آخر 10 مشاركات
زهرة .. في غابة الأرواح (3) * مميزة ومكتملة * .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          رهينة حمّيته (الكاتـب : فاطمة بنت الوليد - )           »          234 - ستيفاني - ديبي ماكومبر (الكاتـب : Fairey Angel - )           »          الوصــــــيِّــــــة * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          نواة القلب (65) -قلوب شرقية- للكاتبة المبدعة: Moor Atia [مميزة] *كاملة & الروابط* (الكاتـب : Moor Atia - )           »          2 ـ عصفورة النار ـأن ميثر كنوز احلام قديمة (كتابة /كاملة ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          حنينٌ بقلبي (الكاتـب : عمر الغياب - )           »          الرصيـــــــــــــــــد ... ؟!!!! عفـــــــــــــوا .. لقد نفذ رصيدكم .... !! (الكاتـب : Mamdouh El Sayed - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          أحــــ ولن أنطقها ــــــبِك "متميزة" و "مكتملة" (الكاتـب : *my faith* - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء

Like Tree268Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 12-04-24, 10:41 AM   #1

تثريب
 
الصورة الرمزية تثريب

? العضوٌ??? » 495981
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 585
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » تثريب is on a distinguished road
افتراضي لا تتركيني للأوزار


،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هنا تثريـب.. مرةً أخرى


[ ثرثـرة ]


منذ ختمت الابنة الكبرى (سلالة من لهب)، والافكار تتقافز في ذهني كآلة الفشار.. حاولت أن اكتمها.. فانتقيت منها (على وطايا الخيل)، لننتهي من الأمر وتتوقف آلتي عن العمل.. ولكن الأمر ازداد.. قبل أن اختم الرواية حتى!

أنا لا أحب فكرة تفريخ الروايات كالدجاج.. ولهذا أحاول مقاومة الكتابة بهذا الكم
ولكن أين أرمي بكل هذه الأفكار؟
أأُغلق أذني عن كل هذا الضجيج؟ أم أُطلق لطائري العنان، ليُحلّق أينما شاء؟

هذا كان تساؤلي طوال الفترة الفائتة.. استخير واستشير.. يقنعني عقلي بالتوقف.. فحتى وقتي لا يتّسع للالتزام.. ولكن قلبي يأبى

فإلى من استمع؟

سؤال هزيل.. طرحته رغم أنني اخترت الإجابة مسبقًا.. فها أنا اطرح ثالثتي أمامكم.. واتمنى أن تفسحوا لها في مجالسكم.. كما أفسحتم لشقيقاتها الكبريات

اعترف بأنني اتوقع الكثير من الثغرات هذه المرة
ولكن كما قلت في سلالة من لهب، أعيروني قلوبكم، لا عيونكم الباحثة عن زلاتي
دعوني أُبحر في هذا العالم بحرية.. ما دامت حرّيتي لا تتعدى قلمي



((ملاحظة مهمة جدًّا))

روايتي هذه ستكون ما بين الإمارات والسعودية
المملكة العربية السعودية ديار عزّ، والإمارات العربية المتحدة، بلادي، ديار خير
وعينين في رأس، كما يقال دائمًا

القصة خيالية تمامًا.. ولذلك اتمنى ألّا يتم ربط أي أمر بأي بلد.. فإن الهدف الوحيد من اضافة الجنسيات هو بناء الشخصيات والحبكة.. ما من مآرب أخرى، ولا مقاصد عميقة


.
،

ثالثتـي:
[ لا تتركيني للأوزار ]



،


تثريب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 12-04-24, 10:42 AM   #2

تثريب
 
الصورة الرمزية تثريب

? العضوٌ??? » 495981
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 585
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » تثريب is on a distinguished road
افتراضي

،

اهـداء ذات معنى

إلى من تقلّد بـ شارة الفخر في النهار، ومن ضحى في الظلام.. لأجل ثرى الوطن
وإلى من مشى إلى النور، رغمًا عن أنف الحياة

الرواية للجميع، ولكم خصيصًا

.


تمهيد

تنفّست الصعداء ما أن عثرت على كرسيٍّ خالٍ.. رمت بنفسها عليه رغم أنه كان متهالكًا.. فإن صبغته البنية مقشّرة.. وحدائده مخضرّة
بفضولٍ لمست خشبه، فجرح إصبعها من قسوته.. لعقت إصبعها وعضّته لتخفف ألمه.. ثم استراحت بجلستها
تجاهلت الفوضى في عقلها، التساؤلات، والرعب والخوف من المستقبل.. تجاهلت كل شيء واستراحت في مكانها، تلتقط أنفاسها.. فإن رجليها لا تسعفانها، ولا حتى ظهرها.. الذي كان يشتعل وكأنه ملغّم بالسكاكين

كانت تحدّق بالناس أمامها.. ضجيجهم، وحركاتهم.. غابت لوهلة معهم.. بين ضحكات الأطفال، وأحاديث الأمهات وشجار الأخوات
غادرت إليهم.. ابتسمت معهم.. تسللت فرحتهم إليها.. ابتسمت ابتسامة واسعة أظهرت جزءًا بسيطًا من أسنانها
كان المنظر دافئًا جدًّا.. أدفىء من برودة قلبها، وباردًا.. أبرد من لهيب الطقس حولها

ولكن قرصات الجوع داهمتها.. وأعادتها إلى واقعها
تذكرت كيس البقالة بجانبها.. فتحته والتقطت كيس البسكويت لتفتحه.. سمت بالله وأكلت
أخذت نفسًا عميقًا وهي تمضغه ببطء.. براحة.. توازي فرحتها بهذه القضمة
كانت تحاول السيطرة على ابتسامتها.. وبهجتها به
هل يتصوّر أحد.. بأن بسكويتًا بنصف ريال قد يكون بهذه اللذة؟

كانت تتمهّل بقضماتها لكيلا تنتهي لذّتها بسرعة.. تضع أصابعها حول شفتيها، لتزُجّ كل ما يتناثر خارج فمها
بالطبع تعاني.. كونها تجهل كيفية الأكل بالنقاب.. ولكنها كانت تحاول قدر الإمكان ألّا تلوّث ملابسها
فإن الغسيل أبعد عن نجوم الليل والنهار
سقطت من فمها فتاتة على الأرض.. هرعت لأخذها.. فكل قطعة تعتبر فارقة بالنسبة لمعدتها الفارغة.. ولكن طيرًا سبقها وحلّق بعيدًا
رفعت ناظرها إليه تتأمله بصمت.. وسبّحت الله في داخلها
ثم همست لنفسها: مب نصيبي

أعادت بصرها إلى المكان حولها مرة أخرى.. عوائل.. أطفال.. عالم
يسترقون النظر إليها.. يتهامسون قليلًا.. ثم يعودون لممارسة متعتهم
كانت تتخيّل أحكامهم عليها.. كونها فتاة تجلس لوحدها بدون أطفال أو أي أحد في كرسي بالٍ في حديقة عامة، وفي زاوية منعزلة كهذه.. وتعذرهم حتى.. فإن شكلها شاذٌّ عن بقية المتواجدين

كانت ثابتة في مكانها.. بينما كان الوقت يجري.. حتى شاهدت الناس تلمُّ حصيرها وطعامها.. يغادرون شيئًا فشيء
وهي باقية.. إلى أن خلا المكان تمامًا

غفت.. لم تشعر سوى برأسها وهو ينحني بطريقة مؤلمة قطعت غفوتها القصيرة
فتحت عينيها فكان المكان ساكنًا تمامًا.. سوى من صراصير الليل
كان مظلمًا.. إلا من الأضواء البعيدة
كان وجودها يثير الريبة والخوف لأي شخصٍ يراها
فمالذي قد تفعله فتاة إنسية، عاقلة، في وقت كهذا، وفي مكانٍ كهذا.. ولكن أبيد حيلة؟

أحكمت الإمساك بسكّينها.. وهي تحاول النوم مرةً أخرى باستقامة
وهي تشكر الله على التدريب القاسي الذي تلقّته مؤخرًا

،


تثريب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 12-04-24, 10:47 AM   #3

تثريب
 
الصورة الرمزية تثريب

? العضوٌ??? » 495981
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 585
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » تثريب is on a distinguished road
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 15 ( الأعضاء 1 والزوار 14)
‏تثريب


ماشاءالله خلال ثواني.. الله يحفظكم ويزيدكم ويبارك فيكم أحبّتي 3>


تثريب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 12-04-24, 03:31 PM   #4

تثريب
 
الصورة الرمزية تثريب

? العضوٌ??? » 495981
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 585
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » تثريب is on a distinguished road
افتراضي

،


الوزر الأول


وِزْر: (اسم)
(جمع): أوْزار. الوِزْرُ: حمل ثقيل مُرهق وشاق، أي ما يصعب حمله والقيام به.

،


بأصابعَ مرتجفة، وضع أحلامه على الطاولة.. طموحاته، أمانيه، أيامه الصعبة، قطرات عرقه التي لم تجف بعد
ترك ثلاث نجومه، وشاراته العسكرية.. وهو يضرب الأرض برجله، ويده تدق طرف جبهته بـ"تاهية" للمرة الأخيرة
سامحًا لأنفاسه بالاضطراب.. سامحًا لتساؤلاته.. بالتحليق في سماء عقله "هل أنا مصيب؟ أما من مخرجٍ آخر؟ أهي النهاية؟ أأترك كل شيء هكذا وأرحل؟"

تساؤلات، بل جلدات قاسية على قلبه.. تزيد حدّتها ولا تنقص
ضجيج عقله لا يهدأ.. أصابعه تتفرقع من شدة البرودة.. برودة نفسية ضربت أوصاله، ليست برودة الطقس حوله

قال رئيسه "السابق" بيأس: والله إن اللي مثلك حرام يطلع.. حرام.. البلاد تحتاج أمثالك

يودّ الاستسلام والصراخ "والله مب بيدي".. يود الخضوع والاسترسال "سيدي ساعدني".. ولكنّه ابتلع كل التوسّلات
وضع كفه على صدره، وكأنه بهذا الفعل، يثبّت ما خلف الضلوع.. وهو ينظر للا شيء أمامه
قال بتماسك مصطنع: البلاد هني سِيدي.. محفوظة بالله ثم الحزام الياسي.. وعيالها الكِرام موجودين.. وكله خير بإذن الله

(**ملاحظة: الحزام الياسي نسبة إلى بني ياس، والتي ينحدر منها حكّام الإمارات الكِرام)


الرئيس بعتاب: لا تقول كلمة سيدي، وأنت تخليت عنها بنفسك

ناصر: ما يتخلى عنكم إلا أردى القوم سِيدي

الرئيس: محشوم يا ناصر.. محشوم

حاول بلع الأشواك في حلقه، وما زالت عينه مسلّطة للأمام.. متهيء بطريقة عسكرية بحتة: السموحة منك سيدي

لم يستطع كتمان قهره أكثر.. ضرب الطاولة بكفه بصوت عالٍ: والله إن فيك عوق (بلاء).. وعوق كبير

لم يُجب ناصر.. بل استمر على نفس وضعه.. ينظر للا شيء.. وعينه لا ترمش

تنهد رئيسه، وأردف بنبرة أكثر حنية: خبرنا.. بنساعدك يا ولدي.. حتى لو كنت غلطان
والله إن البلاد ما تلفظ عيالها.. انتوا خيرها.. انتوا ثروتها يا ناصر

لا زال يحاول بلعها.. قال ناصر يغصب حروفه: السموحة منك سيدي.. أنا استأذن
سامحنا على ما فات.. وسامحنا على القادم


قالها وهو يتراجع بخطواته.. فتح الباب وهرب.. حرفيًّا هرب من المكتب.. مضى بتخبّط وهو يصطدم بكل ما حوله.. الطاولة، الباب، المرآة.. حتى العسكري في الممر
يريد الهروب من معلّمه.. ممّن أشرف على تكوينه العسكري
ممّن مرّغ جسمه على التراب كثيرًا.. ورسم خارطة الحروق على جسمه
من أذاقه الويل.. حتى يُصبح بهذه الصلابة
كما هو الآن
كان يمشي بخطوات واسعة يكفكف دموعه
جروحه تنزف.. كل ما فيه دامٍ.. وداخله يصرخ بصمت "راح الحلم.. راح المستقبل.. راح كل شيء"

توقّف خارج البوابة.. فاتحًا فاه.. يحاول سحب الهواء إلى جوفه
اتكئ على ركبته.. حتى رجليه لم تعد تحملانه
جلس على الرصيف باختناق
يريد الانهيار.. ولكنه صعب.. صعب جدًا
أغمض عيونه بقوة.. وهو يتوسّل لله.. يارب.. أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها.. دخيلك يا ربي.. شو أسوي يارب؟ انقطعت السبل.. ولا لي باب ادقّه غير بابك.. لا تردني يا الله.. طلبتك.. لا تردني

كانت الرؤية أمامه ضبابية.. لا يستطيع النظر إلى شيء أمامه.. دموعه تحول ما بينه وبين النظر.. وكأن عيونه سماءٌ ملبّدة بالغيوم

انسلّت بعض الدميعات من عينه، مرورًا بخدّه الخشن، تغلغلت ما بين شعيرات لحيته.. مسحها بسرعة وهو يتمنى لو يجهش من البكاء
يتمنى لو يستطيع الصراخ على قدر ألمه
ولكن المنى هذا مُحال

نهض.. يحاول تمالك نفسه، فهو لا يزال في مكان عام.. ومكان مألوف جدًّا لشخصه الكريم
تحامل على ركبتيه وتوجّه إلى سيارته.. وما أن اغلق الباب حتى تزايدت شهقاته
زيادةً على كل الألم يشعر بإحراج شديد من نفسه.. لا يستطيع تمالك عينيه ودموعها، يبكي وكأنه طفل
كيف ذلك؟ كيف يبكي كل هذا البكاء وهو ناصر؟

ولكن الرد جاء من نفسه، عليها: ناصر مات.. ناصر.. مات.. الله لا يرحمه "شهق بقهر" الله لا يرحمه


عصر قلبه.. جفف كل دموعه.. وحرّك المقود ليذهب قاصدًا جهة عذاب أخرى


تأكد من طبيعية ملامحه.. وغلّفها بالبرود والهدوء

دخل مركز رعاية الأيتام والقصّر، حيث كان يقضي كثيرًا من أوقات فراغه متطوّعًا.. ومسؤولًا بمنصب يليق به
حيث يعرفه الجميع، وبالتأكيد يحبّه الجميع.. من كبار الإدارة، إلى أصغر عامل
فضلًا لصفحته البيضاء، وخصاله الحميدة.. ويده الممتدة لرؤوس الأيتام

كان يمشي والجميع يحيّيه.. وما أن انتشر خبر تواجده.. حتى توافد الكل في الممر.. وهو يمشي بينهم

كانت جنازة، حرفيًّا.. يمشي في المنتصف وفي الأطراف يقف الجميع يمسحون دموعهم وحسرتهم على رحيله
كان وكأنه جثة يتم تشييعها

دخل إلى مكتبٍ معيّن.. سلّم.. وواجه سيلًا من العتاب
يشبه عتاب رئيسه السابق، ولكنّه أحن وألطف.. خاليًا من جلافة العسكرية

قال مدير المركز: يا ناصر.. نحن نشتغل للآخرة يا ولدي.. لا تخلي الدنيا تسرقك من آخرتك
الرسول عليه الصلاة والسلام قال أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا، كافل اليتيم الواحد، فما بالك باللي يجابل (يقابل) كل هاليتامى.. يعلمهم ويسعى في حاجاتهم ولا يرضى ياخذ فلس حَمَر؟

كان مرهقًا.. لا يريد الحديث.. ولكنه مجبر
قال: الله المستعان.. دعواتك يا بو خالد

بو خالد: لا حول ولا قوة الا بالله.. أدري إن حفل التوديع انتهى.. وإنك طلعت رسميًا لكن نحن أهلك
والمركز مكانك وبيتك الثاني.. أي وقت تبا ترد له بيكون مكانك محفوظ وموجود.. ولو ما بغيت ترد لكنك اشتقت لنا وحبيت تسلّم افتح الباب وادخل.. ترا المكان مكانك يا ولدي

ناصر: الله يعوضكم بمن فيه خير.. السموحة منك
أنا استأذن


وخرج بسرعة، حتى أمسك به عامل في المنشأة: بابا ناصر لا تروح.. والله حرام

كان يحاول كتم أنفاسه: خلاص يا رحيم.. الله وياك

مسح رحيم دمعة فلتت منك: بابا ليه؟ خليك معانا

ناصر: سامحني رحيم.. وضع يده في جيبه يبحث عن مبلغ يعطيه
ولكن رحيم ردها، وابتعد: ما يريد فلوس
شو فايدة فلوس ونفر زين يروح؟

ناصر: اتكل على الله.. استودعتكم الله


ركب سيارته.. جلس خلف المقود.. وهو يفكّر بآخر وجهاته اليوم
والأقسى على قلبه.. لا يعلم بعد كيف سيفعلها
لا يعلم من أين ستأتيه الشجاعة على البوح.. أم أنه سيكتم ويواري نيّته؟

مر بشارع معيّن.. وهو يقرأ اللوحات.. بقلبه لا بشفتيه.. فلقد حفظها عن ظهر قلب
لطالما مر من هنا ليطمئن قلبه، أو ليخفف لوعات الشوق
أو طيش مراهقته.. والذي تأخر جدًّا بالتلويح عليه

توقّف أمام المنزل وهو يتنفّس بانقطاع.. نزل بعد أن رن الجرس وخرج له رجل كبير في السن.. يهلّي ويرحّب به.. ولا يعلم بعد بالمصيبة التي أتى بها هو

جلس بعد أن شرب أول فنجان: السموحة منك عمي بو حارب.. ييتك في هالوقت

بو حارب: افا عليك بس يا ناصر.. البيت بيتك.. تيينا في أي وقت

ناصر: الله يسلمك.. ما بطوّل عليك يالغالي

بو حارب: خل عنك هالرمسة.. دامك ييتنا ما تطلع الا متغدي

سبقه ناصر بالقسم: لا والله إني ما اتغدى.. اعتبرني متغدي وأكرمتني.. والله إن اليلسة وياك هذي خير كرامة يالعم مالها داعي الكلافة

بو حارب بعتاب: ليش تحلف ولدي؟ مب زين عليك تمر بيتنا عقب هالقطاعة بدون غدا ولا عشا.. منقود

ناصر: السموحة منك مستعيل شوي.. وأنت كريم وخيرك سابق يالعم

بو حارب: ما عليه.. بنمشيها اليوم، ما نحنث حلفتك.. لكنك بتينا نوجبك يوم ثاني

ناصر: إن الله راد

صمت بو حارب.. ليسمح لناصر بالحديث.. والذي بات يسحب أنفاسه بصعوبة.. ثم قال وهو ينظر للأرض تحته
ناصر: والله مادري كيف افتح وياك هالموضوع.. مستحي والله

بو حارب: أنت نسيبي ومثل ولدي يا ناصر.. من زمان قلتلك.. نحن شارينك ولا اظن بنلقى واحد بكمالك والكامل الله.. لا نحن ولا بنيّتنا مها

لفظ بالاسم.. واحترق قلب ناصر.. للمرة الألف.. بل تزيد.. كتم تنهداته.. كتم كل آلامه وهو يستمع إلى حديث والدها: مرة لا تستحي منا.. واللي تامر به إن الله قدرنا نعطيك اياه ونراعيك به


لم يكن ينقصه سوى هذا الكرم.. من هذا الكريم.. يظن بأن الأمر مقتصر على المال أو أمور الزفاف.. لا يعلم بحجم مصيبته
ابتلع غصّته وقال بألم: يشهد الله إني ما شفت منكم إلا كل خير.. ويشهد الله إني لو ألف الدنيا بيت بيت ماظني بلقى أخيَر عنكم
لكن العوق والبلاء فينا مب فيكم.. "قال بغصة عظيمة" أنا يا عمي مضطر افچ (أفك) الخطبة.. وربي يوفق كريمتكم بمن هو أحسن وأكرم مني

اختفت ابتسامة الرجل الطيب أمامه.. وعلت حواجبه بصدمة.. كان ينظر إلى ناصر وكأنه ينتظر تكذيبًا.. أو ضحكة تنبؤ عن مزح.. ولو أن الأمر غير لائق حتى بالمزح

قال ناصر بصوت مخنوق: سامحني

بو حارب: شو هالكلام؟ من صدقك تتكلم والا تسوي ويانا سوالف؟

ناصر بأسف قبّل رأسه: السموحة منك.. سامحني

قال بنبرة غاضبة: الخطبة والعرس لعبة عندك، يوم إنك يايني فجأة تقول بفج خطبتي؟

ناصر: سامحني عمي

بو حارب برفض قاطع لكلامه: شو اللي سامحني.. ناصر شو هالكلام؟ شو ياك الله يهديك؟؟ في شي مستوي ونحن ما ندري؟ شايف شي على بنتنا؟

ناصر: لا والله وحلفتك بالله ما تعيدها.. والله إن ما عليها أي قاصر ولا شفنا منها الا كل خير
سامحني.. واطلب من كريمتك تسامحني.. إذا تقدر تسامحني.. وإذا ما تقدر تراها محلّلة ومعذورة
والله إني ما شفت منكم إلا كل خير.. لكن العوق فينا
السموحة منك عمي.. السموحة


قالها وهو يخرج متجاهلًا نداءات بو حارب.. وطلباته بأن يعود ويبرر موقفه.. كان يكرر.. "السموحة.. السموحة".. وهو يعلم بأن السماح محال
كيف يطلب أحدٌ السماح وهو يفك خطبته من ابنتهم بهذه الطريقة؟ وينسحب بدون أي مبرر ولا شفيع؟
كان يكرر "االسموحة" حتى وهو يعود إلى سيارته، التي لا يشاركه فيها أحد
وكأنه يطلب من نفسه، مسامحته على ما يفعله بها

لقد دمّر حياته رسميًّا.. لقد هدم كل ما بناه طيلة شبابه
ضرب رأسه بمقوَد السيارة.. يتمنى لو يستطيع كسر هذه الجمجمة.. يتمنى لو يستطيع كتم كل الأصوات بداخلها

العالم مرهق.. البقاء في هذا العالم.. مع كل الهموم التي في صدره صعب جدًّا
ما من مفر.. لقد حاول الفرار.. ولم يزد الطين إلا ابتلالًا
لم يغرق في الوحل إلا أكثر.. ليس من منفذ.. ليس من مهرب.. الغرق في المستنقع نصيبه.. ومثواه الأخير

قاد سيارته.. وسمح لدموعه بالنزول هذه المرة بسلام
حدادًا على روحه التي قتلها صباح اليوم



- يتبع -


تثريب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 12-04-24, 03:31 PM   #5

تثريب
 
الصورة الرمزية تثريب

? العضوٌ??? » 495981
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 585
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » تثريب is on a distinguished road
افتراضي

. *

،

. *

،




الماضي القريب


في غرفة الاخصائية الاجتماعية.. يجلس هو على كرسي الضيف، يتبادل النظر مع تلك التي تقف بعيدًا، متكئة على الباب، تظهر على وجهها علامات اللا مبالاة التامة.. شعرها الأشقر القصير مبعثر، وكحلها يسيح من عيونها الزرقاء
بملامح فوضوية ووجهٍ محتقن

أما التي تجلس خلف المكتب، فقد كانت تحاول الحفاظ على جدّية ملامحها.. وطمس ابتسامة الإعجاب التي تأبى إلا وأن تغزو شفتيها أمام هيبة حضوره.. ورجولته التي تنضح بها ملامحه

قال: البنت ما تعوّرت؟

المعلمة وهي تحاول تحسين صوتها: لا إن شاءالله.. يعني عوار (ألم) بسيط.. تعرف ضرايب بنات!

قال وهو ينظر بعيدًا.. بتركيز تام.. وكأنه في زحام من الافكار: انزين أختي شو الاجراءات الحين بتوقعونها تعهد بعد مرة؟

المعلمة: تبا الصراحة صفية موقعة تعهدين خلال هالفصل.. مضطرين نفصلها ثلاث أيام

رفع نظرته الحارة إلى تلك المستندة على الباب بإهمال.. ثم أعاد نظره للمعلمة: ما تترقع يعني؟

المعلمة بخجل: والله ودنا نساعدك أخوي بس ما نقدر

ناصر: أختي حاولي.. يمكن تقدرين

قالت المعلمة بعد تفكير: اممم بتريا (بنتظر) المديرة باچر وبحاول اكلمها ونشوف إذا في حل ثاني

نهض هو.. ينهي الحوار الذي طال كثيرًا: مشكورة ويزاج الله خير.. اسمحيلنا ثقّلنا عليكم بمشاكل بنتنا

المعلمة: لا لا بالعكس.. هذا واجبنا.. نشتغل لمصلحة الطالبات

ناصر باختصار: ما تقصرين

قالت المعلمة: بس بصراحة لازم تشوف حل ويا صفية.. مستوية عنيفة جدًّا مع البنات.. أنا اتفهم إنها تتعرض للمضايقات بسبب شكلها واختلافها ولكن ضروري تتعلم تتمالك أعصابها لأنها هي الخسرانة.. منو ما كان المخطئ في البداية، القانون يشوف الأفعال.. وهي أفعالها دوم أقوى.. الله يهديها ما تتفاهم على طول تضرب
أخاف عليها بصراحة في النهاية وهذا مستقبلها
"سلّطت نظرها على صفية بابتسامة" تسمعين يا صفية؟ لازم شوية كنترول

قال بجدية تامة: ما عليه.. خلي موضوعها علي.. اسمحيلي الحين باخذها وياي.. ما تقصرين الله يبيض ويهج

ابتسمت بخجل: تسلم!

التفت عليها بجلافة تامة: اغراضج وين؟

ردت بسخط: في الصف.. وين بتكون يعني؟

أخفض صوته: تأدبي أحسن لج وسيري ييبي اغراضج.. بتردين وياي

صفية: مابا أرد وياك!

ناصر: يوم بيكون الشور شورج لا تردين.. الحين بتردين غصب.. "قال بنبرة جادة" أغراضج وين؟

أشاحت بوجهها بعدم رضى وقالت المعلمة: بخلي العاملة اتييب اغراضها كلها.. استريحوا


فعلت كما قالت.. ما هي الا دقائق وحضرت العاملة مع أغراض صفية.. أمسك بصفية بيد، والأغراض بأخرى.. شكر المعلمة مرة أخرى.. وغادر معها متجهًا إلى السيارة

صرخت عليه بألم من قبضته: هدني!

قال بنبرة صارمة: ولا كلمة

صفية: مب على كيفك.. كيفي أنا.. بتكلم.. "أردفت بطفولية" لالالالالاااا

رمى حقيبتها في الكرسي الخلفي والتفت إليها بنظرة مرعبة: يعني مب ناوية تتأدبين؟

لا تُنكر بأنها ارتعبت منه.. ركبت السيارة وحوّلت نبرتها إلى أخرى باكية: اكرهك.. اكرهكم كلكم
يعلني اموت وتفتكون مني


نظر إليها لوهلة.. ثوانٍ قليلة.. ثم ركب مكان السائق وشغّل سيارته ومشى خارجًا من المدرسة بصمت
لم يُجبها.. يحفظ أساليبها جيّدًا.. ولذلك لن يستجيب.. لن يجعلها تستدرجه كما تفعل غالبًا


بدأت دموعها السوداء بفعل الكحل تنزل بغزارة.. ملوّثةً خدها الأبيض
كانت تعاتب.. تصرخ.. تشتم الجميع بلا استحياء إلى أن توقف عند الإشارة الحمراء وأمسك بفكها: بتسكرين حلجج والا تبيني اكسره لج؟

قالت ببكاء: أكسره.. فكني.. اذا تروم تذبحني بعد أحسن.. اذبحني وفكني من هالدنيا

ناصر: عن الأفلام الزايدة.. لا تطلعين عمرج مسكينة وأنتي أساس البلا

صفية: أنت حتى ما سألتني شو استوا.. ما يهمك تعرف شو سبب تصرفاتي.. بس تلومني وتضربني.. ما يهمك شي.. ما يهمك شو يقولون وشو يسوون بي هالبنات.. بس تهمك سمعتك وما يقولون أخت ناصر تدخل مراكز

أسرفت بالبكاء وهي تردد نفس الكلام على مسامعه.. وهو مستمر بالتجاهل التام
ما أن وصلوا إلى المنزل حتى نزلت وهي تشتمه.. ولكنه أمسك بها قبل أن تصل إلى الباب

فُتح الباب.. وذاع صوتها الحاد في المنزل: آآآآآآي هدددني.. اكرررهك

دخلت بجسمها الصغير المغطى بلباس المدرسة.. وغطاء رأسها المرتخي.. وأذنها، المقيّدة بأصابعه التي ظهرت لهم قبل أن يظهر هو
دخل بعدها بلباسه العسكري، وملامحٍ هادئة باردة.. وكأنه لم يتسبب لها بكل هذا الوجع والصراخ

قال: السلام عليكم

وصرخت هي: باباااااااااا شوووفه

ردّ السلام والدهما، وشقيقتها الجالسة بجانبه وهي تنظر إليهما باستغراب تام

أردف بو ناصر: ناصر.. هد البنت شو بلاك؟ قطّعت أذنها

تركها ناصر بغضب: تستاهل اقصّ أذنها.. حشى فاضحتنّا في كل مكان
غادية (أصبحت) ولد كل يوم مشكلة ويا حد

بو ناصر: لا إله الا الله.. شو مسوية هالمرة؟

هربت إلى حضنه تتباكى: عوّرني.. قطّع أذني "أشاحت بوجهها حتى تُريه أذنها" شوف.. شوف شو سوى.. حشى مب ايدين عليه!

مسح بو ناصر أذنها بحنّية وهو يأنب ابنه: ناصر شو مسوي بالبنت أنته؟ هذي بنت مب ولد.. شو هالعنف وياها؟

ناصر: أبويه شو تباني أسوي بها؟ تعبت منها
لا الكلام يفيد وياها، لا الحرمان ولا شي ينفع
هذي يبالها أربطها بالنخلة في عز النهار وأجلدها بخيزرانة يمكن يفيد وياها

صرخت باكية: تخسي.. اكرررهك.. اكررهه بابا.. كله يضربني.. ماحبه

عقد بو ناصر حواجبه: صفوي! عيب.. شو هالكلام؟ هذا ناصر أخوج.. وولي أمرج بعدي

صفية: كلامي أنا عيب؟؟ ما تسمعه!
"قالت بأسلوب مراهقي بحت" أنا يضربني!.. يخسي.. أبوووي مامد ايده علي هو منو عشان يسويها؟

اقترب ناصر منها بغضب: هذي اللي تباني أكسّر راسها.. أنتي ما جربتي الضرب صدقيني.. يمكن لو جربتيه تتأدبين

بو ناصر: لا إله الا الله.. انتوا وبعدين وياكم؟
ناصر هذي ياهل.. اصغر منك ب15 سنة شو تبا بها؟ تعوّذ من إبليس وخلها عنك

نهض ناصر: أعوذ بالله منك يا إبليس.. أبويه أنا راد الدوام.. تامرني بشي؟

بو ناصر: سلامتك الغالي
"التفت على الجالسة بهدوء" نوف شلي أختج فوق


نوف: ان شاءالله أبويه

انصاعت نوف إلى والدها مباشرةً.. أمسكت بـ"صفيّة" شقيقتهم الصغرى من عضدها وأخذتها إلى الأعلى.. وهي تستمع إلى تأففاتها وغيبتها لناصر.. شقيقهم الأكبر

ادخلتها غرفتها وهي تنظر إليها بتفحّص: بس.. خلصت حسناتج كلها على ناصر
والله يا بخته
"أردفت بفصحى مُتقنة" صلّوا وصوموا واشتموني.. ألا إن شتائمكم هذه هدايا من الحسنات

صرخت صفية بغيظ: آآآآآخ أكرهه.. ليش ياخذ حسناتي؟

رفعت نوف حاجبها بتلقائية: ليش تحشّين فيه! لو ما تحبينه لا تغتابينه عشان ما ياخذ تعبج وحسناتج

صفية بدرامية: ما تشوفينه شو سوى بي؟ "مدّت أذنها" شوفي أذني.. قطّعها.. قطّعها حسبي الله عليه

نوف بغضب: لا تدعين عليه

صفوي بزعل: حشى.. مب ايد عليه
يسير يتدرّب في المعسكر ويطبّق كل شي علي

نوف قال بشفقة عليها ومراعاة لسنّها: يالله يالدراما يا صفوي.. شوي احمرّت بس.. من بياضج ماشاءالله

قالت بغضب: لا تطرين لوني!

قهقهت نوف: آسفة.. المهم إن أذنيج بخير وما استوا بها شي

صفية: شوي ولا وايد.. ما يخصني!
من الأساس ليش يمد ايده علي؟ وين عايشين نحن؟ تعرفين لو ابلّغ عليه الشرطة شو بيسوون فيه؟ هذا تعنيف.. أنا قاصر

نوف: لا حول ولا قوة الا بالله.. صفوي حياتي اهدي شوي
شو ابلّغ عليه وشو تعنيف وترهيب وشو هالكلام؟
هذا ناصر اللي تموتين عليه ويموت عليج
عشان شويّة مشاكل على طول بتجحدين أخوج وتقولين ببلّغ عليه؟

صفية بعناد: هي.. يستاهل.. لا يمد ايده علي

نوف: خلاص عيل.. أحسن لا يتدخل فيج ويفرّونج سجن الأحداث مع كل مشكلة تسوينها.. يمكن يأدبونج بعد يوم أهلج ما راموا يأدبونج

نظرت إليها صفية بغضب: بسم الله علي!

نوف قالت بلا مبالاة مصطعنة: هذا اللي بيستوي إذا ما تدخّل ناصر
كل يوم ضاربة وحدة في المدرسة وفوق هذا ما تعتذرين
لو ناصر ما يراكض عشانج چان مشتكين عليج من زمان

صرخت صفية بغضب: لا تقولين هالكلام!

نوف: ما تتحملين تسمعينه.. كيف تبين تعيشينه؟
"أردفت بعتاب" حشى يا ناكرة المعروف.. مليون مشكلة تسوينها وفي كل مرة ناصر يطلع من دوامه ويسوم ويهه عند الناس عشانج (يسوم=يبيع/ يسعّر.. كناية عن التنزّل للناس)
وأنتي بدال لا تشكرينه تطيحين فيه سب ولسان طويل.. صدق ما تستاهلين

قالت صفية بعيون دامعة: هي تدافعين عنه لأنه أخوج

نوف: وأنتي منو؟ محصلينج عند الزبالة؟

صفية بأُنف محمر من البكاء: أنا بنت الروسية

قالت نوف بملل من الاسطوانة المتكررة: بسس.. إن خلصت عندها الحجج قالت أنا بنت الروسية
وخير يعني طلعتي بنت الروسية؟ تراج أختنا.. بنت أبوي.. ورباة ايدينا
عن الافلام الهندية والكلام الفاضي.. تعرفين إن ناصر ما يفرّق بيني وبينج
تراج مصختيها وايد وياه.. سيري اعتذري منه وحبّي راسه

صفية: بس هو ضربني

نوف: الحين سحبة الأذن هذي تسمينها ضرب

صفية: هي.. أي شي مؤذي جسديًا يعتبر ضرب

نوف: انزين نفرض إن هذا ضرب.. ليش ضربج؟ ما فكرتي يعني؟
طول الوقت تسبينه وتشتمين بدون أي اعتبار لفارق السن ما بينكما.. شو تتوقعين منه يسوي؟ أنتي لو أنا أكبر منج أسبج هالسب ما استبعد تضربيني

صفية بإحراج: مب لهالدرجة!

نوف بطرف عين: والله ما استبعد شي منكم أنتوا هالجيل!
"أردفت تخوّفها" يلسي عيدي وزيدي في هالكلام لين صدق يتخلّى عنج عقب بشوف منو بيدافع عنج عند الناس

صفية: عندي أبوي

نوف: أبوج كم يوم في الأسبوع تشوفينه حبيبتي؟ أنتي في الأسبوع خمس مشاكل وأبويه الله يحفظه ما ينشاف إلا مرة في الأسبوع
لو تعتمدين عليه بس جان فاصلينج من المدرسة من زمان


أخفضت رأسها بزعل.. كلام نوف صحيح.. وواقعي
ناصر والدها، أكثر من والدها الحقيقي
هو من يقضي كل حوائجها.. من تدريس "بمساعدة نوف بالطبع"، وتسجيلها في النوادي الصيفية، أخذها إلى منازل صديقاتها، ترفيهها، كل شيء تقريبًا
يشدّ عليها كثيرًا.. ويدلّلها أيضًا كثيرًا.. ولعلّ هذا التناقض في التربية خلق منها إنسانة بهذا التشكيل العجيب.. عنيفة ولكنّها شديدة الدلال والتعنّت


فهي طفلتهم جميعًا.. جاءت نتيجة حب والده لامرأة روسية.. تزوّجها مدّة قصيرة من الزمن.. ثم تطلّقت لعدم تقبّلها العادات الإماراتية.. واصطداماتها المتكررة مع أفراد العائلة.. خصوصًا ناصر
فتركت كل شيء ورحلت.. وبقيَت صفية بين والدها وشقيقيها، تتربى في كنفهم باعتدال

فمع والدتها حتى أبسط الأمور، كالاسم.. كان محط جدال بينها وبين العائلة
كانت تريد اسمًا أجنبيًا يناسب ملامح ابنتها ذات الشعر الأشقر والعيون الزرقاء
فكان "صوفي" أو "صفية"، بعد التعريب.. هو الحل الأوسط



.
،




أنهى عمله، واتجه إلى سيارته يقودها بذهن شارد
يفكّر بمدللته الصغيرة.. وكيف يستطيع تقويم سلوكها والسيطرة على تمرّدها.. هو يفكر بطريقة جادّة تمامًا.. لأنه يخشى أن تصل إلى منحنى لا يمكن لملمته.. فهي مختلفة تمامًا عن نوف.. وجريئة أكثر من اللازم.. وعواقب أفعالها كبيرةٌ جدًّا

انتبه إلى وصوله مفترق طرق، حرّك رأسه على الشارعين واختار الطريق الأبعد عن منزله.. بسابق إصرار وترصّد.. انتقى الطريق الأحب إلى قلبه.. والذي يمر على منزل من سلبته قلبه بنظرة
بالرغم من أنها كانت نظرةً قاتلة.. مؤنبة
إلا أنها كانت كالعسل على قلبه، بل أخف وأحلى

عادت به الأيام.. لتلك المصادفة
عندما شاهدها تقف بحيرة أمام باب منزلها.. يبدو بأنها نزلت من حافلة الكلية.. تضغط على زر الجرس ولا يجيبها أحد.. تضع حقيبتها على رأسها.. تستره من أشعة الشمس الحارقة.. ثم تهف على وجهها بكفّها الناعم وتتأفف بطريقة، كانت فاتنة جدًا بالنسبة له

توقّف أمامها: السلام عليكم.. تحتاجين مساعدة؟

شاهدته بإرهاق.. ثم أعادت وجهها للباب وقالت باختصار: لا

ولكنّه أصر: حد في البيت؟

تلك: مادري.. واقفة اتريا (انتظر)

ناصر: شكله البيت فاضي.. اتصلتي بحد؟

الفتاة: اخوي خلاص تقدر تتوكل.. ترا وقفتك غلط

ناصر: أنا واقف أشوف حاية (حاجة) بنت بلادي ما سويت شي غلط.. الناس للناس وأنتي بنت.. والدنيا حر وشمس.. تأكدي إذا في حد في البيت لو سمحتي

الفتاة تأففت: استغفر الله العظيم "ثم أخفضت نبرتها" مب ناقصتني إلا فرعنتك أنته الثاني.. كل حد يتحرا عمره ولي أمرنا في هالدنيا

قال بتشديد: السموحة ماقدر أسير لين اتأكد إنج دخلتي البيت.. اتصلتي بهم؟ يمكن ما يسمعون الجرس

الفتاة: تلفوني مبند مافيه چرچ (شحن)

ناصر بتلقائية: خذي تلفوني

نظرت إليه مرة أخرى باستنكار: لا طبعًا

ناصر نزل من السيارة: انزين چرچي (اشحني) التلفون في السيارة

الفتاة: لا مشكور

ناصر: أنا نزلت انزين

الفتاة: مستحيل!

ناصر: اسمعي.. هاتي التلفون بحطه في الچرچ وبنزل.. عشان ما تقولين بيسرق تلفوني


كتمت ضحكتها.. بالفعل كان هذا أحد ظنونها.. لم تستطع الرفض
هذا الشاب غمرها بكرمه.. وأصبح من المُحرج أن ترد فضله أكثر

أخذ ناصر الهاتف ووضعه في السيارة كما وعد.. وخرج من السيارة متجهًا إلى البقالة أمام منزلهم.. يضيّع وقتًا.. ويسرق النظر إليها بين الفينة والأخرى بفضول شديد

أحيانًا كانت تبادله النظر.. وأغلب الوقت تشيح بوجهها باستحياء

أشرت له بكفها.. فهرع إليها: آمري

الفتاة: ممكن تشوف التلفون؟

اشّر على أنفه بتلقائية: على هالخشم

ذهب إلى السيارة.. كان الهاتف مشحونًا قليلًا ولكنه يفي بالغرض.. أخذه وهو يتفحّصه بعينيه بسرعة، يفتش عن أي اسم، أو شيء يدله على صاحبة الهاتف، ولم يجد سوى حرف (m)

مدّه: تفضلي

الفتاة: مشكور.. تعبتك وياي

ناصر: حاضرين.. واجبنا.. كلميهم وأنا بتريا

عقدت حاجبها: خلاص ما يحتاي!

ناصر: بعيد أنا.. بتريا بس اتأكد إنج دخلتي.. يالله في أمان الله


ابتعد.. حفاظًا على خصوصيتها.. في النهاية هي فتاة.. ولا يريد أن يثير الشبهات بوقوفه هكذا لفترة طويلة
استطاعت محادثة الخادمة التي كانت مُتعبة كما يبدو ولم تسمع الجرس.. ودخلت إلى المنزل بعد أن ألقت عليه نظرة أخيرة.. وكأنها تأكد اصطياد قلبه

شاهدها وهي تغيب خلف الباب الأسود.. وأفكاره تلحق بها، تحاول أن تتسلل إليها وتتمسك بها قبل أن توصد الباب
كان في مكانه، على بعد أمتار قليلة منها.. يشاهد الباب، رقم المنزل، تفاصيله، الزرع خارجه، وكأنه يخزّن كل التفاصيل في مخيّلته

لأول مرةٍ تستوقفه فتاة.. لأول مرة يشعر بأنها سرقت قليلًا من عقله
لا يُنكر بأنه يُفتن أحيانًا، ولكن الأمر لا يتعدى نظرةً أولى مباحة، ومن ثم يشيح
ولكن الأمر مع هذه مختلف.. هل يُعقل بأنه بسبب هذه الدقائق البسيطة التي قضاها معها؟ أو لأنه سمح لنفسه بتحمّل مسؤوليتها والحرص عليها؟ لا يعلم.. ولكنه متيقّن بأنها ليست عابرة أبدًا

بات يتعمّد المرور قرب منزلها، الذي لا يبعد كثيرًا عن منزلهم.. لا يعلم لماذا، ولكن الأمر ممتع بالنسبة له، ويدغدغ قلبه

كثيرًا ما تلصص عليها بالنظر.. واللّحاق بها بدون أن تحس به.. إلى أن حفظ جامعتها، أماكنها المفضلة، وكل ما يخصها.. بطريقةٍ صبيانية لم يعتد عليها أبدًا
حتى أنه حاول الحديث معها، فواجهته بموشّح محترم.. أو هزّأته.. كما يُقال بالعامية

لم ينتظر كثيرًا منذ ذلك اليوم.. أخذ والده وخطبها مباشرةً.. لم تُصبح حليلةً عليه بعد.. ولكنّها موسومة باسمه.. ومقيّدة تحت بند الخطبة الرسمية إلى أن تتخرج من الكلية.. هذا كان شرطها والذي وافق عليه على مضض

تذكر الأطباق التي بدأت ترسلها بعد الخطبة، وبشكل مستمر إلى منزلهم.. يعلم بأنها موجّهة له بشكل خاص، ولكنها مغلّفة بحسن الجوار
يعجبه اهتمامها البعيد هذا.. تُعجبه هي بكل ما فيها.. تعلقت هذه الفتاة بأوصال قلبه، تغلغلت بداخله.. ولذلك لا ينفك يمر أمام منزلها.. واللحاق بطيفها
للأمانة، ليس في البنيان رائحة، ولا في المرور العابر هذا جبرٌ للشوق.. إلا أنه يحبّه ويأنس به

عاد إلى المنزل، فشاهد نوف وصفية مستعدّات للخروج، على كتف نوف حقيبة رياضية سوداء متوسطة الحجم
قال وهو ينظر إليهن: السلام عليكم.. على وين ماشاءالله؟

نوف: وعليكم السلام.. بنسير النادي.. عندي كلاس العصر نسيت؟

ناصر: عاااش بروسلي.. اليوم امتحان الحزام الأسود؟

تجاهلت نوف سخريته المعتادة: بإذن الله.. دعواتك

ناصر: الله يوفقج
أشّر على صفية بحاجبه: وهذي بتودينها وياج؟

نوف: هيه.. أخيرًا اقتنعت تطلع من البيت

ناصر: زين.. خليها تفرّغ طاقة المصارعة اللي فيها في المكان المناسب

ضحكت نوف: ههههههههههههههه حرام عليك

ناصر: والله هذا اللي أشوفه.. مادري منو تتحرا عمرها كل مكان تسير تكفّخ خلق الله

حدّق بها بتهكّم تام.. بينما كانت تشيح بعينيها.. وتقترب منه
كانت تجر أصابعها بتردد ورأسها يكاد يسقط على الأرض من الإحراج
همست: ناصر

صغّر عيونه وهو يراقبها.. يحفظها جيّدًا.. ويعرف ما يتبع هذا التصرف
قال بصرامة: خير؟

وقفت على أطراف أصابعها.. تحاول الوصول إلى رأسه.. تمسكت بكم زيّه العسكري لتحافظ على توازنها.. وتقبّل جبهته
قالت بنبرة ندم: آسفة.. ما اقصد اللي قلته.. أنت أخوي العود.. مثل أبوي.. أصلًا أنت أبوي الثاني

ناصر: لو إني أبوج ما قلتي هالكلام

صفية بندم: آسفة.. والله إني أحبك
ما كان المفروض أقول هالكلام

ناصر: دام تعرفين إنج لازم ما تقولينه عيل لا تقولينه وثمني رمستج (كلامج)

نوف: ناصر عاد بلا غلاسة حرام عليك تراها يت تعتذر.. اقبل اعتذارها إذا تسمح

قال ناصر بصرامة، وبغرض تأديبي: لا والله مب على كيفها تمشّي الناس.. تقول اللي تبغيه بدون حساب ويوم تعتذر تتوقع الكل يرضى عليها على طول.. قلوب الناس مب لعبة

قالت بعذر أبله كعادتها: بس أنا مراهقة!

رفع ناصر حاجبه: لا والله

أردفت بتبرير: أقول أي شي بلحظة غضب وعقب استوعب، وأندم! بس أدري الندم ما يرد شي

ناصر: أنتي مراهقة صح.. لكنّج محاسبة من الله قبل الناس، على اللي تقولينه وتسوينه

احتضنته.. تعلّقت بلباسه: آسفة.. خلاص سامحني

نظر إليها بصمت لوهلة.. ثم بادلها الاحتضان.. دائمًا يحاول.. دائمًا.. ولكنه لا يستطيع الحفاظ على حزمه أمام رقّتها وطفوليتها التي تظهر في هذه المواقف
ناصر: الله يعدي هالمراهقة على خير.. يالله.. ربي يحفظكن


ابتسمت نوف لهذا المشهد، الذي كثيرًا ما يتكرر.. غضب صفية العاصف، يتبعه زجر حاد من ناصر.. ثم اعتذار لطيف واحتضان، وكأن صفية تعود إلى أصلها الرقيق والناعم.. والذي تخبئه خلف خشونتها

قال ناصر: نوف الغالية انتبهي على الأرصفة واللوحات مانبا حوادث.. تراني تعبان من الدوام ومافيني اطلع بعد مرة اخطط حوادث

نوف عقدت حاجبيها: يالله عاد ناصر بتذلنا كلها كم مرة بس لا تبالغ!

قال ناصر بتهكّم: كلها عشر مرات بس.. صدق إني أبالغ

نوف: لا تحاتي قارية الأذكار ما علينا خوف ان شاءالله

ناصر: اختمي القرآن عيل قبل لا تطلعين

قالت بزعل: الله يسامحك.. ادع لنا الله يحفظنا ونوصل الكلاس بسلام عشان مانخرب رقادك حضرة النقيب

ابتسم ابتسامة جانبية: الله يحفظكم.. يالله عن تتأخرون


- يتبع -


تثريب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 12-04-24, 03:54 PM   #6

تثريب
 
الصورة الرمزية تثريب

? العضوٌ??? » 495981
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 585
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » تثريب is on a distinguished road
افتراضي

.
،




في نادي التايكواندو

نزعت حجابها وارتدت لباس القتال الأبيض، ربطت خصرها بحزام مخطط بالأحمر والأسود، ثم أحكمت رباط شعرها، لفّته بشكل دائري
ثم تلفتت تبحث عن شقيقتها التي قضت معظم وقتها تصوّر المكان، ونفسها وانعكاسها، وتصورها هي حتى بآلاف الوضعيات

نوف: يلا صفوي.. يتريونا

صفية باعجاب: واو وااااو نوفي شكلج يخببل.. وايد بروفشنال
يبالج شوي لمسات بس وتستوين سوبر مودل
شو رايج احطلج ميكب خفيف؟ بتطلعين احلى في الصور بدون لا يبين شكلج اوفر

عقدت نوف حواجبها: بلعب رياضة ليش اتمكيج؟

صفية: اوهوو لا تستوين معقدة.. البنت لازم تكون حلوة في كل حالاتها

نوف: آه يدٌ في الماء ويدٌ في النار.. أحس إني أُكوى كيًّا من التوتر وأنتي تبين تمكيجيني

صفوي: عادي نوف بلااج؟؟ توتري وأنتي حلوة على الاقل

جلست نوف باستسلام: عندج خمس دقايق وبقوم حتى لو ما كنتي مخلصة

صفوي جلست بحماس: يلاااا والله لا أخليج تقوليين واو شو هالايد السحرية اللي طلعتني بهالجمال

قالت نوف باستنكار: صح إنج مودل تبارك الله بس تراني حليوة لا تحسسيني إنج بتطلعيني من الظلمات إلى النور!

ضحكت صفوي: هههههههههه اسووولف فديت اختي القمر..احلى وحدة اصلا.. بس خلاص خليني اشتغل بليز


كالعادة، محالٌ أن تصمد نوف أمام إلحاح صفية، إضافةً إلى أنها تطيعها شفقةً عليها، تعلم مسبقًا بوحدتها، وتحب أن تكون مؤنسةً لها، ولذلك مشت على رغبتها
وجلست بعيون مغمضة، تشعر بلمساتها السريعة على وجهها

داهمتها مبالغة صارخة بالمديح: واوا.. وااااو.. برنسيس.. أميرة.. قمر قمممر صدقيني
الصراحة.. لو أنا حكم، بدون ما تسوين الامتحان بعطيج الحزام الأسود
أصلًا لو عندي براند رياضة وااللله ماخلي غيرج يعرض لي.. اصبري لو في حد من نايك ولا اديداس صدقيني ما يتعدونج

نوف: عشان يعلقنا ناصر عبرة لمن لا يعتبر

صفوي: والله قمر.. كيييكة

ضحكت نوف وهي تشاهد نفسها من المرايات الضخمة التي تغطي الجدران: هههههههههه يا حبج للمبالغات

صفية: ارفعي استحقاقج.. اللي تشوف عمرها ملكة الكل يشوفها ملكة

قهقهت نوف وهي تدفعها من الخلف: امشي بس.. يا أم الاستحقاقات.. مادري من وين اتيبين هالمصطلحات

صفوي بضحكة: الوحدة لازم تتثقف.. بدال لا اقرا لأحمد شوقي مثلج اقرا عن الطاقات تبين أقولج عن طاقتج اليوم ولا؟

نوف: لا استريحي.. ما أؤمن بهالخزعبلات


اتجهت نوف إلى مدرّبتها تأخذ منها التعليمات، بينما جلست صفية مع الحضور تنتظر الامتحان.. كعادتها بدون أن تحادث أحدًا.. يغلب غرورها أو (الشخصية التي صنعتها لنفسها)، فطرتها
ملفتةٌ هي.. وتعلم بأن التهامسات تتزايد عنها ما أن تبدأ بالحديث.. فلهجتها الأصيلة تناقض شعرها الأشقر وعيونها الزرقاء
تبدأ التساؤلات التي تثير حنقها، وتكرهها، أهي مواطنة؟ روسية؟ ابنة روسية؟ وهكذا


كانت تشاهد شقيقتها وهي تصطف بجانب عدد من الشابّات.. وصفّقت بحماس ما أن رأتها
لطالما كانت نوف خير قدوةٍ لها.. كانت مُعجبة بها.. بل متعجّبة من قدرة شقيقتها على الجمع ما بين كل هذه المواهب المتناقضة
فهي هنا.. بجسمها الرياضي الممشوق، ووجهها الجاد.. تقف بكل جمود لتحصل على الحزام الأسود

متأكدة بأن من يشاهدها الآن محالٌ أن يتخيّل بأنها نسيج من المشاعر.. فتاة أكثرها رقيق، يجرحها حتى اندفاع الماء على خدّيها
تحفظ كتابات جبران خليل جبران، وتتغنى بنثور مصطفى درويش
وأن قلمها يعمل أكثر الوقت، والفصحى تنساب من فمها أسرع من العامية

شاهدتها تحرّك شفتيها.. تعلم بأنها تعيد تحصين نفسها.. كادت تضحك بصوتٍ عالً.. شقيقتها هذه مهووسة بإعادة التحصين مئات المرات ولا تبالي باستهزائهم المتكرر بها

مع صافرة الحكم، وبعض الكلمات، بدأت نوف تؤدي سلسلة من الحركات بوجه جامد تمامًا.. وأمامها الحكم تقيّمها وتسجل الدرجات.. إلى أن انتهى الاختبار وتعالى صوت التصفيق

لم يتبيّن لها الأمر فأشرت لها: هااااه اوكي ولا؟

قهقهت نوف من بعيد.. ورفعت إبهامها.. دليل على الإنجاز.. فصرخت نوف بحماس: اووووووووه اوووووه عاشت نووووف.. عاشت اختي.. مبرووووك

اتجهت إليها مباشرة تحتضنها: مبرووووووك بروسلي

ضحكت نوف وهي تحتضنها: الله يبارك فيج يالخايسة.. مسرع لقطتيها من ناصر

صفوي: مبروك مبرووووك الف مبروك.. والله مستااانسة.. يا حظي والله اختي ترفع الراس كل مكان

نوف: فديت قلبج الله يبارك فيج وعقبالنا نفرح فيج يارب في اللي تحبينه ويرفع الراس

مدّت شفتيها بزعل: اللي احبه ما يشرف عند اهلج.. قلتلهم بستوي ميكب ارتست ما طاعوا اونه منقود! كل بنات العرب استون ميكب ارتستس الا انا

نوف: شو تبين بنات العرب انتي عليج من اهلج وجابلي دراستج بعدج نونو ترا

صفوي: ماعليييج من هالسالفة بس يالله.. انتي خبرينا أمانة شو شعورج؟ بشو تحسين؟

نوف: مب مصدقة.. آآآه.. حلمي من سنيييين

صفوي: الحمدلله حياتي تستاهلين.. يبالنا عزيمة عودة.. يالله وين وين بتعشيني اليوم؟

نوف بتعب: دخيلج صفوي مب اليوم والله تعبانة

صفوي: لا والله مب على كيفج انا ابا اطلع!

نوف: يارب صبرنا على هالمراهقة

صفوي تمسّكت بذراعها: لا تسوين عمرج تعبانة وكسولة أدري إنج ما تتكاسلين عن شي ماشاءالله عمري ماشفت حد شغوف بالحياة هالكثر

نوف بحواجب معقودة: اذكري الله

صفوي: لا تحاتين حتى كبير المردة مايقدر يخترق حصونج ماشاء الله من أصبحتي وانتي تعيدين الاذكار

ضحكت نوف: ههههههههههههه مالت عليج.. أشوف ناصر مدرسنج على الطنازة

ابتسمت صفوي: بعدني اتتلمذ

قهقهت نوف: حلوة هذي اتتلمذ

صفوي: هي يا حفيدة أحمد شوقي تتحرينا ما نعرف الفصحى

نوف: حشى ما قلت شي ولا احتكرت اللغة العربية الفصحى لي

قاطعهم صوت مدرّبتها: نوووف تعالي إلى هنا لنلتقط الصورة الجماعية

ابتسمت نوف بمجاملة: سنسي (معلمتي باليابانية) تعرفين بأنني لا أحب المشاركة في الصور الجماعية

المدربة: ولكنها مناسبة مميزة.. إذا كنتي لا تشعرين بالراحة بالتصوير هكذا يمكنك ارتداء حجابك!

قالت نوف بمزح: اخشى أن اجد صورتي في الفيس بوك!

ضحكت المدربة: اووه إذًا عليكِ أن ترتدي حجابك.. على الاقل إن وضعتها ستكونين بكامل حشمتك

ضحكت نوف: هههههه المشكلة أنني لا أحب مشاركة صور وجهي حتى!

المدربة: اوه إنها مشكلة حقًا.. سأغطي وجهك بيدي.. هيا بنا ارتدي عبائتك وشاركينا

هزت نوف رأسها: ثواني!

فعلت كما طلبت منها المدرّبة، وعادت لترى صفية شقيقتها في حوار مع المدربة
قالت المدربة حين رأت نوف: لمَ لا تشارك شقيقتك معنا؟ لديها بنية جسمانية رائعة

نوف: لا تحب ذلك.. حاولت معها كثيرًا

قالت المدربة تحادث صفية: صدقيني إن شاركتي معنا سيكون لكِ مستقبلٌ باهر.. بل في أي رياضة.. جسمك ممتاز.. تمتلكين بنية أوروبية رائعة
"ثم قالت تمازح نوف" لو لم تخبريني بأنها شقيقتكِ لما صدّقت! صبغة شعرها الشقراء رائعة وتبدو طبيعية جدًّا

ابتسمت نوف بمجاملة وهي تختم النقاش، الذي تعلم بأنه لا يريح شقيقتها: لنشاركهم الصورة! إنني متعبة علينا العودة إلى المنزل

هزّت المدربة رأسها: لنذهب إذًا




.
*




على بعد مئات الكيلومترات.. تحديدًا في المملكة العربية السعودية


كان يتوشّح بالسواد، ويقف بمحاذاة الجدار، حيث الظل.. وكأنه هو والجدار جسدٌ واحد

حرّك قدمه، ليتأكد من إحكام ربطة حذائه الرياضي.. ويتأكد من عدم تنميل قدمه في وقت غير مناسب

كان يحرك جسمه بشكل هادئ وبطيء.. يتأكد من استعداداته للجري إن تطلّب الأمر

سمع صوت جسم غريب يسقط فوقه.. كانت الحقيبة المنشودة.. أمسك بها بصعوبة وهو يعض على شفتيه
كادت تسقط على الأرض ويُكشف أمره

لبسها بشكل عكسي.. أي أن الحقيبة على بطنه ولبس ذراعيها خلف ظهره.. لتكون السيطرة عليها أكبر
بدأ المشي في الظلام بهدوء.. فلا داعي لإثارة الشبهات بدون سبب
ما أن اقترب من أحد المباني حتى سمع صوتًا يهمس من اللاسلكي: حط رجلك حصيني.. حط رجلك

لم يتلفت.. لم يتأكد بل حط رجله كما طُلب منه وبات يركض ما بين الأشجار في الظلام وبأسرع ما يمكن.. وكأنه بالفعل حصيني أو صغير الثعلب الصحراوي

كان يسمع صوت العسكري خلفه وهو يزجره ويأمره بالتوقف، ويطلب الدعم من بقية العسكر
ولكنه لم يتوقف أبدًا.. فالمهمة الآن مهمة حرية أو سجن…

إلى أن وصل منتصف المباني.. ودخل أول مبنى وجده أمامه
كان يعلم بالطبع أماكن تواجد الكاميرات.. وكان محترفًا بالتخفي عنها وتحاشيها.. ولذلك تم اختياره لهذه المهمّة بالتحديد

الآن بات صعبًا على من يلحق به، الإمساك به
أي ان المباني كثيرة، وسكانها أكثر.. وعملية التفتيش ستستغرق ساعات طويلة

اتجه مباشرةً إلى زملائه وهو يلهث: الزبنة يا عيال.. الحكومة (يقصد الحرس)

قال شريكه بتأفف: يا لييييل الليل وش دراهم عنا هذول؟

الحصيني: والله مادري ياخوك اسمع اللاسلكي يصيح حط رجلك عاد انا مادريت الا وانا حاطن رجلي واركض لك ركضة كني أسابق النياق

شريكه: هههههههههه كفو ونعم الحصيني والله

الحصيني: اسمع يا محمد وانقلها عن الحصيني

يقول: فيه صملة.. شجاع فأول الهدة
شايفٍ نقص أخيه وزود طلابه
كنه المحزم المليان بالعدة
إن تعزويت ولا مالك إلا به


محمد: يا شيخ انقلع.. قال المحزم المليان.. هالحين يجيك الشايب يخليك تعض الأرض

الحصيني: هههههههههههه اسمع أنا رايح ومتكل على الله ثم عليكم يا عيال.. لا تروح ركضتي عبث والله إن نفسي انقطع
دسوها زين ومثلوا إنكم نايمين.. الحين يجون تفتيش
"اشر على الآخر" أنت خلك طبيعي لا تكثر حتسي على قل سنع

محمد: طيب لا تطولها.. يالله فارق والوعد على الثنتين

ابتعد الحصيني بضع خطوات ثم عاد: والشنطة؟ مهب باقي الا شوي ونطلع يا عيال لا تنكبونا


محمد: يا اخوي تقلع.. قلنالك ازهلها.. الشنطة تشابه غيرها من الشنط
والله إن ما يلقونها لو يجيبون أكبر كلب يشمشمنا

الحصيني: اسمع.. لا تفتحون الاكياس لحالكم والله يإني إذا لقيت كيس مفتوح إني اقص يدين اللي يفتحه

قهقه صديقه: رح بس

بسرعة فائقة فرّغوا محتوى الحقيبة داخل السرير.. المفرّغ من أغلب الحشوة القطنية لغاية التهريب ودس الممنوعات.. ثم تخلّصوا من الحقيبة وناموا بتمثيل تام

ما هي الا دقائق وسمعوا رفسة قوية على الباب: انهض جعلك ما تنهض الا في قبرك أنت وياه

اصطف جميع من في الغرفة بتمثيل للكسل والنوم: نعم سيدي

أُضيئت الإنارات كاملة ومشى الضابط العسكري الكهل، بيد موضوعة خلف ظهره.. وبتدقيق تام في وجوه الشباب

الضابط: من المهرب فيكم؟ بدون لف ودوران

محمد: مهرب وش سيدي.. نحن نيام

الضابط: لا تسوقها يا ورع.. "التفت على زميله في الغرفة" أنت المهرب اجل

قال ذاك بارتياع: لا والله سيدي

الضابط: الا أنت

رد الشاب: سيدي والله إني كنت نايم

الضابط: لا تحلف بالله كذب جعل الارض تنشق وتبلعك يا كذاب.. أنا شايفك يا حمار وأنت تركض.. تقوللي كيف عرفت اقول من ذا الوجه الودر ما تخطيه العين

صمت الشاب

التفتت الضابط: أقولكم شايف ذا الوجه الودر من الكاميرات

كان محمد يود التدخّل خوفًا من زميله المرتاع.. ولكن تدخّله لن يزيد الأمر إلا سوءًا

قال زميله بتسرّع: فتشنا إذا منتب مصدقني.. أقسم لك بالله مانيب سارق ولا مهرب

الضابط اتجه إلى فراشه ينفضه: اوريك يالرخمة

سقط قلب محمد مع تلك النفضة.. ثم شكر الله في قلبه.. لأن الحشوة كانت محكمة.. ولم تصدر البضاعة أي صوت أو تتسلل خارجةً منها

اتجه الضابط بفوضوية إلى الخزائن: انفضولي المكان نفض.. لا تتركون شبر ما تمشطونه

قال المفتشون: حاضر سيدي

تم نفض المكان كما طلب الضابط.. تم رمي كل شيء خارجًا.. الملابس، ادوات النظافة، المعدات.. حرفيًا غدت الغرفة في فوضى عارمة وللأسف لم يجدوا ضالّتهم

قال الضابط وهو ينظر إلى الاثنان بتفحص: يمكن ارجع لكم

ثم غادر على مضض.. فقد كان شبه متأكد من وجود البضاعة المهرّبة في هذه الغرفة بالذات.. خصوصًا مع ملامح وجه الشاب

اتجه إلى الغرفة المجاورة.. وتكرر الأمر
ترويع.. تكذيب.. افتراء.. ممارسة الضغط العسكري بأسلوبه الجاف والقاسي كالعادة ليعترف الجاني.. ولم يجدوا شيئًا

قال أحد المفتّشين: سيدي وش فيها رجلين سعود حمر؟

عاد الضابط بنظرة تفحّص لأقدام سعود.. والذي لم يتحرّك ولا بقدر أنملة

قال سعود: رجولي دايم حمر سيدي

الضابط: أحد سألك أنت؟

سعود بنفس التهيء: لا سيدي

الضابط: أجل سد حلقك

سعود: حاضر سيدي

الضابط: أجلس

جلس سعود.. وهو يحاول التسلّح بالهدوء.. فإن العسكرية بقدر قسوتها إلا أنها تهذّب كثيرًا.. وتعلّم الصبر.. ولو لا الصبر ما باتوا فيها ساعة

الضابط قال للمفتّش: تحسس رجوله حارة؟

وضع المفتش يده باحترافية تامة على قاع رجل سعود: نعم سيدي.. حارة

قال سعود: رجولنا كلنا حارة سيدي التكييف تعبان.. تحسس رجول اللي معي طيب إذا منتب مصدق

الضابط بغضب: وش سالفتك أنت ناوي تركض بالميدان في ذالليل؟

سعود: لا سيدي لكن وش ناوي عليه اللي معك بيتبلاني عشان رجولي يقالها حمر؟

الضابط: انزل الميدان اقول

سعود: سيدي طلبتك تأجلها دايخ والله

الضابط: اقول لا تكثرها لا انزلك ضغط الين تطق عظامك

سعود: حاضر سيدي البس واجي

الضابط: لا يا شيخ وانا عازمك على مجلسي؟ اقول ما ودك انزلك تجري بسروال وتضحك العربان عليك؟

سعود: لا سيدي

الضابط: اجل الآن اشوفك في الميدان

سعود ضرب الأرض بتحية عسكرية: حاضر سيدي


نزل سعود وهو يكتم ضحكاته.. والتي أطلقها في الدرج المؤدي للأسفل
كاد يُكشف بسبب الغبي الذي يرافق الضابط.. أو لنقل الذكي الذي انتبه على احمرار رجليه بسبب شدّة المجهود الذي بذله

نزل يركض في الميدان بطريقة مضحكة.. وهو يضع يده على قلبه.. كاد يكشف.. ويا ويلته إن تم كشف أمره.. لن يمر الأمر بسهولة.. خصوصًا تحت إشراف هذا الضابط الصارم.. والذي يحب اتباع القانون بالقلم والمسطرة
ومن حسن حظه أن الضابط هذا لا يعلم بأن الجري أساسًا يعتبر أحد امتع هواياته.. لذلك هو الأخف.. الأسرع.. ولذلك تكنى بلقب "الحصيني"




،
*



في اليوم التالي.. في الإمارات



تم حجز غرفة خاصة في أحد المطاعم الفاخرة باسم والدهم.. والذي رغم قلة تواجده معهم.. إلا أن يده الحانية لا تبتعد عنهم.. ولا يتوانى عن مشاركتهم مناسباتهم المهمة
كهذه المناسبة مثلًا.. والعشاء المُقام بمناسبة حصول نوف على الحزام الأسود في التيكواندو

فوالدهم حتى وإن طال غيابه.. لا تغيب لمسته عنهم.. بالاتصالات، أو بكلامه الطيب، واحتضاناته الدائمة إن حضر
حتى بوجود ناصر الذي يقوم بدور الأب، والأخ على أكمل وجه.. ويكأن والدهم ربّى ناصر تربيةً سليمةً كهذه.. ليسلّمه الراية.. ويترك له مهمة التربية والمتابعة بشكل شبه كامل.. ويتفرّغ هو لعمله

صفوي: آآآآخ بطني بموت يووووع انزين خلونا نطلب لين يوصل أبوي بيوصل الأكل.. مب قادرة اتحمل زيادة

ناصر: بنت.. خلاص اصطلبي.. شو هذا من وين يايبينج أنتي؟ ماترومين تصبرين عن الأكل نص ساعة؟

صفوي: والله يوعانة حرام عليكم.. ترا أبوي لو درى إنكم ميوعين آخر العنقود ما بيرضى بعد

نوف: أبوي لو يدري آخر العنقود كيف مصدعتنّا صدقيني بيشفق علينا.. عنبوج سكتي شوي.. 24 ساعة تهذرب (تتحدث) مادري شو تاكل

صفوي: قل أعوذ برب الفلق.. انتي اييييه.. أنتي تحصنين عمرج عن عيون الناس وتحسدين غيرج

نوف: لا تحاتين حصنتج وياي ما بتيج عيني ان شاءالله

ناصر: صخن.. خلاص.. اسميكن حريم.. كل اللي في المطعم سمعوا سوالفكم البايخة
الحمدلله إن أبوي ما يداني اليلسة المكشوفة ولا جان فضحتنّا صدق

نوف: بلاك نصنوص.. لازم تتعوّد على صدعة الحريم ترا مب باقي شي على عرسك ان شاءالله.. كورس كورسين وتزيد الصدعة

ناصر كتم ابتسامته: نصنوص اللي بياخذج يالهرمة.. ارمسي عدل

نوف: هههههههههههه ناصر.. صدق لازم تتعود خلاص طوّل بالك علينا شوي

ناصر: لا تحاتين ان شاءالله إنها مب صدعة وهذروبة (كثيرة الكلام) شراتكم


سمعوا صوت مكابحٍ عالٍ.. واصطدام.. أوقع قلب ناصر من مكانه

قالت صفوي بفزع: اوييييه شو استوا المطعم اندعم؟؟؟

ناصر: قولي خير الله يجعله خير.. مب (قلدها) اويييه شو استوا.. شكله حادث قوي قريب المطعم

نوف عضت شفتيها بقلق: الله يحفظهم ويرحمهم برحمته يارب

نهض ناصر.. فأوقفته يد صفية: وين ساير؟ لا تسير بليز.. ما صدقنا على الله نقدر نتيمع ويا أبوي

ناصر: خليني بسير اطالع الحادث.. يمكن يحتايون شي

قالت نوف: أكيد اتصلوا بالإسعاف والشرطة وهم بيسوون كل شي.. ناصر شو بتسوي أنته؟

ناصر: مب مشكلة بنطالع.. عنبوه مسلمين نحن.. يمكن حد متعور حد يحتاي مساعدة.. خليني بشوفهم

لحقت به نوف.. خرجوا من قسم الأجنحة الخاصة.. كان ناصر يمشي بخطوات احترافية.. وكأنه يؤدي عمله.. رغم كونه لا يعمل في الشرطة.. إلا أنه لا يتوانى عن مساعدة أي محتاج

شاهدت نوف خطوات ناصر تتباطئ وكأنه يتفحّص المكان خلف الزجاج.. ثم ركض فجأة وهو يصرخ: ابووووووويه




نهاية الجزء الأول


تثريب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 13-04-24, 12:42 AM   #7

ضي عيوني

? العضوٌ??? » 496732
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 487
?  نُقآطِيْ » ضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond reputeضي عيوني has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تثريب مشاهدة المشاركة
،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هنا تثريـب.. مرةً أخرى


[ ثرثـرة ]


منذ ختمت الابنة الكبرى (سلالة من لهب)، والافكار تتقافز في ذهني كآلة الفشار.. حاولت أن اكتمها.. فانتقيت منها (على وطايا الخيل)، لننتهي من الأمر وتتوقف آلتي عن العمل.. ولكن الأمر ازداد.. قبل أن اختم الرواية حتى!

أنا لا أحب فكرة تفريخ الروايات كالدجاج.. ولهذا أحاول مقاومة الكتابة بهذا الكم
ولكن أين أرمي بكل هذه الأفكار؟
أأُغلق أذني عن كل هذا الضجيج؟ أم أُطلق لطائري العنان، ليُحلّق أينما شاء؟

هذا كان تساؤلي طوال الفترة الفائتة.. استخير واستشير.. يقنعني عقلي بالتوقف.. فحتى وقتي لا يتّسع للالتزام.. ولكن قلبي يأبى

فإلى من استمع؟

سؤال هزيل.. طرحته رغم أنني اخترت الإجابة مسبقًا.. فها أنا اطرح ثالثتي أمامكم.. واتمنى أن تفسحوا لها في مجالسكم.. كما أفسحتم لشقيقاتها الكبريات

اعترف بأنني اتوقع الكثير من الثغرات هذه المرة
ولكن كما قلت في سلالة من لهب، أعيروني قلوبكم، لا عيونكم الباحثة عن زلاتي
دعوني أُبحر في هذا العالم بحرية.. ما دامت حرّيتي لا تتعدى قلمي



((ملاحظة مهمة جدًّا))

روايتي هذه ستكون ما بين الإمارات والسعودية
المملكة العربية السعودية ديار عزّ، والإمارات العربية المتحدة، بلادي، ديار خير
وعينين في رأس، كما يقال دائمًا

القصة خيالية تمامًا.. ولذلك اتمنى ألّا يتم ربط أي أمر بأي بلد.. فإن الهدف الوحيد من اضافة الجنسيات هو بناء الشخصيات والحبكة.. ما من مآرب أخرى، ولا مقاصد عميقة


.
،

ثالثتـي:
[ لا تتركيني للأوزار ]



،












يا هلا يا هلا ومليون ترليوون هلا بالحامل والمحمول????????????
اشرررقت وانووورت فيكِ حبيبتي تثريب ❤
ما صدقت والله لما شفت اسمك بروايه جديده نووورتي وشكلنا موعودين بروايه اجمل واجمل ما فيه شك دامها من يدينك لا خلا ولا عدم .
تحمست مع الابطال ناصر وخواته
ووحادث ابوهم شكله بيكون خلفه جماعه وعصابات عشان كذا يستقيل ناصر من العسكريه .
منتظررينك يا الغلا جووودي علينا ب افكارك وابداعك❤


ضي عيوني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-04-24, 08:30 AM   #8

تثريب
 
الصورة الرمزية تثريب

? العضوٌ??? » 495981
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 585
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » تثريب is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضي عيوني مشاهدة المشاركة
يا هلا يا هلا ومليون ترليوون هلا بالحامل والمحمول????????????
اشرررقت وانووورت فيكِ حبيبتي تثريب ❤
ما صدقت والله لما شفت اسمك بروايه جديده نووورتي وشكلنا موعودين بروايه اجمل واجمل ما فيه شك دامها من يدينك لا خلا ولا عدم .
تحمست مع الابطال ناصر وخواته
ووحادث ابوهم شكله بيكون خلفه جماعه وعصابات عشان كذا يستقيل ناصر من العسكريه .
منتظررينك يا الغلا جووودي علينا ب افكارك وابداعك❤
يا مرحبا وسهلا بالغالية والعزيزة ضي عيوني.. مرحبا مليون 3>

والله منورة بوجودج حبيبتي.. الله يسعدج يارب

تتوقعين لو خلف الحادث عصابة بيستقيل ناصر لهالسبب؟ مب المفروض يحاول يمسك خيوط تحل هالموضوع؟

عمومًا بنشوف شو بيصير في المستقبل ولا نستنغنى عن ردودج الحلوة

ضي عيوني likes this.

تثريب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-04-24, 05:51 PM   #9

تثريب
 
الصورة الرمزية تثريب

? العضوٌ??? » 495981
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 585
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » تثريب is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الجزء القادم بعد قليل!


تثريب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 18-04-24, 05:53 PM   #10

تثريب
 
الصورة الرمزية تثريب

? العضوٌ??? » 495981
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 585
? دولتي » دولتي United Arab Emirates
?  نُقآطِيْ » تثريب is on a distinguished road
افتراضي

،


الوزر الثـاني


شاهدت نوف خطوات ناصر تتباطئ وكأنه يتفحّص المكان خلف الزجاج.. ثم ركض فجأة وهو يصرخ: ابووووووويه

غصّت بريقها وهي تركض مباشرةً خلفه.. لحقت به برجلين هلامية، لا تعلم كيف أوصلتها إلى الشارع

المكان مزدحم.. وفوضوي.. والغبار يصعّب الأمر أكثر.. هنا عيون فضوليّة خففت من سرعتها لتشاهد الحادث، وأخرى احتدّت بغضب، على الفئة الأولى لأنها عرقلت السير
وعيونٌ أخيرة تعلّقت بالمشهد بقلق شديد.. أصحابها توقّفوا مباشرة على أكتاف الطريق ليهمّوا بالمساعدة
فالمساعدة هنا، واجبة في عرفهم.. من إنسان إلى إنسان
لا يهم أصله وفصله أو لونه، أو لهجة لسانه.. المهم أنه إنسان.. وما من مهمّة أعظم من إنقاذ إنسان على حافة الموت

كانت سيارة والدهم مصطدمة بعمود الإنارة.. وعلى بعد أمتار كانت سيارة أخرى.. سيارة المتسبب بالحادث.. ولم تكن بحالٍ افضل من حال سيارة والدها
زجاج.. حطام.. بقايا.. كانت اجزاء السيارتين مبعثرة في الشارع بشكل مفزع

سمعت ناصر وهو يتصل بالشرطة بملامح مرتعبة.. سمعته يقول بغصة: "ابويه اندعم عند المطعم"
كانت تشاهد ضيق نفسه وهو يعطيهم العناوين.. صبره.. وهو يستقبل اتصالاتٍ متكررة ومتتالية من الإسعاف، والنجدة، ودوريات الشرطة
يستفسرون عن نوعية الحادث، وحجم الضرر ليتم إرسال المساعدة اللازمة والملائمة

كان التجمّع ضخمًا حول السيارتين.. والناس تُحاول إخراج المصابين
ركض إلى المكان وهو يصرخ: لا تحركونه!

سأله أحد الشباب: من الأهل؟

رد بغصة: أبوي

هز الشاب رأسه بأسف: لا حول ولا قوة الا بالله.. الله يطلعه منها سالم

اقترب ناصر حتى شاهد والده غائبًا عن الوعي.. كان بابه مفتوحًا.. أفسح له الرجل ما أن شاهده
وضع ناصر يده مباشرةً على عنق والده.. يجسُّ نبضه.. وحمد الله ما أن شعر بالنبض، حتى ولو كان ضعيفًا

ثم حرك ناظريه على المكان.. كان الزجاج مهشّمًا ومتناثرًا في كل مكان.. والدم.. الذي طش من وجه والده.. وقطعة زجاج ضخمة قريبة من كبده.. يتسرّب منها الدم
ورغمًا عن كل شيء كان جسمه ثابتًا في مكانه مثبّتًا بحزام الأمان

شعر بدفعة خفيفة على كتفه.. قال الشاب: خلنا بنطلعه ياخوي.. اقل شي نطلع هالزجاج

ناصر: لا تحركونه.. مب زين.. الزجاج حابس الدم إن طلعته بينطش (يتسرب) كل مكان

قال أحد الرجال: يا ريال اذكر الله وخلنا نوديه بعيد عن هالزجاج والدم والخياس

أغمض ناصر عيونه بقلّة صبر: مب زين له نحركه.. بنتريا الإسعاف.. توني رمستهم

رجل: ونحن اتصلنا بالإسعاف من شفنا الحادث

رجل آخر: والله تأخروا علينا.. عنبوه الا في نص المدينة نحن مب في مقطعة (مكان منقطع)

قال الشاب: ياخوي أخاف السيارة تنفجر ولا شي لا سمح الله.. صدقني نطلعه أبرك

ناصر بنبرة حادة: قلتلك خله ما تفهم أنته شو؟

ربّت أحد الكبار على كتفه: ما عليه يا شباب خلوه على هواه.. الله يعينه على مصيبته لا تزيدونه

سمع أصواتًا حوله متكررة: لا حول ولا قوة الا بالله.. الله يصبركم.. وإن شاءالله يقوم بالسلامة

رد بصوت يكادُ لا يُسمع.. فقد تكررت عبارات المواساة هذه.. كانت فتاتًا لا يسمن ولا يُغني من جوع
وهو ضعيف جدًّا على أن يرد بما يليق بالرد
كان الحِمل ثقيلًا.. ولم يكن في النفس صبرٌ ليتعامل مع الوضع
ولكن ما من أحدٍ سواه يستلم هذه المسؤولية

كان متكئًا على إحدى ركبتيه على الرصيف، عندما شعر بلمستها بالقرب منه
التفت عليها ثم قال بقليل من الغضب: دخلي داخل.. شو تسوين في نص الرياييل؟

همست بصوت باكي: ابويه!

ناصر: ردي داخل وشوفي اختج وين.. اذا وصلت سيارة الاسعاف بشلكن وبنسير المستشفى

شاهدته بنظرة رجاء: ابوي حي؟

ناصر: حي إن شاءالله.. ردي داخل!


لا تتذكر شيئًا بعد هذه الصوت.. حملت خيبتها وعادت للمطعم كما طلب
لم تشاهد صفّوي مع الجمع الغفير المتجمهر على باب المطعم.. وحمدت الله، لأن الوضع لا يستحمل زيادةً من صراخ صفية وفوضتها
تتوقع بأنها لا زالت في مكانها لكونها تجهل هوية صاحب الحادث، ولذلك عادت إلى نفس المكان مباشرة

دخلت إلى الجناح الخاص بوجهٍ مسود.. شاهدت أختها الصغرى مستريحةً في كرسيها وتعبث بهاتفها بملل

رفعت صفية ناظريها إلى نوف باستغراب: بلاج؟ شي مستوي؟

قالت بنبرة تحاول جعلها طبيعية: مادري.. ادعي لهم

عقدت حاجبيها: الله يشفيهم ويعينهم.. أنتي شو بلاج اللي يشوفج يقول إن اللي مسوي الحادث حد من أهلج

نوف: الحادث يروّع (مرعب)

قالت بفضول: أقوم اشوف

قالت نوف بهلع: لااا

صفوي باستغراب: بلاج أنتي؟

نوف: كله شباب برع.. توه ناصر هزبني (زجرني) ورديت.. قال اتريوني (انتظروني)

وعلى كلمتها هذه، رن هاتفها فشاهدت اسم ناصر.. ردت عليه بسرعة
قال كلمة وحيدة: اطلعوا

حملت حقيبتها بسرعة ووقفت: يلا صفوي.. بنسير

ولكن صفية لم تتحرك.. بل قالت برفض: لا تستهبلين.. شو نسير؟ من متى وأنا اتريا نتيمع واتريا هالفرصة!
وما صدقت حصلت لنا حجز في المطعم.. أنتي شكلج ما تعرفين هالمطعم كيف زحمة والناس تتذابح على الحجوزات

نوف: بنيي مرة ثانية ان شاءالله تعالي

صفية: مستحيييل

نوف: ناصر بيسير صفوي ويا الناس.. شو تبينا نسوي بروحنا

صفويه: برايه.. خله يسير يفزع للناس.. نحن بنيلس ويا أبوي.. ترانا كل يوم ويا ناصر مابغي اضيع هالفرصة الحلوة ويا ابوي

نوف أغمضت عينيها بضيق: صفوي لا تطولينها وهي قصيرة.. يلا نسير

صفوي ثبّتت نفسها في الكرسي برفض لما سمعت وبعناد: وأنا أقولج مب سااااايرة.. برايكم.. بتريا أبويه وبتعشى وياه
رابطين راسكم بليّا ويع.. ناس متعورين الله يشفيهم أنتوا شو يخصكم متعبلين؟ (مجتهدين/متعبين أنفسكم)

**ملاحظة: رابط راسك بليّا ويع= مثل يُقال لمن يُرهق نفسه بلا سبب


نوف أمسكت بها من يدها: تعالي صفوي.. بفهمج.. لازم اتيين

قالت صفوي بشك: أنتي شو فيج؟ فيج شي غريب

نوف شاهدتها بصمت، وتعب.. لقد حاولت أن تطيل نفسها، وصبرها.. ولكن صفية مُرهقة جدًّا.. وصعبة أكثر

قالت صفية: شي مستوي بأبوي؟ والا ناصر؟

تنهدت نوف بتعب: تعالي.. ناصر بيخبرج

تمسكت بها برعب: لا تقولين.، ليكون أبوي فيه شي!!! لا تخوفيني

نوف: صفوي والله إني تعبانة دخيلج لا تزيديني.. خلينا نذكر الله ونسير


لم تزد بالكلام أكثر.. بل سبقتها خارجةً من المطعم.. كانت سيارة ناصر أمام الباب مباشرة.. وشكله لا يطمئن أبدًا

مشت بتوتر شديد.. تفجّر ما أن وقعت عينها على سيارة والدها، شعرت بالجنون.. صرخت: ابووووويه "ضربت نافذة شقيقها بهلع" ناصر.. شو بلاه أبوي؟ وييينه؟

تنهّد ناصر وهو يُنزل النافذة ويقول: اركبي صفوي.. نوف.. ركبي اختج.. الله يرحم حاله.. ادعوله

نزلت دموعها بغزارة وهي تشعر بشقيقتها تدخلها السيارة كما طلب ناصر: ناصر.. سيارته.. ياويلي عليه.. ناصر السيارة متدمرة! هو بخير؟

ناصر: الله يعينه ويرحمه

ردت صفية بهلع: شووووو الله يرحمه يعني مات؟

نوف: لا حول ولا قوة الا بالله.. الرحمة على الحي والميت صفوي حبيبتي.. ماندري شو حاله الحين بنسير المستشفى وبنشوفه.. ناصر الله يهديك لا تزيغها زيادة

تنهد وهو يحرك السيارة: مثل ما قالت نوف هو في المستشفى بنسير له الحين.. الله يقومه بالسلامة يارب



كان ينظر إلى الطريق متحاملًا على نفسه.. يتألم لسماع شهقات صفية العالية، وهمسات نوف لتهدئتها.. ولكن ما باليد حيلة
للأمانة.. والده شبه ميّت.. هذه حقيقة لا يستطيع إنكارها
وفي نفس الوقت يمنّي نفسه بأن الأمر كلّه بيد الله.. كان يحاول التمسك والتضرع بحبل الله.. لأن ما من باب ولا حبل يسعفه سواه

وضع ناصر قناة القرآن.. ورفع على الصوت.. لعلّه يجد في القرآن السلوى والمستراح

كانت سورة البقرة نقلًا من الحرم المكي بصوت القارئ ياسر الدوسري.. تعجّب من دقة الآيات.. وكأنها جبر وضماد لجروحهم وتسلية من الله لأرواحهم القلقة

بات يردد معه بصوت خافت، وكأنه يؤكد على نفسه أمر الله، ورحمته، وبشارته للصابرين: (ولنبْلُوَنَّكُمْ بشيءٍ من الخَوْفِ والجوعِ ونقْصٍ من الأمْوالِ والأَنْفُسِ والثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمةٌ وأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)


دقائق.. قصيرة.. حوالي الربع ساعة.. كانت سنين ضوئية بحسابهم.. لم يكفوا عن النظر إلى الطريق، والتأفف من الازدحام، ولكنّهم وصلوا في النهاية
تقدّمهم ناصر يبحث عن والده.. وقيل بأنه دخل غرفة العمليات مباشرة

تعلّقت به صفية ما أن شاهدته عائدًا إليهن: وينه!

ناصر: دخلوه العمليات

نوف: ما قالولك كيف وضعه؟ شو استوا به؟ إصابته خطيرة والا لا؟ أي شي يعني والله قلبي مقبوض ناصر

ناصر: الله يجعله خير ويقومه بالسلامة يارب.. ماعطوني خبر والله.. قالولي اتريا حد من الدكاترة لين يطلع ويعطيك خبر

صفية: وهذيل متى بيطلعون! انزين ما يستوي يزقرونهم؟ (ينادوهم).. لين متى بنتم نتريا الا بس چي.. والله قلبي بيوقف من الخوف

ناصر: خليهم يشوفون شغلهم ويجابلون (يقابلون) أبوي أولى منا.. لا تحاتون أنتوا.. دام الله ويانا لا تحاتون ولا تخافون.. ادعوله بس

ولكن صفية لم تقتنع أبدًا.. قالت بصوت باكٍ: ناصر إذا استوا به شي والله بموت.. كيف بنعيش بدون أبوي؟ والله ما نقدر.. بنضيع.. ناصر شوفهم دخيلك

احتضنها مباشرة.. يحاول طمئنتها.. وهو بنفسه من يحتاج الطمئنة
قال: ليش كل هالصياح الله يهديج.. ابوي بخير ان شاءالله.. بيخيطون جروحه وينظفونها وان شاءالله بتشوفنّه بخير وصحة وسلامة.. اصبروا وادعوله بس

صفية برموش معلّقة بأطراف عيونها: صدق؟ تحسه بيقوم؟

تنهّد ناصر: بإذن الله سبحانه.. اوديكم البيت أحسن؟ ما ندري كم بيطول في العمليات

نوف: شو يردنا وأبونا هني؟.. بناكل بعمارنا من التوتر
خلنا بنيلس في غرفة الانتظار.. عسى ربي أن يهوّن علينا وينزل علينا بعضًا من رحمته

ناصر: آمين يالغالية.. يلا شلي أختج وسيري داخل.. أشوف رياييل هني من ربعه بسير ارمسهم

أطاعته شقيقته، وأخذت أختها الصغرى إلى غرفة انتظار النساء.. ناولتها مصحفًا وطلبت منها القراءة لغرض البحث عن الراحة فيه وفعلت هي بالمثل


عقد ناصر حاجبيه باستغراب وهو يشاهد صاحبي والده في المستشفى.. سلّم عليهما.. وقبّل رأسيهما كما كان يأمره والده دائمًا

ناصر وهو يخاشمهما بأسلوب عربي بحت: السلام عليكم.. شحالكم عمي إسماعيل وعمي بو حمد

رد العم إسماعيل: بخير ربي يسلمك.. شحالك أنته؟ وين الوالد شو صار عليه؟

ناصر: والله مادري يالعم.. دخلوه غرفة العمليات وبعدنا نتريا ما عطونا خبر عن شي

قال بو حمد (الرجل الآخر): لا حول ولا قوة الا بالله.. الله يقومه بالسلامة يارب.. ويقر عيوننا كلنا بشوفته سالم غانم

ناصر: آمين يارب.. الله المستعان "اشر على كراسي خلفه" قربوا

تبعه إسماعيل: حياك ولدي

ناصر: ماشاءالله وصلكم خبر

بو حمد: هيه يا ولدي.. شافوه عرب نعرفهم ووصلولنا خبر.. يزاهم الله خير

هز ناصر رأسه بتفهم: ماشاءالله عربكم كل مكان

بو حمد: نعم.. الطيب أحبابه كثير.. وأبوك ريال طيب وسمعته طيبة في كل مكان.. الحمدلله

إسماعيل: عاد كيف استوا الحادث ما عندك خبر؟

ناصر: والله مادري يالعم أنا كنت في المطعم متواعدين على العشا، ما وعيت الا على صوت حادث قوي ويوم طلعت الا احصل ابوي بحال ما يسر لا صديق ولا عدو.. وسيارته راحت فيها.. الله يشفيه يارب ويقومه بالسلامة

بو حمد: إنّا لله وإنا إليه راجعون.. المهم سلامته والا السيارة بدالها عشر
لا تحاتي يا ولدي.. كله بأجره ان شاءالله
حتى الشوكة يُشاكها المسلم فيها أجر ورحمة من رب العالمين.. وأبوك إنسان مسلم مصلّي يعرف ربه ولا يدعي إلا بالخير.. همه الدين والمسلمين.. بإذن الله سبحانه بيقوم بالسلامة ونفرح به كلنا أنتوا والجماعة

ناصر: يزاك الله خير.. بإذن الله سبحانه.. عاد سامحوننا ما عندنا حتى دلة قهوة نقوم بواجبكم

إسماعيل: افا عليك بس يا ناصر.. عادنّا غرب عشان تقوم بواجبنا؟.. أبوك ما نعدّه الا اخونا وأنت ولد أخونا.. ولا بيننا هالسوالف
ارتاح وادعيله ولا تفكر بشيء ثاني

أيّده بو حمد.. واستراح ناصر في مكانه.. يتبادل معهم بعض الأحاديث بين الفينة والأخرى.. إلى أن وصلهم خبر من غرفة العمليات

نهض ناصر.. وهو يرى ملامح وجه الطبيب لا تطمئن أبدًا
خرج خلفه طبيب آخر وهو ينزع ردائه

قال ناصر بالانجليزية: انتهيتوا؟ كيف حال والدي؟

أخذ الطبيب نفسًا طويلًا.. وهو ينظر إليهم: نعم.. لقد وصل إلينا المريض بحالة حرجة جدًّا
لقد انقلبت به السيارة عدّة مرات.. وتعرض جسمه لاصطدامات كثيرة قبل أن يتوقف.. إضافةً إلى دخول قطع ضخمة من الزجاج ووصولها إلى اعضائه الرئيسية
"أردف بأسف" لقد حاولنا ما بوسعنا.. توقف قلب المريض في أول ربع ساعة، وقضينا بقية الوقت نحاول إنعاشه، ولكن للأسف.. لم نستطع إنقاذه.. نعلم بأنها محنة صعبة.. ونشعر بالأسف الشديد.. اتمنى أن تبقوا اقوياء

ربّت على كتفه بضع مرات.. ورحل
هكذا وحسب.. وكأنه يعطيه نتيجة فشل في اختبار، أو خبر استقالة.. رحل وحسب.. وبقيت عيون ناصر معلّقة بظهره.. بطيفه حتى غاب
شعر بإسوداد الدنيا في عينيه.. شعر وكأنه دُفع إلى أقصى الدنيا وحيدًا.. تائهًا.. شعر بالبرود، بالسكون حوله
غشى الظلام رأسه.. هل يُعقل بأن والده قد رحل من الدّنيا فعلًا؟ هكذا وحسب؟
صديقه.. ملهمه.. ومعلّمه.. ومأمنه من الصغر
من أمسك بيده وعلّمه معاني الحياة.. من درّسه على دروبها.. وأعانه على مصاعبها
من عاقبه إذا اخطأ، ومسح على رأسه وقبّله إن أصاب
من كان له والدًا ووالدة.. وصديق، وشقيق.. بل كان له كل المعاني
يومًا بيوم.. سنةً بسنة.. حتى رفضه التام لمجاله العسكري، لم يكن مستبدًّا.. حاوره وناقشه، ويوم لم يستطع إقناع ابنه، استسلم لرغباته
كان ناصر يرى الرفض في عيون والده طيلة سنين الدراسة والتخرج والعمل، ولكنّه لم يسمع يومًا منه إساءة ولا بكلمة.. حتى بعد أن كبر وقوي عوده.. كان موجّهًا له دائمًا.. وكان عون

فكيف يرحل هذا العون فجأة؟ كيف يرحل النور؟ ويتركه فجأة لغياهب الحياة؟

شعر بشخصٍ يجرّه ويحتضنه.. لا يعلم من هو.. ولكنّه سمعه يكرر نفس الآية التي سمعها في الإذاعة.. وكأن اليوم هو يومها
قال العم بو حمد: (ولنبْلُوَنَّكُمْ بشيءٍ من الخَوْفِ والجوعِ ونقْصٍ من الأمْوالِ والأَنْفُسِ والثَّمَراتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ ورَحْمةٌ وأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)

قال إسماعيل بتأثر، وهو يحتضنه بعد بو حمد: إنما الصبر عند الصدمة الأولى.. إنما الصبر عند الصدمة الأولى
الله يصبرنا ويهون علينا.. والله إن أبوك ما له بديل ولا مثيل وخسارتنا كلنا كبيرة.. الله يهون علينا ويصبرنا.. الله يرحمك يا صالح.. الله يرحمك برحمته الواسعة.. ويعوضنا يارب.. الله يعوضنا ويخلف علينا خير

سقطت من محجر ناصر دمعة خانته، وهو يستمع إلى كلام إسماعيل.. بالفعل ليس لوالده مثيل.. لقد كان رجلًا عن قومٍ مجتمعين.. كان فخرًا وعزة

بو حمد: أنا بتصل بالجماعة أبلغهم.. بو ناصر ريال عزيز على الكل ومكانته عالية.. لازم نخبّرهم من الحين.. الله يصبرنا ويرحمه برحمته يارب

انسحب من المكان بعد أن استأذن.. وهو يتذكّر المسؤولية التي تركها في غرفة الانتظار
توقّف بجانب الغرفة واتصل بنوف.. عدة مرات إلى أن أجابت وخرجت إليه مع صفية

مد يديه خلفهن، واحتضنهن.. الاثنتين دفعةً واحدة.. واحدة بيمناه والأخرى بيسراه
وكأنه يعيد عصافيره إلى عش حضنه.. إلى دار الأمان
كان يحتضنهن بعمق، وهو يشعر بثقل الأمانات على صدره، وذمته.. الآن ليس لهن من البشر سواه

وهذه مصيبة أخرى.. زيادةً على الألم ووجع الفقدان.. الأمر الآن أشد مع مسؤولية شقيقاته

صحيح بأنه كان يراعيهن طوال فترة غياب والده، ولكنّه لم يشعر بهذا الثقل قط.. لم يشعر بصعوبة الأمر.. كما يشعر الآن

حاولت صفية الابتعاد عن حضنه: ناصر شو استوا؟ قالولك شي؟

أعادها إلى حضنه مرةً أخرى.. وكأنه يريد أن يمدها بقليل مما آتاه الله من قوة
صمتت هي.. ودموعها تنزل بصمت.. لا تعلم بعد مالذي يحصل.. ولكن الحزن الذي تشرّب ناصر انتقل إلى صدرها

قبل رؤوسهن.. ثم قال: عظم الله أجورنا.. ابويه توفى

صرخت صفية: چذاااااب.. كيف يتوفى؟

قال ناصر بغصة وهو يؤكد الأمر لنفسه ونفسها: توفى حبيبتي.. توفى

قالت صفية بنفس الرفض.. وصوتها يرجف: مستحيل.. كيف يموت؟ ابويه بعده بصحته

ناصر: استغفري ربج.. الموت ما له عمر.. قولي إنّا لله وإنا إليه راجعون

سمع همس نوف وهي تردد بصوت متحشرج: إنّا لله وإنّا إليه راجعون.. إنّا لله وإنّا إليه راجعون.. لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى

أما صفية، فدفعته بقوة وهي لا زالت على رفضها: مستحيل.. كيف يموت.. والله مستحيل
"كانت دموعها تنزل بسرعة، وغزارة" كيف يموت أبويه؟ كيف؟ كيف بنعيش بدونه؟ مب انته قلت إنه بيعيش؟.. وبنشوفه بخير؟

ترك ناصر نوف.. وأمسك بوجه صفية وهو يمسح دموعها ويقبّلها: أنا قلت.. لكن أمر الله غالب.. الله كتب له يتوفى اليوم.. الله يرحمه ويرحمنا.. صفوي حبيبتي قولي إنا لله وإنا إليه راجعون.. اللهم لا اعتراض.. قولي اللهم لا اعتراض.. لا تعترضين على أمر الله

كتمت بكائها وشهقاتها بيدها: اللهم لا اعتراض.. اللهم لا اعتراض

ناصر وهو يتنهد: يارب وأنت الرحمن الرحيم.. اللهم أجرنا في مصيبتنا.. يارب العون.. والرحمة.. يارب



- يتبع -


تثريب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:26 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.