آخر 10 مشاركات
مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          لهيب عاشق-قلوب أحلام زائرة- للكاتبة الرائعة::هبة خاطر *كاملة+روابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree71Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-10-17, 08:04 AM   #51

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد مشاهدة المشاركة
يا الهي علي كميه سؤ الفهم الموجوده
يا تري ايه ايلي حصل مع سما وايه ايلي خلاها تسيب حبها ايلي واضح انها لسه منسيتوش
واضح اننا نعيش غموض في الروايه ديه
تسلم ايدك حور بجد
حبيبتي ربنا يخليكي .. اكيد شوي شوي هيبدا حل الامور شكرا ليكي


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-17, 10:46 AM   #52

rontii

مشرفة وكاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء ومحررة واعدة بعمود الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية rontii

? العضوٌ??? » 289729
?  التسِجيلٌ » Feb 2013
? مشَارَ?اتْي » 20,876
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » rontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond reputerontii has a reputation beyond repute
?? ??? ~
ﻻ إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
افتراضي

صباح الفل
اسفة للتعليق المتاخر
الاحداث بدات تدخل في العميق
الصراح بين نسمة و نادر مشتعل بين اثبات قوى و بين غلاسة على الطرف الاخر
سامر زاد الاشتعال بدون سبب معروف للطرفين البت بنت عمه دي غلسه و رخمة و شكلها هتنفخنا بغلاستها دي
ياترى مين اللي شافته نسمه و خلاها تتنفض زي الفار كده
سما و سراج و عماد و يظل السؤال عماد ابن مين في مصر اذا كان مش من جوزها يبقى من مييييين هو سراج كان خطبها يعني مش حوزها او ختى كتب كتاب اوعي تقولي انهم شربوا حاحة اصفرة و الشيطان لعب بدماغهم
على حبيب القلب من جوة مخترم الرواية والله عحبني كلامه للواطي جوز علا
علا بتخطط لاية يا تري استرها يارب
و نختم بادهم و المجنونه يا هل تري ايه السر بتاعها و سبب رفضها للجواز
فصل جميل و اسلوبك سلس و شيق


rontii غير متواجد حالياً  
التوقيع














رد مع اقتباس
قديم 10-10-17, 11:52 AM   #53

ندى المطر

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377861
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,332
?  نُقآطِيْ » ندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond repute
افتراضي

الف مبروك الرواية
متابعة معك عزيزتي


ندى المطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 10-10-17, 12:03 PM   #54

walaa elswesy

? العضوٌ??? » 393827
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 206
?  نُقآطِيْ » walaa elswesy is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

walaa elswesy غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-17, 11:14 PM   #55

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rontii مشاهدة المشاركة
صباح الفل
اسفة للتعليق المتاخر
الاحداث بدات تدخل في العميق
الصراح بين نسمة و نادر مشتعل بين اثبات قوى و بين غلاسة على الطرف الاخر
سامر زاد الاشتعال بدون سبب معروف للطرفين البت بنت عمه دي غلسه و رخمة و شكلها هتنفخنا بغلاستها دي
ياترى مين اللي شافته نسمه و خلاها تتنفض زي الفار كده
سما و سراج و عماد و يظل السؤال عماد ابن مين في مصر اذا كان مش من جوزها يبقى من مييييين هو سراج كان خطبها يعني مش حوزها او ختى كتب كتاب اوعي تقولي انهم شربوا حاحة اصفرة و الشيطان لعب بدماغهم
على حبيب القلب من جوة مخترم الرواية والله عحبني كلامه للواطي جوز علا
علا بتخطط لاية يا تري استرها يارب
و نختم بادهم و المجنونه يا هل تري ايه السر بتاعها و سبب رفضها للجواز
فصل جميل و اسلوبك سلس و شيق
حبيبتي اديش بفرح دايما بردودك ... سامحيني انا على التاخير
سراج ... هيبين حجات كتيرة عنو في الفصل الرابع
نادر ونسمة ههههه دول بقا هتتدرج فيهم الاحداث لحتة بعيدة
علي .. شخصيتو صريحة مقابل تشوش علا
ادهم .. ياترى متى هيعرف السر وايه هيصير بس يعرف ؟؟
اتمنى انو اضل عند حسن ظنكم ويسلمو عتغير الايقونة


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-17, 11:15 PM   #56

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ندى المطر مشاهدة المشاركة
الف مبروك الرواية
متابعة معك عزيزتي
وهاي فرحة كبيرة غاليتي


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 12-10-17, 11:16 PM   #57

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة walaa elswesy مشاهدة المشاركة
شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .
اشكرك غاليتي عدعمك 😍😍


حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-10-17, 03:40 PM   #58

mansou

? العضوٌ??? » 397343
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,018
?  مُ?إني » عند احبابي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » mansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond repute
?? ??? ~
«ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتي، وَأجِبْ دَعْوَتي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي.»
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ...

mansou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-17, 02:28 PM   #59

حور حسين

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 402873
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » حور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond reputeحور حسين has a reputation beyond repute
افتراضي جدران صمت الهوى (الفصل الرابع / القسم الاول )


بصراحة اعذروني انابكون منسقة الفصل بالكامل على الورود وعاملة فواصل بين الكلام وتاركة مسافات بس ما بعرف كل ما باجي انقلو هون بيلغي الفواصل ولهلا ما عرفت من وين المشكلة
جدران صمت الهوى
الفصل الرابع
القسم 1
الاسرار .. خفايا دقيقة نحجزها في نفوسنا فتتغلغل عميقا لتغدو جزء من كينونتنا .. اسرار عشنا تفاصيلها بانفسنا فخبأناها عميقا داخل ارواحنا المكشوفة فيها اما لخوف منها او لخزي بها او لخصوصية فيها .. اسرار عرفناها من اشخاص اخرين فكبتناها لرغبتهم بهذا او لانها تمثل حقيقة لا يجب ان يعرفها احد او لانها غير مهمة لدرجة نسيانها بين طيات الذاكرة ... اسرار رأيناها فمثلت منعطف كبير في حياتنا وغيرت جزء من انفسنا .. واسرار سمعنا عنها فخشيناها حتى باتت كالعقد في دواخلنا المتعبة من هموم ثقلها .. اسرار كالجبال حجما او كالماء سلاسة او كالكهوف ظلمة او كالسماء وضوحا او كالجحيم الما .. انها في النهاية .. امور تبعدنا عن الوضوح المريح ولكنها تؤكد لنا ضرورة الغموض الحذر في مواجهة غابة امتلأت بكل انواع البشر ..
جدران صمت الهوى
__________
( على السادة المسافرين الالتزام بمقاعدهم و ربط الاحزمة استعدادا للاقلاع ان شاء الله بعد خمسة عشر دقيقة من مطار القاهرة الى مطار اسطانبول الدولي .. لذا نرجو من سيادتكم التركيز مع المضيفين والمضيفات الذين سيقدمون لكم اجراءات السلامة ونتمنى لكم رحلة موفقة ممتعة معنا .. انا مساعد كابتن نسمة صقر والطيار الكابتن نادر الشامسي ونشكركم لاختياركم شركتنا )
انهت نسمة الاعلان المطلوب منها بصوت شارد محاولة تركيز تفكيرها بما تقوم به بصعوبة .. نظرت حولها الى العدادات ولكنها لم تتمكن من استيعاب ما هو امامها وروحها تنغلق غارقة في دوامة سوداء كادت تجذبها الى ايام حاولت تناسيها وازالتها من حياتها الا انها عادت تطفو بقوة على سطح مخيلتها .. لحظة شعرت بها بالسواد يغلفها قبل ان تسمع صوت نادر القاسي ( مساعد طيار نسمة .. لو بقيت بهذا الشرود خلال دقائق ساطالب بتغير مكانك متعللا بمرضك لاني لست مستعدا ان ابقي الطائرة تحت ايدي امراة غارقة بالبؤس او التفكير .. والان .. ما قولك )
التفتت اليه وحروفه تتشكل في ذهنها بصعوبة لتظهر صورة ملامحه الثلجية بعينيه اللامعتان كما الذهب الاسود ببريق مخيف خاطف جعلها تنتفض كاسرة تلك القوقعة التي ابتدأت تحيط بها وحقيقة اخرى تظهر امامها .. لقد كان معها للتو وراى ماحدث ومع ذلك .. هو لم يسال .. لم يهتم .. وحتى لم يتعاطف او يواسيها .. فقط القى تحية مجردة للطيار ثم جذبها من جمودها خلفه بيده التي تشبثت بمسكة يدها عليها دون حتى ان ينتظر ردة فعل من امامه وفي ثوان وجدت نفسها تخطو في الممر الخاص بالطائرة مستعينة بيده التي استمرت بجذبها محركة اياها حتى وصلو الى باب الطائرة .. وهناك تركها ببرود واتجه الى الكابينة جالسا فيها ليمارس عمله وكان شيئا لم يكن .. عندما تبعته لم تعلم مالذي عليها ان تقوله وقد بدأت تدرك انها استعانت فيه واستندت عليه والتجأت اليه و .. احتمت به ... اجل .. في تلك اللحظات الحرجة بدا لها انه امانها الذي اختفت خلفه لتستمد قوتها في مواجهة ظلال هزيمتها ورعبها .. وكان موجود بالفعل ليقف كالسد امام كل مخاوفها ولكن .. هي لم ترغب ان يسالها او ان يستفسر عما جرى لها الا ان جزء ضئيل تمرد في لهفة لاهتمامه بامرها و بالمها .. لهفة اصطدمت بقسوة اهماله ولامبالاته لها لدرجة ان يتحداها الان بتركها كل شيء ان بقيت هكذا .. انه بالفعل يستخصر بها لحظات تتمالك فيها نفسها وتستعيد اعصابها ومع ذلك عاملها كانها امراة فولاذية .. عقدت حاجبيها بتشوش لغموض احاسيسها .. اليست هذا ما تريده .. ان تكون امراة فولاذية .. رمشت عيناه لتكسر تواصلها معه بقوة منقذة اياها من الغرق اكثر في دوامة تخبطاتها فزفرت انفاسها التي استوعبت انها كانت تحجزها بلاحول منها .. لم تكن قادرة على الرد او على استحضار شراستها التي بدأت تشعر بها مع بروده الجارح ولكنها تفاجأت بقوله بهدوء تمازج مع لمحة غموض حنونة ( مارايك ان تذهبي لتشربي القليل من الماء وتاكلي شيئا به سكر سيشعرك بالنشاط ريثما اهيء الطائرة للاقلاع ولتفكري جديا بخيار انسحابك ان كنت تشعرين انك لست بخير )
بحروف وكلمات القاها من علياء برجها المشيد لتصطدم بارض واقعها المتماثل به تاركا اياها تتخبط بين حنانه الغريب عليها وقسوته المشعلة لها .. نظرته جعلتها تقف وتستاذن بخنوع غريب عنها وتمتثل بطلبه بضعف انثى هاربة .. وجدت نفسها تقف في المطبخ لاهثة امام سامر الذي انتبه لوجودها مع انشغاله بالتحضير للاقلاع فسالها بلهفة ( نسمة .. هل هناك ما تريدنه .. هل انت بخير .. مابك اتشعرين بالغثيان .. وجهك اصفر .. هل تحبين ان تجلسي .. ربما لا يجب ان تقلعي معنا ان كنت متعبة .. ام انه هو .. هل لحق ان يسود مزاجك ويوبخك)
اضاف الجملة الاخيرة بغضب .. ناظرا اليها بفضول ومنتظرا ردها .. تراكم اسئلته امامها في ردة فعله الطبيعية الانسانية جعلتها تبتسم ضاحكة بارتجاف وقد هربت بعينيها .. وحركت راسها بالرفض قائلة بخفوت وعقلها يقارن بين نادر وسامر ( انا بخير .. فقط يبدو ان ضغطي قد انخفض او سكري قد احترق لذا اريد كاس ماء وقطعة شيكولاته ان امكن )
تحرك سامر امامها بشكل فوري ليلبي طلبها دون ان يمنع حنقها المترسب على روحها الحمقاء .. لما اثرت بها ردة فعل نادر الثلجية حتى كادت تبكي في احضانه من الخوف و الالم عندما شعرت بلمحة حنانه ومشاركته بينما عرض عليها سامر بسخاء كلمات دعمه فما ارادت سوى ان تخفي ضعفها امامه لتعود لقوتها .. عادت روحها لتنتفض بتمرد غاضب على ما يفعله نادر بها كاسرة بذلك لحظة ضعفها التي اغرقتها بماضي يجب ان يبقى مدفونا فالتفتت لتتجه الى الكابينة وكلها عزم ان تشكره لوقوفه الى جانبها دون ان تفسر اي شيء فقط بطريقة رسمية ستتكلم .. خطت خطوتين فاستوقفها صوت سامر الحنون قائلا ( اجل .. لا تضعفي امام اي تحدي يا نسمة فانت اقوى من ان تستسلمي .. وتذكري بان هناك الكثير ممن يضع المستحيلات امام الارواح المتوثبة فاما ان تقفز متخطية اياها لتصل الى غايتها او ان تحجز بين قضبان خسارتها وهذا .. سيسبب موتها بعنف وقسوة ... ثم .. ) وصمت مقتربا منها لينحني نحوها ممسكا بكفها بعد ان لفها عليه بلطف وعيناه تقابلان عيناها بتصميم ( تذكري بان فرصتك في تحقيق حلمك اعظم من فرصة طفل عانى في طفولته من مرض عدم المقدرة على القراءة ( ديسلكسيا disleksia ) والجميع اخبره بانه لن يكمل تعليمه ولن ينجح وسيبقى جاهلا الا انه راى حلما وسعى الى تحقيقه ليصبح الان رئيس المضيفين في فريق النخبة )
لمعت عيناها وهي تدرك معنى كلامته التي رافقت ابتسامته الواثقة لتجد نفسها تبتسم له ومنظره كطفل متخبط يشعل قلبها لتزداد ابتسامتها اتساعا منقلبة الى ضحكة رقيقة وسامر يضيف بخبث ( بالطبع ليلى الى الان تكذبني وتدعي بان تفوقي عليها في العلامات عندما كنت في مثل سنها نابع من عبقريتي وانه من المستحيل ان اكون قد عانيت من هذا المرض .. يعني تحاول اتخاذ هذا كحجة امام غضب والدتي على علاماتها المتدنية .. والان هيا اذهبي اليه ودوسي على ذيله لياتي هو مزمجرا بالم لا انت وهكذا ساستقبله انا بدلو ثلج يكمل فقدانه لاعصابه في هجوم مزدوج بيننا )
رفع يده مربتا بلطف على ذراعها وضحكته ترتد كصدى لضحكتها وهو يدفعها امامه الى الكابينة لتدخلها ضاحكة وقد التفتت اليه اثناء اقفالها الباب لتشهق بضحكتها المكتومة مع حركته وهو يدوس بقدمه على الارض ويكشر بوجهه ويداه في زمجرة تمثيلية لعلامة الهجوم المزدوج ... ضحكة خبت ما ان رات ملامح نادر الخطيرة التي تراقبها وصوته يبعث البرودة في جسدها ( بما انك تبدين افضل اذن لتقومي بواجبك المتاخر وكفي عن اللهو اللامسؤول ولتبدأي بمخاطبة برج المراقبة ليعطيكي الاحداثيات )
حسنا .. هل كانت حقا تنوي ان تشكر هذا الشخص .. فليذهب هو واسلوبه وقسوته الى المحيط فلن ينال منها شكرا ولو على جثتها فهي لا تدين له بشيء .. تقدمت ببطء مثلج جالسة بثقة على مقعدها وقد تعمدت تجاهلها الكامل له رغم شعورها بعينيه المصوبة والمنتظرة نحوها .. ابتدأت بمنحه الاحداثيات بصوت عملي بعيد كل البعد عما كان صوتها قبل مغادرتها للكابينة .. لم تعلم حقا بما يفكر نادر ولكنها كانت واثقة بانها بتجاهلها ردت له صاعه صاعين وجعلته يشرب من نفس الكاس الذي اسقاها اياه لذا .. لذة منتصرة سرت في روحها تسببت بسعادة وقوة شبعت كيانها وازالت كل اثار ما حدث لها منسية اياها ذلك الشخص الذي اعادته لاعماق نفسها مغلقة عليه صندوق ذكرياتها الاسود .
مرت ساعة على اقلاع الطائرة وكل من نسمة ونادر يتشاغلان بمتابعة ومراقبة الاجهزة والاحداثات والتحكم بقيادة الطائرة متجنبين اي حديث بينهما لا يدور حول العمل ومتطلباته .. وهذا ما كان يثير في نادر شعور بالحنق رغم محاولاته الفولاذية لاخفاء هذا الاحساس خاصة عنها .. لم يدرك الى الان لما استفزه ما قامت به وكيف تاثرت بمجرد رؤيتها لسامر وحديثها معه .. لقد ادرك بحدسه انها تعاني منذ اللحظة التي تمسكت به فيها في لمحة نادرة لضعفها الانثوي الذي اشعل رجولته باستجابة فورية بكل كينونته ليحتوي استنجادها به فتعامل مع ذلك الطيار بتجاهل متملك موصلا اياها لبر امانها وحلمها .. كبت فضوله ورغبته بسؤالها وحنقه لاستسلامها المذعور امام ذلك الرجل ومع ذلك لم يرغب ان يحرجها وما جرى يعكس ضعفها الذي خجلت منه على ما يبدو لذا قسى عليها ليخرج المراة الفولاذية وقد نجح واخيرا باستثارة تحديها ولكنه اهتز من نظرتها له لذا ضعف وطالبها ان تبتعد عنه لتلعق جراحها وحيدة دون ان تخجل منه .. وماذا كانت النتيجة .. توافق تام مع سامر الذي اضحكها واعادها مشرقة قوية تجبرت عليه وتركته يحترق بفضوله دون كلمة شكر .. وبما انها لا تهتم .. هو الاخر لن يهتم خاصة ان اجراس الخطر ابتدأت تقرع في عقله من ناحيتها مع تلك المشاعر المتذبذبة التي تستثيرها به محطمة بذلك جموده الفوري اثناء تعامله مع اي امرأة اخرى .. انتشله من تفكيره صوت جلبة من خارج الكابينة جعله ينظر اليها وعيناها ترددان تساؤله .. وقفت بسرعة متمتمة ( ساستطلع الامر )
اوقفتها يده بامتناع ليقف بدوره وتنبئ بالمصيبة يسبقه مع احساسه الكامل بالمسؤولية ( ابقي هنا ..لتتابعي العدادات ريثما ارى انا مالذي حدث )
راى ثورة اعتراض في عينيها قمعتها امام صلابة عيناه ممتثلة لطلبه .. خطى الى خارج الكابينة ليفاجئ بصوت سامر المرتفع والمتشابك مع صوت رجولي اخر صاحبه صوت نحيب انثوي .. تقدم بسرعة ليجد سامر يقف امام احد الركاب والذي بدا كرجل في منتصف الاربعينات يرتدي بذلة منمقة بشكل مبالغ به ويرتسم على ملامحه غرور وصفاقة وقحة وصوته الخشن يصدح بغرور مكابر ( انا سارفع على شركتكم دعوى قضائية لتشهيرك وتعديك اللفظي والتهديدي علي )
اجابه سامر بصوت متأجج بالغضب الجنوني مشيرا الى المضيفة الباكية ( وماذا تسمي تعديك وتحرشك بها وملامستك المتعمدة لقدمها .. ام انك تعتبر ان الخدمة في الطائرة مصحوبة بارضاء ميولك الانحرافية )
احتقن وجه الرجل مجيبا ( انا لا اسمح لك .. انت تهينني وهي من تحرشت بي في البدء وقامت بحركاتها المغرية والان تعلن انه لم يكن بمزاجها فقط لتورطني بفضيحة .. انا ساجعل الشركة كلها تدفع الثمن )
علا نحيب المضيفة وهي تحلف بالله بانه كاذب وبانها لم تتعرض له .. تقدم نادر ببطء مشيرا لرجال الامن ان يبقو بالحياد كما هم وقد فهم الموقف كاملا ووضع خطته للتصرف .. راه سامر وفتح فمه ليتكلم الا ان اشارة من كف نادر اوقفته وقد صاحبها نظرة تحذيرة وهزة من راسه افهمته بضرورة تراجعه وانسحابه وتركه الامر له فتقهقر واقفا بعيدا للخلف ومفسحا المجال لتقدم نادر .. تعالى صوت المضيفة الشاهق وهي تتلعثم بحروفها ( كابتن نادر .. اقسم بالله انه كاذب .. هو من لمسني وتعدى علي لذا دفعته وضربت وجهه .. انا لم .. )
قاطعها نادر بعد ان رفع كفه مرة اخرى قائلا بصرامة مخيفة اوقفت جميع الهمهمات المنبعثة من المسافرين والكل يتابع ما يجري ( هناء .. توقفي عن الكلام الان ..) واشار اليها لتتراجع خلفه قبل ان يرفع راسه للمسافر المستعد للهجوم مبتسما بشكل دبلوماسي وقد مد يده مصافحا وهو يقول( اعذرني سيدي .. اعرفك عن نفسي .. انا الكابتن نادر الشامسي الذي اقود الطائرة .. يبدو انه حدث سوء تفاهم بينك وبين فريق العمل لدي مما ادى لحدوث اشتباك انا لا اؤيده بتاتا .. هل يمكنك ان تخبرني مالذي ضايقك ؟)
اعتلت الدهشة وجه المسافر قبل ان يتدارك نفسه مبتسما بغرور وقد انتقل بعيناه لينظر الى سامر الواقف في الخلف وقد وقفت بجانبه نسمة التي لم تتمكن من البقاء في الكاببنة وقال بصوت مستفز متحدي شامت وهو يشير باهانة باتجاه هناء الباكية ( لقد جاءت هذه المراة لتقدم لي العصير في البدء باسلوبها وكلماتها المغرية وقد تعمدت الايحاء لي بحركاتها المعبرة عن اعجابها بي ولم تكتفي بذلك بل انحنت امامي مظهرة مفاتنها وعندما جلبت وجبة الغذاء انحنت علي ملامسة اياي فلامستها باستجابة لحركاتها ولكنها انتفضت واخذت تصرخ بتمثيل للحشمة وقد ضربتني على وجهي ولم تكتفي بذلك بل تمادى الامر وهي تستدعي ذلك الحقير الذي اخذ يوبخني ويتهمني بالتحرش كما رفع صوته علي لذا ساشكوه للشركة العاملة وساطالبكم بتعويض كبير )
ابتسم نادر بهدوء مربتا على كتف المسافر قائلا بصوت امتلأت لهجته بنبرة الاعتذار ( لا باس يا سيدي صدقا انا اعتذر نيابة عن كل طاقمي بسبب ما حدث وما طالك منا من اذى او تطاول وارجو ان يكون اعتذاري كافي لكي تتنازل عن حقك علينا كشركة وحتى انا مستعد لكل ما تطالبنا به لتعويضك عن رفع اصواتنا عليك )
كادت نسمة ان تنفجر وهي تسمع لهجة نادر المعتذرة وترى ضحكة ذلك الرجل الحقيرة ودموع مضيفة الطيران التي تعرضت للتحرش فحاولت التقدم وقد فهمت كل ما جرى وارادت الوقوف في وجه ظلم نادر لهناء الا ان يد سامر منعتها وصوته الهامس يقول مع ارتسام ابتسامة الترقب المشاكسة على ملامحه ( انتظري .. لا تفعلي شيئا )
استغربت نسمة ما يحدث خاصة ومنظر سامر يدل على الانتصار وللحظة كادت تصرخ بالجميع بغضب جنوني وهي تسمع تمتمات المسافرين الموافقة والمستهجنة وترى ذلك الرجل وهو ينفخ اوداجه ويقول بابتسامة شامتة رمق فيها كل طاقم الطيران الواقف امامه ( اتعلم .. انك رجل تفهم في الاصول .. كنت انوي ان ارفع قضية تعويض على شركتكم بسبب التشهير الذي قمتم به وسوء المعاملة الذي تعرضت له ولكن .. ان يعتذر لي قائد الطائرة بنفسه بهذا الشكل امام الجميع يجعلني اتسامح فيبدو انك رجل حقيقي تعلم كيف هن النساء مثلها يعرضن اجسادهن بحقارة ...كنت بالتاكيد ساطلبك لتشهد في صفي بما انك تبدو صاحب خبرة بالتعامل مع امثالهن من المخادعات الذين يظنون انهم سيجبرونا على تقبلهم بهذه المناصب بعيدا عن المنزل واعبائه وبهذه الملابس الخليعة يودون لو يوقعو رجالا ليتزوجهم )
حرك نادر راسه بالموافقة ونحيب المضيفة يرتفع اكثر وهو يقول ( اذن انت اسقط حقك على الشركة واعتبرت اعتذاري كافيا ..ولم يعد علو صوت المضيف عليك يشكل اهانة لك ) ولما اعلن الرجل موافقته بشكل متفاخر وتسامحه الممتن لسامر معللا الامر بفورة الشباب الهوجاء وبانهم ليسو مثلهم اصحاب خبرات اضاف نادر وابتسامته تتسع بمكر ويده تشير الى الاعلى مضيفا ( بصراحة يا سيدي انا ساشهد في القضية .. ساشهد بالكامل وساصطحب معي الفديوهات التي تثبت تورطك وانت تتحرش في المضيفة وتلمسها مما تسبب بردة فعلها الهجومية عليك بدفاع مشروع عن نفسها حيث مالا تعلمه بانه في الاونة الاخيرة تم اضافة كاميرات بجميع انحناء الطائرات منعا للاعمال الارهابية .. وبما انك تنازلت عن حقك وقبلت الاعتذار على رفعنا صوتنا عليك الا انها هي لن تقبل التعويض او التنازل عن القضية التي سنرفعها باسم طاقمنا ونتهمك بها بالتحرش الجنسي لها مما تسبب بضربها لك .. اه ربما لا تعلم ولكن وفقا للقانون الدولي للطيران فان اي احتكاك غير ضروري بالمضيفات يضعك تحت المساءلة القانونية العسيرة ... كما ان ما قامت به هو في صلب عملها حيث يطلب منها الابتسام وتقديم طلبات المسافرين بلطف فهذا عملها .. والان ما رايك يا سيدي هل هناك ما تحب ان تقوله )
امتقع وجه الرجل بعد ان ساد صمت كامل والجميع ينظر بانبهار لنادر الذي رفع حاجبيه بتساؤل مستفز للمسافر مشيرا له ان يجلس في مكانه والتفت ينوي المغادرة في نفس اللحظة التي امسك المسافر يده باضطراب قائلا بهمس ذليل ( انت لا تعني ما تقوله .. كيف ترفع دعوة علي .. هي من بدات .. الم توافقني للتو )
رفع نادر كتفيه بلامبالاة مجيبا ( كلا لم اوافقك على اتهامك لها انا فقط اعترفت بخطأ تعامل رئيس المضيفين معك وصراخه عليك وهو ما لم يكن عليه التصرف هكذا لان الامر يخص هناء لترفع عليك القضية التي ستذهب بك الى السجن لا محالة .. ان كنت واثقا بانها هي من اغوتك فحظا موفقا في تقديم هذه الادلة للمحاكمة )
تجمد المسافر وقد ارتسم على وجهه الذعر فهتف بسرعة ذليلة حانقة ( مالمطلوب مني لتتنازل هذه المراة عن القضية فانا بغنى عن انتشار هذه الاشاعات التي ستضر بمركزي وزواجي )
ضيق نادر عيناه محدقا بقسوة في المسافر قبل التفاته لهناء متسائلا ( ما رايك سيدة هناء .. هل تحبين ان تتنازلي عن القضية مقابل اعتذاره لك عن كل ما قام به امامنا جميعا ام انك مصرة على القضية )
اجابته هناء ونظراتها الحانقة الغاضبة تشيع المسافر بحقد ( لاجل خاطرك كابتن نادر ساتنازل الان مقابل اعتذاره بخنوع لي عن كل ما سببه بحقارته كما عليه ان يتعهد بالا يكررها لاي امراة اخرى )
عاد الصمت ليعم المكان وانظار نادر تعود الى المسافر بتساؤل عن قراره الذي سيتخذه وقد ظهر عليه الذل وهو يتقدم باتجاه هناء ليقف امامها مطأطئ الراس قائلا بصوت ارتعش قهرا ( اعتذر عما بدر مني من تجريح وتلامس لم اكن اقصده )
كانت كلماته المتلعثمة هي افضل ما قد يحصلون عليه منه حتى ونادر يشعر بانه لم يكتفي بهذا الا انه اثر الصمت خاصة بعدما تراجعت هناء محركة راسها بالموافقة قبل اختفائها في المكان المخصص للمضيفين .. مما جعل نادر يرفع راسه مبتسما بدبلوماسية للمسافرين قائلا بصوته الجهوري ( وهنا اعتقد ان الموقف قد انتهى وصدقا اعتذر من حضراتكم بسبب الازعاج الذي تسببنا به لسيادتكم واعدكم بان لا يتكرر هذا باذن الله وكي اؤكد نيتي الصادقة سيتم تقديم وجبة حلوى وعصائر اضافية على شرفي كعربون اعتذار مني لكم ) ثم ربت على كتف المسافر منحنيا عليه هامسا بقوة مخيفة ( اتمنى ان يكون هذا درسك كي تحترم بنات وطنك مرة اخرى ففي المرة القادمة قد لا تجد من تتسامح وتتنازل مثل هناء .. فلتجلس مكانك الان بهدوء )
التفت نادر بسرعة للخلف فاشتعلت عيناه بغضب بعدما وقعت على نسمة وسامر الواقفين قريبا من الكابينة .. اشار للمضيفات ليبدأو بتقديم العصير والحلوى ثم اشار لسامر ونسمة كي يتبعوه وما كادو ان يدخلو الى الكابينة حتى اغلق الباب بعنف والتفت منفجرا بغضب بوجه نسمة ( كيف تتركين الكابينة بلا اشراف .. هل جننت .. اهذه هي الثقة التي منحتك اياها .. هل اعجبك المنظر للتو فنسيت نفسك )
تلعثمت نسمة مدركة خطأها ( انا .. لم اقصد .. لقد كنت اتابع الكابينة بالتناوب ولم اتركها الا دقيقتين وكنت متاكدة من احداثيات الطيار الالي بصراحة لم .. استطع ان .. امنع نفسي من رؤية طريقة تصرفك .. كي .. اتعلم )
صفق نادر بسخرية مريرة ( اجل بالطبع ساصدق انك حسنة النية تودين التعلم .. حسنا .. ارجو ان تكوني قد استفدتي شيئا في النهاية )
رفررفت بعينيها مصدومة من حدته وما كادت تستوعب كلماته لترد عليه حتى راته يشير اليها لتجلس على مقعدها بصمت قبل ان يتجاهلها بالكامل مثبتا عينيه على سامر الذي اخفض راسه بخجل وصوت نادر يجلده ببرودته ( هل هذا ما تعلمته في الكلية .. انت تعلم جيدا ان اخر شيء يسمح لك هو ان تنجرف وراء عواطفك وغضبك وانه مهما حدث من الركاب فانت يجب ان تحتمل بابتسامة وتحاول معالجة الموقف بهدوء واناة وحكمة .. ولكن .. بتهورك جعلته يمسك ورقة ضغط عليك ويجبرنا على الاعتذار له وهو لا يستحق حتى ان نبصق عليه هذا غير انك ازعجت كل المسافرين ومنحتهم ما يتكلمون عنه طويلا عن شركتنا .. ما دفاعك عما حدث ؟ تكلم )
عم الصمت المكان دون ان يقطعه سوى صوت انفاس متمازجة ما بين حانقة ونادمة ومذهولة لتتفاجأ نسمة بشكل اكبر مع صوت سامر المشبع بالندم ( معك حق .. لا يوجد اي دفاع يمكنني تقديمه فلقد تهورت بجنون وتصرفت بعنجهية .. اعتذر من كل قلبي عن هذا الخطا وانا جاهز لتقبل اي عقاب واشكرك عميقا لتدخلك وامتصاصك لغضب المسافر مني وتحملك مسؤولية افعالي بشجاعة )
انهى سامر كلامه بثقة رافعا راسه ونظرة الامتنان ترسم ملامحه التي قابلتها ملامح نادر المسترخية بعد العاصفة الغاضبة وحركة راسه الموافقة تثبت اعتدال مزاجه بطريقة جعلت نسمة تعود لانفجارها ( لماذا تعاتبه هكذا .. هل كنت تنتظر ان يتواقح هذا المسافر بطريقة اكثر جرأة كي يرتاح الجميع وتتهم الضحية بانها المغوية خاصة وانه لا يوجد اي كاميرات كما تدعون لتثبت بالدليل تحرشه )
عقد نادر حاجبيه والغضب يعود له لتهورها وفتح فمه ليذيقها رد سيكون وبال عليها الا ان سامر سبقه بهدوء لطيف ( بل على العكس .. كان يمكنني ان اوقف كل هذه المهزلة باستدعاء الراكب الى منطقة المضيفين بكل هدوء باي حجة وما ان يصل اليها حتى امنحه كمادة ثلجية لخده الذي تلقى الصفعة مع كلمات تهديدية بنبرة لطيفة حازمة ومخيفة اذكره فيها بقانون التحرش وبوجود كاميرات تثبت فعلته حتى وان كان هذه كذبة نعرفها فقط نحن اما غيرنا فمن الممكن ان يصدقها وهكذا كنت لاجنب هناء والشركة كل هذه الفضيحة .. فنحن هنا نتعامل باسم الشركة اما خطأي لاني نقلت الصراع للنقطة الشخصية وهكذا اهنت نفسي والشركة واجبرت الكابتن على الاعتذار )
كلماته جعلت نسمة تنصدم وهي تدرك مرة تلو المرة ما يحدث لها بسبب تهورها وكيف ينعدم تفكيرها عندما يتعلق الامر بنادر وهذا ما ينافي رغبتها بتحقيق حلمها .. رأت نادر يربت على كتف سامر بهدوء داعم وبحركة هادئة من راسه صرفه من الكابينة وجلس الى جانبها ليتولى القيادة منها .. لم تلتفت اليه ولم تسعى لتتحدث معه بل غرقت بتشوشها وهي تراجع تصرفاتها .. للحظة احست باختناق وبلسعة دموع في عينيها لم تذقها منذ زمن لذا استأذنت بشكل سريع ذاهبة الى الحمام... نظرت الى انعكاس صورتها في المراة بصدمة قفزت من قعر عينيها البنيتي اللون
شاعرة بانطفاء لمعة نظرتها الحماسية ... هل يعقل انه على حق ...هل هي لن تكون قديرة كالرجال لتستلم منصب القيادة لانجرارها لانفعالاتها الحمقاء .. شعورها باختلافها وغرورها الذي ابى عليها تقبل أخطائها السابقة في رحلاتهم وجعلها الامر موجه لشخصها وكأن رفض نادر للنساء يعود لها لا لمبدأ اعتنقه في حياته بعيدا عنها .. قاعدة صرح لها بها من اول يوم اعلن فيه تحديه لانوثتها مما عكس روحها المقاتلة امامه فاصبحت وكانها بحرب معه ... رات امام عينيها ما حدث معها وكيف تدارك اخطائها ومع ذلك لم تشكره بينما للتو كيف فعل مع سامر ايضا وتعامل بروعة وحس تام بالمسؤولية وعندما وبخه لخطأه بعنف تقبل سامر التوبيخ والتقريع مستنبطا خطأه ومتعلما بشكل فوري وبلا عناد من نادر كيف يتعامل بالمنطق باحترافية بما يناسب العمل .. هل حقا كان صادقا عندما نببها من فداحة ما تقوم به بحقها وبحق انوثتها وكيف تحاول كبت هوية عواطفها والتحكم بها.. كما بحق المسافرين باصرارها على التهور و التسرع بارتكاب الاخطاء.. ربما ان الاوان لتتنازل عن عليائها وتعترف ... لقد كان صبورا معها بما يكفي لترى امامها بوضوح .. نادر ليس هو سبب حزنها وانكسارها واخطائها المتكررة انما حقيقة واحدة هدت روحها... انها هي من حولت كل ما حدث لشخصها وادخلت العواطف بعملها متناسية برودها الشهير الذي كان دوما حليفها لتتخذ القرارات الصائبة و العملية .. هي من تأثرت برجولة نادر المستفزة لانوثتها النائمة في تحد استجابت له بحمق دون ان تتعلم مما حدث لها في الماضي عندما استجابت اخر مرة لهذه الانوثة فدفعت الثمن غاليا جدا .. احنت راسها لتغسل وجهها وقد ادركت بذهول انها كانت تغرق بدوامة مخيفة آن لها ان تستيقظ منها والا فنادر معه كل الحق ليرفض تعينها كطيار فهي لن تستحق حلمها ان بقيت بسخافتها هذه .. تنهدت بعزم متألم وتلك الحقائق تنتصب امام عينيها بقسوة ممتصة كل سعادة او حزن شعرت به في الايام السابقة وتاركة اياها بخواء بلا احساس او مشاعر.. كآلة تمشي بنفق طويل بأخره قبس نور يتمثل به حلمها .. هذه هي حياتها فلا يجب ان تنسى ... خرجت متجهة الى الكابينة وكلها عزم للتغير وقد خلت نظراتها من الحياة .. راها نادر فور دخولها ليصدم من خواء تقاسيمها وعتمة روحها المنبثقة من عينيها .. علم ان شيئا قد حدث فغيرها ولكنه لم يعلم ماهو الا انه شعر بانكسار غريب فيها المه .. اراد ان يهزها ليكسر نظرتها المعتمة فسألها بتحدي ( اتمنى ان تكوني قد ادركتي خطأك .. ربما ما حدث يريك الفرق بيننا كرجال وبينكم كاناث متهورين )
انهى كلامه وقد لاحظ انقباض اصابعها بقوة ظاهرة لتتماسك امامه .. رفعت راسها متسائلة بهدوء صريح صدمه ( رفضك للانثى هل يعود لشخصي ولايمانك بفشلي كانسانة لاتولى منصب كابتن وعدم اهليتي له .. ام لانك ترى بعينيك فشلنا بشكل عام كاناث وتتعامل مع الامر كمبدأ تؤمن به وتعممه فلا يتعلق الامر بكفاءتي )
واجهته بهدوئها ورغبتها المجردة لتقفل في نفسها كل تحدي قد يسبب جنونها مستقبلا ولتفهمه فتتمكن من التعامل معه والتعلم منه .. علمت انها تجاوزت الحدود معه بصراحتها الا انها كانت محتاجة ان تتاكد وتسمع رايه في النهاية لتمضي قدما وتعود لذاتها القديمة... واجهها صمته الذي ظنت انه لن يقطعه .. وبانه سيتجاهل سؤالها كما يفعل كثيرا .. ادارت راسها الى النافذة بقلب هفا الى السماء شوقا وتعبد بين الغيوم المتناثرة روعة .. سمعت همسته وكانها قادمة من وسط هذا السكون المهيب حولهما في زرقته اللامتناهية ( بل على العكس .. لانه انت فلقد صبرت الى الان عليك .. اتذكرين يوم قابلتك نسمة .. كنت انوي بالفعل ان انهي الامر بشكل فوري من اول رحلة واني والله لقادر على هذا )
لم تعلم بما تجيبه وهو يقدم لها تنازلا مصحوبا بطعم التهديد وما توصلت اليه يتحقق .. اتسعد من كلماته لاستثنائه لها ام تغضب من غروره .. فتحت فمها لتعقب على كلامه ملتفتة عليه كما اعتادت التهور الا انها تذكرت عهدها لتتاكد من خطأ ما كانت تنوي عندما رات ابتسامته المتلهفة التي زينت ملامحه وهو يراقبها منتظرا .. هزت راسها بتساؤل لم تنطقه فالتمعت عيناه على اثره خاطفة ضربة مدوية من قلبها وهو يجيب (انا هنا لا اهددك نسمة فلا تسيئ الظن بكلماتي .. ولكن اردت ان اثبت لك تميزك الذي اظهرته في اول رحلة مما جعلني ... ) وتنهد صامتا قبل ان يحسم امره ويكمل ( اهتز ... تلك القناعات التي لازلت اؤمن بها جعلتني ارى كم تفرضين على نفسك من روابط لتحققي حلمك .. وانا اعلم قوة الحلم في النفس البشرية .. اعلم اني لست ظالما ايضا.. انت ..).. عاد ليزفر انفاسه قبل ان يعود الى سلاح صمته شاعرا انه كشف نفسه بشكل اكبر امامها مما وتره .. شرد امامه في السماء الشاسعة ورغبة عميقة اخرى تتولد بداخله .. اراد للمرة الاولى ان يوضح تفكيره لغيره .. لم هي .. لم يعلم .. استمع مرة اخرى لقلبه قائلا ( كنت مثالا رائعا للانضباط والتحكم .. كشخص نسمة فانت تملكين العديد من المؤهلات التي ترقى بك عاليا جدا ولكن .. )
عقد حاجبيه غير قادر على التعبير الا انها تفاجئ بجوابها ( انت ترى انني افقد انوثتي وجمال مشاعري في خضم تحقيق حلمي واقتحام مجال يعد للرجال السطوة فيه )
فاجأه جوابها الذي عبر عما بداخله بكل وضوح .. سمع من بين حروفها استنجادها الانثوي الباحث عن الطمأنينة الا انه اراد ان يزلزلها ليكشف تلك القشرة الواهية التي تحيط نفسها بها ( رجولتي تعشق ذلك الجانب الهش في الانثى .. الجانب المشبع بالعواطف والذي تفيض به لتغرق ارواح الرجال بعشقها وجموحها وانفعالاتها .. انها الانثى من تذهب عقولنا برقتها وضعفها .. عندما تفقد هذا اللين والكينونة التي تثير كل مكامن الرجولة وتظهرها فينا فستختفي عندها تلك المعالم .. انتن من تجعللنا ابطال .. من تجعللننا ننجح ونتميز .. انهن انتن من من اجلكن نحترق شجاعة واقداما ونتزين بتحكم عقولنا ...الم تسمعي المثل القائل .. وراء كل رجل عظيم امراة ؟ ...عندما اجد نفسي افقد كل هذا امامك .. افقد احتياج الانثى للرجل باستقلاليتك .. اجد اني .. )
وصمت مغمضا عينيه ليجبر نفسه على البوح بما لم يعتقد انه سيقوله بيوم الا انه تفاجئ بها تهمس ( ولكني اريد هذا .. اريد الا احتاج لرجل في حياتي .. لاداعي لخوفك فانا استثناء وان كنت احسد كل النساء على حاجتها للرجل .. تلك الحاجة التي تجبرها على اظهار انوثتها امام الرجل الذي يدك حصون روحها .. في حياتي .. اصبحت لا ارى سوى شيء واحد .. ذلك الجمود الذي يغزوني لا يتحطم الا امام حقيقة واحدة ... حلمي .. فقط حلمي )
كلماتها جردت حقيقتها امامه ليفهم بشكل واضح اولوياتها .. انها بصراحة ترفض اهتمامه الوهمي بها .. ابتسم بسخرية ونفسه تعلن خسارته جولة في نزاله معها مجيبا اياها بقناعة ايمانه ( فلتلحقي يا نسمة بحلمك كما تردين متناسية العديد من الحقائق بحياتك .. حتى ياتي ذلك اليوم الذي ستحققين حلمك فيه ولكنك ستنظرين الى الخلف لتري كم الخسائر التي اوقعتها بسعيك اللامسؤول ولا ممنهج وراء ما تريدين .. على الانسان ان يوازن بين احتياجاته ورغباته ووقائعه وانتي .. تحاولين الامساك بكل شيء بهدف تحقيق رغباتك دون ان تهتمي على من قد تدوسين في سبيل تحقيقها بانانية .. لذا .. عندما ياتي ذلك اليوم الذي ستندمين فيه وانتي تراجعين اندفاعك ستتذكرين وقتها كلامي .. ليس كل السعادة تكمن في الحلم .. فهناك سعادة لطيفة نلمسها بواقعنا وهي الرضا بقضاء الله لنا والقناعة بما نملكه والحمد لما نحصل عليه .. ساكون سعيدا وانا اراقب تخبطاتك وحصولك على الحلم ثم سقوطك في بئر عدم الرضا فهذا وحده سيؤكد مبدئي )
كانت كلماته قاسية بعنف اخافها الا ان عنادها ابى عليها ان تفكر فيها خاصة في حالة الخواء التي تشعر بها .. اجابته بكل برود عملي ( لكل انسان مقدرة على موازنة حياته وانا .. حياتي حلمي .. لذا .. لن اندم )
كانت هذه الكلمات هي اخر ما تبادلاه من حديث رسمي ساد الاجواء بينهما .. وكأن حاجز غير مرئي انتصب في المنتصف يراقبهما ضاحكا على عنادهما .. انتهت رحلة الذهاب بنفس الاجواء وتلتها رحلة الاياب الى القاهرة بعد ان تم اعادة تجهيز الطائرة وصعود الركاب عليها .. لم يحاول نادر الخوض باي حديث مع نسمة واكتفى بالاجابة على اسئلتها كما اكتفت هي بالقيام بواجباتها على اكمل وجه ولما قاربت الطائرة على الوصول وقفت نسمة لتذهب الى المطبخ عند سامر لتتاكد بان كل الامور جيدة كما ارادت تلين عضلاتها وشرب كاس من الماء .. دخلت الى المطبخ فراته مبتسما ويحضر كأس من الاعشاب استغربته فسالته ( مالذي تفعله ؟ )
التفت عليها مجيبا ( انه احد المسافرين الذي يشكو من سعال وقد زادت نوبته ويحتاج لشيء ساخن يدفئ صدره .. بصراحة .. ذكرني بجدي بمشاكسته لزوجته وتحميلها الذنب بمرضه لانها وافقت على السفر لتزور ابناءها كما اخذ يعلن بسعادة عن عودته اخيرا الى مصر ليرى ابنه وابنته فيها وقد اشتاق اليهما كثيرا .. اتعلمين ما الغريب في الموضوع .. بان ابناءه الحقيقين هم من سافر لرؤيتهم وبان الابن والابنة اللذان يتحدث عنهما في مصر هما فقط مستأجرين للطابق العلوي في بيته )
عقدت نسمة حاجبيها باستغراب متسائل ( حقا .. ايحب مستأجريه اكثر من ابنائه )
حرك سامر راسه رافضا وهو يحمل الفنجان ( ليست مسالة اكثر .. ولكنه يعتبرهما ايضا ابناءه وقد اشتاق لهم ) وتحرك باتجاه احد المسافرين وعيناها تراقبانه حتى وصل وانحنى باتجاه الرجل العجوز الذي بدا في الستينيات من عمره قائلا بلطف وهو يضع الفنجان امامه ( تفضل يا والدي .. اعتقد ان هذه ستريحك قليلا يا حاج محمد )
ابتسم الرجل مربتا على كتف سامر ( انت تذكرني بعلي الذي اخبرتك عنه .. هو ايضا طيب جدا .. اتذكرين يا حنان اول مرة جاء ليستأجر منا .. اتعلم انه شاب سوري فقد كل اهله في الحرب .. في البدء اعترض سكان الحي على سكنه معنا ولكن عندما راو شهامته واصالته ونخوته ومساعدته للجميع اصبحو يحبونه كثيرا وهذا ما جعلهم يتقبلون سكن سما الى جانبه في الشقة المقابلة رغم اعتراضهم في البدء لكونها مطلقة وحيدة ولكني وقفت في وجههم واخبرتهم باني اضمن اخلاقهما ومتاكد منهما وبانهما لا يجب ان يتكلمو في سمعتهما بشيء وبالفعل مع مرور الوقت تقبلو وجودهما خاصة لعدم حدوث اي مشاكل تمسهما وكلاهما يعمل في وظائف متعددة ليكفل نفسه ومعيشته .. حتى سما .. اضطرارها للعمل في بعض الوظائف الليلة للتنظيف كان يجلب لها المشاكل لكن مع وقوف علي الى جانبها كما وقفت انا معهما ولثقة ابناء الحي بنا وثقو بها خاصة عندما قدمت لهم اسماء شركات التنظيف الرسمية والمعروفة التي تعمل لصالحها او اسماء المطاعم التي عملت بها وكلها اماكن يشهد لها بحسن السمعة .. )
توقف الحاج محمد عن التكلم وهو يسعل مما سمح لزوجته تلك المراة الوقورة والتي بدت هي الاخرى بعمر يقارب عمر زوجها ان تضيف ( لا تنسى يا محمد ان حينا به اناس طيبون وقليلا ما يتدخلون باي احد فكل منهم لاهي بمشاكله الخاصة ولكن هذا لا يمنع بان سما وعلي هما ابناءنا حقا )
ابتسم سامر وهو يستأذن وحنان تضيف متسائلة لزوجها ( هل بعثت برسالة لعلي لتخبره عن قدومنا كي يستقبلنا )
ضرب الحاج محمد على راسه قبل ان يخرج هاتفه متداركا (ياللهي .. لقد نسيت .. سابعث له الان بالرسالة واتمنى ان تصل اليه ) وابتدأ بكتابة الرسالة بلهفة وشوق .
نظر علي الى الرسالة التي وصلته شاهقا وهو يخاطب عماد بلهفة ( عماااد .. يبدو ان جدك محمد وجدتك حنان سيصلون اليوم ... ياللهي .. كم هذا الخبر رااائع )
تقافز عماد مصفقا بيديه ( هييي ... واخيييرا .. لقد اشتقت لهم كثيييرا .. )
تمتم علي وهو يعبث بهاتفه مرددا ( كلنا اشتقنا .. بالفعل لقد اطالو مدة الغياب .. يجب ان نخبر امك عن الامر كما ساتصل لاخذ اجازة من العمل كي نذهب انا وانت لاستقبالهم من المطار ).
اخذ عماد يصفق بفرح وعلي ينتظر ان تجيبه سما على اتصاله .. تنهد بقلق عندما لم يجد اجابة ومع ذلك لم ييأس واعاد الاتصال للمرة الثانية مشيرا لعماد ليذهب ويخرج ملابسه كي يقوم بتجهيزه لياخذه معه في نفس اللحظة التي سمع فيها صوت سما فزفر بخوف قائلا ( لقد اخفتيني عندما لم تردي .. مالامر.. اين انت وما قصة هذا العمل .. ؟ )سمع همسها المتعب وهي تجيبه ( لا تقلق يا علي .. لقد حولت الشركة دوام عملي للفترة الصباحية .. ربما هذا افضل لعماد )تمتم علي بادراك قلق ( اتعنين انك تعملين الان مع سراج في نفس المكان .. هل انت بخير )جابهه صمت ضئيل لم يطل قبل ردها (اجل .. بخير .. يجب ان اكون بخير فالامر انتهى بيني وبين سراج فلا تقلق )تنهد علي بتعب ويده تفرك جبهته على امل ان يخفف هذا من الم راسه ( اتمنى يا نسمة ان تكوني بالقوة التي تظهرينها .. والاهم الا تسمحي لاحد بتدمير ما تبقى من كرامتك التي تميز روحك .. اردت اخبارك ان عم محمد وخالة حنان سيصلون اليوم لذا اتمنى ان تتمكني من انهاء عملك سريعا كما ابلغي اسيل بالامر .. ساجهز عماد لاخذه للمطار كي نستقبلهما )ابتسمت سما بشكل تلقائي سعيد ( كم هذا رائع .. ساحاول ان انهي عملي واذهب للمنزل لاجهز الطعام لهم )انهى علي المكالمة مع زفرة ارتياح تاركا سما تتخبط في ما تتعرض له متذكرة ما مر بها طوال اليوم وهي تجلس بانفراد في المطبخ الخاص بالبنك .. لقد حاولت فصل مشاعرها والتركيز التام فقط على عملها كي تتمكن من اتمامه .. منذ قدومها في الصباح الباكر قبل الموظفين والتاكد من جاهزية المكاتب ونظافتها ثم ذهابها للكافتيريا الخاصة بالبنك لتتم تجهيز المشروبات الخاصة بالموظفين حسب الجدول الموضوع ... حتى رؤيتها لتوافد الموظفين الى اماكن عملهم .. كانت تنتظر طوال الوقت اللحظة التي سيقابلها بها سراج وتتمنى ان تكون بعيدة جدا عنها مخافة ما سيوجهه لها من كلام .. حاولت جعل نفسها غير مرئية بتنقلها بخفة بين الموظفين وتلبيتها طلباتهم دون اصدار اي صوت .. حتى انتصف النهار .. عندما طلب منها ان تقوم بتجهيز قاعة الاجتماعات الخاصة بالبنك .. وهنا رأته وهو يدخل بعلياء وسط كوكبة من الموظفين الى القاعة ليتوقف بشكل كامل عن نقاش زميله الواقف الى جانبه عندما راها بداخل القاعة .. عقد حاجبيه بنفس الطريقة التي تعرفها جيدا عندما يعاني من ضغط عاصف لاعصابه ويحاول التحكم به وقد لاحظت ان حركته جذبت انظار الموظفين معه اليها فارتبكت وتلعثمت قائلة بتبرير ( مرحبا ايها السادة .. اعرفكم على نفسي انا العاملة سما التي ساتواجد معكم الفترة القادمة مكان السيدة اخلاص لظروف خاصة بها .. لقد حاولت تجهيز القاعة بكل متطلباتكم وان وجد اي نقص فبامكانكم استدعائي .. عن اذنكم ) وانسحبت بسرعة من امامهم لتكسر التواصل النظري لها مع سراج قبل ان يلاحظ احد الموجودين اي شيء .اختفت سما في مطبخ البنك محاولة تدارك نفسها ولم تتفاجأ عندما رات سراج يلحقها بعد بعض الوقت وفي يده زجاجتي ماء نصف فارغتين علمت بانها حجته للحاق بها .. مدت يدها لتاخذهما ولكنه ابعدهما متسائلا بخفوت قاسي ( مالذي تفعلينه تحديدا يا سما .. المفترض انك تودين ان تفترق والان اجدك هنا .. هكذا .. لما تصرين على اثارة جنوني )
تنهدت سما بعمق ورفعت راسها لتتكلم بكل القوة التي دربت نفسها عليها منذ علمت بالامر ( لم يكن الامر بيدي .. انه امر من الشركة ولم استطع ان ارفضه فهذا عملي .. ولكن لم يختلف شيء .. كل ما عليك فعله هو تجاهلي ومعاملتي كما كنت تعامل العاملة السابقة .. لا اعتقد ان الامر صعبا وانت ترى حجم الفرق الهائل بيننا فانت من انت .. وانا من انا ) واشارت اليهما بالتناوب موضحة معنى كلماتها .. رأت توتره يتضاعف فعلمت انها تصل لغايتها لذا اضافت بيرود ( يكفي ان تتذكر مكانتك ومن هي زوجتك وما اصبحت انا عليه الان لتشعر بالنفور مني وتبتعد عني .. فانا .. لم اعد تلك السما الحارقة و المتالقة بالوهج يا سراج )
استخدامها لنفس الكلمات التي كان يرددها على مسامعها في اكثر لحظاتهم اقترابا وحميمية في السابق جعل وجهه يشتعل بجنون وبلا سيطرة مد يده ليمسك بمعصبها وغضبه يتضاعف ( هل تشيرين الى انني مثلك سانظر الى المستوى المالي بيننا .. هل تعتقدين انه بسبب فقرك انا ابتعد .. صدقا سما .. هل للحظة ادركت مشاعري لتطلبي مني تجاهلك بالكامل ومعاملتك كخادمة وقد كنت يوما زوجتي .. هل .. هل بالفعل عندما كان الوضع معكوسا كنت ترينني مجرد فقير وانتي ملكة متوجة )
اضاف التساؤل الاخير بارتجاف تسلل اليها وهي تشعر بالمه العميق .. تسارعت انفاسها بعجز دون ان تتمكن من الاجابة عليه او دفعه بعيدا عنها .. ياللهي انها لا تزال تحبه ولم يكن جسدها يوما لغيره .. هذه الحقيقة جعلت عينيها تدمع وذكرى طاحنة تغزوها لترفع حصون حذرها راجية (سراج .. ارجوك .. بحق كل ما كان بيننا ابتعد .. فقط ابتعد عني وتجاهلني .. ارجوك لا تضاعف المي )
اقترب سراج منها بحركة خرقاء وبلا سيطرة حتى لم يعد يفصل بينهما سوى حاجز بسيط من الهواء وقد التحمت عيناه بعينيها المعذبتين متسائلا (وماذا عن المي انا يا سما .. ماذا عني .. انا لا استطيع الابتعاد عنك .. انا لا استطيع نسيان انك كنت زوجتي في يوم من الايام )
كلماته انتشلتها من ضعفها لتنتفض مبتعدة عنه وهي تجيب بارتجاف صاغته بقوة ( انت قلتها .. كنت .. اما الان فانت متزوج غيري ولك ابنة .. اجل سراج .. انت متزوج من ملكة هذا المكان ..اما انا فمجرد خادمة مجهولة جمعتنا الاقدار صدفة قبل ان تفرقنا بشكل نهائي.. فانا لم اعد املك حق الحصول على ما اريد كما كنت بالسابق املك كل شيء .. لذا .. اكراما لما كان بيننا .. اكرر طلبي لك .. فقط تجاهلني ) وانهت كلماتها لتغادر شبه راكضة وهي بحاجة ماسة للانفراد بذاتها كي تسمح لالمها بالظهور .استفاقت سما من ذكرياتها ناظرة حولها وقد تعالى جرس الاتصال الداخلي في المطبخ الذي اصبح ملجأها بعد مغادرة سراج له قبل ساعتين .. نظرت الى هاتفها متذكرة كلمات علي قبل ان تغرق نفسها بتذكر ما حدث لها منذ الصباح .. وقفت لترد على الاتصال الداخلي حيث ابلغتها سكرتيرة السيد سراج )منى( بانتهاء الاجتماع وبضرورة ذهابها لتنظيف القاعة .. نظرت الى ساعتها بياس مصبرة نفسها فلم يبقى الكثير على عذابها وبعدها ستذهب الى بيتها حيث ترى العم محمد والخالة حنان وابنها عماد وعلي واسيل فتنسى في احضانهم كل همومها .. رتبت زيها التقليدي الخاص بشركة الخدمة وجرت العربة الخاصة امامها متوجهة الى قاعة الاجتماعات لتجد ان بعض الموظفين لازالو يتواجدون بها ويلتفون حول سراج والكل يساله وهو يجيب باناة وذكاء خاطفا انفاسها بلا ارادة .. هربت بعينيها عنه وابتدأت بلملمة الفناجين الفارغة وصوته الواثق يداعب احاسيسها .. نفضت راسها الذي امتلأ بالهمهمات التي تعالت من حولها فتجاهلتها وثبتت عينيها على ما كانت تقوم به كي تمنع روحها من الاستسلام .. ذلك الاستسلام الذي رفضته وهي في قمة ضعفها لن تقبل الان ان يكسرها رغم شعورها بالذل امامه خاصة وهي على ما هي عليه .. ولكن ..لقد امضت ثلاث سنين في الجحيم تعرضت فيها لجميع انواع التنمر والاذى الجسدي والنفسي لتستمد ثباتها دوما من ايمانها ببراءتها ..كما ان عماد كان قبس حياتها الذي انارها واعاد لروحها شفائها بعد كل ما ذاقته من اذلال .. هي فقط ستقفل على قلبها وروحها وتتجاهل الجميع .. الا هو .. علمت قبل ان ترفع عينيها لتراقبه يمشي امامها خارجا باتجاه الرواق المؤدي لمكتبه متجاهلا اياها بكلية بان تصرفه نحوها بتلك الطريقة التي طلبتها وثلجية نظراته اللامبالية ستحرق كيانها بنار عشق لم يمت .. لم تنتبه انها توقفت عن العمل وشردت متابعة اياه بلا حول منها او قوة لتنتفض بعنف مع سماعها لذلك الصوت الانثوي الذي ميزته سريعا فعلمت من صاحبته ( لا يمكن .. اهذه انت يا سما .. اهذه انت .. سما العوضي ابنة الحسب والنسب تعمل هنا كخادمة ..)ضجيج عنيف هدر بداخلها مع كل حرف سمعته من ليال .. تلك الفتاة التي تدرك جيدا من هي وما هي قادرة عليه .. سحبت انفاسها بعمق مرتين لتهدأ قبل التفافها عليها راسمة ابتسامة ثلجية وقد حركت راسها بتحية طفيفة مجيبة بابتسامة صغيرة دبلوماسية ( اهلا ليال .. ارايت .. دوام الحال من المحال .. وسبحان مغير الاحوال )لم تعلم سما بان سراج قد توقف على باب الحجرة دون ان يكمل طريقه .. ولكن نظرات ليال الى نقطة خلفها ثم عودتها لتنظر اليها باحتقار مشمئز اعلمتها بوجود شخص شاهد على حوارهما فقررت الا تسمح لليال ان تستفزها او تهز صورتها التي جاهدت ببنائها فثبتت عيناها بشجاعة متحدية لنظرات ليال التي ضحكت باهانة قائلة ( بالطبع سيتغير الحال فانا اعتقد انك هكذا بسبب غبائك فكلنا سمعنا عن زوجك الذي طلقك وهرب وعن الفضيحة التي لحقت بك ثم .. السجن .. كيف يسمح ان تعمل واحدة مثلك هنا وقد اتهمت بالسرقة )
انتفضت سما بعنف وهي تلوح باصبعها محذرة ( ليال .. حاذري كلماتك فكلانا يعلم باني لست سارقة .. اما زوجي فلقد انتهى من حياتي .. والان عن اذنك ساذهب لاكمل عملي و..)
قاطعتها ضحكتها بحقارة ( كخادمة.. من يسمعك يظن ان وظيفتك هامة لذا انت مستعجلة هكذا لتلحقي بها .. يجب ان تدركي جيدا من انت الان وما فقدته واصبح ملكا لغيرك فلا تحاولي استرداده )
كانت سما قد اتمت التفافها ورات سراج الواقف عند الباب وقد غشا عيناه تعبير غامض مخيف وغير مفهوم .. ادركت انها يجب ان تبتعد عن المكان كي لا تجبره على قول شيء لها حتى وهي ترى عدم دفاعه عنها و صمته الذي غدا كجبل تنوء اسفله من ثقل حزنها بسبب سلبيته .. اجابت ببساطة وعيناها تستسلمان بانكسار نبع من اعماقها وايحاء ليال لها بفقدانها لسراج وتغير حالهما جعلها تبثه رجاءها دون ان تنطقه ليتركها فلا يرى هوانها بهذه الطريقة ( معك حق هي بنظري مهمة لانها كل ما ساحصل عليها في النهاية .. ولا تخافي فانا اعلم جيدا مكانتي وما انا عليه الان وما انتم عليه وبان ما فقدته لم يعد لي .. طاب نهارك )
غادرت سريعا بعربتها دون ان تحاول الالتفاف مرة اخرى وان ادركت بان سراج غادر هو الاخر ملتزما بطلبها ومتجاهلا كل شيء ليذهب الى مكتبه .. كان ما حدث قشة قسمت ظهرها المنهك مما جعلها تستسلم لعزلة المطبخ وقد فقدت نور روحها وتلحفت ببؤس ذكرياتها لكل ما حدث لها طوال تلك الاعوام .. ان تقع تحت يدي ليال دون عن كل زميلاتها جعلها تدرك عظم ما ستتعرض له من اهانات لتكسرها وكيف سينتشر سيطها في كل البنك بسبب تلك الانانية التي ادعت يوما بانها صديقتها وعندما رفضتها سما لشعورها بنذالتها اظهرت وجهها الحقيقي وغيرتها الشنيعة منها وحاولت عدة مرات الايقاع بينها وبين سيراج .. ابتسمت باستهزاء لروحها التي لم تعد تهتم لكثرة ما جرحت وتعرضت لصدمات حتى غدت كآلة .. رفعت هاتفها بعملية لتتصل باسيل .. وما ان سمعت صوتها حتى قالت بلا حياة ( اسيل .. اليوم سيصل العم محمد والخالة حنان لذا بعد ان تطمئني على خالتي امينة تعالي لتتناولي العشاء عندنا فهما مشتاقين لك كثيرا ) وانهت الكلام سريعا دون ان تسمع هذر اسيل واسئلتها القلقة عليها متعللة باحتشاد العمل امامها .
اقفلت اسيل هاتفها ناظرة بحسرة اليه وصوت سما ينبئها بحجم ما تعانيه من آلام .. مسحت بكفها الحرة على وجهها بتوتر وعيناها تقع على الملفات المتموضعة بين يدها الاخرى والتي قد طلبها ادهم منها على الهاتف لتحضرها الى مكتبه من الارشيف .. سحبت عدة انفاس عميقة لتواجهه بقوة محاولة التحكم بتوترها النابع من رؤيته لاول مرة بعد تلك المواجهة بينهما .. تقدمت بخطواتها الثابتة وطرقت الباب ثم دخلت بهدوء قائلة ( صباح الخي.. )قطعت تحيتها وهي تسمع تلك النغمات الرقيقة المنبعثة في حنايا المكتب وصوت كاظم الساهر يصدح بشغف باغنية ( أنت امراة ) .. كلمات كان ادهم يرددها بنفسه بصوته الرخيم بخفوت لا يطغى على صوت كاظم الساهر وقد استند على مكتبه عاقدا ذراعيه في وقفة منتظرة ومترقبة لمن سيدخل من الباب .. ادركت انه يتقصدها بهذا خاصة مع بريق عيناه المتلهفة لها .. ركوزها .. جمودها .. برودها .. وكل ما اعدته من كلام لتقوله له تبخر في الهواء امامه وهو يرفع حاجبيه بتحدي مادا يده اليها باشارة لياخذ الملفات المطلوبة منها .. تقدمت بخطوات متعثرة لتمنحه الملفات وقد وبخت نفسها في عقلها لارتجافة يدها الغادرة .. علمت انه لاحظ انتفاضها وتجاهله بابتسامة ماكرة زادت من غضبها .. راته يفتح الملفات وكانه يود قراءتها الا انه بقي يردد كلمات الاغنية وكانه يوجهها لها وقد امسك معصمها مانعا اياها من التراجع الذي انتوته .. رفع عيناه بثبات مجبرا عيناها على الالتحام بنظرته المتقدة وتلك الكلمات تخدرها وتتسلل عميقا الى روحها .. ( انت امرأة لا تهتمي في إيقاع الوقت وأسماء السنوات ...أنت امرأة تبقى امرأة في كل الأوقات ...أنت امرأة لا أحسبها بالساعات وبالأيام .. انت امرأة تسكن جسدى قبل ملايين الأعوام .. أنت امرأة صنعت من فاكهة الحب ومن ذهب الأحلام .. يا سيدتي ليس هنالك شئ يملأ عيني .. لا الأضواء، ولا الزينات، ولا أجراس العيد، ولا شجر الميلاد .. لا أتذَكّر إلا وجهك أنتِ، لا أتذَكّر إلا .. صوتك أنتِ .. تعالي تعالي تعالي .. هاتي يدكي اليمنى كي أتخبّأ فيها .. تعالي تعالي تعالي .. هاتى يدكي اليسرى كي أستوطن فيها .. قولي أي عبارة حب حتى تبتدئ الأعياد .. أنت امرأة لا أحسبها بالساعات وبالأيام .. انت امرأة تسكن جسدى قبل ملاين الأعوام .. أنت امرأة صنعت من فاكهه الحب ومن ذهب الأحلام . . سوف يظل حنيني أقوى مما كان، وأعنف مما كان .. أنت امرأة لا تتكرر في تاريخ الشعر .. وفي ذاكرة الزنبق والريحان )كلمات عصفت بكل تمالكها وفجرت كل احزانها في لحظات لتعبر عن ما يجيش بصدرها بدموع تلألأت بين رموشها فأبت ان تمنعها جفونها لتسيل كوديان على وجنتيها .. تسارعت انفاس ادهم وهو يقف مصدوما من ردة فعلها متسائلا بقلق ( اسيييل .. ما بك .. هل انت بخير )حركت راسها بالرفض وقلبها يقصف بين ضلوعها بتشوش محاولة التراجع لتعود يده وتمنعها .. انفجرت بصوتها المتهدج بلوم ( كلا .. كلا .. لست بخير .. لما .. لما تفعل هذا بي .. مالذي تريده )عقد ادهم حاجبيه بتوتر ( انا لم افعل شيء يا اسيل .. مازلت لم افعل شيء رغم رغبتي المجنونة لعقابك بعد كل ما سببته لي في اليومين الماضيين من الم وقلق وغيرة ووجع وانت تتجاهلين كل اتصالاتي وحتى لم تعودي الى منزلك لاراكي والان تتهمينني وتساليني عما اريده منك .. لقد اوضحت ما اريده منك جيدا وابلغته لك بكل شفافية )اجابته بعنف منتفض ( وانا رفضت .. لقد رفضت كل تقرباتك مني وكل كلامك وكل ما يربطني بك الا بما يخص العمل .. لما تصر على العودة بنا الى نفس المربع الذي تخطيناه منذ 8 سنوات .. وقتها رفضتك وانت تقبلت الامر واكملت حياتك وتزوجت كما اكملت انا حياتي .. لما تريد اعادة فتح جروح الماضي )ابتسم بسخرية مريرة متوجعة ( اتقصدين رفضك ذاك الذي اكتشفت انه لم يكن بسبب ما قلته لي من تراهات عن رغبتك بتحقيق ذاتك المهنية لاكتشف اني وقتها لم اعرفك جيدا كما لم اعرفك الان والادهى .. انك سمحت لغيري ليعرف اسباب رفضك الحقيقة دون ان تسمحي لي انا بالمعرفة نفسها.. والان تتهميني وتزيدي بتمنعك ايضا مكررة نفس اسلوبك السابق بحرماني من حق الاختيار فتزيدين من عذابي وتدوسين على كرامتي بكل استهتار ..ثم تساليني عما اريده )صرخت اسيل بعدما اصابتها كلمات لومه بسهام حارقة بكل ما يعتمل في نفسها من الم ( اجل .. مالذي تريده يا ادهم .. الى اين تريد ان تصل معي .. هل تظن اني اتدلل عليك لذا تزيد من حصارك .. الم تفهم بعد بانك تجرحني هكذا .. هل تعتقد اني فقط ارفضك لارى كم انا امراة مرغوبة او لارضي نزعة غروري الانثوي باذلالك .. الم تفكر للحظة بان رفضي ليس خيار لي .. وباني مثل كل انثى احلم بالحب والزواج والاستقرار ولكن .... انا .. ) وصمتت وقد تهدج صوتها بشكل خطير وعيناها ترتجان بعنف مرفرف لتمنع دموعها التي التمعت بعنفوان انثى جريحة زافرة انفاس وجع تاصل بحروفها المبعثرة ( انا ..لا يحق.. لي حتى ان احلم .. افهمت .. كم انا ناقصة .. الى حد هذه الدرجة ..) تسارعت انفاسها رافعة يدها لتوقف تقدمه السريع باتجاهها وقد تقهقرت خطواتها للخلف ويدها الاخرى تتموضع منقبضة فوق قلبها متمسكة بالم و مضيفة بصوت حمل حقد اجباره على الفوض بوجعها وجرحها ( ثم تسمعني اغنية انت امراة .. وانا .. انا لست كذلك .. افهمت .. لست كذلك .. لذا يكفييي .. فانت باصرارك تزيد من غرس خنجر المي .. فقط توقققف )والتفتت تنوي المغادرة هاربة من ضعفها امامه الا انها تفاجأت بصوته العميق الاجش الذي اوقفها ( ان كنت تعتقدين انك ستنجحين هذه المرة ايضا بكلماتك في ابعادي فانت مخطئة ...)التفتت اسيل ببطء اليه محاولة استيعاب ما يقوله فهالها التوحش الذي تقافز بعينيه وهو يضيف بصوت جمد دمائها وضاعف سرعة نبضاتها اكثر حتى خافت ان يخرج قلبها من صدرها وقد جفت دموعها ( ساعيد على مسامعك هذا حتى تحفظيه .. انا لست ادهم ذاك الذي تراجع لمرة امام اصرارك على الفراق بحجة طموحك العملي .. لانني في تلك المرة عندما خذلت مشاعري واتبعت كلماتك وكرامتي المجروحة انتهى بي الامر زوجا لمراة كادت ان تنتحر عندما قررت ان اتركها قبل ان اتم زواجي منها .. لذا .. لا تتوقعي مني ان اتعاطف مع الم اراه في عيناك صدى لسر تصرين على اخفائه وساصر انا منذ الان على عدم سؤالي عنه حتى تاتين لي بنفسك وتبوحي لي به عندما تثقين بي كفاية .. كونك لست امرأة امر لا تحددينه انت .. افهمت .. فمن تقف امامي الان امرأة تركع امامها الجبال من جبروت انوثتها الطاغية شكلا .. اما ان قصدتي بكلامك امر نفسيا داخليا يخصك كمضمون ويجعلك لا تشعري بانوثتك وتخافيها فانا كفيل ان احارب جنون اشباحك ولن احزن عليك او اواسيك طالما انك تصرين بغباء ان تضعي الحواجز بيننا وتحرميني من حق معرفة الامر والاقتراب منك كما فعلت مع غيري بل وتجراتي على وعده بان تكوني له ان ظل يحبك لخمسة اعوام .. لذا لقد قررت يا اسيل .. انا سانتزع حقوقي منك انتزاعا .. ولن اتساهل معك في حربي ضد جنونك فاستعدي .. ) وتوقف عن الكلام مقتربا نحوها ببطء ارعبها والصقها بالجدار خلفها وعيناه الشيطانيتان يخترقان كل دفاعتها قائلا ( انا لن اسمح لغيري ان يأخذك فلقد تخليت عنك مرة لاعرف جيدا طعم الحياة دونك .. وبصراحة .. هي ليست حياة .. كما .. لن اسمح لك انت ان تضعي العراقيل امامي باية حجة كانت .. لذا افهميها جيدا .. اجل .. انت امراة .. ولكنك ..امرأتي انا فقط .. هل هذا واضح )كان تهديده قويا مجلجلا تركها تنتفض وهو يبتعد عنها ببطء وعيناه لا تزالان تتوعدانها .. تمتمت بارتعاش ( في احلامك ) فرد عليها بابتسامة ماكرة موحية ومتحدية مثيرا كل حصون دفاعها ورغبتها بضربه لشعورها بعمق تاثيره عليها يتضاعف ..للحظة اشتبكت نظراتهما بنيران مستعرة ففقدا كل ادراك للزمان والمكان لتتقافز المشاعر العنيفة بينهما تاركة اياهما يلهثان .. قبل ان يقطع اتصالهما صوت ضربات على باب مكتب ادهم سبقت دخول امراة هي الكمال بعينها بشعرها الاسود الغجري وعيناها الزرقاوان وملامحها الفاتنة وجسدها الممشوق بثياب بالغة الاناقة بلون انثوي زهري فاتح وصوتها الناعم يقطع الصمت المتوتر بينهما ( استاذ ادهم صباح الخير . لقد اخبروني اني ساجدك بمكتبك وقد اردت المرور عليك لابارك لك نجاحك ) رفع ادهم عيناه عن اسيل وركزها على الوافدة التي مدت يدها بنعومة جعلته يلتقطها بهدوء قائلا بتحية رسمية ( اهلا انسة نادين .. سررت حقا بمرورك علي )استجابت نادين لتحيته بابتسامة مشرقة مشيرة الى اسيل الملتهبة بجانبه ( ارجو الا اكون قد قاطعت امرا محددا .. استطيع العودة بعد قليل )حرك ادهم راسه رافضا وقد اشار الى اسيل لتنصرف قائلا بلامبالاة ( كلا .. كنت اتفق مع اسيل على ماهية خطة عملنا وموعد ذهابنا لاحد النوادي لعمل تقرير ضروري هناك .. ارجو ان تتجهزي خلال نصف ساعة يا اسيل لنتحرك .. انسة نادين تفضلي بالجلوس .. ماذا تحبين ان تشربي )انتقلت انظار اسيل بينهما بذهول وقد صدمها سهولة تخطي ادهم لكل ما حدث بينهما في لحظات وتركيزه على ضيفته متجاهلا اياها بالكامل .. ايقظتها لسعات كرامتها من تشنجها فانسحبت سريعا من المكتب وعنفوان جنونها الغاضب يتضاعف .. فان كان هناك شخصا يعلم جيدا من هي نادين فهي بالتاكيد اسيل .. فلقد كانت تراها كقدوة لها بكيفية نجاحها المذهل بادارة برنامجها حتى غدت اشهر مذيعة في القناة ونجمتها ووجهها الاعلاني .. والان .. يبدو ان الاقطاب ستتحد بما ان ادهم قد دخل المعادلة ليصبح كلاهما نجمي القناة .. ادراك جعلها تبتسم بالم ساخر وتهديد ادهم لها يتبدد في الفراغ .. فبما ان نادين قد دخلت في اللعبة فاسيل تعلم جيدا من سيكون الخاسر فيها .. فالمراة معروفة بمقدرتها على اخضاع اعتى الرجال وجعلهم كالدمى بين يديها .
القسم الثاني سيتم ادراجه بالليل باذن الله واعتذر على طول الفصل
معلومة ..
لفرق بين مساعد الطيار والطيار هو في عدد ساعات الطيران التي قام بها لذا بعد عدد معين من ساعات الطيران يتم ترقية المساعد الى طيار بالطبع بعد الاشادة بادائه من قبل الطيارين الذين طارو معه ولكن كلاهم يدرسون بنفس الكلية ونفس الدراسة مع اختلاف رخص الطيران المتوفرة ما بين الدول
معلومة اخرى .. معدل عمل الطيار في ساعات الطيران قد يصل ل 8 ساعات يوميا كحد اقصى 11 ساعة .. الرحلات التي تزيد عن هذه المدة يتواجد فيها فريقين[

noor elhuda likes this.

حور حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-10-17, 10:00 PM   #60

ندى المطر

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377861
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,332
?  نُقآطِيْ » ندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond reputeندى المطر has a reputation beyond repute
افتراضي

بانتظارك عزيزتي...مع الشكر

ندى المطر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:59 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.