آخر 10 مشاركات
28- نغم إلى الأبد - راشيل ليندساى - كنوز روايات أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          ومضة شك في غمرة يقين (الكاتـب : الريم ناصر - )           »          عانق اشواك ازهاري (2)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة بيت الحكايا (الكاتـب : shymaa abou bakr - )           »          عشق من قلـب الصوارم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : عاشقةديرتها - )           »          23 - امرأة تحت الصفر - راشيل ليندساى ( إعادة تنزيل ) (تم تجديد الرابط ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          93- الشمس والظلال - آن هامبسون - ع.ق ( نسخه أصلية بتصوير جديد ) (الكاتـب : angel08 - )           »          مرت من هنا (2) * مميزة *,*مكتملة*..سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )           »          القليل من الحب (81) للكاتبة Joss Wood .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree676Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-02-19, 07:33 PM   #5221

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي


أسعد الله أوقاتكم أعزائي
اولا وقبل أن ابدأ بتنزيل الفصل أود الاعتذار منكم عن التأخير الذي حصل والتوقف لشهور
وانا لن اقف الان واخبركم بأعذار كثيرة لن تعنيكم في شيء
ولكن ارجو انه يكفيكم ان اخبركم انني لو لم اكن قد توقفت لما كنت استطعت أن اقدم لكم ما يليق بعقولكم ويمتع أفئدتكم
بسم الله توكلت على الله



bambolina غير متواجد حالياً  
التوقيع


الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب
https://www.rewity.com/forum/t402401.html
رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 07:39 PM   #5222

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 22-1

قبل بدء الفصل أودّ أن أنوّه أنّني سأقوم بإعادة الفصل 22 كاملا نظرا لكثير من التعديلات التي أجريته على النصف الاول لذا وجب التنبيه

الفصل الثاني والعشرون
قبيل وقت السحور بقليل
أنهت لميس الاتّصال مع حسين ووضعت الهاتف بجانبها متجهّمة، فسألها الكاسر قلقا: خير شو فيه مالك؟
هزّت لميس كتفها وقالت: مش عارفة بسّ ما ارتحت لكلامه، شغل شو هاد اللي بيخلّيه يقعد بالمكتب لهاي السّاعة؟ بعمره ما عملها حتّى وقت كان يكون عنده قضيّة مهمّة كان يتأخّر شويّ ولو ما خلّص كان يشتغل عليها بالبيت... بفكّر أتّصل على محمّد أشوف شو القصّة
قالتها وأمسكت بهاتفها فعلا فأوقفها الكاسر بسرعة قائلا: لميس إنتِ شايفة إنّه صحّ تتّصلي على أخوك بهاي الساعة وتقلقيه بموضوع يمكن ما يكون عارف عنّه إشي أصلا؟
تنهّدت لميس وقالت: صحّ معك حقّ بس... كيف بدّي أطّمن؟
أجابها الكاسر بمنطقيّة مقنعة: بالليل بعد التراويح بتتصلي على محمّد وبالعقل بتحاولي تستفهمي منّه عن أخبار حسين ولو فيه إشي أكيد راح يحكيلك!
هزّت لميس رأسها باقتناع وقالت: ان شاء الله راح أعمل هيك فعلا وكمان راح أبعت لمرته رسالة عاديّة اسألها عنهم فيها وأشوف شو بتحكيلي
قالتها ثمّ نظرت إليه مبتسمة وقالت بابتسامة ناعمة: شو راح أعمل من غيرك أنا؟
مقطّبا مستهجنا صياغتها الغريبة للجملة كشّر بغرور وقال: الله لا يحرمك منّي
صمتت لميس للحظة وأخذت تتأمّله بشوق غريب وحزن أغرب وقالت: يا رب الله كريم... (ثمّ أتبعت بتمتمة غير مسموعة) غفور
بعبث قرّبها منه بصرامة قائلا: شو شكلك غيّرت رأيك بخصوص السحور، شو رأيك تروح عليكِ نومة؟
ضحكت لميس بحياء وقالت باعتراض: طبعا لأ السحور جاهز يلا صحّي إنت الولاد راح ينبسطوا كتير بشوفتك!
بعد دقائق كانوا جميعا يجلسون حول طاولة الطعام، لا تزال الصدمة بادية على نبراس والعنود، فيما الابتسامة على أفواههم تنطق بسعادة صادقة تنمّ عن محبة واشتياق تحملها له قلوبهم الصغيرة، وأمّا سؤاله عن جديدهم فكان الإشارة الخضراء لهم بالانطلاق بهذر صاخب كثير، فها هي العنود تتحدّث بانطلاق على غير عادتها رغم بعض التردّد، أمّا نبراس فيحمل صوته بعضا من جديّة بدت لأسماع والده غريبة عن شخصه، وما لفت نظره أكثر، وأتخم قلبه بالرضا.. ناغشه بسعادة ما عاد قادرا على إنكارها، فهو اسم لميس الذي كان يتردّد على ألسنتهم ما بين كلّ جملة وأخرى، وكأنّما هي وأثناء غيبته الطويلة قد تغلغلت بكلّ تفاصيل حياتهم
وبينما هي تنبّههم لضرورة التركيز على تناول الطعام، وعلى اقتراب موعد الفجر، إذا بصوت نمر الدافئ الخامل من أثر النوم يداعب أسماعهم يسأل بصدمة كمن أمسكهم متلبّسين بتهمة الخيانة العظمى: بتوكلووووا لحاااالكم؟
ليصمتوا جميعهم مرة واحدة قبل أن يقهقهوا بصخب، فتعبث ضحكتها المغناجة الناعمة بتلافيف قلبه، فيبتلع ريقه بقوّة قبل أن ينظر لولده بحنان شديد ويمدّ له ذراعيه ويقول بصوت زادته العاطفة والسعادة خشونه: حضن كبيييير لبابا يا بطل
حينها نظر نمر لوالده بصدمة وقال: بابا!! إجيييت؟
نظر الكاسر لها بعاطفة عجز عن مداراتها وذكرى الساعات القليلة الماضية تداعب مخيّلته قبل أن يبتسم لها بثقل ويقول: المرة هاي مضطر أقولك آه إجيت، اركض لحضني!
.................................................. .................................................. ................................................
على غير العادة في مثل هذا الوقت من الليل، لم يكن مكتب المنصوري للمحاماة خاليا تماما ولا مظلما بكامله، بل كان فيه غرفة بعينها مضيئة بالكامل
مبتسما أنهى حسين مكالمته مع لميس، التي بدى واضحا أنّها لم تصدّقه عندما أخبرها أنّه يعمل بداخل المكتب على قضيّة شديدة الأهميّة عليه أن ينهيها خلال فترة وجيزة، وكيف ستفعل وهو الذي ما إن رأى صورتها تضيء على شاشة هاتفه حتّى قبل اتّصالها مباشرة دون أن يفكّر للحظة واحدة بمظهره الغريب الذي يبدو عليه وفي قلب مكتبه، ببلوزته الداخلية القطنيّة البيضاء وفي هذا الوقت المتأخّر جدّا من اللّيل قبل الفجر بقليل وليس أيّ ليل بل ليلة رمضان الأولى!
أسئلة كثيرة ألقتها عليه أجابها عليها كلّها دون أن تصدّق أيّ كلمة منها
فكيف تصدّق أمرا لم يفعله عازبا ليفعله الآن وهو متزوّج، وكيف تتركه عروسه في أوّل ليلة من رمضان وتذهب للمبيت عند أهلها؟
تنهّد حسين بغمّ يفكّر ساخرا أنّه هرب للمكتب خوفا من أن يرتاب بأمره محمّد فيلاحقه بأسئلة لا يقدر على إجابتها لتلاحقه لميس واستجواباتها... في الحقيقة لقد أدرك اليوم أنّها كانت لتكون محامية أشدّ مهارة حتّى من محمّد لو كانت أكملت تعليمها!
بإرهاق أغلق حسين الملفّ الذي كان يعمل عليه حقّا وذهب ليستلقي على أريكته المفضّلة، ولكنّه رغم قلّة ساعات نومه في الليلة السابقة وانعدامها اليوم كان يعلم أنّ عينه لن تغفل أبدا
الضوء فوق رأسه جذب أنظاره فأخذ يحدّق به مباشرة وبتركيز عجيب أساسه غياب ذهنّ كلّي عن كلّ شيء وكأنّما عقله قد شُلّ تماما وعند نقطة بعينها
صوت الأذان القادم من مسجد قريب معلنا اقتراب موعد الفجر نبّهه من غفلته فرمش بعينيه عدّة مرّات يجلو الظلمة التي غشيت بصره جرّاء اعتياده على الضوء الشديد السطوع
ولوهلة وبينما يمسك بيده قارورة الماء وجد نفسه يتساءل
تُرى أانبهاره بشخصية بتول سابقا هو ما غشى بصره عن فهم شخصيتها الحقيقيّة؟ أم تراه انبهارها السابق به والذي كان يستشعره في بعض المرّات هو ما أعماها عن عيوب به أدركتها بعد أن اقتربت منه وعاشرته فعافته دون أن تشعر وإلّا... كيف هان عليها بتلك البساطة؟
شاعرا بمرارة في جوفه تناول حسين زجاجة الماء الباردة بجانبه وشرب منها أكبر قدرٍ من الماء جاليا بها حلقه ومبرّدا بها نيران صدره، فيما تغافل عن شطيرة الفول التي بجانبه والتي كان قد اشتراها في وقت سابق ليتسحّر بها دون أن يجد قابلية للأكل
أخذ حسين نفسا طويلا وتحرّك من مكانه ليقف أمام نافذة مكتبه الأثيرة، ينظر للشوارع المزدحمة في هذه السّاعة المباركة من الليل، يتابع حركة النّاس النشطة، وكأنّهم يستعدّون لاحتفال كبير فيما تزدهي القاهرة بأضواءها المتلألئة، وفوانيسها الملوّنه وكأنّها في ليلة عرس كبيرة
بعجب ابتسم حسين، لأوّل مرّة يتيقّن أنّ القاهرة فعلا... امرأة... جميلة دافئة مغوية في الليل... وأمّا في النهار... جميلة وإن تجهّمت... دافئة وإن قست... لذيذة وإن تسلّطت... لكنّها أبدا... أبدا لا تهجر ولا تتخلّى مهما بلغت بها قسوة أبناءها
فجأة وجد نفسه يتساءل بينما يشعر بالألم بداخله شديدا يعتصر قلبه بقوّة.. تُرى... هل العلّة به أم بهنّ؟ هل لو كانت القاهرة امرأة فعلا... لتغيّرت من بعد الزفاف وتلوّنت
نعم لقد تغيّرت فعلا!
أين هي بتول حقّا؟ أين تُراه فقدها؟ أين هي "منشن" الحانقة اللذيذة التي كان معجبا بها؟ تلك التي تدّعي النضج وهي في الحقيقة ليست سوى طفلة... تلك التي تدّعي الصلابة وهي في الواقع ليست أكثر من كعكة "فينو" تذوب سريعا و... بلا انكسار
كيف أخطأ حتّى سَهُل عليها الفراق لتلك الدرجة؟ لقد دلّلها ولم يمنعها من شيء تريده أبدا... راعى كرهها للسكن المشترك وجاراها بالهرب اليوميّ لبيت والدتها مصبّرا نفسه باقتراب موعد قدوم الرجل صاحب الشقّة في نهاية رمضان، تعامى عن كراهيتها لوصاله لها رغم انسجامهما الشديد معا، متقبّلا عدم اعتيادها معلّلا إيّاه بصغر سنّها وزواجهما السريع، صمت عن نظرات الرفض والاستعلاء التي ترمي إيمان بها دون مراعاة لمشاعرها أو مشاعر شقيقه، تغافل عن نظرات الاتّهام والغيرة التي ترميه بها كلّما جاء ذكرها دون أن تفكّر بنيران العداوة التي قد تؤجّجها بينه وبين شقيقه متفهّما غيرتها بسبب تصرّفات إيمان الحمقاء السابقة، تغافل عن كلّ ذلك بتصبّر شديد، لكن أن ترميها بتهمة في عرضها... عرض شقيقه الذي هو عرضه أيضا... هنا.. ما كان ليسكت عنها أبدا فلا خير فيه إن سكت ولتطرق رأسها بمئة من الجدران
ولكن ألا ليتها فعلت... ألا ليتها هاجمته أو اعترضت... بل لقد كانت أجبن من كلّ ذلك... لقد فضّلت الهروب... والبعد وربّما يوما ما الانسحاب و... الهجر
طرق حسين رأسه الذي يكاد ينفجر ألما في حافّة النافذة بجنون، لا يصدّق أنّها حقّا فعلتها، فقد ظنّها... تحمل له بعض المشاعر أو على الأقل قد ألفته... أوترغب المرأة رجلا لا تكنّ له أيّة مشاعر؟!
بغضب يعود لتلك اللحظة التي أخبرته بها أن يغادر دونها، لوهلة... أوشك حينها أن يحملها ويغادر بها رغما عن أنفها... لكنّ صلابتها بالطلب منعته، عيناها القاسيتان أوقفته، وفكّر... إن فعلها الآن فكم من المرّات عليه أن يفعلها بعد؟
إذًا
إن أرادت البقاء في بيت والدتها فلتبقى كما تشاء، وللحقّ لولا قدر السيّدة فوزيّة لديه لما كان شيء سيجبره على الذهاب لها اليوم... ولكن مهلا... هو لن يذهب إليها بل سيذهب لوالدتها تلك السيّدة القديرة التي اتّصلت به بالأمس لتؤكّد عليه ضرورة تناوله لإفطار أوّل يوم من أيّام شهر رمضان في بيتها، بل إنّها وعن طيبة نفس قد دعت محمّد أيضا والذي بدوره رفض دعوتها شاكرا لكونه مدعوّ فعلا إلى بيت أهل إيمان
إيمان!
تلك الأخرى التي تدّعي كمالا ليس فيها، تلك التي تمثّل دورا لطالما أتقنته ولكنّه يرى أنّه ما عاد يليق بها، تلك التي بات كلّما نظر لمقلتيها لا يرى فيهما سوى صدى لحرمان يصرخ في صدره هو، ووجع يسقط في دمعة يتيمة يذرفها شقيقه في مرض
.................................................. .................................................. .........................................



التعديل الأخير تم بواسطة bambolina ; 14-02-19 الساعة 08:22 PM
bambolina غير متواجد حالياً  
التوقيع


الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب
https://www.rewity.com/forum/t402401.html
رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 07:41 PM   #5223

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 22-2

صوت الأذان أجفل محمّد فأيقظه من عميق نومه ولوهلة رمش بعينيه يفكّر أنّه لا بدّ قد فاته أمر مهم، وفجأة نظر حوله بسرعة وأمسك بالهاتف يتأكّد أنّه الفجر فعلا فاستغفر الله متكدّرا ونظر حوله ليراها غافية فوق أريكتها والتلفاز أمامها مفتوحا على أحد قنوات المسلسلات

اقترب منها مغتاظا، لقد أراد أن يضع المنبّه على موعد السحور لكنّها أصرّت أنّها لن تنام وستوقظه بنفسها بعد أن تجهّز له طبق الفول على طريقة "طنط فوزيّة"، وها هي الحمقاء قد نامت حارمة إيّاه منه وهو الذي كان يتلهّف لتذوّقه من بين يديها كما وقد فاتهم حتّى أن يتناولوا شربة من الماء!!

مدّ محمّد يده يريد إيقاظها لتذهب إلى السرير وتكمل نومها، ولكنّ مظهرها منكمشة حول نفسها تدفئ جسدها ذكّره بها صغيرة تتعرّض لظلم زوجة أبيها الحقودة التي رأت بها طيفا لوالدتها التي سرقت منها قلب زوجها

تفاصيل بسيطة حكتها له إيمان بتكتّم شديد استطاع بها أن يعرف طبيعة الحياة التي عاشتها، فيما كانت هي في المقابل شديدة الفضول لأن تعرف كلّ شيء عن حياته، فشاركها الحاضر برحابة صدر فيما أبقى ماضيه مثلها... طيّ الكتمان

لكنّه لا يستطيع أن ينكر أنّ حاضره معها بدى أجمل، فغلا ابنة أخته زاكية مثلا أصبحت في قلبه أغلا وفي عينيه أجمل وهي ترى صورتها على هاتفه فتسقط صريعة هواها، والرّحِم بينه وبين أخواته اشتدّ صلة وهي تحدّثهنّ عبر مكالمات مرئيّة وإن باختصار وخجل، وحتّى عمله بطريقة ما أصبح أكثر تشويقا وهي تتفاعل مع تفاصيل قضاياه شديدة الملل

حمّى غريبة ابتدأت تضربه في قلبه فاستغفر الله مذكّرا نفسه بصيامه أوّلا وبحال زواجهما ثانيا، ثمّ مدّ يده ليربّت على كتفها ليوقظها حامدا الله أنّها كانت ترتدي بيجاما محتشمة نوعا ما

أجفلت إيمان ما إن لمسها محمّد ووقفت بسرعة دون أن تنتبه لوقوفه القريب جدّا فلامسته دون أن تبالي بما أشعلته بجسده من فورة وأبعدته عن طريقها بينما تهتف وتقول: حالا حالا يا محمّد ثواني بسّ وهيبقى السّحور جاهز

أمسكها محمّد من ذراعها بسرعة موقفا إيّاها فوضعت يدها على قبضته بينما تقول متعجّلة: أوعى بسّ يا محمّد أمّا أخلّص قبل ما الفجر يدّن

مشفقا عليها أمسكها محمّد من ساعديها وقرّبها منه قائلا: إيمان الفجر أدّن فعلا

بهتت إيمان للحظة تحاول استيعاب ما يقوله لها قبل أن تنظر إليه خائبة ويملأ الحزن مقلتيها وتقول: إيه؟ أدّن... طب وطبق الفول؟ خسارة!!

ابتسم محمّد بذهول وقال لها مازحا: بقى انت زعلانة على طبق الفول اللي ما عملتهوش ولّا عليّ انا اللي هفضل طول اليوم جعان وعطشان

فغرت إيمان عينيها وأدركت عندها فقط أبعاد أن تكون مسؤولا عن شخص ما فهمست بحزن: بجدّ اسفة يا محمّد سامحني علشان أنا غبيّة فعلا!

مشفقا عليها ابتسم لها بتسامح وقال: ما حصلش حاجة، ربّنا يقدّرنا على صيامه وقيامه، أمّا الحق الفجر بالجامع روحي نامي إنتِ بقى، وبقولّك إيه يا إيمان

نظرت له إيمان باهتمام تقاوم ذرف بضعة دموع تلحّ عليها، فابتسم لها قائلا: ما تقوليش على نفسك غبيّة تاني

كلماته فاجأتها وهوت في قلبها ملتهبة حدّ الوجع فابتسمت له برقّة مرتعشة قبل أن تهزّ له رأسها بطاعة، دون أن تستطيع أن تنطق بحرف واحد، فابتسم لها محمّد مشجّعا وأوشك على المغادرة عندما شاهدها تمسك بيدها زجاجة الماء التي كانت بجانبها وتسكب منها كوبا كبيرا شربته أمامه بكلّ... أريحيّة وعدم إحساس

بحلق بها بصدمة وقد أحسّ ببعض الخجل يعتريه وهو الذي لم يعتد تلك الألفة بين الزوجين، فلاحظت حينها صدمته وسألته بعدم فهم: خير يا محمّد عاوز حاجة؟

مبتسما بعجب من حمقها هزّ رأسه وأجابها: أبدا يا إيمان... اشربي اشربي فيه الهنا!

قالها واتّجه نحو الحمّام فأوقفته بسؤال لم يكن قد خطر على باله بعد: إلّا همّ حسين ومراته ما صحيوش للسحور همّ كمان ولّا إيه؟

جمدت قدما محمّد للحظات قبل أن يرجع ويبحث عن هاتفه ليتّصل على شقيقه يفهم منه الأمر، وما كانت إلّا لحظات وكان حسين يجيبه على الهاتف فعلا يخبره أنّه وزوجته لم يعودا حتّى الآن من الخارج وأنّهما قد قرّرا التسحّر في إحدى الخيم الرمضانيّة!

.................................................. .................................................. ......................

بعد الظهر

تستلقي على سريرها بشكل جانبيّ، تضع كلا كفّيها تحت خدّها، جسدها تغطّيه بالكامل تدّعي النوم مخفية إيّاه عن عيون شقيقتها التي تراقب اهتزاز جسدها بشفقة، فها هي ومنذ أن غادرهم زوجها قبل ليلتين تبكي دون توقّف، لا سيّما ووالدتهم أيضا تخاصمها فتتجاهلها ولا تتحدّث معها في أيّ شيء

تنهّدت مريم بأسى قبل أن تقرّر أخيرا أن تخرج من الغرفة وتتحدّث لوالدتها علّها تخفّف عنها أو على الأقل تفهم ما بها

أمّا بتول فما إن خرجت شقيقتها من الغرفة حتّى رفعت الغطاء عن رأسها تشهق ببكاء مكتوم، محتقنة الوجه تغصّ بالعبرات

تعلم أنّها قد أغضبت والدتها مخيّبة أملها، كما وتعلم أنّها قد آلمته وأحزنته، ولكن ما حيلتها وهي تشعر بكلّ ذلك الضغط، كلّ ما أرادته هو فسحة تستعيد بها ذاتها القديمة وتستوعب الأخرى الجديدة التي لا تعرفها، لقد طالبته عدّة مرّات بالمبيت عند والدتها، أخبرتهما أنّها تريد ذلك ومنعها الحياء أن تقول صراحة أنّها تحتاج لتلك الفسحة، لكنّهما أبدا لم يأخذاها على محمل الجدّ

ثمّ ما كان بيدها أن تفعل وهي تشعر بأنّ كرامتها على المحكّ؟

أتتجاهلها فقط لأنّه زوجها، أتصدّق أشهر كذبة سمعتها في حياتها أن لا كرامة بين الرجل وزوجته؟ أتتجاهل صراخه بها بتلك الطريقة وتغادر معه وكأنّ شيئا لم يكن؟ أتتخاصم مع كبرياءها لأجله؟ ألا يكفي أنّها تجاهلته منذ أن تزوّجته بل منذ الليلة الأولى عندما سلّمته نفسها بكلّ سهولة، مبادلة شغفه بشغف أكبر، وحاجته بحاجة أكثر

احتقن وجه بتول بشدّة وغطّت وجهها بيديها والخزيّ يضرب حياءها وأنوثتها وحتّى كرامتها بمقتل، كيف أصبحت هكذا هي لا تعلم، لطالما كانت متزمّنة وجادّة أكثر من اللازم، لم تفعل يوما أو تقرب ما قد يفجّر لديها كلّ تلك الرغبات فكيف انقلبت بين يوم وليلة لتكون... هكذا

ربّما لو أنّها بقيت كما هي... لو أنّها لم تصبح كذلك... لو أنّها لم تسلّمه حصونها بكلّ تلك السهولة وكلّ ذلك الشغف... ربمّا حينها لكان أمطرها بكلمات الحبّ راجيا قبولها... لكان أتخمها غزلا طالبا ودّها... لكنّها لم تفعل... لم تفعل وكانت النتيجة أنّها لا تلقى منه سوى... السخرية

آه لكبرياءها كم أنزفته

كبرياءها فقط هو من كان اشرس مدافع عنها طوال سنوات حياتها، هو من كان يقف شامخا أمام همزات ولمزات صديقاتها عندما يرون حذاءها المهترئ والذي ملّ "الإسكافيّ" لكثرة المرات التي اصلحه فيها، أو عندما كانت تذهب في أول ايام المدرسة بدفاتر العام الذي يسبقه، أو حتّى في زيّ قد انكمش لشدّة صغره، حينها.. دوما كانت تتسلح بكبرياءها، ترتديه فتعزل نفسها عن قلة إحساسهم وبلادة انسانيتهم في برج من البرودة واللامبالاة فتنظر إليهم من علٍ، فينكمشون أمامها مستشعرين ثقتها بنفسها وصلابة ارادتها التي لا تأتي إلّا من شخص لا بدّ أنّه أفضل منهم بكثير فيتقهقرون تلقائيّا وينكمشون أمامها

وحتّى عندما ذهبت إلى الجامعة كانت تعلم أن معاناتها ستكون اسوأ إن لم تتجلد بذات الجديّة واللامبالاة فإن كنّ زميلاتها اللواتي هن من ذات حيّها وبيئتها ولأنّهنّ اكثر حظا منها بقليل بوجود اب يؤمّن لهن ولو أقلّ القليل من احتياجاتهن كنّ يردن التقليل منها، فكيف بمن جئن من بيئات مختلفة وطبقات متعددة؟!

وحتى وهي تذهب للعمل في المكتب، حتى وهي تنبهر بمديرها الشاب، حتى وقلبها ينبض له بتأثّر وحبّ، دوما سلاحها كان بهذا الكبرياء الذي بات جزء لا يتجزّأ من كينونتها

والآن تريدها والدتها ببساطة أن تتجرّد منه وفقط لأنّها تزوّجت؟ وكيف ستفعل أصلا وهي تواجه ذات المأساة في بيت من المفروض أن يكون لها وتجد فيه راحتها، كيف ستحطّ أوزارها فيه وذات الحرب لا تزال قائمة، فها هي تلك الإيمان تشاركها السكن... مدلّلة وثريّة وفاتنة و... ممثّلة، فلم عليها أن تعاملها بطريقة مختلفة عمّا اعتادت أن تعامل الجميع به، لم عليها أن تتعامل معها بشعور بالألفة والأخوّة هي لا تشعر نحوها به، ألأنّهم يصدّقون زيفها عليها هي أيضا أن تفعل مثلهم؟ ألأنّهم سذّج أمام براعة تمثيلها عليها أن تكون مثلهم؟ يريدون منها خدمتها والسهر على راحتها وكأنّها أميرة زمانها وهي الخادمة الخاصّة بها فقط لأنّهم يشفقون عليها من سذاجة وبراءة غير موجودة أصلا، يريد منها حسين الصمت وادّعاء الجهل وهي التي تعلم جيّدا أنّها كانت تحوم حوله سابقا، يريدها أن لا تغار من حديثه وعفويّته معها مصدّقة أخوّة غير منطقيّة ولا مقبولة فقط لأنّه أمرها بذلك!

نعم تغار هي عليه وتموت غيرة من أنثى تعلم أنّها كانت تحيك حوله المكائد لتوقعه في شباكها ووحده الله يعلم سبب رفضه لها

كما وأنّها تشعر بالـــ...خوف

تخشى اليوم الذي يدرك حسين فيه أنّه أخطأ الاختيار، اليوم الذي يبحث فيه عن "منشن" الجادّة الوقورة التي أعجبته فلا يجدها، اليوم الذي يوقن فيه أنّها ليست أيضا كأمّها الدافئة العطوفة التي تزوّجها لأجلها، لكنّها على الأقل ترجو أنّ حبّه وتعلّقه بأسرتها الذي تأمل أنّه سيزيد أكثر مع كثرة تواجدهما في محيطهم، سيكون سببا قويّا لارتباط أمتن بينهما

هذا بالطبع إن كان لا يزال راغبا بها بعد أن غادرهم غاضبا

شهقة جديدة من الخوف ضربت قلب بتول قبل أن تعاود الغرق في دموعها من جديد، وفجأة فُتح باب الغرفة بقوّة أثارت فزعها قبل أن تدلف والدتها وتقترب منها وعيونها ترعد بالغضب، فعدّلت هي من جسدها ونظرت لها قبل أن تقول بصوت واجف و خجل: ماما؟!

بغيظ متوقّد سألتها فوزيّة: ممكن أعرف إنتِ دلوقت بتعيطي ليه؟ ها؟ انت مش عملت الي فدماغك؟ يبقى زعلانة ليه؟

بقهر ودموعها تسيل قالت: ومين قال إنّ ده اللي فدماغي بسّ يا ماما؟!

حزينة على ابنتها غاضبة من جنونها تساءلت بحيرة: الله؟ انت هتجنّيني يا بت؟ هوّ مش انت اللي ركبت دماغك وراسك وألف سيف لتطفّشي جوزك وتقعدي هنا؟

باعتراض وحزن أجابتها بتول: هوّ أنا يعني لمّا أحبّ أقعد معاكو يومين أبقى بطفّشه؟ ما ستّات كتير بتقعد في بيت اهلها وعادي ما بيجراش حاجة شمعنا أنا

صمتت فوزيّة بحيرة وتأمّلت ابنتها بخشيّة وسألت: قولي يا بنتي وريّحي قلبي الله يريّح قلبك، إنتِ في حاجة بينك وبين جوزك؟ كارهاه؟

بلهفة وسرعة نفت بتول كلام والدتها قائلة: بالعكس والله يا ماما

شعور بالراحة أحسّته والدتها ثمّ سألتها: يعني بتحبّيه؟

صمتت بتول محرجة تداري حياءها عن عيون والدتها التي قالت بحيرة وقد أدركت إجابة ابنتها: طب أمّال فيه إيه بس مش مبسوطة ليه؟ هوّ مقصّر معاك فحاجة؟ بخيل؟ بيشتمك؟ بيمدّ إيده عليكي؟ ولّا يكونش... مقصّر معاك في الحاجات الخاصّة لا قدّر الله، ولا مثلا ما بتتبسطيش وانت معاه وبتهربي منّه علشان كده

بدفاع وحرارة نفت بتول من جديد قائلة: لا لا يا ماما حرام حسين ما فيش منّه مش مقصّر بأيّ حاجة

بغضب اشتعل بداخلها من جديد هتفت فوزيّة: أمّال في إيه بس؟

بتخبّط حاولت بتول الشرح بارتباك وقالت: أنا مش مرتاحة يا ماما محتاجة أتأقلم وقعدتي مع اللي متتسمّاش مش مدّياني الفرصة

بنفاذ صبر وعدم اقتناع بكلام ابنتها صرخت فوزيّة قائلة: يووووه رجعنا للعوق من تاني؟ يا بتول يا بنتي حرام عليكي البنت طيّبة انت بسّ اللي حاطّاها في دماغك معرفش ليه، تكونيش بتغيري منها؟

بغضب هتفت بتول معترضة: إيه! أغير منها ليه؟ يكونش على راسها ريشة وانا مش عارفه؟

أجابتها والدتها بانتصار قائلة: ما دام اتحمقت كده يبقى بتغيري منها هوّ انا هتوه عنّك... السؤال المهمّ هوّ ليه؟ أحسن منّك هيّ في إيه علشان تغيري منها؟!

بغيظ وحدّة أجابت بتول: يووووه يا ماما، انا ما بغيرش منها على فكرة أنا بس... بغير عليه منها وأظنّ ده من حقّي

فغرت والدتها عينيها وقالت بغير تصديق: انت تهطلتي فمخّك باين ولّا إيه؟ بتشكّي فجوزك ومراة أخوه؟

بسرعة أنكرت بتول خوفا من والدتها وقالت: لأ... لأ يا ماما مش القصد، بسّ متقدريش تنكري إنّ الوضع ده غلط وما يصحّش

بغيظ ضربت فوزيّة يدا فوق الأخرى وقالت: هوّ مش من عوجك؟ مش انت اللي فضلت تماطلي في الجوازة لغاية قبل الفرح بكم يوم؟ وهوّ كان هيلاقي بيت فين؟ ولو لاقى ... أنا... أنا كنت هلحق أجهّزهولك ازّاي، ده انا من يومها وانا موصيّة عمامك يبيعولي حتّة الأرض بتاعت ابوك اللي في البلد علشان اجهّزك بتمنها ولسّة ما حصلش

اضطربت بتول وشعور عارم بالخزي يملأ كيانها وهي التي لم تفكّر بحال والدتها وبالجهاز الذي عليها أن تتكلّف به ما إن تسكن في بيت لوحدها، وسمعت والدتها تكمل قائلة نافضة تلك الأفكار من رأسها: ثمّ يا موكوسة... يا موكوسة وهيّ اللي تغير على جوزها من وحدة تسيبلهم البيت وتمشي؟

بقهر أجابتها بتول والنيران تشتعل في صدرها من جديد: شفتِ شفتِ يا ماما اهو انتِ بتقوليها اهو هوّ انا يعني مش من حقّي لمّا اقعد عندك يومين انام وانا مطّمنة

بغيظ من ابنتها وعنادها أجابت فوزية: اطّمني يختي اطّمني، جوزك أديله يومين بيبات في المكتب، مراعي حرمانيّة قعدته في البيت من غيرك، وقافل بقّه وساكت مستنّي لمّا جنابك تحسّي على روحك وترجعي بيتك وتبطّلي شغل العيال اللي بتعمليه ده

بصدمة قالت بتول وبعض من الراحة يتسلّل لداخل صدرها فينعش فؤادها: إيه؟ في المكتب؟ يا حبيبي يا حسين

ابتسمت فوزيّة رغما عنها وقالت متهكّمة: دلوقت بقى يا حبيبي... وطالما إنّه حبيبك لازمتها إيه الحركات ديه كلّها

أغمضت بتول عينيها والشعور بالذنب بعتصر قلبها، فشعرت فوزيّة بألم ابنتها فجلست أمامها وسألت: يا بنتي قولي فضفضي أنا أمّك وما فيش حدّ هيحبّك ويخاف عليكي قدّي

بتردّد نظرت بتول لوالدتها وقالت: أصل... أصلي يا ماما مش حاسّة إن حسين بيحبّني زيّ ما انا بحبّه

بحنان نظرت فوزيّة لابنتها وقالت بمهادنة واقناع: يا بنتي حسين لمّا جه يتقدّملك جه من نفسه ما فيش حدّ ضربه على إيده يعني لو مش عايزك بجدّ ما كانش في حاجة ممكن تجبره

نظرت بتول لأمّها وقالت بألم: حسين بيحبّك يا ماما وبيحب اخواتي

بإصرار أجابت فوزيّة: ولو يا بتول ما فيش حدّ بيتقدّم لبنت يخطبها علشان أهلها بسّ، أهلها ممكن يكونوا من الإيجابيات اللي تتحسبلها لكن أكيد لو ما مفيش قبول مش هيكونوا سبب رئيسي

بمرارة أجابتها: اديكي بتقوليها يا ماما قبول... قبول مش حبّ

بطولة بال وأناة شرحت والدتها: يا حبيبتي ما هوّ القبول أوّل طريق الحبّ والستّ الشاطرة هيّ اللي تقدر تخلّي جوزها متعلّق بيها وميقدرش يستغني عنها وعن وجودها فحياته، بتحتويه وبتتغلغل في كلّ تفاصيل حياته، لدرجة إنّه بيبقى بعيد عنها مخنوق وتعبان ومش قادر، لكن صدّقيني لو كانت حمارة وعملت زيّك كده، هيتعوّد على غيابها وتبقى بالنّسباله ما تفرقش!

صمتت بتول ولم تعقّب على كلام والدتها بشيء فزفرت فوزيّة بقلة حيلة وأجابت: اللي عندي اديني قلته وانت بقى عقلك في راسك تعرفي خلاصك

.................................................. .................................................. ......................................


bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 07:43 PM   #5224

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 22-3

تمطّت منال بكسل داخل فراشها ومدّت يدها لتتناول هاتفها من جانبها ونظرت له بعين واحدة لتبتسم بسعادة وهي تدرك أنّها قد نامت كثيرا وأنّ ساعة واحدة فقط تفصلها عن صلاة الظهر

تنهّدت براحة سعيدة بهذا الدلال الذي لم تنله منذ فترة طويلة ، بالتحديد منذ أن جاءت حماتها لتقضي إجازة "سريعة" لديهم، ولكنّ لأنّ الحال المائل في بيت ولدها على حدّ قولها لم يعجبها "اضطرّت" للبقاء وإطالة مدّة الإقامة لتقويم الإعوجاج فيه، بل في زوجته إن أرادت الدقّة!

أغمضت منال عينيها بغمّ وضيق وهي تتذكّر تصرّفات حماتها الخانقة لها ولحريّتها منذ أن قدمت لزيارتهم، حيث تنتقد كلّ تصرّف تتصرّفه وكلّ قرار تتخّذه وأحيانا كلّ كلمة تقولها، فلا تأل جهدا لتبدي امتعاضها منها وإن ليس بقولٍ فبنظرة أو مصمصة شفاه، حتّى ما عادت هي تعرف ما لا يعجبها وما الذي سيرضيها

هذا طبعا عدى تلميحاتها التي باتت أقرب لتصريحات جارحة عن حفيدها الذي قد تأخّر وكيف أنّها حتّى الآن لم تقم بواجبها الطبيعي نحو العائلة بأسرها بإنجاب الولد المنشود الذي سيحمل اسم والده وجدّه، تقولها كما لو أنّها تتحدّث عن اسم الأسرة "الحاكمة"، وكم تودّ هي أن تخبرها أنّ الولد سيظلّ حلما طالما هي باقية معهما تمنع أيّ خلوة بينهما وتضعهما تحت الرقابة المشدّدة، تمنعها حتّى من اللحاق به لغرفة نومهما عندما يدخل لينام ليلا مردّدة على مسامعها جملتها الأثيرة

"سيبي الولد ينام ويرتاح ده خس النص"

ابتسمت منال بمكر لا تعلم حماتها أنّ ولدها سيظلّ غير مرتاح لا في نومه ولا صحوه طالما هي تمنعه عنها!!

نظرت منال لمكان زوجها الفارغ بجانبها بحبّ وأخذت وسادته تحتضنها بشوق بينما تبتسم لخياله بوله شديد، تتذكّر نظرة الإحباط التي يرميها بها في كلّ حين وقبلاته الخاطفة الولهة التي يسرقها منها كلّما سنحت له الفرصة منهيا إيّاها دوما بـ "الله يسامحك يا ماما هوّ في وحده تقطّع على ابنها حبيبها بالشكل ده"!

فتكتفي هي بفرقعة ابتسامتها الصاخبة مدارية في رنّتها إحباطها هي الأخرى وشوقها

أخذت منال نفسا عميقا ثمّ أخرجته ببطء مستغفرة الله، ودخلت حمّام غرفتها وتوضّأت قبل أن تخرج وتقف أمام خزانة ملابسها تنظر إليها بتفحّص تبحث عن ما قد يوافق معايير حماتها فحتّى اليوم هي لم ترتدي شيئا لم توبّخها عليه

ابتسمت منال تلقائيا وهي تتذكّر يوم وصولها عندما استقبلتها بتنّورة من الجينز تنتهي عند منتصف ركبتيها يعلوها قميص أسود من الشيفون مبطّن من الداخل لكنّه يترك أعلى الصدر والذراعين مكشوفا

يومها شهقت حماتها ما إن تمعّنت فيها بعد أن سلّمت عليها واحمرّ وجهها قبل أن تتمتم لابنها بصوت مسموع: إذا كان دلوقت وقدامي لابسة كده أمّال جوّة في أوضة النوم بتلبس إيه؟

رغما عنها ضحكت منال وهي تستعيد ردّ زوجها التلقائيّ وهو يجيب: مابتلبسش

شهقة حماتها القويّة أجفلته ونبّهته لما زلّ به فقال بسرعة: قصدي ما بتلبسش كدة طبعا

لكن ذلك بالطبع لم يمنع حماتها من أن تتمتم بقرف: قلّة حيا

هزّت منال رأسها لتنفض ذكرياتها ليقع اختيارها أخيرا على بنطال أسود من قماش مطّاطي، تعلوه بلوزة خضراء قطنية طويلة تغطّي أغلب الردفين وبأكمام طويلة تصل حتّى ما قبل المرفقين بقليل

ما إن ارتدت منال ملابسها وخرجت من الغرفة حتّى وصلها صوت حماتها قائلة: ما لسّه بدري، كلّ ده نوم؟ الضهر إدّن وإنت لسّة نايمة بفرشتك، دي لو ليها لسان كات صوّتت وقالتلك تعبت خلاص

أخذت منال نفسا عميقا وتذكّرت كلمات أمّها الحنون التي تنصحها بالتروّي والصبر بالتعامل مع حماتها على الأقل لأجل خاطر زوجها فأغمضت عينيها للحظة تستعيد تفاصيل وجهه المحبّب ثمّ فتحتهما وابتسمت لحماتها قائلة: صباح الخير خالتو

حرّكت حماتها فكّها بامتعاض يمينا ويسارا قبل أن تجيبها قائلة: صباح؟ وهوّ فين الصباح ده، غمّضي عينك وفتّحيها تلاقي جوزك جه، طب على الأقل قومي شوفي الضيفة اللي قاعدة من الفجريّة بتكلّم في الحيطان لوحدها

جلست منال قائلة: يا خالتو يا حبيبتي أوّل شي جمال لسّة قدّامه تلات أربع ساعات ليوصل، وتاني إشي الدنيا رمضان يعني لا غدا ولا شاي ولا غيره، أمّا إنت فخلص صرتِ من أهل البيت يعني مو ضيفة

احتدّت نظرات أمّ جمال وسألتها بضيق: تقصدي إيه؟

باستغراب أجابتها منال: مو قصدي شي

بإصرار وصوت توشّح بالغضب قالت الأخرى: لا تقصدي، إنتِ قصدك إنّي أنا طوّلت القعاد عندكم وخلاص بقيت تقيلة

بضيق أجابت منال وقد أوشك كيل احتمالها على الفيضان: لا حول ولا قوّة إلّا بالله، هلّأ مو إنتِ دايما بتقوليلي هاد بيت ابني وبيت ابني يعني بيتي، ها وين صفّينا إنّه إنتِ مو ضيفة، وعموما حقّك عليّ أنا لو عارفة إنّه حتّى برمضان بتصحي من الفجر وبتضلّي صاحية كنت ما نمت أبدا، بسّ يا خالتو يعني والله الدنيا رمضان والنهار طويل يعني الواحد شو يضل قاعد يعمل

بقلّة ذوق وصرامة أجابتها أمّ جمال: صلّي اقري قرآن ولا انتوا عندكم ما بتعرفوش تعملوا كده

بقهر حقيقيّ أجابت منال: عندنا؟ الله يسامحك يا خالتو! عفكرة إحنا دولة مسلمة ولله الحمد، والحمد لله للضحى وأنا بصلّي وبدعي وبقرأ قرآن وما نمت إلّا بعد ما جمال طلع على شغله

بعنت جادلتها حماتها: برضو.. ستّ البيت الي بحقّ تقوم تخلّص شغل بيتها من بدري مش جوزها يرجع ويلاقيها زيّ ما سابها الصّبح على حالها

نظرت منال حولها وقد ابتدأت تضيق فعلا من حصار حماتها فقالت بلهجة ابتدأت تفقد ثباتها: البيت زيّ ما انتِ شايفتيه نضيف ومرتّب دايما

حينها تنهّدت أمّ جمال من جديد وخبطت كفّا بكفّ قبل أن تمصمص شفتيها بحسرة وتقول: طبعا وهوّ مين اللي هيحوسه يعني طول ما هوّ فاضي ومن غير حسّ ، واضح إنّك بتدعي من قلب

طعنة موجعة توغّلت بداخل صدرها بسبب كلمات حماتها أجابت منال على اثرها: يمكن لإنّي معتمدة عليكِ فيه، لإنّه بعرف دعاء الأم مستجاب، ولّا إنتِ ما بتدعيله لابنك؟

عندها وبفجاجة صادمة قالت تلك: ربّنا العالم ليل نهار بدعيله ربّنا يرزقه باللي تجيبله الولد

أجفلت منال وقد أدركت المعنى الواضح من كلمات حماتها فابتسمت بألم وقهر وقالت: صفّي نيتك بالدعاء خالتو لعلّ الله يستجيب!

.................................................. .................................................. ........

قرب المغرب

تستند بظهرها إلى الباب مغمضة عينيها بشدة، تقاوم ذلك الشوق الموجع إليه بينما صوته يصلها قابضا بصداه على قلبها معتصرا إيّاه بقوّة موجعة

انتفضت بتول على صوت والدتها تناديها تخبرها بقدوم زوجها واقتراب موعد أذان المغرب، فتوجّهت نحو زجاجة ماء صغيرة تخفيها بداخل دولابها شربت منها جرعة صغيرة ترطّب بها حلقها الجافّ قبل أن تنظر لنفسها للمرّة الأخيرة تتأكّد أنّها تبدو مقبولة المظهر من غير تكلّف ولا بهرجة، ثمّ أخذت نفسها عميقا زفرته ببطء وفتحت الباب بكلّ هدوء

ما إن لمحته بتول يجلس بالصالة يناكف شقيقها حتّى تأجّج اشتياقها فتسارعت خطواتها رغما عنها ولكنّها ما إن أوشكت على الوصول حتّى غزت قلبها الخشية والمخاوف، فماذا لو كان أشدّ غضبا من أن يقابل ترحيبها بترحيب مماثل، بل ماذا لو لم تجد في عينيه صدى لشوقها إليه؟!

حينها ورغما عنها تباطأت خطواتها حتّى توقّفت تماما قريبة منه و بذات الوقت بعيدة.. على بعد خطوتين!

ذلك الهدير الصاخب الذي كان قد ابتدأ يضجّ في قلب حسين منذ اللحظة الأولى التي توقّفت فيها سيّارته على مشارف حيّهم، والذي كان قد ازداد مع تسارع خطواتها الملهوفة لملاقاته، كان قد توقّف تماما الآن متقهقهرا مخلّفا وراءه كلّ مشاعر الخيبة والخذلان التي كانت تملأ روحه منذ أن نأت بنفسها عنه منذ يومين

مرغمين بوجود الأشهاد وقف هو واقتربت هي، جموده أربكها فمدّت له عن بعد يدا مرتعشة، باغتته للحظة، صفعت حاجته، فارتعش قلبه رعشة خوف، ومدّ يده

بحاجة ملحّة رفعت بتول عينيها إليه وحدّقت به لتصفعها تلك الهشاشة العارية في عمق عينيه ويقتلها ذلك الوهن الجليّ الذي كدّر وسامة ملامحه، فاهتزّ قلبها له ألما لتبتسم بضعف وتسأله بصوت مرتعش: ازّيّك؟

حينها وقبل أن يجيبها بشيء، سمعا صوت والدتها تتخلّل تلك الفقاعة الهشّة التي حوتهم للحظات فارقة من الزمن: أنا عايزة أفهم مين فيكم الي قفل الراديو، اتاريني لا سامعة صوت قرآن ولا تواشيح ولا أيّ حاجة، يا مريم يا محمّد انتو فين، ايه الغلب الي انا فيه بسّ ده يا ربّي ما فيش حدّ في البيت ده عنده مسؤولية ولا حتّى بيحسّ

رمش حسين بصدمة فهذه هي المرّة الأولى التي يرى فيها فوزيّة فاقدة لأعصابها بهذا الشكل فابتسم مقاوما الضعف الذي كان يشعر به قبل لحظات واقترب منها يناغشها قائلا: مالك بسّ يا وزّتي مين ده بس الي يقدر يزعّلك وانا موجود

نظرت له فوزيّة والتعب يبدو واضحا جليّا عليها: كلّهم والله كلّهم ما فيهم حدّ نافع

نفش حسين صدره وقال بفخر: سيبك منهم دول فاشلين ما ينفعوش أنا معاك اهو، أُأمريني عايزة ايه وانا اعملهولك

حينها كان ثلاثتهم ينظرون له بصدمة وعدم رضا فنظر لهم بفوقيّة وقال مؤكّدا: أييييوة إنتو فاشلين... هااا عايزة إيه يا وزّتي وانا اعملهولك

أخذت فوزيّة نفسا عميقا وقالت: السفرة لازم تتجهّز بسرعة

هزّ حسين رأسه بطاعة وقال: حاضر يا وزّة ولا يهمّك... بتّ يا مريم تعالي بسرعة جهّزي السفرة

نظرت له مريم بصدمة وتخصّرت باعتراض فنهرها بحزم كاذب وقال: بسرررعة!! هااا وايه كمان يا جميل يا طعم انت؟

نظرت فوزيّة حولها تحاول التركيز على ما تريد وقالت: اطباق الأكل ايوة اطباق الأكل اللي جوّة مليانة في المطبخ لازم تتوزّع على الجيران، الطبق الكبير المدوّر لأم سيّد في الدّور اللي فوق، الطبق البلاستيك لأم حسن أصل الطبق الي بيروحلها بنقرى عليه السّلام، أمّا الطبق الصغيّر المترتّب بزيادة فده للعريس والعروسة الجداد الي سكنوا عندنا في الدور الأرضي

عندها سألتها بتول باستغراب وقالت: طب والستّ أمّ زينات يا ماما، دي كلّ أوّل رمضان بتبعتلنا طبق الكنافة وعمرها ما نسيت!!

ضربت فوزيّة صدرها وشهقت بقوّة كتم لها حسين ضحكة أوشكت أن تنفلت منه حتّى لا يثير غضبها أكثر ثمّ قالت: يقطعني نسيتها ازّاي دي بسّ

أصدر حسين بلسانه صوتا يدلّ على عدم رضا وقال لها بعتب: هوّ يصحّ كده برضو يا فوزيّة، بقى الستّ ام زينات الي هتجيبلنا الكنافة النهاردة ان شاء الله من غير مقاطعة تتنسي برضو، امشي يا بتول بسرعة أملّيلها طبق أكل وأتوصّي بيه

نظرت له بتول بصدمة وكشّرت بغير رضا مقاومة ابتسامة تجاهد لتداعب شفتيها فهتف بها قائلا بحنق كاذب: بسرعة يلّا انت هتّنحي كده كتير، بتول هااا بقولك إيه كبّري الطبق كبريه أوي يمكن ربّنا يهديها وتبعتلنا الكنافه فيه!

جلجلت حينها ضحكة مريم تملأ المكان، أمّا هو فنظر لمحمّد وأمره قائلا: وانت راخر مالك واقف متنّك كده ليه متيلّا بسرعة وزّع الاطباق على الجيران بسرعة

ابتسم محمّد وتحرّك يقول باستهزاء: لا ساعدتها كتير الحقيقة حضرتك!

ما إن فرغ المكان إلّا منهما حتّى نظر إليها حسين بابتسامة عابثة وغمزها قائلا: أخيرا قدرت أوزّعهم وخليلنا الجوّ يا حلو يابو ايدين تتلفّ فحرير... قوليلي بقى، طبختلنا إيه النهاردة حاكم انا على لحم بطني بقالي يومين

كلماته وصلت أسماعها في المطبخ فأغمضت عينيها بقوّة تخفي الندم الذي صرخ ناطقا فيهما بينما تسمع أمّها تجيبه بحنان: يا حبيبي يا ابني ليه بسّ كده امّال بيتي راح فين لمّا تقعد في الجوع يومين بحالهم

أجابها حسين بشرود: ما حسّتش فيهم بلحظة جوع... هااا هتقوليلي عاملة إيه للفطار ولّا ادخل استكشف بنفسي؟

ابتسمت فوزيّة حينها وأجابته بفخر طفوليّ: قول بسم الله وعدّ على إيدك بقى!!
.................................................. .................................................. .....................


bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 07:46 PM   #5225

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 22-4

وعلى النقيض تماما من الأجواء الرمضانيّة الرائعة في بيت السيّدة فوزيّة كان الوضع في شقّة الدكتورة إحسان، فلا فوانيس ولا زينة ولا أيّة طقوس خاصّة ، وكأنّما الشهر الفضيل وصل حتّى باب بيتهم ومرّ عنه دون أن يطرق بابه وربّما لولا تلك التهنئة التي ألقاها الأستاذ مصطفى وهو يستقبلهم وقبل أن يعتذر منهم ويتركهم لوحدهم لدقائق قليلة، لنسي هو سبب الدعوة الأساسي

تلك البرودة التي شعر بها محمّد ما إن دخل هذه الشقّة جعلت سؤالا ملحّا يدور في عقله "كيف استطاعت انسانة دافئة كإيمان أن تحيا في جوّ كهذا"

نعم لقد أصبح هو يعلم كم أنّ زوجته إنسانة دافئة شغوفة حسّاسة، رغم كلّ ما بها من عيوب توجعه لكنّها تبقى هنا كوردة في وسط جبال الأسكيمو، إذا لا غرابة أنّه يشعر بها منذ أن تزوّجته وجاءت لتسكن معه في بيته تزداد اشراقا و... جمالا، والآن وبينما يجلس معها في المكان حيث نشأت أصبحت محاولاتها المفضوحة الحثيثة في التقرّب منه -كإحباط غير منطوق لقراره بجعل زوجهما مؤقّت ومع وقف التنفيذ أيضا- مبرّرة جدّا، والسؤال الخطير الذي يطرق عقله الآن "إلى متى سيستطيع هو المقاومة؟"

في هذه اللحظات وبينما هو غارق في أفكاره هذه، دخلت الدكتورة إحسان تقترب منهما بخطوات متأنّية راقية، فوقف بدوره بثقة ولباقة ومدّ يده ليسلّم عليها دون أدنى نيّة بالاقتراب أكثر فهو كمضطلع بعض الشيء بطبائع الأفراد بحكم خبرته الكبيرة في التعامل معهم، كان يعرف أنّ امرأة باردة متحكّمة كإحسان لن تنسف الحدود بينهما فقط لأنّه أصبح الآن زوجا لابنتها

ضحك محمّد بداخله من نفسه ساخرا فكيف لها أن تفعل إن كانت عاجزة عن تجاوز الحدود مع ابنتها نفسها، إن كانت غير قادرة على رؤية تلك اللهفة في عيون ابنتها التي تتململ شوقا تريد الركض لحضنها ظانّة أنّ والدتها بزواجها وابتعادها ربّما قد شعرت نحوها ببعض الشوق والحنان، فتأتي تلك وتنسف في لحظة جبل اللهفة والحاجة الذي كانت إيمان تبنيه طوال طريقهم من بيتهم إلى هنا، مكتفية بمصافحتها وقبلة باردة على خدّها وطبطبة جافّة على ظهرها وسؤال بارد عن الحال، قبل أن تسارع بالابتعاد مخلّفة ابنتها واقفة أمامها بصدمة وخواء عميق يحفر في مقلتيها!

مبتسمة بتكلّف أشارت إحسان إليهما بالجلوس بينما توجّه له هو الحديث قائلة: أتفضّلوا خدوا راحتكم أسيبكم شويّة بسّ أشوف إيه الأخبار في المطبخ على ما يأدّن المغرب

هزّ محمّد رأسه وأجابها ببرود متحرّقا لإقصائها عنهما وقال: أتفضّلي يا دكتورة خدي راحتك

وفي ذات اللحظة التي ابتعدت فيها عنهما سارع للنظر إليها بشفقة فيما حنان عجيب نحوها ينسكب بداخل صدره جارفا، ليشعر وكأنّها وفي تلك اللحظة بالذات ابنته لا زوجته، فأمسك بكفّها الصغيرة الباردة التي لطالما اجتثّت برودة قلبه وقبّلها برقّة شديدة قبل أن يجلس ويسحبها معه ملصقا إيّاها بجانبه هامسا لها بدفء: إيه رأيك أوّل ما نخلّص أكل نتحجّج بأيّ حجّة ونمشي على طول، ولو كنت شاطرة وأكلتي كويّس هاخدك على كاندي شوب كبير تاخدي منّه اللي انتِ عايزاه

كطفلة أبرقت عينيها وناظرته بلهفة تتحرّى صدقه وقالت بحماس: بجدّ؟

مبتسما هزّ محمّد رأسه ومتألّما أسبل أهدابه فإيمان في هذه اللحظة ذكّرته بشكل ما بشقيقه حسين عندما كان صغيرا، لكنّ حسين رغم كلّ شيء كان لديه هو، ولكن إيمان.. زوجته من كان لها ليخفّف عنها ثقل وجود أمّ... غير موجودة

حينها وفي هذه اللحظة بالذات وجد محمّد نفسه أكثر تقبّلا لمحاولتها الرخيصة بتدبيس شقيقه بزواج لم يرده، وربّما... ربّما فقط... أصبحت الآن زلّتها -التي تقصم ظهر رجولته وتبعثر تأثّره الخطير بها كلّما أوشك على الانزلاق معها والانصهار بها- أكثر منطقيّة، ليس أنّه يتقبّلها ولا يبرّر لها، ولكنّه بشكل ما بات أكثر تفهّما لماذا قد تكون انزلقت نحو هذا الحضيض في المرتبة الأولى، وربّما في هذه اللحظة أيضا وللغرابة يستطيع أن يجد الفرق واضحا ما بينها وبين والدته!

بصدمة رفع محمّد رأسه يحدّق أمامه ذاهلا من هذه النتيجة التي توصّل إليها في الوقت الذي سمع فيه صوت الأستاذ مصطفى يدعوهم لمرافقته أخيرا حيث سفرة الطعام قبل انطلاق موعد الأذان بدقائق قليلة فقط!

.................................................. .................................................. ...........

كان حسين ينهي غسل يديه قبل تناول الطعام وما إن خرج حتّى سمع ضرب المدفع ليلحق به صوت الأذان مباشرة يصدح من المذياع ومن المئذنة القريبة في الخارج

فسارع بتجفيف يديه وعندما استدار ليتحرّك عائدا إليهم أوشك على الاصطدام بها وقد كانت تقف خلفه، تحمل بيدها كوبا فيه ماء سرعان ما مدّته إليه

متجاهلا الكوب أخذ حسين يتأمّل ببتول التي كانت ترتدي بنطالا قصيرا من الجينز الأسود يلتصق على جسدها فيفصّل منحنياتها دونما تمويه، أمّا جيدها فتعلوه بلوزة نهديّة بلا أكمام مفصّلة على شكل فستان طفوليّ قصير، مزمومة تحت صدرها بحبلين معقودين على شكل فراشة رقيقة، تنتهي فوق أعلى بنطالها بحيث يظهر جسدها من تحتها عند أدنى حركة قد تقوم بها

وقد قامت بها الآن، حيث أخذت منه المنشفة بيد ومدّت له الكوب بإلحاح بالأخرى ليظهر له حينها جسدها المخمليّ الدقيق، فيتصلّب له جسده، فيتجاهل الماء ويرمي المنشفة أرضا منقضّا عليها بلحظة، يعانق خصرها بعنف ليسحبها معه لزاوية مخفيّة بعيدا عن الأعين

أسند حسين ظهرها على الحائط ليحتجزها أمام جسده، ينظر لها بعنف عاطفيّ بيّن فيرى في عينيها لهفة شبيهة واشتياقا مماثلا، يراه في عينيها، يشعره بصدرها الذي ينتفض أمامه، فيقترب منها جدّا، عيناه في عينيها، يتمتم قائلا: اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت ذهب الظمأ... سيذهب حالا إن شاء الله

قالها لينقضّ على شفتيها يفطر عليهما ويبّلان عروقه التي تيبّست من شدّة.. الشوق والهلع

صوت محمّد جاءهم صاخبا عاليا يستعجلهم بالقدوم، فانتفضت هي وتملّصت مبتعدة عن جسده بينما تهمس بلوعة وجسدها يختض من شدّة العاطفة: يا فضيحتي يا فضيحتي، هيقولوا علينا إيه دلوقت، أكيد هيفتكرونا كنّا بنعمل حاجة وحشة، ما هو أكيد ما فيش غير كدة

ضحكات حسين انطلقت رغما عنه ورفع حاجبه بمكر قائلا: هيفتكروا؟!! وحاجة وحشة؟ طب والله ما في أحلى من كده!

تخضّبت وجنتي بتول وقالت تنهره بضيق: يوووه يا حسين هوّ ده وقت هزارك بقى!

أجابها حسين هامسا بينما يتحرّك مبتعدا سابقا إيّاها: على فكرة همّ لو كانوا هيفتكروا فبعد شويّة هيتأكّدوا لو قعدنا دقيقة لوحدنا كمان

بوجه متورّد وصدر لاهث لحقت بتول به بينما توبّخ نفسها بقسوة، فها هي وللمرّة الثانية ترتكب ذات الخطأ فتسلّمه ذاتها وروحها دون أدنى مقاومة من جهتها ولا أيّ بوح من جهته حتّى وإن كان على سبيل الكذب!

ما إن وصلا لطاولة الطعام حتّى تأملتهما فوزيّة برضا بينما تهمس لهما بسرّها دعوات كثيرة، أمّا محمّد فهتف بحسين قائلا: أبشر يا تيمور، الطبق الكبير رجع بالغنايم!

ابتسم حسين ابتسامة رائقة وقال: اهو ده الكلام اللي يفتح النفس

نظرت بتول لحسين وسألته عمّا يريد أن يشرب فطلب منها كوبا من السوبيا فوقفت وسكبتها له وما إن جلست بجانبه من جديد حتّى تناول كفّها من تحت الطاولة وداعبها بلطف قائلا: من يدّ ما نعدمها

قالها وانغمس في طعام حماته الذي لا يقاوم، يأكل كما لو أنّه لم يفعل منذ دهر، يشاكس مريم حينا ومحمّد أحيانا أخرى، يتلذّذ بطعام فوزيّة ممطرا يديها بالغزل، وأمّا هي فينظر لها ما بين كلّ دقيقة وأخرى كما لو كان يتفقّدها، فيبسم لها ابتسامة غريبة، خاصّة، لا تفهمها ولكنّها بشكل ما... تشعرها بالحزن

.................................................. .................................................. ....




bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 07:48 PM   #5226

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 22-5

قبل أذان المغرب بحوالي نصف ساعة دخل الكاسر ولميس والأطفال بيت والدته التي كان قد اتّصل بها صباحا يخبرها بعودته، فذكّرته بوجوب قدومهم للإفطار في بيتها كعادة سنوية دائمة في أوّل يوم من أيّام رمضان

ما إن سمعت أمّ كاسر صوته حتّى أتت إليه مسرعة تتمايل فوق قدميها بصعوبة وبإنهاك واضح، فسارع إليها متلقّفا إيّاها بين ذراعيه مقبّلا يدها ورأسها، فتدمع عيناها وتبدأ بضربه على كتفه قائلة بتوبيخ حان: طوّلت الغيبة والله طوّلت

ضحك الكاسر قائلا بثقل: يعني بتعترفي إنّك اشتقتيلي؟

حانقة من سؤاله همست بمكابرة: هااا؟

لتبتسم بعدها مباشرة بحنان وتقول بينما تحتضنه بقوّة من جديد: والله اشتقتلك، الدّنيا رمضان والكذب حرام

صوت همّام خارجا من المطبخ صدح وراءهم قائلا: والله يا إم كاسر طلعت بتعرفي تتغزلي وما الي خبر كل السّنة غايب عنك ما بسمع منّك هيك كلمة بتبل الريق ولا الحب كلّه لأبو صارم وبسّ؟

بطرف عينها أجابته قائلة بجلافة تشابه جلافة ابنها: متى بدّك أشتاقلك وانت ما شاء الله ما بغيب راسك إلّا رجليك طالّات "عائدات.. مثل يدلّ على الغيبة القصيرة جدا"

قهقه الكاسر فيما كتم همّام ضحكاته وقال مدّعيا الحنق: الله يسامحك انت دايما هيك الدلال كلّه لابنك حبيبك أبو صارم

حينها فغر الكاسر عينيه وقال: ولك خاف ربّك هي إمّي بتعرف اتدلّل حتّى، أي كانت أقوى لحظات حنانها تبيّن وهيّ بتخيّرنا تضربنا بالشبشب ولّا بالعصاية

قهقهات همّام والأطفال التي ملأت المنزل صاحبتها صرخات والدتهما الحانقة وهي تقول: هاد وانتو آباء بتحكوا هيك كيف لو بعدكم صغار

اقترب منها همّام مقبّلا إيّاها وقال: لا يا ابو صارم حرام والله منال اتدلّلت شويّ

عندها تنهّدت أمّ كاسر بغمّ وقالت: منال يا حسرتي عليها منيح اللي شافت في بيت أبوها شويّة دلال بدل المرار اللي هيّ عايشة فيه هسّة

كما الطلقة أدار الكاسر رأسه قائلا: ليش خير شو في مالها منال؟ جوزها مزعّلها إشي؟ شو صاير معها؟ حكيت معها مرتين وأنا مسافر ما حكتلي شي

تنهّدت والدته بقوّة قبل أن تقول: لا تخاف هيّ كويسة بسّ شويّة مشاكل، تعالوا ادخلوا هسّة راح يأدّن المغرب بنفطر وبنقعد وبحكيلك كل شي

ما إن ولجوا إلى الداخل حتّى استوقف الكاسر لميس يسألها هامسا وبقلق: خير مالها منال بعرف بتحكي انتِ وايّاها شو صاير معها

ربّتت لميس على صدره مطمئنة إيّاه تقول: لا تشغل بالك هيّ بخير وزوجها ما في منّه لا تقلق حالك

صمت الكاسر بضيق متفكّرا إلى أن أحسّ باقتراب زوجة أخيه التي كانت متأنّقة بشكل مبالغ فيه لا يليق بحرمة اليوم ولا حتّى بحرمة الضيف، إذ كانت ترتدي بنطالا من الجينز الأزرق ملتصقا فيها وفوقه بلوزة نيليّة اللون ضيّقة التفصيل تنتهي عند أسفل ظهرها تماما دون أن تغطّي أردافها المفصّلة وبفتحة عنق عريضة بعض الشيء، أمّا شعرها وزينة وجهها فقد اعتنت فيهما اليوم أيضا عناية خاصّة

اقتربت حنان من الكاسر لافحة إيّاه بعطرها القويّ الذي كاد يختنق فيه وقالت: نورّت عمّان حمد لله عسلامتك أبو صارم طوّلت الغيبة

سعادتها الصادقة... صوتها المرتعش... تضرّج وجتيها إثارة... والصدق في عينيها... جمّد لميس مكانها صدمة وفغرت عيناها للحظات في ذهول قبل أن تسبل أهدابها وتعتصرهما فوق عينيها بقوّة تخفي خلفهما تلك الحرائق التي اضطرمت في أحشاءها مستعرة بقوّة، ثمّ أخذت أنفاسا سريعة تحاول بها ضبط أعصابها وابتدأت باستغفارات متكرّرة تجلي بها روحها التي باتت تئنّ من وطأة الدناءة التي تشعر بها تقترب منها وتجرّها إليها رويدا رويدا... مرغمة

ملاحظا حالتها اقترب الكاسر منها متجاهلا يد حنان الممدودة للسلام عليه مدّعيا عدم ملاحظتها ليقف أمامها بطوله ويميل عليها قائلا: مالك؟

باضطراب وضيق فتحت لميس عينيها تنظر إليه بلهفة وتقول برقّة: ولا شي بس دخت شويّ

تأمّل الكاسر عينيها باهتمام وتمنّى لو يقدر أن يرى وجهها كاملا ثمّ قال لها جادّا: حكيتلك العصر تعالي نامي ما ردّيتي عليّ

أمسكت لميس ذراعه وأجابته بينما يسيران للداخل متغافلان عن تلك التي كانت تنظر إليهما بتركيز جائع: لو كنت دخلت معك كان الولاد ما درسوا، همّي من غير شي كانوا يتململوا خاصّة نبراس، وغير هيك أنا رمضان ما بحبّ أضيّعه بالنوم، بحبّ أغتنمه بالعبادة والدعاء

نظر لها الكاسر بتقدير قبل أن يقرّب رأسه منها ويهمس لها عابثا: خير ما عملت لو إجيتي ما كمل الصيام

شهقت لميس بصدمة من قلّة أدبه ونظرت حولها لترى إن كان قد سمعه أحد فلم ترى سوى تلك المشتعلة قريبا منهما فاضطربت للحظة حياءً قبل أن ينتصر كيدها فتنظر له بإغواء مقصود وتهمس له بصوت غير مسموع: وأنا هيك حكيت لحالي

التمعت عينا الكاسر بشغف وهمس لها آمرا: بعد التراويح على طول بتجهزي حالك نرجع عالبيت

مقاطعة حوارهما نادت أمّ الكاسر من المطبخ منادية بحنق: حنان وين ما صدّقتِ تهربي من المطبخ يلّا بسرعة تعالي المغرب راح يأدّن، كاسر اترك مرتك هسّة مش وقتك خلّيها تيجي تساعدني!

..........................

ما إن دخلت لميس المطبخ حتّى رمتها حنان بنظرة حاسدة حاولت جهدها إخفاءها بينما تقول مدّعية المزاح: ما شاء الله اللي بشوفك إنت والكاسر بقول بعدكم عرسان، تقول دخلتكم كانت مبارح، طبعا أكيد سلفي ما قصّر مشتاق وحالته حالة

بصدمة نظرت لميس لحنان التي كان الفضول يصرخ في عينيها فاضحا فأخذت نفسا وذكرت الله بسرّها وقالت ببرود: الحمد لله

ناولت لميس العنود التي دخلت المطبخ أكواب العصير وألحقتها بكيس الخبز مع التمر، ولكنّ حنان أبت الصمت فقالت: ما قلتيلي كيف كان اللقاء مبارح بينك وبين الكاسر؟

عندها لم تمتلك لميس الصمت أكثر فوضعت ما بيدها وقالت: معلش بسّ حياتنا الخاصّة ما بحبّذ أحكي فيها مع أيّ شخص أيّا يكن، لا ديني ولا حيائي بيسمحلي أحكي بهيك تفاصيل خاصّة جدّا ما بتعني غيري وغير زوجي

بغضب حدجت أمّ الكاسر كنّتها حنان وقالت متسبّبة لها بمزيد من القهر: يسلّم تمّك يا بنتي والله إنّك بتسوي تقلك دهب

دون أن تشعر ابتسمت لميس بسعادة حقيقيّة واقتربت من حماتها مقبّلة إيّاها وقالت: يخليلنا إيّاك خالتو وما يحرمنا اللمّه الحلوة حواليكي

في تلك اللحظة كان الكاسر يدخل قائلا بغضب: يلّا خلصونا يا نسوان المغرب راح يأدّن ولسّة ما خلّصتوا... وينها طنجرة المقلوبة خلّيني أقلبها

أخرجت أمّه العصير بسرعة من الثلّاجة وناولتها لنبراس الذي كان يلحق بأبيه، فأخذ زجاجات التمر الهنديّ والخرّوب والليمون وتشمّمهم بسعادة ولهفة قائلا: يا ويل قلبي والله رمضان معكم أحلى

ثمّ نظر للميس وقال لها غامزا متقصّدا مناكفة أبيه: ومعك إنت يا جميل!

في لحظة وقبل أن يخرج من باب المطبخ كان الكاسر يتلقّفه من قبّة قميصه ويضربه عليها ناهرا: ارحمها لرقبتك قرّبت تصير شبه خيط الحرير الأحمر

قهقهت لميس ضاحكة ممّا قتل حنان غيرة فقالت متقصّدة التنغيص عليها: ييي عمتي نسينا إنّه لميس منتقبة شو بدنا نعمل هلّأ بقعدة الأكل؟ والله مو حلوة الدنيا رمضان ونقعد على سفرتين أصلا أحلى شي برمضان لمّة العيلة حوالين سفرة الأكل

بحيرة نظرت أمّ الكاسر للميس وبغيظ ناظر الكاسر حنان وأجابها قائلا: ما في مشكلة بنلتم إحنا وإنت وايّاها بتوكلوا مع بعض... أَوْنَسِلْكُم

بضيق أمسكت لميس بذراعه وقالت: ما في مشكلة يا جماعة، أوّل شي أنا ممكن أقعد بنفس جهة سلفي أبو رامي وبيقعد صارم بيناتنا ما شاء الله الله يحميه طول بعرض يعني ما راح أبيّن

بضيق أجابها الكاسر قائلا: بسّ هيك ما راح توخدي راحتك بالأكل وما راح تعرفي توكلي

ابتسمت له لميس قائلة: ما تخاف بدبّر حالي بعدين إنت بنفسك راح تشوف برمضان أنا ما بحبّ أتقّل كتير بالفطور عشان أعرف أصلّي التراويح وما أتكاسل عنها وعادة وجبتي الرئيسيّة بتكون بالسحور

بغيظ خرجت حنان تحمل بيدها صينيّة ممتلئة بأطباق الحساء المقعّرة العميقة، تلحق بها حماتها تحمل بيدها طبق سلطة "الفتّوش" طالبة من لميس أن تجلب معها رقائق "السمبوسك" المقليّة والمحشوّة باللحم وبالجبن ، وتاركة للكاسر قدر المقلوبة التي قرّرت طبخها اليوم بدلا من المنسف حتّى لا يتسبّب لهم بالعطش غدا لا سيّما والجوّ شديد الحرارة

بطرف عينه نظر الكاسر لزوجته ما إن خرجت والدته وقال بينما يمسك طبقا مدوّرا عريضا شديد الاتّساع ويضعه فوق قدر المقلوبة: شو شايفك شغّالة بتوزعي بوس هون وهون

شهقت لميس باعتراض وقالت: حرام عليك هلّأ إمّك هون وهون؟

نظر لها الكاسر بعبث غريب عليه وقال بينما يشير لخدّه وشفتيه قائلا: ما هو طالما مش هون وهون، إذا هون وهون!

ضحكت لميس بحياء وعضّت على شفتيها عاجزة عن الردّ وفي تلك اللحظة بالذات أذّن المؤذّن بالله أكبر، حينها ترك الكاسر ما يفعل وأمسك بكفّها بسرعة واعتصرها بقوّة هامسا لها بشغف: ذكريني ما نرضى عزايم مرّة تانية برمضان!

قالها وسرعان ما رفع القدر ليقلبه فوق الطبق الذي يغطّيه بحرفية ودقّة عالية قبل أن يضعه على الطاولة بجانبه ويرفعه بعد لحظات بهدوء كاشفا عن قطع الدجاج والقرنبيط وشرائح الباذنجان والبطاطا التي تعلو الأرز الصامد بمكانه دونما انهيار آخذا شكل القدر نفسه!

.................................................. .................................................. ..................................

وفي ذات الوقت وفي قارة أخرى كان طبقا شبيها يقبع على الطاولة أمام جمال والذي كان يأكل منه بنهم أثار حفيظة والدته التي كانت تمصمص شفتيها في كلّ حين غيظا من سذاجة ابنها وضعفه المخزي أمام زوجته، وتنفث غضبا من قلّة ذوق زوجته التي أمضت ساعات وساعات في المطبخ لتخرج لهم بالنهاية بنوع واحد فقط من الطعام وليته شيئا ذا قيمة بل أكلة من بلادها بالاضافة لبعض المقبّلات البسيطة لم تستسغ هي لا طعمها ولا شكلها

صوت ابنها قاطع أفكارها قائلا: أتفضّلي يا أمّي خير مالك ما بتاكليش ليه؟

بطرف عينها حدجته قبل أن تلوي فمها وتقول بانتقاد واضح: آكل إيه بس؟ هوّ في حاجة تتّاكل؟

غصّ جمال بطعامه ونظر لمنال بطرف عينه ونظر لوالدته بتأنيب مهذّب وقال: ما فيش حاجة تتّاكل ازّاي بسّ يا أمّي، ما هو الأكل قدّام منّك كتير اهو بسم الله ما شاء الله

بقرف وفوقيّة نظرت والدته للطعام ثمّ له وقالت: وهوّ ده اسمه أكل؟ أمّا فين المحمّر والمشمّر، فين البط والحمام، طب بلاش فين المكرونات والرقاق والجلاش، اتوكس انت بسّ!

احتقن وجه جمال كاتما لانفعالاته مستغفرا الله بداخله كثيرا وقال: سمّي بالله بسّ انت يا أمّي وابدئي كلي، دي حتّى المقلوبة طعمها حلو جدّا والله، تسلم ايديكي يا حبيبتي

كاظمة لغيظها، مخفية لقهرها، مشفقة على زوجها ابتسمت منال له تدّعي عدم الاهتمام، مّما أثار حفيظة والدته أكثر فوقفت بعصبيّة ونظرت لمنال تقول بمعايرة مقصودة: أردني يا ضنايا والأكل اذا ما كانش مصري ومأصّل ما يتبلعش معايا، بيغمّ نفسي، بيبقى ماسخ كده ومالوش لا طعم ولا ريحة!!

نظرت منال بسرعة لزوجها فوجدته وهو الحليم قد احمرّ وجهه وتفصّد العرق من جبينه فيما جحظت عيناه يقاوم شعورا عارما بالغضب، فسارعت هي للامساك بكفّه خوفا من فقدانه لسيطرته على نفسه وقالت: معلش سامحيني خالتو الحق عليّ بس أنا اشتهيت المقلوبة بسّ ماما قالتلي انها اليوم عاملتها، إلك عليّ بكرة أعملّك شو ما بتحبّي

عندها مصمصت أمّ جمال شفتيها ونظرت لها باستهانة وقالت: قال اعملّك "شو ما بتحبّي" قال، ده انتِ حتّى حتّة العيّل اللي أصغر بنت عندنا بتجيبه مش عارفة تجيبيه، هتعمليلنا اللي احنا عاوزينوا ازّاي!

قالتها وتركتهما من وراءها شاحبان صامتان بلا روح، غادرتهما ببساطة غير آبهة بسموم لسانها التي هبّت على نفسيهما مخلّفة من وراءها الخراب والدمار والصمت

ثوانٍ قليلة فقط واستعادت منال نفسها ونظرت لزوجها الذي تهدّلت كتفاه تحت وطأة سلاطة لسان والدته، فاقتربت منه لتجلس على حجره غير عابئة بوالدته الموجودة في غرفة قريبة، ولم ستفعل وهي تراها بكلّ الأحوال وقحة ولا تساوي شيء

داعبت منال شعره قليلا ثمّ قبلت رأسه بحبّ، فرفع رأسه لها ينظر لعينها قبل أن يتناول كفّها بحبّ ويقبّلها قائلا: أنا آسف يا منال، آسف بجدّ بسّ اعمل إيه دي أمّي وده أنا!

نظرت منال لعينيه السوداوتين من خلف زجاج نظّاراته تتأمّلهما بحبّ وحنان جارف يجعلها تحتمل كلّ الصعاب لأجلهما، قبل أن تقترب منه وتهمس له بعاطفة جارفة: يا الله لو تعرف كم بحبّك

عندها توهّجت عيناه واحتضن خصرها بقوّة قبل أن يدفن رأسه في رقبتها يرتجف شوقا وحاجة، فأنّت منال دون شعور وقد أجّجت أنفاسه نيران شوقها هي الأخرى فازدادت قبلاته على رقبتها عمقا فارتعشت بين يديه ولكنّها لم تستطع إلّا أن تقول له بصوت لاهث: ما بصير.. إمّك..

حينها ابتعد جمال عنها مرغما ليمسك بكفّها بقوّة ويجرّها بسرعة وإلحاح خلفه متّجها نحو غرفة نومها بينما يقول: أمّي عارفة إنّي مش بقاوم الحلو أبدا في رمضان، وعارفة إنّي بحبّ أحلّي بيه بعد الفطار على طول كمان، يعني لو قالتلك أيّ حاجة قوليها كان بياكل الحلو

عندها لم تتمالك منال نفسها ففرقعت بضحكتها المعهودة، فسارع جمال لإلقاءها على السرير ما إن دخلا الغرفة قبل أن يسارع لإغلاقها بالمفتاح و يخلع عنه بلوزته ويقفز مباشرة على السرير فوقها ليسارع بالانقاض عليها قائلا بعبث: يا مهلبيّة بالقشطة، يا كنافة بالمكسّرات، آخ يا قلبي... الحقيني بالأنسولين يمّااااا!!

.................................................. .................................................. .................................


bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 07:50 PM   #5227

زينب عبد الكريم

? العضوٌ??? » 397711
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 448
?  نُقآطِيْ » زينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond reputeزينب عبد الكريم has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير يانيفووو

زينب عبد الكريم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 07:50 PM   #5228

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 22-6

بعد الطعام كان حسين يقف بالشرفة مبتسما يراقب الأطفال يلعبون في شوارع الحيّ، يشعلون المفرقعات الناريّة يلاحقون فيها بعضهم حينا وأحيانا أخرى يتعمّدون إلقائها بالقرب من بعض الفتيات المارّات متعمّدين إخافتهن ليصرخن ويجرين فيستمتعون هم بمنظرهنّ كلّ على حسب عمره!!

دخلت بتول الشرفة ووقفت بجانبه بينما تمدّ له كوب الشايّ بالحليب فتناوله منها شاردا مع تمتمة شكر تلقائي

بعجب حقيقي قالت بتول: كلّ ما بشوفك بتتفرّج على الحارة بالشغف ده بستغرب منّك أوي، أمّال لو كنّا ساكنين على النيل مثلا ولا حتّى فأيّ بلد من بلاد برّة إللي الخضرة والميّة عندهم منين ما بصّيت كنت عملت إيه

أخذ حسين نفسا عميقا ووضع كفّيه على سور الشرفة وابتعد عنه على مدّ ذراعيه ثمّ نظر إليها وقال بصدق: تعرفي إنّي عمري ما حسّيت نفسي مبسوط زيّ النهاردة؟ عمري ما فهمت يعني إيه أجواء رمضانية غير النهاردة، أنا ما بتكلّمش طبعا عن فضله استغفر الله، الصوم والصلاة والقيام والدعاء دي أمور مفروغ منها، لكن طبيعي كلّ مسلمين العالم بيعملوها، أنا بتكلّم على حاجة تانية، أنا بتكلم عن روح الجماعة والتكافل الي فيه، عن فرحة الطفل بلقاه، عن الحاجات الي بتخطر على البال بسرعة وتبتسملها بحنين أوّل ما بتقول كلمة رمضان، زي... زي مثلا على سبيل المثال الفانوس الي بينتظروه العيال من رمضان لرمضان، زيّ الزينة الي متعلّقة على كلّ بلكونة هنا بغضّ النظر عن مدى جودتها ولا فخامتها، أو حتّى الطبق الي راح ورجع في دقايق من شويّة قبل الأدان

صمتت بتول قليلا تتفكّر في كلماته وقالت: بسّ دي حاجات مش بتتوقّف عند حدود الحارة ، العادات الاجتماعية دي تقدر تلاقيها فأيّ مكان تاني

بطرف عينه نظر لها حسين قائلا: ولو، ما بتكونش بالقيمة والروح دي، عارفة أنا كلّ ما بشوف نظرة السخط الي بتملى عينيكي وإنت بتدخلي شقّتكم هنا ولا حتّى بتتفرجي على الحارة، ببقى نفسي أهزّك علشان تفوقي وتقدّري النعمة الي انتِ عايشة فيها دي، لو تعرفي قدّ إيه أنا بحسدك

نظرت بتول له بصدمة فأكّد قائلا: آه والله بحسدك، أنا مثلا مافتكرش إنّي فمرّة أبويا الله يرحمه جابلي فانوس، كنت لمّا بشوف فانوس وانا صغيّر ابقى عامل زيّ الفقير اللي واقف على باب مطعم بردان وجعان والنّاس قدّامه جوّه دفا وعفا ولقمة هنيّة، بينه وبينهم خطوة وحدة لكن مستحيل يقدر يخطّيها، أنا فاكر دلوقت إنّ أوّل فانوس خدته فحياتي كان وانا عمري خمستاشر سنة، يوميها كنّا انا ومحمّد بنتشتري كم حاجة لرمضان، شافني محمّد وانا براقب ولد صغيّر واقف مع مامته وباباه بيختار فانوس لرمضان، بيحايلوا فيه وهوّ مش عاجبه حاجة، يومها قعدنا احنا الاتنين نتفرّج عليه نفسنا نضربه قلمين ونقوله خلّصنا بقى انت طهقتنا فعيشتنا

كانت بتول تستمتع إليه، تتخيّل نظرة التوق تملأ أعينهما هو و أخوه، وغصّة من الألم تعتصر قلبها لا سيّما وهي تملك ذكرى بعيدة لوالدها يأخذها ويشتري لها فانوسا تتدلّل باختياره هي الأخرى فيتركها لتتدلّل كما تشاء رغم ضيق حاله

صوت حسين قاطع ذكرياتها بينما يكمل لها قائلا بصوت هازئ مرير: يوميها بالليل لقيت محمّد بيدخل عليّ الأوضه شايل في إيده فانوس واضح من شكله إنّه غالي، خدته بإيدي مش مصدّق عينيّا، فضلت طول الليل أتفرّج عليه وأتفرّج عليه، كنت بحاول أحسّ بأيّ حاجة لغاية ما في الآخر عيّطت

مستغربة سألته: ليه؟

حينها هزّ حسين كتفيه وقال يدّعي اللامبالاة: علشان اكتشفت إنّي ماحسّتش بأيّ حاجة، وإنّ الفرحة اللي طول عمري بتخيّل إنّي هحسّها يوم ما أمتلك أوّل فانوس ليا ما حصلتش، وإنّ قطار عمري فات على محطّة الفرحة دي من غير ما يوقف فيها ولا مرّة!!

بصمت أطرقت بتول برأسها تخنق احتقان الألم بداخل حلقها، تحاول ابتلاع غصّاته، ولكنّ دمعة رغم كلّ محاولاتها فرّت من سجن مقلتيها الطاغي دارتها بسرعة عن عينيه، بينما منظر والدتها تقضي ليلة رمضان قبل سنوات طويلة تصنع لمريم ومحمّد الصغار الفوانيس الورقيّة كي تفاجئهم بها في أوّل أيّامه وتعوّضهم عن قلّة حيلتها بشراء فوانيس حقيقيّة، فوانيس لطالما سخرت منهم بداخلها وهي تقارنهم بتلك الرائعة التي تملأ المحلّات، لتكتشف اليوم فقط وبفضله هو أنّهم كانوا من أكبر النعم

صوت والدتها تناديهم لتناول الحلوى قاطع عليهم ذلك الصمت الموجع، عندها ابتسم حسين ابتسامة حبّ حقيقيّة وقال: وجود مامتك لوحده في حياتك سبب كافي أحسدك عليه، والدتك دي أكبر نعمة فحياتك يا بتول لو ما كنتيش عارفة

قالها حسين وتركها ودخل، لتقف هي للحظات مكانها، تحدّق أمامها بوجه جامد، قبل أن تجيبه بهمس مرتعش لم يصل لمسامعه: عارفة، وهوّ إنت اتجوّزتني غير علشان خاطرها!

.................................................. .................................................. ...........................

كان محمّد يتحدّث مع الأستاذ مصطفى حول بعض القضايا عندما وجده يسأله فجأة حول قضيّة بعينها وابتدأ يناقشه بها قبل أن يسأله فجأة: يا خبر ده انت على كدة عايزلك كم يوم في الصعيد على ما تخلّص القضيّة

وافقه محمّد قائلا: ده صحيح فعلا

باهتمام سأله الآخر: وهتعمل إيه دي الطريق من هناك لهنا عايزالها يوم لوحده والدنيا رمضان والحرّ شديد أكيد مش هتقضيها رايح جاي

نفى محمّد قائلا: لأ طبعا أنا هحجز هناك كم يوم في أيّ اوتيل على ما تخلص القضيّة وارجع ان شاء الله على طول

التفتت إيمان إليه بصدمة وقالت: إيه؟ عايز تسيبني لوحدي يا محمّد؟ لأ طبعا أنا هروح معاك

فتح محمّد فمه ليجيبها ولكنّ والدتها سبقتها قائلة: إيه التهريج اللي انتِ بتقوليه ده، الراجل بيقولّك رايح شغل، عايزة تشبطي فيه زيّ العيال الصغيّرة ما تكبري بقى!

أحرجت إيمان بسرعة وسارعت بالصمت بينما تطرق بعينيها أرضا فجاء صوت محمّد ليطبطب عليها من جديد قائلا: هيّ ما تقصدش كده يا دكتورة لكن إيمان عارفة إنّ ماقدرش استغنى عنها علشان كدة انفعلت بالطريقة دي

ما إن سمعت كلماته حتّى سارعت برفع نظراتها إليه وهتفت بسرعة قائلة: ولا أنا اقدر استغنى عنّك والله

ضحك الأستاذ مصطفى بحنان وقال: ربّنا يخلّيهولك يا إيمي الحقيقة إنّ الدكتور محمّد ونعم الرجل، لكن برضو يا حبيبتي هوّ رايح شغل مش رايح يتفسّح والحرّ كمان هناك شديد جدّا ومش هتقدري تستحملي

هزّ محمّد رأسه موافقا وقال: دي حقيقة فعلا

ابتسم الأستاذ مصطفى وقال: إنتِ تيجي تقعدي عندنا كم يوم تغيّري جوّ واحنا نشوفك ونشبع منّك حاكم وحشتيني جدّا

انقبض قلب محمّد من هذه الفكرة فلم يتخيّل أنّ إيمان ستستطيع أن تصمد خارج أسوار بيته لأيّام عديدة ففتح فمه ليعترض ولكنّ الأستاذ مصطفى أوقفه قائلا: صدّقني ده الحلّ الأمثل، أوّلا حضرتك مش ساكن لوحدك إنت ساكن مع أخوك، ثانيا إيمان ده بيت باباها يعني بيتها ولّا إيه يا إيمي؟

نظرت إيمان لزوج والدتها بخجل وبعض من تأنيب الضمير لمجافاتها له منذ تلك الليلة المشؤومة ولكنّها الآن وبينما تتذكّرها الآن ما عادت تراها مؤلمة كما كانت، فصمتت وهزّت رأسها بتردّد ولكنّ محمّد أجاب قائلا: لكن...

قاطعه الأستاذ مصطفى من جديد قائلا: أنا عارف إيه وجه الاعتراض عندك لكن أحبّ أطمّنك إن ابن اخويا من بعد الفرح على طول خد شقّة لوحده وما عادتش مقيم هنا، ده طبعا لا يمنع إنّه هيفضل ابن اخويا اللي بحبّه وده هيفضل بيت عمّه لكن الأمور ما عادتش ينفع تفضل زيّ الأوّل، واعتقد بكده ما عادتش في حاجة تمنع مجيّة إيمي عندنا ولّا إيه؟

صمت محمّد متفهّما وأجاب أخيرا: اللي تشوفه حضرتك!

صوت جرس الباب وتّر إيمان متوقّعة أنّها أختها التي تناولت طعامها اليوم في المستشفى، فأحسّ محمّد بتوتّرها هذا ونظر لها مستغربا إنكماشها، قبل أن يتنحنح قائلا: طيب تستأذن إحنا بقى

هزّت إيمان رأسها بموافقة سريعة ولكنّها استدركت بسرعة قائلة: يووه أنا نسيت خالص عايزة أجيب حاجة مهمّة من أوضتي، ثواني بس يا محمّد

متفّهما أجابها: تمام لكن بسرعة لو سمحتي يا إيمان

لا يعلم لم قال لها هذا ولكنّه شيء بداخله كان يستحثّه لمغادرة هذا المكان، شعور بعدم الراحة يزاداد بداخله بعد كلّ دقيقة يقضيها هنا

مطيعة غادرت إيمان المكان مسرعة تريد أخذ أدوات رسمها وفي خضمّ عجلتها ولهفتها للابتعاد قبل ملاقاة شقيقتها لم تلحظ أنّها قد دخلت فعلا ولم تكن وحدها أيضا بل معها فؤاد الذي ارتطمت به بقوّة كادت توقعها لولا أن التقطها هو سريعا بين ذراعيه

ورماها دون أن يستدرك بفعل المفاجأة بنظرة لهفة مفضوحة، صفعت محمّد وأشعلت نيرانه الخامدة فوقف كما الملدوغ دون أن يسيطر على نفسه واقترب منهما في لحظة يشدّها من بين ذراعيّ الآخر الذي فطن أخيرا لوجود زوجها والجميع من حولهما يحدّقون فيهما بتوتّر، فقال بتوتّر: ازّيّك يا دكتور محمّد؟

ثمّ نظر لإيمان يدّعي أنّ كلّ شيء طبيعي: عاملة إيه يا إيمي؟

نظرت إيمان بهلع نحو محمّد ثمّ فتحت فمها لتجيب ولكنّه سرعان ما أوقفها قائلا: هاتي شنطتك يا إيمان ويلّا بينا، متشكّرين على السؤال يا دكتور فؤاد أنا ومراتي بألف خير

بغباء نظرت له إيمان وسألته: وحاجاتي؟

بغضب حدجها محمّد وقال: نشتري غيرهم، متشكّرين على الدعوة يا دكتورة إحسان، مع السّلامة يا أستاذ مصطفى

قالها وأمسك بذراع إيمان وتحرّك بها مسرعا ولكنّها قبل أن تخرج لم تمتلك إلّا أن تنظر لوالدتها وتقول لها بعتب شفّاف: ابقي اسألي عليّ يا ماما، باي

.................................................. .................................................. .




bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 07:53 PM   #5229

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي 22-7

غياب لميس الطويل أثار حنقه من زوجة أخيه التي تجلس معهم منذ بعض الوقت تشاهد التلفاز وتشرب من كوب الشاي خاصتها الذي تكرّمت وتلطّفت عليهم وصنعته، فزفر بحنق قبل أن ينفجر أخيرا بسؤاله الذي كتمه لوقت طويل: شو وينها لميس لسّة ما إجت؟
هزّت حنان كتفيها ببرود قائلة: والله ما بعرف شكلها مسكينة بطيئة بالجلي "غسل المواعين"
بضيق أجابتها حماتها قائلة: مو بطيئة بسّ جلي رمضان كتير، يا ريتها تركتني أساعدها!
باستغراب نظر همّام لزوجته وسألها باستنكار: وإنتِ ليش ما ساعدتيها؟
بضيق نهرته حنان قائلة: والله أنا من الصبح واقفة على رجليّ مع عمتي بتجهيز الفطور وكمان عملتلكم الشّاي والله تعبت وما قدرت أساعدها بعدين ما هي لو تركت العنود تساعدها كان صارت مخلصة بسّ ما رضيت وطلبت منها تروح تدرس لامتحانها
تلقائيا نظر الكاسر حوله وفعلا لاحظ غياب ولديه العنود وحتّى نبراس، فحدج حنان يغضب وكظم غيظه منها وسكت فهو لن يتدنّى بمستواه لسفاهات النساء فيتناقش مع زوجة أخيه حول أعمال المطبخ
دقائق قليلة وكانت لميس تدخل عليهم مسلّمة يبدو على عيناها التعب والإرهاق، وتلقائيّا أفسح لها بجانبه وما إن جلست حتّى سألها بصوت خفيض: شكلك تعبانة كان تركت العنود تساعدك
أجابته بسماحة: لأ حرام خلّيها تدرس المادّة طويلة وبالنهار مو كتير عرفت تركّز
في تلك اللحظة جاءهم نبراس خارجا من غرفة جدّته يهتف بنصر: أخييييرا إفراااااج
ابتسمت لميس وسألته: خلّصت؟
رقّص لها نبراس حاجبيه قائلا: خلّصت انتهت مدّة الانفرادي وعقبال ما نخلص من المعتقل كلّه ياااا رب!
ضحكت لميس سارقة من نبضات القريب منها بعضها، وانتبه على سؤال ابنه لها عن لعبة البلاي ستيشن التي من المفترض أنّها أحضرتها فأجابته: ليش شو بدّك فيها؟
هزّ كتفيه قائلا: بدّي ألعب فيها بشبكها بالتلفزيون اللي بغرفة جدّتي
تنحنحت لميس ثمّ أجابته: ما في مجال!
باعتراض صرخ نبراس منفعلا: شووو بسّ أنا قرفت حالي وأنا بدرس وهسّة بدّي ألعب؟
بغضب نهره الكاسر قائلا: وَلا ليش هيك بتحكي مع خالتك
انكمش نبراس مكانه ونظر لها آسفا فابتسمت له بسماحة وأجابته: أوّل شي أختك بعدها عم تدرس بغرفة جدّتك وحرام تلهّيها وتانيا شويّ وبيأدّن العشا
رفع نبراس حاجبه بتوجّس وقال: طيّب؟
بشرّ نظر له الصارم بمغايظة وقال: يعني بدّك تروح على صلاة التراويح معانا يا خفيف
بذهول وفزع نظر نبراس إليها وقال: شووو؟
كتمت لميس ضحكتها وقالت: مالك؟ مو إنت لسّة عم تحكي قرفان حالك؟ شو في أحلى من صلاة التراويح تروّح فيها عن نفسك؟ ولّا حابب تصلّيها بالبيت مع النسوان؟
همهم نبراس باعتراض وبصوت خفيض قائلا: مين حكى بدّي أصلّيها أصلا؟
قطّبت لميس وادّعت عدم السّماع وأجابته: ما سمعتك نبراس علّي صوتك
بحنق أجابها قائلا: شو شايفتيني مرة "امرأة" عشان أصلّيها معكم؟
قالها وغادر متذمّرا وما إن ذهب حتّى قهقهت أمّ الكاسر قائلة: والله ما إنتِ قليلة يا لميس ما قصّرتي فيه، الله يصلح حاله وحال أحفادي جميعهم ويهديهم ويعطي منال وما يحرمها
تذكّر الكاسر كلمات أمّه حول شقيقته فسألها مباشرة: خير صحيح مالها منال شو صاير معها، أنا والله بسّ رحت هناك شفت زوجها ومعاملته إلها الزلمة كتير كويّس وما بينعاب بإشي بالعكس باله طويل ومتحمّل دلعها لمنال والهبل تبعها!
باعتراض همست لميس قائلة: حرام عليك
قالتها لميس وتذكّرت حال تلك المسكينة الآن وما تقاسيه من المعاملة المزعجة لحماتها التي جاءت لزيارتهم والإقامة لديهم من "البلد" حيث أهل زوجها، بعد زفاف شقيقيها بيومين، وقد علمت هي بذلك عندما اتّصلت بها لتوصيها بزيارة زوجات إخوتها والتعرّف عليهنّ، فأخبرتها منال أنّ حماتها تقضي حاليا إجازة قصيرة لديهم لتروّح بها عن نفسها
ولكن يبدو أنّ إجازتها لم تكن قصيرة حقّا ففي الأسبوع الماضي عندما اتّصل بها محمّد طالبا منها أن تطلب من منال أن تقوم بزيارة زوجته إيمان والتعرّف عليها حيث أنّها لا تخرج أبدا وتشعر بالوحدة، قامت هي فعلا بالاتّصال بها لتطلب منها ذلك، لتتفاجأ بأنّ حماتها لا تزال في ضيافتهم وأنّها على حدّ قول منال تضيّق الخناق عليها فعلا مستغلّة موضوع الإنجاب لتضايقها فيه بين كلّ حين وآخر
منصتا لذات القصّة من والدته سألها الكاسر أخيرا: أنا بعمري ما سألت ولا بحبّ أتدخّل بحياتها طالما ما طلبت منّي أتدخّل وطول ما هيّ مبسوطة مع زوجها هاد كلّ اللي بيهمني، بسّ بما إنّه الموضوع بدأ يصير عليه مشاكل صار لازم اسأل وأعرف منال ليش لهسّة ما حملت؟
تنهّدت أمّ الكاسر بغمّ وقالت: واللّه يا ابني ما بعرف مرّة بتقول السبب من عندها ومرّة بتقول ما فيه مانع أصلا، بسّ شو المزبوط الله وأعلم أختك وإنت عارفها بتبيّن سهلة وبتحكي كتير بسّ بالواقع من يومها إذا في إشي ما بدها تحكيه بتلاوعك وبتودّيك البحر وبترجعك عطشان لا بتاخد منها لا حقّ ولا باطل!
صمت الكاسر متفكّرا وقال: إذًا هاد خيارها وهيّ حرّة بس قوليلها هيّ تعمل واجبها اتّجاه حماتها وما تغلط فيها أبدا يعني تتصرّف بالأصول وتصبر عليها شو ما كان بتضلّها إم زوجها وبتفهميها إنّه هوّ ما بصير يزعّل إمّه ولا يطردها من بيته وإلّا بيكون قليل الأصل وما فيه خير بس... هاد طالما هوّ بنفسه مش جاي عليها مع إمّه وبيعاملها بالحسنى، محترمها ومقدّرها ومراعي ربّ العالمين فيها يعني يغضّ الطرف عن تصرّفات إمّه برًّا فيها إشي وإنّه يوقّف مع إمّه ضدّها بالباطل إشي تاني!!
نظرت لميس لزوجها بتقدير حقيقيّ ودعت الله بداخلها بأن يبارك فيه ويحفظه لها ولأولاده، أمّا حنان فأبت السّكوت دون أن تبثّ من سمومها قليلا فقالت: عمتي صدقيني العيب من جوزها هاي قدّيش إجت وقعدت عنّا هون لا شفتها راحت دكتورة ولا أخدت حبّة دوا، والله ما أنا عارفة لشو صابرة عليه وبتداري فيه وهوّ ما في منّه فايده أرض محل لا بتعطي ولا بتثمر، يعني فوق الغربة حرمان، أصلا بكرة بأيّ لحظة ممكن يكبّها ويرميها طالما ما في بينهم ولاد
سكاكين لسانها أصابت لميس جميعها في قلب قلب روحها فشهقت بداخلها من شدّة الألم وأوشكت أن تنغصّ بدموعها فهمّت بالمغادرة لولا قبضة الكاسر التي ثبّتتها مكانها فقبض بها على مرفقها مانعا إيّاها من التحرّك، ولكنّ ألم لميس كان كبيرا فلم يخفّف عنه ذلك ولا حتّى كلمات حماتها التي زجرتها قائلة: فايدة الإنسان مش بسّ بالخلفة يا فهيمة ياما في ناس بتخلّف وبتجيب ولاد وبرضو ما في منهم فايدة وفش داعي أعطيكي مثال هسّة خلّيها بيني وبينك أحسن
ضاغطا على نفسه وبقلّة صبر أكمل الكاسر قائلا: والمرة "الامرأة" لمّا عقلها بكون صغير حتّى ولادها ما بيشفعولها والزلمة لمّا بعوف مرته لا ولد ولا عشرة بيربطوه فيها
قطرات الغضب التي كانت تملأ كوب أعصابها سرعان ما امتلأت أخيرا وفاضت ما إن سمعت الصارم قليل الكلام يتنحنح أخيرا ويقول مشاركا هو الآخر: أعتقد الله وأعلم مرة عمّو إنّه حرام وما بجوز نحكي عن عدم القدرة على الإنجاب عيب وإلّا بيكون تعييب على خلقة ربّ العالمين استغفر الله العظيم وهو طبعا أجلّ وأعظم من إنّه يتعيّب في خلقه وحسب ما فهمنا وتعلّمنا كلّ شي بيعملوا ربّ العالمين لحكمة ما بيعلمها إلّا هوّ
كلمات الصارم كانت كالبلسم البارد مسحت على قلب لميس ورغما عنها ابتسامة شفيفة ارتسمت على شفتيها لم يرها أيّ من الموجودين، ولكنّ حنان على الصعيد الآخر بغضب حدجت الصارم قائلة: حتّى إنت يا اللي لسّة ما طلعت من البيضة صرت بدّك تحكي وتتفلسف لا وكمان صاير شيخ وبدّك تفتي
شهقات لميس وأمّ كاسر ترافقت مع صيحة الكاسر باسم أخيه الذي بدوره وبعدم تصديق هتف فيها غاضبا واقد استنفذت مكاييل صبره بالتمادي بغباءها: حنان!!!
للحظة نظرت إليه حنان تتأمّله بالتماعة غريبة، وبأمل انتظرت ولكن يبدو... أنّ هذا كلّ شيء يقدر عليه، حينها سخرية طفيفية طغت في نظراتها لم يلحظها أحد ولم يستوعبها هو ثمّ صعّرت خدّها عنه بغير اهتمام ودون كلمة إضافيّة
أمّا صارم فوقف مكانه قائلا: أنا سابقكم عالمسجد بابا، ستّي "جدّتي" بدّك إشي منّي؟ أنا مروّح بعد الصلاة على طول، دار خالي ما راح يتأخروا عند جدّتي بعد التراويح عطول راح يرجعوا على بيتهم عشان الامتحانات
بقهر أجابته جدّته قائلة: طيّب ارجع بسّ تحلّى قطايف وبعدين بتروح، عملت مخصوص عشانك قطايف محشي جوز هند بسّ ولّا أنا ما إلي خاطر عندك زيّ جدّتك التانية؟
بابتسامة رائقة وقف صارم يداري غضبه واقترب منها مقبّلا يدها وقال: خيرها بغيرها ستّي بعوضها مرّة تانية باجي وبقعد عندك للسحور منيح هيك؟
ربّتت عليه جدّته راضية عنه فوقف ليغادر ولكنّه قبل أن يفعل نظر للميس بتردّد وسألها قائلا: بدّك إشي خالتي؟
بصدمة نظرت له لميس فقالت أخيرا وبعض السعادة تغمر قلبها بحقّ: سلامة قلبك
متأمّلا إيّاهما أحسّ الكاسر براحة غامرة تملأ عليه كيانه وبامتنان حقيقيّ للميس التي استطاعت بالفعل احتواء أولاده جميعا من كبيرهم وحتّى صغيرهم الذي يريد مشاركته فيها دونما عدل
أحسّ الكاسر بها تتحرّك من جانبه وتستعدّ للمغادرة ولكنّه سرعان ما أمسك بيدها موقفا إيّاها فنظرت إليه باستغراب فقال بهدوء بينما بداخله يحاول السيطرة على نفسه فلا يذهب ليقوّم بنفسه زوجة أخيه التي أفسدها شقيقه دلال فما عادت بقادرة على تحجيم سخافتها غيرتها وقلّة فهمها: وين؟
أجابته بصوت بحّ من وطأة الكبت: بدّي أدخّل كاسات الشاي على المطبخ وبعدين أتجهّز لصلاة التراويح خلص أدّن العشا
صمت الكاسر للحظة وقال لها بينما يفلت يدها مرغما حفاظا على هيبته: أوّل ما تخلص الصلاة جهزي القهوة... ولا تخلّي حده غيرك يعملها... يلّا همّام؟ نبرااااس!
.................................................. .................................................. ......


bambolina غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-02-19, 07:58 PM   #5230

bambolina

مشرفةمنتدى الـروايــات الـعـربـيـةوكاتبةفي منتدى قصص من وحي الأعضاء وشاعرة متألقة وحكواتي روايتي وألتراس الأدبي وقلم ذهبي برسائل أنثى وملكة اتقابلنا فين؟

alkap ~
 
الصورة الرمزية bambolina

? العضوٌ??? » 296721
?  التسِجيلٌ » May 2013
? مشَارَ?اتْي » 8,275
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
? مزاجي » مزاجي
My Facebook My Twitter My Flickr My Fromspring My Tumblr My Deviantart
?  نُقآطِيْ » bambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond reputebambolina has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   freez
¬» قناتك max
افتراضي

وهكذا انتهى الفصل الثاني والعشرون عزيزاتي
ولكن

خذوا نفس عمييييييييييييق
ولانني أحبكم ولانه ما بيهون علي زعلكم
سأقامر وأقوم بتنزيل الفصل الثالث والعشرون وهو في الحقيقة الفصل الاحتياطي الوحيد الذي لدي

وما بحكي غير الله يستر هههههههههه
لكن قبل أن أبدأ بتنزيل الفصل الجديد
أود أن اشارككم هدية عزيزة علي هي اهداءات من الغالية كوكي












شدو الأحزمة وللنطلق للفصل 23 وهابي فالانتاين يا حلويييين




bambolina غير متواجد حالياً  
التوقيع


الجزء الثالث من سلسلة مغتربون في الحب
https://www.rewity.com/forum/t402401.html
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
عينيك ، ذنبي ، توبتي ، مغتربون ، الحب ، سلسلة ، bambolina ، niveen

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:14 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.