آخر 10 مشاركات
18 - بين السكون والعاصفة - كاى ثورب - ع.ق ( نسخة اصلية ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          1027 - القدر المشؤوم - سالي وينتوورث - د.ن (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          مـــا أصعب الإبتعاد عنها *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : عيون الرشا - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          لهيب عاشق-قلوب أحلام زائرة- للكاتبة الرائعة::هبة خاطر *كاملة+روابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree37Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 20-06-18, 10:52 PM   #171

ريبانزيل

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية ريبانزيل

? العضوٌ??? » 353483
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 5,383
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » ريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
I have hated the words and I have loved them and I hope I have made them right
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تالا الاموره مشاهدة المشاركة
كل عام وانتم بخير ❤❤❤

تسجيل حضور، وكلي شوق للفصل
بسعدني حضورك تالا وعذراً على التأخير صديقتي


ريبانزيل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-18, 10:53 PM   #172

ريبانزيل

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية ريبانزيل

? العضوٌ??? » 353483
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 5,383
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » ريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
I have hated the words and I have loved them and I hope I have made them right
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44 مشاهدة المشاركة
كل عام وانتى بالف خير
بانتظارك
وانت بالف الف خير يا قمر ....وانا مشتاقة الكم كمان


ريبانزيل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-18, 10:56 PM   #173

ريبانزيل

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية ريبانزيل

? العضوٌ??? » 353483
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 5,383
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » ريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
I have hated the words and I have loved them and I hope I have made them right
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
بعد صراع كبير مع نفسي بان اتوقف قليلا لاخذ استراحه من قراءة فصول التعذيب

لكن بالاخير ماقدرت اترك الروايه وقرأت من الرابع الى الثامن بجلسه واحده

فصول جدااااا متعبه ومرهقه للاعصاب
كانت مجازفه مني اني قرأتها كلها دفعة واحده
لكن لم استطع ان اتركها والفضول عندي فووووووووول


الحمد لله نقدر نقول ان الامور الان استقرت نسبيا وتخلصوا من الشياطين
في لحظة تمنيت ان يكون المحقق معهم
لكن عدت وغيرت رأيي

اتمنى ان يمسكه غابريل ويوضع في ساحه عامه وكل من اعتدى عليه وعليها ياخذون منه حقه

هذا لايجب ان يموت

رغم اني لست من هواة التعذيب واخذ الثار لكن مع هكذا نماذج يشطح خيالي لبعيد
لو بيدي اربطه في وسط ميدان واترك كل من يريد يفعل به مايشاء شرط ان يكون تعذيب وليس مؤلم جدااا
الضرب القوي يكون المه اقل من الم التعذيب بشيء صغير

مثلا الحرق الشديد جدا يكون بلا الم عكس الحرق البسيط
لذا افضل مثلا ان يشرطونه ويضعون ملح على جروحه او يفعلون مثله باطفاء السكائر بجسمه او سكب القهوه الحاره

هكذا افعال تشفي الغليل مع الانتباه ان يبقى حيا ويطعمةنه من اقذر انواع الاكل فقط ليبقى حيا

لم اتخيل نفسي ساديه لهذه الدرجه مع ذلك لحد الان اغلي منه ومن امثاله

ياترى ماذا حصل لينهار ابو غابريل هكذا عندما علم بالاغتصاب ..

بالبدايه شكيت انه ابو لونا لكن تبين انه ابو غابريل فعلا

من ياترى تعرضت للاغتصاب وهي قريبه جدا منه



انا رأيي الشخصي ان البنات لايصلحن ان يكن ثوريات

لان كسهرن سهل جدا ومن تاخذ هذا الطريق عليها ان تضع شرفها على كف عفريب وتكون مستعده ومتوقعه لفقدانه

وايضا الرجال اذا ارادوا ان يكونوا ثوريين عليهم ان يضمنوا ان لاتكون بحياتهم نساء يمكن ان يكسرن بسبب افعالهم

غابريل كانت يعرف هذا لذا ابتعد عن النساء لكي لاتكون لديه نقطة ضعف وقراره هذا صحيح



ياترى متى اخذت لونا تلك الصوره لغابريل وكيف وافقت وتركته وعادت لبلدها لايزال امامنا الكثير لنعرفه







اهلاً فيك ام سوسو ولله مقدرة احساسك بالفعل الانسان لما يشوف عمايل بعض المجرمين الخاليين من الأنسانية يشعر انه لازم يذوقوا من نفس الكاس الي ذوقوه للآخرين لكن حسبنا الله ونعم الوكيل وبكفي انه نعلم ان الله يمهل ولا يهمل....مع الأسف انه لسة في نماذج من هؤلاء المجرمين منتشرين بالعالم لكن مهما زاد طغيانهم وكثر راح يجي يوم ويزولوا فيه بإذن الله شكراً لتفاعلك واتمنى ان باقي الرواية تنال رضاك ...


ريبانزيل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-18, 10:58 PM   #174

ريبانزيل

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية ريبانزيل

? العضوٌ??? » 353483
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 5,383
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » ريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
I have hated the words and I have loved them and I hope I have made them right
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة um soso مشاهدة المشاركة
اقتباس وجدته امامي قلت هذا غابرييل




في القلبِ أنتِ يا غريبة
قريبةٌ قريبةٌ ... قريبة
بيني وبينكِ ألفُ ألفُ ميل
بحارٌ ، وجبالٌ ، ووديانٌ ، وحدودٌ ، وجنودٌ ، وأسوار
بيني ، وبينكِ أرضٌ ممتدة ، وسربٌ من الآهات
بيني ، وبينكِ مسافةُ عمرٍ كاملٍ من الانتظار
لكنكِ دوماً معي داخلَ عيوني في شراييني في أوردتي
في قلبي بين جفوني في أوراقي بين كلماتي بين سطوري
في سماءِ مخيلتي في بحارِ ذاكرتي بين كرياتِ دمي
كم ، وكم ، وكم أنتِ قريبة يا غريبة
جوازُ سفري متّهمٌ باسمي لأنّ اسمي باتَ جريمة
خطواتي عالقةٌ في دروبٍ بلا نهاية
أسيرٌ معتقلٌ أنا في هذا المنفى والسماءُ مفتوحة
قد أصبحُ طائراً ذاتَ صباح لأطيرَ إليكِ بلا أجنحة
قد أصبح غيمةً ذات مساء لأمطركِ قبلاتٍ مجنونة
قد أصبح عصفوراً هارباً من خلفِ القضبان لألجأ إلى أرضكِ الجميلة
افتحي نافذتكِ للريح
فروحي تهاجرُ إليكِ كلّ لحظةِ شوق
وروحي أتعبها الرحيل
بيني وبينكِ ألفُ ألفُ ميل
لكني أهزمُ هذا الحنين
أغمضُ عيوني ، وأتخيلكِ أمامي تبتسمين
أتخيلكِ بين ذراعَي ، وعلى كتفي تنامين
أتخيلكِ بشفتيكِ الورديتين ترسمينَ على جسدي وطناً للعاشقين
وأرسم على جسدكِ بحاراً أغرقُ فيها إلى أبدِ الآبدين
أتخيلكِ بعينيكِ الحزينتين تغطيني وبأحضاني تمتلئين
أتخيلكِ بظفائركِ الطويلة على رخامةِ قلبي ترقصين
كم ، وكم أنت جميلة بعيوني يا سيدةَ عمري الجميل
بيني وبينكِ ألفُ ألفُ ميل
لكنكِ دوماً معي على عرشِ قلبي تتربعين


الله على الكلام الطيب الجميل لي رجاء انك وكونك مشرفة تحطيه في مقدمة الرواية في الصفحة الأولى كاهداء لأنه بالفعل اقتباس رائع بل اكثر من رائع وشكراً لذوقك الراقي هو بالفعل يعبر عن غابرييل


ريبانزيل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-18, 11:01 PM   #175

ريبانزيل

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية ريبانزيل

? العضوٌ??? » 353483
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 5,383
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » ريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
I have hated the words and I have loved them and I hope I have made them right
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة م ام زياد مشاهدة المشاركة
تسلم ايدك حبيبتي موضوع حساس فعلا
وياريت كل الشعوب تقدر تنال حريتها في التعبير عن رأيها
أنا للاسف لازلت في الفصول الأولي

تسلمي يا ام زياد على احساسك العالي وانا بستناك لتكملي باقي الفصول وتسمعيني رأيك يا غالية


ريبانزيل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-18, 11:04 PM   #176

ريبانزيل

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية ريبانزيل

? العضوٌ??? » 353483
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 5,383
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » ريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
I have hated the words and I have loved them and I hope I have made them right
افتراضي

الفصل التاسع
لا تبعدني عنك

وقفت لونا في وسط غرفة الفحص تفكر بحيرة فيما حصل قبل لحظات, فهي لم تفهم سبب توتر اليخاندرو الشديد والغريب بعد ان اخبرته بأمر اغتصابها ,فرجل صلب مثله عالج جراح غابرييل الدامية ما كان يجب ان ينهار بهذا الشكل حين اخبرته بذلك !!. ربما تأثر لمَ اصابها وخشي ان يحرجها ان قام هو بفحصها فترك امر العناية بها لأدونيكا كونها امرأةٌ مثلها ,وهذا ما خلصت اليه بعد ان اقتربت منها ادونيكا وقالت بلطف شديد ولعلها أول مرة منذ ان التقت بها .. .
"ارجوك اخلعي ثيابك لافحصك.." فاطاعتها لونا وقامت ادونيكا بفحصها بكل احترافية مراعية حرجها..
وخلال ذلك شغلت لونا تفكيرها بتفحص هيئة ادونيكا ,فقدرت انها تكبرها بالعمر ببضع سنوات ,وقد قدرت انها بعمر غابرييل تقريباً ,كانت متوسطة الطول ذات قدٍ اهيف ,و شعرٍ املس اسود كثيف معقوصٍ خلف رأسها بعناية وترتيب يتلاءمان مع عملها كمساعدة للطبيب ,ومبرزاً جمال ملامحها الناعمة فهي تملك عيون بنية لوزية واسعة وانف مستقيم يدل على الكبرياء والأنفة,واسنان مصفوفة شديدة البياض كانت ستزيدها روعةً لو اكثرت من الابتسام ..
وكما دهشت لونا من اضطراب الخاندرو سابقاً دهشت بشدة لتبدل حال ادونيكا معها ,فجأة لم تعد تشعر بعدائيتها ونوفورها ,لذا بدت لها ادونكا كشابة هادئة طيبة رغم انها ظلت قليلة الكلام والابتسام..باحترافية ومهارة فائقتين قامت ادونيكا بتطبيب جراحها وعالجت كفها وخاطته بمهارةٍ وبراعة.
واثناء انشغالها تجرأت لونا وسألتها ..."هل سيكون بخير؟؟.. اعني غابرييل؟؟"
نظرت لها ادونيكا لوهلة قبل ان تخفي نظراتها الغامضة برموشها الكثيفة المنسدلة ,ثم اجابت بصدق دون حدة او غضب .."انه مقاتل بطبعه..(شخرت بتهكم ) رغم ادعائه غير ذلك..لكنه سيكون بخير لا تقلقي"
" هل انت شقيقته..؟؟"تجرأت اخيراً على طرح السؤال الذي شغلها كثيراً
" لا ..(ردت ادونيكا بأنزعاج واضح لم تستطع اخفاءه ثم تابعت بعد وهلةٍ وبتردد شديد )...انا ...زوجة ..اخيه"
لم تدري لونا لمَ كانت مترددة في قول ذلك لكنها فضلت عدم نسف السلام المؤقت الذي ساد بينهما بمزيدٍ من الأسئلة الفضولية ,واكتفت بمراقبة ادونيكا بخشية وترقب وهي تراها تعبئ حقنةً بسائلٍ ما رجحت انه مضادٌ حيوي ,ثم دنت منها وقالت بلطف بعد ان لاحظت اضطرابها " لا تخافي لن تؤلمكِ "
ورغم ان لونا كانت ممن يرتعبون من الحقن ,لكنها اقرت لنفسها ان لا داعي للخوف ,فماذا يساوي الم حقنةٍ صغيرة ازاء كل ما تعرضت له سابقاً وما عاناه غابرييل ايضاً ...لذا تجاسرت وقالت بخفوت "لا ....لست خائفة " لكنها لم تجرؤ على ابقاء عينيها مفتوحة اثناء حقنها بالسائل الذي الهب شرايينها من فوره وكتمت أنةً صغيرة ولم تفتح عينيها الا حين حفزتها ادونيكا بالقول "لمَ لا تذهبين للاستحمام وتبديل ثيابك ستشعرين بعدها بالتحسن ...ان جراحك ليست خطيرة وستلتئم بسرعة .....تعالي معي سأرشدك لغرفتك"
رحبت لونا باقتراحها فهي بالفعل تشعر بأنها بأمس الحاجة للحمامٍ ساخن يزيل عنها ادران الأيام الماضية ,فرافقت ادونيكا التي قادتها نحو الطابق الثاني ,واثناء صعودهما الدرج التقوا بأم غابرييل وهي تهم بنزول الدرج بتعبٍ وقد علا وجهها الشحوب الشديد وظهر الأسى جلياً على محياها ,فبمجرد ان افاقت من أغمائها ارادت النزول ثانيةً لرؤية ابنهاغابرييل والأطمئنان عليه ,لكن ابنها الاصغر دافيد حاول جاهداً التحايل عليها ليثنيها عن ذلك خوفاً من ان تصاب بنوبة اغماءٍ اخرى , لكنها رفضت بتعنتٍ الاصغاء اليه ...
لم تستطع لونا منع نفسها من تأمل ملامح تلك السيدة الشاحبة وقدرت انها في نحو الخمسين من عمرها ,جميلة بشكلٍ لافت رغم آثار الهم والتجاعيد التي اكتسحت وجهها الواجم الحزين ,وهي طويلة القامة وممتلئة القد ,لها شعر داكن يحاكى لون شعر غابرييل وبعيونٍ خضراء مثيرة تناقضت مع سمرة بشرتها ..فأدركت لونا من اين حصل غابرييل على لون عيونه المميز ..لكن عيونه رقيقة وآسرة اما عيون امه فكانت مليئة بالاسى والغضب المكبوت خاصة حين نظرت اليها بحدةٍ بعد ما التقت بها عند منتصف الدرج..,ارادت لونا ان تتحدث معها لتخبرها بمقدار اسفها عما اصاب ابنها ,لكن السيدة الأكبر سناً تجاهلتها تماماً واشاحت بوجهها بحقدٍ وغضبٍ جلي , فادركت لونا انها تحملها مسؤولية ما جرى مع ابنها ..فنكست رأسها بأسى كبير ومرارة ...فما عساها أن تقول لتبريئ نفسها ؟!
وقفت ادونيكا بحزم في وجه ام غابرييل وقالت بثبات" لا تذهبي الان..امي...انه نائم "
"ابتعدي من طريقي ادونيكا ...اريد ان ارى ابني..لن تمنعيني من ذلك انت ايضاً "
"لكن ابي منع اي احدٍ من الذهاب اليه حتى يرتاح " بررت ادونيكا الأمر ,فزمجرت ام غابرييل بسخط "هذا محال " وابعدت ادونكها بيدها وتخطتها مبتعدة دون ان تستمع لأحد ..
قالت ادونيكا بتعب "دافيد اخبر ابي بذلك هيا...هو وحده من يستطيع التصرف معها " هز الشاب رأسه وسارع للبحث عن والده..
"عيندة "زمجرت ادونيكا بسخط وتابعت سيرها نحو الطابق الثاني وتبعتها لونا بصمت دون ان تقوى على قول كلمة ,قادتها ادونيكا لغرفة في نهاية الدرج نحو اليمين ,كانت غرفةً جميلة ومرتبة وتدل على حسن ذوق اصحابها ,سارعت ادونيكا فور دخولها باخراج بعض الملابس من الخزانة واعطتها للونا قائلة
" يمكنك ان ترتدي هذه...وارجو ان تلائمك....وها هو الحمام..من هنا..(واشارت لمكانه )..وان احتجت لشيء فاخبريني.."
" ادونيكاً..انا اشكر فعلاً.."همست لونا بخجل فهزت ادونيكا رأسها بتفهم دون ان تضيف شيئاً ثم خرجت . بقيت لونا واقفةً مكانها لبضع دقائق تحاول استيعاب ما جرى معها خلال الساعات الماضية ,لا يزال يصعب عليها ان تصدق بأنها خرجت هي واغابرييل من ذلك الجحيم المريع ,كما ان لقائها غير المتوقع بعائلته التي لم تكن تعلم عنها شيئاً اربكها ,خاصةً مع كل تلك النظرات المتهمة التي يرمقونها بها ,لكنها ممتنة رغم كل شيء لنجاتهما .
نظرت للثياب القطنية البيضاء النظيفة التي بين يديها..اشتمتها فوجدتها زكية الرائحة , اخذت تجيل نظرها في الغرفة الجميلة ثانية ,تتفحصها بدقة وتسائلت بحيرة
"لمن هذه الغرفة ؟؟؟من غير المعقول ان تكون لادونيكا..فهي سيدة متزوجة .. ولا يمكن ان تكون غرفة للضيوف لان طابعها انثوي او الاصح طفولي(وتتبعت ببصرها الألعاب المحشوة التي صفت فوق السرير..واكدت لنفسها ) لعلها غرفةٌ لإحدى الفتاتين اللتين رايتهما سابقاً ,لكن (عادت تفكر بحيرة) لا اظن هذا ...فهذه غرفة تبدو لمراهقةٍ اكثر من كونها لطفلة صغيرة " فقد ذكرتها مقتنياتها بغرفتها في منزل امها حين كانت في السادسة عشرة ,نفس الستائر الوردية المزينة بالورود والشراشف الناعمة التي تغطي السرير الذي تكدست فوقه الدمى المحشوة التي تظهر ان صاحبة هذه الغرفة ترفض التخلي عن طفولتها رغم انها تسعى بجهدٍ لأثبات انها كبرت وتقف على عتبات النضج ,ثم جذبتها كالعادة صورة مؤطرة موضوعة على الطاولة الصغيرة المجاورة للسرير..بلهفة رفعتها ونظرت اليها بتمعن ,فرأت صورة فتاة جميلة جداً تشبه ام غابرييل بشدة لكن اصغر سناً بكثير..قدرت انها في نحو العشرين من العمر...
"من عساها تكون ؟؟اهي شقيقة غابرييل ؟؟ هذا محتمل ...وأين هي الآن ؟؟؟ فأنا لم اراها بعد ؟؟ ربما تكون متزوجة الآن ...لأن تصميم الملابس التي ترتديها يظهر ان هذه الصورة التقتت من سنواتٍ عدة ....اكيد انها الآن كبيرة وربما متزوجة ...."تسائلت بفضول كعادتها ثم ادركت انها امضت وقتاً كبيراً في تأمل المكان دون ان تعثر على اجابة لذا مشت ببطء نحو الحمام الداخلي المرفق بالغرفة وهي تتمنى بكل رجاء وأمل بأن يكون كابوسهم المخيف قد انتهى واصبحوا بأمان..ثم اكدت لنفسها انها لن تشعر بذلك حتى تطمئن على غابرييل..وتراه يستعيد عافيته ثانية ...
*****************************

خطت كارلوتا (ام غابرييل ) صوب ابنها الراقد في سريره دون ان يشعر بها لأنه غائبٌ في عالمٍ آخر ... وشهقت بلوعة ومرارة وهي ترى مقدار ما تعرض له جسده من تعذيب وأذية,خطت نحوه ببطئ حتى وقفت بجانب رأسه واخذت تمسده بحنان كبير وعاطفة امومية بالغة ودموعها تنهمر كالمطر الغزير ,تراخت ساقيها بوهن وجثت على ركبتيها وانحنت في ابتهال شديد تصلي ان يشفيه الله من مصابه ..وعلى هذه الحال ظلت قربه لأيام ترفض مبارحة مكانها رغم كل المحاولات لثنيها عن قرارها ..لكنها ترد بعنادٍ كل مرة "لن اتركه قبل ان يفيق ",ولم يقدر احدٌ عن اقناعها بالعدول عن موقفها حتى اليخاندرو نفسه ...
كانت تجلس كل يومٍ على كرسيها مسندة رأسها بتعب لكفها وهي تحمل بيدها مسبحةً وتتمتم بصلاة خافتة ,لم تتخاذل يوماً عن الدعاء له ,وظلت ملازمةً جانبه بانتظار ان يفتح عينه ,ارادت ان تكون اول من يراها ,وفجأة سمعت أنيينه الخافت فدنت منه وتلمست جبينه بحنو وهمست مشجعة "انا هنا يا صغيري ..انا امك "
تململ بوهن ثم تعالى أنينه اكثر وصارت آناته همهماتٍ بكلماتٍ مبهمة
"غابرييل ولدي الحبيب افق ارجوك...هذه انا امك" حاول جاهداً ان يفتح عينيه المتورمة ,فمسحت وجهه بكفها برقةٍ وعادت تحدثه مشجعة ففتح عينيه بتعبٍ وشاهد وجهها الرقيق الحاني الذي اكتسى بتجاعيد الزمن وامتلاء بالحزن والاسى..
" امي...!!" هتف بخفوت ومد يده نحوها..فتلقفتها بلهفةٍ وحب وضمتها لصدرها وقبلتها باكية
"انا هنا يا حبيبي أنا هنا ..." ابتسم لها بوهن ثم اخذت عيناه تبحثان بقلقٍ حوله ,وهمس بخفوت وقلق " لونا اين ..لونا.."
فاكتست ملامح امه بضبابية تخفي غضباً مكبوت لم ينجح صوتها الحانق في إخفائه " ليست هنا.."
استدار صوبها وسأل بلوعة وخوف شديد وبصوت مبحوحٍ اضناه التعب " هل هي ..بخير...؟؟؟"
فردت ببرود شديد "اجل..انها...بخير" وفي تلك اللحظة دخل اليخاندرو الغرفة ليتفقد غابرييل ويعاين جروحه ...وحين رآه مستيقظاً زفر براحةٍ ودنى منه بلهفةٍ وقال باهتمام شديد " الحمد لله انك افقت يا بني ...كيف تشعر الآن ,هل انت بخير..؟؟" هز غابرييل رأسه باسى وتكدرت قسماته ونكس نظره ليخفي ألمه فسالت من طرفي عينيه دموعٌ حارقة اظهرت مقدار ألمه وقال بوهن.." لم ..استطع ان افي بوعدي ...ولم أتمكن من حمايتها..انا اسف" واشاح وجهه بخجل حتى لا يرى والداه ما يعانيه ,فشهقت امه بالم وحسرة..وصاحت بحدة ولوم "لا تلم نفسك يا ولدي ,يكفي ما اصابك بسببها.."
" كارلوتا..." نهرها اليخاندرو بعتب.."هذا ليس وقت هذا الكلام...؟؟"
هتفت بحرقة " ألا ترى ما آل اليه حاله بسببها ,انظر له..انه ...محطم..لقد مزقوا جسده وكله بسببها ,لمَ أتت لمَ !! ..و لمَ كان عليه ان يعاني !!. "
" امي..( همس غابرييل بتعب وعاد ينظر لها وفي نظراته لومٌ شديد لها ) ما حدث لم يكن خطأها كان سيحصل..ان آجلاً ..او عاجلا ."
" لا ..كنت بخير..وحين حضرت ..دمرت كل شيء.." ردت بحدة رافضةً دفاعه عنها .
" كارلوتا..يكفي..."صاح اليخاندرو بأنزعاج "ليس هذا وقت القاء اللوم,ما حصل قد حصل "
وقفت كارلوتا وواجهت زوجها بحدة وقالت بحنق "اريدها ان تغادر..لا اريدها في منزلي ..انها نذير الشؤم وجالبة النحس ...افهمت اليخاندرو ان بقيت تلك الفتاة ستحضرهم لنا وعندها لن ينجو احدٌ منا ...و لن يفيدنا كل هذا الكلام السخيف وكل هذه التضحية التي تتحدثان عنها انت وهو " وتركتهما وغادرت...
جلس اليخاندرو على حافة السرير..وامسك بيد غابرييل ..واخذ يتفحص نبضه ..لكن غابرييل سحب يده بوهن دون ان ينظر له وقال بحدة "أجل عليها ان تغادر يا ابي ..وبأسرع وقت ..لكن ليس لنفس اسباب امي بل لأن ذلك افضل لها وأكثر امناً "
هز اليخاندرو رأسه وقال متفهماً " كلاكما محق ,بقاؤها هنا خطر ...ليس عليها وحدها بل علينا جميعاً (ثم سأله بقلق ) هل علم المحققون شيئاً ؟؟"
هز غابرييل رأسه وقال بعنفوان "لا ...لم يستطيعوا استنطاقي بكلمة واحدة (صمت لوهلةٍ قبل ان يكمل باسى بالغ ) لكنهم ابتزوني من خلالها " دمعت عيناه بشدة وهو يقول بحرقة "لم اقدر على مشاهدتها تعاني...لذا اخبرتهم عن لقائنا في قرية سانشيز ,لكني موهت الوقت وأخرته يوماً كاملاً ....كنت اعلم ان باغو حين يصل للقرية ولا يجدنا سيعلمك بالأمر فتدرك انت ما حصل وتتصرف"
هز اليخاندرو رأسه واقر بخفوت "اجل ادركت هذا حين لم تصلا في الوقت المحدد ,الملاعين عاثوا بالقرية فساداً وقتلوا واصابوا عدداً من سكانها "
نكس غابرييل رأسه بخجل وقال "انا آسف لم اشأ ان يصاب احدٌ بسوء لكني لم اعلم ما افعل ...(ثم اكمل بأنفعال وهو يشهق بمرارة ) لو تعلق الأمر بي لفضلت الموت على ان يصاب اي شخصٍ بسببي لكني لم استطع ان ارها ..."ولم يستطع ان يكمل فأشاح وجهه يداري دموعه
صمت اليخاندرو لدقيقة وقد بدى عليه الوجوم ,ثم خرج عن صمته واقر ً "هون عليك يا بني ,فعلت الصواب" ثم سأله بقلق "وماذا عنها هي ...هل تعلم شيئاً ؟؟"
"لا ..لم اخبرها بأي شيءٍ ,ولم اكن انوي ان افعل فهذا كان سيدمر كل شيء .."رد غابرييل بعزم
زفر اليخاندرو براحة وأقر "ظننت هذا..(وبعد صمتٍ دام لنحو دقيقةٍ اقر اليخاندرو بقوة ) من الافضل فعلاً ان تغادر..ودون ان تعرف شيئاً..لكن الامر سيتطلب وقاتاً لايجاد وسيلة مناسبة وآمنة لتهريبها من هنا ,فبحسب ما وصلني من أخبار الأوضاع متوترةٌ للغاية والكل يبحث عنكما ...ستبقى معنا هنا حتى نعثر على وسيلةٍ آمنةٍ لنخرجها من البلاد بسلام ...والى ذلك الحين على امك ان تتكيف مع وجودها شائت ام ابت....وتدعها من تطيرها الغبي ...".وقال اخر عبارة بغضب واضح...وقف بثباتٍ ثم اكمل " سأدعك ترتاح الان.."واستدار ليغادر لكن غابرييل تمسك بكمه وقال بألم " انا آسف ...لم استطع حمايتها يا ابي ....حاولت ...لكني فشلت في تجنيبها الـ....."ولم يقدر على اكمال عبارته فقد تبعثرت كلماته خلال دموعه .
همس اليخاندرو بكآبة وكأنه يجاهد لتمالك اعصابه " لاذنب لك يا بني....لا ذنب لك فيما حصل "وسحب يده بوجوم وغادر تاركاً غابرييل يبكي بصمت وحده...
************************
امضت لونا اكثر من اسبوعٍ في منزل عائلة غابرييل وكل يومٍ يزداد الوضع غرابة اكثر من سابقه ,فالكل صامت وبالكاد يتحدث معها احد,كانت تشعر انهم مثقلون بالأحزان وادركت انهم يحملونها وزر ما اصاب غابرييل وإن لم يبح احدٌ بذلك صراحةً لكن كانت تراه في نظراتهم ,وتسمعه في صمتهم الذي كان ابلغ من كلمات اللوم واقسى ,تجاهلهم لها كان افتك من الضرب والاهانة التي تعرضت لها في المعتقل ,كم تمنت لو يكلمها اي شخص منهم و يسألها عما حصل معهما ,لكن لم يحدث ذلك ابداً..كانوا يعاملونها بلطفٍ مغلفٍ بالجمود وكأنه نوعٌ من الضيافة المكرهين عليها..فحين يدعونها لتناول الطعام معهم يسود المائدة جو كئيب خانق ,ودائماً ما يكون هناك مقعدٌ خالي يوضع امامه صحن ,كانت واثقةً بأنه المكان الذي خصص لغابرييل وكان في ذلك اشارة لها بأنها السبب في غيابه عنهم..وفي المرات القليلة التي استطاع اليخاندرو اقناع زوجته كارلوتا بمشاركتهم الطعام تبدأ هذه الآخيرة بالدعاء لولدها ثم ما تلبث ان تدخل في انتحاب شديد وبكاء مرير ,وكثيراً ما ينتهي الأمر بتركها المائدة او يتركها زوجها كنوع من الشجار غير المحكي بنيهما, فتتقوقع لونا على نفسها خجلاً من نظراتهم الجافة الجامدة التي تحمل اللوم على ما حصل .
لم تكن تدري ماذا تفعل لتزيل الاسى عنهم وتخفف عليهم وهي نفسها تعاني ,و اسوء ما في الامر عدم رؤيتها لغابرييل منذ ان حضرا هنا,فهو يظل طوال الوقت تحت رعاية امه و ادونيكا بعد ان نُقِل لغرفته في الطابق العلوي... ورغم ان غرفته لا تبعد عن غرفتها سوى بضع خطوات لكنها لم تستطع رؤيته حتى اللحظة وحين تحاول ان تزوره تواجه بردٍ جاف ٍ من امه
"انه نائم ..(او )انه متعب ولا يستطيع رؤية احد..."
توالت الايام ببطئ مريعٍ ومرارة مؤلمة ,حتى انقضى اسبوعين دون ان تتمكن من رؤيته ولو لمرةٍ واحدة,فضاقت ذرعاً بذلك , وقررت التسلل ليلاً لرؤيته رغماً عنهم ,لكن مع الاسف لم تستطع فعل ذلك ايضاً فأمه كانت مرابطة عنده طوال الوقت وان رأتها لن تدعها تدخل ,لكن رغم هذا لم تيأس وعادت تحاول ثانية حتى نجحت في احدى المرات بعد ان سمعت باب غرفته يفتح ,فخطت بخفةٍ نحو باب غرفتها واختلست النظر عبر الردهة فشاهدت امه تخرج من غرفته -ربما لحاجة لها- لذا استغلت الامر وتسللت على رؤوس اصابعها بخفة ودخلت غرفته التي كانت غارقة بهدوء كبير ,ومنارةً بضوءٍ خافت يصدر من مصباحٍ انيق موضوعٍ على الطاولة الجانبية ...
غمرتها مشاعر الشوق حين رأته ممداً فوق سريره ونائماً بهدوء كالاطفال ,سارت نحوه بخفة حتى اصبحت بقربه ,نظرت له بحبٍ وشوق كبير فمنذ ان التقته وهما معاً ,ورغم قسوة الظروف التي عايشاها الا انهما بقيا معاً ,لقد شعرت حينها انهما سيبقيان معاً للابد, لكن منذ ان حضرا هنا تبدل الوضع وبات بعيداً عنها ,وهذا آلمها بشدة..
مالت نحوه واخذت تتملس شعره بيدها ,تأملته بحب ولمست منحنيات وجهه بشوق وراحة بعد ان لاحظت تحسنه الملموس فقد زال بعض التورم من وجهه وعادت ملامحه الوسيمة للظهور من جديد رغم لحيته النامية ,غرقت في مراقبته لتقر عينيها برؤيته ونسيت كل شيئ حولها ,وبانجذاب كبير اقتربت منه اكثر وهمست باسمه بحب ثم قبلته على جبينه بعاطفة قبل ان يقاطعها صوت حادٌ غاضب
" ماذا تفعلين هنا بحق السماء ؟؟" التفتت لونا بذعرٍ نحو مصدر الصوت لترى ام غابرييل (كارلوتا )تقف عند الباب وهي تحمل ابريق ماءٍ ,وكان الغضب يتفجر من عينيها الخضراء....
" اطمئن عليه.." اقرت لونا بهدوء محاولة ان تكسر الحاجز المقيت بينهما ..
" ارجوك اخرجي ..ودعيه بسلام " قالتها بشكل امر وغاضب ..رفعت لونا نفسها ببطئ دون ان تشيح ببصرها عنه ثم استدارت لتواجه امه وقالت برجاء
" صدقيني سيدتي هذا جل مناي ان يظل بسلام ..انا اعرف مقدار حزنك..وارجو ان تعرفي اني اتألم لمَ اصابه..ارجوك..انا..."
قاطعتها كارلوتا بحدة " توقفي ..لا داعي للكلام...فهو لن يغير شيئاً ...وارجوك ..غادري فحسب.."واشاحت وجهها بنفور وابتعد عنها وسارت نحو طاولةٍ جانبية وضعت عليها ابريق الماء ثم عادت لمقعدها بجانب السرير..وجلست عليه وعادت تحمل مسبحتها واخذت تصلي بصمتٍ متجاهلةً لونا ورافضةً اي تواصلٍ بينهما ...
"ارجوك اسمعيني فقط ..."
فنظرت لها كارلوتا بحدةٍ وقالت "اترينه وقتاً مناسباً للكلام ...ابني مصاب يتألم وهذا بسببك ...فهل تبخلين عليه بقليلٍ من الراحة بعد ان ادعيتي انك تريدين له السلام "
كم رغبت لونا بالصراخ بأعلى صوتها لتقول "اجل هذا مناي وكل ما اريده ان يستعيد عافيته ..."لكنها ايقنت ان الصراخ والجدال لن يفيده بل قد يضر به ويزعجه وهذا آخر ما تريده حقاً ,فنكست رأسها مقرةٍ بفشلها هذه المرة وهمست بخفوت رغم نبرة التحدي التي فيه "سأعود ثانية "ثم غادرت باكيةً لا تلوي على شيء .
تمتمت كارلوتا بسخطٍ بعد مغادرتها "لن ادعك تقتربين من ابني ثانية ابداً "
" لونا ..لونا" همس غابرييل بأسمها بقلقٍ وهو نائم ,فقد كان يحلم بأنهم سيأخذونها منه ثانية وهذا ارعبه ..." لونا ارجوكم لا ...لا تأخذوها "
تجمدت كارلوتا مكانها وتصلب فكها بشدةٍ وفكرت بأسى .."انه ينادي باسمها حتى وهو نائم( سالت دمعة من عينها وهتفت بمرارة) لمَ تعلقت بها يا بني؟!! لمَ ...!! انها سوف تدمرك....."
*****************************
استمر الوضع الكئيب على هذا الحال للأسبوع اخر ,ولم تستطع لونا خلاله كسر الحاجز المقيت بينها وبين كارلوتا ,ولم تعرف ان كان غابرييل يظل نائماً طوال الوقت كما تزعم ام انه يستيقظ في بعض الاحيان..وان كان يفعل فهل كان يسأل عنها..ام لا...؟؟!!!
كانت الحيرة تأرقها وتفتك بعقلها المرهق اصلاً ,فخلال الليل تظل ضحية الهواجس والكوابيس التي تنهشها بقسوة... وفي النهار لم تكن تجد ما يشغلها عن التفكير به لأن الكل يتجنب الحديث معها ,حاولت كثيراً التواصل مع من حولها لكسر هذا الجمود , لكن بلا فائدة ,فكارلوتا تتجنبها بشكل واضح وصريح وتعاملها بجفاءٍ جلي غير مكترثة لعادات الضيافة والترحاب التي اشتهر بها اهل هذه البلاد ,حتى انها تتجاهل وجودها وتتجنب النظر إليها ان صادفتها ..
اما اليخاندرو فينشغل بعمله طوال الوقت ,وقد عرفت بأنه طبيب الوحيد في هذه المنطقة الريفية الشاسعة ويأتيه المرضى من كل القرى المجاورة ,يبدأ عمله منذ الصباح الباكر وقد يستمر حتى وقت العشاء,وكثيراً ما يذهب بزيارات ميدانية لبيوت القرويين الذين يعجزون عن الوصول اليه..وحين تراه لونا في المساء يكون متجهماً ومرهقاً وغير قادرٍ على الحديث مع ايٍ كان ,كان يتجنب النظر اليها وإن حدثها فإنه يتكلم معها بأقتضاب كنوع من الادب والمجاملة ليس الا ..
والحال مع ادونيكا لم يكن مختلفاً ,فهي تعمل طوال الوقت فهي ذراع اليخاندرو اليمنى ولا يستغني عن مساعدتها لها في العيادة ,لذا لم تكن تراها كثيراً ايضاً وفي الاوقات القليلة التي تلتقي بها كانت تتعامل معها بتحفظ شديد رغم ان حدتها وغضبها قد زالا, لكنها ظلت باردة المشاعر وجامدة ,وقد شعرت لونا انه ربما تكون هذه طبيعتها فهي قد لاحظت مقدار جمودها حتى بعلاقتها بزوجها خوسية ,فهما لا يتبادلان الكلام كالازواج العاديين ,في البداية ظنت ان الأمر يعود لحزنهم على ما اصاب غابرييل , لكنها لاحظت بعد ذلك ان تصرفهم البارد شمل ابنتيهما الصغيرتين ايضاً....روزا وريتا, وهما نفس الفتاتين الصغيرتين اللتين رأتهما لونا في العيادة في اول يومٍ حضرت فيه ,وقد أبدت الفتاتان فضولاً للتعرف بلونا ولكن يبدوا انهما تخشيان فعل هذا او ربما هناك من يمنعهما من ان تفعلا,هذا على الاقل ما شعرت به لونا , فريتا تتكلم نادراً معها وتجيب باقتضاب ان سألتها لونا اي سؤال , لكن روزا لا تنطق ابداً بأي كلمة ,وكثيراً ما لاحظت لونا وقوف الصغيرة روزا خلفها وهي تنظر لها بفضول شديد خاصة لشعرها الاشقر الطويل المجدل, حتى انها حاولت مرة امساكه بفضولٍ طفولي ,فنهرتها امها بحدة فأجفلت الصغيرة وابتعدت ولم تكرر محاولتها ثانية,كانت تبدو غريبة الاطوار..وكأن بها خطباً ما لكن لم تستطع لونا تحديد ما هو, ولم تجرؤ على سؤال احدٍ عن حقيقة الآمر طبعاً ...
والوحيد الذي ابدى تفاعلاً معها اكثر من الباقين _وان لم يرقى للمستوى الطبيعي – كان دافيد شقيق غابرييل الاصغر ,لكنه مع الاسف لا يمضي الكثير من الوقت في المنزل لانه يعمل مع اخيه خوسية في المزرعة التي يملكونها ,فهما يغادران منذ الصباح ولا يعودان حتى المساء ,بينما تضطر هي لقضاء هذا الوقت وحيدة في التجول بالحديقة الواسعة الممتدة الاطراف والتي حفظتها ظهراً عن قلب لكثرة ما تجولت بها وما عادت تثير اهتمامها, وبات الامر مملاً لها خاصاً مع تجنب جميع العاملين للحديث معها رغم نظرات الفضول التي تراها تشع في عيونهم ..لذا قررت كسر روتينها الممل بشيءٍ جديد لا تقوم به عادةً ,بل كانت تتجنبه طوال حياتها وهو القراءة ,فقد وجدت كتباً كثيرة في مكتبتهم وقررت قراءة بعضها ,لكن مع الاسف حتى مسعاها هذا قد باء بالفشل ,لأن كل ما عثرت عليه كان مكتوباً بالاسبانية البليغة والتي بالكاد تجيد بضع كلماتٍ منها..ولم تستطع تخطي ثلاث صفحات خلال ساعةٍ كاملة... فزفرت بحنق و ألقت الكتاب جانباً وقررت بتحدٍ صارخ ان تكسر هذا القيد بطرحها فكرة مساعدتها للعاملين في المنزل ,ورغم كرهها سابقاً لأي نوعٍ من الأعمال المنزلية لكنها ترحب به الأن كنوعٍ من التغير يخرجها من بؤسها المزري هذا حتى ولو كان الطهي ..لكن باءت مساعيها بالفشل ايضاً لأنه بحسب ما تعذرت به مدبرة المنزل والخدم فأن السيدة الكبيرة ويقصد هنا (كارلوتا ) ترفض ان يتدخل احدٌ غريب في مطبخها والذي تعبتره مقرها المقدس..كما ان التنظيف من اختصاص الخدم الذين يجدون حرجاً في ان يدعوا ضيفة سيدهم تعمل معهم..فلم تجد بداً سوى البقاء حبيسة في غرفتها تراقب الحديقة بصمت ,فكرت بحيرة وهي ترى بعض العاملين يعودون لمنازلهم الواقعة في الناحية الجنوبية للحديقة ..
"كم عدد العاملين هنا؟؟" واقرت لنفسها بأنها لم تمنح الامر التفكير اللازم من قبل لانشغال بالها بكل ما جرى معها ,لكن الآن تشعر بالذهول حقاً من كل ما تراه ,فمنزل اسرة غابرييل كبيرٌ جداً بل هو يشبه القصر بحديقته الغناء الشاسعة واعداد العاملين والخدم الكبيرة فيه وكأنه مستعمرةٌ صغيرة ,حيث تعمل النساء في خدمتهم داخل المنزل بينما يعمل الرجال في المزارع التي تمتلكها الاسرة ويشرف عليها اشقاء غابرييل ,بدت لها هذه الصورة متضاربة مع حالة الفقر التي عاشها غابرييل في بيونيس ايريس.. كان واضحاً لها انه من اسرة ثرية ومرموقة وهذا اثار حيرتها اكثر ,فما السبب الذي قد يدفعه لـن يعيش بفقرٍ رغم قدرته على العيش براحة هنا في اكناف اسرته الثرية, اهو من اجل التعليم الذي اخبرها انه يحبه كثيراً ,ام بسبب شيئٍ اخر...لكن حتى لو سألت فهل ستجد من يجبها..؟؟ على الاغلب لا...
تنهدت بأسف حين اعادها فكرها لغابرييل ثانية ,وايقنت بأنها لن تحتمل البقاء بعيدة عنه اكثر من هذا,فهي هنا منذ قرابة الشهر وقد كانت اشق واطول ايامٍ قضتها في حياتها , يجب ان تراه مهما كلفها الامر لكن كيف ؟؟ وهم لا يسمحون لها حتى بالاقتراب من غرفته,لذا قررت اللجوء للشخص الوحيد الذي التمست تفهمه وقد يصلح ليكون حليفها.. "دافيد"
لذا بعد الافطار توجهت للحديث معه وكان يهم بركوب الشاحنة ليتوجه لعمله كالمعتاد فدنت منه بجرأة وطلبت محادثته على انفراد...استغرب الشاب طلبها فقالت بسرعة
"انه امر مهم "..ظل صامتاً لوهلة يتأملها بتمعن ثم قال بعد تردد " حسناً لكن ليس الان ,لأن علي الذهاب للعمل فقد تأخرت "صمت لوهلة بعد ان لاحظ الخيبة التي ارتسمت على وجهها فقال بشبه اعتذارٍ بعد تردد " انا لا استطيع التأخر عن عملي.."
زفرت بضيق وهمست بخيبة "اسفة لأزعاجك "وهمت بالمغادرة لكنه استوقفها قائلاً "لونا ..انا لم اقصد ازعاجك..(فهزت رأسها بتفهمٍ مصطنع فخيبتها كانت كبيرة ,ثم لاحظت ارتياح قسمات وجهه وهو يقترح عليها )حسناً لمَ لا ترافقيني اليوم..ان رغبت في هذا؟؟؟ عندها قد نجد الوقت لنتحدث " ..
قالت بلهفة " الى اين..؟"
فأجابها بمرح " الى المزارع طبعاً لا اظنك زرتها سابقاً ...هيا سيكون الامر مسلياً...فأنا ارى انك تشعرين بالملل.."
هتفت بامتنان "اشكرك جزيلاً ..فقد كدت اموت من الممل حقاً فأنا لا افعل شيئاً طول النهار ,ولا اظن اني سأكون مفيدة لأحد ان بقيت في المنزل وسأكون ممتنة ان ذهبت معك..هذا إن ... (وتردد قليلاً ثم تابعت بخشية ) ان لم يكن ذلك يزعجك "
هز كتفيه بخفة واقر "لا على الاطلاق لكن ..." سكت لوهلة وهو يرمقها بنظراتٍ تقيمية لا تخلو من الأعجاب من رأسها لأخمص قدميها ثم اكد "لكن عليك ان ترتدي ملابس اخرى..اكثر ملائمة "
نظرت لنفسها بحيرة فقد كانت ترتدي ثوباً مرقطاً بالابيض والاسود قصير وبدون اكمام اعطته لها ادونيكا مع مجموعة من الثياب الاخرى لتستعملها خلال اقامتها هنا...
" ماذا علي ان ارتدي..؟"سألت بحيرة
" شيئا يساعدك على الحركة دون ان يكون ملفتاً ومغرياً هكذا..:" احمرت لونا خجلاً من تعليقه فهل تبدوا مغرية وهي ترتدي هذه الثياب البسيطة وقد سبق لها ان ارتدت ما هو اقصر منه ,لكنها لم تجادله خاصة حين استعجلها قائلاً .
" هيا ان كنت تريدين مرافقتي..."هزت رأسها بطاعة وقالت بمرح "خمس دقائق فقط وسأعود ...انتظرني ولا تغادر "
ضحك بخفة من تصرفها الطفولي وشيعها بنظرات الأعجاب واخذ ينتظرها ,فعادت بعد نحو عشر دقائق وكانت تخطو نحوه بمرح وقد ظنت انه سيسعد بملابسها تلك حيث ارتدت بنطالاً من الجينز بقصة الشارليستون (المشهورة من فترة السبعينات) وقميص اخضر بدون اكمام معقودٍ عند الخصر فبدت منه صرتها ,لكنه عقد حاجبيه استهجاناً وصاح "هل تريدين ان تفقدي عمالنا البسطاء عقولهم..بملابسك المثيرة هذه.."
ردت بعبوس وتمرد طفولي" ماذا افعل هذا كل ما وجدته في الخزانة..يمكنك اصطحابي للتسوق ان لم تعجبك ثيابي" وعقدت ذراعيها امام صدرها بتمردٍ محبب فضحك بخفة لأسلوبها المتحدي الذيذ ,وبخنوع اقرها ورضي بما ترتديه بعد أن امرها بفك عقدة القميص واخفاء بطنها المثير ,ثم داعبها مازحاً
"حسناً هيا بنا..لكن احذرك قد تسمعين المعاكسات وكلام الغزل طوال اليوم.."
هزت كتفيها بقلة اكتراث وقالت بتحدٍ "لن تكون اول مرة...لا تقلق استطيع تدبر امري.."
نظر لها بأعجابٍ واضح وابتسم لها واعطاها ذراعه فتمسكت بها بخفة وشكرته بمنحه اروع ابتسامة ,فرد عليها بقوله "لا اظن اني سأدعك تغيبين عن عيني ابداً ..(حدقت به مستفهمة فأقر) حتى لا يختطفك احد الفلاحين ,فهم لم يروا امرأة بجمالك من قبل"
ورغم انها فهمت اطراءه لكن كلمة الاختطاف اعادت لها ذكرياتها المريعة التي تتمنى ان تنساها..ادرك دافيد الخطأ الذي وقع به من شحوبها فعلق بأسف
"اعتذر لم اقصد " هزت رأسها بتفهم لكن دون ان تقدر على قول كلمة وابتسمت بخفوت لدافيد الذي امسك يدها وساعدها لركوب الشاحنة بجواره..
****************************
"غابرييل !!..غابرييل !!! اين سرحت يا ولدي الحبيب !؟؟ فأنا اكلمك منذ دقائق ..." علقت كارلوتا بحيرةٍ وقلق وهي ترى ابنها شارد الذهن وهو ينظر للحديقة من شرفة غرفته ,كان يجلس على كرسي مريح قرب سور الشرفة مسنداً ذقنه الى راحة يده فوق حاجز الشرفة وينظر بكآبة للخارج.. فلقد استيقظ منذ الصباح وبعد ان غيرت له ادونيكا ضماداته واعطته دواءه ,قرر التجول بغرفته باستخدام العكاز الذي احضره له اليخاندرو..كان يريد ان يحرك جسده المثخن بالجراح قليلاً لعله يعيد له بعض القوة التي فقدها بسبب كل ما تعرض له..وقد شجعه اليخاندرو على ذلك بقوله :
"ان الحركة ستساعدك على الشفاء..لكن دون مبالغة وحين تشعر بالتعب خذ قسطاً من الراحة "وهذا ما فعله فبعد ان تعب من التجول بغرفته سار نحو الشرفة واستقر على كرسيه المريح واخذ يتأمل الصباح الريفي الجميل...الى ان تكدرت تعابير وجهه بشدة بسبب شيءٍ رآه ..اقتربت كارلوتا بفضول لترى ما يعكر صفو ابنها الحبيب الذي لا يرد على تساؤلاتها ,فتقلصت عضلات وجهها حين رأت لونا تسير بمرح وخفة جنباً لجنب مع ابنها الصغير دافيد..
" متى ستغادر وتريحنا ."زمجرت بسخط
" امي ..ارجوك لا تقولي هذا.." عاتبها بصوتٍ مرهقٍ بشدة وحزين..
لكنها لم تقدر على كبح جماح غضبها فزمجرت بسخط " منذ اتت لم تجلب معها الا المشاكل ...لك ولنا "
"ارجوك كفى " صاح بأنزعاج ووقف بحدة وبصعوبة سار متعثراً حتى وصل لسريره وتهالك عليه والقى عكازه بحنق ثم اكمل..."ليس لها ذنب فيما حصل كم مرة علي ان اخبرك بذلك."..
دنت منه امه بفزع من نوبة غضبه غير المعهودة وهمست برجاء " لا تغضب يا ولدي ...ارجوك لا تنزعج...لكني لا اطيق هذا الوضع ,كل ما جرى لك..وحزنك الان .." وأخذت تبكي بحرقةٍ وأسى
لم يجبها غابرييل بل اسند رأسه لوسادته وظل يحدق بالسماء الظاهرة من الشرفة بصمت ,فخطت قربه وقالت بتعب واسى وهي تمسد رأسه بحنان
"الكل متضايق منها ..انا واليخاندرو وادونيكا الجميع..لقد قلبت موازين اسرتنا.."
علق بفتور شديد وكآبة " موازيننا منقلبة منذ زمن طويل يا امي ,فلا تحمليها ذنب هذا الامر ايضاً..."
" لمَ تدافع عنها باستمرار ؟؟"سألته بحيرة وجلست بقربه وادارت وجهه بين راحتيها ليوجهها "انت قلت انك لا تريد ان تراها..اليس كذلك.؟؟."
"اجل (همس بتعب)..ولكن ليس للسبب الذي تظنينيه..فانا لا احملها مسؤولية ما حصل لي ,بل على العكس (وتابع بقوة ) لو عادت بي الكرة لفعلت نفس ما فعلت ولم اكترث..ان الموت اهون من ان يمسها سوء.."كان يتحدث بأنفعال شديد وصدقٍ اربك امه كثيراً فنكست رأسها وقالت بوجل
"اتحبها لهذه الدرجة ..؟؟"
ركز نظره على منظر السماء الزرقاء التي تشبه عيون لونا خارج نافذته..وتنهد باسى وقال"..مع الاسف...اجل...لم اتخيل ان افعل يوماً..لكني احبها..بل اعشقها...وبقائي بعيداً عنها يقتلني اكثر مما تتخيليين.."
همست بخفوت " انا لا افهمك..لقد ظننتك ترغب بأبعادها..عنك..لذا ترفض ان تراها "
فرد بالم " اجل ..ارغب بابعادها لكن ليس لكرهي لها أو لأني الومها على ما جرى ...بل لخوفي عليها ..ووفائي لوالدها..."
" انه لا يريدها ايضاً.. وانت تعرف هذا"قالت بضيق
"اعرف..وللاسباب نفسها التي تجعلني ارغب بأبعدها بأقرب فرصة...بسبب خوفنا عليها "
علقت بحدة "وهل ستبقى حبيس غرفتك من اجل تجنب رؤيتها...هل ستحرم نفسك الحياة من اجل تلك الـ..." فنظر لها بحدةٍ الجمتها فأمتنعت عن اكمال شتيمتها واشاحت وجهها مكرهة وهي تغالب دموعها..
زفر بتعب واقر بانهزام " لا اقدر على مواجهتها لأني قد اضعف واستبقيها معي..وهذا ما لا اريده..اتمنى ان يعثروا على طريقة لاخراجها بأمان..وعندها سأرتاح.."نطق بالكلمة الاخيرة وكأنها صيغت من مرار العلقم .. واغمض عينيه بتعب حتى لا تفضحه دموعه...وعاد يكرر في نفسه "آه يا لونا...."
لم تستطع كارولوتا ان تحتمل حزنه فقالت متحاملة على كرهها لها" ان كنت تحبها بهذا الشكل ...ابقها هنا ..لم تعذب نفسك هكذا...أنا ...أنا لن احول دون سعادتك يا ولدي " وبلعت مرارة في حلقها من صعوبة ما اقرت به لكنها كانت صادقةً في كل كلمةٍ قالتها ,فسعادة ابنها اهم عندها من كرهها لأبنة جوليانو...
همس غابرييل بمرارة وألم شديد " لاني لا اريدها ان تكرهني يوماً على ما قد أسببه لها من الآم..انا رهنت نفسي لقضية بلدي..وما حدث لي قد يتكرر مرةً اخرى...لا اريد ان اراها تموت وتذبل امامي من شدة حزنها وخوفها يا امي ....لا اريد ان أراها تعاني مثلك..انتِ يا أمي "قال بأسىً.
نظرت له كارلوتا بمزيج من الالم والحسرة ولم تجب فعاد يقول بعد ان اعتدل بجسده ليصبح ملاصقاً لها ,وامسك بيدها ورفعها حتى جعلها امام وجهها تماماً ,فنظرت لحيث يشير..لندوبٍ قديمةٍ تعرفها حق المعرفة فهي تذكرها بانهيارها مرةً ومحاولتها الأنتحار .
قال بأسى .".هل تريديني ان ارها بعد سنواتٍ من زواجنا تفعل هذا بنفسها وتسعى لأنهاء حياتها اذا حدث معي شيء..اتردين ان ارها تموت حزناً وكمداً من خوفها علي وعلى ابنائنا من ان يعتقلوا او يقتلوا..لا يا امي لا ..يكفي ما تعانينه انتِ من ألم ...يكفي ... لن اسمح ان تعيش لونا معي وهي تخشى على حياتها..وحياتي كما يحصل معك انتِ"
ترك يد امه بعد ان قبلها بحب..وعاد يرتمي في سريره منهكاً "افضل ان اعيش وحيداً بعيداً عنها ولا اراها تكرهني يوما.".وسالت دمعته رغماً عنه بينما جرت دموع امه انهاراً فقد اصابها كلامه في مقتل فاخذت تشهق بمرارة...
" انا لم اقصد ...ان ..(ونظرت لندوبها ..وقالت ببؤس) خسارتي كانت كبيرة...لذا لم اظن اني استطيع ان اخسر المزيد...الموت ارحم..."
نظر لها بمرارةٍ وأقر " لكن يصعب علينا رؤيتك هكذا...تذبيلين يوماً بعد يوم ..معنا وفي نفس الوقت بعيدة عنا..وهذا الصدع بيننا يكبر كل يوم ,حتى حل الكره مكان الحب "
صرخت بألم " انتم السبب..كلكم..انت واباك..واليخاندرو...كلكم تفكرون بنفس الشيء..وهذا يقتلني..لمَ لا تعيشون كالباقين...بسلام.."
" تقصدين بخنوع..؟!!!" جاءها صوتٌ عميق من ناحية الباب...استدارت لترى اليخاندرو يقف بهامته الطويلة وهو ينظر نحوها بضيق ثم خطى للامام بصلابة وقال بلوم" تريدينا ان نحيا بخنوع وذل ..يا كارلوتا...ابداً هذا لن يكون أبداً...."
" ولكن هل تعتقد انه من السهل علي ان احيا بخوف هكذا ...والقلق يفترسني كل يوم !..." سألت بأستهجان
"لم يجبرك احد على القبول بالامر.."رد عليها اليخاندرو بحدة
" يالك من احمق يا اليخاندرو..واناني(هتفت بغضب)..اتظن اني كنت سأترككَ و أترك أولادي..لا ..ما كنت لافعل..انا سعيدة ان دافيد وخوسية اعقل منك ومن غابرييل ومن...بيدرو..(بكت عند ذكر الاسم الأخير ثم تابعت بمرارة ) هذا قدري ..اظن انه يقدر لبعض الناس العيش بسلام .بينما يموت الاخرون معتقدين ان الموت سيجلب لهم السلام .."ثم خرجت من عندهم كعاصفة هوجاء...نظر اليخاندرو لغابرييل الذي كان يوليه ظهره وقال بتهكم "لقد تفوقت امك على جيفارا في قول الحكم.."
فرد عليه غابرييل بوهن دون ان يستدير نحوه " البؤس قد يجعل الانسان حكيماً..."
" او احمقاً" اكمل اليخاندرو باستياء..
لم يرد غابرييل عليه بل سأله بقنوط "هل وجدت وسيلة لاخراجها...؟"
زفر اليخاندرو بتعبٍ واقر " ليس بعد..ستظل عندنا مدة اطول...غابرييل بني (ثم تابع بتردد)..لم َلا تخبرني بماحصل معكما هناك"
تكور غابرييل على نفسه اكثر وانقلبت سحنته بتكدر ثم همس باسى "انسى الامر ارجوك ..ما حصل قد حصل ولا اريد الحديث عنه أو تذكره ..ارجوك دعك من هذا ...أرجوك ".
فعلق اليخاندرو بغضب " لكني اريد ان اعرف ماذا....." وقبل ان يكمل سؤاله رفع غابرييل نفسه واوجه وهو يصرخ بأسى وهو يغالب دموعه بصعوبة "وإن عرفت ما جرى فهل سيغير من الواقع شيئاً !!...هذا لن يحصل ...هل تريد ان تعرف كيف فشلت في حمايتها؟؟؟ كيف...تكالب الأوغاد عليها ...(سالت دموعة بغزارة والقى بنفسه بقوةٍ على سريره وهو يتلوى الماً ويقول ) اترد ان تعرف كم تمنيت الموت قبل ان يحصل ما حصل ....لقد فشلت في حمايتها وتسببت في اذيتها..."واشاح بوجهه يداري المه ودموعه فدنى منه والده وقال بصوتٍ اجش غزته العبرات
" بني لا تحمل نفسك هذا العبئ..اسمع ...لا احد يلومك على ما حصل فهو كان فوق قدرتك ..وانا واثقٌ بأنها هي ايضاً لا تلومك ..لقد اخبرتي..( لم يستطع اليخاندرو ان يكمل عبارته وشد على يديه بقوة حتى ابيضت سلامته وتابع بصوتٍ اجش ..) اعرف انهم اذوها بطرقهم الوضيعة ...."زفر بقوةٍ يحاول ان يتماسك ثم اكمل بحدة " لكن هذا ليس ذنبك ولا احد يلومك..ما حصل قد حصل...المهم ان لا يتكرر..(وتغيرت نبرته وازدادت حدةً وهو يكمل " وسأعمل على ان لا يتكرر..(وكشر قائلاً ) واقسم أني سأجعلهم يدفعون الثمن؟؟"ثم وقف بعصبية والغضب يشتعل في عينيه فادرك غابرييل ما ينويه فسارع لأمساكه من كمه وسأله بهلع " ماذا تنوي ان تفعل..؟"
" لا تشغل بالك ..انا اعد لهم خطة ستكلفهم الكثير..."رد اليخاندرو بحنق
" ارجوك توقف عن التفكير بطريقتك العنيفة يا ابي ..فالعنف لا يولد الا عنفاً..تنصب لهم كميناً توقع بينهم خسائر..يغيرون على قرية ما ويقتلون ويعتقلون..هذا لا يجدي ..لا يسبب سوى مزيد من الالم والكره والعنف...لقد انتهى زمن الجيش الشعبي الثوري وشباب منتنيروس "
سحب اليخاندرو يده بقوة وقال" لا لم ينتهي لقد ظننت انه و بعد ما اصابك بسببهم بأنك عدت لرشدك لتدرك ان سبيل التحرير هو القتال..لا سياستك الفارغة.."
"سياستي ليست فارغة..وانا لن اتسبب في مزيد من الالم والقتل..ما حصل في الماضي قد انتهى ,وانتهى عهد المونتينيروس والجيش الشعبي..الم يكفي كل القتل الذي حصل ..عليك ادراك ذلك..لن تخرج البلاد من وحل الجور والظلم بمزيد من القتل والحرب ..بل بالعلم والحكمة والسياسة الواعية الراشدة ."
زمجر اليخاندرو بسخط "كلام فارغ..اخبرني ماذا افادت سياستك الحكيمة!!..ها ماذا افادتنا نحن!!...لقد باتوا يلاحقونك كما لاحقونا من قبل...انهم لم يكتفوا بتصفيتنا ,بل باتوا يلاحقون ويقتلون كل المفكريين والسياسين, بل كل من يتنفس ويتكلم ,لا يريدون احداً يخالفهم الرأي ....اخبرني الم يقتلوا قبل عامين والش صديقك العزيز وملهمك الفذ؟؟"
لم يقل غابرييل شيئاً فتابع اليخاندرو بحنق"انهم لن يتوقفوا حتى يجدوا من يوقفهم بالقوة.." وضرب بقبضته على كفه الاخرى وقال بغضب.."لا يفل الحديد الا الحديد.."
تنهد غابرييل بتعب وهمس بسأم "لم تتغير ...كل هذه السنوات ولم تتغير ...انت كما انت...أو تستغرب لمَ تعيش امي في بؤس!!!..."
" غابرييل !!! انا لم اسئ لامك يوماً ..لقد حميتها ورعيتها ورعيتك انت واخوتك واعتبرتكم ابنائي ..فلا تقل لي انها تعيش ببؤس بسببي.."
" انها تخاف عليك كما تخاف علينا..هل تظنها سعيدة لعيشها هكذا.. ؟؟.
" لمَ لا تقول انك انت السبب...انت من تقف في جامعتك تلك تحاضر وتدعو الطلبة للحديث بسياستك الفارغة ..هل تدرك انها تقضي طول النهار بأنتظار مكالمتك لتطمأن عليك وبأنك لا زلت بخير ,ولا تنام قبل ان تسمع صوتك ثم لا تلبث ان تعيش نفس الرعب في صباح اليوم التالي وتظل تدعو الله ان تعود لها سالماً ..لا تقل اني انا السبب ..انت ايضاً تسبب لها هذا.."
تبادل الرجلان الكلام كالرصاص والذي انتهى بخسارتهما الاثنين معاً ,فخرج اليخاندرو مغاضباً ,وعاد غابرييل لاستكانته وهو يؤكد لنفسه " لن اكرر الخطأ مهما حصل...لن اكرره..."
****************************
كانت لونا مندهشةٌ من كل ما تراه حولها ,فهي وان ادركت ثراء اسرة غابرييل لكن لم تتصور انهم يملكون كل هذه الحقول الشاسعة, كان دافيد يتجول معها ويحدثها بفخر عن مزارعهم
"كل ما ترينه امامك كان ملكاً لجدي والآن صار لأمي ,فهي من بنات الغاوتشو "
" الغاوتشو ماذا تعني ؟ " سألته بحيرة
" اي ملاك الاراضي المنحدرين من المستعمرين الاسبان الاوائل ,ان لهم قصة كبيرة اطلبي من غابرييل ان يقصها عليك يوماً..فهو من يعشق التاريخ لا انا...."علق بفكاهة لم تؤثر فيها لأن ملامحها تكدرت بمجرد ذكر اسم غابرييل وهمست بصوت خافت لم يسمعه دافيد "ومتى سيفعل وانا لم اره منذ ان حضرنا.."
تابع دافيد حديثه بفخر واخبرها عن المزروعات التي ينتجوها والصعوبات التي يواجهونها ..كانت ترى الفلاحين ورعاة يحيونه باحترامٍ ويرمقونها بفضول شديد خاصة حين وصلوا لمشارف القرية الصغيرة القريبة من ضيعتهم ,عندها سألته بقلق " اليس من الخطر ان اتجول هنا قد يشي بنا احد ما؟"
ضحك دافيد وقال بمرح"لا لن يفعلوا انهم يمتون بالولاء لأليخاندرو ويحترمونه لن يفعلوا ذلك...طالما انت ضيفته ً"
" اليخاندرو!؟؟( سألت باستغراب)..الا تقول ابي..!!!"
" هذا لأنه ليس ابي ..اعني هو ليس ابانا الحقيقي..بل هو زوج امي..."
شهقت لونا مستغربة "..زوج امك..لم اكن اعلم..لقد ظننته..اباك"
ضحك دافيد وقال "اعلم ذلك,فالحقيقة لقد قتل ابي وانا جنينٌ ببطن امي واخوتي صغار وقد تزوجت امي باليخاندرو وقد اعتنى بنا وربانا ,وصدقيني ان سمعنيى اناديه بأسمه دون قول كلمة ابي سيصفعني حتى يصير وجهي للخلف..(عاد دافيد يضحك بمرح كعادته ثم اكمل بخفة )انه يحب ان نناديه ابي..خاصة وانه لم يرزق باي ابناء ,لذا فنحن نناديه بأبي..والحقيقة انه انسان رائع..واب مثالي..صحيح انه مخيف..( واقشعر بدن دافيد لتذكره تكشيرة اليخاندرو المرعبة وقال برهبة ) ولا يجرؤ احدٌ على عصيانه..او مخالفته..الا ..."وسكت ولم يكمل فأستحثته لونا قائلة :
" الا من...؟؟"
"الا غابرييل...طبعاً ,فهو على خلاف دائمٍ معه..انهم لم يتكلموا مع بعضهم منذ ان غادر غابرييل البيت ليذهب لبيونس ايريس..لليدّرس في الجامعة.."
" ماذا حدث..؟"سألت بفضول قاتل
فرد بسأم " امور سياسية سخيفة وممله باعتقادي ..دعك منها فلو اردت ان اشرح لك لما استطعت..المهم كان غابرييل يعود بين الحين والاخر ليطمأن على امي..لكن سرعان ما ينشب خلافٌ بينهما فيغادر غابرييل مرة اخرى مغاضباً ..وهذا ازعج امي كثيراً..."
كانت لونا تفكر فيما قيل لها و تدرك ان اليخاندرو وان بدى عصبياً نزقاً..الا انه حنون ويحب ابنه..لقد رأته يقبله ذلك النهار ورأت الخوف والقلق في عينيه,كانت واثقة بأن خلافه مع غابرييل لا يمنع ان يحبه حقاً..لكن هل يعلم غابرييل ذلك!؟؟, لقد تحمل غابرييل العذاب ولم يشي بمكان ابيها حتى لها هي وتحمل كل العذاب في سبيل اخفاء امره عن المحققين ,فكيف الحال بالرجل الذي رباه !! أكيد انه وفيٌّ لزوج امه الذي رباه ورعاه...
"هاي اين سرحت ..؟"سألها دافيد بفضول
" لازلت هنا(علقت بمرح مصطنع ثم تابعت بخفوت وحزن )..اتعلم ..لقد تشاجرت كثيراٌ مع زوج امي فيما مضى وتركت المنزل غاضبةً انا ايضاً..وكنت اظن دائماً اني محقة..وانه نذل حقير متجبر..لكن اتعلم..الآن حين انظر للأمر مرةً اخرى اراه من زاوية مختلفة تماماً وبت اظن انه لم يكن كذلك حقاً ..اعتقد اني اسأت فهمه وظلمته (والغريب ان الكثير من الذكريات السعيدة التي جمعتها بزوج امها سابقاً تدفقت لعقلها الان فتذكرت يوم اصطحابها لمدرستها في اليوم الاول لها ,تذكرت شراؤه لدبها المميز روني...حتى كاميرتها العزيزة كانت هدية منه,سالت دموعها بندم على كل ما جرى بينهما واقرت لنفسها بأنها كانت حمقاء وانانية وجاحدة )
قالت باكية "..يا الهي لقد ازعجته كثيراً هو وامي رغم انه رباني منذ طفولتي ولم اعرف اباً سواه ,لقد اعتنى بي ولكني وبسبب خلافي معه وانتقاده لتصرفاتي اخذت اثور عليه..واتساءل الآن لو كان ابي الحقيقي هو من ينتقدني اكنت سأرضى واعتبره امراً مفروغاً منه !!!..لا ادري..لقد تغيرت نظرتي لامور كثيرة منذ ان حضرت الى هنا "وعندها ادركت انها لم تسأل احداً عن ابيها الحقيقي منذ اتت لذا همت بسؤال دافيد
"دافيد اريد ان اسألك هل تعلم شيئا عن ابي...اعني ابي الحقيقي ؟؟...انه .."
قاطعها بسرعة وهتف بقلق" لا تكملي ارجوك ...لا تذكري اسمه " واخذ يتلفت حوله بقلق
"لكن لماذا؟؟؟.هل ....." لكنه قاطعها ثانية قبل ان تكمل وقال بوجل
"ارجوك لونا لا تقولي شيئاً....(زفر بتعبٍ واقر ) انا اعلم من هو ..لكني لا استطيع قول اي شيء... ولا احد هنا يستطيع..ان كان هناك من يستطيع مساعدتك فعلاً فهو اليخاندرو او غابرييل..ولا اظن انهما سيفعلان..."
" لماذا ؟؟!!..انا مشتاقة له..واريد ان القاه...." قالت بحرقة
اخذها جانباً وهمس بخفوت " اسمعي لونا انت لا تدركين كثيراً مما يحدث هنا ,فالامور ليست بالبساطة التي في بلادك..ارجوك ..توقفي عن السؤال..والا تسببت في الاذى لاشخاص كثر..ارجوك..(ثم تابع بتهديد ) ان علموا انك تتحدثين معي بهذا الامر سيمنعوني من مرافقتك..وعندها ستظلين حبيسةً في المنزل."
" اوه لا ارجوك ..انا اكره البقاء هناك دون ان افعل شيئاً خاصة مع كل الكره الذي يحيط بي...."
عقد حاجبيه باستهجان وقال " لا احد يكرهك هناك انت واهمة...:."
"بلا ..الكل يتجنبني وينظرون لي ..بنظرة استياء..اتدري قد افهم لمَ تكرهني امك,فهي تلومني على ما حدث مع غابرييل وكذلك الامر بالنسبة لاليخاندرو لكن ماذا عن ادونيكا وشقيقك خوسية والصغار والخدم .. والاسوء من كل ذلك غابرييل الذي لم يسأل عني..انا اشعر بالضياع..ولولا انك سألت عني لكنت فقد عقلي..الامر لا يطاق.." هتفت بأنفعالٍ شديد وهي تغالب دموعها
" اهدأي ارجوك..صدقيني لا احد يكرهك....بالنسبة لامي فارجوا ان تعذريها فهي قد عانت في حياتها كثيراً, عانت من خسارة ابي وموت شقيقتي سيلفيا وتخشى على اليخاندرو وغابرييل كثيراً ولا تعرف راحةً ولا هدوئاً لذا فهي عصبية لكن قلبها كبير صدقيني ...امابالنسبة لاليخاندرو ان امره يصعب شرحه لكني اؤكد لك انه يحبك ويخشى عليك,و ادونيكا لها قصةٌ طويلة ,لا ادري كيف اصوغ الامر لكنها خسرت والديها حين كانت صغيرة ,فاحتضنتها امي واعتنت بها ...وقد تربت مع غابرييل وكانت متعلقةً به,(نظر للونا واكمل بحذر )في الحقيقة لقد كانت تحبه بجنون لكنه لم يبادلها نفس الشعور فقد احبها كشقيقة له فقط ,ربما لم تتقبل الامر... حتى حين رضيت بالاقتران بخوسية كان هناك دوماً مكانٌ لغابرييل في قلبها لذا اظنها تتجنبك لهذا السبب..."
رغم أن الحقيقة صدمتها لكنها بدت لها منطقية وهي تفسر الكثير ,تابع دافيد قائلاً بسأم : "اما اخي خوسيه فهو هكذا جامد لا يعبر عن مشاعره ولا يبدي اهتماماً بأحد ....لطالما احب ادونيكا لكنه يخشى حتى من الافصاح عن مشاعره لها ,ربما يظن هذا ضعفاً ...لا اعلم حقاً ما يفكر به انه غامض وكتوم وهذا يؤثر بحياتهما معاً ....هما يعيشان كزوجين لكنهما بعيدان عن بعضهما البعض وقد زادت حادثة روزا من الفجوة بينهما.."
" روزا !! أتعني الصغيرة روزا ؟!! ...لكن ما الذي حدث معها...؟"سألت لونا بقلق
" انها قصة مؤلمة...(زفر دافيد بتعب ثم خطى نحو شجرةٍ قريبة وجلس في ظلها ودعى لونا لمشاركته وتابع) قبل ثلاث سنوات كان خوسية يصطحب ابنتيه معه في الحقول لانشغال ادونيكا بمساعدة اليخاندرو في العمل بالعيادة..وبينما كانت روزا تتجول بجانب شاطئ النهر..تجمع الزهور..واذ بها تفاجأ بشيئ ضخمٍ يطفو قربها على سطح الماء ....كتلة ضخمة..من اللحم والعظم والثياب ..( نظرت له لونا بأستفهام فأجاب بضيق ..) انها جثة شخص ما..القي من فوق ..ليهوي في النهر ويموت.."
شهقت لونا بذعر."ماذا ؟؟"
" انها احدى طرقهم للتخلص من ضحياهم...(اعني فرقة الخاطفين ) يأخذون المعتقلين بالطائرات ويلقونهم في النهر والبحر ليخفوا جرائمهم وهذه المرة كان من سوء حظ روزا ان يلقوا بضحيتهم قريباً من هنا فتراه الصغيرة ,لن اخبرك ببشاعة المنظر لقد اصيبت روزا بصدمة افقدتها النطق..والضحك ..والفرح..انها تسير الان كالشبح..هائمة شاردة الذهن لا تتواصل مع احد ولا حتى مع ابويها..تحمل لعبتها وتبقى شاردة..والوحيدة التي تتقبل منها شيئاً هي شقيقتها ريتا والتي كبرت قبل اوانها ,رغم انها لم تبلغ العاشرة بعد "زفر بتعبٍ بعد ان كشف لها تفاصيل اسرته المضطربة..
" يا الهي..انه امر فظيع.."همست لونا بمرارة واسى
" اجل..لونا بيتنا مليئٌ بالمآسي..لذا لا تعتقدي انك السبب..نحن هكذا..لا نفرح أونسعد..كآبة في كآبة"
" وهل صاحبة الصورة في غرفتي هي سيلفيا شقيقتك ..؟؟" سألته بفضول
هتف باسى" اجل ..لقد ماتت حين كانت شابةً في العشرين من عمرها ..انها اختي الثانية في الترتيب بعد خوسية وكانت قريبة لامي جداً ,وامي في حزن منذ موتها..ارجوك ...لا ارغب في الحديث اكثر عن هذه الامور الكئيبة ..فأنا امقتها "قال بألم
فردت عليه بأسفٍ شديد " سامحني ان كنت قد اثرت احزانك...لكن (نظرت نحوه بتردد ثم قالت )..انت تبدو مختلف عنهم..اعني لست متجهماً مثلهم يكفي انك الوحيد الذي يحدثني..وانت تضحك."قالت بخفة
فرد بسخرية " او كنت تودين لو اني كنت عبوساً مثلهم"وعبس بوجهه بشكل مضحك
" اه كلا لم اعني ذلك"ردت ضاحكة فبادلها الضحك ,ثم تابعت بجد اكثر " اعني لا يجب ان يكون اي منكم هكذا..لكن لمَ انت لم تتأثر كما حدث معهم؟؟."
" لاني ارفض منطقهم...لا احب السياسة التي يفنون نفسهم فيها ..واكره النكد ..واعبر عن نفسي بسهولة..او تعلمين انا فعلًا لم اعد اطيق هذا الحال النكد..لذا ساغادر يوماً ما, سأسافر لاسبانيا او لامريكا ..لن اظل هنا..(ثم تابع بكآبة ) لكني مرتبط مع خوسية ...فرغم كرهي لأعمال الزراعة لكني مجبرٌ على البقاء معه لمساعدته ,لا استطيع ان ادعه يتولى امر المزرعة بنفسه فقد يدمرها بإحدى نوبات غضبه.."
"خوسيه يغضب؟؟!!" تسائل لونا بشك فبنظرها انه صنع من قالبٍ من الجليد فهو جامدٌ للغاية كما وصفه اخوه تماماً
"أوه لن تتمني رؤيته يغضب فهو يصير مزعجاً جداً واقرب للجنون ,خاصة حين يخسر ما تعب عليه طوال العام...فقد تعرض الموسم الزراعي في العام الماضي لمشاكل كثيرةٍ بسبب الطقس المتقلب لذا علينا تعويض الخسارة هذا العام ,فكما ترين لسنا وحدنا من يعتمد على ما تنتجه الارض ,بل كل عمالنا ومزارعينا...لكن ما ان يستقر الحال سأغادر فوراً....(صمت لوهلة ثم استدار نحوها وهتف بحماسة ) اسمعي ان رغبت في القدوم لأمريكا يوماً ما فهل ستساعديني..اعني بشأن الاقامة وما الى ذلك من الامور"
" اجل باتأكيد..لكن..."ترددت قليلاً فأستحثها بقلق
" لكن ماذا..؟"
ردت بصدق "الحقيقة بدأت ارغب بالبقاء هنا.."
فهتف بأستهجان "ماذا!!! ستكونين حمقاء ان فعلت...عليك العودة لبلادك قبل ان تفقدي عقلك هنا او حياتك " رد بسرعة قبل ان يدرك ما اثاره كلامه من قلق بنفسها
"نحن بأمان هنا اليس كذلك؟؟" هتفت بخوف وهي تتلفت حولها
اجابها بصدق وحرج"مؤقتاً فلا احد في المدينة يربط بين غابرييل واليخاندرو لأختلاف كناهما ,لكن قريباً قد يفعلون إن استمروا بالبحث عنكما "
شحب وجهها وهمست بقلق "وما العمل ؟؟"
فرد مطمأناً "لا تخافي لونا ابي سيجد لك الحل وستغادرين بأمان "
فعادت تحتج " لكني لا اريد ان اغادر ...ليس قبل رؤية ابي ..كما اني ...لا استطيع التخلي عن غابرييل..؟لا استطيع تركه .."علقت بأنفعال فنظر لها بتمعن وابتسم بشكلٍ باهت وعلق بخفوت " اوه هكذا اذاً فأنت تحبينه,اليس كذلك؟؟؟"
هزت رأسها مقرة فتابع القول بنوعٍ من الكآبة "..كان علي ان ادرك هذا ,خوفك عليه كان يدل على اكثر من مجرد مشاعر مؤازرة ومواساة...(ثم تابع بتهكم وهو يشعر بنوعٍ من الخيبة )حسناً لا بأس بهذا... فعلى كل حال كنت اشك بأني قد أستطيع استمالة قلبك نحوي .." ثم ضحك بحرج
فعضت شفتها بانزعاج وصرحت بصدق كعادتها "انا اسفة دافيد انا حقاً لم اشاء ان اوحي لك بشيءٍ تفهمه خطأً ...فأنا لا اكن لك مشاعر خاصة ."
لوح بقلة اكتراثٍ ليداري خيبته وقال بفتور " لا عليك ...انا لا انكر اني معجبٌ بكِ ,لكني لن انكر ايضاً اني شككت بحبك لاخي منذ اللحظة الأولى ,وأظنه يبادلك نفس الشعور ..."
" ماذا تقصد.؟؟(سألت بترقب ولهفة ) "هل تظن ان غابرييل يحبني ؟!! ...هل قال شيئاً ؟؟ هل اخبرك انه يحبني ."
هز كتفيه وقال بمرح "هاي رويدك ...هو لم يقل شيئاً لكن برأيي لا داعي لأن يقول شيئاً فهذا واضح للجميع ,فغابرييل يا عزيزتي كالزجاج واضحٌ وشفاف ولا يستطيع ان يخفي مشاعره واحاسيسه وان لم يقل كلمة ,هو ليس كخوسية الذي يقفل على نفسه ومشاعره كصندوق اسود مظلم..."
"احقاً ما تقول؟؟" سألت بأمل
فضحك بخفةٍ وأقر "انه لا يفتأ يذكر اسمك ويسأل عن احوالك كلما دخلت لأراه ..."
نظرت له غير مصدقةٍ ما تسمعه وسألته بمرارة " ان كان الأمر كذلك فلماذا يمنعوني من رؤيته "

****************************************
كان العشاء هذه الليلة ككل ليلة هادئٌ و كئيب, تبادلت لونا ودافيد النظرات ذات المغزى قبل ان يغمز لها .. فادركت انه سيفي بوعده الذي قطعه لها وينوى مساعدتها الليلة في تنفيذ مخططهم لرؤية غابرييل ,لقد أخبرها ان تأتي لغرفة غابرييل عند العاشرة مساءً وهو سيتكفل بتسهيل دخولها لغرفته ,لكنها لم تعلم بعد كيف سينجح في ابعاد امه المرابطة عنده دوماً ...لكنها ومنذ ان أخبرها وهي تعيش حالةً من الترقب والأنتظار ,ومع دنو الموعد المحدد اخذ قلبها يدق بقوة بتوافقٍ مضطرد مع تحرك xxxxب الساعة نحو الوقت المحدد ,وحين دقت الساعة الكبيرة في الصالة معلنة تمام الحادية عشرة وقفت تسترق النظر صوب الممر فرأت ديفيد يقصد غرفة اخيه ,دخلها بعد ان اذنت امه بذلك ثم سمعته يطلب منها برجاءٍ لحوح ان تعد له شيئاً ما يتوق لتناوله ,حاولت امه الرفض بادعاء تأخر الوقت , لكنه اصر على طلبه فاخبرته ان يطلب من طاهيتهم ان تعده له ,لكن ابنها الصغير المدلل اصر على ان تعد له امه هذا الطبق بدعوى انه ما عاد يطيق تناول الطعام الذي تعده طاهيتهم العجوز ,وانه مشتاقٌ لتناول الطعام من بين يديها ,كما انه يشعر بالأهمال بعد ان حرمتهم من تواجدها بقربهم و تخلت عن كل شيءٍ ولازمت غرفة غابرييل للعناية به ,و نسيت باقي افراد الاسرة ,فاشعرها دافيد بتأنيب الضمير لأهمالها له لذا سارعت لتلبية طلبه مكرهة...
وما ان فتح باب الغرفة حتى توارت لونا عن انظارها ,فسمعت كارلوتا تقول بسأم "انت تتصرف كولدٍ صغيرٍ يا دافيد ..."
فعلق دافيد بدهاء "هذا لأني اصغر ابنائك يا امي الحبيبة وسأظل صغيراً في نظرك ...هيا ...هيا امي وتذكري ان لك اولاداً غير غابرييل ..." بقلة حيلة غادرت امه الغرفة التي التصقت فيها لأسابيع كحارس امين بعد ان تمكن دافيد من اقناعها بترك مركز مراقبتها الدائم لانه سيبقى مكانها..
خطت خارجاً وهي توصيه بملازمة اخيه لحين عودتها عله يحتاج لشيءٍ في غيابها ....وما ان رأت لونا السيدة كارلوتا تنزل للطابق الارضي حتى انسلت من غرفتها ..وسارت على رؤوس اقدامها بخفة باتجاه غرفة غابرييل.. فرأت دافيد يقف عند الباب بأنتظارها ثم قال لها
" بسرعة هيا قبل ان تأتي امي وأنا سأبقى هنا لأراقب الوضع ... "غمزها وعلق بمكر" ارجو ان تمضي وقتاً طيباً بصحبة اخي مع اني اشك بأن صحبته مفرحة فهو غارقٌ بالنوم كدبٍ في سباته الشتوي.." وكزته لونا بيدها لمزاحه الثقيل فضحك بخفة وتركها تدخل, وبعد ان اغلقت الباب خلفها توجهت بهدوء صوب حبيبها المستغرق في نومٍ عميق ولم يفطن لما يحصل من حوله..فقد كان يتناول كل مساءٍ دواءً قوياً يجعله ينام بعمق وكان هذا مفيداً لصحته التي بدأت تتحسن بسرعة..فالطعام الجيد الصحي والراحة التامة هي العلاج الامثل له...
جلست بجانبه عند حافة السرير ,واخذت تروي شوقها بالنظر اليه تتأمله بحب وحنين ,سرّت حين رأت مقدار تحسن صحته ,فقد عاد وجهه لطبيعته وبالكاد تظهر عليه اثار الكدمات ,لمست احدى الندوب برقة وهمست باسمه بنعومة لكنه بقي نائماً ,فشعرت بتأنيب الضمير من ايقاظه لكن عليها فعل ذلك فلن تطيق صبراً ان تظل بعيدة عنه هكذا ,اكيد حين يعلم انهم يبعدونها عنه سيطلب بقائها,مالت نحوه واخذت تخلل شعره بأصابعها وهي تهتف بأسمه بصوت رقيق,وعادت لها ذكرياتهما معاً حين كانا في المعتقل في الزنزانتيهما ,كانت يومها تنظر اليه عبر الفجوة الضيقة وتمد اصابعها لتعانق اصابعه في حميمية وتآلفٍ اشتاقت له ,فمدت يدها واخذت تلمس اصابعه بهدوء كما كانت تفعل حينها ..
تململ غابرييل قليلاً فقد كان يحلم بها ,كانا كل واحدٍ منهما في زنزانته المنفصلة وهو يضرب الحائط بيديه محاولاً تحطيمه ليتمكن من رؤيتها ..جثى على ركبتيه ونظر من خلال الفتحة فرأها تنظر له بحب ولهفة وتبتسم له بعذوبة..ثم مدت له يدها فقام بالامساك باصابعها ,كان يشعر بلمساتها الناعمة الرقيقة على راحة يده اراد ان يقترب اكثر لكن الجدار يمنعه..لكن ملمس جلدها حقيقي..انه يشعر به فعلاً ..
"لونا "همس بأسمها
فردت بلهفة "انا هنا يا حبيبي "
فتح عينيه قليلاً ,وادرك بعد وهلة بأنه لا يحلم فهو يراها بالواقع وامامه تماماً وليس من خلال فجوة صغيرة ,عاد يرمش بعينيه غير مصدق لكنها كانت تجلس امامه على بعد انشات قليلة من وجهه يستطيع لمسها لو مد يده فقط..وعندها تأكد من انها حقيقة وليس خيال او حلم فهتف بانفعال ولهفة .." لونا..هذه انتِ ؟؟"
ابتسمت له بعذوبة وهمست بحرارة " اجل..انا هنا .."دمعت عيناها رغماً عنها فتجرأ ومد يده وداعب خدها الرقيق فاغلقت عيناها لتحبس دموعها المهددة بالأنهمار وامسكت بيده تأسرها بين راحتيها وتبقيها على خدها حتى لا تفارقها ابداً..
" اشتقت لك.."همست بأنفعال وقبلت راحة يده بقوة فشدها نحوه وضمها بحرارة وانفعال غير مصدقٍ وجودها معه...لقد اشتاق لها كثيراً ,اخذ يمسد شعرها ويقبل جبينها بلهفة وهو يردد اسمها,كان يشتم رائحتها الزكية التي تخللت في شراينه كترياقٍ انعشه ,لثمها مراراً دون ان يشبع منها , قبّل جبيها وخدها وذقنها واخيراً التقط شفتيها بقبلة حارة اذابتهما معاً في عناقٍ لم يشأ ايٌ منهما ان ينتهي
"اشتقت اليك ...رغبت برؤيتك قبل الآن لكنهم لم يدعوني آتي اليك.." صرحت بأسى وهي تضمه بشوقٍ وتقبله بحب وانفعال ,فكانت كلاماتها كالصفعة التي ايقظته فتذكر ما وعد نفسه به ,فابعدها عنه وقال بصوتٍ مخنوق يغالب العبرات "كيف اتيت ؟!! لا يجب ان تكوني هنا.".
" لماذا ؟..انا اريد رؤيتك.." سألت بحيرة وذهول من تبدل موقفه
اشاح وجهه وقال بمرارة"ارجوك ..غادري...اين امي؟؟؟ كيف سمحت لكِ بالدخول ؟؟؟"
"غابرييل..أنا لا أفهم لمَ تريد ابعادي.. انا احبك..واريد ان ابقى بقربك.." همست برجاء وتوسل وهي تقبله بلهفة
فأبعدها بقوة اكبر وقال باضطراب "توقفي ارجوك توقفي (كان يلهث بشدة وقد احمرت اوداجه ثم همس بصعوبةٍ ) ...مكانك ليس هنا "واستدار بحدة عنها ليخفي الصراع الدائر في قلبه والذي تفضحه عيناه بقوة..
صدمها موقفه بشدة فشعرت بالضياع لذا عادت تتمسك بأي امل لها وخشيت ان يظن انها من ابتعدت عنه طوال هذه المدة برضاها فهتفت مبررة
"لقد سعيت لرؤيتك كثيراً خلال الفترة الماضية..لكن..لم تسمح لي امك وادونيكا بذلك"
فرد بجمود دون ان ينظر نحوها " لقد طلبت منهم..ذلك.."..
"لماذا؟؟" هتفت باسى وهي تبكي واستدارت للجهة المقابلة من السرير لتنظر لوجهه مباشرة لكنه احجم عن النظر لها..
اسرت وجهه بين راحتيها اللتان تحرقانه بشدة وهمست بخشية "هل انت مستاء مني؟؟..انا اسفة..صدقني..لو املك ان امحي كل ما عانيته بسببي..لفعلت (اخذت تبكي.).انا اسفة..سامحني..لم اشأ ان يصيبك اي اذى..بسببي "
ومالت على كتفه تبكي بمرارة فلم يحتمل ان تبكي وتعاني هكذا ,وقد اغرقته دموعها المنهمرة بغزارة ,فرفع ذقنها بيده ونظر لها بحنو وهمس بأنفعال " انا لست مستاء منك..(ابعد خصلة متمردة من شعرها الذهبي عن عينيها المحيطيتين الجميلتين والتي اشتاق لرؤيتهما جداً وكره ان يراهما غارقتين بالدموع ,فتابع بانفعالٍ صادق)انا لا احملك مسؤولية ما جرى.. لو عذبوني من اجلك ثانية لرحبت بذلك.."
صاحت باكية " لا ..لا تقل هذا..ارجوك انا سعيدة بخلاصك من ذلك الجحيم.."اسند ظهره على الوسائد الوثير ,واجبر نفسه على القول
" رغم هذا ...فأنا ارجوك ان تغادري..( كان يريد ان يكمل قبل ان افقد عزمي..وابقيك معي طوال العمر لكنه همس بأسى ) لا يجب ان تكوني هنا..ستغادرين بعد ايام وستقفلين على هذا الفصل من حياتك,فلا داعي لتشعري بالسوء...والآن..ارجوك اذهبي .."وانزل يده واشاح بوجهه عنها
لكنها استوقفته وامسكت بوجهه وادارته ليواجهها..وقالت بألم "كيف تظن ان هذا ممكن ...(ثم تابعت بتحدي وعزم " انا لن اغادر ابداً..سأظل هنا..معك..اتفهم "
"لا لن تفعلي."نهرها بعصبية وامسك يديها وانتزعهما عن قميصه وهتف بحدة " سوف تغادرين ...اتفهمين أنا لا اريدك ان تبقي هنا ..اسمعتي."
" لكني ..احبك..غابرييل.." هتفت بحرقة
"هذا وهم...وهذا خطأ " زمجر بصوتٍ مخنوق
صرخت بأنفعال "لا... ليس وهماً ولا خطأ "وحاولت ان تحتضنه ثانية ..لكنه ابعدها بقسوة وزمجر بصوتٍ مخنوق .
" كانت ظروفاً خاطئة هي ما جمعتنا..وحين يفترق طريقنا وتعودين لبلدك ولحياتك السابقة ..لن تفكري هكذا..."
" لا ليس صحيحاً ... فأنا أعلم يقيناً اني احبك واريد ان اظل بقربك طوال عمري ,فكيف تظن أن حبي خطأً ووهم ...." لم يجبها وتجنب حتى النظر اليها فقالت بقوة " دعني اخبرك شيئاً لم اكن يوماً فتاةً مثالية ,وقد ارتكبت في حياتي الكثير من الآخطاء ,لكن ان كان كل خطئٍ ارتكبته قد حصل معي لكي يوصلني هنا ..لهذه اللحظة التي أكون فيها معك الآن ...فاسمح لي ان اقول لك بأني لست نادمة على اي خطأٍ ارتكبته وبما في ذلك حبك الذي تدعي بأنه وهمٌ وخطأ . ...لأنه ليس كذلك ... حبي لك هو الصواب الوحيد الذي فعلته في حياتي ,هو اروع ما حصل لي ....اتفهم " صاحت بألم
فهمس بخفوت " هذا ليس حباً ....انت واهمة ...تظنين هذا لأنك تشعرين بالتزامٍ نحوي وبأنك مدينة لي لا اكثر ...دعيني اخبرك بأنك لست مدينةً لي بشيء ولا تحملي نفسك وزر ما حصل لي ...وما ان تعودي لبلادك ولحياتك ستختلف مشاعرك " نطق كلماته الآخيرة بألم شديد لم يغب عنها فصاحت بقوة
"لا...الامر ليس كما تظن أنا ادرى بمشاعري واعلم اني احبك "
فصرخ بألم وقال "وانا ادرى بمشاعري..وأنا لا..((وصمت وهو ينظر في عينيها الباكية المتألمة فلم يستطع قول لا احبك..لان كذبه سيفضح لذا اختار ان يقول وهو يحاول الهروب من عينيها ))..لا اريدك هنا افهمتي..."خرجت الكلمات متبعثرة من حنجرته المختنقة بالعبرات
شعرت بقلبها يهوي من صدرها ويسقط على الارض بين قدميها فلا يجد من يرفعه ويعيده لها..كان في عينيه غضب قاتل وهو يؤكد بأنه لا يريدها..
"غادري الان (همس بحدة قبل ان يدير ظهره لها) اريد ان ارتاح.."قالها بمرارة لأن هذه الكلمات تألمه بشدة..اكثر مما تؤلمها..
بقيت جامدة في مكانها لاكثر من دقيقة غير مصدقة ما سمعته من قسوة كلامه..فُتح الباب ليظهر منه رأس دافيد الذي قال بمرح "ها.. هل انتهيتم ايها العشاق.. ؟؟" ( لكن ما رأه الجمه الكلام..)دموع لونا المنهمرةُ بغزارةٍ على خديها..والغضب المشوب بحزنٍ عميق الذي يشع من عيني اخيه الذي يواجهه ..لم يكن هذا ما توقع ان يراه بعد لقائهما ..
" ما الذي يجري هنا ...أوه يا الهي ماذا تفعلين هنا..؟؟"(صاحت كارلوتا بحدة وهي تنظر لدافيد بغضب..) ارجوك اخرجي..بسرعة.." قالت بحنق للونا التي كانت نظراتها تستغيث هذا الذي اولاها ظهره وتلتمس موقفا ًمؤيداً منه يخبرها بأنه يريدها كما تريده ويريدها ان تبقى معه , لكنه ظل جامداً صامتاً كتمثال حجري يوليها ظهره ,شهقت باكية وركضت خارجاً تنتحب دون ان تلوي على شيء..وما ان خرجت حتى اخذ غابرييل بالبكاء بصمت فزاد موقفه من ارتباك وحيرة دافيد الواقف بصدمةٍ ووجوم عند الباب ,فهو لم يرى بحياته اخاه يبكي ابداً ,قامت كارلوتا بدفع دافيد بقسوة خارجاً ونظرت له بغضب شديد وقالت بلوم"كذبت علي دافيد ...سنتحدث لاحقاً عن تصرفك الوضيع هذا والآن اخرج من هنا .... " ثم اقفلت الباب في وجهه فظل دافيد ينظر للباب المغلق بذهول لا يدري ماذا يعمل وهو يرى الصراع المرير الدائر امامه.....
استدارت كارلوتا لترى انهيار ابنها الذي يصارع قلبه بشراسة فتألمت من اجله وهمست لنفسها بحنق "لمَ كان عليه ان يقابلها ؟؟لمَ كان عليه ان يحبها؟!! سيدمره حبها ...سيدمره " .

********************************************
تعريفات
Montoneros(المونتونيروس) (بالإسبانية: Movimiento Peronista Montonero-MPM) كانت جماعة حرب عصابات يسارية أرجنتينية ، نشطت خلال الستينيات والسبعينيات.واختارت نفس الأسم الذي استخدمته ميليشيات سلاح الفرسان من القرن التاسع عشر التي تدعى مونتونيراس والتي حاربت من أجل الحزب الاتحادي خلال الحروب الأهلية الأرجنتينية .

الجيش الشعبي.. (بالإسبانية: Ejército Revolucionario del Pueblo ، الذي اختصر باسم ERP) هو الفرع العسكري للحزب الشيوعي Partido Revolucionario de los Trabajadores (فريق إعادة الإعمار ، الحزب الثوري العمالي) في الأرجنتي خاض معارك ضد الجيش الرسمي في الأرجنتين في فترة الحرب القذرة وتم تصفية اعضاؤه مع شباب المنونيروس. بعد عودة بيرون في 1973
(والش: هو رودولفو والش (بالإنجليزية: Rodolfo Walsh) 1927 – 1977 م هو كاتب وصحفي من الأرجنتين وهو رائد الصحافة الاستقصائية وكان ممن فضحوا سياسة العسكر التعسفية وكان احد ضحاياهم)


نهاية الفصل التاسع

noor elhuda likes this.

ريبانزيل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 20-06-18, 11:11 PM   #177

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل جميل
لونا لم تمنح الفرصة باولو الذى كاد يغتصبها فقدقاومته و وصل غابريل وقتله وهربا
وظهور والد غابرييل الطبيب الذى عالج ابنه
وادونيكا ما علاقتها بغابريل؟؟؟؟؟يبدو انها تحب غابريلل وتغار من لونا
سلمتى يا ريبانزل
وكل عام اونتى بالف خير
وبانتظار القادم




قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 20-06-18, 11:12 PM   #178

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 2 والزوار 1)
‏قمر الليالى44, ‏ريبانزيل


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس
قديم 20-06-18, 11:26 PM   #179

ريبانزيل

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام وقصص وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية ريبانزيل

? العضوٌ??? » 353483
?  التسِجيلٌ » Sep 2015
? مشَارَ?اتْي » 5,383
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » ريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond reputeريبانزيل has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك aljazeera
?? ??? ~
I have hated the words and I have loved them and I hope I have made them right
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فصل جميل
لونا لم تمنح الفرصة باولو الذى كاد يغتصبها فقدقاومته و وصل غابريل وقتله وهربا
وظهور والد غابرييل الطبيب الذى عالج ابنه
وادونيكا ما علاقتها بغابريل؟؟؟؟؟يبدو انها تحب غابريلل وتغار من لونا
سلمتى يا ريبانزل
وكل عام اونتى بالف خير
وبانتظار القادم


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44 مشاهدة المشاركة

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 2 والزوار 1)
‏قمر الليالى44, ‏ريبانزيل
اهلاً يا قمر الليالي ....وسعيدة بوجودك والفصل التاسع نزل هلأ بتمنى تقرأيه ويعجبك


ريبانزيل غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-06-18, 07:03 AM   #180

تالا الاموره

? العضوٌ??? » 320247
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,200
?  نُقآطِيْ » تالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond repute
افتراضي

الله ع الابداع والجمال ( ماشاء الله)
الفصل قمة في الروعه والمتعة
في هذا الفصل اجابة لكثير من تساؤلاتي ، وفيه كمية صراع مؤلمه جدا من ناحية غابرييل

سلمت ع هالابداع، في انتظار باقي القصه ❤


تالا الاموره غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:42 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.