير إنك تشفقين علي و تمثلين الاهتمام …
شحبت ملامحها و شعرت كأن الألوان قد سُحبت منه بالملقط الضيق حتى باتت بيضاء بلا ملامح تُحاكي الكفن بياضًا …
امتقع وجهها بضيق ولكنها أطرقت برأسها لتقول بخفوتٍ صارم :- جايه بكلم زوجي و ولد عمي لأني طول عمري عرفتك كذه و بقول لك عن كل شيء من البداية للنهاية و أطلع …
لأني ما قدرت أقوله قبل لا نتطلق و لا حصلت فرصة أقوله بعد ..
ما رح أجبرك على شيء ولا رح أضغط عليك أبدًا بس لازم أقول لك عشان هذا يرتاح ..
وأشارت براحة كفها إلى قلبها الملكوم ..
اقتربت منه لتجلس بجانبه على مقعد ثابت و أخرجت من حقيبتها كيسًا قديمًا أكل منه الزمن حتى بات باهتًا ..
فتُخرج منه تلك الصابونة الأثرية ذات الشكل العجيب وقد مر عليها الكثير من الليالي و الصباحات …
مرّ عليها الصيف فصهرتها الحرارة ..
هرول الصيف ليأتي بعده شتاء قارس و يجمدها و كأنه يحافظ على هذه الذكرى الوحيدة من الذوبان و التلاشي ..
فعقد الغامد حاجبيه بضيق وهمس بفمٍ مزموم :- وش هذا ؟!
رطبت سحاب شفتيها ولم تنظر له ..
لن تستطيع النظر إليه وهي تتحدث بل ستذوب كما الجليد إن فعلت ..
و ردت بفتور :- هاذي كانت آخر صابونة سرقتها منك و ما استخدمتها ..
لم ترى اتساع عينيه فكيف لا يذكر تلك الأيام ..
لتتابع :- وقتها عرفت إنك ما رح ترجع مره ثانيه للقرية لأنك كبرت و خلّيتها ذكرى عندي …
دمعت عينيها و التمعت بالدموع ولكنها تماسكت قسرًا وتابعت :- من هذيك الأيام كنت معجبه فيك و كل سنه كنت أنتظركم تجون بشغف لأنه الحياة تكون غير بوجودكم أكيد إنه إعجاب لأني كنت صغيرة ما أعرف وش هو الحب ..
بس لما كبرت فهمت وكنت أدفنه بأقصى قاع داخل قلبي لأنك كنت محيّر لأختي و أنا أصلًا مريضة بهاق و لا كان عندي أمل ..
هزت كتفيها بحيرة تعقد حاجبيها :- ما أدري إذا كنت رح تتقبلني أو لا ؟! و كثير أسباب خلتني أدفن هالحب ..
ظلّ الغامد يسمعها بصمتٍ مطبق وقلبه ينشطر لنصفين و روحه تذوي أكثر ..
تابعت هي دون أن تتجرأ وتنظر له :- ما أعرف وش الي صار فجأة وخطبتني …
آه ورفضت أول مرّة لأني خفت ما تقبلني و أنا مريضة بهاق وتشمئز مني و كثير أسباب بعد ..
بس أفنان أقنعتني وصارت شوفتنا الشرعية أسلوبك وكلامك معي و إنك تقبلت البهاق كله خلاني أطير و أحس الحياة ابتسمت لي أخيرًا ..
شعر الغامد أنه ممتن لأفنان لأنها قد أقنعتها و إلّا لما عرفها أبدًا ..
تهدّل كتفيّ سحاب بألم وبدأ جسدها يرتجف و شفتيها ترتعشان بالدموع …
فتتابع بصوتٍ مختنق :- أنت تعرف وش صار بعدها حسيت كل أحلامي انحرقت قبل أعيشها ..!!
لما يكون الشخص المفضل عندك من سنين وتجتمعون صدفة بدون لا تسعى لأنه ربِ أراد هالشيء ويصير شريك الحياة و بعدها ينحرك بدون لا يهتم بأي شيء ..!!!
لقد كانت تستشعر سخريته و إستهزائه ..
فقدت أمانها معه ..
و شعرت أنها هوت لوادٍ سحيق لا قرار له لتصطدم بأرضه كنيزك أحالها لحُطام ..
فتسلحت بقوتها وقشرتها التي أحاطت بها نفسها حتى تحمي روحها من النزيف ..
تنهدت سحاب تتمالك دموعها حتى لا تذرفها و تابعت بصوتٍ ضعيف :- بعدها أنت بديت تتغير .. كلامك نظراتك أسلوبك و لا أعرف وش السبب ؟!
همس الغامد :- لأني بديت أتعرف عليك يوم عشت معك تحت سقف واحد وأعرف شخصيتك وطبعك وإنك كنتِ تشبهيني ..
لقد قال " كنتِ " فهو الآن يشعر أنه انسان بلا روح فلا أحد يشبهه و هو مجرد ميّت مُغطّى بالكفن ..
هزت سحاب كتفيها لتردف :- للأمانة أثرّ فيني حركاتك الجديدة بس بقدر التأثير كان يوازيه الخوف الكبير خفت إنك تأذيني أكثر و مجرد خطة منك و تلاعب ما صدقتك ..!!
شعر الغامد بطعنةٍ غير مرئية تمزق قلبه …
هل تظن الآن بعد كل ما قالته و اعترافها بأنها تحبه أنه قد يستطيع أن يعيدها لعصمته ؟!
لقد اكتشف أنه أذاها كثيرًا كما أذاها الناس ولم تستطع أن تتخطى …
و ربما هو أذاها أكثر فقد كان زوجها وشريك حياتها طعنته لها كانت أكبر ..
مجروحه تحتاج للعلاج من قيح جروحها
و هو الآن ليس كالأمس مجروح وجرحه غائر ..
غير قادر على علاجها و لن يستطيع أن يكون الدواء فها هو يخذلها مجددًا ..
لا يستطيع أن يغرقها معه في عالمه الأسود و يسحبها معه للتيار نحو الأسفل
فهي ما تزال تحتاج لأن تفرغ قلبها من آلامها السنوات الماضية …
أهل يضع عبئه فوق عبئها ؟!
ماذا إن تشبثّ بهما العبء و غرقا معًا ولم يستطيعا الخروج ؟!
من سيُخرجهما إن غرقا معًا ؟!
هو يرغب أن يكافح وحده أن يخرج لوحده كما اعتاد دومًا أن يفعل ذلك وحده …
فهو لا يهرب بل يُهاجم ..!!
و هي أيضًا عليها أن تفعل المثل ..
هو فقط يحتاج للوقت حتى يستوعب ويبتلع هول هذه الصاعقة التي حلّت على رأسه كالجاثوم ..!!
يحتاج الوقت حتى يبدد أفكاره ويرتبها ..
رفض السفر لأمريكا ..
فلا يريد الهرب من الواقع المرير بل مواجهته
بل وجد ما هو أفضل سيهرب إلى الله و سيذهب لمكة و سيقضي أيامه هناك …
قاطع أفكاره حديثها بشرود شديد تهز كتفيها و كأن الخدر تملّك من جسدها ..
تقول بحيرة وكرامةٍ مراقة :- أنا أقول لك هذا الكلام وما أدري حتى إذا أنت حبيتني ولا لا ؟! يمكن صرت تقدرني وتحترمني كزوجة ..
هذه المرة تجرأت أن تنظر إليه فتتابع :- جايه أطلب منك ترجعني يا الغامد و ما أعرف أنت تبغاني ولا عفتني ؟! بس تأكد رجعتي لك موب لأني أشفق عليك ..
ابتلعت ريقها بصعوبة تنتظر رده على صفيحٍ ساخن ..!!
فنحن عانقنا أنفسنا بأرواحنا و ليس بأذرعنا …
ولكن نظراته الغامضة و جسده المتصلب …
جعلها تدرك رفضه الصريح لها …
الذي ترجمه بقوله الواهن :- ما عفتك يا سحاب بس خلي الأمور هاذي على التساهيل بس يجي وقتها ..
فترتجف شفتيها بتأثر و تبتسم بخفوت و تُخفي ارتعاشها خلف الابتسامه الواهنة و تنهض برقي شديد ووجه متصلب …
تحاول السيطرة على ساقيها وقد شعرت بهما كالهلام من القشعريرة ..
تلملم كرامتها التي أراقتها أمامها وتترك له الصابونة بقربه ..
فهي لم تعد تريد العيش على الذكريات ..
ذكريات قديمة و حية ترفض أن تموت ..



انتهى الفصل

====================



التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 29-01-24 الساعة 08:49 AM
Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-23, 07:54 PM   #1286

Aurora

كاتبة ومصممة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضو في فريق مصممي روايتي وساحرة واحة الأسمر بقلوب أحلام

alkap ~
 
الصورة الرمزية Aurora

? العضوٌ??? » 346573
?  التسِجيلٌ » Jun 2015
? مشَارَ?اتْي » 6,779
?  مُ?إني » الرياض
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Aurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond reputeAurora has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   7up
¬» قناتك mbc
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
وأكتبلك من حروفي شعر ..وأغزلك نجوم السما ..وأهديك من عمري عمر ...
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم


التعديل الأخير تم بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** ; 29-01-24 الساعة 08:50 AM
Aurora غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-23, 08:56 PM   #1287

نور الهدى نسيم

? العضوٌ??? » 489751
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 658
?  نُقآطِيْ » نور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond reputeنور الهدى نسيم has a reputation beyond repute
افتراضي

مشكووورة على الفصل سلمت الأنامل
جاري القراءة


نور الهدى نسيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-23, 10:12 PM   #1288

نور الحاره

? العضوٌ??? » 496592
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 70
?  نُقآطِيْ » نور الحاره is on a distinguished road
افتراضي رد

يمممه يا العوبا هالرغد شر يمشي على القاع
الله يعين فرح عليها


نور الحاره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-08-23, 10:16 PM   #1289

hala20111
 
الصورة الرمزية hala20111

? العضوٌ??? » 205191
?  التسِجيلٌ » Oct 2011
? مشَارَ?اتْي » 1,748
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » hala20111 is on a distinguished road
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رووووووووعة بل قمة الروعة سلس رهيب واقعي لدرجة تحس انك معهم مباشر تبارك الله

hala20111 غير متواجد حالياً  
التوقيع
[/SIGPIC]اتعلمين معنى ان يكون الله في قلبك ؟
انه يعني ان لا تشعري بالوحدة ولا بالخوف ولابالضعف ولابالوهن
فهو في قلبك ذاك الخالق
رد مع اقتباس
قديم 24-08-23, 10:21 PM   #1290

فاتن مصيلحى

? العضوٌ??? » 489643
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 77
?  نُقآطِيْ » فاتن مصيلحى is on a distinguished road
افتراضي

اتوقع سيف يطلق رغد ويجوز ريناد

فاتن مصيلحى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:08 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.