فاز بقلبها * مميزة و مكتملة *

[قمر الليالى44]

كويس ان جوليان وصل فى الوقت المناسب قبل ان يفعلو شيئا سيئا لاليس ودانى
وهو ادرك انهم بخطر
ويحاول بكل قوته حمايتهما ولن يتخلى عنهما
اليس وشكوكها وفضولها بخصوص جوليان
يسلمووووو وبانتظار القادم

[قمر الليالى44]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 3 والزوار 0)
‏قمر الليالى44, ‏الوفى طبعي الوفى, ‏samam1

[ام هناء]

سلمت يداااااك
عسل في عسل
حماك الله

[ريبانزيل]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قمر الليالى44

كويس ان جوليان وصل فى الوقت المناسب قبل ان يفعلو شيئا سيئا لاليس ودانى
وهو ادرك انهم بخطر
ويحاول بكل قوته حمايتهما ولن يتخلى عنهما
اليس وشكوكها وفضولها بخصوص جوليان
يسلمووووو وبانتظار القادم

[ريبانزيل]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام هناء

سلمت يداااااك
عسل في عسل
حماك الله

تسلمي يا صديقتي

[ريبانزيل]

صباح الخير جئتكم بالفصل الثامن هو فصل قصير بس مؤثر ارجو ان تستمتعوا به جميعاً


الفصل الثامن
الأعتراف

في مكانٍ مظلمٍ مهجور كانت تقف وحيدة...سمعت أنيناً وبكاءً مريراً ...دنت من مصدر الصوت الملتاع وهتفت بقلق
"مرحباً هل هناك احد؟؟؟"

لتفاجأ بحركةٍ مريبةٍ خفية خلفها ...استدارت لترى بقعة نورٍ خافتة مسلطةٍ على امرأةٍ باكية بشعرٍ نحاسيٍ طويلٍ منسدل يصل للأرض..هي تعرف هذه الهيئة تعرفها جيداً هتفت بلهفة

"ليزا؟!!"

لترفع اختها وجهها الشاحب نحوها ,فشهقت اليس من لوعتها وخوفها بعد ان رأت اختها تبكي دماءً بدل الدموع ...صاحت بألم

"ليزا ما الامر ...؟"

هتفت ليزا بعتبٍ ولوم "لماذا يا أليس ؟!!...لماذا فرطتي بداني؟؟؟ لقد وعدتني.."

همست اليس بقوة "انا لم افعل داني معي...انظري..."

تلفتت اليس حولها بهلع فلم تجد داني ...اخذت تنادي عليه بلوعة ... "داني ...داني ....اين انت؟؟؟" لكن دون مجيب ...."داني...داني....دااااااااان ي"

*********************
شهقت اليس بقوةٍ ورعب واستيقظت مضطربة وهي تتصبب عرقاً واحتاجت لدقيقة حتى تدرك اين هي..نظرت لداني بقلق فوجدته غارقاً في نومٍ هادئٍ بقربها فضمته بحنانٍ كبير ولهفة ...وهمست براحة

"الحمد لله كان مجرد كابوس..." ثم فكرت بتكدر "يا الهي ماهذا الحلم المريع ؟!! "

دعكت جبينها لتزيل بقاياه المريعة العالقة في ذهنها ,وتفقدت الساعة بزاوية عينها فوجدتها الواحدة بعد منتصف الليل . (ثم تابعت بتوجسٍ وهي تتلفت حولها بخوف )"ترى هل عاد جوليان ؟؟"

نظرت صوب باب غرفتها فرأت ضوء الصالة يتسرب من الشق اسفله ,هي تذكر انها اطفأته قبل ان تنام كما اعتادت ان تفعل في منزلها ,فمن اضاءه؟؟؟

سحبت نفسها من جانب داني بهدوء حتى لا توقظه ثم سارت نحو الباب بهدوء وفتحته قليلاً واختلست النظر للصالة فشاهدت جوليان يذرعها ذهاباً واياباً وكأنه جندي يحرس الحدود ، تأملته بصمت لبرهة وكان ظاهراً عليه بوضوح انه يفكر بعمق ,لاحظت شعره الاسود الكثيف والذي تشعث من كثرة ما مرر اصابعه خلاله لكن رغم هذا بدا لها جذاباً بشكل آسر ,ولم تقلل البيجامة الداكنة التي يرتديها من جاذبيته ...

تسائلت بحيرة "هل يعاني الارق ويجد صعوبة في النوم مثلي ؟؟"

عادتت تتأمله بشوقٍ خفي دون ان تنبهه لوجودها ,وشعرت بحاجةٍ ملحةٍ للذهاب اليه ومحادثته لتعرف ما يشغله ويبقيه ساهراً ...كما رغبت بأن تعرف ما ينوي فعله الآن بعد ان جاءوا للندن, لكنها ترددت بارتباك وفكرت ان تورجئ الامر للصباح...

رأته يخطو صوب الاريكة ويستلقى عليها ثم زفر بسأم ,فأدركت انه لا ينوي التوجه لغرفته وكأنه يخشى ان يترك موقع حراسته ولو حتى لدقيقة..شعرت بالتعاطف الشديد معه ,والتقدير والأمتنان لتفانيه في حمايتهما...التفتت نحو سريرها وايقنت ان النوم طار من عينيها ولا سبيل له الآن ,فتجاسرت وقررت الخروج ومحادثته علها تنسى حلمها المخيف المزعج ..

استلت دثارها الزهري القديم من فوق المشجب وارتدته فوق قميصها نومها - القطني القصير الباهت من كثرة ما غسل - وخرجت من الغرفة وتوجهت نحوه على استحياء ....

سارع جوليان بالاعتدال جالساً حين انتبه لها وسألها باهتمام "ما الامر ؟؟...اهناك خطب ما ؟"
هزت راسها نافية ثم قالت من دون ان تجرؤ على التحديق به طويلاً, فقد شعرت بالأضطراب وبحرارةٍ تجتاحها حين رأت صدره البارز من تحت قميص بجامته مفتوح الازرار ..

قالت بتلعثم " خرجت ...لأشرب كأس ماء "

وتجاهلت قارورة الماء التي أخذتها معها لغرفتها قبل ان تأوي للنوم حتى إذا احتاج طفلها شرب الماء تجدها بقربها ....لكنها لم تجد حجة اخرى تقولها ,فهي لم تجرأ على القول انها خرجت لتتحدث معه .
استقام جوليان واقفاً وخطى صوب الثلاجة الصغيرة الملحقة بالصالة واخرج منها عبوة ماء فتحها وصب لها كوباً من الماء وناولها اياه ...

فابتسمت له ابمتنان لمبادرته اللطيفة ومدت يدها تأخذه منه بأمتنانٍ ,فتلامست اصبعهما للحظة اصطدامٍ عفوية لكنها بعثت حميميةً في جسديهما معاً ,واشعلت نيراناً في جسدها كانت خامدةً فيما مضى فكادت ان تحرقها ,فسحبت يدها فوراً بارتباكٍ وحرج وكادت الكأس ان تسقط منها لولا ان تدارك جوليان الأمر وثبتها بمهارة وابتسم لها بعذوبةٍ وهو يلتهمها بنظراته الولهى ...

فعادت أليس تلعن تصرفاتها الطفولية المضطربة بحضوره وتماسكت واخذت الكأس منه بخجل ..ثم شربت بصعوبة جرعة ماء لتخفي اضطربها ...ثم تشجعت وقالت
"الحقيقة ..اني ...لا استطيع النوم .."

تنهد جوليان وقال مقراً " وانا ايضاً ..لم اقدر على النوم..."

فنظرت له بتعاطفٍ واقرت بأسف "اسفة لتكبيدك هذه المشقة ..."

فرد بسرعة وانفعال "لا داعي للاسف فأنا سعيد للقبولك المجيء معي ...بهذا الشكل استطيع حمايتك وداني بشكل افضل.."

عندها تجرأت لقول ما يؤرقها ... فهتفت بلهفة " جوليان...أنا...!! " لكنها لم تستطع النطق بكلمة اخرى فقد الجمتها رؤية لمعان عينيه الساحرتين وهو يحدق فيها بطريقةٍ غريبة ,وحين طال صمتها عاد يستحثها بلهفة وسعادة لأنه سمعها تلفظ اسمه بشكل سلس وطبيعي دون تكدر او نفور كالسابق ,لم يسمع اسمه يلفظ بهذا الجمال من قبل ,فبدا بصوتها اجمل من الموسيقى في اذنه ..
"ماذا!! "عاد يسألها بترقب ولهفة

استجمعت شجاعتها وقالت "انا اسفة لاتهامك سابقاً بأنك.... يمكن...ان " ولم تجرؤ على اعادة قول الكلمات القاسية التي اتهمته بها ,لكنه عرف ما تقصد فتابع بتكدر لم يستطع اخفاءه
" تقصدين بأني قد أؤذي داني ..اليس كذلك؟؟"

هزت راسها بأسف وهي تتجنب النظر اليه فقد شعرت بالحرج منه ...
رد عليها بهدوء كبير وتفهم .."لا انكر ان كلامك جرحني للغاية ... لكني ادرك مقدار اضطرابك وخوفك على مصيره...ولا ألومك ابداً ...بل اتفهم موقفك تماماً..."

ثم اشار لها ان تجلس بقربه " ارجوك اجلسي فأنا اود محادثتك بأمر مهم.."

دنت منه وجلست بقربه تنتظر بلهفة وترقب ما سيقوله ,لكنه بدا متردداً او ربما يحاول انتقاء كلماته بدقة خِشْيةَ أن يزعجها بقوله ,واخيراً قال بصعوبة
"اود اخبارك بأمر مهم ...الحقيقة ..انا اشعر اني مسؤول نوعاً ما عن كل ما جري لكم"

يتبع

[ريبانزيل]

ضغطت أليس على الاريكة بشدة لتفرغ بعضاً من توترها ,فها هو يريد اخبارها بحقيقة ما جرى ,لم تستطع منع صوتها من الاهتزاز حين سألته :

"ماذا تقصد؟؟ "

فأخذ يعبث بشعره كعادته حين يضطرب ثم تجرأ وقال..."ان الوضع في عائلتي مربك واظن ان ادريان اخبرك بذلك سابقاً.."

لم تجرؤ ان تخبره انها لم تكن تعرف عن اسرة ادريان سوى القليل لأنه لم يكن يتحدث عنهم كثيراً ,لكنها بالفعل رغبت بمعرفة حقيقة وضعهم لتعرف كيف تتصرف معهم ....فقالت بحيادية ...
" اعرف انه لم يكن متفقاً مع اهله ..."

شخر جوليان بتهكمٍ مرير وأقر ..."الامر اعقد من هذا بكثير ..."

صمت لهنيهة ثم اردف قائلاً " لا ادري ان كان الوقت ملائماً للخوض في مثل هذا الحديث ...لكن اعتقد انه من الضروري لكِ ان تفهمي حقيقة الوضع بالكامل وكيف كانت تجري الأمور في عائلتي ...لتكتمل الصورة لديك وتفهمي حقيقة ما حصل (ثم استدرك قائلاً ) لكن ان كنتِ متعبةً فأنا اتفهم هذا ,يمكننا ارجاء الحديث فيما بعد ...."

ردت بثقة " لا بأس انا لست نعسة ...والحقيقة ارغب فعلاً بفهم دوافع الكونتيسة للقيام بكل ما تفعله...كما ...(ترددت لدقيقة ثم تجرأت ونظرت اليه وقالت بخفوت ) ارغب بمعرفة دوافعك انت ايضاً ..اعني حقيقة تصرفك معي حين حضرت اول مرة.."

حدق بها جوليان بصمت وعرف ما تقصده تماماً ...وكان يريد ان يحدثها بالامر ايضاً ليفهم حقيقة مشاعرها نحوه ولمَ تفاعلت مع قبلته في ذلك الوقت ان كانت تحب زوجها وتخلص له ...لكنه فضل الحديث عن اسرة ادريان اولاً ..فاخذ نفساً عميقاً ثم قال بتأني :

" اظنك تعلمين ان دوقية لوكسمبروج من الامارات الصغيرة المتبقية في اوروبا و التي تحتفظ بنظام ملكي وراثي..."
(هزت رأسها إيجاباً فهي تعلم تلك المعلومة فقد درست في الجامعة عن الممالك والامارات المتبقية في اوروبا وعن نظام الحكم فيها ضمن منظومة النظام الدولي)

تابع جوليان " رغم التطور الهائل والنهضة الحضارية التي تشهدها بلادي والتي جعلتها تتربع في قمة الهرم بين الدول الأكثر رفاهيةً وتقدماً وحضارة في العالم...لكن مع الأسف فلا زالت بعض الاسر فيها تلتزم بتقاليدها الضاربة في القدم... تعرفين الاروستقراطية التي ترفض ان تبارح مكانها رغم أن اتباعها صاروا قلةً في زماننا , لكن من بقي منهم يرفضون التخلى عن إرثهم التقليدي ..وعائلة فياندن عائلة لها اصول ضاربة في القدم في تاريخ الامبراطورية الألمانية وفيما بعد حين استقلت لوكسمبورج عنها .."

تنفس بعمقٍ واسترسل حديثه قائلاً " كان اجدادي من الاقطاعين الكبار ..الذين مارسوا سطوتهم وجبروتهم للسيطرة على املاكهم وفلاحيهم ,وعلى الرغم من اختلاف الزمن وانقضاء زمن الاسياد والعبيد ,الا ان بقايا التسلط كانت تجري في دماء عمي جاريون ..كان متسلطاً ومتجبراً و متشرباً للفكر الأقطاعي ,و يعتبر نفسه كونه الكونت فياندن انه الآمر الناهي وعلى الجميع طاعته والخضوع لمشيئته تماماً كما كان اسلافه ..."

زفر بفتورٍ واقر بأسى " ولم اكن انا وادريان خارجين عن دائرة سلطته ... حياتنا مستقبلنا ..ماذا ندرس؟؟ ماذا نعمل .؟؟ وبمن نتزوج ؟؟..كل شيء يحدد لنا من قبله وعلينا السمع والطاعة.."

"هذا امرٌ سخيف !! يصعب التصديق ان هناك من يقبل العيش بهذا التزمت في عصرنا الحالي.." علقت بأستهجان ...

فنكس جوليان رأسه بضيق وأقر "لكن هكذا كنا نعيش انا وادريان..."

ادركت ان ما يقوله ليس ضرباً من المبالغة ,بل وصفاً لواقعٍ مؤلمٍ عاشه , فهتفت بتكدرٍ لا يخلو من الاستهجان فقد كانت مندهشة مما تسمعه ,فهل يوجد تخلفٌ كهذا في الوقت الحالي

" هذا رهيب ..كيف استطعتم العيش هكذ ؟؟؟ ولم قبلتم بذلك...؟؟!!!!!!!"

ثم دون وعيٍ منها اخذت تقارن بين اسلوب نشأتهم كما اخبرها وبين الطريقة التي رباها فيها والديها على ان تكون شخصاً مستقلاً له كيانه ورأيه يفعل ما يحب ويرغب به لكن تحت اشارفهم وتوجيهم...

من نظرة الاستهجان التي تعلو وجهها ادرك جوليان ما تفكر به فقال بخفوت وضيق
" اعرف ان الامر يبدو سخيفاً في رأيك ورأي الكثيرين ...لكن صدقيني حين يتربى الانسان منذ صغره على الخنوع والطاعة العمياء, فإنه يحتاج لشجاعة كبيرة ليكسر قيوده ويخرج عن بوتقة العائلة المتزمتة ,وقد يجازف بكل شيء لتحرر وربما يجازف بمستقبله أو حتى بحياته .. "

تطلعت له بتمعنٍ وهي تراقب تقلصات وجهه التي تعكس مقدار المه ,ثم اكمل بمرارةٍ لم تخفى عليها
"لم يكن الامر سهلاً علينا في طفولتنا ومراهقتنا وحتى في شبابنا ,ومهما اخبرتك لن تصدقي كيف عشنا تلك المرحلة .. كنت و ادريان الطفلين الوحيدين في العائلة , وقد تم عزلنا عن محيطنا ليتم تشكيل شخصيتنا على هواى عمي متحجر العقلية ,نتلقى دروسنا في القصر معظم الوقت من معلمين مختصين ينتقيهم عمي بنفسه, ويضع لهم الخطة المنهجية لتشكيلنا , ليتم اعدادنا لنكون افراداً لائقين بأسرة فياندن كما كان يحلو له ان يقول ..."

(شخر بتهكم مرير ثم اكمل ) "كان هذا قتلاً لطفولتنا التي كانت تستصرخ طلباً للنجاة ..."

شحب وجه أليس من تعبيره المؤلم وراقبت معالم وجهه بدقة وهو يكمل بمرارة
" لذا كنا نغتنم اي فرصةٍ سانحة لنهرب فيها ونلعب ...لا انكر – ولأني أكبُر ادريان بعامين – كنت اوعى منه لخطورة مخالفة أوامر عمي...لكني كنت كثيراً ما انجرف خلف طفولتي التي تستصرخ فيّ ان اتحرر من قيودهم ...اما ادريان فكان يهرب من سيطرة ابويه بالادعاء انها غير موجودة اصلاً...وبمحاولة التمرد عليها كل ما ستنحت له الفرصة لذلك "

صمت لنحو دقيقةٍ وكأنه تاه في تلك الذكريات المؤلمة ثم همس بخفوتٍ لا يخلو من الأسى "منذ الصغر كان يتسلل بالخفاء ليلعب مع اصدقاءه من ابناء الفلاحين والمزارعين المقيمين في قرية فياندن القريبة ,رغم التشديد الصارم علينا بأن لا نذهب هناك وحدنا وأن لا نختلط بالقرويين .

فادريان كونه وريث اللقب يتحتم عليه الاحتكاك بطبقةٍ معينةٍ من المجتمع ,وهي تلك الطبقة التي تنتمي لها اسرته ....لكنه كره اللقب وكره تزمت اسرته وعنصريتها ...كما فعلت انا.... لكنه زاد عني برغبةٍ جامحةٍ مجنونة تفجرت داخله دفعته دوماً للأستمتاع بكسر القواعد و رفض الأنصياع للأوامر تصل به حد المجازفة بنيل العقاب ,لكنه رغم هذا كان يخشى عقاب ابيه بشدة ,لذا لم يكن يجرؤ على الأعتراف بذنبه بل ..."

(صمت جوليان يزدري ريقه وكأن ما سيقوله ثقيل الوطأة عليه ...لكنه تماسك وتابع بمرارة شديدة وكأنه يلفظ اشواكاً جارحة ) " بل كان يظل صامتاً حين كان يلقى باللائمة علي زوراً ..."

همست أليس بخفوتٍ وحيرة " ماذا تقصد؟؟"

تابع جوليان بتكدرٍ كبير " لقد فرضت امه ازابيل - والتي لم تكن ترغب في ان يعاقب ادريان على اخطائه المتكررة وأيضاً لم تستطع منعه من القيام بهذه الأخطاء ومخالفة اوامر ابيه - فرضت علي ان الاحقه كظله وألازمه بكل مكانٍ يذهب اليه حتى إذا حصل وخالف ادريان الأوامر اكون انا الذي في الصورة وليس هو...فتقول للعمي بأني من كنت العب مع الفلاحين وليس ادريان ... فأتلقى انا العقاب نيابةً عنه .."

تألمت أليس للصورة التي تخيلتها عن طفلٍ صغير حمل هذا العبئ الكبير وسألته بأسى " ولمَ اطعتها ؟!! ما الذي اجبرك على ذلك ؟!! ألم يكن هناك من يدافع عنك ؟؟؟ اين ابواك ليقفا بوجه هذا الظلم .؟؟؟"

فاشاح جوليان بوجهه بتكدرٍ جلي وشيءٍ من الغضب المكبوت وقال " لم يكن لأبي دورٌ يذكر فقد كان خاضعاً تماماً لسطوة اخيه ,وامي ( ترقرقت عيناه بالدموع التي جاهد في كبتها ثم اكمل بخفوت مؤلم ) كانت تنال نصيبها من تجبر عمي وزوجته ...."

ثم زفر بمرارةٍ واقر " ولم يستطع احدٌ ان يفعل شيئاً .. "

(ثم تابع بأسى )"لا انكر ان ادريان كان يرفض ان يزج بي في خضم كل هذا ...لكنه لم يسعى ابداً للتغير من سلوكه الأهوج "

كان في كلامه شيءٌ من اللوم لأدريان تفهمته أليس لكنها ذكرته برقة وتأثر "كان مجرد طفلٍ صغير يرغب باللعب ...."

فهمس جوليان بمرارة "اعرف هذا ...وكذلك كنت انا ....كنت كأدريان ارغب بمساحةٍ من اللعب ,لذا كنت ارافقه طبعاً لنلعب سوياً ,كنت مثله اتمنى ان اجد متنفساً من كبت عمي وتزمته ,لكن ادريان لم يكن يكتفي باللعب ...كان دائماً ميالاً للتحدي والتمرد ...إن عرف بأن هناك مكاناً يمنع علينا التوجه اليه او شخصٍ يمنع علينا الحديث معه ...كان يتحدى الجميع ويذهب اليه ...كنا اطفالاً مجرد اطفال لم نتجاوز الحادية عشرة بعد....لكن تصرفاته الهوجاء وتهربه من تحمل تبعاتها وضع العبئ علي وحدي....وامه كانت تبرع في القاء اللوم علي دوماً "

كان يتحدث بمرارة كبيرة وألم ٍ اثاره بشدة فاحتاج لبعض الوقت للسيطرة على انفعالاته ...كان في قرارة نفسه يدرك الأسباب التي دفعت ابن عمه لكل هذا التمرد ,لكنه كره ان يكون من يدفع ثمن اخطائه دوماً ...

لم تجد أليس ما تقوله ليخفف من حزنه وأساه فلزمت الصمت منتظرةً ان يكمل حديثه وبعد وهلةٍ تابع بتكدر " لكن الأمور اخذت بالتفاقم اكثر واكثر بعد ان كبرنا ...لم يعد الأمر متعلقاً ببعض المخالفات والمشاكل والحديث مع الفلاحين ...بل زاد تهرب ادريان وتفلته من مسؤولياته وكنت دوماً مجبراً على تنظيف الفوضى التي يتركها خلفه..."

"ماذا تقصد بالفوضى التي كان يخلفها ؟؟..انا لا افهم...:" تسائلت بحيرةٍ وشك من تلميحه

رغم خشيته ان تكذبه لكنه عزم على قول الحقيقة كاملة دون تزيف فتابع قائلاً " اعني سهراته واصدقائه (تردد للوهلةٍ قبل ان يكمل ) و...صديقاته .."

(كان يترقب ان تصرخ بوجهه قائلة كاذب لكنها لم تفعل بل نكست بصرها ولم تقل شيئاً فتجرأ وتابع )
"اخذ التعبير عن كرهه لتزمت والده منحنىً آخر اشد خطورة ...فقد بات يكثر من السهر والشرب و...العلاقات ."

ارادت اليس ان تحتج على قول جوليان هذا, لكنها لم تستطع ان تنكره ,ففي قرارة نفسها تدرك انه لم يجافي الصواب ,فقبل ان تتوثق معرفتها بإدريان وقبل زواجه من شقيقتها كانت تسمع من بعض زميلاتها بأنه هوائي وكثير السهر والعلاقات...حتى انها سمعت بعض الفتيات في الجامعة يتفاخرن امامها بأنهن قضين وقتاً حميماً معه ,ورغم هذا لم تنظر له يوماً بانتقاصٍ او كره ...بل بررت تصرفه بإنه كحال العديد من الرجال والنساء من ابناء عصرها الذين يعيشون نمط حياةٍ متحرر متعدد العلاقات ..لكنها تثق تماماً بأن ادريان اختلف تماماً بعد تعرفه بليزا ..

لقد كان وفياً جداً لأختها وقد التزم بعد زواجهما واخلص لها ,لذا لم تجد اليس مبرراً ان تنغص على اختها بإخبارها بعلاقاته السابقة على اساس انها كانت قبل الزواج بها لذا لم تعدها خيانة ,بل لعلها تجزم بأنه قد اعترف لليزا بكل شيء قبل زواجهما....لكن رغم اقرارها بأن ما يقوله جوليان قد يكون حقيقة ,لكنها لم تستطع ان تبقى صامتة ولا تدافع عن ادريان ,لقد شعرت بضرورة الدفاع عنه لأنه ميتٌ الآن ولا يقدر عن الدفاع عن نفسه..

فقالت بضيق " ربما كان ما تقوله صحيحاً لكن أنا اؤكد لك انه لم يكن هكذا منذ زواجه ..اعني لم يكن الامر كما تصف.."

أقر جوليان بحزن " اجل لقد ادركت ذلك ولكن مع الاسف في وقتٍ متأخر, لقد غيره زواجه بكِ حقاً "

(نكست اليس رأسها حتى لا تفضحها نظراتها ,فهي وإن كانت تكره الكذب لكنها لاتقدر على اخباره بحقيقة أنها ليست ليزا .....ليس بعد ,عليها ان تتأكد من دوافعه اولاً

تابع جوليان بتأثر" ...لقد جعلته رجلاً اخر يا ليزا ...اظنه أحبك حقاً..."

قالها بشيء من الاسف والتحسر وهو يحدق بها بغموض..فشعرت بالارتباك الشديد من نظراته التي لم تستطع تحليلها وسبر اغوارها ....ثم اكدت لنفسها انه ان كان هناك شيء غير ادريان فعلاً فهو حبه الصادق لليزا ,وحب ليزا له ....كان حباً فريداً نقياً صادقاً متبادلاً ..

يتبع

[ريبانزيل]

تابع جوليان كلامه قائلاً بانزعاج "لكن من بين جميع اخطاء ادريان في الماضي كان هناك خطأٌ واحد له تداعياتٌ اثرت على حياتكما وزواجه بكِ"

" ماهو...؟ " سألت باهتمامٍ وترقب

" لقد كان خاطباً لفتاة اخرى.. "

" ماذا ...؟ " كيف يعقل هذا .....ومن هي.؟؟"

فكرت اليس بذهول مما تسمعه ,فهي لم تسمع من ليزا شيئاً عن هذا الامر او لعل اختها لم تكن تعلم بذلك ايضاً ,فعادت تسأله بشك
" اتقصد انه ظل خاطباً لها رغم زواجـــ"

ولم تكمل عبارتها لأن جوليان هز رأسه بإيجاب فسألته بخشية "من هي تلك الفتاة ....؟!!"

فرد بخفوت "تدعى مارتينا ميتاغ ...وهي نفسها المرأة التي تزوجها ادريان بعد طلاقكما..."

شهقت اليس بصدمةٍ حين تذكرت رسالة الكونتيسة الباردة المقيتة التي وصلت لاختها وكان فيها صورة ادريان مع تلك الفتاة التي خطبها ...اذاً فهما كانا مخطوبين قبل تعرفه بليزا ,لم تستطع استيعاب تصرفه فسألت بشك وحيرة

"كيف يعقل هذا !!!!!!....لا يمكن ان يكون خاطباً من فتاة ويتزوج آخرى ...لا بد ان هناك خطأً ما ...ربما كان قد فسخ خطبته بها قبل...." ولم تستطع الاكمال مرةً اخرى لأن جوليان عاد يهز رأسه بأسف وتابع

"مع الأسف لم يفسخ خطبته منها ....بل على العكس هو غادر للندن بعد خطبته بشهرٍ واحد....ودون ان يعلم احد...."

لم تستطع اليس استيعاب ما يقوله ,فكيف يمكن لأدريان ان يفعل شيئاً مريعاً كهذا ...كيف ؟؟؟ هل يعقل ان وصل به التهور والأستهتار لهذا الحد من الأستخفاف بمصائر الناس ,وكأن جوليان فهم ما يجول برأسها فتابع القصة

"عليك ان تعرفي حقيقة انه ارتبط بها مجبراً ...لقد كانت فتاةً اختارتها اسرته له....زواج تقليدي .. زواج مصلحة بالحقيقة.. فأمها من اشهر العائلات الاروستقراطية في لوكسمبورج وهي قريبة لازابيل ,كما ان والدها من اقطاب الصناعة في المانيا ومن اغنى اغنيائها وهو شريك لعمي في عمله ...وكان الزواج سيضمن بقاء الشركة ويقويها...لم يستطع ادريان ان يقول لا لابيه لكنه لم يكن يحبها ولم يرغب بالزواج منها ,و بعد الخطبة غادر قائلاً انه سيذهب برحلة استجمامٍ ...وغادر دون ان يُعلِم احداً بمكانه ..وحينها غضب عمي بشدة خاصة بعد ان طال غيابه لأكثر من عام دون اي خبرٍ عنه ...فطلب مني البحث عنه واحضاره.."

"وطبعاً انت فعلت ما طُلِب منك...؟؟!"
تدافع الاتهام لفمها قبل ان تفكر به ,وقد فاجأها رد جوليان حين اعترف بمرارةٍ وانزعاج

" اجل (رد بفتور واسف)..لم يكن باستطاعتي الرفض.."

"لماذا ؟؟(سألته بنوعٍ من الاتهام والضيق من تخيلها لأنه ينساق لتلبية رغبات عمه دون حساب )...انت قلت ان ادريان هرب منهم لأنه كره تزمتهم فلمَ لم تتركه وشأنه..لمَ.؟" علقت بغضب لم تستطع كتمه

"لاني ان لم افعل ما اراده عمي فسيفعله غيري..لكني عندها..كنت سأخسر الكثير..."اقر بصدق رغم صعوبة ذلك

نظرت له بانزعاجٍ غير مصدقةٍ ما تسمعه ثم علقت بحنق " فكرت بنفسك فقط اليس كذلك..؟؟"

وقفت غاضبة تريد الأنسحاب لانها لم تعد تطيق سماع المزيد لأنه يؤلمها.....
لكنه سارع بالأمساك بيدها يرجوها "ارجوك انتظري واسمعيني حتى النهاية ....."

اردت ان ترفض لكنها ادركت انها ان لم تسمع منه الحقيقة فلن تعرفها ابداً ..فأكرهت نفسها على الجلوس والأستماع دون ان تخفي حنقها وغضبها ....لكنها لم تكن غاضبة من جوليان لأنصياعه لعمه فحسب ...بل هي غاضبةٌ اكثر من ادريان, فكيف اخفى هذه الحقيقة عن ليزا .. وكيف يخطب فتاة ويتزوج اخرى ...هذا تصرفٌ جبان في نظرها لا يبرره شيء...."

تابع جوليان بتكدر " انا اقر بخطأي ولا انكره ... لكني يومها كنت ضعيفاً ..كنت اجبن من ان اقول لعمي لا..."

بدا خجلاً من اعترافه ,لكنها اقرت في سرها بأنه ليس بشخصٍ جبان ولا ضعيف , فمن يهاجم رجالاً اكثر منه عدداً ليس جباناً ومن يعترف بخطئه ليس جباناً...ربما كان ضائعاً وتائهاً كحال ادريان ...لكن كلٌ منهما عبر عن ذلك بطريقةٍ مختلفة ....لذا لم ترد ان تقف عند هذه النقطة كثيراً حتى لا تحرجه اكثر... لكنها لن تتجاوز عن نقطةٍ اخرى مهمةٍ في نظرها فسألته بفضول..

"حين اتيت لتصطحب ادريان كيف اقنعته بالعودة معك...؟ "

" اخبرته الحقيقة ...بأن أباه لن يدعه وشأنه وسيعيده مهما كلفه الأمر ...حتى لو اخذك وهربتما لآخر مكانٍ في الدنيا كما كان ينوي ان يفعل ,ما كان عمي ليترككما وشأنكما كان سيوكل كل محققي العالم ليجدوه ,كان سيلاحقه في كل مكان في العالم حتى يعيده ,وصدقيني لقد كان عمي قادراً على ذلك .."

" هل اراد ادريان ان يهرب من مواجهة ابيه...؟؟!!!!" تساءلت باستياء

فرد مبرراً " لأنه احبك ..وخشي ان يخسرك...صحيح اني في بادئ الامر لم اكن اصدق ذلك ,لكني اعلم ذلك الان..."

(زفر بضيق وتابع ) "لقد اخبرته ان عليه مواجهة ابيه وان يقنعه بالتخلي عن فكرة اقترانه بمارتينا ....وان لم يقتنع والده فعليه ان يحاول مع مارتينا نفسها ويخبرها بحقيقة زواجه منك ...ربما تقوم هي بفسخ الخطبة بعد ان تعرف بزواجه منكِ وتعفيه من مسؤوليته ..لكن هذا لم يحصل ايضاً , وبدل ان ينهي خطبته منها ...انهى زواجه منك..."

قال تلك الكلمات وهو يرى دموع الحزن والتكدر تطفح في عيونها ,فتمزق اكثر واكثر لأنه كره ان يظهر بهذا المظهر المتخاذل امامها ,كما كره تعرية ابن عمه امامها لكنه مضطرٌ لمكاشفتها بالحقيقة كاملة حتى تعرف ابعاد القصة ...ولم يعلم انها لم تكن تبكي ادريان الذي لامته بشدة على تخاذله بل تبكي اختها التي عانت كثيراً بسبب كل ما حصل....

تابع جوليان بخفوت " حين طلقكِ ادريان ظننت انه جَبُن واستسلم لوالده بدون قتال ,لكني عرفت منذ فترة بسيطة ان امه الكونتيسة خدعته كما خدعتك ورتبت لأمر طلاقكما..كانت تعترض كل الاتصالات الهاتفية والمراسلات بينكما كانت تعترضها وتحرفها على هواها لتقنع كلاً منكما بأنه راغبٌ بترك الآخر ...وقد نجحت في ذلك... "

انتفضت اليس بعنفٍ وهي تصيح بحدة "اللعنة كيف استطاعت ذلك؟؟؟"

فرد عليها بكآبة "النفوذ يا عزيزتي النفوذ .....لوكسمبورج بلد صغير مقارنة ببريطانيا...ولن يكون اعتراض الاتصالات الهاتفية مشكلة تذكر خاصةً ان عرفت ان تستغل نفوذها لتنال مرادها ,وازابيل تملك من ذلك الكثير ...تملك النفوذ والمال والسلطة "

(زفر بحدة ثم تابع ) "كما اخبرتك سابقاً ...قبل ان احضر الى هنا استدعتني لتعلمني بكل غطرستها بأني لم اعد الوريث ,وان وريث اللقب هو ابن ادريان الذي اخفت امره عن الجميع ....ساعتها انكرت ذلك بشدة وظننتها لعبةً جديدةً منها تهدف لتجريدي من حقي في اللقب وطلبت دليلاً على كلامها فأرتني رسائلك التي كنت ترسلينها اليه والتي ابلغته فيها بحملك ,وحتى انها ارتني رسائل ادريان لكِ ...طبعاً اياً من تلك الرسائل لم تصل لكما ..."
( تابع بتهكمٍ مرير ) "لقد كانت تعترض رسائلكما وتعيد صياغة بعضها بما يتماشى مع خطتها ...حتى انها استأجرت مزوراً محترفاً من بلجيكا ليكتب الرسائل بخطوطكما فلا تشكان بأنها مرسلةٌ من قبل بعضكما البعض ....سعت لتشويه صورة كلٍ منكما عند الآخر ...اخبرت ادريان انكِ ما عدت تريد العيش معه وتطالبين بالطلاق والمال ...لقد ظن ادريان ان هذه رغبتك ...لذا طلقك"

شهقت اليس بمرارة وهي تتذكرألم شقيقتها ومعاناتها حين وصلتها اوراق الطلاق ..لقد تدمرت كلياً ,فشعرت بغصة في صدرها واغمضت عينيها بألم لتمنع دموعها من النزول....ثم همست بصوت مخنوقٍ من التأثر

"لماذا؟؟؟لماذا فعلوا كل هذا ...لماذا حطموا حباً صادقاً كهذا ...يا لهم من قساة..كيف يفعلون هذا بابنهم؟؟!!..أليْس في قلوبهم ذرة رحمة وعطف.."

(.كان الجواب واضحاً في عيون جوليان ولا يحتاج لتأكيد...لكنه رغم هذا قال )
"اخبرتك ان زواجه من مارتينا كان زواج مصلحة ,واهله يقدمون المصلحة على المشاعر "

انتفضت اليس غضباً وهي تفكر بكل المعاناة التي لقيتها اختها وزوجها ..كانت تريد ان تنسحب لغرفتها لكن جوليان تابع بتأثر

"حين طلب مني عمي ان احضر ادريان اقسمت ان تكون هذه آخر مرةٍ انصاع له فيها ....صدقيني لقد كرهت كل ما أجبرت على القيام به لسنواتٍ عدة ...لذا ما ان عاد ادريان معي حتى غادرت القصر في محاولةٍ مني لأنقذ صفقةً كانت تمثل لي طوق النجاة من سيطرة عمي .... وانشغلت باعمالي ولم اكن اعرف ان ادريان كان يعاني ..ولم اعلم بموضوع الخدعة التي قامت بها امه ليطلقك الا حديثاً..صدقيني .."

( تهدج صوته بقوة من شدة المه ,وكان يكبح دموعه من الهطول ..لكن دمعة خانته وسالت على خده ,فتابع بمرارة )
"لقد ابتعدت عنه ..تركته وحده...كان يتألم..وقد انتحر بسبب كل ما جرى.. ,لقد شعرت بالمسؤلية لموته .."

هتف بألم شديدٍ يمزقه من وقت علم بالخدعة لادنيئة التي حصلت ,ثم لاذ بالصمتٍ كئيبٍ يداري فيه جراحه النزافة بعد ان جرد نفسه امامها معترفاً بكل اخطائه ودوره في تلك المؤامرة القذرة ,لم يعد يستطيع المتابعة بعد ان كشف عن مشاعره الدفينة لأول مرة امام نفسه وأمامها ... لقد اراد ان يطلب الغفران منها لتدميره حياتها دون قصد فالامر قد فات بالنسبة لادريان لكنه لم يفت بالنسبة لها...

ساد صمت مرير بينهما فهو يتألم لذنبه.. وهي تفكر بمرارة بحال ادريان حين جاءها قبل عام وسأل عن ليزا وعرف بموتها...لقد كان موتها هو السبب في اقدامه على الانتحار كانت شبه واثقة من ذلك ,فاخذت تبكي بمرارة على اختها وزوجها ,تبكي على الحبيبين الذين ظُلِما وكانا ضحية خدعة قذرة ..

ارادت ان تنسحب لغرفتها لتبكي وحيدة لكنها لم تقدر ان تقف على قدميها...ومن ثم ادركت ان معرفتها بما حصل لادريان ..لم تفدها في معرفة كيف ستنقذ داني...فسألته بعد تردد...

" لماذا باتت الكونتيسة تريد داني باستماتة الآن بعد ان نبذته سنين طويلة ...؟؟؟ان كانت هي من اعترضت الرسائل فهي تعلم بوجوده منذ زمن ,فلمَ باتت تريده الآن ؟!! ....لمَ ؟؟؟؟"

"هي لم تكن تريده في السابق لأنها تريد حفيداً لها يرث اللقب من زواج ادريان بمارتينا ,لكن هذا لم يحصل ...لم تنجب مارتينا ومات ادريان " رد بخفوت

فتابعت بمرارةٍ بعد ان فهمت الأمر "لذا ادركت الكونتيسة ان اللقب سيؤول لك ان لم يظهر وريث ادريان ..."

هز رأسه بإيجاب وقال "كانت ستخسر كل نفوذها ان صرت انا الوريث ...لذا هي تستميت للحصول عليه لتضمن ان تكون وصيته ..وبذلك تكون المسيطرة على اللقب والاملاك والقرارات وكل شيء ,وهي ستفعل المستحيل لتحصل عليه..."

"وكيف سأجنب ابني مصير ابيه..انا لا اريده ان يعيش ضحية استبداد اسرته,لا اريده ان يتربى في كنف امرأةٍ مريعةٍ كهذه ....فكيف سأحميه ؟؟؟ كيف ستحميني وتحمي طفلي ...ياجوليان..؟؟"سألته بحدة ومرارة

فأجابها بصدق لكن بحذر "ان سمحت لي ان اكون الوصي عليه..."

"بزواجك مني..اليس كذلك..؟" سألت بارتباكٍ وخشية

تأملها ملياً وقال بثبات "أجل...إن تزوجنا لن يكون امام الكونتيسة الا احد امرين لا ثالث لهما ...اما ان تقبل بالأعتراف بأن داني هو ابن ادريان وابنك وعندها بالطبع سيكون داني هو الوريث وانا مجرد وصيٍ عليه كوني زوج امه لا آكثر ..او تفضل التواري خلف قناع الطبقية الهش وتظل ساكتة.."

" وعندها تحصل انت على اللقب ؟." افلتت الكلمة من فمها مغلفة بشك مرير لأنها استاءت من فكرة ان هذا هو دافعه للزواج بها وحسب

فصاح بألم شديد وانكار "اخبرتك اني لم اعد افكر باللقب .."(حاول أن يتماسك قليلاً حين رأى الدموع تتجمع في مقلتيها الجميلتين فأدرك مقدار خوفها فتماسك وتابع بهدوءٍ اكبر)

"ارجوك ليزا ان تصدقيني....انا لم اعد اكترث باللقب ...كل ما اريده ان احميكما ...لكن في النهاية الأمر منوطٌ بما ستفعله ازابيل ...فان تزوجنا ستجبر على الأعتراف بداني ,لأنها سترفض بشدة ان يؤول اللقب لي ...وأنا بكلا الحالتين سأصير الوصي عليه ,واعدك اني سأربيه كأبني واحميه حتى يصبح رجلاً ,وسيكون هو الكونت متى ما كبر وصار في العمر الملائم لتولي زمام امور المقاطعة ...انا فقط سأكون جسره ليعبر بآمان ...فأنا ادين بهذا لادريان ..لقد سببت لكم الاذى دون ان اقصد لكني ارجوك ان تمنحيني الفرصة لتعويضك وداني عن كل ما عانيتموه من الم بسبب ضعفي ....."

كانت تشعر بصدقه وتلمس ندمه ,والحقيقة انها لم تعد تلومه وتحمله ذنب ما حصل ...بل هي لا تراه مذنباً البتة ,فادريان غادر بمحض ارادته ...غادر ليصحح خطأً هو تسبب به اصلاً ...لكنه مع الأسف وقع ضحية خدعةٍ من امه ...لذا هي لا ترى جوليان مذنباً ... لكن رغم هذا فهي خائفة وتائهة ايضاً ...هي لا تستطيع ترك الكونتسة تحصل على داني ..لكن هل تستطيع ان تثق بجوليان تماماً ..هل تستطيع الزواج به ...

ادرك جوليان ما يجول بفكرها وكم كان يود لو يقنعها بحبه وحسن قصده ,لكن كيف يخبرها انه يحبها ومنذ زمن ..ماذا لو انكرت عليه هذا!! ماذا لو لم تصدقه..!! لذا كان افضل حلٍ بالنسبة له لتبقى معه ...بأن تشعر بحاجتها له..وخوفها على داني سيكون دافعها للأقتران به ..ثم مع الزمن سيثبت لها حبه واخلاصه ويفوز بقلبها ..

"ليزا ...انا صادق في رغبتي بحمايتك انت وداني ,دعيني أكفر عن ذنبي اتجاهكم ...واقدم خدمة لادريان بأن أحمي اسرته..."

تأملته ملياً والحيرة تعصف بها فبماذا تجيبه ,هي تفهم دوافعه جيداً وتحترمها , لكن لم تستطع ان تتغلب على نخزة ألمٍ تخز قلبها لمعرفتها ان دافعه من وراء كل هذا الواجب وليس الحب ,لكن ليست هذه المعضلة الوحيدة امامها ...فاكبر مخاوفها داني ....فهمست بخفوت وقلق ...

"وماذا اقول لداني؟؟ ..كيف اخبره اني سأتزوجك..وهو لا يعلم بعد ان اباه قد مات..."

كانت تنتظر جواب جوليان على تساؤلاتها حين تهادى لها صوتٍ واهن خافت

"ماما انا اعلم هذا....."

كان هذا داني الذي وقف عند باب الغرفة يناظرهم بعيونه الحزينة الذابلة

يتبع

[ريبانزيل]

شهقت اليس برعبٍ حين عرفت ان صغيرها كان يستمع لهما ,فجرت نحوه واحتضنته وقالت بانفعالٍ شديد

"داني !!!..حبيبي.....أنا آسفة لم اعلم انك هنا .."

لقد ساءها ان تكون من الأهمال بحيث لم تنتبه بأن طفلها استفاق وسمع كلامهما

اخذت تمسح على راسه مواسية لكنها فوجئت بأنه لم يكن يبكي بل كان ينظر لها بغرابة فظنته مصدوم مما سمعه ...احتضنته بقوة وهي تردد كلمات الاعتذار بشكل متلاحقٍ ومنفعل ثم حملته وخطت نحو غرفتها ..واغلقت الباب , و رغبت بأن تختلي به وتواسيه

"داني حبيبي ..انا حقاً اسفة لم اعلم انك مستيقظ ..كنت سأخبرك بما حصل...لكني خشيت عليك...سامحني يا صغيري..."علقت بحرقة ومرارة

"ماما...انا عرفت ان ابي مات منذ ايام ..." علق بخفوت وارتباك

فحدقت به بذهولٍ وهمست بانفعال "كيف هذا؟؟"

تردد قليلاً ثم اقر بصدق "انا اسف لكني اختلست السمع حين جاء جوليان المرة الماضية ,طلبتي مني الذهاب لغرفتي ,لكني بقيت اتنصت عليكما ...اسف ماما...لكني كنت قلقاً عليك .."

ترقرق الدمع في عينيها وسألته بوجل "ماذا سمعت ؟؟؟"

" سمعته يخبرك بأن ادريان مات...وادريان هو بابا....اليس كذلك؟؟"

" اه يا صغيري لم ادرك ذلك ...انا آسفةٌ حقاً "همست بألمٍ وضمته بقوة وبكت بحرقة ,فلم تستطع تخيل كيف كان يعلم بالحقيقة منذ ذلك اليوم ولم يخبرها ...كيف تحمل الامر طوال هذه الايام دون ان يفصح عن المه وحزنه ...

"لمَ لم تخبرني ؟؟...اعني اني لم اظن انك تعلم...انا آسفة...آسفة جداً يا صغيري "لم تتخيل ما عاناه من صدمة وحزن دون ان يقول كلمة واحدة...لامت نفسها بشدة.... لكن ما قاله بعد ذلك حطمها تماماً

" كنت حزينة ماما وتتصرفين بغرابة فلم اشأ ان احزنك أكثر ...لكني لم افهم ماذا قصد جوليان حين قال ان بابا انتحر "

وضعت اليس يدها على فمها تكتم شهقة الرعب التي ندت عنها فكيف تفسر له الامر...كانت لتوها تفكر بتأليف قصةٍ بطولية عن موت ابيه في احدى مغامراته الخيالية وهو يستكشف العالم ويقارع الأشرار حتى يشعر صغيرها بالفخر به..اما وانه سمع بأنتحاره فقد وضعها امام موقفٍ صعب...

كيف تشرح له أن اباه قتل نفسه ,كيف تفسر له الامر دون ان يؤثر عليه ويربكه...بكت بنحيب مرير حتى وصل صوت نحيبها لجوليان الذي كان يقف قلقاً خلف باب حجرتها ليتيح لها المجال لتتحدث مع داني ..لكنه ما عاد يطيق صبراً بعد ان سمع نحيبها المرير ,فقرع باب الغرفة مراراً يناديها ,ولمّا لم تجبه دخل دون استئذان وشاهدها تنتحب عند قدمي داني بصورةٍ هيستيرية فهرول باتجاهها...وتحدث معها بقلق وخوف شديد...

"ليزا ارجوك اهدئي ...عليك ان تكوني قوية من اجل داني.."لكنها لم تقوى على قول شيء بل ارتمت بحضنه تبكي بمرارة ضمها اليه بقوة ونظر لداني الصغير الذي كان يبكي بدوره بخوف وهو يقول

"لم اقصد ازعاجها ..فقط سألتها ماذا يعني انتحر...فبكت هكذا..انا لم اقصد ان احزنها..."

واخذ الصغير يبكي لبكاء امه...امسكه جوليان وضمه لحضنه بدفء وحب ,فقد شعر بعاطفة جياشة تجاه هذا الصغير وقد غزا حبه قلبه كما هو الحال بأمه وابيه..ثم امسكه ونظر له بعد ان مسح دموعه بكفه ...وقال بتأثر

"داني لقد طلبت مني مرة ان احدثك عن ابيك...فهل تريد ان اخبرك عنه الآن ؟؟"

..هز داني رأسه بلهفة فهو يرغب بمعرفة اي شيءٍ عن ابيه الذي حرم منه بقسوة ... فحمله جوليان واجلسه على حضنه ..

نظرت له اليس بترقب وقلق تفكر بماذا سيحدثه ,كيف سيخبره بالحقيقة المرة بأن اباه قتل نفسه ,لكنها فوجأت حين بدأ جوليان بالحديث بأمرٍ آخر و بصوت متأثر

"...لقد كنت وادريان (ابيك) ابناء عم وصديقين منذ الطفولة بل واكثر من هذا ...كنا.. كالشقيقين"

(ضحك جوليان بخفة وهو يتذكر بعض ما جرى معهما في صباهما وهذه المرة تربعت في خياله كل ذكرياتهم الجميلة والحلوة )

" كنا دائماً معاً ولم نفترق يوماً ....نلعب معاً ونقضي الاوقات معاً ..لقد احب احدنا الاخر.."

(تحشرج صوته عند تلك الكلمة التي كانت تعصف بقلبه الجريح ....اجل لقد احب جوليان ابن عمه ادريان رغم قسوة اهله وظلمهم ...احبه لأن ادريان لم يكن مثل والديه ,كان طيباً ولطيفاً ...لكن كل الظروف القاسية انسته ذلك ....) اغمض عينيه يحاول ان يمنع الدموع من التدفق لكنها ابت إلا ان تخرج وتجد سبيلها على خديه في محاولةٍ لغسل بقايا ادران الأسى والغضب التي كانت تعشش في قلبه ,تحجب نظره عن رؤية حقيقة مشاعره تجاه ادريان ...حقيقة انهما كانا كالأخوين ...

استعاد تماسكه قليلاً وهو يكمل بمرحٍ مصطنع " بابا كان يحب السفر والمغامرات...وقد كان مسافراً لمكان بعيد وكان يصعب عليه القدوم لرؤيتك ...لكنه كان يحبك يحبك كثيراً "

(قالها بتأثر وعادت دموعه تنهمر وهو يتذكر كيف حرم أبن عمه بقسوة من معرفة طفله بسبب عنجهية والديه المقيتين ,فتابع بصوت مبحوح ) ".. وانت عليك ان تحبه ..."

ابتسمت اليس له بأمتنان لعدم تشويه صورة ادريان في عيون صغيره رغم كل ما عاناه منه في طفولته ...

" انا احبه ..كثيراً ...لكني اشتاق له."علق داني ببراءة وهو يفرك عينيه الدامعتين

"وهو كذلك يا صغيري يحبك وكان يرغب بالحضور لرؤيتك..لكن ظروفاً قاهرةً حالت دون ذلك....انتظر انا عندي شيء لك...تعال معي"

حمله جوليان بخفة وأتجه به صوب غرفته ..فلحقتهم اليس بفضول وترقب ووقفت عند باب حجرة نومه بارتباك وحرج من ولوجها ...رأت جوليان يخرج من حقيبته الشخصية صورة وقربها لداني ..وقال بخفة

"انظر هذا بابا ..انه يشبهك تماماً "
بفضولٍ اقتربت اليس منهما متناسيةً حرجها ورأت داني يمسك بالصورة التي تظهر ادريان وجوليان وهما صغيران يلعبان بالكرة وقد اتسخت ثيابهما بالتراب وتشعث شعرهما بشكلٍ مضحك ...كانا يمسكان بعضهما البعض ويضحكان بسعادة ,كانا صغيرين للغاية ...ادريان بعمر داني ويشبهه تماماً بينما جوليان يكبره بعامٍ او اثنين فقط ..
حين احس جوليان بها اللتفت نحوها وقال بانفعال وعيونه تلمع بالدموع

" كانت من الاوقات القليلة التي سرقناها من الحياة وتمكنا فيها من اللعب بالتراب بحرية دون ان نعاقب بعدها "
ضحك بمرارة وهو يتذكر تلك اللحظات القليلة البريئة الخالية من الحزن التي سرقوها من الحياة ...ثم اردف بتأثر ..

"كانت امي تحب التقاط الصور وقد قامت بالتقاط هذه الصورة لنا على اعتبار انها لحظة نادرة ..فقد كان يمنع علينا اللعب بـ...التراب" (رغماً عنه سالت دمعة على خده وهو يذكر نفسه بأنها لحظة نادرة استطعا ان يعيشا بها طفولة بريئة بعيدة عن كل التشوه الذي حصل بعدها ) ..نظر لداني وقال بانفعال شديد

"داني ان اباك كان يحبك ياصغيري وسيظل يراقبك وينظر اليك...فكن شخصاً جيداً وقوياً حتى يفخر بك ..."

هز داني رأسه بقوة وقال "سأفعل" ثم ارتمى على حضن جوليان وعانقه بقوة وقال" انا احبك جوليان..."

"وانا احبك ياصغيري" اعتصره جوليان بشدة ورغماً عنه بكى ...بكى ادريان الذي انسته الحياة القاسية كم كان يحبه..

تفاجأت اليس بردة فعل ابنها وايقنت ان جوليان استطاع اختراق قلب طفلها كما فعل بقلبها وهذا اسرها كثيراً ...فاقتربت منهما برضىً وجثت بقربهما وهي تراقب المشهد الماثل امامها بتأثر ,ثم في لحظةٍ غلبت عليها مشاعرها الجياشة قامت بالأنضمام لهما واحتضنتهما معاً بحرارة في عناقٍ جماعي كأسرةٍ متماسكة محبة ,وقبل ان تدرك ما تفعله رفعت كفها ومسحت دموع جوليان المنسكبة بصمتٍ على خديه وفي عيونها نظرة تقدير كبير لمشاعره الصادقة ...

تعلق بصرهما ببعض للحظات في حمى عاطفية قبل ان يلتفت داني لهما ويقول بسعادة

"ماما انا موافق على ان تتزوجي جوليان فأنا احبه وكذلك كان بابا ..."

نظرت اليس لطفلها برقة ثم عادت تنظر لجوليان بتقدير وحب..وقالت بتأثر ومشاعرها تغالبها "وانا ايضاً موافقة " ناسيةً او متناسية حقيقة واقعها المربك وكذبها وزيف شخصيتها ...

ما ان سمع جوليان جوابها وقبولها بالزواج منه حتى امتلأت نفسه بالسعادة والرضى فعاد يضمها وصغيرها لصدره بسعادة غامرة ...واقر لنفسه بأنه سيحميهما بحياته لو تطلب الامر فهما الان اسرته ...


نهاية الفصل
اتمنى للجميع قراءة ممتعة
والى اللقاء غداً بالعيدية الآخيرة وكل عام وانتم بخير
وبعدها لقاؤنا سيعود كالسابق كل يوم ثلاثاء الساعة العاشرة صباحاً بإذن الله

[ريبانزيل]

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 2 والزوار 1)
‏ريبانزيل, ‏Eman Hassanein