رواية صدفة للكاتبة : bella snow *مميزة و مكتملة *

[bella snow]

الفصل الثاني

في اليوم التالي

بعد أن عادت من جولة الركض على الشاطئ لمحت سيارة سوداء مركونة أمام منزلها ،اقتربت منها فنزل رجل في الثلاثينات ومعه شابة تبدو في أواخر العشرينات ،نظرت لذلك الشاب بتمعن ..لقد عرفته انه أحد رجال ذلك المتعجرف لقد كان معهما في السيارة ،تبا له لا يريد تضييع أي فرصة

سألتهما : - ذلك المتعجرف أرسلكما أليس كذلك؟ ماذا تريدان مني؟

تجهم وجه الرجل بينما ابتسمت الفتاة برقة جعلت قمر ترتاح إليها ،أجابت:

-آنستي أنا داليا وهذا معاذ وقد جئنا بأمر من السيد ياسين والذي طلب منا أخذك لشراء فستان لحفلة الليلة التي ستحضرينها

زمت شفتيها بغضب من هذا الياسين ،بحق الله ألا يعرف شيئا آخر غير إسداء أوامره اللعينة ،ردت بغضب:

- انتظرا هنا ريثما أجهز نفسي

غابت داخل منزلها لحوالي نصف الساعة ثم عادت إليهما، فتحت الباب الخلفي للسيارة وركبت وما أن فعلت ذلك حتى انطلق معاذ نحو وجهتهم دون أن ينبس أي احد بكلمة

وبعد مدة كانت قمر تجلس على كرسي وسط احد دور الأزياء وبجانبها يجلس معاذ ويبدو عليه الانزعاج من ذوق داليا في اختيار الفساتين فجميع ما عرضته عليه لم ينل إعجابه أما هي _قمر_ فلا أحد يأخذ برأيها ...

أتت إحدى العاملات بمجموعة من الأحذية وطلبت من قمر أن تجربها ،ازدردت الأخيرة ريقها بتوتر وسألت :

- هل علي ارتداء هذه المسامير؟؟

رد عليها معاذ بنفاذ صبر: - اذهبي بحذائك الرياضي

نظرت لحذائها ،ما باله ؟ صحيح بأنه قديم نوع ما ولكنه جميل ومريح ويساعدك على الهروب في حالة أي هجوم مباغت ليس كهذه المسامير

رمقت معاذ بنظرات متفحصة من رأسه إلى أخمص قدميه ثم قالت ساخرة :

- أنت تملك ذوقا أنثويا رائعا ،هذا بدل أن تلحق بسيدك المتعجرف تعطيني رأيك في الأحذية النسائية ما رأيك بأن تجرب هذا الحذاء يبدو لي مناسبا لقدمك

وقف معاذ بغضب وتوجه نحوها ،يحاول التحكم بأعصابه فهي خطيبة سيده وستكون سيدة القصر وسيدته لذا لا يجب عليه الإقدام على أي فعل أحمق اتجاهها رغم أنه يكاد يتحرق شوقا لصفعها

- كونكتخصين السيد ياسين فقط هو ما يجعلني التزم الصمت ولا أقوم بصفعك وأنا هنا لحمايتك

أطلقت قمر ضحكة ساخرة من كلام الشاب، ثم قالت :

- انس بأنني مع ذلك الطاووس وارني أفضل ما عندك يا رجل وممن سوف تحميني؟؟ من الأشباح أو الوحوش؟؟ عزيزي لا وحوش في هذا العالم غيرك أنت وسيدك

أسرعت داليا ووقفت بين الاثنين المتخاصمين ثم طلبت من معاذ أن ينتظرهما خارجا ريثما تنتهيان ففعل الأخير بينما أخذت قمر تتمتم بسيل من الشتائم له ولياسين ، حقا لقد سئمت منه لما عليه دوما إفساد يومها .. لمَ؟؟

تكلمت داليا :

- لقد كان ضمن صفوف الجيش ثم خرج و أصبح حارسا شخصيا للسيد ياسين ...معاذ مستعد ليضحي بروحه مقابل حماية السيد أو أي شيء أو شخص له علاقة به لذا رجاءا سيدتي لا تغضبي منه فهو شخص رائع وطيب القلب

الساعات التالية حاولا كلاهما تجنب الآخر قدر المستطاع و بعد الاعتناء بشعرها وأظافرها كانت جاهزة

***

قصر آل كونيناف

تلك الدهشة في نظراتها لم تختف منذ عبرت السيارة البوابة الخارجية ، المنزل يوحي بالثراء الفاحش و هذا زاد من توترها و خوفها ، هي لا تتناسب مع هكذا مجتمع و متطلباته ، اعتادت البساطة و تحبها و مجرد تفكيرها بأنها ستكون جزءا من هذا المكان يبعث فيها رغبة في الهرب

هناك أسئلة كثيرة تهاجمها ، أهمها عن سبب اختيار ياسين كونيناف لها ، هو بالتأكيد يعرفها و يريد منها شيئا ، لكن ما هو ولماذا ؟ ..فلا دراية لها

فتح لها معاذ الباب فنزلت و بينما هي تسير بحذر كي لا تسقط لم تتوقف نظراتها عن رؤية كل سيارة مركونة

و في لحظة خانتها قدمها فكادت تسقط لولا يد أمسكت بها و ساعدتها على الاعتدال ، رفعت وجهها المحمر نحو الشهم الذي أنقذها و قالت بارتباك

: -تبا لهذا الكعب اللعين

ضحك الشابذو الشعر بني والعينين الخضراوين ثم مد يده إليها مصافحا إياها وقال :

-يبدو أن الآنسة الجميلة لا تحب الكعب العالي ولكن لا تقلقي سأرافقك وسأحرص على سلامتك اسمي يحيى

مدت يدها مصافحة وهي تبتسم وتشتم نفسها في سرها ،أعليها دائما أن تظهر بصورة الحمقاء أمام الغرباء؟

قالت : -وأنا أدعى قمر

سارا معا نحو باب المنزل الذي فتحه لهما الحارس ، و هناك وجدت ياسين في انتظارها والذي لم يبعد نظراته عنها هي و مرافقها الذي اقترب منه و صافحه مرحبا به بود ظاهر

قال ياسين بسخريته التي لا تفارقه :

-يبدو أنكما تعرفتما ، كيف وجدت الفتاة يا يحيى ؟

بان الارتباك و عدم الفهم على الرجل الآخر ثم أشار نحو قمر قائلا :

- أتعرفان بعضكما ؟

أومأ ياسين ثم اقترب من قمر يمسك بيدها وقال :

-قمر ابنة حاتم منصور ستكون زوجتي المستقبلية .

لا تعلم لمَ شعرت أنه تعمد ذكر اسم والدها ، الوغد بالتأكيد يخفي شيئا ما و ما أثبت لها ظنها هو شحوب وجه يحيى الذي ثبت نظراته المستنكرة على صديقه

يتبع ....

[bella snow]

بعد دقائق عبر ثلاثتهم باب القاعة الكبيرة حيث توسطتها طاولة تسع حوالي الستة عشر شخصا ، كل الأنظار اتجهت نحوهم بل نحوها بشكل خاص فهي الغريبة وسطهم

تبعت خطوات ياسين الذي يجرها خلفه ثم أبعد الكرسي لها لتجلس بينه هو ويحيى

قال كمال :- ياسين ، ألن تعرفنا على الآنسة ؟

التوت شفتا ياسين باستمتاع بينما يقول :

-الآنسة ليست بالغريبة يا عمي ، إنها قمر منصور .

اتسعت ابتسامته أكثر حينما لاحظ إدراك عمه لمقصده ، ها قد بدأت اللعبة على حق

دوما ما قيل أبق أصدقاءك قريبا منك و ابق أعداءك أقرب و هو ينفذ ذلك حرفيا

قد يكون طريقه محفوفا بالعراقيل المجهولة

قد ينتظره الكثير من الخسائر

وهو لا يهتم لأنه ببساطة لم يكن يوما ممن يهتمون بالبدايات لأن العبرة في الخواتيم دوما

تابع و هذه المرة فاجأ الجميع :

- قمر هي الفتاة التي أريد الارتباط بها .

كانت قمر تستطيع بوضوح رؤية الصدمة على وجه كمال و ابن شقيقه الآخر و زوجته ، لقد بحثت عن أخبار العائلة ورأت صورهم كلهم

عمّ الصمت للحظات قليلة فقطعه كمال بأن قال مبتلعا صدمته :

- هذا كان مفاجئا ، على كل حال سنناقش هذه الأمور لاحقا .

الدقائق التالية كانت شديدة الثقل و الملل ، نقاشات حول الشركة والأعمال والأموال تدور حولها بينما هي في فلك منعزل عنهم ، جل ما تفكر به هو الابتعاد قدر الإمكان

اقتربت من ياسين هامسة :

- هل يمكننا التحدث على انفراد ؟

منحتها هزة صغيرة من رأسه ليطلب الإذن من عمه ثم يغادران سويا نحو إحدى الغرف الجانبية ، حينما كانا بمفردهما قالت :

-هلا شرحت لي ما الذي يحدث هنا ؟ .. يبدو كأنكم تعرفون عائلتي أو لأقل والدي .

:- نعم ، كان يعمل كسائق لدينا سابقا .

:- ماذا تريد مني يا ياسين ؟

المستفز يتعمد السكوت حتى يثير غضبها ، قال :

- ما أريده سأحصل عليه و لا داعي لتعرفيه .

تعلم بأنها ستندم أشد الندم بعد هذه اللحظة ، فالشعور الذي يساورها يخبرها أنها ستعقد صفقة مع الشيطان

:ـ- حسنا ، لن أسأل عن شيء لكنني أحتاج خدمة منك .

حينما لم ينطق تابعت و قد احمر وجهها قليلا :

- أحتاج مبلغا من المال لأوفي به ديني ، أحتاج المال بشكل ضروري .

تلك الابتسامة الساخرة التي ظللت شفتيه كانت مثل لكمة لأعلى معدتها ، الحقير سيظن بها أسوأ الظنون و هي لن تبرر له ، طالما لم يفعل هو المثل

قال :- حسنا ، المال مقابل الزواج ، صفقة جيدة بالنسبة لي

حينما عادا سويا كانت الطاولة قد خلت إلا من أفراد العائلة إضافة ليحيى

لم ينتظر كمال أكثر من جرد ثوان ليسأل :

-ياسين هلا أخبرتني كيف تعرفتما ؟

:- النساء أفضل بهذه المواضيع اسأل قمر

اتسعت عيناها من الدهشة ،فكيف لها أن تجيب على هذا السؤال؟ الطاووس يرمي بالمهمات الصعبة عيلها ،ما الذي ستقوله ؟

نظرت لياسين بتوتر ثم إلى يحيى كأنها تستنجد به دون فائدة

ابتسمت بلطف وقالت:

-عمي لا أعرف كيف سأجيبك ،أعني ..لا أعرف ربما ياسين لا يريد الخوض في هذا الموضوع

-لا مانع لدي ،أخبريهم

رمته بنظرات غاضبة وساخطة ،تبا له ، يتعمد وضعها في مواقف محرجة ، هي لا تتقن الكذب بل أي كذبة ستختلقها وتكون قابلة للتصديق حينما يكون البارد طرفا فيها

-صراحة لا أعرف متى وقع ياسين في حبي ،فقد التقينا في مطعم حيث كنت أعمل كنادلة ،بالخطأ سكبت القهوة على حذاءه فأمرني بكل وقاحة أن أمسحه فالتقطت كأس عصير وسكبته على حذاءه مجددا ثم رميت بمنديل على وجهه وقلت له أن يمسحه بنفسه ..ومنذ ذلك الحين استمر بالاتصال بي وملاحقتي إلى كل مكان أذهب إليه ، وهكذا استمرت لقاءاتنا و وقعنا في غرام بعضنا البعض .

ضحكت قمر وبدت كأنها مستمتعة بما تفعله ، ولم تنتبه للنظرات الغاضبة والحاقدة الموجهة إليها من طرف منال

أما كمال فقد ارتخت ملامحه قليلا ، قد ظن لوهلة أن شاهين يسعى لشيء ما و يستغل الفتاة نظرا للماضي الحافل له مع والدها لكن كلماتها و إن كانت تحمل القليل من المبالغة جعلت بعض الراحة تتسلل إليه ، لعل ابن شقيق حقا يريد تأسيس حياة مستقلة

قال : - بما أنكما متفقان ، فأفترض أن الأصول تحتم علينا زيارتكم ، لذا أخبري أهلك بأننا سنكون عندكم في الغد كي نطلب يد رسميا .

…….

بعد دقائق

تركت ياسين يتحدث مع عمه بينما هي اتجهت إلى الحديقة الكبيرة ، جلست على العشب و يداها تدلكان قدميها المتورمتين

-تبا ،كيف يتحملون هذه الأحذية بالمسامير ..

أمسكت الحذاء من كعبه وأخذت تديره لتسلي نفسها ...سمعت صوتا خلفها قال :

-إن كانت خطبتكما مجرد اتفاقية فلمَ لا تتقنين عملك؟

التفتت تنظر إلى يحيى صاحب تلك الجملة ، و قالت بحدة :

- والآن ماذا تريد؟...حسنا أنا بعت نفسي لصديقك المتعجرف ذاك

جلس أرضا بجانبها ونظر إليها بتمعن وبدا كأنه يبحث عن الكلمات المناسبة ليستطرد قائلا :

- من يملكن وجها ملائكيا مثلك لا يبعن أنفسهن ، لقد سمعت حديثكما

: - أحتاج لتلك الموال لدفع ديوننا وبسببها سأرتبط بذلك الطاووس المتبجح و أتمنى أنك لا تشبهه

قال:- صحيح بأنني صديق ذلك الطاووس ولكنني لا أشبهه يا أم لسان

ضحكت قمر لملاحظته عن لسانها ،هي بالعادة ليست سليطة اللسان مع الجميع ،قد تستغله بعض الأحيان مع الوقحين والمتعجرفين أمثال ياسين

استنشقت كمية من الهواء المنعش لتسأل رفيقها قائلة:

- هل أنت متعود على التصنت خلف الأبواب؟

قطب جبينه محاولة منه لفهم معنى السؤال وسرعان ما ارتسمت ابتسامة كبيرة على محياه ليرد :

- لدي عادات كثيرة ولكن التجسس ليس منها..لقد طلب مني العم كمال مناداة ياسين وعندما وصلت إلى مكانكما سمعت كلامكما لأن أصواتكما كانت مرتفعة نوعا ما

صمت قليلا ثم أردف بكل جدية:

-قمر إن كنت لا تريدين الزواج فلا تفعلي سأقدم لك المبلغ الذي تحتاجينه ولا تقلقي لن أطالب أي شيء بالمقابل

ابتسمت وقالت شاكرة :

-أشكرك يحيى ولكنني قد سبق وأعطيت وعدي له وبالطبع لن أنكثه ولا تقلق سأكون بخير وسأجعل صديقك يندم على إقحامي في مهزلته

استمر حديثهما البسيط لدقائق أخرى ثم وقفا وقررا العودة للداخل و بينما هما يسيران وقعت أنظارهما على ياسين ومنال التي اقتربت منه و طبعت قبلة على خده ، قبلت بدت بشكل واضح غير بريئة على الإطلاق

سمعت قمر تلك الشتيمة الهامسة التي خرجت من شفتي يحيى أما هي فنظراتها وقعت على مراد الذي يقف غير خلف الثنائي و الذي انسحب على الفور كأن لا شيء حدث

لم تنتظر أكثر و توجهت فورا نحوهما

***

يتبع ......

[bella snow]

كان يقف بجانب المسبح واضعا يديه في جيب سرواله .. تفاجأ بشخص يلفه من الخلف ،علم بأنها منال فهي الوحيدة التي تملك الجرأة لفعل هذا

أبعد يديها عنه ثم سحبها التفتت يرمقها ببرود قائلا :

- ماذا تريدين يا منال؟

أجابته قائلة : - ما الشيء المميز الذي تملكه تلك الساذجة و لا أملكه أنا ؟ .. لماذا تزوجتها هي بينما أنا تستمر برفضي ؟.. لمَ لا نعود سويا ؟

ابتسامة جانبية ساخرة ظهرت على شفتيه لحال المرأة التي أمامه فهي تصنع خيالات وتصدقها وحقا بدأ يسئم من ملاحقتها الدائمة له

قال بسخرية لاذعة : - ومتى كنا لنعود سويا؟.. لا تنسي بأنك متزوجة فاحترمي نفسك قليلا

أسندت كفيها على صدره و قد اقتربت بوجهها منه أكثر وقالت :

- لم أتزوج مراد إلا لأكون قريبة منك ، لمَ لم تحبني ؟ .. أنا لن أتخلى عنك أبدا لأجل أي امرأة فلا تنس ذلك .

فوجئ بها تقترب منه وبعدها حدث ما لم يتوقع فقد اقتربت أكثر تزرع قبلة على وجنته ، قبلة تعمدت جعلها حسية

أجفلهما صوت تصفيق فدفعها عنه بقوة شاتما لنفسه لجموده اللا مبرر

نظر بغضب لتلك الفتاة المتسلطة التي توقفت عن التصفيق وقالت :

-مشهد رومانسي من مسلسل مكسيكي بحت ...الهي ما أروعكما!

غادرت منال الحديقة بسرعة هربا من الموقف التي وضعت فيه و في سرها تتوعد تلك الدخيلة

أما قمر فصرخت بوجه ياسين الذي يقف بهدوء كأنه لم يفعل شيئا بينما هي دمها يغلي في عروقها

: - أنت رجل دنيء بحد ذاته !!

انفجرت شفاهه بابتسامة ساخرة ليرد بعدها بنبرة متهكمة

-يمكنك الاحتفاظ برأيك لنفسك يا غيورة

هي تغار عليه؟ حتما هذا لن يكون حتى في أجمل أحلامه ،فمنذ متى أحبته حتى تغار عليه وهما كلما يتقابلان تندلع حرب كلمات بينهما...قالت بسخرية لاذعة

- اسمع يا كازانوفا ،الغيرة تنجم عن الحب ..وأنا أفضل أن أكون مجنونة تجري في الخلاء حافية القدمين على أن أحبك

لم تختف الابتسامة المستفزة من وجهه بل اقترب منها أكثر حتى تراجعت للخلف وقال :

- هيا لأوصلك

***

منزل قمر منصور

تجلس على الأريكة العتيقة و إمارات القلق بادية على وجهها ..فلم يسبق لابنة أختها أن تأخرت لهذا الوقت ..نظرت للفتاة الصهباء الواقفة أمام النافذة ،تسترق النظر بين الفنية والأخرى علها ترى أختها قادمة

قالت ليلى :-مريم أعيدي الاتصال بشقيقتك أشعر بالقلق عليها

ردت مريم محاولة بعث الطمأنينة إلى قلب خالتها :

- خالتي لقد قالت بأنها ستذهب إلى حفل ما لذا لا تقلقي فلن يحدث لها مكروه فهي تعرف جيدا كيف تحمي نفسها ...حسنا؟

أومأت ليلى بهدوء ثم طلبت من مريم الجلوس بجانبها...شعرت الأخيرة بأن ما سيخرج من بين شفاه خالتها لن يكون مسرا

- عندما سافرت للعلاج ،أنت تعلمين بأن عملية استئصال تلك الخلايا السرطانية قد نجحت ولكن الأطباء حذروني بأن هذه الخلايا عدوانية وقد تعود بسرعة و هذا ما حدث

- خالتي هل كل شيء بخير؟

-عزيزتي ،أيامي في هذه الدنيا باتت قليلة ،لذا كوني قوية واعتني بشقيقتك فهي ليست بمثل قوتك

أحاطت وجه خالتها بيديها وتحاول جاهدة أن لا تبكي أمامها ..لقد كانت تجهز نفسها لهذه اللحظات ..اللحظات التي ستكون فيها أما وأبا لأختها ستبذل قصارى جهدها لحمايتها والاعتناء بها ولن تتزوج حتى تضمن سعادة قمر تماما كما فعلت خالتهما معهما

قالت بحنان : - خالتي الجميلة ،ارتاحي ولا تقلقي علينا سنكون بخير وأنت كذلك

احتضنتا بعضيهما البعض وكل منهما تستمد القوة من الأخرى ..فقدان الأحبة لهو من الأصعب الأشياء فكلما يمر الوقت على غيابهم يزداد ألمنا ويحترق قلبنا لفراقهم

فراقهم قبضة قاسية تخنقنا وتعتصر قلبنا

تحول ألوان حياتنا إلى سواد وظلام قاتل

***

بعد أن وصلا إلى بيتها أوقف سيارته ونزلا سويا ،دقت الباب وبعد ثواني فتحت لها شقيقتها وعلى وجهها القلق والتساؤل خاصة بعدما رأت ذلك الرجل الواقف بكل ارستقراطية و الذي طغى على ملامحه الملل والضجر والذي قال:

-أيمكننا الدخول فقد سئمت حقا من الوقوف؟

اعتذرت مريم وابتعدت عن الباب لتسمح لهما بالدخول وبعد أن أغلقت الباب وقفت قليلة في مكانها ثم سرعان ما اتسعت عيناها من الدهشة قالت:

- أليس هذا ياسين كونيناف ؟ ولكن ما الذي يفعله مع قمر؟؟.

في تلك الغرفة الواسعة بسيطة الأثاث كانت تجلس كل من الخالة ليلى وابنة شقيقتها بجانب بعضهما بينما مقابلا لهما جلس ذلك الشاب الأبيض ذو العينين الزرقاوين الباردتين و الشعر الأسود وحوله هالة من الكبرياء والارستقراطية

أما مريم فقد كانت واقفة أمام باب القاعة تنتظر بترقب ما سيأتي من قدوم هذا الرجل برفقة شقيقتها التي ترتدي فستان سهرة ،أيعقل بأنهما كانا سويا؟

تكلمت قمر قائلة:

- خالتي أعرفك هذا ياسين كونيناف وهو غني عن التعريف ...ياسين أقدمك لك خالتي ليلى وأختي مر...

-أنا خطيبها

شهقت ليلى من الصدمة وتبادلت نظرات الحيرة والتساؤل مع مريم أما سمعاه الآن صحيح؟

بينما تمتمت قمر بشتيمة له ،الهي ألا يكف عن إقحام أنفه في أمورها ؟

كادت أن تتكلم لتمنح تفسيرا لعائلتها لكن وقوف ياسين واستئذانه بالمغادرة قاطعها ،قال

-غدا سيأتي أهلي لطلب يدها رسميا ..طابت ليلتكم

لحقت به وأوصلته إلى الباب وبعد أن فتحته له ليخرج صفقته بقوة خلفه ،كم تتمنى أن تلكم وجهه الجميل وتهشمه ،آه فقط لو تأتيها تلك الفرصة الثمينة

صعدت السلالم نحو غرفتها متناسية المرأتين المنتظرتين لتفسير منطقي منها ،أوقفها صوت خالتها

-قمر منصور يجب عليك أن تشرحي لي هذه المهزلة حالا

-رجاءا ليلوش أنا متعبة جدا ،فلا تسألاني عن شيء ،سيأتون غدا لطلب يدي والآن تصبحان على خير

ما أن كادت قدمها تطأ الدرجة التالية حتى صرخت بها خالتها بحدة جعلتها تنظر نحوها بصدمة فلم يسبق لليلى أن ارتفع صوتها وخاصة عليها هي ، نزلت السلالم وتبعت خالتها إلى قاعة الجلوس ثانية ويبدو أن مريم كانت هي أيضا تنتظرهما

زفرت ليلى بتعب ثم قالت بغضب :- أولا لمَ لم تخبريني بأنك ذاهبة لحفلة تقيمها عائلة كونيناف؟ وثانيا أنت وهو بالتأكيد لستما مغرمان وبالطبع لم يعجبني ذلك المتعجرف لذا هاتِ تفسيرا منطقيا لما حدث وإياك والكذب

يبدو كأنه لا مجال لديها للكذب أمام نظرات خالتها المهددة والغاضبة ،كله بسبب ذلك البارد لو فقط أغلق فمه لكانت ستفهمهم تدريجيا أو ستختلق كذبة قابلة للتصديق ولكنه لا ينفك يضعها في مواقف محرجة و

ولكن الآن لا مجال للمماطلة

قالت : - هو يحتاج لزوجة وأنا احتاج للمال وهكذا كان اتفاقنا مرضيا للطرفين

قطبت مريم حاجبيها باستغراب شديد فهي لم تفهم ما تفوهت به شقيقتها على عكس الخالة ليلى التي اتسعت عيناها من الدهشة وقالت بشيء يشبه الحدة:

-كيف تبيعين نفسك له مقابل المال؟ من طلب منك أن تساعديني في دفع ذلك الدين اللعين؟

انفلتت خيوط التعقل لدى قمر بعد كلام خالتها ،كيف لها أن تصفها بمن باعت نفسها مقابل المال؟ ألا يمكنها تقدير تضحيتها؟

وقفت من مكانها بغضب وصرخت بخالتها :

-بحق الله كيف كنت ستدفعين المال للبنك؟ راتبكما أنت ومريم بالكاد يكفينا ولا تظني للحظة بأنني سأسمح بخسارة منزل والدتي انه آخر ذكرى منها لقد تركته لي أنا وأنا فقط من ستتولى إنقاذه بالطريقة التي أريد وان كان لديك حل آخر وسريع تفضلي به أو التزمي الصمت فأنا لن أتراجع عن قراري

أنهت موجة غضبها ثم صعدت بسرعة إلى غرفتها لاعنة ياسين والجميع

بينما ليلى غطت وجهها بكفيها بتعب وهي لا تكاد تصدق ما يحدث ، كل شيء يسير عكس ما تخطط له و قمر من بين رجال العالم لم تقع سوى في طريق العائلة التي ظلت هي تتهرب منها منذ سنوات

قالت مريم بهدوء يعاكس ما تشعر به داخلها :

- خالتي اطمئني ، كل شيء سيكون على ما يرام

لم تجب ، بل اكتفت بهز رأسها آملة أن يسير كل شيء بخير وأن لا ينكشف ما كانت تحاول جاهدة إخفاءه فلا أحد سيتوقع ما سيحصل بعدها وحتما ما سيحصل لن يكون جيدا للجميع

***

فرنسا

كان جالسا وسط مكتبه الغارق في الظلام يبكي خسارته ، يبكي فقدان كل ما يملك ، لما عليه أن يكون فاشلا في كل شيء ؟

أخذ يردد بنشيج باك :

- أنا أحمق ما علي أن أنصت لذلك السافل ما كان يجب أن أتلاعب مع آل كونيناف

ارتفع رنين الهاتف كاسر مخترقا صوت نحيبه وشهقاته وباعثا قليلا من الضوء ليتسلل عبر خلايا الظلام

أتاه صوت رجولي يقول بالفرنسية:

- توقف عن النحيب كالنساء بيتر لقد سبق وأخبرتك بأنك لن تخسر شيئا اعترف بأنك غبي فلم تنجح لمحاولتك خداع ياسين بنقل المخدرات داخل شاحنات بضائعه و قد رد لك الصاع الصاعين ولكن لا عليكو الآن ما عليك سوى أن تساندني في خطتنا الجديدة

صرخ بيتر بغضب :

- وكيف سأدخل المناقصة وأنا على وشك إعلان إفلاسي

ضحك الرجل الآخر على الخط ثم أجاب :

- أنت ستبيعني شركاتك كلها و بهذا سندخل المناقصة لنفاجئ ياسين العزيز وبعدها ستعود لك أملاكك

بدا على ملامحه التردد والخوف ، فما الذي يجعله يثق به ؟ صحيح بأنه قدم له مساعدات ووعده باستعادة أمواله ولكن الثقة من الصعب إعطائها لشخص لا تعرف عنه أي شيء

و تبقى المشكلة أن لا حل أمامه غير هذا

انه آخر بصيص أمل يملكه لهذه اللحظة وشركاته تحتاج إلى تضحيته وما هي إلا مدة قصيرة ويعود نجمه ليعلو في سماء الأعمال ويستعيد هيمنته على شركات شحن البضائع

- أنا موافق ، سأفعل كل ما تطلبه سيد دانيل

أتاه رد بارد وجاف :

- أنا لا أفعل هذا حبا فيك بل لأدمر ما تبقى من ياسين كونيناف

[/align]

انتهى الفصل الثاني
أتمنى أن ينال إعجابكم
أحتاج إلى آرائكم وانتقاداتكم
الى اللقاء في الفصل الثالث يوم الثلاثاء على نفس الموعد

[قمر الليالى44]

انا جيييييييييييييييييييت
تسجيل حضوووووووووووور
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 4 والزوار 1) ‏قمر الليالى44, ‏bella snow, ‏انجوانا, ‏اجمل غموض

[bella snow]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 4 والزوار 1)
‏bella snow, ‏قمر الليالى44, ‏انجوانا+, ‏اجمل غموض

قمر الليالي 44 و انجوانا+
انتو حبيباتي الغاليات

[قمر الليالى44]

فصل جميل يا بيلا
قمر وافقت على الزواج من ياسين المغرور
احببت جدا شخصية يحيى صديق ياسين
وهو مستمتع بمناوشاتهما
منال الله يستر منها
ناوية على اشو لتخرب على قمر وياسين
مين دانييل الغامض الذى هدفه تدمير ياسين ؟
يسلموو يا بيلا على الفصل الرائع
ويعطيكى العافية
وبانتظارك يوم الثلاثاء
تحياتى

[انجوانا]

مسا الورد بيلا ....ياسين متعجرف جدا وجاف وبارد
واستفزازي درجه اولى ما حبيت استسلامه لمنال الخائنه
يعني من كلامها انهما كانا على علاقه بالماضي ...
قمر تموت غيظ من تصرفات ياسين وتحكمه بها ..
يحيي شاب جييد ...مراد لما لم يفعل شي لرؤيه
زوجته مع ياسين ...بيتر وتحالفه مع دانييل لتدمير ياسين هل ينجحا ...
شكرا بيلا على الفصل ...

[bella snow]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44

فصل جميل يا بيلا
قمر وافقت على الزواج من ياسين المغرور
احببت جدا شخصية يحيى صديق ياسين
وهو مستمتع بمناوشاتهما
منال الله يستر منها
ناوية على اشو لتخرب على قمر وياسين
مين دانييل الغامض الذى هدفه تدمير ياسين ؟
يسلموو يا بيلا على الفصل الرائع
ويعطيكى العافية
وبانتظارك يوم الثلاثاء
تحياتى

شكرا على تواجدك الرائع وانتي الك من عندي بووووووسة بحجم الكون كله يا عسل
وكمال اسم الشخصية الغامضة هو دانـــــيــــل مو دانييل يعني ياء واحدة
يسلمو حبيبتي على طلتك الحلوة علينا
دمت سالمة

[انجوانا]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة bella snow

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 5 ( الأعضاء 4 والزوار 1)
‏bella snow, ‏قمر الليالى44, ‏انجوانا+, ‏اجمل غموض

قمر الليالي 44 و انجوانا+
انتو حبيباتي الغاليات

حبيبتي بيلا انتي اغلى امووووووووووواه ...

[انجوانا]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 7 ( الأعضاء 5 والزوار 2)
‏انجوانا, ‏bella snow+, ‏karmen83, ‏marmora_95, ‏اجمل غموض