آخر 10 مشاركات
عن الحكيم إذا هوى (1) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة في الغرام قصاصا (الكاتـب : blue me - )           »          361-جزيرة الذهب - سارة كريفن - روايات احلامي (الكاتـب : Sarah*Swan - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          [تحميل] كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة " (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          كنا فمتى نعود ؟للكاتبة/ الكريستال " مميزة "(مكتملة) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          323-ضاع قلبها -دارسي ماجوير -(كتابة/ كاملة) (الكاتـب : Just Faith - )           »          السرقة العجيبة - ارسين لوبين (الكاتـب : فرح - )           »          أعاصير ملكية (57) للكاتبة: لوسى مونرو (الجزء الثاني من سلسلة العائلة الملكية) ×كاملة× (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          100- الإرث الأسر - آن ميثر - ع.ق - مكتبة زهران ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          ضلع قاصر *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : أنشودة الندى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قـلـوب رومـانـسـيـة زائــرة

Like Tree48Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-04-18, 06:31 PM   #51

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي





أنير يستقبل عروسه


*****

الفصل الرابع عشر




-" يا الهي "

شهقت بقوة و هي تكتشف انها ترتدي فقط الملابس الداخلية التي احضرتها لها تانس، والتي اصرت ايلودي ان تلبسها، كانت عبارة عن قطعة علوية من الدانتيل شفافة عند الصدر تصل الى الخصر، و سروال قصير بالكاد يغطي فخديها، باللون الابيض.

تلفتت يمينا و شمالا تبحث عما يغطيها فلما لم تجد، تحركت باتجاه ايدر تغطي عينيه بكفتيها و تضغط عليهما بشدة، وكأنها ستنسيه ما شاهده للتو.

لم يصدق عينيه وهو يرى جمالها، كان خرافيا، كان يمرر نظراته عليها، ابتداءا من عيونها المكحلة، شفتيها المكتنزة و الوشم على ذقنها، انتقل ببصره الى الاسفل عظم ترقوتها الظاهرة اسلبت عقله، بلع ريقه وهو يمر الى صدرها الظاهر من تحت الجزء الشفاف من لباسها..... تلتفت يمينا و شمالا بحثا عن غطاء لعريها، فلما لم تجده سقطت عليه لدرجة ارتد الى الخلف تغطي عيونه، ربما هو متزوج من ابنة 4 سنين وليس 20، سألها بهمس وهو مستمتع بجسدها الغط الذي يضغط على جسده
-" ما الذي تفعلينه؟"
-"لا أريدك أن تنظر إلي" أجابته بنفس الهمس....سكتت و صدرها يعلو و يهبط من الإنفعال.... لتستطرد " أَقسم انك ستغطي عينيك حتى البس ملابسي"
استوى إيدر جالساً براحة....بعدما تنملت يديه من ضغطه عليها..... وضع يديه على بشرة خصرها يحاول إبعدها....وكأن النار استعرت في شرايينه من نعومة بشرتها.... لكنها كانت في صراع معه....دون أن تهتم ليديه التي تستريح براحةٍ تامة على خصرها النحيل...
-" ايتها الغبية، انا زوجك و يحق لي ان افعل اكثر من مجرد النظر" قال بصوتٍ أجش....يحارب المشاعر التي تتولد في صدره.... لأول مرة يكون قريباً بهذه الدرجة لامرأة.... وليس أية امرأة..... بل تلك التي جعلت لياليه سهاداً....ليس لفتنتها فقط، بل لجمال روحها.
-" انا لا اريدك ان تنظر الي، ارجوك" قالت بصوت باكٍ....
زفر بقوة....يحاول أن يتحكم في نفسه....و همستها جعلت قلبه يلين قليلا، و أفكاره تتوارى بعيداً....
-" حسنا، اعدك ان اغلقهما، حتى تستري نفسك" اجابها و هو يضع كفيه فوق كفيها الصغيرة....
لفحت أنفاسه بشرة وجهها.... لتحمر خجلا وهي تحدق به، كان وسيماً بدرجة تخطف الأنظار، في ظروف أخرى، كانت ستطير من الفرح أنه لها.....
-" حسنا " همست.....و هي تفتقد لمسة كفيه فوق بشرة يديها، عندما ابعدهما......ابعدت كفيها ثم اسرعت نحو غطاء السرير تلفه حولها قائلة
-" يمكنك ان تفتحهما الان"
كان لا يظهر منها الا وجهها و كفيها، ارجع جسده الى الوراء و اتكأ على يديه ينظر اليها.....

-" و الان، ماذا سنفعل؟" سأل بهدوء

-" في ماذا؟" قالت بمفاجأة.... وهي تخرج وجهها لتلمح التعبير المستفز في ملامحه

-" في الناس التي تنتظر خارجا...... دليل عفتك"قال وهو يشير برأسه للباب.....فغرت فاهه

-" ماذا يعني هذا؟ " قالت ببلاهة و عيونها متسعة

-" يعني اننا.... أنا وأنت..." واشار للسرير.....نهض يقترب و نظرته تصبح أكثر إصرارا على إتمام الزواج......ما جعلها تصاب بالرعب و تنكمش أكثر على نفسها.
-"لا تقترب، ابتعد عني..." صرخت....وهي تتراجع للوراء.... أحست بالضعف و الحائط يوقف تراجعها.... " أرجوك " همست تترجاه، لكنه لم يهتم لهمستها....وواصل التقدم بهدوء و ببطئ ما جعلها أعصابها على حافة الإنهيار...." اقسم سأصرخ ان اقتربت مني" ضحك بقوة....وهو يقف على مقربةٍ منها.... يده تستند على الحائط خلفها، وهي منكمشة برعب.....أنزل رأسه لحتى مستوى أذنها.... ليهمس بصوت أجش من العاطفة
-" هذا ما ينتظر الجميع سماعه منذ ساعة"
أغلق المسافة المتبقية بين جسديهما..... و ببطئ حرر يديها من على الغطاء..... ليسقط متكوماً تحت أرجلهما...... تنفس بعمق، كانت جميلةً جداً، شعرها الأسود الطويل يغطي كتفيها.....أزاحه بعيدا بأصابع مرتعشة.... و كأنه يخشى خدش بشرتها الناعمة.... و قلبه يسارع في خفقانه كلما زاد تقرباً منها.... كانت مطئطة رأسها تبكي بصمت، امسك ذقنها بيده و رفعه... الدموع زادت عيونها السوداء بريقاً.... وضع أصبعه على شفتها السفلى المرتعشة....ليهمس برقة.... ناقضت خشونة صوته
-" لا تبكي، لن اؤلمك" ثم اقترب ليأخذ شفتيها ببطئ.... سرعان ما تخلى عنه ليصبح أكثر تطلباً في قبلته.... شفتيها تحركت بعدم خبرة.... تحاول مجاراة قبلته، التي أرعبتها أكثر.... استغلت حالة الإرتخاء التي يوجد بها جسده....لتدفعه بعيداً و نشيجها يعلو أكثر، لعن قلبه الغبي الذي تأثر بدموعها
-" ششششش، لا تبكي لن يحدث اي شئ طالما لست مستعدة" همس لترفع بصرها تنظر اليه برجاء.... لتقول بغباء
-" لطالما، تمنيت ان تكون مرتي الاولى، رومانسية تحت الشموع مع الرجل الذي احب" و كأنها وجهت لكمة قوية لأحشائه، ابتعد عنها ملسوعاً باكتشافه أنه ليس رجلها ولن يكون، لم يكن يعرف ان شعور النبذ مؤلم لهذه الدرجة، التفت يبحث عن شئ حاد، فلم يجد الا سكين امام الطعام، بغضب امسك به واتجه ناحيتها.

احست ان نهايتها قد اقتربت، كان متجهما، غاضبا لأقصى حد، هل هو مجنون ليقتلني لمجرد انني رفضته، كان يحمل السكين و يقترب منها و هي تتراجع الى الوراء حتى اصطدم ظهرها بالحائط خلفها
-" ارجوك انا آسفة، لا تقتلني، مازلت صغيرة و لم احقق نصف احلامي بعد " كانت تتكلم مغمضة العينين و يديها امامها للحماية، فتحت عين واحدة، تنظر اليه، امسك يدها اليسرى، وجرحها في طرف الاصبع
-" ايها الغبي ماذا تفعل؟" كانت تحاول افلات يدها بدون فائدة.
-" بما انك انت من يرفض اتمام العرس، فلتتحملي الالم" مسح يدها في الثوب الابيض فوق السرير ثم تركها، نامي على السرير او ادخلي الى الحمام، سوف انادي عبير، التفتت تبحث عن الحمام، الذي لم تعلم بوجوده من قبل، اشار لها لزاوية، لاحظت وجود مقبض للباب بالحائط المصبوغ باللون الازرق.... والباب كذلك.

ضغطت بجسدها على الباب....كان حماما صغيرا لكنه متوفر على جميع سبل الراحة، غسلت اصبعها الذي كان يسيل، على الرغم من انه جرح صغير الا ان الدماء لا تريد ان تتوقف.....جلست فوق المرحاض تنتظر، بعد برهة سمعته يتكلم مع عبير، ثم صوت زغرودة صاحبها اطلاق النار وهتفات النساء... بعدها اختفى كل شئ لابد انه اغلق الباب.

بعد خروج عبير اتجه الى تلك القزمة التي تحبس نفسها في الحمام، دق عليها الباب، خرجت وهي تلف اصبعها في محرمة، شهقت لما اكتشفت انه عاري الصدر و هي تجر معها لحاف

-" حسنا، عبير تقول انه يمكننا النوم بعد الفطور نسافر مباشرة.....وعائلتك ستجهزه لنا "
تركها وذهب لينام على السرير، كانت تبحث على اريكة او شئ لتنام عليه فلم تجد، اقتربت منه
-" هيييي، اريد ان انام"قال بنزق....وهي ترفض النظر باتجاهه

-" ومن منعك، السرير كبير، يمكنك مشاركته معي...او لتنعمي بقساوة الأرض فلست شهما لدرجة أن أتنازل لك عن السرير " ثم ادار ظهره لها و نام.

لم تجبه و اتجهت الى زاوية ونامت فيها و الغطاء ما زال ملتفا عليها و سرعان ما ذهبت في نوم عميق... لكن ضميره اللعين بدأ بتأنيبه.... لما احس بانتظام انفاسها وضعها فوق السرير، كانت جميلة سمارها الخفيف يظهر مشعا تحت ملابسها البيضاء، كانت تبدو مكتملة الانوثة بشعرها الاسود الطويل الغجري، مرر يده ببطئ على طول ذراعها، تململت بانزعاج...... لينزل رأسه و يطبع قبلة على كتفها ونزل من السرير ليأخد دشا باردا، و يستعد لصلاة الفجر.

******

بعد الرجوع من عند العروس، كان أنير يقود عائدا بكلثوم و عزيز و ابيه، و ايلودي التي لم تتوقف عن البكاء، كانت تجلس في المقعد وراءه مباشرة، في كل مرة ينظر في المرآة الامامية كان يتمنى رؤية ملامحها، لكن بوجود عزيز معهم فهي كانت متغطية كاملة، كم هو فخور بأن هذه الطفلة تنتمي اليه، ملكه لوحده، كانت الخيالات تكاد تجننه و هو يتخيلها بذلك الفستان الذي احضره لها، وقد وعدته ان يراه عليها بعد العرس.

بمجرد نزولهم، ساعد اباه للذهاب لغرفته، ونزل يجري الى الاسفل ليرى ساحرته، لكن خاب امله عندما وجدها بهيئتها الجذابة مع كلثوم في المطبخ، كانت قد تخلصت من ايزارها، كانت بالفستان الاسود اللامع، نصف ظهرها مكشوف و مقدمة صدرها، بأكمام طويلة، ويغطي كامل جسدها بفتحة طويلة في الامام، جمعت شعرها على شكل كعكة و زينته بفصوص براقة باللون الاسود، كانت اية في الجمال، جلس معهما في المطبخ يسمع لثرثرتهما عن الحفل، واجمل واحدة فيه، نظر اليها و حرك شفتيه بمعنى انت اجمل فتاة في كامل القرية، احمرت خجلا، لتلمح كلثوم احمرار وجنتيها....تنحنحت مغادرة تاركة عصافير الحب لوحدهما، وقفت لتضع كأس الماء في المغسلة،فلم يستطع الا ان يقترب منها و يدفعها باتجاه الحائط، و يهجم على شفتيها، يقبلها بكل قوة استعان بها سابقا للحفاظ على برودة اعصابه و هو يراها بذلك الفستان، احساس مزلزل ما احس به كانه يقبلها للمرة الأولى لا بل كانه يجرب التقبيل لاول مرة في حياته، ما جعله يتأني وهو يعمق قبلته يريد ان يحفظ كل لحظة و كل احساس يمر عليه و هو يغزو براءة شفتيها، احساس بالفخر و رغبة بالصياح والبكاء وهو يفكر انه الاول الذي لمس شفتيها، احس بضربة وجع في قلبه، لانه لم يمنحها مثل هذا الشعور، لم يشعر الا وكلمة، آسف تخرج من فمه،ابتعدت قليلا تنظر اليه وملامحها الساحرة و الحمراء من شدة الخجل تحمل نظرة تساؤل، قرب شفتيه من شفتيها المكتنزة والتي يظهر عليها اثار قبلاته، حتى احس انهما يتشاركان نفس ذرات الهواء واكمل
-" اسف لانك لم تكوني الاولى في حياتي"، ثم هم بتقبيلها من جديد، لكنها ما ان استوعبت ما يقوله حتى بدأت بدفعه و الغيرة تحرق جوفها كالاسيد
-" لا تجرأ على ذكر علاقاتك و انت معي، لاااا تجرأ على ذكرها ابدا، حتى ولو كنت بعيددة بألاااف الكيلومترات "، ضل ينظر اليها في صدمة، ثم ابتسم ابتسامته الرائعة التي تفقدها صوابها " لا تبتس..." أسكتها بقبلة لم تكن قوية كالاولى، كانت جامحة جريئة لكن ناااااعمة.

لم يشعر الا و يديها الصغيرة تنتقل الى كتفيه، يعرف انها لن تستطيع الوصول الى عنقه، فحملها ليجلسها فوق عارضة المطبخ و هو يقبلها بشغف و تحاول مجاراته بدون فائدة، انتقل الى عنقها احست بأن يده تنتقل على بشرة ظهرها الباردة، شهقت من المفاجأة و حاولت الابتعاد، لكنه رجع و اسكتها بشفتيه
-" أنير..." انَّت بهس" أرجوك أنير ليس الان " استطردت و هي تحاول دفعه عن جيدها " ليس قبل العرس " رد أنير بصوت ضعيف
-" لا أستطيع، أرجوك ايلودي "، اجابته برقة
-" تعلم جيدا اني اريد ان اكون معك، اليوم قبل الغد، لكن انت تعرف التقاليد، أرجوك..." نظر اليها نظرة طويلة،
-" حسنا لن افعل شئ، بشرط.... " ثم أكمل " قبليني"
رأى وجنتيها تتلون بلون احمر قاني ، و هي تنظر الى شفتيه، ثم طبعت قبلة على شفتيه بسرعة، ضحك انير" هل هذا ما تسمينه قبلة؟، اعانني الله و مدني بالصبر لتعليمك.....الدرس الاول سيكون عن كيفية التقبيل" اقترب من شفتها الضاحكة و بدأ بتلقينها اولى ابجديات التقبيل.

******

بعد رجع من المسجد، التقى باخته عبير الذي اخبرته ان يوقظ عروسه و يستعدا، فعائلتها ستحضر افطار العروس، ثم يمكنهما السفر بعده مباشرة لبدء شهر عسلهما، نظر اليها نظرات طويلة، لا يعرف كيف يرد الجميل لاخته المتفانية، فيبدو عليها التعب الشديد، فهي لم تنم جيدا منذ يومين رغم حملها المتعب، لكنها عنيدة و تذكره بأمها و تفانيها من أجلهم.... قبل جبينها

-" آسف حبيبتي، اتعبتك معي" ضربته على كتفه" لا تقل ذلك يا حبيبي، فانت و تانس اعتبركما ابناي اكثر من اخواي، و انا فقط اقوم بواجبي تجاهكما" عانقها بشدة فلولاها لم يكن سيعرف ماذا سيفعل.

-" شكرا حبيبتي، حمزة محظوظ بك" همس لها، وهو يقبل جبينها
-" اذهب لزوجتك، هي اولى بالحضن والقبلات" غمزت له، ليقهقه ملوحا يخفي نظرته الحزينة وهو يتوجه الى زوجته.

وجدها ما زالت نائمة، اقترب من السرير وابعدها شعرها الكثيف عن وجهها، لم يقاوم ان يطبع قبلة رقيقة على خذها ثم قرب فمها، تلتها قبلات متتالية الى ان حط على شفتيها المفتوحة نتيجة نومها و كأنها تستعد لقبلته، عمق قبلته فتململت ليبتعد قليلا، فتحت عيونها تنظر اليه بتساؤل وعدم فهم
-" مالذي يفعله هذا المزعج في غرفتي" تمتمت في نفسها.... سرعان ما هجم مجددا على شفيتها..... حاولت ابعاده لكنه كان يضغط عليها بجسده الضخم، لم يمر وقت حتى سايرته كانا يقبلان بعضهما في تخبط، فكلاهما ذو خبرة منعدمة، لكن غريزته قادتهما معا.... احست به يفلت شفتيها لينتقل الى عنقها ما جعلها تستيقظ من الاحاسيس المبهمة و الرائعة التي عاشتها معه، دفعته بقوة و نهضت هاربة باتجاه الحمام، و صدرها يعلو و ينزل من شدة تأثرها.

القت نظرة على صورتها في المرآة، كان وجهها احمر، شفتاها متورمة و نظرت الى العلامة على عنقها و شتمته بأقوى شتيمة تعرفها.... غسلت وجهها بالماء البارد، وانتظرت خروجه من الغرفة.

كان في عالم آخر و هي بين يديه، لاول مرة يجرب الاحساس بحلاوة ان تكون انثى بين يديه، خاصة متفجرة الانوثة كآنيا، وهو ينوي الاستفادة من هذا الزواج، فبعد ان ارتشف من مذاق شفتيها لن يمنع نفسه من الارتواء حد الشبع، على الرغم من انه متأكد انه لن يشبع ابدا، سيتركها الان، لكن في عرينه لن يترك لها فرصة الافلات
-" صبرا ايدر" ابتسم ثم نهض ليغير ملابسه، اخبرها بصوت عالي ان تستعد لاستقبال اهلها، و سينتظرها في الاسفل.

سمعته، وانتظرت حتى خرج من الغرفة، اسرعت لحقيبتها و اخرجت قفطانا ابيض و بحثت عن حجاب طويل عوض طرحتها الحمراء التي تعقد خلف العنق كما تقتضي العادات، فهي لن تخرج بتلك العلامة التي خلفها دلك المتوحش، نظرت الى اصبعها، حمد الله ان الجرح بالكاد يرى فستكون فضيحة مدوية، والتي كادت أن تتم فعلا.... تذكرت شعورها و هي بين ذراعيه ابتسمت ابتسامة بلهاء، وهو الذي يقول لن يميل لجسد طفلة، نظرت لجسدها الممتلئ في المناطق الصحيحة بإعجاب ....ثم لبست ملابسها بدون ايزارها، فلن تقابل الرجال فقط النساء من عائلته و عائلتها، اكملت زينتها و خرجت، استقبلتها امها بالدموع و التبريكات، و عانقتها ايلودي وتانس، جلست كانت امها تنظر اليها بفخر و الدموع تغشى عينيها، احست بأنها منافقة و تكذب على اقرب الناس اليها، دفعت بهذه الفكرة بعيدا و اخذت تثرثر مع تانس، وايلودي الشاحبة جالسة بصمت.... لا تعلم لكنها تحس أن شيئا مزعجا حدث معها هذا الصباح....

******

ودعت عائلتها بدموع، وزاد نحيبها عندما اخبرتها ايلودي انها لن تأتي قريبا الى المدينة، الى ان تبدأ الدراسة بعد الامتحانات الاستدراكية، انطلقت مع زوجها في سيارة و اختيه و التوأم في سيارة اخرى، بعد وصولهم الى المدينة، ذهبوا الى شقته، كانت شقة فسيحة جدا، من 4 غرف، وكل من اختيه اتجهت لغرفة.

كان المنظر يخطف الانفاس في الشرفة الفسيحة المطلة على خليج أكادير، والتي يفصلها عن الشقة حائط كبير من الزجاج، كانت تتلمس النباتات المزروعة في الشرفة، فجأة احست به خلفها
-" والدتي من زرعتها، كانت تحب الزراعة جدا" اقترب منها اكثر حتى التصق بها، حاولت الابتعاد فوضع يده فوق خصرها
-" انتظري هناك حشرة فوق كتفك"، اصابها الفزع
-" انت تكذب، ارجوك ابعدها ايدر" وقفت كالصنم تنتظر، ادارها بلطف لتقابله، كانت ترتدي كعب عالي ما جعلها تصل الى ذقنه
-" افتحي عينيك لقد ذهبت" فتحت عينيها تنظر إليه
-" شكرا" كانت عيونه مظلمة و هو ينظر الى شفتيها، حاولت الابتعاد لكنه لم يسمح لها قائلا بصوت اجهش
-" لطالما تخيلت أني اقبلك في هذه الشرفة و النسيم يلعب بشعرك" فك حجابها و عقدة شعرها فانطلق ثائرا و نسيم البحر يلعب به فيضرب وجه ايدر، تنفس بعمق
-" ما أجمل رائحتك المحملة بعبق الهواء المالح" كانت مستسلمة كانه القى عليها تعويذة لتبقى مستكينة بين ذراعيه، كان قلبها يضرب بشدة عندما انزل رأسه اغلقت عينيها
-" سيقبلني، سيقبلني الان" كانت تردد في نفسها و هي تنتظر القبلة، لكنه توقف امام شفتيها مباشرة، انتظرت و انتظرت،وانفاسه تضرب صفحة وجهها فتحت عين لترى لماذا تأخر، فوجدته ينظر اليها بتسلية، قبلها على جانب فمها قائلا بضحك
-" انتظري قليلا جميلتي، فلسنا وحدنا في المنزل". ابتعدت عنه متأففة و وجهها احمر من الخجل، اخدت حجابها من يده بقسوة ودخلت الى الداخل وهي تزفر بغضب من ضحكاته المستفزة.

********









..




ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-18, 10:01 PM   #52

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الخامس عشر

-" نعم خالتي، لقد وصلنا للتو....... لا اظنها فكرة جيدة، فهما مازالا متعبين من السفر، و لن يستطيعا استقبالكما الان....حسنا سأخبره، وسيتصل بك.... وداعا"

كانت تانس تكلم خالتها التي تصر على زيارتهم، على الرغم من انهم زاروها بمجرد حضورهم من المطار وكان ايدر معهما. لكنها متأكدة ان دنيا من تضغط عليها لتعرف مكان اقامة ايدر... هي تحبها. على الرغم من فارق السن الكبير بينهما الا انها كانت مقربة منها سابقا اكثر من عبير، لكنها لم تكن تتخيل ان تكون زوجة اخيها، فهي انانية ولا تفكر الا في راحة نفسها عكس ايدر الذي يحيط الجميع بعنايته.

خرجت من غرفتها التي حرص ايدر على تأثيتها على حسب رغبتها، وكذلك فعل لعبير على الرغم من انها متزوجة ولديها بيتها الخاص، اصطدمت بآنيا التي كانت مسرعة من الاتجاه الاخر
-" هييي، الا تنظرين امامك، كدت تسقطينني" رفعت اليها آنيا نظراتها و ضحكت بصوت عالي
-" ما هذا الشعر يا فتاة، يذكرني بشعر المغني عبدالفتاح جريني " و ضحكت بأقصى ما لديها، خرج ايدر من الشرفة على ضحكتها اليست هي الغاضبة منذ قليل....

-" انير تكلم مع زوجتك، هي تهين شعري الجميل" قالت بغضب و آنيا ازدادت وتيرة ضحكتها لما سمعتها تلقب شعرها بالجميل، ما جعل انير يبتسم لضحكتها، اقتربت منها تانس في تهديد و بغريزة ارجعها الى الوراء لتحتمي به
-" هكذا ايدر ، تخون اختك من اليوم الأول لقدوم هذه القزمة" ما ان سمع صفة القزمة حتى دار بسرعة يمسك آنيا بين ذراعيه بإحكام، فلا يستطيع تكهن تصرفاتها، وبالفعل صرخت آنيا
-" اعيديها مرة ثانية، و سأجعل من شعرك ليفة لغسل الاواني، و حك المرحاض" و هي تحاول ان تخرج من سيطرة ايدر " دعني ايدر لاريها ما تستطيع القزمة فعله" لكنه احكم قبضته عليها و رفعها ليدخلها للغرفة، وتانس تستمر في اخراج لسانها لها، مما يزيد في استفزاز تلك الثائرة. اغلق الباب برجله ثم وضعها ما ان وصلت ارجلها الى الارض حتى همت بالرجوع الى تانس وهي تتوعدها، تأفف ايدر " يا الهي، ما هذه الطفلة".

-" توقفي آنيا، انت من بدأ بإهانتها اولا" كانت تنظر اليه و صدرها يعلو ويهبط من الانفعال، ثم انفجرت باكية، لم يعرف كيف يتعامل معها، يعرف التعامل مع آنيا الغاضبة لكن الضعيفة لا يعرف ماذا يفعله لإسكاتها....كانت تتمتم بكلمات بين شهقاتها انها فقط قصيرة و ليست قزمة، ابتسم و ضمها إلبه.... تخفي وجهها في صدره، توقفت قليلا حتى مسحت انفها و دموعها بقميصه ثم استمرت بالبكاء.... عانقها بقوة ثم اجلسها فوق السرير و اتكأ امامها على ركبة واحدة

-" اسمعي آنيا، تانس لا تحب من يعيب لها شعرها، هي تبدو جميلة به لانها تحبه،و متقبلة ان شعرها ليس حريريا كشعرك...." قال وهو يمرر يده على شعرها بشرود....ليقول بصوت بعيد" وانت ايضا قصيرة و جميلة "

-" جميلة فقط؟" سألت بهمس، فابتسم

-" بل جميلة جدا في الواقع، ولا يجب ان تغضبي عند ذكر ذلك، فانا لم اكن لاعجب بك لو كنت طويلة مثل الزرافة" ضحكت بخبث

-"مثل تانس"، زفر بإحباط، ثم وقف ليرى من يطرق الباب، كانت تانس التي ارادت الاعتذار لآنيا.... تركهما قليلا و دخل لغرفة التبديل.... خرج ليلمحهما تخرجان وهما متعانقتان كأن شيئا لم يكن " النساء" تمتم في حيرة

******

كانت تبحث بتركيز في صندوق قديم، من الصناديق التي احتفظت بها من القرية، اخرجت كل محتواها، فضالتها صغيرة الحجم يمكن ان تتوارى خلف اي شئ من محتويات الصندوق، كادت ان تفقد الامل، لكنها لمحتها في آخره، رفعتها بين اصبعين تنظر اليها بانتصار، اخيرا الدليل على علاقتها مع انير في يدها، كانت تنظر الى ذاكرة الهاتف، التي تحتوي على بعض الصور التقطاها في لحظاتهما سواء الحميمية او غيرها، و هي الان السلاح لزعزعت علاقة ابن القايد بإيلودي، من كان يتخيل ان الطفلة الصغيرة البريئة هي من ستصحبح غريمتها، ضحكت ضحكة انتصار قريب....
الكل يعرف بعلاقتهما.....لكن ما ستشاهده قريباً، سيجعلها تشمئز من مجرد النظر لوجهه

******

كانت ايلودي تجهز الفطور بسرعة فكلثوم مازالت عند اختها، تساعدها في تجهيز فطور العروس، اخذت الفطور للقايد الذي كان مستيقظا و يقرأ كتابا في شرفته، طلب منها ان تنظم اليه و يفطرا سويا، لكنها اعتذرت فهي مستعجلة للذهاب عند صديقتها، اتجهت الى غرفة أنير فيبدو انه مازال نائما، طرقت عدة مرات لا من مجيب، فتحت الباب و دلفت، كانت الغرفة تسبح في ظلام الى من خيوط اشعة تدخل خلال الستائر، ذهبت اليها و فتحتها ليغمر الضوء كامل الغرفة، ثم اتجهت نحو السرير لتوقظ زوجها، كان نائما على بطنه كعادته، و رأسه اسفل الوسادة، اقتربت منه

-" أنيير، أنير، استيقظ، الفطور جاهز" ولا من مجيب، اقتربت من كتفه، وضعت يدها عليها فكانت ساخنة مقارنة بيدها الباردة، ابعدتها بسرعة، عندما احست كصعقة كهرباء في يدها. لم تجد بدا من ان تبعد عنه الوسادة، ازالت الوسادة وهي تناديه بصوت اعلى فتململ فاتحا عينيه، لم يستوعب وجودها في بادئ الامر، عندما تذكر انه في القرية و ان الذي امامه زوجته، ابتسم، ردت له الابتسام قائلة" صب...." لم تكملها من المفاجأة فهو قد جرها لتقع على صدره العاري، ثم انقلب لتصبح تحته.

-"ألم....اعلمك.....البارحة....كيف ....يجب.....ان.....تستقبلي.....ني... "

كان بين كل كلمة و كلمة يقبلها قبلات كالفراشة، ضحكت عندما بدأ يدغدغها وهي تحاول الفكاك من محاصرة جسده لجسدها.
-" ابتعد انير، سوف اتأخر" وضعت يديها على صدره لتدفعه بعيدا عنها لكنها توقفت وهي تتلمس عضلاته الصلبة، بدأ يقبلها بعاطفة وارتفعت يديها الى عنقه تقربه منها اكثر، توقف ينظر اليها،بتساءل ثم أنَّت برفض وهي تقربه اكثر، فكان كرد ينتظره...... ضحك لجرأتها وعاد لشفتيها، غاب عقلها مع الاحاسيس التي فجرتها فيها قبلته و يديه الخبيرتين، فلم تعي متى اصبحت عارية بين يديه، لم تهتم هو زوجها و تحبه، ترجمت افكارها بهمسة
-" أحبك"
تجمد ثم ابتعد عنها، احست ببرودة تضرب كامل جسدها فشهقت، غطت نفسها بلحافه الاسود، لم تفهم لماذا ابتعد، هل قامت بشئ غلط؟ ام انها لم تعجبه لقلة خبرتها، تعرف انه كان على علاقات كثيرة مع نساء تفوقها خبرة بمراحل، احست باحساس الغيرة يأكل مشاعرها، و احساس الذل و الضعف، سلمت له نفسها وهو نبذها، جمعت شعرها في عقدة فوق رأسها، و لفت جسمها في لحافه، و نهضت تلتقط ملابسها المنتشرة حول السرير،" لا تبكي ايلودي، لا تجعليه يرى كرامتك المهدورة امامه"...





******

" لا تبكي ايلودي، لا تجعليه يرى كرامتك المهدورة امامه" كانت تعيد الجملة مرارا و تكرارا في عقلها وهي تتجه الى الحمام.... تحاول لملمت شتات نفسها.....أحست بالعزلة ما ان اغلقت عليها الباب.....إتكأت عليه و استسلمت لنحيب يقطع نياط قلب الجالس على السرير و يمسك رأسه بين يديه، مالذي كان على وشك ان يفعله، كاد ان يضرب الاعراف و التقاليد عرض الحائط، لولم توقظه بهمستها لكان تهور، هو لا يريد حبها، هذا الزواج مبني فقط على مصالح و الحب بعيدا عنه، هو يعرف انها اذا احبته سوف تتعذب معه، فهو يشبه امه لن يخلص...... يعرف ذلك فلا قلب لديه، هو متملك لكن سرعان ما سيهملها بمجرد ان يمل جسدها، يعرف ان ما يدفعه اليها..... انها لم تستسلم بعد كما تعود من الجنس اللطيف.... و بمجرد استسلامها فهو سينبذها، فهذا ما تعود عليه طيلة ثماني سنوات السابقة، لا يريد ايلودي ان تكون ضحية من ضحاياه السابقة، سمع توقف نحيبها، أكمل ارتداء ثيابه و وقف ينتظر خروجها ليتحدثا.

غسلت وجهها جيدا بالماء البارد..... لا يهم إن سمع صوت شهقاته....نظرت الى نفسها و همت ان تبكي من جديد، لكنها قاومت " الى متى ستبقين ضعيفة و الكل يسخر منك، ان جرحت كرامتك لنبذه اياك فلا تهتمي، و قريبا سيعود الى امريكا و ستهتمين بمدواة قلبك، يجب ان تقصيه من حياتك، فانت تستحقين ما حدث لك" تذكرت نصائح آنيا الا تجعل حياتها تدور فقط حول مداره، تلبي مطالبه بطيبة خاطر، لانها سوف تتألم من بعد فالرجال متقلبون و الخيانة تجري في عروقهم.... خرجت رافعة رأسها لن تظهر له ضعفها من الان، وحتى الفطور الذي جهزته ستأخذه معها و ليمت من الجوع ردت بطفولية على افكارها.

-" ايلودي انتظري" قال بصوت مرتبك...لكنها لم تهتم بطلبه، و اتجهت نحو الباب، الذي كان يبدو لها بعيدا جدا، خطوة، خطوتين و تصل اليه، استفزه برودها و تجاهلها إياه.....امسك بيدها و ارجعها بعنف الى الوراء، رفع نظراتها تنظر اليه بلامبالاة و عيونه تظهر الى اي درجة هو غاضب
-" في المرة المقبلة، لا تديري ظهرك وانا احدثك" صرخ في وجهها، لكن النظرة في عينيها لم تتغير
-" هل انتهيت؟ اهل آنيا ينتظروني"همس ببرود هتف بغضب و النظرة في عينيها تفزعه
-" لا لم انتهي بعد، وانا لست موافق،لن تذهبي الى اي مكان"

بهدوء ابعدت اصابعه عن مرفقها واحدا واحدا لحتى تحررت يدها ثم هتفت
-" زمن طلب الاذن قد ولى عزيزي، اذهب الى عاهراتك المحنكات اللواتي يستطعن ارضاءك افضل مني"
لم يخرج من صدمة تفسيرها لما حدث بينهما سابقاً.... الا عندما رمت عليه بأقصى قوتها عطره، الذي اصابه في كتفه ثم اتبعته بساعته و كل ما استطاعت ان تصل إليه من حاجياته المتراصة فوق طاولة الزينة، كان يحاول تفاديها، و لما لم تجد شيئا اخر فوق الطاولة ، اتجهت الى المزهرية الموضوعة فوق الطاولة اخذتها وهو ينظر اليها مندهشا، هذه ليست ايلودي التي يعرف، و عوضا ان ترسلها باتجاهه ضربت بها المرآة لتتهشم، زفرت براحة قائلة
-" هذا بسبب قولك لا تذهبي، في المرة المقبلة لن اتوانى عن تحطيم كل الغرفة" و خرجت

كان ما زال فارها فمه، ما الذي حدث للتو؟ تساءل و هو ينظر للفوضى التي خلفتها خلفها، تذكر زوجة ابيه التي اخبرته مرة ان غضب الساحرة الحمراء كالاعصار يخلف دائما خلفه خسائر مادية، اسرع باتجاه المطبخ ليلحق بها، لكنه وجده خاليا و طاولة الطعام فارغة
-" أين الفطور الذي جهزته؟؟!" تساءل، ذهب الى غرفتها فوجدها فارغة كانت قد ذهبت و ضربت بأمره عرض الحائط، وجد نفسه لم يغضب بل ابتسم في تسلية، ثم اخد يبحث عن القهوة ليسيطر على آلام رأسه.

******

كانت سعيدة جدا لآنيا التي أخيراً وجدت ما تستحق.....إيدر إنسان جيد، كان نعم الإبن للقايد في هذه السنوات الأخيرة..... كانت تفكر بآنيا و هي تطبخ العشاء.... لا تريد أن تفكر في أنير الذي خرج منذ الصباح و لم يعد للآن.....لم تستطع أن تكتم إحساس الغيرة الذي ينهش قلبها، كلما فكرت أنه قد ذهب ليلهو في مكانٍ ما....
تعشت مع القايد الذي كان يرمقها بنظرات متسائلة.... و غطته جيدا ثم اطفأت النور..... و اتجهت للنوم.... ما ان وضعت رأسها على الوسادة حتى نامت من شدة تعبها.

استيقظت بفزع عندما رُفع عنها الغطاء، اشعلت الضوء بجانبها، كان انير يقف بجانب سريرها و تحت الانارة الخفيفة يظهر كوحش يستعد للانقضاض، اخدت منه الغطاء لتغطي نفسها.....رهي ترتعش من الصدمة

-" ماذا هناك انير؟ نظرت الى الساعة كانت تشير الى الواحدة بعد منتصف الليل " ماذا تريد في هذا الوقت المتأخر؟"

-" وماذا يريد الرجل من زوجته يا ترى؟" أجاب و ابتسامة جانبية تعلو وجهه، نظرت اليه بصدمة وحاولت ان تنهض لتلغي تلك الفروق التي بناها وقوفه بينهما

-" هل جننت انير؟"

-" للاسف ليس بعد، عموما هناك اشياء لن تستطيعي تلبيتها ولو حاولت" أحست بالإهانة وهو ينظر الى جسمها من الاعلى الى الاسفل.... بنظرات سخرية. حاولت ان لا تظهر الامها امام هذا الجلمود، لكن بشرتها اكتسحها احمرار الغضب و الخجل في نفس الوقت.... اقترب اكثر. يستفزها -" لكن هناك اشياء تعرفين جيدا كيف تلبينها...." قال وهو يمرر اصبعه على بشرة خذها الملتهبة نزولا لعنقها....ملمس بشرتها الحريري جعله يبتلع ريقه وهو يهمس بصوت أجش....من ذكريات استسلامها في الصباح له.....طوال النهار و هو يلهي نفسه.... كيلا يعود و يلتهمها كيفما يتمنى " أنا جائع اريد ان آكل" نظرت اليه ببرود وهي تُبعد وجهها عن اصابع يده التي جعلت وخزاً لذيذاً يسري على طول جسدها....

-" هل تسمع نفسك، توقظني في ساعات الصباح.... لانك تريد ان تأكل، اذهب الى المطبخ و جد شيئا تأكله بنفسك"
قالت بسخط وهي تحاول العودة للإستلقاء...... لكنه جرها خارجا من الغرفة بملابسها القصيرة.

-" ولماذا اعذب نفسي و الخادمة موجودة تحت امرتي"

ضربت يده تحاول تحرير كفها من قبضته
-" انا لست خادمتك ايها الكريه" امسك بفكها بقوة، وقربه منه قائلا
-" انت خادمتي و ستظلين كذلك حتى اقول العكس، فلن أقبل أن تعيشي عالة على ابي طول عمرك"
توقفت عن المقاومة.....لتنظر اليه بألم و دمعة تهدد بالنزول لكنها تحاول ان تمنعها، وهي تُغلق عيونها.....لتفتحهما و هي تأخذ نفساً طويلا.....و كأنها تذكر نفسها بمكانتها.....فهل صدقتِ أنك خرجت من ثوب السندريلا لتصبحي أميرة..... ابتسمت بألم.... وهي تهمس بحرقة
-" فهمت"
ثم تحركت باتجاه المطبخ.... تجمع شعرها بعقدة عشوائية خلف رأسها. بأصابع مرتعشة...و الرغبة بالبكاء كانت تخنقها ....ندم على ما تفوه به و هو يرى الالم الذي ظهر على محياها، و نظرتها المتحدية تغيرت فجأة الى نظرة خاوية مليئة بالعتاب، ابعد يده عن فكها، كان يريد ان يخبرها انه آسف، لكن لسانه كان مربوطا.....

كان يراقبها تصنع له ما يأكل بطريقة آلية و كأنها مبرمجة عليها، وبين فينة و أخرى تمسح دمعة خائنة تسللت من عينها، لعن اللحظة التي غضب من تجاهلها لوجوده، و ركبته العفاريت، لم يكن ينوي جرحها بهذه الطريقة، كان يريد فقط ان يؤدبها، لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن، ورياحه اعلنت العصيان و دمرت كل ما بناه معها في الاشهر السابقة، نهض خارجا دون ان يأكل عشائه، وهو يتمتم باللعنات لنفسه و لإيلودي التي استفزته.
انتهت من صنع شطيرة له.... وضعتها فوق الطاولة و رجعت الى غرفتها تجر اذيال الخيبة، فالصفة التي اعتقدت تركتها في بيت خالها، مازالت ملتصقة بها فقط توارت لبعض الوقت حتى صدقت انها تخلصت منها فظهرت من جديد، كمرض السرطان حين يزفر المريض راحة باستئصاله يعود اقوى وغالبا تكون عودته ضربة قاضية تنتهي بموت المريض، هذا ما حدث لها فتذكيرها بمكانتها من جديد كسر فيها شيئا داخليا ستصعب لملمته من جديد....

******

بعد نوم عبير و اولادها، سهر البقية امام التلفاز لوقت متأخر، كانت آنيا تحس بتعب لكنها لا تريد ان تثير شكوك تانس حول زواجهما عندما تذهب لغرفة غير غرفة زوجها. وأخيرا قررت تانس ان السهرة قد وصلت الى نهايتها، ما إن أغلقت باب غرفتها، حتى نهضت آنيا باتجاه الغرفة الرابعة، لكن ايدر امسك بيدها جارا اياها باتجاه غرفته،

-" ابتعد عني لا اريد النوم في نفس الغرفة معك" صاحت بهمس كي لا يسمعها الاخرون

-" هذه غرفة أنير، ولن اسمح لك النوم بها" نظرت اليه تتأكد من صدقه، ثم اسرعت الى غرفته تغلق الباب، خاب ظنها عندما لم تجد المفتاح، ففتحته من جديد واغلقته بأقصى ما لديها، لم يعد يهمها احد، لكن قبل انغلاقه امسك به ايدر و اغلقه بهدوء

-" لماذا هذه العصبية آنيا" كانت تنظر اليه نظرات غاضبة ثم استرسل" بوجود اختاي او عدمه لن تنامي الا في غرفتك هل هذا مفهوم"، لم تجبه اتجهت الى دولابها، و بدأت تبحث عن ملابس ساترة للنوم، لكن يبدو ان عبير قد تخلصت منها، وجدت لباس رياضي و اخذته و اتجهت الى الحمام.

بعد خروجها وجدته نائم في الجهة اليمنى من السرير، اخدت وسادة ولحاف و اتجهت الى اريكة واسعة بجانب السرير، و نامت من شدة تعبها.

كان يتصنع النوم ليرى ماذا ستفعل، فتح عينيه و انتظر قليلا حتى استغرقت في النوم و انتظم تنفسها، ثم حملها متوجها للسرير، وضعها في المنتصف و نام في جهته محتضنا اياها و ووجهه مغروس في جانب عنقها، ثم استسلم لنوم بطلة احلامه في حضنه.

احست بسخونة عالية كأنها في فوهة بركان، رمشت بعيونها لتجد نفسها مغروسة في حضن زوجها، وهو يلف يديه و رجله حولها، كان ظهرها باتجاه صدره، حاولت ان تبتعد عن حضنه وخصوصا ان ملابسها تخنقها وتحس بتعرقها في كل مكان، لم تستطع الفكاك من سجن يديه، استسلمت و استكانت و هي تفكر في اللحظة التي نامت بها على السرير، فما تذكره انها نامت فوق الاريكة.

احس بها تحاول الفكاك فزاد من ضمها اليه، كان ينتظر حركتها التالية لكنه تفاجأ من استكانتها، ادارها بسرعة على ظهرها ولم يسمح لها ان تستوعب المفاجأة اذ انقض على شفتيها بقبلة جامحة.

كانت تبادله قبلته،و بتخبط حاول فتح سترتها الرياضية لكنها امسكت يديه هامسة امام شفتيه
-" ارجوك ايدر، ليس الان "، افلت السترة،مما جعلها تبتسم له بامتنان و تحيط عنقه و تدفعها باتجاهها لتشكره بقبلة سلبت ما تبقى من صوابه.

بعد فترة سمع اذان الفجر، نظر اليها كانت تنام بوداعة في حضنه، تذكر توسلها له ان يدعها، هل له علاقة بما قالته سابقا؟ هل تنتظر الرجل المناسب؟ لكنها قبل عدة دقائق كانت شغوفة معه اليس هذا دليل على انها تميل اليه؟ زفر بإحباط و ابتعد عنها و ذهب ليستعد للصلاة، بعد انتهائه ايقظها للصلاة. كانت تحاول الا تنظر الى عينيه فهي خجلة مما حدث البارحة معه، كان يتحدث بنبرة عادية لا يظهر عليها التأثر، نظرت الى عينيه فوجدت البرود، اذن فهي الوحيدة الغبية كالعادة التي اعطت القيمة لما حدث بينهما، لعنت نفسها وهي تتجه الى الحمام، كانت المياه تنسكب على رأسها و هي تفكر بزوجها وبروده، ضربت جبينها الان عرفت سبب بروده، لانها لم تسمح له باكمال زواجهما، لكنها احست بنفسها غير جاهزة خصوصا انها لم تكن مستعدة و هي كلها متعرقة، سيعفها بمجرد ان يقترب منها، فكرت انها يجب ان تصلح الامور بينهما، استعملت غسولها المفضل برائحة اللافندر، عطرت جسمها و شعرها، تزينت و لبست اجمل فستان لديها، مع كعب عال مناسب، وجلست تنتظره.

بمجرد دخوله الى غرفته، وصلت الى انفه رائحتها الزكية، نظر اليها واحس انه اذا اقترب منها لن يستطيع التريت حتى وان طلبت ذلك، والاسلم له ان يذهب الى الصالة الرياضية في الاسفل.

رأت تأثره بمجرد ان لمحها، كانت تنتظر ان يقوم بالخطوة الاولى كما عودها، لكنه ابتعد و دخل الى غرفة التغيير، خرج بعد فترة يلبس سروالا قصيرا فضفاضا و سترة بدون اكمام و يحمل حقيبة رياضية و حذاء في يده اليسرى، جلس على الاريكة يلبس حذاءه، وكانت تنظر اليه بحيرة و خيبة، تمتم بأنه سيذهب الى الصالة الرياضية وخرج و عيونها على اثره، اتجهت الى المرآة تنظر الى نفسها "الم تعجبه؟" بقيت تحدق في نفسها ثم تمتمت " العمى ان لم يلحظ جمالي" ارسلت الى نفسها قبلة مواساة و اتجهت الى السرير لتكمل نومها.

رغم الجهد الجبار الذي بذله في الصالة الرياضية الا ان صورة الحورية برائحة اللافندر لم تغادر مخيلته، خرج قاصدا المصعد، فرن هاتفه كانت خالته تعلمه انها ستأتي لزيارته بعد قليل، أُجبر ان يملي عليها العنوان، ثم اكمل طريقه نحو الشقة وهو يدعو ان يمر اليوم على خير، خصوصا ان دنيا لن تتوانى عن الاعيبها، وآنيا ليست من النوع الذي يسكت ابتسم لذكراها، ساعتين فقط واشتاق اليها حد الألم.

*******

طوال اليوم لم يلمحها، دخل الى المطبخ فوجد كلثوم غاضبة منها، و تطلب منها ان تخرج من مطبخها، والاخرى تصر على تحضير الغذاء.

-" اقسم بالله إيلودي، ان لم تخرجي و تتركيني انهي اعمالي سوف ابلغ عنك القايد" قالت كلثوم ووجهها محتقن من الغضب، ويديها على خصرها

-" لن ترعبيني كلثوم، امتحاناتي مرت كلها بنجاح، و انا ليس لدي ما اقوم به، و هذا عملي ان اكون خ...."

-" إيلودي، تعالي اريدك " وقفت تنظر اليه، فلم تتوقع وجوده في المطبخ " الآن" صرخ

-" حاضر سيد انير" تمتمت بتحدي، مما جعل عيون كلثوم تجحظ، لكنها سرعان ما تابعت تحريك الحساء كأنها لم تسمع شيئا، لاحظ انير ردة فعل كلثوم، فجر إيلودي من يدها غاضبا خارج المطبخ.

-" ما هذه التصرفات الطفولية" سألها صارخا

-" الست انت من وضعني في خانة الخادمة في هذا البيت، ومن الآن فصاعدا اعرف مكانتي جيدا سيد انير" اجابت و رأسها مرفوع بتحدي

-" انت السبب، تستفزيني و تعلمين جيدا انني حين اغضب لا اتحكم في تصرفاتي و اقوالي"

-" انا لا اعرفك، ولا يشرفني ان اتعرف اليك ابدا" قالت بغصة و هي تستدير مغادرة الغرفة، لكنه لم يسمح لها فجرها من يدها مرجعا اياها لمكانها، أنّت فعرف انها اليد التي كانت تؤلمها، فاخد يدها يمسدها برقة
-" أنا آسف إيلودي، اعرف انني أؤلمك بتصرفاتي لكنني اقسم لا اقصد ايلامك ابدا" شهقت و دموعها الحبيسة تنهمر، فغرسها بصدره، كانت تبكي كل شئ، يتمها، سنوات عذابها في بيت خالها ثم جرحه الغائر لها.

-" لا تبكي " همس لها بلطف و هو يمسح دموعها، مما زادها بكاءا.

******

لاحظت امتعاض عبير ما ان سمعت بقدوم خالتها وابنتها، لم تعرف بوجود خالة له و عندما سألت لماذا لم تحضر العرس، اجابها بنبرة حادة بان زوجها مريض ولا تستطيع تركه، احست بشعور غير مطمن اتجاه اجابته، بعد الفطار، كانت تهم بتنظيف المائدة عندما اجبرتها عبير على مرافقتها، و اعطاء الاوامر لتانس و الطفلتين على التكفل بالمائدة.

اخذتها عبير للدولاب الذي كان على شكل غرفة كاملة، مقسم لنصفين، نصف لها والنصف الاخر لزوجها، و لكثرة ملابسها فأخذت جزء من قسم ايدر.

اخرجت عدة فساتين و سراويل تنظر اليهم بتركيز، و آنيا تنظر اليها بفضول.

-" مالذي يجري عبير؟" سألتها وهي تبعد احدى الفساتين التي تلصقها بها و تتمعن فيه بتركيز

-" خالتي وابنتها من المتطفلات، ولسانهما طويل، واريدك ان تظهري بأحلى مظهر خصوصا امام دنيا" اخدت جينز و تيشرت ابيض، "جربي هذا" اخذتهم آنيا، كان السروال يصل الى الخصر و ضيق جدا، تيشورت بالكاد تصل الى نهايته و مع كل حركة تظهر بشرة خصرها، رفعت عبير ابهامها دليل موافقتها على اللبس، ثم أجلستها امام المرآة تسرح شعرها الطويل، فأصبحت لفاته اكثر بروزا، كحلت عيونها و وضعت احمر شفاه فاقع فأصبحت جاهزة، مع خروجها صفرت تانس ما ان لمحتها قادمة، كان جالسا يرد على رسائل من عمله، رفع رأسه عندما سمع اخته و اتبع مسار عيونها، كانت حوريته بجمال يخطف الابصار، لباسها الضيق جدا يظهر منحنياتها بطريقة مبالغ فيها، و بشرة خصرها النحيل الظاهرة تدعو اصابعه الى تلمسها، شعرها الاسود بلفاته يحيط بها معطيا لها هالة غجرية جريئة، اقترب منها

-" اتبعيني الى الغرفة....الآن" ثم ذهب و تركها، نظرت الى عبير التي هزت كتفيها بلا اعلم، ثم اشارت لها برأسها ان تتبعه.

رؤيتها بتلك الهيئة جعلت حرارته ترتفع، لن يتركها تخرج بتلك الهيئة امام دنيا و خالته، دخلت ووقفت بصمت، اقترب منها قائلا

-" غيري ملابسك قبل ان يحضر الضيوف، وهذا امر لا نقاش فيه" ثم تجاوزها، توقف وهو يسمع تساؤلها الممزوج بخيبة امل

-" لماذا؟ الا اعجبك" رجع اليها بشئ من العنف والصقها بالحائط و نهال على شفتيها بقبلة عنيفة، كأنه يحاسبها على ما تفوهت به، فلو اطلق عنان نفسه لعبر عن اعجابه بها بكل الطرق التي يتخيلها منذ ان لمحها اول مرة قرب البحيرة. لم يسمعا رنين الجرس بقدوم الضيوف، كانا في عالم خاص بهما فقط هو وهي، تضخم رئتاه طلبا للاكسجين ما دفعه مجبرا للابتعاد عنها، قال وهو يتنفس بصعوبة
-" اياكي... ابدا...ان... تشكي....بإعجابي بك" ابتسمت له ابتسامة جعلته يئن حاجة لها، كان ينوي ان يعيث فسادا في زينتها اكثر عندما طرق بابهما فابتعدا عن بعضهما كانهما فوجئا في وضع مخل، ضحكا ثم اقتربت منه تمسح احمر شفاهها من على شفتيه، كان ينظر اليها نظرات حب وشوق، زادت الطرقات فصاح بقلة صبر
" نعم تانس"

-" الضيوف هنا ايها العاشقان" صاحت تانس من وراء الباب، كانت تتعمد رفع صوتها لتسمعها دنيا، فالحالة التي دخلت بها لا تبشر ان قصدها من الزيارة التهنئة.

-" حسنا، آتيان " صاح انير و هو يفسح المجال لآنيا لتتحرر من بين يديه، اصلحت زينتها و لما هم ان يخبرها ان تغير لباسها، استعجلته الخروج للقاء خالته و ابنتها، فرضخ لها.

دخلا للصالون فسلمت على خالته، كانت امرأة كبيرة في الستين من عمرها و بجانبها امرأة في الثلاثين ، كانتا تحدقان اليها بنظرات مرعبة لو كانت تقتل لسقطت ميتة، طلبا للحماية اقتربت من ايدر اكثر، حتى انغرزت في جانبه، نظر اليها فلاحظ رعبها الواضح " مما هي خائفة؟"، نظر الى اتجاه نظراتها، فابتسمت له دنيا،.
كان اغلب الحديث يدور بينه و خالته و عبير.

استأذنت تانس لتجيب على مكالمة مهمة، اما عبير فذهبت لتجهز طعام الغذاء، واستمر الحديث بين ايدر و خالته و دنيا تتدخل بين الفينة و الاخرى، فجأة طلبت دنيا من ايدر ان يريها الشقة، فسارعت آنيا و اقترحت ان ترافقها ، لم يعجب الامر دنيا لكنها رضخت ، وصلتا الى الشرفة، كانت دنيا تتأملها، و تحس بغيض كبير فهي صغيرة و جميلة عكسها، بعدما اهملت نفسها اصبحت تظهر اكثر من عمرها الثلاثين...

-" منذ متى تعرفين ايدر؟ " سألتها دنيا بشئ من الحدة

-" منذ شهور قليلة " اجابت آنيا بلا اهتنام، رغم تفاجئها من طريقة السؤال

-" هل تعلمين اننا كنا مخطوبين؟"
عرفت آنيا انها تحاول استفزازها......من طريقة كلامها، و تشنج جسدها الواضح.
-" لا يهمني، طالما انني من تزوجها في الأخير" اجابت ببرود
-" حقا لا يهمك انه كان اول رجل بحياتي؟" اجابت بخبث " وهو سبب طلاقي من زوجي؟"
نظرت إليها بعنف.....وهي تقول بعدم تصديق
-" أنت تكذبين"
ابتسمت دنيا.... وهي تنجح أخيراً في استفزازها
-" و لماذا سأكذب؟؟!.... " قالت بخبث....لتقترب أكثر منها وهي تهمس بفحيح "قد حاول ان يرجعني بعد ان تركته لكنه لم يعد يهمني.....هل لاحظت علامة فوق حاجبه، انها من احدى لحظاتنا الحميمية، ولا داعي ان اشرح لك كيف حدثت...." وضحكت بخجل متصنع
" انت تكذبين، و هذه ليست علامة تؤكد ادعائك" قالت لآنيا بانفعال
- " حسنا، لم اكن اريد ان استرسل اكثر، لكن مباشرة تحت قلبه توجد علامة، وقد حدثت مرة كنا في سيارته و....."
- " لا أريد ان اعرف المزيد" صرخت آنيا بألم.... قلبها يضرب بشدة و تحس بخنجر ينغرز في قبلها وهي تتخيلهما....
- " هل تغارين ايتها الصغيرة، فلتعلمي ان بزواجه منك فقط يحاول الانتقام مني لاني تركته سابقا، و عندما يشبع من جسمك سيملك و يرميك مثلما رميته ككلب يطمح للمزيد" لم تستطع آنيا ان تسمع المزيد فصفعتها بقوة.... ردت عليها الاخرى بصفعة اقوى، شهقت آنيا لتهجم عليها و تمسك بشعرها " سأريكِ ايتها الحقيرة من هو الكلب"

كان يلاعب ابنتي عبير.... التي كانت تتحدث مع خالته، كان كأنه يجلس على نار، كان يعلم انه في اي وقت سيسمع صراخ احداهن، ولم يتفاجأ عندما سمع صراخ دنيا، نهضوا باتجاه الشرفة....ليقف مصدوماً.... آنيا تجذب شعر دنيا بقسوة، و دنيا تحاول تخليص ما تبقى من شعرها من يديها....وهي تصرخ طلباً للمساعدة....اسرع الى زوجته يحملها ويحاول تخليص يديها من شعر الاخرى، عندما نجح في ذلك اسرعت خالته تضم ابنتها التي تبكي بحرقة، وتانس تحاول كتم ضحكتها، كان مازال يحملها وتحاول الفكاك منه و هي تهددها بنتف جميع شعرها، كانت هائجة جداً..... و هي تضرب بيديها و رجليها و تطلب منه أن يدعها.....حملها الى الغرفة و تكفلت عبير بوداع خالته، والتي لاحظت ابتسامة عبير عندما سمعت صراخ ايدر وآنيا الصادر من غرفتهما.

ما ان وضعها حتى اقتربت منه تفك ازرار قميصه بعنف حتى ان بعض الازرار طارت من مكانها، ضحك بتسلية

- " هل تحاولين اغتصابي "نظرت اليه بغضب....ليسكت، فلا يريد إثارة غضبها أكثر....استمرت بفك أزرار قميصه....وهو واقف ينظر إليها بفضول، عندما انتهت اتجهت مباشرة الى الجهة اليسرى من قفصه الصدري ولاحظت وجود اثر لجرح قديم، ثم انتقلت الى فوق حاجبه فلاحظت عليه اثرا ظاهرا اكثر من الذي سبق.....أغلق عيونه وقد عرف سبب شجارهما ما ان ، اذن فلقد اخبرتها عن سببه..... كانت عيونها متسمرة على الجرح.... لتقول بهدوء

- " من سبب لك هذا الجرح ايدر؟" ابتلع ريقه....دون أن يجب....لتصرخ بقوة " أجبني أيها الجبان....."
-" آنيا...." قال بتهديد.... لكنها لم تهتم لنبرة الغضب في صوته.... اقترب من صدره تكيل له الضربات
-"هل هي السبب؟..... هل كنت على علاقة معها قبل الزواج؟"

- " ليس كما تظنين آنيا" تراجعت للخلف بصدمة.... ليقترب منها.... يحاول الإمساك بكتفيها
-" لا تلمسني، ابتعد عني.....لا أريد رؤيتك...." همست بألم

- "آنيا، ليس الامر كما تظنين" اخبرها...

- " ماذا، اليست هذه" واشارت الى جبينه " ناتجة عن احدى لحظاتكما المحرمة" تساءلت و غصة تمنعها من الاسترسال

- " نعم، لكن..." أجاب و نظرة الذنب تعلو محياه

- " ايها الحقير، لا اريد سماع المزيد" وضعت يديها على اذنها لكي لا تسمع تبريراته.

- " انتبهي لألفاظك آنيا، فلا تختبري اعصابي اكثر، و علاقتي بها انتهت قبل ان اعرفك فلا يحق لكي طلب استفسار عما ولى" نظرت إليه بغضب... والغيرة تنهش داخلها

- " وماذا عني؟ ماذا ستكون ردة فعلك، إن أخبرتك أنه كانت لدي مغامراتي قبل ان اعرفك؟" امسك بذقنها وضغط عليه بقوة
- " أقسم ان اذفنك حية... " وشدد قبضته اكثر على ذقنها

- " مجرد افتراض و تهدد بدفني....لا اريد رؤيتك ابدا، اخرج من هنا" حاولت دفعه، لكنه لم يتحرك، حاوطها بذراعيه يريد تهدئتها لكنها استمرت بدفعه
-" ابتعد عنييييي... ايها الخائن الحقييير..... اخرج" كانت تبدو كساحرة غاضبة، و شعرها يلتف حول وجهها، كحلها يغطي وجنتيها وقد سال من دموعها، وقف حائراً أمام موجة غضبها.... احس بأخته تربت على ذراعيه.... ليلتفت نحوها بقلة حيرة و تساءل..... أمسكت بذراعه تخرجه من الغرفة.....و تانس تعانق آنيا التي تبكي في حضنها.
خرج من الغرفة و من المنزل باكمله وكان شياطين خلفه.

كانت تبكي في حضن عبير الى ان غلبها النوم وآخر جملة تسمعها " يجب ان تتعلما ان تحلا مشاكلكما بهدوء ".



...


ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-18, 10:03 PM   #53

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السادس عشر



تمنت ان يرحل قريبا، فمنذ بكائها على صدره وهي تتحاشاه، فبقدر ما هي اصبحت مدمنة من حضوره، بقدر ما تخاف ان يكتشف ذلك و يوجعها اكثر، فلم تعد تأمنه بعد آخر مرة، وكأن القدر ضدها فهو أجل رجوعه لحتى افتتاح الفرع الجديد لشركته، والذي سيتولى ايدر ادارته. مر اكثر من اسبوع وهما يلعبان لعبة القط و الفأر، ما ان تلمحه حتى تهرب من امامه،حتى اثناء مشاهدتها للتلفاز، كان يتعمد الجلوس و الالتصاق بها، عرفت انه يتعمد ازعاجها، فطلبت من القايد ان يضع تلفازا في غرفتها، وبهذا تسلم من مشاكساته و تحرشاته.

اسبوع مر و موجة ثلوج ضربت القرية، و اكتست رداءا ابيضا رائعا، لكن الامر لم يمر مرور الكرام بالنسبة للقايد، فبمجرد ان اطمأن انير ان اباه يتماثل للشفاء حتى انتكست حالته اكثر، كان يمر بنوبة سعال لدرجة ان في الآونة الأخيرة لاحظ خروج بعض الدماء اثناء سعاله، على الرغم من طمأنة الطبيب لهم انها مجرد ضربة برد سرعان ما تمر الا انه عرف ان نهايته قد اقتربت، بعد خروج الطبيب مع ابنه بقيت ايلودي بجانبه و دموعها على خذيها،

"- إقتربي عزيزتي" مد اليها بيده في ضعف واضح،اسرعت اليه و سقطت على صدره تبكي، فآخر شخص تحبه وتعتبره قبلتها عند التوهان اصبح ضعيفا، مسد رأسها و هو يطمئنها ان كل شئ سيكون بخير

-" ايلودي، إسمعيني جيدا لا أريدك أن تقاطعيني، فربما تكون هذه المرة الاخيرة لي معكِ " حركت رأسها برفض و لا زال رأسها مغروسا في حضن القايد، رفعت رأسها قليلا تحدق في وجهه، المرض يظهر جليا في شحوب وجهه، وبروز تجاعيده اكثر، كانت تنظر اليه نظرة امتنان لكل السنوات الثمانية عشر التي مضت، كان نعم الاب و الحامي لها، همست بيت شهقاتها

-" لا تتركني أرجوك، أنت الوحيد الذي بقي لي في الوجود، عدني انك لن تتركني ابدا"

-" حبيبتي هذا وعد يصعب الوفاء به.....الاعمار بيد الله، هو الذي يحيي ويميت" ثم اشار الى صندوق كبير موضوع في زاوية بالغرفة

-" افتحي الصندوق، واحضري لي مغلف ابيض منه" نهضت باتجاهه، كان صندوقا باللون الاسود، و مزين بالفضة، لاول مرة تراه، و ثوب باللون الابيض مفروش فوقه، ازالته و فتحت الصندوق، كان المغلف موضوعا فوق عدة حلي من الفضة، تتوسط صندوق متوسطا بنفس اللون والشكل لكن بحجم اصغر، أخذت المغلف و اغلقت الصندوق..... ما إن مدته له حتى امسك يدها يجلسها اقرب اليه.
-" حبيبتي، هذه مجموعة صور لوالدك و عائلته" أخذ احدى الصور و قلبها، كان مكتوبا على ظهرها عدة اسماء و عناوين
-" هذه اسماء اعمامك" كانت تنظر اليه بصمت
-" لماذا الآن؟" لم تعرف انها نطقت بالسؤال الا عندما سمعت إجابته

-" اعلم اننا، أنا و والدتك لم نكن نحدثكِ عن عائلتك الاصلية، على الرغم من اني حاولت ان اقنع امك بذلك، لكنها رفضت وانا احترمت قرارها، كانت تخاف ان يأخذوك منها، خصوصا انها عائلة ذو نفوذ في الشمال، لكن الان وانت في سن كبيرة، سأنفذ وصية والدتك بإعطائك حق القرار في صلتهم او الاستمرار في قطيعتهم" بسط كفها ووضع عليها المغلف " لو كان القرار قراري لأخذتك بنفسي لزيارتهم لكني لا ألوم ابدا أمك فهي تبقى ام " مسح بكفه دمعة نزلت على خدها، ومالت وطبعت قبلة على كفه
- " كنتما لي نعم الأبوين، مهما فعلت لن اوفي حقكما " ربت على خذها و ملامحه تتحول الى الجدية

-" اذا في يوم ما احسست انك مغصوبة على الزواج من ابني فاتركيه، لا تعيشي نفسك في الوهم، اعلم انك تحبينه، لكن ظروف عيش ابني جعلته قاس، فقدت كان ضحية لانانية ابوين" سكت بحزن، كان تنتظر ان يكمل باقي حديثه، ما هي الظروف التي اوصلته الى هذه الحالة، " ابنتي، أنير هو الوحيد الذي لديه الحق لنبش ماضيه،لا تبحثي عنه فتتألمين، فما عاشه لن تستطيع زهرة برية ان تتحمله، ان احسست انك لا تستطيعين العيش معه فابحثي عن اهلك"، احست وكأن قلبها انتزع من مكانه و اعتصر بقوة امامها، لا هي قادرة على انقاذه و لا على تسكين الامها، رحبت بكلام القايد الذي اخرجها من استرسال افكارها الذي غالبا ستؤدي الى زوجها، لم تعلم ان القابع في فكرها دخل ما ان انهى والده جملته، نظرت اليه ملامحه لا تنبئ بسماعه لجملة ابيه الأخيرة، كانت تنظر اليه بحزن، مالذي حدث وغيرك أنير؟

-" أنير من فضلك، هل تستطيع ان تحضر لي الصندوق" وأشار لنفس الصندوق. كان ثقيلا لا يمكن حمله، فأبعد انير الزربية على البلاط و دفعه الى أن اوصله لأقرب نقطة لابيه. فتحه بطلب من ابيه، ووضع بجانبه الصندوق المتوسط، أخده القايد وفتحه،أخرج منه عدة مجوهرات ذهبية

-" هذه المجوهرات كانت لأمك، هي مني ومن ابوك رحمه الله " ثم أخرج خاتما والبسه فوق الخاتم الذي ألبسه لها انير سابقا " وهذا خاتم زواجي منها" ثم أشار للحلي من الفضة الكثير في الصندوق الآخر " و هذا جهازك، اوصتني امك ان اقدمه لكي كهدية زواجك"

لم تهتم لكمية المجوهرات التي تعتبر ثروة كبيرة خصوصا انها من الفضة القديمة الاصيلة، ربما في ظروف اخرى كانت ستطير فرحا بها. ابعدت نظراتها عن الصندوق و نظرت في عيون عمها المظللة بدموع يأبى عنفوانه الرجولي ان يتركها تسيح

"- لماذا أحس أنك تودعنا؟! "

"- لا يعلم الغيب إلا الله عزيزتي، أنا فقط اريد أن اوصل الأمانة الى أهلها" ثم نظر في عيون ابنه المتأثرة " ايلودي في عهدتك يا ابني، ولا تنسى ما تكلمنا عنه سابقا " ثم اغمض عينيه دليل إنتهاء اللقاء، دثرته جيدا ثم خرجا و الصمت يخيم عليهما.

وكأنه بالفعل يودعها، مات القايد بعد صلاة الفجر، بحضور ابنه، عزيز و الفقيه الذي لقنه الشهادة... كانت ايلودي وكأن موت امها يعاد من جديد، تحس بخواء في جهتها اليسرى، آخر شخص تثق به ثقة عمياء قد ذهب وتركها، كانت في غرفتها، متكورة في فراشها على شكل جنين،و تعانق نفسها كانت تحس بوحدة قاتلة وإحساس اليتم الذي عاشته لتسع سنوات يعود إليها، لم تستطع الخروج و الجلوس مع الفوج الأخير من المعزيات، فقدت تحملت ثرثرتهن بما فيه الكفاية ، فكأنهن في جلسة وناسة لا عزاء، همهن معرفة آخر الأخبار، هل سيكتمل الزواج؟ هل ستعيش وحدها في المزرعة؟ وأسئلة كثيرة لا تمت صلة لكلمات التعزية التي تقال في مثل هذه الظروف، كادت ان تصرخ بهن ان يصمتوا او ليرحلوا، لماذا لا يدعنها تحزن بصمت.....لتستوعب انها اصبحت وحيدة في هذه الحياة، فتح الباب لتدخل آنيا و تنام بجانبها تبكيان رجلا كان نعم الاب لكليهما.



******

مرت عدة ايام على شجارهما، وكل واحد منهما يتجنب الآخر، فآنيا متمسكة بفكرة انه خانها، تعرف أنها ليست خيانة.... بمفهومها المتعارف عليه، لأنها لم تكن في حياته في تلك الفترة، لكنه شعور قاتل الا تكون الوحيدة التي عايشت تلك الاحاسيس معه، على الرغم من أنها مجرد قبلات إلا انها تحس بتملك شديد تجاهه، ولا تريد أن تطلق العنان لأفكارها و تتخيله يقبل أخرى بنفس الشغف الذي قبلها به، أو تفكر في أن أخرى سبقتها الى معرفة تفاصيله الدقيقة، ككيف يزداد لون عينيه قتامة و هو في قمة انغماسه في قبلتهما، رعشة يديه وهو يتلمسها..... كلها اشياء تريد ان تكون سرا صغيرا بينهما، فقط بينهما ولهما، وما زاد من عصبيتها انه لم يحاول مرة أخرى ان يبرر لها، او يسعى الى توضيح الأمور.
حتى عبير قبل سفرهم البارحة حاولت ان تفهمها ان دنيا تسعى فقط للتفرقة بينهما على الرغم من انها لا تعرف الموضوع بحذافيره، لكنها لا تصدق ان تكون دنيا كاذبة، فما غايتها من الكذب؟ و بنفسها اخبرتها انها لا تريده و تزوجها فقط ليغيضها.
كانت تجلس في الشرفة وكتبها منتشرة حولها، و ايدر يجلس في الداخل يشاهد التلفاز و يعمل على حاسوبه المحمول، وجزءه العلوي عاري
-"لم يصدق ان يخلو له الجو ليبدأ بنزع ملابسه" همست وهي تحاول ابعاد عيونها عن صدره وعضلاته البارزة و التركيز في كتابها، لكن في كل مرة تشرد عينيها باتجاهه، كانت تسترق النظر و شفتها السفلى بين اسنانه تنهدت وهي تتمنى تمرير يدها عليها، اسرعت بخفض بصرها ما إن أمسك بها تنظر اليه بوله، ذهب باتجاه باب الشرفة فأخفظت رأسها اكثر و تمثل التركيز في كتبها، اقترب منها

-" هل تحتاجين مساعدة؟" سألها ببراءة

-" لا شكرا يمكنك الذهاب وإكمال عملك" قالت وهي تبلع ريقها

لم يهتم بصرفها له الغير المباشر، جلس امامها، لترفع نظراتها اليه

-" الجو بارد.... ادخل الى الداخل، ستمرض "

-" و كأنك تهتمين..." همس يجيبها....وهو يستقر مقابلها

تأففت وتابعت كتابة ملاحظاتها على الكراسة أمامها، وهو جالس قبالتها ينظر اليها وعقله في مكان آخر
-" ماذا أخبرتها دنيا لتتصرف بهذه الطريقة؟" ابتسم عندما ربط تصرفها بغيرتها عليه، تأففت وهي تنهض بقوة و تدخل الى الشقة، تابعها بعينيه حتى توارت في الغرفة، إتكأ الى الخلف يحاول ابعاد افكاره عن قزمته، ثم أحس بلحاف يوضع فوقه.....أسرع يمسك برسغها ويجلسها على فخديها، ورجليها بالكاد تلمس الأرض، استنشق عبير زهرة اللافندر الذي اصبح جزء لا يتجزأ منها، و اقترب بأنفه الى عظم ترقوتها وبدأ يتحسسها بأنفه، فضحكت آنيا

-" أنت تدغدغني"

-" هل تعلمين ان عظام الترقوة لديك بارزة جدا" قال وهو ينشر قبلات خفيفة على طولها.

-" أمي تقول أنها دليل النحافة المفرطة، ربما يجب أن أكسب وزنا لجعلها تختفي" توقف عن ما يفعله و نظر اليها

-" جربي فقط ان تزيد كيلوغراما واحدا، وسوف احبسك في الغرفة الى أن تخسريها مجددا" ضحكت بأعلى صوتها

-" يا إلهي ايدر، الرجال يعجبون بالشعر الطويل، بالقد المياس، بالعيون الجميلة..... وأنت معجب بكومة عظام " ابعدت رأسه، ثم وقفت تنظر الى نفسها، ثم قالت ببراءة "لا تقلق فلن ازيد اكثر من وزني خاصة انه يرتكز في المنطقة السفلى أكثر و..." سكتت عندما عرفت انها كالعادة استرسلت في الكلام، كانت نظراته ترتكز في مؤخرتها عندما ضربت كتفه بقوة

-" أيها الوقح، إلى ماذا تنظر" زمجرت بانفعال

-" أنا فقط احاول التأكد من نظريتك و أؤكد لكي انه اذا زدت فقط نصف كيلوغرام فلن تجدي ملابس تسعكي، وبالطبع لن أدعك تخرجين بملابس ملتصقة بك، بالمناسبة من الأمام ايضا... " قال وهو ينظر الى صدرها

-" أيها المنحرف الوقح، أقسم إن لم تبعد نظراتك سأرميك من الشرفة...." لكنه لم يسمح لها بقول المزيد، فأعادها الى حجره واستلم شفتيها في قبلة متملكة. ابعدته بعنف لما تحسست اسفل قلبه، و تذكرت الجرح وسببه، لم يفهم سبب ابتعادها، لكنها قالت بصوت باك
-" لا أستطيع تقبل فكرة، أن إحداهن سبقتني إليك، إعتبرها غيرة، او تملك، لكنني لا أستطيع... لا أستطع " ثم هربت من أمامه، وكل ما يفكر به، أنها تغار عليه... لحق بها و قلبه يرفرف بسعادة، وجدها تنام على بطنها في غرفة عبير، ووجهها تحت الوسادة، أجلسها، فلاحظ عيونها المبللة من الدموع

-" آنيا أرجوك، يجب أن نتحدث" أبعدها قليلا و استلقى بجوارها و رأسها في جانب صدره

-" نعم كنت افكر بالزواج من دنيا... " تململت ما سمعت اسمها، وحاولت النهوض، لكنه تمسك بها و أكمل"... كنت اكبرها بأربعة اشهر فقط، وباعتباري الذكر الوحيد بين فتاتين، اختي عبير و ابنة خالتي التي كانت تقريبا تسكن معنا، لقرب المدرسة لبيتنا عكسهم، كنت مسؤولا عن سلامتهما خصوصا هي لاننا كنا بنفس القسم، تانس لم تولد بعد، فكنا نحن الثلاثة لا نفترق ابدا، كبرنا وبما ان عبير كانت اكبرنا فهي ابتعدت سريعا عن المجموعة، فبقيت انا ودنيا، وهكذا بقينا معا طول عمرنا تقريبا، فكانت امهاتنا منذ الصغر يعلن ان دنيا لايدر و ايدر لدنيا، لحتى ترسخت الفكرة في اذهاننا وكبرت معنا، بعد الجامعة و حصولي على منحة لاكمال دراستي في اميركا طلبت منها ان تنتظرني، سأعود و نكلل حبنا بالزواج، وافقت.... سافرت ثم رجعت لأجدها قد تزوجت. و إمساكي ليدها توقف بعد الطفولة، فقد كنت اؤمن ان الحب هو ان تحافظ على المرأة التي تحب ولا تدنسها، لا أخلاقي ولا ديني يسمح لي بالتطاول، على شئ لم يصبح حلالي بعد.." قاطعته "و ماذا عن أثار الجروح التي ذكرت"

-" جرح صدري... "

-" كان بسبب حادث سيارة، كنت تقود و أنت.... وهي... " لم تستطع نطقها، لا تريد جمعهما ولو في قبلة

-" حبيبتي، أنا ابدا لم املك سيارة الا بعد زواجها، و سبب الجرح كان بالفعل تعرضي لحادث، لكن حادث دراجة عندما كنت بالثلاثة عشر اصطدمت بها مع صديق لي اثناء سباق في الحي، كانت اصابة بسيطة، لكن علاجها بالطريقة البدائية ما جعلها تبدو هكذا، أما بالنسبة لجبيني.... " تحسس الجرح فكأنه ينزف من جديد و بلع ريقه فلم يعد يستطيع تنبؤ بتصرفاتها "... ما حدث انني حاولت مرة تقبيلها بعد خطوبتها، كنت متألما وغاضبا، لكنها ضربتتي برزمة من المفاتيح وابعدتني عنها، ومنذ ذلك الحين وأنا لم التقي بها، حتى بعد طلاقها، الا عند مرض ابيها. " تمعنت في عينيه تستقصي صدقه، فالفم يمكن أن تكذب لكن العين لن تستطيع. صدقته وهي تحدق في عيونه السوداء، ثم اقتربت منه و قبلت جرحه فوق حاجبه وانتقلت الى اسفل قلبه، لم يعد يستطيع أن يصبر وهو يحس ببرودة شفتيها امام سخونة جسده، مددها على الفراش، ركز بصره على عينيها، ينتظر منها اشارة، وكأنها فهمت مقصده حركت رأسها ايجابا، لم يصدق أنه أخيرا سيرتوي من شذاها وليس فقط فتاة تشوذ به عليه بين الحين و الآخر، ما إن هم بتقبيلها حتى تعالا رنين هاتفه تبعه رنين هاتفها، أخرج لعنة احمرت لها منابث شعر آنيا، وهو يبتعد عنها ليحضر الهاتفين، سلمها هاتفها كانت إيلودي من يتصل، وهو يجيب على هاتفه.

-" إنا لله وإنا اليه راجعون" نطقا بها في نفس اللحظة وهما ينظران الى بعضهما.

-" مسافة الطريق ونصل " غمغم ايدر وهو يغلق هاتفه، ثم ترك آنيا تواسي صديقتها وذهب ليستعد لذهابهما الى القرية.














.....

Msamo likes this.

ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-18, 10:05 PM   #54

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل السابع عشر


أسبوع مر على موت القايد عبد الجليل..... البيت مازال غارقاً في حزن فقدانه....إيلودي تحاول التكيف مع حياة بدون الذي عرفته أباً لها...

بعد صلاة الجمعة طلب أنير من خالها ان يرافقه لغرض ضروري يخص ايلودي، ركبا السيارة و توجها الى المقهى الوحيدة في القرية، بعد جلوسهما دخل انير في صلب الموضوع مباشرة
-" بعد اذنك السي ابراهيم، اريد التعجيل بالزواج من ايلودي، فأنا سأنقل بعض اعمالي الى البلد، و سأستقر بالمدينة، واريد زوجتي معي، خاصة انها في بداية دراستها، وكلثوم التي ترافقها لن تستطيع ترك المزرعة لفترة طويلة خصوصا بعد موت ابي"
-" أعتذر سيد أنير، ما اتفقنا عليه سابقا بحضور الجماعة هو ما سيحدث، وبعد موت والدك رحمه الله، ستنتقل ايلودي للسكن معي لحين زواجها"
اخرج انير من جيب سترته مغلفا، وقدمه لابراهيم، الذي فتح فاهه غير مصدق لما بين يديه
-" هل يكفي هذا لتجعله مجرد عشاء يحضره علية القرية، فنحن ما زلنا في حداد للاحتفال"
-" نعم سيد انير" قال وهو يدس رزمة المال في جيب جلبابه " في اي وقت تريد، حتى ان كانت الليلة انا موافق"
ابتسم انير بسخرية
"غدا اذن"
-" أنت تأمر" همهم ابراهيم والطمع يسيطر على تفكيره.

في الأيام الأولى لوفاة القايد، لم تكن تخرج من غرفتها الا لماما، آنيا و كلثوم وام آنيا من تكفل بكل شئ، لم تتخطى بعد صدمة فقدانها للوحيد الذي اعتبرته حقا ابيها، قرأت على روحه الفاتحة، مالت على صديقتها التي لم تتركها للحظة، على الرغم من عبوس زوجها الدائم عندما تقرر النوم عندها.
كانت آنيا نائمة على بطنها و مشغولة بهاتفها، وأمامها احد كتب، فالامتحان يوم الاثنين المقبل.
-" أتركي عنك الهاتف وركزي في دراستك" أخبرتها إيلودي وهي تتوسد ظهر صديقتها و تنظر للسقف بتركيز
-" ومن سيتركني أركز، إن تأخرت على الاجابة على رسالته، يتبعها بأخرى يقسم أن يتهجم علينا في الغرفة ويجرني من شعري لغرفته..... مجنون ويفعلها " ردت آنيا وهي تضحك على رسالة أرسلها إيدر. إنقلبت إيلودي على بطنها
-" آنيا..."
-" هممممممم"
-" هل تحبين إيدر؟"
-" لا أحبه فقط بل أعشقه، وهذا ما يفزعني، فلم اعرفه سوى شهر او شهرين على الاكثر، و عشت معه ايام فقط، وأصبحت مهووسة به لدرجة، لا أستطيع تخيل نفسي بدونه" اجابت
-" وهو هل يحبك؟"
-" لا، أعلم هو ناداني مرة حبيبتي، لكن لا أعرف إن قصدها او مجرد كلمة عادية، اسمعي حياة الرجال اكثر تعقيدا من حياتنا، فهم ليس لديهم حل وسط يا اسود يا ابيض، بينما نحن هناك مئات الالوان بينهما، وممكن جدا ان نبتكر لونا جديدا... عادي جدا، لكن الرجال صعب ان يتقبلوا التغيير بسهولة وأنا احبه وهذا يكفي لكلانا، و مهمتي ان اجعله لا يرى سواي، و يحبني بجنون"
-" آه فهمت" قالت ثم رجعت لمكانها السابق، لم يعجب آنيا نبرتها
-" ماذا هناك حبيبتي، هل اموركما بخير... "
-" أنا لا أعلم، عندما نكون معا احس انه يريدني في حياته لكن عندما يبتعد عني اشتاق له وهو ولا كانني موجودة، في آخر مرة احسست انني غير كافية له ولن أكون، وفي كل مرة أراه احس انه سيخونني عاجلا أم آجلا و..." لكن دخول كلثوم انقذها من اكمال الباقي، حمدت الله على ذلك فلم تكن تنوي ان تفتح جرحها اكثر و تقلق صديقتها.
-" حبيبتي، انير يقول ان خالك بالمجلس، يريد التحدث اليك في موضوع"
-" شكرا، سآتي حالا" نهضت لتخرج، فاهتز هاتفها في جيب بيجامتها، كانت رسالة من أنير " إرتدي نقابك، إيدر في الحديقة الخلفية".
لبست ايزارها وتغطت الا يديها، ثم ذهبت لرؤية خالها.

ما إن جلست حتى أخبرها، انه غير رأيه بالنسبة للعرس، ويفضل أن يتم قريبا، فالناس سوف تتكلم، خصوصا ان القايد قد توفى و أنير لم يعد يتغيب كثيرا عن القرية، وهو يريد ان يحفظ سمعتهم، فمالذي سيمنع أنير ان يفسخ العقد بمجرد أن ينالها، لم تحب طريقة صياغة خالها للأمر، لكنها لا تستطيع الرفض، فقول لا معناه الرجوع الى بيت خالها، فهي ترضى بعيش الذل في المزرعة على عيشه في بيته، فعلى الرغم من أن أنير قد اهانها سابقا لكن صبرها له فوائد اولها دراستها، و المخططات التي بدأت تتبلور في عقلها والتي لن تستطيع تنفيذها وهي داخل القرية، سوف ترافق أنير الى المدينة، وتحاول تعويض نقط هذا الفصل، يجب عليها ان تحرص على الاجتهاد، فاستتقلاليتها تبتدئ بنيل شهادتها، واول شئ ستفعله ستختفي وتعيش حياتها بعيدا عن الاتكالية على الاخرين، إيلودي تعترف ان شخصيتها الخائفة و الضعيفة على الدوام ما اوصلها الى هذه الحالة.
اومأت لخالها دليل موافقة، واتجهت الى غرفتها، لم تجد آنيا في الغرفة، تكورت على نفسها و استسلمت لبكاء مرير. أحست انها وحيدة ومنبوذة والكل يتحكم في مصيرها، لماذا لا تستطيع قول "لا"، تعرف أنها ليست ضعيفة فقط عندما أحست ان لا يوجد ظهر تستند عليه، و اصبحت تلبي جميع الطلبات درءا للمشاكل، ربما تحتاج لدافع قوي يرغمها على الخروج من حالة الضعف التي تعيشها، فبعد وفاة القايد ليس لديها ما تخسره، حتى القرية التي ولدت بها في بعض الاحيان تحس انها لا تنتمي لها، مجرد ذخيلة منبوذة.... خرجت آنيا من الحمام ووجدتها غارقة في دموعها، أسرعت لها تضمها :
-" حبيبتي باسم الله عليك، ما الذي حدث؟" لكن آنيا استمرت في البكاء بصوت أعلى
"- اقسم إن لم تخبريني سأخرج و أكسر رأس خالك، تعرفينني مجنونة و سأفعلها "
ضحكت إيلودي بين شهقاتها " سوف اتزوج"
"- هااا، ألست اصلا متزوجة و منذ شهر؟"
-" بلى لكن لن ننتظر ثلاث سنوات ونقيم العرس، مجرد عشاء للإشهار فقط، تعلمين بعد موت عمي عبدالجليل، أنير لن يتركني وحدي و يرجع الى أمريكا "
-" مبارك حبيبتي، ولماذا البكاء" قالت آنيا وهي تمسك شعرها الاحمر الطويل
-" اشتقت لعمي عبد الجليل، واشتقت اكثر لأمي"
-" إن شاء الله في الفردوس الاعلى، ادعو لهم حبيبتي ".
تمتمت بالمغفرة لهما وهي تحضن اكثر آنيا.
كانت آنيا تحضنها بعنف و هي تفكر في حال صديقتها الذي لا يسر، و افكار تقود افكار " هل من الممكن ان يتركها ايدر من اجل حبه الاول؟"، استغرقتا في النوم من كثرة التفكير.

******

"القزمة الشريرة، أقسم إن امسكت بك ستدفعين ثمن كل شئ تفعلينه بي" تمتم وهو يعيد الاتصال من جديد، وفي كل مرة يرن دون مجيب، قبل أن يبعد الهاتف من أذنه، أتاه صوتها، ويبدو من نبرته أنها كانت نائمة
-"ألوو"
-" كل هذا نوم، لماذا لا تجيبين على الهاتف"
-" آسفة حبيبي كنت نائمة و إيلودي" تحشرج صوته من كلمة حبيبي واحس انه إن لم تخرج الان سيذهب ويخرجها من شعرها
-" لماذا لا تأتين إلى غرفتي، وتقولين الكلمة وجها لوجه"، ضحكت بدلع
-" شكرا على العرض لكني ارفضه، لأنني اعرف نواياك ليست سليمة"
-" بعد تلك الصورة التي ارسلتها وتريدين ان تكون سليمة"
-" أنت طلبت صورة لتؤنسك كلما اشتقت لي...وانا مطيعة وارسلت لك اجمل صوري"
-" لماذا لا تكملين فصل الطاعة هذا و تأتين الي. أنا زوجك وواجب أن تطيعيني"
-" تصبح على خير أنير"
-" ستستطيعين النوم وانا لست بجانبك؟"
-" نعم، لا تشغل بالك فقد ولت تلك الأيام التي كنت أخاف فيها من الغول، أين كنت عندما كنتُ عندما كنت أحتاجك.... لنرى كنتَ توصل ابنة خالتك الى المدرسة"
-" آنيا تحدثنا في الموضوع سابقا، هل تبحثين عن سبب للشجار؟ "
-" لا لكني لا أفهم لماذا لا تستطيعون ان تخلصوا، فمثلا أنت خنتني... "
-" خنتك؟ انتبهي لألفاظك آنيا" قال بغضب، ارسل الرعب في قلب آنيا
-" ن نعم....لأنك لم تنتظرني كما انتظرتك، كان عليك أن تحفظ مشاعرك كلها لأجلي ولا تستهلكها من أجل امرأة أخرى لا تستحقك، أنا فقط من يستحقك، هل تسمعني إيدر.... وحدي من يستحق أن يعرفك في جميع حالاتك الضعيفة و القوية، لا أريد أن تشاركني فيك أخرى ولو بالذكريات.... " تغيرت نبرة صوتها" وأنا خائفة أن تكون أحببتها فتحن إليها مرة.... لأنني سأموت إيدر " توقفت كان الصمت سيد الموقف لولا تنفسه العنيف الذي يصلها لظنت انه اغلق الخط.
إستمع لأنين ضعيف يصله دليل بكائها.
-" آه.... آنيا ما احس به تجاهك لن تستطيع كلمات مجاميع اللغة مجتمعة التعبير عنه اتجاهك، هل تذكرين أول مرة إلتقينا بها.. "
ضحكت لتذكرها ضربها له بالعصى
-"....نعم تلك الضربة محت جميع ذكرياتي القديمة و حتى الجديدة، واستبدلتها بقزمة فاتنة لم تحتوي قلبي فقط، بل جميع كياني...."
لأول مرة لم تزعجها كلمة قزمة، وهذا فاجأه بقدر ما أفرحه، فهذا دليل على انها بكامل تركيزها معه.
"... وأبدا لن أفكر باستبدالها ابدا ابدا لأنني أحبها، حب رجل ناضج إختار بقلبه و عقله معا، هل تسمعين آنيا أنا أعشقك " ازدادت وتيرة بكائها " لماذا تبكين الآن و أنت بعيدة عني.... ولن أستطيع مسح دموعك"
-" لدي محرمة في مكان ما، لا تقلق"
-" لااا، لن اسمح لك بتعويض شفتي بمحرمة، بل ستحضرين الان كأي فتاة طيبة و مطيعة لامسح دموعك... ثم ترجعين مثلما خرجتي"
-" لااا... انا لا اثق بك في هذه الامور"
-" لا تثقين بي، حسنا تصبحين على خير"
-" حسنا حسنا...لكن ليس لغرفتك، لنخرج الى الحديقة "
-" حسنا انتظرك هناك"
ارتدت بلوزة طويلة و مغلقة، و سروال فضفاض و رمت الحجاب على رأسها، اطلت من خلف الباب، الردهة كانت خالية دليل نوم اهل البيت، خرجت ببطئ بعدما اغلقت الباب، كانت تمشي على أطراف اصابعها باتجاه الباب الزجاجي فجأة احست بأحدهم يمسكها من خصرها و يغلق فمها، فزعت لكنها استكانت لما سمعت صوت ايدر
- " شششششش، هذا أنا " حملها لحتى وصلت الى ارتفاع عينيه، امسكت بكتفيه لتتوازن، همست
-" ايها الغبي افزعتني " ابتسم لها ثم اتجه بها الى باب، ادخلها الى الحمام ووضعها على المغسلة
-"إيدر لم نتفق على هذا؟ "
-" وهل تعتقدين ان في الحديقة تستطيعين الفكاك مني؟" اجابها وهو يقبل مكان دمعاتها الجافة، انتقل الى شفاهها يقبلها بعنف و عدم صبر، أنَّت من الالم، وهي تحاول معادلته قبلته،لكنه لم يرحم قلة خبرتها، حررها من بلوزتها بصعوبة، ضحك عندما عرف نيتها بارتدائها
- " لا شئ يستطيع ان يقف بيني وبينك بعد الان فاتنتي" مر الى عظام ترقوتها التي تفقده صوابه، بعد مدة من العواطف العنيفة تحولت قبلاته الى قبلات رقيقة فاستكانت بين ذراعيه.
-" ذكرني ألا أثق في وعودك بما يخص هذا " قالت بتعب وهي تستند على كتفه العاري و صدره يعلو و يهبط
-"انا لم اعدك بشئ "قال ثم قبل جانب كتفها مكانه المفضل.
نزلت من جانب المغسلة، شهقت ما إن لمحت اثار كثيرة لقبلاته على صدرها، كانت متأكدة أن لحيته ستترك بشرتها محمرة لكن لم تتوقع هذه اللوحة على صدرها و عنقها.
-" أيها المتوحش انظر ماذا فعلت "
مال لجانب عنقها وقبلها فصرخت " آسف كانت منطقة فارغة " ابعدته عنها و اقتربت من المرآة تستكشف فعلته كانت آثار حمراء تملأ جانبي عنقها و مقدمة صدرها منتشرة في كل مكان ، لكنها ابتسمت ما إن شعر بألم عندما وضع قميصه عليه، ابعد القميص و تفقد فوق ظهره و جانب عنقه.
-" أنت قطة يجب تقليم اظافرها " قال وهو ينظر اليها في المرآة تجمع شعرها الطويل في عقدة.
-" عندما تتوقف عن هذا... " وأشارت للآثار على صدرها " سأطلب منك تقليمها بنفسك" وغمزت له، ضحك من غمزتها الفاشلة واقترب منها ينحني فوق كتفها
-" أنا لا يزعجني الأمر حقا؟" قبل كتفها، و نظرة اليها خلال المرآة الطويلة نظرة ذات مغزى " لماذا لا نذهب للنوم عند أهلك غدا؟ "
-" لن نبيت عندهم، و أعلم نيتك من الطلب، على العموم حتى لو نمنا عندهم أخي محمد سينام الى جانبي... فلا تحلم" ضربته على كتفه، و أخذت بلوزتها تعيد لبسها
-" متى اذن؟ أنا أشتاق لك و لا أستطيع الصبر أكثر "
-" عندما نعود الى بيتنا " قالت وهي تغلق ازرار قميصه " هيا لنخرج"، لكنه استلم شفتيها مرة أخرى....
رجعت الى الغرفة وابتسامة بلهاء ترتسم على وجهها، لحسن الحظ إيلودي كانت تنام بعمق.

******

دخل الى غرفته ونزع قميصه ليأخذ دشا باردا، تفقد آثارها على كتفيه و ابتسم، احس بالإثارة من مغامرتهنا الصغيرة، إلتفت الى الباب الذي فتح، توقع ان تتحقق احلامه و تكون آنيا، لكنه خاب ظنه عندما دخل أنير
-" يا أخي، مغامراتك دعها لحتى تذهب الى منزلك، هذا المنزل فيه عزاب لا يحب تلويث أفكارهم" ضحك أنير عندما احمر وجه صديقة " لا تخف لم أسمع شيئا، فقط لمحتكما عندما خرجتما على اطراف اصابعكما كلصين.... من يراكما لن يجزم انهما زوجان"
-" بعض التغيير لا يضر" و غمز له
-" لو احدهم اخبرني يوما ان امرأة ستغير ايدر الجدي و الرزين ... اقسم كنت سأضحك حتى أدمع " استطرد و هو يجلس على السرير
ضحك ايدر " الحب يصنع المعجزات صديقي، ودورك قادم، سأستمتع برؤية الوحش يصبح كقطة ترجو عطف مالكتها " تحولت عيون انير الى ازرق غامق و هو يتذكر إيلودي، ضربه بقميصه
-" البس قميصه فأنت تبدو مثيرا للشفقة بكل تلك العلامات على ظهرك" ضحك إيدر أكثر وهو يلبس ملابسه
-" بالمناسبة، غدا زواجي بإيلودي، و سنقتصر على العشاء بدون حفل"
-" مبارك صديقي، أتمنى لك حياة سعيدة، وهل ستنتقل للعيش في الشقة؟"
-" لا أعلم، أفكر باصطحاب احدى النساء من القرية لتعيش مع إيلودي في الشقة، وأنا سأعود إلى أميركا" قال ببرود
-" هل جننت أنير، ولماذا ستربطها بك إن كنت ستهجرها ، طلقها و دعها لحياتها، وان كنت تريد مساعدتها، أرسل لخالها مبلغا من المال لإسكاته، و دعها تعيش في شقتك، أنا وآنيا سنهتم بها الى أن تجد من يقدرها " وقف أنير بعنف
-" هل تبحث على زوج لزوجتي؟ " صرخ و هو يعتصر يديه يمنع نفسه من لكم صديقه، ابتسم ايدر لكمية الغضب التي تظهر على ملامحه
-" هذا فقط ما سمعته من كلامي، إهدأ يا أخي، و أخبرني ماذا تريد منها" أخد بكتفه وأرجعه مكانه
-" يجب ان تفكر جيدا في خطوتك القادمة أنير، الزواج ليس لعبة، تضعه جانبا وقتما تشاء "
-" اعرف جيدا ما أفعله، إيلودي مجرد طفلة لتتحكم في مصيرها، ان طلقتها، خالها سيجلسها في البيت، و جميع املاك إيلودي من والدي ووالدتها سيؤول اليه، أنا لا أستطيع ان اخلف وصية والدي، عالأقل حتى سن معينة عندما تكون مستعدة لتتحمل مسؤوليتها و تستطيع مواجهة الظروف.... سأطلقها، تعرف هي ضعيفة وهاشة لدرجة انك تحس بأنها ستنكسر في اول سقطة لها، ولا أريد أن أكون سببا ولو غير مباشر في ذلك "
تنهد إيدر
-" أنت أدرى بأمورك..." ثم اتجه الى خزانته و اخرج منها ملفا" هذا ملف عن آخر الإجراءات التي يجب القيام بها قبل الإفتتاح"
إستلم أنير الملف وبدأ بتصفحه..... سرعان ما تحولا إلى رجال أعمال، و طغت على ملامحهم الجدية، و هم يناقشون أمور العمل.


******

بعد صلاة الفجر

لم تستطع النوم، فذهبت إلى المطبخ لتجهز الفطور، اختارت القيام بعدة أصناف من المخبوزات علا التوتر الذي تحس به يختفي، في الساعة 7:30 كانت قد انهت من إعداد الحرشة، و ملتهية بالمسمن... بعد ساعة إنتهت أخيرا، غطت كل شئ فوق الطاولة و اتجهت لغرفتها لتستحم قبل استيقاظ الكل، كانت حرارة المطبخ مرتفعة مما جعلها متعرقة و رائحة الزيت تفوح منها، مما دفعها لإبعاد حجابها عن جانب رأسها و عنقها، إلتقت بأنير في الردهة، لاحظ ان جزء من عنقها ظاهر فاقترب منها، مما جعلها تنكمش على نفسها، و ترجع الى الوراء، اقترب أكثر و غطى جانب عنقها، و رفع جزء حجابها المتدلي على صدرها و غطى به جزء من وجهها
-" إيدر آتٍ خلفي...." لم يكمل جملته حتى ظهر إيدر في أسفل السلم، غطاها أنير بجسده، فتنحنح إيدر و انزل عينيه إلى الأسفل، سلم ثم أكمل طريقه الى المجلس، ابتعد قليلا عن جسدها ثم اراد ان يوبخها على عدم انتباهها لكنه عندما لاحظ توترها وعيونها التي توشك على البكاء قال بشئ من الرقة
-" يجب أن تنتبهي أكثر " هزت برأسها دليل موافقة ثم هربت باتجاه غرفتها. تبعها بنظرها الى أن اختفت، ثم ذهب باتجاه المجلس، جلس بجانب ايدر الذي لم يلمح للحادثة في حديثه، بعد مدة دخل عزيز يعتذر عن غياب كلثوم لأنها تحس بمغص حاد ولا تستطيع الحراك، اقترح أنير أن يأخذها للمستشفى لكن عزيز اخبره انها اذا اشتد بها الامر أكثر سيرافقها بنفسه.
ثم ذهب الى المطبخ ليبحث عن شئ للفطار، وجده معدا و موضوع فوق طاولة الطعام بالمطبخ، بدأ يفتح الرفوف بحثا عن الاواني لتقديمه، كاد أن يستسلم
-" الصحون في الرف الثالث الى اليمين، والملاعق و السكاكين في الجارور الأول " نظر الى إيلودي التي اعطته ظهره و جسمها مغطى بباب الثلاجة تخرج الجبن و السمن وضعتهم على الطاولة واتجهت الى مكانه " عذرا" ابعدته قليلا لتفتح الرف امامه وتحاول الوصول الى أملو و العسل، وعوض أن يحضرهم لها رفعها من خصرها الى أن وصلت لمكانهم وأنزلها وكأن شيئا لم يكن، احمرار وجهها خجلا هو الوحيد الذي فضح تأثرها، اكملت تجهيز الفطور ووضعته في صينية ليحمله، لكنه لم يتحرك من مكانه قال بهدوء
-" هل ممكن من فضلك ان تدهني لي المسمن بالجبن و العسل؟" اومأت بنعم، كان يلاحظ أناملها البارعة وهي تجهزه ببراعة و اتقان، " إن كنتما تريدان القهوة سأحظرها الان" اقترب وأمسك بالصينية " لا شكرا الشاي و العصير يكفي" كانا يتعاملان بكل رسمية و كأنها خادمة لديه، احست بألم في قلبها، فبعد ذلك الصباح المشؤوم لاشئ سيعود إلى ما كانا عليه، كانت قد بدأت تتعود عليه او ربما تعودت، و آثار لمساته على خصرها خير دليل على ذلك....تشتاق اليه لكن كرامتها تقف بينهما.
استيقظت آنيا و فطرتا معا، ثم أخذت فطور لعزيز و كلثوم و ذهبتا للاطمئنان عليها.
بعد رجوعهما فرقتا المهام المنزلية بينهما، إيلودي تتكفل بالغذاء و آنيا بالغسيل...
لم تعرف ماذا تطبخ فأرسلت رسالة لأنير " ماذا تريد على الغذاء؟".
شعور بالتملك تجاهها جعل قلبه يتضخم، فعلى الرغم من أنه فعل بسيط إلا انه أحس أنها يهمها رأيه، و لأول شخص ما يطبخ لأجله، " البسطيلة بالدجاج، هي أكلتي المفضلة " ثواني ووصله ردها " حسنا"، شئ يراه البعض تافها، لكن لأنير الذي عاش طول حياته وحيدا، دون أن يبالي احدهم برغباته، و دون أن يأتي يوما متعبا من الشغل و يجد اكلة منزلية الصنع تنتظره، كانت رفاهية لم يحلم ابدا بالوصول إليها، لكن الصغيرة الحمراء حققتها له بدون حتى أن يطلب، حتى أنه يفكر أن يأكل الغذاء وحده، " فليطلب إيدر من زوجته أن تطبخ له"....

******

في غرفة الغسيل

وجدت ثياب إيلودي و إيدر وحتى ثيابها، لكن ثياب زوجها غير موجودة، ربما هو يخجل من ان يتعب كلثوم في غسل ملابسه، اتصلت به اكثر من مرة فلم يجب، ثم خرجت قاصدة غرفته، وجدت ثياب مكومة فوق اريكة تبدو عليها أن ملبوسة من قبل، إقتربت منها، حملت قميصه و قربته من أنفها تشم رائحته التي لطالما دوختها، كانت عبارة عن خليط غامض بين رائحة عود القرفة و العود ممتزجة برائحة جسمه، كان مزيجا لا يقاوم
"- ماذا تفعلين؟". أفزعها صوته فرمت القميص على كومة الملابس أمامها، كان يجفف شعره بعد الاستحمام.
" - آه... لا شئ، فقط اتأكد ان كانت تحتاج الى الغسل" كانت تحاول الا تنظر الى عينيه.
"- عن طريق شمها؟!!! " سأل
"- لا اظنك طفل صغير لتطبع ملابسك، فلا حل آخر غير شمها" اجابت بدفاع
"- حسنا، ألم تنسي شيئا؟" نظرت اليه بفضول، ثم قبلها خاطفا أنفسها " صباح الخير لكي أيضا" تركها مقطوعة الانفاس واتجه الى الحمام، وأخرج ملابس أخرى، ثم حملها جميعا و طلب من آنيا أن تسبقه لتريه الطريق، وكاد أن يتعثر عدة مرات للمشهد المبهر الذي أمامه، ساعدها على فرز الملابس ثم وضعتها في آلة التصبين، وهما يتكلمان و تصل ضحكاتهما إيلودي في المطبخ، على الرغم من أنها سعيدة من أجل صديقتها، لكن في قرارة نفسها تحس بغيرة من علاقتها بزوجها.

بعد الغذاء
احسا بالتخمة.... وكان أنير يرمق إيدر بنظرات غاضبة كلما عبر عن روعة البسطيلة، و عندما فهم سر نظراته، قال ليزيد من استفزازه
-" الله.... هذه ألذ و أروع بسطيلة أكلتها في حياتي، أروع من التي أكلتها في أفخم المطاعم" ثم وقف " يجب أن أشكر الطاهية بنفسي" لم يحس إلى بأنير يجلسه بعنف،
-" إجلس مكانك أيها الغبي، زوجتي من طبخت الغذاء.... و أنت أدرى أنني لن أسمح لك بمقابلتها " رمقه بنظرات مستهزئة و حاجبه الايمن مرفوع للأعلى
-" لماذا يا ترى؟"
-" ليس الأمر كما تظن، أنا فقط....إنها محجبة.... نعم محجبة و لا تكلم الرجال الاخرين" اجاب بتعلثم و ارتباك.
-" حسنا" قال فقط ليرحم ارتباكه، وهو ادرى بصديقه، و سيأتي يوم سيندم فيه على إضاعة الوقت في نكران شعوره اتجاه زوجته.
بعد الغذاء ذهبتا لزيارة كلثوم، ووجدتاها تبكي، وعزيز يحاوطها بين ذراعيه ودمعة في عينه تأبى النزول، على الرغم من عمره 50، إلا أن عمله الشاق و كونه سابقا في الجيش منحه جسما قويا يظهره أصغر من عمره الحقيقي، اما كلثوم فقدها الصغير و قصر قامتها يظهرها في 30 وليس في 40. اندفعت آنيا باتجاه خالتها
-" هل هي بخير، مالذي قاله الطبيب؟"
-" هي بخير آنيا، في الواقع أكثر من بخير " قال و ابتسامة تشمل كل وجهه، " كلثوم حامل آنيا، استجاب الله لدعائنا أخيرا... الحمدلله و الشكر لله " رفع يديه الى السماء ثم انخرط في بكاء مرير، عانقت إيلودي كلثوم بينما بدأت آنيا تقفز من الفرحة مما جعلهم يضحكون....
-" هل انت مرتاحة هكذا خالتي..... ام هكذا.... " سألتها آنيا و هي تعدل وسادتها
-" أنا حامل آنيا و لست مريضة " أجابت كلثوم ضاحكة
-" أعرف حبيبتي، لكن توصيات الطبيب كانت واضحة، ممنوع الحركة لثلاثة أشهر القادمة"
-" ثلاثة أشهر... " قالت بدهشة
-" نعم، الحمل غير مستقر جيدا، واي حركة ضعيفة لا سمح الله يمكن ان يحدث ما لا يحمد عقباه" و كحماية وضعت يديها على بطنها، ثم بدأت تبكي
-" أنا لا أريد أن أفقده آنيا، ليس وأنا حصلت عليه بعد قنوط "
-" لا تقلقي خالتي، فقط اتبعي التعليمات و لن يصيبكما شئ بإذن الله" طمأنتها آنيا، هزت رأسها دليل موافقة ".... وايلودي طلبت من فاطنة و بناتها أن تأتين للإهتمام بك، و بالمزرعة أثناء غيابها، ولا أريدك أن أن تتعبي نفسك بأي شئ... مفهوم؟"
-" بارك الله فيكما حبيباتي، وجعلها من ميزان حسناتكما، و اصلح الله أموركما ". ردت عليها إيلودي التي دخلت للتو
-" هذا أقل واجبنا، فلن ننسى أنك من ربانا خصوصا أنا، لم أجد أحن من حضنك بعد موت أمي رحمها الله" ثم قدمت لها ظرفا و علبة قطيفة، هذه هديتي اشارت للعلبة، والاخرى هدية من أنير و يبلغك تبريكاته. فتحت العلبة و كانت سوارا من الذهب، شهقت لجماله
-" إنه جميل، كلفتي نفسك حبيبتي" اجابت بغصة، تنفست بقوة تمنع نزول دموعها " منذ الحمل وأنا حساسة أكثر من اللزوم " ضحكت
-" هذا من تأثير الهرمونات حبيبتي" اجابت آنيا
اومأت و فتحت الظرف، كان شيكا بمقدار كبير من المال،وقد قدم إيدر مثله سابقا، بالنسبة لها يعتبر ثروة كبيرة، فما بالك مجتمعان
-" هذا كثير حبيبتي...." ثم مدت بالشيك لإيلودي " أرجعيه، وأخبريه ان تهنئته كافية جدا" وضعت إيلودي يدها فوق يدها الممتدة بالشيك
-" خالتي، الان لست وحدك انت و عمي عزيز، هناك طرف ثالث قادم، و سيحتاج مصاريف كثيرة.... بالمناسبة هذه ليست هديتك هي هدية الطفل القادم" عانقتها كلثوم بشدة و استسلمت لنوبة بكاء، جعلتها و آنيا تدمعان معها. كانت بأمس الحاجة لهذه الهدية، فهما لا يملكان أرضا كسائر أهل القرية، وبهذه الهدية و النقود التي جمعاها طيلة 20 عاما من خدمة القايد، -خصوصا ان جميع مصاريفهما من الاكل و الشرب و المسكن على حسابه- يمكن ان يشتريا شقة في المدينة، لأنها تعرف انه من المستحيل ان يبيع لها احد القرويين جزءا من أرضه، فالاعراف تمنع منعا كليا بيع الأراضي، و يقال أن أكل مال الذي بيعت به الارض كشرب دماء اجدادك مجتمعين. ولهذا فكرا انه في يوم من الايام سيتركون الكوخ لشخص آخر سيعمل مكانهما و ينتقلا الى المدينة، وهذا الطفل كترنيمة حظ بالنسبة لهما. عانقت بطنها و استسلمت للنوم بعد خروج الفتاتين.


عادتا الى المنزل للبدء بوليمة العشاء، -فأنير و إيدر اللذان ذهبا الى السوق الأسبوعي لإحضار المستلزمات- على وصول. طلبها سابقا في غرفة المكتب، سلمها الشيك الخاص بعزيز و زوجته.... ثم طلب منها ان تكتب له ما تحتاجه للعشاء ليذهب و يحضره، كانت تفكر بتركيز فيما تكتبه.....سألته ماذا يفضل للعشاء، لمعت عيونه الزرقاء اللامعة وبدأ يسألها ان كانت تعرف كيف تطبخ الدجاج المحمر، فأجابت بنعم فبدأ يسأل عن أكلة تليها أخرى و كانت تجيب بنعم و عيونها في عينيه تنظر اليه بثقة، كانت ترى من أسئلته كأنها في امتحان، و إن رسبت ستعاقب، شكرت في سرها كلثوم التي علمتها كل شئ في المطبخ من الالف للياء، واصبح الطبخ شغفا بالنسبة لها. اما من وجهة نظره فكان يسألها فقط من باب الفضول إن كانت تعرف جميع أصناف الطعام التي يعرفها و يحبها، احس بفخر ان زوجته "حادگة"، لم يكن يعلم أنه رجل تقليدي و الدماء الامازيغية الحارة تجري في عروقه، لكن هذه الصغيرة اجبرته على مواجهة هذا الجانب فيه، و اظهرته بصورة لا يمكن نكران وجوده ابدا، فلم يكن يتخيل ان يرى شخص آخر وجهها، فما بالك بمفاتينها، التي ترسخت جيدا في عقله، و تجعله يتقلب في الليل...... كان ينظر اليها تكتب بتركيز، و القلم بين شفتيها تفكر في ما تحتاجه أحس بأنه سيفقد تماسكه ان بقيت اكثر امامه، زفر بارتياح عندما اعلنت ان هذا كل ما تحتاجه، لكنه لم ينسى ان يلمس اصابعها بينما يأخذ منها الورقة، أحسا بتيار كهربائي ينتقل من اصابعهما لينتشر في جميع أطرافهما، أغلقت عيونها تستمتع لذلك اللقاء الذي زلزل كيانها، كان ينظر اليها و عيونها المغلقة تحجب عنه ما تفكر فيه، كان ينوي الاستدارة من وراء المكتب و يأخذها في عناق اشتاق له، لكنها فتحت عيونها .... فتراجع، عندما لمح برودة الصقيع في عيونها..... همهمت بضرورة مغادرتها.... قبل أن تخرج من الغرفة التفتت اليه
-" بعد الزواج مباشرة....سأذهب الى المدينة و أنت سترجع الى أميركا.... او...."
قاطعها " أو ماذا؟"
إلتفتت تنظر إليه بقوة و حزم " ستطلقني.."









.....

Nana.k likes this.

ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-04-18, 10:07 PM   #55

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الثامن عشر


ما إن خرجت من المكتب حتى تنفست الصعداء، فقد احتاجت لقوتها كاملة و استحضار جميع ألآمها لتستطيع كسر التعويذة بينهما....... أحست بيده تنكمش على عضدها... وهو يعيدها الى المكتب و يغلق الباب ليسندها عليه، رفعها من خصرها حتى ماثلت طوله و ضغط بجسده يمنع حركتها....أنَّت بألم من سحق جسده لجسدها.... لكنه لم يهتم و هو يزيد ضغطه عليها.... هامساً بغضب
-" لا تحلمي ابدا أن أطلقك... هل تسمعين أبدا....ستبقين امرأتي الى أن..." سكت ليمرر اصبعه على جانب وجهها..... انتقل الى عيونها يغلقها ثم الى حجابها، يزيحه بعيدا مظهرا شعرها الناري الملتف وراء عنقها، حرره ليشم عبيره، و يهمس بصوت أجش " الى أن يذبل جمالك و يختفي بريق عينيك و يصبح شعرك ابيضا" و يقترب من شفتيها هامسا امامها " و يختفي مذاق شفتيك".
قبلته جعلتها تنسى نفسها و خزيها....لم تعرف كم اشتاقت له سوى عندما التقت شفاههما...أحست بقلبها يتضخم، من شدة حبها له، أرادت أن تعيدها على مسامعه....أن تخبره الى أي درجة تحبه، لكنها لم تستطع، شئ أكبر من إرادتها جعلها تتراجع...ابتعد عنها، و أنزلها ببطئ.... تمايلت من عنف قبلته.... لكنه أمسك بكتفها.....لتقترب منه و تتلمس جانب فكه...
-" لماذا؟... " سألت بهمس، ليفتح عيونه و ينظر اليها " لماذا لا تسلم لي مفاتيح قلبك؟ "
-" لا أستطيع..." قالها وهو يحررها " أنا لا أعرف كيف أحب إيلودي، لهذا يجب ألا تحبيني...لا تحكمي على قلبك بالهلاك..."
-" إذن دعني أذهب... " اقترب منها
-" لا أستطيع...لا تسأليني لماذا لكني لا أستطيع أن أدعكِ تذهبين "
سمع نشيجها، ليخرج من المكتب، لا يستطيع أن يبقى و هو يعلم انه سبب حزنها....... كانت تبكيه، لا تعلم مالذي حدث له ليغيره...أنير لم يكن حزينا عندما كان صغيرا، لم تكن نظرته تحمل الفراغ كاليوم....
-" كيف أتصرف يا رب؟"

******

بعد العشاء

قادتهم امها لغرفتها القديمة، بدأ يستكشف عالم زوجته قبل أن يقتحمه، كانت غرفة بدون طلاء من الطين الاحمر، السقف عبارة عن عدة قصبات متداخلة فيما بينها، و شرائط ملونة تتدلى منه، خزانة و مكتب صغير كل ما تحتوي عليه من أثاث، و سجادة قديمة تغطي الارضية الاسمنتية، والحائط مزين بطريقة طفولية، كانت تعلق عدة صور بحجم صغير في الحائط مع عدة وجوه مختلفة لصديقاتها ، و تتوسطها صورة كبيرة مع فتاة بعيون فيروزية حزينة، و بشرة بيضاء لوحتها الشمس فأعطتها لمسة ذهبية جميلة جدا، ترتدي اللباس التقليدي الامازيغي، تعانقها آنيا من الخلف و تكادان تسقطان للأمام، كانت صورة مبهجة، و شعر غجريته بسواده و تموجاته يحيطهما، عيونها تلمع بالسعادة و ابتسامة تنبؤ وجهها مما اظهر غمازتها. كانتا متناقضتين بجمال مختلف لكنه مبهر، أشار الى الصورة
-" من هذه؟ تبدو انها صديقتك المقربة؟ "
-" إنها إيلودي" قالت و هي تنزع الصورة " لا تذكر لأنير انك رأيتها مباشرة.....لا اريد أن اترمل صغيرة "
-" لا تقلقي أعرف أنير جيدا لأذكر له الأمر..." غمز لها" و ايضا ما زلت صغيرا ووسيما لأموت... و معجباتي في الجامعة كثر.... " ضربت كتفه
-" معجباتك هااا.... يبدو أنك تسعى للنوم في العريشة خارجا... ولا أحب الي من أن تتجمد بردا....إلا رؤية معجباتك مقهورات " قهقه عاليا
-" و من ينظر للثرى....و بين يديه الثريا " مال ليقبلها لكن دخول محمد المفاجئ اوقفه
-" آنيا... هل أستطيع النوم بجانبك كما وعدتني؟"
-" نعم حبيبي تعال " مدت له يدها فتمسك بها، و إيدر يغلي من الغضب
فتحت احد ادراج الخزانة، و أخذت منه ثلاثة أفرشة ثقيلة، ساعدها على نقلهم الى جانب الحائط، فرشت ثلاثة اماكن.... تذمر بصوت مسموع من ترتيبات النوم، فلكل واحد منهم فراش مستقل، نظرت اليه ثم اشارت بعيونها لأخيها، ثم أكملت الترتيب و هي تثرثر مع اخيها الصغير، انتهت فذهبت لتحضر أغطية، فاقترب من محمد الذي لم يستسغه منذ العرس، لظنه انه السبب في هجر آنيا لبيتهم
-" انا أريد الفراش بقرب الحائط، وسأحزن جدا ان أخذته مني" قال بخبث و هو يرسم ملامح البراءة على وجهه.... نظر اليه محمد نظرات شيطانية، و ما إن أكمل إيدر كلامه، حتى جرى الصغير الى الفراش، و هو يبتسم ابتسامة
-" آسف، لكن هذا مكاني المعتاد.... ولا أستطيع النوم في مكان آخر في هذه الغرفة" رسم إيدر ملامح الحزن على وجهه مما أسعد جدا محمد.
لم يستطع النوم، كان يتقلب و في كل مرة يحس أن الصغير قد نام، يستيقظ طالبا لتكملة القصة، وآنيا بطيب خاطر تلبي طلبه... تأفف بضوت عال
- " ما بك ايدر؟"
- " انا اريد أن أنام، و انتما لا تكفان من الثرثرة"، ما جعلهما يستكينان صامتين.
بعدة عدة ساعات أحس بانتظام أنفاسهما، إقترب من فراش آنيا و جره الى ان التصق بفراشه، ألصق ظهرها بصدره ثم استكان ونام.
عند اقتراب الفجر كانت تحس بثقل يديه على صدرها، فهي لم تتعود بعد على طريقة التصاقه بها، حاولت تحرير نفسها، فتغير تنفسه دليل استيقاظه ، نظرت لجانب وجهه
" تيفاوين ( صباح الخير)" همست خوفا من استيقاظ أخيها
" ص...ب....ا...ح "رفعها لتعلوه وهو يقبلها على جانب وجهها قبلات رقيقة، ثم وصل الى شفتيها، لم تهتم بأخيها الذي ينام غير بعيد عنها، وهي تقبله بشوق و شعرها كستار لهما، لم يستطع إيدر الاحتمال اكثر فرفعها بعيدا عنه، رفضت ما جعله يضحك
-" يا مجنونة نحن في بيت عائلتك، و أخيك معنا"
-" كله منك....أنت من فسد أخلاقي" غمغمت وهي تبعد الغطاء عنهما ما جعله يضحك أكثر،
-"سأسخن لك الماء لتتوضأ ....لأنني سأذهب بعد قليل مع والدتي لنأخذ فطور العروس لإيلودي "
-" وأنا ... متى ستحضرين فطور صبحيتي أنا أيضا" كتمت آنيا ضحكتها العالية بيدها، و نهضت،باتجاه باب الخروج وهي تتمايل لتغيظه... ناداها ما إن إلتفتت حتى أصابتها منشفة صغيرة في وجهها....
- " هذا لكي تتعلمي"، لم يحاول أن يتفادى المنشفة عندما اعادتها له و هي تبتسم.
ابتسم... شخصيتها القوية تأسره يوما بعد يوم، عشقها اللامحدود و اللامشروط جعله يقع في عشقها كل يوم أكثر من قبله، و اعتزازها بأصولها جعلها يحترمها ... إلتفت ينظر الى المكان الذي امضت حبيبته ايامها قبل أن تلتقي دروبهما، عشق بساطة عيشهم، وتفانيها في خدمته.... ما ذكره بمعاملة أمه لأبيه، ترحم على روحهما، و دعا ان يبارك له الله في زوجته....

******

بعد خروج الضيوف احتارت ماذا ستفعل هل تبقى في غرفتها ام تنتقل لغرفته، بعدما قررت سابقا أن تمنح زواجها فرصة أخرى.... كانت من التعب لدرجة انها يمكن ان تنام واقفة، حمدت الله أن بعض النسوة قررنا مساعدة آنيا في ترتيب الفوضى التي خلفها الضيوف، كانت التكشيطة -وهي مثل القفطان لكن بعدة طبقات - التي تلبسها باللون السكري بنقوشات ذهبية، و ترتدي مضمة من الذهب، لضيق الوقت ارتدت حجاب ذهبي، ساعدتها آنيا للتجهيز للعشاء الذي حضره كل رجال القرية و بعض النساء القريبات منها، و زوجة خالها لم تكن منهن، لم تهتم فآخر شخص سيفرح لها كانت هي.
حاولت فتح عقد التكشيطة التي كانت ممتدة على طول ظهرها، حاولت اقصى جهدها لكنها لم تستطع ثم جلست على الأرض تبكي و طيات تكشيطة تحيط بها.... احست بوحدة شديدة، و انها دون عائلة، انير هو الوحيد المتبقي لها....اصبحا الان زوجين، و يجب ان تبذل مجهودا لتنجح زواجهما..... رأسها يؤلمها من كثرة التفكير.... أنير مثلها وحيد.....و رغماً عنها..... لم يتبقى لهما إلا نفسيهما....الحقيقة جعلتها تنتحب أكثر...

اخبره إيدر انه سيذهب ليوصل عائلة آنيا، و سيبيتا ليلتهما عند عائلتها، وغدا مع الفجر سيحضران ليذهبوا معا الى المدينة.
بحث عنها في المطبخ فلم يجدها، اتجه مباشرة إلى غرفتها، رفع كفه ليطرق الباب لكنه تراجع في آخر لحظة، مالذي سيخبرها به؟ " أنا اريدك، وبعد أن أنال مرادي سأهجرك وأعود إلى أميركا؟؟"، التف يريد المغادرة لكنه تراجع ما إن سمع نحيبها، فتح الباب و دلف إلى الداخل، كانت جالسة و طيات من قفطانها تحيط بها، شعرها الأحمر مفكوك على طول ظهرها و جزء منه على الارض، "ألهذه الدرجة شعرها طويل!" تفاجأ في نفسه.
إقترب منها و يبدو انها لم تحس بدخوله، نزل على ركبتيه ينظر إليها..... رفعت رأسها ما ان أحست بوجوده، التقت عيونهما في حديث صامت، حاولت النهوض لكنه منعها
-" لماذا البكاء؟" سألها.... لترتبك قليلا
-" العُقد لا تريد ان تُفتح، وآنيا ليست موجودة" قالت و هي تضرب جانب التكشيطة بطفولية
-" إنهضي... سأساعدك " مد لها يده و امسكتها، ادارها و اصبح ظهرها مقابلا له. بدأ بفك العقد إلى أن ظهر جزء من ظهرها، لاحظ وجود عدة شامات اصغر من التي على كتفها، منتشرة على طول ظهرها لم يستطع منع اصابعه من المرور على بشرتها البيضاء الحريرية، احس برعشة تسري على طول عموده الفقري، فمال على كتفها فطبع قبلة طويلة، احس برجفتها و ارتعاشتها، فأدارها اليه و استلم شفتيها في قبلة شغوفة، احست من روعتها انها ستبكي، بخبرته انساها غضبها منه و خيانته السابقة، كل ما في تفكيرها أن أنير زوجها و حبيبها، و ستستفيد بأقصى ما تستطيع وهي إلى جانبه... بعد مدة تكومت التكشيطة تحت ارجلها و حملها باتجاه السرير وهو يعزف على اوتار سيمفونية قلبها، احست ببرودة الغطاء على بشرة ظهرها العارية و تذكرت الخزي الذي احست به من قبل لرفضه لها وحاولت دفعه بعيدا.
بمجرد أن أحس بأنه يفقد تواصلها معه، وعرف أن الذكرى المشؤومة بدأت تستهدف ثقتها بنفسها، اقترب من اذنها وبدأ يبث لها أجمل كلمات الغزل التي يعرفها. مما حسسها بأنها أجمل امرأة رأتها عينيه، صرخة منها قطعت سكون الغرفة،قبلها بقوة يخفي دمعة تسللت اليه فخرا بأنه أول رجل بحياتها و سيكون الأخير، ضمها اليه، و صدره متخم بأحاسيس عايشته فيها هذه الصغيرة رغم خبرتها المعدومة و تخبطها لمجاراته وقد حاول كثيرا ان يسيطر على مشاعره رأفة بها، لكنها بكل لمسة منها تزيده جنونا. زاد من ضمها، و كأنه ينوي زرعها في اضلعه التي خلقت منها ، ليظهر لنفسه قبل العالم أن هذه الفاتنة زوجته، ملكه، و له فقط...
أحست بأنها أصبحت تنتمي إليه قلبا و قالبا، و كأنها ولدت في التو واللحظة، و حياتها بدونه لن تسوى شيئا.... لكن شعورها لم يصل الى الكمال، تحس بعقدة في قلبها تمنعها من الاحساس بالكمال..... هناك شئ ناقص، دموع نزلت من عينيها، فزرعت وجهها في كتفه تخفي بكاءها.


الأذان في هاتفه ايقظه، كانت كتلة تضغط على كتفه، أنزل رأسه ليفاجئ بساحرته بطلة أحلامه تنام على ذراعه، ابتسم وهو يعيد ذكريات الساعات السابقة و التي اعتقدها مجرد حلم، نظر اليها تنام على جانبها و شعرها يحيط بها " الواقع أجمل من الحلم بكثيييييير" طبع قبلة على وجنتها، و هو يبعدها عن ذراعه.
تململت فأحست ان كل جسمها يؤلمها، فتحت عينيها، لتلتقي بعيونه و هو يرتدي منشفتها الصغيرة و يمسح بأخرى شعره، خبأت عيونها بسرعة تحت اللحاف.....ضحك و اقترب منها و قبلها
- "صباحية مباركة عزيزتي، كنت مذهلة ليلة أمس" اختبأت مرة أخر، و هي تستذكر بعض المشاهد المخزية من ليلة أمس، لبس جلبابه و ودعها و خرج لصلاة الفجر.
ما إن أحست بخروجه حتى وقفت ، لاحظت البقعة الحمراء دليل عذريتها... لتركز عليها نظراتها بحزن، فليس هناك من ينتظر ان يحتفل كما تقتضي التقاليد، فلا أم و لا خالة لها، وحتى ام زوجها لا تعلم عنها شيئا.... جرت اللحاف و ذهبت لتأخذ حماما استعدادا للصلاة.
ما إن خرجت من الغرفة حتى استقبلتها بالتهليلات و الصلاة و السلام على رسول الله، كل من آنيا و أمها و كلثوم التي تحاملت على نفسها لتحتفل بها.... كانت أم آنيا تحمل الفطار... أحست بدموعها و هي تشكرهم، وآنيا تحاول اضحاكها.....


******

في مكان آخر و بلد آخر.

هي لا تحب دنيا لكن تشفق عليها، فهي مثلها تجري وراء حب مستحيل، على الأقل دنيا تعمل لأجل إرجاعه...أقفلت هاتفها بعد أن ارسلت الرسالة لأخيها، تسأله عن الأحوال مع زوجته..... رفعت رأسها لتجده امامها، كان أنيقا ببذلته الثلاثية كعادته
- " انسة الكاسمي...هذا ما تحتاجينه حقا بعد موضوعك السخيف..." ليضع ملفا من عدة اوراق فوق الطاولة، مما جعلها تنتفض وهو يكمل "... هل هذا ما تعتبرينه بحث لطالبة في الدراسات العليا ، هذا بحث يمكن لتلميذ في الإبتدائي أن يقوم به"
نغزتها صديقتها ان لا تنسى أنها أمام استاذ دايفيد شوغي، والذي لن يتوانى عن طردها من الجامعة كاملة ان لزم الأمر.... تنحنحت قليلا لتقول بصوت منخفض
- " لكن سيدي أنت طلبت بحث عن هويتنا و انا.... "
-" نعم، نعم...المسلمين و اندماجهم في المجتمع الغربي... ألا ترين انه موضوع متداول جدا، وانت كطالبة دراسات عليا، لا يجب ان تكوني بهذه السطحية في اختيار عنوان بحثك..." ليقول بصوت منخفض لكن قصد ان يكون مسموعا "... وماذا ننتظر من عربية"
كانت تقسم في سرها ان زاد كلمة... فقط كلمة ستعلمه العربية و ما تستطيع فعله، ازداد وجهها احمرار و هي تلعن اللحظة التي اتت الى هذه البلاد... وما زاد من غضبها ان أخاها العزيز كان من الشهامة ان يرد على رسالتها للتو و اللحظة عكس عاداته...
كان يهم بالإنصراف...فقد انتقم لنفسه منها، للربكة التي تسببها له عيونها البنية اللوزية، لكن سماعه لرنة هاتفها جعله يلتفت و نظرة شيطانية تعلو ملامحه....
-" حسنا...حسنا.. آنسة الكاسمي يبدو انك لا تعرفين ان الهاتف غير مسموح به في القاعة..." مد يده مما جعلها تستغرب وهي تنظر الى يده الكبيرة الممتدة
-" ألن تخرجني من القاعة او شئ من هذا القبيل؟" قالت باستغراب
-" لا آنستي...اعرف أنك تتلهفين لخروجك من هنا لكن..." ونظر الى ساعته " لن تخرجي الا بعد ساعة و 15 دقيقة والآن هاتفك من فضلك"
مدت له الهاتف وهي تشتمه و أخاها معه...و النصيب الأكبر لقلبها الذي عشق هذا الجلمود...
أخد الهاتف ليلمح اتصال فائت من " حبيبي" باللغة العربية على شاشته.... ليعصره بقوة حتى كاد ان يحطمه... وغضبه زاد اضعف أضعافٍ.....
-" لي حديث معك بعد المحاضرة آنسة الكاسمي..." استدار متجها الى مكانه السابق و يده مازالت تعصر الهاتف في جيبه...
-" إذن البراءة التي تظهر على ملامحها.... مجرد غطاء كالعادة" تمتم و جسده يغلي من الغضب.

******

اذن فلقد تزوج، بعد أن كانا في نفس الكفة، لكن المجتمع لم يحاسبه كما حاسبها، لأنه رجل، و الرجل لا يعاب.... كانت تمرر الشريحة بين أصابعها، و تبتسم، كما دُمِّرت حياتي، سأدمر حياتك انير، لا يعقل أن تستمر حياتك و تتذمر حياتي..... نحن وجهان لعملة واحدة، يا أن نسقط معا او نرتفع معا....
نفخت دخان سيجارتها و هي تخطط لزيارة سريعة لمقر سكنه....فربما يحالفها الحظ و تلتقي بالزوجة الخنوعة و المطيعة إيلودي....






******

بعد الفطور
ركب كل زوجين سيارته و انطلقوا بعد أن وصى أنير عزيز بالإهتمام بالمزرعة.
في سيارة أنير
نصف ساعة بعد انطلاقهما استسلمت إيلودي للنوم، وأنير كان كل مرة يعدل من طريقة نومها، بعد وصولهم للمدينة وعوض ان يتجه الى الشقة ذهبا جنوبا باتجاه تغازوت،التي تقع على بعد 20 كلم من مدينة أكادير، وهي قرية ساحلية سياحية تطل على المحيط الاطلسي، جوها المعتدل طيلة السنة جعلها قبلة للسياح خصوصا راكبي الأمواج. وصل بعد 20 دقيقة من القيادة، نزل من السيارة.... استقبله بوشعيب حارس كوخه الصيفي، و الذي اتصل به سابقا ليجهز له الكوخ بالمؤونة التي ستلزمهما طيلة الاسبوع.
أحست بسكون السيارة، فتحت عينيها لتتفاجئ بالبحر مباشرة معها، و مجموعة من الاكواخ متشابهة و متراصة على طول الساحل، وكل كوخ يحيط به سور لحفظ الخصوصية، وبابه يؤدي مباشرة الى الرمال الذهبية، كان الشاطئ مهجورا الا من قلة قليلة من راكبي الامواج، الذين يصارعون الامواج الهائجة. لا حظت تقدم أنير باتجاهها، أمسك يدها يساعدها على النزول
-" صباح الجمال...لأحلى جمال" ابتسمت تحت نقابها، و عيونها تلمع من السعادة، اكمل "... و أنا الذي ظننت انك ستؤنسينني طوال الطريق"
-" آسفة.... كنت متعبة جدا... " هز رأسها ب"لابأس"، ثم قادها داخل الكوخ...

******

كانت تتذمر طوال الطريق، أنها ستصل متعبة و الامتحان بعد الظهر، لن تكون مستعدة له، ويمكن ان تنام في الحصة، و عندما اخبرها ان تنام طوال الطريق، " انا لا استطيع النوم و السيارة تتحرك"، كلما حاول تهدئتها تزداد نرفزة، فتركها تكلم نفسها، مرة تقرر التغيب و ترك المادة للعام المقبل، ومرة تطمن نفسها ان الامور ستكون بخير، صمتت قليلا ثم صاحت " وجدتها"، نظر اليها بتوجس، فنظراتها لا تبشر بالخير، اقتربت منه، ما جعله يبلع ريقه " خير اللهم اجعله خير"، كانت تمرر اصابعها على طول ذراعه " حبيبي..."، تأكد ان احدى افكارها الجهنمية في طور التكون، " بما أنك، أستاذ محاضر في الجامعة، هل يمكن أن تتوسط لي كي....."
-" آنيا... " صاح بغضب و هو يوقف يضغط على دواسة الوقود، مما جعلها ترتد الى الامام، " انا لطيف لأقصى درجة.... فلا تجعلينني اظهر لك جانبي القبيح، لأنك لن تحبيه أبدا " نظر اليها " ما تطلبينه او ستطلبينه مستحيل أن احققه لك...ان لم يكن نجاحك شريفا فلا توجد ضرورة له، من الافضل الا تفكري باستغلال صلتي بك سواء بالجامعة او خارج الجامعة... و إلا اقسم ان اجلسك في البيت و احلمي ان تكمل تعليمك"
-" لن تجرأ... " قالت بنبرة خائفة
-" فقط حاولي... و ستجربين مدى جرأتي " نظر اليها ببرود و اكمل الطريق، ثم مد يده و اشعل القرآن دليل على ان المناقشة قد انتهت...
-" ما الذي فعلته يا غبية، الان سيعتقد انك مجرد وصولية، تسعى الى النجاح بأسهل الطرق، مالذي دفعك لقول ذلك، هل كنت تريدين معرفة الى اي درجة يمكن ان يتنازل من أجلك؟ " بقدر ما أسعدها أنه ثابت على مبادئه بقدر ما جرحها كلامه، نظرت اليه، كانت ملامحه صارمة لا تدل على أفكاره، و تحسرت على ابتسامته الغائبة و هي تلعن نفسها " غبية....غبية"
-" أنا آسفة... " قالت و غصة تحكم حنجرتها، لكنه يبدو انه لا يريد سماعها.
سمع همسها بأسفها، لكنه يريد عقابها، فمسألة العمل بشرف من أولوياته دائما، و لا يريد لزوجته ان تتخطى مبادئ تربى عليها، و يتمنى أن يربي عليها أولاده.... أولاده، ابتسم و هو يتخيل هذه المجنونة محاطة بدسة من أولادهما، فهو لن يتنازل عن اكثر من خمسة أطفال، لمحها كانت تنظر من النافذة الجانبية و فمها مزموم دليل عضبها. " صبرني يا رب... أفكر في اطفالي.... و نسيت أن امهم مجرد طفلة.... طفلة تحمل اطفال" ضحك في سره.
في الحادية عشر وصلا الى المنزل، لم تنتظر ان يفتح لها الباب، اتجهت الى الشقة دون حتى ان ترد على تحية رجال الامن بالمدخل، و صلت الى الباب فتذكرت انها لا تملك نسخة من المفتاح ووقفت تنتظره و تمسك نفسها الا تذرف الدموع امامه.
فتح الباب لتجري الى الغرفة و تغلقها بقوة، تعجب اليس هو الغاضب فلماذا هذه الدراما...
إستغرقت مدة طويلة في الحمام لتبعد عنها تعب الطريق فبعد ساعتين موعد امتحانها، سمعت دقات على الباب، خرجت تلف المنشفة على جسمها، لم تجد إيدر في الغرفة، إرتدت سروال جينز ازرق ضيق جدا و يصل الى اعلى كعبها ليظهر خلخال الفضة الذي ترتديه، و ارتدت صندال أسود بكعب عال جدا، بلوزة سوداء طويلة فضفاضة تصل لأسفل ركبتها، ولم تنسى أحمر شفاهها الجرئ، ثم لفت حجابها الأسود و خرجت تبحث عن شئ تأكله قبل مغادرتها.
كان يحضر طعاما ليأكلا قبل المغادرة الى الكلية، إذ يبدو أن زوجته قد استغرقت في النوم داخل الحمام، و سبق و أن دق عليها الباب لاستعجالها.... شم عطرها الفواح قبل ان يسمع صوت طرقات حذائها على الارضية الخشبية، دار نصف دورة ليتأملها من حذائها ووقف عند الخلخال قليلا ثم اكمل الى أن وصل الى شفتيها المطلية بلون الدم، ثم عاد الى ما كان يفعله
"- ما مدى أهمية إجتيازك لهذا الامتحان آنيا؟" قال ببرود
"- أنت تعلم انها المادة المتبقية لي في هذا الفصل لأنتقل...."
"- بهذا المنظر لن تعتبي الباب، ان كنت تريدن الذهاب امسحي وجهك، و ازيلي الخلخال و البسي شيئا مسطحا، انت ذاهبة للإمتحان وليس لعرس...."

استشاطت آنيا غضبا
-" أنا لا أسمح لك أن تتحكم بي... أنا حرة ألبس ما أشاء وأتزين كما أشاء" نظر اليها ببرود
-" حسنا... وأنا حر في أن أمنعك عن الخروج كالبهلوان".
و بكل برود اتجه الى الباب يغلقه بالمفتاح، و يضع المفتاح في جيبه، رجع الى المطبخ و أخد أحد الاطباق و جلس يشاهد التلفاز و يقضم في شطيرته، و كأنه لم يفعل شيئا.
لم تصدق عينيها، رمشت عدة مرات لتستوعب هل حقا أغلق الباب، و سيمنعها من الذهاب الى امتحانها، ازدادت عيونها اتساعا عندما تمدد في الاريكة ووضع ذراعه فوق عينيه لكي ينام، نظرت الى الساعة في الجدار لم يتبقى سوى 45 دقيقة على بداية الامتحان، اقتربت من الاريكة و جلست بجانب رجليه،
-" إيدر، أرجوك إنهض، هذا ليس وقت النوم" لكنه لم يقم بأية حركة دليل سماعها... تأففت بصوت مسموع و نهضت بعنف باتجاه الغرفة، مسحت الكحل و احمر الشفاه و لم تستطع نزع حذائها، لا تريد ان تظهر قصيرة، وقفت أمامه
-" حسنا، أنا جاهزة " رفع رأسه فلاحظ انها لم تغير الحذاء، فرجع الى وضعه السابق.... اطلقت صيحة غاضبة و رمت عليه حقيبتها، ثم رجعت الى الغرفة تغير حذاءها.... ابتسم لتصرفها.
قبل ان تخرج من السيارة أخذت تبحث في حقيبتها فاخرجت نظارات بإطار اسود، ... "ما الداعي لهذه النظ...."
-" أقسم إيدر، ان اضفت كلمة اخرى... أنا من سيعود الى المنزل، وليذهب الامتحان الى الجحيم " قالت ترفع اصبعها في وجهه لاحظ عدم وجود خاتم زواجها،" وأين خاتمك حرمي المصون؟" أخرجته من حقيبتها و قدمت له... أمسك بيدها اليسرى و أدخله في بنصرها " لا أريد أن أرى يدك خالية منه...مفهوم؟"
-" يا إلهي الا تتعب من القاء الاوامر...اضافة انني لم انزعه عمدا، انه واسع جدا علي و اخاف ان اضيعه".
وضع يدها على فخذه و امسك بمحرمة لواها ثم ادخلها بين اصبعها و الخاتم و كرر العملية حتى اصبح الخاتم ضيقا في اصبعها.
-"... بعد الامتحان سنجد حلا دائما له" قال وهو يتأمل اصابعها النحيفة، ثم رفعها و قبلها...
أحست بقشعريرة على طول عمودها الفقري و ابعدت يدها بسرعة و نزلت باتجاه المدرج.

******

بحثت عن رقم مقعدها، جلست و فكرها مشغول بزوجها، و هل قبلته دليل على انه سامحها... بعد فترة امتلأ المدرج بالطلبة، و المشرفون على الحراسة يوزعون اوراق التحرير بانتظار احضار اوراق الاسئلة... رفعت رأسها لتلتقي بعيون زوجها يدخل الى المدرج، كان غاضبا لم تفهم سبب غضبه، بعد فترة وضع الورقة امامها و قال بشئ من الحدة
-" غيري مكانك" نظرت اليه تنتظر شرح طلبه، لكنه لم يقل شيئا، فلم تهمتم بطلبه، خصوصا انه ممنوع تغيير الامكنة اثناء الامتحان.
نزل الدرجات وهو يستشيط غضبا، لمرة واحدة في حياتها فلتنفذ طلبه بدون معاندة، اتجه الى احدى الاستاذات و طلب تغيير مكانها، نظرت اليه نظرات نارية و حملت اغراضها باتجاه مقعد في الزاوية... ابتسم لنظراتها، بعد مرور ساعة على الامتحان جلس بجانب احدى الاستاذات و أخذا يتناقشان في اسئلة الامتحان، كانا يتكلمان بهمس لعدم ازعاج الطلبة... لكن طالبة وحيدة لم تستطع التركيز و هي تراه يتحدث بحميمية مع الاستاذة نوال، الكل يعرف تربيتها الاروبية التي تجعلها تتعامل بأريحية مع الرجال في مكان مفتوح، ولم تحب ان يةون زوجها من اخدى معارفها، وضعت يدها على ساعد زوجها مما جعلها تقف بقوة، لاحظها الطلبة بجانبها،و غضبها لم يجعلها ترى ابعاد زوجها لذراعه.... اقتربت منهما ووضعت ورقة تحريرها بقوة فاهتزت الاوراق تحتها، ثم خرجت ووجها احمر من الغضب.
-" آنسة ٱنيا...أنت لم توقعي، على وثيقة الحظور" قالت أستاذة نوال
-" مدام القاسمي من فضلك، مدام إيدر القاسمي" قالت و هي تنظر بانتصار لوجه زوجها، و كأنها تخبره انها ضيعت عليه فرصة جذب معجبة جديدة، مما جعله يبتسم وهو يقول
-" زوجتي آنيا...الاستاذة نوال " ثم أكمل " آنيا انتظريني خارجا"
وقعت بجانب اسمها، و استأذنت خارجة و هي فخورة بعملتها... خصوصا عندما رأت نظرة الارتباك في عيون الاستاذة، كانت تفكر بطريقة يجعل كل من في الجامعة و المدينة يعلم أن ايدر لم يعد متاحا، عندما لفحتهو انفاسه في جبهتها و هو قريب جدا منها
-" كيف كان الامتحان"
-" بخير" قالت و هي تدير وجهها للاتجاه الاخر
-" خذي" ناولها مفتاح سيارته " انتظريني هناك، نصف ساعة و الحق بكِ" اخذت المفتاح و اتجهت الى موقف السيارات.

******

فرحت جدا عندما توصلت لقرار قبولها لتدريس مادة التواصل في الجامعة، على الرغم انها ساعتين فقط في الاسبوع الا انها جد كافية لاستمالة ايدر فقد عرفت انه يدرس في نفس الجامعة، و استغلت اسمها و معارفها قبل الطلاق للتوسط لها و ها قد نجحت... كانت تنظر الى نفسها و المصففة تضع لمساتها الخبيرة على شعرها، فالبدايات الجديدة دائما ما تحتاج الى مظهر جديد.

******

جلست آنيا بجانب إيدر في مقهى في مارينا أكادير وهو ﻣﻜﺎﻥ ﻣﻤﻴﺰ يطل على البحر و يضم ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻄﺎﻋﻢ ﻭﺍﻟمقاهي ﻭﻣﺤﻼﺕ ﺍﻟﻌﻄﻮﺭ ﻭﺍﻟﻤﻼﺑﺲ، بعد التسوق الذي ابتدأ بالبحث عن خاتم جديد بمقاس مناسب، و انتهى باكياس عدة من الملابس و العطور، أصرت آنيا على شراءها بعدما تعب إيدر ا انه ينتظرها في المقهى المقابل للمتجر الذي دخلت اليه، فقد كانت سابقا تحلم فقط بالدخول الى أحد هذه المتاجر ذات الماركات المعروفة، و اغلب ملابسها هدية من إيلودي، التي كانت محظوظة كفاية بزوج امها...
كانا يشربان القهوة في صمت، فجأة وقف عليهما ظل، رفعت نظراتها ثم أعادتها لزوجها، و لحسن حظه ما ان شاهد امرأة انزل بصره حياءا، وقفت آنيا تقابلها، وتقف أمام إيدر كأنها تحميه منها
-" مرحبا حبيبة... مر زمن طويل منذ آخر مرة رأيتك، كيف حالك؟"
لم تهتم حبيبة لسؤال آنيا و هي تحاول أن تسترق النظر الى خلفها
-" رأيتك خارجة من محل ملابس النوم...هل هذا زوجك؟ سمعت أنك تزوجت من فترة " اقتربت اكثر من زوجها.
-" نعم...منذ مدة قصيرة...لماذا لم تعودي للقرية؟..الامور تغيرت هناك ، لا أظن ان احدهم سيتعرض لك بعد الان " قالت آنيا تحاول جذب انتباهها
-" أنا مرتاحة في حياتي هنا... " قالت كاذبة " كيف حال ايلودي و أنير؟"
-" هما الان في شهر العسل... و سيعودان قريبا" قالت لتغيضها
-" اذن فهما يقضيان شهر العسل" قالت وهي تتلمس حقيبتها -التي تحتوي على الشريحة- بيدها، فمنذ مدة وهي لا تفارقها" قريبا ستخرجين الى الضوء" همست بصوت غير مسموع، وهي تودع آنيا.

وضع إيدر لوحه جانبا، و هو يستمتع بمحاولة آنيا اخفاءه كأنه غر... اقتربت منه أكثر فكادت ان تسقط في حجره و هي غير واعية لقربها منه
-" وأخيرا ذهبت تلك الحرباء..." استدارت آنيا اتجاه زوجها " لماذا تبتسم؟؟؟! هل أعجبتك محاولاتها للتودد اليك؟"
-" اعجبني اكثر المنظر... " ضربته على كتفه، وهي تحاول كتم ابتسامتها " وقح" ضحك بصوت عال
-" سمعت انك كنت في احدى تلك المتاجر..." نظرت اليه
-" ليس من شأنك " اجابته
-" قريبا سيكون كل شأني " غمز لها، احمرت و جنتيها دون ان تجيب والتهت بشرب العصير.


******

باريس/ فرنسا

التقت عيونهما لتهرب بعيدا بنظراتها....لم تعد تستطيع أن تستحمل مناوراته... فما زالت تذكر ما حدث بينهما ، عندما ذهبت الى مكتبه لتعيد هاتفها...
- " تفضل" سمعت صوته الجهوري و هو يأمرها بالدخول
- " أستاذ، أتيت لأستعيد هاتفي" قالت وهي تحاول أن تمسح نظرة التأثر من محياها، وهي تراه أكثر بساطة مما تعودت عليه، كان قد تخلص من معطف بذلته ، وبقي بالصدرية المفتوحة و قميصه الناصع البياض....
- " تفضلي آنسة الكاسمي" قال وهو يقف ليدور حول مكتبه باتجاهها، جلست على الكرسي المقابل لمكتبه
- " اذن آنسة الكاسمي، أنت مغربية "
- " استاذ، أنا هنا لأستعيد هاتفي وليس لحوار شخصي" وقفت بعصبية لترفع يدها تطلب منه ان يسلمها الهاتف...
تفاجأت عندما امسك بيدها بعنف باتجاه صدره
- " هل تعتقدين انني لا أعرف معنى نظراتك؟ أنا خبير كفاية لأعرف أنكي تريدينني... و ها أنا أعترف أنني أيضا أشتهيكِ.... " قال وهو ينظر الى شفتيها، أحست بالرعب من نظراته الوقحة...لتفلت يدها من قبضته بقوة، وتبعد عنه مسافةً تجعلها أكثر أماناً...
- " أيها الوغد....هل تعتقد أنني احدى نساؤكم الغبيات، اليائسات التي يسلمن للرجل شفقة...." ضحك بصوت عال، ما بعث رجفة خوف الى قلبها
- " وهل تعتقدين انني سأثق انكي مازلت عفيفة، حجابك و عدم سلامك على الرجال لا يعني أنك كذلك عزيزتي...."
- " أيها الحقير...أعطني هاتفي او اقسم سأصرخ و اتهمك بالتحرش"
- " ومن سيصدق عربية..."قال بتهكم، وبعد لحظات صمت بينهما، كانا ينظران في عيون بعضهما...... سرعان ما امتلأت عيونها بالدموع......ليشفق عليها و يمد اليها بهاتفها
- " حبيبك كان يحاول الإتصال بك " قال بعربية جيدة بلكنة فرنسية، جعلتها تنظر اليه و عيونها متسعة من الإستغراب، ليضيف
- " لا تستغربي...فأنا ايضا تجري جزء من الدماء اللعينة في اوردتي" قال بغل جعل ملامحه الوسيمة تصبح مخيفة.... سلمها الهاتف، لتجري خارجة من المكتب.
- "تانس....تانس..." كانت صديقتها جنيفر تناديها، لتخرجها من ذكرياتها المخزية.....و تبعدها عن نظرات الأستاذ الماكرة
- " هاا... نعم جيني؟!! " قالت و هي تنظر الى صديقتها
- " منذ أن عدت من المغرب و أنت تتصرفين بكآبة مالذي حدث هناك"
- " لا شئ جيني، أخي تزوج فتاة رائعة رغم قصرها الا أنها جميلة جدا....و هو يحبها كثيرا" قالت بشئ من التوتر
- " هذا خبر لتفرحي لا لتحزني تانس"
- " اعرف....لكن عندما أرى أختي عبير و كيف يتعامل معها زوجها، و اخي و غيرة زوجته عليه... أحس أنني البجعة السوداء بينهما، لماذا لا تكون حياتي بسيطة مثلهم" قالت و عيونها مركزة عليه، رفع عيونه لتلتقيا بعيونها.... أحس برجفة في قلبه و هو يلمح دمعة يتيمة تنزل على طول خدها.
يعرف أنها تحبه، رغم صغر سنها و الفرق المهول مع سنه الذي يجعله بعمر والدها، الا أن إحمرارها كلما لمحها، و تعلثمها عندما يكلمها جعلها تثير اهتمامه، راقبها لشهور الى أن عرف أنها متيمة به، رغم شكلها الذي يوحي بالإلتزام الا أنه يتوق لمغامرة لطيفة معها... ليبعد عنها قناع العفة الذي ترتديه، يعلم أنه مزيف وهذا ما سيسعى لإظهاره لمن حولها.... لم يرحم حزنها و هو يبتسم لها و نظرته حاول أن تكون عابثة، ما جعلها تحمر و تبعد عيونها عنه.






....

Nana.k likes this.

ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-04-18, 12:40 AM   #56

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل التاسع عشر

- " تانس الكاسمي.... "
نادى بصوته الجهوري....رفعت رأسها الموضوعة على الطاولة... تحدق أمامها ببرود، تحس بضغطٍ كبير.... بالكاد تأقلمت في بيئة غير بيئتها.... الحميمية التي تعودت عليها في المغرب، ليظهر هذا الشخص المستفز بحياتها..... منذ ذلك اليوم و هي تحس بالعار من اكتشافه لمشاعرها تجاهه.... تكره نفسها لذلك....و كلما قررت نزع تلك النطفة الفاسدة التي تكبر في قلبها تجاهه....كانت تتوغل أكثر.... لتندس أكثر بين ضلوعها.... فتجعلها متلهفة لرؤيته ولو من بعيد.....تحس بالتعب، تريد فقط حضن والدتها..... في غرفتها القديمة، بعيداً عن كل شئ....خائفة أكثر أن الله يُعاقبها، لأنها نظرت بعيداً.... بعيداً جداً عن عالمها.....ابتسمت بحزن لهذه الفكرة المهولة...

إتلتفت نحوها الرؤوس، كانت في أقصى القاعة، و بجانبها كالعادة زميلتها جنيفر... لم تُلبي نداءه....مما جعل الوجوه الملتفة نحوها تتقلص باستغراب.... أعاد النداء بشئ من الحدة
- " آنسة الكاسمي.... لا أظن أنكِ في إحدى الواحات الصحراوية....لتبتسمي.... أنتِ في محاضرة...و عندما أنادي عليكِ فيجب أن تجيبي....أم أنكم تربيتم فقط على سفكِ الدماء؟ " يكرهها و يكره المثالية التي تعيشها.... يريد أن يُخرجها عن طورها، أن يستفزها لتكشف المستور عن حقيقتها...
-" تستحقين" همست لنفسها و هي رفعتها.... لتقف بصعوبة و نظرة البرود و اللامبالاة تحتل ملامحها
- " نعم...." همست بهدوء و حيادية.... رفع حاجبيه من طريقة حديثها معك.... ( ما الذي يجعلني أعيش كل هذا؟!.... لا أنا لا أستحق، لا يجب أن لأسكت عن إهاناته) فكرت و هي تنظر لنظرة الرضى في عيونه.....يريد أن يذلها أكثر.... و لم يُلخق من يذل أخت إيدر وهو على قيد الحياة)
ابتسم باستفزاز و هو يقول
- " لا لوم على عر...." وقبل أن يكمل كلماته العنصرية... كانت تنسل حقيبتها بقوة و تتجه نحو الباب....ضاربةً بعرض الحائط أن مُستقبلها هو المهدد هنا...
- " أنا لم أعطيك الإذن ...." قاطعته و هي تلتفت نحوه
- " اللعنة على إذنك أيها العنصري الحقير...فلتذهب و إذنك للجحيم الذي تستحقه.....أنا أكرهك..... و تذكر فقط لو أن المسلمين قتلة....فلم تكن ستقف الآن هنا تعايرني لأصلي الذي أفتخر به ....اللعنة عليك أيها الكريه"
شهقة زملائها جعلتها تعلم أن لسانها خانها كالمعتاد في لحظة غضب.... تزمت شفتيها بقوة.... وهي تلتفت حيث جنيفر الجالسة واضعةً يدها على فمها، و عيونها جاحظة من الإستغراب.... و تحرك رأسها، كأنها تخبرها ألا تتجرأ أكثر.... و دون أن تنظر لملامح الأستاذ كانت تفتح الباب و تخرج....مُغلقةً إياه بأقصى قوتها.

الأمطار تغسل الشوارع الخالية تقريباً من المارة.... فالساعة لم تتعدى التاسعة صباحاً و الكل في عمله أو دراسته..... أبعدت المظلة.....لترفع رأسها نحو الأعلى و تصرخ بأقصى قوتها، و دموعها تمتزج بالأمطار التي تغسل صفحة وجهها، و تبلل ملابسها.... أحست بالبرودة و المياه الباردة تتسلل تحتل معطفها الطويل، قشعريرة سرت في جسمها، لتتجه نحو مقهى صغير حميمي.... الدفئ ضرب ملامحها و هي تدفع الباب لتدلف للداخل....استقبلتها امرأة أربعيني لتقول
- " مرحباً " ابتسمت لها تانس....وهي تسلمها المعطف....و المظلة.
- " هل أنت عربية؟!" قالت تانس لتجيبها المرأة بالفرنسية....و قد فهمت ما تعنيه بسؤالها
- " لا تركية...لكن جدتي سورية إذا كان الأمر يهم " أجابت بابتسامة..... وهي تقود تانس نحو الطاولة بجانب المدفئة
- " لا ليس فعلاً.... أنا لا أحكمُ على الأشخاص من أصلهم..." قالت بشرود.... وهي تتأمل المقهى، ذكرها بجئ بالبيوت المغربية الدافئة، لونه البرتقالي و الأحمر الغامق كان يعكس الحرارة المنبثقة من المدفئة.... كراسي محسوبة على أصابع اليد....رفعت رأسها نحو المرأة التي كانت تنظر إليها بتركيز... لتجلس أمامها وهي تهمس
- " هل أستطيع...."
- " بالطبع... لا أرفض الصحبة، خصوصاً اليوم... " قالت وهي تنظر لتشابك أصابعها.... و دون أن تدري كانت تسترسل في الكلام " أنا من المغرب" قالت بابتسامة اشتياق " بلد الحضارات و التعايش، رغم أننا لسنا من الدول المتقدمة، لكن التعايش بين جنسياته لن تجده في مكان آخر.... بين أمازيغي و عربي، بين مسلم و يهودي و نصراني.... دائماً الإحترام هو السائد....فلا أفهم لماذا سأحاسب الشخص لانتمائه؟!!"
- " هل تعرضتِ لموقفٍ عنصري؟" رفعت نظراتها إليها.... كانت امرأة جميلة..... لا تُشبه والدتها لكنهما مشتركتان في دفئ النظرات
- " المشكل ليس في الموقف.... بل في الشخص "
- " هل هي صديقة؟!" سألتها....لتنزل تانس نظراتها خزياً من أن تكتشف المرأة مشاعرها
- " أستاذي...." همست لتنكس رأسها أكثر.... ساد الصمت من كلاهما..... لتبدأ كتفيها بالإهتزاز.... و دموعها تتساقط على الطاولة.... تحركت المرأة باتجاهها تعانقها.... لتبكي تانس أكثر
- " أشتاق جدا لأمي....أنا متعبة و أريد أن أرتاح" و دون كلام كانت تزداد عناقها.....تبكي علها ترتاح.



لا يدري كيف غير اتجاهه.... خرج بغضبٍ خلفها.... باتجاه الإدارة، يريد أن يتم طردها فوراً، لا يريد رؤيتها بعد الآن في حصته.....
لكنه عوض أن يذهب.... تبعها بفضول.... لم يهتم للأمطار التي بللت بدلته.... وقف ينظر إليه....وهي ترفع رأسها نحو السماء..... ضرب قلبه بقوة وهو يفكر أنها تستنجد بالله منه.... لتدخل نحو المقهى.... وقف أمامه لدقائق، ليتشجع و يدخل خلفها.... هاله المنظر وهي تبكي بضعف في حضن المرأة.... ضعفها مس رجولته، يريد أن يذهب و يعانقها بقوة و يخبرها أنه آسف.... لكنه عوض ذلك استدار راجعاً إلى الكلية.


إلتفتت وراءها.... و كأنها أحست بأنها مراقبة.... لتلمح طيف رجلٍ يغادر....و يختفي خلف الباب.... ابتسمت باستخفاف وهي تتخيله هو.....قادمٌ خلفها.... ليعتذر.
أخرجها صوت المرأة وهي تسألها وهي تمسك بكوب الحليب الساخن من النادل و تضعه أمامه
- " هل أتصل بأحد أفراد عائلتكِ؟!"
- " لا... " قالت بحدة " أختي حامل في شهرها الأخيرة.... و حالتها دقيقة..... لا أريد إخافتها....كما أن لدي محاضرة بعد العاشرة " همست بخفوت " هذا ان لم يتم طردي....بعد"

******

اتصل ليخبرها انه مدعو للغذاء ولن يستطيع الحضور...
لم تهتم للموضوع كثيرا.... فغالباً ما يتصل يعتذر عن القدوم لظرفٍ طارئٍ حدث معه...

كانت تتكلم مع والدتها عندما وصلتها رسالة على هاتفها، من رقمٍ مجهول..... فتحتها لتضطرب أنفاسها وهي تشاهد المحتوى.... إيدر كما لم تره سابقاً.... يجلس بجانب خالته و زوجها.... يتكلم و يتضاحك معهما.....مرفوق برسالة " هذا هو مكانه الطبيعي".

-" لا تغضبي...لا تغضبي" كانت تكرر الجملة، كي لا تنفعل اكثر، لكنها لم تستطع السيطرة على بركان الغيرة الذي يغلي داخلها، دخلت الى مكتبه، وبعد ربع ساعة خرجت و زفرت بارتياح، وابتسامة منتصرة تعلو شفتيها....وقد فكرت جيدا في ما يجب عمله، دنيا اعلنت الحرب، لكنها تسبقها بعدة مراحل، كما قالت عبير، عندما اتصلت بها تطلب المشورة و قد فتحت عينيها لعدة اشياء، اولها تمنعها عن زوجها مما قد يجعله سهل ان يسقط في شباك اي انثى تظهر له الاهتمام.
اتجهت حيث الملابس التي اشترتها سابقاً ، لتخرج قميص من الدانتيل خاص بالعرائس ، يفضح اكثر مما سيتر ، كان يصل لمنتصف فخذها، و صدره عبارة عن عدة خيوط متشابكة تظهر بشرة صدرها، و ظهره عار، و فوقه مئزر طويل من نفس اللون لا يظهر شيئا من عري الفستان داخله، لكنها استغنت عنه، اختارته في اللون الاحمر، جهزت معه حذاء ذو كعب عال من اللون الاسود..... وضعت على السرير ما سترتديه ثم اتجهت الى المطبخ لتجهز للعشاء ... استغرق منها الامر كثيرا، كانت الساعة السادسة عندما انتهت من تجهيز المائدة، والشموع... قم اتجهت للحمام.

بعد الحمام المغربي الذي جعل بشرتها تلمع، نشفت شعرها و تركته حرا على ظهرها، لبست القميص ثم وضعت الكحل و احمر شفاه بلون الدم، ... رشت الكثير من عطر اللافندر الخاص بها.... كانت جاهزة لاستقباله.

كان متعبا من العمل، فغياب أنير جعل مسؤولية الفرع الجديد على كاهله، اضافة انه لا يعرف كيف سيخبر آنيا بأنه كان عند خالته، فزوجها اتصل به يدعوه للغذاء ليشكره شخصيا لاهتمامه بابنته في عملها الجديد، ما فاجأه التغير الذي لمسه في دنيا، فلم تكن ترمقه بنظرات كما كانت، فقد كانت هادئة تكلمه كابن خالة فقط مما اسعده، فهذا يدل على انها ابعدته من دائرة اهتمامها.

دخل الى البيت ليجده ساكنا على غير العادة فغالبا آنيا تشعل التلفاز لاقصى حده او الموسيقى... او حتى غنائها المزعج كان يُرحب به عكس هذا الصمت الذي جعل حواسه متيقظة لأي تصرفٍ منها.....عقله ذهب مباشرةً أنها عرفت عن غذاءه في منزل خالته.

توجس من ذلك الهدوء، اتجه الى غرفة النوم ليلفت انتباهه صوت قادم من غرفة الجلوس، اتجه اليها ليجد حورية من حوريات الاساطير تنتظره امام الشرفة المغلقة، واضاءة الشموع تظهرها بصورة خرافية، خلفها مدينة أكادير متلألئة
وضع حقيبة حاسوبه فوق الاريكة و اقترب منها
-" مرحبا " همست.... وهو واقفٌ متسمر من المفاجأة .....
-" مرحبا" اجاب وهو مازال تحت تأثير المفاجأ، دارت حول نفسها
-" أتمنى أن تنال اعجابك المفاجأة" ابتسمت له، لم يجبها و هو يقترب منها اكثر
-" تبدين جميلة جدا" رفع يدها يقبلها " و أعجبتني المفاجأة و صاحبة المفاجأة جدا جدا " قطع المسافة التي بينهما بسرعة ليأخذ شفاهها بقبلة انسته تعب اليوم كله.
-" إيدر... العشاء سوف يبرد" قالت وهي تتشبث بعنقه، ضحك
-" يبدو ان لا احد منا يحس بالجوع... للطعام" حملها ليقترب من عنقها يقبله بتملك وهو يتجه الى الغرفة.
كانت تنام على بطنها، لم يستطع منع اصابعه من المرور على بشرة ظهرها، احست بدغدغة فضحكت
-" إيدر ان تذغذغني..." لكنه لم يتوقف وواصل ما كان يفعله
-" هل تعلمين أنكِ صرت الهواء الذي اتنفسه.. " توقفت فجأة عن الضحك و استلقت على ظهرها، تنظر إليه.... وضعت يدها على خذه
-" وأنت صرت الحياة بالنسبة لي..." ثم قبلته بكل الحب الذي تكنه له، بادلها قبلتها... وسرعان ما ذابا و امتزجت روحيهما.



عادا منذ اسبوع.....وعاد أنير لأعماله و هي الى دراستها.

أحست بألم في معدتها، فقدت خرجت صباحا دون ان تأكل، مما جعل معدتها تضطرب الان، استئذنت من الاستاذ أن تخرج، اتصلت بأنير تعلمه برجوعها الى البيت لكن هاتفه مغلق فاكتفت بارسال رسالة هاتفية، ثم ركبت سيارة أجرى.
كان قد اغلق هاتفه اثناء اجتماعه مع والي المدينة لمناقشة بعض الاسواق التي ستتكفل شركته بالعمل عليها، قرأ رسالتها فاتجه مباشرة الى المنزل، وجدها نائمة على الاريكة و العرق يتصبب منها، تحسس جبينها فوجدها محمومة
-" إيلودي، انهضي لآخذك الى الطبيب"
-" ليس هناك من داع...فقط كوب من الاعشاب و سأصبح بخير" قالت بصوت ضعيف
احضر لها المشروب، اقترب منها يرفعها لتشربه، فأحست بغليان معدتها و رغبتها في التقيؤ، وضعت يدها على فمها و جرت الى الحمام. شك أنير ان تكون حاملا، فخرج قاصدا الصيدلية بجانب المنزل، عاد بسرعة ووجدها مازالت في الحنام تحاول الإستفراغ بصعوبة و هي تئن... رفعها بعنف و شكوكه بدأت تصبح حقيقة...
-" إيلودي... متى كانت آخر دورتك الشهرية" نظرت اليه و شكوكه بدأت تنتقل اليها، اتجهت بضعف لهاتفها، وضعت يدها في فمها تمنع شهقتها " آخر مرة اسبوع قبل زواجنا"... مد لها اختبار الحمل المنزلي
-" دعينا نتأكد قبل القبام بأي اجراءات"، رفعت عينيها اليه
-" ماذا تقصد؟" سألت بشك
-" لا شئ إيلودي، فقط دعينا نتأكد" دفع الاختبار الى يدها، دخلت الحمام، كانت اطول خمس دقائق مرت عليها،جزء منها يتمنى ان تكون هناك حياة في رحمها. و الجزء الاخر يخاف من ذلك خصوصا بعد تلميحات أنير، طرقه على الباب اخرجها من افكارها.
-كان ينتظر النتيجة على أحر من الجمر، كان يتمنى الا يكون هناك حمل، فهذا سيكون جنونا، فلم يتقبل بعد جيدا ان يكون زوجا و مسؤولا عن زوجة ليأتيه أطفال، طرق عليها الباب يستعجلها الخروج خرجت و رأسها للأسفل
-" أنا حامل" نطقت بهمس، صمت ساد بعد همسها
-" لنذهب للطبيب، يجب التخلص منه، أنا لست مستعدا لأكون ابا، زواجنا و كل شئ كان غلطة...ما كان يجب ان ارضخ لتوسلات والدي"، كانت تنظر اليه بصدمة، الهذه الدرجة يعتبرهما غلطة عمره، وضعت يدها على بطنها كدليل حماية، كانت شفتاه تتحركان و لكنها لم تكن تسمع ما يقول، جميع حواسها توقفت عن العمل، فقط يدها الموضوعة على بطنها تخبرها انها لم تعد وحيدة لتستسلم لقرارات الاخرين....
" أقسم ان ذكرت مسألة الاجهاض مرة اخرى، سيكون آخر مرة ترانا فيها " ثم ذهبت باتجاه الغرفة و تركتته
-" إيلودي أنا لم انتهي بعد من كلامي"
-" إدهب انت و كلامك للجحيم" و اغلقت في وجهه الباب بعنف
-" سئمت من كوني دائما المخطئة، المتسامحة... اقسم لن اسامح منذ اليوم، لا ينفع معكم التصرف بالاخلاق... " كانت تكسر كل ما تطاله يديها، قطعت ملابسها، و كسرت المرآة... في خمس دقائق اصبحت الغرفة مجرد حطام.
لم يستطع ان يتمالك اعصابه و هو يسمعها تصرخ و تكسر كل شئ بالغرفة، لعن الباب الذي يرفض ان يكسر... فجأة عم السكون و سقط قلبه بين رجليه، هل يمكن أن يحدث لها شئ... يا ربي لطفك
-" إيلودي، افتحي الباب ارجوكي.... انا آسف، إفتحي لنتفاهم" ضرب على الباب " اقسم لم اقصد ما قلته، لم افكر في الامر حتى...إفتحي ايلودي ارجوكي" جلس يستند برأسه على الباب، و قلبه يكاد يتوقف من الخوف عليها، خطرت آنيا في باله، هي الوحيدة القادرة على مساعدته، إتصل بإيدر و اخبره انهما سينزلان حالا..
ما إن أخبرها عن رغبة إنير، حتى بدأت نوبة غضبها، ولعناتها تصيبهما هما الاثنان و الاكثر عليه لمصادقته لنوع انير... حذرها من قول اي شئ امام أنير وهو غاضب فلن يستطيع امساك اعصابه اذا تجاوز معها بكلمة
فتح لهما الباب، حدجته آنيا بنظرات غاضبة، فأشار لها للغرفة التي توجد بها، اقتربت من الباب
-" حبيبتي إيلودي... افتحي الباب، أريد ان أتأكد انك بخير "
و في ثانية فتحت إيلودي الباب و عانقت صديقتها، كانت ترتدي بيجامتها القصيرة جدا و شعرها طليق على ظهرها، تنحنح إيدر و غادر، ففهم أنير أن زوجته عارية أمام غريب، و للهفته لم يلتفت للموضوع، لحسن الحظ أن إيدر خرج من الشقة.
-" خذيني من هنا" همست بأذن صديقتها " لا أريد البقاء هنا"
أدخلتها آنيا للغرفة، و البستها عبايتها و حجاب و خرجت بها تنوي أخذها الى منزلها، لكن أنير اعترض عن خروجها
- " شكرا على مساعدتك، لكن إيلودي لن تخرج من المنزل" تشبثت بها إيلودي أكثر
- " سيد أنير، أنصحك أن تبتعد عن طريقي، فلم ترني من قبل و أنا غاضبة" و حاولت تجاوزه و إيلودي خلفها، لكنه لم يسمح لها، تراجعت الى الخلف و هي تنظر اليه دون ان يرمش لها جفن، فإيلودي بالنسبة لها خط أحمر لا يمكن تجاوزه، فعلى الرغم من أنها تكبرها بعامين فقط الا انها دائما ما تدافع عنها...
- " لا أريد البقاء مع مجرم مثلك... ابتعد عني لا اريد رؤيتك بعد الان"
- " إيلودي " صاحت آنيا موبخة، تشوشت الرؤيا و رحبت بالظلام الذي التقفها، و سقطت هامدة بجانب قدمي صديقتها.
أسرع يحملها و هو ينادي على إيدر الواقف خارجا، ما إن رأى إيلودي فاقدة الوعي حتى اسرع لمفاتيح سيارة أنير.
أكد لهم الطبيب انها حامل في اسبوعها الثاني ، و فقدانها للوعي ناتج عن انهيار عصبي، أخبرهم ان يتجنبوا تكديرها، خصوصا أن حملها غير مستقر...
ركبت مع إيدر و آنيا، على الرغم من اعتراض أنير الا انها لم تعد تهتم، لم تبكي كانت تستند على كتف آنيا و تفكر بخطوتها القادمة، فلن تستطيع العيش مع أنير بعد كلامه عن ابنها، وضعت كلتا يديها على بطنها تتحسسها، فوضعت آنيا يدها فوق يدي صديقتها، ضحكتا
-" أخيرا سنصبح اما" قالت آنيا وهي تبتسم بين دموعها
-" هذا ابني وحدي...احملي لك ابنا و ابتعدي عني" ضحكت آنيا
-" اذا كانت طفلة سأسميها آنيا... واذا كانت طفلا سأسميه إيدر " قالت دون ان تهتم لاعتراض صديقتها.
-" لااااا اسماؤكم بشعة...ابني سيكون اسمه مميزا مثله" ضحك ايدر لحوارهما، لكنه تجهم حين سمع التكملة
-" لا أريدها فتاة لتتعذب مثل ما تعذبت أمها، أريده فتى قويا، ليستطيع أن يدافع عن نفسه.... وعني". عانقتها ٱنيا بقوة
-" حبيبتي أنا دائما الى جانبك... ولن اتركك ابدا ابدا " أومأت آنيا وعم الصمت.
" أريد أن أراك الآن" ارسل الرسالة لصديقه بمجرد ان انزلهما امام البناية، تأكد من وصولهما الى الشقة و تحرك الى مكان لقاء أنير.
-" هل جننت...هل هناك عاقل ينطق بمثل هذه التفاهات؟" صرخ إيدر وكاد يضرب صديقه
-" لقد فقدت اعصابي... أنا لست مستعدا لكل هذا إيدر" قال و الخوف يرتسم على وجهه
-" أنت لست مثلها أنير... " لأول مرة يرى صديقه خائفا بل مرعوبا
-" ماذا لو حدث ان خنتها...ما مصيرها و الطفل، اغلب الظن ستتركني، و ستكرهني... و ستكره الطفل لانه مني، و تعاد نفس المأساة"
-" أبوك لم يكرهك... دائما كان يحبك، و طول فترة بعادك وهو يحدثني الى اي درجة يشتاق لك" وضع يده على كتف صديقه يواسيه " لا تقلق... كل شئ سيكون على ما يرام " مرر أنير يده عدة مرات على شعره
-"أتمنى ذلك"
لثالث يوم ترفض إيلودي مقابلته، لم يستطع الدخول و آنيا تقف على الباب
" عالاقل لن يقلق عليها، فٱنيا تعتني بها جيدا"، قرر الابتعاد قليلا، سيسافر الى اميركا لبضعة أيام من اجل عمل ضروري، لما يعود ستكون قد هدأت
-" إيلودي يجب ان نتحدث، فلدي سفرة مستعجلة، يجب أن أراك قبلها "
أحست بطعنة غدر، " حسنا أنير، اهرب كعادتك، جبان و ستبقى جبانا طوال حياتك" رفعت اللحاف على وجهها لن تبكي فزمن البكاء قد ولى، لن تؤذي طفلها من اجل شخص لا يهتم ولن يهتم ابدا...مجرد شخص أناني يتبع غريزته كالكلاب.
سافر دون توديع، احس بغربة قاتلة، ما ان وصل الى منزله، " أنير انت لا يجب ان تكون هنا...مكانك بجانب زوجتك و ابنك" لكن عدم ثقته بنفسه طغت على تفكيره، اتصل بإيدر و اخبره انها رجعت الى شفتهم و ترفض ان تكون آنيا معها.

لكي تلهي نفسها، بدأة حملة لتنظيف الشقة، كانت تحس أن رائحته بكل مكان، و برغبة شديدة لرؤيته، لابد انها الهرمونات لانها لو عاد اليها الامر لمحته من حياتها بعد كلامه، " حتى وهو يرفضنا في حياته تجعلني اشتاق اليه" كانت تحدث ابنها، احست بغضب كبير فاتجهت لاغراضه، قطعت قمصانه و كسرت كل ما هو قابل للكسر، احس براحة كبيرة بعد ان انتهت ، استحمت و جهزت ما تاكله لتنام، بدأت تتقلب في فراشها فلم تستطع النوم بدون ان تكون بين ذراعيه... اخذت احدى قمصانه التي سلمت من حربها و فرشتها على وسادته و نامت.
قبل ان تنزل من السيارة، لاحظت دنيا التي تقف تنتظر إيدر التفتت اليه
-" حبيبي انت لم تنسى ما فعلته بمكتبك ذاك اليوم صحيح؟" ضحك وهو يتذكر الفوضى التي وجد عليها مكتبه، بعد ليلة عشق لا تنسى اتجه في الصباح لمكتبه ليأخذ بعض الاوراق، فوجده مقلوب رأسا على عقب
-"آنياااا...مالذي فعلتيه للمكتب" صاح بغضب، اطلت وكانت تلف منشفة قصيرة عليها
-" ألم أخبرك الا تلومني بردة فعلي عندما تتواجد بنفس المكان مع تلك الحرباء؟" ابتسمت له ببراءة
-" كيف علمتي؟ العم عبد القادر هو من دعاني للغذاء، ولم استطع الرفض"
-" عالاقل فلتأخذني برفقتك لا؟... لا يهم فقد نسيت الحادثة" ثم دخلت لتغير ملابسها، شك في ان تكون هذه آنيا التي يعرفها، فزوجته لا تنسحب من معركة بسهولة، تبعها للغرفة ليعرف كيف عرفت و لكن المنظر الذي وجدها فيه انساه ما كان يريد ان يعرف.
-" لا لم أنسى...لكني احببت طريقة اعتذارك في النهاية" غمز لها، ثم مال و قبل جبينها
-" إيدر نحن في الشارع... تحشم" مما زاد من ابتسامته
-" أحبك " قالت ثم نزلت من السيارة
-" آنيا..." التفتت " وأنا اعشقك " ارسلت له قبلة في الهواء و اتجهت للكلية دون ان تهتم بالواقفة حتى بالقاء السلام، والتي كانت تنظر اليهما، هذا ليس إيدر الذي تعرفه، اين ذلك الشخص الرزين، الخجول الذي يخشى اظهار مشاعره في العلن، ابتسمت في حزن ربما يجب عليها ان تبتعد عن طريقه فهو يبدو انه وجد التي تستحقه....

******

بعد شهرين
" أنا حامل....أنا حامل" كانت تصرخ و وتقفز في كل مكان الاختبار في يدها
-" ايتها الغبية.... تمهلي ان لا تسقطي و تؤذي نفسك" كانت إيلودي تتبعها ببطئ، توقفت ثم عادت لإيلودي تعانقها، ثم انخرطت في بكاء
-" أنا حامل آنيا...أنا احمل جزءا من حبيبي داخلي" بقدر ما فرحت لصديقتها، الا انها احست بطعنة غيرة، فهي لم تحتفل بالخبر كما فعلت آنيا
-" يا الهي نسيت ان اخبر إيدر" أخذت هاتفها و صورت بطنها عارية ثم ارفقتها ب " بابا أنا هنا".
كان في المصعد باتجاه الشقة عندما وصلته رسالة، فتحها ليجد بطن آنيا، " يا الهي هل حقا متزوج من فتاة تكاد تبلغ العشرين..." لكن الجملة تحت الصورة اوقفته، هل ما يظنه.... هل آنيا حامل؟ اسرع يخرج من المصعد، من فرحته نسي انه يملك المفتاح، ضغط على الجرس دون ان يبعد اصبعه من عليه، فتحت آنيا الباب ووقفت تنظر اليه و آثار الدموع مازالت على رموشها... ابتسمت و اشارت برأسها بنعم... لم يستطع ان يحتوي فرحته اكثر، رفعها ضاما اياها، و قبلها قبلة تحمل الامتنان و الحب وكل المشاعر التي تملؤه في تلك اللحظة...كانت تحاول ابعاده و هو يرفض
-" إيدر... إيلودي هنا"، وضعها برفق على الارض
-" شكرا حبيبتي" قبل جبينها...ثم اتجه الى الغرفة " أنا انتظرك... لنحتفل " ابتسمت له و هي تشير الى ايلودي في المطبخ

لماذا أنير مختلف عن صديقه؟ مالذي كان سيخسره لو فرح و اظهر سعادته؟ تساءلت بحزن، و هي ترتدي نقابها لتعود الى منزلها
-" حبيبتي...لماذا انت مستعجلة، دعينا نحتفل بخبر حملي"
-" ليس أنا من يجب ان تحتفلي معه...وانا احس ان نوبة الغثيان قادمة من الاحسن ان اعود الى شقتي" رافقتها آنيا الى الباب.

******

خرجت من الحمام وهي تجفف وجهها، الحمدلله ان نوبات الغثيان اصبحت اقل، خصوصا مع نصائح كلثوم التي اصبحت في شهرها الخامس، اشتاقت لجو القرية و لعزيز و كلثوم، لولا دواستها لذهبت للمزرعة، خصوصا ان الفترة الصعبة من حملها اوشكت على الانتهاء ولولا وجود آنيا و إيدر لتعذبت وحيدة دون وجود شخص الى جانبها.
تذكرت الصور التي اعطاها القايد، بحثت عنها الى ان وجدت الصورة التي دون اسم عمها و رقمه عليها، " هل اتصل؟ .... ماذا سأقول لهم؟ مرحبا انا ابنت ابنكم الذي رفضتموه " نحت الفكرة عن بالها، فلو كانوا مهتمين لبحثوا عنها، لكن الفضول قادها، لترفع هاتفها و تدق الرقم الدولي ...رنة رنتين ثم فتح الخط
-" السلام عليكم... مصطفى يوبا من معي؟
اقفلت الخط بسرعة و قلبها يضرب و كأنها كانت في مراطون، رمت الهاتف بعيدا، " يا الهي انه هو عمي... شخص من لحمي و دمي.. سندي في هذه الحياة"
وبكل جرأة كتبت رسالة" عليكم السلام.. أنا إيلودي عبدالسلام يوبا" وضغطت على زر الارسال،بعد ثانية رن هاتفها برقمه، لكنها جرأتها السابقة خانتها و توارت بعيدا، بقيت تنظر الى الهاتف ثم اغلقت و هي تلوم نفسها على تسرعها...

******

بعد 4 اشهر و نصف
اربعة اشهر مرت وهو يحاول التأقل بعيدا عنها، حاول الرجوع الى حياته السابقة بعيدا عن كل شخص تربطه به علاقة، يعرف انها ستكون بخير من دونه، فهي انسانة بدون ماض يجعلها ناقمة على الحاضر، و الكل يحيطها بعنايته، هي نقطة بيضاء في عالمه الاسود الذي سيبتلعها و سيجعلها نسخة منه، انسان مريض بالوسواس، يعتقد ان الكل خائن الكل سيغذر به يوما... الا هي، لم يفكر ابدا انها ستخونه يوما ربما لاعتقاده انها ملاك ستؤذي نفسها قبل ان تفكر في أذية الأخرين. رن جرس الباب، يعلم من الآتي، يحاول ان يتراجع عما سيقترفه، لكنه بحاجة ان يثبت لنفسه انه ذالك الشيطان الذي لا يهمه احد في حياته، اتجه بخطوات ثقيلة باتجاهه، فتح الباب لتطل سمراء فاتنة بشعر اسود قصير، اختارها نقيض إيلودي، ترتدي ثياب بالكاد تستر شيئا من جسدها، كان قد التقاها في بار منذ اسبوع في احدى لحظات تمرده فيما زرعته فيه ملاكه..." بعد اليوم لن تصبح ملاكك أنير...تراجع" أسكت الصوت الداخلي الذي يحثه على إقفال الباب في وجه المرأة، و ركوب اول طائرة باتجاه المغرب...لكنه عوض ذلك فتح لها الباب على مصرعيه
-" وأخيرا... منذ اسبوع و أنا انتظر اتصالك" اقتربت منه تنوي تقبيله، لكنه ابعد رأسه و هو يشير الى الداخل
-" تفضلي" دخلت و هي تتمايل بإغراء لتجذب نظراته الى مفاتنها، تذكر أخرى لم تكن تحتاج لكل هذه الحركات لتجعل حواسه تستيقظ، اغلق الباب و تبعها الى الداخل
-" ألن تضيفني... مشروب ربما" أمسك بيدها يقودها الى غرفته
-" لننتهي من الأمر...أنا مستعجل" اقتربت منه تسلمه شفتيها لكنه ابعدهما، بدأ بفتح ازرار قميصه، و بدون مقدمات دفعها لتسقط على السرير...
لم يستطع.... حاول ولم يستطع، أراد أن يثبت لنفسه أنها لم توصمه بملكيتها الى الابد... انه يستطيع ان يخونها و بدم بارد، لكنه لم يقدر... لم ينظر الى المستلقية في فراشه و ملامح الاستغراب تعلو ملامحها، و اتجه الى الحمام.

***
-" مرحبا ايلودي" قالت حبيبة وهي تنظر الى بطنها الظاهرة، ساهم ضعف ايلودي الواضح في بروزها...وضعت ايلودي يدها على بطنها تحميها، " أنا آسفة ان ارعبتك، اردت فقط أن أعطيكي هذه" وقدمت لها الشريحة " لا تعتقدي أنني أكرهك إيلودي... أنت فقط كنت ضحية لماض كان بيني و بين زوجك" نظرت اليها بأسف و غادرت.
-"ماذا تريد تلك الحرباء منك" قاطعت آنيا نظراتها نحو حبيبة
-"لا شئ.. القت فقط السلام" اجابت إيلودي
-" حسنا اذا انهيت محاضراتك فلنذهب، لرؤية الطبيبة، إيدر ينتظرنا في السيارة" اومأت بنعم، و يدها تضغط على الشريحة...و الفضول يقتلها عن محتواها
دخلت معها آنيا عند الطبيبة، كانت ترتجف، فقدت اتمت الشهر الخامس ولم تفكر ان تعرف جنس المولود، كانت خائفة ان تكون فتاة، دائما ما تدعو ان يرزقها الله بفتى، نظرت للطبيبة التي تضع لها المحلول البارد فوق بطنها، وتمرر الجهاز عليها، كانت تتمنى لو أن أنير من يمسك يدها و يطمئنها ان كل شئ بخير، لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
-" إنها طفلة" سقطت دمعة من عينيها " أنظري... هذا قلبها الذي يضرب...هل تريدن الاستماع اليه" اومأت بنعم، احساس لا يوصف عندما سمعت دقات قلب صغيرتها من مكبر الصوت، شهقت باكية، ضمتها آنيا بقوة و هي تهمس كلمات في اذنها لطمأنتها... أعطتها الطبيبة صورة لطفلتها...ضمتها الى قلبها، آسفة انكي سمعتي دعائي لله ان الا توجدي...اقسم انني نادمة...قبلت الصورة و عشق جديد ينمو في قلبها لابنتها....
اوصلت إيلودي الى المقعد، ثم اومأت لإيدر أن يتبعها لعند الطبيبة
-" هل ستكونين يخير حبيبتي...سنرى جنس المولود و نعود سريعا...حسناً؟ " كانت تتأمل الصورة الغريبة الملامح، و كأنها ترى شكل طفلتها، اومأت لصديقتها، وافكار جديدة تتبلور في عقلها، ابنتها بحاجة لأبيها، و ستتنازل عن كرامتها من أجلها، ستسامحه و ستترجاه ان يعود، ستدوس على قلبها من اجل ان تفتح ابنتها عينيها على صورته.... فمن ذاق اليتم لن يتمناه لغيره....فما بالك بقطعة من قلبها.

******

و أخيراً.... السنة الدراسية قد انتهت، لم تعرف كيف مرت بعد تلك الحادثة، التي مرت دون أن تُذكر، الأستاذ لم يقدم البلاغ ضدها..... ثم تفاجأت باستقالته من تدريس الدراسات العليا. في الأسبوع التالي.... تفاجأ الطلاب بدخول الأستاذة آدمز بدلا عنه لتعلن أنها البديلة عن الأستاذ شوغي....و الكل يعتقد أنها السبب، سبقتها و بلغت عن الإدارة ليعاقب........ لم تتنفس الصعداء و قلبها يشتاق إليه... لكن اليوم....و بعد غياب أشهر ستراه....الرعب تسلل إليها....و ارتعاشت مرت على طول ظهرها.

كانت تنظر لنفسها..... لترفع يدها تضع اللمسات الأخيرة على هيئتها.... و بجرأة لم تعهدها سابقاً... حددت عيونها بكحل أسود..... لتمرر الأحمر الشفاه على شفتيها....و تعطيهما حمرةً..... بدفئ بشرتها السمراء.

دخلت عليها عبير.... لترفع عيونها المكحلة باتقان تنظر إليها.... بحزن، لتقترب منها و تضع يحيى الصغير على فراشها....و تعانقها من الخلف
- " تبدين جميلة حبيبتي " همست عبير و هي تقبل جانب أذنها من فوق الحجاب " استمتعي بحفلتك.... فأنتِ تستحقينها"
- " أنا لا أريد الذهاب بمفردي...." قالت بحرقة تمنع الدموع من الهطول
- " يجب أن تذهبي....الأشهر الأخيرة كانت صعبة جدا عليكِ....كنت تعانين من أجل نيل الشهادة، و الآن يجب أن تحتفلي بنجاحك...."
أبعدت تانس عيونها بخجل و احتقار لنفسها.... تخاف أن تصل أختها الرقيقة لأعمق أعماقها.....فتتعرف على حبٍّ محرم يسكن داخلها...لكن عبير فهمت سكوتها خطأ.... لتعانقها أكثر وهي تهمس
- " أعرف أنك تريديننا معكِ....لكن حمزة مشغول بنوبته الليلية....و أنا لن أستمتع بوجود يحيى و إيدر.... و إيدر الكبير لا يستطيع القدوم و ترك آنيا الحامل"
هزت تانس رأسها...تخضع للأمر الواقع..... ستكون وحيدة في مقابلة الوحش.... لن تجد من تحتمي خلفه إن أراد الإنقضاض عليها.

- " ما الذي يحدث لك تانس؟! ليس من شأنك إن كان يمرر أصابعه الطويلة على ظهرها المكشوف..... أو يغرز أنفه في تجويف كتفها" كانت تكلم نفسها بغضب و غيرة حارقة و هي تلمح أستاذها الذي جعل عالمها ينهار..... مررت أصابعها على حجابها تخفي خصلات وهمية دليل توترها.... لتبعد نظراتها فجأة و هو يلتفت نحوها..... " يا رب إجعله لا ينتبه لتحديقي له.... يا رب إجعل قلبي يتوقف عن وجعه كلما لمحه"
- " آنسة الكاسمي.... تبدين...." قال وهو يلتف حولها، ينظر لجسدها المغلف بالقفطان الأسود المزين بحبات اللؤلؤ الناصعة البياض... و التي كسرت السواد الذي يلفها و حجابها الأسود الأنيق... " مغلفة.... و متزمتة كالعادة" إقترب منها لتشهق و تبتعد عن مرمى أنفه.... و كأنه يبحث عن رائحة مسكرة.... ليستغرب و هو العاشق لراوح المسكرة للنساء..... يصنفهم حسب عطرهن، الشغوفة و الخجولة.... عطرها يعبر عن أكثر ما يهمه في شخصية المرأة المقابلة له.... لكن هذه أمامه لم يتبين عطرها....
- " ألا تضعين عطراً؟" سأل بفضول وهو يرمق انكماشها بشئ من التسلية
- " رغم أن الأمر ليس من شأنك... إلا أنني سأجيبك.... لا أضعه و لن أضعه أبداً، طالما مثلك يحوم حولي" أجابته بشئ من الحدة وهي تمنع عيونها من استراق النظر باتجاهه
- " مثلي..... يحوم حولك؟!" قال ليطلق ضحكة التفت لها كل الرؤوس الموجودة بالحفل، لم يقطع ضحكاته إلا مرور النادل و اختلاسه لكأس من السائل الذهبي.... و يرتشف منه قليلا.... ليقول
- " أنتِ تعطين نفسك قيمة أكثر مما تستحقين..... فأنا لا تستهويني فاقدة للإرادة مثلك.... تجعل أفكاراً بالية مرت عليها قرون تتحكم بطريقة تقديرها لنفسها... "
- " كيف تجرؤ ايها الخنزير....عديم المروءة "
- " هذا الخنزار كما تقولين.... يستطيع أن يجعلك تأنين رغبةً به الآن و أمام كل من في الحفل.... بإشارة مني... ست....." صمتٌ ساد.... بعد أن دوى صوت صفعة... لتلتف الرؤوس باتجاه المسلمة و الكاره للمسلمين، لتعاد الهمهمات و كأن شيئاً لم يكن.... فإهانة الإسلام و الرد العنيف لبعض المسلمين أصبح أمرا روتينيا في حياتهم.

جذبها أمام نظرات الباردة للمتواجدين في الحفل
- " أيها الحقير....لا تلمسني....ليس لك الحق في ذلك" كانت تصرخ به.... و هي تضرب كفه بكل ما قوتها....لكنه لم يفلتها.... ليدفعها باتجاه الحائط.... أنَّت ....و الألم ينتشر من قوة الدفعة...على طول ظهرها.
لتشهق و هو يسحق جسدها بجسده.... كان قريباً جداً.... لدرجة.....تاهت في زرقة عينيه.....و كأنها تائهة وسط المحيط لا تعرف أي اتجاه تسلك..... أنفاسه الحارة تضرب صفحة وجهها....و هو يقترب أكثر، ينظر لشفتيها المرتشعة.... ليقترب أكثر و أكثر.....و الهلع شل تفكيرها.... لتهمس بضعف و الدماء غادرت بشرتها
- " أرجوك "
- " لا تلعبي لعبةً أنتِ لستِ ندًّا لها" همس
ليتركها تسقط بقوة..... كورقة خريف... سقطت لتدنس تحت أرجل المارة.....كانت كذلك، مدنسة إلى قمة رأسها...

******







...

Nana.k likes this.

ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-04-18, 12:41 AM   #57

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل العشرين


-" بما أن إيلودي حامل بطفلة، ولم تتعذب كما تعذبت أنا...فأجزم انني حامل بطفل.... لا تنظر الي هكذا... أنا ايضا اتمنى فتاة...المهم ان يكون بصحة جيدة" كانت تثرثر مع إيدر الذي كان ملهوفا لمعرفة النتيجة
-" سيدة القاسمي...انت لست حامل لا بفتاة و لا بفتى" نظرا اليها باستغراب
-" كيف ذلك....هل مات؟.. لااا اريد ابني... إيدر ابني"
-" سيدة آنيا... ابناؤك بخير"
-" أبنائي؟" تساءل إيدر
-" نعم سيدي....زوجتك حامل بثلاث توائم"
-" م...ماذا، ثلاث توائم؟ " نظرت لإيدر باستغراب
-" نعم سيدتي...هل عائلتك بها توائم؟ " نفت آنيا بهزة رأس
-" أختي عبير لديها اربعة ابناء توأمين، وأنا توأمي مات كذلك اختي الصغيرة تانس... هل هناك خطر على صحة زوجتي؟"
-" سيدي باعتباري طبيبة سأتكلم معكما بصدق، الحمل بثلاث توائم يشكل خطرا على الام او حتى الاجنة، و ذلك يستدعي مراقبة خاصة من مختص، ولهذا سأصرف لها عدة ادوية يجب ان تداوم عليها، و يجب مراقبتها مراقبة دقيقة، واتمنى ان توقفي جميع انشطاتك في الفترة القادمة و الحصول على الراحة التامة... و بالنسبة للعلاقات الحميمية من الافضل التقليل منها في هذه الفترة... وأتنمى ان تهتمي اكثر لتغذيتك... وهذه لائحة بما يجب ولا يجب ان تأكليه، و اذا لديكما اية استشارات فأنا رهن اشارتكما" آنيا لم تستوعب بعد انها حامل بثلاث اطفال
-" لم تخبرينا عن جنس الاجنة"
-" الوقت لازال مبكرا على ذلك... فالتوائم يصعب تحديد جنسهم و سننتظر لعدة اشهر قادمة" اومأ لها ايدر، ثم ساعد زوجته المصدومة على الوقوف
-" مابكي آنيا، هل حدث شيئ في الداخل " سألتها إيلودي بعد ان لاحظت شحوب وجهها
-" أنا... أنا حامل بثلاث توائم" نظرت اليها برعب
-" هل انت واثقة؟...وأنا التي كنت اتساءل لما بطنك اكبر من بطني على الرغم من انتي بشهرين" هزت آنيا برأسها
-" وأنا ايضا...اعتقدت انني حامل بذكر، فامي اخبرتني انه عند الحمل بطفل تكون البطن كبيرة مقارنة بفتاة"
-" لا تخافي... زوجك بجانبك...كل شئ سيكون بخير"
واتجهتا حيت ينتظرهما إيدر

******

اخذت الهاتف وهي تشجع نفسها، هذه الخطوة لأجل ابنتك، ابنتك بحاجة لأب، لن تستطيعي ان تحميها وحدك في هذا المجتمع، يجب أن تتصلي به، رفعت الهاتف تدعو أن يجيب سريع قبل ان تخونها شجاعتها
-" Allo! "
نظرت الى الرقم، نعم انه رقمه، لماذا تجيب عليه امرأة
-" Allo! Anir is taking a shower, he can't sp...."

أحست وكأنها في صندوق مظلم اغلقت جميع منافذ الهواء فيه... كانت تختنق...خانها....أنير قد خانها...امسكت بجهة قلبها، وكأنها طعنت بخنجر مسموم عدة مرات، لم تعرف كيف اتصلت بآنيا، " ساعديني" نطقت بصوت فارق الحياة، و كالعادة اسرعت اليها آنيا...وجدتها زرقاء و عيونها جاحظة و كانت على وشك الاختناق، لاحظت دماء غزيرة تخرج من تحت إيلودي اصابها الرعب ان تكون قد تأخرت، كان ايدر يتبع زوجته التي لم تهتم بكونها حامل، ولا بارتداء حجابها بل اسرعت باتجاه المصعد لشقة أنير نزل السلالم و الخوف يكاد يشله، انصدم من منظر إيلودي، حملها واسرع الى سيارته و آنيا على أثره و حقيبة إيلودي في يدها.... وصورة الطفلة تسبح في دماء امها.

أخبرهم الطبيب انها تعرضت لتوتر عصبي كادت ان تفقد فيه حياتها لولا لطف الله، و استطاعوا بمعجزة ان ينقذوا الطفلة ...حاول ايدر ان يتصل بأنير، و في كل مرة الرقم مشغول...
جلست آنيا تنتظر ان تستيقظ صديقتها، فقد حان وقت اسيقاظها كما قال الطبيب، فتحت عيونها لتجد آنيا امامها
-" أهلا بعودتك حبيبتي...أقلقتني عليك جدا" وضعت يدها على بطنها
-" طفلتي؟!! "
-" إنها بخير...كانت شجاعة و يجب ان تسميها إيرنا، فقدت حاربت بشجاعة و انتصرت"
-" لا... سأسميها آنيا... فلولاك لخسرت ابنتي...أنت أختي و أمي و كل شئ آنيا...لا أعرف كيف سأستحمل البعاد عنك... لكن ارجوك لا تنسي انني أحبك كما لم احب احدا في حياتي" نظرت اليها آنيا بتوجس
-" لماذا تتكلمين عن الفراق؟"
-" منذ فترة و انا اكلم عمي... و سأذهب للعيش معه" وقفت آنيا من المفاجأة ثم استكانت وهي ترى نظرة الفراغ في عينيها
-" مالذي حدث إيلودي؟ "
-" لقد فعلها آنيا...لقد خانني...اتصلت به كي ارجوه ان يعود من اجل ابنته... اجابتني امرأة انه مشغول لانه يستحم" شهقت آنيا ثم عانقتها
-" اذهبي حبيبتي ولا تعودي...جدي حياة افضل هناك...وانسي كل شئ يربطك به...حتى أنا... فأنت تستحقين الافضل ولا شئ غير الافضل...اهتني بنفسك و بآنيا الصغيرة من أجلي" ازدادت من ضم صديقتها
-" هل ممكن ان استعير هاتفك؟ " سألتها إيلودي و هي تكتم شهقاتها
-" تفضلي" استدارت لتخرج لكن إيلودي أمسكت بيدها، تبقيها بجانبها
-" ألو... أنا ايلودي عمي...اريدك ان تخرجني من هنا الليلة...لا عمي لا استطيع ان ابقى للغد، ان لم تأتي سأذهب الى مكان آخر، لا اريد ان أبقى في هذه المدينة بعد الان ...بعد ساعة، لا مشكلة، فقط ارسل معه امرأة ....حسنا سأكون جاهزة الى اللقاء".
ساد صمت و هما تنظران الى بعضهما ثم انفجرتا في بكاء، فربما ستكون هذه آخر مرة لهما مع بعض.
بعد 45 دقيقة دخلت امرأة بهيئة ممرضة الى غرفة ايلودي
-"أنا من طرف السيد مصطفى يوبا، من منكن ايلودي"
-"أنا" اجابتها إيلودي
-" حسنا، هناك رجل يجلس امام باب الغرفة، لا نستطيع الخروج بدون ان يلاحظنا، سننتظر قليلا حتى يذهب"
-" انه زوجي سأتكفل به" عانقت إيلودي" رافقتك السلامة حبيبتي...لن أنساك ابدا" و اتجهت الى الخارج
-" آي....إيدر، ساعدني أشعر بمغص قوي في بطني...يبدو انني سألد منذ الان" اقترب منها إيدر بخوف....
-" اي ولادة آنيا، انت بالكاد في الشهر الثالث" صرخت بأعلى
-" آي...إيدر أنا أتألم افعل شيئا"رفعها و اتجه بها الى احدى الغرف، ادارت رأسها، لتلمح إيلودي خارجة و تتخد الاتجاه المعاكس، أحست بها فاستدارت و لوحت لها... ثم اكملت طريقها خلف المرأة الأخرى.

******

خرج من الحمام يرتدي ملابسه، فوجد المرأة التي معه مازالت في الفراش عارية، تتكلم على الهاتف
-" ألا زلتي هنا " ثم لاحظ انه هاتفه "مالذي تفعلينه بهاتفي" أسرع لنزعه من يدها... تأففت من عصبيته
-" شخص ما حاول التكلم معك، و اخبرته أنك في الحمام" احساس غير مريح تسلل الى قلبه، أخذ منها الهاتف بعنف، ليبحث في سجل المكالمات الواردة، دارت به الغرفة ليسقط جالسا على الفراش و اسم ساحرتي يظهر كآخر رقم وردت منه المكالمة، صرخ على الاخرى، كاد ان يرتكب جريمة، لولا ان فرت بجلدها، و ملابسها في يدها، حاول الاتصال بها لكن لا مجيب، كان يبحث في ادراجه عن اوراقه، و بدون ان يغير ملابسه خرج قاصدا المطار و هو يحاول ان يتصل بها دون جدوى، لم يجد رحلة قريبة الى المغرب، فاضطر ان يكتري طائرة خاصة ليصل قريبا.
عرف انه خسرها الى الابد، لكنه سيشرح لها انه كان قد قرر خيانتها، لكنه لم يستطع، جسده يرفض الانصياع له...هو لم يخنها... اجل لم يخنها و يجب ان تفهم ذلك... حاول ان يسترخي، فإيلودي طيبة القلب ستسمع له و ستسامحه...
وصل في الثالثة بعد منتصف الليل، اسرع الى الشقة، كان الباب مفتوحا، استغرب ان تترك ايلودي الباب، ربما تنام عند آنيا، دخل الى غرفة الجلوس ليصدم بوجود بقع الدم على الارضية... تتبعها ليصل الى بقعة كبيرة بشعة من الدماء، جف حلقه رعبا، و يديه ترتجف و هو يحاول الاتصال برقم ايلودي، ليصدح الهاتف في مكان قريب كان فوق الاريكة، اقترب منها ليلاحظ وجود صورة لجنين بالتصوير المغناطيسي، والدماء تغطيها جزء كبير منها.... احس بأنه مكبل لا يعرف ماذا يفعل، مالذي حصل هنا؟ أين زوجته؟... جلس واضعا رأسه بين كفيه، سرا البرود على أطرافه، مالذي فعلته... تذكر إيدر، اتصل به، ليخبره أنه في المستشفى.
لم يستطع القيادة، فأخذ سيارة أجرى لحسن الحظ ان الطرقات خالية في هذه الاثناء....
وصل عند الاستعلامات
-" زوجتي في أي غرفة؟ " سأل وهو يكاد يفقد الوعي من الخوف
-" اسم زوجتك سيدي"
-" إيلودي....إيلودي يوبا بوالخير" أجاب وصبره يكاد ان ينفذ
-" الغرفة 6 في الطابق الثاني... يمكنك ان تست..." لم يستطع ان يبقى ليستمع أكثر.... وصل للطابق الثاني، وهو يتبع الارقام ليلمح إيدر و آنيا...مع الشرطة، جف ريقه ليقترب
-" أنير.. " همست آنيا و اقتربت من إيدر كأنها تستعين به، لمحه إيدر فأسرع باتجاهه
-" أنير... لا أعلم ماذا أقول... إيلودي مختفية" نظر اليه ينتظر أن يتبعه بأنه يمزح، كان ينظر في عيني صديقه يبحث عن لمحة مزح، ثم هضر بغضب و هو يمسك بتلابيب صديقه
-" أين زوجتي إيدر...أين إيلودي؟" صراخ و هو يدفعه نحو الحائط
" لا أعلم... في الساعة 11 كانت هنا، بعد ساعة لما تفقدتها الممرضة لم تجدها"
-" و أين كنت؟...ها... أين كنت؟ "
-" بالأحرى أين كنت انت سيد أنير، بينما زوجتك و طفلتك تواجهان خطر الموت... أين كنت قبلها و هي لا تستطيع حتى النوم من شدة حزنها من جهة و اعراض الحمل بطفلتك الصعبة...طفلتك سيد أنير " قالت آنيا بهدوء،
-"آنيا... اصمتي" لم تهتم بصراخ زوجها ان تصمت وهي تنظر اليه بكل قوة، لم تهتز نظرتها و هو يبادلها نظرة الشك أن تكون لها يد في هروبها...هو لا يشك بل متأكد
-" لنذهب من هنا إيدر...فلقد تعبت جدا"
-" سأوصل آنيا للمنزل... و سأعود" أسندها إيدر، و تركا أنير خلفهما.
حمدالله في سرها أن تمثيلها سابقا بالمغص لم يذهب سدا، فالطبيب اكد انها ضغطها مرتفع و حالتها لا تستحمل الانفعالات.
-" سيد أنير بوالخير... هل انت زوج المريضة؟" سأله شرطي اجاب بهزة رأس، وهو يبعد نظراته عن صديقه و زوجته " هل احتاجت يوما لمن يسندها و لم تجد؟"
-" سيدي...لا يوجد دليل على ان المريضة مختطفة، و رأينا في شريط المراقبة انها غادرت مع امرأة اخرى بكامل ارادتها...و يؤسفنا ان نقول ان البلاغ سيغلق... فزوجتك غادرت بكامل خاطرها" امسكه من قميصه
-" زوجتي مختفية و اريدكم ان تبحثوا عنها تحت الصخور ان دعت الضرورة...ان لم تقم بعملك، سأتصل بوزير الداخلية بنفسه ليقوم بعملك... هل فهمت؟" كان ينظر اليه كوحش يستعد للانقضاض ، بلع الشرطي لعابه ما ان سمع اسم الوزير " هل فهمت؟" هزه انير بعنف " هل فهمت؟"
-" أجل سيدي...ارجوك اتركني " تركه أنير، و اخذ هاتفه يتصل بجميع معارفه، لم يهتم بأن الوقت الرابعة صباحا، فلحد الان لا يستطيع التكهن في من ساعدها على الهروب...فلا تعرف احدا غيره و آنيا.

******

لم يغمض لها جفن طوال الطريق الى مدينة مراكش، فلم تتماثل للشفاء بعد، و تحس بألم في بطنها، مما جعلهم يتمهلون في الطريق. اخبرتها مرافقتها منال ان عمها ينتظرها هناك، لسيستقلوا طيارة في مطار مراكش باتجاه مدينة تطوان...
كانت تفكر في الخطوة التي أقدمت عليها، أحست بتسرعها، فالمكالمات التي تعد على أصابع اليد مع عمها لا تضمن لها ان تكون مرحبة بها في منزله... تذكرت المكالمة الثانية معه، كانت ثلاثة أيام بغد المكالمة الأولى، بعد اصراره على الاتصال كان يقطع لفترة و يعاود الاتصال، في الاهير رضخت وضغطت على زر استقبال المكالمة
-" أرجوكِ لا تقطعي الاتصال، هل أنت فعلا ابنة أخي عبد السلام؟" لم تجب لوهلة
-" نعم " أجابت بهمس
-" يا رب العالمين....هل تعلمين كيف كنا نبحث عنك انت و أمك...طوال السنوات ونحن نبحث عن أثر لكما"
-" نعم... و كأنني سأصدق" اجابت باستهزاء
-" أقسم لك ابنتي...ذهبنا الى القرية التي كان يدرس فيها، فأخبرونا انه لم يتزوج منها....بل من قرية مجاورة، طفت جميع القرى اسأل عن المعلم عبدالسلام يوبا و لم اجد له أثر...كيف حالك وحال امك؟"
-" لقد ماتت من تقريبا عشر سنوات"
-" انا لله وانا اليه راجعون... أنا آسف ابنتي "
-" لا يهم لقد تعودت على اليتم و حياة الذل... لا يهم" ثم قطعت الاتصال، و استسلمت لنوبة بكاء، و منذ ذلك اليوم وهو يحاول الخط، تقبل مرة مقابل مرات ترفض... عرف أنها زوجة ابن بوالخير الرجل الغني عن التعريف في المغرب كامل، لانه لم يتخيل ابدا ان يكون هو الرجل الذي تزوجته زوجة اخيه بعد مماته.
-" لقد وصلنا " ربتت منال على يدها تنبهها لوصولهم... خرجتا أمام فندق فخم، تبعت منال الى داخل المصعد... فتح الباب ليظهر رجل خمسيني على الرغم من بياض شعره الا أن بنيته الجسدية قوية، و عيونه التي تشبه عيونها الشئ الوحيد الذي اشعرها بأنه من عائلة ابيها.... بحركة من يده صرف مرافقتها و الحارس، اتبعت منال بنظرها و هي ترجوها الا تتركها وحيدة مع هذا الرجل، فهو يبقى بالنسبة اليها، غريب...مد يده
-" مرحبا... أنا مصطفى يوبا" نظرت الى يده الممدودة، لترجع يديها خلف مهرها، دليل رفض السلام عليه
-" أنا اعرف انه من الغريب ان نلتقي بعد كل هذا الوقت...لكن اجزم انك تشبهين عبدالسلام، فعيناك عيني عائلة يوبا" انزلت عيونها ارضا.
-" لا بد انك متعبة، سوف ارسل لمنال ان ترافقك الى غرفتك"
-" شكرا" الكلمة الوخيدة التي استطاعت ان تنطقها
-" لا شكر على واجب ايلودي...في التاسعة صباحا سنتوجه الى تطوان" ابتسم لها، اومأت ثم غادرت مع منال لتستريح بغرفته
جلس يزفر، لم يتوقع ان يكون اللقاء باردا الى هذه الدرجة، طرقات على باب غرفته جعلته يعود من أفكاره
-" أدخل" كان حارسه الشخصي
-" سيدي... هتاك شخص يود رؤيتك الان انه السيد...." قاطعه صوت من خلفه
-" لا داعي لتقديمي... يمكنني المتابعة من هنا" قال للحارس يصرفه، مما جعل مصطفى يرفع حاجبه لهذا المغرور الذي يحسب نفسه في بيته.

******
أحس بغضب جعله يقلب الشقة رأسا على عقب، ليتجه الى مكان صورة ابنته و دماء زوجته، كانت الدماء المتيبسة في كل مكان، اخد الصورة و مسحها بكم قميصه...
-" أنا آسف صغيرتي...أقسم ان اجدكما و اعتني بكما كما يجب" مسخ دمعة نزلت من عينه تأثرا بصورة ابنته
-" هل ستغفرين لي طلبي من والدتك ان تسقطكي؟... اغفرلي حبيبتي فانا كنت خائفا...خائفا الا اوصلك لبر الأمان.. الا اكون كفؤا بكما " تغيرت نظرته الى التصميم " وغلاك... سأجدكما قبل شروق الشمس".
نهض يفتش عن هاتف ايلودي، لتسقط عينه على شريحة خاصة بالهاتف، اخذها و ادخلها لهاتفه ليجد كل ماضيه الاسود امامه، كانت صوره مع حبيبة عندما كان غرا ساذجا... رن لهاتف آنيا ليحدد مكانه، تفقد الرسائل و المكالمات ليجد رقما غير مسجل... اتصل باحد برقم
-" سأرسل لك رقما ... اتمنى ان تستخرج جميع المعلومات عنه.... اريدها بعد نصف ساعة...حسنا شكرا"
مسح الدماء، ثم اخذ حماما...كان يغير ملابسه عندما وصلته رسالة
" تفقد بريدك الالكتروني " و اتجه الى حاسوبه المحمول
-" إذن ... لم تكوني تلك السهلة التي اعتقدها، كنت تلعبين من وراء ظهري... حسنا ايلودي، سأجدك و سنتحاسب على كل شئ" و اتجه الى الخارج باتجاه المطار.


كانت تتمشى على طول الساحل، بعيدا عن الكوخ الذي قررت أن تمضي فيه العطلة مع عائشة ابنة عمها، فقد ارسلهما عمها بعيدا عن البيت بعدما لاحظ توثر الاجواء في البيت لم تتوقع الاستقبال الذي لقيته من عائلتها، الكل فرح بها، رغم التوجس الذي اصابهم اثر رؤيتهم لبطنها الظاهرة، لكن عمهم اخبرهم ان زوجها من أرسلها لتقضي فترة الحمل عندهم، لأنه مسافر الى اميركا و لا يستطيع اخذها معه او تركها بمفردها بعد موت ابيه...الكل زفر براحة،الا هي، من اين يعلم عمها بزوجها... لكن ان كان هذا سيسكت افواههم فقد كانت مخطئة...فمع مرور الايام، و غياب زوجها الزعوم اصبحت الالسنة تشير لها، خصوصا ان الروافة لا يتهاونون في مسألة الشرف، عانقت بطنها هل كانوا يعتقدون انها حامل بسفاح؟؟، همست " إنها فقط البداية صغيرتي...لكن لا تخافي امك معك "، أحست بأنها مراقبة، منذ فترة و هي تحس بذلك الشعور، أحست بركلة إبنتها، و تعجبت فهذه اول مرة تتحرك بعنف، مما جعلها تقلق سابقا، و الطبيبة طمأنتها أنها بصحة جيدة، وانها فقط طفلة وديعة ، تلفتت يمينا و شمالا، لكن لم ترى شيئا مثيرا للريبة، اسرعت الخطى بعدما لاحظت انها ابتعدت كثيرا عن البيت....


عادا للكوخ لتجد عائشة تجهز الحقائب بطريقة هستيرية... جلست بتعب و القلق يعصف بها من الداخل....
- " عائشة ماذا يحدث؟! " نظرت إليها عائشة.... لتعيد انتباهها للحقيبة الممتلئة بالملابس و التي ترفض الإنغلاق
- " سوف يعيدونكِ لذلك الحقير..." همست عائشة بغل، فقد كانت بئر أسرار إيلودي طوال فترة مكوثها هنا
- " ماذا؟!" شهقت برعب، فآخر ما تتوقعه أن يجدها أنير هنا..... ازداد غضبها، لتقول بانفعال " سوف أقتله قبل أن يطالب برجوعي إليه... الخائن المنحط"
اقتربت منها عائشة تحاول تهدئتها....
- " للأسف الموضوع ليس بيدك او بيد والدي....و العائلة كلها رحبت به.... عندما عرف عن نفسه...."
عادت للجلوس.... و هي تحس بالخذلان...
- " لكن...." رفعت نظراتها نحو عائشة....بأمل " والدي ليس موافقاً، لهذا سنسافر ليلا لاسبانيا.... والدي قد جهز جميع الأوراق... كانت فقط مسألة وقت.... "
تنفست الصعداء.... و هي تشكر عمها.... " لا أريدك أن تهلعي....لكن أنير هنا....و لهذا سنخرج قبل الفجر بساعتين"
حركت رأسها موافقة.......الآن فقط عرفت سر الإحساس الذي كان يراودها.... كانت مراقبة من طرفه....الحقير، لم يستطع أن يخرج و يواجهها.

******

لم يصدق أنير عندما أخبره بشكوكه أن آنيا هي من ساعدت إيلودي في الهروب، تذكر الالم الذي أحست به في تلك الليلة... هل كانت تمثل؟؟؟ لماذا لم يلاحظ انها لم تكن قلقة جدا لاختفائها، بل مرت أيام كانت ناقمة على جميع الرجال، وحسب ما حكى له أنير، أن إيلودي رأت صوره القديمة مع حبيبة، وعرفت بخيانته لها في امريكا...
الآن عرف لما كانت تصاب بهستيريا، عندما يذهب الى الجامعة و هي تبقى في البيت بحكم انها منقطعة عن الكلية حتى تلد... لم يستطع ان يبقى صامتا اكثر اقترب منها، كانت تشاهد فيلما كالعادة
-" آنيا...مر شهر على إختفاء صديقتك، ألا تشتاقين لها" و بدون ان تلتفت اليه قالت بعفوية
-" هي بخير...ولقد كلمتن..." سكتت...نظرت اليه كانت عيونها جاحظة، ضحكت ضحكة بلهاء " أعني...انت تعلم المرأة لها حاسة سادسة...تستشعر حالة أحبائها من بعيد و... "
-" أعلم أنك من ساعدها على الهروب " قال و بروده يدل على محاولته كتم بركان ثائر داخله " إستغفلتيني... و كأحمق كنت ادافع عنك امام صديقي، هل كنت تضحكين و انت تشاهدينا نبحث كالمجنونين عنها"
-" أنا...."
-" أنت ماذا...متى ستكبرين، و تعرفين ان العالم لا يدور من حولك آنيا...متى ستعلمين أن مشاعر البشر ليسوا لعبة.... رأيت صديقي كيف كان منهارا في المستشفى... ولم تتحدثي... فقط قولي انها بخير و انها مع عائلتها...ألا تشعرين؟!!!! ..... مما انت مصنوعة" ثارت ثائرتها و هي تتلقى الاتهامات.... لتنهض تواجهه....رغم طوله الفارع.... و قصرها، كانت تتحداه بنظراتها التي استحالت أكثر قتامة و اسودادا....
-" اقسم لو عاد بي الوقت لذلك اليوم، سأساعدها و لن اقول عن مكانها ولو كان صديقك على فراش الموت... ودع ذلك الخائن المرهف الاحاسيس و الذي يشعر و المصنوع من الزجاج ينفعك..." كانت تتكلم بانفعال و شعرها الاسود يحيط بها... " إنها فعلا غاضبة" فكر.... اضطراب أنفاسها لم يمنعها من الإستطراد بقوة
-" وأقسم ان اقترب من صديقتي مجددا...انا التي سأقف في وجهه و وجهك أنت أيضا " كانت تشير بأصبعها نحو وجهه" أبعد صديقك عن صديقتي ... فأنا لن أسكت بعد الآن...." سكتت قليلا لتقول بهدوء "حتى من أجلك لن أفعلها.....صديقتي خطٌّ أحمر بالنسبة لي " و ضعت يدها على بطنها، و انكمشت ملامحها من الالم
-" هل أنت بخير..." اقترب منها بلهفة
-" إبتعد عني.... أنا لا أشعر.... و أنا طفلة تتصنع الالم... فقط ابتعد عني" حاولت تجاوزه باتجاه غرفة النوم، لكنها انت بألم، و استندت بيدها على الاريكة بجانبها... لم يستطع مشاهدتها تتألم اكثر، حملها رغم رفضها و جعلها تستلقي على ظهرها في الفراش.

في تلك الليلة اغلقت باب غرفة النوم، تخبره انه غير مرحب به بجانبها، فاتجه الى غرفة أنير القديمة لينام فيها... بعد مدة أحس بشئ يدخل الى الفراش بجانبه،كانت مجنونته... اقتربت منه و بطنها الكبيرة بينهما، ما جعله يبتسم
-" لا تبتسم...أبناؤك لم يتركوني أنام، أنا مازلت غاضبة منك و بشدة" غرزت انفها في تجويف عنقه و نامت، لمس بطنها الظاهرة من تحت قميص نومها الاسود
-" شكرا...فلم اكن اعرف كيف سأنام بدون قصيرتي".

لمدة يومين لم تكلمه و في كل مرة يوجه لها الكلام نفس العبارة تردد " أنا مجنونة...بدون مشاعر... فدعني بسلام"، أحس بتأنيب الضمير... فهي عرفت أنها نقطة ضعفه، و استغلتها جيدا لتظهر كضحية و ليست كمذنبة، على الرغم من انه يؤمن ان كلما طالت مدة الخصام بين زوجين فالامور تتعقد، و إيلودي لم يكن يجب عليها ان تهرب، كان عليها ان تواجه أنير و يتناقشا فيما بينهما...ليصلا الى حل مرضي.

******

منذ شهرين وهو يراقبها، يعرف كل تحركاتها، بعد أن عرف ان وجهتها مراكش لترافق عمها، استقل الطائرة نحو المدينة و علاقاته الكثيرة مكنته ان يعرف مكان اقامة مصطفي يوبا، الدبلوماسي المشهور، هو الوحيد من اخوانه من بقي في البلاد، الكل هاجر الى اسبانيا، وصل الى وجهته، فتوارى عن الانظار عندما رآها تخرج برفقة امرأة من جناح عمها، لتدخلا الى غرفة ملاصقة لجناحه.... اعترض رجل مفتول العضلات طريقه يبدو انه الحارس الشخصي للدبلوماسي... طلب منه ان يخبر سيده بانه يريده في امر ضروري، لم ينتظر رجوع الحارس بل اقتحم الجناح
"- لا داعي لتقديمي... يمكنني المتابعة من هنا" وقف امام الرجل الذي تظهر عليه علامات الوقار..." السلام عليكم... أنا أنير بوالخير زوج إيلودي"
-" ما سبب الزيارة يا ترى؟ " قال مصطفى ببرود وهو يشعل سيجارة
لم يحب أنير طريقة كلامه معه، صبر نفسه ان كل شئ من اجل زوجته و ابنته
-" جئت لآخذ زوجتي"
-" زوجتك... لا أذكر انني اعرفك، لأعرف زوجتك من تكون"
-" لا تلعب معي، فلا مكانتك و لا اسمك يستطيع ان يقف في وجهي اذا قررت ان آخذها الان معي...فمن الاحسن ان تستمع لي الى النهاية انت كنت فعلا تهتم بابنتة اخيك... التي تذكرتها بعد ان صارت تنتمي الي" قال بعنف جعل الاكبر سنا يشيح ببصره
-" تعلم ان نفوذ والدك من جعلنا لا نصل اليها سابقا...الان والدك قد مات...و انت مجرد غر لن تستطيع ان تقف في وجهي" قال مصطفي بثقة. انسل انير هاتفه و عيونه مركزة على عيون عم زوجته
-" وزير الداخلية من فضلك... اهلا صديقي، شكرا لتعبك معي لقد وجدتها....نعم هي الآن معي....بلا شك سأحتاجك قريبا، فربما اقرر عقاب المسؤول عن اختفائها... انتظر زيارتك و المدام بفارغ الصبر... وداعا" ما إن سمع مصطفى اسم وزير الداخلية حتى بدأ يعيد حساباته.
-" إذا هل نتحدث؟" جلس على الكرسي امامه، قست ملامحه اكثر " حدث سوء تفاهم مع زوجتي، مما جعلها تترك البيت...و انا اريد ان تبقى معك لشهر حتى اصفي جميع حساباتي و اعود لارجعها الى البيت...
الشهر تحول لشهرين.....حبيبة تكفل جيداً بها....غضبه الأعمى جعله يراقبها طويلا....ليتصل بالشرطة في لحظة كانت منغمسة في اللهو..... وحكم عليها بالدعارة و حيازة المخدرات.
قام بترتيب أعماله....لينتقل بصفة نهائية للمغرب.... اشترى منزلا عائلياً، و أثته بالطريقة التي يعتقد أنها ستعجبها....كل خُطوة يقوم بها.....يقوم بها وهو يتخيل لمعة عيونها فرحاً بها.... و فقط هي من يحتاج لتكتمل الصورة....... و قريباً سيعيدها....خصوصاً أن عائلتها بصفه.

******

اشتاقت له جدا كم تكره الهرمونات اللعينة التي تتركها على صفيح ساخن كلما لمحته، فبعد صراخه عليها لم تعد تكلمه، وهو بعد عدة محاولات لمراضاتها استسلم.
جلست بجانبه على الاريكة، وهو مشغول بحاسوبه، اقتربت منه، فلما لم يأتي باي حركة زادت من اقترابها حتى لاصقت جانبه..... نظر اليها نظرة جانبية و هو يعقد بين حاجبيه عندما رآها تقترب منه بأنفها الصغيرة، تستنشق رائحته
-" رائحتك جميلة" ابتسمت ما اظهر غمازتها، و بجرأة وضعت انفها على عنقه تستنشقه بنهم " لماذا اليوم تبدو رائحتك زكية، هل غيرت عطرك؟" همهمت بجانب عنقه
-" آنيا... ابتعدي" قال وهو يكاد يفقد سيطرته على نفسه، يعرف انه جزء من الوحام فهذه ليست المرة الاولى التي تتصرف فيها بغرابة، فقد سبق و أيقظته في الرابعة فجرا ليحضر لها البطيخ، و عندما أخبرها ان هذا ليس بموسمه، دخلت في نوبة بكاء لم تتوقف الا عندما خرج كالاحمق يبحث عن البطيخ، لحسن الحظ انه وجده في احدى الاسواق التجارية الكبرى، احضره لها قضمت منه قضمة صغيرة لتقرر انها لم تعد تريده، وعادت للنوم و كأن شيئا لم يكن
-" ماذا... ألم أعد أعجبك؟ اعرف انني صرت سمينة و بطني كبيرة لكنه من تأثير أطفالك... انظر الي... لم اعد استطيع ارتداء اي من سراويلي" و انخرطب في نوبة بكاء،
-" لا تبكي حبيبتي...انت جميلة و زادك الحمل جمالا" ابتسمت لتقترب منه بجرأة جعلته يخرج عن سيطرته و ينحني ليستلم شفتيها في قبلة جعلتها تئن سعادة.

******




..

Nana.k likes this.

ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-04-18, 12:46 AM   #58

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الواحد و العشرين

-
" تانس يكفي طفوليةً....منذ شهرين و أنت لم تخرجي من المنزل.... كل ما تفعليه هو النوم و الأكل، أنظري لنفسك و لجسمك الذي ازداد وزناً.... " لم تهتم تانس لصراخ عبير....و هي تعيد الغطاء على رأسها
- " دعيني وشأني عبير" همهمت من تحت الغطاء
- " أقسم إن لم تنهضي... سأتصل بإيدر.... هو الوحيد الذي يستطيع جعلك تتكلمين" كانت عبير تصرخ و هي تتجه حيث النوافذ و تتفادى الاصطدام بالفوضى التي تعم الغرفة..... فتحت النوافذ لتتسلل شمس الظهيرة....
ما إن سمعت تانس اسم أخيها.....حتى انخرطت في البكاء، كيف ستنظر في عينيه و تدعي البراءة؟! كيف ستخبره أنها بخير؟!! و قلبها تحس به معه..... قد غادرها و خانها ليتعلق بشخصٍ حقير.... تضغط يدها على فمها بقوة....تمنع شهقاتها من الخروج.... لم تُحس إلا بشهقة عبير و هي ترفع عنها الغطاء.... و عيونها جاحظة على ملامح أختها المتألمة.
- " عبير....أنا لستُ بخير" لم تحتج عبير لأكثر من همسة أختها، لتنزل نحوها.....تعانقها بشدة.....و تانس تزفر براحة.....فأخيرا حضن يلملم شتاتها....و تستسلم للبكاء المرير.

تعابير وجه عبير.... تنتقل من الصدمة للغضب ثم الشفقة.... و في كل مرة تضغط على يد اختها الصغيرة تحاول طمأنتها أن كل شئ سيكون بخير.... لكن في داخلها كانت تعرف أن صغيرتها لن تخرج منها بدون خسائر.
بعد أن نامت تانس من التعب في حضن شقيقتها....كانت عبير في مكان آخر، تفكر في حلٍّ لمعضلة أختها.... و لا حل إلا أن تُرسلها لإيدر....عسى المسافات تضع حداً لهذا الحب....و تقتله قبل أن يمتص الباقي من مقاومة اختها.... قبلتها على جبينها.....و دون أن تدري كانت قطرات من دموعها تُغرق شعر تانس.

******

- " هل أخذتي كل ما تحتاجينه؟!" همست عائشة لإيلودي....التي تحاول اخفاء رعبها....لأول مرة ترتدي سروال جينز و بلوزة صوفية طويلة سوداء.... و حجاب أسود، لأول مرة تكشف عن وجهها..... حذاءها العالي الرقبة يُسمع صوتاً في ذلك الليل الصامت عكس حذاء ابنة عمها الرياضي..... و تحركات الرجلين الحذرة أمامهما يجعلها تهلع أكثر....و كأنها سارقة في جناح الليل.... رغم كل الحماية التي غلفهما بها عمها إلا أنها تُحس بنفسها مازالت مراقبة..... تلتفت يميناً و شمالا دون أن تلمح شبحاً تحت الإضاءة الخفيفة للأزقة الضيقة.... فجأة، صرخت برعب و يدٌ قوية تنقض على ذراعها... ليتفت الرجلين في المقدمة
- " تتسللين كاللصوص؟!..." استشاط غضباً و هو يرى وجهها المكشوف..... ليرفع جزءاً من حجابها الأسود يغطي به وجهها " استري وجهك...." قال بغضب دون أن يهتم لهمهمات الرجال خلفه مع رفيقتها " ألهذه الدرجة رخصت نفسك....لدرجة أن تكشفي عن وجهك أمام الرجال؟!" دفعته بقوة وهي تبعد يده على وجهها
- " ابتعد ايها الحقير..... لا تضع يدك العفنة علي.... أو أقسم أن أقطعها لك....أنا أكرهك....أكرهك و أكره نفسب لأنني وثقت بك يوماً.... إن كان هذا كل ما يهمك و يجعل رجولتك تتلوى فسأنزعه....." نزعت الحجاب من فوق رأسها....ليظهر شعرها....الذي ازداد بريقه تحت الإضاءة الخفيفة.....الرجال الذين ازدادوا عددا نكسوا برؤوسهم....و ينتظرون اشارة عائشة للتدخل..... أحس بنار الغيرة تستعر في قلبه لتحرق كل أضلعه....و هو يقترب منها بوحشية..... و يرفع حجابها بقسوة يضعه فوق رأسها.... بأصابع مرتعشة يحاول تغطية كل شعرها.....وعي تبعد عنها بضعف....و ذكرى المكالمة و الصوت الأبح يرتفع في أذنيها
- " ابتعد عني.....لا تدنسني" توقفت أصابعه عما تفعله..... ليبتعد عنها ينظر إليها.....نظراته خاوية، يحاول أن يُخرج كلمةً فلا يستطيع....فجأة تحركت بعيداً عنه.... لتومئ لعائشة.

أفاق من صدمته..... كانت قد ابتعدت عدة خطوات.....أراد اللحاق بها....لا يجب أن تذهب
- " لن أترككِ تذهبين....إيلودي عودي الآن... أنتِ زوجتي.... " كان يصرخ كالمجنون.....وهو يحاول تفادي الجدار البشري الذي وقف يمنعه.... كأنه يقاتل من أجل حياته، حركت رأسٍ من عائشة.....لتبدأ اللكمات تأتيه من كل صوب.
- " إيلودي....لم يحدث شئ..... اقسم لم أستطع.....إيلودي أنا لم أخنكِ..... " كان يصرخ، و الضربات تجعل صوت كلهاث..... " أقسم بحياة ابنتي" لتأتيه الضربة القاضية من خلف عنقه.... الضبابية في عيونه.....جعلته يفقد أثرها..... كان وحيداً في الزقاق....و ببطئ كان يفقد وعيه....و اسمها مازال صداه يتردد في المكان الخالي.




لم تلتف خلفها لتنظر حيث تسمع صراخه...و ضربات رجال عمها تنغرز في قلبها قبل أن تصل إليه....لكنها اكتفت من كل شئ....من استسلامها الدائم، من سلبيتها....إكتفت من كل شئ.

أبعد يدها من كف ابنة عمها، لا تريد شفقةً من أحد....وحدها ستبني حياتها بعيداً..... فلا أحد لها سوى ابنتها....ستجعلها صورةً مغايرة لما كانته....ستُخبرها أن الحياة لا تعتمد على أحد....و لو كانت هي، والدتها التي جملتها لتسعة أشهر....ابنتها ستكون قوية....كما لم تكن والدتها.

وصلا لمطار صغير في خارج المدينة.... الأضواء التي ترسم ممراًّ هي كل ما يضئ المكان.... نزلت عائشة لتمد لها يدها تحاول مساعدتها.....لكنها تماسكت بأطراف السيارة و نزلت ببطئ.....
- " هل أنتِ غاضبة أنني أمرتُ الرجال بضربه؟!" لا مجيب....لتلتفت تعترض طريقها " كانت الوسيلة الوحيدة لكي لا يفسد خطتنا.... أنا أهتم بك إيلودي!" همست إيلودي وهي تبتلع ريقها.....وصدى صراخ أنير عاد ليحتل أذنيها
- " أعلم.....شكراً لكِ"
ساد الصمت لبعض الوقت إلا من صدى خطواتهما و هما تقطعان الطريق الترابية.....بعيداً عن السيارة السوداء رباعية الدفع....باتجاه كراجٍ كبير....
- " لكي تكوني مطمئة....رجال والدي لن يدعوه وحده....سيحملونه لفندقه".
لم تُجبها.....لكنها لم تنفي أنها راحةً نسبية تسللت إليها.
وصلتا....ليستقبلهما رجل بلباسٍ موحدة و خوذة تحت ذراعه....تكلم مع عائشة بلغة سريعة افترضت إيلودي أنها الإسبانية.....لتشير إليها، حدق بها قليلا، ليتلكأ على بطنها الظاهرة....ما جعل شعوراً حارقاً يتسلل إليها....و كأنها عاريةٌ أمامه.
أومأ لها....دون أن تجيب....كان يتحرك و عائشة خلفه....لتتحرك بدورها خلفهما.
- " سيوصلنا إلى وجهتنا....أقل من ساعة و نصل" صرخت عائشة.... لتسمعها إيلودي التي اكتفت بالإماءة و قلبها يهدر.....هل مغادرة الوطن..... قرارٌ صائب؟!

******

- " تعالي...." همست آنيا لتانس....التي خرجت برعب من غرفتها...." لا تقلقي... صديق أخاك غاضب، لا أعلم مالذي حدث مع زوجته....منذ ثلاثة أيام وهو هكذا"
عيون تانس تحدق بباب المكتب الذي يهتز بصراخ أنير.... و إيدر يحاول تهدئته.

- " لن أغفر لها إيدر.....أقسم سأحرق قلبها كما حرقت قلبي... فقط لأجدها" كان غاضباً، عيونه أصبحت حمراء من الإرهاق و الغضب....استيقظ ليجد نفسه ممددا على سريره في الفندق.... الآلام المنتشرة على كامل جسده من أعلمه أن إيلودي هربت منه....
-" استهدي بالله أنير.... "
- " لا تُخبرني أن أهدأ...." ملامحه قست...و الكدمات البنفسية على فكه و أسفل عينه اليسرى أعطاه هالةً مرعبة
" لا تخبرني أن أهدأ إيدر.... أقسمت لها بحياة ابنتي أنني لم أخنها....لكنها ذهبت.... تركتني لمصيري مع كلاب عمها...." نبرته تحولت لفحيح.... و هو يتذكر هيأتها " ستعودين إيلودي....ذليلة.... ستطلبين العفو و لن أعفو.... و سأتفنن بتعذيبك دون أن تصلي للخلاص" كان يهذي و كأنه يكلمها....
- " أنير...."همس إيدر و هو يضع يده على ذراع صديقه.
نظر إليه.....ليبدأ بالضحك بهستيرية..... يخفي خلفها وجعاً و قلة حيلة....
-" أنير يجب أن ترتاح....تعال لتستحم و تصلي....ثم تنام، بعد ذلك سنبحث عنها"

و كطفلٍ صغير....خضع لأمر صديقه....الذي رافقه لشقته، و بعد أن تأكد من نومه بعد صلاتهما....نزل حيث زوجته و اخته....التي وصلت منذ أيام.... كانت شاحبة، و فقدت الكثير من وزنها، و كلما حاول سؤالها عما بها....كانت تتهرب بحجج واهية.

دخل....ليزفر براحة.....سرعان ما تبددت.... و آنيا تقف قبالته و يديها على خصرها.....بطنها في المقدمة، و ملامحها غاضبة.....زفر بتعب....ليحاول الإتجاه لغرفته ليرتاح.....لكن همستها أوقفته
- " أنت لن تساعده في البحث عن إيلودي إيدر....لن أسامحك إن فعلت.... "
و دون أن يلتفت باتجاهها.... كان يخطو باتجاه الغرفة
- " إيدر أنا أكلمك...." صرخت.... ليلتفت إليها، ملامحها قاسية....لا تعابير تجعلها تتكهن بما يفكر
- " لآخر مرة ترفعين صوتك في حضرتي...." قال بهدوء غاضب.... بنبرة شلت حركتها، و بصدمة أوقفت الدماء في عروقها.... ليكمل بنفس النبرة....وهو يقترب منها " لآخر مرة تأمرينني.... " ابتلعت ريقها.... و دون أن تأتي بكلمة كان يصرخ " هل تفهمين" برعبٍ كان كانت تهز رأسها بنعم.... لم يهتم لخوفها و هو يكمل بنبرة أخف... لكنها جديدة على آنيا....او حتى على تانس المصدومة في زاويةٍ " صديقي و سأساعده على البحث عن زوجته.....و أقسم إن وضعتِ شرطاً أو حتى مشاكل أشخاص مرةً أخرى بيننا....سترين مني تصرف لن يرضيكِ...." اهتزاز بؤبؤها ثم دمعة طافرة من عينها.....أعلمه أن الرسالة وصلتها جيداً ..... ليتجه لغرفة النوم....و يُغلق البح بقوة.

**************

إلتفتت حيث تقف تانس...و يدها تخفي شهقتها....
- " هو يهددني...." قالت بهمس.... " هل هددني فعلا بالفراق....إن...إن...."
لم تسمع بخطى تانس متى اقتربت منها.... لتمسك بكتفيها، تجلسها على الكنبة
- " آنيا.... أنتِ دائماً تخاصمينه و تهددينه بتركه منذ مشكل صديقته و صديقه.... لا أفهم لما تصرين بإدخال علاقتهما بعلاقتك و أخي.... هذا غلط"
رفعت آنيا بعيونها تنظر إليها....هي لا تقصد كل ما قالته تانس..... هي فقط تحاول لوي ذراعه بحبه لها..... شهقت و عقلها يتوقف عند الجملة الأخيرة.... هل كانت تُبعده عنها دون أن تعلم؟!!... هل اعتقدت أن حبها في قلبه لن يتأثر بتصرفاتها؟! هل جعلت علاقتهما تهتز بخلطها للأمور!؟؟ كلها أسئلة تدور بعقلها....دون أن ترسو لإجابة.... أحست بألم أسفل بطنها..... لتخبر تانس أنها تحتاج للإستلقاء...

دخلت للغرفة....كان يجلس على السرير....و دون أن يرفع نظراته نحوها....كان يستلقي.... و يرفع احدى الوسائد يضعها على رأسه..... اتجهت بحزن لجانبه تستلقي.... عيونها مركزة على السقف، تنظر بشرود للزخرفة البيضاء..... و تعيد في عقلها آخر مشادات حصلت بينهما....كلها بسببها، مرة تريده أن يقطع علاقته بأنير، و مرة تلومه على تصرفات صديقه....و مرات تطلب منه ألا يتدخل.... نظرت باتجاه ظهره العاري....في كل مرة.... لم يكن يغفو قبل أن يصالح....هل سئم منها؟!.
- " إيدر؟! " همست وهي تقرب يدها باتجاهه... تصلب جسده و ضغطه أكثر على الوسادة فوق رأسه جعلها تدرك أنه ما زال مستيقظاً.... و الأحرى لا يريد أن يكلمها.

عاد للغذاء.... كانت قد استيقظت لتجده قد خرج....لليوم الثالث..... و الآن يجلس بهدوء يأكل دون أن يوجه كلمة لهما...هي و تانس تنظران لبعضهما في قنوط....
- " هل تريد المزيد؟!" وقفت بصعوبة لتضع له المزيد في صحنه... لكنه قال ببرود
- " لا شكراً " دون حتى أن ينظر باتجاهها.... أحست أنها تفقده.... أنير المحب العطوف يتسرب حبها من قلبه....من ثقوب هي من تسببت بها... لم تستطع الصمود أكثر... هربت باتجاه غرفتها تغلقها و تستند على الباب.... تبكي بحرقة.

- " أنت تؤلمها" همست تانس، عيونها تنظر للملعقة في يدها....تلاعب الطعام أمامها.
- " اسكتي تانس.... الموضوع ليس من شأنك" صوت الملعقة التي سقطت من يدها و بصدمة كانت تنظر إليها....لا تستطيع أن ترفع نظراتها لأخوها....لكن هذا أقل ما شعرت به و عيونه تحدق بها.... " أنتِ آخر شخص يحق له الكلام في هذا البيت.... " ليستطرد بهدوء " هل تعتقدين أن مغامرتك مع أستاذكِ لن تصلني؟!"

******

وضعت صينية الشاي أمامه.... كان ينظر للأفق، حيث تتمازج نارية الغروب بسطح المياه..... ليعطيها هالةً و كأن النار انتصرت على عدوها..... خطوات باتجاه باب الدخول للشقة.....لتعود و تجلس بجانبه..... أصابعها مرتبكة و نظراتها تنم عن الضياع، طوال الأيام التي مرت....كان ساكتاً بالكاد يوجه لهما الحديث.....
-" أنا آسفة...." همست لينظر إليها بهدوء
- " حسناً " أجابها وهو يلتهي بصب الشاي في الكؤوس المذهبة
- " حسناً؟!! " همست في تساؤل " هل هذا كل ما لديك لتقوله؟! حسناً؟!"
-" وماذا تريدين أن أقول؟! "قال باستهزاء... نظرت إليه بصدمة.... لتنهض بكل هدوء و هي تقول
-" أنا الغبية التي تريد مصالحتك....لكنك لا تستحق؟! أتعرف ماذا؟! إن لم يعد سكوتك يكفيك....فالبحر أمامك...."
وقبل أن تخرج كانت تأخذ الكأس من يده، و بصعوبة تنحي لتحمل الصينية و تعود بها للداخل....و إيدر يتبعها بنظراته...

*************

أخذ آخر نفس من السيجارة التي بين أصبعيه....ثم نفضها قبل أن يرميها أرضاً و يضغط عليها بقوة...و نظراته مركزة عليها، تخرج من السيارة السوداء مع ابنة عمها التي يمقتها... كانت تلبس سروالا مع بلوزة واسعة....وحجاب أزرق و تغطي وجهها.... كانت رغم اختلافها جميلة جداً... عيونه اتجهت لبطنها الذي لا يظهر من تحت بلوزتها البيضاء.
انسل هاتفه و انتظر قليلا قبل أن يصله الصوت الساخط
- " ماذا تريد أنير؟!" قالت بتأفف و هي ترفع الهاتف لأذنها...
- " أعطيها الهاتف....أريد محادثتها" أجابها ببرود
- " هي لا تريد محادثتك... ثم ألا تمل، أسبوعان و أنت تحاول مكالمتها....ما الذي لا تفهمه في أنها لا تطيق التحدث معك" كز على أسنانه بقوة....يمنع نفسه من قطع المسافة القصيرة الفاصلة بينهما، ليدق عنق الأولى و يُعلم الثانية معنى أن ترفض أوامره.... ابتسم وهو يلمح إيلودي تقرب أذنه للهاتف...
- " أخبريها أنني تركتها بمزاجي تمرح قليلا.... و أخبريها أن لاشئ يمنعني عنها الآن إلا وعدي لوالدي أن أحميها....لأنني إن وضعتُ يدي الآن عليها فلن أستطيع التحكم في تصرفاتي.... سيتعدى الأمر الحديث بمراحل"
هو يحفظ جداً خلجاتها....يعلم الآن أن عيونها متسعة من الصدمة، و وجهها أحمر من الإحراج....هنأ نفسه و هو يلمحها تباغث ابنة عمها و تنسل الهاتف من بين أصابعها بقوة.....لتقول بصوت حاولت جاهدةً أن تُخفي ارتعاشته....
- " عن ماذا سنتحدث أنير؟! عن كيف كان مذاق الخيانة؟ أم شعورك بالنشوة و أنت تنتصر على نفسك لأنك تثبت لها كم أنت وغد منحط؟!"
أغلق عيونه و صوتها يتغلغل لروحه....لتستكين، لم يعرف أنه اشتاق لنبرة الغواية الفطرية التي أصبغها الله في صوتها.... لم يعلم أنه يحبها... إلا عندما ابتعدت عنه.... تمالك نفسه ليقول بهدوء
- " سنتكلم عن كل شئ... فقط أعطني فرصة..."
- " لا أريد رؤيتك.... أنا....أكرهك أنير"
الكلمة جعلتها يشهق وهو يتراجع للوراء... كأنه طُعن للتو....الكلمة تتردد في خلده رغم أنها أغلقت الهاتف....و أحاطت عائشة بين ذراعيها....تبحث عن الأمان..... حضنه بيتها.....و لا بيت لها إلا حضنه.

بغضبٍ من نفسه.... كان يتجه نحو المبنى الذي ولجتاه......انتظر قليلا حتى دخلتا للمصعد، ليتجه نحوه... و نظراته تتبع الأرقام التي تتوالى على اللوحة فوق المصعد....ليقف في الرقم الخامس والعشرون....

و بعزمٍ.... كان يتجه إليها.

بمجرد ما فُتح المصعد....كانت عيونه تستقر على اسم لطبيبة نسائية... دخل بهدوء.... ليسرع بالمرور أمام غرفة الإنتظار حيث عائشة تُخفي رأسها في مجلة طبية....فتح أول بابٍ الذي ظنه الحمام...و لحسن حظه، كانت هناك، تعيد تغطية وجهها بعد أن غسلت وجهها....اقترب منها، لتلتقي عيونهما في المرآة.... عيونها حمراء من الدموع التي ذرفتها و متسعة بصدمة.....و عيونها تُرسل إليها نظرات اشتياق.
قست نظراتها فجأة.... ليسرع بإغلاق فمها بيده.... و هو يهمس برقة
- " إهدئي.... نحن سنتكلم فقط...." كانت تحاول تخليص نفسها من اسر ذراعه....ذراعه تُحكم قبضتها على صدرها، و يده الأخرى تغلق فمها بقوة.... ارتخت قبضته فجأة و يده تنزل حتى بطنها المكورة.....كان يمرر يده برقة و لهفة....و كأنه يحاول محو الشهور التي غابها بعيداً دون أن يلمح استدارتها يوماً بعد يوم.

لمسته جعلتها تستكين.... لتتذكر أنير العاشق الذي كانه يوماً.... زاد ذوبانها من لمساته....و يده تبعد الغطاء عن وجهها.... ليقبلها برقة جلبت الدموع لعينيها.....

"لم اقبلها... لم استطع ان تطبع شفتيها فوق شفتي...لانها تذكرني بمذاق شفتيك"
-" أرجوك أسكت... لا أستطيع سماع ذلك "
-" بلى ستسمعين... لتعرفي الى اي درجة اصبحتي جزءا مني...اردت ان اتلمسها... لكن يدي خانتني...لم تكن تريد ان تستكشف تضاريس غير تضاريسك
-" نعم... اردت خيانتك...أردت ان ابرهن ان ذلك الجزء الصغير الذي يخبرني انني لست مثلها كاذب... انا اتعذب و انا افكر في كل مرة انني لا استحقك، وانني في اي وقت... سأخونك، اردت لتلك الفرصة ان تأتي، لأرتاح و اتقبل حقيقة انني نذل و خائن و كل تلك الصفات البشعة...لكنني لم استطع...انا لست مثلها" عانقته بشدة " أنا اعشقكِ...ارجوك لا تتركيني ابدا...سأضيع بدونكما... انا احبكما" قبلته بقوة.... لتبعده عنه و تهمس ببرود، وعيونها تُصبح جليدية
- " و أنا لا أريدكَ أنير.... " وقف ينظر إليها، يحاول لملمة مشاعره التي بعثرتها نظرة منها....لم يستطع أن ينطق....يحاول لكنه لا يستطيع
- " أنا سامحتُ كثيراً في حياتي....لكنني لستُ قادرة على المسامحة من جديد....سيجعلني الأمر أكره نفسي....و أكرهك أكثر...." سكتت تنظر إليه....لتهتز نظرتها و هي تمرر يدها فوق بطنها " و الأصعب.... أن أكرهها هي"
انكماش أصابعها على البلوزة فوق بطنها جعله يبتلع ريقه....ألهذه الدرجة كسرها....أعاد إليها نظراته و هو يسمعها تقول
- " أنا أستحق أن أقرر حياتي....أستحق أن أختار طريقي بعيداً عنكم....و أنا اخترت.....لا أريدك في حياتي بعد الآن أنير"
- " أنا لن أطلقكِ...." همس بأول شئ تبادر لعقله....
- " لا يهمني حقاً.... لأنك لن تسمح لك رجولتك بإخضاعي بورقة امضيتها فقط تلبيةً لطلب والدك...."
و قبل أن تستدير... رفعت يدها تمررها على وجنته....لتقول و ابتسامة ثقة تزين ثغرها
- " لا تُجبرني على الهرب مجددا....فقد تعبت.... فقط استسلم و ابقى بعيداً عني......الوداع أنير"
ثم خرجت دون أن تهتم لأنير الذي وقف كصنمٍ من صوان، الذكريات تمر كشريط بين عينيه....طفولته التي بالكاد لمحها بها، مراهقته و مشاكسته لها.....ثم اللحظة التي تحولت بين يديه لامرأة..... حملها.....ثم طعنته لها، كان يعرف أن الطعنة ستترك ذنوبا.... لكنه لم يضع في حسبانه أن لم تلتئم.... و الدماء الطازجة مازالت تتدفق منها.

*****




...

Nana.k likes this.

ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-04-18, 12:51 AM   #59

ملاك علي

كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاءوقلم مشارك بمنتدى قلوب أحلام وحارسة سراديب الحكايات

 
الصورة الرمزية ملاك علي

? العضوٌ??? » 412135
?  التسِجيلٌ » Nov 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,270
?  نُقآطِيْ » ملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond reputeملاك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

الخاتمة


اترك يدي لا تقيدني ..
دعني بعيدا ولا ترمقني ..
لا تدع عيناك تناديني ..
حتى لا أتوه بين روعة عشقك وألم سنيني ..
دعني اتحرر .. بعيدا عنك ..
لعلني يوما .. اعود لك ..
هل تعلم ؟ أحمق من يظن أن البعد حكاية ..
إنه رواية خرساء ..
نحن نقرأها .. لأننا نعشق الألم .. فنعود .. اترك يدي .. بعيدا عنك .. لأعود .. لك


***

بعد أربع سنوات و عدة أشهر

- " كيف حالكِ إيلودي؟! " سألت عائشة وهي تنظر لابنة عمها... التي ترتشف من كوب الشاي الساخن....وعيونها مركزة على طفلتها التي تلعب على الشاطئ.... بقرب الصيادون الذين يجهزون أنفسهم للإبحار غداً مع الفجر.....مع جروها الصغير هدية عائشة لها، منذ أسبوع احتفلت بعامها الخامس .... نايا.... صغيرتها الجميلة ذات الشعر الأسود و عيون فيروزية.
- "أنا بخير...." أبعدت نظراتها عن صغيرتها لتنظر لابنة عمها بقوة " لم أكن أبداً بخيرٍ كما أنا الآن.... كل شئ حلمتُ به يوماً حصلتُ عليه.....أنا الآن أم لأجمل طفلة.... ولدي عملٌ قار....و كوخ بالقرب من الشاطئ.... و الأهم راحة البال و السكينة"
-" ماذا عنه؟! ألا تشتاقين له؟!" همست عائشة بخفوت...نظرة إيلودي لم تهتز و هي تقول
- " الحب ليس كل شئ عائشة..... الحب الذي لا يَعِدك الأمان لا يستحق أن يعيش....لن أقول أنني استطعت لجمه، أو توقفت عن حبه.....لكنني أحب نفسي، و أحب طفلتي أكثر.... "
حاولت عائشة تغيير الموضوع، لتقول و هي تلتفت تنظر للمقهى الحميمي
- " كيف حال العمل؟! سمعت أن المنطقة تستقطب الكثير من السياح؟!"
تابعت إيلودي نظرات ابنة عمها بفخر لتقول
- " الحمد لله.... سأستطيع أخيرا تسديد الدين لوالدك... "
- " تعرفين أنكِ لست مضطرة لذلك!"
سكتت إيلودي تنظر نحوها.... لتستطرد بغموض
- " أنا أريد أن أبني حياتي بعيداً عن الكل.... و قبولي بمساعدة والدك فقط لأنه لم يكن لدي خيار... حاجتي كانت أكبر بكثير من كبريائي"
- " أنا أفهم.... " همست عائشة بخفوت... وهي تنظر بتركيز لابنة عمها، ملامحها البريئة زادت نضوجاً....و الأمومة أعطتها لمحة قوة.... و قسوة، قناع ارتدها منذ أعوام.... تنزعه فقط أمام الصغيرة نايا....التي كانت تُمثل الحياة لوالدتها.
أخرجها صوت إيلودي العالي من تأملها
- " نايا....ألم أُخبركِ أن الصخور ليست للعب....إنزلي من هناك حالاً" صاحت إيلودي و هي تقف على حافة الجرف الكبير الذي تصطف فيه الكراسي لبعض رواد مقهاها.... " ستجنني هذه الطفلة " قالت وهي تعيد نظراتها لعائشة التي ضحكت بخفوت....ثم توجهت نحو السلالم التي نُحثت على الصخر....و تؤدي حيث تتلاقى مياه المحيط مع الرمال و الصخور.... نزلت متجهة حيث نايا....و لم تهتم للطحالب التي تملأ الصخور لتنزلق حتى وصلت حيث تجلس ابنتها واضعةً رجليها في المياه الباردة باستمتاع
- " هل أنتِ بخير؟!" سألت نايا بهدوء دون أن تلتفت لوالدتها المتألمة
- " لا تُمثلي و كأنكِ تهتمين....أنظري لحالي الآن" قالت إيلودي بألم وهي تتفحص رجلها
- " يا لكِ من طفلة ماما....ستكونين بخير " همست دون أن تحيد عيونها عن الشمس التي تميل للغروب....اقتربت منها إيلودي حتى التصقت بها....ضامةً إياها لجهة صدرها
- " هل تعلمين أنكِ ترعبينني مرات...أُحس أنكِ والدتي ولستِ ابنتي" لم تُجبها....وهي تزفر بهدوء....
- " ماذا هناك حبيبتي.... أخبريني!" همست إيلودي و هي تُلصق شفتيها بشعرها الأسود....
- " لا شئ.....لا تهتمي" همست نايا وهي ترفع عيوناً مشابهة لعيونها نحوها....
- " ألسنا صديقتين...." همست إيلودي تشجعها على البوح....وهي ترفع كم بلوزتها....لتظهر إسوارة تحمل إسم " نايا" و الذي تلبس ابنتها مثله يحمل إسمها " إيلودي"
- " باسم اسوارة الصداقة أطلب منك أن تُخبريني" قالت بجدية مصطنعة.....تمنع الغصة أن تُظهر تأثرها بما سوف تقوله....
- " أنا فقط.... أنا.... " لتستطرد بسرعة " أتساءل كيف هو والدي....هل يفكر بي كما أفكر به؟!....هل ينظر للغروب الآن و يقرأ رسائلي؟!" سكتت قليلا....لتندس أكثر في حضن والدتها " أنا أحبكِ ماما....و لن أتركك أبداً... " و كأنها تعدها بشئ مجهول.
- " و أنا أيضاً احبكِ نايا.... و أنا لا أعلم.... لكنني واثقة جدا في أنه يحبك جداً... رغم كل شئ حدث بيننا هو يحبك "
- " نايا لإيلودي....و إيلودي لنايا" همست نايا بشرود....و كأنها لم تسمع همسة والدتها.........


******

ينظر للأفق من شرفة كوخه الصيفي....حيث الشمس تميل للغروب... ينظر إليها..... يتساءل أين عساها تكون، كيف أصبحت بعد الحادث.... هل فقدان طفلتها أثر عليها؟! هل وجدت كتفاً تبكي عليها خيبتها....
في ذلك اليوم منذ أكثر من خمس سنوات....كاد يفقد عقله و مخبره السري يُعلمه أنها في المستشفى..... تعرضت لحادث سيارة، لم يعرف كيف وصل إلى مدريد... حيث تستقر مع عائلة عمها، وجد عمها بجانب الباب، و كالعادة منعه من العبور....
- " ماذا تريد يا ابن القايد؟!" قال مصطفى ببرود
- " أريد الإطمئنان على زوجتي.... " نظرات البرود تحولت لدهشة في عيون عمها.... ليشير لرجالٍ أن يبعدوه....تعارك معهم، لهفته لرؤيتها أججت غضبه....رغم قوتهم إلا أنه كان نداًّ شرساً... لتستعدي المستشفى الشرطة له.... و يُحتجز ليومين.....وقبل أن يخرج من المستشفى كان عمها يوصله رسالتها
- " لقد فقدت الطفلة....و لا تُريد رؤيتك أبداً.... هي تطلب الطلاق "
- " في أحلامها....أخبرها أنها لن تناله " صرخ و الشرطيين يقودانه حيث سيارة الشرطة.

كان آخر مرة يحاول رؤيتها.... لم يعد يكثرت....أو ربما استسلم....و اقتنع....أن الفراشة لن تكون أبداً له.
ارسل بصره بعيداً.... حيث يعانق الغروب المياه....و كأنه حبيب يرفض التخلي عن محبوبه..... البحر يمثله، كان يتشبث بها، لكنها غربت شمسه..... غربت و لن تُشرق مجددا....

في اليوم الموالي

منذ متى لم يزر تغازوت....ربما منذ ست سنوات....منذ شهر العسل مع إيلودي....سنة مرت لتليها سنوات....أصبح لا يُحس، و كأنها مخدر تخلص منه جسده...يشتاق لها مرة....لينساها مرات.

هي بخير بعيداً عنه....

لعن العمل الذي أجبره على القدوم لهذا المكان.....وهو يقذف بحجر....ليتدحرج....ثم أخرج سيجارة و أشعلها بأصابع مرتعشة..... المكان يجعله يعود لتلك الذكريات التي من أجل سلامة عقله يجب أن ينساها... بعد عدة أنفاس....رمى السجارة، و قبل أن يطفئها بأسفل حذاءه....كان تقف أمامه كتلةً ضئيلة بالكاد تصل لخصره
- " أنت تلوث المكان!" قالت باندفاع وهي تضع ما تحمله أرضاً و جروها يقف بجانبه بحمائية... نظر خلفها يبحث عن والدتها لكنه لم يلمح أحداً
- " هل تكلمينني يا صغيرة؟!" قال بتسلية
- " وهل هناك شخصاً آخر غيرك يرمي السجائر في الشاطئ؟!" أجابته بثقة و نظرة تحدي بعيونها....نزل على ركبته ليصبح في مستواها ليقول
- " أنا آسف....لم أقصد...."
نظرت إليه بشك....لترفع يدها بتحية الكشافة
- " عدني أنك لن ترمي سجائرك في أي مكان...." قلد حركته ليقول بصوت جدي
- " أعدكِ... " سكت وهو ينظر إليها " ما اسمكِ؟!"
- " نايا" أجابت
- " أعدكِ نايا أنني لن أرمي سجائري في أي مكان...."
- " أحسنت...إلى اللقاء الآن....ماما تنتظر أن أوصل إليها هذه " اتبع اصبعها....كانت تُشير لسمكة كبيرة موضوعة جيداً على ناقلة بعجلات....و الصغيرة تمسك بقبض طويل و تسحبها خلفها...
-" هل أساعدكِ..." قال وهو ينظر إليها تبتعد
- " لا... هذه مهمتي أنا " قالت تستدير تجر العربة و الكلب يتبعها كظلها.
شئٌ بداخله جعله يتبعها بعيونه حتى اختفت....و كأنه يعرفها منذ سنين.

نحى بأفكاره بعيداً عن الصغيرة....وهو ينزل مبتسماً حيث رمى سابقا الباقي من سجارتك و ينتشله....

******

فتح عيونه و صوت الهاتف المزعج يزداد اصراراً.... حمله لبيتسم و صورة آنيا و أطفاله تظهر له على شاشة الهاتف
- " مرحبا حبيبتي... " همس بخشونة.. جعلتها تشهق من نبرة صوته التي أدمنتها.
- " لو تعرف فقط كيف تجعلني نبرة صوتك أشعر...." همست بخفوت.... قهقهة إيدر جعلتها تبتسم بحالمية....كم تعشقه، و يوماً بعد يوم حبه في قلبها يزداد...حتى أصبح يرعبها.... " أنا أشتاق إليك" استطردت بحزن
- " أتركي الأولاد لوالدتك و تعالي للمزرعة... " قاطعت استرساله
- " أنا لا أستطيع.... ذكرى إيلودي تؤلمني.... " سكتت قليلا لتستطرد " هل عاد أنير؟ هل عرف مكانها؟!" زفر إيدر ليهمس بقلق
- " أنير توقف عن البحث عنها....منذ مدة طويلة لم يذكر الموضوع لي...."
- " اشتقتُ لها جداً.... " قالت بخفوت
- " هي بخير...عائلتها تهتم بها...." رد يواسيها....
- " أتمنى.... " همست... قلبها يُخبرها أنها قريبة....قريبة جداً، و عندما تكون مستعدة ستظهر.... الإتصال بينهما انقطع منذ سفرها للخارج....حاولت أن تصل إليها لكنها لم تنجح..... بعد غضب إيدر عليها... لم تتجرأ يوماً على سؤاله عن صديقه....و عندما رأى حزنها....و دموعها حتى بعد الولادة، لم تكن سعادتها مكتملة....كانت تتمنى أن تمسكا بأيدي بعضهما في المخاض....أن تتعلما معاً خطوات الأمومة... و كأنها فقدت نصفها الثاني..... إيدر حاول أن يخرجها من الإكتئاب الذي لازمها بعد الولادة.... في ذلك اليوم، أخبرها أن صديقتها تعرضت لحادث و فقدت ابنتها....بكت و ازدادت حزناً..... لكن رسالة وحيدة جعلتها ترتاح عندما توصلت بها من رقمٍ غريب " أنا بخير....و سعيدة بولادتك، سأعود لكن لا تنتظرني فلا أعلم متى " كلمات مقتضبة جعلتها تستكين....لتتفرغ لدراستها و تربية أولادها.....

******

هدير مكينات الحصاد جعل صعوبة الكلام بين إيدر و أنير....الذي يجلس فوق احدى المكينات، عاري الصدر و يلبس قبعة من القش على رأسه....
- " أنت تبدو مزارعاً حقيقيا" صرخ إيدر
- " ماذا؟!!"
- " لا شئ.... فقط انزل" قال إيدر وهو يشير له بالنزول " هذه ليست حياتك أنير....أنت لست مزارع... أنت مهندس و وراءك أعمال يجب أن تهتم بها..." أكمل إيدر بعد نزول صديقه...
ملامح أنير الغير مقرؤوة....و نظراته الفخورة بما حققه، والذي يتجلى في صوافي مذهبة من القمح الذي ينتظر الحصاد.
- " كنتُ دائماً في سباق مع الوقت....غاضب طوال الوقت، لكن الآن أحس بالإنتماء.... هذا ما خلقت لفعله إيدر...." قال وهو يمسك بالتربة....لتنفلت بين أصابعه وعيونه تنظر إليها باستمتاع.
- " وحياتك في أمريكا... و أشغالك هنا؟!..." قاطعه أنير ليهمس و ابتسامة تتسع لتظهر اسنانه
- " وماذا يفعل عجوزٌ مثلك....منذ استقالة آنيا من العمل لديك و أنت تتذمر كالأطفال"
- " لن أنكر أنني احس بفراغ بدونها.... المكتب موحش بدون تدخلاتها الغبية...."
- " ستسمعك و لن ترحمك...." قال وهو يشير خلف إيدر....الذي اتسعت ابتسامته وهو يلمحها، قادمة مع أولاده تحمل سلة للغذاء.... و كل من أولاده يحمل شيئاً.
اقترب منها.....بينما أنير يرتدي قميصه.
- " مرحبا... " قال بخفوت لتحمر وجنتيها..." تبدين جميلة باللباس التقليدي... " همس وهو يقترب منها بحميمية....دون أن يهتم لأطفاله الملتفين حوله.... طلباً للإهتمام
- " أنت تُخجلني....سيرانا أنير و العمال " ابتعد قليلا ليقول بعفوية
- " فليتزوج أنير إن كان..." ضربت اسفل صدره بقوة وهي تقول بدفاعية
- " أنير متزوح من صديقتي.... ان كان يفكر بالإرتباط فليطلقها أولا...." ثم تركته غاضبة..." اهتم بالأولاد...."..
حرك رأسه وهو ينظر لخيالها حتى اختفى.... لينظر للأسف حيث يبعثر الأولاد ما أحضرته للغذاء.
- " ماذا حدث؟!" قال أنير و هو يحمل مُعين بعيداً....حكى له ما حدث للتو....استغرب من سكوت صديقه...ليتفت نحوه، عيون أنير شاردة تفكر في موضوع ما....و دون سابق إنذار كان يطلق رصاصة التي كانت ستصيبهما لو كانت آنيا بجوارهما
- " لقد قررت الزواج بالفعل"



******

ترقص بفرحٍ و صخب اشتاقت له في حياتها.... منذ أيام وهي مع عائلة اختها في رحلة لزيارة أهم مدن المغرب....و هم الآن في مولاي يعقوب احد اشهر المناطق القريبة من فاس....اتصال من صديق حمزة أجبرهم على القدوم و تمضية يومين مع عائلته....و صُدف وجود عرس لإحدى العائلات الفاسية المعروفة... وهي الآن مع البنات الملتفات حول العروسة ليلى، شابة في الخامسة و الأربعون، تفاجأت تانس وهي تسمع قصتها من صديقتها الجديدة... وهي تُخبرها ان هذه العروس الجميلة لم يسبق لها الزواج... لأن حبيبها كان من فقيراً لم يصل لشرف النسب الشريف الذي تتغنى به عائلتها.... أحبت فكرة أن يكون حبهما انتصر في النهاية....وهو العريس يعود بعد العديد من السنين التي تعادلها عدد المرات التي رفض فيها.

نزعت الحجاب الذي تضع فوق رأسها، لتمسك به أردافها، و تبدأ بتحريكه بمهارة... و هتافات الفتيات حولها تزيدها إثارة.
شهقات الفتيات و تفرقة الجموع حولها جعلها تقف بصدمة.... سكون..... تليه همهات و الأصابع تشير لرجلٍ وقحٍ اقتحم مجلس النساء بدون استئذان....و يتجه بخطاً غاضبة حيث تجلس العروسة....التي بدأت كتفيها بالإهتزاز.... و بكاؤها يصبح مسموعاً.

لم تعرف ماذا يجب أن تفعل....هل تجري و تختبئ كما فعلن أغلب الفتيات....أم تبقى على حالها، أحست بيدٍ تجذبها للوراء و تُجلسها بجانبها....لينساب صوت صديقتها
- " هذا ابن أخيها ليهودي ( اليهودي).... هو غاضب لأنهم سيزوجونها رغم إرادتها" همست بصوت مسموع لها فقط
- " ألن تتزوج حبيبها؟!"
- " لا أيتها الغبية...الشرفة لا يرضون أن يتلطخ نسبهم.... يكيفهم فضيحة واحدة...."
- " ها؟!" و كأن تساؤلها فتح باب لن تستطع أن تُغلقه....لكن تانس كانت بعيدةً جداً... تنظر لليلى التي تبكي بحرقة في حضن ابن أخيها....الذي يعانقها بشدة... تذكرت إيدر و عناقه الذي مرت خمس سنوات منذ حضيت به قريباً مواسياً كما تمنت...
عيونها اتسعت وهي تلتقي بعيون تعرفها جيداً... لطالما أبعد النوم عن عيونها.....عيون زرقاء جعلت النبض يعود لقلبها....شهقت بقوة و كأن قلبها عاد فقط للحياة بعد أن رأته.....
- " دايفيد؟!"
- " تانس؟!"
همسا مرةً واحدة.... لتقترب منه بخطوات مسلوبة الإرادة....ناسيةً حجابها الموضوع على كتفيها.... وقفت أمامه....تقتل الشوق إليه....تمرر نظراتها على ملامحه..و هو كذلك.... بدون إرادة كان يرفع حجابها و يضعه على شعرها.... صوتٌ جعل السحر يختفي حولهما وهو يصيح
- " هل تعرفين لِيهودي؟!"


تمت



******




الهوى..... هو درجة من درجات الحب....حيث العاطفة تغلب العقل، فتجعله يقتاد لها....ضارباً بعرض الحال، القوانين و الأعراف.
في هذا الجزء.... هذا ما حدث لأبطالنا....اتبعوا الهوى و الشهوات....دون أن يرجعوا لحكمة المنطق.

في الجزء الثاني....من سلسلة تايري
الماضي سيعود....ليؤرق الحاضر.
سيكون جرحاً منسياً..... انبثق ليعود و يؤلم من جديد.
انتظروني في أنين الجراح.... حيث للجراح صوت.

سيكون مختلفاً جدا عن الجزء الأول، سأحاول أن أكتبه بنضجٍ أكثر.... و أعالج قضايا معاشة....لكن بطريقة حالمية.... التي تمثلني.
شكراً لكن من شجعني و لو بحرف

Nana.k likes this.

ملاك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-04-18, 12:32 PM   #60

ريلام22

? العضوٌ??? » 94519
?  التسِجيلٌ » Jun 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,110
?  نُقآطِيْ » ريلام22 is on a distinguished road
افتراضي

شكرررررررررررااااااااا

ريلام22 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:04 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.