آخر 10 مشاركات
مرت من هنا (2) * مميزة *,*مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          القليل من الحب (81) للكاتبة Joss Wood .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          تائــهــة في عتمتـك (الكاتـب : نسريـن - )           »          أعاصير ملكية (57) للكاتبة: لوسى مونرو (الجزء الثاني من سلسلة العائلة الملكية) ×كاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          في قلب الشاعر (5) *مميزة و مكتملة* .. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          نقد مقال بوابات الجحيم التي فتحت فوق سيبيريا عام 1908 لغز الانفجار الكبير (الكاتـب : الحكم لله - )           »          صدمات ملكية (56) للكاتبة: لوسي مونرو (الجزء الأول من سلسلة العائلة الملكية) ×كــاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          [تحميل] مكيدة زواج ، للكاتبة / سلمى محمد "مصرية " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree160Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-03-18, 06:52 PM   #531

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9



الفصل الحادي والتسعون:

مر أمام أنظارها الشاردة شريط حياتها العابث، ركضت وراء أهوائها متناسية يومًا كذلك، أرعبتها نظرات قريبها كامل حد الموت، ودعت الله في نفسها ألا يصل الأمر به إلى دفنها حية، كانت ترتعد في المقعد الخلفي، وهوى قلبها لأكثر من مرة في قدميها مع كل طريق مظلم تسلكه السيارة التي تقلها لبلدتها حتى توقفت عند منزله، هنا زاد شحوب وجهها وزاغت أبصارها، جذبها كامل من ذراعها بقبضته العنيفة آمرًا بجمود:
-انزلي يا بت شادية
ارتجفت شفتاها وهي تقول:
-أنا...
احتدت نظراته وبدت أكثر إظلامًا فارتعدت فرائصها، هتف من بين أسنانه بقسوة:
-حريمنا هيوجبوا معاكي!
أفزعتها كلماته المريبة تلك، فتهاوت قدماها وهي تجر خلفه نحو المنزل، استعطفته باستجداء:
-اسمعني يا عمي، أنا هافهمك
هدر آمرًا بصرامة ترعب الأبدان:
-اتكتمي!
صمتت مجبرة متوقعة هلاكًا حتميًا بالداخل، كان في انتظارها حفنة من نساء العائلة، نظراتهن كانت مخيفة للغاية ناهيك عن أوجههن الواجمة، جف حلقها من الخوف، دفعها بعنف نحوهن فسقطت تحت أرجلهن منكبة على وجهها، أشار لهن بسبابته صائحًا بلهجة صارمة:
-مش هاوصيكم!
ردت عليه إحداهن بنبرة قاتمة وهي تنظر لها بازدراء:
-اطمن يا حاج كامل، الضلع الأعوج لازم يتعدل!
رفعت ولاء رأسها لتنظر في وجه تلك المرأة، فرأت ما أخافها أكثر، مررت أعينها الخائفة على حفنة النساء التي شكلت دائرة حولها لتضيق عليها الخناق، دق قلبها بعنف وهي تتلفت حولها بذعر مرددة بتوسل:
-اسمعوني، أنا معملتش حاجة!
وكأنها تخاطب أصنامًا لا تنطق ولا تسمع، هن تلقوا أمرًا صارمًا بتهذيب أخلاقها على طريقتهن، بردع تصرفاتها الهوجاء بأسلوب عنيف، كاد قلبها يخرج من بين ضلوعها وهي ترى النساء يواصلن التحرك نحوها ليقمن بواجب الضيافة الخاص معها، نزعن عنها المعطف الذي يستر ثيابها، فشعرت أنها عارية، لا يحجب جسدها عن أعينهن الغاضبة شيء ، انهلن عليها بالضرب المبرح فصرخت متألمة، استغاثت بمن ينجدها لكن بدا صوتها لهن معزوفة آسرة حتى فقدت وعيها، حينها توقفن عن تعذيبها الجسدي، صاحت فيهن مرأة ما:
-كفاية عليها كده، ودوها الزريبة زي ما الحاج كامل أمر!
أمسكت بها اثنتان منهن من معصميها، وقامتا بسحلها على الأرضية حتى وصلتا إلى حظيرة البهائم، فتركت حبيسة ذلك المكان حتى يتم النظر في أمرها.
............................................
وأصبح للحب عنوانًا يخلد بداخله أسماء العاشقين، كانت حلمه الغريب، وأصبحت واقعه الجميل، لم يغمض له جفن، وظل مستيقظًا طوال الليل ليتأكد أنها باتت زوجته وتغفو في أحضانه، لم تغب البسمة عن محياه، سحبها معه نحو أنهر العشق التي يجيد فنونها ببراعة، واستجابت هي لتيار حبه الجارف مستسلمة لأمواجه المتدفقة فتنعمت معه بأحاسيس لم تختبرها من قبل، حلقت معه في عنان السماء مستنشقة أكسيد الغرام الذي حفز حواسها بالكامل لتغدو تحت سيطرة العشق العميق، خشى أن تكون في مرحلة ما قد تأذت منه لكن للحب تأثير عجيب، لذة محببة تذيب الحواجز والمخاوف، فتخطت تلك اللحظات الحرجة والهامة بشاعرية مضاعفة لتصبح زوجته فعليًا.
نامت أسيف في أحضانه بعمق ربما لكونها تشعر بالسكينة معه، وربما لأن الإرهاق قد تملك منها، لكن الأكيد أنها لم تعد تهابه، ظل يداعب خصلات شعرها بأصابعه متنهدًا بحرارة، احنى رأسه عليها ليطبع قبلة صغيرة على جبينه هامسًا لها:
-بأحبك يا أسيف!
تململت متأثرة من صوته الهامس الحنون فابتسمت بشغف، بدت كالطفل الصغير الذي وجد راحته بعد مجهود مضنٍ، ضمها إليه محاوطًا إياها بذراعه رافضًا السماح لها بالابتعاد عنه، أعاد إسناد رأسه للخلف مغمضًا عينيه ليستسلم لخدر النوم الذي بدأ يتسلل إلى جفنيه.
...........................................

احترقت وهي تتقلب على جانبيها متخيلة ما يفعله أي عروسين في ليلة عرسهما، تجسد في مخيلتها وجه منذر بملامحه الجادة ونظراته الصرامة، توهمته يتودد إليها، ينهال عليها بالقبلات الشغوفة، ويغدقها بأحضان دافئة تثير فيها الرغبات لتذوق المزيد معه، اجتاح رأسها ألم رهيب فجأة لتتبخر مع قوته أحلامها الوردية وتفيق على واقعها المرير، إنسانة مريضة على وشك ملاقاة الموت بين لحظة وأخرى.
أدمعت عيناي نيرمين بشدة وهي تحاول تجاوز تلك الساعات العصيبة، لكنها كانت تمر ببطء بثقل يهلك القلوب قبل العقول، رغمًا عنها خرج أنينًا من جوفها شاعرة بوخزات قاسية تعتصر فؤادها، أجهشت بالبكاء سريعًا، كورت يدها ضاغطة على أصابعها بقوة وهي تحدث نفسها بأسى:
-كان نفسي في واحد يحبني وأحبه، كنت هاكلها معاه بدوقة، مكونتش طالبة كتير، آه!
زادت حدة الآلام التي تعصف برأسها فصرخت بوجع شديد، ولجت الممرضة بصحبة الطبيب نبيل على إثر صرخاتها المتتالية إلى داخل غرفتها، دنا منها متسائلاً بتلهف:
-مدام نيرمين، حصلك ايه؟
لم تكن تراه جيدًا، أثر ألمها المميت على مراكز الإبصار لديها، فبدت الرؤية مشوشة، واصلت صراخها المتألم صائحة ببكاء يدمي القلوب:
-تعبت، كفاية بقي، يا ريت أموت وأرتاح، خدني يا رب، ارحمني من العذاب ده!
انهارت مجددًا عاجزة عن مقاومة كل أوجاعها التي هاجمتها بشراسة، هتف فيها بنبرة عالية:
-مدام نيرمين، متقوليش كده، كلنا معاكي وجمبك!
أمسك بقبضة يدها يحتضن راحتها متابعًا:
-أنا جمبك ومش هاسيبك، سمعاني يا مدام نيرمين، أنا موجود معاكي
للحظة تسرب صوته الجاد إلى أذنيها فبدا كالترياق لذلك الذي يلتهمها بضراوة، هدأت نسبيًا وانخفضت حدة صرخاتها، ظل يبث في روحها المعذبة كلمات مهدئة حتى خف أنينها المصاحب لصراخها نوعًا ما، فقام بفحصها وإعطائها جرعة جديدة من دوائها عل أوجاعها تسكن، رفض تركها بمفردها وأكمل مناوبته الليلة ماكثًا في غرفتها حتى الساعات الأولى من الصباح مراقبًا إياها في صمت، شغل تفكيره تلك الجمل الغامضة التي كانت تهذي بها وسط صرخاتها، تساءل في نفسه بفضول عن الذي يدفع شابة مثلها للوصول إلى الحضيض في مشاعرها، لتعاني بقسوة رافضة التمسك بأقل الآمال لتبقى على قيد الحياة.
...............................................

تثاءبت بإنهاك وهي تجاهد للنهوض من نومتها التي طالت معتقدة أنها في غرفتها بمنزل عمتها وكانت منغمسة في أحلام ممتدة، شعرت بتيبس في عنقها، بألم طفيف في أجزاء متفرقة من جسدها، لكن صدمتها حينما رأته نائمًا إلى جوارها جعلها تشهق صارخة وكأنها رأت شبحًا للتو، انتفض منذر فزعًا على إثر صرختها محدقًا فيها بذهول، كمم فمها بيده ، وطوق بالأخرى عنقها ليمنعها عن الصراخ متسائلاً باندهاش:
-في ايه؟
جاهدت لتتحرر منه محاولة نزع يده عنها لكنها فشلت، امتص سريعًا صدمتها قائلاً بتريث عقلاني:
-احنا متجوزين، وفي بيتنا!
تجمدت أنظارها الجاحظة عليه، وتوقفت عن المقاومة والصراخ، بدأ عقلها يستوعب الأمر من جديد، هي بالفعل تزوجته، وكانت ليلة عرسهما بالأمس، أزاح يده عن فمها قائلاً بابتسامة عذبة:
-افتكرتي، أنا منذر جوزك!
أخفضت أسيف عينيها حرجًا منه، وهزت رأسها باستنكار كبير لتصرفها الأحمق في أول صباح يجمعهما معًا، دست يديها في خصلات شعرها المتبعثرة ضاغطة على شفتيها بقوة، ابتسم لخجلها الحرج منه متابعًا بمزاح:
-حصل خير، بس يا ريت مايتكررش تاني، الناس تقول عنا ايه!
زاد خجلها وبدا واضحًا على وجنتها التي اصطبغت بحمرة كثيفة، خبأته براحتيها متحاشية النظر إليه، وألقت بظهرها على الفراش زافرة بصوت مسموع، اعتدل منذر في نومته ليحدق فيها بنظرات والهة، لا يصدق أنها تشاطره الفراش، يشعر بدفء جسدها الملاصق لها، يراقب براءة روحها النقية التي أضاءت حياته الكئيبة، تحفزت خلاياه سريعًا للاستمتاع معها بحب جارف، فنهض من جوارها ليعتلي جسدها دون أن يلمسها، وهتف قائلاً بنبرة ذات مغزى
-صباحية مباركة يا عروسة
رفضت إبعاد يديها عن وجهها أو حتى النظر إليه بعد تصرفها الخجل مرددة بصوت شبه مكتوم:
-صباحية إيه بقى، أنا وشي منك في الأرض!
مد يده نحو قبضتيها ليزيحمها عن وجهها الذي شعر بسخونته من فرط حرجها، حدقت فيه بأعين لامعة، فتابع بتنهيدة حارة:
-وحشتيني من بالليل لدلوقتي
عبست بوجهها مرددة بغرابة:
-هو احنا لحقنا؟
التوى ثغره ببسمة عابثة وهو يقول:
-طبعًا، إنتي مش عارفة أنا نفسي فيكي أد ايه
-بس...
قاطعها بهدوء مغرٍ:
-ده مش وقت كلام خالص، احنا.....
لم يكمل جملته للنهاية فاستغربت من صمته، لكنه فسره لها حينما انحنى على رأسها ليطبق على شفتيها بشفتيه، قبلها بشغف أكبر، فذابت معه سريعًا، وتفاعلت مع حبه الذي أغدق به عليها، وانغمسا مجددًا في عشق خاص بهما.
.................................................. ...

بصعوبة بالغة تمكن من النوم في فراشه، لم يغب عن باله صورتها التي انطبعت في مخيلته، ظل محدقًا في خاتم الخطبة لفترة طويلة متمنيًا أن ينقله لليد اليسرى، زفر دياب باستياء لكونه لم يتزوج مثل أخيه، همس بصوت مزعوج:
-يا بختك، زمانتك غرقان في العسل، وأخوك مفحوت هنا!
نهض عن فراشه ذارعًا الغرفة جيئة وذهابًا، بحث عن هاتفه ليحدثها، فقد تملكته رغبة كبيرة في سماع صوتها، تساءل مع نفسه بتوتر:
-يا ترى هاتكون صاحية ولا لأ؟
تردد في مهاتفتها واضعًا يده على رأسه قائلاً لنفسه:
-استحالة تكون صاحية
رن الهاتف فجأة في يده، فانتفض في مكانه مفزوعًا على إثر الرنة المباغتة، أطلق سبة نابية وهو يحدق في الشاشة بنظرات حادة، تحولت تعبيراته للوجوم الشديد حينما قرأ اسم "شادية" عليها، ضغط على زر الرفض مرددًا بازدراء:
-ولية...... تجيب النحس، هو أنا ناقصها على الصبح!
تجاهل اتصالاتها المتكررة واضعًا هاتفه على الوضعية الصامتة، اعتقد أنها تحاول تهديده كعادتها لكونه قد تطاول على ابنتها بالأمس، وتوجه إلى المرحاض ليغتسل قبل أن يقوم بزيارة صباحية مباغتة لعروسه التي اشتاقها.
.............................................

ضاقت بها كل السبل للوصول إلى ابنتها، فقدوم قريبها الصارم "كامل" قطع عليها الطريق للتواصل معه أو حتى معها، هو لن يتهاون فيما يخص سمعة العائلة، خاصة وضعها الفاضح الذي رأها عليه، سيحكم عليها بالبقاء في داره ريثما تنتهي القضايا مع زوجها الحالي ليقرر هو مصيرها، خافت عليها من أن يحكم عليها بالموت، فإن كان على عهده متعصبًا شديدًا لن يتراجع عن ذلك، هداها تفكيرها المحدود للجوء إلى والد حفيدها دياب، فهو مشهود عنه بمواقفه الرجولية، ربما سيبرر الموقف بصورة هينة يسهل تقبلها، فقريبها يثق فيه، ستقنعه بطريقتها أن يختلق عذرًا ما، لكنها فقدت الأمل في الوصول إليه، عاتبت نفسها لتفكيرها المحدود معتقدة أنه سيلبي ندائها بعد كل الخلافات الدائرة بينهما، لم يعد أمامها بدًا من الذهاب إلى مازن، الأمل الأخير بالنسبة لها، توجهت إلى منزله لتقابله، استقبلها بفتور لم يبذل جهدًا في إخفائه، توسلت له بقلب مفطور أن يساعدها لكنه أبى قائلاً بتهكم:
-مش هي اختارت تشرب بقى!
هددته شادية بصراخ:
-هاضيعك يا ابن أبو النجا، التقارير الطبية معايا، هاقول اللي انت عملته فيها، اوعى مفكرني نسيت!!
نظر لها بجمود غير عابيء بتهديداتها، ورد ببرود:
-وإنتي قبضتي التمن
صاحت فيه بصوت غاضب مهددة بيدها:
-أخوك ضحك عليا، باعلي الهوا، مخدناش حاجة منكم!
رد بعدم مبالاة:
-ماليش فيه، وبعدين عاوزاني أرجع واحدة لامؤاخذة بتلوف على واحد تاني وهي على ذمتي، قالولك عني قرني؟
اشتعلت حدقتاها من أسلوبه المسيء لابنتها، فصاحت بعصبية:
-انت قذر وسافل
هتف باستفزاز:
-ده العادي بتاعي، مش جديد يعني
بصقت في وجهه متعمدة التحقير من شأنه فاستشاط غضبًا، دفعها من ذراعها قائلاً بانفعال:
-يالا يا ولية من هنا، أقولك على حاجة، بنتك طالق! خلصنا!
ضاقت نظراته أكثر وهو يتابع بشراسة:
-وهابعت ورقة الطلاق على بلدكم، يالا من هنا!
شهقت شادية مصدومة من فعلته الغير متوقعة، وتلاحقت دقات قلبها بصورة كبيرة، لقد أنهت زيجة ابنتها دون قصد منها، وبات الأمر متأزمًا بصورة أكبر، وقفت في مكانها عاجزة عن التفكير فيما ستفعله إن نفذ تهديده ذلك، دفعها بلا رحمة إلى خــارج منزله ملقيًا إياها كالشاردة على الدرج، لم يشفع له كبر سنها ولا صلة النسب بينهما، أدركت بعد تلك المهانة أنها أجرمت في حق نفسها قبل ابنتها، أنها زجت بها في متاعب لا حصر لها بسبب أطماعها الغير منتهية، هبطت الدرج وهي تبكي بحسرة على مصائبها، تبقى لها أمرًا واحدًا هي المواجهة المباشرة مع عائلتها، عليها أن تعترف بأخطائها أولاً قبل أن يتم محاسبة ابنتها على أفعالها.
.................................................. ...

توجهت نحو باب المنزل لتفتحه معتقدة أن محصل الكهرباء بالخارج، فاليوم هو الموعد الشهري لسداد الفاتورة، سارت عواطف بتمهل حتى بلغته، ثم قامت بفتحه لتتفاجأ بوجود زوج ابنتها دياب أمامها، تشكل على محياها ابتسامة ودودة وهي ترحب به:
-اتفضل يا ابني، نورتنا
رد عليها بابتسامة عريضة:
-ازيك يا حماتي، أنا جاي أصبح عليكم، وأشوف إن كنتو محتاجين حاجة
-تسلم على تعبك!
تنحنح مضيفًا بخشونة طفيفة:
-هي بسمة موجودة
ردت عواطف ضاحكة:
-يعني هاتروح فين، ما هي أعدة في البيت
سألها بتلهف واضح عليه:
-طيب ينفع أشوفها؟
هزت رأسها بالإيجاب مرددة بحماس:
-أه يا ابني، دي مراتك دلوقتي
رفع كفيه عاليًا وهو يقول:
-يسمع منك ربنا
أضافت عواطف بودٍ:
-ثواني هناديهالك، وأهوو بالمرة تقعدوا شوية قبل ما نعدي على نيرمين نشوفها، وبالمرة نطلع على العرسان نطمن عليهم
-ماشي
تحركت نحو غرفة ابنتها بعد أن استقبلته في غرفة الضيوف لكنها لم تكن بالداخل، رددت لنفسها:
-تكونش في الحمام؟
توجهت إلى هناك، فوجدت الباب موصدًا، وسمعت هدير الماء يأتي من الداخل فتأكدت من وجودها به، تحركت نحو المطبخ لتعد مشروبًا لضيفها ريثما تخرج بسمة لتستقبله،
وكعادتها لم تهتم بمظهرها ففتحت باب المرحاض مرتدية قميصًا منزليًا ذو حملات رفيعة من اللون الوردي، يكاد يصل إلى ركبتيها، وشعرها المبتل ملتفًا بمنشفة قطنية، دندنت بأغنية شهيرة وهي تسير بلا اكتراث نحو الصالة لتلقي نظرة خاطفة على هاتفها الموصول بالشاحن،
مرت بغرفة الضيوف فلم تنتبه لوجوده بالداخل، لكنه لمحها وهي تسير بخيلاء مثير ودلال ناعم يلهب المشاعر ويؤجج العواطف، هب من مكانه واقفًا ليحدق فيها مدهوشًا، لمعت عيناه بوميض مشرق، وارتسم على محياه ابتسامة عريضة، لم يتسمر في مكانه مطولاً، أسرع بتحريك قدميه نحو عتبة باب الغرفة ليستند بذراعه على الحائط، مرر أنظاره على جسدها الملفوف بنظرات مطولة، لم يستطع إبعاد عينيه عنها، فمجرد رؤيتها يعطيه إحساسًا صافيًا بالسعادة، فعليًا لم يكن يرى سواها، هتف بلا وعي بتنهيدة حارة:
-هو في كده................................ ؟!
.................................................. ...............



Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 06:53 PM   #532

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثاني والتسعون:

أسرعت تستقل إحدى الحافلات المتجهة إلى بلدتها البعيدة، لم يبقَ أحد لمساعدتها سوى هي، وعليها التصرف حتمًا قبل فوات الآوان، فأي دقيقة تمر ربما تشكل فارقًا في حياة ابنتها، فصرامة الحاج كامل وشدته معروفة للجميع، ولن يتهاون في التفريط في حق العائلة طالما أن الأمر يمس سمعتها المهيبة، لم تتوقف عن الدعاء طوال الطريق آملة أن يرفق بها وألا يؤذيها، وصلت مع ساعات الصباح الأولى، فاستأجرت سيارة خاصة لتوصلها إلى منزله المعروف، حبست أنفاسها متوقعة الأسوأ، وبدت في وضع لا تحسد عليه حينما رأته يخرج من باب منزله، ازدردت ريقها هاتفة بحرج:
-حاج كامل!
التفت الأخير برأسه نحو صاحبة الصوت الأنثوي المعروف، رمقها بنظرات مشمئزة وهو يقول بجمود متهكم:
-البشاير هلت
دنت منه هاتفة بتلهف وهي تبتلع ريقها في حلقها الجاف:
-بنتي يا حاج كامل، عملتوا فيها إيه؟
رد عليها بجفاء وهو يشير بإصبعه:
-رجعت عند عمها، احنا أولى بلحمنا!
انحنت شادية على كفه تقبله وهي تستعطفه بتوسل شديد:
-أبوس ايدك ارحمها، دي أم وعندها ابن، حرام يتيتم و...
قاطعها ساحبًا يده من بين راحتيها:
-ساعتها لسه ماوجبتش!
تنفست الصعداء بعد جملته تلك، فتابعت متسائلة:
-يعني هي لسه عايشة؟
أجابها قائلاً:
-أيوه، بس خلاص مالكيش حكم عليها
أومـأت برأسها خانعة لقراره الصارم وهي تتابع بقلب ملتاع:
-أنا راضية بحكمك بس أشوفها وأطمن عليك
نظر لها مطولاً بتأفف حتى ظنت أنه سيرفض رجائها لكنه تنهد قائلاً بعبوس مقتضب:
-أخرج تكلمي مع الحاجة وهي تطمنك!
لم تجد بدًا من الاعتراض على حكمه، فارتضت بمحادثة زوجته علها تطمئنها عليها فيهدأ خوفها المبرر.
..........................................
مذلة ما بعدها مذلة، أن تتحول حياتك فجأة من الترف والبذخ إلى النقيض تمامًا، لم تتصور أن تصبح بين عشية وضحاها في وضع متردٍ كذلك، أفاقت من ألامها على تلك الرائحة المنفرة التي تقتحم أنفها بقوة، أصدرت أنينًا موجوعًا وهي تتقلب بألم على جانبها محاولة النهوض، اختنقت أكثر بتلك الرائحة المثيرة للغثيان.
فتحت ولاء عينيها ببطء محاولة رؤية ما حولها، تأملت المكان بنظرة شمولية رغم تورم عينيها وعرفت من الأصوات القريبة منها أين هي، استندت على مرفقيها محاولة النهوض من رقدتها المتعبة، وسحبت ساقيها إلى صدرها لتنزوي بعيدًا عن البهائم التي كانت تتحرك حولها، بكت بقهر متحسرة على ما آلت إليه الأمور معها، انتفضت في جلستها مذعورة حينما سمعت صوت إحداهن يصيح عاليًا:
-فاقت يا حاجة!
ظنت أنهن سيتطاولن بالضرب عليها، فصرخت بهلع:
-حرام والله اللي بتعملوه فيا!
ولجت إليها زوجة عمها كامل، فرمقتها بنظرات احتقارية أشعرتها بوضاعتها، ثم أردفت قائلة بجمود:
-اللي اتعمل فيكي قرصة ودن يا بت شادية، ولولا إن الحاج عمل خاطر ليا كان زمانته بيدفنك ولا من شاف ولا من دري
سألتها بصوت مختنق وهي ترتجف:
-ليه كل ده؟
أجابتها بحدة وهي تنظر لها بازدراء:
-مفكرانا مش دارين في البلد باللي بتعمليه في البندر!
اقتحم عقلها سيلاً متداخلاً من مشاهد مختلفة لمقتطفات متفرقة من حياتها؛ اتفاقات حقيرة مع سليل عائلة أبو النجا للإيقاع بغريمه بدياب، مشاحنات عنيفة معه بعد وقعه في المحظور وجره لحبائلها الخبيثة، توريطه في مسألة الزيجة وما تبعه من حمل وإنجاب، ثم انكشاف المستور وطلاقهما الحتمي، علاقات خفية مع مازن، وانصياع تام لأطماع وشهوات دونية، أفاقت من شرودها المشين قائلة بارتباك:
-أنا..
وكأن زوجة عمها قد قرأت أفكارها، فقاطعت بنفور:
-اتطلقتي من ابن الأصول وقولنا نصيبها كده، عرفنا بعدها إنك فجرتي، وقلعتي، مفكرة بكده إنك مالكيش أهل شوهتي سمعتهم!
تجمدت الكلمات على طرف لسانها فلم تستطع الدفاع عن نفسها، تابعت الأخيرة مضيفة بقوة:
-حاشنا عنك الحاج طه!
ارتفع حاجبي ولاء للأعلى في ذهول تام، بدت علامات الاندهاش جلية على قسماتها المتورمة، لم يطرأ ببالها أن يقوم حماها السابق بزيارة سرية إلى عائلتها، فقط لوأد الخلافات قبل أن تتطور وذلك حرصًا على مصلحة ابنها آنذاك، رأت زوجة عمها تعبيراتها المصدومة فأكدت حديثها موضحة:
-ايوه، جه زمان عندنا ووصانا منتعرضش ليكي!
شعرت بخيبة الأمل لكونها فرطت في عائلة ذات أخلاق متأصلة فيها بروعونتها وتفكيرها الأحمق، أضاعت كنزًا ثمينًا من بين أصابعها بسبب غبائها الشديد، واصلت زوجة عمها مكملة بتعنيفٍ قاسٍ:
-ابن أصول! خرجتي عن طوعنا وعن سلو بلدنا وقولنا أهو كله لنفسها، طالما مش بتعمل العيبة، خبيتي عنا خبر جوازك وعرفناه بالصدفة، وعديناه، ما انتي بقيتي في عصمة راجل تاني يلمك، بس طالما رماكي واتطلقتي تاني يبقى مالكيش عندنا إلا البُلغة!
توالت صدماتها بعد كشف الستار عن كل ما يخصها، فتسائلت بخوف:
-انتو عرفتوا ده منين؟
رمقتها زوجة عمها بنظرات قاسية وهي ترد:
-مافيش حاجة بتستخبى!
تملكها إحساس الندم والخزي، أدركت أنها ارتكبت من الأفعال المشينة ما يجعلها تخجل لما تبقى من حياتها، إن كان الأقرباء يعرفون عنها كل ذلك وتنكروا لها، فماذا عن صغيرها إن شب وكبر وعرف ماضيها المسيء؟ تخبطت في أفكارها التي أنهكت عقلها إلى أن سمعت صوتها يضيف بغموض أصاب جسدها بالقشعريرة:
-وعرضنا هنلمه، وبالأصول!!!
سألتها بتوجس كبير:
-قصدكم ايه؟
-إنتي ونصيبك بقى
قالتها باقتضاب لتثير هلعها قبل أن تتركها في حظيرة البهائم لتعاود أدراجها للداخل، حاولت ولاء النهوض من رقدتها المتألمة لتلحق بها، لكن كانت عظامها تئن بشراسة، فتعذر عليها الوصول إليها، توقفت عن الزحف وأجهشت ببكاء مرير، نكست رأسها بحسرة كبيرة متوجسة مما سيحدث لها لاحقًا.
..........................................
قابلتها بفتور رغم الألفة المعهودة بينها، هي تلقت تعليمات صارمة من زوجها – والذي يعد كبير العائلة- بعدم الاسترسال في الحديث الودي معها، لذلك حرصت على أن يكون أسلوبها جافًا ورسميًا، نظرت لها شادية قائلة بعتاب:
-بعد كل ده؟
ردت قائلة بقسوة:
-ده أخري، ويبقى بجميلة كمان!
هتفت فيها بحدة:
-دي بنتي؟ يهون عليكم تعملوا فيها كده؟
ردت بجفاء دون أن يرتد لها طرف:
-ده ذنب وبيخلص، احمدي ربنا إنه مدفنهاش حية في قبر أبوها!
فغرت فمها مدهوشة وهي ترد باستنكار:
-للدرجادي
قست نظراتها موضحة:
-ريحتها فاحت يا شادية، وهي مش عاملة اعتبار لحد، خليها عندنا تتربى وتعرف إن الله حق
كانت محقة في ذلك، فابنتها تخطت حدود المقبول في تصرفاتها المتجاوزة، طأطأت رأسها مرددة بخزي:
-ماشي، بس ماتموتهاش، وأستسمحك تخليني أشوفها!
صمتت للحظات قبل أن تقول بقوة جامدة:
-لأ، الحاج كامل رافض!
انقلع قلبها في صدرها لمجرد منعها من رؤيتها وهي على بعد خطوات منها، هتفت بنبرة مختنقة وقد أوشكت على البكاء أمامها لتستجديها:
-يرضيكي أتحرم من طلتي على بنتي؟!
ردت بقسوة متعمدة الإشارة إلى صمتها عن أفعالها المسيئة:
-شوفي إنتي عملتي ايه ووصلتيها لده!
-مغطلش معاها بس...
-اللي أقدر أخدمك فيه إني أقولك الحاج كامل هيسترها وتتجوز الكلاف بتاعنا
اتسعت مقلتاها في صدمة، وهتفت مرددة:
-ايه؟
تابعت موضحة بجمود وكأن أمرها لا يعنيها:
-مابيخلفش ومش بيدور على خلفة ولا عيال، عاوز واحدة تخدمه وتقوم على طلباته، وده اللي يليق ببتك
-ليه كده بس؟ حرام والله
هبت الأخيرة واقفة من مكانها لتضيف بجمود جاف:
-شرفتي يا شادية، مانجلكيش في حاجة وحشة!
أولتها ظهرها متابعة بصياح جهوري:
-واد يا مسعود وصل الست شادية للمحطة قبل ما يفوتها القطر!
حركت شادية رأسها للجانبين وهي تبكي بحرقة على فراق ابنتها الإجباري ومصيرها المجهول مع زوج مستقبلي لن تعرف عنه شيئًا، لم يعد بمقدورها التصرف، انفلتت زمام الأمور منها، فوقفت مكتوفة الأيدي عاجزة حتى عن رؤيتها، وضعت كفيها على رأسها تضغ عليها بحسرة، آهٍ لو تم تحذيرها من قبل لردعت ابنتها قبل أن تخرج المسائل عن السيطرة، خشيت أن تعاند فتتسبب في تبعات جمة تعرضها للخطر، لذلك استسلمت بيأس كبير لقرار العائلة الغير قابل للنقاش بتزويجها بعد انتهاء العدة الشرعية، وجرجرت ساقيها للخارج ملقية نظرة وداع أخيرة على المنزل، همست لنفسها بانكسار:
-ربنا يسترها عليكي يا بنتي وينجيكي من المستخبي!
تابعت سيرها المتخاذل متجهة نحو الطريق الرئيسي باحثة عن وسيلة مواصلات تقلها لمحطة القطارات لتعود إلى المدينة وحيدة، ظلت شاردة أغلب الوقت تفكر فيما ستفعله في المستقبل، لا يمكنها أن تتخلى عنها في ذلك الوقت الحرج وتبقى في معزل جاهلة بما يحل بها، بقى أمامها خيارًا واحدًا، ألا وهو العودة إلى البلدة لتكون إلى جوارها، لم تفكر كثيرًا وحسمت أمرها بتنفيذ ذلك والانتقال إلى هنا، فقط عليها أن ترتب لذلك لتعود سريعًا إليها.
...........................................

ارتعش جسدها لمجرد سماع صوته يأتي من خلفها، وانتفض قلبها بقوة من كلماته المادحة، لم تتوقع وجوده مطلقًا في تلك الساعة المبكرة، والأهم من ذلك هي خروجها أمامه مرتدية ثيابًا كاشفة لأجزاء من جسدها، جحظت عيناها بصدمة جلية عندما أدركت ذلك الموقف الحرج الذي وضعت فيه، التفتت عفويًا برأسها للخلف لتجده يطالعها بأعين لامعة وتلك الابتسامة المغرية مرتسمة على ثغره، شهقت بسمة مفزوعة ووضعت يدها على مفاتنها تخبئها صائحة بتوتر رهيب:
-إنت بتعمل إيه هنا؟
رد مبتسمًا بثقة وهو يشير بحاجبيه:
-والله أنا محظوظ، مكتوبلي أشوفك! شوفتي القدر؟
رغم كونها المرة الأولى التي ينظر لها بجرأة بعد عقد قرانهما إلا أنها انزعجت من نظراته التي تخجلها، شعرت بأنها عارية أمامه، بأنه يخترقها بسهولة، بلا تردد نزعت سريعًا منشفتها القطنية عن شعرها المبتل لتغطي به كتفيها وهي ترمقه بنظرات حادة، لم تعطه المزيد من الوقت ليتأملها، فتحركت مبتعدة من أمامه وهي تزفر بصوت مسموع، اعترض دياب طريقها مرددًا بضيق:
-استني بس، رايحة فين؟
عبست أكثر بوجهها قائلة بتجهم آمر وهي تتحاشى الاقتراب منه:
-وسع من سكتي!
أشار لها بكفه محتجًا:
-ليه بس؟!
نفخت دون أن تجيبه، فتحرك صوبها متعمدًا تقليص المسافات بينهما، أضاف بخفوت لكن بكلمات موحية:
-ده حتى كل حاجة حلوة النهاردة، و......
فهمت مقصده الضمني الذي يتغزل فيه بجمالها الطبيعي، قاطعته مستنكرة وهي قاطبة لجبينها:
-إنت قليل الأدب، عيب كده!
عقد ما بين حاجبيه مزعوجًا من أسلوبها الحاد معه مرددًا بعتاب لطيف:
-ينفع الغلط طيب؟
تحركت بسمة للجانب قائلة بجدية تحمل التهديد:
-حاسب، ماما لو شافتنا كده مش هايحصل طيب!!
اتسعت ابتسامته العابثة أكثر وهو يرد بتسلية:
-يا ريت! حتى أقولها عاوز أكمل نص ديني عملي، وأنا متأكد إنها مش هتمانع!
كان محقًا في ذلك، فوالدتها ستفرح كثيرًا إن أسرعت هي في إتمام الزيجة، بدت أكثر اضطرابًا من طريقة نظراته التي تثير أعصابها، شعرت بتورد وجهها، وبارتباك أنفاسها، فهتفت محذرة ومحاولة إخفاء توترها:
-بلاش تستفز أعصابي
نظر لها متحديًا وهو يواصل اقترابه منها قائلاً بصوتٍ هادئ لكنه واثق:
-هتعملي ايه يعني؟
تراجعت بتعجل للخلف وتلفتت حولها باحثة عن شيء تقذفه به، وقعت عيناها على مزهرية قريبة –صغيرة الحجم- فالتقطتها بيدها ثم ألقتها في وجهها، انحنى دياب ليتفادى ارتطامها به قائلاً بذهول:
-يا بنت المجانين!
نظرت له بأعين محتقنة وهي ترد بغيظ:
-أحسن
استغل فرصة التهائه عنها لثوانٍ لتتمكن من الفرار من أمامه متجهة إلى غرفتها، أوصدت الباب خلفها كي لا يلحق بها، فتجمدت أنظاره عليه، وضع إصبعيه على طرف ذقنه يفركه قليلاً، أخرج تنهيدة حارة من صدره هامسًا بتشوق:
-ليكي يوم!
حرك يده لمؤخرة عنقه متابعًا بإعجاب:
-بس وربنا بردك قمر!
استدار بجسده عائدًا نحو غرفة الضيوف ليجلس بها، فالتقى بعواطف في طريقه وهي تحمل صينية بها القهوة الساخنة وبعض الحلوى مرددة بابتسامة أمومية:
-اتأخرت عليك يا ابني!
تنحنح بخشونة قائلاً بحرج طفيف:
-احم، منورة يا حماتي!
أشارت بيدها متابعة:
-هاروح أشوفلك بسمة
هز رأسه مبتسمًا بهدوء:
-خدي راحتك
لاحظت نظراته الدافئة وطريقته المتحمسة التي كانت واضحة للعيان، فابتسم متمتمة مع نفسها بخفوت:
-يا قرب البعيد بينكم!
.................................................
مسحت بأناملها المرتجفة التجمعات البخارية التي تحجب رؤية انعكاس وجهها في المرآة، حدقت في بشرتها المتوردة بحيوية نضرة بنظرات راضية، هي تحيا سعادة غامرة لم تظن أنها ستحظى بها بعد كل ما مرت به من أحداث عصيبة، تخلت عن ذلك الحزن القابع في حياتها ليحل محله مفهومًا جديدًا وعميقًا في حياتها، تنهدت مطولاً وهي تتمط بكتفيها محاولة تخفيف ذلك الألم الطفيف الذي يعتريها، بالطبع كل ما تمر به طبيعيًا فهي عروس جديد تخوض تجارب مثيرة لأول مرة تسحبها إلى عوالم خاصة بها أعمق المشاعر وأقواها.
أكملت ارتداء ثيابها الجديدة -ذات اللون الأحمر- متأملة هيئة جسدها المثير الذي بدا مغريًا من أسفل القماش الشفاف، تحرجت للغاية من كونها ستظهر هكذا أمام زوجها، هي لم تعتد على تلك الأمور بعد، أغمضت عينيها للحظات مستجمعة جأشها، ثم فتحت جفنيها وهي تتنفس بتمهل، سارت بخيلاء خارج المرحاض فوجدت منذر في انتظارها ينظر لها بضيق زائف وهو يقول:
-كل ده يا حبيبتي؟
رمشت بعينيها بخجل بائن أغراه للتودد إليها، تعمدت سحب أطراف ثوبها الحريري للأسفل بيدها لتغطي فخذها المكشوف أمامه لكنه لم يستر إلا عدة سنتيمترات، راقه ما تفعله ببراءة فتأملها بنظرات حنونة مطولة جابت جسدها وفحصته بدقة، شعرت بسخونة قوية تنبعث من بشرتها فتأكدت من كون وجهها قد تحول لثمرة البنادورة، اقترب منها منذر ممددًا يده نحو كفها ليلتقطها، أسبل عينيه نحوها هامسًا:
-لسه بتتكسفي مني؟
عضت على شفتها السفلى وهي تحرك رأسها بالإيجاب بإيماءة خفيفة خجلة، سحبها إلى أحضانه محاوطًا إياها من خصرها بذراعيه، استندت بقبضتيها على صدره، وتلألأت عيناها بوميض الحب وهي تتأمل عينيه، تابع بصوت خفيض وهو يرمقها بنظرات والهة:
-إنتي أحلى حاجة حصلت في حياتي!
ردت نبرة ناعمة وهي تتحسس صدره برقة:
-وإنت كمان!
تقوس فمه للجانب قائلاً:
-طب يالا على المطبخ عاملك مفاجأة حلوة
رفعت حاجبها للأعلى متسائلة بفضول:
-بجد؟ طب ايه هي؟
ظل محاوطًا إياها بذراع واحد وهو يتجه بها نحو المطبخ قائلاً بغموض:
-هاتعرفي دلوقتي!
ولج الاثنان إلى داخله فتأملت بنظرات جادة ما أعده لها من إفطار بسيط، حدقت في صحن مليء بالجبنة، وأخر بالمربى وبعض الخبز، التفتت برأسها نحوه متسائلة بابتسامة ناعمة:
-انت مجهز الفطار؟
أجابها عفويًا:
-ده اللي قدرت عليه، مش عارف بصراحة مكان الحاجة، فقولت أخدم
ضحكت برقة مغرية واضعة يدها على صدغه تمسح عليه، رمقته بنظرات عاشقة وهي تقول:
-ولا يهمك يا حبيبي، كفاية تعبك!
وضع قبضته على كفها ليقربه من فمه فقبله قائلاً:
-بأحبك!
سحبت يدها من راحته متجهة نحو البراد لتبحث فيه عما يمكن استخدامه في إعداد طعام الإفطار، انحنت دون أن تنتبه لأعينه المسلطة عليها وتصرفت بتلقائية أهلكت أعصابه فورًا، شعرت بيد تحاوطها من الخلف فانتفضت في مكانها وهي تعتدل في وقفتها، عاتبته بدلال:
-منذر، ماينفعش كده!
حاولت إبعاد ذراعه عنها مرددة بإلحاح:
-مش هاعرف أجهز الفطار!
زادت ضمته لها وهو ينحني برأسه على أذنها ليهمس لها بتنهيدة ساخنة أصابت جسدها بالقشعريرة لكنها استمتعت بها:
-سيبك من الأكل دلوقتي، وتعالي أقولك حاجة!
قاومته بدلال مثير بعد أن فهمت مقصده، وجاهدت لتحرر نفسها منه هامسة بثقل:
-مش وقته! نفطر و...
قاطعها مبتسمًا بإصرار:
-خلاص أنا نفسي اتفتحت على حاجات تانية أهم!
أدارها نحوه ببطء دون أن يفلتها لينال من على شفتيها قبلة شغوفة، استسلمت لحرارة مشاعره الفياضة وتجاوبت معه أكثر، فانحنى بجذعه قليلاً ليحملها بين ذراعيه ليكملا سويًا معزوفة حبهما الخاص.
..............................................
-إيه اللي حصل؟
تساءلت بها نيرمين بصوت واهن وهي تعاود فتح وغلق جفنيها لتعتاد على الإضاءة بغرفتها، ابتسم لها الطبيب نبيل الذي ظل مرابطًا بجوار فراشها وهو يجيبها:
-حمدلله على سلامتك، كده تخضينا عليكي!
تجمدت أعينها عليه بغرابة شديدة فتابع موضحًا بهدوء:
-الحمدلله عدت على خير!
تذكرت ما مرت به بالأمس من آلام مهلكة كانت تودي بحياتها بسبب ذلك المرض اللعين الذي ينهش في خلايا جسدها، لمعت عيناها بقوة، وأخرجت تنهيدة متعبة من صدرها تحمل الكثير، لن تنتهي معاناتها أبدًا، لن يشعر بأوجاعها أحد، تنهدت مرة أخرى لترد بعدها باستياء:
-يعني أنا لسه عايشة؟!
تجهمت قسمات وجهه مزعوجًا من أسلوبها التشاؤمي الذي يؤثر بالسلب على صحتها ويؤتي بنتائج عكسية مع علاجها المكثف، هتف معنفًا بلطف:
-ليه بتقولي كده؟ والله أزعل منك!
ضاقت نظراتها أكثر متعجبة طريقته معها، همست بصوت مرهق:
-تعبت من كل حاجة، وزهقت، عاوزة أموت خليني أرتاح من ده كله!
باغتها بالإمساك بكفها وضمه براحتيه لتشعر بسخونة دمائه على بشرتها الباردة، انفرجت شفتاها مشدوهة من حركته تلك، وحدقت فيه بنظرات أكثر حدة، لم يهتم بردة فعلها، وتابع قائلاً بجدية وهو يضغط على كفها برفق:
-حتى لو فاض بس ساعة واحدة في عمرك، اوعي تفقدي الأمل وتستسلمي، في ناس يهمها أمرك يا مدام نيرمين!
شعرت بجفاف شديد في حلقها، لأول مرة تجد من يهتم بها خارج نطاق الأسرة، من يشعرها بأهمية وجودها في الحياة، من يبث في نفسها روحًا إيجابية تعيد بعث التفاؤل في روحها المستهلكة، رأت ابتسامة عذبة تتشكل على ثغره وهو يكمل بصوته الرخيم:
-سعيد إني اطمنت عليكي، وإنك فوقتي واتكلمتي معايا!
هزت رأسها بإيماءة خفيفة كتعبير عن امتنانها له، أسند كفها إلى جوارها متابعًا بنفس الابتسامة اللطيفة:
-هاستأذنك هامشي، مطبق من بالليل، والشيفت بتاعي خلص من بدري، مهانش عليا أسيبك لوحدي!
استغربت كلماته كثيرًا، هي لم تعهد مثل ذلك الاهتمام المكثف من قبل، ناهيك عن المعاملة الرقيقة التي يستخدمها معها، ارتسم على وجهها الذابل ابتسامة باهتة مرددة:
-كتر خيرك
لمعت عيناه وهو يقول بتأكيد:
-هاشوفك تاني، وعشان خاطري بلاش تشاؤم، اتفقنا؟
ردت بحذر:
-ماشي
تابع محذرًا بجدية وهو يشير بعينيه:
-خلي بالك من نفسك
-طيب
-وأنا موصي الممرضة، هتابع معاكي وأنا هاكلمها أول بأول عشان أطمن
لم تصدق أذنيها، هو يعبأ لأمرها حقًا، ليست أوهامًا بفعل تأثير العلاج القوي الذي تحقن به أوردتها، وليست خيالات وردية اختلقها عقلها لها، أفاقت من شرودها هامسة بامتنان:
-تسلم على تعبك
رد بمرح:
-تعب ايه بس، كل حاجة تهون عشانك!
عمق نظراته نحوها قائلاً بنبرة جادة وهو يلوح بإصبعيه:
-عن إذنك!
صمتت نيرمين ولم تعقب عليه، لم يكن لديها من الكلمات ما ترد عليه به بألفة وتهذيب، بدت في حالة غريبة لبعض الوقت محاولة استيعاب الموقف وتفسيره، هو مازال يحاصرها بعباراته التي تربك حواسها، بالإضافة إلى نظراته المتطلعة لها باهتمام، حافظت على ابتسامتها الباهتة حتى خرج من الغرفة، فتلاشت من على ثغرها وهي تتسائل باندهاش:
-مش معقول، هو فعلاً بيقولي أنا الكلام ده.............................. ؟!
...................................







Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 06:54 PM   #533

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9


الفصل الثالث والتسعون:

انقضى الأسبوع الأول سريعًا لتجتمع بعدها العائلة في زيارة ودية لتهنئة العروسين وتقديم الهدايا لهما في منزلهما الخاص، وبالطبع لم تدخر أسيف وسعها في الترحيب بالجميع بما يليق بهم، عاونتها بسمة على قدر الإمكان في إعداد الصحون المليئة بالكعك والبسكويت منزلي الصنع -وكذلك المشروب المنعش- كتقليد متبع في تلك المناسبات المعروفة، تسلل دياب إلى المطبخ ليحظى بمحادثة خاطفة مع عروسه التي تتجنبه عمدًا لتزيد من شوقه لها، وقف خلفها دون أن يصدر أي صوت، لمحته أسيف فأشار لها بإصبعه لكي لا تلفت الانتباه له، أومأت بعينيها متفهمة، ثم أردفت قائلة بابتسامة لطيفة:
-كملي يا بسمة رص الأطباق عقبال ما أرجعلك
ردت عليها الأخيرة بتركيز شديد:
-ماشي
كانت تظهر مهاراتها في ترتيب الكعك بصورة جذابة للأنظار، وبالتالي لم تشعر بوجود دياب معها، راقبها باستمتاع كبير حتى قرر أن يفاجئها، وضع يده على كتفها ضاغطًا عليه برفق، فظنت أنها أسيف، لذلك لم تستدير للجانب وتابعت بجدية:
-قربت أخلص أهوو، ثواني بس أرص البتي فور!
وضع دياب قبضته الأخرى على كتفها الأخر، ثم قرب يديه من عنقها وبدأ في فركه بحركة تدليكية خفيفة، تأوهت بصوت خفيض قائلة:
-كتر خيرك يا أسيف، بجد محتاجة مساج لضهري، عضلاتي قافشة و....
قاطعها بعبث:
-أنا موجود شوفي إنتي محتاجة ايه وأنا....
شهقت مصدومة من وجوده وتسمرت في مكانها مذهولة، استدارت فجأة للخلف لتجده على مقربة شديدة منها، رددت من بين شفتيها بنبرة مدهوشة:
-إنت!
حرك رأسه بالإيجاب وهو يرمقها بنظراته المتيمة بها، اغتاظت من حصاره لها، فصاحت به بغلظة:
-اوعى!
سد عليها الطريق ليزيد من حصاره عابثًا معها بتسلية، حاولت التحرك للجانب لكنه كان يتحرك معها، تكرر الأمر لعدة مرات، فانزعجت من تصرفاته المستفزة لها، سألته بحدة:
-جاي هنا ليه؟ مش قاعد مع الناس اللي برا و...
قاطعها بهدوء رغم تشنج تعبيراته:
-بالراحة يا أبلة عليا، احنا مش مكتوب كتابنا بردك ولا أنا غلطان؟
ضاقت نظراتها نحوه فبدت أكثر حدة عن ذي قبل، تابع مضيفًا بلؤم:
-يعني المفروض ناخد وندي بشكل ودي شوية، حتى...
ارتبكت من تلميحاته الخفية، وشعرت بتأثير حضوره عليها، ارتدت سريعًا قناع الجدية الزائف قائلة بصلابة:
-لو سمحت
استاء من تلك الروتينية الجافة التي تعامله بها، فعاتبها بلطف:
-ليه الرسمية دي بس؟ وربنا أنا بأحبك ودايب فيكي!
هي واثقة من إحساسه الصادق نحوها، لكنها تتخذ حذرها على الأخير حتى تتهيأ كليًا لذلك، ابتلعت ريقها قائلة بجمود:
-بعد اذنك إنت مش شايف أنا مشغولة ازاي؟!
رد بهدوء واثق:
-وده يمنع نقول كلمتين حلوين لبعض؟!
لم تستطع أسيف المماطلة أكثر من ذلك وإلا أثارت الشكوك بالخارج، لذلك عادت إلى المطبخ هاتفة بمرح:
-نتعبلكم يوم فرحكم إن شاء الله
رفع دياب كفه في الهواء قائلاً برجاء:
-يا رب إن شاء الله
ردت عليها بسمة بعبوس:
-كويس إنك جيتي، شيلي البيه الصينية!
نظر لها بضيق وهو يقول:
-ايه المعاملة الناشفة دي؟ شايفة؟!
ابتسمت من حالة الشد والجذب الدائرة بينهما، وهتفت معللة:
-معلش، بكرة تتجمعوا سوا وتاخدوا راحتكم
رد عليها بتنهيدة مستاءة:
-يا مهون، الحجر لان ودماغها لأ! وربنا أنا زهقت، كل حاجة جاهزة، لازمتها ايه العطلة دي؟
بررت له رغبتها في التأجيل:
-معلش، خليها على راحتها وإن شاء الله خير!
زفر بملل وهو يرد:
-يا رب يسر!

ولجت جليلة إلى داخل المطبخ لتتمكن من الحديث مع زوجة ابنها في أمر هام، وجدت أن الفرصة سانحة لمفاتحتها في ذلك الموضوع دون حرج خاصة أن ابنها مشغول بالحديث مع المتواجدين، لمحت دياب واقفًا معها فهتفت بحماس:
-شوف الجماعة برا وسيبلي عروسة ابني شوية
-ماشي يا حاجة
قالها دياب وهو ينسحب من المكان لتصبح الاثنتان بمفردهما، تساءلت أسيف باهتمام:
-عاوزة حاجة يا طنط؟ أجيبلك....
قاطعتها بصوت خافت لكنه يحمل الجدية:
-لا يا بنتي تسلمي، أنا بس عاوزاكي في كلمتين!
دنت منها لتتابع بنبرة ذات مغزى:
-عاوزاكي تشدي حيلك كده وتفرحينا قريب
عقدت أسيف ما بين حاجبيها باستغراب وهي تسألها:
-مش فاهمة
أوضحت مقصدها بجدية أشد:
-نفسي أشوف حتت عيل من منذر، اتجدعني بقى يا بنتي وخلينا نفرح بيكم!
تعجبت من تعجلها لتلك المسألة الغيبية التي لا دخل لها بها، وهتفت معترضة بنبرة شبه مرتفعة:
-بس لسه بدري، احنا ملحقناش، وبقالنا كام يوم متجوزين!
التقطت آذان منذر جملة زوجته وهو في طريقه إليهما فتوقف عن السير ليسترق السمع لحديثهما بانزعاج كبير، ردت جليلة بإصرار واضح:
-وماله، أديني بوعيكي عشان تحطي الموضوع في بالك!
ثم شددت من لهجتها قائلة:
-وابني نفسه في عيل يشيل اسمه ويكبر في حضنه!
تجهم وجهه تمامًا من أسلوبها الضاغط على زوجته، لم يتحمل المزيد وولج إلى المطبخ صائحًا:
-أبويا بيسأل عليكي برا يا ست الكل!
التفتت الاثنتان نحوه فبدت المفاجأة واضحة عليهما، تفرس هو وجه أسيف بنظرات قوية دون أن ينطق بكلمة، لكنه كان مستشعرًا ذلك التغيير الذي طرأ عليها، أراد أن يخلصها من حصار أمه فتابع بهدوء:
-معلش يا أسيف هاتي مياه لعمتك برا!
هزت رأسها إيجابًا وهي ترد:
-طيب
انتظرها حتى انصرفت من المطبخ فعاتب والدته بضيق:
-ايه الكلام اللي سمعته ده؟
لم تكن أسيف قد ابتعدت تمامًا فوصل إلى مسامعها صوته الحاد والمزعوج، تخوفت أن يحدث صدامًا بينهما، فانزوت في الجانب لتتنصت عليهما خلسة، بدت متوترة للغاية لمعرفة ردة فعله إن كان حقًا قد سمع حديثهما، فهمت والدته مقصده فورًا وردت عليه ببرود:
-الله يا ابني مش نفسي أفرح بعوضك!
عنفها منذر بانفعال طفيف ملوحًا بيده في الهواء:
-مش كده بردك، هانعيده تاني يا حاجة؟
ردت بإلحاح:
-وتالت ورابع كمان، هو أنا غلطت؟ مش أمك وعاوزة مصلحتك
اجتاح خلاياه غضبًا جمًا من نفس الأسلوب القديم الذي كانت تتخذه معه من قبل لإقناعه بالزواج من نيرمين لأنها تصلح للإنجاب متناسية أنه وجد الحب والسكنى مع زوجته الحالية، رد عليها بقوة رغم هدوء نبرته:
-وبعدين مين قالك إن أنا ملهوف على العيال؟ أنا مبسوط كده
بررت إصرارها بنبرة حزينة:
-يا ابني اللي زيك عنده أورطة عيال، ونفسنا أنا وأبوك نشوف عيالك بيتنططوا حوالينا!
رد بجمود وقد ضاقت نظراته:
-ربنا هيكرم في وقته، فبلاش الله يكرمك تفتحي السيرة دي تاني مع أسيف
ضغطت على شفتيها قائلة بامتعاض رغم عدم اقتناعها:
-طيب!

انسحبت سريعًا قبل أن يكتشف أحدهما وجودها فيتسبب ذلك في إحراجها، شعرت بعبء ثقيل يُلقى على كاهلها، وبهمٍ كبير يجثو على صدرها فقلل من فرحتها، جلست بجسدها وسط الحاضرين، جاهدت لتبدو تعبيراتها طبيعية باقي السهرة، لكن عقلها كان شاردًا يحلل عبارات جليلة بتفكير عميق، فماذا سيحدث إن لم تحمل ذلك الشهر؟ أو حتى في الشهر الذي يليه؟ ما الذي سيصيبها إن كان بها عطب ما أو مشكلة تحول دون حدوثه؟ تلبك جسدها وشعرت بالرهبة من تخيل الأسوأ، لاحظ منذر الوجوم الذي حل على قسماتها، ورأى ذلك الحزن البائن في نظراتها، توقع أن يكون حديث والدته أزعجها، قطب جبينه مهتمًا، وانتظر بترقب انصراف ضيوفه ليحدثها، التهت في ترتيب الصالة فأجبرها منذر على التوقف قائلاً بحدة:
-أسيف
استدارت نحوه مبتلعة ريقها وهي ترد بابتسامة زائفة:
-ايوه يا حبيبي!
وقف قبالتها مسلطًا أنظاره عليها وهو يسألها باقتضاب:
-مالك؟
ردت بهدوء:
-مافيش
بدا غير مقتنع بما تقوله، فكل ما فيها يشير إلى العكس، وهو متأكد من أن حديثه والدته قد أثر عليها بشكل ما، سألها مجددًا بجدية:
-في ايه؟ شكلك متغير؟
تعمدت الحفاظ على ابتسامتها اللطيفة وهي تكافح لمنع أفكارها من الظهور علنًا لتكشف ضيقها المكتوم بداخلها، رفعت يدها لتداعب طرف ذقنه قائلة:
-صدقني عادي!
قبض على أصابعها بيده، وحدجها بنظرات حادة وترتها، هتف قائلاً بصلابة:
-أسيف أنا مش بأحب المناهدة ولا اللف والدوران، وشك مقلوب ومش مريحني
ارتعشت من أسلوبه الجاف، وتوترت أنظارها نحوه، حاولت أن تختلق عذرًا ما لتبرر سبب حزنها، فكذبت قائلة:
-تلاقيني بس تعبانة و...
قاطعها بحدة:
-متحوريش يا بنت رياض!
بدت لهجته متشنجة إلى حد ما، فهمست عفويًا:
-بنت رياض!
تقوس فمها للجانب مضيفة بابتسامة صغيرة:
-بقيت تقريبًا فهماك، لما تكون مضايق من حاجة تقولي بنت رياض
رد عليها بجمود:
-كويس إنك عارفة ده، فيا ريت نكون صُرحة مع بعض!
هزت رأسها متفهمة طلبه، امتص غضبه قبل أن يسيطر عليه مكملاً بجدية:
-أسيف! أنا مش عاوزك تخبي عني حاجة، أقل حاجة بتزعلك ممكن تعصبني وتضايقني
ردت برقة ناعمة:
-حاضر
لف ذراعه حول خصرها ليضمها إلى صدره هامسًا:
-سيبك من ده وتعالي ارتاحي
اعترضت بدلال وهي تداعب صدره:
-مش هاينفع لازم أروق الصالة و..
رمقها بنظرات قوية هاتفًا بصلابة:
-أنا قولت ايه؟
ابتسمت بخجل مثير وهي ترد ممتثلة:
-حاضر يا حبيبي
حاوطها أكثر بذراعيه معمقًا نظراته نحوها، همس لها بتنهيدة متقدة بأشواق العشق:
-بأحبك! وعمري ما هاسيبك!
لفت هي الأخرى ذراعيها حوله ليلتصق رأسها بصدره، أغمضت عينيها مرددة بصوت خافت:
-ربنا يخليك ليا ومايبعدنيش عنك!
اختبأت في أحضانه الدافئة مستشعرة الأمان بقربها الملتصق به، خشيت أن تكون سعادتها لحظية، أن تتلاشى مع مرور الوقت وتعذرها في الحمل والإنجاب، أخرجت تنهيدة مطولة من صدرها نافضة عن عقلها مؤقتًا تلك الأفكار التي باتت هاجسها الحالي.
.........................................

تحسنت أحوالها الصحية تحسنًا طفيفًا بعد ارتفاع معنوياتها النفسية، ورغم التغيرات الطارئة على هيئتها العامة من تساقط كثيف لخصلات شعرها، وسواد أسفل جفنيها، إلا أن ذلك لم يؤثر عليها بفضله، نعم هو كان له الدور الأكبر في ذلك بحماسه الدائم، فأزاح عنها الكثير من الهموم والأحزان بتفائله الدائم، وبثقته في شفائها، صدقت إدعاءاته رغم حدسها الذي يؤكد العكس، لكنها تمسكت بذلك الأمل الجديد الذي أوجده في روحها الفانية وتشبثت به.
كذلك تعلقت أكثر برضيعتها، وأفضت عليها بعاطفة حرمتها منها بجفائها وقسوتها قبل أن تعتل صحتها، متعة لا تضاهيها أي متعة وهي تتنعم ببراءة قطعة منها معها، شكرت والدتها لأنها واظبت على إحضارها لها لتمتع عينيها برؤيتها، هدهدت نيرمين صغيرتها قائلة بحنو:
-حبيبة قلب أمك
هتفت أمها بحماس:
-ماشاء الله عليها، ربنا يحفظهالك!
ردت بتنهيدة متعبة وهي تجمد أنظارها على الرضيعة:
-يا رب، ويكون نصيبها أحسن مني!
أضافت عواطف بامتنان:
-الحمدلله على كل حال، احنا كنا فين وبقينا فين
-ايوه
انتبهت كلتاهما إلى صوت الدقات الخافتة على باب الغرفة، فتحركت أنظارهما نحوه ليجدا الطبيب نبيل بوجهه البشوش يطل عليهما وهو يقول:
-صباح الخير
ردت عليه عواطف بابتسامة متسعة:
-صباح النور يا ضاكتور، تعبينك معانا!
احتج عليها قائلاً:
-متقوليش كده يا حاجة، ده واجبي!
تحركت عيناه نحو نيرمين ليطالعها بنظرات مهتمة مضيفًا بهدوء:
-وبعدين هو في أغلى من مدام نيرمين عندنا؟!
تحرجت منه قائلة بخفوت:
-متشكرة
رأى رضيعتها التي تداعب الهواء بكفيها ببراءة، فدنا منها يلاعب أناملها الصغيرة متسائلاً باهتمام:
-ماشاء الله، الكتكوتة دي بنتك؟
هزت رأسها بإيماءة خفيفة وهي تجيبه:
-ايوه، اسمها رنا
رد مبتسمًا:
-عاشت الأسامي، ربنا يخلي، المهم أنا عندي ليكي أخبار حلوة
سألته بجدية وهي قاطبة لجبينها:
-أخبار ايه؟
تساءلت عواطف هي الأخرى بقلق:
-خير يا ضاكتور؟
أجابهما بتمهل:
-إن شاء الله كل خير!
ظلت أنظاره مثبتة على وجه نيرمين وهو يضيف بهدوء:
-بصي يا ستي، مبدئيًا كده الحالة مستقرة، وده شيء كويس الحمدلله!
أصغت له بانتباه تام فتابع مشددًا:
-بس طبعًا هانستمر في جرعات العلاج
تساءلت عواطف بتلهف:
-يعني بنتي هاتخف؟
كان يعلم جيدًا أن العلاج لن يحرز تقدمًا إيجابيًا كبيرًا في وضعها الحرج، لكنه على الأرجح سيخفف من آلامها ويؤجل مصيرًا حزينًا تترقبه بيأس، لن تحدث بالطبع معجزة تشفيها تمامًا، لكن الأهم هو الحفاظ على ارتفاع روحها المعنوية، وإشعارها بأهمية وجودها في الحياة، استمر نبيل في رسم ابتسامة لطيفة شيقة على ثغره وهو يقول:
-كل حاجة من عند ربنا خير، المهم إنها تبقى معاكو وفي وسطكم!
هزت عواطف رأسها قائلة:
-الحمدلله
تابع بحزن مصطنع:
-وتقدري ترجعي بيتك بالسلامة مع إن ده هيزعلني أوي!
استقبلت كلماته بابتسامة صغيرة، فأكمل بجدية وهو يناولها بطاقة صغيرة تحمل رقم هاتفه الخاص:
-عمومًا ده رقمي كلميني في أي وقت!
تناولتها منه قائلة باقتضاب:
-متشكرة
صاحت عواطف بامتنان كبير وهي تبتسم له:
-ربنا يكتر من أمثالك يا ضاكتور
نظر لها بأعين لامعة ثم عاود التحديق تارة في وجه نيرمين وتارة أخرى في وجه رضيعتها البريء، استأذن بعدها للخروج لتقترب أمها منها هامسة بمكر:
-طيب وجدع الضاكتور ده، صح؟!
نظرت لها نيرمين بغرابة وهي تقول:
-ايوه
ابتسمت أمها مضيفة بتريث قاصدة الضغط على كل كلمة فيها:
-ربنا يصلح حاله، وحالك!
فهمت ما ترمي إليه والدتها، فهزت رأسها مستنكرة محدودية تفكيرها، لا وجود في قاموس حياتها التعيس لعلاقة مثل التي تتمناها والدتها، هو ظهر في حياتها فقط ليعيد لها روحها المفقودة، ليكسبها ثقتها بنفسها، هو أنعشها ببث الحماسة والسعادة المختبئة في أبسط الأشياء، وقتل فيها الرهبة من المصائر المجهولة، أغمضت عينيها متنهدة بتعب، فقد أرهق التفكير عقلها وأتعبها، ومع ذلك كانت سعيدة في داخلها لأنها ستعود إلى المنزل من جديد، كم اشتاقت لفراشها ولأشيائها الخاصة، تقوس فمها بابتسامة راضية، هي حصلت على سلام داخلي وتصالحت أخيرًا مع نفسها، لم يعد بداخلها ذلك السخط الدائم الذي أظلم قلبها، وحجب بصيرتها عن رؤية النعم الموجودة في حياتها، اكتسبت شخصيتها خلال تجربتها القاسية سماتًا جديدة غيرتها للأفضل وحسنت علاقاتها بالجميع، فباتت محبوبة، وحظت على الاهتمام الذي كانت تنشده...................................... !!
.................................................. .......





Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 06:55 PM   #534

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الرابع والتسعون


الفصل الرابع والتسعون:

ألف عجيبة تخللت مشاعرها الجافة واشتياق لا يوصف تملكها حينما عــادت بعد فترة غياب إجبارية إلى منزلها، استقبلها والدتها وأختها بالابتسامات والعبرات الفرحة، تأثرت لإحاطتها بذلك الكم الفياض من المشاعر الطيبة، خاصة حينما أصرت أسيف على الحضور معاها وإيصالها للمنزل، كذلك لم يتركها منذر وسدد كامل المستحقات المادية للمشفى، أدركت أنها كانت تحمل بذور الغل والحقد والكراهية في صدرها، وحينما تخلصت من أثارهم السيئة بدت كمن وُلد من جديد رغم فظاعة المرض الذي يوشك أن يفتك بها إن استسلمت له.
دثرتها عواطف في الفراش هاتفة بحماس رهيب:
-نورتي بيتك يا بنتي، ألف حمدلله على السلامة
اعتدلت نيرمين في نومتها واضعة الوسادة خلف ظهرها لتستند عليها، ثم ردت بتنهيدة متعبة:
-الحمدلله
أخفضت أنظارها لتحدق في رضيعتها التي وضعت إلى جوارها لتبدأ في مداعبتها بلطف وحب، هتفت بسمة بمرح:
-أخيرًا هنرجع ناقر ونقير مع بعض
اكتفت نيرمين بالابتسام الودود لها، بينما أضافت أمها قائلة بهدوء:
-ارتاحي شوية يا حبيبتي وأنا هاجهزلك الأكل و...
قاطعتها بصوت خافت:
-مش عاوزة حاجة!
أمسكت بيد رضيعتها الصغيرة تلاعب أصابعها وهي تتابع:
-كفاية إني أقعد مع بنتي شوية وأملي عيني منها
ردت عليها بسمة بأعين متأثرة:
-ربنا يخليكي ليها
هزت رأسها بإيماءات خفيفة مرددة:
-يا رب
وضعت عواطف يدها على ظهر بسمة قائلة:
-خليها مع رنا شوية وبينا احنا نشوف اللي ورانا
-ماشي
قالتها وهي تستدير للخلف تاركة أختها مع رضيعتها لتقضي معها بعض الأوقات الطيبة، فقد افتقدتها مؤخرًا واشتاقت لوجودها في أحضانها.
...............................
خلال الشهرين التاليين، استمرت الأجواء الهادئة سائدة في العائلتين دون وجود ما يعكر الصفو العام، وتوطدت العلاقات العاطفية مع كل من منذر وأسيف وباتا كيانًا واحدًا، كذلك تقربت نيرمين من رضيعتها وأغدقت عليها بالكثير من الحب الأمومي الذي حرمتها منه منذ لحظة ميلادها، وظل الوضع متأرجحًا بين بسمة ودياب، بدا عابسًا نوعًا ما وهو يصغي إلى حديث أخيه بفتور واضح عليه، عبث بالقلم الحبري المسنود على مكتبه محدقًا فيه بشرود، زفر قائلاً بملل:
-كويس!
تفرس منذر في وجهه محللاً تعبيراته المتجهمة وهو يسأله:
-مالك؟
أجابه دياب بامتعاض:
-ماليش يا سيدي
ازداد انعقاد ما بين حاجبيه خاصة أنه لم يكن مقتنعًا برده، تابع متسائلاً باهتمام:
-عليا بردك! في ايه؟
انفجر دياب منفعلاً وموضحًا بيديه:
-هاطق من جنابي، الهانم اللي منشفاها عليه ومطلعة عين أهل، غلبت معاها ومش نافع حاجة، خلاص زهقت!
هز منذر رأسه بتفهم وهو يسأله متعجبًا من التأجيل الذي لا داعي له:
-صحيح ايه اللي مأخركم؟
أجابه بعصبية ظاهرة عليه:
-كل ما أفاتحها في سيرة الجواز تطلعلي بمليون حجة!
حرك منذر يده قائلاً:
-طب ما تقول لأمها
رد عليه بضيق:
-والله الست مش ممانعة!
احتقن وجهه بصورة بائنة وهو يتابع بغيظ:
-الدور والباقي عليها، لو ينفع كنت كسرت دماغها الحجر دي!
حاول منذر أن يخفي ابتساماته المتسلية قدر المستطاع، فقد بدا أخيه مضحكًا وهو يشكو له عناد بسمة ورفضها تبكير موعد الزفاف، أكمل بهدوء زائف:
-تحب أقول لمراتي تكلمها؟
لوى ثغره مرددًا بضجر:
-ولا هتأثر فيها! يا بني دي دماغها حجر صوان!
ساد صمت متوتر بينهما حاولا خلاله الوصول لحل ما مرضي لجميع الأطراف، اقترح عليه منذر بعد لحظات من التفكير الصامت:
-طب عندي فكرة، مش هي بتسمع كلام أختها؟
هز رأسه الإيجاب قائلاً:
-ايوه
-قولها وهي تأثر عليها بكلمتين ولا حاجة
فرك دياب موخرة رأسه متسائلاً:
-تفتكر؟!
أشار منذر بيده موضحًا:
-جرب مش هاتخسر حاجة
مط فمه ليقول:
-أما أشوف، وربنا عليه التساهيل!
تنهد دياب مطولاً مشبكًا كفيه خلف رأسه وهو يرد:
-يا ميسر!
حدق أمامه بنظرات أكثر شرودًا مديرًا في رأسه فكرة أخيه، فربما بطريقة ما أو بأخرى تتمكن هي من فعل ما عجز عنه.
.................................................
رتب موعدًا معها دون أن يبلغ زوجته بذلك، فقد كان بحاجة ماسة إلى أي عون ليحرز خطوة في علاقتهما، لذلك لجأ إليها متعشمًا أن تساعده في مشكلته، ومستغلاً فرصة تواجدها بالمدرسة ليحظى بحديث ودي جاد في منزل العائلة، تحركت نيرمين بتأنٍ وهي تتجه نحوه لتقابله في غرفة الضيوف، كانت أكثر حيوية رغم ظهور الإرهاق والتعب على وجهها، لكن أضاف الحب والاهتمام لها الكثير، صافحها دياب قائلاً بهدوء:
-معلش يا أم رنا جيتلك من غير ميعاد
أشارت له بالجلوس على الأريكة وهي ترد بابتسامة لطيفة:
-ده بيتك يا سي دياب، احنا أهل ونسايب، ولا ناسي ده؟
جلس دون استرخاء هاتفًا بجدية:
-لأ طبعًا
مال بجسده للأمام قليلاً ليتابع حديثه الجاد قائلاً
-دلوقتي يا أم رنا أنا دايخ السبع دخات مع أختك، وهي مطلعة عين أهلي ومش عاوزانا نجوز خالص اليومين دول!
نظرت له باهتمام فأكمل بامتعاض مزعوج مستخدمًا يده في التوضيح:
-فإن مكانش يضايقك كلمتين منك ومن حماتي تلينوا دماغها
ردت عليه مبتسمة:
-إنت بس تؤمر، غالي والطلب رخيص!
شعر بالارتياح لقبولها مساعدته، فهتف ممتنًا:
-كتر خيرك
أكدت له بثقة وهي تومئ بعينيها:
-سيب الموضوع ده عليا
سألها بحماس:
-يعني أعتمد على الله ثم عليكي؟
أجابته بهدوء واثق:
-ايوه
هلل متحمسًا بانفعال:
-ربنا يكرمك يا رب!
ضحكت من طريقته الظريفة في التعبير عن مشاعره، تنهد بصوت مسموع مضيفًا:
-هاستأذن أنا بقى عشان أشوف المصالح اللي ورايا
نهضت من مكانه قائلة:
-ما لسه بدري؟
رد مازحًا:
-معلش، أتجوز وأفضالكم
اتسعت ابتسامتها مرددة:
-إن شاء الله
لوح بيده قائلاً:
-سلامو عليكم
اصطحبته حتى باب المنزل لتودعه، ثم أوصدت الباب بعد انصرافه لتسير بخطوات متمهلة في الصالة، استندت بيدها على أحد المقاعد متطلعة أمامها بنظرات فارغة، زمت فمها قليلاً متعجبة رفض أختها إتمام الزيجة بعد تجهيز كل شيء، زفرت بيأس قائلة:
-لسه زي ما إنتي يا بسمة، ربنا يقدرني وأقنعك!
........................................

عضت على أناملها بترقب شديد وهي محدقة في جهاز اختبار الحمل المنزلي الذي اشترته خلسة لتتابع بترقب ظهور النتائج على شاشته الصغيرة، أجرت بحثًا مكثفًا عن علامات الحمل المبكرة وكذلك الوسائل والطرق التي تؤدي للحمل السريع آملة أن تتمكن من تحقيق أمنية منذر ووالدته، جف حلقها والثواني تمر عليها كأنها ساعات، تحولت تعبيراتها من الشدة للعبوس والحزن بعد أن قرأت بوضوح وجود علامة شرطية واحدة تفيد عدم وجود ما يشير للحمل، انسابت عبراتها قهرًا على ذلك، فقد عولت على الأمر الكثير، كما انهارت معنوياتها وبكت بحزن كبير.
لم تستطع التوقف عن البكاء أو النحيب، عاتبت نفسها مرددة بصوت مختنق:
-ليه كده بس؟
دفنت أسيف وجهها في راحة يدها متابعة بحسرة:
-يعني مافيش أمل، ده أنا عملت كل حاجة!
زاد بكائها بداخل المرحاض وانهارت جاثية على ركبتيها بأرضيته، لم تشعر بعودته المبكرة للمنزل، فلم يكن لديه من الأعمال الكثير ليقضي نهاره بالكامل في الوكالة، ولج إلى داخل المنزل باحثًا عنها فلم يجدها، انزعج من كونها قد خرجت دون أن تبلغه، وقبل أن تثور ثائرته التقطت أذناه صوت أنينها الأتي من الداخل، انقبض قلبه بقوة، وتوجس خيفة أن يكون قد أصابها مكروه ما، ركض ناحيته هاتفًا بتلهف:
-أسيف! حصل حاجة؟ ردي عليا
انتفض جسدها بقوة من قوة ندائه، وحدقت في الباب الموصود بنظرات مذهولة، تداركت الموقف بسرعة، وكفكفت عبراتها بظهر كفيها، صدمها حضوره الغير متوقع خاصة في ذلك التوقيت الذي حرصت فيه كل الحرص على القيام بالفحص، تلفتت حولها بخوف، وحاولت لملمة الأشياء المبعثرة قبل أن يعرف ما الذي تفعله، أربكها صوته الآمر:
-أسيف! افتحي الباب!
دق الباب بعنف حتى كاد يخلعه، فردت بصوت مبحوح:
-ايوه، خارجة أهوو، ثواني بس!
أقلقته نبرة صوتها وأثارت هواجسه، انتظر فتحها للباب على أحر من الجمر وعقله مشتت بين أفكار سوداء، غسلت أسيف وجهها بالماء لتخبئ أثار البكاء لكن لم تستطع إخفاء تلك الحمرة التي تصبغ حدقتيها، رسمت ابتسامة زائفة على ثغرها، التفتت للخلف لتضع العلبة الخاصة باختبار الحمل بداخل المنشفة كي لا يراها، وضمتها أسفل ذراعها، تنفست بعمق ثم فتحت بالباب قائلة بصوت شبه متحشرج:
-ازيك يا حبيبي
رد عليها بجمود وهو يتفرس وجهها:
-في ايه يا أسيف؟
تنحنحت قائلة بتردد وهي تتحاشى النظر في عينيه كي لا يكشف أمر بكائها:
-مـ..مافيش
حاولت أن تتحرك من أمامه لكنه سد عليها الطريق بذراعه صائحًا بقوة:
-أســـيف!
ارتجف بدنها من قوة صوته ورغمًا عنها سقطت المنشفة فتبعثر ما بداخلها، شحب لون وجهها من هول الموقف، ووزعت أنظارها المرتبكة بين وجه زوجها وعلبة الاختبار، شعرت بجفاف أشد في حلقها وهي تحاول تبرير الوضع واختلاق الأعذار والأكاذيب، تجمدت أنظاره على تلك العلبة الغريبة، وتسارعت دقات قلبها بخوف كبير من فضح أمرها، انحنى ليلتقطها بيده متسائلاً بغرابة:
-ايه دي؟
اعتدل في وقفته فزاد هلعها، لم ترغب في معرفته بتلك المسألة كي لا يوبخها من جديد، توترت أكثر وحاولت أن تجذبها من يده عنوة وهي تقول بنبرة مهتزة:
-هاتها لو سمحت!
استغرب من تصرفاتها المتجاوزة معه وإصراره على خطف العلبة منه، فبدا الأمر بالنسبة له مريبًا بدرجة مقلقة، رفعها عاليًا بيده وهو يسألها بحدة:
-دي ايه يا بنت رياض؟
جاهدت لتأخذها منه متوسلة برجاء:
-عشان خاطري هاتها
فشلت في الوصول إليها، وشكل بجسده حائلاً أمامها ليمنعها من الاقتراب منها، دقق النظر في العبارات المدونة على ظهر العلبة الكرتونية، قرأ المكتوب وعرف طبيعة المحتوى فتحولت تعابيره للصرامة والضيق، التفت بأعينه المزعوجة نحوها ليحدق فيها بنظرات حادة، تراجعت أسيف للخلف لتبكي بخوف محاولة تفسير الموقف:
-أنا.. كنت
صاح بها بصوت غاضب:
-اختبار حمل!!
ابتلعت ريقها وتلألأت العبرات في مقلتيها وهي ترد:
-معرفتش..آآ....
تابع معنفًا بضيق وهو يلقي بعصبية بالعلبة الفارغة على الأرضية:
-احنا قولنا ايه يا أسيف؟
ضمت يديها إلى صدرها محدقة فيه بنظرات نادمة وهي تبرر تصرفها:
-غصب عني والله، كنت عاوزة أفرحك
وضع يده على رأسه ضاغطًا عليها بقوة وهو يتابع توبيخه لها:
-أنا قولتلك ايه؟
لم تستطع حبس عبراتها أكثر من ذلك، فبكت أمامه بشهقات متتالية،ضرب كفه بالأخر مرددًا باستياء:
-لا حول ولا قوة إلا بالله، مش عارف أقولك ايه؟
نكست رأسها بإحباط كبير، لقد أرادت إسعاده بتحقيق أمنيته وتبشيره بوجود نواة في رحمها ستنمو في أحشائها، وبعد أشهر سيحصل على رضيع صغير يحمل اسمه، لكن لم يأذن المولى بعد، نظر لها بعتاب أكبر، لقد تحدث معها مرارًا وتكرارًا في تلك المسألة كي لا تصبح شاغلها الأكبر، ووعدته بعدم التفكير فيها والامتثال لطلبه، لكنها خالفته وانشغلت بذلك الأمر دونًا عن غيره، شعرت بالأسف لكونها لم تطع رجائه، وما زاد من ضيقها اكتشافه لما فعلته حتى لو كان بحسن نية، وقف قبالتها متابعًا وهو يشير بسبابته:
-يا ستي ده نصيب وأمر الله، هانعترض على حكمه؟
بدا صوتها مبحوحًا وهي ترد:
-كان نفسي أبشرك
نظر لها مستنكرًا تفكيرها السطحي، وأكمل تعنيفه بضيق:
-استغفر الله العظيم، حرام عليكي الخضة اللي عملتيها فيا!
دنا منها مضيفًا بحدة وهو يلوح بذراعيه:
-أنا قولت حصلك حاجة، وقعتي من طولك ولا في بلوى سودة حلت في البيت وأنا مش موجود!
تحول وجهها لحمرة ملتهبة من كثرة البكاء، حدقت فيه بأعينها المنتفخة مرددة بصوت هامس:
-منذر!
اقتربت منه لتضع يدها على كتفه لتبدي ندمها له، لكنه أبعدها عنه قائلاً بصلابة:
-حاسبي يا بنت رياض
أولاها ظهره مندفعًا نحو باب المنزل، فمسحت بيدها عبراتها عن وجنتها هاتفة:
-استنى يا منذر
هتف بتبرم ساخط:
-لله الأمر، أمي عبت دماغك وإني مشيتي وراها!
حاولت اللحاق به لكنه كان منفعلاً بدرجة كبيرة، لم يدعها تلمسه مبديًا نفوره منها، خرج من المنزل متعصبًا وصافقًا الباب خلفه بقوة، توقفت أسيف في مكانها محدقة في أثره بحسرة، زاد بكائها النادم وارتفعت أصوات شهقاتها، هي خذلته وأحزنته وربما أوغرت قلبه من ناحيتها، ومن المحتمل ألا يسامحها بسهولة.
للحظة توقف في مكانه عاجزًا عن التقدم خطوة نحو الدرج، كور قبضته ضاربًا الدرابزون بعنف ومفرغًا فيه شحنة مكبوتة، نفخ بضيق أكبر هاتفًا لنفسه:
-ليه كده يا أسيف؟
استدار عائدًا إليها، لم يكن ليتركها على تلك الحالة تبكي بمفردها وهو يعلم جيدًا أنها في أشد حالاتها ضعفًا، فتح الباب ليجدها تقف في الصالة فنظر لها بحنو، رفعت وجهها نحوهه غير مصدقة أنه عاد إليها، أشار لها برأسه بإيماءة خفيفة قائلاً بهدوء جاد:
-تعالي!
فتح لها ذراعه كإشارة موحية لتأتي إليه، لم تتردد كثيرًا، كانت بحاجة إلى ضمته التي تحتويها فتعيد لها الثقة والأمان، ارتمت في أحضانه متابعة بكائها، فلف ذراعيه حول ظهرها ماسحًا عليه برفق وهو يقول:
-انسي يا حبيبتي ومافتكريش في الموضوع ده تاني، ماشي
أجابته بصوتها المختنق:
-حاضر
أرخى أحد ذراعيه عنها ليضع يده على طرف ذقنها، رفع وجهها إليه قائلاً بابتسامة طفيفة:
-كفاية عياط لحد كده، عينيكي بقوا كاسات الدم
هزت رأسها بإيماءة مواقفة دون أن تنطق، زادت ابتسامته العذبة متلمسًا بشرة وجهها برفق، وعاود ضمها إليه ولفت هي ذراعيها حول خصره لتزيد من تشبثها به، تنهد مطولاً مخرجًا عن صدره ثقلاً كاد أن يجثو عليه ويصيبه بالهموم، خشى أن يهمل حبها في لحظة غضب بالسماح للخلافات بالدخول بينهما، وتعامله مع الأمر بحنكة أكد لها قوة علاقتهما القائمة على الود والحب، أغمضت عينيها مستسلمة لدفء أحضانه التي انتزعت عنها حزنًا مؤقتًا لتشعر بعدها بالرضا والارتياح.............................. !!
..............................................











Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 06:59 PM   #535

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الخامس والتسعون - الأخير - جزء أول


الفصل الخامس والتسعون (الأخير –الجزء الأول):

أصرت على حضورها جلسة العلاج بالمشفى حتى تتمكن من الحديث معها على انفراد، ولم تتأخر أختها عنها، فقد توطدت العلاقات بينهما كثيرًا في الفترة الأخيرة وخاصة حينما ظهر التغيير الجذري في تصرفات نيرمين وتحولت معاملتها للأفضل وقل ما بينهما من مشاحنات، جلست على المقعد المجاور لفراشها تطالعها بنظرات حانية قبل أن تستطرد أختها الكبرى حديثها قائلة بجدية واضحة:
-محتاجة أتكلم معاكي
تعقدت تعبيرات وجه بسمة وهي تسألها باهتمام:
-خير يا نيرمين؟ في حاجة تعباكي، المفروض يكون في دكتور هنا ولا ممرضة تساعدك و...
قاطعتها مرددة بهدوء:
-اطمني، أنا كويسة والحمدلله
نظرت لها بأعين قلقة وهي تسألها:
-أومال في.....
لم تكمل بسمة جملتها للأخير حيت ولج إلى الغرفة الطبيب نبيل الذي كانت قسمات وجهه متحمسة للغاية لمقابلة مريضته، هتف بمرح رغم هدوئه:
-أنا بجد محظوظ إني شوفتك النهاردة
تحرجت نيرمين منه رغم عدم قوله ما يسيء لكن لوجود أختها بصحبتها، فخشيت أن تفسر الأمر بطريقة خاطئة، رسمت على تعبيراتها علامات الجدية وهي ترد بنبرة رسمية:
-ازي حضرتك يا د. نبيل
قطب جبينه مرددًا بضيق مصطنع:
-حضرتك؟! واضح إنك زعلانة مني عشان مكونتش موجود!
رسم على ثغره ابتسامة محببة وهو يضيف:
-حقك عليا، الجلسة اللي فاتت كنت في مؤتمر طبي ومعرفتش أجي فعلاً!
ضاقت نظرات بسمة نحوه متفرسة وجهه وملامحه بدقة شديدة، ثم وزعت أنظارها على أختها التي بدت مرتبكة رغم جمودها الواضح، ابتلعت نيرمين ريقها قائلة وهي تضغط على شفتيها:
-ولا يهمك
استدار نبيل برأسه ناحية بسمة ليقوم بتحيتها مرددًا بنفس الابتسامة المتسعة:
-أهلاً وسهلاً بيكي يا أستاذة
ردت الأخيرة بجدية وهي تدقق النظر فيه:
-أهلاً يا دكتور، أنا بسمة أختها!
زادت حماسته بعد معرفته لهويتها، وهتف قائلاً:
-والله، سعيد إني اتعرف عليكي
التفتت بسمة برأسها نحو أختها لترمقها بنظرات ذات مغزى وهي تقول:
-الظاهر إنك تعرف أختي من زمان
أجابها بفخر:
-طبعًا، أحسن معرفة!
تعلقت أعينه بوجه نيرمين متسائلاً:
-وازي البنوتة رنا؟
مطت بسمة شفتيها لتجيبه بجدية صريحة:
-مممم.. رنا، تمام!
هز رأسه متابعًا بابتسامة مهذبة:
-يا رب دايمًا، طيب أنا هاسيبكم مع بعض شوية، وهارجع تاني عشان نبدأ نجهز نفسنا للجلسة!
ردت عليه نيرمين بجمود:
-ماشي يا دكتور
أمسكت بسمة لسانها بصعوبة حتى ينصرف ذلك الطبيب الغريب من الغرفة لتسأل أختها بفضول وقد برقت عيناها:
-ايه حكاية المز ده؟
رغم ارتباكها الملحوظ من نبرة أختها المتسائلة إلا أنها بذلت مجهودًا كبيرًا لتبدو طبيعية وهي تجيبها بفتور:
-ولا حكاية ولا رواية!
غمزت لها الأخيرة مبدية عدم اقتناعها بحالة الإنكار التي تدعيها مرددة بلؤم:
-ده واضح إن الموضوع كبير أوي!
تنحنحت نيرمين لتتابع بصوت خفيض وجاد:
-سيبك دلوقتي منه وقوليلي بقى!
-ايه؟
سألتها مهتمة وهي تحدق فيها بنظرات قوية:
-ناوية تتجوزي امتى؟
لوت بسمة ثغرها للجانب مرددة بانزعاج:
-يووه يا نيرمين، برضوه السؤال ده!
تابعت نيرمين موضحة بنبرة شديدة اللهجة:
-دياب جاب أخره، حرام اللي بتعمليه فيه!
تهدل كتفي بسمة بشكل ملحوظ، وأخفضت رأسها قائلة بتذمر:
-أنا مش عارفة هو مستعجل على ايه، الدنيا مش هاتطير!
مدت نيرمين يدها نحوها ببطء لتمسك بكف أختها، نظرت لها الأخيرة بغرابة، فتابعت برجاء لطيف:
-لو بتحبيني صحيح اتجوزي دياب وفرحينا كلنا، هو أنا ضامنة أعيش لبكرة، مستخسرة في أختك.......
شعرت بسمة بالانزعاج من حديثها المثير للأعصاب فقاطعتها بحدة:
-ماتقوليش كده، بعد الشر عنك
تحاشت النظر نحوها متجنبة نظراتها التي تتفرسها، هي لا تعرف سبب تلك الحيرة التي تجبرها على التردد في إتمام الزيجة، قرأت نيرمين ذلك بوضوح في أعين أختها، فتابعت بجدية دون أن يهتز لها جفن:
-أنا عاوزة أحضر فرحك، حددي بقى ميعاد
نكست بسمة رأسها قائلة بامتعاض:
-ربنا يسهل
سألتها بإلحاح أكبر:
-يعني امتى؟
ضغطت على شفتيها مرددة باستسلام بعد توسلها اللطيف لها سواء بنظراتها أو باللعب على مشاعرها:
-هاشوف!
أشارت لها نيرمين بسبابتها محذرة:
-بسمة، أنا هانصحك تاني وأقولك أوعي تضيعي فرصة الحب من إيديكي وتركبي دماغك، دياب بيحبك وبيتمنالك الرضا ترضي!
أخرجت تنهيدة تحمل الكثير من صدرها وهي ترد:
-أنا عارفة ده
تعجبت نيرمين من ذلك التخبط المسيطر على حالها فسألتها معاتبة:
-طب ليه مدوخاه معاكي؟
هزت كتفيها قائلة:
-جايز مرتبكة، خايفة، قلقانة مش عارفة بصراحة!
تابعت نيرمين مضيفة بهدوء وهي تبتسم لها ابتسامة مطمئنة:
-شيلي الحكايات دي من دماغك، وركزي معاه، إديله فرصة يعبرلك عن مشاعره!
للحظة تذكرت بسمة مواقفها الجادة مع دياب، وكيف تصد كل محاولاته البائسة للتودد إليها أو حتى التقرب منها، لم تخفِ ضحكتها وهي تقول بعبث:
-بيني وبينك أنا منشفاه معاه على الأخر
ضحكت نيرمين عاليًا، فلم تكن شكواه لها من فراغٍ، هو بلغ أقصى طاقاته على التحمل، لذلك ردت مؤكدة:
-ما هو باين، ربنا يصلح الحال بينكم يا رب!
ربتت بسمة على فخذ أختها برفق وظلت تطالعها بنظرات حانية تحمل في طياتها الكثير..
..........................................
حاوطتها أحضانه الدافئة فاحتوت ضعفها الذي أنهك عقلها، وعوضها عن لحظات الحزن التي عانتها بالتعبير عن حبه الشغوف -والذي لا ينضب- لها، شبك أصابعه في أصابع يدها تاركًا رأسها مسنودة على صدره وهو معتدل على الفراش، داعب بيده الأخرى خصلات شعرها متسائلاً:
-عاملة ايه دلوقتي؟
مررت يدها على صدره برفق هامسة بامتنان:
-أحسن الحمدلله يا حبيبي
تابع محذرًا بجدية:
-زي ما اتفقنا ماتفكريش في الموضوع ده تاني
-حاضر
-ده رزق بتاع ربنا، ولما يجي وقته هتلاقيه متيسر
رفعت رأسها قليلاً لتنظر في وجهه وهي تبتسم لترد بنعومة:
-ربنا يخليك ليا
عمق نظراته المتيمة بها وهو يقول بغموض:
-وبعدين يا ستي إنتي كده مش هاتكوني فاضية للمفاجأة اللي كنت عملهالك
اعتدلت في نومتها محدقة فيه بأعين لامعة، سألته بتلهف:
-مفاجأة، ايه هي؟
رد بهدوء:
-بصي أنا فكرت في حاجة كده تشغلي بيها وقتك بدل أعدة البيت لوحدك!
زاد وميض عينيها وهي تسأله بتلهف أكبر:
-ايه؟
أجابها بهدوء متمرس ليجذب انتباهها بالكامل:
-مش انتي كان نفسك تشغلي الدكان بتاعك، صح ولا أنا غلطان؟
ردت بحماس كبير:
-ايوه
ابتسم متابعًا بهدوء رغم جدية نبرته:
-أنا يا ستي بقالي فترة شغال توضيب في دكانك، والحمدلله الحاج زقزوق قفل الرفوف والمكاتب بعد توضيبها وبقت كل حاجة جاهزة على التشغيل!
جلست القرفصاء إلى جواره دون أن تفلت أصابعها من يده، وحدقت مباشرة في عينيه بنظرات لامعة، هتفت متسائلة بتنهيدة متلهفة:
-إنت بتكلم جد يا منذر؟
رسم على ملامحه الجدية وهو يرد بثقة:
-طبعًا، هو في هزار في الحاجات دي!
تهللت أساريرها هاتفة بتشوق:
-يعني الدكان بتاعي بقى جاهز؟
هز رأسه بإيماءة خفيفة مؤكدًا لها:
-ايوه، شوفي بقى إنتي عاوزة تعملي فيه ايه!
صفقت بيديها فرحًا، ثم هللت بحماس وقد برزت نواجذها من اتساع بسمتها المتحمسة:
-الله، أنا مش مصدقة، أنا دكاني هيشتغل!
هبت من جلستها لتميل على زوجها محتضنة إياه بامتنان وهي تقول:
-ربنا يخليك ليا يا حبيبي ومايحرمنيش منك أبدًا
دق قلبه طربًا لرؤيتها على تلك الحالة الغبطة، سعادته تكمن في فرحتها، في إزاحة الهموم عنها، لف منذر يده حول خصرها قائلاً بهدوء:
-أنا عاوز أشوفك دايمًا بتضحكي كده وفرحانة!
اعتلته أسيف لتتمكن من تطويق عنقه، وحدقت فيه بنظرات عاشقة وهي تقول:
-بأحبك أوي!
رد بغموض عابث:
-ناشف كده؟
فهمت مقصده فتورد وجهها مرددة بخجل طفيف:
-لأ طبعًا
انحنت برأسها عليه لتعطيه قبلة بثت فيها أشواقها نحوه، أطبق بشفتيه عليها، وبادلها فيها مشاعرًا أكثر حسية وعمقًا عنها واضعًا يده خلف رأسها، سحبها للحظات إلى عالم أخر مليء بالأحاسيس الفياضة، وحفزها لطلب المزيد، استجابت لنداءاته الغرامية، وسبحا سويًا في أنهر الغرام...
مرت الدقائق وهما يتبادلان العشق بشغف لم ينقص من قدره شيء، أراحت أسيف رأسها على ذراعه متطلعة إليه بنظراتها المتقدة حبًا، لامس وجنتها الساخنة بأنامله برفق، ثم أردف قائلاً بهدوء:
-المهم فكري في حاجة تكون مناسبة تعمليها فيه
ردت بحيرة وهي ترمش بعينيها:
-مممم.. عندي أفكار كتير، بس محتارة!
أضاف موضحًا:
-أهم حاجة تكون ماشية مع المنطقة هنا
سألته بنبرة حائرة وهي تعض على شفتها السفلى:
-ايه رأيك لو عملت مثلاً مشتل للزرع أو محل ورد؟
أجابها بهدوء جاد:
-هو صعب في الحتة هنا، بس فكري أكتر في حاجة مناسبة تمشي مع الناس اللي عايشين هنا!
غاصت أكثر في أحضانه شاعرة بذلك الدفء المغري الذي يقدمه لها، ثم ردت عليه بتردد:
-مش عارفة
ضمها أكثر إلى أحضانه مستمتعًا بقربها الذي يذيب أوجاعه ويدخله إلى عوالم الإثارة والإغراء ليختبر كل مرة مشاعرًا أقوى وأعمق، رد عليها بتمهل:
-لو إنتي عاوزة تعملي مشتل ممكن نخليه محل ورد مثلاً بس يكون صناعي، تعملي بوكيهات الورد للعرايس، هدايا، حاجة من اللي بتاكل مع الشباب
رمشت بعينيها مرددة بإعجاب قليل:
-هي فكرة مش وحشة
استأنف حديثه بصوت جاد:
-احنا ندرسها سوا ونشوف المناسب ونعمله، المهم في النهاية دكانك يتفتح!
تنهدت هامسة:
-مظبوط
ربت على ذراعها الذي يحاوط صدره برفق قائلاً:
-ويالا بقى أنا جعان، هاتعمليلنا ايه؟
ابتسمت بثقة وهي تجيبه:
-احلى أكل لحبيب قلبي
أشار لها بحاجبيه مرددًا:
-ماشي أما أشوف
تسللت من أحضانه ساحبة معها الغطاء لتتوجه إلى المرحاض أولاً قبل أن تعد له الطعام الشهي الذي يهوى تناوله من يديها، تابعها بأنظاره حتى اختفت من أمامه فمط ذراعيه وشبكهما خلف رأسه محدثًا نفسه بسعادة:
-ربنا يباركلي فيكي!
...................................

لم يتوقع أن يتم إيداعه بالسجن لينفذ عقوبة جديدة استحقها بسبب أفعاله الغير قانونية وتجاوزاته الغير شرعية خاصة مع الصيدلانية فاطمة، تمسك بالقضبان الحديدية محدقًا بنظرات مصدومة في وجه القاضي الذي نطق الحكم عليه توًا، هي لجأت إلى أبرع المحامين للإدعاء بالحق عليه، فنال ما يستحقه بعد أن ثبت تورطه في الأمر، تحركت أعينه نحو والده الذي طالعه بنظرات أسفة، هو الجاني على نفسه قبل أي شيء، صاح مجد من خلف القضبان الحديدية بنبرة عالية:
-سامحني يا أبا
رد عليه مهدي بحزن كبير:
-ربنا اللي بيسامح
تابع صائحًا بتوسل:
-حقك عليا، إن شاء الله هستأنف وهاخرج قريب من هنا!
رد بفتور:
-ربنا موجود
أشار بيده لأخيه متابعًا بصرامة:
-مازن خلي بالك من أبويا، حطه في عينيك، مش هاوصيك
هتف أخيه الأصغر بضيق:
-اطمن، أنا معاه
جذبه الحارس من ذراعه ليبعده عن القضبان ليتجه به نحو محبسه مع باقي المحتجزين بالقفص الحديدي، فلوح له مازن بيده مودعًا إياه، ثم أسند والده المتهادي في خطواته قائلاً:
-أنا مش هاسكت، هاخلي المحامي......
قاطعه مهدي بهدوء:
-مالوش لزوم، أخوك غلطان، وافترى كتير على الغلابة، أنا راضي بحكم ربنا، المهم هو يعقل
رد عليه بعدم اقتناع:
-هو كان أول واحد، مافي غيره كتير
هز مهدي رأسه رافضًا طريقة تفكيره المتهور والتي تدفعه إلى المهالك موضحًا:
-بس مش كده! وأنا حذرته!
-ماشي يا أبا، نتكلم بعيد عن هنا
رد عليه بجدية:
-ماتتعبش نفسك، اللي ربنا عاوزه هايكون، المهم أخوك يعقل زي ما قولتلك
...........................................

كان محقًا حينما اقترح عليها العمل وإلهاء نفسها في شيء يستحوذ على كامل تفكيرها بدلاً من الفراغ الممل الذي كانت قابعة فيه، انشغلت أسيف بإعداد الدكان الخاص بها ليصبح محلاً لبيع الورود الصناعية بالإضافة إلى الهدايا المميزة للصغار والكبار، واستخدمت أفكارها في تنسيق الباقات بطريقة جذابة ولافتة للأنظار بعد عملها بنصيحة زوجها منذر.
وصل إلى مسامعها أنباء حبس مجد فسعدت بتلك الأخبار السارة كثيرًا، وكانت من أوائل المهنئين لصديقتها فاطمة التي تخلت عن خوفها، وأثبتت شجاعتها في مواجهته، واستمرت في معركتها معه حتى حصلت على حقها القانوني في نهاية المطاف.
عاونتها بسمة في تجهيز كل شيء ليتم افتتاح الدكان في حلته الجديدة في أقرب وقت بالتزامن مع افتتاح الفرع الجديد الخاص بالوكالة، فقد عَمِد منذر إلى تغيير نشاط المحال بعد فض الشراكة مع عائلة أبو النجا ليتحول إلى معرض حديث مزود بالتصميمات الجديدة للأدوات الصحية، الجميل في الأمر أن زوجها سينتقل لذلك الفرع للعمل إلى جوارها ليظلا على مقربة من بعضهما البعض.
قامت أسيف برص الباقات المعدة سلفًا على أحد الرفوف متسائلة باهتمام:
-يعني اتفقتوا؟
أجابتها بسمة بتنهيدة مطولة:
-ايوه
لكزتها أسيف في كتفها معاتبة:
-بذمتك في عروسة تكون قالبة وشها كده؟!
ردت عليها بتجهم:
-أنا مكونتش حابة أستعجل
نظرت لها بغرابة رافعة حاجبها للأعلى وهي تقول:
-ده انتو بقالكم فترة كاتبين كتابكم
ردت بعدم اكتراث:
-في ناس بتفضل بالسنين
صححت لها أسيف تفكيرها قائلة:
-ده لما يكونوا مش جاهزين!
زفرت بسمة بصوت مسموع وهي ترد:
-خلاص ارتاحوا كلكم من الزن، أسبوعين وأتنيل أتجوز
انفرجت شفتي أسيف بصدمة واضحة، لم تتوقع منها تلك العبارة، فردت مدهوشة:
-وساكتة
قوست فمها للجانب متسائلة بفتور:
-هايحصل ايه يعني؟
تفاجأت بابنة خالها تجذبها من يدها بغتة لتتحرك معها نحو باب الدكان هاتفة بتلهف:
-ده احنا كده معندناش وقت خالص
استغربت من تصرفاتها المريبة والمبالغ فيها وهي تسألها:
-في ايه يا بنتي؟
ردت عليها بجدية:
-سيبي اللي في ايدك دلوقتي وخلينا نشوف هانعمل معاكي ايه يا عروسة
أشارت لها بكفها متابعة باندهاش:
-يا أسيف الدكان....
تأملتها بنظرات عميقة وذات مغزى قبل أن تقاطعها بحزم:
-مش وقته خالص، ده احنا عندنا عروسة!
سحبت بسمة يدها من كف أسيف الممسك بها مرددة بقلق:
-بلاش توتريني، خلي الأيام دي تعدي على خير!
لم تستدر بجسدها نحو الباب وهي تتحرك نحوه باندفاع طفيف، وبالتالي لم ترَ دياب وهو يلج إليه، لذا دون قصد منها ارتطم ظهرها بصدره، فسقطت في أحضانه، تلقفها من ذراعيها مانعًا إياها من السقوط، شعرت بقبضتيه عليها فالتفت نحوه برأسها لتحدق فيه بصدمة، رمقها بنظرات عاشقة قريبة مليئة بالكثير من المشاعر المتأججة، تلون وجهها بحمرة قوية وسريعة، لم يفلتها منه، وهمس لها بعبث مستغلاً تلك الفرصة التي لا تتكرر كثيرًا:
-وربنا أنا محظوظ.................................. !!!
.................................................. .



Layla Khalid and noor elhuda like this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 07:01 PM   #536

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الخامس والتسعون (الأخير – الجزء الثاني):


الفصل الخامس والتسعون (الأخير – الجزء الثاني):

تخشب جسدها من ذلك الموقف الحرج الذي يتكرر دومًا معه، وكأن الأقدار تلعب معها وتخدمه مهيئة له الظروف لتجمع بينهما رغمًا عن إرادتها، حدقت فيه بنظرات مدهوشة، وحاولت التحرر من قبضتيه المحكمتين حول ذراعيها لكنه رفض إفلاتها مستغلاً كل لحظة متاحة له للتقرب منها، بدا الانزعاج واضحًا على محياها وهي تصيح بتشنج:
-لو سمحت ماينفعش كده!
لم يضغط عليها كثيرًا، فالمكان والزمان غير ملائمين تمامًا للجدال أو حتى لإظهار المشاعر والأحاسيس، أرخى قبضتيه عنها قائلاً بابتسامة متسلية:
-وماله!
وما إن نالت حريتها حتى تراجعت مبتعدة للخلف محدقة فيه بنظرات تحمل الضيق، ظل دياب يطالعها بنظراته العاشقة بجرأة أكبر غير متحرج من وجود أسيف معهما، أخرجته الأخيرة من تحديقه المطول متسائلة:
-ازيك يا دياب؟ إيه الأخبار؟
رد قائلاً بهدوء وهو يعبث بمؤخرة رأسه:
-الحمدلله يا مرات أخويا!
عاود دياب التحديق في بسمة التي كانت في حالة خجل واضحة، لم تختفِ بعد الحمرة المغرية الظاهرة على صدغيها، ولم تسكن رجفة جسدها المتوتر إلا قليلاً، ابتلعت ريقها مرددة بارتباك:
-أسيف أنا هارجع البيت!
سد عليها دياب الطريق بجسده ليمنعها من المرور أو التقدم خطوة للأمام قائلاً باستنكار:
-ايه ده! انتي ماشية؟
فركت أصابع كفها بتوتر وهي ترد بتجهم زائف:
-ورايا حاجات في البيت، مش فاضية للهزار البايخ ده!
دنا منها فتوترت أكثر من اقترابه الغير حذر، تلفتت حولها مبدية حرجها من تصرفاتها المتجاوزة لكنه لم يكترث بما يفعله، همس لها بتنهيدة حارة:
-بس أنا ملحقتش أشبع منك!
تنحنحت بسمة بصوت خفيض، ثم دفعته بيدها من كتفه لتتمكن من المرور قبل أن يحاصرها أكثر من ذلك، اندفعت مسرعة نحو الباب قائلة بجدية شديدة:
-سلام يا أسيف!
لم تستطع ابنة خالها الرد عليها بسبب فرارها الغير مبرر من الدكان، واكتفت بالابتسام المتعجب، صاح دياب بامتعاض مستنكرًا جفائها معه:
-شايفة المعاملة؟
حافظت على ابتسامتها الرقيقة وهي ترد بهدوء:
-معلش بتدلع عليك
احتدت نظراته قائلاً بوعيد:
-بكرة يطلع عليها إن شاء الله، أنا ماسك أعصابي لحد النهاية!
وضعت يدها على أنفها مانعة نفسها من الضحك على طريقته المضحكة، ثم قالت:
-اصبر على رزقك، ده حتى بيقولوا الصبر مفتاح الفرج!
رد ساخرًا بعبوس:
-ده لو فضل فرج عايش!
..............................................

انحنت بجسدها للأمام لتجمع بقايا روث البهائم من الحظيرة بعد أن أمرها عمها كامل بتولي مهمة تنظيفها يومًا بعد يوم، لم تتصور مطلقًا أن تتحول حياتها من الترفه والرفاهية للشقاء والذل، لو أخبرها أحدهم أنها بعد أشهر ستكون في تلك الحالة وعلى هذه الوضعية لظنت أنه مجنون، لكنها الحقيقة المرة، نعم هي حصلت على وثيقة طلاقها من زوجها مازن، وباتت حريتها مشروطة حتى انتهاء عدتها لتزف إلى ذلك العامل الذي حُكم عليها بأن تكون زوجته، هو لا يبحث عمن يبادلها مشاعر الحب أو الحميمية، بل عمن تلبي له رغباته المنزلية وتؤدي واجباتها بإخلاص، هو يعاني من مشاكل في الإنجاب، ولم يسبق له الزواج، لكن لرغبة عمها في تأديبها وفي ستر فضائحها عرضها عليه، وارتضى الأخير بها ممتعضًا وكأن بها ما يُشين، ولما تنكر ذلك وهي من ألقت بنفسها في التهلكة؟
بكت ولاء قهرًا على حالها البائس، انتحبت بصوت خفيض محدثة نفسها:
-أنا اللي جبت ده كله اللي نفسي، أنا افتريت وطمعت، وضاع مني كل حاجة!
لم تستطع التركيز في أداء عملها، فانهارت باكية بحرقة أشد، لطمت على رأسها بكفيها متابعة بانكسار:
-كنت غبية! غبية!
أخفضت كفيها لتلطم على صدغيها حينما تذكرت ابنها، ذلك الصغير الذي تناسته في خضم معاركها الشهوانية الطامعة، لم ينل من أمومتها ولا أحضانها إلا القليل، لم تكن أمًا بالمعنى الحقيقي، شعرت بوخزة عنيفة تضرب قلبها الذي انفطر على بعده، صاحت بنواح:
-حبيبي يا يحيى! وحشتني أوي، يا ترى هاعرف أشوفك ولا لأ؟!
اشتعلت رأسها بنيران الغيرة حينما اقتحم عقلها صورة بسمة بابتسامتها التي تستفزها وهي متأبطة لذراع دياب، احتقنت أعينها الباكية، وامتلأ وجهها بحمرة ملتهبة، بالتأكيد تربعت على عرش قلبه، واحتلت مكانها الطبيعي، ما أصابها بخيبة الأمل هو إحساسها بأنه متيم بها ويعشقها بجنون، كورت أصابع يدها بقوة ضاغطة عليهم وهي تردد لنفسها:
-بقيت نهايتي هنا، وهي خدت كل حاجة!
أخرجها من شرودها الغاضب صوت زوجة عمها الصائح بحدة:
-إنتي يا بت لسه مخلصتيش؟
كفكفت عبراتها بظهر كفها هاتفة:
-أهوو على طول
أشارت بيدها متابعة بلهجة آمرة:
-طب يالا أوام، لسه عندنا خبيز وموال أد كده!
..........................................
أسرعت في خطواتها متجهة نحو منزلها هاربة من حصار مشاعره الصادقة والتي تضعف بقوة جمودها الزائف معه، هو استحوذ على كامل تفكيرها رغم إنكارها لذلك أمامه، لكن انفعالاتها تعكس حقيقتها دون أن تضطر للبوح به، توقفت في مدخل البناية لتلتقط أنفاسها قبل أن تصعد إلى منزلها فتظهر عليها علامات التوتر والاضطراب عليها مما يجعلها فريسة لأسئلة أختها التي لا تنتهي عنه، أرادت الحفاظ على بقايا عقلها من كثرة إلحاح الجميع عليه، نعم هي تفكر فيه وبكثرة، لكنها تقاوم إحساس الرهبة الذي يعتريها من آن لأخر ليوترها من مستقبل مجهول معه، أحيانًا يلوح في الأفق توترات علاقته السابقة مع طليقته، ناهيك عن وجود ابنه الذي ربما لن يتقبل وجودها في حياته لاحقًا إن اعتقد يومًا أنها سلبت مكان والدته واحتلته، تصارعت أفكارها المتخبطة بداخل رأسها فأتعبتها، تنفست بعمق هامسة لنفسها بتوجس:
-ربنا يستر، إن شاء الله هايحصل كل خير
أكملت صعودها على الدرج بخطوات سريعة، ولجت إلى داخل منزلها متلفتة حولها بهدوء، حمدت الله في نفسها أن الصالة كانت خاوية من والدتها، فأسرعت في خطواتها مختبئة داخل غرفتها، وقفت أمام المرآة متأملة وجهها الذي كان يحتفظ بحمرته الملتهبة، تحسسته بظهري كفها فشعرت بسخونته المتقدة، شردت سريعًا في تقاربهما الشديد، نظرات الوله التي يطالعها بها، هي تزداد عمقًا يومًا بعد يوم، وجدت نفسها تبتسم عفويًا وهي تتخيل أفكارًا جامحة معه، فنظراته لها توحي بذلك، وجرأته المباغتة تؤكد نواياه، زادت ابتسامتها العابثة، ثم تجهمت بشدة محركة رأسها مستنكرة شرودها الطائش، همست معاتبة نفسها:
-مجنونة، بلاش الحاجات دي!
ألقت بجسدها على الفراش لتكمل تحديقها الفارغ في سقفية الغرفة مستسلمة للذكريات الشيقة التي تجمعهما سويًا والتي لا تخلو من اللهو والنظرات الحالمة، تحركت أعينها نحو خزانة الثياب حيث يوجد داخلها ثوب عرسها الذي اشتراه لها دياب، كانت رافضة لتلك الفكرة في البداية، أرادت استئجار ما يليق بها، لكنه عارضها وأهداها إياه، تنهدت بعمق وهي تنهض من على الفراش لتتجه نحوها، فتحت الضلفة لتطالعه بأعين لامعة، مدت يدها ببطء تتحسس ملمسه من فوق الحافظة البلاستيكية التي تغطيه، عضت على شفتها السفلى بخجل، ثم سحبت يدها لتغلق الضلفة من جديد، استندت بظهرها على الخزانة لتشرد من جديد في أحلام وردية.
............................................

أشرف بنفسه على وضع اللمسات الأخيرة لافتتاح فرعه الجديد بالتزامن مع دكان زوجته، ونقل إدارته إلى هناك ليكون إلى جوارها أغلب الأوقات بينما سيتولى أخيه متابعة الأعمال بالوكالة مع والده، لم ينزعج منذر من رغبة أسيف في تأجيل الإعلان عن ميعاد الافتتاح النهائي لانشغالها مع ابنة عمتها، بل على العكس رحب بذلك كثيرًا، فالطرف الأخر في الموضوع هو أخيه الأصغر، والذي سيحظى أخيرًا بالحب والاستقرار بعد فترة ليست بالقليلة من مشاكل متواصلة انعكست عليه، لكنه في الأخير خرج منتصرًا وظافرًا بحب جديد أنعش روحه، كذلك رتب منذر لسفرة قصيرة يقضيها مع حبيبته وبصحبة العائلة بعد الانتهاء من تجهيزات العرس، فالجميع بحاجة لوقت مثل ذلك لتجديد النشاط والترويح عن النفس.
وعلى مدار الأيام التالية، خصصت أسيف أغلب وقتها لتظل إلى جوارها، فالوقت المتبقي محدود للغاية، وتجهيز العروس يتطلب فترة كافية للتأكد من تجهيز كل شيء، كانت أسعد أوقاتها هي مشاطرتها تلك الفرحة خاصة أن نيرمين كانت على قدر المستطاع تعاونهما، خفف ذلك من وطأة الضغوط النفسية التي كانت تعانيها بسمة، وشعرت بدفء العائلة الذي حمسها كثيرًا، وبدد خوفها تدريجيًا، هي تخشى من تبعات الإقدام على تلك الخطوة الفارقة في حياتها، وجاهدت لصرف أي أفكار متوترة عن ذهنها.
انتهت عواطف من إعداد الكعك والبسكويت الخاص بتلك المناسبة السارة وبدأت في وضعه في علب نظيفة لتوزعه على الأحباء، ورغم تعجب نيرمين من مبادرة والدتها في عمل ذلك إلا أنها أوضحت غرضها قائلة بود:
-خلي الناس تفرح، وبعدين فرصة يا بنتي، إنتي معايا وإيدك بإيدي! هو أنا في ديك الساعة لما تكوني وسطنا وبتجهزي حاجة أختك ويايا، ده الفرحة مش سيعاني يا بنتي، ربنا يديمها علينا ويكمل شفاكي على خير!
تلألأت عيناها بعبرات طفيفة تأثرًا بحديث والدتها، ربما هي سعت لإسعادها بطريقة غير مباشرة، أرادت أن تشعرها بأهمية وجودها، بأن الفرحة لن تكتمل إلا بحضورها معهم، تملكها إحساس سعادة صافٍ، دون تردد احتضنها قائلة بنبرة شبه مختنقة:
-يا رب يا أمي!
ربتت عواطف على ظهرها بحنو ثم تابعت هاتفة:
-يالا يا بنتي، تعالي نشوف ناقصنا ايه!
......................................
بدا المنزل بمن فيه كخلية النحل خاصة حينما حانت ليلة الزفاف، فلم تتوقف التنهئات ولا المباركات من الجيران والمعارف الذين تسابقوا في ذلك، ولم تهدأ صديقات العروس من الاحتفاء بها على طريقتهن، أصرت بسمة على إقامة زفة حتى لو كانت متواضعة عند منزلها قبل الانتقال للقاعة للاحتفال، فعلى عكس أخيه أراد دياب ألا يحرم عروسه من كل أحلام الفتيات من زفاف مميز، وزينات براقة، وصورًا تذكارية مختلفة، ورغم كون اليوم مشحونًا منذ بدايته إلا أنه كان سعيدًا بكل ما يفعله، فالمهم أنها ستصبح بعد ذلك زوجته.
شغلت نيرمين طرحة أختها بيدها بحب أخوي صادق، فحينما ارتدتها بدت أكثر إشراقًا وجمالاً، تأملت بسمة نفسها في المرآة غير مصدقة أنها عروس بالفعل، ارتسمت تعابير السعادة والفرحة على محياها، رفعت أبصارها نحوها لتقول بامتنان:
-ربنا يخليكي ليا يا نيرمين، حلوة أوي
ردت عليها بابتسامة لطيفة:
-إنتي اللي حلوة من يومك!
صدحت أصوات الدفوف والمزامير لتعلن عن قدوم الزفة أسفل البناية، أعقبها إطلاق الزغاريد العالية، فارتبكت في غرفتها وانقبض قلبها بقوة، شعرت بدقات قلبها تخترق أذنيها من فرط الاضطراب الممزوج بالتوتر، وضعت نيرمين يدها على كتفها هامسة لها بعبث:
-اهدي يا عروسة، علقة تفوت ولا حد يموت!
ضاقت نظراتها وهي ترد بخوف:
-بلاش توتريني بزيادة، أنا أعصابي تعبانة
-والله ما في أحلى منك عروسة
قالتها أسيف بنبرة رقيقة وهي تدنو منها حاملة في يدها عطرًا أنثويًا لتغرق به ثوبها، حركت بسمة رأسها نحوها مرددة:
-إنتي شايفة كده؟
أكدت لها بثقة:
-طبعًا!
أطلت نيرمين برأسها من النافذة مرددة بحماس:
-العريس جه تحت والزفة جاهزة، يالا بينا
هتفت بسمة بخوف:
-لالالا، استنوا شوية!
غمزت لها نيرمين بعبث:
-خدي راحتك يا بسوم!
تصلب جسدها من فرط التوتر، فتابعت بتهور غير مدركة سذاجة تفكيرها:
-أقولكم على حاجة، احنا نأجل الجوازة دي كام يوم، أنا مش مستعجلة!
حدقت فيها أسيف بغرابة وهي تسألها:
-إنتي شايفة كده؟
أومـأت برأسها مرددة:
-أيوه
اقتحم الغرفة دون استئذان الصغيران يحيى وأروى هاتفين بحماس مرح:
-مس بسمة
ركضا نحوها ففتحت ذراعيها لتستقبلهما في أحضانها مرددة:
-حبايبي
هتفت أروى بابتسامة متسعة:
-مبروك يا مس
أضاف يحيى ببراءة وهو يشير بيده:
-بابي طالع ورايا، بس أنا سبقته!
ارتبكت من مجرد ذكر اسمه، وحاولت الحفاظ على ثباتها مرددة بحذر:
-أوكي يا حبيبي
تابع الصغير قائلاً ببراءته المحببة:
-بابي قالي إنك هتنامي معانا بعد كده، صح يا مس؟
تورد وجهها كليًا من تلك العبارة الصريحة، وردت بخجل:
-احم... ايوه
وضعت أسيف يديها على كتفي الصغيرين قائلة بهدوء:
-يالا يا حلوين نطلع برا عشان....
لم تكمل جملتها للأخير حيث انتبه الجميع لدقات دياب الخافتة المصحوبة بصوته المتسائل:
-ينفع أدخل؟
انتفض جسد بسمة في مكانه من مجرد سماع صوته، وانكمشت على نفسها رهبة من الموقف برمته، رمشت بعينيها في ارتباك، وبدأت في الضغط على أصابعها محاولة تخفيف حدة التوتر التي تعتريها، ردت نيرمين بترحاب:
-طبعًا
بتمهل متشوق ولج إلى داخل الغرفة باحثًا بعينيه عنها، تجمدت أنظاره على شخصها الذي سلب عقله، فغر فمه للأسفل مبديًا انبهاره بجمالها الذي زاد توهجًا بارتدائها لثوب الزفاف، هتف غير مصدق:
-اللهم صلي على النبي، هو في كده، أخيرًا هنتجوز!
أخجلها غزله الصريح، وتوترت أكثر، جاهدت أسيف ونيرمين لإخفاء ضحكاتهما المتسلية، اقترب دياب أكثر، فزاد ارتباك بسمة، أمسكت بكف ابنة خالها هامسة برجاء:
-خليكي يا أسيف!
ردت عليها بصوت خفيض وهي تشير بعينيها:
-خليني ايه بس، ده العريس مستني!
سحبت يدها منها ببطء تاركة إياها بمفردها مع عريسها الذي يحترق تلهفًا في مكانه، نظرت بسمة إلى نيرمين هامسة لها بتوسل:
-نيرمين ماتمشيش! أنا...
قاطعتها بجمود زائف:
-باين ماما بتنادي برا، هاروح أشوفها!
نظرت لها باستنكار معاتب لتخليها هي الأخرى عنها وتركها بصحبته، ظل يتابع باستمتاع تصرفاتها الخجلة دون أن يعلق عليها، وانتظر بشوق انصراف الجميع من الغرفة ليصبحا سويًا، سلط أنظاره اللامعة عليها مرددًا بعبث:
-ايه بقى؟
تراجعت للخلف مبتلعة ريقها بتوتر كبير، ثم ردت بحدة وهي تشير بسبابتها محذرة:
-في ايه؟ لو سمحت مش هاسمح بأي تجاوز
مازحها مرددًا:
-هو أنا في القسم ولا حاجة يا أبلة؟
تابعت محذرة بلهجة شديدة:
-خليك مكانك!
رد ببلاهة:
-ده أنا جاي أديكي الورد، خايفة ليه؟
أخفضت أنظارها لتحدق في باقة الورد التي كانت بحوزته، عاودت النظر إليه مرددة بعبوس:
-طيب، هاته!
استغرب تجهمها المبالغ فيه، ولكنه برر ذلك لنفسه بكونها في حالة ارتباك، تلك الحالة التي تسيطر على أغلب العرائس في ليلة زفافهن، لم يتعجل أي شيء منها، حتى وإن كان الانتظار يقتله شوقًا إلا أنه لم يرد إرغامها على شيء، على الأقل حاليًا، نظر لها بوجه خالٍ من التعبيرات قائلاً:
-مش يالا بينا، الناس مستنية تحت، لسه ورانا حاجات كتير!
ردت باقتضاب:
-ماشي
تابع آمرًا وهو يشير بعينيه:
-هاتي إيدك
قطبت بسمة جبينها متسائلة بحدة طفيفة:
-ليه؟
رد ساخرًا من تساؤلاتها العجيبة:
-محتاجها خمساية، مش هنأنجش (نرتبط) بعض واحنا خارجين!
ردت بامتعاض:
-طيب
تحركت بتمهل جاذبة ثوبها للأعلى لتتمكن من السير دون أن تتعثر فيه، وقفت قبالته متحاشية النظر فيه، لكنه بالطبع لم يضيع الفرصة هباءً، جاب بأنظاره ببطء على ثوبها المميز محدقًا فيها بإعجاب شديد، حينما رأه لأول مرة في محل ثياب الأفراح لم يتردد لثانية في شرائه، اقتناه فورًا، هو صمم من أجلها هي فقط، تأبطت في ذراعه باستحياء، شعر برجفتها وهي تتناول منه باقة الورد، فابتسم لها بسعادة، همس بأنفاس حارة لفحت وجنتها:
-بس والله قمر!
ردت عليه بإيجاز وهي تتجنب التطلع إلى وجهه رغم يقينها بنظراته التي تخترقها:
-شكرًا
مال عليها متسائلاً باستجداء محبب:
-مافيش كلمة حلوة ليا؟
ردت بعبوس:
-لأ
مط فمه هامسًا:
-براحتك، ادلعي زي ما إنتي عاوزة!
أدارت رأسها في اتجاهه متسائلة بحدة:
-بتقول ايه؟
ابتسم لها ببلاهة وهو يجيبها:
-يالا عشان الزفة يا حبيبتي، بيزمروا تحت وبيضربوا كلاكسات، بيب بيب، سمعاهم!
لم تتمكن من إخفاء ضحكتها التي تشكلت على شفتيها لتزيدها إغراءً وأنوثة من دعابته الطريفة، طالعها بنظرات أكثر شغفًا ورغبة طامعًا في تذوق رحيق الحب من على شفتيها، هي بالفعل أسرته بعفويتها، بعنادها، بحدته،ا بعصبيها، وبطريقتها الغير متكلفة فبات معشوقها، وباتت حبه الأول والأخير بعد سنوات عجاف من المعاناة والبكاء على أطلال الماضي المشين، فقط ساعات معدودة ويصبح الحلم حقيقة..................................... !!
................................................


Layla Khalid likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 07:04 PM   #537

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الخامس والتسعون ( الأخير - الجزء الثالث):


الفصل الخامس والتسعون ( الأخير - الجزء الثالث):

جلست باستحياء على المقعد الخاص بالعروسين في منتصف القاعة تراقب بنظرات شمولية ومتوترة أوجه المتطلعين إليها من المدعوين، رسمت تلك الابتسامة المصطنعة على ثغرها لتخفي ارتباكها الكبير، انتفض جسدها قليلاً حينما شعرت بتلك اليد توضع على كتفها، أدارت رأسها للجانب لتجد والدتها محدقة فيها بنظرات حانية وهي تربت عليه برفق ، مالت عليها هامسة:
-زي القمر يا بنتي، ربنا يحميكي ويكفيكي شر العين
اكتفت بسمة بالابتسام المجامل لها وهي تهز رأسها بإيماءة خفيفة، ثم عاودت التحديق أمامها، جاهدت لتخفي حالة التوتر والصراع التي تعتريها، هي خائفة مما هي مقبلة عليه، فتنتظرها حياة جديدة مليئة بالكثير من التحديات والقرارات، عليها أن تكون فيها عقلانية تفكر بتريث وتتجنب حالة الاندفاع الأعمى التي تسوقها في بعض التصرفات، تنفست بعمق لتحافظ على جمودها الزائف، توجهت أنظارها نحو عريسها الذي كان يرقص طربًا مع محبيه، بالطبع لم يدخر وسعه في دعوة معارفه وأقربائه وأصدقائه ناهيك عن كل من له صلة به، امتلأت القاعة عن بكرة أبيها، وتسابق الجميع في تقديم التهنئات والمباركات له كل على طريقته الخاصة، تنهدت مطولاً حامدة الله في نفسها أنها أثرت الجلوس على التمايل والرقص أمام تلك الأعين الذكورية التي تعج القاعة بها.
سعادة لا توصف تملكته حينما رفضت النهوض من مقعدها، وتضاعفت أكثر ببقائها في مكانها كالملكة شامخة لا تطالها الأيدي، دق قلبه بقوة معلنًا عن حبه اللا محدود لها، لم تفارقها عيناه، وبين الحين والأخر كان يلتفت نحوها ليرمقها بنظراته العاشقة بالرغم من إحاطة الشباب له ممن يماثلونه عمرًا أو أصغر بقليل ليقوموا بواجبهم معه، تسابق دياب معهم في إظهار فرحته بليلة العمر، وزادت الأجواء حماسة مع انفعالهم المندمج بالأغاني الشعبية الملهمة.
كان يترقب على جمر متقد مرور الساعات لينفرد بها فيتمكن من التعبير لها عن مشاعره العميقة، ألهى عقله بما يحدث حوله مؤقتًا كي لا يهلك من كثرة الانتظار والتفكير.
على الجانب الأخر جلست نيرمين على الطاولة القريبة من مقعد العروسين واضعة على حجرها رضيعتها، لم تفارق البسمة شفتيها، وتمايلت برفق مع النغمات المحفزة للحواس مداعبة ابنتها التي كانت تضحك ببراءة، انحنت على جبينها تقبلها، ضمتها إليها وأكملت دندنتها مع الأغاني، أبعدت أسيف أعينها المتطلعة إليها لتستدير برأسها نحو والدة زوجها، كانت بحاجة للعون، فتحركت صوبها، سألتها بنعومة وهي تقف إلى جوارها:
-عاوزة مساعدة مني يا طنط؟
أجابتها جليلة بقلق:
-اتأكدي يا بنتي إن كل حاجة موجودة في البوفيه ده، مش عاوزين الناس تاكل وشنا
-حاضر
أشرفت معها على إعداد الطاولات المعدة بالطعام الشهي وساعدهم الطهاة في رص الصحون بطريقة منمقة تمكن المدعوين من تناول ما يشتهون، دنا منهما منذر متأملاً زوجته المنهمكة فيما تفعل بهيام، مرر أنظاره ببطء على ثوبها الكريمي بنظرات لامعة، هو ملائم لها، ويزيدها رونقًا وتميزًا، أخرج من صدره تنهيدة حارة تحمل الكثير، وصرف عن ذهنه التفكير في أمور لا تصلح إلا في منزلهما، التوى ثغره ببسمة عذبة وهو يتساءل باهتمام:
-إيه الأخبار؟
ردت جليلة بابتسامة عريضة:
-اطمن يا منذر، كل حاجة تمام
هز رأسه بإيماءة خفيفة، ثم وضع يده على ظهر زوجته متسائلاً:
-عاملة ايه يا حبيبتي؟
أجابته بهدوء رقيق:
-كويسة يا حبيبي!
دس منذر يديه في جيبي بنطاله متابعًا بمرح:
-الواد دياب أصحابه مولعين الفرح على الأخر
التفتت برأسها حيث ينظر، وردت ضاحكة:
-ايوه، ماهو باين!
أضاف بجدية مشيرًا بحاجبيه:
-كويس إن بسمة مقامتش ترقص مع أصحابها!
ردت عليه أسيف موضحة:
-هي من الأول قيلالي إنها مش حابة تعمل كده
-أحسن
ارتفع حاجبي أسيف للأعلى مبدية تفاجئها بظهور ذلك الشخص عند مدخل القاعة، هتفت فجأة باندهاش:
-إيه ده؟
نظر لها منذر بغرابة متعجبًا تبدل حالها، وقبل أن يحرك شفتيه ليسألها تابعت هاتفة:
-بص هناك، شايف من جه؟
نظر إلى حيث أشارت متسائلاً باقتضاب:
-مين؟
ارتسم على ثغرها ابتسامة متحمسة وهي تجيبه:
-دكتور نبيل!
حل الوجوم على وجهه وتبدلت تعابيره للانزعاج، نظر لها مرددًا بتجهم:
-والله، ومالك مهتمة أوي كده؟!
ردت بحماس وابتسامتها لم تفارق شفتيها:
-أنا مش مصدقة، ده جاي الفرح، أكيد نيرمين هتفرح أوي، ده إنسان كله ذوق و...
اشتعلت نيران الغيرة بصدره لمجرد مدحها لغيره، لم يتحمل المزيد من الترهات عنه، فقاطعها صائحًا بحدة:
-أسيف!
زادت تعجبها من صلابته الحادة، وردت متسائلة بحذر:
-في ايه؟
تابع بجمود لا يبشر بأي خير:
-مش واخدة بالك إنك زودتيها؟
قطبت جبينها مبررة حديثها:
-ليه بس؟ بالعكس والله د. نبيل محترم وأخلاقه عالية، المفروض نرحب بيه!
كانت على وشك التحرك نحوه لتستقبله لكنه أوقفها جبرًا قابضًا على ذراعها، تأوهت من قوة ضغطته، وهتف آمرًا بلهجة صارمة:
-إياكي تتحركي من هنا!
استنكرت هجومه الغير مفهوم عليه، بالإضافة إلى طريقة إمساكه بها، حاولت نزع ذراعها من قبضته، لكنه لم يفلتها، ظلت أنظاره المحتقنة مسلطة على وجهها، ضغطت على شفتيها قائلة بامتعاض:
-مايصحش يا منذر، ده ضيفنا، ومايعرفش حد إلا احنا
هتف محذرًا بتهديد ضمني:
-هي كلمة يا بنت رياض، ولو خالفتيها هايبقلنا كلام تاني مع بعض!
فغرت ثغرها مصدومة من نبرته العدائية، ردت متسائلة بعدم تصديق:
-قصدك ايه؟ إنت عاوز تمد إيدك عليا؟
أرخى أصابعه عنها قائلاً بصلابة:
-افهمي انتي بقى!
احتدت نظراتها نحوه مستنكرة ما يفعله، ردت بغيظ:
-بقى كده يا منذر!
انتبهت جليلة للشجار الدائر بينهما، فتدخلت على الفور قبل أن يتفاقم ويتطور للأسوأ، هتفت متسائلة:
-في ايه يا ولاد، مالكم؟ إنتو اتحسدتوا ولا إيه؟
رد منذر بتشنج:
-اسأليها
اغتاظت من تحميله اللوم دون سبب مقنع وكأنها ارتكبت جريمة ما، وجلَّ ما قالته هو الترحيب بالضيف، صاحت بنبرة متعصبة:
-شايفة يا طنط؟!
نظر لها مطولاً بحنق، استشعرت من نظراته عصبية جمة رغم عفوية تصرفها، أطلق سبة خافتة قبل أن يتركها وينصرف مبتعدًا عن الاثنتين، تابعته أسيف بأعين متوهجة للغاية ومتعجبة مما حل به من عصبية غير مبررة، لم يكن على تلك الحال قبل لحظات، وفجأة تحول للنقيض، وبات يهددها بالضرب إن خالفت أوامره، كانت تلك هي المرة الأولى منذ زواجهما التي ينفعل فيها عليها بتلك الطريقة الهوجاء، خفق قلبها بقوة، بدت العبرات محبوسة في مقلتيها من صدمتها، أخرجتها جليلة من شرودها العابس متسائلة:
-ايه اللي حصل؟ فهميني يا بنتي!
كزت أسيف على أسنانها بغضب كاتمة في صدرها ضيقها منه، لكن عكست تعبيرات وجهها حالة الاستنكار والغضب التي تتقد بداخلها، استشفت جليلة نشوب خلاف حاد بينهما، واستمعت إلى تفاصيله منها، حاولت لملمة الأمور بينهما، فأردفت قائلة بهدوء:
-متزعليش نفسك، هما الرجالة كده طبعهم حامي!
صاحت مستنكرة وهي تلوح بذراعها:
-بس مش للدرجادي يا طنط! بقى أنا يقولي كده
ربتت جليلة على ظهرها متابعة بلطف:
-معلش، مايقصدش، وإنتي بردك استحملي شوية، هي الست عليها الاستحمال، وصدقيني شوية وهتلاقيه هدى ورجع زي الأول
زفرت أسيف بغضب دون أن تعجب، لا جدوى من الجدال معها، فهي ستدافع عن ابنها وستبرر له تصرفه المبالغ فيه معها، كتمت بصعوبة ضيقها، وحاولت جليلة توضيح الأمور لها من منظورها الشخصي، أصغت لها دون مقاطعة حتى قالت بجدية:
-المهم تتصالحوا مع بعض، اوعوا تباتوا متخانقين!
ردت بعد اقتناع وهي تكتف ساعديها أمام صدرها:
-إن شاء الله
ابتسمت لها جليلة قائلة بود:
-ربنا يصلح حالك يا بنتي! ويهدي سركم مع بعض
.................................................. ........
نظر لها بتأمل قبل أن يتقدم بخطوات ثابتة نحو الطاولة التي تجلس عليها، لم يتأخر في تلبية دعوتها والحضور إلى حفل زفاف أختها، تشكل على تعابير وجهه ابتسامة متشوقة وهو يردد:
-مدام نيرمين!
استدارت برأسها نحوه على إثر صوته المميز، تفاجأت بوجوده بالقاعة، لم تستطع إخفاء علامات الاندهاش من على وجهها، تداركت الموقف سريعًا، وحاولت النهوض من مقعدها لترحب به قائلة:
-دكتور نبيل
أشار لها بيده لتجلس وهو يرد:
-خليكي مرتاحة، أنا قولت أجي أبارك بنفسي للعرسان
جلست نيرمين باسترخاء على المقعد معيدة وضع رضيعتها على حجرها، وردت بلطف:
-الله يبارك فيك
تابع بهدوء دون أن يخفي ابتسامته عن ثغره:
-وعقبالك إن شاء الله!
تورد وجهها من جملته تلك، ورغم يقينها أنها عبارة مجاملة لكنها لمست قلبها، سريعًا اقتحم عقلها ذكريات متنوعة من ماضيها الموجع حتى لحظة اكتشافها لمرضها، تنهدت قائلة بضجر:
-متشكرة، أنا خلاص خدت حظي، ومستنية....
قاطعها مشيرًا بكفه:
-احنا اتفقنا على ايه!
ابتسمت لصرامته المحببة معها، وهزت رأسها بتفهم، تابع مضيفًا بصوته المتحمس:
-وبعدين ينفع نزعل في يوم زي ده؟!
ردت مبتسمة:
-عندك حق
لمحته عواطف من أعلى "الكوشة" فتهللت أساريرها، مالت على ابنتها لتهمس لها بشيء ما في أذنها، ثم تحركت بتمهل نحو طاولة نيرمين، هتفت مهللة بسعادة وهي تمد يدها لمصافحة نبيل:
-ازيك يا ضاكتور
بادلها التحية قائلاً:
-أهلاً يا حاجة
-شرفتنا يا ابني
-الله يخليكي يا رب، وألف مبروك للعروسة، ربنا يسعدها
ردت بامتنان:
-يا رب يا ابني، وعقبال ما نفرح بيك!
انعقد ما بين حاجبيها وهي تتابع:
-مش إنت لسه ماتجوزتش؟
أجابها نبيل بابتسامة مصطنعة رغم خبوها قليلاً:
-لأ أنا اتجوزت وانفصلت!
تفاجأت نيرمين بذلك، فلم يسبق لها أن سألته عن أي شيء يخصه، واليوم هي اكتشفت عنه القليل، ردت والدتها بود:
-أها، ربنا يعوضك خير بالأحسن
وجه أنظاره نحو نيرمين مرددًا:
-إن شاء الله
تابعت عواطف قائلة:
-اتفضل ارتاح يا ضاكتور
هز رأسه وهو يقول:
-شكرًا
تركتهما عواطف بمفردهما متجهة نحو ضيوفها لترحب بهم، ساد صمت حذر بينهما لم تحاول فيه نيرمين كسره، واكتفت بالتحديق في أي شيء إلا هو، استشعرت نظراته المسلطة عليها، وعمدت قدر المستطاع على عدم الالتفات نحوه، استغل نبيل الفرصة ليتأملها على راحته، كانت أكثر حيوية عن وجودها بالمشفى، أحدث ظهوره في حياتها فارقًا ملحوظًا معها، وهي لا تستطيع إنكار ذلك، حاول التودد إلى مريضته التي شغلت باله مؤخرًا، فاستطرد حديثه هاتفًا:
-ماشاء الله بنوتك شبهك
التفتت نصف التفاتة نحوه وهي تجيبه باقتضاب:
-تسلم
لاحظ صمتها الطويل واكتفائها بالرد بالكلمات الموجزة، فأكمل متسائلاً باهتمام:
-ممكن سؤال إن مكانش ده يزعجك؟
استدارت نحوه مبدية تحفزها لسؤاله الغامض وهي ترد:
-اتفضل
أومأ بعينيه قائلاً بحذر:
-هو أبوها فين؟
تشنجت تعبيرات وجهها، فتابع موضحًا بحرج:
-احم.. قصدي يعني بيجي يشوفها ويسأل عليها و...
انزعجت من ذكره لشبيه الرجال، من أذاقها العذاب والذل، هي تجرعت على يده ألوانًا مختلفة من المهانة والإذلال حتى قسى قلبها وأصابه الحقد والغل، لم يعبأ يومًا بمشاعرها ولا برغباتها، فقتل فيها كل شيء طيب وتحولت إلى ما هي عليه، وما عزز من ذلك جحود عائلته وشراستهم معها، أفاقت من شرودها المؤقت مرددة بامتعاض عابس:
-لأ، ومش هايشوفها لأنه في السجن!
صدم مما قالته واكتفى بالإيماء برأسه متفهمًا، تابعت مضيفة بتشنج:
-أنا مش بأحب أتكلم عنه، سيرته بتضايقني!
خاف أن تكون قد استاءت من حديثه وتسبب في إيلامها بصورة غير مباشرة، فاعتذر فورًا قائلاً:
-أنا أسف، مكونتش آآ....
قاطعته بفتور:
-عادي
أخفضت أنظارها لتداعب رضيعتها بحنان أموي مغدقة عليها بقبلات صغيرة، ابتسم للطفها معها، وسألها بهدوء:
-تسمحيلي أشيلها شوية؟!
استغربت من طلبه المريب، ولم تتمكن من رفضه، فابتسمت قائلة:
-اتفضل
تناول الرضيعة منها ليهدهدها بود، ظلت ابتسامته الساحرة مرسومة على ثغره، ربت على ظهر رنا برفق قائلاً بنبرة ذات مغزى:
-ماشاء الله على الجمال، إنتي زي ماما حلوة وضحكتك جميلة!
خجلت نيرمين من غزله المتواري عنها، وأشاحت بوجهها بعيدًا عنه رغم تلك الحماسة الرهيبة التي تملكتها، انتابتها مشاعرًا مختلفة عن ذي قبل، أحاسيسًا لم تخوضها أبدًا، هي ظهرت لها في وقت حرج لتكون كالضوء في النفق المظلم لترشدها في دربها المرير، لم تشعر بشفتيها وهما تبتسمان بنعومة، لكن التقطتها عيناه فزادتا إشراقًا.
تعمد الجلوس إلى جوارها ليقلص المسافات بينهما، ناولها الرضيعة قائلاً:
-ربنا يباركلك فيها
ردت مجاملة:
-يا رب!
تنهدت بعمق لتتابع بحزن واضح:
-نفسي بختها يكون أحسن مني وتعيش حياتها و....
قاطعها نبيل بجدية:
-إن شاء الله، وبعدين أنا عاوز أقولك على حاجة كنت مأجلها لحد ما أخد رأيك فيها
قطبت جبينها متسائلة باهتمام وهي تعدل من وضعية رضيعتها على حجرها:
-حاجة ايه دي؟
رد بلا تردد:
-دلوقتي في علاج جديد، هو تجريبي بس هايفيد حالتك كتير
لوت ثغرها للجانب قائلة بتهكم يائس:
-أخره يعمل ايه؟ هايأجل موتي كام يوم والسلام!
عاتبها مرددًا برفق:
-بلاش روح التشاؤم دي، كل حاجة بإرادة ربنا!
مد يده ببطء ليضعها على كفها المسنود على الطاولة بعد أن أسندته متابعًا:
-وأنا متعشم خير
نظرت مصدومة إلى يده التي تحتضن راحتها، ثم عاودت التحديق في وجهه بأعين متسعة، لاحظ اندهاشها فسحب كفه ببطء قائلاً بابتسامة مهذبة:
-أسف
هزت رأسها بإيماءة خفيفة وظلت ترمش بعينيها بتوتر ملحوظ متحرجة من فعلته تلك، ومع ذلك لم يندم على تصرفه المتجاوز، وبقت ابتسامته المشرقة تزين وجهه بالإضافة إلى نظراته المتأملة لها برغبة واضحة.
.................................................. .
التهت بمتابعة المدعوين متجنبة الحديث معه كاتمة في نفسها ضيقها من تصرفه المبالغ فيه، ومع ذلك بدا وجهها عابسًا للغاية، حاولت أن تبتسم لكن كانت بسمتها باهتة، اختلست النظرات نحوه فوجدته مشغولاً بالحديث مع والده، ضجرت أكثر من تجاهله المقصود لها خاصة حينما التقت أعينهما معًا، فرمقها بحدة قبل أن يشيح بوجهه بعيدًا عنها، نغزة قوية ضربت قلبها فألمتها من جفائه القاسي، أولته ظهرًا، وأخفت قدر المستطاع ضيقها، سلطت أنظارها على العروس التي كانت تمرر أنظارها على الجميع، لوحت بيدها لها كتعبير عن اهتمامها بها، ثم أسرعت بالذهاب للمرحاض لتختفي بداخله قبل أن تنهمر عبراتها تأثرًا، لا تعرف ما الذي أصابها لتصبح على تلك الحالة الضائقة ويختنق صدرها على الأخير.
زفــــر دياب بصوت مسموع وهو يلقي بثقل جسده المنهك من كثرة الرقص ومجاراة الشباب في حركاتهم الحماسية، التفت نحو عروسه هاتفًا بمرح:
-هدوا حيلوا الله يحرقهم، مش ملاحق
نظرت له بأعين قلقة وهي ترد:
-فرحانين عشانك!
وقبل أن يضيف كلمة أخرى اندفع الصغير يحيى نحوهما صائحًا ببراءة:
-تعالي نقرص يا مس بسمة!
عقد دياب ما بين حاجبيه متعجبًا من جملته تلك، وسأله بغرابة:
-مين دي اللي تقرص يا يحيى؟
ردت بسمة موضحة بابتسامة سعيدة:
-قصده نرقص، الأطفال بينطقوها غلط
حك دياب مؤخرة رأسه متفهمًا، ونظر لصغيره مطولاً دون أن يعلق عليه، تابع يحيى قائلاً بإصرار:
-يالا يا مس
اعترض والده عليه مبديًا انزعاجه:
-هو أنا مش مالي عينك ياله!
عبس يحيى بوجهه مرددًا:
-بابي
ربتت بسمة على ظهر الصغير بحنو، ثم انحنت قليلاً على جبينه طابعة قبلة صغيرة عليه وهي تقول:
-معلش يا حبيبي، ماينفعش هنا
احتج الصغير على رفضها قائلاً بتجهم:
-ما بابي بيقرص من الصبح!!
رد عليه دياب مازحًا:
-هو أنا شغال ناموسة ولا ايه؟
بدا الصغير مُصرًا على اصطحابها له، ولن يقبل بالرفض مطلقًا، لذلك عمدت إلى استخدام أسلوب الرفق معه، وضعت كفها على طرف ذقنه لتمسح عليه بحنو وهي تقول:
-شوية وهارقص معاك
حرك رأسه وهو يقفز مرحًا في مكانه، ثم اندفع عائدًا ليلهو مع الصغار بالقاعة، أمسك دياب بكف يدها ضاغطًا عليه بأصابعه، فنظرت له بجدية، قرب كفها منه وهو يمازحها قائلاً:
-زي العسل، طالع لأبوه
اكتفت بتحريك رأسها بالإيجاب وهي تستعيد يدها منه، سألها بغموض غامزًا بطرف عينه:
-ايه بقى؟
ردت بحدة طفيفة:
-نعم
تابع بابتسامة متسعة:
-مش هاتقولي حاجة؟
قوست بسمة فمها قائلة باقتضاب:
-لأ!
أشار لها بكفه مكملاً:
-بشوقك، المهم خمساية والبوفيه يفتح
حذرته بسمة بسبابتها بصرامة واضحة:
-بأقولك ايه، أنا مش بتاعة حركات التورتة، خد بالك!!
فهم مقصدها فيما يتعلق بتبادل القبلات العابثة أثناء تقطيع قالب الحلوى، بالطبع لم يكن ليقبل بذلك أمام مرأى رفاقه من الشباب، فمازالت حميته مسيطرة عليه، ورغم جدية ملامحه إلا أنه رد بلطف وهو يوميء بحاجبيه:
-وأنا مقبلهاش أصلاً
التفتت لتنظر أمامها قائلة بتنهيدة:
-كويس اتفقنا على حاجة
رد عليها بغموض وهو يطالعها بنظراته الوالهة:
-احنا متفقين من زمان، بس انتي اللي مش واخدة بالك!
التقطت أذناها كلماته الصادقة ومع ذلك ظلت متيبسة في مكانها دون أن يظهر أي تغيير ملحوظ على تعابيرها، فقط ضغطت على أصابعها بقوة محاولة تخفيف حدة التوتر المستحوذة عليها.
رغم ضيقه منها إلا أن أعينه كانت تعرف الطريق إليها بين الجميع، انقبض قلبه بقوة حينما لم يجدها حوله، لم يستطع منذر التحكم في عينيه التي بحثتا عنها بتلهف، حبس أنفاسه مترقبًا وهو يجول بين جموع الشباب الذين يملأون القاعة، تنفس الصعداء حينما رأها تحادث والدته، همس لنفسه بضيق:
-تعبتي أعصابي!
التفتت أسيف فجأة لتجده محدقًا به، حاولت أن تبتسم له لتزيل ما بينهما من مشاحنات عملاً بنصائح والدته، لكن عبوسه الصارم صدمها، نظر لها بحدة قبل أن يوليها ظهره ويتحرك مبتعدًا موجهًا لها صفعة قوية في قلبها، رأتها جليلة على تلك الحالة الواجمة فمسحت على ظهرها هامسة لها:
-معلش، تلاقيه لسه مضايق، بس شوفتي جه يدور عليكي لما ملاقكيش
هزت رأسها بإيماءات خفيفة رغم عدم اقتناعها بمعظم ما قالته، ومع ذلك كانت محقة في أمر واحد أنه أتى من أجلها وإن كان لا يزال غاضبًا، تنفست بعمق مخرجة زفيرًا يحمل الكثير من الهموم وتابعت بفتور باقي الحفل.
................................................
أوشك الحفل على الانتهاء، وبدأ المدعوين في الانصراف واحدًا تلو الأخر، ولم يتبقَ إلا أفراد العائلتين وقليل من الحضور يتبادلون الأحاديث العابرة، لاحقًا توجه العروسان نحو السيارة مصحوبان بالزغاريد والدعوات بالذرية الصالحة، ساعدت أسيف بسمة على وضع ثوبها إلى جوارها لتجلس بارتياح وهي تحدثها قائلة:
-ربنا يسعدك يا بسومة، تستاهلي كل خير والله
ردت عليها ابنة عمتها بتوتر:
-أنا مرعوبة جدًا
طمأنتها قائلة بتأكيد:
-متخافيش، دياب بيحبك أوي
ردت بسمة بتخوف بائن:
-عارفة ده، بس قلقانة!
ضحكت مرددة بعبث:
-ده طبيعي، مش عروسة بقى، أومال العريس يعمل ايه؟
صاح دياب مهللاً وهو يستقل السيارة ليجلس إلى جوار عروسه:
-هاترغوا كتير، أنا تعبت، عاوزين نروح!
ثم أدار رأسه تجاه النافذة ملوحًا للواقفين:
-متشكرين يا جدعان، عملتوا الواجب وزيادة
رد عليه منذر بجدية:
-اتجدعن يا عريس وارفع راسنا
كور دياب قبضة يده قائلاً بتفاخر:
-اطمن يا ابن أبويا، انتو معاكو غضنفر (أسد) في البيت!
ضحك منذر من دعابته الطريفة، وتابع باهتمام ركوب الجميع في السيارات لكنه لم يجلس إلى جوار زوجته التي تيقنت من استمرار ضيقه منها، فكرت مليًا في إزالة رواسب تلك المشاحنة الطفيفة بينهما على طريقتها الخاصة بالمنزل، ربما كبرياؤه يمنعه من المبادرة بالتصالح لكنها ستسعى لكسر أي حواجز بينهما.
........................................

أعد لها المنزل الخاوي بالطابق الأخير بالبناية التي تقطن بها عائلته لتكون عش الزوجية، وأسسها بكل ما تحتاج إليه من أثاث جديد وأجهزة حديثة، شعرت بسمة بالارتياح لأنها لن تضطر للانتقال بعيدًا عن أمها وأختها، فهي تبعد فقط عنهما عدة دقائق سيرًا، ترجلت من السيارة بمفردها ناثرة ذيل ثوبها خلفها، ودع دياب عائلته قائلاً بمرح:
-احنا عارفين السكة من هنا
ردت عواطف بود:
-مش هاوصيك يا ابني على بنتي، دي نور عيني
آمال رأسه مؤكدًا بجدية دون أن تختفي ابتسامته:
-اطمني يا حماتي، دي الحتة اللي في اليمين والشمال!

حمل منذر الصغير يحيى على كتفه بعد أن غفا في نهاية الحفل، اتجه به لمدخل البناية بخطوات متهادية، رأى والدته تصعد على الدرج بتريث، تنحت للجانب لتفسح له المجال للمرور متسائلة:
-هو نام؟
أجابها بجدية مشيرًا بعينيه:
-ايوه، هاطلعه ونازل تاني
اقترحت عليه جليلة بنبرة دافئة:
-ما تبات يا ابني معانا
رد باقتضاب:
-لا
عبست قليلاً بوجهها وهي ترد:
-ده مراتك مش هاتمانع يعني، وهي....
قاطعها بهدوء:
-أنا عارف، بس سبيني على راحتي يا أمي
هزت رأسها متفهمة وهي تقول:
-ماشي يا منذر، وبالراحة عليها سامعني؟
مط فمه قائلاً بتجهم:
-إن شاء الله
تنهدت مضيفة بتفاؤل:
-ربنا يهدي سركم! العين بردك عليكم!
لم يعقب عليها وواصل صعوده المتأني للطوابق العليا، تبعته والدته بتريث متمتمة بكلمات خفيضة تدعو له بصلاح الحال.
ولج دياب مع حبيبته بسمة التي تأبطت ذراعه إلى مدخل البناية، وقبل أن يقدم على شيء مخجل أو متهور حذرته بصرامة:
-مش عاوزاك تشيلي، ماشي!
قطب جبينه متعجبًا وهو يرد عليها ساخرًا:
-هو أنا قادر أشيل نفسي، كملي لسه السلم طويل، احنا أخر دور يا أبلة!
تابعت بصلابة وقد تحولت تعبيراتها للجدية:
-على مهلي، مش تسربعني
هز رأسه مداعبًا:
-حاضر هاشيلك الطرحة بس، ده أخري!
أكملا صعودهما على الدرجات التي لا تنتهي ببطءٍ شديد، لم ترغب في صعود والدتها معها واكتفت بتوديعها في المدخل بعد أن رأت الإرهاق متمكنًا منها، كذلك لم تكن بحاجة إلى وجودها، فكل شيء معد سلفًا في المنزل، وبالتالي عدم صعودها لن يؤثر في شيء، الأمر المقلق بالنسبة لها هو اختلائها معه، هي متأكدة أنه لن يفوت الأمر دون أن يتودد بشتى الطرق لها، وهي في حالة تعب لا تحسد عليها، عصرت عقلها بشدة لتصل إلى فكرة مقنعة أو حجة ما تمكنها من تأجيل تلاحمهما الجسدي والوجداني معًا، لكن لتصارع الأفكار في ذهنها لم تصل لشيء، نفخت مغمغمة مع نفسها بكلمات متبرمة، في حين تغمد دياب سعادة لا توصف لرحيل الجميع بعد ذلك اليوم المشحون، مضي الكثير ولم يبقَ له فقط إلا لحظات معدودة لينفرد بها أخيرًا، نعم إنها ليلته المنشودة والتي طال انتظاره لها................................... !!
...............................................



Layla Khalid likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 07:11 PM   #538

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الخامس والتسعون (الأخير – الجزء الرابع والأخير):

محتوى مخفي يجب عليك الرد لرؤية النص المخفي

Layla Khalid likes this.

منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 08:23 PM   #539

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Elk

شكرًا جزيلاً على المتابعة والاهتمام
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 70 ( الأعضاء 11 والزوار 59) ‏منال سالم, ‏نزف جروحي, ‏مايا محمد علي, ‏اشراقه حسين, ‏almoucha, ‏الرسول قدوتى, ‏rere87, ‏nada alaa, ‏إدارية, ‏باسم محمد ابراهيم, ‏سديم سديم


منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 16-03-18, 08:56 PM   #540

endesha

? العضوٌ??? » 119466
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » endesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond reputeendesha has a reputation beyond repute
Elk

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

endesha غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:54 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.