آخر 10 مشاركات
أزهار قلبكِ وردية (5)*مميزة و مكتملة* .. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          تحميل روايات جديده 2012 txt على جوالك موسوعه متكامله من الروايات (الكاتـب : MRAMY - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          1- لمن يسهر القمر- روايات أحلام القديمة- آن هامبسون (كتابة /كاملة)* (الكاتـب : جين اوستين333 - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          طوق من جمر الجحيم * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : samar hemdan - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          شيء من الندم ..* متميزه و مكتملة * (الكاتـب : هند صابر - )           »          281 - أميرة رغم عنها - صوفي ويستون **تصوير جديد** (الكاتـب : Hebat Allah - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree989Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-02-20, 07:34 PM   #1351

شموخ القوافي
 
الصورة الرمزية شموخ القوافي

? العضوٌ??? » 294718
?  التسِجيلٌ » Apr 2013
? مشَارَ?اتْي » 638
?  نُقآطِيْ » شموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond reputeشموخ القوافي has a reputation beyond repute
افتراضي


بسم الله الرحمن الرحيم

شموخ القوافي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-03-20, 01:03 AM   #1352

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي

فى انتظار الرابط ياميوش

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-03-20, 07:36 PM   #1353

ichra9

? العضوٌ??? » 394420
?  التسِجيلٌ » Mar 2017
? مشَارَ?اتْي » 369
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » ichra9 is on a distinguished road
افتراضي

اين الخاتمة ؟؟؟؟؟؟

ichra9 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-03-20, 11:37 PM   #1354

foufastar
 
الصورة الرمزية foufastar

? العضوٌ??? » 119240
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 754
?  نُقآطِيْ » foufastar is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
متى سيتم تنزيل الفصول المحذوفة 🙄🙄🙄


foufastar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-04-20, 08:00 PM   #1355

شذا شاهين

? العضوٌ??? » 463573
?  التسِجيلٌ » Apr 2020
? مشَارَ?اتْي » 1
?  نُقآطِيْ » شذا شاهين is on a distinguished road
افتراضي سديم العشق

كيف حالك إن شاء الله دائما بخير ؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة may lu مشاهدة المشاركة
الفصل السادس والأربعون

كيف اهتديت إليّ كيف
وبيننا بحران يصتخبان
وآلاف من الأميالِ
صحراء وغابات وبيد؟
أتُراك كنت حقيبتي
أم بين أمتعتي دخلت
أم اختبأت هناك فيّ
دماً يسافر للوريدِ من الوريد
عجبي إذن
إن كنتُ لن أنفك من قيدٍ تكبلني به
إن كنتُ أمضي كي أعود
عجباً إذن
إن كان هذا القلب قد بايعته ملكاً عليّ
فباعني رغمي
ويفعل ما يريد

"روضة الحاج"

********************

أنا بخير يا (محمد) .. اهتم أنت بنفسك حبيبي .. نعم سأتصل بك فور أن نعود"
ابتسمت (شاهي) وهي تودع شقيقها الذي لا زال قلقاً عليها حتى بعد كل كلامها معه ووعد (منذر) له أنّه سيعتني بها دائماً ولن يترك شيئاً يحزنها أو يؤذيها .. بهتت ابتسامتها رويداً وهي تجلس على طرف فراشها وانقبضت يدها على الهاتف وهي تتذكر بقلبٍ واجف ذلك اليوم صباح زواجهما حين استيقظت بعد ليلة قضتها ساهدة أسيرة أفكارها المشتتة، انتهت بسقوطها في نومٍ غير مريح قادها إلى حلمٍ زادها قلقاً لكنّها فسرته باضطراب عقلها الباطن الذي لا زال قلقاً ناحية قرارها وإحساسها الغريب الذي لا يرحمها من كونها تقف بطريقة ما أمام حياة (منذر) .. نهضت من فراشها ذلك الصباح ونظرت لهيئتها المزرية في المرآة بعينيها المجهدتين من السهر وابتسمت بسخرية .. لم يكن هذا شكل عروس في صباح زواجها .. غادرت غرفتها الخاصة في الشقة الجديدة التي انتقلت إليها قبل أيام من زواجهما بعد أن تأكدت من هيئتها وأزالت آثار الإجهاد عن وجهها قدر ما استطاعت، واتجهت بآلية نحو المطبخ لتعد لها مشروباً دافئاً، لتتوقف مكانها مختلسة النظر لغرفة (منذر) .. هل قضى الليلة هنا كما أخبرها أم ذهب إلى شقته الخاصة؟ .. لا زال يحتفظ بجزء خاص من نفسه بعيداً عنها حتى بعد كل ما أخبرها بها عن حياته .. هزت رأسها تلوم نفسها .. من حقه أن يفعل كما تحتفظ هي لنفسها بجزء كبير من روحها لنفسها .. هل هو مجبر على البقاء معها هنا من أجل المظهر العام؟ .. كالصور السعيدة التي التقطاها من أجل الصحافة .. بالطبع خبر مهم كزواج (منذر صفوان) كان سيلفت انتباه الصحافة التي تطارد أخباره .. لقد جاهدت لترسم سعادة العروس العاشقة على وجهها متجاهلة الشائعات الأخرى التي ستلاحق خبر الزواج والفضل لطليقها الحقير .. اللعنة عليه حيث ذهب .. همست بتمتمة غامرة بالكراهية وهي تتجه نحو المطبخ .. انشغلت في تحضير مشروبها وعمل فطور سريع وكانت غارقة في أفكارها حين انتبهت لصوت خطوات خلفها فالتفتت في نفس اللحظة التي ارتفع صوته الناعس مغمغماً
"صباح الخير"
شهقت بفزع وهي تضع يدها على صدرها ليبتسم وهو يتجه إليها والتقط زجاجة الماء البارد ليصب لنفسه كوباً
"آسف .. هل أفزعتكِ؟"
تحكمت في أنفاسها وابتسمت وهي تلتفت لتنهي عمل الشطائر
"كنت مستغرقة في التفكير فلم أنتبه لدخولك"
ابتلعت لعابها بتوتر وهي تختلس النظر إليه .. كان يقف بثياب نومه وآثار النوم على وجهه، يحضر لنفسه كوباً من القهوة سريعة التحضير .. كانت أول مرة تراه بهذه الصورة .. أشاحت بوجهها سريعاً وتنفست بصعوبة وهي تستوعب التغير الجديد في علاقتهما .. هزت رأسها بسرعة تنبه نفسها للخطأ الذي ترتكبه وأنقذها هو مردداً
"هل نمتِ جيدا؟"
تنحنحت لتمحو حشرجة صوتها وردت بهدوء
"إلى حدٍ ما .. أنا آخذ وقتاً حتى أعتاد على النوم في أماكن جديدة"
اقترب منها والتقط شطيرة من يدها بتلقائية قائلاً
"للأسف اضطررتِ لترك شقتكِ مرة أخرى، لكنني رأيت أنّه من الأنسب أن تنتقلي إلى شقة أخرى غير تلك"
هزت رأسها هامسة
"لا بأس .. هذا كان للأفضل .. لم أكن مرتاحة هناك بعد ما .."
اختنقت الكلمات في حلقها فصمتت وتأملها هو برفق قبل أن يضع الشطيرة من يده والتفت لها ليأخذها كفيها في يديه فأطرقت تنظر لأكفهما لثوان بينما يقول بحنان
"لقد انتهى كل هذا كما اتفقنا .. هما لن يؤذيانكِ مرة أخرى، حسناً"
هزت رأسها وهي ترفع عينيها تنظر له بامتنان بادله بابتسامة حانية قبل أن يترك يديها ويواصل وهو يحمل صينية الشطائر والمشروبات ويغادر المطبخ قائلاً
"شكراً لكِ على تحضير الفطور عزيزتي .. أنا سأحمله إلى غرفة الطعام"
تابعته بعينيها بشرود وهي لا زالت تحاول استيعاب هذا التطور الجديد في علاقتهما لينبهها عقلها برفق ألا تنسى حقيقة الوضع .. ألا تتعود على تلك الحياة وتنسى لماذا هي هنا وأنّ كل هذا وضع مؤقت .. سمعته يناديها فأسرعت تحمل إبريق الماء وهي تهتف
"أنا قادمة"
غادرت المطبخ في اتجاه غرفة الطعام حيث جلس (منذر) في انتظارها إلى أن جلست مقابله وبدآ في تناول الفطور في صمت لم يلبث أن تبخر وحلت مكانه أحاديث مختلفة جعلت ارتباكها السابق وشعورها بالتوتر والغرابة يختفي لتستعيد مجدداً شعور الألفة ومجرى الحديث يعيدها لأيام نقاشاتهما المليئة بالحياة والصداقة .. انتهيا من الفطور لينهض ويساعدها في تنظيف المائدة لتضحك وهي تتبعه للمطبخ قائلة
"لم أتخيلك أبداً من هذا النوع من الرجال"
ضحك بالمقابل
"لا تتعودي هذا عزيزتي .. هذا اليوم استثناء بمناسبة زواجنا"
كلماته أعادت لها تحذير عقلها .. لا تتعودي بالفعل يا (شاهي) .. غداً تفترقان وربما يجد امرأة يحبها حقاً وأنتِ ستتابعين معركتكِ مع الحياة .. انتبهت من شرودها اللحظي وهي تسمعه يقول
"سأذهب لآخذ دشاً سريعاً وأعود لنواصل حديثنا .. لا زلت لم أخبرك بعد بالمفاجأة التي حدثتكِ عنها سابقاً"
تمتمت بإيماءة
"حسناً .. هل أعد لك كوباً من الشاي أو أي شيء آخر؟"
"لا شكراً عزيزتي .. فيما بعد"
غادر المطبخ لتتنهد وهي تنظر في إثره والتفتت بعد لحظات لتنظف الأطباق مرددة داخلها بحنق
"ماذا أصابكِ (شاهي)؟ .. لماذا تتصرفين كمراهقة حمقاء تتوتر أمام رجل غريب؟"
لا بأس .. من الطبيعي أن تحس بالغرابة لبعض الوقت .. إنّه زوجها الآن ولو مؤقتاً .. ضربت على جبينها برفق وهي تهمس
"حمقاء .. إنّه (منذر) صديقكِ"
عادت تركز على عملها حين رن جرس الباب فجأة فأسرعت تجفف يديها وغادرت لتفتحه مرددة بسخرية
"بالتأكيد لن يكون (محمد) قادم ليلعب دور أم العروس في الصباحية"
تحركت بسرعة عبر الردهة إلى الرواق القصير وتوقفت أمام المرآة الطويلة المعلقة فيه وتأكدت من ثيابها قبل أن تفتح الباب .. وجدت أحد رجال الأمن يحمل صندوقاً مغلفاً بورق فاخر مخصص للهدايا وقال باحترام
"سيدة (شاهي) .. لقد وصل هذا الطرد من أجلكِ"
ارتفع حاجباها بدهشة وهي تنظر له وللصندوق ثم التقطت الكارت الموضوع فوق الصندوق، وهي تشير له أن يدخل ويضعه بالداخل ونظرت بتوجس لاسمها المكتوب فوق الكارت الخاص بالتهنئة وانقبض قلبها بضيق بينما تتذكر ذلك الطرد الآخر الذي وصلها سابقاً من والد (منذر) حين حاول فضح حقيقة ابنه أمامها ظناً منه أنّها ستبتعد عن (منذر) كما أخبرها هو فيما بعد .. انتظرت حتى غادر الرجل واتجهت إلى حيث وضع الصندوق وتوقفت أمامه تتأمله بتوتر .. هل تنتظر (منذر) حتى يفتحه هو؟ .. من سيرسل هدية بالتأكيد سيكون من طرفه هو .. ربما من الأفضل انتظاره حتى ينتهي من حمامه .. لامست أشرطة الصندوق وعادت تنظر لاسمها على الكارت قبل أن تقرر فتحه وانقبض قلبها أكثر وهي تقرأ كلمات التهنئة البسيطة التي شعرت أنّها تحمل أكثر بكثير من معناها السطحي ..
"مرحباً بكِ في العائلة .. أرجو أن تروق لكِ بكل مفاجآتها"
طردت وساوسها وبأصابع مرتجفة فكت الأشرطة وأتبعتها بالغلاف الثمين وتوقفت برهة تتأمل الصندوق الخشبي بشك قبل أن تحسم ترددها وتفتحه .. ضحكة عالية أشبه بضحكة مجنون خطر ارتفعت فجأة في المكان امتزجت بصرختها المرتعبة وهي تتراجع لتسقط أرضاً وعيناها المتسعتان تعلقتا بفزع بالرأس الدموي الذي انطلق في وجهها مع انفتاح الصندوق .. تسمرت أنظارها المرتعبة فوق وجه المهرج الضاحك الغارق بالدم وضحكته المجنونة ملأت الغرفة بينما تتحرك رأسه فوق سوستة معدنية باهتزاز زاد من رعب الموقف .. شهقت بخوف عندما شعرت بلمسة على كتفها والتفتت جانباً لتجد وجه (منذر) القلق وهو يهتف
"ماذا أصابكِ (شاهي)؟ .. لماذا كنتِ تصرخيـ .."
قطعت جملته وهي تندفع بشهقة باكية وتتعلق بعنقه وجسدها يرتجف بقوة .. ضمها إليه برفق وربّت على ظهرها
"اهدأي .. أنتِ بخير .. أنا هنا لا تخافي"
أبعدها بعد لحظات ونظر لعينيها الدامعتين قائلاً وهو ينتبه لمكانها على الأرض
"ما الذي حدث؟ .. لماذا أنتِ .."
توقف عن الكلام وعيناه تتوقفان بحدة على الصندوق والرأس المهتز أعلاه وتنفس بحدة وهو ينهض على قدميه هاتفاً
"اللعنة .. ما هذا بالضبط؟"
همست وهي تحاول النهوض وأمسكت بذراعه مرددة بارتجاف
"لا أعرف .. أحضره أحد رجال الأمن وقال أنّه طردٌ وصل من أجلي .. عندما فتحته هذا الـ .."
ضغطت على شفتيها وهي تنظر للمهرج الذي لا زالت ضحكته المسجلة تدوي بجنون في الشقة ليندفع (منذر) ويطوح بيده رامياً الصندوق أرضاً ليتحطم وتحشرج الصوت المسجل ليتقدم نحوه (منذر) ويلتقطه لينتزع المسجل وينتزعه بعنف ويلقيه أرضاً محطماً إياه إلى شظايا وهو يهتف بغضب
"اللعنة .. تباً له .. تباً"
لم تعرف لوهلة من يقصد حتى ضربتها الفكرة من جديد .. هل هو والده فعلاً؟ .. هل يحاول إخافتها؟ .. نظرت للكارت المكرمش بيدها وتذكرت كلمات التهنئة المخطوطة فوقه قبل أن ينتزع (منذر) الكارت من يدها ويقرأ ما فيه .. نظرت نحوه لتنتبه لوقوفه أمامها ببنطاله فقط وشعره المبتل جعلها تدرك أنّه أسرع يغادر الحمام فور سماعه لصراخها .. أسرعت تشيح بوجهها في خجل وتوتر قبل أن ترفع رأسها فجأة وهي تسمعه يهتف بعنف
"ما معنى هذا الهراء؟ .. هل تمزح معي؟"
قطبت وهي تراه يتحدث على هاتفه
"اللعنة .. هل هذا مفهومك عن التهنئة اللعينة؟ .. أنا لن أتسامح في أي حركة سخيفة مجدداً .. لقد سبق وأخبرتك قراري وقد وعدتني أن تحترمه .. تباً .. اسمعني لآخر مرة .. هذه المرأة أصبحت زوجتي أعجبك هذا أم لا .. كرامتها من كرامتي والتعرض لها بأي سوء حتى لو كان مزحة سخيفة كهذه يعني التعرض لي"
دمعت عيناها وهي تنظر له قبل أن تتحرك لتقف بجواره وأمسكت كفه ليلتفت لها بتساؤل فهزت رأسها نفياً .. قطب بحيرة وهو ينظر في عينيها قبل أن يردد بهدوء
"أنا لن أكرر كلامي مرة أخرى وأرجو منك أنت الآخر أن تكون قدر كلمتك .. وداعاً"
أغلق الهاتف وهو يشتم بخفوت ثم نظر لها لتقول
"لا تفعل هذا"
"لا أفعل ماذا؟"
أشارت بعينيها نحو الهاتف مرددة
"لا تضع نفسك في موقف يفسد كل ما تريد فعله .. ألم تخبرني أنّك في حاجة لمهادنته؟ .. لا تجعلني أتسبب في"
قاطعها بحزم
"لا يا (شاهي) .. لا تلومي نفسكِ .. أنا من يجب عليه أن يعتذر لأنني أدخلتكِ هذه الدوامة اللعينة .. كان عليّ أن أبتعد من البداية عندما أدركت أنّني قد أشكل خطراً عليكِ"
حركت رأسها برفض ومسحت دموعها بقوة متمتمة
"كل هذا لا يساوي كل ما فعلته من أجلي وكيف تغيرت حياتي بسبب دخولك فيها (منذر) .. مهما كان الخطر الذي يمثله لي والدك فهو لن يساوي أبداً ما أنا مدينة لك به .. لقد أنقذتني من (مختار) وساعدتني لأستعيد نفسي وكل هذا بالنسبة لي لا يقدر بثمن يا صديقي"
رقت نظراته لها قبل أن يربت على خدها بحنان ثم قال بحزم
"مرة أخرى لا تفتحي الباب وأنا هنا .. ولا تفتحي الباب إطلاقاً إلا لشقيقكِ أو (يسري) .. هو سيكون المكلف بإبلاغكِ بأي شيء وسيهتم بكل طلباتكِ، حسناً"
هزت رأسها ليكمل

"اذهبي لغرفتكِ وارتاحي قليلاً وأنا سأذهب لأعطي أوامري لرجال الأمن"
عاودت الإيماء وهي تتحرك خلفه ليسبقها لغرفته ليبدل ثيابه ووصلها صوت الباب وهو يغلق بعد دقائق لتدرك أنّه غادر الشقة .. عاد بعدها ليخبرها أنّ تستعد لسفرهما في اليوم التالي حيث سيقضيان شهر عسلهما في إحدى المدن الساحلية .. تنهدت بحرارة وهي تتمدد على الفراش وتطلعت للسقف .. وهاهي هنا من المفترض أنّها تقضي شهر عسلها مع زوجها الحبيب كما يفترض الجميع بينما يقضيان وقتهما كصديقين في رحلة استجمام .. يقيمان في جناح بغرفتين منفصلتين وكل شيء يسري كما اتفقا .. فقط أمام الناس الذين يلتقون بهم تبدأ تمثيلية الزوجين العاشقين .. صوت طرقات على باب غرفتها جعلها تعتدل بسرعة وسمعت (منذر) ينادي
"(شاهي) .. هل أنتِ مستيقظة؟"
نهضت متجهة لتفتح الباب ليقابلها وجهه المبتسم وهو يقول
"لقد طرأ مشوار مهم .. سأعود بعد أقل من ساعتين .. أريدكِ أن تكوني قد استعددتِ خلالها لنتعشى في الخارج"
"حسناً .. سأكون مستعدة عندما تعود"
منحها ابتسامة أخيرة وهو يقول
"وأيضاً .. لا تفتحي الباب لأي شخص حتى ولو كانت خدمة الغرف، حسناً؟"
بهتت ملامحها لحظة قبل أن ترد بسرعة
"حسناً .. لا تقلق"
تسلل الارتياح لعينيه وابتسامته وهو يقول
"جيد .. سأذهب الآن .. لن أتأخر"
"سأنتظرك"
همست وهي تتبعه بعينيها يغادر جناحهما لتعود إلى غرفتها لتستعد لموعدهما في الخارج وهي تمني نفسها أن تنتهي تلك الأيام المقلقة سريعاً ويضع (منذر) حداً للخطر الذي يحوم حولهما متمثلاً في أقرب الناس إليه .. والده.
*********************
فين باقى الفصل


شذا شاهين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-04-20, 08:15 PM   #1356

hanan11eg

? العضوٌ??? » 398005
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,117
?  نُقآطِيْ » hanan11eg is on a distinguished road
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

hanan11eg غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 08:45 PM   #1357

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الخامس والستون والأخير


وما صبابةُ مشتاقٍ على أملٍ
من اللقاءِ كمشتاقٍ بلا أملِ
والهجرُ أقتلُ لي مما أراقبه
أنا الغريقُ فما خوفي من البللِ

"المتنبي"
**************
"مستحيل .. لا يمكن أن يحدث هذا"
الألم الذي اخترق قلبه كان أكبر مما يحتمل أو يتوقع أن يشعر به .. حاول الاعتدال في الفراش لتندفع (ليزا) نحوه وأمسكت بكتفه تعيده إليه
"أرجوك لا تتحرك (ريك) .. جراحك سوف .."

قاطعها باختناق وهو يقاومها محاولاً النهوض
"دعيني (ليزا) .. يجب أن أذهب .. (منذر) يحتاجني .. يجب أن .."
أحرقت الدموع عينيها ورددت وهي تحتضن وجهه تجبره على مواجهة عينيها
"أرجوك (ريك) .. لا تفعل هذا بنفسك .. لم يعد هناك ما يمكنك عمله .. لقد فات .."

صرخ بحرقة
"لا .. لا يمكن أن يفوت الأوان .. لا يمكن أن يرحل هكذا ببساطة .. ليس بعد كل ما حدث (ليزا)"
سالت دموعها وهي تضمه إليها
"لا تفعل هذا بنفسك حبيبي .. لا تقتل نفسك هكذا .. إنّه قدره .. لم يكن بيدك شيء"
لوهلة شعرت به يدفعها لكنّه عاد يتمسك بها يدفن رأسه في صدرها مردداً بوجع
"لم أجد الفرصة لأعوض ما مضى .. لم أجد الفرصة (ليزا) .. ليتني كنت معه ساعتها .. كان يمكنني أن أمنع ما حدث .. ما كان يجب أن أتركه وحده"

ضمت رأسه إليها متمتمة بمواساة وقلبها يتمزق لحاله وحال صديقتها التي ما تكاد تفيق من نومها حتى تدخل في نوبة انهيار جديدة يسارع الطبيب لإنهائها بحقنها بالمنوم ليرسلها بعيداً عن الواقع الذي تتمزق فيه لفقد حبيبها
"ليس ذنبك (ريك) .. كنت مصاباً وغائباً عن الوعي حبيبي"
وضمته أكثر وهي تستعيد اللحظة التي عادوا به إليها فاقداً وعيه ودماءه تغرق ثيابه بعد هجمومهم الأول على القصر، وتوقف قلبها بين ضلوعها وهي تظن نفسها فقدته لولا أن كان القدر رحيماً بها ولم تكن إصابته خطيرة .. أغمضت عينيها بوجع لا تريد أن تفكر ما كان يمكن أن يحدث لها إن هي خسرته للأبد .. كيف تشعر صديقتها الآن؟ .. سمعته يهمس بنبرة تقطعت ببكاء مكتوم
"لماذا لم يمنحني القدر الفرصة؟ .. ربما يكون (سيزار) كاذباً .. لقد كان (منذر) أخي .. داخلي اعترفت به أخي وكنت أكرهه لأنه يرفضني .. لماذا بعد أن استقر كل شيء وصار هناك أمل في أن يعترف بأخوتي له؟ .. لماذا ينتزعه القدر هكذا؟"
وتشبث بها أكثر مردداً وقد خانته قوته وسالت دموعه
"لقد أصبحت وحيداً تماماً (ليزا) .. لم يعد لي أحد"
تهدج صوتها وهي ترد باختناق
"لا تقل هذا (ريك) .. أين ذهبت أنا؟ .. أنت لست وحيداً .. أنا معك"

وحركت أصابعها في شعره بحنان
"أنا زوجتك وحبيبتك .. أنا معك للنهاية .. أنت لست وحدك أبداً"

استسلم لضعفه وترك حصون قوته تنهار أمامها ودفن ألمه وبكاءه في أحضانها التي احتوته بكل ما تملك من عاطفة تمسح أوجاعه وخسارة روحه .. ليس سهلاً أن يتلقى ضربتين موجعتين في آنٍ واحد .. صدمة حقيقة نسبه وموت أبويه، وصدمة فقدانه للشخص الوحيد الذي يعتبره أخاه .. ران الصمت من حولهما إلا من بكائه الذي شاركته إياه بدموعها حتى هدأ قليلاً .. ظنته عاد للنوم لكنّها سمعته يردد بعد لحظات
"ماذا عنها؟"

عرفت أنّه يقصد (آنجيليكا) فهمست بخفوت
"حالتها سيئة للغاية .. منذ أحضرها (جاك) إلى هنا وهي لا تتوقف عن الصراخ إلا بعد أن يحقنها الطبيب فتنام"

صمت من جديد يجتر ألمه فمسحت على رأسه مرددة
"ستكونان بخير .. كل هذا الألم سينتهي .. انا معكما حبيبي"
لم يرد ولم تحاول هي حثه على الكلام متفهمة مشاعره .. صوت طرقات على الباب جعلها ترفع رأسها وابتعد هو عندما سمع صوتاً طفولياً يردد
"ماما .. هل أنتِ هنا؟"

نظر لها (ريكاردو) مستفهماً لتبتسم قائلة وهي تنهض
"حان الوقت لتتعرفا على بعضكما"
ومالت تقبل خده
"أرجوك .. كن لطيفاً معه"

أمسك بيدها قبل أن تنهض فربتت على كفه وهي ترد سؤاله الصامت
"إنّه (تيو) صغيري .. ابن شقيقتي الراحلة .. أنا ربيته منذ ولادته بعد أن .."

توقف الكلام بغصة في حلقها ثم تكرر صوت صغيرها فأسرعت تقول
"تعال يا صغيري"
انفتح الباب عن فرجة صغيرة أطل من خلفها وجه صغير نظر لهما بتردد وتوقفت أنظاره على وجه (ريكاردو) الذي تنفس بقوة وشيء ما تحرك في قلبه بطريقة فاجأته بينما (ليزا) تقول بابتسامة حانية

"اقترب يا (تيو) .. لا تخف"
تحرك نحوها مختلساً النظرات إليه بتوتر وخوف طفولي ثم اندفع مرتمياً في حضنها فضحكت مقبلة رأسه ثم أبعدته قائلة
"هل جئت لتقابل العم (ريك)؟"

نظر لها بحيرة وتردد فقبلت خده ثم أدارته ليواجه (ريكاردو) وتابعت
"هيا قل له مرحباً"

احمر وجه الصغير وهو ينظر له، فابتسم بحنان ومد يده قائلاً
"مرحباً (تيو) .. أنا (ريكاردو)"
رمق يده بتردد ثم نظر لها فأومأت مشجعة ليضعها أخيراً في يد (ريكاردو) الذي ضغط عليها برفق قبل أن يسحبها الصغير بسرعة ويندس في حضن أمه التي ضحكت برقة وهي تقول
"لن يطول خجله طويلاً .. سرعان ما سيعتاد عليك"

مد يده يداعب شعر الصغير وهو ينظر لوجهه بأسى ثم نظر لعينيها قائلاً باعتذار
"أنا آسف (ليزا)"
نظرت له باستفهام فأطرق مغمغماً
"آسف لما حدث لشقيقتكِ وزوجها وما عشتِه أنتِ والصغير بسبب أبـ .."
عض على شفته يوقف الكلمة عن التمام بينما تنهدت هي مشفقة على حالهما معاً وهمست
"لم يكن ذنبك (ريك)"

ومدت يدها تحتضن كفه
"كل هذا أصبح من الماضي .. لقد انتهى الكابوس وتحررنا"
هز رأسه متحسراً
"لكن الثمن كان فادحاً يا (ليزا)"
"أنا آسفة لخسارتك حبيبي .. لكن .. كل شيء سيصبح على ما يرام .. لا تيأس"

قاطعهما الصغير وهو يرمقه بنظرات متفحصة ثم يقول
"هل تحب ماما؟"
صمت قليلاً ينظر له ثم ابتسم وهو يرفع عينيه لها
"أحبها كثيراً يا صغيري"

قطب الصغير باعتراض لم يدم طويلاً و(ريكاردو) يكمل
"هل تسمح لي بهذا؟ .. سأكون لطيفاً وسأحبها طول عمري ولن أحزنها أبداً"

ومد له يده مواصلاً
"هل يمكنني أن أشاركك في حبها قليلاً؟"
رفع عينيه لأمه كأنما يسألها رأيها فابتسمت بحب ليتمتم بعد لحظات وهو يدفن نفسه بها
"حسناً .. يمكنك هذا"

ابتسم (ريكاردو) وشعاع رقيق من السعادة ينبثق وسط أطنان الألم والحزن بقلبه واعتدل بصعوبة مقترباً منهما ليحيط كتفها بذراعه يشدهما إليه وقبّل جبينها هامساً بوعد
"سأحبكِ دائماً أنتِ و(تيو) وسأكون معكِ حتى آخر عمرنا لو تسمحين"
استكانت إليه وهي تحاول منع دموعها وهمست له
"بالطبع أسمح .. ولو تسمح لي أنت أيضاً سأبقى أحبك للنهاية .. لقد انتهى الكابوس وأصبحنا أحرار لنعيش حياتنا في سلام"

قاوم غصته وهو يضمها إليه مغمض العينين
"أعدكِ من الآن فصاعداً لن أسمح لأي شر بالاقتراب منا .. سنعيش حياتنا كما نريد وكما كان يجب أن تكون منذ وقتٍ طويل"
**********************


تقلبت (ملك) في فراشها بأنين موجع أحرق قلوب من حولها بينما هي غائبة في عالم آخر تخترق برودته وظلامه روحها .. تجري دون توقف وهي تصرخ اسمه .. تبحث عنه وسط الظلام .. تتمنى لو تلمح ألسنة اللهب التي كانت ترافقه دائماً فحيث ستكون سيكون هو .. سالت دموعها على خديها محرقة وهي تجري بلا انقطاع .. دون جدوى .. خيل لها أن تلمح جسده بعيداً وسط الظلام فطاردته لكنّه كان يبتعد مع كل خطوة تقطعها إليه .. تصرخ منادية إياه لكنّه يستمر في ابتعاده دون أن يستجيب لتوسلاتها حتى اختفى تماماً وسقطت هي على ركبتيها تصرخ برفض وروحها وقلبها ينكسران لملايين الشظايا الصغيرة
"(آنجي) .. (آنجي) صغيرتي .. افتحي عينيكِ"
الصوت الباكي الحنون بنبرته العجوز اخترق الظلام من حولها يستحثها على الاستيقاظ .. انحنت على نفسها وغطت أذنيها بكفيها .. لا تريد أن تسمع أحداً .. لا تريد أن ترى أحداً .. تريد أن تموت .. الأصوات من حولها ازدادت تخترق عزلتها وتجبرها على الانسحاب من الظلام وتسرب النور رويداً إلى عقلها يسحبها إلى الواقع ففتحت عينيها ببطء لترتفع تنهيداتهم

"آه .. أخيراً .. (آنجي) .. آه يا ابنتي .. أوقفتِ قلبي .. شكراً يا ربي"
نظرت بحيرة لمن حولها واندفع جسد صغير يرتمي قربها يتمسك بها باكياً
"(آنجي) .. أرجوكِ .. قومي وتحدثي معي .. لا تفعلي هذا"
فتحت عينيها تنظر لشقيقها الذي دفن وجهه في صدرها باكياً بحرقة ورفعت يداً مرتجفة تمسح على شعره
"(جولي) .. لا تبك يا صغيري"
رفع وجهه المغرق بالدموع لها وتمتم

"إذن انهضي .. انهضي وتحدثي معي .. قولي لي ما يتعبكِ"
رقت نظراتها الدامعة وهي تنظر له .. غاب عنها أنّها تراه لأول مرة بعد شهور .. هل هو هنا حقاً أم أنّها لا زالت تحلم؟ .. هل أحضره لها (منذر) كما وعدها أم .. توقفت أفكارها مع ذكره، وانقبض قلبها فجأة ونهضت في مكانها محدقة حولها بذعر لتقابلها أعين الجدة (أنيتا) وصديقتها (ماريا) تنظران لها بقلق وألم .. تنفست بصعوبة وهي ترفع يدها لعنقها وقلبها يخفق بعنف

"أين أنا؟ .. ماذا حدث؟ .. لماذا .."
وتحركت عيناها بصدمة ورفض
"أين هو؟ .. أين (منذر)؟"

بكت الجدة وهي تنظر لـ(ماريا) فأسرعت تلك الأخيرة تجلس جوارها مرددة
"اهدأي حبيبتي .. اهدأي .. لا تنفعلي .. الطبيب قال"
انقطعت كلماتها عندما انتفضت مبتعدة عن لمستها وهي تهتف

"أين (منذر)؟ .. أريده .. أريد (منذر) .. أحضروه لي"
"(آنجي) .. أرجوكِ"
تراجعت في الفراش منتفضة تضرب بكفيها وساقيها

"لا .. توقفوا .. أعيدوه لي .. أخبروه أنني أريده .. أريد أن أراه .. لقد وعدني .. وعدني أنّه لن يتركني .. قال لي أنّه سيعود .. أخبروه أن يأتي"
اقتربت منها بحذر مرددة
"اهدأي أرجوكِ واسمعيني .. لا .."

غطت أذنيها لا تريد أن تسمع كلاماً يحطم أملها
"لا .. لا أريد أن أسمع شيئاً .. سيأتي .. هو سيأتي من أجلي .. لن يتركني"

وسالت دموعها وبدأ جسدها يرتجف
"لقد وعدني .. وعدني .. لا يمكنه أن يخلف وعده لي"
اندفع شقيقها مقترباً منها ولم يمنحها فرصة للابتعاد وهو يحتضنها بذراعيه الصغيرين ويقول

"لا تخافي (آنجي) .. أنا معكِ .. اهدأي حبيبتي .. لا تبكي .. سيأتي .. لا تخافي .. كلنا معكِ وهو أيضاً سيأتي من أجلكِ كما تقولين"
استكان جسدها وتركت دموعها تسيل بحرقة وشقيقها يحتضنها برجولة مبكرة

"لا تبكي وكوني قوية كما كنتِ دائماً .. أنتِ شقيقتي القوية التي لم تستسلم أبداً أمام أي شيء .. لا تنسي ما فعلتِه دائماً من أجلي .. لا تنسي كم كنتِ مقاومة وقوية .. ستعودين قوية من أجلنا جميعاً"
أغمضت عينيها وكلماته تمسح على قلبها وتركت العنان لبكائها وارتفعت شهقاتها في الغرفة وتركها تفرغ كل آلامها علّ نيران قلبها المحرقة تنطفي رويداً رويداً .. اقتربت (ماريا) من الجدة (أنيتا) وأحاطت كتفيها بذراعها وتحركت معها

"دعينا نتركهما معاً جدتي .. ستكون بخير لا تقلقي"
نظرت لهما بأسى مرة أخيرة وتحركت مغادرة تتركان الشقيقان معاً والصغير يحاول مداوة جراح شقيقته يمنحها قوته كما فعلت معه لسنوات .. همست وهما تغادران الغرفة وتغلقان الباب خلفهما

"ابنتي المسكينة .. كيف حدث معها كل هذا؟"
ربتت على كتفها وهي ترد
"لقد انتهى كل شيء جدتي وهي ستكون بخير وستستعيد قوتها وتتماسك سريعاً"
رددت بحسرة
"لا يبدو هذا يا ابنتي .. هل رأيتِ حالتها؟ .. منذ أحضروها لم تكف عن الانهيار وهي تبكي ذلك الشاب الذي خسرته"
تنهدت (ماريا) فهي لا تعرف بعد عما حدث لصديقتها سوى القليل مما عرفته من (ليزا) بعد أن شرحت لهم الموقف .. صديقتها المسكينة انقلبت حياتها وهي تحاول الثأر لأسرتها .. جيد أنّ الكابوس قد انتهى أخيراً وتخلصوا من ذلك المجرم لكن الثمن الذي دفعته صديقتها كان فادحاً ولا تعتقد أنّها ستستعيد عافيتها في وقتٍ قريب .. انهيارها بهذه الطريقة يقول أنّها أحبت ذلك الرجل بجنون ولم تحتمل رؤية موته .. توقفت عندما ظهر (جاك) أمامهما وقد كان في طريقه لغرفة (آنجيليكا) .. اقترب يبادلهما التحية ونظر للسيدة (أنيتا) قائلاً
"كيف حالكِ اليوم سيدتي؟"
"بخير بني"
تمتمت بامتنان وتابعت

"شكراً لكل ما فعلته معنا الأيام الماضية بني .. لولاك كنا .."
قاطعها قائلاً

"لم أفعل شيئاً سيدتي .. كنت أقدم خدمة لـ(آنجيليكا) .. كان يجب أن تبقوا في أمانٍ حتى تنتهي مهمتها .. لقد تخلصنا من الخطر المحيط بكم وقريباً يمكنكم العودة لحياتكم الطبيعية"
رددت (ماريا) عبارة شكر ممتنة فابتسم بخفوت ثم سألهما
"كيف حالها؟"
تنهدت بحسرة مجيبة

"كما هي .. (جوليانو) معها ويحاول التخفيف عنها .. هي تحتاجه الآن ربما يستطيع إخراجها مما هي فيه .. لن تبقى طول الوقت تحت تأثير المخدر عليها مواجهة الواقع عاجلاً أو آجلاً"
أومأ موافقاً بأسى فسألته (ماريا)
"هل هناك أي أخبار؟ .. هي لا تريد أن تصدق ما حدث .. ربما يكون .."

قاطعها بهزة رأس آسفة
"لا .. ليس هناك أخبار غير ما وصلنا .. للأسف الخبر مؤكد"

مسحت السيدة (أنيتا) دمعة وهي تتمتم بأسى
"مسكينة ابنتي .. كيف نخبرها أنّ الأمل الذي تتمسك به زائف؟ .. ستنهار أكثر"
ربّت على كتفها مردداً

"لا داعي للحديث معها في هذا الأمر حتى تتحسن .. لقد تحدثت مع الطبيب وقريباً سيأتي أفضل طبيب نفسي لمتابعتها .. ستتحسن في أقرب وقت لا تخافا"
"شكراً لك بني .. شكراً لك كثيراً على كل ما تفعله لأجلها"
رددت الجدة وهي تبكي لتعيد (ماريا) شكرها له وتستأذن منه ساحبة معها الجدة نحو غرفتها وهي تواسيها وتابعهما بعينيه بأسى ثم أدارهما تجاه جناحها وهز رأسه بأسف بينما عقله يسحبه لذكرياته مع حبيبته .. مرت سنوات وهو لا زال يتعذب مع طيفها بينما لا تزال على قيد الحياة .. ماذا تفعل هي وقد أصبح حبيبها بعيداً حيث لا يمكنها رؤيته أو لمسه أو حتى الاطمئنان لكونه يتنفس في مكانٍ ما من العالم؟ .. يعرف أنّ عذابها أضعاف أضعاف ما يشعر به ورغم كل ما قاله ليواسي أسرتها هو يعرف أنّها ربما حتى لو تعافت ظاهرياً سيبقى في روحها جرحاً بعمق أخدودٍ سحيق .. لن تشفى منه أبداً حتى آخر يوم في عمرها وحتى تلحق بحبيبها في العالم الآخر.

***********************

m!ss mryoma and noor elhuda like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 08:45 PM   #1358

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ألقى (عاصي) جسده بتعب على الأريكة وأرجع رأسه للخلف فتطلع له (هشام) من مكانه بإشفاق ثم نهض ليجلس بجواره قائلاً
"حاول أن ترتاح قليلاً (عاصي) .. أنت لم تحصل على أي راحة منذ أمس"
نظر له بإرهاق مجيباً
"كيف أرتاح يا (هشام)؟ .. لن أرتاح إلا بعد أن ينتهي كل هذا"
واتجه بنظره للخارج متابعاً
"كيف حالها؟ .. هل لا زالت نائمة؟"
أومأ (هشام) وهو يرد
"كانت (راندا) عندها قبل قليل .. لقد نامت بصعوبة"

شرد بنظراته في مرارة ثم قال
"لا أعرف ماذا أفعل يا (هشام) .. دبرني .. أشر عليّ يا أخي أنا أثق في حكمتك ورأيك"
تنهد (هشام) بقوة وصمت لحظات قبل أن يجيبه
"أنا أيضاً لم أعد أعرف ما الحل يا (عاصي) .. أنا حائر .. عقلي وقلبي يتنازعان .. جزء مني يرغب في الصفح وجزء يستنكر مجرد تفكيري فيه .. ليس سهلاً نسيان وتجاوز ما حدث"

وغامت عيناه أكثر بمرارة
"نحن بشر في النهاية (عاصي) .. تَحكُمُنا مشاعرنا وانتماءاتنا ولا يمكننا بضغطة زر أن نمسح كل شيء ببساطة .. هذا يحتاج لقوة"
أطرق (عاصي) حائراً ومختنقاً ليربت على كتفه مكملاً
"لهذا العفو عند المقدرة يتطلب جهاداً كبيراً للنفس وقوة .. أنا أجاهد نفسي يا (عاصي) .. أجاهد لأتغلب على الكراهية بداخلي حتى لا تُغيّب صواب تفكيري"
زفر مردداً
"الأمر صعب للغاية (هشام)"
"أعرف .. أنا أعرف .. انظر .. لن يلومك أحد على قرارك مهما كان .. أنت بشر كما قلت .. سنأخذ وقتنا ولن نتعجل ما ستأتي به الأيام"

وشرد قليلاً ثم تابع
"هل كنت تتوقع أن يحدث هذا في النهاية؟ .. مع كل ما قيل لنا أنّهما يحاولان إصلاح كل ما فعلاه لم أصدق .. لم أشأ أن أصدق حتى وأنا أرى الصدق والندم في أعينهما .. من كان يتوقع أن يفعل (فهد) ما فعله وأن يجازف بحياته من أجلك؟"

وربت على ساقه مردفاً بحزم
"أنا أعرف أنّه فعل هذا من أجل (همسة) في المقام الأول وليكفر عن خطأه في حقنا .. الماضي وذنب أسرته ووالده لا يمكنني أن أحاسبه عليه .. سأكون ظالماً إن فعلت وهذا ما أجاهد نفسي حتى لا أقع فيه .. الله سبحانه وتعالى يقول (لا تزر وازرةٌ وزر أخرى) وأنا لا أريد أن أفعل هذا (عاصي) .. لا أريد أن تعميني كراهيتي أكثر فلا أعدل .. ربما ما حدث إشارة من الله لنا .. ربما يفتح أمامنا طريقاً جديداً لا نجد بداً من السير فيه للنهاية .. ربما يكون هو الأفضل للجميع"

استمع له مقطباً محاولاً تغليب هذه الحكمة التي يتحدث بها (هشام) رغم صعوبتها .. ابتلع لعابه بصعوبة وهمس
"وإن .. إذا لا قدر الله .. لم يكتب له الله أن .."

قطع كلماته وازداد عبوسه .. لا يريد أن ينحدر لتمني هذا .. لا يمكنه تخيل كيف ستتقبل شقيقته الصدمة .. هو يتمنى بصدق أن يتعافى سريعاً مهما كانت النتيجة بعد ذلك
انتبه على رد (هشام) وهو يقول بهدوء
"لا قدر الله يا (عاصي) تفاءل .. قلت لك سننتظر ما تأتي به الأيام وصدقني .. الزمن كفيل بحل الأمر .. سيكون صعباً بالتأكيد، لكننا سنكون أقوياء، اتفقنا؟"
هز رأسه بشرود انقطع عندما ارتفع صوت (سديم) عن قرب وهي تنادي أخاها
"أنا هنا (سديم) .. تعالي"

هتف (هشام) وهو ينهض لاستقبالها فدخلت يرافقها (آدم) .. اندفعت هي تعانق (هشام) الذي ضمها بحب قائلاً
"كيف حالكِ عزيزتي؟ .. أفضل اليوم؟"
أجابت وهو يمسح على خدها بحنان

"أنا بخير حمداً لله أخي"
انتهى (آدم) من مصافحة (عاصي) والتفت يصافحه وهو يقول
"أتينا من عند الطبيب مباشرة لهنا"
نظر لها بقلق
"ما الأخبار؟"
أسرعت تجيبه
"بخير .. سأخبرك كل شيء لاحقاً .. سأذهب لأطمئن على (همسة) والجميع"

واختلست النظر لزوجها بنظرة ذات مغزى لم تفت عن (هشام) الذي قطب بقلق وتابعها بنظراته ليلتف له قائلاً
"ما الأمر (آدم)؟ .. هل كل شيء على ما يرام معها؟"
تنهد وهو يجلس

"لا تقلق (هشام) .. كل شيء بخير وهي ستتابع جلسات علاجها مع الطبيب كما اتفقنا .. هو فقط القلق الطبيعي مما نحن مقبلان عليه"
ربت على كتفه مردداً
"إن شاء الله لن يحدث إلا كل خير .. أنا متفاءل وأثق برحمة الله"
هز (آدم) رأسه دون رد ورأى (هشام) ما يعتمل داخله من قلق واضطراب يحاول إخفاءهما كما يفعل هو أيضاً كلما فكر في مصير أخته .. طرد أفكاره الموترة جانباً وغير مجرى الحديث لنقاش آخر معهما لدقائق حتى قطعهما رنين هاتف (عاصي) الذي التقطه واضطربت ملامحه مع رؤيته للمتصل

"إنّه الحارس الذي تركته عند غرفة (فهد)"
اعتدل بانتباه
"أجب بسرعة"

خفق قلبه بقوة في انتظار الأخبار وشحوب وجه (عاصي) وهو يستمع له أنبأه أنّ شيئاً سيئاً حدث .. أغلق الهاتف ونظر له باضطراب فهتف به
"ما الأمر (عاصي)؟ .. هل حدث شيء له؟"

هز رأسه قائلاً ليتجمد قلب (هشام) مع كلماته التالية
"لقد .. لقد توقف قلب (فهد) .. لكن .. أعادوه بحمد الله"
تنهد الاثنان بقوة وارتياح ونهض (هشام) سريعاً في نفس اللحظة التي وقف فيها (عاصي) هاتفاً
"سأذهب لأرى ما .."
اتسعت عيناه وتعلقتا عند الباب وهو يهمس بقلق
"(همسة)"
التفت (هشام) ليلتقط خيالها يندفع مبتعداً فأدرك أنّها سمعت ما قاله (عاصي) الذي لم ينتظر لحظة وانطلق خلفها يهتف اسمها

"توقفي (همسة) .. انتظري"
اندفع الاثنان خلفهما وسمع (آدم) صوت زوجته وشقيقته تناديان بقلق بينما يغادر باب الفيلا ليجد (عاصي) يقفز السلالم بسرعة خلف شقيقته التي كانت شهقات بكائها مرتفعة
"(همسة) .. توقفي"
هتف وهو يمسك بذراعها أخيراً يشدها إليه فصرخت وهي تدفعه في صدره والدموع تغرق عينيها

"دعني .. اتركني .. (فهد) يحتاجني .. دعوني"
أمسكها من كتفيها يهزها بقوة
"اهدأي (همسة) .. (فهد) بخير .. توقفي"

"لا .. دعني أذهب"
صرخت برفض وهي تقاومه رافضة أن تفتح عينيها في انهيار
"دعوني .. إنّه يحتاجني .. سيموت ويتركني .. يجب أن"

هتف فيها
"أفيقي (همسة) أفيقي .. ما الذي تفعلينه بنفسكِ؟ .. أفيقي"
هزها بقوة أكبر وهو يصرخ كلمته الأخيرة لتفتح عينيها تنظر له بصدمة فأكمل بشدة
"منذ متى كنتِ ضعيفة هكذا؟ .. انظري لنفسكِ .. لقد وعدتِني أنّكِ ستكونين قوية وستتحملين .. لماذا تتصرفين هكذا؟"

نظرت له من بين دموعها ثم ضربته بكفيها الصغيرتين على صدره مراراً وهي تهتف
"ماذا يهمك من أمري؟ .. ماذا تعرف عني؟ .. أنت لا تعرفني (عاصي) .. أنت لم تعرفني أبداً"
قطب متراجعاً بصدمة بينما تابعت وهي في انهيارها
"هل تعرف ماذا أريد؟ .. هل تعرف ماذا أشعر هنا؟"

ضربت على قلبها وهي تهتف بكلماتها
"لا تعرف .. ولا تريد أن تعرف .. لا تريد أن ترى .. لأنّك لا تنوي أن تغفر ولا تنوي أن تفتح قلبك أبداً"

وضربت مرة أخرى على قلبها
"قلبي يتمزق ولكن لن يهمك هذا أبداً"

ورفعت عينيها تديرها في وجوه أفراد أسرتها المصدومين بجزع
"جميعكم لن يهتم .. ربما تتمنون لو أنني لم أولد .. لو أنني لم أعد"

شهقت (سلمى) بجزع مرددة
"(همسة) يا ابنتي ماذا تقولين؟"
لوحت بيدها هاتفة وقد تراجع عقلها في الخلف سامحاً لانهيارها وعاطفتها بتولي الدفة
"إنّها الحقيقة .. لأنّه سيكون أسهل لكم .. لن تتعذبوا بسببي ولن تجبروا نفسكم على التعاطف مع عدوكم لأجلي .. ولن يتعذب (عاصي) وهو يجبر نفسه على تقبل (فهد) في حياتي .. لا هو لن يتقبله أصلاً مهما فعل"

قطب (عاصي) بشدة وهي تنظر له وضحكت بشبه جنون
"أليس كذلك (عاصي)؟ .. لا يمكنك أن تفعل .. سيكون من الأفضل لو مات لكي ترتاح من .."

قطع كلماتها مغطياً فمها لتسيل دموعها على كفه واشتعلت عيناه وهو يهتف
"اخرسي"
نظرت له بألم ثم انتزعت كفه هاتفة
"لن أخرس .. لا يمكنك منعي .. ستسمعني للنهاية يا (عاصي) .. ستعرف كيف أشعر لتتوقف عن لومي بنظراتك .. لتفهم كيف أشعر"

وضربت على قلبها مرددة
"لماذا تلومونني على شيء لا حيلة لي فيه؟ .. هو و(عماد) كانا عائلتي الوحيدة لسنوات .. كانا كل ما أملك والآن .. الآن سأخسره .. لماذا؟ .. لأنّه كان يحاول التكفير عن ذنوبه في حقكم .. لأنّه ندم على ما وقع فيه بسبب امرأة مجنونة غسلت عقله وجعلته يعتقد أنّكم دمرتم حياته وتسببتم في تشردهم وعذابهم لسنوات"

ونقلت عينيها تنظر للجميع وعادت تهتف بحرقة
"نعم أخطآ .. لقد ارتكبا أشياءً لا تُغتفر وهما يظنان أنّهم ينتقمان لمن يحبونهما .. من منا لا يزل؟ .. من منا لم يرتكب أخطاءً ويندم عليها؟ .. إن كان الله يغفر لنا فلماذا نحن لا نغفر لبعضنا يا (عاصي)؟ .. أفهمني لماذا"

تنفس بقوة وهو يغمض عينيه بينما قال (هشام) مترفقاً
"اهدأي عزيزتي .. لا أحد يلومكِ على مشاعركِ نحوهما .. نحن نفهم جيداً كيف تشعرين"

التفتت له وشهقت ببكائها ثم ردت
"لا يا (هشام) .. لا أحد يشعر بالعذاب الذي أعيشه منذ أتيت هنا .. أنا ممزقة بين دمي وقلبي .. ممزقة بين الأشخاص الذين أحبهم في حياتي"

وتراجعت خطواتها للخلف وهي تواصل
"لا يمكنني أن أعود لهما ولا أن أكون معكم بكامل سعادتي .. لا يمكنكم أن تجتمعوا سوياً مهما حدث .. حتى من أجلي .. سأظل ناقصة طيلة عمري"

وانتحبت بشدة
"قدري حكم عليّ أن أعيش ممزقة بينكم للأبد"
اقترب (عاصي) خطوة فتراجعت أكثر وهي تردد
"ليتني مت مع أمي .. ليتني لم أعش حتى أرى هذا اليوم .. ليتني .."

"(همسة)"
توقف قلبها عندما ارتفع اسمها من الخلف بصوتٍ تحفظه جيداً واشتاقت له بشدة .. هتف اسمها بقوة ولوم يوقفها عن كلماتها الغبية .. التفتت كما فعل الجميع واتسعت عيناها
"(عماد)"

همست اسمه بارتجاف وشوق ولم تنتبه لحالته، ودموعها تشوش رؤيتها لتهتف وهي تندفع دون تفكير
"(عماد) .. أخي .. أنت هنا .. (عماد)"
لم يجد (عماد) الفرصة ليوقفها وهي ترتمي على صدره باكية بحرارة
"لقد جئت أخي .. جئت أخيراً .. هل عرفت بما حدث لـ(فهد)؟"

ورفعت عينيها تنظر له بتوسل وهي تقبض على قميصه بكفيها
"خذني من هنا أخي .. خذني لأراه أرجوك"

رفع عينيه عنها ينظر خلفها ليجد (عاصي) واقفاً بوجه مصدوم وأنفاس متسارعة يقبض على كفيه بشدة .. أطرق عاجزاً عن مواجهة نظراته هو والبقية .. نظر لوجهها بحنان مقاوماً دموعه واشتياقه.. أمسك عضديها بكفيه وابتعد خطوة للخلف .. خفق قلبها بعنف وهي تحدق فيه غير مصدقة رفضه وابتعاده
"أخي!"
خانته دموعه متسللة لعينيه وهو يقول باختناق
"مكانكِ هنا (همستي)"
همست اسمه بذهول بينما تابع

"إياكِ أن تكرري ما سمعته الآن مرة أخرى .. كان قدركِ أن تعيشي (همسة) .. كان قدركِ أن تصلي إلينا وتكونين أجمل جزء من حياتنا .. أنتِ أجمل جزء من أكاذيب ماضينا (همسة) .. ستظلين كما كنتِ .. ابنتي وأختي الصغيرة ولا شيء سيغير هذه الحقيقة أبداً .. لكن .. قدرك أن تعودي لهنا .. أنتِ جزء منهم وستكونين للأبد"
ورفع وجهه نحو (عاصي) وهو يكمل
"لقد وعدتكِ أن أصلح كل ما أستطيع إصلاحه"
نظرت له بحيرة بينما خفض كفيه متخلياً عنها وتراجع للخلف في اللحظة التي ارتفعت في شهقة عالية من فم (سلمى) دفعت الجميع للنظر لها .. تحشرجت أنفاسها في صدرها وأسرعت (رهف) التي تجاورها تمسك بجسدها حين ترنحت في صدمة
"أمي .. ماذا أصابكِ؟"
انتبه الجميع أنّ عينيها تعلقتا بنقطة ما خلف (عماد) فتحولوا إليها بينما نظر هو لـ(همسة) الحائرة وردد بصوت متأثر
"هناك شخص أريدكِ أن تقابليه صغيرتي"

أجاب تساؤلها الحائر متحركاً من أمامها كاشفاً المكان خلفه لتجد (سؤدد) تقترب قادمة من عند البوابة تتأبط ذراعها امرأة ذات ملامح مألوفة بطريقة جعلت قلبها ينبض بصخب وهي تحدق فيها دون فهم كما فعل البقية وهم يراقبون اقترابهما حتى صارتا على بعد خطوات قليلة من (همسة) التي خانتها خطواتها فتراجعت للخلف بترنح وعيناها لا تفارقان وجه المرأة وتسلل لها صوت (عماد) يردد
"آسف لأنني تأخرت في إعادتها لكِ عزيزتي"

هزت رأسها بضياع محاولة فهم ما يحدث وسمعت خلفها شهقات (سلمى) المصدومة وهي تتنفس بصعوبة مرددة
"مستحيل .. مستحيل"

(عاصي) هو الآخر كان يحدق فيها مصدوماً وقد جف الدم من عروقه وقد خُيل له أنّه يرى شبحاً .. قاطع صدمته هو والبقية اندفاع (سلمى) وقد حطمت حاجز صدمتها واندفعت تنزل السلالم تعبر جوار (عاصي) العاجز عن النطق وتندفع مباشرة نحوها هاتفة
"(همسة) .. يا ربي .. أنا أحلم .. (همسة)"

ترنحت خطواته للخلف وارتجف جسده وهو يمد يده محاولاً الاستناد على أي شيء .. تعثر بأول درجة من السلالم ليسقط مستنداً إليها بذراعه واندفعت (رهف) بسرعة نحوه وقد أرعبتها حالته .. احتضنت جسده ما أن لامس السُلّمة وشهقت وهي تشعر به يرتعش بشدة وكفه تتمسك بها بقوة كأنما يحاول الاستفاق من حلم مرعب
"(عاصي) .. ما بك؟"

همست بخوف عليه قبل أن ترفع عينيها لأمه التي اندفعت نحو الغريبة، تضمها بقوة وهي تبكي بحرارة بينما الأخرى تجمدت وهي تدير عينيها كأنّها في حلم لتتوقف عيناها عند (عاصي) الذي اشتدت رجفته عندما التقت أعينهما وهمس
"أ .. أمي .. أمي"

ارتفع حاجباها وهي تنظر لها بدهشة أكبر لتدرك في لحظة لماذا كانت تبدو مألوفة .. كانت تشبه صور زوجة عمها الراحلة .. لكن .. من تقف أمامهم الآن ليست .. لا يمكن بأي حال أن تكون ميتة .. علا صوت (سلمى) على كل شيء وهي تحتضن (همسة العاصي) بقوة مرددة من بين شهقاتها الباكية
"كنت أعرف .. كنت أشعر أنّكِ لا تزالين حية .. يا الله .. رحمتك يا رب .. لا أصدق"

وابتعدت تنظر لوجه صديقتها التي كانت زائغة النظرات واحتضنت وجهها بشدة
"أنتِ هنا حقاً؟ .. أنا لا أحلم يا (همسة) .. يا ربي لا تجعله حلماً"
ببطء رفعت (همسة) ذراعيها متحررة من ذهولها الذي رافقها منذ أخبرها (أحمد اليزيدي) بكل شيء اختصاراً، قبل أن يغادروا في رحلتهم إلى الوطن الذي غابت عنه لسنوات والعائلة التي انتزعت منها قسراً .. العائلة التي تقف بينهم الآن وهي تشعر كأنّها أصبحت طيفاً أثيرياً يحوم حولهم .. لا تشعر بجسدها .. تحاول استيعاب الحقيقة .. تخشى كما تقول (سلمى) أن تفتح عينيها لتكتشف أنّها كانت تحلم وعندها ستتكسر روحها لآلاف الشظايا دون شفاء .. هذا الأمل الذي عاشت سنوات تمني نفسها به وتتخيله .. إنّها هنا حقاً .. معهم .. سقطت السنوات الطويلة في لحظة ودفء (سلمى) يتسلل لقلبها يخبرها أنّها لا تحلم .. أغمضت عينيها وأطبقت ذراعيها حول صديقتها القديمة وشهقت باكية واختض جسدها بالبكاء.
تراجعت (سؤدد) مفسحة المجال لهما لتتعانقا وسالت دموعها وهي تنظر لهما قبل أن تتجه بنظرها لـ(عماد) الذي وقف بتأثر مماثل وألم لم تحتمل رؤيته في عينيه فاتجهت نحوه .. أمسكت بيده وعانقتها ومنحته نظرة حملت كل مشاعرها تخبره أنّه فعل الصواب وتعبه لم يذهب سدى .. قطع نظراتهما لينظر نحو (همسة) المسكينة التي كانت لا تزال في حالة من عدم التصديق وعقلها يحاول ربط الصور في عقلها بالواقع .. أشفق عليها فاقترب منها ليحيط كتفها بذراعه في دعم ومال يهمس في أذنها
"إنّها أمكِ يا (همسة)"
انتفض جسدها وأدارت عينيها غير المصدقتين نحوه ثم عادت تنظر نحو زوجة عمها ثم لشقيقها الجالس على السلالم يحدق فيما يحدث بشحوب من رأى شبحاً .. كل شيء كان يخبرها أنّها ليست في حلم .. شعرت بـ(عماد) يهزها برفق
"إنّها (همسة العاصي) .. أمكِ يا صغيرتي"

همست بارتجاف
"أمي؟"
"نعم حبيبتي .. صدقيني .. إنّها أمكِ"

راقبتها تبتعد عن (سلمى) التي مررت يديها على خديها وكتفيها تتحقق من كونها حقيقة وهي تردد
"أنا لا أحلم يا (همسة) .. لقد عدتِ لنا .. أنتِ هنا .. يا رب رحمتكِ"

اكتفت بهزة رأس وهي ترفع وجهها في اتجاه (عاصي) الذي ارتجف أكثر وهو يتمسك بـ(رهف) هامساً
"أنا أحلم يا (رهف)، صحيح؟ .. أخبريني أنني أحلم أرجوكِ"
سالت دموعها وهمست له وخلاياها كلها ترتعش
"لا يا (عاصي) .. أنت لا تحلم .. إنّها أمك .. لم تمت .. إنّها هنا حقاً"

عينا أمه المتوقفتان عليه اخترقتا قلبه وهما تدوران على وجهه تتعرفان على ملامحه كأنّها تبحث عن ذلك الطفل الذي تركته خلفها .. تحركت نحوه بخطوات بطيئة ومع كل خطوة تقتربها كان قلبه يخفق بسرعة أكبر وأنفاسه تحتبس .. نهض دون شعور مع اقترابها حتى توقفت أمامه وتحركت عيناها على وجهه بنظرات تائهة غير مصدقة قبل أن ترفع كفها المرتجفة تتلمس وجهه بذهول لينتفض قلبه بقوة .. قلبه الذي صرخ فيه معترفاً أنّ ما يحدث ليس كذبة .. أراد أن يصدق العكس .. أراد أن يهتف في الجميع أنّ هذه خدعة من (عماد) .. مجرد شبيهة أحضرها ليخدعهم .. لكن .. قلبه اعترف بها .. عرفها .. كل شيء فيها كان يهتف أنّها أمه كما يتذكرها .. هي أمه.
"أمي"
ترددت الكلمة على شفتيه بارتجاف بينما تخونه دموعه لتلامس أصابعها .. رقت نظراتها وهي تهمس
"(عاصي) .. ولدي"
كسرت كلماتها حاجز ذهولها فاندفعت تحيطه بذراعيها وهي تهتف اسمه بحروف باكية .. مطر ناعم انهمر على قلبه فور أن شعر بضمتها .. مطر انهمر ليمسح عذاب يتم سنين طويلة واستسلم هو بضياع لعناقها يشهق باكياً كطفل صغير يناديها دون توقف غائبين عن أنظار الكل التي انصبت عليهم بإشفاق وتأثر .. لم تتماسك (راندا) أكثر وخانتها دموعها فمالت تستند لـ(هشام) الذي احتضنها باحثاً فيها عن الدعم هو الآخر وجلست (رهف) على السُلم تتطلع لهما من بين دموعها الغزيرة كما فعل البقية.

تعلقت عينا (همسة) بالمشهد أمامها وقلبها يرتجف بشدة ولم تنتبه إلا حين اقتربت (سلمى) منها لتشدها من (عماد) وتضمها لها بحنان كأنما شعرت بحاجتها لذلك الحضن الأمومي الذي غرق فيه (عاصي) ولم تعرف هي طعمه أبداً .. تركها (عماد) لها مستسلماً وكاد يتحرك مغادراً وقد أدرك أنّه دخيل على ما يحدث لولا أن أوقفته (سلمى) مرددة بصوتٍ مرتجف من التأثر
"شكراً لك بني"
ارتعد قلبه وارتفع حاجباه مع كلماتها ونظرات الامتنان الصادق في عينيها

"أنت من أعدتها لنا .. شكراً لك .. لن أنسى جميلك هذا أبداً"
قاوم حتى لا تهزمه دموعه وتحشرج صوته وهو يرد
"لم أفعل شيئاً سيدتي .. كان واجبي .. حاولت أن أصلح بعض ما .."
توقف عندما هزمته غصته بينما هزت هي رأسها بتفهم .. أخذ نفساً عميقاً ثم همس ودمعة تخونه
"أنا آسف حقاً لكل ما حدث .. آسف على كل ما فعلته أسرتي وما .. ما فعلته أنا أيضاً .. آسف بشدة"
بكت (سؤدد) وهي تسرع إليه تعانق كفه تخبره أنّها معه وتسانده .. ضغط يدها وهو يواصل
"ليت باستطاعتي تعويضكم .. لو كان بيدي لغيرت كل شيء لكن .. أنا آسف .. فعلت ما بوسعي .. سامحيني"

نقلت بصرها بينه وبين (سؤدد) التي توسلتها بعينيها ألا ترده لتهمس (سلمى) بعد لحظات
"سامحك الله يا بني"

نظر نحو (همسة) مرة أخيرة وهمس
"أنا أترك جزءاً غالياً مني معكم .. اعتني بها سيدتي"

قالها وتراجع ليغادر قبل أن تغلبه عبراته يتبعه صوت (همسة) منادياً .. أومأت لها (سؤدد) تخبرها أنّها ستكون معه وأسرعت خلفه وراقبتها (همسة) وهي تجاوره وتحتضن يده يسيران معاً للخارج .. ودعته بقلبها في ألم قبل أن تنتبه على صوت (سلمى) تقول وهي تشدها
"تعالي حبيبتي"

دارت معها ليقابلها المشهد من جديد واختنقت أكثر وهي ترى شقيقها يبكي كطفل صغير متعلقاً بأمهما ومالت هي بضعف نحو (سلمى) التي ضمتها برفق تشدها معها حتى توقفتا قرب أمها و(عاصي) الذي ابتعد مجففاً دموعه حين رأى شقيقته الشاحبة المرتجفة مد يده لها فتحركت نحوه بتردد .. شدها بجواره يسند جسدها الصغير المرتجف وهو يلتفت لأمهما قائلاً
"أمي .. هذه همستنا الثانية .. (همسة) الصغيرة"

نظرت له بحيرة وعادت بعينيها تنظر لها بوجل لمع واضحاً في عينيها اللتين مسحتا ملامحها وسالت دموع (همسة) وهي تقف أمامها بعجز ونظرات أمها العاجزة عن تعرفها تمزق قلبها بينما شقيقها يكمل بحنان
"إنّها أمانتكِ التي عادت لنا رغم كل ما فعلوه ليحرمونا منها"

ارتجف قلب أمه مع كلماته وخشيت أن تصدق ما تفهمه وما تراه عيناها على وجه الصغيرة الباكية .. قلبها المنتفض يصرخ بين ضلوعها معترفاً بالحقيقة التي أكدها (عاصي) وهو يكمل
"إنّها شقيقتي أمي .. ابنتكِ"

أغمضت عينيها مترنحة بضعف لتسندها (سلمى) وتمالكت هي نفسها بسرعة .. قرّب نحوها شقيقته التي تكاد تنهار، لترفع كفها تلامس وجهها فشهقت (همسة) مغمضة عينيها ما أن لامستها كف أمها وانهارت ببكاء لم تستطع السيطرة عليه فيما تحركت عينا أمها على ملامحها وهي تهمس
"مستحيل .. لقد قالوا .. أخبروني"
ارتجفت كلماتها ودموعها تسيل بينما تنزل كفها عنها وترفع يديها تضمهما معاً لصدرها كأنّها تحمل رضيعاً

"طفلتي .. صغيرتي .. كانت بهذا الحجم .. لقد أخذوها مني .. سرقوها من حضني و .."
عادت تنظر لـ(همسة) مواصلة بضياع
"قالوا أنّها رحلت .. قتلوها .. هذه .. كيف تكون .."

لم تكتمل كلماتها والدوار يكتنفها بقوة وصرخ (عاصي) اسمها وهو يتلقاها بين ذراعيه فاقدة الوعي بعد أن فشل عقلها في احتمال كل هذه الانفعالات.
*********************

m!ss mryoma and noor elhuda like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 08:48 PM   #1359

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"حسناً أبي .. لن أتأخر"
همست (سؤدد) عبر الهاتف تحدث والدها ونظرت نحو (عماد) الذي كان يجاورها في سيارة الأجرة صامتاً منذ غادرا المشفى يتطلع عبر النافذة بشرود
"إنّه بخير لا تقلق .. حسناً .. سأحاول إقناعه .. لا تخف لن أتركه وحده .. تمام سأخبره"
ودعته وأغلقت الهاتف ثم اقتربت منه تشبك ذراعها في ذراعه وتحتضن كفه .. التفت لها فمالت تسند رأسها على كتفه هامسة
"أبي كان يطمئن عليك"

وضغطت على كفه مواصلة
"لا يريدك أن تبقى بمفردك في الشقة .. لماذا لا تأتي معي للقصر وتبيت معنا الليلة؟"
هز رأسه وصمت قليلاً قبل أن يجيب
"لا حبيبتي .. أريد الاختلاء بنفسي قليلاً"
قطبت بحزن مفتعل وهي ترفع رأسها عنه
"هل تريدني أن أتركك وأعود؟ .. ربما تريد أن .."

قاطعها وهو يشدها لمكانها وأغمض عينيه بتعب وهمس
"لا تتركيني .. أنا أحتاجكِ بشدة"

قاومت دموعها وهي تضغط على يده وهمست
"أنا معك"
ران الصمت عليهما وتذكرت بوجع ما حدث في بيت عائلة (رضوان) .. كانت المواجهة أشد وجعاً مما تخيلتها وقلقها على (عماد) الذي شاهد بعينيه مبلغ الظلم الذي تسببت به أسرته لهم وهو يرى (همسة العاصي) وسط أسرتها .. ربما يكون قد أعادها لهم لكنّه لا يستطيع تعويضها وإياهم السنين التي خسروها جميعاً وعمرها الذي ضاع بسبب جنون والديه .. انقبض قلبها بوجع أكبر وهي تشرد بذهنها للحظة التي وصلا فيه للمشفى ليتفاجأ بحالة (فهد) السيئة .. كاد يفقد عقله من الأساس حين أخبرته بما حدث قبل مغادرتهما الشقة الفرنسية لكنّه تماسك بصعوبة وأصر رغم كل خوفه أن يعيد (همسة العاصي) لأسرتها كأنما يخشى أن يحدث ما يعيق هذا اللقاء الذي اقتطع سنوات طويلة حتى يوصل القدر ما انقطع .. اقتربت منه أكثر تريد أن تحتضنه لتخفف عنه الألم الذي تشعر به يرمح كجوادٍ جامح داخل قلبه منذ أخبرهما الطبيب بحالة (فهد) ورفض السماح له بزيارته مشدداً أنّ الزيارات ممنوعة تماماً حتى يتجاوز مرحلة الخطر .. شعرت برجفة تمر بجسده فجأة فنظرت له بقلق ثم همست وهي تربت على ذراعه
"سيكون بخير .. لا تخف"
هز رأسه دون رد ولمحت دمعة مكتومة في عينيه اللتين سارعا في إغلاقهما واحترمت هي مشاعره وصمته طيلة الرحلة التي استغرفتها السيارة حتى وصلت لشقته .. انتبها على صوت السائق ما أن توقفت السيارة أمام العمارة وتحركا لينزلا .. نقد السائق أجرته قبل أن يتحرك إليها فابتسمت له بحب وهي تمسك بكفه وتتحرك معه نحو المبنى .. لم يترك كفها حتى وهو يخرج مفتاحه ويدخله في الباب .. دلفا للشقة التي أنارها، لتدير عينيها بحنين داخلها تتذكر لحظاتهما معاً .. التفتت قاطعة صمته الحزين

"لم أعرف أنني أحب شقتك لهذه الدرجة"
ابتسم بشحوب مدركاً محاولاتها للتخفيف عنه بمرحها وسايرها قائلاً وهو يشدها نحو الأريكة القريبة
"وأنا أحببتها أكثر عندما شاركتِني بعض الذكريات الحلوة فيها"

ابتسمت له وهي تجلس جواره بينما تفكر .. لم تكن ذكريات حلوة فقط، كانت هناك ذكريات مرة وأخرى قاسية .. هزت رأسها تطرد أفكارها جانباً وهي تنظر له ثم همست وهي تقترب منه
"نحن وحدنا حبيبي"

رمقها بنظرة مرتجفة ما أن لامست الوتر الجريح داخله بكلماتها الناعمة الحنونة وابتلع غصة مؤلمة بحلقه فيما هي لامست خده بحنان أكبر
"يمكنك أن تفضفض لي بكل ما تشعر به"
وتابعت وهي تلمح دموعه المكتومة
"يمكنك أن تبكي لو أردت .. أنا معك .. أفرغ كل ألمك وحزنك لي .. لن أخذلك"

ارتجفت شفتاه بعجز وقاوم بصعوبة لتقضي هي على تردده وهي تمسك رأسه لتقربه منها
"لا تكتم بداخلك أكثر يا (عماد) .. أخبرني حبيبي .. فضفض"

اهتز قلبها مع رجفة جسده قبل أن يستسلم ويميل بجسده لينام على الأريكة وترك رأسه تسقط في حجرها وهو يهمس مغمضاً عينيه لتتسلل عبر جفنيه دمعة حارقة
"أنا متعب كثيراً يا (سؤدد) .. أريد أن أرتاح"
مررت أصابعها في شعره بحنان وهي تهمس له
"ارتح حبيبي .. أنا معك"

سرت رجفة أخرى بجسده، أثارت رجفة مماثلة بقلبها وهي ترى دموعه تسيل في صمت وهو يتابع بخفوت
"أريد أن أنام .. أنام طويلاً ولا أستيقظ .. أريد النوم حتى ينتهي كل شيء"

مسحت دموعه برقة وعادت تمسح على شعره
"نم كما تريد حبيبي .. أنا سأسهر بقربكِ"

حرك رأسه قليلاً يدفنه في صدرها والتفت ذراعاه حول خصرها وهو يهمس باختناق
"ابقي معي (سؤدد) .. لا تتركيني"
مالت تقبل رأسه هامسة

"لا تخف .. أنا معك .. لن أتركك أبداً"
استمرت في مسحها على شعره وظهره، وهي تراقب وجهه لبرهة حتى انتظمت أنفاسه ورقت عيناها وهي تنظر لملامحه التي استرخت أخيراً مع غرقه في نومٍ لم يحصل عليه لأيام .. قاومت دموعها بصعوبة وهي تتأمله بحنان هامسة داخلها بدعاء متوسل أن يتعافى قلبه وروحه بسرعة وينتهي كابوسه في سلام وللأبد.
*******************
كانت أنفاس (سامر) تتسلل ببطء من صدره وكادت الدنيا تظلم من حوله وهو يختنق بالحبل .. تخبط مقاوماً في محاولة للنجاة وارتطمت ساقه بالفراش فدفع بآخر قواه إليهما ليدفع الفراش بقوة مرجعاً جسده للخلف مسبباً تراجع مهاجمه وتعثره .. اندفع هو للخلف أكثر ليرطمه بالحائط وتسلل الهواء بسرعة لصدره مع انفلات قبضتيّ الرجل عن الحبل .. شهق بالهواء في عنف ولم ينتظر أكثر وهو يلكم خصمه ليرتطم رأسه بالحائط وأسرع يتناول المشرط الطبي من العلبة ويغرسه في ساقه بكل قوته ليصرخ الرجل بألم .. دفعه جانباً وانتزع مفاتيح سيارته من المنضدة المجاورة واندفع مغادراً الشقة تتبعه صيحة الرجل خلفه بقهر .. شتم بحنق وهو يشعر بجرحه ينزف والدم يتخلل عبر الضمادة بكثافة
"اللعنة .. اللعنة على كل شيء"
تعثرت خطواته وهو ينزل السلالم مترنحاً يكاد يسقط لولا تمسكه بدرابزين السلم، حتى هبط لآخر درجة وغادر نحو الشارع لاهثاً بشدة نحو الشارع الجانبي الذي ترك فيه سيارته
"اللعنة عليك يا (توفيق) .. أيها الخائن الملعون .. سوف .."

توقفت كلماته بشهقة ألم أكبر عندما شعر بنار تخترق ظهره ليندفع مرتطماً بالسيارة .. صرخ بألم وهو يلمح سيارة سوداء على الجانب المقابل، يطل عبر نافذتها ملثم آخر بمسدسه الذي أطلق منه الرصاص وأسرع يدخل بينما لمح شبح مهاجمه الأول يجري بعرج مندفعاً داخل السيارة التي اندفعت مبتعدة بسرعة رهيبة .. شهق هو وروحه تنسحب منه ببطء .. كيف ظن أنّه سيفلت؟ .. فات الأوان .. تحرك بضعف ليفتح سيارته ويرتمي وراء مقودها وأدار محركها لينطلق بها بعينين تكادان تغمضان بينما صوت أمه يتردد في عقله وهي تخبره في اتصالها قبل دقائق معدودة أنّها ذاهبة لشقة (عماد) وتريده عندها في الحال .. كانت الدنيا تظلم حوله لكنّه تابع القيادة بآخر قواه ونبض قلبه يخفت رويداً رويداً بينما يهمس باختناق وألم
"أنا قادم .. أمي .. انتظريني .. لن .. أتأخر"
**********************
نزلت (راندا) السلالم واتجهت لغرفة المكتب حيث كان (هشام) يقف أمام النافذة شارداً .. ابتسمت في حنان وهي تقترب منه ليلتفت لها وأسرع إليها قائلاً
"كيف حالها؟"
أجابت وهي تضم نفسها إلى صدره
"إنّها بخير .. تركت (همسة) بجوارها .. لا تريد أن تتركها حتى أنّها نامت جوارها"

تنهد بأسى واحتضنها بقوة لتهمس
"حتى الآن أشعر أنني أحلم يا (هشام)"

قبل جبينها وهو يرد
"وأنا أيضاً حبيبتي .. لا زلت أشعر أنني أحلم لكنّه ليس حلماً أبداً"

رفعت عينيها له بتردد
"هل .. هل أنتم متأكدون أنّها .."

رفع أحد حاجبيه ليحمر وجهها
"أعني .. لقد مضت سنوات و .. من كان يظن أن .."
قاطعها بابتسامة حزينة
"من كان يصدق أنّ (همسة) الصغيرة موجودة من الأصل وستعود لنا بعد كل هذه السنوات"

وصمت قليلاً ثم تابع بأسى
"منذ عرفنا بأمر (همسة) وتولدت الشكوك داخلنا .. ربما كانت زوجة عمي حية في مكانٍ ما .. ربما تلك الجثة لم تكن لها .. أمي كانت أكثر شكاً"
"إذن هي زوجة عمك حقاً؟"

ضحك وهو يوميء
"إنّها زوجة عمي لا تقلقي .. لم تتغير كثيراً رغم كل هذه السنين"

تنهدت بحزن ودمعت عيناها وهي تدفن نفسها فيه أكثر
"أنا حزينة لأجلها رغم كل شيء (هشام)"

مط شفتيه بأسف مدركاً ما تقول
"كل هذه السنوات بعيدة عنكم .. محرومة من أولادها ومنكم .. لا أريد أن أتخيل كيف كانت حالتها"

قاوم حزنه بصعوبة وهو يقول
"إنّه قدرها حبيبتي .. إن شاء الله يعوضها (عاصي) و(همسة) عن كل العذاب الذي عاشته"

أومأت ثم ابتعدت تقول
"لقد طلبت (عاصي) لكنني لم أجده"
اهتزت نظراته فقالت بقلق

"ماذا هناك؟ .. أين هو؟"
وشهقت بجزع
"لا تقل أنّه ذهب ليتشاجر مع (عماد) .. لا نعرف بعد ماذا حدث وما .."

أسرع يقول
"لا لا حبيبتي .. لا شيء من هذا أبداً"
قطبت وهي تتأمله بقلق
"إذن ماذا هناك؟ .. ما الذي تخفيانه؟"
زفر بقوة وحاول الإشاحة بنظراته لكنّها حاصرته حتى استسلم مجيباً
"لقد عرف مكان (سامر)"

هتفت بجزع
"ماذا تقول؟ .. وتركته يذهب إليه .. ماذا لو تهور و .."

أمسك كتفيها قائلاً
"لا تقلقي .. لقد اتصل بالشرطة أمام عيني وغادر بعدها ليطمئن على الوضع بنفسه .. قال أنّه لن يرتاح حتى يرى نهايته بنفسه"
نظرت له للحظات بتوتر
"أخشى أن يرتكب مصيبة .. أنت تعرف (عاصي)"
"لا تقلقي .. لقد نبهت عليه وذكرته بوالدته التي تحتاج إليه"
هزت رأسها وهو يكمل
"هكذا لن يندفع بأي تصرف أحمق يجعله يخسر وجوده بجانبها .. لا تخافي .. سيعود بعد قليل"

تمتمت وهي تمط شفتيها
"حسناً .. إن كنت متأكداً من كلامك .. أنا أثق بك"

رقت نظراته لها وقال بحب وهو يطبع قبلة على جبينها
"ثقتكِ هذه تاج على رأسي"

ضحكت بخفوت وعادت لتغرس نفسها بين ذراعيه وهي تقول
"بل حبك وقلبك الكبير هذا تاجي وأغلى ما أملك"
وطبعت قبلة على قلبه
"أحبك يا صاحب القلب الكبير"

ضحك وهو يرفع وجهها له
"أحبكِ يا مليكة هذا القلب .. أحبكِ يا نحلتي"

همس كلمته بعشق وهو يميل ليقطف بسمتها وقلبه يستكين في ارتياح مستشعراً بداية الطريق الذي بدأ يتفتح لتعود السعادة لعالمهما .. تعلقت به ليشدها أكثر يغمرها بعشقه واعداً إياها دون كلمات أنّه لا زال على وعده بأن يفعل المستحيل ليعيد سعادتهم ويبعد كل أشباح الماضي عن عالمهم مهما تطلب من ثمن.
**********************


خفق قلب (همسة العاصي) وهي تنظر للوجه الرقيق الذي استرخى بقربها وقد غرقت صاحبته في نومٍ عميق، وعلا ملامحها التعب كأنما لم تنم لوقتٍ طويل .. مدت أصابعها المرتجفة تتحسس وجهها وخصلاتها العسلية وقلبها ينبض بقوة وأحرقت الدموع عينيها .. تخشى أنّها في حلم .. هل هذه طفلتها الصغيرة التي ظنتها رحلت قبل سنوات؟ .. آخر ذكرى لها من زوجها الحبيب .. يا الله .. تخشى أن تستيقظ من هذا الحلم الجميل .. انتبهت على صوت خطوات تقترب مرافقة بصوت (سلمى) تقول
"أخبرتني (راندا) أنّكِ استيقظتِ أخيراً .. كيف حالكِ؟"

سألتها بنبرة مهزوزة وهي تجلس جوارها وتلامس وجهها كأنّها في حلم
"أنا بخير"

أجابتها بخفوت وأدارت عينيها تنظر لصغيرتها تتدقق في ملامحها وهمست
"هل هي حقاً.."

قطعت سؤالها لتبتسم (سلمى)
"إنّها ابنتكِ حقاً يا (همسة) .. عادت لبيتها قبل شهور بعد غياب سنين طويلة مثلكِ"
التفتت لها بحيرة امتزجت بالألم
"أشعر أنني في حلم"
مسحت على شعرها بحنان
"بل هو علم حبيبتي .. صدقي .. إنّها ابنتكِ فعلاً .. (عاصي) أجرى فحص الحمض النووي ليقطع أي شك .. لو نظرتِ لها جيداً ستجدين نفسكِ في وجهها .. إنّها تملك ملامحاً منكِ .. ورثت عينيّ (عاصي) ووالدهما رحمه الله"

خفق قلبها مع ذكره وعادت تنظر لصغيرتها النائمة و(سلمى) تكمل
"كما أنّها تشبه (رهف) .. عندما رأيتها أول مرة خطرتِ أنتِ ببالي .. عرفت أنّها تنتمي لنا حتماً"

حركت يدها على شعر (همسة) وهي تبكي
"لا أصدق يا (سلمى) .. أنا أحلم"
وأدرات عينيها في المكان
"هل عدت لبيتي حقاً؟ .. هل عدت لكم؟"
سالت دموعها وهي تتحرك لتشدها في حضنها
"أنتِ معنا حبيبتي .. رباه .. هناك الكثير لأسمعه منكِ وأخبركِ إياه"

تمسكت بها هامسة
"أشعر أنني غبت لقرون"

ضحكت (سلمى) ببكاء
"سنعوض كل ما فاتنا .. المهم أنّكِ عدتِ .. لو تعرفين كم تعذبنا من بعدكما .. حمداً لله .. حمداً لله والشكر له على هذه المعجزة"

وابتعدت تمسح دموع صديقتها
"لا تبكي بعد الآن .. انتهى كابوسكِ .. أنتِ الآن بين عائلتكِ"

غامت عيناها
"لكنني خسرت أحلى سنوات عمري .. لم تكف خسارتي لحبيبي، فانتزعوا مني عمري وذكرياتي مع صغيريّ"

ونظرت لابنتها متابعة بحسرة
"انظري لها .. لا أكاد أعرف الرضيعة التي كانت في حضني بالأمس فقط .. أصبحت شابة جميلة"

وأغمضت عينيها تسترجع صورة (عاصي)
"وابني الحبيب .. صار رجلاً كبيراً .. لقد خسرت الكثير يا (سلمى)"

تمزق قلبها لأجلها وضمتها لها قائلة
"لا تبك على ما مضى حبيبتي .. إنّه قدر الله .. لا تيأسي من رحمته .. وثقي أنّه سينتقم لكِ ممن ظلمكِ"

هزت رأسها وهي تشرد ونظرت لكفها التي ارتجفت
"لا تقلقي .. أنا أعرف أنّه قد رد لي حقي .. لقد رحلوا لخالقهم وانتهى شرهم في النهاية .. ليحاسبهم هو بعدله سبحانه"

ران الصمت قليلاً ولم يقطعه سوى أنّة صغيرة من شفتيّ (همسة) وهي تهمس
"أمي .. لا تتركيني"
انتفض قلبها بشدة بينما تابعت هي ببكاء
"لا تذهبي .. (فهد) .. لا تتركني"

نظرت لـ(سلمى) باستفهام فهزت رأسها بأسى وتحركت نحو (همسة) لتسرع قائلة
"دعيها"

وأمسكت يدها تهمس
"صغيرتي"

تململت (همسة) في نومها فشدتها نحوها برفق وتحركت ابنتها تتلمس دفء جسدها دون وعي وهي تهمس بألم
"أمي"

قربّتها إليها وضمت رأسها لها وقلبها يرتجف بقوة بينما رقت نظرات (سلمى) بحنان ودمعت عيناها وهي ترى الصغيرة تلجأ دون وعي لحضن أمها التي همست بحنان
"لا تخافي .. أنا هنا"

وخفضت أنفها تتنفس رائحة خصلاتها بعمق لتسيل دموعها وخانتها آهة
"آه .. يا صغيرتي .. رائحتكِ .. كم اشتقت لها"
ربتت (سلمى) على كتفها بحنان
"لا بأس حبيبتي .. لا تحزني أبداً .. هي معكِ الآن وعادت لأحضانكِ"

أومأت وهي تضم صغيرتها باشتياق تريد أن تمسح تلك السنوات القاسية من قلبيهما وصمتت لبعض الوقت تشبع قلبها من دفء طفلتها قبل أن تلتفت لصديقتها قائلة
"(فهد) .. هذا .."

ترددت نظرات (سلمى) وهي تقول بتوتر
"إنّه يكون .. حسناً .. إنّه ابن (شوكت سليمان)"

شحب وجهها وهي تنظر لابنتها لتسرع (سلمى) قائلة
"و(عماد) الذي أعادكِ لنا يكون .."
غامت عيناها وهي تقول
"أعرف من يكون"

وأطرقت بأسى ثم أكملت
"(أحمد اليزيدي) أخبرني بخصوصه"

وتذكرت بمرارة صدمتها حين عرفت هويته وكيف كان الشاب يتحاشى النظر لها خجلاً وأسفاً .. تنهدت بقوة
"لقد اعتذر لي (أحمد) بالنيابة عنه بينما ابن أخيه كان طيلة الوقت يخشى النظر لي .. لم يتحدث معي سوى عندما أنقذني ومرة ونحن في طريقنا إلى هنا .. اعتذر لي"
هزت (سلمى) رأسها بأسف ثم قالت
"لقد حدث الكثير خلال السنوات الماضية .. سأخبركِ بكل شيء فيما بعد .. الأمر معقد حقاً .. لكن ذلك الشاب"
أومأت مقاطعة إياها
"لقد أنقذ حياتي .. تلقى عني رصاصة وخاطر بحياته ليعيدني لعائلتي علّعه يكفر عن خطأ أبيه وخاله .. أنا أعرف"

نظرت (سلمى) للصغيرة بحزن وقالت
"و(فهد) تلقى رصاصة قاتلة عن (عاصي) وافتداه بحياته"

اتسعت عيناها بجزع فأسرعت تخبرها
"(عاصي) بخير .. أخبرتك أن الأمر أكثر تعقيداً .. ما حدث أنّ (فهد) هو الآخر كان يحاول إصلاح الأمور بين أسرتينا .. من أجل .. من أجل (همسة)"

نظرت نحو ابنتها بقلق وتوجس
"خاطر لينقذ (عاصي) وهو الآن يرقد في المشفى بحالة خطرة .. لا نعرف إن كان سينجو أم .."

قطعت كلماتها تمنع نفسها من التفكير في الاحتمال .. تنفست (همسة العاصي) بقوة وهي تضم ابنتها لها
"ما علاقة ابنتي به؟ .. بهما؟"

أجابتها بعد تنهيدة طويلة
"(عزت) أخذ الصغيرة بعد أن أوهموكِ أنّها ماتت .. لقد تبناها ومنحها اسمه"

شهقت بجزع لتصمت بسرعة مع تململ ابنتها
"لقد نشأت في بيته وتربت مع (عماد) على أنّه أخوها والحق يقال .. هو و(فهد) أحسنا تربيتها واعتنيا بها"
همست بارتجاف
"هل نشأت ابنتي في بيت قاتل والدها؟"

ابتلعت (سلمى) لعابها بصعوبة وهي تهز رأسها
"يا ربي .. رحماك يا ربي"
رددت بعذاب لتربت على كفها
"اهدأي .. سأخبرك بكل شيء عندما تهدأين"

سألتها بعد لحظات
"هل .. هل كانا يعرفان بحقيقتها؟"
"لا .. لم تظهر الحقيقة إلا مؤخراً .. كانت صدمة للجميع وللشابين أكثر .. (عزت) لم يربها أبداً .. (عماد) من تولى تربيتها بعد موت والده منذ كانت صغيرة .. كان والدها وأخاها لهذا"
توقفت لحظة ترمق (همسة) بالم ثم تابعت
"لهذا هي أيضاً تتعذب .. هي مجبرة على مفارقتهما واعتبارهما عدوين لها بينما هي تحبهما ولوقتٍ طويل لم تنتمي إلا إليهما"
ضمت ابنتها أكثر متمتمة
"رحماك يا ربي .. ما هذا العذاب؟ .. ماذا أذنبت في حق (عزت) ليفعل بي وبأسرتي كل هذا؟"

مسحت على كتفها
"كان مجنوناً (همسة) .. لا تفكري فيما مضى .. ارتاحي وحاولي تعويض ما فاتكِ معهما ودعي كل هذه الأحاديث لوقتٍ لاحق"

فتحت فمها لتنطق فلامست خدها برفق
"استمعي لي .. كل شيء سيصبح على ما يرام .. عودتكِ هدية من الله لنا ولا نريد أن نفسدها بالتفكير فيما ينغص علينا حياتنا .. هناك الكثير لنعوضه والكثير من الأخبار السعيدة التي أحملها لكِ .. عندما ترتاحين سأخبركِ بكل شيء"
"لكن يا (سلمى)"

قاطعتها بابتسامة حانية
"لقد أجّلنا التفكير في الوقت الحالي .. تركنا العلاج للزمن وما سيأتي الله به حتماً سيكون خيراً .. لا تفكري إلا في هذا"

أطرقت مفكرة لثوان ثم هزت رأسها
"هذا هو الكلام"

قالت (سلمى) وهي تنهض ومالت تقبل رأسها
"سأترككِ ترتاحين أنتِ و(همسة) الصغيرة وبعدها سيكون بيننا حديث طويل"

أومأت لها وتابعتها بعينيها وهي تغادر ثم تنهدت وهي تلتفت لابنتها وهمست بخفوت
"ما الذي تحمله قلبكِ الصغير حتى اليوم يا صغيرتي؟"
سمعت همسة رقيقة من فمها وهي تتشبث بها

"أمي"
اهتز قلبها من جديد مع الكلمة التي اشتاقتها وأغمضت عينيها وهي تضمها في حضنها
"نامي في أمان يا صغيرتي .. أنا معكِ ولن أترككِ مرة أخرى أبداً"

ودفنت أنفها في شعرها تغمر صدرها برائحة صغيرتها لتغرق في نومٍ خاصمها لسنين وحان الوقت لتستسلم له ليمحو تعب الانتظار والشقاء .. فتحت عينيها بعد وقتٍ لم تقدره حين شعرت بحركة جوارها .. رأت (عاصي) يصعد بجوارها على الفراش ..همست اسمه ولمحت على الضوء الخافت دموعاً على خديه بينما يميل نحوها هامساً باختناق
"أمي"
ردت نداءه المتحير
"نعم صغيري"

أمسك يدها بكف مرتجفة وهمس وهو يقترب منها وجسده الكبير يتلمس حنانها
"أنتِ هنا حقاً؟ .. أنا لا أحلم؟"
سحبت يدها منه لتمسح دموعه ثم شدت رأسه نحوها تضمه لها .. فرد جسده جوارها لتحتويه كما فعلت مع شقيقته التي نامت بعمق جوارها ورأسها تحتل صدرها .. مالت لتقبل رأسه الملتصقة بكتفها وهو يحتضنها مع شقيقته
"أنا هنا بني .. لقد عدت لكما ولن أرحل لأي مكان"

تأوه وهو يغرس رأسه بكتفه وتنفس رائحتها باشتياق هامساً بوجع
"آه يا أمي .. كم اشتقت لكِ .. كم تعذبت من بعدكِ أنتِ وأبي"

طبعت قبلة أخرى على رأسه
"وأنا اشتقت لك أكثر مما تتصور بني"

ضم نفسه أكثر لها لتحتضنهما معاً بأمومة تعوض حرمانها ويتمهما من دونها
"نم يا حبيبي .. أنا معكما ولن أترككما أبداً"

استغرق بضع دقائق حتى شعرت بأنفاسه تنتظم وهو يغرق في النوم هو الآخر .. نظرت لهما في حضنها وسالت دموعها في صمت ونظرت لأعلى للحظات ثم أغمضت عينيها تستدعي خيال زوجها الراحل
"لقد عدت حبيبي كما أوصيتني .. عدت لطفلينا ولن أتركهما .. سنكون بخير لا تقلق علينا"

همست وهي تستسلم للظلام يحملها معه لأحلامها مع حبيب عمرها بينما أنفاس صغيريها تتردد بجوارها ودفء جسديهما يمسح برودة السنين القاسية من دونهما دون عودة.
**********************

m!ss mryoma and noor elhuda like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 02-04-20, 08:49 PM   #1360

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

قاومت (سؤدد) بصعوبة النوم الذي بدأ يتسلل إليها بعد يومين متتاليين حُرِمته فيهما وبدأت رأسها تسقط وعيناها تغمضان مع الوقت .. غلبتها عيناها فجأة في غفوة قصيرة لم تدم لدقائق انتفضت منها على صوت جرس الباب .. فتحت عينيها مع انتفاضة (عماد) وهو يشهق هاتفاً بجزع
"(فهد)"

ربتت على كتفه قائلة برفق
"اهدأ حبيبي .. إنّه الباب .. لا تخف"
وأسرعت تشد إحدى وسائد الأريكة وتضعها أسفل رأسه وهي تنهض مكملة
"تابع نومك وأنا سأرى من على الباب"

نظرت له لحظة وهو يغمض عينيه بينما ارتفع الرنين مجدداً لتتحرك مسرعة وهي تردد
"حسناً .. حسناً قادمة"

فتحت الباب وهي تقول بتجهم
"نعم .. ماذا .."
توقفت الكلمات في حلقها وهي تحدق في آخر شخص تتمنى وجوده أمامها في هذه اللحظة وشتمت نفسها في الحال على تسرعها بينما حدقت فيها (ليلى) بصدمة قبل أن تهتف
"أنتِ؟ .. ماذا تفعلين هنا؟"
كزت على أسنانها وهي ترد بغير ترحيب صادق
"مرحباً يا زوجة عمي"

لم ترد تحيتها وهي تندفع للداخل تزيحها بقسوة كادت تسقطها لولا تمسكها بالباب الذي أسرعت تغلقه منعاً للفضائح مع ارتفاع صوت (ليلى) وهي تهتف
"ماذا تفعلين في شقة ابني؟"

كتفت ذراعيها قائلة ببرود
"اخفضي صوتكِ قليلاً سيدة (ليلى) .. (عماد) لم ينم منذ أيام"
ارتفع حاجباها بصدمة لم تدم وهي تصرخ فيها
"أيتها الوقحة عديمة الأخلاق .. كيف تتحدثين معي بهذه الطريقة؟"

ونظرت حولها وهي تواصل
"بلغت بكِ الجرأة أن تأتي لشقته .. ماذا أتوقع من واحدة مثلكِ؟ .. هل أصبحتِ عشيقته الآن و"
فتحت فمها لتهتف فيها لولا أن ارتفع صوت (عماد) الغاضب مقاطعاً أمه
"أمي"

التفتت (ليلى) نحوه بينما شتمتها (سؤدد) داخلها وهي تراه قد استيقظ دون أن يحصل على كفايته من النوم واندفعت أمه صارخة
"(عماد) .. ماذا تفعل هذه الوقحة هنا؟ .. كيف تحضرها شقتك؟"
ردد بقسوة شديدة

"ولا كلمة أمي .. لن أسمح لكِ بأي خطأ في حقها"
تحركت (سؤدد) نحوه بينما صرخت (ليلى) وهي تراه تقترب منه
"لن تسمح؟ .. لن تمنعني أصلاً من أنّ أخبر تلك الوقحة برأيي فيها بصراحة .. تلك الملعونة ابنة (هاشمي) تسعى خلفك ولن أسمح لها أبداً أن توقعك في"

قاطعها ببرود وتحد وهو يحيط خصر (سؤدد) بذراعه ويضمها له أمام عينيها المستنكرتين
"لا تستطيعين فعل شيء أمي ولن تهينيها مرة أخرى أبداً .. (سؤدد) الآن زوجتي وكرامتها من كرامتي، فهمتِ؟"

نقلت عينيها المصدومتين بينهما وشحب وجهها لتهمس بعد لحظات باستنكار ورفض
"زوجتك؟ .. مستحيل .. ماذا تقول؟ .. هذا مستحيل"
ردد بصرامة
"كما سمعتِ أمي .. (سؤدد) أصبحت زوجتي ولن أسمح بكلمة واحدة مسيئة لها"

انفجرت فيه صارخة
"على جثتي (عماد) .. ستتزوجها على جثتي .. لن أسمح لك .. ستطلقها وترميها لـ.."
أسرع يخفي (سؤدد) خلف ظهره قاطعاً الطريق بينها وبين هجوم أمه عليها
"يكفي أمي .. يكفي .. قلت لكِ ما عندي .. إياكِ ولمس زوجتي بأي سوء"

توقفت متنفسة بعنف
"هل تقول لي أنا هذا؟ .. هل ترفع صوتك على أمك من أجل تلك الـ"
اشتعلت عيناه تحذرانها من الإساءة أكثر لتهتف بقهر
"كيف تفعل هذا (عماد)؟ .. كيف تفعل هذا بي؟ .. هل نسيت ما فعلوه وما"

قاطعها هاتفاً
"ماذا فعلوا أمي؟ .. أخبريني .. لأنني بصراحة عندما أعود للخلف لأجد أحداً ارتكب خطأً كما فعلنا نحن .. نحن المجرمون أمي .. لا أحد آخر .. يكفي .. أفيقي لنفسكِ"
تنفست بحدة ورمقت (سؤدد) بنظرات سوداء بينما انخفض صوته وهو يكمل بمرارة وهو ينظر لثوبها الأسود
"أراكِ تجاوزتِ صدمة موت خالي سريعاً وجئت من الخارج بسرعة .. ما الأمر؟ .. هل أبلغكِ ولدكِ المدلل بمصيبته؟ .. هل عرفتِ ما فعله بـ(فهد)؟"

أشاحت بوجهها بضيق ثم هتفت
"على الأقل (سامر) كان يحاول الثأر لخالك الذي نسيته أنت بينما تحاول إرضاء عمك وعائلة تلك الوقحة لتحصل عليها"

ضحك بسخرية أقرب للبكاء ثم قال
"يثأر لخالي؟ .. ممن يا أمي؟"
أمسكت (سؤدد) ذراعه تضغط عليها هامسة اسمه بتحذير لكنّه تابع هاتفاً

"هل تعرفين من أين أتيت قبل ساعات أمي؟ .. هل تعرفين ماذا كنت أفعل؟"
قطبت بحيرة ولم تفتها إشارة (سؤدد) فقالت بحذر
"أين كنت؟"
لوح بيده
"كنت آخذ بثأري أمي .. ثأري من عدوي الحقيقي .. لا من خدعتِني طيلة عمري وأنتِ تبثين سمومكِ في أذني ضدهم في الوقت الذي تتعاونين فيه مع عدوي .. مع قاتل أبي"

شحب وجهها وتراجعت في صدمة هامسة
"ماذا تقصد؟"

قال ببرود
"ماذا تظنين؟"

ابتلعت لعابها بصعوبة مرددة بشحوب وخوف
"(عماد) .. ماذا فعلت؟ .. إياك أن تكون .."
قطع كلامها بتهكم
"ماذا؟ .. هل تخشين على شريككِ القديم؟"

"(عماد) .. توقف عن السخرية"
أكمل بشبه ابتسامة
"دعيني أقدم لكِ التعازي سيدة (ليلى)"

راقب اتساع مقلتيها بتسلٍ وهو يواصل
"(توفيق الأغا) رحل للأبد"
همست بذهول
"ما .. ماذا تقول؟ .. كيف .."

"كما سمعتِ .. لقد انتهى للأبد وانتهى نفوذه وشره"
ونظر لملامحها المصدومة مردفاً
"يبدو أنّ الأخبار لم تصلك كما توقعت .. آه .. هناك خبر آخر لا بد أن تعرفيه لتتوقفي عن اتهاماتكِ للأشخاص الخطأ"
نظرت (سؤدد) لها بقلق وهمست محذرة
"(عماد) .. لا تفعل"

هز رأسه
"لا .. يجب أن تعرف .. ستحضر جنازته في الغد عندما يصل جثمانه"
هتفت فيه

"ماذا تقول؟"
أجابها بهدوء
"(سديم رضوان) لم تقتل خالي يا أمي"
غادرت الدماء وجهها أكثر وترنحت بينما يردف
"كان على قيد الحياة في قصر (توفيق) الذي كذب عليكِ قائلاً أنّه مات .. (توفيق) هو من قتله ليتخلص من تهديده"
تراجعت بخطوات مرتجفة لتسقط على أقرب مقعد منها
"مستحيل .. هذا مستحيل"
وانهمرت الدموع سريعاً من عينيها
"هذا كذب .. أنت تكذب لتحميهم"

تنهد بقوة
"ليتني أكذب أمي .. ليتني أفعل .. لقد حاولت إنقاذه لكنني وصلت متأخراً .. (توفيق) تخلص منه قبل أن أنقذه"

شهقت بالبكاء ولم يتحرك خطوة ليواسيها .. نظرت له (سؤدد) بقلق وقد تجمدت ملامحه بقسوة .. كانت تعرف أنّه غاضب من أمه ومن كل أفعالها لكنّها لم تحب رؤيته هكذا .. تلتمس له العذر لكنّها لم ترد أن يتغير أكثر ويقسو بسبب ما فعلته أمه .. انتفضت على صرختها
"كذب .. هذا كذب .. أنت تدافع عنهم"
ولوحت بيدها هاتفة بجنون

"لا يوجد قتلة ومجرمون سواهم .. لا تخدع نفسك لتتخلى عني وعن أسرتك من أجلها"
ركل أقرب كرسي له هاتفاً
"يكفي .. توقفي .. أفيقي بالله عليكِ .. أفيقي قبل أن ينتهي كل شيء .. استيقظي لنفسكِ أمي قبل أن تضيعي للأبد"

فتحت (سؤدد) فمها لتهدئه، عندما ارتفع رنين الجرس بإلحاح شديد جعلها تنظر له بدهشة بينما هتفت (ليلى) وهي تنهض من مكانها وتسرع للباب
"إنّه (سامر) .. هو من سيعرف جيداً كيف يوقف أكاذيبهم"
زفر بحنق وهو يضرب كفيه معاً
"لا فائدة"
ربتت على كتفه
"اهدأ (عماد) .. إنّها أمك مهما حدث و"

انقطعت كلماتها مع الصرخة المرعبة التي انطلقت من حلق (ليلى) موقفة قلبيهما معاً واندفعا نحو مدخل الشقة وصرخات (ليلى) لا تتوقف .. شهقت (سؤدد) برعب ما أن وصلت وتجمدت مكانها بينما انقبض قلب (عماد) وعيناه تتسعان وصرخ مندفعاً نحو أمه التي وقفت أمام الباب تصرخ في صدمة
"(سامر)"

ترنح (سامر) والدم ينزف منه بشدة وخطى نحوهم خطوة واحدة ليسقط بعدها وأسرع (عماد) إليه ليردد بتحشرج وألم
"(عماد) .. أخي"

أمسك به هاتفاً بجزع
"ماذا أصابك يا (سامر)؟ .. انهض معي بسرعة .. سنذهب للـ"

ردد بضعف وهو يدفعه
"لا .. لا فائدة .. لقد انتهى الأمر"
ورفع عينه بنظرات ضائعة نحو (ليلى) التي انهمرت دموعها ومد يداً غارقة في الدم
"أ .. أمي .. ساعديني أمي"

ترنح في خطواته لها وأسرعت هي تستقبل جسده المنهار وتسقط على ركبتيها صارخة بهلع
"(سامر) .. بني .. لا يا (سامر) .. انهض بني .. قم أرجوك"

انتفض جسده في حضنها منتزعاً صرخات مرتعبة منها بينما همس
"فات .. الأوان .. أمي .. أنا"
سعل بضعف ثم أكمل بتقطع وهو يرفع يده الدامية يلامس خدها بارتجاف
"أمي .. (توفيق) .. خانني .. أنا .. آسف أمي .. لم .. لم أستطع أن .. آخذ لكِ .. حقكِ .. آسف"

ارتخت ركبتا (عماد) وخانته قواه فنزل أرضاً يحدق في شقيقه الذي ينازع الموت بينما أسرعت (سؤدد) لتتصل بالاسعاف وجسدها يرتجف بشدة وصوته المتهدج يصلها
"سامحيني أمي"
صرخت (ليلى) وهي تضمه بقوة
"لا يا (سامر) .. لا تفعل هذا بني .. قم يا صغيري .. لا تفعل هذا بأمكِ"

سقطت يده عن وجهها
"سـ .. سامحيني أرجوكِ .. (عماد)"

أسرع له حين مد يده واحتضنها بكفيه
"أنا هنا"

سالت دموعه بعجز
"أنا آسف .. سامحني أخي"

وانتفض شاهقاً ليتابع بحرارة ودموع ألمه تسيل
"أخبر .. (راندا) أنني .. أحببتها حقاً .. قل لها أنني أحبها"

ضغط على كفه هاتفاً
"انهض يا (سامر) .. لن يحدث لك شيء"
سحب يده ووجهه يزداد شحوباً وتشبث بجسد أمه الباكية مردداً
"أشعر بالبرد أمي .. ضميني"
بكت (سؤدد) رغماً عنها وهي ترى (ليلى) تضمه كطفل صغير وهو يواصل
"أنا آسف أمي .. ضميني .. أنا .. بردان"
احتضنته (ليلى) وهي تهتف

"قم يا صغيري .. لا تعذبني هكذا .. أنت لن تتركني يا (سامر) .. قم يا بني"
تسلل البرد أكثر وأكثر لجسده وأغمض عينه
"لا تتركيني .. أنا خائف"
تمزق قلب (عماد) وهو يبكي بعجز بينما يرى شقيقه الصغير يزوي بأنفاس ضعيفة وصوته ينخفض حتى غطاه بكاء أمه المنهارة
"سامحيني .. أمي .. سامـ .."
توقف عن الكلام وانهار رأسه في حضن أمه التي حدقت فيه بذهول وقد توقفت دموعها كما توقف قلب (عماد) وهو يهتف اسمه ويده تسرع لتتحسس نبضه
"(سامر) .. أفق .. هل تسمعني؟ .. (سامر) .. استيقظ"

نظرت له (ليلى) بجزع وهمست
"ماذا به؟ .. لم .. لم يحدث له شيء .. هو"
وحركت عينيها لوجه ابنها وعينه التي انطفأ نورها للأبد وضربت على خده
"سـ .. (سامر) .. بني .. انظر لي يا صغيري .. أجبني .. لماذا لا ترد عليّ يا عمري؟"

استندت (سؤدد) للحائط تبكي بانهيار فيما واصلت (ليلى)
"هيا يا قلب أمك .. انهض .. لا تمزح معي هكذا"

ردد (عماد) بضياع
"أمي .. (سامر) قد .."
صرخت فيه تضرب يده بعيداً عنها وهي تضم (سامر) بقوة
"لا .. لا تنطق .. اصمت .. ابني بخير .. إنّه نائم .. لقد ذهب للنوم .. إنّه .. إنّه يمزح معي كما كان يفعل وهو صغير"
ونظرت له من بين دموعها
"أليس كذلك صغيري؟ .. أنت نائم .. أنت تمزح معي .. أنت لم .. تتركني وتذهب"

"أمي أرجوكِ"
ردد (عماد) وهو يبكي متوسلاً وحاول أن يشد شقيقه منها لكنّها تمسكت به صارخة بوحشية
"لا .. ابتعد .. لن يأخذه أحد .. دعه"
عض على شفته وهو ينظر لها بألم بينما زاغت عيناها بصورة أقلقته وتحرك جسدها للأمام والخلف وهي تضم (سامر) لصدرها تهدهده
"نم يا صغيري .. لن يزعجك أحد .. أنا معك ولن أتركك .. لن يقترب منك أحد"

وسالت دموعها محرقة على خديها
"هل لا زلت برداناً يا قلبي؟ .. لا تخف .. أمك هنا .. نم في أمان يا صغيري"
اقتربت (سؤدد) وركعت بجواره .. لمست ظهره لينتفض والتفت ينظر لها بضياع فيما غابت عنهما (ليلى) تماماً مع هذيانها .. همس اسمها باختناق وبكت هي بحرارة وهي ترفع ذراعيها تضم رأسه لصدرها ليبكي بحرقة بينما تسلل لأذنيها من بعيد صوت سيارة إسعاف ما عادت هناك حاجة إليه.
********************
تنهد (أحمد اليزيدي) بحرارة وهو يقف في شرفة غرفته بقصر (هاشمي) وشرد بأسف يستعيد كل ذكرياته وما حدث في الأيام الأخيرة .. هل انتهى كل شيء حقاً؟ .. رحل (توفيق) وانتهى عصره للأبد؟ .. لا زال يشعر أنّه يحلم .. لم يتوقع أن ينتهي كل شيء بسرعة هكذا لكن الثمن كان صعباً .. أغمض عينيه متذكراً ما أخبره به (عماد) عن قتل (توفيق) لخاله .. ماذا توقعت يا (شوكت)؟ .. لقد سبق وشاركك خيانتك لأخي .. هل توقعت منه ألا يفعل بك المثل؟ .. ربما لو كنت في حالٍ أخرى لما تأخر تخلصه منك كل هذه السنوات .. هز رأسه بأسف وتمتم وهو ينظر للسماء
"اللهم لا شماتة .. لقد ذهبتما للخالق العادل وهو سيحاسبكما بعدله على كل ما ارتكبته أيديكما"
عاد يطرق وعقله يفكر في ابن أخيه الذي تركه في حالة مقلقة ونظر في ساعته .. لقد وعدته (سؤدد) أن تعود به للقصر .. هل أصر على البقاء هناك وحده؟ .. لا يريده أن يجتر آلامه وخساراته الفادحة في شقته الباردة .. سيكون بخير هنا .. لن يطمئن عليه أكثر لو بقى هناك .. انقطعت أفكاره عندما شعر بلمسة يدها لظهره وقبل أن يلتفت لها أحاطت خصره بذراعيها وأسندت رأسها لظهره هامسة
"ما بك حبيبي؟"
ابتسم وهو يرد
"لا شيء حبيبتي .. سرحت قليلاً"

ضمت نفسها أكثر له وهي تقول بنزق
"أنا غاضبة منك"

دار حول نفسه ناظراً لها بدهشة مفتعلة وكتم ابتسامته وهو يراها تزم شفتيه بطفولية لم تتغير بعد كل سنوات الفراق
"يا الله .. كيف جرؤت وتسبب في إغضابكِ يا مليكة قلبي؟"

احمر وجهها بطريقة اشتاق لها بينما تعيده بخجلها لأيام حبهما الأولى .. احتضن وجهها بحب وهي تردد
"انظر ماذا فعلت .. لقد سافرت وغبت لأيام وما أن عدت حتى اختليت بأبي بينما أنا مشتاقة لك بشدة والآن تقف في الشرفة وتشرد بأفكارك بعيداً عني"

مط شفتيه
"معكِ حق .. أنا أخطأت بحقكِ ويحق لكِ أن تغضبي مليكتي"

وأحاط بخصرها يضمها له
"أخبريني يا عمري .. ماذا تطلبين كتعويض عن خطأي الذي لا يغتفر في حق سموكِ؟"
ارتفعت ضحكتها رقيقة تمسح قليلاً من حزنه بينما قالت وهي تضع رأسها فوق قلبه
"لا شيء .. سامحتك"

واختفت ابتسامتها وهي تشرد قليلاً متمتمة
"ما دمت قد عدت لي سالماً فأنا لا يهمني أي شيء آخر"

ضمها بحنان
"أنا بخير حبيبتي .. لقد انتهى الكابوس للأبد"
"حقاً يا (أحمد)؟ .. انتهى الخطر .. لم يعد هناك .."

قاطعها برفق وهو يعانقها ينسى فيها تعب الأيام والسنين الماضية
"انتهى يا عمري انتهى .. لم يعد هناك ما تخافي منه بعد الآن"
تنهدت بارتياح وهي تغمض عينيها ومضت لحظات تركت نفسها فيها تتجرع من حبه لتعوض ما فاتها قبل أن ينتابها القلق وترفع عينيها له
"ماذا عن (ليلى)؟ .. هي لن ترتاح ولن تسمح أبداً لابنتنا أن"

قاطعها واضعاً سبابته على شفتيها
"لا تقلقي من ناحيتها .. (عماد) و(سؤدد) الآن زوجان ولم يعد بيدها فعل شيء .. سترضى بالأمر الواقع و(عماد) لن يسمح لها من الأساس بالتدخل في حياته بعد كل ما حدث منها"

تنهدت بحرارة
"أرجو هذا .. لأنني لست مرتاحة حقيقة ولا أريد أن أظل في قلق على ابنتي"
"لا تخافي حبيبتي .. (عماد) سيعتني بها جيداً ولن يسمح لأحد بلمسها ولو بكلمة .. هل كنت أعطيه جوهرتنا لو كان عندي ذرة شك في كونه يستحقها؟"

هزت رأسها مبتسمة وهي تنظر في عينيه
"أعرف هذا حبيبي .. وأنا أثق بكلامك ورأيك"

وعادت لأحضانه من جديد ليضمها متنهداً براحة بدأت تكتمل أخيراً .. الآن من حقه أن يعيش معها في سلام ويعوضا السنين التي ضاعت منهما .. لم يعد هناك شبح يتهدد حياتهما ولن يسمح لأي شيء بعد الآن أن يعكرها .. بقيا مكانهما لبرهة من الزمن حتى قاطعهما صوت هاتفه فتذمرت (صفية) وهي تتشبث به تمنعه الحركة فضحك
"(صفية) .. دعيني أرى من يتصل"

"لا .. لا يمكنك .. لقد صادرتك لنفسي اليوم"
أبعدها بصعوبة ضاحكاً
"حبيبتي .. ربما تكون (سؤدد)"

وغمز لها
"إنّها مع (عماد) وحدهما ربما تستنجد بنا"

شهقت وعيناها تتسعان
"ماذا تقول؟ .. هل تركتها معه وحدهما؟"

قرص خدها
"إنّها زوجته .. لن يأكلها"

تأففت بغضب مفتعل
"لم أعرف أنّك أب متفتح لهذه الدرجة"
غمز لها وهو يتحرك نحو الغرفة ليلتقط هاتفه الذي توقف عن الرنين وهتف وهو ينظر للمكالمة الفائتة
"أرأيتِ؟ .. قلت لكِ أنّها (سؤدد)"
أسرع يعاود الاتصال وهو يقول بمرح
"مرحباً حبيبتي .. ما"

اختفى مرحه وانقطعت كلماته عندما وصلته شهقاتها الباكية وهتف
"(سؤدد) .. ماذا حدث؟ .. أنتما بخير؟"
استمع لها مصدوماً بينما أسرعت نحوه (صفية) بقلق
"حسناً .. لا تجزعي .. أنا قادم .. ابقي معه وأنا قادم في الحال"
أغلق معها الهاتف وأسرع نحو دولابه لتهتف بجزع
"ماذا حدث يا (أحمد)؟ .. ما بها (سؤدد)"
ردد بنبرة متألمة
"إنّه (سامر) .. لقد .. لقد مات"

شهقت بقوة وهي تلامس قلبها بكفها
"كيف حدث هذا؟"
هز رأسه وهو يخرج ثيابه
"لم أفهم ما قالته جيداً .. (ليلى) منهارة والإسعاف نقلتها للمشفى .. قالت أنّها أصيبت بانهيار عصبي"

"يا الله .. كان الله في عونها .. لا أصدق"
نظر لها باعتذار
"آسف حبيبتي .. لكن يجب أن أذهب"
هزت رأسها
"بالطبع"

وأسرعت تنوي تبديل ثيابها
"سآتي معك"
قاطعها بسرعة
"لا .. لا داعي .. أخبري (سيف) ليرافقني وأنا سأطمئكِ عندما أصل لهناك"
تنهدت باستسلام
"حسناً حبيبي"

تحركت مسرعة نحو غرفة ابنها بينما أطرق هو بحزن شديد واستند للدولاب
"آه يا (ليلى) .. لقد أضعتِ نفسكِ وأضعتِ أولادكِ معكِ"

أسرع يطرد أفكاره جانباً ويبدل ثيابه سريعاً ليغادر بعدها وقابله (سيف) عند السلالم مردداً بذهول
"أبي .. هل ما قالته أمي صحيح؟"
ربت على كتفه
"صحيح يا بني للأسف .. تعال معي .. شقيقتك و(عماد) يحتاجان إلينا"
تمتم (سيف) بأسف
"البقاء لله يا أبي"
هز رأسه بتمتمة مختنقة وعبرات محتبسة وهو يتحرك نازلاً السلالم وقلبه يعتصر أكثر وأكثر على مصير ابني أخيه .. أحدهما رحل لخالقه والآخر سيبقى بجرح خسارته للأبد.


بقية الفصل على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t419898-137.html
*************************

noor elhuda likes this.


التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 03-04-20 الساعة 12:42 AM
may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:29 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.