آخر 10 مشاركات
مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          لهيب عاشق-قلوب أحلام زائرة- للكاتبة الرائعة::هبة خاطر *كاملة+روابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام غربية

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-04-13, 12:07 PM   #31

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


ملأت ديامانتي رئتيها بعبق الأزهار المعلق في الهواء الدافئ للحديقة الساكنة المعطرة بروائح الصيف في حرارة شمس صقلية الحارة، كانت تموت من الملل في غرفتها وبين تعاستها وذكرياتها الضائعة قررت مغادرة قفصها الذهبي قبل أن تُصاب بالجنون، دراكو يمنع عنها مغادرة القصر وكل خطوة من خطواتها محسوبة ومراقبة، حتى الهاتف لا تدنو منه كما سبق وأحتفظ زوجها بمحمولها أيضاً... إنها منقطعة تماماً عن العالم الخارجي، ولا تدري إلى متى ستستمر هذه اللعبة التي من الظاهر إن دراكو يستمتع بها.
عادت عينيها تلتقط الكلمات المطبوعة في صفحات كتابها دون أن تفهم منها شيئاً، كانت بمفردها طيلة النهار ولا تجد وسيلة أو طريقة لإمضاء الساعات التي تبدو لها طويلة جداً ومؤلمة، عندما ضاقت ذرعاً بزفرات قلبها بين جدران غرفتها قررت استعمال بركة السباحة في هذا الوقت من القيلولة والقراءة في كتاب قد يحسن مزاجها السيء، لكن الصمت الهائم حولها يزيد من وحدتها الموحشة، صمت لا يعكره سوى أجنحة حشرات وهمهمتها وأصوات العصافير، ربما في وقت آخر كانت لتحب هذا الجو الهادئ لكنها الآن تشعر بنفسها على شفير أنهيار عصبي أو أسوأ.
أغلقت كتابها بعنف وركزت بعينيها المعميتان بالدموع على صفحة المياه الزرقاء، جراح قلبها غائرة، بالكاد تصدق السهولة التي رمى بها نيوس اعترافات قلبها المغرم، لم تعني له شيئاً غير العشيقة التي تمنى الإحتفاظ بها إلى جانبه وتوفير الراحة لها، كانت تتمنى لو تكون ردة فعله مغايرة، كانت تتمنى لو يحبها ولو قليلاً... لأنها... في أكثر من فرصة شعرت بعواطفه محتدمة اتجاهها... لم تفكر لغبائها بأنها مجرد رغبة جسدية... لو أحبها لما تركها ترحل أليس كذلك؟؟
لكنها آلمته ووجهت ضربة موجعة لكبريائه بإخفائها زواجها عنه، أذلته أمام نفسه مرتين... وهو عاقبها ببروده ولا مبالاته.
"هل تبكين 'برنسبيسا'؟؟" انتفضت كأرنب مذعور في مكانها لكن رؤية فتاة فاتنة وسط بكيني أحمر قاني وابتسامة واسعة تنير وجهها الأسمر هدأتها..
دفعت أصابعها المرتعدة إلى وجهها وأزالت دموعها، ببعض الحذر لامست اليد الممدودة للفتاة السمراء التي طمأنتها نظراتها السوداء الشبيهة جداً بدراكو.
"أنا لا أبكي..." تمتمت ديامانتي، مجرد النطق بالكلمة يدفع الدموع مجدداً إلى عينيها.
"من حقك البكاء، لست هنا لانتقادك... كم أنا حمقاء لم أعرفك على نفسي... أدعى بيانكا... بيانكا فالكوني"
لم تكن ديامانتي تدري بأن لدراكو شقيقة صغيرة السن، عرفت خلال خطوبتهما بأن شقيقاته متزوجات لكنه لم يأتي على ذكر بيانكا هذه التي تبدو لطيفة جداً عكس أفراد هذه العائلة التي لا تنفك عن نفث السم في وجهها منذ وصولها.
"أنا ديامانتي..."
"أعرف من أنتِ..." ردت بيانكا وهي تعيد كتلة شعرها الحالك السواد إلى الخلف وتبتسم ملئ فمها "أنتِ أجمل مما وصف 'دراكو'... أشعر بأنكما ستتجاوزان هذه المرحلة الحرجة ويتخلص من غضبه في وقت ما... تبدين كملاك حقيقي لا أظنه قادر على الغضب منك طويلاً...."
"يؤسفني أن أخبركِ بأن زواجنا أكثر تعقيداً من آمالك..." تمتمت ديامانتي بينما الفتاة تأخذ مكانها في الكرسي الطويل بالقرب منها "تعرفين جيداً كيف هو شقيقك"
هزت الفتاة حاجبيها السوداوين ولمعت عيناها البنيتين بشدة وهي تقول:
"دراكو ليس شقيقي..."
حسناً هذا ما أعتقدته في البداية لأنه لم يكلمها يوماً عن أي فتاة تدعى بيانكا فالكوني.
"أنتما قريبين؟"
"نوعاً ما..." تمتمت الفتاة برقة وهي تهز كتفيها.
درستها ديامانتي ببعض الفضول، كانت تشبه لحد كبير دراكو، لكن بشكل أقل حدة وأكثر رقة، كانت تتمتع بسحر إيطالي استثنائي، نوع النساء اللواتي يدرن الرؤوس أينما تواجدوا، صفة شدتها دون غيرها، رقة نظراتها وحركاتها، إنها أقل وحشية من أفراد فالكوني الذين التقتهم حتى الآن.
"أمنحيه فرصة..." سمعتها تقول بعد أن مرت ثوان قليلة من الصمت "خلف مظهره الخالي من الرحمة والقاسي يوجد إنسان رائع وكامل بكل المعايير، لا أدري ما الذي حدث بينكما، لكنه كان سعيداً جداً عندما كلمني عنكِ في الماضي، أخبرني بأننا سنكون صديقتين وبأنه يتحرق لجلبكِ إلى صقلية ويتم عمادتكِ كالأميرة الأولى لكاستيلو فالكوني..."
تعالت ضربات قلبها ككل مرة تتذكر غبائها بشأن مصير زواجها الفاشل، وحدها من يتحمل مسؤولية ما حدث، جذبتها من أفكارها المريرة صوت بيانكا الأنثوي الرقيق:
"هروبك آلم دراكو بشكل أو بآخر، لا أعرف دوافعكِ ولا أسبابكِ... لكنني متعلقة قلبياً بسعادته..."
"سوف نتطلق بيانكا..." همست ديامانتي ببعض الحزن "أسأت له أمام العالم لكنه لن يغفر لي... تعرفين قريبك جيداً وكبريائه... الطلاق الحل الأسلم لكلينا"
تنهدت بيانكا قليلاً ونشرت ساقيها السمراوين الرائعتين أمامها قائلة:
"لما الوضع دوماً معقد بهذا الشكل؟؟"
"أنتِ محقة..." ردت ديامانتي بمرارة.
"هل ترغبين بالكلام؟؟" النبرة المشجعة لصوت الفتاة كان كوعد هامس ومقنع، منذ متى أسرت بأسرارها لشخص ما؟؟ منذ زمن طويل جداً... منذ متى لم تشعر بالأمان لرفقة أنثوية؟ منذ زمن طويل أيضاً... كان محكوم منذ الأزل على صداقاتها مع الفتيات بالموت قبل أن تبدأ، لكنها تشعر بالإطمئنان لهذه السمراء الفاتنة التي تشبه الفراشات برقتها وهشاشتها.
"أعجبت حقاً بدراكو وأحببته" بدأت ديامانتي بعد أن لعقت شفتيها الجافتين " كنت منبهرة جداً بشخصه ونفوذه ووسامته وربما هذا الأنبهار هو ما قلل من ثقتي في نفسي، كنت أتساءل لما أختارني أنا من غير كل النساء..."
"هل ترين نفسكِ في المرآة ديامانتي؟؟" سألتها بيانكا بابتسامة لطيفة.
"حسناً، ربما أنا على قدر كبير من الجمال لكن... لكنني كنت أشعر بأنني أقل مستوى من قريبك... كنت أنتظر اليوم الذي ستتحقق فيه تخوفاتي وأفقده، في ليلة زفافنا... صدقت أوهامي وظننته عنصراً من المافيا"
"دراكو؟؟" أتسعت حدقات بيانكا وتطلعت إليها وكأنها بمواجهة مخبول... "إنه ضد المافيا"
"صدقت ما كنت أتوق لتصديقه لأنني... لأنني كنت مؤمنة بأننا لا نليق ببعضنا، لو أحببته بشكل أعمق ربما... كان الوضع ليتغير"
"أنا آسفة حقاً... قد يتغير الوضع، دراكو متسامح في داخله"
أمام صمت ديامانتي قررت بيانكا عدم التعلق أكثر بآمالها، أتت الخادمة بالمشروبات المنعشة قبل أن تختفي، التقطت بيانكا عصير الليمون الأخضر حيث تعوم قطعة الثلج بإغراء:
"خذي عزيزتي... لعصير الليمون فوائد كثيرة..."
شكرتها والتقطت الكأس بينما أخذت الفتاة كاساً آخر لنفسها:
"هل زرتِ جزيرتنا الخضراء الجميلة ديامانتي؟؟"
"لا ..."
"ما رأيكِ أن نتنزه ونتسوق غداً... أظن إن دراكو سيسعده تواطئنا وصداقتنا"
لم تعقب ديامانتي، سوف يرفض دراكو طلب قريبته ما أن يتجاوز فمها، زمت شفتيها ببعض الاشمئزاز بينما ينساب العصير المثلج في حلقها، رغبة مفاجئة في الغثيان داهمتها، وضعت يدها على شفاهها وأعادت الكأس إلى مكانه بينما تطلعت إليها بيانكا بقلق:
"تبدين شاحبة، هل أنتِ بخير..."
"أظن... أظن بأنني سأتقيأ " دون أن تنتظر أكثر عادت إلى القصر وأفرغت ما في جوفها في الحمام بالطابق السفلي الغارق في الصمت في هذا الوقت من النهار.
كانت بصدد غسل وجهها بالماء البارد عندما التحقت بها السمراء الجميلة، وجهها متشكل من القلق:
"كيف تشعرين؟؟"
"لقد بالغت في تعريض نفسي للشمس" قالت ديامانتي وهي تضع يدها على جبينها المشتعل "من الأفضل أن أذهب إلى غرفتي لأرتاح قليلاً..."
"لا بأس... سوف نلتقي خلال العشاء"
"أنا ودراكو مدعوان للعشاء هذا المساء..." ردت ديامانتي وهي تجفف وجهها بمنشفة بيضاء، أشرق وجه بيانكا وأمسكت بيدها بينما ابتسامتها تزداد أتساعاً:
"رائع ألا تعتقدين؟؟ تحتاجان لبعض الوقت فحسب كي يعود كل شيء كما كان... دراكو لديه بعض الضعف نحوكِ وأنتِ... خلقت كي تكوني الأميرة فالكوني، أنظري إلى نفسكِ في المرآة كي تفهمي ما أعني... تملكين صفات الأميرات"
كلامها أعادها إلى اليونان وإلى ليز الحقودة، لكن مع بيانكا الوضع مختلف.... فهي متفائلة جداً وتريد بأي شكل أن ينجح زواج حكم عليه بالفشل منذ زمن، إنها رومانسية حالمة ومتيمة على ما يبدو بدراكو ومتعلقة بسعادته... أي ولاء هذا.




أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-04-13, 12:08 PM   #32

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"السافل..." آلم بحد السيف سحق قلب فلور التي جعدت الجريدة بين يديها بهياج "السافل الوضيع... كم أمقته"
تركت مكانها في السرير وهي تهتز غضباً وغيظاً.
أدلفت أصابعها المرتجفة بين خصلات شعرها العسلي وأعمت الدموع عينيها بينما تتطلع من نافدة غرفتها إلى جمهور عائلتها التي تجمعت في الأسفل بالحديقة، وصلت ميا وخطيبها الفرنسي الدوق قبل قليل مع ألينا عمتها... ليست عمتها فهذا ما أعتقدته منذ طفولتها بسبب كذبة فرجينيا الشنيعة.
بالكاد انتبهت للشحوب الذي زحف لوجه عمتها بينما ترمق بطنها ببعض الذعر حتى انسحبت إلى غرفتها لأنها تعبت من تكرير نفس الأعذار للجميع، وتركت المهمة إلى خالتها كاثي لتخبر الجميع الخبر السعيد.
ماذا ستكون ردة الجميع لو أخدت جريدة الفضائح الإيطالية وأشارت إلى الشخصين في الصفحة الأولى، 'الأمير والأميرة فالكوني مجدداً معاً'، أحست بالاشمئزاز من نفسها، كيف أستطاعت العبث مع رجل متوحش ومتزوج وخالي من أي رحمة ولا إنسانية؟؟ اشمأزت لنفسها لأن هروب ديامانتي خلق لها بعض الأمل بأن نهاية طفلها ربما... ربما قد تكون مع والديه أخيراً.
لكنه متيم بها، سبق وأقسم أن يعيدها إليه وقد فعل، من هي أمام الفاتنة جداً ديامانتي فالكوني؟؟ هي فقط من عاشرها نكاية في قريبها وثمرة تلك الليلة الخيالية تنمو في أحشائها... خطأها وتتحمل عواقبه، تركت رجل غريب يتقرب منها في لحظة كانت من الهشاشة ما لم تعرفه في حياتها.
تركت النافذة وعادت إلى السرير والتقطت الجريدة المجعدة تفتحها من جديد، لن تمضي العمر لتبكي على سافل وضيع لا يستحق دموعها ولا آلام قلبها، عاملها مثل رخيصة قذرة وكل تصرفاته معها كانت خشنة وبلا رقة، كيف تجرؤ على الأستمرار بالتفكير فيه؟؟ حسناً... ربما كان عشيقاً استثنائياً، ربما رأت بين ذراعيه أموراً لم يسبق أن عاشتها مع غيره، لكن هذا لا يمنعه بأن يكون الرجل الأكثر غطرسة وحقارة في الكون.
"إنهما أميران، مشهوران وفاتنان في الوقت نفسه، في حفل فلكلوري صقلي أستقبل السكان الأمير والاميرة فالكوني بعد عودتهما من شهر عسل طويل إلى 'كاستيلو دي فالكوني' باليخت 'جولييتا'، تحمل الأميرة فالكوني صفات الأمراء بحذاريفها بطاقمها اللؤلؤي من مجموعة 'شانيل' الفرنسية لموسم الصيف ونظارة شمسية من توقيع ' ديور' وحذاء من برادا، صقلية تفخر بهذا الوجه الملائكي المتفوق الجمال والذي سيمثلها أمام العالم بأسره... شيء واحد مؤكد من التحام دراكو فالكوني مع زوجته الجميلة، بأنه غير مستعد بعد للتخلي عنها... آسفون إيها الرجال الفاتنة ديامانتي لم تعد حرة، عادت الأميرة إلى أميرها وانتهت القصة بسعادة الأساطير القديمة"
الصورة تمثل ثنائي متناقض بعض الشيء، بينما ديامانتي تتطابق بشكل مبهر مع وصف الصحفي وتكاد فلور تلمح هالة البراءة حولها، تلف كتفيها ذراع 'دراكو' الوفي للون الأسود، شعره معقود للخلف في تسريحة صارمة، عيناه مختبئتان خلف نظارة قاتمة، كان ينظر مباشرة بكاميرا المصور وكأنه لمحه في اللحظة الأخيرة، يتفوق بطوله كثيراً على طول ديامانتي التي بدت هشة وقابلة للكسر تحت قبضته.
تباطأت عينيها على صورة وجهه التي تم تقريبها فيما بعد، من هذه المسافة تلمح تلك العزة والأنفة على ملامحه المتغطرسة، لكنه لا يبدو سعيداً ولا مسروراً، مثله مثل الجميلة قربه، كانا متصنعين لدرجة تجعل قلبها يخفق من السرور بدل الضيق الذي عصرها قبل لحظات، تريده تعيساً تماماً مثلها، فلتحل عليه اللعنة أينما كان وحل.
أخبرها عمها هذا الصباح بأن السيارة التي تراقب المزرعة رحلت بأمر مستعجل، وتريد فحسب أن ترى قوة هذا السافل الوسيم أمام خبرة عمها الكبيرة مع القوانين برمتها.
مزقت الجريدة بشراسة قبل أن تقذفها بعيداً في سلة المهملات بنفس الوقت سمعت طرقات على باب الغرفة وظهرت ميا على العتبة دون انتظار ردها.
"لما لم تخبريني شيئاً؟؟" عاتبتها ميا التي أضحت عينيها الزرقاوين أكثر قتامة بسبب القلق الذي أرتسم في عمقهما "كنا نتكلم هاتفياً كل أسبوع فلور..."
"أتوسل إليك ميا توقفي" تمتمت فلور بتعب وهي تترك سريرها وتدفع مجدداً يديها بين خصلات شعرها "أتمنى ألا يفسد حملي خطط زواجكِ من الدوق الفرنسي المتشبث بالتقاليد القديمة والبروتوكولات..."
"أشعر أحياناً بأنني لا أعرفكِ..." تمتمت ميا وقد امتلأت عينيها بالدموع وأندفعت نحوها لم تندهش فلور عندما أخذتها بين ذراعيها وضمتها بقوة إلى صدرها، أحست بعينيها تمتلآن مجدداً لهذه الحركة الممتلئة بالحنان والرقة، هذه هي ميا... ميا الشبيهة جداً بوالدتها "فلور... ما الذي يحصل لكِ؟؟"
سمعتها توشوش برقة وهي تبتعد عنها لتتطلع بهلع إلى الحزن في عينيها.
"أعرف بأن والد الطفل ليس ذلك السافل يانيس..."
فقط لو كان هو لما كانت الأمور أكثر تعقيداً مما هي عليه، فكرت فلور وهي تتذكر المقال الناري في الجريدة ويهتز كيانها بإشمئزاز:
"أرحميني ولا تلقي الأسئلة..."
"آسفة، لا يمكنني..." أجابت ميا مباشرة وهي تبعد عن وجهها خصلات شعرها العسلية المتهدلة لتحدق بإصرار أكثر في عينيها الخضراوين "سوف أموت إن لم أعرف كل القصة"
"أنتظري أن تصل آنجلا على الأقل، لأن هذه الأخرى أيضاً ستقتلني بالأسئلة ويستحيل أن أكررها أكثر من مرة"
صلاتها لم تتأخر بالتحقق ووجدت نفسها في نفس الوضع بعد ساعات، يخيم الليل المكان والسكون فقط من يرافق الأنفاس الهادئة والنظرات الفضولية للأعين الملتصقة بها، كانت تتمنى لو تكون بعيدة بألف ميل عما سيعقب بعد القائها قنبلتها، فقط ملامح آنجلا التي تشكلت بقوة بينما ميا تجهل من هي ديامانتي سانتو بينيديتو.
"أنتِ لست جادة..." تمتمت آنجلا بعدم تصديق.
"من هي ديامانتي؟؟" سألت ميا بقوة مضطربة من عدم متابعتها الأحداث جيداً.
"أسطورة الحسن والجمال عزيزتي" أجابت فلور ببرود "رباه... كيف أستطعت أن أسقط في شرك زوجها... زوجها هي بالذات... لما يحدث معي هذا؟؟"
"مارك يعرف بهذا؟؟" سألت آنجلا مما دفع ميا للتنهد بغضب هذه المرة.. "حسناً... حسناً أهدئي سوف أخبركِ من هي ديامانتي..."
لخصت آنجلا لأبنة عمتها قصة ديامانتي، ولم تتفاجأ عندما شحب وجه هذه الأخيرة وتطلعت بقلق إلى فلور:
"ماذا ستفعلين؟؟"
"عمي يعرف بشأن دراكو..." اعترفت فلور وقد أندفع الدم إلى وجهها "بالتأكيد شعرت برغبته العميقة بلوي عنقي عندما علم بشأن الصلة بين قريبة أبنه ووالد طفلي، لكنه كالمعتاد مسح على شعري بدل جره بقوة من جذوره..."
"ماذا عن عمتي جينا؟؟" سألت ميا بتعاطف.
"لا تذكري أسمها كي لا أصاب بكوابيس الليلة" قالت فلور وهي تترك مكانها وتقترب من النافذة المطلة على الحديقة.
"رباه ما الذي يحدث في هذه العائلة؟؟ أغيب لأشهر كي أجد زوبعة من المشاكل في كل الأركان" زمجرت آنجلا بغضب وهي تدنو من قريبتها وتديرها إليها بقوة: "ما الذي يحدث مع خالتي أيضاً؟؟ هل تشاجرتما لأنها أدركت بشأن حملك؟؟"
"دفعتني بشكل أو بآخر لأحضان ذلك السافل الكريه..." تراجعت فلور عن هجومها وصمتت.. لن تقع في شرك غضبها وتذكر صلتها الوطيدة بأندريس وجوشوا ديكاتريس.
"أخبرتكما ما تحرقتما لمعرفته وأتمنى أن لا نأتي على ذكر الموضوع مجدداً..." تابعت بهدوء متجاهلة البركان الثائر في صدرها "حان دوركما... فلنبدأ بك 'ميا'..."
أحمر وجه هذه الأخيرة كما توقعت، تعرفت على الدوق الفرنسي خطيب أبنة عمتها، هذا الأخير يعمل في مجال العطور ويعيش في قلعته الفخمة في مدينة غراس الفرنسية، عملت ميا ككميائية عطور منذ تخرجها من الجامعة فالكل صدمه إلحاحها على هجر لندن للعمل كمتدربة في فرنسا، باريس كانت محطتها الأولى ومنذ سنتين عملت عند شركة عطور مشهورة مركزها في مدينة غراس الفرنسية، قبل ستة أشهر أعلنت خطوبتها مع الدوق الشاب الوسيم وهذه هي المرة الأولى التي تأتي به إلى عائلتها.
"بي أنا؟ لا شيء حماسي في حياتي..."
"هل نمتِ معه أم لا؟" مباشرة آنجلا دفعت الدم إلى وجه المسكينة التي تطلعت إليهما بريبة كما كانت تفعل في مراهقتهم عندما تقذفانها بوابل من الأسئلة المحرجة.
"هل هو جيد في الفراش؟" سألت فلور متسلية باللون القاني الذي غمر وجهها.
"رباه... لا أدري...نفضل الانتظار إلى الزفاف..." ردت ميا بإرتباك "أمي أيضاً تريدني أن أنتظر"
"العمة ألينا تتدخل بمسائلكِ الحميمية إلى هذا العمر؟" سألت فلور بسخرية.
"على الأقل لن أنتهي مثلكِ فلور" ردت ميا غاضبة ومدافعة عن والدتها التي تعشقها من قلبها..
عم صمت فجأة ولم يعد سوى همهمات بعيدة من الحديقة للأطفال والبالغين الذين يتقاسمون لحظة أسترخاء في الحديقة النائمة.
"أنا آسفة..." تمتمت ميا معتذرة "لم أقصد ما قلته"
"لقد بالغنا بدفع خجلك إلى حدوده" أجابت آنجلا مبتسمة، تحاول تخفيض الضغط الذي أرتفع فجأة "فلور تعرف بأنكِ لم تقصدي،"
"العمة ألينا تحبك بشدة لهذا ترغب بأن تحفظي نفسك حتى الزواج..." تدخلت فلور وهي لا تشعر أبداً بالسوء من قريبتها، كما قالت آنجلا لقد تجاوزا الحد معها في دفعها مجدداً إلى حدود خجلها.
طالما كانت 'ميا' متحفظة وخجولة، غريبة ومختلفة جداً على باقي أفراد عائلة الريتشي.
"جوشوا فقد ذاكرته ومعها أنا كما تعرفان" تدخلت آنجلا برفق كي تثير انتباههما "أحياناً أريد الموت بدل رؤية النظرات الفارغة التي يثبتني بها..."
أحتفظت لنفسها ببقية التفاصيل، منها كفاحها هذا المساء ليغادر ستار هاووس معها إلى المزرعة ويتناولوا العشاء برفقة الجميع كما هو مقرر، أراد البقاء مع الكونت أندريس الذي رفض الدعوة بلباقة لكن آنجلا لم تترك لزوجها الفرصة ونجحت بجلبه معها.
أحاطتها أذرع 'ميا' و'فلور' وشعرت بالدعم والطمأنينة لهذه الحركة المتشبعة بالعاطفة.
"كل شيء سيكون على ما يرام..." طمأنتها 'ميا' برقة.
"البلاد بأسرها تحدثت طويلاً على قصة حبكما الجميلة... وعن زواجكما الرومانسي في البندقية" قالت فلور مبتسمة "سوف تعود له ذاكرته ذلك الأحمق وسيدرك إن من يضع عليها تلك النظرات الفارغة هي 'آنجلا ريتشي' التي أذرف من أجلها دموع بحجم مياه المحيط قبل أن يتزوجها "
"أتمنى أن يقع في حبي سريعاً من جديد...." قالت آنجلا متنهدة "لا أريد أن يفقه والدي بهذا الشقاق بيننا كي يقحم نفسه مجدداً في زواجي... سأموت إن فقدتُ جوشوا... هو حبيبي ووالد طفلاي وزوجي ... وكل حياتي"
خيم الصمت لدقائق، الأذرع ملتحمة والانفاس مختلطة لكن كل عقل دائر في حلقة بمفرده إلى إن قطع خلوة القريبات الثلاث طرقات على باب الغرفة وأطل رأس كاثي وألينا:
"العشاء جاهز يا فتيات..."
"هل ذكركِ هذا الجمع بشيء ما يا ألينا؟" سألت كاثي مبتسمة بينما تستعيد كل منهما استقلالية جسدها وتتفرقن بسرعة البرق.
"عندما توقع أحداهن نفسها في ورطة..." ردت ألينا مبتسمة بالمقابل "لن ندرك أبداً ما دار من أسرار في هذه الغرفة"
"أين هو مارك؟ وما الذي تفعله بيلا في المزرعة؟" سؤال آنجلا دفع ابتسامة كاثي وألينا للاختفاء تدريجياً، لكن فلور من تدخلت هذه المرة وهي تتوجه إلى الباب.
"لما لا تؤخري اسئلتك إلى ما بعد العشاء آنجلا فأنا أتضور جوعاً..."
"وأنا أيضاً..." ردت ميا وهي تتأبط ذراع والدتها وتتوجهان إلى الباب.
"أمي؟؟" استوقفت آنجلا والدتها.
"لنا حديث طويل بعد العشاء عزيزتي..." وعدتها كاثي وهي تتأبط ذراعها وتتبع البقيه إلى الخارج "جوشوا سأل عنكِ مرتين..."
لمع الأمل في صدر آنجلا، سأل عنها؟ هل أنتبه على الأقل بأنها ليست موجودة مع البقية؟ نسيت شقيقها وحفيدة السائس وسألتها بلهفة:
"هل فعل ذلك؟"
"لا يبدو متفاهماً مع خطيب 'ميا' ولا أظنه يحب البقاء بمفرده مع ادواردو..."
لكن الأستقبال الذي فاجئها به جوشوا كان مختلفاً تماماً عن آمالها، كان وجهه مسوداً من الغضب هاجمها ما إن ألتحقت به في الحديقة.
"أين أختفيتِ بحق الجحيم؟"
"كنت... كنت مع قريباتي فوق و..."
قاطعها وعيناه تتطايران شراً.
"أتيت بي إلى هنا رغماً عن أنفي، يفترض أن تبقي إلى جانبي حتى النهاية... إن كنتِ تتشبثين قلبياً بخلوة مع قريباتك فسأرحل من هنا على الفور"
"أتوسل إليك أخفض صوتك سيسمعك الجميع" تمتمت آنجلا ممتنة لأنهما بعيدين على مسامع الكل الذين ألتحقوا بصالة الطعام "أعدك ألا يتكرر الموضوع وسنصعد إلى غرفتنا بعد القهوة مباشرة..."
عندما دار على عقبيه مبتعداً نادته بلا ثانية تأخير:
"دعني اتأبط ذراعك..."
توقف مكانه وأفسح فحسب مساحة ضيقة لتضع يدها على ساعده.
"لا تعبس "
"ماذا بعد؟"
"ابتسم حبيبي"
"متى سينتهي هذا الجحيم؟"
"أرجوك..." توقفت وأجبرته على التوقف، تطلعت إليه بعينان ممتلئتان بالعذاب وارتعش صوتها وهي تهمس "أرجوك... أبعد هذا التعبير عن وجهك... أفعل هذا من أجل 'ليلي و أندريس جينيور' "
* * * * *
الغرفة تعوم في الهدوء والسكينة، الجدار الزجاجي المجرد من الستائر والمطل على الحديقة الشاسعة للمنتجع الصحي تخترقها أضواء شفافة متضاربة الألوان وتنعكس على التدويرة الهشة لوجنة لينيتا المستسلمة لنوم عميق منذ ساعات الآن بفضل المهدئات... - بالنسبة للممرضة الرئيسة يستطيع البقاء في غرفتها ما يشاء لأنها لن تستيقظ قبل الصباح- إن كانت تظن بأنه سيمل من التطلع إليها وهي نائمة فبالتأكيد تهذي.
ابتسامة حانية ارتسمت فوق شفاه مارك أنطونيو بينما يثبت بنظراته الظلال الكثيفة المنعكسة على الوجنتين حيث بشرتها تتلألأ صحة رغم شحوبها.
للآن لا يصدق هذا الأنقلاب في حياته... لا يصدق إن حبيبته... أمّ توأميه حية... رغم ردة فعلها العنيفة والشرسة برؤيته إلا أنه لا يفقد الأمل... ربما عقلها متضرر، لكنه سيساندها إلى أن تستعيد كلياً عافيتها، أخبره الطبيب المشرف بأن يترك مسافة بينه وبين مريضته إلى أن تتعود على فكرة إنه حي وتتأقلم معها بفضل الجلسات الطبية الطويلة، بعد الظهر أنفرد هذا الأخير مع مريضته وأخبر مارك بأن مكوثه في المستشفى مضيعة للوقت، لكنه أقام الأرض دون أن يُقعدها وأخبره بأن اقامته في المصح حقيقة عليه التعود عليها وهدد بأن يأخذ معه لينيتا في حالة الرفض.
ربما يتصرف بعناد مع المنطق... يعرف بأن حياته تتطلب بشدة وجوده في إيطاليا، هناك قناطير من الملفات الغير مدروسة والاجتماعات الخاصة بتوقيع عقود جديدة، قبل كل هذا هناك مسؤوليته تجاه توأميه وأيضاً بيلا التي لم تبدو سعيدة بإتصاله قبل ساعات ليخبرها بأمر بقائه أكثر في سويسرا، ماذا تمتمت قبل أن تغلق الخط؟ لا يتذكر سوى أسم أليكس...
يستطيع تسوية الأمر من هنا، إدارة أعماله من الغرفة التي يستعملها بفضل حاسوبه النقال وأيضاً... يعتمد على كاثي بالبقاء لفترة مع طفليه في التوسكانا لحين عودته... بالنسبة لبيلا... عليه فسخ خطوبته معها بأقل أضرار ممكنة سيكدس حسابها البنكي بالنقود كي تتابع تعليمها برفاهية وسيوقع عقد الشراء لجديها من أجل الحصول على أرض أحلامهما كما آملا دوماً، بالتأكيد انفصالهما سيسعد الكل سوى توأميه... سيعمل على ألا يعرفا بشأن هذا الأمر وسيوجههما إلى طبيب نفسي ليهيئ نفسيتهما أزاء تواجد والدتهما على قيد الحياة... دفع أصابعه الطويلة بين خصلات شعره الكث الذهبي وسقطت عيناه مجدداً على الوجه الأسمر الساكن والشفاه الممتلئة الشبه منفرجة، شعر بنبضات قلبه تزداد تسارعاً بينما يؤكد لنفسه لمرة لا يعرف عددها بأنه لا يحلم أو يهذي... لينيتا هي من أمامه على هذا السرير... لقد منح كل فرد من عائلته دعمه ووقته ومساندته في كل مراحل حياته... حان الوقت ليفكر فحسب بنفسه... حان الوقت لأن يدعم المرأة الوحيدة التي تهمه حقاً وعاد للحياة مجدداً بفضل عودتها.
انزلقت أصابعه على الشراشف النظيفة البيضاء التي لم تكن أبداً بنعومة بشرة أصابعها السمراء الساكنة قرب وجهها، التقطها بين أصابعه وبحذر ضغط عليها ليشعر بنبض شرايين معصمها الرقيق ويتأكد بأنها حية تتنفس نفس الهواء الذي يتنفسه وقلبها يخفق مع قلبه... استجابت عفوياً لهذا اللقاء الصغير وارتجفت أناملها في راحة يده لكنها لم تخرج من سباتها مما أراحه، لا يرد دفعها لأزمة عصبية أخرى، ما يتمنى أن يبقى بالقرب منها، ويشعر بدفء يدها في يده... دنى من وجهه نحوها وأغمض عينيه وهو يستنشق رائحتها الخاصة التي ألهبت حواسه منذ اليوم الأول الذي سقطت عيناه عليها في فندق ديكاتريس في 'ريو دي جينيرو'...
الكثير والكثير من الذكريات المرة مرت بذاكرته المرهقة سلفاً، عاد يعيش آلام وعذاب اللحظات في المستشفى منذ سنوات، عاد يعيش جحيم أعلان الأطباء وفاتها، قهره ومقاساته مع وحدته وتأنيب الضمير... كل هذا الوقت بينما يحاول سد الثغر الذي خلفه غيابها في حياة توأميه... كانت حية ترزق.
"لا أنتظر شيئاً منك..."
فتح عينيه وغاب ما حوله بينما يعود إلى الماضي، إلى البرتغال عندما عثر مجدداً عليها... حاملاً منه وجميلة كما ألفها، كانت قد رددت هذا بصوت يفتقد للثقة تبدو هشة وسط روب الأستحمام الذي يكبر حجمها مرتين بعد أن جلبها رغماً عنها إلى فندق ديكاتريس بالعاصمة البرتغالية، كان حانقاً عليها، حانقاً لأنها هجرته دون سابق إنذار واتعسته الأشهر الماضية. "لم أتعمد الحمل إذا كان هذا ما ترمي إليه، كما أخبرتك لا أنتظر شيئاً منك، أعطني ملابسي وسأرحل من حياتك إلى الأبد"
"بهذه البساطة؟" كان يحذر منها، فقد ثقته بمن حوله بعدما أكتشف لعبة لودميلا ووالدها بسبب حملها.
"لست الوحيدة التي تتحمل مسؤولية ما حدث في 'ريو دي جينيرو'، كنت ثملاً لتفكر في نتيجة أفعالك..."
"أحدرك لينيتا، حملك هذا لا يمنحك أدنى امتياز، مازلتِ اقترف من فكرة الزواج، الطفلين من صلبي ولن أتخلف عن دوري بالتأكيد"
كلامه جرحها، ردت له الصاع صاعين وانفجرت في وجهه كعاصفة رملية عاتيه.
"لكن من تظن نفسك بحق السماء؟ لست متلهفة أيضاً للزواج برجل يرتعب من تحمل مسؤولية الأبوة، وإذا كنت تظن بأنني سأتخلى لك عن طفلاي بهذه السهولة..."
قاطعها ببرود:
"وصلنا للنقطة المهمة... بالتأكيد ترغبين بضمان مستقبلهما مع مستقبلك".
نظرت إليه غير مصدقة، عينيها الرماديتين تجمدتا عليه وكأنها تراه للمرة الأولى، لوهلة شعر مارك أنطونيو بعدم الارتياح للطريقة المصدومة التي تثبته بها...
"لا أريد أموالك..." تمتمت بصوت مختنق.
"لكنك أصبحت عشيقتي لهذا الغرض أم إنكِ نسيت؟"
تراجعت لينيتا إلى الوراء بسبب هذا الاتهام القاسي، من تكلم عن العشيقة؟ أليس هو من كره استعمال العبارة واستبدلها بالصديقة...
"قبلت المجيء معك لأنني..." قاطعها ببرود بينما أطلت السخرية من عينيه:
"وقعتِ في غرامي من النظرة الأولى؟؟ بالتأكيد..." أضاف قبل أن تعترض هجومه القاسي "كنت قد فقدت كل شيء مع زوجكِ السابق، ورغم رأيك السيء في شخصي قبلتِ مساعدتي وآتيت إلى سريري برضاكِ، أتفهم افتقادك لقطار الحياة الذي أعتدته، لكنني أرفض أن تستعديها عبري أنا وبإستغلال حملك... يكفي محامياً شاطر وأثبات الأبوة بالفحص النووي لتجني ثروة..." هذه المرة صمت مرغماً عندما دنت منه بسرعة البرق وصفعته بقوة على خده.
"هذا ردي على اتهاماتك الفظيعة مارك أنطونيو، والآن أريد الرحيل من هنا قبل أن أتهمك قضائياً باختطافي"
انفلتت تنهيدة عذبة من حوله مما أعاده إلى الواقع، هز عينيه إلى الوجه الجميل المسترخي في النوم وشعر بأصابعها تشد أكثر على يده، ثبت طويلاً أصابعهما المتشابكة قبل أن يلاطف بشرتها السمراء بإبهامه في لمسة دائرية قبل أن يقربها من شفاهه ويقبلها طويلاً كما فعل المئات من المرات منذ جلوسه في هذا المكان، لكن هذه المرة لم يعد يدها إليها، بل أحتفظ بأصابعها على شفاهه وغاص مجدداً في الماضي بينما رائحة بشرتها تخدر حواسه تماماً.
"عودتي إلى لندن لا تعني عودتي إلى حياتك مارك أنطونيو..." قالت له ببرود "أنتهى كل شيء بيننا، منذ رحيلي نسيتك كلياً..."
ضغطت شفاهه أكثر على أصابعها وكأن الألم الذي شعر به أزاء تلك الكلمات ما تزال جروحها غائرة ولم تندمل..
لقد جرحها وأستعمل طاقته في أستفزاز صبرها، كان غيوراً وتعساً وخائب الأمل، كان يشعر بنفسه ممزقا بين واجبه تجاه طفل لودميلا وحمل لينيتا، ماذا لو عادت إليها ذاكرتها وتذكرت القسوة التي عاملها بها وتملصه كلياً من فكرة أو أمكانية زواجهما؟ ماذا لو نجحت تصرفاته الماضية بإبعادها عنه اليوم وقلبها ضده؟ ماذا لو كرهته وقررت محيه كلياً من حياتها بعد أن تستعيد عافيتها؟...
لن يترك لها فرصة التراجع، سوف تنتمي إليه في أول فرصة وعندما تستعيد ذاكرتها... حسناً... سيكون الوقت قد فات بلا أدنى شك... شعر بالخجل لأنانيته، للمرة الأولى يفكر في نفسه قبل أي مخلوق، تعذب كفاية بسبب موتها الزائف ويرفض قطعاً أن يفقدها بعد أن وجدها مرة ثانية، يشعر بالرعب من ردة فعلها عندما تستعيد اتهاماته لها في الماضي وتصرفاته القاسية، يريدها أن تستعيد عافيتها بسرعة وذاكرتها عندما يناسبه ذلك... يريد أن يعيش معها تلك السعادة النادرة التي عرفت أشهر قليلة من حياته، أن يحقق حلمها بزيارة جزر عدة في الكاريبي كما لم تسنح لهما الفرصة من قبل، يريد أن يسعدها ويحبها وأن تسامحه قبل أن تستعيد ذاكرتها.
شذى زهور الربيع تسارع إلى أنفه بينما تغير لينيتا وضع رأسها وتتململ خصلات شعرها المعطرة حول وجهها الجميل، أحتفظ بأصابعها في يده بينما لامس بعد تردد شعرها باليد الأخرى، كان يبدو كطفل صغير أمام حلواه المفضلة والمحرمة، مازالت تفرقهما مسافة سبع سنوات رغم قربهما الشديد من بعضهما، معاناة ساحقة... رهيبة أخترقت صدره بينما تتسارع أمام عينيه صور كثيرة مختلفة دون القدرة على إيقافها، أخذته إلى جوفها زوبعة من اليأس والخجل والعار.
"أنت جبان"
اتهمته لينيتا بينما يهرب بيده ليتفادى التواصل مع بطنها المنتفخ الذي أجبرته عليه.
"لن أهرب من مسؤولية إعالتهما ولا أستطيع منحهما غير ذلك" كانت إجابته قاسية مما تسبب في إغضابها أكثر، لكن تحت ضغط أعصابها المنهارة والمحطمة انفجرت باكية قبل أن تقذفه بوابل من الكلمات التحقيرية:
"تتخفى وراء ذريعة وهمية... تتخذ امانويلا حجة بينما لا تقل حقارة عنها... أنت لا تستحق هذين الطفلين، وأقسم لك ألا ينتميا يوماً إليك، لأنهما ليسا لعبتين، إنهما كائنين يحتاجان إلى المشاعر وإلى الحب... إلى أب يرغب بهما حق، إلى رعايتهما وأن يُشعرهما بالأمان... أنا لا أطلب منك أن تتزوجني، لكنني لن أسمح لك بلعب دور البنك في حياتهما وإذا كنت عاجزاً على لعب الدور الأشد أهمية سأبحث لهما عن مصدر حب آخر كي لا يعانيان كما عانيت أنت... آه كلا... لقد وجدت كاثي... وكنت من الأنانية كي لا تعترف بالكم الهائل من العاطفة الذي شحنتك بها.."
"لم أنكر أبداً فضل كاثي" لكنها قاطعته بوحشية، في نفس اللحظة انزلقت دموعها على طول وجنتيها الشاحبتين:
"لقد أنكرته بطريقة أو بأخرى"
"لقد تجاوزت حدودك..." تمتم من بين أسنانه بينما يقاوم رغبته العنيفة بتكسير شيء.
"لم تلتقي بعد من يبصق بحقيقتك المخزية في وجهك هيه؟؟" عادت تهز رأسها متحدية "كل شخص يحق له رسم حدود معينة في سبيل عدم تجاوزها ونقط يتبعها لعيش حياته، لكن أسمح لي أن أخبرك أسلوبك في الحياة يثير ازدرائي، معتقداتك وما تؤمن به تافه أمام ما قدمته لك الحياة حقاً من أمور رائعة كعائلتك مثلاً ومركزك الإجتماعي وثقافتك العالية، رغم كل هذا تتذمر كطفل مدلل، تمشي في طريق وهم طويل... وذات يوم... عندما تعود إلى الواقع وبالتأكيد يكون الوقت قد فات تجد نفسك مسناً تتقاسم سرير امرأة بسن ابنتك لا ترى فيك سوى حسابك المصرفي... بدون عائلة أو وريث... هل حقاً هذا ما تريده؟؟ أن تموت وحيداً؟؟ برأيك هذه هي الاستراتيجية الصحيحة لعيش حياة ناجحة وسعيدة؟؟ أنت تثير شفقتي"
بعيد عن كل تعقل أو هدوء أطبق على رسغها بعنف ونظر مباشرة في عينيها المتورمتين...
"لو إنكِ حقاً بهذا القدر من الذكاء لإسداء النصائح إلى الآخرين لما آل زواجك السابق إلى كارثة حقيقية وكنتِ في عوز اليوم..."
أدلف أصابعه في شعر 'لينيتا' وتمنى لو تستفيق وتنظر إليه وتتكهن هذا العذاب الذي يقاسيه في هذه الغرفة، يشعر برغبة عنيفة بهزها ورميها إلى صدره... بعصرها بين ذراعيه إلى أن تلتحم بجسده وتسري في دمه، يريد أن يصرخ بأعلى صوته بأنه تغير، وسيمنحها كل ما تريد... وفي نفس الوقت.. يرغب بالخروج من هذه الغرفة والمشي طويلاً في الحديقة واستنشاق هواء نقي... يموت رغبة بالهرب من هذه الذكريات التي تثقل صدرها وتذكره كم كان مقيتاً بأفكاره الماضية.
"سيد ريتشي..؟؟"
وشوش صوت هادئ خلفه، حررت أصابعه خصلات لينيتا الناعمة واستدار إلى الممرضة المبتسمة التي قدمت إليه فنجان فوار من القهوة.
"أظن بأنك بحاجة لهذا إذا كنت تنوي أمضاء الليلة بقرب المريضة"
"هذا لطف منكِ..." التقط الفنجان ووضعه جانباً على الشوفيه ثم عاد يتفرس في وجه الحسناء النائمة، هل تحتاج إلى قبلته كي تستيقظ من نومها؟
بعد أن تفقدت الممرضة ضغط لينيتا وسجلت ملاحظاتها في ملف خاص رحلت وتركته أمام ليلة طويلة من الذكريات المرة والحلوة.


أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-04-13, 12:11 PM   #33

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

طوى 'دراكو' جريدته ما أن أنفتح باب مكتبه و ظهرت ديامانتي على العتبة بفستان السهرة الذي أختاره لها بعناية.
يالهذا الجمال.. فكر متهكماً وهو يتأملها بتأني من رأسها الأشقر الذي تموجت خصلاته الحريرية حول وجهها الذي ينبض حُسْناً إلى منحنياتها الأنثوية اللذيذة والتي احتواها القماش الفيروزي بنهم... كانت كما أرادها، تدير الرؤوس وتسيل اللعاب.
"أجد بأن هذا الفستان فاضح وجريء..." سمعها تقول ببعض التردد وهي تشير إلى رقبة الفستان الذي يكشف أكثر مما ينبغي من صدرها المدور الجميل.
"إنه يناسبك 'بليسما'... إنه أنتِ تماماً... جميل، فاضح وجريء" لكنته بالتأكيد لم تعجب الشقراء الجميلة التي لمعت عيناها الرماديتان كعينا قطة شرسة وهزت ذقنها بتحدٍ.
"أنا لست ساقطة كي أظهر بهذا الشكل أمام الناس... أعرف عقلية الصقلين 'دراكو'، سيرون في شخصي المرأة التي تهيج وتفجر غرائز الرجال"
هز دراكو حاجبيه الكثين واندفعت شفاهه للابتسام لهذا الذكاء الذي لم يفقه في هذا الرأس الذي رأى فحسب قشرته الذهبية من الخارج، قطع المسافة بينهما ببطء مما زاد من عصبيتها، تأملها قليلاً على بعد وجيز بينهما، شفاهها المغرية مطلية بلون زهري طفولي تقريباً، كانت تطفح براءة رغم هندامها الفاضح، لم يقاوم الدعوة المغرية لخصلاتها البلاتينية التي تدعوه للمسها، كانت له ذات يوم... لكن كل شيء أنتهى الآن بفضلها فقط... يقسم أن يجعلها تعاني.
"لكنكِ ساقطة 'ديامانتي سانتو بينيديتو'... فأرة وضيعة مختبئة وراء هالة الطهارة والعفة والجمال..." ثم قلد صوتها بإشمئزاز " 'لا أنام مع رجل خارج أطار الزواج لست كبقية الفتيات' " أكفهر وجهه وأسود بالغضب ثم بصق بكراهية "في النهاية سقطت في سرير رجل آخر ومنحته ما هو حقي..."
"لما لا تتركني وشأني فحسب...؟؟" سألته من بين أسنانها، تباطأت عيناه على صدرها الجميل الذي يهتز بعنف بفضل أنفاسها المتسارعة "سوف تحترق بسبب كراهيتك لي وتحرق من حولك 'دراكو'... دعني أرحل من حياتك إلى الأبد"
"وحدكِ من سأحرقه 'كارا' " مد يده إلى ياقة فستانها لكنها تراجعت بعنف وامتلأت عينيها بالرعب.
"لا تلمسني..."
"وفية للشهم 'نيوس ليونيداس'؟؟"
"لا تنطق اسمه..."
"حتى إنه لم يحرك ساكناً للاحتفاظ بكِ... كنتِ مجرد تسلية... "
"توقف" صرخت به وقد أنسحب الدم من وجهها وأثقل العذاب نظراتها اللؤلؤية لكنه لم يرحمها وأستمر بتعذيبها بنشوة شيطانية.
"أحييه على ذكائه فقد كُنت من البلاهة بأن سقطتُ في شرككِ ومنحتكِ اسمي... نيوس ليونيداس ليس غبياً في النهاية"
"طلبت ألا تذكر اسمه..."
ابتسامة مريرة ارتسمت على وجهه، يا لهذا الولاء والاخلاص، تبدو كنمرة شرسة تدافع عن صغيرها بالرغم من إنه لا يستحق كل هذا الولاء بعد أن تركها له بلا حماية، إنها متيمة بحبه، يقرأ هذا في وجهها وفي العذاب المرتسم عليه، لكنها تجهل ما ينتظرها، ذات يوم... عندما تعود لدور العشيقة إلى جانب رجل الأعمال اليوناني ستكون ظل نفسها... اندفعت مبتعدة أكثر بينما يدنوا أكثر وهذه المرة تمكن منها، أصابعه الخشنة على بشرتها آلمتها تعمد أن تكون لمسته مجردة من الرقة، سمعها تتمتم:
"أخبرتني بأنني آخر امرأة قد ترغب بها..."
التقت نظراتهما، شعر بالغضب يتسلل إلى صدره، ما الذي تظنه هذه الحقيرة التي منحت ما أراده بقوة لغيره؟؟ بأنه غير قادر على الحصول عليها حتى ولو أمتنعت؟؟ لا يجد في لمسته أي متعة أو نشوة، لا يشعر بشيء اتجاهها، إنها تشبه طبق لذيذ يسيل اللعاب لكنه كريه المذاق... فقد اهتمامه بها كرجل منذ زمن.
"سوف تحتفظين بالفستان عزيزتي وستفعلين ما آمركِ به إذا كنتِ تريدين الحصول على حريتك..."
شحب وجهها واتسعت عينيها الجميلتين في هلع:
"لن تجبرني...أبدو كساقطة ..."
"ساقطة من العيار الثقيل 'بلسيما' وهذا يغير كل شيء..." أضاف مبتسماً بلا دفئ "ينقص أحمر الشفاه... سيكون دزينة من الصحفيين فلا تفسدي مفاجئة الليلة..."
لكنها لم تتحرك من مكانها، تحول التحدي في نظراتها إلى الخوف ثم التضرع، سمعها تتمتم بخفت:
"هل هذه هي خطتك الرخيصة لإسترجاع كرامتك؟؟"
"كرامتي محفوظة رغماً عن أنفكِ أيتها السافلة" تأوهت بألم عندما أمسك برسغها ووجهه يتطاير شراً "سوف تفعلين بالضبط ما أمركِ به ديامانتي، إن أردتكِ أن تعرضي جسمك الرخيص بثوب سباحة هذه الليلة فستفعلين هل هذا مفهوم؟؟"
"أنا أكرهك..." تمتمت من خلال دموعها وهي تحرر ساعدها من قبضته وتتطلع إليه بحقد وازدراء متراجعة إلى الخلف بنفس الوقت نحو الباب الذي ظهرت منه قبل قليل.
"عدلي زينتك 'كارا ميا' ، سأنتظرك قرب الليموزين لا تتأخري "
* * * * *
تجربة العشاء كانت أسوء من أشد كوابيسها رعباً، لا تدري بيلا متى أنتهى كل شيء وأخذت التوأمين إلى غرفتهما ليستحما ويخلدا للنوم، الأصعب هو مواجهتها المخيفة مع 'سالي فيليبو' التي انتبهت فوراً لخاتم الخطوبة في أصبعها ولم تتردد بالاستفسار على مكانة الخطيب الذي أستطاع وضع خاتم مماثل في أصبعها.
لا تريد أن تتذكر الشر الذي ارتسم في عينيها بعد أن مرت صدمتها بمعرفة سر خطوبتها من الرجل الذي تأمله منذ سنوات عديدة، 'رالف' هو من أفشى السر، تكاد أن تقسم بأنه تعمد ذلك ووضعها في مأزق مع امرأة غيورة ومرعبة دون مساندة دون مارك أنطونيو لها.
"لا تظني حقاً بأن خطوبتكما يأخذها مارك على محمل الجد..."
كانت قد هاجمتها بشراسة ما إن سنحت لهما الفرصة بخلوة مع بعضهما في الردهة الخلفية حيث أخذت هاتفها النقال لتتصل بجدتها في التوسكانا وتطمئنها.
"لا تتجاهليني..." أمسكت بذراعها بقسوة بينما تمر بجانبها لتعود إلى الفيلا، تأوهت بألم بينما تغرز مخالبها في بشرتها الرقيقة، هزت عينيها الفيروزيتين نحوها.
"ما... مالـــ...ـــذي تريـــــــدينه مـــــني؟؟"
تشكلت ملامح سالي وتطلعت إليها بشر:
"العروس المستقبلية تتلعثم في كلامها، أي مستقبل تعس ينتظر مارك مع فتاة غبية مثلك؟؟ أنتِ مجرد حشرة وضيعة إيزابيلا... لن أسمح لهذه المهزلة بالاستمرار طويلاً"
تملصت بيلا من مخالب هذه الأخيرة التي تركت آثار دامية على ذراعها، لكن سالي كانت من الحقد والكراهية مما دفعها لمهاجمتها جسدياً، تلقت صفعة عنيفة على وجهها وقبل أن تستفيق من صدمتها أرتفع صوت طفولي مدوياً كصفارة الأنذار، كان رالف من أنفجر في عويل طويل يبكي بقوة إلى أن أثار اهتمام كل نزلاء الفيلا، رغم محاولاتها ومحاولات سالي لتهدئة الوضع إلا إن هذا الأخير رفض قطعاً الصمت وتابع عويله إلى أن وصلت كاثي برفقة زوجها.
"ما الذي يحدث؟؟؟ هل آذيت نفسك رالف؟؟" سألت كاثي بينما يلتقط ادواردو حفيده ويحمله بين يديه، لم تكن هناك دموع حقيقية في عيني الفتى، وجه أصبعه المتهم بإتجاه سالي:
"لقد قامت هذه المرأة بصفع بيلا..."
هنئت بيلا نفسها لأنها لم تكن في مكان المرأة التي وجه إليها الزوجين نظرات تحمل كل أنواع التعابير، تراجعت إلى الخلف بينما يسترسل رالف بصوت باكي "وصفت بيلا بالحشرة الوضيعة... ما الذي يعنيه ذلك جدي؟؟"
غرق الأربعة في صمت محتدم، وعندما وصل أليكس يستند على عكازه ويثبت الجميع بنظرات متسائلة تمنت لو تنشق الأرض لتبتلعها، ألم يُخبرها أمس بأنه غير مرحب بها في مجتمعه الذي لا يمنح مقاعد شاغرة لأناس مثلها؟؟
تمكن ادواردو من تهدئة حفيده، بينما طلبت كاثي الأنفراد بسالي فليبو قليلاً، وبينما يبتعد الجميع ولا يبقى غيرها وأليكس انتبهت لنظرة التواطئ بين رالف وتوأمه جو وأحست بالغضب لتمثيليته.
"إنها مجرد البداية 'بليسما'... أتمنى لك حظاً أوفر لاحقاً" ملاحظة أليكس جعلتها مكتئبة طول النهار، وأزداد حنقها بينما تتلقى اتصال من دون مارك أنطونيو يطلب منها العودة إلى التوسكانا غداً مع التوأمين وكاثرين ريتشي... يا له من نهاية أسبوع غريبة ومريرة.
تابع أليكس تعذيبه لها كلما سنحت له الفرصة، واكتشفت حول طاولة العشاء بأن ضيفة العائلة غير موجودة... نجحت استراتيجية رالف بإبعادها عن المزرعة، سيكون معه حديث طويل.
أخذت مكانها في السرير الكبير بعد أن بلعت مهدئاتها وغاصت في قراءة كتاب لكاتبها المفضل، غداً سيرحلون إلى التوسكانا وستضع أكبر مسافة بينها وبين أليكس.
لكنها بعيدة عن الثقة في نفسها، أبعدت عنها الكتاب ثم الأغطية وعاد غضبها واحباطها يتفاقمان، دون مارك أنطونيو تخلى عنها بينما هي في أمس الحاجة إليه، تركها تتلقى الصفعات تلوى الأخرى، لم تتأخر 'آنجلا ريتشي' بالتلميح لها وبكل صراحة بأن شقيقها الأكبر يرتكب خطئاً جسيماً، كلمات لم تنطقها، لكن نظراتها الزرقاء أوصلت كل رسائلها بوضوح.
لم تجد الترحيب الصادق سوى من فلورانس ريتشي، هذه الأخيرة عاملتها بطبيعية بينما تحفظ الكل وأبدو لطفهم المتعمد دون حرارة حقيقية.
لحسن حظها إن خطوبتها من 'دون مارك أنطونيو' ليست حقيقة وما يحدث حولها لا يهدد بشكل أو بآخر حبها اليائس أو سعادتها، تنهدت بقهر وهي تتمعن جيداً في ردة فعل عائلتها الشرسة إزاء اختياراتها... جديها محقان... هي لا تنتمي لهذا العالم البراق.
أخطأت بالوقوع في حب 'أليكسندر ريتشي'.
لن تكون يوماً جزءاً من حياته هذه مهما حاولت... هناك مسافة شاسعة بينهما تدركها فقط الآن... سوف تتنحى من حياته وتزيله من رأسها وقلبها وستركز على نفسها، ستلعب الدور الذي يطلبه منها رئيسها بجانبه وعندما تنقضي المهلة، سوف ترحل إلى أستراليا وتبدأ حياة جديدة.
* * * * *
أشعل 'جوشوا' سجارته متلذذاً بالوحدة التي حصل عليها أخيراً بعد يوم حافل بالبرتوكولات والزيف، لا ينكر إن عائلة زوجته استثنائية، لكنه توقع لقاء مارك أنطونيو وخاب أمله عندما أخبرته حماته الجميلة بأنه خارج البلاد، نصف شقيقه مارك أنطونيو، الذي أخفته عنه إمانويلا طويلاً لأسباب يجهلها للآن.
في الألسكا عندما استرسل والده بتلخيص أحداث السبع سنوات المفقودة في ذاكرته، يعترف إن الليل كان مسرح الكثير من الذكريات المقيتة والجميلة، تذكر مارك... كيف يُعقل أن يعود نصف شقيقه إلى ذاكرته وترفض آنجلا العودة؟؟ لأي سبب ترفض ذاكرته استرجاعها؟؟ إذا كان حبهما عميق كما يدعي الجميع لما لا يتذكرها؟؟
سهم في الجو الحالك واللطيف للحديقة النائمة في هذا الوقت المتأخر من الليل، كان يحتاج لينفرد بنفسه وبصديقه الذي عاد إلى صحبته منذ الأشهر التي عاشها في قبيلة 'التاكا'، أخذ أنفاساً قوية من سيجارته وقذف الدخان الكثيف في الهواء بينما نشوة من نوع خاص تجد مكانها في شرايينه، كم يعشق هذا الأحساس الكبير بالحرية.
"مساء الخير..."
فتح عينيه بإنزعاج والتقت نظراته بنظرات زرقاء تتلألأ وسط العتمة الخفيفة كعيون قطة، 'دون ادواردو ريتشي' العظيم... كان يشعر بنظراته الحازمة عليه منذ وصولهم إلى المزرعة.
"ماذا تدخن؟" سأله وهو يأخذ مكانه بالقرب منه.
"دواء ضد الإجهاد..." أجاب جوشوا متحدياً وعيناه تبرقان ببرود...
لكن التسلية آخر ما كان يرغب بها حماه الذي تجاهل سخريته وأبتعد قليلاً عن الدخان الذي يبدو بأنه يثير أشمئزازه.
"كنتَ هاوي حشيش قبل أن تتزوج آنجلا لكنك انقطعت عن تعاطيه بعد ذلك..."
"يبدو بأنني متعلق بعاداتي السيئة التي عادت للظهور بسبب ذاكرتي المفقودة" أخذ أنفاساً أخيرة من سيجارته قبل أن يرميها بين الأعشاب الندية ويسحقها بقدمه، يريد فحسب الأختفاء من محيط ادواردو ريتشي الذي أزعجه للآن ما تذكره بصدده، لكن هذا الأخير لم يترك له مجال للهروب.
"تعرف؟؟ أظهرت آنجلا وجهاً آخر خلال اختفائك... وجهاً لم أكن أتخيل بأنها تملكه بالرغم من معرفتي الوطيدة بها لأنها أبنتي... أبنتي التي سأحارب العالم من أجل سعادتها"
التهديد بدى واضحاً جداً في صوته، بهدوء نظر مباشرة في عينيه:
"كانت صبورة ومتفانية... أظهرت للجميع بأنها امرأة صلبة وقادرة على التصرف بمفردها في مصيبتها... سبق وتحدتني بكل الوسائل كي تتزوجك، كنت معترضاً على أن ترتبط برجل يجد الوسيلة في الحشيش، يمنحها وعوداً بينما تحمل أسمه امرأة أخرى... أنت كنت مثالاً للرذيلة جوشوا ومتناقض تماماً مع الرجل الذي تمنيته لها... تزوجتما في الخفاء كاللصوص وقبلت على مضض الأمر لأنك... بكل الوسائل ... برهنت بأنك مناسب لها... حتى إنك وقعت عقداً خطراً جوشوا... في حال حصول الطلاق بسبب زواج فاشل تتنازل عن حقوقك بشأن أطفالك إن رزقتما يوماً بهما... تتنازل عن حقوقك كافة"
"مستحيل أن أوقع على عقدٍ مماثل..."
"لكنك فعلت..." أقر ادواردو بهدوء وهو يتجاهل مقاطعته المتهكمة ونبرة الغضب فيها "لكنني أعدت لك الورقة لأنك... لأنني وثقت في حبك لأبنتي... وعدتني أن تُسعدها وأقسمت ألا تُتعسها يوماً... كنت أرى فيك الشاب الأناني المتشبع بالطموح فقط... وأتساءل اليوم إذا لم يكن تخميني في محله"
"إذا قلت في الماضي بأنني أحب آنجلا فقد كنت صادقاً بالتأكيد.. أنا لا أكذب أبداً بعواطفي"
"رأيتُ كيف تنظر إليها وتعاملها... أحذر جوشوا... إذا لم تضع الحدود لنفسك فسأضعها بنفسي وصدقني... سأحرمك منها ومن طفليك بفرقعة صغيرة من أصبعي..."
"هل تهددني؟؟" بصق جوشوا بعدم تصديق.
"... هناك ألف رجل يتمنى أخذ مكانك فأحذر... لا تتعس أبنتي كي لا أتعس أيامك جوشوا ديكاتريس... وعندما تستعيد ذاكرتك ستتمنى ألف مرة الموت بدل عيش الواقع... إذا مثلت على الجميع في الماضي عشقك اللا منتهي لأبنتي فقد ظهرت على حقيقتك اليوم لأن من يحب بصدق لا ينسى حبيبه" ثم لمعت عيناه ببرود وهو يدير له ضهره "عمت مساءاً"
لا يدري جوشوا إن أحتفظ بأنفاسه حبيسة في رئتيه ثانية أم سنة، نظراته مثبتة على الإتجاه الذي أختفى فيه حماه، لا يدري إن كان الحشيش ما لعب بعقله أم إن هذا الحديث المقيت دار بالفعل بينهما؟؟ فجأة انفتح باب في عقله جعله يجفل من المفاجئة.
"أرى إنك تحرز تقدماً في التقرب من عائلة ادواردو"
أبتعد جوشوا عن البقية واستدار يواجه الكونت ديكاتريس وسط حلته الأنيقة، لمح آنجلا ماتزال متعلقة بذراع والدها، وكأن حديث مهم يجمعهما.
"أعترف إنني دهشت لرؤيتك هنا... ظننت إن علاقتك مع آنجلا انتهت.."
"لم تنتهي ولن تنتهي أبداً..." رد جوشوا بهدوء، يحتسي من كأسه القليل "ما يجمعنا قوي جداً..."
"نعم بالتأكيد..." ابتسم أندريس بهدوء وقال فجأة "اتصلت بك مراراً ولم أعثر على أثرك خلال الأيام السابقة.. هل كنت في البرازيل؟"
"نعم..." رد جوشوا بطبيعية، عيناه لا تفارقان آنجلا ووالدها، بدت هذه الأخيرة وكأنها تتوسله...
"هل كلمت والدتك؟؟"
"نعم..."
"هل أنكرت؟؟"
"لم تنكر ولم تؤكد شيئاً..." ثم وضع كأسه على المنضدة "أعذرني..."
حاول الانسحاب لكن أندريس استوقفه بقوة:
"أريد رؤيتك جوشوا... أريد أن نتناول حديث مهم جداً..."
" لا شيء يجمعنا ولن يجمعنا شيء سيدي الكونت.."
" لا تكن غبياً وترفض مساعدتي وترفضني معها..." أقترب أكثر منه حتى انعكس خياله في عمق عينيه "بلا دعمي لن تحصل على أبنة ادواردو، إنه يعاملك كفأر وضيع انتبهت لذلك فوراً، هو يعرف بالتأكيد ما يجمعنا من قرابة وإلا برأيك لما يضع الحواجز بينكما؟؟"
"لا يمكنك مساعدتي بهذا الشأن، لأنك ستزيد الوضع صعوبة..."
"أسمع، سأختصر اقتراحي، ذكائك يبهرني حقاً في مجال الإعلاميات والأعمال، وبما إن أخاك الغير الشقيق الذي هو أبني ولا أفتخر به غبي جداً فيهمني أن تكون ذراعي الأيمن، تماماً كما هو الأمر لمارك أنطونيو مع والده، عليك أن تدخل العائلة وأعمال العائلة من أبوابها الواسعة كي تربح معركتك ضد ادواردو..."
"لا يهمني عرضك..."
وضع جوشوا يديه على صدغيه وعصرهما بشدة وكأن عقله سينفجر بسبب هذه الذكرى، لكن ذكرياته لم ترحمه بسبب آلامه وجد نفسه ينجرف مجدداً في ذكرى جديدة.
"تعال نرقص.." اقترحت آنجلا على جوشوا بعد العشاء مباشرة،الذي وافق بلا تردد.
الكثير من العيون عليهما، كانا الوحيدين على حلبة الرقص.
"رائحتك مثيرة..." قالت آنجلا عندما ضمها بين ذراعيه "لم أعد أحتمل هذا الحفل..."
"فلنذهب إذاً...لا أخفيكِ إن أعصابي بدأت تتقلص بشكل مؤلم أيضاً..."
التقطت نظراتهما بعد أن هزت رأسها نحوه ابتسامة ناعمة على شفتيها.
انعكست النجوم في عينيها الرائعتين، وألقى القمر أشعته الفضية على وجهها الفاتن وشعرها الذهبي الذي صاربلون الفضة النقية ، بدت كحورية حقيقية. أحس بوخز في قلبه، إنه يحبها لدرجه تفوق كل طاقته، بدأ يتعب من مشاعره ومخاوفه. لا يريد أن يفقدها وإن مات حبها له ذات يوم فلا يعرف كيف يمكن أن يتعايش مع ذلك لحظة واحدة.
"بعد أن يُطفئ أليكس الشموع نرحل فوراً..."
ثم عادت تضع رأسها الصغير على كتفه، حرارتها تسللت بخفة عبر قماش سترته، أغمض عينيه وناداها بصوت هامس وهو يحضنها أكثر إليه، يعرف إن وضعهما لم يعد فقط كثنائي يرقص ببراءة على أيقاع الموسيقى الحالمة، ولا بد أن الجميع لاحظ ذلك بدوره...
"آنجلا..."
"أممممم...؟"
"أحبك حبيبتي..."
أبعدت رأسها عن كتفه وقدمت له أجمل ابتساماتها مرة ثانية سلبت أنفاسه:
"أنا أيضاً أحبك"
أدلف جوشوا يده في جيب بنطاله وأخرج علبة سجائره بعصبية، أدلف واحدة بين شفاهه لكنه لم ينجح بإشعالها بسبب أرتجاف أصابعه، سب ولعن في آخر محاولة بعد أن أحرق أصابعه، تأوه بعنف تحت ضغط تسارع ذكرياته، هذه المرة رآى نفسه يقف أمام رجل مشحون بالغضب.. كان حماه.
كان يقف أمامه ببنطال بيجاما فقط وقدميه عاريتين، كانت عيناه محمرتان بشكل غير طبيعي مما دفع ادواردو للإقتراب منه وكأنه يحاول اكتشاف سره.
"هل تتعاطى المخدرات؟؟"
"عفواً؟؟" أجفل جوشوا
"هذه الرائحة... المقيتة للعشب الهولندي..." ابتسم ادواردو "لست فقط سافل ومنحط أنت أيضاً مدمن..."
قبل أن يجد جوشوا الكلام المناسب للرد أخرج هذا الأخير ورقة من جيبه ونشرها أمامه.
"توقيعك جميل جداً على هذه الورقة..."
عقله يعمل، يعمل بسرعة، نعم رائحته تفوح منها الحشيش لأنه أستعملها للمرة الأولى منذ وعده لآنجلا ولأن هذا المساء بالضبط كان يحتاجها، ثم... هناك شيء خطر يحدث... عدوه اللدود يحمل في يده حكم اعدامه...
هذا الرجل قدم لينهي كل شيء ويقضي على حياته، أتى ليدفنه حياً ويتلذذ برمي التراب عليه، بأي معجزة سيخرجه من هنا قبل أن تستفيق آنجلا بسبب صوته الذي يتعمده عالياً؟؟
"سيد ريتشي... لدي تفسير للورقة التي بين يديك..." قال بصوت مرتجف، وجهه مصفر وكأنه يواجه ملاك الموت في هذه اللحظة "أترك لي الفرصة لأشرح لك"
"نعم بالتأكيد... أنت مثل والدك ووالدتك... لا يدهشني هذا منك "
"أنا أحب آنجلا، لا أخدعها ولا أتلاعب بمشاعرها..." قاطعه فجأة صوت غاضب.
"أبي بأي حق تهين جوشوا بهذه الطريقة الفظة؟" تعالى صوت آنجلا فجأة من خلفه.
أغلق جوشوا عينيه، أمنيته الغالية في هذه اللحظة أن يتلاشى ويتبخر، أن تحدث معجزة ويتوقف قلبه عن الخفقان ويسقط ميتاً كي لا يعيش ما سيعيشه في الدقائق المقبلة. الجحيم أهون من أن يرى نظرات الإتهام في عينيها عندما تعرف الحقيقة..
فتح عينيه وواجه ملامح ادواردو يعلوها الانتصار، تقدم خطوة منه الدموع ملأت عينيه وارتجف صوته بينما يقول: "أرجوك لا تفعل..."
"لماذا؟؟ ما الذي يدفعني للتستر عليك؟؟ لن تؤثر بي كما فعلت مع مارك أنطونيو... لا شيء سيمنعني من أخبارها..."
"تخبرني ماذا؟؟" عاد صوت آنجلا إليه من الخلف بشكل أقرب وكأنه سكاكين حادة تخترق قلبه.
"أتوسل إليك سيدي لا .." اندحرجت دموعه كطفل صغير، بقي ادواردو جامداً أمامه "أنا أتوسل إليك..."
"آنجلا... أجمعي أغراضك سوف نرحل..." قال ادواردو وهو يتجاوزه وكأنه شفاف أمامه.
"أجمع أغراضي لكن؟؟" استدار جوشوا ليواجهها بوجهه البائس، من خلال عيونه المعمية بالدموع رأى الدهشة والاستغراب على وجهها.
"ما الذي يحدث هنا بحق الله؟؟"
تخلى جوشوا عن رغبته في التدخين وقصد بدوره الفيلا، نجح تهديد ادواردو ريتشي بزعزعة ذاكرته النائمة، والله وحده يعلم كم يكره ما يراه في الشريط الذي يمر برتابة في رأسه بهذه اللحظة.
عندما وصل إلى الغرفة التي يتقاسمها مع زوجته وجد هذه الأخيرة غارقة في النوم، آلمه تحوم مثل حيوان متوحش يسعى للحصول على طريقة للخروج من قفصه.
هذا الغموض الذي يلف علاقته مع هذه الشقراء الفاتنة التي رأى نفسه يذرف دموع الجسد عليها ويخبرها بأنه يحبها... بالكاد يصدق... هو يبكي من أجل امرأة؟؟ منذ متى... حتى إنه لم يسبق أن نطق بكلمة حب في حياته.
تخلص من أزرار قميصه رويداً بينما عيناه تنزلقان بتمهل على الساقين الرائعين والمكشوفين تحت قميص نوم قصير شفاف لا يخفي شيئاً من روعة الجسد الأهيف المستسلم للنوم.
شعرها الطويل الأشقر منتشر على الوسادة بينما ملامح وجهها الجميلة مسترخية وشفاهها المغرية شبه منفرجة، كانت الإغراء بعينه.
أخذ مكانه على السرير ووضع أكبر مسافة بينهما، كان جسده متفكك وعقله متألم ومحطم بسبب سرب الذكريات التي ألمت به، فقط لو يستطيع فك اللغز، إذا كانت علاقتهما هو وآنجلا ناجحة لما أرادت قتله؟؟ لما أخبره الطيار بأن امرأة شقراء وراء سلسلة الاعتداءات عليه؟؟ لا يوجد من هو بالمواصفات التي منحها له الطيار سوى... آنجلا.
شعر بها تتحرك قربه وتقطع المسافة بينهما، وضعت يدها على جذعه المكشوف... كرة من الضوء مرت أمام عينيه وأعمته لتغرقه في ذكرى آخرى بعيدة، هما معاً في روما... ثم.. ليلتهما الأولى معاً.
"هل أنت بخير؟؟"
تسلل إلى إذنيه صوتها الأنثوي الناعس ووجدها تستند على مرفقها وتتطلع إليه مقطبة ببعض القلق.
"أنا بخير... عودي إلى النوم آنجلا..." همس لها بصوت أجش، ماتزال صور مثيرة تتزاحم في عقله، بالكاد يتأقلم مع الأحداث الجديدة التي تمثل جزءاً شديد الأهمية من ماضيه.
"لكنك أنت من أيقظني..." سمعها تهمس بخفت، ماتزال نظراتها الزرقاء تلمع بقلق عبر الضوء الخافت لإنارة الشوفيه الخافتة.
هو من أيقظها؟؟ متى؟؟ لا يدكر بأنه غادر مكانه أو حتى دنى منها، عاد الأحساس بملمسها على بشرة صدره قوياً.. كاسحاً... إنه يكره هذا الضعف الذي بدأ يزحف إليه.
"آسف إن أزعجتكِ..." وجد الطريقة المثلى للتخلص من يدها التي تثير هذا الكم السيء من المشاعر المزعجة واللذيذة بنفس الوقت مد يده إلى الأنارة ليطفئها وغرق المكان في ظلمة حالمة بفضل أشعة القمر الفضية التي تتسلل من النافدة المفتوحة وترسم هالة حسية حول جسد زوجته "نامي الآن... تصبحين على خير."
"جوش؟؟" سمع اسمه بعد لحظات يتردد من بين شفاهها.
"أمممم..."
"هل أستطيع النوم على صدرك؟"
تجمد في مكانه مصاب بالهلع، إذا كان يحارب نفسه بشدة في سبيل المحافظة على ماء وجهه والتسمر في مكانه كي لا يقفز عليها ويأخذها بالقوة كيف سيتمكن من مقاومتها إذا اقتربت أكثر؟ توقع أن تفهم من غياب رده إن آخر ما يتمناه هو أي نوع من الاحتكاك بينهما لكنها دنت منه و رمت رأسها على صدره قبل أن تضمه ذراعيها إليها.
"أفتقد بشدة رائحة بشرتك..." سمعها تهمس برقة وارتفعت خفقات قلبه بعنف بينما يشعر بشفاهها على بشرته المحمومة.
يجب أن يوقفها فوراً، يجب أن يترك لها السرير ويكتفي بالكنبة لأنه يرفض تماماً أن يتقاسم معها أدنى حميمية بينما يجهل الكثير عنها وعن دوافعها للتخلص منه، لكن أشهر الحرمان الجسدي طيلة أشهر في قبيلة مفقودة في الألسكا كان يضغط على نزواته المتعطشة بشدة... أغمض عينيه بعنف يقاوم بجهد اللمسة الحانية ليدها على صدره.
"أحبك جوش"
فتح عينيه في الظلام واعي تماماً للمنحى الذي أتخذته لمساتها التي تزداد جرأة... ما هذا التعذيب... هل تظنه مصنوعاً من حجر؟ غرائزه المتوحشة والمكبوتة منذ مدة تطفو بشراسة إلى السطح وعليه إيقاف الاغراءات فوراً، أعتدل في جلسته مما دفعها للتراجع والجلوس بالمقابل أنار ضوء الشوفيه وما رآه قطع انفاسه بينما تغرق الغرفة في ضوء ذهبي طفيف.
"لا تُبعدني.."
يُبعدها؟ متى قاوم امرأة تجسد الإثارة... حيث العواطف تعصف بوجهها المحمر من الرغبة، كانت رائعة بخصلاتها الشقراء المتمردة والمتطايرة بشكل بهي حول وجهها وكتفيها ببشرة بيضاء صافية خالية من العيوب تظهر من خلال الدانتيل الخفيف لقميص نومها، جسد كامل يشبه التحف ممتلئ حيث يجب ونحيف أيضاً حيث يجب، أعاد نظراته إلى وجهها بعد أن تفقد منحنياتها بشراهة، التقت نظراتهما للحظات وشعر بمقاومته تضعف بينما تقلص المسافة بينهما وتضع شفاهها المغرية عليه.
ردة فعله آتت بدائية وخالية من الرقة، أدلف أصابعه خلف رقبتها ليقبلها بطريقة أشد إلحاحاً مما تقترحه شفاهها الناعمة، تأوهت بين شفاهه بينما تنزلق يده إلى كتفيها وتبعد على عجل حمالة قميص النوم.
"اشتقت إليك ..." همست آنجلا بصوت أجش بينما تحتدم عواطفهما لحد الانفجار.
لم يكن يملك جوشوا الوقت للرد على كلماتها، كان تائهاً وسط أمواج من نار وفقد السيطرة على حركات يده، مشاعره أنفجرت وفقد رباطة جأشه، لا يتذكر إنه عاش هذا الشغف البدائي مع امرأة من قبل.
دفعها على ظهرها بعدما خلصها من قطعة القماش المغرية واندفعت أصابعها إلى شعره تجذبه بعنف نحو وجهها، بينما يذوبان في قبلة حارة محتدمة ارتفع صوت الصغير الباكي في الارجاء، تجمدا مكانهما لثوانٍ قبل أن يشعر بملامسة يدها على وجهه.
"إنه 'أندريس جينيور'..."
"سوف أهتم به..." رد جوشوا وهو يقفز من السرير ويلتقط بنطاله الجينز يرتديه على عجل، بينما يتوجه إلى الباب الفاصل سمع صوتها الأجش خلفه.
"سوف انتظرك جوش... أرجوك لا تتأخر"
ما إن أغلق الباب خلفه حتى قفزت من السرير بدورها وتوجهت على عجل نحو خزانة ملابسها، أخرجت أشد ملابسها الداخلية أثارة قبل أن تدعك بشرتها بلوشن مغري... المفضل لزوجها.
تطلعت إلى نفسها في المرآة وبنفس الوقت تعدل خصلاتها الشقراء بشكل أفضل وتلامس شفاهها بملمع زهري، ابتسمت برضى قبل أن تعود إلى السرير تتحرق شوقاً.
لكن الدقائق تحولت إلى ساعة وجوشوا لم يعد، رغم كل الكلمات التي رددتها في عقلها فقدت صبرها، رمت الشراشف جانباً بنفاذ صبر والتحقت به في الغرفة الملاصقة بعد أن ارتدت روبها على اللآنجيري التي اختارتها بعناية قبل قليل.
كانت الغرفة غارقة في الصمت والأنارة الطفيفة التي تتركها عادة في الليل تسمح لها بالرؤية الشاملة، كان أندريس جينيور ينام بسلام في سريره، ذراعيه قرب رأسه وصدره الصغير يهتز بسرعة نظراً لتنفسه السريع، اقتربت من سرير ليلي ووجدت جوشوا يغط في نوم عميق يحتضن بغيرة جسدها الصغير.
أعمت الدموع عينيها وشعرت بألم ساحق يعصر قلبها، تراجعت إلى الخلف وانسحبت من الغرفة بكل هدوء.
ما إن أنغلق الباب بتكتم وحذر حتى فتح جوشوا عينيه التي التمعت خضرتهما في العتمة الطفيفة، أدلف أنفه في شعر أبنته المعطر واستنشق رائحتها الطفولية قبل أن تحتضنها ذراعيه بشكل اقوى.


أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 09-04-13, 12:12 PM   #34

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

القى 'فرانكو' نظرة قلق على رئيسه الذي يبدو مسترخياً في مقعده وهادئاً أكثر من اللازم، منذ ساعة لا ينفك المحامي على ترديد الكثير والكثير من الشروحات لكن النتيجة واحدة... على دراكو أن يبقى بعيداً عن محيط 'فلورانس ريتشي' بكيلومتر على الأقل.
فرانكو يعرف جيداً هذه النظرات الجليدية، دراكو يتآكل غضباً في الداخل، لكنه لا ينكر قوة ادواردو ريتشي على منصة محكمة، بسرعة البرق حصل على موافقة موثقة من السلطات بشأن حماية أبنة شقيقه... وإذا لم يحترم دراكو هذا الأمر فالعواقب ستكون وخيمة بلا أدنى شك... بالإضافة عليه دفع ثلاثمئة ألف يورو كغرامة للجميلة الحامل إذا لمحته في محيطها ولو مصادفة.
سمع فرانكو المحامي يقول بعصبية "لا يمكننا فعل شيء الآن سوى الانتظار... نستطيع الحصول على موافقة المحكمة لتحليل نووي... بعد الولادة بالتأكيد لأن قرار السلطات بشأن حماية خصوصيات فلورانس ريتشي غير قابل للتفاوض "
هز دراكو حاجبيه الكثين في حركة متهكمة يعرفها فرانكو جيداً سمعه يتمتم:
"غير قابل للتفاوض؟"
"دراكو..." تدخل فرانكو أخيراً بدى المحامي ممتناً لهذه المقاطعة "الأمر معقد لأنك رجل متزوج.. 'ادواردو ريتشي' لعب بإحترافية بفضل نقطة ضعفك"
منذ أسبوع لا يجد دراكو السبيل للحصول على معلومات تخص فلور، لكنه على الأقل يعرف بأنها ما تزال مختبئة كالفأرة في مزرعة عائلتها بأوكسفورد.
"إنه محامي ذو سمعة وهبة 'دون دراكو' " قال المحامي بصراحة "لكنه يتفق معك على إبقاء ما يحدث سرياً... ليس من مصلحة الجميع أن تكتشف الصحافة شيئاً"
ادواردو ريتشي سد في وجهه كل الأبواب بإختصار وهذا يجعله يكاد يفقد رشده من الغضب... للآسف... كلام المحامي صحيح لكنه يرفض تقبل الأمر.
ترك مقعده أخيراً أمام نظرات الرجلين المختلفة التعبير وسمر نفسه أمام الواجهة الزجاجية لمكتبه.
كان حانقاً لأنه ليس أمامه أدنى أختيار، من الممكن جداً أن يلعب مع فلور لعبة القط والفأر لو كانت ديامانتي خارج حياته، لكنه متزوج ولا يريد إخراجها بهذه السرعة من حياته قبل أن يحقق هدف جلبها مجدداً إلى صقلية.
إذا كانت فلورانس ريتشي وعمها المحامي يظنان بأنه محصور بسبب غرامة باذخة في حالة عدم أحترام أحد البنود فهما مخطئان... إن أراد رؤيتها فسيفعل... أين ومتى أراد.
الحرب ابتدأت اللحظة فحسب... وسينتظر ولادتها بفارغ الصبر.


أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 14-04-13, 11:03 PM   #35

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس عشر

 
مسح اليكس الغرفة بعينيه، كانت بعيدة عن غرفة نزيل مريض بل تشبه باقي غرف الفنادق الفاخرة التي يتردد عليها عادة، سرير مريح بشراشف من الدانتيل، سجاد وثير أزرق ملكي يتناغم مع الوان الباستيل للجدران حيث عُلقت لوحات تعكس فوضى أحاسيس الفنانين التشكيلين، مكتب مصقول في أحد الأركان حيث وضع حاسوب نقال و فنجان من القهوة مايزال فوارا.
سمع صوت اغلاق الباب خلفه و استدار ليواجه نظرات شقيقه الأكبر الباردة.
" مالذي أتى بك أليكس؟؟"
ماذا الذي أتى به؟؟ سؤال بديهي بالتأكيد...
لم يأخد الطائرة الى سويسرا في سبيل الاستجمام و التمتع... آتى لأنه يرغب حقا بهذه المواجهة.
منذ أن أخبرته 'آنجلا' بأن 'لينيتا دا ماتا' سبب اختفاء 'مارك أنطونيو'، أول ردود فعله كان الغضب من والدته التي أخفت عنه أمرا هاما مماثلا، هذه الأخيرة طارت الى ايطاليا مع التوأمين و بيلا بعد نهاية الأسبوع مباشرة، أخد عنوان المصح من والده لم يكن سهلا بالمقابل، لكنه تمكن من التفاوض... و التفاوض مع ادواردو ريتشي مريع.
تأمل شقيقه، لقد أمضى أياما في هذا المكان ولا يبدو بحالة جيدة، كان شعره أطول من المعتاد مُهمل قليلا، لحية ثلاثة ايام تظلل فكيه و عيناه محمرتان و كأنه لا يحصل على القسط الازم من النوم... كان يبدو في حالة يرثى لها.
" أعرف بشأن 'لينيتا'... أنا سعيد لأنها حية"
تخلى شقيقه على حذره و دفع أصابعه بين خصلات شعره الطويلة.
" شكرا لك... لم يكن من داع أن تأتي حتى هنا... كنت اكتفيت بالإتصال"
" ما أريد قوله ..." شعر بالتوثر للطريقة الجليدية التي عاد شقيقه يرمقه بها " لا يقبل نقاشه عبر الهاتف"
مرت لحظات الصمت بينهما، كان يستفز أعصابه بهذه النظرات الزرقاء الخالية من التعبير، يكاد يقسم بأنه على دراية تامة بأهذاف زيارته.
لم يسهل عليه هذا الاخير طريق الدخول الى الموضوع، لكنه قرر ان يكسب بعض الوقت.
" متى ستغادر هذا المكان؟"
" عندما تتقبل 'لين' وجودي مجددا في حياتها..."
هز رأسه متفهما.
سبق و تجرع عذاب جراح القلب، في البداية تمزقت روحه بسبب 'اليسيا'، ربما كان عذاب ضميره أقوى، لام نفسه طويلا جدا بسبب موتها وعانى مع اعاقته التي اعتقد بأنه يستحقها لأخر أيام عمره، ثم دخلت 'ايزابيلا' الى حياته... بيلا حبيبته بيلا... حفيدة السائس ثم علمته بأن الحياة تستحق أن نعيشها و نستغل كل دقيقة منها، بفضل تجربتها الخاصة مع اعاقتها قبل الخضوع لعملية دقيقة جدا في عموده الفقري و آمن بنجاحها بشدة، لم تخدله الأقدار و نجح... ثم سمح لها بالتغلغل أكثر في روحه، كان يقتله الفضول ليكتشف الوان أخرى من الحب بين ذراعيها، ظن بأنه سيلعب بالنار دون ان يتأدى... بأن التحدي الذي فرضه على نفسه سيربحه... لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن.
" هل سيستغرق الأمر ... الكثير من الوقت؟؟"
هز مارك كتفيه و أظلم الحزن نظراته قبل أن يهز دقنه و يستعيد سيطرته على مشاعره:
" سأبقى معها حتى و ان تطلب الأمر كل العمر..."
" كنت لأتصرف بالمثل لو عادت 'اليسيا'..." عقب كلماته الصمت، لكنه أكمل بلا تفكير" لكنها لن تعود..."
منافق قذر.
بلع مارك كلماته التي كان يتحرق لقدف شقيقه الصغير بها.
عندما أعلمته الممرضة بأن هناك زائر من أجله ذهب عقله فورا الى والده، هذا الأخير يتصل به يوميا ليعرف أخباره و رغم برودته اتجاهه الا انه لم ييآس و تابع اتصالاته.
لكن ما ان تعرف على اليكس حتى تكهن نوع أهذاف الزيارة... ايزابيلا.
حياته في الأيام الأخيرة لم تكن سهلة... بتعبير أوضح كانت كابوس و جحيم حقيقي.
الطبيب 'روس' المشرف على 'لينيتا' يمنعه كليا من الاقتراب منها، يقول بأن سلسلة العلاج بدأت و بأن هذه الأخيرة تتقبل فكرة كونه حيا لكنها ليست مستعدة بعد لرؤيته... برأي الطبيب ماتزال هشة... برأيه عليه انتظار مجيئها بنفسها اليه.
وهو يمضي وقته بين حاسوبه و احباطه، متى ستتقبل 'لين' اقترابه منها أخيرا؟؟ متى سيتمكن من أخدها معه الى ايطاليا؟؟
أخبرته 'كاثي' أمس بأن طبيب نفسي يزور التوأمين يوميا... هذا الطبيب قدم نفسه على اساس صديق العائلة، الخبر الرائع أن 'جو' سقط في فخ الأسئلة و الاجوبة... رالف مثل المعتاد... حذر من لعبة 'لو أن'...
" بما أن 'لين' حية..."
سمع اليكس يقول و هو ينظر الى عينيه مباشرة:
" ماذا ستفعل بشأن... بشأن ايزابيلا؟؟ أنت مضطر لفسخ الخطوبة في هذه الحالة"
شعر بالغضب يشتعل في شرايينه.
كان حانقا على اليكس، وكانت له خطط محددة بشأنه في زيارته الأخيرة الى المزرعة بأوكسفورد... لكن كل شيء انتهى قبل ان يبدأ و ترك ورائه خطيبته التي دافعت عن نفسها بشراسة... لكن صبره نفذ حقا مع الأيام الحالكة السواد و التي أمضاها في المصح بجانب امرأة يذوب بحبها و تنفر منه.
" نعم أنا مضطر... " رد ببرود " كانت مرشحة مناسبة... لأنها تجسد كل ما يأمله الرجل في المرأة... أتمنى أن تجد فارس أحلامها، يحبها و يحافض عليها و يحميها، لا سافل... متجرد من الأخلاق... يحطم قلبها"
اذا كانت كلماته قد أخدت اليكس على حين غرة فلا شيء خذل ملامحه التي بقيت ساكنة أمام اتهاماته... رباه كم يشبه والدهما في هذه اللحظة... سمعه فجاة يقول بثقة اشعلت حنقه اكثر:
" بغض النظر عن كل اتهاماتك... أنا مغرم بها"
الكلمة كانت القشة التي قصمت ظهر البعير، لم يفقه الا عندما ارتطمت قبضته بفك شقيقه الذي فقد توازنه و سقط أرضا قرب قدميه بينما ارتمت عصاه بعيدا عنه، راقبه برضى متوحش يدعك فكه التي تورمت حالا و بالسائل القاني الذي تسلل من أنفه.
" تملك طريقة غريبة للحب أخي ..." التقطه من ياقة قميصه التي تلوثت بقطرات طرية حمراء و تطلع مباشرة في عينيه الخاليتان من التعبير:" دفعتها لبلع ثلاثة و تسعين حبة مهدأ أيها السافل و تدعي بأنك تحبها؟؟"
بينما يستوعب 'اليكس' معنى كلامه أدمى أنفه للمرة الثانية، لكن هذا الأخير لم يقع أرضا هذه المرة، عنف اللكمة نجح بإبعاده عدة خطوات فحسب ... بقي يتواجهان كعدوين، مارك يهتز صدره بعنف بسبب أنفاسه المتلاحقة بينما اليكس يتطلع اليه و كأن السماء اتت على الإنهيار فوق رأسه:
" مـ... ماذا؟؟"
" كان عذابها أكبر مما يمكنها تحمله..." تمتم مارك بإشمئزاز وهو يجبر نفسه على الهدوء، رؤية وجه شقيقه المتورم بسبب مهاجمته دفعته للتراجع " حاولت وضع حدا لحياتها بسبب علاقتك الأخيرة مع تلك 'الميس' في ايطاليا... كنتُ هناك في الوقت المناسب ... رباه... كانت مستلقية وسط حوض اللإستحمام فاقدة الوعي..."
" لا..." تمتم اليكس بذعر وهو يتراجع الى الخلف وقد شحب وجهه.
" لا تتنفس وضغطها منخفض" تابع مارك بإتهام وهو ينظر اليه بإحتقار" بلعت ثلاثة و تسعين حبة مهدأ... لو لم اصل في الوقت المناسب لكانت متعفنة تحت الأرض في هذه اللحظة... هل هذا ما تسميه حب أيها السافل؟؟"
لم يرد اليكس، كان مصدوما لدرجة دفعت تلقائيا مارك لتخفيض الحدة في تصرفاته و صوته، حسنا لقد حقق حلمه بإبراحه ضربا، و الأن حان وقت التصرف بطريقة مسالمة، بلإضافة يده تؤلمه بشدة بسبب اللكمتين التين وجههما لأليكس، راقب هذا الأخير ينهار على السرير و يأخد راسه بين يديه بينما توجه هو الى البراد الخاص و أخرج كيس من الثلج، رمى ببضع القطع في منديل و لفه قبل أن يعطيه الى أليكس الذي أخده ليدعك به فكه، فعل الشيء نفسه ليده المتورمة و أخد مكانه بجانب اليكس الغارق في الصمت:
" أعرف بأن 'بيلا' مجرد مغامرة بالنسبة اليك كما سالفاتها... لكنها آمنت بشكل او بآخر بهذه المغامرة... رغم مرورها قرب بوابات الموت نطقت بإسمك ما ان فتحت عينيها و عادت الى وعييها، كانت تأمل رؤيتك في غرفتها في المشفى بدل رؤيتي..."
" أنا آسف..."
عندما عاد ينظر اليه كان وجهه غارقا في الدموع، بدى كطفل صغير زجع و متألم، اقطب مارك بعدم تصديق، هل أليكس من يبكي حقا في هذه اللحظة..؟؟ هل يعقل أنه أخطأ بشأنه؟؟... أليكس و البكاء متناقضين منذ الازل.
" أنا آسف... آسف..."
تجرأ بطرح سؤال بدى له مستحيلا:
" هل تحبها حقا؟؟"
هز راسه بالموافقة مما دفع السكينة الى قلب مارك... اليكس مغرم؟ أي معجزة هذه.
" لماذا تركتها اذن؟؟"
" لأنني مصاب بالصرع... كدت أقتلها ذات ليلة، تركت بصمات أصابعي على عنقها... رباه... كان الأمر فضيعا... لكنني لم اتوقع أن أدفعها للموت بشكل أو بآخر..."
بدأ مارك يفهم بينما ينفجر اليكس في تفسيرات و شروحات محتدمة و مثقلة بالعذاب، كان متألما بشدة و بدأ مارك يندم لأنه تصرف بعدم تفكير وقد اعماه الحقد سلفا على شقيقه الصغير.
" اريدها أن تعود الى حياتي..." مد مارك منديل ورق الى اليكس الذي مسح دموعه الممتزجة بالدم وقدف بشعره الأشقر الى الخلف " لكن ليس الأن... سبق وحددت زيارة أولي لطبيب خاص في الولايات المتحدة، سأخضع للجراحة و أرى طبيبا نفسيا كي أتخلص كليا من الماضي و أبدأ صفحة جديدة مع بيلا".
سقاه مارك شرابا خاصا، قبله بلا تردد و كشر بقوة بسبب مذاقه القوي.
" كان يجب أن تسلك طريقة أقل حدة مع بيلا... الم تفهم بعد بأنها فتاة استثنائية؟؟"
هز أليكس راسه و ابتسم بمرارة.
" لهذا أغرمت بها ... لأنها فتاة استثنائية" عاد يدعك فكه بالثلج و تغلفت نظراته للحظات بظلال قاتمة و غاب في افكاره ثم اطبق الصمت.
انهى مارك كأسه قبل أن يقرر الافصاح عما يدور في خلده:
" لا تفقدها اليكس... لن يكفيك العمر لتندم صدقني، صارحها و اقبل دعمها لأنها متيمة بك و حاقدة... اكسب ثقتها مجددا " بعد تردد لامس ركبة شقيقه بيده في حركة مشجعة " قد يكون لتهورنا نتائج مريعة، تصرفاتك مع بيلا تشبعت بالانانية، اقترحت مساعدتك لكنك طردتها ككلبة شارع و لم تلثفت نحوها بعد ذلك... ربما حان الوقت لتصحح خطأك"
هز اليكس رأسه بالنفي و تمتمت بصوت اجش:
" لا أظنها ستسامحني بسهولة... اسأت اليها في المزرعة مؤخرا ... كنت أموت غيرة و تصرفت بحقارة "
" اليكس..."
" سوف أصحح الوضع بطريقتي" قال بصرامة و هو يغادر مكانه و يرمي منديل الثلج الملوث بالدم في القمامة " أمامي طريق طويل جدا قبل الحصول على قلب 'بيلا' مجددا فقد آذيتها بشدة... سأبدأ بكسب ثقتي بنفسي قبل ثقتها..." أخد نفسا عميقا و تابع " والدتي اصيبت بالرعب عندما اخبرتها عن ميلي لحفيدة السائس"
" اتصور ذلك..." قال مارك مبتسما بتفهم للمرة الاولى" لطالما كنت مدللها و تشعر بأنك ملكها"
" والدتي تقتلني 'مارك'... حبها و حمايتها الزائدة يخنقني" توقف قليلا مفكرا ثم استطرد فجأة بجدية" مازلت اشعر بالهشاشه بسبب صعوباتي النفسية و من الخطأ استئناف العلاقة مع 'بيلا' في هذه الظروف لأنني سأفقدها بسرعة...لا اثق بأمي و لن أحميها كما يجب... احتاج للوقت"
" كما كنت احتاجه أنا..." قاطعه مارك بصوت مثقل بالمرارة" وعندما قررت أخد زمام الامور انفلتث هذه الأخيرة من يدي ووجدت نفسي أتعس من كلب شارع متشرد... اليكس... انسى التعقيدات و لا تفكر... تصرف فحسب"
راقبه مارك يتردد بالرحيل بعد أن وصل الى الباب، يده على القبضة و رأسه منحني بين كتفيه، طوال عمرهما معا لم يرى أليكس مهزوما و فاقد السيطرة على عواطفه بهذا الشكل... طالما كان ممثلا قديرا بإخفاء مشاعره... طالما كان الصورة الثانية لإدواردو ريتشي.
" هذه الخطبة..."
قاطعه مارك بعد أن أدرك اهذاف السؤال:
" أنا من أصر عليها ووافقت بعد رفض طويل... صدقني اليكس... لو لم تكن مغرمة بك ولو لم تعد لينيتا الى حياتي لم أكن لأتمنى غيرها سيدة قصر الدوقية و أم أطفالي"
لم يجب اليكس اقتحم اخيرا حدود الباب و تركه في وحدته و أفكاره.
***
أركن أندريس سيارته الجاغوار أمام باحة 'ستارهاووس' في الوقت نفسه الذي هبطت آنجلا الدرجات الواسعة الرخامية ببعض السرعة المتلهفة، أقطب بينما ينتبه لملامح وجهها المشدودة و نظراتها الشبه تائهة.
لم يكن غبيا... يدرك الجحيم الذي تعيشه زوجة ابنه و التي تفعل ما تستطيع للمحافظه على زواجها بينما الغبي يختبئ الى الأن وراء جبال من الأوهام، نومهما في غرفتين منفصلتين أضحى رسميا، و بينما يتعلق بآمال تراجع جوشوا عن عدائيته نحو زوجته و يعيد التفكير بشأنها يجد هذا الأخير يبالغ في البقاء خارج البيت أكبر مدة ممكنة، حتى أنه اقترح استئناف الأسفار لكن أندريس رفضا قطعا.
لن يغادر البلاد مادامت الشرطة بعيدة عن ايجاد المذنب في الحاذثة السابقة.
" آنجلا...؟؟"
" آه... 'عمي آندريس' اعذرني كنت شاردة..." وقبلته على وجنته كإبنة بارّة.
" مالذي يستعجلك الى هذا الحد؟؟"
تنهدت و ابتسمت، غمازتاها دكرتاه بإدواردو الذي قال له وجهة نظره بشأن ابنه قبل أيام... اسوأ كوابيسه ان يرى آنجلا وحفيديه يغادران ستارهاووس لغير رجعة.
" اتصلت والدتي بي و طلبت مني أن أعرج على شقة خالتي فرجينيا... لا أخبار عنها وهي قلقة بشدة بشأنها... الأمن أكد لها بانها لم تغادر شقتها، كما انني يجب ان أعود بسرعة لأرافق 'ليلي' الى معهد الرقص الكلاسيكي"
أقطب أندريس جبينه.
منذ الألسكا لم تلتقي طريقه بطريقها، فعلت تماما ما طلبه منها و تنحت من حياته، خلال هذا المدة حاول لقاء ابنته بلا جدوى... هذه الأخيرة ترفض أدنى تواصل معه، فقرر الانتظار ... انتظار الوقت المناسب للمحاولة مجددا.
لا ينكر بأنه يفكر بإستمرار بفرجينيا رغم فضاعة ما فعلته... ومالجديد؟؟ كان يتسائل عندما يحن أكثر قلبه اليها... مالجديد في استمرار سلسلة العذاب التي احترفاها منذ سنوات طويلة جدا.؟
" ان كنت منشغلة مع 'ليلي' أستطيع زيارة فرجينيا و الاطمئنان عليها..."
تطلعت اليه آنجلا ببعض الشك ثم بللت شفاهها بلسانها مترددة:
" ظننتك غاضب منها...في الالسكا قمت بطردها"
" متى لم أكن غاضب من 'فرجينيا'؟؟؟ " ثم عاد يفتح باب سيارته و يشير الى مبنى ستارهاووس " اهتمي بحفيدتي و سأتفقد خالتك و أطمئن كاثرين..."
" هل أنت متأكد؟" سألت بظل من الشك.
هل هو متأكد؟؟ مواجهة فرجينيا في هذا الوقت آخر مايريده بينما يمر بأسوأ أيامه مع ابن يرفض رؤية الأمور بمنضار التعقل و تهديدات ادواردو المبطنة بشأن ابنته... ثم... فلورانس التي ترفضه في حياتها.
" تستطعيني الاعتماد علي..."
" شكرا لك عمي" ثم عادت أذراجها بنفس السرعة التي أتت بها بينما هو أدار المحرك و انطلق بصدر مثقل بالقلق.
المبنى الذي يحوي شقة فرجينيا في قلب لندن، التفاوض مع الامن لم يكن معقدا ترك معلوماته الخاص قبل ان يأخد المصعد للطابق الأخير .
لاحظ ان أصابعه تعتز قليلا من العصبية بينما يضغط على الجرس الذي تردد خلف الباب الانيق مدويا... تحولت الثواني الى ساعات بسبب عصبيته و احتبست انفاسه بإنتظار الرد بدون جدوى. عاد يضغط على الجرس مرة مرتين قبل أن يتملكه القلق... ربما... ربما رحلت من 'لندن' دون ان تخبر أحدا.
لماذا الامن متأكد بأنها داخل شقتها؟
بعد دقائق كان الحارس معه يفتح الباب بالنسخة الثانية للبطاقة الألكترونية.
اقتحم المكان ما ان انفرج الباب و فسح امامه مساحة بهية الديكور و شاسعة، تفقد بعينيه الضيقتين الاثاث الكريمي و الجذران العارية من اللوحات، كل شيء كان في مكانه سوى كأس مكسور على الارض..
توجه بلا وعي نحو أحد الغرف على أعقابه الحارس، كانت غرفة نوم فسيحة الاغطية منزاحة جانبا بينما تمدد جسد امرأة بقميص نوم بلا حراك... اول ردود فعله كان التقاط البطانية و ستر الساقين السمراوين التين لم تفقدا شيئا من رشاقتهما ولا جمالهما... جلس بالقرب منها على السرير، كانت عينيها مفتوحتين تنظران مباشرة الى النافدة المنفرجة.
" اتيت أخيرا..." سمعها تهمس بصوت منخفض مليئ بالمرارة.
" لما لا تردين على أحد..." امتدت اصابعه الى الخصلات الحالكة السواد ليزيحها من وجهها " حسبت ان مكروها اصابك..."
" المكروه اصابني بالفعل منذ أشهر... اجد نفسي وحيدة و تعسة"
الحارس كان مايزال مسمرا مكانه هز نحوه اندريس رأسه يأذن له بالرحيل، عندما اصبحا بمفردهما تخلص من سترته ووضعها على ظهر احد المقاعد قبل ان يشمر على ساعديه.
" متى اكلت آخر مرة؟"
" لا أدري... لا رغبة لي" تمتمت و هي تغلق عينيها.
وجهها كان شاحبا، متناقضا مع لون شعرها الغامق، راقب اصابعها تقبض بقوة على الشراشف فوقها.
" لست مضطرا للبقاء"
" للاسف نعم..." قال ببرود " سبق واهتممت بي في 'الالسكا' و لا اترك ديوني بدون تسديد..."
كان يغلي غضبا بينما يتوجه نحو المطبخ الأنيق الذي لمحه عند دخوله، فتح بضع جوارير و أخرج عدة مسلتزمات قبل أن يفتح البراد الفارغ تماما الا من علبة حليب كاملة الدسم و ثلاث بيضات.
أخرج هاتفه النقال و طلب سائقه، بعد اقل من ثوان كان قد ردد عليه القائمة بالأطعمة التي عليه جلبها من البقال، بإنتظار ذلك صنع عجة من البيض و البصل وو ضعها في صحن مع خبز محمص وفنجان قهوة بالحليب، رتب الكل على طاولة الطعام قبل أن يعود الى غرفة النوم و يزيح الأغطية على فرجينيا التي عادت تستسلم لنوم مرضي.
" انهضي..."
" اتركني و شأني..." لكنه انحنى فوقها و حملها بين ذراعيه، كانت ضعيفة وغير قادرة على المقاومة، لما تهمل نفسها بهذه الطريقة؟ اندريس لا يصدق استسلام النمرة الشرسة التي حاربته بضراوة طيلة سنوات عمره.
تجاوز عتبة الحمام ووضعها على قدميها، ترنحت قليلا و اغمضت عينيها و كأن دوار عنيف الم بها، التقط قفاز الاستحمام ووضعه تحت حنفية الماء الدافئ قبل ان يغسل وجهها و عنقها، تركت نفسها ليديه و لم تعترض الى ان انتهى من انعاش بشرتها بالماء... التقط روب الاستحمام ووضعه عليها قبل أن يغلق الحزام بحدة أكثر مما تمنى... في الحقيقة... كان يموت رغبة بلوي عنقها.
نظرت اليه ببعض الضعف لكن عينيها لمعتا ببعض التحدي الضئيل.
" اعرف بأنك تكرهني... " سمعها تقول بنبرة جافة " آخر مكان تتمنى التواجد فيه هو هنا..."
" هذا صحيح... آخر مكان أريد التواجد فيه هو هنا..."
عاد يحملها بين ذراعيه، وعندما وضعها على منضدة الطعام تصلب وجهها بإشمئزاز.
" هل تنوي تسميمي...؟؟"
" ليس اليوم على الأقل..." رد أندريس ببرود وهو ياخد قطعة من العجة بشوكته و يدسها بلا رقة بين شفتيها " كلي 'جينا'..."
تنهذت بضعف و استسلمت، مضغت ما في فمها لعدة مرات قبل أن تبلعه بصعوبة، لم يتركها الا بعد أن أطعمها الصحن بأكمله، دفعه جانبا والتقط فنجان القهوة ثم وضع حافته بين شفاهها.
" أشربي..."
" لا أريد..." اعترضت بينما معدتها تهدد برمي كل ما ابتلعته للان.
" جينا" تنهذ ووضع الفنجان جانبا بينما يلاحظ تغضن وجهها الذي أخده بين يديه لينظر مباشرة في عينيها " قاومي رغبتك في التقيؤ... يجب أن تحتفظي بالأكل في معدتك لأكبر مدة ممكنة."
هزت رأسها موافقة، متأثرة بنغمته الصادقة و نظراته المترجية، ارتشفت بضع جرعات صغيرة من قهوتها قبل أن تتراجع في مكانها، وهو لم يصر و ابعد مجددا فنجان القهوة.
" جيد ... سوف تشعرين بتحسن بعد قليل... هل تريدين ان اعيدك الى السرير؟"
" هل سوف ترحل؟"
" لن اتركك ابدا..."
تنهدت بإطمئنان و احاطت عنقه بذراعيها بينما يحملها مجددا بين ذراعيه، وضعها على الكنبة في الصالون بعد ان رفضت العودة الى سريرها ثم وضع شرشف خفيف عليها و دفع خصلاتها المتمردة الى الخلف.
" حاولي النوم قليلا..."
ارتجفت ابتسامه تعسه في زاوية شفتها و امسكت يده قبل أن يبتعد.
" تعرف بأنك لست مجبرا على البقاء هنا... "
شد بأصابعه على يدها المتجمدة و شعر بإنقباض حاد في صدره بينما تلتقي عيناه بعينيها المعميتان بالدموع، رن جرس الباب عاليا معلنا عن وصول سائقه فأجابها بصوت اجش.
" نعم أعرف.."
ثم استوى في وقفته و توجه الى الباب ليفتحه.
***
أبعد مارك أنطونيو عينيه عن الحاسوب النقال و عن الأرقام التي غاص فيها لساعات لا يذكر عددها عندما سمع طرقات خفيفة على باب غرفته.
" أدخل..."
ترك أصابعه على مفاتيح الحاسوب بينما التصقت نظراته الشبه فارغة على الباب.
هل هي الممرضة أم الطبيب عادا ليقنعاه مجددا بأن بقائه في المصح بلا نفع؟؟
ربما يقولان الحقيقة... ربما لينيتا ما تزال تعاني بسبب بعض الاضطرابات النفسية الحادة لكنها طبيعية في أغلب الأحيان... انه يتفقدها من بعيد عندما تكون في الحديقة، يراها تكتب بلاتوقف في دفتر يخص المصح و يتحرق في كل مرة ان يدلف نفسه بين السطور ليعرف مالذي تكتبه بذلك النهم... بذلك الجوع.
ربما لمحته امس بينما يحوم حولها كما سبق و منعه الطبيب، نظراتهما التقت لثانيتن قبل ان يختفي مخافة ان تصاب بأزمة.
لدهشته وعندما عاد لغرفته تفقدها من النافدة ووجدها قد غادرت الكرسي الذي كانت تجلس عليه و تتفقد المكان الذي كان هو فيه قبل لحظات و كأنها تبحث عنه بيأس... الخيبة التي ارتسمت على وجهها الجميل دفعه للتوجه مباشرة لرؤية الطبيب... كان مفعما بالأمل لكن هذا الاخير طلب منه الانتظار.
عاد الى الواقع بينما ينتبه بأن الطارق لم يدخل بعد فكرر بصوت مرتفع قليلا.
" أدخل..."
بعد ثوان انفرج الباب ببعض الخجل و افصح ببطئ على زائره، تسمر مكانه و شعر بأن قلبه توقف عن النبض لثوان قبل ان ينطلق في عدو سريع و عنيف.
" لين..."
***
أغلق 'دراكو' باب غرفة النوم خلفه بهدوء، عينيه ملتحمتين بالجسد الممدد على جانبه الأيمن، الشعر الغجري الطويل المنتشر فوق الوسادة البيضاء، كانت الغرفة منارة بفضل الاشعة القوية للشمس التي تخترق الشرفة الواسعة للمكان.
كانت بيانكا فوق السرير مكورة على نفسها مثل الجنين ، ترتدي شورت قصير من الجنز و كنزة حمراء بدون أكمام، تبدو بصحة جيدة... لكن الواقع بعيد عن المظاهر، عاد من 'باليرمو' بسرعة عندما ادرك بأنها تعرضت مجددا لأزمة.
" هل هذا أنت دراكو؟؟"
" انه أنا حبيبتي"
دون ان تستدير نحوه سمعها تهمس بصوت مختنق.
" تعالى بقربي... انا بحاجتك"
شعر بقلبه يتمزق بينما يأخد مكانه ورائها و يلفها بذراعيه و يحتضنها بشدة و كأنه خائف على فقدانها.
استنشق عبير شعرها المألوف و احتفظ بأنفه مطولا بين خصلاتها المعطرة و الشديدة النعومة.
" أحبك..."
سمعها تهمس بينما يديها تحيطان يديه على خصرها و تشدهما بقوة و كأنها تترجاه بخفث ان يخلصها من عذابها.
" أنا أيضا أحبك" همس قرب ادنها قبل ان يقبل رأسها طويلا و يقول " سوف نعود الى التايوان... سيكون كل شيء على مايرام 'آنجلو ميو' ( ملاكي) "
" أظن بأنني بدأت أفقد الأمل..."
" لا..." خرج صوته أعنف مما تمنى، شد عليها اكثر الى ان شعر بحرارة جسدها تتسلل الى شرايينه " اقسم ان تُشفي 'بيانكا'..."
لم ترد و اكتفت بمداعبة يده بإبهامها الصغير بينما استرسل هو في كلمات حانية مشجعة كما آلف منذ سنتين بالضبط.
كيف يعقل ان تصاب بإنتكاسة بعد ان بدأت بالتجاوب مع 'الكلية' الاخيرة التي تم زرعها بمهارة في 'التايوان'؟ ينصحه الطبيب بعدم القلق، يقول ايضا بأن صعوبة في التنفس التي اصابتها تم التعامل معها، و ان عمل ديامانتي التي قامت بالعلاجات الأولية جائت بنتيجة، لحسن حظ الكل أنها هنا... منذ بضعة ايام صارت المرأتين صديقتين و بالكاد تفترقان و عندما اصيبت بيانكا بالتوعك كانتا معا على الشاطئ و تصرفت زوجته بمهنية و احترافية.
مرض بيانكا بدأ بدفعه للجنون كما يدفعها هي نفسها... عانت طويلا جدا مع
الحمية الغذائية، الأدوية، الغسيل الكلوي، رغم استعداده بمنحها كليته الا أنهما غير متوافقين و كان النقل ليفشل، قائمة الانتظار طويلة... وعندما لمح الأمل أخيرا ووجدو متبرعا و نجحت العملية الدقيقة التي قام بها أشد الأطباء احترافية في 'التايوان' تبدأ هذه العوارض اللعينة بالظهور... مسد على شعرها... ان فقدت الأمل فسيصبح أمر شفائها مستحيلا، عليها ان تؤمن بنفسها
" سوف نطير الى 'التايوان' كل شيء جاهز... سيرافقنا طبيبك الخاص و ممرضتك"
" ماذا عن تجديد عهود زواجك؟ لن تبدل خططك من اجلي..."
" انت اهم من اي شيء في العالم... يستطيع الزواج الديني الانتظار"
عاد الصمت... شعر بجسدها يتشنج تحت ذراعيه، غرز مجددا انفه في شعرها و استنشق عبيره بنهم... ان حذث لها مكروه فسوف يموت.
" هل ستأتي ديامانتي معنا؟؟"
أقطب دراكو، آخر ما يريده هو تحمل تواجدها في 'التايوان' أيضا، على الأقل هنا يضع بينهما اكبر مسافة و لا تزعجه بظهورها الذي يذكره بإستمرار بخيانتها له.
" دراكو؟؟"
" أمممم..."
ثم تقلبت بصعوبة في مكانها لتواجهه، اتكأ على مرفقه ودفع الى الخلف خصلاتها المتمردة.
" أحيانا... أشعر بأنك تكرهها " أمام تصلب ملامح وجهه أردفت " أرى الطريقة التي ترمقها بها... أشعر بنفورك و تصنعك ... اذا كنت تحتقرها لما اعدتها الى حياتك اذن؟؟"
" لا أريد التحذث بالأمر حبيبتي"
" أرجوك..." لامست فكه الملساء و ابتسمت بهشاشة مزقت روحه " ان جلبتها الى هنا بسببي فأعلم بأنني أرفض تماما هذا النوع من الاهتمام... ان جلبتها لأنها ما تزال تهمك كإمرأة و ترغبها... فيسعدني ان أخبرك بأنها تعجبني أيضا"
التقط أصابعها و ضغط عليهما طويلا بشفاهه دون أن يرد.
ديامانتي تهمه كإمرأة؟؟ ربما فيما مضى... لكن الأن كل مايهمه هو استراداد كرامته و الانتقام منها...كلما سقطت عيناه عليها كلما تفاقم غضبه و إحتقرها.
طرقات خفيفة على الباب جعلته يهز راسه بإتجاهه، قبل أن يرد فتح هذا الأخير و ظهرت الشقراء الهيفاء على العتبة... كالمعتاد... تشع حُسنا... تتحدى أشعة الشمس المتدفقة من الشرفة بجمالها...غريب أن هذا الأمر لم يعد يؤثر على حواسه كما السابق، فيما مضى ظن بأن حياته فارغة بدونها.
هز حاجبيه الكثين بينما يرى الصدمة و الحرج الذين ارتسما على وجهها و الذي غرق في حمرة قانية قبل أن تتراجع في مكانها الى الخلف... بالتأكيد يستطيع تكهن فيما تفكر... هو و 'بيانكا' في سرير واحد .. متشابكي الاذرع وفي وضع حميمي جدا، زم شفتيه بإشمئزاز بينما تلتقي نظراتهما... كيف تدعي الخجل و الطهارة بينما أدفئت سرير 'نيوس ليونيداس' لأشهر طويلة و منحته ما يحق له شرعا؟؟... الساقطة السافلة... فليكن صريحا مع نفسه، يشعر بنشوة شيطانية بينما يرى التعاسة في ملامحها كلما تطلعت اليه بعينيها الكبيرتين التين سلبتاه لبه في الماضي، لقد تفنن بتعذيبها و ارهاقها نفسيا مؤخرا لكنه ليس مكتفيا للان... يريد المزيد.
" ديام... ادخلي" سمع 'بيانكا' تقول بصوتها اللطيف المعتاد وهي تحاول الجلوس بشكل أفضل.
" آه كلا... سأعود فيما بعد "
ثم أغلقت الباب و تركت بيانكا متجمدة في مكانها، قبل أن تطلق زفرة طويل و تنظر اليه :
" الحق بها أرجوك..."
" بحق الرب لما يجب ان افعل ذلك؟"
أمام ملامحه الجامدة وجوابه الجاف و القاسي أضافت متوسلة:
"على الأقل أشكرها عما قامت به من أجلي في الشاطئ "
***
الكثير من الذكريات الغريبة اندفعت في رأس 'لينيتا' بينما تلتقي عينيها بعينان زرقاوين طالما زارتا مخيلتها، لكن رغبتها في الفرار و الاحتماء بغرفتها اختفت... كما أخبرها 'روس' طبيبها و صديقها.. عليها وضع حد بين الواقع و الخيال.. تريد فحسب أن تتأكد بأن الرجل الذي يقطن في الغرفة المجاورة لغرفتها هو نفسه الرجل الذي يعذب سكينة روحها منذ مدة طويلة.
نصحها 'روس' بأن تواجه مخاوفها بدل الفرار... وهذا ما تفعله... عليها التأكد بأنه مارك أنطونيو... بأنه حي يرزق و لم يختطفه الموت منها.
مسحت وجهه بعينيها و شعرت بمشاعر مألوفة تطفو على السطح، راقبت خصلاته الذهبية الأطول مما تتذكره تلامس جبينه العريض، وجهه الوسيم لم يتغير شيئا منه و عيناه المعبرتان جدا تتطلعان اليها بتعبير لا تفهمه، أبقى مسافة بينهما ولم يتحرك من مكانه... هل يخشاها؟؟ هل يظنها وهما كما آمنت لمدة طويلة..؟؟ راقبته يقف مكانه دون مغادرته حقا... تسلل بعض الشحوب الى وجهه و أحست بلإحراج للموقف الذي هيأت نفسها له منذ بعض الوقت.
" أنا آسفة ان كنت أزعجك... تبدو منشغلا"
" لا ... لا تذهبي" استوقفها بشدة مما دفعها للتخلي عن رغبتها في الذهاب.
بشجاعة تقدمت نحوه، كان من اللباقة بأن يفعل الشيء نفسه، وعندما صار بينهما خطوة واحدة قررت الارتماء في الماء و خوض الموضوع:
" قد تستغرب وجودي هنا".
" لا مطلقا..." سمعته يرد بصوت مثقل بالمشاعر، لمحت موجة من الحزن في عمق نظراته الزرقاء " كنت أنتظر هذه الزيارة بفارغ الصبر"
" أخبرني 'روس' بأنك حقيقي... بأنني لا أهذي" بدأت بصوت متردد، تخشى من ردة فعله، ماذا لو أخطأ روس أيضا؟؟ ماذا لو كان القاسم المشترك الوحيد بين الشخصين هو هذا التشابه القوي؟؟ ماذا لو أفاقت على نفس الحقيقة المرة بأن مارك حبيبها ميت مع طفليها؟؟
رأته يتطلع اليها ببعض الإصرار، فجأة قطع المسافة بينهما و أخد يدها ليضعها على فكه الخشنة، أغمضت عينيها تحت وطأة مشاعرها القوية التي عادت تهاجمها بشراسة، الاحساس ببشرته الدافئة كان فوق احتمالاتها... انتزعت يدها بعنف من وجهه و تسارعت أنفاسها...رغبة جديدة بالفرار تفاجئها... لكنها أقوى من تحدي 'روس' اخبرته بأنها قادرة على تجاوز التجربة بنجاح.
ارتجفت أصابعها بينما تعيدها الى وجهه... ببعض التردد لامست فكه مرة ثانية، الصدمة كانت أقوى من المرة الأولى و اندفعت الدموع الى عينيها لا اراديا... يبدو أقوى من اي شبح أوذكرى باهتة... يبدو حقيقيا و فاثنا كما في ذكرياتها.
" ارجوك..." سمعته يهمس بلغتها الأم و تركته يأخد وجهها بين يديه " لا تبكي"
تابعت اكتشافها، لامست جبينه، عيناه انفه ثم تأخرت عند شفتيه... شعرت به يرتجف تحت ملامستها كما كانت ترتجف هي أيضا.
" مارك أنطونيو... لما لم اصدقه عندما أخبرني بأنك حقيقي..؟؟"
انزلقت الدموع من عينيها في نفس الوقت الذي فرت دموعه، احتضنته الى صدرها و لسعادتها لم يتبخر في العدم... حرارته كانت حقيقية... ضربات قلبه و الاحساس بذراعيه حولها... تنهذت متوجعة من العذاب الذي عاد اليها عنيفا... عذاب الظلام الذي رافق سنوات طويلة من وجودها... انه هنا...بحق الله انه حقيقي.
" أنا هنا..." سمعته يردد وكأنه يقرأ في أفكارها، زادت يديه من ضمها اليه كما فعلت يديها، تركت نفسها في الحصار الآمن لذراعيه... لكن الانزعاج من أن شيء ما ليس على مايرام يرافقها... اذا كان مارك حيا... هذا يعني بأن طفليها...
" التوأمين... " سألته بضعف .. ترفض قطعا أن يتبخر وجوده... وتجد نفسها تسأل الفراغ أسئلتها الكثيرة... تجد نفسها تسبح في عالم بعيد جدا عن الواقع... "طفلينا مارك انطونيو... كنت حامل بتوأمين"
" انهما بخير..." رد عليها برقة وهو يمسح دموعها بأصابعه.
" لما لم تأتي للبحث عني؟؟ لما هجرتني ... لـ...." توقفت أمام المساحة الشاسعة السوداء التي تحول بينها و بين الماضي... بين الكثير و الكثير من الذكريات... تنهذت بعمق لتستعيد هدوئها، ترفض الاستسلام للرهلع مجددا " وجدت بطني فارغا... في ذلك المكان المقيت وجدت بطني فارغا... أخبرتني 'هي' بأنك سرقتهما مني... و بأنك تلقيت القصاص العادل و دفنت في الجحيم معهما"
اكفهر وجهه للحظات مما دفع ثقتها للاهتزاز... هل هي محقة؟؟ هل ماكان في بطنها فقدته قبل أن تسعد به؟؟ زحف اليها القلق... يقول بأنهما بخير اذن اين هما؟؟
" أريد رؤيتهما..." تمتمت من خلال أسنانها وهي تشد على يديه بقوة" تقول بأنهما بخير اذن خدني اليهما "
دفع شعرها الى الخلف و حملق اليها ببعض العجز ثم همس بعد تفكير:
" سوف نذهب اليهما ما ان يسمح طبيبك بذلك..."
" تعتقدني مجنونة مثل البقية..."
" لا..." نفى قطعا مما أراحها.
" لما تنتظر الإذن من أحد؟؟"
انفتح الباب وظهر 'روس' أغضبها أن يكون هنا بينما تنتظر اجابة قطعية من الشبح أمامها... اذا سألها روس من تحذث في هذه اللحظة فستدرك بأن الحوار الدائر مجرد وهم في النهاية.. لذا تفضل مناداته بالشبح.
" ارى أنكما تعرفتما على بعضكما أخيرا..."
شعرت بالدموع تزحف الى عينيها من شدة الارتياح... لم يكن شبحا... انه مارك أنطوينو و عقلها لم يخذلها هذه المرة... كانت تعرف بأنها لا تتوهمه.
" لين تريد رؤية طفلينا... كنا بصدد التفاوض" صوت مارك حمل بعض التنبيه مما جعلها تقطب.. هل يتلاعب بها؟؟ هل يشك بمستوى عقلها؟؟ هل يظن بأنها مجنونة للتعلق بذكرى تشعر بوجودها... تشعر بأنهما بخير... رغم العناء الذي تكبدته تلك المرأة لمحوهما من عقلها أدركت بأن قلبيهما الصغيرين لم يتوقفا يوما عن النبض.
" قال بأنهما حيّان" أكد لروس بتحد.
" انهما كذلك ليندا"
" اسمي 'لينيتا دا ماتا' بحق الله" صرخت بلاوعي مما جعل الرجلين يتجمدان في مكانهما لبعض الوقت... كانت انفساها ثائرة... لينيتا داماتا... نعم... انها لينيتا وليس ليندا، هذه الحقيقة أخدتها على حين غرة مما جعل قواها تذبل فجأة، لم تعد تفهم شيئا مما يدور حولها و تسلل اليها الضعف، تركت روس يأخد بيدها برفق ويهمس بصوته المطمئن.
" تعالي معي الى غرفتك... أنت تحتاجين لبعض الراحة"
" لا..." تملصت منه بعنف وهي تواجه مارك الذي سارع بأخد يدها التي مدتها اليه برجاء، سارع بمد يد العون لها كما احتاجت بالضبط... لم يخذلها.
" خدني معك ... لا تتركني مجددا"
" لن أتركك ابدا.. ابدا"
غمرتها الراحة العارمة للكنة الصادقة في صوته و القت بنفسها بين ذراعيه غير واعية بالنظرات التي يتبادلها الرجلين وراء ضهرها.
***
أعادت ديامانتي الستائر مكانها بعنف لتغرق غرفتها في عتمة خفيفة.
أدلفت أصابعها في خصلات شعرها الشقراء قبل أن تبدأ بتعذيب أرض غرفتها بخطوات عصبية كما يعذبها وضعها منذ ان اكتشفت بأن مغامرتها مع' نيوس' لم تنتهي بدون عواقب... لكن الصدمات المتتالية تكاد تقصم ظهرها.
بيانكا و... ودراكو؟؟
'بيانكا' الرقيقة التي تشبه الفراشات في خفتها عشيقة دراكو؟
بالتأكيد لف قرابتهما الكثير من الغموض بالنسبة اليها، طريقة تعامل زوجها مع قريبته الجميلة استثنائية جدا، يتبدل وجهه القاسي و الساخط عادة و يضحى لطيفا و رقيقا، حتى انها سمعت ضحكته العالية في الحديقة بينما يغرق معها في كلام طويل دفع الدم الى وجه بيانك تلقائيا... هل كان يغازلها؟؟.
انها تشعر بالسوء من أجل الفتاة التي لا تستحق هذا النوع من العلاقات مع رجل دو خبرة مثل دراكو... يجب أن تحذرها كي لا تقع بنفس الشرك الذي سبق ووقعت فيه هي نفسها.
بيانكا صيد سهل جدا لدراكو هي تعرف، لاسيما أنها مريضة و بحاجة للدعم... وهذا الأخير يمنحها الكثير منه... الحقير.
بعد توعكها في الصباح قررت زيارتها في غرفتها، وبنفس الوقت كانت تأمل بأن تنجح بإستعارة هاتفها النقال دون ان يدرك دراكو ذلك... تريد الاتصال بنيوس و اخباره بشأن حملها.
حملت سماعة الهاتف و مثل المعتاد و جدت الخط ممنوع من غرفتها، زحف الضعف الى اوصالها و جلست فوق السرير قبل أن تأخد رأسها بين يديها... مالذي ستفعله؟ لن يتأخر دراكو بمعرفة سرها و الجزيرة معه... سيجبرها على التخلص من ابن عشيقها كي يحفظ ماء الوجه كما فعل للان... الطفل الذي يعتبر معجزة لرجل يؤمن بعدم قدرته على الانجاب يوما... السؤال هو...هل سيصدقها؟؟ لاسيما بعد سلسلة الأكاذيب التي وضعت جبل من الأوهام بينهما... لاسيما... بعد ان أمضت عدة ليالي تحت سقف واحد مع 'دراكو فالكوني'.
تنهذت بحرقة و عادت تنظر امامها دون ان ترى شيئا... كيف ستحمي هذا الطفل من بطش دراكو؟
لا تعرف الى اي فترة يعود حملها لكنها متأكدة منه رغم عدم قيامها بأدنى تحليل... انها ممرضة بحق الله... تكفيها الاشارات التي يرسلها جسدها لتفهم... يكفيها غثيان الصباح و تأخر دورتها الشهرية.
تركت السرير وعادت تتمشى بعصبية فوق الارضية المغطاة بالسجاجيد الوثيرة متسائلة للمرة المليون عن الطريقة التي ستحمي نفسها و طفلها من زوجها.
هذا الزوج الذي تفنن منذ عودتها الى حياته بتجريحها و اذلالها بشتى الطرق... لم يتأخر بالكشف عن وجه شيطاني اسوأ بكثير مما تخيلته... حلها الوحيد هو لعب الأوراق على الطاولة... اخبار نيوس بالوضع.
انه الوحيد القادر بنفوذه على الوقوف بوجه الشيطان 'دراكو فالكوني'.
ماذا لو لم يصدقها؟ عاد السؤال يلح عليها مجددا لدرجة دفعتها الى اليأس... لقد اخرجها من حياته مرة الى الابد ولم يحاول الاتصال بها منذ رحيلها من أثينا... كان يفترض ان تحتقره لذلك... فهي لم تعني له شيئا في النهاية رغم كل كلامه المعسول... ردة فعله الباردة ازاء ماحذث يكاد يفقدها رشدها... هي الغبية التي افتثنت به و احبته من قلبها.
انفتح فجأة باب غرفة نومها و اصفر وجهها بينما ترى دراكو يقتحم المكان بجسده الضخم المرعب و نظراته الشيطانية... مالذي يريده الان؟ اجبارها على الظهور مجددا كرخيصة او في موقف حميمي معه امام 'البابارتزي'؟ مؤخرا صارا حذيث الصحافة و الصور التي تنشر تثير اشمئزازها... جعلها تظهر بمظهر الزوجة الوصولية المتلهفة للمال و الشهرة.
" ماذا تريد؟" تلعثمت وهي تتراجع الى الوراء بينما يدنو منها بشكل مهدد. لن تتعود يوما على هذه الهيئة المهيبة و النظرات المتغطرسة
"انا في بيتي 'بيليسما' استطيع ان اقتحم غرفتك متى اردت ذلك..."
بلعت ريقها بصعوبة وهزت دقنها مدافعة بينما تلمع عينيه ببعض التسلية... انه يتسلى بها... يدفعها للجنون بسبب سجنه لها و استعمالها متى و اينما شاء.
" طلبت مني بيانكا ان اشكرك على مساعدتك لها في الشاطئ"
" تقصد 'بيانكا' عشيقتك؟"
زادت التسلية لتلتمع بحدة في العينان السوداوين و ضهر شبح ابتسامة على شفاهه الرجولية المرسومة جيدا.
" هل تغارين ديامانتي؟"
هزت كتفيها و قالت ببرود:
" انا لا اهتم حتى و ان ضاجت كل نساء الارض 'دراكو'"
" اعرف بانك لا تهتمين 'كارا' فمن يهمك امره هو العزيز نيوس ليونيداس" ابتسم لها تلك الابتسامة التي توقف نبضات قلبها من شدة الرعب... رباه ليس هذا... لاتريده ان يعود لسيرة 'نيوس' " كيف هو شعورك بينما سيتزوج في نهاية الأسبوع من تلك المرأة الشهية... ما اسمها؟؟ ليز... "
تراجعت الى الوراء و كأنه صفعها زادت ابتسامته الكريهة اتساعا، تمتمت من بين اسنانها:
" هذا يكفي"
" لن يكون يوما كافيا 'كارا ميا'... ذكريني ان نرسل بطاقة تهنئة و هدية قيمة لعشيقك السابق..."
ثم ادار لها ظهره و توجه نحو الباب لكنه توقف في آخر لحظة، بدى مستمتعا برؤية الدموع في عينيها كم تكره هذا السافل... "بالمناسبة...'بيانكا' ليست عشيقتي..."
" قلتُ بأن أمرك لايهمني " صرخت به بصوت مجروح.
" انا لا أمنحك أعذارا لأنك آخر مخلوق أهتم لمشاعره 'كارا'..افعل ذلك من اجل 'بيانكا' كي أعفيها من أي احراج أو سوء فهم... انها ابنتي تعاملي معها على هذا الاساس ولا تقللي احترامها"
شلتها الصدمة لبضع ثوان و شعرت بأن سقف الغرفه سقط على رأسها، هل يُفترض بها ان تصدق هذه السخافة؟ هل هذه التبريرات الخارجة عن نطاق المنطق لحماية علاقته السرية بقريبته؟
" أنت في الثامنة و الثلاثين فقط من العُمر... " بدأت بصوت بارد، ترفض مطلقا ان يستهزء منها اكثر من ذلك.
" كنت في السابعة عشر عندما رزقت بها... " رد عليها بنفس النبرة المتهكمة و الباردة " علاقتي العابرة مع ابنة الصياد لم تروق لأهلي الارستقراطيين فعملوا على طردهم من الجزيرة... قبل عشر سنوات علمت بأن لتلك المغامرة البعيدة جدا نتائج ما كنت لأعرفها لولا الصدفة البحثة ، امي وابي اخفيا عني امر ابوتي واهتموا بطفلتي اللقيطة و اغرقاها ووالدتها في الاموال مقابل الا تظهر في حياتي و تفسد خططهم بشأني"
يالهذه القسوة... بالكاد تصدق ديامانتي فضاعة ما قام به والداه، شعرت فجأة بالشفقة بينما ترى سحابة من المشاعر الهائجة تمر في عينيه... لا يبدو مستعدا لأن يغفر لهما ما فعلاه به و بإبنته، يبدو متخبطا في جحيم من الغضب و المرارة، تمتمت بصدق:
" أنا آسفة..."
" احترقي في الجحيم مع شفقتك ديامانتي... لأنه بسببك فقط يشعران بلإنتصار... عندما أدركت بشأن 'بيانكا' حطمت أحلامهما بالزواج من احدى الوريثات الايطاليات... انتقمت منهما بالزواج منك في روما... فتاة بعيدة كليا عن الكنة الارستقراطية التي يحلمان بها... لكنك هربتِ و أفسدت كل شيء..."
هزت ديامانتي رأسها و تحملت قصاص نظراته القاسية قبل أن تقول:
" لم تحبني يوما... كنتُ مجرد تحدي "
" أنت جميلة و لا أنكر بأنني افتثنت بك... حتى انه كان لدي ضعف غريب اتجاهك" بدأ يشرح بهدوء " أشمئز من النساء اللواتي ينتمين لمحيطي و شعرت ببعض الانتعاش و الحرية برفقتك... لكنني أفهمتني بأن الوسط الذي نعيش فيه لا يعني أبدا تركيبات الشخصية... كنت استهجن الوريثات من طبقتي بسبب طريقتهن في العيش... و اكتشفت بفضلك بأن الفقر لا يعني ابدا خلو صاحبه من الاخطاء و رؤيته للعالم بشكل مختلف..." قاطعته متنهذه بحرقة:
" أنا آسفة بسبب هروبي ليلة زفافنا... آسفة بسبب سوء الفهم ... آسفه لأنني لم اثق بك كفاية... لما لا تضع كل هذا وراء ظهرك و تتركني أرحل؟ 'دراكو' أتوسل اليك احتاج للرحيل فأنت تقوم بإفساد حياتي و حياتك من أجل انتقامك الذي لا معنى له..."
" انا لا أفسد حياتي 'كارا'... أعيشها بشكل سليم ... الجزيرة تعشق المظاهر وهم مُغرمون بجمالك الاستثنائي و امنحهم تماما ما يريدون...'الصورة الكاملة لزوجين جميلين و سعيدن' بالنسبة لي كل شيء يسير بشكل جيد..."
استوقفته عندما حاول تجاوز عتبة الباب.
" لما لم تخبرني قبل زواجنا بشأن 'بيانكا'؟" استدار نحوها بملامحه الجامدة فتابعت ببرود" تنتقض خيانتي لكنك خنتني قبل ان أخونك أنا... صدقني 'دراكو' سوف أرحل من هنا بموافقتك أو بدونها... و سأمحيك كليا من حياتي"
لكنه لم يجبها، اكتفى بالنظر اليها بإستخفاف قبل أن يرحل و يترك في قلبها غضبا و فراغا لا مثيل لهما.
لا مفر أمامها... عليها ايجاد طريقة للاتصال بنيوس ليونيداس.، صدقها أم لم يصدقها عليه حماية طفله.
***
" تبدو تعسا"
تشنج نيوس بعنف، و أجاب ببرود:
" شكرا جدي هذا لطف منك"
" بصدق انظر الى نفسك... تبدو مثيرا للشفقة.." أجاب سبيروس بتهكم غير مهتم لإنفعالات حفيده " بعيد كليا عن صورة العريس السعيد بزواجه القريب..."
كان يجب ان يشك بأن استدعاء جده العاجل الى غرفته يتعلق مجددا 'بديامانتي سانتو بنديتو'... فلتُلعن اينما كانت... وليُلعن معها الفراغ الرهيب الذي خلفته ورائها.
منذ أن رحلت يجاهذ لإسترجاع هدوء حياته و رتابتها، فليكم صريحا مع نفسه... مايزال يشعر بالخجل للنظر بوجهه في المرآة... تفننت بتقليل احترامه لنفسه مرتين متعاقبتين.
كل هذا بفضلها بالتأكيد... بفضل تحجيمها له عن قصد بلا أدنى شك... سخرت منه بكل بساطة، تعمدت الاستخفاف به.
" مالذي تريده سبيروس؟ التحذث مجددا عن ليز؟ تخويفي من فكرة الزواج منها؟ أنت تضيع وقتك... سوف أتزوجها يوم السبت شئت أنت أم أبيت"
" انها شيطانة لعينة وحدك المعمي... اه لست وحدك... ابن عمك كان معميا قبلك "
هز 'نيوس' عينيه الى السماء و ادلف يديه في جيوب بنطاله وواجه نظرات العجوز الغاضبة.
أصبح سيء الطباع منذ رحيل ديامانتي، يستطيع ان يتفهم السبب فهذه الاخيرة تحصل على قلب جميع الذكور من عمر الخامسة عشر حتى التسعين... ابناء ابن عمه و جده خير برهان.
" لا علاقة للعواطف بيننا 'سبيروس' انت ادرى بأهذاف هذا الزواج"
" تستطيع الاهتمام بإبنيّ ابن عمك دون السقوط في شرك الزواج من تلك الشيطانة... ما بها ديامانتي؟ لما ترفض ان تستمع الي و الى نفسك... انها الأنسب لك"
قاطعه نيوس بعصبية:
" اتينا الى الموضوع الاهم..."
" بالتأكيد ..." صرخ به سبيروس بغضب " كانت تسّر لي بكل شيء، اخبرتني كل صغيرة و كبيرة عن زواجها من ذلك الايطالي السافل... لكنك خذلتها"
شعر نيوس و كأنه تلقى صفعة على وجهه، ازدادت تقطيبته عمقا و مرت لحظات مشبعة بالتوثر.
" كنت تعرف بأنها متزوجة؟؟"
" نعم... و كنت أنتظر بفارغ الصبر أن تنتبه اليها... الى ماهي عليه و تتفهمها، أن يهمك قلبها أكثر من جمالها، أن تساعدها بالتخلص من سيطرة رجل لا يستحقها"
بجفاف قال نيوس:
" أنت ضحية تلاعبها... صدقني تلك المرأة لا تستحق عطفك"
ثم القى نظرة سريعة على ساعة يده:
" يجب أن أطير الى 'أثينا لدي أعمال كثيرة أهم من هذا الحوار السخيف الذي نتناوله..."
ادار له ظهره، بصعوبة يتحكم في الغضب الذي اشتعل في أوصاله، بضع المؤشرات كانت تعود لتؤرق لياليه... ردات فعل ديامانتي العديدة... هل كان يجب حقا أن يمنعها من الذهاب و يتجاهل كبريائه عندما أصرت على الرحيل مع زوجها؟؟ زوجها... الكلمة تدمي قلبه و تزيد من حقده و هياجه... وجهة نظر ليز فيما حذث أقنعته، أخبرته أنها تصرفت بدافع خوفها على سمعة ليونيداس... وهو لا يحقد على تصرفها ابدا.
" ان تزوجت من 'ليز' فلن أترك لك فلسا واحدا 'نيوس'..."
التهديد الناعم لجده صعقه للحظة، أبقى فمه فاغرا و كأنه سمع لغة غريبة عليه قبل أن ينفجر غضبه دون القدرة على السيطرة عليه:
" اسمعني ايها العجوز البغيض أنا لا أهدَدُ مطلق و أنت أدرى بذلك... تستطيع رمي أموالك في البحر فهذا من شأنك و لا يهمني، أملك منه ما يكفي..."
" لكن بالتأكيد سيزعجك بشدة ان عرفت بأن ثروة ليونيداس ستؤول لديامانتي في حالة وفاتي؟؟ ما رأي ليز بهذا؟؟ ففي النهاية ما يهمها هي ثروة العائلة"
لا بد أنه يحلم... لا بد أنه يعيش كابوس مرعب، ثروة ليونيداس لديامانتي؟؟؟ بدأ جده بالهلوسة بالفعل... ضغط نيوس على أسنانه، فشل في كبث عواطفه امام تهديد مماثل، انه يقوم بدفعه لحافة الجنون و كأن معاناته مع غيرته العمياء بتخيل هذه الاخيرة بين ذراعي رجل آخر لا تكفي... و كأن ما يقرأة في جرائد الفضائح ليس كافيا أيضا، انه يعيش جحيما منذ رحيلها.
" أنت لن تجرؤ"
" بل أجرؤ نيوس... تزوج ليز و سأوقع على كل ما أملك بإسم 'ديامانتي سانتو بينيديتو'..."
" لماذا؟؟" صرخ به بغير تصديق." لماذا تدفعني لحدود الصبر جدي؟"
" الجواب سهل" سمع العجوز يقول بإبتسامة ضئيلة " سمعتك تُصفر بحماسة ذات يوم في الرواق... سمعتك تضحك و رأيت ذلك البريق النادر في عينيك... كان هذا بفضلها هي، كُنت سعيدا جدا معها، هنا في الجزيرة ... في 'سبيوس'.. في 'أثينا' "
" هل تتجسس علي؟؟"
تجاهل العجوز السؤال المتهم وقال بجدية:
" كل هذا ستفقده بزواجك من تلك الانجليزية المتجردة من الدفئ... اذا قدر أن أفقدك 'نيوس' أفضل أن أفقدك الان و بطريقتي..."
لم يرد نيوس اكتفى بمغادرة الغرفة و اغلاق الباب خلفه بعنف.
الحركة فكرت سبيروس بمراهقته... وهذا مؤشر جيد... نيوس يتجاوب بشكل او بآخر مع تهديده
***
كان غارقا في شاشة الحاسوب أمامه، امضى يومه بين جذران شقة فرجينيا... من كان يصدق؟؟ لاسيما بعد الطريقة الفضيعة التي افترقا بها في الالسكا... فرجينيا... التي حطمت قلبه كثيرا لدرجة ان أشلائه تأبى الالتصاق ببعضها مرة اخرى رغم كل جهوذه.
شعر بحركة في محيطه، هز رأسه نحو باب غرفة نومها ووجدها تقف هناك... تحدق اليه بنظرات غامضة.
كانت ماتزال ترتدي روب الاستحمام و شعرها المشعث ينزلق على كتفيها بشهية، كان ممتنا لأنها تستطيع الوقوف بمفردها على قدميها، أجبرها على ابتلاع الطعام و أخد قسطا كبيرا من الراحة مما أفادها.
رأها تقترب نحوه و تأخد مكانها بالقرب منه على الكنبة التحمت نظراتهما لثوان، فجأة وضعت البوم صور فوق الطاولة المنحدرة التي يضع عليها حاسوبه.
" ماهذا..؟؟"
" انه لك... تستطيع أخده" أجابت بهدوء.
حبس انفاسه بينما يفتح الألبوم الذي عرى على صورة لرضيع صغير بالكاد يتجاوز عمره اليوم الواحد، أسفل الصورة تم تدوين اليوم... الوزن و الطول.
شعر بقلبه يتحطم بعنف ذاخله... احساس مريع يعاوده و بقسوة طيلة السنوات الماضية.
لم يعلق رغم العذاب الذي هاجمه بشدة... كان يمكنهما العيش بهناء ككل زوج طبيعي مع ابنتهما... فكر بحسرة بينما يتابع تقليب الصور و التهامها بعينيه اللتين غلفهما الحزن... غريب كم تشبه 'فلور' شقيقها 'جوشوا' في سنها الخامس... غريب كم تشبه والدتها في سن السادسة عشر... غريب كم تشبهه هو الان...
أغلق الالبوم ببعض الحدة و أعاده فوق الطاولة قبل أن يعود الى حاسوبه دون التعليق بشيء.
" الن تكمل تفحص الصور؟؟"
سمعها تستجوبه بصوت مبحوح.
" هل تكرهيني الى هذه الدرجة فرجينيا؟؟" سألها بهدوء وهو ينظر اليها للمرة الأولى منذ جلوسها بقربه " هذه الصور... تمزق كياني"
عقب الصمت المتوثر وعاد يركز على شاشة حاسوبه دون جدوى، صور فلورانس الصغيرة بعينيها الخضراوين و ابتسامتها المضيئة في عمر السادسة و قد فقدت سنها الأول تأبى مفارقة خياله.
كم فقد في حياته... لم يعش طفولة ولا مراهقة جوشوا وعاش عمره يبحث عنه في كل ارجاء العالم، بينما ابنته... ابنته من المرأة الوحيدة التي أحبها بصدق تكبر قرب رجل آخر.
" أنا آسفة..."
وضعت يدها على ركبته و شعر بأنها تحرقه، ابتعد عنها بإنزعاج... تنهدت لرفضه الصامت.
" ربما لا تصدقني لكنني حقا آسفة"
" مالذي سأفعله بأسفك فرجينيا؟؟ هل سأستعيد ذكرياتي الضائعة مع ابنتي؟؟"
هزت راسها بالنفي و ظهرت ابتسامة تعسة في زاوية شفتها.
" فكرت طويلا هذه الايام الأخيرة " بللت شفاهها بطرف لسانها و هزت كتفها " لا شيء يبقيني في لندن... أنت ترفضني و 'فلورانس' أيضا... المحكمة نطقت بحكم طلاقي و أنا حرة تماما بالرحيل "
تابع أندريس تأمله لها... كيف يُعقل الا تتغير رغم مرور هذه السنوات؟؟ هناك اختلاف ما في الملامح التي تبدلت مع الوقت لكنها هي... انها هي كما عهدها طول عمره... بهذه النظرات المشبعة بالحزن و عدم الاكتمال... هذه النظرات للفتاة الصغيرة التي أتى بها الكونت ويليام بعد أن فقدت والداها في حاذثة الطائرة لتوها.
" الى اين تنوين الهرب هذه المرة؟؟"
" أنا لا أهرب..." تمتمت بتعب.
" واجهي ما يحذث لك ولو لمرة واحدة في حياتك فرجينيا"
هزت كتفيها ببعض السأم
" تعبت من المقاومة و حربي مع قلبي طال أمدها... لا معنى للحياة من دونك أندريس"
شعر بكلماتها تأخد طريقها بسرعة الى قلبه... لا معنى للحياة من دونك أندريس... سبق وكررت هذه الجملة مرة واحدة في الماضي... و كم آمل سماعها مرة ثانية بينما تهجره، تحطم قلبه و تهرب الى لوس آنجلس حيث سطع نجمها بين نجوم هووليود... نظر اليها بطرف عينه، و نُقشت ملامحها التعسة و الحزينة في صدره، من المسؤول على نهاية حياتهما بهذا الكم من الوحدة و التعاسة؟؟ عنادهما... كبريائهما؟؟ يعرف بأنه لن يغفر لها يوما بسبب اخفاء فلورانس عنه... كما يعرف... بأنها أميرة قلبه ما دق هذا الأخير.
" لا أنوي التأثير عليك... قلت ما أفكر به فحسب"
سمعها تشرح بعصبية.
" ان أردت... فأنا املك المئات من أفلام الفيديو الخاصة بفلورانس... سأرسلها لك من لوس أنجلس عند عودتي عبر البريد..."
" هل تملكين فيديو لولادتك؟؟ هذا حقا ما يهمني... أريد رؤية اللحظة التي وضعتِ فيها ابنتي..." أمام ملامحها المشدوهة أردف " هل نطقت بإسمي خلال المخاض؟؟.."
" أندريس..."
" هل فكرتِ بي؟؟" سألها بإصرار.
رقت نظراتها لكنها لم تجب، الاجابة كانت واضحة في عينيها... في ارتعاشة رموشها و شفتيها، هذه الشفاه التي أخدها بجوع في الالسكا... نفس الجوع الذي عاد بقوة في أحشائه بهذه اللحظة.
" تزوجيني فرجينيا"
لا يعرف متى خرجت هذه الكلمات من شفاهه، تمعن فيها بعد أن لمح الصدمة على وجه المرأة أمامه... اكتشف بأنه صادق جدا و بأن الزواج بها أجمل أمنية قد يحققها طيلة حياته البائسة من دونها... انه يحبها... يكرهها و يحتاجها بقوة.
" قولي نعم..."
" هل سامحتني؟؟" سألته من خلال دموعها... كانت تريد أن تتأكد من مشاعره قبل كل شيء هو يعرف، فجاء كلامه سريعا و شرحه بسيطا:
" طالما كنتِ الجنة و الجحيم بالنسبة لي 'جينا'... طالما كرهت الضعف الذي يزحف لي كلما رأيتك أو فكرت بك، كرهت 'روبيرتو' و العالم لأنه حال بيننا... كرهتك و كرهت نبضات قلبي التي تناديك في كل ثانية، ربما حملت لك مشاعر شاذة و غريبة و رغم كل الحقد الذي يعود الى السطح بسبب كذبتك... أريدك لي ولو لمرة واحدة في حياتي التعسة "
مرت لحظات من الصمت، كلاهما يتطلع الى الآخر بمشاعر متوحشة و مختلفة، كلاهما يبحث عن شيء ما في ملامح الأخر، فجأة قالت فرجينيا و هي تهز دقنها ببعض التحدي:
" ان قبلت فأريد أن نتزوج فورا"
هز حاجبه الكث و قبل التحدي:
" قبل نهاية الاسبوع سنتزوج"
" لا أنت لا تفهم..." قاطعته وهي تضع اصبعها على شفاهه" قبل طلوع شمس الغد 'كونت أندريس دانته ديكاتريس' أو ... لا شيء "
***
" أنظري الى هذا ديام..."
ابتسمت 'ديامانتي' بلطف بينما تكشف لها 'بيانكا' عن صورة شاب في شاشة هاتفها النقال.
أمضت نهارا صعبا بفضل زوبعة القلق التي اعترتها ولم تجد السبيل الى الأن للاتصال بجزيرة القمر أو حتى بهاتف نيوس الخاص.
بينما تتقاسم الشاي مع 'بيانكا' كما آلفا عصر كل يوم، سال لعابها أمام هاتفها الذي يمثل المخرج لكل مصاعبها الحالية... يكفي اتصال... اتصال واحد.
عادت ديامانتي تتفحص الشاشة الصغيرة التي تبرز بوضوح الشاب الأسمر في قمة الوسامة، تبدو بيانكا مأخودة به و هي تتابع:
" يدعى دافيد وهو نصف انجليزي و ايطالي... انه رجل أعمال طموح، التقينا في 'التايوان' بعد عمليتي في احد الفنادق، تعرفنا على بعضنا بعيدا عن حماية 'دراكو' الزائدة... نتبادل الايمايلات منذ ذلك الوقت و يبدو بأنه معجب جدا بشخصيتي..."
" لما تنادينه 'دراكو' و ليس... بأبي؟؟"
احمر وجه 'بيانكا' و تملمت في مكانها ببعض الاحراج ثم قالت:
" بحق الله أنظري اليه... انه شاب جدا كيف سأجرؤ على مناداته بأبي؟؟ في أغلب الأمسيات التي يأخدني اليها الكل يتكلم معي على أساس حبيبته... أنا في الواحد و العشرين وهو في الثامنة والثلاثين... نبدو كزوجين حذيثي العهد عندما نخرج معا"
ثم عادت تشير الى الشاب الجميل في شاشة الهاتف و تقول متنهذه:
" كنت آمل أن نلتقي قريبا... لكنني خائفة من ردة فعل 'دراكو، يعتقدني مصنوعة من زجاج عندما يتعلق الأمر بالخروج مع شاب بعمري... يمزج مرضي بحياتي الخاصة "
بالتأكيد تستطيع التخمين، 'دراكو' متشدد فيما يتعلق بإبنته... ديكتاتوري بشأن اختياراتها، مشاعره نحوها جلية للعلن، سيلوي عنق كل من يتجرأ على تحطيم قلب زهرته الرقيق...
" أبي أيضا كان يقلق بشأن اختياراتي" بدأت ديامانتي مبتسمة.
" الم يتبقى لك عائلة بعد موته؟؟"
هزت كتفيها و نظرت من حولها كي تتأكد بأنهما بمفردهما و لا أحد يتجسس على حذيثهما:
" لدي عائلة كبيرة جدا، للاسف... لا تعرف عن أخباري منذ مجيئي الى صقلية، 'دراكو' يمنع علي الاتصال بأي مخلوق "
كادت أن تصرخ بإنتصار بينما تضع بيانكا في يدها هاتفها النقال و تتطلع اليها بتفهم شديد:
" خذي عزيزتي... اتصلي بمن تريدين "
"لا" همست متصنعة الرفض " اذا علم والدك..."
قاطعتها 'بيانكا' بإصرار :
" لن يعرف أقسم لك... خدي هاتفي و اتصلي من غرفتك كي لا يسمعك جواسيس جدتي"
عصرت 'ديامانتي' الهاتف في يديها غير مصدقة نجاح خطتها، احتضنت السمراء الجميلة بإمتنان قبل أن تهرول الى غرفتها، بالكاد أغلقت الباب خلفها حتى أدارت رقم الهاتف الذي تحفضه عن ظهر قلب، انتظرت عدة لحظات وأخيرا تسلل الى مسامعها صوت كالموسيقى... التمعت الدموع في عينيها و همست بصوت منخفض:
" نيوس... نيوس... هذه أنا "
عقب الصمت كلماتها، بدى و كأن الرجل في الطرف الأخر يستوعب المفاجئة.
" ديامانتي؟؟"
" نعم.. هذه أنا... اسمعني أرجوك أنا بحاجتك... "
قاطعها بصوت جليدي:
" أنتِ إسمعيني... إنسي أمري كليا ولا تعاودي الاتصال مجددا... هل هذا مفهوم؟ "
قبل أن تضيف كلمة كان قد أغلق الخط.
بقيت للحظات مسمرة مكانها، تتطلع الى هاتف 'بيانكا' و كأنها لا تراه.
أغلق الخط بوجهها...تكاد تسمع صدى تحطم قلبها... من بعيد سمعت شيء يشبه صرير الباب، تطلعت من خلال دموعها الى 'دراكو' الذي يقف أمامها و يمد يده نحوها... أعادت اليه الهاتف و تراجعت بعنف خطوة الى الوراء عندما ارتطمت يده الكبيرة بخدها الرقيق، ألم قلبها كان أشد قسوة من صفعة الشيطان أمامها.
" اياكِ ان تستغلي سذاجة بيانكا مجددا... أنت مُراقبة جيدا 'كارا'... إحذريني"

 
 



أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-04-13, 11:55 PM   #36

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السادس عشر








"متى سيعود؟؟"
لا تذكر كاثي كم من مرة ردد جو ورالف هذا السؤال.
صدقاً هي نفسها بدأت تجهل تماماً ما ينذر به المستقبل مع هذا التشابك الحاد في حياة مارك أنطونيو الخاصة... رباه... طالما كان محيطه غامضاً منذ طفولته.
"عندما ينتهي من جولته جو..." ردت برصانة وهي تنظر مباشرة في عينيه الزرقاوين اللتان مالتا إلى الرمادي في هذه اللحظة بسبب تعكر مزاجه.
الشمس العمودية للسماء الصافية الخالية من الغيوم تسترخي أشعتها الذهبية على خصلات شعره الذي بدأ يفقد أشقراره الطفولي ويميل إلى لون داكن.
"ما نفع هذه الجلسات مع الطبيب النفسي 'نونا'؟"
أخدها سؤال رالف على حين غرة.
ابتعدت من وجه جو لتواجه رالف الذي لم يلمس طعامه، ملامحه متجهمة أكثر من تؤامه ويبدو مستعداً للخضوع لحوار طويل والحصول على الأجوبة التي يريدها رغماً عن أنفها.
تلعثمت وأحمر وجهها بينما تنكر: "طبيب نفسي؟؟"
"نحن لسنا غبيين" رد رالف وهو يعبس بشدة "أين أبي؟؟ هل أصابه مكروه؟؟"
"والدكما بخير... حتى إنه يكلمكما ثلاث مرات في اليوم..." ردت بتوتر.
"يكلمنا نعم... لكننا لا نراه..." أجاب جو بنزق.
"أسمعا..." بللت شفتيها الجافتين و تنهدت بحرقة "أسألاه كل الأسئلة التي ترغبان بها فأنا شخصياً لا..."
"إنه يتلاعب بأجوبته" رد رالف بوضوح واضعاً حداً لكل مماطلة من قبلها.
مرت لحظات من الصمت قطعها فجأة صرير مكابح سيارة.
كادت تبكي من السعادة عندما لمحت سيارة الليموزين الخاصة بقصر الدوقية، هل عاد مارك أخيراً ليحررها من هذا الحمل الثقيل؟؟ إنه يدرك بأن التوأمين ليسا غبيان ومتيقظان بشكل مثير للدهشة، إلى متى ستتلاعب بالحقيقة؟؟ تخشى أن تنفلت كلمة ما منها بسبب صبرها الذي بدأ يقل بسبب أستفزازهما لها عاطفياً.
غادرت مكانها متأهبة، لكنها تسمرت وشلتها الصدمة بينما تلمح أليكس يغادر الليموزين بينما يهتم السائق بحقيبة سفره، أول ما تبادر في عقلها بينما تلتقي عينيهما على بعد المسافة الضئيلة هو... إيزابيلا.
مستحيل أن يكون قد عاد إلى هنا كي يلاحق تلك الفتاة؟ هزت ذقنها بصرامة بينما رمقها بتحدي، شعرت بالتهديد واضح في نظراته... نعم... إنه هنا من أجل حفيدة السائس.
* * * * *
"وكأن الأرض أنشقت وبلعته..." تمتم جوشوا ببعض السخط وهو يعيد بحركة جافة ملف الحسابات فوق سطح مكتبه ويحملق إلى هاكان الذي أحتفظ بصمته مثل المعتاد ولم يرد على تعليقاته "أين أختفى منذ يومين بحق الجحيم؟؟؟"
"قال السائق بأنه رافقه إلى المطار مع فرجينيا ديكاتريس" علق الهندي بإختصار.
"فرجينيا... ما هذا التواطئ بين الأثنين فجأة؟؟ إنهما لا يطيقان بعضهما... لقد طردها شر طردة من الألسكا"
ثم أدلف أصابع يده في شعره الكثيف، ماذا بعد؟ يحق للكونت أندريس ببعض الحرية فقد تطورت علاقتهما مؤخراً بسبب أنجلا ومن المؤكد إن هذا الأخير يرغب بإستنشاق هواء آخر بعيد عن لندن.
لكن أن يُسافر مع فرجينيا... فهذه مفاجئة الموسم.
هل يُعقل إنه يتحمل رفقة هذه الأخيرة على التواجد معه شخصياً تحت سقف واحد؟
يطلب منه إتخاد خطوة صحيحة بشأن زوجته وأنقاد زواجه قبل فوات الأوان... كيف سيفعل إن كان الشك يتآكله نحو هذه الأخيرة؟
ربما ثقل التهديد المحيط بحياته يضغط على نقطتي ضعفه... ليليان وأندريس جينيور... إنهما كل حياته حتى وإن كُتب لزواجه بالفشل كما يخشى والده فلا نية له بالتخلي على حقه بشأنهما... أدواردو ريتشي يهذي بالتأكيد.
بغض النظر عن كل شيء، ماذا بشأن المشاعر الغامضة التي تهاجمه بشراسة كلما التقت عيناه بعينا أنجلا؟.. ربما يحذر منها... لكنه عاجز أمام الرقة اللامنتهية التي تعتريه بينما يراها تلاعب أندريس الصغير أو تقرأ قصة لليليان... إذا كانت علاقتهما بتلك الشفافية والقوة التي يتكلم عنها والده لما تنوي إذاً التخلص منه؟ هل لديها حبيب في الخفاء وأضحى وجوده في حياتها غير مرغوب به؟
شعر بالأنزعاج لأفكاره... لما تنوي قتله في هذه الحالة؟ كان يكفي أن تطلب الطلاق وتفعل بحياتها ما يروقها... أم إن الطفلين هما الهدف؟ لا ترغب بمعركة طويلة في المحاكم من أجل الحضانة؟... طردت رئتيه كمية الهواء وشعر بالإختناق, اندفعت أصابعه إلى عقدة ربطة عنقه وفكها بعصبية متجاهلاً النظرات العميقة لحارسه وصديقه الذي لا يفوته شيئاً من حركاته... لن يأخذ أحد منه طفليه، يستطيع والده ترديد ميزات أدواردو ريتشي ومهاراته في المحاماة، لكنه سيتقاتل مع الشيطان إن لزم الأمر... أندريس جينيور وليليان هما كل حياته.
طرقات على الباب أخرجته من أفكاره السوداء، كان المحاسب الذي طلب الأجتماع به على عجل... ثغر أسود غريب في الحسابات ينوي معرفة سببه.
"سوف أراك لاحقاً.." سمع هاكان يقول بينما يدخل المحاسب ويخلي المكان فوراً تاركاً إياهما بمفردهما.
ما أن أغلق 'هاكان' الباب خلفه حتى أرتطم بجذعه القوي شيء ناعم تفوح منه رائحة أنثوية تُخدر الحواس، أمتدت يداه بسرعة لإنقاذ المرأة من السقوط، وتسلل إلى مسامعه صوت مرتبك رقيق يلقي كلمات معتذرة بينما أمتدت أصابع طويلة لإبعاد الخصلات الشقراء الناعمة التي أنسحبت من التسريحة الانيقة.
"عذراً كم أنا خرقاء..."
ابتسامتها أختفت ما إن التقت نظراتهما، وجهها المألوف جعله يقطب بينما تراجعت إلى الخلف بعنف لتتحرر من قبضته، فقدت نظراتها حرارتها وقالت بجفاف:
"هذا أنت..."
"آنسة ريتشي... سعيد برؤيتكِ مجدداً بما أستطيع خدمتكِ؟"
"تنحى من طريقي... أريد رؤية جوشوا "
لكنه لم يتحرك من مكانه، ما الذي فعله لهذه الفاتنة كي ترمقه بكل هذا العداء منذ أن التحمت نظراتهما لأول مرة في مزرعة آل ريتشي؟
هزت ميا ذقنها وركزت على هذه العيون البندقية التي ترمقها بتعالٍ وببرود... ليست الآنسة ريتشي لكنها ترفض تصحيح معلومة هذا الهندي البغيض، والدتها فحسب من تحمل هذه الشهرة أما فيما يخصها فهي أبنة آندريا طوريزي فلافيو... وهي فخورة به ولن تستبدل مكانها مع فلورانس أو أنجلا ريتشي حتى ولو كان الثمن كنز العالم .
أب وأم بلا تعقيدات أي سعادة هذه؟؟؟ فخورة لأنها الأبنة الوحيدة كي يغدق عليها أبوان مثاليان بكل هذا الحب الذي يثملها.
هزت حاجبها الرقيق بينما يدقق الرجل أمامها في ملامح وجهها بجرأة، شعرت به يتسلى بنفورها... إنها لا تستلطفه، تشعر بأنه وراء تصرفات جوشوا الغريبة أتجاه أنجلا، هذه الأخيرة أسرت إليها أمس بأن هذا المخلوق البغيض يقلق راحتها.
كيف يعقل أن تجده فلور وسيماً؟؟ قريبتها تملك ذوقاً غريباً في الرجال... شخصياً تكره هذا الجانب البدائي في شخصية الرجل، وهي سعيدة لأن خطيبها ينتمي لطبقة مختلفة تماماً من الرجال... إنه هادئ الطباع ورزين، ربما تجده فلور مملاً لكنها تحبه بشدة وتجده مناسباً لبناء زواج ناجح.
"شعره أجمل من شعري..." عاد صوت فلور إلى عقلها بينما تتجسسان من نافذة غرفة نومها على الحارس الشخصي الذي عاد لتوه من رياضته الصباحية... لا تنكر بأن فاهها بقي مفتوحاً أمام العرض المغري والرائع للصدر المفتول حيث التصق التي شرت المبلل بالعرق إزاء التمارين المضنية، لكنها لا تحب شعره الشديد الطول ولا نظراته التي تشبه الألسكا في برودتها.
"جوشوا مشغول حالياً... يمكنك رؤيته بعد أن يُنهي أجتماعه"
تصلبت بشدة أمام لكنته العميقة التي دفعت معدتها للألتواء بعيداً عن إرادتها.
"جوشوا مجردة وبدون ألقاب؟؟" لم تمنع نفسها بالتعليق.
لمعت عيناه ببريق غريب قبل أن يستطرد.
"هل تكرهين الهنود الأمريكان آنسة ريتشي؟؟"
"لا أهتم بجنسك سيدي فلا تتهمني بالعنصرية... منذ عودة جوشوا وهو غريب الأطوار... زوجته تعاني بسبب جفائه و.."
قاطعها وهو يكتف ذراعيه فوق صدره:
"تحمليني مسؤولية ما يحدث بينهما؟؟"
بلعت ريقها بصعوبة, أحمر وجهها، إنها الحقيقة هذا الاتهام المباشر جعلها تشعر بالخجل، عادت تبعد خصلة شعرها الأشقر خلف إذنها دون أن تُجيب:
"هل ستنظرين إلي بطريقة أقل عدوانية إن أكدتُ لكِ بأنني بريء كلياً من اتهاماتك؟؟"
لا يبدو بأنه يستلطفها بالمقابل، شعرت بنفسها شفافة ومعرضة للخطر أمام نظراته القاسية، كانت المرة الأولى التي تجد نفسها على هذه المقربة الشديدة منه منذ أن لمحته للمرة الأولى برفقة جوشوا في مزرعة عائلتها.
لا شيء يبقيها هنا إذا كان قريبها مشغولاً، سوف تنتظر إلى أن يُنهي اجتماعه لكن... بعيداً عن هذا الهندي.
إذا بقيت في هذا المكان أكثر فستنتهي بالاحتراق بسبب هذا الكم الهائل من الشرارات المتطايرة من حولها، عندما أدارت له ظهرها متأهبة لمغادرة المكان أستوقفها.
"لحظة فقط"
أصرت على أسنانها، تشعر بأن هذا الرجل الذي يتسلى بحفر هذه الفجوة الساحقة بينهما لا ينوي تركها وشأنها بهذه السهولة.
"أنا بالمثل لا يروقني ما يحدث بين جوشوا وزوجته..."
عاد يناديه باسمه مجرداً وبحميمية، تنهدت في سرها وعادت تواجهه، تنتظر بشدة هدف هذا الأعتراف كي تختفي من ناظريه.
"أنت لا تفهم... على زواجهما أن يستمر، لقد عانيا طويلاً قبل أن يرتبطا ببعضهما، أجد من القسوة أن يذهب أدراج الرياح عناء العاشقين الذين كانا عليهما في الماضي"
"ربما لا أرى الأمر بمنظارك الرومانسي آنستي لكن هناك من يهدد حياة قريبك وأنوي مساعدته راق ذلك عائلته أم لم يروقها..." ومضٍ معادي لمع في عينا الهندي، كان يتفحصها وكأنها السبب وراء سلسلة الاعتداء "إذا كنتِ ترغبين بشدة مساعدة عصفوري الحب فسأكون سعيداً إن أجبتِ على بعض الأسئلة..."
"لا أعرف بما أستطيع مساعدتك..." أجابته بتحفظ.
"فقط أجيبي على ما سأطرحه عليكِ" شعرت بنفسها تسقط في الشرك عندما أشار إليها كي تتبعه "من هنا آنسة ريتشي"


أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-04-13, 11:56 PM   #37

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

منذ يومين أستعمل مارك كل طرقه الصعبة للتفاوض مع طبيب لينيتا، إذا كان ينتهي بكسب المعركة على الدوام مع منافسيه في الأعمال فهذا الرجل أمامه تركه يتوجع على نار يومين كاملين دون أن يمنحه أجابة مرضية بعد، لكنه لا ينوي الأستسلام، عناد الطبيب يزيده أصراراً وعناداً أيضاً... يتحرق للحصول على كامل حريته مع توأم روحه وهذا الأخير سبق وأخبره بأنها قريبة جداً من الشفاء الكامل إذاً لما الانتظار؟ رد الطبيب جاء مهنياً:
"إنها هشة... ماتزال ضعيفة لمغادرة المستشفى... قد تتعرض لنكسة إذا رأت ما يذكرها بأسوأ ما تدفنه في داخلها..."
"أنا أثق بها... ما تحتاجه هو بعض الحرية للتواصل مجدداً مع العالم الخارجي... توسلتني أخذها بعيداً عن هنا وأنوي الوفاء بوعدي... هي تفهمت كما رأيت بنفسك أمر تهيئ التوأمين نفسياً قبل مقابلتهما... ربما تجدها أنت هشة لكنني أعرف لينيتا كما نفسي... صدقني إنها أصلب مما تبدو..."
أمام صمت الطبيب شعر مارك بالغضب واليأس يزحفان إليه.
"سوف أخذ كل الاحتياطات اللازمة دكتور"
مر مجدداً أمام ثوانٍ من الصمت قاهرة بدت له سنوات قبل أن يقرر الطبيب قذف كلامه بحزم:
"لا بأس... تستطيع الخروج شرط أتباع تعليماتي بحذاريفها... لا يجب أن تتوقف عن أخذ مهدئاتها وعليها زيارة أختصاصي مرة في الأسبوع مبدئياً"
شعر مارك بأن الجبل الذي يُثقل على أكتافه إنزاح وأنقضى، أشرق وجهه كطفل صغير.
"دكتور روس لن تخمن كم أنا ممتن لمبادرتك"
ابتسم الدكتور متخلياً عن نظراته الرسمية والمهنية:
"لا أذكر بأن نزيلاً عاقلاً أقام هنا غيرك... أنت تُحبها بشدة وبالتأكيد ستهتم بها" ألتقط اليد الممدودة وتصافح الرجلان "عدني أن تجد من فعل هذا بمريضتي الجميلة وسأوقع فوراً على خروجها... أقصد... خروجكما معاً"
* * * * *
قفزت ديامانتي من سريرها ممتلئة بالأمل عندما فُتح باب غرفتها الذي طرقته مطولاً دون أن يستجيب أحداً، تشنجت عضلات وجهها الشاحب وأزدادت جيوب عينيها أنتفاخاً بينما تواجه مباشرة المرأة الطويلة السمراء التي سبق وفعلت المستحيل لتحجيمها في عشاء دبلوماسي حظرته برفقة دراكو قبل أيام... أسوأ ما يمكن أن تتعرض له زوجة معروف أن تعيش جحيم قصاص أحدى عشيقاته السابقات لغيرتها المميتة.
راقبت المرأة الأنيقة تقتحم المكان، دوقة 'سانتا مورغو ديل ماريا' عاد الاسم الرنان إلى عقلها مهدداً، جمال قاسي وبارد، وأسم يحمل بين طياته تاريخ صقلي طويل... إنها تشبه دراكو، يكملان بعضهما بشكل صارخ... لما لم يتزوجان بينما خرجا معاً لسنوات طويلة؟؟... كلاهما عنصران أساسيان في الطبقة المخملية وكلاهما شيطاني وقاسي.
"ما الذي تفعلينه هنا؟؟" تمتمت ديامانتي بجفاف.
هزت الدوقة حاجباً رقيقاً مرسوماً بعناية وأناقة قبل أن تكشر بسخرية.
"رأيت من الواجب أن أزور الأميرة السجينة خلال غياب الوسيم الأسود..."
"أرحلي"
"ألا ترغبين معرفة ما جاء بي؟؟" سألتها بنعومة سامة.
"أنتِ آخر شخص قد يرغب به دراكو في هذا المكان..."
جلست بأناقة فائقة على الصوفا، ظهرها مستقيم وساقيها السمراوين الرشيقتين مكشوفتان من تحت التنورة القصيرة لطاقمها الكريمي.
"لكنني هنا كما رأيت... الأميرة الأم تعشقني وتثق بي، نحن صديقتين منذ زمن طويل جداً..."
"أسمعيني جيداً آنستي... مهما تكون أهداف هذه الزيارة المفاجئة فأريد أن أطلعكِ على أمر مهم جداً... دراكو فالكوني لا يهمني، مغامراته الماضية لا تثير غيرتي وأنتِ تتكبدين عناء لا شيء... خذيه إنه لكِ"
أمام الملامح المسترخية بغطرسة للدوقة شعرت بغضبها يتفاقم... إله السموات... هل يجب أن تتحمل هذه المعاملة الرخيصة من عشيقة مجروحة الفؤاد أيضاً؟؟
وكأن ما حدث خلال الثماني وأربعين ساعة الأخيرة لم يكن كافياً؟؟ بعد أن حطم نيوس قلبها إلى أجزاء عبر الهاتف، أنتقم منها دراكو بطريقتين, تركها سجينة غرفتها ومنع تجوالها، حتى إنها لم تودع بيانكا وتتمنى لها حظاً موفقاً بينما تطير هذه الأخيرة مع والدها السافل إلى التايوان، مساء أمس زارتها حماتها وأسمعتها كلاماً لا يقل حقارة عما يُسمعها لها زوجها عادةً، بعد أن توسلت مرتين للخادمة كي تساعدها بالاتصال بعائلتها ورفضت هذه الأخيرة قررت التحمل إلى حين عودة دراكو والتفاوض مجدداً معه... قررت مصارحته بوضعها، عاجلاً أم آجلاً سينتفخ بطنها... وسيظن من حولها إن الطفل لسيد المكان.
"ساعديني بالهرب من هنا وأقسم ألا تريني مجدداً في حياة حبيبك الحقير"
لا تعرف متى خرج هذا الكلام من فمها، لكنها يائسة والدوقة 'سانتا مورغو ديل ماريا' هي وسيلتها المتبقية.
رغم صلابة المرأة إلا إن ملامحها تشنجت وشحبت وجنتيها قليلاً.
"لن أفعل هذا بدراكو أبداً..."
"إذاً لما أنتِ هنا؟؟ إن كنتِ ترغبين بالتباهي أمامي بليلة خيالية مع زوجي فلا أهتم... ما يهمني أن أتحرر من هذا الزواج اللعين إلى الأبد"
"لا أصدق بأنكِ لا تهتمين حقاً بأمر دراكو..." قالت السمراء بابتسامة باردة "أنتِ تتلاعبين بعواطفه بتمردكِ وتريدين السيطرة عليه... إنها مجرد استراتيجية للحصول عما ترغبين"
هزت ديامانتي عينيها إلى السماء وابتعدت عنها مانحة ظهرها لها، بالتأكيد رجل مثل العظيم دراكو فالكوني هو نعمة على كل امرأة حقيقية يجري الدم في شرايينها، لكنها ناقمة على كل الرجال ولا تريد سوى أخذ زمام حياتها بيدها.
كيف ستدفع عدوتها لتصدقها وتساعدها بالخروج من هذا الجحيم؟؟
"أرحلي إذا كنتِ ترفضين التصديق..."
"إذا غامرت وصدقتكِ... فبأي ضمانة؟؟ لا تملكين سوى الكلمات"
عادت ديامانتي تواجهها، قررت فجأة المغامرة واللعب بقوة مع هذه المتمرسة.
"لا بد إن زواج دراكو مني كان ضربة موجعة لكبريائكِ لاسيما وإنني لا أنتمي سوى للطبقة البسيطة"
"تقصدين الوضيعة..." أردفت الدوقة بصوت جاف.
تجاهلت أهانتها وقررت التقدم إلى النهاية مهما كانت نتيجة قرارها.
"لكِ الفرصة لتنتقمي لنفسك... بمساعدتي بالفرار"
وقفت الفتاة من مكانها وعينيها تلمعان غضباً:
"سبق وأخبرتكِ إن خيانة دراكو آخر ما أنوي فعله... أنتِ لا تعرفين من هو"
"بلى أعرف... للآسف ظننتكِ نداً له"
شحب وجهها تحت الملاحظة فأستغلت ديامانتي ضربتها الصغيرة وتابعت.
"لن يعرف أحد بمساعدتكِ لي سواي... إنها فرصتي الوحيدة للخروج من حياتكما... فكري... سيكون كله لكِ ما إن أختفي"
هزت رأسها بالرفض فقررت ديامانتي لعب ورقتها الأخيرة... وضعت يدها على بطنها مما شد أنتباه الدوقة التي أنسحب الدم من وجهها، سارعت لطمأنتها:
"ليس من دراكو فأطمئني ولا أنوي نسب طفلي له... إذا لم تساعديني الآن فستخسرين رجل حياتك إلى الأبد"
* * * * *
استدارت لينيتا في مكانها أمام الشرفة في الوقت نفسه الذي أقتحم فارس أفكارها المكان، احتبست أنفاسها في صدرها بينما تنزلق عيناه على هندامها الذي تحملت الممرضات مشقته.
ما الذي قذفنه في مسامعها بينما يصففن شعرها بالمكواة؟؟ بأنها محظوظة برجل استثنائي مثل مارك أنطونيو ريتشي؟؟ بأنه متيم بها كي يترك العالم خلفه ويحبس نفسه معها في هذا المكان؟؟
نصحوها بأن تحتفظ بتلك الشعلة المتقدة في نظراته الزرقاء... عددوا مزاياه لعدد لا تذكره، وسلتها الغيرة التي تخللت بضع أصوات من تارة لأخرى.
ربما لا تتذكر كل تفاصيل حياتهما معاً، لكنه يعيش في صدرها منذ أن عادت الظلمة تتلاشى من عينيها... تحبه بجنون وهذا ما هي متأكدة منه.
ابتسمت عندما التقت نظراتهما وطار قلبها من الفرح بينما يلمع الأعجاب في عينيه، هدية الممرضات راقته كما ترى، فستانها العاجي الفضفاض التنورة والضيق الصدر والخصر بحزام عريض فيروزي أحتضن جسدها بطريقة طفولية وأنثوية بنفس الوقت.
شعرها المسترسل بنعومة فائقة فوق كتفيها بفضل المكواة يلمع بشدة تحت الأشعة الأخيرة للشمس، انتظرت هذه اللحظة بفارغ الصبر منذ أن أخبرها بأنهما راحلان... الأسوار العملاقة لهذا السجن المخملي ستتنحى أخيراً أمام حريتها القريبة... حريتها مع فارس أحلامها.
"هل أعجبك فستاني؟؟ إنه هدية من الممرضات..."
"أنتِ رائعة "
النبرة الصادقة في صوته دغدغت حواسها وشعرت بحبها له يخنقها، خطت نحوه بنفس الوقت الذي قطع المسافة بينهما، لمعت عيناها بألف نجمة بينما تهز رأسها قليلاً لتحدق مباشرة في عيناه، تركت يديها تلقائيا لتحتضن يداه... تسلل دفئه إلى شرايينها كسيول من نار، وغزا الأحمرار وجنتيها لردة فعلها... رأت أنعكاسها في زرقة عيناه الشبه شفافة فعصرت أصابعه الرجولية بأناملها كي تتأكد من وجوده.
"لا أصدق بأنك هنا..." سمعت صوتها يتردد في سكون الغرفة كالهمس "لا أصدق بأننا معاً مجدداً"
"لكننا معاً... لن يفرق شيء بيننا مجدداً يا قلبي أقسم لكِ..."
أخترق وعده قلبها ببعض الألم ولمعت ذكرى عنيفة زعزعت سكينتها صوت امرأة مثقل بالكراهية يتردد بين جدران رأسها 'لن يكون لكِ يوماً أقسم لكِ'
أدركت بأن مارك أنتبه لشحوبها، لا تريد أن تفسد الأمور الآن وقد بدأت حياتها تتخذ مساراً شبه طبيعي، إن أستسلمت لقلقها ولتهديد ماضيها المريب فلن تفلت من صدمة عصبية وهذا يمنح روس حق الاحتفاظ بها في هذا المكان.
"هل أنتِ بخير حبيبتي؟؟"
ابتسمت من خلال شحوبها وهزت رأسها ومعها خصلاتها الحالكة السواد، ما تعرفه بأنهما سيطيران إلى اليونان ليحضرا زفافاً ويلتقيان بأدواردو وكاثرين ريتشي أيضا في حميمية، ماتزال تتذكر نيوس ليونيداس، أمضت مع مارك انطونيو أجمل أيام حياتها في جزيرته الفردوسية 'سبيوس'، ماتزال تتذكر كل الذكريات الجميلة والحلوة... وكأن ماضيها كله مع الوسيم أمامها كان وردياً... إذاً ما الذي حصل لتجد نفسها بدون توأميها وحبيبها في ذلك المكان البارد والمظلم والمرعب؟ لما آلت قصة حبهما إلى كارثة وتدمرت حياتهما ومعها حياة التوأمين؟ لما لا تستطيع التذكر بحق الجحيم؟؟
"لين..."
عادت من أفكارها على لمسة يده الحانية على وجهها، أبعد خصلة من جبينها ووضعها خلف إذنها برقة أشعرتها بالأمان... هذا هو مارك... طالما كان رقيقاً ورائعاً معها.
"أنا خائفة.."
اعترفت بدون تردد، لا تعرف كيف ستكون ردة فعل رالف وجو إزائها، أخبرها مارك بأن طبيباً نفسياً يهيئهما للمفاجئة لكنها ستموت إن رفضاها، أزادت لمسة مارك إصراراً على وجنتها، هزت نحوه عينان ممتلئتان بالتقدير وهمست ممتنة.
"لكنك معي..."
"سأكون دوماً معكِ... لم أحب غيركِ لين حتى وأنا أدرك بأنكِ ميتة ولن أراكِ مجدداً"
"لما فعلا ذلك بنا؟؟ هل أسأنا لهما؟؟"
هما... نعم... كانا أثنين... رجل وامرأة، رجل بشعر أبيض يتكلم بلهجة غريبة، وامرأة تحمل من الحقد والكراهية لها ما يهز الأرض ويفجر البراكين الخامدة.
"هل تتذكرينهما؟؟" سألها مارك بحنو مما أشعرها بالسوء، لما تفسد هذه اللحظات الحميمية بكلام مسموم سيعكر سعادتهما؟؟ لا تتذكر حقاً... لكن... صوتهما... وراء العصبة على عينيها تتذكره جيداً... ذات مرة لمحت شعر أبيض كالثلج عندما سمعت لها الأشعة القوية للنهار بالرؤية من خلال الخرقة السوداء.
"أحتفظا بعصبة على عيناي لمدة طويلة إلى أن أعتقدت نفسي عمياء..."
"رباه لين... أتوسل إليكِ أن تغفري لي... لم أستطع حمايتك"
احتضن وجهها بين يديه الدافئتين وتطلع إليها بعذاب مزق روحها، لم يكن ذنبه ما حصل سبق وتحدثا طويلاً أدركت بأنه كان ضحية تلاعب مثلها، لكنها لا تفقه أسباب ودوافع خاطفاها... كل ما فهمته من نبرة المرأة إن قلبها ممزق بسبب مارك أنطونيو.
"هل كنا ننوي الزواج؟" سألت ببساطة... نعم... هذا ما كان ليدفع امرأة غيورة وحقودة للتصرف تصرفاً مماثلاً.
شعرت بأصابع مارك تتشنج تحت وجهها وهز رأسه بعد ثوانٍ ليؤكد بحزم:
"بالتأكيد كنا نخطط للزواج..." وبانت ابتسامة مرتبكة على شفاهه "وهذا ما سنقدم عليه في أقرب فرصة..."
جاء دورها ليهزها الرعب والخوف، ماذا لو فعلا ذلك وعادت تلك المرأة لأصطيادها مجدداً؟ وكأنه قرأ في مخاوفها سمعته يهمس برقة:
"كل شيء سيكون على ما يرام..."
كل شيء سيكون على ما يرام... إنها تثق به وتعشقه من قلبها، ارتاحت ملامحها السمراء المتصلبة وأحاطت عنقه بذراعيها.
"ضمني إليك مارك ولا تتركني أبداً"
وهذا ما فعل، شعرت بجسدها يلتحم معه وكأنهما شخص واحد.. وجدت مكانها أخيراً.. المكان الذي ظنت بأنها فقدته للأبد.


أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-04-13, 11:58 PM   #38

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

شعر دراكو بالارتياح بينما يؤكد له الطبيب بأن بيانكا لا تعاني شيئاً خطراً، وبأن جسدها يحتاج لبعض الوقت كي يتعود على الكلية الجديدة، رافقه الطبيب إلى الغرفة التي تحتجزها أبنته التي تتهيأ في هذه اللحظة لمغادرة المستشفى والعودة إلى إيطاليا.
فتح الباب بعد أن أعتذر الطبيب ليتحدث مع الممرضة، لقد عاش جحيماً في الثمانِ والأربعين ساعة بسبب الفحوصات الدقيقة ويشعر الآن وكأن أجنحة لا مرئية نبتت له ويطير في نشوة لذيذة بفضل الأخبار الرائعة... تستطيع بيانكا العودة إلى البلاد دون مشاكل.
لكن سالبة أفكاره لم تكن وحدها عندما دخل... وأيضاً... لم تكن في وضع عادي.
أقطب بعنف بينما يراها تبتعد عن حضن الشاب الذي دار على عقبيه ليواجهه، شعر وكأن سطلاً من الماء البارد يسقط على رأسه بينما يتعرف فوراً على رفيق فلورانس ريتشي في أفتتاح معرض المجوهرات قبل بضع أسابيع... بحق الجحيم... ليس رفيق فلورانس لكنه أمام دافيد ريتشي أبن روبيرتو ريتشي... لا بد إنه يعيش أشد الكوابيس سخافة.
"دراكو..." سمع بيانكا تتلعثم بينما تزداد حرب النظرات بينه وبين الشاب الذي يرفض أبعاد عينيه..."أقدم لك دافيد"
"ما الذي يفعله هنا؟؟" سأل بصوت جليدي دون أن يزيح نظراته عن غريمه...
هل هذه خطط فلورانس؟؟ أرسلت شقيقها إلى حياة بيانكا لتنتقم منه؟؟ رباه... سيلوي عنق السافلة إذا ثبتت أفكاره.
كان مضطراً لإنهاء حرب النظرات بينما تقف أبنته بينهما وتتطلع إليه ببعض التحدي.
"إنه حبيبي"
رمش بعدم تصديق.
دافيد ريتشي و... بيانكا؟.. بحق الجحيم منذ متى بدأت هذه العلاقة؟ أرتد إلى الوراء يمنع نفسه بعنف كي لا ينفجر في وجه صغيرته.. شعر بأنه في دوامة الا فهم... بيانكا لا تغادر قلعة عائلته في صقلية، ولم يرى هذ الشخص البغيض في الجوار يوماً... منذ متى أضحى حبيبها؟
"تشرفت بمعرفتك سيدي..."
نظر إلى اليد الممدودة وكاد ينفجر في الضحك... لا بالتأكيد... ليس الضحك ما يتملكه في هذه اللحظة بل الغضب الأسود.
"دراكو... أرجوك صافحه" تمتمت بيانكا بهمس وهي تتوسله بنظراته.
إن فعل ما تطلب فهذا يعني بأنه تقبل علاقتهما... الشيء الذي لن يفعله أبداً.
أبنته لن تخرج مع فرد من تلك العائلة المقيتة والمنحلة أخلاقياً... فضائحهم منتشرة في الأركان الأربع من الأرض، ودافيد ريتشي هذا لا يقل حقارة عن باقي أفراد عائلته... ألم يكن هو من عاشر امرأة متزوجة من دبلوماسي وتم نشر صورهما في جريدة الفضائح قبل بضع سنوات؟...
"أبي... أرجوك"
أبي؟ منذ متى تناديه بأبي؟ تصلب بقوة أمام هذا الأستفزاز العاطفي وعاد يتفحص الشاب الوسيم الذي أسترجع يده ويرمقه حالياً ببرود.
يعرف لما سقطت بيانكا بسهولة في سحره، إنه متوفر على كل ميزات رجل مغواء متمنق، يطفح وسامة ويهتم ببنيته الجسدية بالتأكيد... لا يشبه حقاً فلورانس، فبينما هذه الأخيرة تتميز بأجمل عيون خضراء رآها في حياته، عيون شقيقها زرقاء تمام كباقي أفراد عائلة ريتشي... كانت بشرته ذهبية مثل شقيقته لكنه أطول منها بكثير بالكاد تصل بيانكا إلى كتفه.
"أنا أعرفك..." قال دراكو متجاهلاً توسلات أبنته "أنت الذي تسبب بطلاق ذلك الديبلوماسي مع زوجته..."
هز حاجبيه كرد على الصفعة الموجعة، بدى وجه بيانكا محمراً من الخجل بينما أستطرد دافيد ريتشي.
"هل تصدق ترهات الصحافة دون فالكوني؟؟"
"لا يوجد دخان بلا نار..." أجاب ببساطة.
"بالتأكيد..." رد دافيد بهدوء "عندما أتهموك بقتل زوجتك ودفنها بعد أختفائها كان هناك شيء من الحقيقة إذاً... لهذا عادت فجأة على السطح وبدون إنذار سابق..."
إنه يكره هذا الشاب... قرر بينه وبين نفسه... هذا الشاب الذي لا يفرق الكثير بين سنهما لكنه يحمل كل غطرسة آل ريتشي.
"أريد بيانكا في حياتي بموافقتك أو بدونها دون فالكوني..."
"إنها مجرد طفلة" رد بسرعة دون تفكير مما دفع بيانكا للغضب، رمقته بكراهية لكن دافيد أحاط كتفيها بذراعيه بطريقة متملكة وأجاب:
"إنها امرأة مميزة... " ثم أضاف "سعدت بلقائك سيدي..."
"سوف ترحل؟" سمع بيانكا تقول بصوت أجش وأشاح بعينيه عليهما.
إن رآه يقبلها أمامه فسيرمي الطعام في معدته أمامه من اشمئزازه.
يعرف بأن بيانكا لم تعد طفلة، لقد تجاوزت الواحد والعشرين منذ أشهر وتستطيع تقرير حياتها وبقائها مع من أرادت... نعم... مع من أرادت سوى فرد من آل ريتشي.
ما إن رحل الرجل حتى قذفته بيانكا بوابل من الكلمات المعاتبة بينما ترتدي سترتها الرقيقة فوق فستانها.
"أنت أسوأ أب رأيته في حياتي..."
"بالتأكيد فقد أنجبتك ولم أتجاوز السابعة عشر بعد..."
هزت عينيها إلى السماء وتمتمت بجفاف:
"لن تمنعني من مقابلة دافيد... لقد جاء خصيصاً إلى هنا عندما علم بتوعكي..."
"يال نُبل أخلاقه..." تهكم بقسوة.
"هذا يكفي" صرخت به بعصبية وأشارت به مهددة "سوف أعود للعيش مع أمي.. لكن لما أعود للعيش معها بينما أستطيع قبول عرض دافيد بتقاسم شقته في لوس أنجلوس؟؟"
"أبنتي لا تنام مع رجل دون عقد زواج... أنتِ لست أمريكية بيانكا، أنتِ من الفالكوني، صقلية الجذور وستفعلين ما آمرك به قبل أن ينفذ صبري..."
شحب وجهها بعدم تصديق، جمعت شعرها الأسود بتسريحة صارمة ثم وضعت نظارتها الشمسية على وجهها.
"ما رأيك ألا أركب طائرتك ولا أعود برفقتك إلى إيطاليا؟؟ أنا راشدة دراكو... لن تمنعني إن أردت البقاء مع دافيد..." أمام وجومه وقسوة نظراته هتفت ببرود "لن تملي علي تصرفاتي فلست ديامانتي... أنا أبنتك... ورثت عنادك واستقلاليتك وتعرف ما سيولده الضغط أبي..."
مرت لحظات يتواجهان كعدوين قبل أن يقرر دراكو تهدئة الموضوع... لن يخسر بيانكا بسبب هذا المعتوه الذي سيملها قريباً ليبحث عن غيرها، أي رجل عاقل سيربط مصيره مع امرأة مريضة حياتها مهددة وقد تموت في أية لحظة.
رقت ملامحه وحاول أمساك يدها لكنها رفضته بشراسة.
"أنتِ محقة ... أنا أسوأ أب في العالم..." أقطبت لكنها احتفظت بصمتها، تنهد متابعاً "حسناً أعترف بأنني شعرت بالغيرة من صديقك..."
نجحت خطته إذ إن بيانكا تخلت عن عدائها وأقتربت منه تتطلع إليه بلطف.
"لكنك الوحيد فارس أحلامي دراكو... لن أحب أحداً أكثر منك"
ابتسم لها وذكرها بهدوء:
"قبل دقيقتين كنتِ على أستعداد تام بتقاسم شقة رجل آخر بعيداً جداً عني..."
أحمر وجهها ولفت ذراعيها بخصره وأحتضنته طويلاً قبل أن تهز عينيها نحوه وتشرح بهدوء:
"دافيد رجل رائع أمنحه الفرصة ليثبت لك ذلك. حسناً... ربما علاقتنا ليست وطيدة جداً بما يكفي لكنني أشعر بأنني أعرفه منذ مدة طويلة... كما إنه يتعامل مع مرضي بشكل طبيعي ويساندني... أشعر بأن مشاعري تتطور نحوه فأرجوك... لا تحطم سعادتي"
* * * * *
هزت 'بيلا' عينيها نحو مدخل المطبخ في الوقت نفسه الذي أقتحمه أليكس.
شعرت بالأرض تهتز تحتها أمام المفاجئة الصاعقة، كانت هناك جدتها وفاليريا وماريا، الكل توقف عن العمل بينما أليكس يدنو نحوها وكأنه لم ينتبه للجلبة حوله، شحب وجهها بينما تقرأ في وجهه ... للمرة الأولى... و كأنه كتاب مفتوح أمامها..
"مرحباً بيلا..."
"دون أليكسندر بما أخدمك..." تلعثمت أمام قوة تعبيره الذي لن يفوت تفسيره أحد مما حولها.
ما الذي يحدث بحق السماء... منذ أيام تشعر بأنها 'أليس في بلاد العجائب'، أتصالات مارك غامضة وكلامه ملتوي، تصرفات التوأمين مهتزة وقلقة، حتى دونا كاثرين تنظر إليها بشكل يهزهز كيانها في كل مرة... ربما تحفظها عائد لما رأته في المزرعة بينما تطرد أليكس من غرفتها.
حتى جدتها عادت للقلق مجدداً بشأنها، ربما علاقتهما لم تعد حميمة كما السابق لكنها لم تخفي قلقها عليها... فاليريا وماريا أيضاً.
ظنت بأنها تخلصت من أليكس في لندن، ما الذي يفعله هذا الأخير هنا؟؟ يتطلع إليها بعاطفة دفعت الدم إلى وجنتيها.
"هل يمكننا التحدث على إنفراد؟؟" سمعته يسأل بهدوء.
التقت نظراتهما وتذكرت قساوة كلماته معها في روما وتحجيمه لها في المزرعة، هل يظن بأنه يكفي أن يطلب مكالمتها كي تستجيب لأوامره؟؟ لقد دفعها لليأس وحاولت إنهاء حياتها البائسة بسببه.
"أرجوكِ..." سمعته يضيف.
"أليكس..."
هذا كان صوت دونا كاثرين، وقفت فاليريا وماريا وجدتها من مكانهن هذه المرة، بدى الجميع وكأنه في حيرة من أمره، وحدها من يدرك حقيقة ما يحدث... ارتجفت من القلق وحاولت الابتعاد عن أليكس الذي قطع المسافة بينهما ليمسك بمعصمها.
"بيلا... تعالي معي"
"لا تستطيع فعل ذلك..." سمعت صوت والدته تقول ببرود.
"أحبكِ بيلا.." هتف بقلق وهو يبحث في وجهها عن ردة فعل لاعترافه.
الرد الوحيد الذي جاء كان صرخات أستنكار من جدتها وتأوهات مفاجئة من ماريا وفاليريا.
شعرت بساقيها ترتعدان تحتها وترفضان حملها، كانت خجلة ومرتعبة مما يحصل لها.
"أخبرني مارك أنطونيو كل شيء" تابع مما جمد الدم في عروقها.
"توقف أليكس" همست له متوسلة.
"قال بأنني سافل، دفعتك للموت دون أن أدري... بحق الله... كنت لأموت لو أصابكِ مكروه"
نزعت معصمها من يده بقوة وتحررت منه، من خلال دموعها قرأت عذاب جدتها، لقد خذلها مارك... عراها أمام أليكس وحط من قدرها أمامه، لن تغفر له مطلقاً... ما أعاد أليكس إليها هو الشعور بالذنب، إنه عاجز عن حب أحد.
"بيلا... أنا آسف"
"لا أريدك مــــطلقاً في حــــياتي ..." صرخت من خلال دموعها، العار والخذلان يُثقلان عظمها، نزعت خاتم خطوبتها وواجهت جدتها التي غرق وجهها بشحوب "لقد كنــــت غبية جدتي وخذلــــتكِ وخذلت نفسي... لا يمكنني التصــــنع أكثر، لم يكن يوماً شيء جدي بيني وبين دون مارك أنطونيو، أدرك بأنــــــني حاولت الأنتحار بسبب جــــــروح قلب غبـــــية وأسرع لنجـــــدتي... لكنه اليوم يرسل شقيقه لينهي هذه الخطوبة المزيفة"
"مارك لم يرسل أليكس" تدخلت دونا كاثرين بحرارة وهي تواجهها وتقاطع أبنها "ربما حان الوقت لأخبرك سبب اختفائه... لقد عثر على والدة رالف وجو الذي أعتقدنا إنها ميتة منذ زمن طويل..."
عادت الشهقات ترتفع وتابعت دونا كاثرين كلامها دون أن تُزيل عينيها على وجه بيلا المصفر:
"الله وحده يعلم بالمحنة التي يمر بها مارك حالياً، وهو يحترمك لدرجة يرفض فيها إنهاء خطوبتكما هاتفياً، نصحته أمس بإعلامكِ لكنه فضل المجيء أولاً للتحدث إليكِ..."
"عموماً سبق وأتخذت قراري وأنا سعيدة جداً من أجل دون مارك أنطونيو... " منحت خاتم خطوبتها إلى كاثي التي قبلته دون تردد متفهمة "أنا لا أنتمي لعالمكم سيدتي وخطوبتي الوجيزة من دون مارك أكدت لي هذا الشيء... أحببت أليكس لأنه تقاسم إعاقتي وتقبلني كيفما أنا وساندني.. لا أخجل من مشاعري نحوه بقدر ما أخجل من سذاجتي"
"بيلا..." تدخل أليكس هذه المرة "لقد حاولت قتلك في روما بسبب الصرع الذي أعاني منه..."
" 'بير ديو'.." سمعت جدتها تقول بصوت غليظ "هل هذه هي الصديقة التي كنت تترددين عليها خلال أجازاتك؟"
تشنجت بعار لكنها أجبرت نفسها على الأستمرار في محنتها إلى النهاية، حدقت مباشرة في عيني أليكس وشعرت بقلبها يتمزق وهي تقول:
"ليس الصرع ما حال بيننا أليكس، نحن مختلفان والعالم بأسره يحول بيننا... لا أريد شفقتك بشأن نزوتي الغبية..." قاطعها أليكس مؤكداً:
"أنا أحبكِ بيلا... سأخضع للعملية من أجلكِ ليس الشفقة ما قادني إلى هنا"
يبدو التعبير في وجهه مقنعاً لدرجة تمنت تصديقه... صفعة سالي فيليبو في المزرعة كانت الدواء الشافي من جنونها لأليكسندر ريتشي... فقهت للمسافة الشاسعة بين عالمها وعالم حبيبها.
"بيلا..." همس مترجياً تقريباً.
كما سبق وترجته في روما... لقد جثت على قدميه لكنه لم يتردد بتحطيم قلبها إلى قطع صغيرة.
"آسفة أليكس... لم أعد أحبك"
تركته مجمداً في مكانه ينظر إليها وكأنه لا يراها، شعرت بأعين الجميع عليها، الكل يحبس أنفاسه، من خلال غيمة الدموع شعرت نظرات والدته، لمحت بعض التقدير في نظراتها لكنها كانت تشعر بالألم والعذاب لدرجة كبيرة.
"أنتِ تحقدين علي..." عاد صوته ينغرز في لحمها كالمسامير "تريدين الانتقام مني فحسب... أنتِ ما تزالين مغرمة بي"
"ربما.." أجابته وهي تهز ذقنها "ربما تخطأ بتقدير نفسك للمرة الأولى في حياتك"
ثم منحت الكل ظهرها وغادرت من خلال الباب الخاص بالخادمات... نعم الخادمات.. مثلما كانت ولن تكون بعد الآن.
قرارها أتخذته منذ عودتها من المزرعة... سترحل إلى أستراليا وستبدأ حياتها وتتابع دروسها وتنسى كلياً عائلة ريتشي.
* * * * *


أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 24-04-13, 11:59 PM   #39

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"هل ستخرجين؟؟"
ابتسمت أنجلا بعد أن أنتهت من صبغ شفاهها بأحمر الشفاه ودفعت أصابعها في كومة شعرها الشقراء الناعمة قبل أن تستدير نحو جوشوا الذي كان يقف أمام عتبة غرفة نومها التي هجرها هو منذ بضعة أيام... كان الأتفاق مشتركاً... تريد منحه بعض الحرية كما طلبها تماماً.
"سبق وأخبرتك بأن صديقتي آيفيت تدفن عزوبيتها الليلة..."
"وما هي مشاريعكم الليلة..."
من نبرة صوته لا يبدو عليه الحماس لهذه السهرة، يبدو عابساً وجافاً...
"أمممم... هناك عرض تعري لشاب مفتول العضلات ثم تدليك أسترخاء للجميع من قبل شركة خاصة بهذا النوع من الأحتفالات، ثم سنتمم السهرة في نادي ليلي ..."
"من وراء هذه الترتيبات الحماسية؟"
"إنها فلور..." قالت مبتسمة وهي تتأبط حقيبتها الصغيرة.
"كان يجب أن أشك بذلك... "
"لا تكن غيوراً"
"أنا لست كذلك..." رد عليها فوراً مما ازال ابتسامتها ونبهها مجدداً لعلاقتهما المهتزة والباردة.
كاذب... نبأ جوشوا صوت داخلي وسخر منه، هز رأسه بإمتعاض وعادت عيناه تسقطان على الفستان الأسود المشبع بالكريستال الذي يبرز مفاتن هذا الجسد الأنثوي الكامل، ساقيها الطويلتين المكشوفتين منتهيتان في حذاء فضي عالي الكعبين، وجهها مجمل بعناية فائقة وغمامة شعرها الذهبية متموجة بإثارة على كتف واحد... كانت فاتنة بكل ما للكلمة من معنى.
عبس فجأة وهو يتذكر شكوكه بشأن عشيق خفي هل كل هذه الجلبة بشأن 'حفلة دفن العزوبة' مجرد حجة كي تنام خارج البيت الليلة مع حبيبها؟؟
هاجمته موجة من العطر الأنثوي واكتشف الفاتنة الشقراء بالقرب منه، تنتظر أن يبتعد قليلاً عن الباب كي تتمكن من الخروج، التحمت نظراتهما قليلاً ورفض تخيلها بين ذراعي رجل آخر... لا يمكن أن تكون مشاعرها إتجاهه زائفة، هذا الدفيء الذي تتطلع به نحوه يبدو حقيقياً...
"هل أنتِ مضطرة للذهاب؟؟"
"حبيبي إنها حفلة آيفيت... سوف تتزوج الأسبوع القادم لا يمكنني تفويتها... سيكون هناك ميا وفلور أيضاً..."
"وكأن وجود فلور يريح أحد... إنها قنبلة كوارث متنقلة... تميل لكل رجل تقابله"
"لم تعد كذلك منذ زمن طويل جوشوا..." شعر ببعض الراحة بينما تنقبض أصابعها على أصابع يده وتحدق إلى عينيه مباشرةً "أرى إنك تتذكر الجميع سواي... لماذا؟؟"
سؤال وجيه... لماذا؟؟ لماذا يرفض عقله الباطني استرجاعها كلياً في قلبه وعقله؟؟ لماذا كل هذا الغموض حول علاقتهما وزواجهما؟
"لم أحب رجلاً مثلما أحببتك... ومهما كانت علاقتنا الحالية مهتزة فلن أخونك ولو بنظرة الأعجاب لمدلك مفتول العضلات أو راقص تعرِ... كل هذه الترهات... بلا معنى... سوف نتسلى فحسب... وسأحبك عندما أعود إلى البيت وأجدك مقيماً في غرفة الضيوف بدل غرفتنا"
طبعت قبلة خفيفة على وجنته ثم تركت يده وافتقد فوراً لدفئها، تبعها بنظراته تتمشى في الرواق، وركيها يتمايلان بإغراء تحت فستانها المختار بعناية... رباه... لن تخرج في هذا الفستان لأن كل رجل في ذلك الملهى الليلي اللعين سيقفز عليها.
"ماذا بشأن ليلي وأندريس جينيور"
توقفت مكانها والقت نظرة من فوق كتفها بينما تنادي المصعد بضغطها على زر ذهبي كبير.
"إنهما مع المربية فلا تقلق..."
"ماذا إن أفتقدك الصغير؟؟"
"أنت هنا جوش..."
انفتح المصعد فأدلفت إليه، شتم بصوت منخفض وبعد نصف ثانية كان معها داخل الكابين الأنيقة، أنغلقت الأبواب ولم يتجرأ على التطلع نحوها.
"ظننت بأننا سنتناول العشاء معاً... كنت قد رأيت مطعماً في الجوار مختلف عما نتردده عادة..."
تنهدت أنجلا، وصل المصعد إلى الطابق السفلي فخرجت منه تخنق صوت حذائها العالي الكعبين في السجاد الفاخر الممتد إلى ما لانهاية في الردهة.
"لما لا غداً؟ سأسعد بخروجنا معاً..."
ثم التقطت أندريس الصغير من ذراعي المربية وقبلته بحنان قبل أن تفعل الشيء نفسه مع ليلي.
ضغط على أسنانه بينما تلتقط مفاتيح سيارتها وتودعه بابتسامة متصلبة.
عندما سمع هدير محرك السيارة خارجاً شعر بأن نار متقدة اشتعلت في كيانه.
* * * * *
استرخت فرجينيا تحت الحرارة الأستوائية وعرّضت وجهها إلى الشمس مستنشقة ملوحة أنسام البحر الهندي، ابتسمت عفوياً بينما تعود لتفتح عينيها وتتأمل الجزيرة المرجانية الحية وحواجزها الترابية، لم يسبق أن وطأت قدميها في جزر المالديف، وهي سعيدة لأنها اكتشفتها برفقة أندريس... خطيبها... ليس طويلاً.
شعرت بحركة غير بعيدة واستقامت في مكانها لتراقب بفم مشدوه الرجل الأسمر الذي يغادر الأمواج الفيروزية ويتلألأ جسده المشدودة بألف قطرة ماء، بحق الله... هل حقن نفسه بدواء ضد الشيخوخة؟؟... ابتسمت لنفسها بينما تراه يدفع بشعره المبلل إلى الوراء ويشد انتباه مراهقتين غير بعيدتين من الشط... شعرت بالدم يجري بنشوة في شرايينها بينما تتمعن في هذا الجسد الذهبي الذي سرق لبها منذ أن خرجت لتوها من المراهقة وتقاسمت معه الحب للمرة الأولى في حياتها.
قريباً سيكون لها... هذه الليلة عند الغروب سيتحدان أمام الله...
ألقى نفسه على الكرسي بجانبها وعاد يسألها نفس السؤال:
"هل أنتِ سعيدة؟"
"ليس تماماً... انتظر زواجنا بفارغ الصبر"
نامت على جانبها وراقبته بنهم يجفف نفسه بمنشفة بحر قبل أن يكومها ويرميها بالقرب منه.
لقد رفض أن يتزوجان بسرعة مثل اللصوص في لندن، تحدثا طويلاً وطارا إلى هنا ليخططا إلى حفل زفاف بسيط لا يجمعه غيرهما... بعد ذلك سيحتفلان مع العائلة في لندن بعد أن تُصلح الأمور.
"من الأفضل أن نعود إلى الشاليه قبل أن تحترق بشرتك كلياً... لا أريد عروساً مشوهة."
أشبكت أصابعها بأصابع يده وغادرت مكانها تنظر إلى الشاطئ المالديفي المثالي بأشجار النخيل الباسقة والبحيرات الفيروزية الخلابة.
أطلقت ضحكة مختنقة بعد أن لفها بذراعيه وضمها إليه بقوة، أصبحت هذه المبادرات الرومانسية عادية منذ وصولهما إلى هنا، كانت تعيش حلمها المستحيل الذي أعتقدته ميتاً منذ أن رُزقت بفلورانس... عاد القدر يمنحها فرصة سعادة مع الرجل الوحيد الذي أحبته بقوة.
"أحبك أندريس..."
قبلها بحرارة أذابت عظامها وأحاطت عنقه بذراعيها تحدق إلى عيناه بكل حب:
"لن تغير رأيك هذه الليلة؟"
"أفضل الموت" أجابها بصراحة.
رده أثمل غرورها الأنثوي، هزت رأسها عيناها تلمعان بإثارة وجسدها الممشوق الرائع يتموج تحت البيكيني الأبيض الذي ترتديه:
"من يصل إلى الشاليه أولاً يُنفذ كل رغبات التالي"
هز أندريس حاجبيه سانحاً الفرصة لها للأسراع:
"سأكون سعيداً بإرضاء كل رغباتكِ عزيزتي..."
أتسعت ابتسامتها، وأستجابت للاستفزاز المغري ثم أسرعت إلى الشاليه وهي تتخيل السيناريو اللذيذ الذي سيعقب.
* * * * *
"القليل من الغيرة لن يضر بجوشوا صدقيني"
هزت ميا كأسها تتمنى نخباً وحذو البقية حذوها، اشتعل وجه آيفيت بينما يدخل أربع شبان إلى غرفة التدليك الراقية الذين تم أستخدامهم من قبل الشركة الخاصة.
"رباه... لن يعجب خطيبي هذا"
سمعت أنجلا صديقتها تهمس لها بحماسة فردت ميا بنفس الطريقة:
"ولا خطيبي..."
"لكنكما ستفعلان..." ردت فلور ساخرة.
عادت أنجلا تحملق في الشبان الذين تم أختيارهم بكل مهارة، كانوا كاملين من كل الزوايا، لا تخفي عضلاتهم السخية سوى قطع قماش مثيرة، أقطبت وشعرت بمعدتها تتلوى... من المستحيل أن تترك احد منهم يدلك ظهرها أو يلمسها... ضمت روبها إليها وتطلعت إلى فلور التي بدت وكأنها مترددة أيضاً.
"سأكتفي بتدليك قدماي..." سمعتها تقول فجأة.
"ماذا؟؟ لقد كانت فكرتكِ..." نهرتها ميا بشدة.
"مع بطني المكور لن يُمكنني الأستلقاء ببساطة..."
بللت أنجلا شفاهها بينما المدلكون ينتظرون التحاقهم بطاولات التدليك.
"ولا أنا... آسفة آيفيت... فقدت عذريتي مع زوجي ولا أريد أن يلمسني رجل آخر حتى من باب التسلية"
"أنسحب بالمقابل..." قالت ميا بخجل.
"أنا أيضاً..." تنهدت آيفيت وغادرت مقعدها قائلة..."نريد نساءاً آسيويات..."
بعد قليل كن مسترخيات تحت يد المدلكات الخبيرات، كن تخنقن الضحك كلما التقت نظراتهن لكنهن تعرفن بأنهن قمن بالخيار الصحيح.
* * * * *
زم دراكو شفتيه بينما يتسلل صوت فرانكو إليه منبهاً عبر هاتفه النقال.
"لقد آذت نفسها وتم نقلها إلى المستشفى بباليرمو... أختفت ولم نعثر عليها"
أغلق هاتف الطائرة وتطلع إلى بيانكا التي تسترخي في المقعد المقابل له وتغط في نوم عميق.
تمكن من إعادة أبنته لكنه فقد ديامانتي مجدداً... أي سوء حظ يلاحقه؟ هل كان رجاله من الغباء كي ينقلوها إلى المستشفى بدل طلب الطبيب إلى اللعينة؟ لقد تلاعبت بالجميع مجدداً... استغلتهم كما سبق ونجحت مرتين على التوالي.
بعد أن بدأ بمنح الناس الصورة التي يريدها تقوم بخطوتها في الوقت الغير مناسب مجدداً... كان ينوي تحريرها بعد شهر تماماً... بطريقة طبيعية وتناسب خططه.
هل عادت لنيوس ليونيداس؟ لا... ليست من الغباء من أن تفعل ذلك... من ساعدها؟ إنه لا يثق بوالديه ولا بمفرد من محيطه... غير فرانكو بالتأكيد.
مسح على وجهه ببعض الأرهاق، ذهبت خططه أدراج الريح مثل السابق... حتى إنها لم توقع على أوراق الطلاق، أخذت حريته هو الآخر معه... رباه... سيقتلها إن عثر عليها هذه المرة.
لا تتوقف عن تحجيمه والتلاعب به، يقسم بأقدس من في الكون أن يُدفعها الثمن.
* * * * *
وجد جوشوا طريقه بمشقة بين الراقصين، كان النادي الليلي مكتظاً بشكل خانق، جلس على البار وطلب مشروباً بنفس الوقت يتفقد الطاولات المحجوزة في الزوايا المظلمة، بسرعة عثر على مبتغاه.
كانت أنجلا مع بقية الفتيات الغارقات في هستيرية من الضحك وحمى من الأحاديث الشيقة، شرب من كأسه دون أن يبتعد بعينيه على الشقراء الفاتنة التي تثير أنتباه كل الرجال الجالسين بالقرب من طاولتهن...
في البداية شعر بالخجل من قراره بالالتحاق بها ما إن غادرت ستارهاووس، سرعان ما تحول خجله إلى هوس، وطاردها منذ التقائها بالفتيات في مقهى المدينة إلى دار التدليك الشهير ثم هنا في هذا المكان المكتظ بكل المغريات والمحرمات.
أنهى كأسه وثبت زوجته بعيناه الخضراوين، يراقب كل حركاتها بنهم، على الأقل تستمتع بوقتها بينما يحترق هو على نار الشك، القت رأسها إلى الوراء تضحك من قلبها بينما يقترب راقص تعرٍ من آيفيت التي أدلفت ورقة نقدية في سرواله القصير ورفضت أن يكشف عن عضلاته... فلور.... مثل المعتاد، صرخت بحماسة تطالب العكس.
هذه المرأة المنحلة أخلاقياً خطر على زوجته، ضغط على أسنانه بينما يصر الراقص على التعري لكنه هذه المرة فقد اهتمامه بآيفيت وركز على أنجلا، رغم أعتراض هذه الأخيرة أمسكها من يدها وجذبها بين ذراعيه ليراقصها، لم يشعر بنفسه إلا وقد غادر مكانه وتوجه رأساً إلى الطاولة المنعزلة، كان وجهه مسوداً من الغضب عندما لمحته زوجته أخيراً ارتسمت الدهشة على وجهها وحاولت الابتعاد عن الرجل الفخور بعضلاته بلا جدوى، أنتزعها منه بعنف ووجه لكمة موجعة لوجهه الوسيم... بسرعة تجمهر الناس ووصل رجال الأمن إلى المكان.
أمسك زوجته من معصمها وجرها ورائه غير آبه باعتراضها، عندما لمع فلاش كاميرا من مكان ما أدرك بأنهما سيترأسان جرائد فضائح الغد... رباه كم يكره حياته.
* * * * *
تركت أنجلا سيارة جوشوا كالعاصفة وسبقته إلى البناية البيضاء النائمة بخطوات هائجة فاقدة السيطرة.
في كل حياتها لم تعرف حرجاً ولا إذلالاً مماثلاً... ما قام به جوشوا في النادي الليلي همجي... ستكون مصدر سخرية العالم لمدة طويلة من الزمن.
بعد أن كسر أنف الراقص وجرها كسكان الكهوف بوحشية تقريبًا تجاهلها طيلة الطريق وتركها تنفجر في سلسلة من الكلام الذي لم يرد عليه... لقد أفسد ببساطة حفلة آيفيت بسبب شكوكه اللعينة.
القت حقيبة سهرتها بعنف على السرير ما إن وصلت إلى غرفتها وعصرت عينيها لتتخلص من دموع الأذلال التي تعميها... لن تسامحه ذات يوم.
رباه كم تشعر بالعار لما حدث... كم تشعر بالعار والخجل من أستسلامها وأنهزامها أمام زوج بالكاد تتعرف عليه.
استدارت بعنف نحو الباب الذي آتى على أقتحامه جوشوا... كان وجهه ما يزال مسوداً من الغضب، عيناه مضيئتان وسط العتمة الخفيفة لغرفة النوم، هاجمته بشراسة ما إن أغلق الباب خلفه:
"ماذا أيضاً أيها البدائي البعيد عن التحضر... ترغب بكسر أنفي أيضاً بعد أن أغرقت وجه ذلك المسكين في الدم؟؟"
"لا أريد أن يلمس رجلاً آخر زوجتي..."
"كان يقوم بعمله فحسب..." صرخت به بغضب "لقد تم الدفع إليه ليقوم بذلك... أنت لا تثق بي أدركت ذلك بينما تفعل ما تستطيع لمنعي من الذهاب إلى حفل دفن العزوبة"
"أنا من سيقوم بدفن أي رجل يقترب مما هو لي... أحذرك أنجلا هذا النوع من الترهات أنتهى... ستخرجين معي فقط إلى وقت متأخر، لست ضد لقائكِ مع صديقاتك لكنني لا أثق بفلور ولا أحبها..."
هزت عينيها إلى السماء وتخلصت بعصبية من حذائها العالي الكعبين وأقراطها الماسية الصغيرة، وضعتها في علبة مخملية مع باقي مجوهراتها وهي ترد بجفاف:
"أنا امرأة مستقلة جوشوا..."
"هل هذا يعني إن وجودي في حانة تعري نسائية لن يزعجك أنجلا؟"
أصفر وجهها، إنه يتلاعب بكلامها ويديره لمصلحته... لا تتخيله في نادي تعري نسائي ستموت بالتأكيد إن فعل ذلك.
"أجيبي" هتف ببرود
"إسمع..."
"لا أنتِ أسمعي... لا نوادي تعري ولا حفلات سخيفة بعد اليوم هل أنا واضح؟"
تنهدت بضيق وعدت إلى عشرة كي تهدأ نفسها، كتفت ذراعيها فوق صدرها وذكرته بهدوء:
"من يسمعك يعتقد بأنني أخرج كل ليلة لأتسلى... إنها مجرد حفلة آيفيت، عندما تزوجنا قمت بها أنا ورفيقاتي... أنت أيضاً قمت بالشيء نفسه"
"لم أفعل... لقد كذبت عليك"
هزت حاجبيها متسائلة بينما تابع ببرود:
"أمضيت الوقت مع مارك أنطونيو نشاهد مباراة في كرة القدم ونحتسي الجعة..."
ماذا؟... شعرت بسعادة كبيرة لهذا الاعتراف الغير متوقع، في الماضي رفض أن يخبرها عن حفلته بينما دفعها لتروي له تفاصيل حفلتها.
"هل استعدت ذاكرتك ..."
قاطعها بحدة:
"استعدت ما أريد استعادته..."
في الصمت الذي أعقب، صوت أنفاسهما فقط ما يزعج الهدوء المخيم، تبادلا النظرات المشتعلة بالغضب والرغبة والملامة، وعلق الوقت في نقطة مبهمة.
في هذه اللحظات العالقة تراقص كل شيء بينهما، الشوق المكتوم والغيرة، النظرات المحمومة والاتصالات الوجيزة، اشتعلت نيران الرغبة وألهب الشوق حواسهما بشكل ملموس، أصبحا أمام نقطة اللاعودة، لا أحد هذه المرة قد يوقف هذه العاصفة النارية التي ألمت بهما وأقتلعت أحساسهما بالواقع، تنهدت بعجز بينما شتم جوشوا مستسلماً بدوره أمام عجزه وأنقض كل منهما على الآخر بجوع الأشهر الماضية التي فرقتهما.
* * * * *
بالكاد تصدق ديامانتي توسط اليخت الصغير للبحر الابيض المتوسط مبتعداً كلياً على اليابسة وصقلية.
بالكاد تصدق حريتها، عشيقة دراكو المتعطشة لأهتمامه مجدداً قامت بمساعدتها كما وعدت... والتلاعب بالأميرة الأم لم يكن صعباً... يبدو إن هذه الأخيرة تمنت موتها عندما أدعت بمغص قوي وطلبوا الأسعاف إلى القصر.
عندما هربت من المستشفى وجدت سائق بسيارة سوداء في انتظارها وهو من أقلها إلى نقطة مفقودة في الميناء كي يتم نقلها إلى تونس بكل سرية بواسطة يخت صيد صغير.
استنشقت عبير البحر المملح وعاد شعور الحرية يدغدغها.
لا تجرؤ على تخيل ردة فعل دراكو.. سيحرق الأخضر واليابس وسينتقم من رجاله، لكنها صارت خبيرة في الهروب منه، لقد آذاها بما فيه الكفاية.
عموماً تملك من المال ما يكفي، سوف ترحل من مطار تونس العاصمة إلى أي وجهة بعيداً جداً عن أوروبا، بقائها خطر... قد يعثر عليها دراكو بينما أبن نيوس ينمو في أحشائها.
فكرت في المكسيك، ثم عادت تغريها فكرة أنجاب طفلها في جنوب أفريقيا، بعد ذلك أنحرف ميولها بعيداً...طالما عشقت الأمارات العربية المتحدة مع القليل من الحظ قد تجد عملاً متاحاً في أحدى العائلات وربما المستشفيات الخاصة.
وضعت يدها على بطنها المسطحة وابتسمت براحة عارمة، أخيراً ستعيش حريتها... ستعيش حملها بدون أي ضغوطات أو تهديدات...
"أراكِ ساهمة برنسبيسا"
تشنجت ديامانتي بعنف واستدارت نحو مصدر الصوت لتصطدم بالدوقة السمراء تلتهمها بنظرات شريرة خالية من الدفيء.
أقطبت ديامانتي وشعرت بالرعب، ما الذي تفعله هذه المرأة هنا؟؟ ألم يتفقا ألا يريا بعضهما مجدداً؟؟..
"لم أحسبكِ هنا"
"كان يجب أن أتأكد بأنكِ ستنفذين وعدكِ بالأختفاء كلياً...ولن تفسدي حياتي وهنائي مع دراكو مجدداً..."
"تعرفين بأنني سأنفذ وعدي فقد آذاني بما فيه الكفاية..."
لكن المرأة لم تبدو مقتنعة، ابتسامة متهكمة ارتسمت على وجهها وهي تقطع المسافة بينهما... كان الظلام حالكاً، لا ينير محيطهما سوى الأنوار الخفيفة للمركب، ابتعدت إلى الوراء وأستوقفها الجدار الخشبي القصير، أمتزجت رائحة الخطر بالبحر والخوف والخيانة... الدوقة خططت مسبقاً لخيانتها بينما يقودها سائقها من المستشفى إلى الميناء.
"ذات يوم سوف يعثر عليكِ دراكو ويعيدك... بعدها سيدرك بأنني أنا من ساعدكِ... أفضل لو يكون أرملاً كي نحظى بحياة هنيئة"
نظرت خلفها إلى هدوء البحر المظلم المهدد، إلى المستقبل الأسود أمامها بينما تمسكها ذراع الدوقة وتدفعها إلى الوراء، قاومت بحدة وغرست أظافرها في وجه هذه الأخيرة التي شتمت بقوة وأرتفع غضبها، ركضت ديامانتي بسرعة إلى الجهة الأخرى من المركب وحاولت لمح أي منقذ من بعيد دون جدوى، أمسكتها المرأة من شعرها بعنف وضربت رأسها بالجدار الخشبي، لكنها لم تفقد شجاعتها، ضربتها بركبتها بعنف في بطنها قبل أن تفلت مجدداً، أرتفع صوتها مدوياً في الليل الحالك.
"كارلو... أرمي هذه السافلة خارج المركب..."
ظهر فجأة رجل ضخم الجثة أمام ديامانتي التي كانت لاهثة وشاحبة مثل الأموات، قبل أن تدور على عقبيها لتهرب مجدداً أمسكت بها يدان قويتان وشعرت بنفسها تطير في الهواء عالياً جداً... أستطاعت أن ترى مصيرها بينما تهوي في اليم النائم، وجه الدوقة يتابع سقوطها بنشوة... عندما غمرتها المياه وجمدتها برودته أدركت بأنه الخيار الصحيح لنهايتها... ضاقت ذرعاً بحياتها.

قراءة ممتعه و لا تنسو الردود في الموضوع الاخر


أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 01-05-13, 09:33 PM   #40

أميرة الحب

مشرفة وكاتبة في قلوب أحلام وكاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء وعضوة في فريق الترجمة

alkap ~
 
الصورة الرمزية أميرة الحب

? العضوٌ??? » 53637
?  التسِجيلٌ » Oct 2008
? مشَارَ?اتْي » 14,442
?  مُ?إني » فرنسا ايطاليا
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » أميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond reputeأميرة الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك fox
?? ??? ~
https://www.facebook.com/الكاتبة-أميرة-الحب-princesse-de-lamour-305138130092638/
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل السابع عشر


وضعت يديها في يديه، وهزت رأسها نحوه تنظر الى عينيه اللتين انعكست بداخلهما الوان الغروب المتوهجة.
السماء و البحر لوحة واحدة مصبوغة بلون ذهبي مشتعل، بضع غيوم حمراء قاتمة في الأفق، سحر لا يضاهيه سحر في بحر الملديف... على الرمال الذهبية التي ماتزال محتفضة بدفئ الشمس الراحلة، تلذذت بنعومة الحبات الترابية الللون بين أصابع قدميها الحافيتين، النسائم المملحة تتلاعب بالقماش الأبييض الشبه شفاف لثنورتها الطويلة، كان فستانها بسيط جدا ... قصة رومانية و ثنورة ذات ذيل طويل بحمالات ذهبية حول كتفيها اللتين ازدادت سمرتها بفضل الشمس، شعرها الحر الطويل يتلاعب بسخاء مع تقلبات مزاج الرياح الهادفة، بينما تاج من ازهار القرنفل مغروس برفق في رأسها... ضغطت على أصابعه الدافئة و عادت تغري نفسها بالتطلع الى وجهه الوسيم... كان قد اكتفى مثلها بملابس بسيطة... بنطال أبيض من الكتان و قميص بحر بنفس اللون لا يخفي شيئا من روعة قسمات جسده، شعره المشعث و الذي تلاعبت به النسائم أضافت له سحرا خاصا... ابتسمت بعاطفة غير واعية لكلمات رجل الدين بالقرب منهما... تنتظر فحسب اللحظة التي سيعلنهما زوجا وزوجة... أخيرا... بعد كل هذه السنوات.
لكن شيء ما يزعج هذه السعادة بشدة... شيء يشبه تأنيب حاد من الشخص الثاني لنفسها... فرجينيا الأخرى التي تجاهلتها منذ هروبهما معا من مشاكل أقرابهما .. فرجينيا الممتلئة بالكبرياء والتسلط و التي تسخر منها قبول التنحي و الرضوخ رغم وضوح أندريس بشأن مسامحته لها يوما بسبب فلورانس.
لا ترغب بالتفكير فيما يؤلمها... لقد قال بأنه يحتقرها لذلك و في نفس الوقت طلبها للزواج و إعترف بحبها... سيكون هذا كافيا لنجاح زواجهما أليس كذلك؟؟
ماذا بعد؟؟
السؤال بدى واقعيا لدرجة دفعها للاجفال، و بدل التطلع لوجه الحبيب الذي طال انتظاره وجدت نفسها أمام صورتها هي... ببطن بارزة وملامح تعسة... القرار الذي لم تتمكن حتى بإتخاده بإعلام والد طفلها بإبوته القريبة...
اي امرأة حقيرة كانت؟؟
" هل أنت بخير؟؟"
تلاشت صورتها بسرعة وعاد اندريس لمكانه أمامها، يعبس بشدة مما نبئها بأن رجل الدين لم يتلقى الاجابة التي ينتظرها منها.
هزت راسها بلإيجاب خائفة من التكلم كي لا يكتشف الرعب الذي زحف اليها أمام الخطوة الجبارة التي يقومان بها...
" أندريس دانته ديكاتريس هل تقبل الزواج من فرجينيا ديكاتريس... تعزها و تحبها و تعتني بها في السراء و الضراء حتى يفرق الموت بينكما؟؟"
قل لا أرجوك... جاء توسلها خفيضا لدرجة لم يسمعه غيرها، عينا أندريس ملتحمتان بتملك بعينيها، أصابعه تشد بقوة على اصابعها... هذا الرجل أغرمت به بينما تتسلق بنهم نحو عمر السابعة عشر، أرادت أن تغدو امرأة من اجله فقط، أحبته بشغف كما أدفعته ثمن هذا الحب و أدفعها هو ايضا أثمانه الباهضة من التعاسة و المرارة... هل يعقل أن يتحديان الأن القدر الذي فرقهما لاسبابه في الماضي بكل قسوة كي يرتبطان بكل سرية في هذه الجزر الفردوسية؟؟
حتى أنه لا ينوي مسامحتها بسبب اخفائها فلورانس... أي زواج ثقة هذا ينويان تشاركه؟؟
" نعم أقبل..." سمعته يقول بهدوء.
و كأنه على دراية تامة بالحرب في داخلها، أحست بالرعب بينما يتوجه رجل الدين بسؤالها هذه المرة.
" لست مضطرة لإخباره عن فلور... لو كان يهتم بأمرك حقا لما قطع صلته كليا بك" عاد صوت روبيرتو اليها بينما تتحرق أمام رغبتها بلإتصال بأندريس كي تعلمه بشأن انجابها، و كأن ضميرها المعذب كان بحاجة لهذا العذر السخيف كي يقبل، تركت السماعة و معها عذابها جانبا... تركت روحها المتمزقة في أحد الأدراج التي نسيتها و أهملتها مع الوقت... تلك التي عادت لفتح أبوابها و النفخ على الغبار الذي غلفتها مع الزمن لتأخدها مرة ثانية...
أندريس يعشقها بلا أدنى شك كما تعشقه... لكن هذا الزواج ...
" فرجينيا..." همس لها و كأنه ينوي سرقة موافقتها بالقوة... اندفت الدموع الى عينيها و شعرت بالقرف من نفسها أمام الصمت الدائر حولها... الكل ينتظر اجابتها.
رباه... انهما متشحان بالأبيض لكنهما من السواد ما قد يُغرق العالم بأسره... من التعاسة ما يملأ البحور و الوديان و يخفي بهجة هذه الألوان الذهبية المتدرجة في سماء المالديف.
قولي لا... صرخ بها ضميرها... عليك توضيح الأمر قبل الموافقة و الحصول على مسامحته... عليك وضع الماضي خلفك
" نعم أقبل..."
آسفة ... أنا اشد أنانية من اتعاس نفسي مرة ثانية... آسفة لن أعيش بعيدة عنه، ردت بحدة على فرجينيا العشرينية التي تتطلع نحوها بقرف قبل ان تتلاشى و تختفي.
الراحة التي غمرت وجه اندريس جعلت دموعها تغسل خدودها، ارتمت في أحضانه و قبلته بجوع حتى قبل أن يتمم رجل الدين كلامه و يمنحهما مباركته.
انه لها... أراد القدر ذلك أم لم يرد.. فهو لها.
***
استيقظت لينيتا لاهثة، وجهها مبلل بالدموع وشاحب، تنظر حولها الى المكان الغريب دون التعرف عليه، نفس الكوابيس المرعبة تداهمها بلاشفقة... نفس العذاب المريع يعود ليمزق روحها.
انفتح الباب فجأة وظهر شبح رجل طويل، مسحت عينيها بكفها وعندما عادت لتفتحهما من جديد كان قد جلس بالقرب منها و وضع يده تحت دقنها... يرفع وجهها الحزين و الباكي نحوه.
" سمعت صراخك... هل انت بخير؟"
اذن فصراخها و طلب النجدة كان حقيقيا، تأملت وجهه الوسيم والحبيب بنهم وحاولت الابتسام لطمئنته دون جدوى... انها ليلتهما الاولى معا... ليلتها الاولى خارج المصح و الحدود السويسرية، ليلتها الاولى في الحرية.
كم الساعة الان؟؟ لا تعرف كم مكثت في هذا السرير المريح الذي انهارت عليه ما ان أوصلهما الطاكسي من مطار 'شارل دي غول' في العاصمة الفرنسية الى الفندق... كانت بضع خطوط رمادية تتسلل بمشقة بين السحب السوداء الكثيفة... مهدئاتها تخفف من كوابيسها... هل القلق مما هو آت ما جعل كوابيسها اشد بشاعة الليلة؟
" حلمت برافييال و جوزيف..." تمتمت بصوت مرتجف بينما تمسح اصابعه بحنو وجهها المبلل و المعذب" تجاهلا نداءاتي المتكررة... و امسكا بيد تلك المرأة... التي اخدتهما مني"
" انهما بخير 'كارا'..." وقبل جبينها المشتعل طويلا قبل ان يحدق مباشرة في عينيها و يقول مصرا " تلك المرأة لن تلحق بك المزيد من الادى أعدك... سوف ترين طفلينا ما ان يجدهما الطبيب مؤهلين لذلك... انهما مخلوقين لطيفين و ذكيين... سوف يعشقانك بسرعة"
" آه مارك... تظن ذلك؟" عادت الدموع تغسل وجهها.
الشكوك تقتلها و الخوف و الرعب مما هو قادم يثقل روحها، كانت بحاجة ماسة الى الدعم و المواساة... الى الحب و الثقة، كانت بحاجة ماسة لقتل الخوف في صدرها.
" أنا واثق لين..."
ابتسامته المضئية أدفئت قلبها، شعرت بأنه مأمنها و حاميها، لامست الغمازة المثيرة في خده الخشن و شعرت بحبه يفيض شلالات سخية في قلبها، تنهذت بإرتياح و كشفت عن اسنانها في ابتسامة مطمئنة:
" كم الساعة الأن؟؟"
" الرابعة و اربعين دقيقة..."
" لما لم تنم الى الأن..؟؟ مازلت تعمل..."
هز رأسه بلإيجاب، أحنت رأسها جانبا بطريقة طفولية و تهدل شعرها الذي شعتته الوسادة بشكل بهي.
" تعالى الى جانبي.."
بدى التردد على وجهه مما هزهز ثقتها بنفسها مجددا... مالذي يحذث؟ هل العمل متراكم لهذه الدرجة كي يمنعه من الاستلقاء بالقرب منها و أخد قسطا من الراحة؟ازعجها تملصه بينما تضغط شفاهه الدافئة على وجنتها وتداعبها أنفاسه المعطرة برائحته الخاصة و القهوة وهو يهمس برقة:
" لدينا الكثير لنقوم به صباحا... نامي الأن، يجب أن أنهي أعمالي لأتفرغ لك كليا"
نعم بالتأكيد... اصر على ان تقتني اجمل فساتين كوكتيل من عاصمة الموضة، زفاف نيوس ليونيداس ليس اي زفاف... انه صديقه المقرب و اشبينه... تنهدت بينما يضع الاغطية عليها و يغلق نور الشوفيه... ابعدت الشراشف بركلة واحدة من قدمها بعصبية بينما سمعته يتسائل:
" ما الأمر لين؟"
" أشعر بالحر..."
لكنه لم يصر اكثر على السؤال و ابتعد خارجا من الغرفة تاركا اياها في حيرة من أمرها.
***
انتزع دراكو التي الشرت الأسود المبلل بالعرق ما ان انتهى من تمارينه الصباحية المضنية و توجه الى المنضدة التي تنتظره كل صباح بفنجان قهوته الحار و جرائده، افرغ جم غضبه في الركض على طول الشاطئ الرملي قبل أن يعود أدراجه بعد اشعره ذلك ببعض التحسن... ديامانتي اختفت كما تنجح دوما... و اختفائها تسبب بطرد جماعي لطاقم حراسه، شركة خاصة وعدته بإرسال حراس بديلين جنود سريين في الأصل و عملهم نظيف و سريع جدا... فرانكو بمفرده من تلقى شتائمه لكنه لم يفقد عمله... هذا الأخير وعده بإتمام البحث سريا... عليه ايجاد ديامانتي و الطلاق فورا... لما ترك الأوراق الذي هيئها المحامي من هروبها في المرة الثانية دون توقيع؟؟ كم يتغابى احيانا و يتساهل مع أعدائه...
ترك بنطال الرياضة القصير ينزلق من طول ساقيه الطويلتين قبل أن يرتمي في صفحة المياه المغرية للبركة السباحة المتلئلئة، غاص طويلا ولم يعد للسطح كي يأخد انفاسه الا بعد أن سبح مرتين طول البركة، تاركا المياه تعوق حاسة سمعه... يرفض الاستماع مجددا الى صوت عقله الثائر منذ أن وصله خبر اختفائها... السافلة.
عندما نجح الماء بإطفاء النار التي اشتعلت في عضلاته جراء تمارينه القاسية، هجر المياه المرتعدة و سقطت شلالات منها على طول أطراف جسده الكامل، التقط المنشفة ليمسح قطرات المياه من وجهه قبل أم يحبس خصلات شعره المتمردة بصرامة خلف رقبته بفضل عصبة جلدية و يأخد مكانه أخيرا خلف فنجان قهوته، بدل الاستسلام لندائاتها المغرية أمسك قنينة الماء و افرغها في جوفه ينعش حنجرته الجافة، سقطت عيناه تلقائيا على الصحف المنتشرة فوق المنضدة... جدول الأسهم... السياسة، الأعمال... عنوان أثار انتباهه بشكل خاص جعله يبلع مياهه بشكل خاطئ كاد أن يخنقه.
'الجريئة جدا فلور ريتشي... ستة أشهر من الحمل... قنينة شامبانيا و حفل دفن العزوبية استمر الى الساعات الأولى من الصباح... من هو أجرأ منها؟؟'
بصق مياهه جانبا بعد أن استحال عليه بلعها و التقط بسرعة الجريدة التي توضح الصورة باللونين الابيض و الاسود لفتاة منتفخة البطن و مستهترة... تبدو ثملة... عائمة في النشوة بين مجموعة من الشبان العاريين الصدر.
اهتزت الأحرف أمام عينيه لدرجة لم يستطع قراءة المقال الأجنبي، الصدمة شلته لبعض الوقت قبل أن يعصف به غضب أسود خطف أنفاسه للحظة من الزمن... كل شيء من حوله بدا له مصبوغا بالاسود... حتى وجه فلورانس في ذاكرته بدى بنفس اللون... بحق الجحيم...
" سأقتلها..." سمع كلماته ملتهبة بين لهاث صدره الذي بدا يضيق من شدة عنف اشمئزازه و ازدارئه " سأقتل اللقيطة المبتدلة ... "
أعاد الصحيفة الى مكانها قبل أن يرتفع صوته مزمجرا:
" فرانكو..."
ظهر هذا الأخير و كأنه كان على علم تام بإستدعائه، اشار دراكو بيد ترتجف من الغيض بينما يقول من بين اسنانه نحو الصحيفة:
" أنت من جلب هذه الصحيفة الانجليزية الى هنا..."
" نعم دراكو... ظننتك مهتم بما تقوم به فلور ريتشي"
" صحّح معلوماتك فرانكو، أنا مهتم بالطفل في أحشائها... تلك القذرة لا تعني لي شيئا... " زمجر بغضب، وجهه شاحب من شدة هياجه و غيضه " يجب أن أرى الساقطة... بالأمس قامت بدفن حياة العزوبة، سوف افشل خططها و خطط عمها اذا ظنت بأنها ستسلبني وريث فالكوني بالاقتران برجل آخر...هذا اذا تبث بأنه مني فلا أظنها تتذكر عدد عشاقها.."
" لم يكن حفل دفن عزوبتها هي..." رد فرانكو بهدوء و مهنية متجاهلا ملاحظته" ولن تكون مضطرا للذهاب الى لندن، لأن هذه الأخيرة في طريقها الى التوسكانا..."
المفاجئة أخدته على حين غرة... هل يعقل أن تعود بقدميها اليه؟؟
فكر دراكو بعدم تصديق... ترك لندن في هذه الفترة بالذات ليس من صالحها... الم يخبرها عمها بذلك؟؟ أم أن ادواردو ريتشي العظيم نسي بأن القانون يحمي مددلته داخل حدود انجلترا فحسب؟؟
هنا... في ايطاليا... هو وحده من يمثل القانون.
وهذا القانون ينوي تطبيقه الى الأخر... سيكون سعيدا بإعادة تربيتها اذا أفسدها دلال والديها و جعلا منها الساقطة التي هي عليها الأن.
***
هز ادواردو حاجبيه بينما تسترسل كاثي في كلام محتدم، وجهها الجميل شاحب بعض الشيء و كلماتها المتخوفة تجتاز حنجرتها بصعوبة.
وضع فنجانه الفارغ على طاولة الإفطار و أهمل جريدته التي تمنى أخدها لتفقد أخبار العالم بدل سماع الملامة و التحسر من فم زوجته التي يعشقها من قلبه نعم لكنها تشعره بالملل دوما عندما تفضل التركيز على موضوع أليكس.
" فتاة شجاعة... وجد اليكس من تضعه في مكانه"
اجابته جعلت غضبها يفور أكثر، رمقته بنظرة سوداء و قد امتقع وجهها بشكل بهي.
" لقد حطمت قلبه..."
" لا أظنه من يحتاج لشفقتك 'كارا'، أنظري الى الموضوع بحيادية، تلك المسكينة حاولت وضع نهاية لحياتها بسبب طفلك المدلل..."
هزت كتفيها بحركة جافة قبل أن تقول بحرقة:
" حسنا... انا أتعاطف معها... كي يقرر انسان التصرف بهذا التهور يعني بأنه مغرم بشدة، لكنه اعترف لها بحبه أمام الجميع في المطبخ... لقد نزل لمستواها و مستوى كل الخدم في البيت ورفضته ادواردو... لقد أذلته"
" وهو يستحق..." قاطعها بجدية ممتنعا عن السخرية بينما يلمح الدموع مهددة في عينيها.
" بربك ادواردو... أنت قاسي معه" وضعت يدها أمام فمها و كأنها تمنع نفسها بشدة من الانفجار بالبكاء.
رق قلبه ككل مرة يرى فيها تعاستها بسبب ابنهما الذي يرفض التوقف عن كسر فؤادها، لأليكس حياته الخاصة لما تعتقد نفسها مجبرة للتدخل فيها بكل صغيرة و كبيرة؟؟ انه يتفهم أليكس... حب كاثي له مبالغ لدرجة الخناق... و بصدق، سُمعته السيئة في المجال العاطفي تخطت مغامرات كل دكور آل ريتشي... ربما هذا عائد لحرمانه الجسدي بسبب اعاقته لسنوات... عموما أن تقف بوجهه ابنة السائس و تضعه في مكانه نقطة جيدة في قاموسه العاطفي... يحتاج لهذا النوع من النساء كي يهدأ قليلا و ينظر الى حياته بشكل مختلف.
" أين هو الأن؟؟"
" اين يمكن ان يكون..." صرخت به بقهر وهي تمسح الدموع الدقيقة في زاوية عينيها " لقد رحل فورا بعد تحجيمها له... اظنه عاد الى أمريكا، لا يرد على اتصالاتي"
" أتركيه وشأنه..." رفضت مواساة مُلامسته لكنه لم ييأس، أطبق على أصابعها و أجبرها على النظر في عينيه " أتركيه... و... شأنه"
" انه طفلي..."
" لقد أضحى رجلا بحق الله... انه بحاجة لنفسه أكثر منك... هذه التجربة مع ايزابيلا قد تغيره بشكل او بآخر، اذا تحطم قلبه فإعلمي أن تلك الفتاة دافعت فحسب على نفسها... دعيه يعيش جراحه بطريقته، اذا قرر الخضوع الى العملية فسنكون بجانبه، لن نقحم نفسنا بأمور مطلقا لا تعني غيره و حبيبته.."
" لم تعد حبيبته... لن تكون أبدا " تمتمت بغصة.
هز عينيه الى السماء.
" توقفي عن الغيرة ..."
" حسنا أنا غيورة... اشعر بالخجل من الإعتراف بذلك لكنني احاول جهذي بالتصرف بطبيعيه في اموره... أقسم أنني أحاول ادواردو... الأمر خارج إرادتي"
نعم انه يتفهم جيدا، اليكس نقطة ضعفهما معا، كلاهما ينظر اليه بطريقته الخاصة، ربما كاثرين مهووسة به، لكن موقفه مع ابنه أسوأ... و يجاهذ لتغير ذلك.
أثبت اليكس بإنه رجل يعتمد عليه، ربما يحب النساء و يغيرهن كما يغير جواربه و تسوء سمعته يوم بعد يوم، لكن هذا لا يمنع بأنه اثبت جدراته في الأعمال... لا يمنعه من الحصول على التقدير و الاحترام.
" تعالي الى هنا..."
لم تنتظر لحظة واحدة في مقعدها و هذا ما يعشقه في أميرة أحلامه... سمرائه الفاثنة و امرأة حياته، بعد لحظات و كما آلف في سنوات زواجهما الطويلة كانت بين ذراعيه، تجلس على ركبتيه و تتطلع الى عينيه بنظرات يشوبها الحزن، ابتسم لها فتجاوبت مع ابتسامته رغم هم قلبها مما أراحه:
" أليكس ناضج و يعرف تماما ما يريد، تجاوز محنة موت أليسيا و بالتأكيد سيتجاوز قصة قلب مكسور و حب فاشل فلا تدمعي هاتين العينين الرائعتين... سوف يعود كما عاهدناه مكللا بالنجاح و النساء و ستنسين اذلال بيلا له امام خدم القصر... صدقيني هذا درس جيد لغروره"
" قلت الشيء نفسه بينما اراه ينظر بحيرة الى الفتاة و كأنه توقع ان تسقط عند قدميه شاكرة عودته " اعترفت كاثي و اضائت ابتسامة صغيرة وجهها" اعترف بأنني اعجبت بصلابتها..."
" هذا ما اعشقه بشدة في زوجتي الجميلة..." امسك دقنها و تطلع الى عينيها المبللتين " رغم كل شيء لا تتعامين عن الحقيقة..."
أخد شفتيها في قبلة محتدمة، كما اعتاد منها استسلمت لقبلته و أحاطته بذراعيها تضمه الى صدرها الذي خفت هزهزاته الذي تسبب به بكائها قبل قليل.
" بعععع... أنتما مقرفان"
انفلتث ضحكة من كاثي على شفاهه بينما تبتعد عنه، كان 'رالف' يتطلع اليهما بملامح مشدودة و كأنه على وشك التقيؤ، رمقه ادواردو بتسلية:
" أنظروا من ينتقدنا هنا... أخبرتني العصفورة بأنك تكتشف مواهبك مع كل فتاة تلتقيها"
" ما دخل العصفورة بمعلوماتك جدي... 'جو' هو الذي يختبر مواهبه لا أنا..."
ابتعدت عنه كاثي و عادت تجلس في مكانها، التسلية في صوت ادواردو لا يبدو أنها تروق للصغير الذي ينظر نحوهما بملامحه الجامدة التي رافقته ولم تتغير منذ اختفاء مارك من محيطهما هو وشقيقه.
كاثي تشعر بالقلق من هذا الهيجان في تصرفات رالف خصوصا، ثم... عليهما هي و ادواردو الطيران الليلة الى آثينا ثم الى جزيرة القمر لحضور زفاف نيوس غدا... مارك لا يرغب بحضور التوأمين و هي تتفهم الأسباب بالتأكيد... لينيتا ستكون هناك والى الأن الطبيب متحفظ بشأن رأيه في مسألة ظهورها فجأة في حياتهما، لحسن الحظ أن فلور تبرعت بالمجيء الى التوسكانا لتبقى برفقتهما بينما ميا و خطيبها لم يرفضا دعوة صديق العائلة القديم و سيرافقان آنجلا و جوشوا...
" متى سيعود أبي؟؟" سؤال رالف دفع نظرات كاثي تتوجه الى زوجها ..
عموما ادواردو يعرف فن التصرف و التلاعب بالكلام بذكاء، تركت له مهمة الاجابة قبل أن تعود بتفكيرها الى أليكس...
أليكس الذي هجر التوسكانا و كأن الشياطين تتعقبه، أظلمت الدنيا في عينيها بينما تتذكر العذاب الذي ارتسم على وجهه بينما يرمي آخر نظرة على القصر و يدخل الى سيارة الأجرة التي انطلقت بسرعة مغادرة المكان.
على الأقل... حفيدة السائس أبقت رأسها بين كتفيها و لم تغادر المكان، احتفظت بتعابير وجهها و تصرفاتها محايدة و كأنها لم تأتي على طرد طفلها كليا من حياتها.
" آه... لقد وصلت"
خرجت من أفكارها مرغمة على ملاحظة ادواردو و دوي محرك السيارة الذي توقف في ساحة القصر وظهرت بسرعة فلور تتأبط حقيبة يدها بينما نظارة عصرية تخفي تقريبا نصف وجهها، كانت تتنقل برشاقة و كأن انتفاخ بطنها لا يعيقها، ابتسامة كبيرة مُرحبة ارتسمت على وجهها بينما يسرع 'رالف' نحوها و تأخده بحنان بين ذراعيها.
" لا يبدو أنها رأت مقال اليوم" سمعت كاثي زوجها يقدف بتهكم " تبدو مشرقة...رباه انها بركان ثائر من المشاكل... مزيج فرجينيا و أندريس كارثي بحق... "
" الصحف تبالغ دوما..." وشوشت بصوت منخفض كي لا تسمعها ابنة شقيقتها.
" بحق الله لقد كانت ترقص بمياعة ببطنها المستديرة وسط حلبة الرقص بين شبان شبه عاريين في يدها قنينة شامبانيا... أي صورة حسنة تمنحها للمجتمع الراقي الذي تنتمي اليه؟؟ فضائحها تتخد مسارا أشد خطورة... ان استمرت بهذا الانحراف فلن يتأخر 'دراكو فالكوني' بمهاجمتها... هي بصدد جمع ادلة ضد نفسها"
" توقف سوف تسمعك..."
لكنه استمر مستغلا بعد المسافة بينهم:
" ربما أكون محاميا دو خبرة... لكن الشيطان شخصيا سيعجز على تخليصها من والد طفلها اذا قررت التغابي أكثر... صدقيني 'دراكو فالكوني' ليس سهلا و على ابنة شقيقتك أن تنضج... كلميها امرأة لإمرأة قبل أن نغادر الى اليونان مساءا... "
ثم رسم ابتسامة دافئة على شفاهه عندما صارت على مقربة منه... رغم كل انتقاضاته ادواردو متيم بفلور... أزاحت هذه الأخيرة نظارتها الشمسية بينما تنحني عليه لتقبله بحرارة... لمحت كاثي هالات فلورالسوداء وهزت عينيها الى السماء... سهرة الأمس تسببت مجددا بتفجير قنبلة من الاسائة في سمعة عائلة ريتشي...لما تركت نفسها تتصور بقنينة شامبانيا؟؟ من تستفز بهذه التصرفات الساقطة؟؟ انها تعرف فلور... راقبتها خلال اقامتها في المزرعة بأوكسفورد... حتى انها امتنعت عن شرب القوة كي لا تضر طفلها... لكن شامبانيا و جريدة فضائح؟... ان استمرت فإدواردو محق بتخفواته... لن يتأخر والد طفلها بالخروج من الظل و متابعتها قضائيا... عموما لم تكن بمفردها وراء فضائح أمس....الكرزة على قطعة الحلوى... صورة جوشوا يجر آنجلا خلفه بعد أن أدمى أنف راقص التعري في الصفحة الأولى بعنوان عريض ساخر واستفزازي ...
الينا كادت أن تفقد رشدها هذا الصباح في الهاتف... تتهم بالتأكيد فلور بسبب انحراف ابنتها... بالرغم من أنه لم تكن هناك صورة واحدة لميا في موقف منحل.. طالما كانت هذه الأخيرة عاقلة و هادئة، عكس آنجلا و فلور.
فلور... آنجلا و ميا...فضائح فتيات المجتمع الراقي... متى سينتهي هذا الكابوس؟؟..


أميرة الحب غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:09 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.