تساءلت غير مصدقة . عما جعلها تتصرف بكل تلك الحماقة . وعذبها هذا الخاطر . لماذا لم تستمع إلى ما داخلها من ريبة ؟ ولماذا وثقت به إلى هذا الحد ؟ هل لأنه أول رجل جذاب يهتم بها ؟ ولامت نفسها بشدة , ولكن ما فائدة ذلك وقد أصبحت هنا الآن فى شرك مخيف ؟
لقد قال لها أن هذا هو بيته الذى يبعد أميالا من أى مكان آخر .. بينما هى لاتعرف حتى هذا المكان الآخر أين يكون .
لقد قالت العنكبوت للذبابة ( هل لك أن تتفضلى إلى غرفة جلوسى ؟ ) ولقد فعلت هى ذلك بالضبط فتحقق الكابوس .
وتقبضت يديها فى حجرها .
قالت بصوت حاولت أن تحتفظ به هادئا متزنا : " يبدو أننى فقدت شهيتى . هل لك أن تعيدنى إلى الفندق من فضلك ؟ "
وساد صمت قصير هز جيروم مونتكورت بعده كتفيه وقد لمعت عيناه القاتمتان بالدعابة وكأنه قد علم بالضبط ما يخفى هدوءها هذا من أفكار ومخاوف .
وقال برصانة : " طبعا إذا كان هذا ما تفضلين . ولكن بيرث ستشعر بالمهانة وخيبة الأمل إذا أنت لم تتذوقى طعامها . "
فقالت تسأله : " بيرث ؟ من هى هذه ؟ "
فأجاب : " إنها مدبرة المنزل , وهى تعيش هنا مع زوجها أوكتافيان وكانا يعتنيان بالمنزل والكروم منذ رحيل أبى . أما الآن . فهما يعتنيان بى ." وأشار إلى المنزل قائلا : "أنظري ."
كان ثمة رجل قد خرج من الباب الأمامى ووقف يراقبهما بفضول وقد وضع يديه على خاصرتيه . كان معتدل الطول ممتلىء الجسم . وكان وجهه أسمر مغضن كقشرة جوزة , وقد وضع على شعره الأشيب قلنسوة . وكان له ساقان مقوستان وشاربان متهدلان . وشعرت ميغ فى الحال , بالإطمئنان يعود إليها بعد ما رأت أنه لايشبه بحال , أولئك الأشرار الذين يشتركون فى أعمال الخطف والاعتداء .
قال جيروم بدقة : " هل ستجازفين بتناول الطعام على مائدتى الآن . أم أنك تفضلين أن نأكل هنا فى السيارة ؟ "
اعترفت بينها وبين نفسها , بسخافة هذا الوضع , بينما كانت تنزل من السيارة لتسير بجانبه نحو المنزل وهى تقول بكبرياء : " كله سواء , إنما كان يجب عليك أن تخبرني مسبقا أننا قادمان إلى هنا . "
فأجاب : " ربما كانت تعوزنى الجرأة خوفا من أن ترفضي . " وازداد صوته رقة وهو يستطرد قائلا :" إننى فى غاية الشوق إلى رؤيتك هذه الليلة ."
وبدا لها هذا الجواب معقولا , وحدثتها نفسها أنه معقول إلى درجة ربما كان اتخذه عادة فى تجارب سابقة , وابتدأ قلبها يخفق بعنف , ولكنها تذكرت أنه من المؤكد أنها ليست أول مرة تشعربنضبها يتسارع , وبحرارتها ترتفع لدي رؤيتها الابتسامة فى عينيه .