آخر 10 مشاركات
سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          همس المشاعر بين ضفاف صورة .. وحروف ماثورة... (الكاتـب : المســــافررر - )           »          القرار الصعب (ريما وعبد المحسن) / للكاتبة روح الشمالي ، مكتملة (الكاتـب : أمانى* - )           »          سَكَن رُوحِي * مكتملة **مميزة** (الكاتـب : سعاد (أمواج أرجوانية) - )           »          لهيب عاشق-قلوب أحلام زائرة- للكاتبة الرائعة::هبة خاطر *كاملة+روابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          إغواء البريئة (67) للكاتبة: جيني لوكاس .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          الــــسَــــلام (الكاتـب : دانتِلا - )           »          Wed for the Spaniard's Redemption by Chantelle Shaw (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          إلَى السماءِ تجلت نَظرَتِي وَرَنـت (الكاتـب : ميساء بيتي - )           »          خادمة القصر 2 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree989Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 28-01-19, 03:44 AM   #391

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرحباً بأحلى قراء .. كيفكم؟
إن شاء الله تكونوا بألف خير وصحة وسلام

رجعت لكم بأحدث وأسرار كتير اليوم .. مع الجزء الثاني من الفصل الثامن عشر والفصل التاسع عشر

الفصلين طواااال وفيهم أحداث وأسرار مهمة انكشف عنها الستار
إن شاء الله تستمتعوا بالفصلين
بعتذر عن التأخير .. الجزء الثاني جاهز من يوم الجمعة لكن فضلت تنزيلهم سوا بيوم واحد
قراءة ممتعة

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-01-19, 03:49 AM   #392

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن عشر (الجزء الثاني)


استمعت (سؤدد) لمحدثها على الهاتف للحظات في اهتمام قبل أن تقول
_"لكن (جاك) .. أنت متأكد من أنّ رجالك لن يلفتوا الأنظار أبداً .. ما دام ذلك الاجتماع شديد الأهمية فلابد أن ذلك الوغد سيؤمنه جيداً"
أتاها صوت (جاك) يطمئنها
_"لا تقلقي .. إنهم مدربون على مستوى عالٍ وقد نفذوا الكثير من المهام الناجحة من قبل .. لا داعي للقلق .. سأطلعكِ على آخر ما سيصلون إليه"
تنهدت بقوة وقالت
_"حسناً .. سأنتظر اتصالك .. أرجو أن يصلوا لمعلومات مهمة قريباً"
_"أرجو ذلك"
ودعته شاكرة وأغلقت هاتفها وألقت بجسدها على حافة الفراش وانقبضت يدها على هاتفها .. ليتها كانت قادرة على السفر إلى هناك ربما استطاعت التسلل بطريقة ما .. ذلك الوغد (منذر) هناك ولن تخاطر برؤيته لها هناك .. سيعرف أنها وراء شيء .. لا بأس .. ستنتظر ما سيصل إليه (جاك) .. لديها شعور أنّها قريباً جداً ستعثر على الطريق الذي سيمكنها من الوصول لذلك الحقير (توفيق الأغا) .. لن ترتاح حتى تحصل على انتقامها منه .. اسودت عيناها مع استعادة ذكرياتها وهزت رأسها تمنع نفسها من الغوص هناك مرة أخرى .. يكفي ما أصابها قبل أيام .. تنهدت بقوة وهي تستعيد استيقاظها بالمشفى وحديثها مع (سيف) .. بعد انهيارها الأحمق ذاك غرقت في النوم بعد أن أرهقها البكاء وعندما استيقظت مجدداً والتفتت إلى جانبها رأته نائماً على المقعد المجاور للفراش .. حاولت الاعتدال في فراشها ليستيقظ مع حركتها وانتفض مسرعاً نحوها ليساعدها فأشارت له ليبقى مكانه .. غضّت الطرف عن نظرة الألم في عينيه وهو يراها عادت لانعزالها وقناعها من جديد .. يكفي ضعفها وانهيارها مرة .. استعادت بوجع الكلمات التي ألقتها في لحظة غضبها وأزاحت الستار عن كل ندوبها أمامه هو و(هاميس) .. شعرت به ينهض ليجلس جوارها على حافة الفراش وتأملها بحنان وهو يقول
_"كيف تشعرين الآن (سؤدد)؟"
تمتمت باقتضاب

_"بخير"
ابتسم بحنان
_"حمداً لله .. قال الطبيب أنه لا مشكلة من عودتكِ للبيت فور استيقاظكِ"
هزت رأسها ولم تنبس بحرف ليتنهد بقوة وران الصمت للحظات حتى قرر قطعه وسؤاله عما يؤرقه فهمس اسمها منادياً لتقاطع هي حديثه الذي عرفت عما سيكون .. لا نية لديها للحديث معه عن عارها البشع .. لا تريد مزيداً من الضعف أو الشفقة
_"كيف أتيت إلى هنا؟"
لم تفتها نظرة الارتباك في عينيه وتابعت بتحقيق
_"من أحضرني؟"
لم يدم تردده سوى ثانية كانت كافية لتدرك أنّه يخفي شيئاً
_"أنا"
قطبت حاجبيها في شك
_"أنت؟ .. وكيف عرفت مكاني؟"
أخذ نفساً قوياً وقال

_"لقد تبعتكِ فور خروجكِ من البيت (سؤدد)، ولم تنتبهي لي بسبب حالتكِ .. كنت قد قررت أن أترككِ بمفردكِ قليلاً حتى تهدأين واكتفيت بمراقبتكِ من بعيد"
ازدادت تقطيبتها وهي تنظر له ليقول
_" لم أتدخل إلا عندما وجدتكِ تفقدين وعيكِ فأسرعت إليكِ وأحضرتكِ إلى هنا"
أغمضت عينيها وقلبها يخفق بقوة .. (سيف) هو من وجدها؟ .. هل كانت تحلم إذن؟ .. هل كان ما سمعته ورأته مجرد هذيان؟ .. بالتأكيد .. لابد أن وجوده كان جزءاً من كابوسها ذاك .. لقد كانت تتخيله فحسب ... عادت صورته لترتسم في مخيلته بينما تزيح القناع عن وجهه وتسارعت نبضاتها وهي تحاول تذكر ملامحه، لكن كل ما تذكرته .. عينيه الخضراوين ونظرتهما لها .. ذراعيه اللتين التفتا حولها بإحكام تقربانها إليه ويدها تلامس خده بذهول .. رباه .. لابد أنها فقدت عقلها .. كل هذا مجرد هذيان .. كان حلماً لا أكثر .. عادت كلماته تتردد في أذنها
_"لا حبيبتي .. أنتِ لا تحلمين أنا هنا .. لقد أتيت من أجلكِ .. أنا لن أترككِ أبداً"
توقف قلبها وهي تسمع صوتها يهمس بهذيان
_"أنت هنا .. كنت أعرف أنك ستأتي لتنقذني .. أنت لم تتخل عني"
لا .. لا هي لم تقل هذا حتماً .. هذا كله لم يحدث .. رجفة مرت بجسدها وهي ترى نفسها تحدق في عينيه اللتين دمعتا وهما تنظران لها .. فتحت عينيها تنظر لراحة يدها وخفق قلبها وهي تشعر بحرقة فيها بينما تشعر من جديد بشفتيه تقبلان راحتها بعمق وهمسه المتهدج تردد من جديد
_"لم أفعل أبداً (سو) ... أنا لم أتخل عنكِ أبداً ولن أفعل يوماً"
_"لقد عدت إليّ .. لا تتركني أبداً"
شهقت داخلها بارتياع .. أي حماقة هذه؟ .. هل قالت هذا حقاً؟ .. لا .. حتى لو كان هذياناً هي لن تقول هذا أبداً .. هي لن تسعد بعودته ولن تتوسله ألا يتركها .. تنفست بقوة وهي تفتح عينيها تنظر لشقيقها القلق .. لا .. كل هذا لم يحدث أبداً .. سمعت (سيف) يهمس بقلق عندما رآها تمسك رأسها بألم
_"أنتِ بخير (سؤدد)؟ .. هل أطلب لكِ الطبيب؟"
أسرعت تقول
_"لا أنا بخير .. لا تقلق"
ران الصمت للحظات قبل أن يقول بتردد
_"(سؤدد) .. بشأن ما .."
قاطعته بتململ
_"(سيف) .. لا أريد الحديث في هذا الأمر"
_"لكن (سؤدد) .."
_"(سيف) أرجوك .. لا أريد سماع أي كلمة بخصوص ما حدث"
تأملها لحظات بأسى قبل أن يهمس وهو ينهض
_"لا بأس .. كما تريدين .. لن أجبركِ على قول ما لا تريدين حبيبتي"
أطرقت برأسها في صمت فتنهد وهمس وهو يميل ليقبل رأسها بحنان وخفق قلبه بأسى عندما شعر بإجفالها الخفيف
_" لكن تذكري شيئاً واحداً (سؤدد) .. أنا سأكون دائماً إلى جانبكِ ولن أترككِ أبداً"
عضت على شفتيها تمنع الدموع من العودة لعينيها وهي تتذكر وعدين مماثلين لم يف بهما صاحباهما ... أرادت أن تهتف به ألا يمنحها وعداً قد لا يتمكن هو الآخر من الوفاء به، لكنّها اكتفت بهز رأسها دون أن تنظر له فتنهد بقوة وقال بخفوت
_"حسناً .. سأذهب لأتمم إجراءات خروجكِ"
قالها وغادر الغرفة ليتركها وحدها تفكر في كل ما حدث .. هي متأكدة أنّ (سيف) يخفي عنها شيئاً .. لا تريد أن تفكر في احتمال أن يكون من أحضرها إلى هنا شخص آخر .. أن يكون قد شهد انهيارها وضعفها شخص آخر لن يسرها أبداً أن يرى هذا الجانب منها ..
_"لن أترككِ أبداً حبيبتي .. أبداً"
غرست أصابعها في شعرها وتأوهت بقوة ...لا .. يجب أن تتوقف .. لماذا لا يريد ذلك المشهد أن يغادر رأسها .. منذ تلك الليلة وهو يطاردها في أحلامها يخبرها أنّها لم تكن تتوهم ما حدث .. تماماً كما حدث ليلة الزفاف حين اعتقدت أنّها التقت به .. يتكرر مشهد انهيارها بين ذراعيه لكنّها حين ترفع رأسها إليه وتنظر في عينيه الخضراوين يغزوهما السواد فجأة حتى يقضي على خضرتهما فترفع أصابعها بارتجاف وخوف لتزيح قناعه وتتراجع شاهقة بجزع وتستيقظ من نومها .. لم تعد تفهم ما يحدث معها .. لماذا يختفي (عماد) فجأة ويحل محله (مراد)؟ .. هزت رأسها بقوة وهي تفكر .. لا تفهم ولا تريد أن تفهم .. قريباً سينتهي عمله معها ويبتعد تماماً ولن تضطر بعدها لمواجهة تلك الأفكار الحمقاء التي تجعل عقلها يتخبط دون فهم .. طردت أفكارها وهي تلتقط هاتفها .. لم يتصل (راجي) ليخبرها بما وصل إليه بشأن تلك المرأة .. لا تعتقد أنّ البحث بخصوصها يحتاج كل هذا الوقت .. كادت تضرب رقم هاتفه عندما ارتفع صوت طرقات على باب غرفتها لتضع الهاتف جانباً وهي تنظر للباب قائلة
_"تفضل"
نهضت من مكانها عندما انفتح الباب قليلاً واتسعت عيناها وهي ترى وجه جدها الذي نظر لها باهتمام فأسرعت نحوه وهي تهتف
_"جدي .. هذا أنت؟ .. تفضل"
ابتسم بحنان وهو ينظر لها وتقدم للداخل
_"كيف حال محاربتي الصغيرة؟"
قالت وهي تنظر له بلوم

_"بخير حمداً لله .. لماذا أتعبت نفسك وأتيت لغرفتي يا جدي؟ .. لماذا لم تطلب منهم إخباري أنك تريدني؟"
ضرب رأسها قائلاً بلوم مصطنع
_"هل تقولين أنني صرت عجوزاً ضعيفاً يا فتاة؟"
ابتسمت بخفوت وقالت
_"وهل أجرؤ يا كبير الهاشمية؟ .. ستظل أكثرنا شباباً مهما تقدمت بالعمر"
ضحك وهو يتقدم ليجلس على حافة فراشها وربّت فوقه مشيراً لها أن تجلس بقربه فتحركت نحوه وقلبها ينبض بتوتر .. تعرف مقدماً فيما سيحدثها وتعرف أنّها كالبقية لن تستطيع الكذب أو الإفلات من تحقيقه .. سيعرف في الحال كل ما تخفيه داخلها .. تنهدت وهي تجاوره وأطرقت برأسها شاعرة بنظراته التي انصبت على وجهها بحنان قبل أن تسمعه يقول بعد برهة من الصمت
_"تعرفين من منحكِ اسمكِ (سؤدد)؟"
هزت رأسها بخفوت وانقبض قلبها بقوة بينما تابع
_"لا زلت أذكر ذلك اليوم الذي ولدتِ فيه .. هنا في هذا البيت تماماً كما كنت أريد"
ضحك بخفوت وهو يشرد بذكرياته
_"كان والدكِ قلقاً بجنون على (صفية) طيلة حملها وكان يريدها أن تلد بمشفى مجهز لكنّ آلام المخاض فاجأتها هنا .. وحمداً لله كانت ولادتكِ سهلة رغم أنّ (أحمد) أقام الدنيا ولم يقعدها من شدة قلقه"
أطرقت بحاجبين معقودين .. أرادت أن تهتف فيه ألا يذكر ذلك الرجل ويربطها به، لكنّها احترمته واستمعت له بصمت بينما يكمل
_"كل الرعب الذي كان يرتسم على وجه (أحمد) طيلة الوقت وهو يسمع صراخ (صفية) اختفى تماماً عندما سمع صوت بكائكِ واندفع للغرفة دون تفكير ليطمئن عليكما .. عندما حملكِ بين ذراعيه اختفى كل ذلك الرعب وامتلأ وجهه بشراً وهو ينظر لكِ .. رأيته يبكي وهو يتطلع لكِ بذهول كما لو كان ينظر لمعجزة خارقة .. كان يحملكِ بخشوع شديد وبدا ذاهلاً عن الجميع وجسده كان يرتجف تأثراً كما لم أره من قبل .. ظننت أنّه سيثتأثر بكِ دوناً عن الكل، حتى اقترب مني بعد قليل ووضعكِ بين يديّ وطلب مني أن أردد الآذان والإقامة في أذنيكِ"
عضت على شفتيها وقاومت مشاعرها بشدة وبدأت حرقة الدموع تغزو عينيها وسمعته يقول وهو يبتسم بحنان
_"كانت عيناه معلقتين بكِ حتى أعدتكِ له من جديد وسألته ماذا ينوي أن يسميكِ فلم يفكر لحظة وهو يقول بفخر .. (سؤدد)"
تنفست بقوة وأغمضت عينيها بعذاب
_"نظر لكِ بعدها وقال أنكِ معجزته الصغيرة وأنّه على يقين من أنّ الله سيجعل لكِ من اسمكِ نصيباً"
فتحت عينيها تنظر له بمرارة وقالت بخفوت
_"ما الداعي لهذا الحديث الآن جدي؟"
مد يده يمسح على شعرها بحنان وهو ينظر لها وقال
_"تعرفين بالتأكيد لماذا أتحدث معكِ في هذا الآن (سؤدد)"
لمعت عيناها وهما تناظرانه بأسى تتوسله دون كلمات أن يعفيها من هذا الحديث فهز رأسه مردداً
_"الهرب لا يحل شيئاً (سؤدد) ... ليس أنتِ من تهرب من مواجهة مخاوفها أبداً .. أنتِ أقوى من هذا"
نهضت هاتفة بتوتر
_"أنا لا أهرب من شيء جدي"
ردد بحزم
_"لماذا إذن تتجنبين أي محاولة للحديث فيما حدث بالماضي؟ .. لماذا ترفضين الحديث مع أمكِ وتجعلينها تتألم كل هذا الوقت؟ .. هل تظنينني غافلاً عما يحدث معكما؟"
التفتت له بعينين متألمتين ورددت بخفوت
_"آسفة جدي .. أنا .. أنا لم أقصد أن أجعلها تتألم .. أنا فقط ظننت .."
_"ماذا ظننتِ (سؤدد)؟ .. أنّ أمكِ لن تحزن بسبب خصامكِ لها؟ .. هل اعتقدتِ أنكِ وحدكِ من تتألم؟"
ارتجفت شفتاها بينما يتابع بتنهيدة حزينة
_"ترفقي بأمكِ يا صغيرتي فهي تألمت لوقتٍ طويل .. ضعي نفسكِ مكانها وحاولي الشعور بخسارتها وعمق آلامها .. فكري كيف تشعر وقد خسرت حب حياتها وتدمر بيتها السعيد وكان عليها أن تراقب لسنوات طفلتها وهي تتعذب .. هل تتخيلين حجم عذابها وأنتِ تنطوين على جراحكِ بعيداً عنها صغيرتي؟"
غصة شديدة وقفت في حلقها وازدادت حرقة دموعها وهي تفكر في أمها .. هل كانت عمياء لهذه الدرجة وأنانية عن رؤية ألم أحد سواها؟ .. رددت بوجع

_"أنا لم أقصد إيلامها .. أنا فقط شعرت بـ .. "
ارتجفت شفتاها بتردد ليقول جدها
_"شعرتِ بالخيانة، صحيح؟"
أومأت برأسها باختناق وهي تقول

_"أجل .. لقد صدمني رد فعلها .. هي من بين الجميع كان يجب أن تشعر بي .. تقف بجانبي .. كانت تعرف ما أصابني، لكنّها نسيت كل شيء في اللحظة التي سمعت فيها اسمه"
ورفعت رأسها تنظر له بلوم
_"حتى أنت جدي .. حتى أنت تتحدث عنه ببساطة وتتذكره بحنين وكأنه لم يفعل أي شيء .. كأن حياتي لم تتدمر بسببه هو وعائلته .. وحتى (سيف) كان يحاول مقابلته وينتظر خروجه على أحر من الجمر .. هل نسيتم ببساطة كل جرائمه وعلى استعداد لاستقباله بينكم من جديد فور أن يغادر سجنه؟ ... إن كنتم قد فعلتم فلا تطلبوا مني أن أفعل لأنني أفضل الموت على مسامحته"
أخذ نفساً قوياً واشتدت قبضته على عصاه وهو يجيبها
_"لا تدعي الغضب يعمي بصيرتكِ صغيرتي .. مهما كان ما فعله (أحمد اليزيدي) يبقى والدكِ أنتِ و(سيف)"
هتفت باستنكار

_"كيف تقول هذا جدي؟ .. بعد كل ما فعله لا زلت تقول أنّه والدي؟ .. هل هناك والد يفعل هذا بابنته؟"
قال بلوم
_"(سؤدد) .. تعرفين جيداً أنّ والدكِ كان على استعداد أن يدفع روحه ثمناً ليحميكِ"
هتفت بحدة
_"لكنّه لم يفعل .. كل ما أصابني كان بسببه .. لو أنّه لم يكن مجرماً وشريكاً لأولئك القتلة لما فعلوا بي هذا .. هو السبب جدي .. بحق الله .. لقد كان مجرماً جدي كيف تريدني بعد كل هذا أن أدعوه أبي؟"
هز رأسه مجيباً بصبر
_"لأنه لا شيء أبداً سيغير هذه الحقيقة (سؤدد) وأياً كان ما ارتكبه (أحمد) في حياته فقد دفع ثمنه غالياً وأغلى مما تعتقدين .. دفعه وهو يرى ما أصاب ابنته الغالية وفخره .. ما أصابكِ يكسر أقوى الرجال صغيرتي فما بالكِ برجلٍ كنتِ تمثلين فخره وأغلى كنوزه .. هم أرادوا إصابته في مقتل وقد فعلوا .. لقد دفع الثمن فادحاً (سؤدد) .. دفعه بما أصابكِ .. دفعه بخسارتكِ للأبد وخسارته لـ(صفية) و(سيف) .. دفعه بعمره الذي ضاع خلف القضبان .. دفعه من شرفه ووظيفته ومكانته الكبيرة الذين خسرهم"
رددت بجمود
_"هو زرع وفي النهاية حصد يا جدي .. ما يدهشني حقاً أنك تدافع عنه .. ألم يكن من المفترض أن تكرهه بعد ما خدع أمي وخدعكم مخفياً حقيقته وحقيقة عائلته ليتزوجها؟ .. لماذا لا زلت تتحدث عنه كأنه فرد من عائلتنا يا جدي؟"
أطرق صامتاً وشرد للحظات طويلة قبل أن يتنهد بأسى وسمعته يهمس
_"للحقيقة أكثر من وجه يا (سؤدد) وكلٌ يراها من زاويته ... أنتِ تنظرين للأمور من زاويتكِ أنتِ .. جراحكِ وغضبكِ يجعلانكِ تركزين على جانبكِ أنتِ من المأساة وتتجاهلين الكثير من الأشياء لأنها لا تخدم قضيتكِ .. الكثير من التفاصيل التي تخشين تذكرها أو التفكير فيها لأنّها ستضعكِ في مواجهة مع نفسكِ .. مع (سؤدد) الصغيرة التي دفنتِها داخلكِ لسنوات"
اتسعت عيناها وهي تسمعه وخفق قلبها بعنف شديد
_"(سؤدد) التي لا زالت تشتاق لوالدها وتبكي انتظاراً له .. تتلهف لأحضانه وتتمنى عودته ليخبرها أنّه أبداً لم يتخل عنها ولم يؤذها .. أنّه بريءٌ من كل التهم التي ألصقوها به"
لم تشعر بدموعها التي سالت وهي تنظر له بذهول وقلبها ينبض بقوة يخبرها أنّ جدها قرأ أعماقها بشفافية وأنّه محق في كل كلمة .. هزت رأسها بقوة .. لا .. هي لا تنتظره .. هي لا تشتاق له ولا تريد أن تسمع كلمة بشأنه .. هي لا تريده أن يأتي بعد كل هذه السنوات ليخبرها أنّه بريء وأنّ ما أصابها كان قدراً لا علاقة له به .. أنّها كانت ضحية لأناسٍ لا يملكون قلوباً أو رحمة .. لا .. هي لا تتلهف لأحضانه .. أغمضت عينيها تتذكر آخر مرة ضمها بين ذراعيه في تلك الغرفة القذرة وهو يحمل جسدها المنتهك الغارق بالجروح والدم .. لا .. هي بالتأكيد لا تتمنى عودته .. لا تريد .. فتحت عينيها تتطلع لجدها بحزم وهمست بقسوة
_"لا جدي .. لا شيء أبداً سيغير حقيقة أنّه السبب فيما أصابني ولن أسامحه أبداً ولو أقسم لي أنّه بريء من كل هذا"
تنهد بقوة ونهض من مكانه وهز رأسه بأسف
_"لا زلتِ تواصلين هروبكِ (سؤدد) ... ظننتكِ أقوى من هذا"
أغمضت عينيها وهي تهمس
_"أنا لا أهرب جدي .. أنا أعرف نفسي جيداً"
ابتسم بحنان وقال وهو يقترب منها ونظر في عينيها اللتين فتحتهما لتواجهه
_"ربما لا تعرفين نفسكِ جيداً يا صغيرتي .. أنا أعرفكِ وأرى في عينيكِ كل ما تحاولين الهرب منه"
همست بخفوت
_"جدي أرجوك"
مسح على خدها بحنان وهو يقول
_"لا بأس صغيرتي .. لقد قلت كل ما عندي .. ما أريده منكِ هو أن تواجهي نفسكِ بصدق (سؤدد) .. انظري في أعماقكِ وابحثي عن الإجابة داخلكِ .. أنا أثق بكِ صغيرتي وأعرف أنكِ ستصلين حتماً في النهاية"
رفع يديه يحيط وجهها بكفيه وشد رأسها نحوه ليقبل جبينها بحب وهو يقول
_"فقط كوني قوية كما عهدتكِ دائماً (سؤدد) والأهم .. كوني صادقة مع نفسكِ"
تعلقت عيناها بعينيه العميقتين المليئتين بحكمة السنين الطوال ووجدت نفسها تهز رأسها بطاعة وهي تهمس
_"سأفعل جدي"
ابتسم مرة أخيرة وربّت على خدها بحنان وتحرك ليغادر وهو يقول
_"لا تنسي أن تصالحي والدتكِ يا فتاة وإياكِ أن تتأخري، حسناً؟"
قالت وهي تتحرك لتجاوره
_"حسناً جدي لا تقلق ... دعني أوصلك لغرفتك"
رفع حاجباً محذراً وقال مبتسماً
_"يبدو أنكِ مصرة على اتهام جدكِ بالعجز يا فتاة .. هيا .. اذهبي أنتِ للنوم .. هذا أمر"
ابتسمت بخفوت فربّت على خدها بحنان وابتسم قائلاً
_"تصبحين على خير محاربتي العنيدة"
همست بحب
_"تصبح على خير يا كبير الهاشمية"
تابعته عيناها حتى غادر نحو غرفته، لتبهت ابتسامتها وهي تغلق الباب وتحركت نحو فراشها وألقت نفسها عليه وأغمضت عينيها وتركت نفسها تستعيد حديثهما من جديد وقلبها يردد دون توقف
_"كوني صادقة مع نفسكِ .. توقفي عن الهرب وكوني صادقة مع نفسكِ"
*****************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-01-19, 03:51 AM   #393

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تمطت (آنجيليكا) بكسل وهي تفتح عينيها ببطء .. تطلعت لسقف الغرفة لحظات في شرود وتنهدت بقوة .. لم تشعر كم كانت مجهدة أمس إلا عندما لامس جسدها الفراش لتغرق بعدها في نومٍ عميق كانت شاكرة أنّه خلى أخيراً من الكوابيس التي ظلت تطاردها طيلة الفترة الماضية .. نهضت برفق مغادرة الفراش وهي تنظر للساعة .. جيد أنّها لم تتأخر كثيراً في النوم ... اليوم أيضاً سيكون مرهقاً لها كما للجميع خلال الأيام القادمة بسبب حضور ذلك الوغد وشركائه إلى الفندق .. ربما تجد فرصة جيدة لتتسلل إلى حيث هو .. زفرت بقوة وهي تلقي بجسدها على الفراش بيأس .. لتفعل ماذا؟ .. ماذا بيدها لتفعله؟ .. أليس من الحكمة أن تركز بجمع المال وتعود لشقيقها وتترك عقاب ذلك الشيطان للقدر .. تطلعت للسقف بيأس وارتسمت صورة والديها أمام عينيها فهمست بألم
_"لا أعرف ماذا أفعل أبي؟ .. أعرف ما هو رأيك .. لكنني للمرة الأولى أجدني عاجزة عن اتباع رأيك .. قلبي يحرقني لمجرد التفكير بوجود قاتلكما قربي لهذا الحد ولا أستطيع أن أفعل شيئاً"
لماذا أتى بها القدر هنا إن كانت لن تستطيع الأخذ بثأرها؟ .. زفرت بحرقة وهي تلامس قلادتها وشردت في تفكيرها لتنتفض بعد لحظات مع صوت الباب الذي انفتح فجأة مصحوباً بضجة طفولية وصاحبها يهتف بحماس
_"(آنجي) .. هيا .. هيا استيقظي .. ستتأخرين"
اعتدلت بسرعة ونظرت لصاحب الصوت الذي كان يمسك بمقبض الباب ويتقافز مكانه لتبتسم باتساع وهي تقول
_"صباح الخير أيها الشقي .. يبدو أنك استيقظت باكراً اليوم"
اندفع نحوها وبقفزة واحدة جلس على فراشها وهو يقول
_"طبعاً .. ماما ستأخذني في نزهة اليوم كما وعدتني"
_"حقاً؟ .. هذا رائع"

قال بعينين لامعتين بالرجاء
_"لماذا لا تأتين معنا (آنجي)؟"
ابتسمت بحنان وهي تمسح على شعره وقالت وهي تمط شفتيها بأسف

_"للأسف لن أستطيع يا صغيري .. لديّ عمل حتى آخر اليوم"
أطرق بحزن لتميل وتقبل خده وتقول بوعد
_"لا تحزن .. يمكنني أن أرافقكما في نزهة يوم عطلتي بعد أيام، حسناً؟"
هز رأسه بحماس ونزل من فوق الفراش وهو يقول

_"اتفقنا .. سأذهب لأخبر ماما"
ابتسمت وهي تراقب اندفاعه لخارج الغرفة وتنهدت وهي تسترجع لقاءها الأول به يوم عطلتها حين شعرت بالملل من البقاء بغرفتها طيلة اليوم وقررت القيام بنزهة عبر المدينة .. كان (ألفريدو) قد أخبرها عن بعض الأماكن المميزة التي تستطيع الذهاب لها في عطلتها، وقضت اليوم في زيارتها قبل أن تقرر العودة بعد أن جعلت محطتها الأخيرة ذلك المتنزه الكبير على أطراف المدينة .. تلك الساعات التي قضتها في التنزه مسحت الكثير من الحزن والتعب اللذين كانت تشعر بهما .. ارتسمت ابتسامة رقيقة على شفتيها وهي تجلس أمام البحيرة تراقب طيور الأوز البيضاء وشردت في تفكيرها إلى شقيقها .. يجب أن تأتي معه إلى هنا يوماً ما .. سيحب هذا المكان كثيراً .. لم تعرف كم مضى من الوقت وهي سارحة مع المشهد الخلاب وشعور بالراحة والسلام غزا قلبها بنعومة لتتسع ابتسامتها بسعادة اشتاقتها .. أدارت عينيها في المكان من حولها لتبهت ابتسامتها فجأة وعيناها تقعان على طفل صغير جلس على بعد متطلعاً للبحيرة ويده التي كانت ترتفع كل لحظة لتمسح عينيه جعلتها تعرف أنّه كان يبكي .. كان يبدو أنّه بالكاد قد تجاوز الخامسة من عمره .. نهضت من مكانها وتحركت نحوه بهدوء وخفق قلبها بأسى وهي ترى حالته لتقترب منه برفق محاولة ألا تجفله وهمست بحنان
_"مرحباً"
انتفض ملتفتاً لها بخوف لتبتسم بحنان تمنحه بعض الطمأنينة وهي تسأله
_"ما الأمر يا صغيري؟ .. لماذا تبكي؟"
أطرق برأسه لتمسح على رأسه برقة وتابعت
_"لماذا أنت وحدك هنا؟"
لم يرد وشعرت به يبتعد قليلاً فتنهدت وصمتت واكتفت بالجلوس بقربه والنظر للبحيرة قبل أن تهمس
_"المكان هنا جميل، صحيح؟ .. أنت محظوظ لأنك تسكن في هذه المدينة الجميلة .. هذه أول مرة آتي لهنا"
نظرت له وابتسمت بخفوت وهي ترى دموعه قد توقفت لتتابع
_"أنا أتيت من بلدة بعيدة عن هنا .. صحيح هي صغيرة لكنني أحبها كثيراً وسكانها أناس لطفاء ... اشتقت لهم كثيراً .. هل تعرف أنك تذكرني بشقيقي الصغير .. حسناً .. هو يكبرك قليلاً لكنك تذكرني به عندما كان في عمرك"
كانت تعرف أنّه بدأ يستمع لها بانتباه حتى ولو لم يبد رد فعل .. أشارت فجأة لإحدى الأوزات وهتفت وهي تضحك
_"آه .. انظر لهذه الأوزة الصغيرة .. يبدو أنّها تستمتع بالماء أكثر من الأخريات .. لقد جعلتني أرغب في السباحة أنا أيضاً"
لمحت طيف ابتسامة صغيرة على شفتيه فأسرعت تقول وهي تمد يدها نحوه
_"بالمناسبة .. أنا (آنجي) ... وأنت أيها الوسيم؟!"
تطلع ليدها برهبة قبل أن يهمس بخجل
_"(تيو)"
التقطت كفه وهتفت بحماس
_"أهلاً (تيو) .. تشرفت بمعرفتك"
تلفتت حولها قبل أن تسأله باهتمام
_"لكن .. ماذا تفعل هنا وحدك (تيو)؟"
ارتجفت شفتاه ولمعت عيناه بالدموع لتقترب وتربت على كتفه برفق وتهتف
_"آه يا صغيري .. هل أنت تائه؟"
هز رأسه وقال بخفوت
_"كنت مع ماما وافترقت عنها في الزحام .. لابد أنّها قلقة جداً"
_"ألا تعرف عنوان بيتك؟ .. اسم الشارع مثلاً .. ربما استطعت مساعدتك في العودة"
ردد بخفوت يخبرها اسم الشارع فنهضت بسرعة ومدت له يدها قائلة
_"حسناً .. دعنا نذهب لنبحث عن بيتك"
تطلع لها بقلق فهمست برفق
_"أعرف أنك لا يجب أن تثق بالغرباء، لكنني حقاً أريد مساعدتك .. لا أعرف حقاً كيف أقنعك بصدق نيتي"
تحسست جيبها لتلتقط هاتفها ولمعت عيناها وهي تهتف
_"هل تحفظ رقم هاتف والدتك؟"
اتسعت عيناه كأنما أدرك لتوه بوجود حل لم ينتبه له بسبب خوفه وأسرع يضع يده في جيبه ويخرج بطاقة صغيرة ويعطيها لها فابتسمت وهي ترى الرقم المدون عليها وأسرعت تتصل به وانتظرت قليلاً حتى أجابت صاحبة الهاتف بتوتر
_"مرحباً"
مالت نحوه هامسة
_"ما اسمها؟"
_"(ليزا)"
ابتسمت له ورفعت الهاتف لأذنها مجيبة
_"مرحباً .. سيدة (ليزا)؟!"
_"نعم .. من يتحدث؟"
_"مرحباً سيدتي .. أنا اتصل بخصوص طفلك، إنه .."
قاطعتها بلهفة
_"(تيو)؟! .. هل هو معكِ؟"
_"نعم سيدتي .. هو معي الآن لا تقلقي"

سمعت تنهيدة راحة امتزجت ببكائها الخافت بينما تخبرها بمكانهما لتسمعها تقول بصوت متقطع
_"نعم أعرفها .. سأكون عندكما في أسرع وقت .. أرجوكِ اهتمي به حتى أصل"
منحتها وعدها قبل أن تودعها وتلتفت له قائلة بابتسامة حانية
_"لا تقلق .. ستجتمع بوالدتك بعد قليل"
همس بامتنان

_"شكراً لكِ"
قالت وهي تعود لتجلس
_"على الرحب والسعة"
تردد قبل أن يجلس جوارها واستغلت هي الفرصة لتتحدث معه وسرعان ما حصلت على ثقته وبدأ يتحدث معها بانطلاق ليمضي الوقت سريعاً حتى قاطعهما صوت امرأة يهتف بلهفة
_"(تيو) .. (ماتيو) .. (تيو) أين أنت؟"
نهض مسرعاً وهو يهتف
_"إنها أمي"
ابتسمت وهي تراقبه يندفع في اتجاه الصوت ونهضت تتبعه لتراه يجري في اتجاه والدته التي احتضنته رافعة إياه عن الأرض وضمته لها بقوة وابتسمت في حنان وهي تراقبهما من مكانها ولمحته يشير لها بعد لحظات لتنتبه لها الأم .. أنزلته أرضاً ليشدها من يدها متقدماً نحوها .. خفتت ابتسامة (آنجيليكا) وهي ترى المرأة التي اقتربت منها وضاقت عيناها بحيرة وهي تنظر لها .. تبدو مألوفة كثيراً .. أين سبق ورأتها؟ .. أين؟ .. نظرة الذهول والوجل في عينيّ المرأة جعلتها تدرك أنها هي الأخرى تعرفها .. حين توقفا أمامها أخيراً ارتفع حاجباها في ذهول وهي تدرك هويتها أخيراً بينما (تيو) يقول
_"هذه هي (آنجي) يا ماما ... هي من ساعدتني"
همست (آنجيليكا) بذهول
_"د .. (دونا)؟!"
مطت (دونا) شفتيها بحرج وابتسمت بارتباك وهي تقول
_"مرحباً (آنجي)"
دارت عيناها بذهول على هيئتها المختلفة ووجهها الخالي تماماً من الزينة .. بدت لها أكثر جمالاً دون زينتها المبالغة وملابسها المثيرة تلك .. جمالها رقيق ومريح للنظر وملابسها كانت عادية جداً لا تشير أبداً بأي حال من الأحوال لتلك المرأة التي التقتها في النادي الليلي .. نقلت بصرها بينها وبين الصغير الذي كان متعلقاً بها ورددت بحيرة
_"(ليزا)؟!"
أومأت رأسها بحرج وهي تقول
_"(ليزا روميرو) .. شكراً على مساعدتكِ لطفلي (آنجي)"
همست بخفوت ولم تتخلص من ذهولها
_"أهذه أنتِ حقاً؟"
هزت كتفيها وقالت
_"هذه أنا حقاً (آنجي) .. هذه حقيقتي"
أشارت بيدها

_"وتلك الأخرى؟ .. (دونا)؟"
ابتسمت بأسى وقالت وهي ترفع صغيرها لتحمله بين ذراعيها
_"تلك الأخرى .. قناع خاص بالعمل لا أكثر"
تحركت وهي تشير لها لترافقها
_"لا أحد يعرف هذا الجانب من حياتي .. لم أتوقع أنكِ من بين الجميع قد تكتشفين حقيقتي .. لكن بما أنّ القدر شاء هذا لا بأس .. في الواقع لست مستاءة أبداً لكونكِ عرفتِ بالأمر .. أعتقد أنني يمكنني الحكم على الناس جيداً والفترة القصيرة التي عرفتكِ فيها تجعلني أثق بكِ وأعرف أنكِ لن تفشي بسري لأحد"
هزت رأسها نفياً وقالت
_"بالتأكيد لن أفعل .. لا تقلقي .. ما دمتِ لا تريدين لأحد أن يعرف فاعتبري أنني لم أر شيئاً"
ضحكت وهي تنظر لها بامتنان وقالت وهي تشير لسيارتها الصغيرة المتوقفة على بعد

_"هذه سيارتي .. تعالي لأوصلكِ في طريقي"
هزت رأسها
_"شكراً دو .. أعني (ليزا) .. محطة الحافلات قريبة من هنا و"
قاطعتها بحزم
_"لا تكوني عنيدة (آنجي) .. ستنتظرين حتى وصول الحافلة وربما يتأخر الوقت .. ليس آمناَ أن تعودي بمفردكِ ليلاً .. بالمناسبة كنت أنوي أن أسألكِ عن المكان الذي تقيمين فيه .. هل هو جيد؟"
_"لا بأس به"

هزت رأسها نافية
_"أخبرني (ألفريدو) بالمكان الذي تنزلين به وأعلم أنّه ليس جيداً أبداً لشابة وحيدة مثلكِ وكنت أنوي أن أبحث لكِ عن مكان أنسب، لكن الآن خطرتِ لي فكرة أفضل"
نظرت لها بتساؤل لتبتسم وقالت وهي تفتح باب السيارة الخلفي وتضع (تيو) الذي غرق بالنوم تعباً

_"اركبي أولاً"
أسرعت تستقل المقعد الأمامي بينما (ليزا) احتلت مقعد القيادة وأدارت المحرك لتنطلق بالسيارة وهي تقول
_"ما رأيكِ أن تأتي لتسكني معي أنا و(تيو)؟ .. لا تقلقي .. نحن نعيش بمفردنا .. شقتي صغيرة لكن بها غرفة فارغة"
_"شكراً (ليزا) .. سبق وقدمتِ لي الكثير من المساعدة ولا يمكنني أن .."

قاطعتها
_"بل يمكنكِ (آنجي) ... لا أدري عن أي مساعدة تتحدثين .. كنت سأفعل هذا لأي شخص في مكانكِ .. كما أنني ممتنة لكِ كثيراً لمساعدتكِ صغيري .. لا أدري ماذا كان يمكن أن يحدث له لو لم تجديه أنتِ .. اسمعي .. فكري جيداً في الأمر .. ولا تشعري بالحرج أبداً .. يمكنكِ أن تؤجري الغرفة مني لو كنتِ محرجة ... هذا أفضل من سكنكِ بمفردكِ .. يمكنكِ أيضاً أن تعتني بـ(تيو) في الوقت الذي أعمل به، هه ما رأيك؟"
أطرقت للحظات قبل أن تبتسم لها مجيبة
_"حسناً .. سأفكر بالأمر"
أومأت مبتسمة
_"جيد .. سأنتظر رأيكِ إذن .. ولا تقلقي ... المسافة لن تكون بعيدة عن عملكِ"
هزت رأسها وقالت بامتنان
_"حسناً (ليزا) .. أعتقد أنّها فكرة جيدة .. سأفكر وأخبركِ برأيي"
أوصلتها للشارع الذي تقطن فيه وانتظرت صعودها لمسكنها بأمان قبل أن تغادر ولم تمنحها بعد ذلك فرصة لرفض عرضها لتنتقل إلى شقتها الصغيرة معها هي وصغيرها .. وهي ممتنة حقاً لإصرار (ليزا) على ذلك فهي كانت تشعر بالخوف بالفعل في المكان الذي كانت تعيش فيه وكانت تنتظر أن تجمع المال اللازم لتجد مكاناً أفضل وأتى عرض (ليزا) إنقاذاً لها .. نهضت من فراشها لتغتسل وتستعد للذهاب لعملها .. أمامها يوم طويل ومرهق .. خلال دقائق كانت قد انتهت من استعدادها وارتدت ثيابها وغادرت الغرفة لتقابلها ابتسامة (ليزا) وهي تقول
_"صباح الخير عزيزتي .. أرجو ألا يكون (تيو) قد أزعجكِ بضوضائه الصباحية"
قالت وهي تعبث بشعر الصغير الذي كان يتناول طعامه ومالت لتقبل خده
_"بالطبع لا .. هذا ملاكي الحبيب يمكنه أن يزعجني كما يشاء"
ضحكت (ليزا) وأشارت لها
_"اجلسي لتفطري (آنجي) .. أعلم أنّ أمامكِ يوم عمل شاق .. تحتاجين لإفطار جيد"
جلست وهي تتنهد بقوة
_"أنتِ محقة (ليزا) .. أحتاج لكل ذرة طاقة لأحتمل جحيم العمل هذا الأسبوع"
مدت يدها تربت على كفها
_"أتمنى لو كان بإمكاني الحصول لكِ على وظيفة أكثر راحة"
هزت رأسها هاتفة بامتنان
_"لا .. ماذا تقولين؟ .. لقد قدمتِ لي خدمة كبيرة (ليزا) .. لولاكِ ربما كنت اختنقت أسفل أكوام الأطباق المتسخة"
ضحكت وهي تقول
_"حمداً للرب إذن أنني أنقذتكِ"
بادلتها ضحكتها وبدأت تتناول فطورها وهي تقول
_"أحتاج لمعجزة حقاً لتجاوز هذا الأسبوع دون أن أنهار"
قالت بتأكيد
_"ستكونين بخير عزيزتي .. الأمر شاق على الجميع .. دائماً في مثل هذا الوقت من العام يلتقي (سيزار جيوفاني) بشركائه في هذا الفندق لمدة أسبوع وتنتهي اجتماعاتهم بحفل كبير"
حاولت منع تجهم وجهها مع ذكره وأطرقت برأسها تدعي تناول الطعام وهي تسمعها تكمل
_"الجميل بالأمر أنّه يصرف مكافاءت مجزية للعاملين بالفندق في نهاية الأسبوع .. وكما يكافيء بسخاء فهو لا يتورع عن معاقبة أي شخص يهمل عمله أو يتسبب بمشكلة له أو لأحد ضيوفه، لذا تحملي قليلاً وانتبهي جيداً ألا ترتكبي أي خطأ في هذه الأيام، حسناً؟"
وأومأت برأسها بفهم وقالت
_"حسناً"
تنفست بقوة وكلمات (ليزا) أعادت لها ذلك الإحساس الخانق الذي يراودها منذ بعض الوقت أنّ تلك الأيام ربما لا تجلب لها حظاً طيباً .. لديها شعور أنّ شيئاً سيئاً على وشك أن يحدث معها .. أغمضت عينيها تدعو بتوسل أن تخيب ظنونها هذه المرة وتكون مخاوفها في غير محلها.
*****************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-01-19, 03:56 AM   #394

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تقلبت (همسة) في فراشها وتحركت أنفاسها بصعوبة وقطرات العرق تسللت لتغمر وجهها .. حركت رأسها يميناً ويساراً برفض وهي تأن بألم وانقبضت كفاها على مفرش سريرها بينما تحاول التحرر من أسر كابوسها .. همست بألم
_"لا يا (فهد) .. عد .. لا تذهب هناك .. لا"
سمعت صوتها يخرج مبحوحاً بينما تراه يسبقها إلى عمق تلك الغابة المظلمة التي لا تعرف كيف وجدت نفسها بداخلها فجأة تتلفت يميناً ويساراً بحثا عن مخرج بين آلاف الأشجار بغصونها الضخمة المتداخلة التي منعت النور من التسلل .. تعثرت عشرات المرات ونهضت لتتابع سيرها المتعثر وقلبها يخفق برعب قبل أن يتوقف وهي تلمح ذلك الخيال الذي يجري على مقربة منها .. لا تدر كيف كان بإمكانها الرؤية وسط تلك العتمة لكنها فعلت .. ورأتها .. كانت امرأة .. أجل .. امرأة كانت تجري بفزع وسط الغابة وتتعثر كل حين لتنهض بعدها وهي تمسك بطنها وتنظر خلفها بخوف ثم تواصل الجري ولمحت (همسة) بفزع تلك الذئاب المخيفة التي كانت تطاردها .. أسرعت تتبعها بجزع لتساعدها وهتفت تناديها وداخلها شعور مخيف يخبرها أن تتوقف مكانها وألا تحاول اللحاق بها .. أنها لو فعلت فلن يسرها ما ستراه، لكنها واصلت جريها خلفها وشهقت عندما تعثرت المرأة وقبل أن تسرع نحوها ظهر فجأة من اللاشيء ذئبٌ ضخمٌ ليمسك بها .. سمعتها تصرخ مستنجدة فأسرعت تتلفت حولها وهي تصرخ هي الأخرى بحثاً عن نجدة قبل أن تلتقط غصناً كبيراً من على الأرض وتسرع لتضربه به، ليلتفت نحوها بزمجرة شرسة واتسعت عيناها برعب وهما تلتقيان بعينيه .. كانتا خضراوين .. مألوفتين بطريقة مرعبة .. تنفست بصعوبة وهي تتراجع للخلف وسالت دموعها وهي ترى ذئباً آخراً يقترب من المرأة التي كانت تنهض بضعف وتلتفت نحوها لتشهق (همسة) بارتياع وهي ترى وجهها .. لماذا .. لماذا ترى نفسها؟ .. دققت النظر للمرأة التي كانت تنظر لها بوجع شديد ورفعت يدها المليئة بالدم ومدتها نحوها بارتجاف وهي تهمس
_"(همسة) .. ابنتي"
تراجعت للخلف وهي تشهق بقوة ورفض بينما تابعت المرأة بعذاب
_"ساعديني"
حاولت التقدم نحوها لكن زمجرة ذلك الذئب أخضر العينين أوقفتها وتقدمه نحوها جعلها تتراجع أكثر بينما أحاطت مجموعة الذئاب بالمرأة وبدأوا جذبها لعمق الغابة حتى كادت تختفي وسط الظلام بينما (همسة) تهمس بخفوت وتوسل ودموعها تسيل على خديها
_"لا .. توقفوا .. لا تفعلوا هذا .. لا تأخذوها"
تعثرت في تراجعها لتسقط أرضاً ليتقدم نحوها الذئب وهو يزمجر بغضب وقبل أن ينقض عليها اندفع ظلٌ ليحول بينهما .. رفعت عينيها نحوه لتجده يبادل ذلك الذئب نظراته الغاضبة وقبضتاه مضمومتان بتحذير .. نهضت ببطء وهي تهمس وقد أخبرها قلبها بهويته قبل حتى أن ينظر لها
_"(فهد)"
التفت نحوها واحتضنتها عيناه لوهلة قبل أن يلتفت ليتقدم نحو الذئب الذي بدأ يتراجع بينما هي ارتجف قلبها وهي تدرك لماذا كانت عينا الذئب مألوفتين .. لقد كانتا نفسهما عينيّ (فهد) .. ماذا يعني هذا؟ .. رفعت قدميها لتتقدم نحوه لكنهما تجمدتا كأنما قيدتا إلى الأرض .. همست اسمه بخوف وهي تراه يتقدم نحو الذئب الذي تراجع للخلف قبل أن يطلق ساقيه للريح لاحقاً بمجموعته التي خطفت المرأة .. سالت دموعها أكثر .. لقد فشلت في إنقاذها .. رفعت رأسها بوجل حين سمعت (فهد) يقول وهو يلتفت نحوها ويمنحها أرق ابتساماته
_"لا تقلقي .. سأساعدها"
هزت رأسها بخوف واتسعت عيناها حين اقترب منها بسرعة ليشدها إليه ويغمرها بعناق قوي كاد يحطم ضلوعها وسالت دموعها على صدره وهي تسمعه يهمس
_"أحبكِ (همستي) .. أحبكِ"
فتحت فمها لتخبره بحبها عندما شعرت بانسحاب دفء جسده عنها فجأة وفتحت عينيها لتجده يجري في الاتجاه الذي اختفت فيه الذئاب فهتفت باكية
_"لا يا (فهد) .. عد .. لا تذهب هناك .. لا"
حاولت التحرك لتلحق به وبكت أكثر حين رفضت قدماها الحركة وواصلت صراخها وهي تناديه
_"لا يا (فهد) ... هذا خطر .. عد أرجوك"
ارتفع أنينها وازدادت حركتها تخبطاً وهي تحاول التحرر وتسلل لأذنيها زمجرة الذئاب المتوحشة تنذر بالخطر فبكت بحرقة وهي تهتف اسمه بكل ما تملك من قوة لتشهق بفزع وهي تفتح عينيها .. تعلقت عيناها لبرهة بسقف الغرفة تحدق فيه بخوف وهي لم تتحرر بعد من كابوسها .. شعرت بقلبها يكاد يتوقف بسبب نبضه الجنوني وشهقت باكية وهي تتحسسه .. ذلك الكابوس مجدداً .. لا يتوقف عن مطاردتها .. لا .. ليس كابوساً .. إنها رؤية .. نذير .. حبيبها في خطر لا تعرفه .. هو وحده وهي هنا بعيدة عنه بعد أن تخلت عنه ولأجل ماذا .. ما الذي يجعلها تضحي بحبها وقلبها وتضع بينهما حاجزاً أحمقاً .. ماذا لو لم تكن ابنة (اليزيدي) .. ما علاقة هذا به؟ .. لماذا لم تسمع كلامه وتهرب معه بعيداً عن كل هذا الجنون؟ .. عادت أحداث كابوسها لتمثل حية أمام عينيها وتزيدها اختناقاً، فاعتدلت بسرعة ودموعها تشوش رؤيتها وبيد مرتجفة التقطت هاتفها وأسرعت تضرب رقمه الذي تحفظه عن ظهر قلب .. نهضت من فراشها وهي تهمس بتوسل
_"أجب يا (فهد) .. أرجوك"
تحركت قدماها فوق الأرض بتوتر وهي تستمع للرنين حتى انقطع ليزيد خوفها أضعافاً .. هو ليس بخير .. (فهد) ليس بخير .. بكت بحرقة وهي تعيد الاتصال مرتين وكاد اليأس يتمكن منها لولا أن انفتح الخط وسمعت صوته الناعس يقول
_"مرحباً .. من معي؟"
تنهد قلبها ارتياحاً وسالت دموعها على خديها .. لم تحتملها ساقاها فسقطت أرضاً على ركبتيها وأغمضت عينيها براحة .. لامست قلبها وهي تسمع صوته يردد بقلق
_"مرحباً"
عضت على شفتيها تحاول السيطرة على دموعها ليهمس هو بخفوت بعد لحظة
_"(همسة)!!"
خانتها شهقة باكية ليهتف هو بصوت جعل قلبها يرتجف باشتياق ولوعة
_"(همسة) .. هذه أنتِ"
حاولت النطق فلم تطعها سوى دموعها التي انهمرت أكثر ليهمس باختناق
_"(همسة) .. تحدثي أرجوكِ .. أريد أن أسمع صوتكِ"
_"(فهد)"
همست اسمه بصعوبة لتصلها تنهيدة حارة أتبعها صوته وهو يهمس بحرقة
_"قلب (فهد)"
ارتجف قلبها بقوة مع همسته بينما تابع هو بألم
_"لا تبكي حبيبتي أرجوكِ .. أنتِ لا تعرفين ما تفعل بي دموعكِ .. رباه يا (همسة) .. هل تعرفين كيف أشعر الآن وأنتِ بعيدة عني لا أملك أن أضمكِ إليّ وأمسح دموعكِ؟"
حاولت السيطرة على دموعها دون جدوى
_"أرجوكِ صغيرتي .. لا تعذبيني هكذا .. قولي شيئاً .. أخبريني أنكِ بخير"
شهقت باكية قبل أن تهمس بارتجاف
_"أنت بخير (فهد)؟ .. هل .. هل كل شيء على ما يرام عندك؟"
ران الصمت لحظة لتتنفس بقوة وقلبها يلتقط ما وراء صمته لتزداد قلقاً فأسرع يرد
_"لا تقلقي (همس) .. أنا بخير تماماً"
همست بتوسل
_"أرجوك (فهد) .. لا تخفي عني شيئاً .. أعرف أن شيئاً ما يحدث عندك .. قلبي يخبرني أنك لست بخير .. طمأني أرجوك .. أ .. أنا قلبي يؤلمني كثيراً"
ردد بلوعة
_"فداكِ يا قلب (فهد) .. عدا كوني أتعذب لفراقكِ وأشتاق لكِ في كل لحظة، فأنا بخير أقسم لكِ"
بكت بحرقة وهي تضغط على قلبها ليهمس باختناق
_"حبيبتي .. لا تقلقيني عليكِ هكذا ... لا تجعلينني أندم على ابتعادي عنكِ"
همست بتوسل
_"عد إذن يا (فهد) .. أنا أموت كل لحظة منذ افترقت عنك"
تنهد بحرارة وهمس باختناق
_"(همسة) .. أنا تأخرت كثيراً .. كثيراً جداً حبيبتي .. كنت أحمقاً وعنيداً وقاومت مشاعري نحوكِ لوقتٍ طويل وحين استسلمت أخيراً كان الوقت قد فات ... حاولت لمرة أخيرة أن أنتزعكِ من تلك الدائرة التي تكاد تهلكنا لكنكِ اخترتِ الهرب بعيداً وحدكِ .. بعيداً عني أنا أيضاً"
همست باكية
_"أنا آسفة .. آسفة يا (فهد) .. كنت في صدمة وعالمي كله انهار .. كل ما كنت أؤمن به تحطم .. في لحظة خسرتك أنت و(عماد) .. لم أعرف ماذا أفعل .. أنا آسفة .. كان يجب أن أبقى معك .. ما كان يجب أن أدع أي شيء يقف بيننا"
تنهد بقوة لتواصل بحرقة
_"لقد كنت صادقة في مشاعري (فهد) .. أنا أحببتك لسنوات .. أكثر مما أتذكر وانتظرت طويلاً حتى تراني .. لم يكن أي شيء ليغير من مشاعري نحوك .. أي شيء يا (فهد) .. لم يفت الأوان لنكون معاً .. كنت تريد أن ننسى كل شيء ونهرب بعيداً عن كل هذا الجنون .. دعنا نفعل إذن حبيبي .. ماذا لو لم أكن أنتمي لعائلة (اليزيدي)؟ .. هذا لا يغير شيئاً من مشاعري نحوك .. ماذا لو لم أعرف من عائلتي؟ .. أنا أنتمي لك أنت (فهد) .. لك وحدك"
سمعته يسأل بألم ومرارة
_"حتى لو كان أبي هو من قتل والديكِ؟"
توقف قلبها بين ضلوعها مع كلماته وتجمدت الدموع في عينيها ولم تستطع النطق للحظات ظنتها عمراً طويلاً قبل أن تهمس بارتجاف
_"ما .. ماذا تقول يا (فهد)؟"
سمعته يتنفس بقوة قبل أن يجيب
_"كما سمعت (همسة) ... حتى لو كان أبي هو قاتل أبويكِ الحقيقيين؟ ... هل ستحتملين العيش معي ودم والديكِ يقف بيننا؟ .. هل ستبقين على حبي وأنتِ ترين وجه أبي في ملامحي يذكركِ كل يوم أنكِ أحببتِ ابن قاتل أبويكِ؟"
همست بتوسل
_"(فهد) ما الذي تقوله؟ .. لا تمزح في هذا الأمر أرجوك .. أنت لا تعرف ماذا تقول"
ضحك بمرارة وهو يقول
_"لا تستطيعين، صحيح؟ .. أنا لا ألومكِ حبيبتي .. أعرف أن الأمر مستحيل وربما لو كنت مكانكِ ما استطعت أبداً"
هتفت تقاطعه
_"ماذا تقول يا (فهد)؟ .. (سامر) قال أن والده هو من قتل أبي .. من أين جئت بهذا الهراء؟"
صوته وصلها محملاً بألم شديد غارقاً بدموعه المكبوتة وهو يهمس بعد برهة
_"أنا أحبكِ (همس) .. أحبكِ ولم أحب سواكِ طيلة عمري .. لم أشعر نحو أي امرأة أخرى بما شعرته نحوكِ .. طيلة تلك السنوات التي حاربتكِ فيها كنتِ تتسللين تحت جلدي دون أن أشعر حتى ملكتِ كل قلبي .. تحججت كثيراً بفارق العمر بيننا وادعيت كونكِ أختي الصغيرة .. وضعت حواجزاً حمقاء بيننا لأمنعكِ من العبور إلى قلبي لكنني فشلت .. لكن هذا الحاجز بالذات .. هذا الحاجز مستحيل العبور (همس) .. ليتني أستطيع .. ليتني أمحوه حبيبتي .. ليت بإمكاني محو ذلك الاسم الذي أحمله وأتبرأ من ذلك الدم الذي يجري في عروقي وأنتمي لكِ وحدكِ (همس)"
بكت بانفعال وهي تهتف بتوسل
_"(فهد) .. توقف أرجوك .. لا تمزح في أمرٍ كهذا ... أنا لا أفهم شيئاً مما تقول"
أخذ نفساً عميقاً وقال
_"هل تتذكرين رسالتكِ التي ودعتِني فيها (همسة)؟ .. قلتِ أنكِ تتركين قلبكِ معي وأنه ملكي وأنكِ أينما كنتِ في هذا العالم ستحبينني وستكونين ملكي للأبد، تذكرين؟"
بكت بانهيار أكبر ليتابع بوجع شديد
_"أنا أحرركِ من وعدكِ لي (همس) .. أنا أحرركِ من قيود حبي .. لا لوم عليكِ لو تابعتِ طريقكِ من بعدي .. انسيني وعيشي حياتكِ حبيبتي .. فقط دعيني أخبركِ شيئاً واحداً ... أنا أحبكِ وسأبقى أحبكِ حتى آخر أنفاسي .. لا امرأة أخرى ستحتل مكانكِ بقلبي .. أبداً"
اتسعت عيناها الباكيتان بذهول وارتجفت بقوة وهي تردد
_"ما الذي تقوله؟ .. لماذا يبدو كما لو كنت تودعني؟ .. من قال لك أنني أريد أن أنساك؟"
تنهد بتعب
_"(همسة) .. أنتِ .."
قاطعته وقد بدأ الغضب يتسلل وسط حرقة قلبها
_"من أعطاك الحق لتحررني من وعدي وحبي لك؟ .. كيف تقرر عني (فهد)؟ .. أخبرتك أنني سأترك كل شيء وأنّ لا شيء أبداً يهمني سواك وتطلب مني ببساطة أن أنساك وأتابع حياتي .. هل تمزح معي؟"
_"(همسة) .. لا تتصرفي كالأطفال"
هتفت باختناق
_"أنا طفلة (فهد) .. لطالما كنت طفلة في نظرك وسأتصرف على هذا الأساس .. توقف عن اتخاذ القرارات التي تخصني .. أنا أحببتك ولا حق لك أبداً أن تطلب مني التوقف عن حبك، هل تفهم؟"
ردد بتوسل

_"لا أمل لنا معاً (همسة) .. حبنا مستحيل حبيبتي .. هل تعتقدين أنني سعيد (همس) .. أنا أتمزق كل لحظة .. عذابي يفوق عذابكِ بمراحل .. لكن ليس بيدي حبيبتي .. لقد انتصر الماضي في النهاية وانتزعكِ مني"
قالت بجمود
_"عن أي ماضٍ تتحدث يا (فهد)؟ .. أنا لا أصدق حرفاً مما هذيت به"
_"هذا لن يغير شيئاً (همسة) .. لقد .."

قاطعته قائلة
_"من هما إذن؟"
_"ماذا؟"

عضت على شفتها بقوة وهي تقول
_"قلت أن والدك قتل أبويّ .. من هما إذن؟ .. لابد أنك تعرفهما"
شعرت بتردده على الجانب الآخر لتقطب حاجبيها ليهمس هو بعد قليل في حيرة

_"لست أدري .. أنا فقط .. ما قلته هو .."
هتفت بحدة
_"أنت تكذب .. أنت تتحجج فقط (فهد) .. لقد ادعيت كل هذا لتتحجج به لتبتعد عني .. أنت لا تريدني (فهد)"
_"(همسة) .. أرجوكِ .. أنا .."

قاطعته وهي تهتف باكية
_"أنت أشفقت عليّ فقط (فهد) .. بالتأكيد .. ما الذي سيجعلك تعترف بحبك لي بعد كل هذه السنوات من الرفض .. لابد أنّ ما حدث معي جعلك تشفق عليّ وظننت أنّه عندما تعترف لي بمشاعر غير حقيقية ستخفف عني مأساتي"
هتف
_"(همسة) .. ما الذي تقولينه؟ .. عن أي شفقة تتحدثين؟ .. أنا لم أكذب في مشاعري نحوكِ .. أنا أحبكِ، هل تسمعين؟ ... أحبكِ ولا شيء أبداً سيغير هذه الحقيقة"
بكت بتوسل
_"إذن لا تكرر ما قلته .. قل أنك ستعود من أجلي .. أننا سنكون سوياً .. لا تقل أنّ حبنا مستحيل .. أرجوك (فهد) لا تقتلني هكذا"
همس اسمها برجاء لتنهمر دموعها أكثر وهي تواصل بضعف
_"لا تقل أنّ دم والديّ يقف بيننا (فهد) .. أتوسل إليك .. لا تقل هذا أبداً"
همس بألم
_"أحبكِ (همسة) .. أحبكِ يا حلمي المستحيل .. أحبكِ وسأبقى أحبكِ للأبد"
تهدج صوتها وهي تردد ببكاء حار
_"أحبك (فهد) ... أنا أحبك"
ظلت ترددها حتى خانها صوتها فأغلقت الهاتف واحتضنته لقلبها وأغمضت عينيها تبكي بانهيار شديد حتى شعرت أنّ قلبها سينفلق من شدة البكاء .. شهقت من وسط دموعها عندما شعرت بذراعين تلتفان حولها وسمعت صوت (عماد) يقول بحنان وهو يضمها لصدره
_"لا بأس .. أنا هنا حبيبتي .. اهدأي"
تشبثت بقميصه وبكت بحرقة لتدمع عيناه وهو يربت على رأسها مستمراً في التربيت عليها
_"لا بأس حبيبتي .. لا تبكي .. ستكونين بخير"
هزت رأسها وهمست بتوسل وهي ترفع عينيها إليه
_"أرجوك أخي .. أخبرني أنّ كل هذا كذب .. قل أنني في كابوس وسأستيقظ .. أخبرني أنّ (فهد) كان يكذب عليّ .. أنّه لم يقل هذا إلا ليجعلني أتوقف عنه حبه .. أرجوك .. أخبرني أنّهما كذبا عليّ"
_"اهدأي حبيبتي .. أنا لا أعرف عما تتحدثين"
همست بتهدج

_"(فهد) .. (فهد) أيضاً .. هو أيضاً يقول أنّ والده قتل أبويّ .. أخبرني أنّه يكذب عليّ"
تجمدت يداه حولها واتسعت عيناه بصدمة، لتقبض على قميصه وتهزه بتوسل
_"قل أنّ هذا كله كذب أخي"
كز على أسنانه وقست عيناه وهو يهمس
_"ذلك الأحمق"
همست بذهول

_"هل .. هل كان يقول الحقيقة؟"
أسرع هاتفاً وهو يهز رأسه
_"لا حبيبتي .. لا تقولي هذا .. (فهد) فقط مشوش هذه الفترة وقد تمكن (سامر) من خداعه كما فعل معك"
_"أحقاً أخي؟"
مسح على شعرها هامساً
_"طبعاً حبيبتي .. لا تسمحي لهذه الأفكار السيئة بالسيطرة على تفكيركِ صغيرتي .. (فهد) أيضاً عندما يهدأ ويفكر بعقله سيعرف أنّ ما قاله (سامر) كان مجرد أكاذيب ليؤذيكِ وليفرق بينكما"
نظرت له لبرهة كأنما تحاول استشفاف ما يخفيه داخله لتقول بعدها بخفوت
_"هل تخفي عني شيئاً أخي؟"
نظر لها مقطباً

_"ما الذي سأخفيه عنكِ (همسة)؟ .. لقد أخبرتكِ بما أعرفه"
_"لماذا إذن لا زلت تماطل ولا تريد أن تخبرني بنتيجة التحليل؟"
ابتلع لعابه بصعوبة وهو يقول

_"حبيبتي .. أنا لا أماطل .. لقد تأخرت النتيجة فقط وهذا أمر عادي .. هذا ليس اختباراً عادياً صغيرتي لتظهر النتيجة بسرعة"
وربّت على رأسها قائلاً بوعد
_"لكن لا بأس .. سأتصل بهم غداً وأعدكِ قريباً جداً ستكون النتيجة بين يديكِ وستتأكدين بنفسكِ أنّ كل ما قاله (سامر) كان أكاذيب"
هزت رأسها وهي تنظر له من بين دموعها ليرفع يديه ويمسحها برفق وقال وهو ينهض ويشدها لتنهض معه وقادها نحو فراشها
_"لماذا لا تحاولي العودة للنوم حبيبتي؟"
تذكرت كابوسها وارتجفت بخوف وهي تجلس في فراشها
_"أنا خائفة أخي .. تلك الكوابيس لا تتوقف"
مال ليقبل رأسها بحنان وقال بحب
_"لا تخافي صغيرتي أنا هنا .. سأبقى معكِ حتى تنامين"
تعلقت عيناها به بقلق ليبتسم بحنان وهو يشد الغطاء ليدثرها به وهو يقول
_"اقرأي أذكاركِ صغيرتي ونامي .. لن تجرؤ الكوابيس على الاقتراب منكِ مرة أخرى .. هيا"
أومأت وهي تشد الغطاء عليها وأغمضت عينيها وجسدها يرتجف ليقترب (عماد) ويمسح على شعرها بحنان
_"هشش .. اهدأي .. أنا هنا .. كل شيء سيكون بخير .. لن أسمح لأي كوابيس أو أحزان بالاقتراب منكِ صغيرتي .. هيا .. نامي"
هدأ رجفتها بعد بضع دقائق وانتظمت أنفاسها وهي تغرق من جديد في النوم ليتنهد بقوة وهو يراقبها في أسى قبل أن يشرد بتفكيره لابن خاله الذي فاجأه باتصاله بهذا الوقت المتأخر ليفزعه بصوته الملتاع وهو يتوسله أن يذهب ليطمئن على (همسة) مخبراً إياه أنّه كان يحدثها وأنّها قطعت الاتصال وهي تبكي .. لم يتوقع رؤيتها تبكي بهذا الانهيار وأدرك أنّ (فهد) كان محقاً في قلقه .. همس شاتماً بحنق وهو يتذكر ما قالته (همسة)
_"ذلك الأحمق .. فيما كان يفكر بالضبط وهو يخبرها بهذا الهراء؟"

قطب بضيق .. ما كان عليه أن يخبرها بأي شيء .. ما الذي جعله يفعل هذا ويقطع الأمل في عودتهما سوياً؟ ... تأملها بحزن .. لقد كاد (فهد) يفسد الأمر ... يعرف كم يتألم لحرمانه منها ويلتمس له العذر، لكنّه لا يمكن أن يتقبل أبداً أن يتسبب بالألم لصغيرته مهما كان السبب .. (همسة) أخته وابنته وواجبه هو حمايتها بأي ثمن مما قد يؤذيها ويؤلمها حتى ولو كان ذلك الأذى متمثلاً في الحقيقة.

*******************
انتهى الفصل الثامن عشر
إن شاء الله ينال إعجابكم وفي انتظار آرائكم
قراءة ممتعة
أرق تحياتي

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-01-19, 03:59 AM   #395

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل التاسع عشر


أغلق (فهد) الهاتف بعد أن أنهى مكالمته مع (عماد) بعد أن أيقظه من النوم فزعاً يتوسله أن يطمئن على (همسة) التي أغلقت هاتفها فجأة وهي تبكي .. تنهد بحرارة وكفه ينقبض بقوة على الهاتف وأغمض عينيه بمرارة ... هل أخطأ عندما أخبرها بالحقيقة؟ .. هل كان عليه أن ينتظر قليلاً حتى تتضح الأمور أو ربما يخفي الحقيقة تماماً عنها ويستسلم لأنانية قلبه فينتزعها عن العالم ويضمها إليه لتنتمي له وحده دون أن تعرف أنها تحيا مع ابن الرجل الذي دمر أسرتها وتسبب في يتمها .. لا .. لن يلوث حبه لها بالأنانية .. هو يحبها لدرجة أن يتعذب دونها ... عاجلاً أو آجلاً ستعرف الحقيقة .. الأسرار لا تبقى أسراراً للأبد .. هذا ديدن الحياة .. ما نظنه سيبقى مدفوناً للأبد يأتي يومٌ فيخرجه القدرُ للعلن .. ما سيكون موقفه أمامها عندما يأتي ذلك اليوم؟ .. هل سيحتمل أن تكرهه .. أن يخسرها بعد أن يذوق نعيم قربها وعشقها .. لن يحتمل أبداً .. يفضل أن يخسرها الآن ويتعذب على أن يعيش في جحيم مضاعف بعد ذلك .. (عماد) أيضاً مخطيء في حساباته .. (همسة) قد لا تغفر له إخفاء الحقيقة عنها وسيخسرها بطريقة أسوأ .. هو الآن يملك قلبها وعاطفتها وهي متعلقة به .. إن سمح هو الآخر لأنانيته أن تخفي عنها الحقيقة ليستأثر بها فهي لن تسامحه عندما تعرف أنّه كوالده تماماً حرمها متعمداً من دفء عائلتها الحقيقية .. يجب أن يقنعه أن يغير قراره .. لا يعرف لماذا لا يصر على عناده بعد أن أخبره بكل ما عرفه .. كيف؟ ... أحياناً كثيرة هو لا يفهم ما يدور بعقل (عماد) ولا ما يخطط له .. دائماً له حساباته المعقدة .. وكثيراً ما يفضل الاحتفاظ ببعض المعلومات لنفسه .. لكنّ الوضع الآن لا يحتمل غموضه المعتاد .. وضع الهاتف جانباً وتنفس بصعوبة وهو يطرق واضعاً رأسه بين كفيه .. رباه .. كم كانت (همسة) صادقة ... لقد تلاعبت بهم عمته كعرائس الماريونت .. كل تلك الأكاذيب التي ملأت بها رؤوسهم .. لقد انقلبت لعبتهم عليهم واتضح في النهاية أنهم كانوا مجرد أحجار شطرنج تحركها عمته لتحصل على شهوة انتقامها .. لقد علقوا بسببها هي ووالده في دائرة انتقام لعينة وكان أول ما خسروه هو أنفسهم .. لن يسامح (عماد) نفسه أبداً عندما يتأكد من كل شيء .. ارتجف جسده بقوة وهو يتذكر موت (فاروق رضوان) بعدما لم يتحمل قلبه صدمة خسارة شركته وتعرضها للإفلاس وصدمة ما أصاب ابنته .. رباه .. من يتحمل ذلك الوزر .. أليسوا هم؟ .. أليسوا هم من حاربوه طويلاً حتى أفلس؟ .. أليس (سامر) هو من اعتدى على (رهف) وتسبب في حادثها؟ .. رباه .. من غيرهم يحمل ذلك الذنب؟ .. هل كان يقول أنّ والده حرم (همسة) من عائلتها وكان يشعر بالمرارة لأنّه يحمل اسم (شوكت سليمان) الذي تسبب في كل هذا .. ماذا عما فعلوه هم؟ .. هل ستسامحهم (همسة) عندما تعرف ما فعلوه بعمها وابنته .. (رهف) التي خاطرت (همسة) أكثر من مرة لتنقذها .. (رهف) التي شعرت (همسة) بشفافيتها وبتلك الرابطة بينهما أنّها في خطر وكانت واثقة أنّها تستنجد بها بينما كانت غارقة في غيبوبتها .. ماذا ستفعل عندما تعرف أنهم السبب في كل تلك المصائب التي حلت على عائلتها؟ .. رفع كفيه ينظر لهما وهما ترتجفان .. من سيسامحهم؟ .. حتى لو كانوا ضحية خدعة لعينة؟ .. هل سيبرر لهم هذا ما فعلوه بأناس أبرياء؟ ... بأي وجه سينظر لنفسه في المرآة؟ .. سالت دموعه فوق كفيه وعض على شفته بقوة .. يالله .. ما المخرج من هذا الجنون؟ .. كيف .. كيف فعلت عمته هذا بهم؟ .. كيف دمرتهم وكيف سمحوا لها بهذا؟ .. لم يعد يحتمل كل ما يحدث من حوله .. لم يعد يحتمل التصرف معها بطريقة عادية بينما يشعر نحوها هي ووالده بكل هذه المرارة والكراهية .. عاد لمواجهته مع والده قبل أيام .. كان يحاول التحلي بالحكمة والصبر كما أخبره (عماد) لكنّه لم يحتمل .. كلّف أحدهم باختراق اتصالات عمته وحاسوبها وكلّف آخراً بمراقبتها ليعرف كل تحركاتها .. ما عرفه من معلومات كان كافياً ليقرر أخيراً مواجهة أبيه .. استغل غيابها عن المنزل وتوجه إلى الجناح المعزول حيث يقيم والده وقلبه يخفق بتوتر .. قابلته نظرات الممرضة الحائرة وهو يدخل المكان فهي تعرف أنّه نادراً ما يأتي لرؤيته .. أمرها بالخروج لأنّه في حاجة ليتحدث مع أبيه في أمرٍ خاص وانتظر حتى غادرت ليقترب من والده الذي نظر له بعينيه الصامتتين وران الصمت بينهما وتأمل هو والده لبرهة وقلبه يزداد انقباضاً بمرارة يبحث عن الكلمات التي خانته فجأة .. هناك الكثير .. الكثير جداً الذي يريد أن يخبره به ويسأله عنه .. مرارة سنوات طويلة في الماضي .. جرائم لم يعرف أنّ والده امتلك القدرة يوماً على ارتكابها رغم أنّه تعرض لقسوته مسبقاً .. لمح والده يخفض جفنه لأسفل لحظة قبل أن يرتفع فعرف أنّه يخبره أن يتكلم .. اقترب أكثر حتى فصلت بينهما خطوة صغيرة وجلس أرضاً أمامه ينظر له بألم ارتسم جلياً في عينيه وهو يرفع يديه يضعهما فوق كفيه الموضوعتين بسكون فوق ساقيه وهمس بعد لحظات وهو ينظر في عينيه .. الشيء الوحيد الذي يخبره أنّه على قيد الحياة
_"كيف حالك؟ .. أعتذر لأنني لم أزرك منذ فترة لكنني كنت أحاول كثيراً ألا أضغط عليك برؤيتي"
ابتلع لعابه بصعوبة وصمت لحظة ليتابع بعدها
_"أتذكر قديماً أنك أخبرتني أنك لا تحب رؤيتي لأنني أذكرك بأمي فلم أشأ أن أحملك فوق طاقتك"
لمح عينيه تتحركان في محجريهما باضطراب فابتسم بمرارة
_"أنا لا ألومك .. القلوب شيءٌ ليس بيدنا .. أعرف أنك لولا موت أمي وعدم وجود أي أقارب أحياء يعتنون بي لما جئت بي لأعيش مع عمتي .. لا ألومك حتى أنك لوقتٍ طويل تجاهلت وجودي كأنني لست في هذه الدنيا .. أنا ممتن على الأقل أنك لم تلق بي في أحد الملاجيء وتتركني لأتعفن هناك .. لم أكن لألتق (عماد) و .. (همسة)"
اضطرب صوته وهو يهمس اسمها قبل أن يتابع بابتسامة حزينة
_"لم أكن لأصبح الشخص الذي أنا عليه الآن .. هل تعرف؟"
مال برأسه ينظر له بأسى
_"رغم كل هذا .. أنا لم أكرهك أبداً .. قد أكون شعرت بالخذلان بسبب نبذك لي، لكنني لم أستطع كراهيتك .. هل تعرف لماذا؟ .. بسببها هي .. أمي .. هي منعتني أن أكرهك أو أنقم عليك يتمي وأنت على قيد الحياة .. هي حتى لم تخبرني الحقيقة التي عرفتها بعدما كبرت حتى لا تشوه صورتك أمامي .. لذا لا .. أنا لم أكرهك بعد كل هذا .. لكن الآن"
أغمض عينيه متنفساً بقوة وعاد يفتحهما ينظر له بغضب مكبوت وألم شديد
_"الآن ما عدت أعرف .. أنا أشعر أنني عشت طوال حياتي في كذبة .. الرجل الذي تخيلته طيلة حياتي والذي ملأت أمي رأسي بآلاف الأكاذيب عنه تبين في النهاية أنّه كان كذبة .. كان بطلاً خيالياً رسمته أمي وبررت لي بأكاذيبها المعسولة سبب غيابه عني .. تبين أنني لم أعرفك يوماً يا أبي"
صمت لحظات ليتنفس بعمق ويحاول التحكم في مشاعره حتى لا ينفجر فيه بكل القهر الذي يشعره داخله
_"حتى كلمة أبي هذه أشعر أنها غريبة .. ثقيلة على لساني .. لأنني لم أتعود أن أناديك بها"
رفع يديه عن كفيّ (شوكت) ووضعهما على مقبضي كرسيه المتحرك وتأمل وجهه وعينيه اللتين تمنى لو يستطيع أن يخترقهما ليقرأ كل أفكاره وذكريات ماضيه .. يعرف أين الحقيقة في كل العبث الذي يحدث من حوله .. لا يريد أن يصدق أنّ والده كان شيطاناً لا أكثر .. كان مجرماً لم يتورع عن قتل رجل وزوجته وانتزاع رضيعتهما .. تنفس بقوة وعاد ليقول
_"دعنا من كل هذه الأحاديث المريرة فما عادت تهم أحدنا .. لم آت اليوم لأجبرك أن تتقبلني بعد كل هذه السنوات من التجاهل ولا لأفرض عليك علاقة الأب والابن فقد فات أوانها .. أتيت فقط لأسألك سؤالاً واحداً"
غرس عينيه بعينيّ والده ومال مقترباً من وجهه وهو يسأله بصرامة
_"هل صحيح أنّك وعمي (عزت) قتلتما (رؤوف رضوان) وزوجته (همسة العاصي)؟"
لم يكن في حاجة لإجابة أكثر وضوحاً من اتساع عينيّ والده واضطراب أنفاسه، لكنّه واصل
_"لقد عرفت الحقيقة مسبقاً أبي .. أنا في حاجة لاعترافك أنت .. لن يغير شيئاً لكنني في حاجة له"
تصلبت نظرات (شوكت) وهو يواجه ابنه ليتابع (فهد) بإصرار
_"أعرف أنك تكره رؤيتي أبي .. لا تجبرني على المجيء هنا كل يوم حتى أحصل على الإجابة منك .. سيكون عليك احتمال رؤيتي ووجودي أمامك يومياً .. أرجوك أخبرني ووفر على نفسك وعليّ هذا العناء"
لم يحرك ساكناً ليتنهد (فهد) بقوة ويقول
_"لقد اخترت إذن .. ربما عليك أن .."
كان على وشك النهوض والمغادرة مع وعد بالعودة من جديد لولا أن انتبه لحركة محددة من جفن والده .. حركة كان يعرف معناها جيداً .. حركة جعلت قلبه يتوقف بين ضلوعه رغم أنّه كان يتوقع الإجابة مسبقاً .. أعاد سؤاله بعينين دامعتين تعلقتا بجفنيّ والده
_"هل .. هل قتلتما (رؤوف رضوان) حقاً؟"
أعاد (شوكت) نفس الحركة بجفنيه ليغمض (فهد) عينيه ورأسه ينحني متنهداً بمرارة قبل أن يرفع رأسه ويسأل من جديد بارتجاف
_"(همسة) .. هل هي .. (همسة) ابنة (رؤوف رضوان) حقاً؟"
ران الصمت للحظات شعرها سنوات طوال وواصل قلبه خفقانه الجنوني دون رحمة حتى كاد يتوقف تماماً لولا أن تحرك جفن والده معيداً نفس الحركة التي تعني إجابةً واحدة

_"نعم"
تراجع للخلف محدقاً فيه بارتياع .. رغم أنّ قلبه أخبره أنّها الحقيقة كما قال (هشام)، لكنّه تمنى .. تمنى لو أنّها كانت كذبة .. هذا كابوس ... كابوس يعرف أنّه لن ينتهي أبداً .. كان يحدق في والده بذهول وصدمة ووجد نفسه يضحك فجأة بمرارة حتى سالت دموعه وهو يردد
_"لقد كان محقاً .. كان يقول الحقيقة .. كان محقاً .. رباه ... أتمنى الموت .. أنا في كابوس .. أبي أنا ... كل هذه الأكاذيب .. كل هذا الخداع .. لماذا؟ .. وكيف فعلتم هذا؟ .. لن أسألك كيف قتلتم فكما يبدو كان ذلك شيئاً عادياً .. فقط .. كيف طاوعتكم قلوبكم على انتزاع رضيعة من أبويها بعد أن قتلتموهما .. كيف قمت بـ .."
توقفت الكلمات في حلقه فجأة وعقله يستعيد ما قاله وما سبق أن سمعه وشعر بقلبه يتوقف وتلك الفكرة الجنونية تقتحم عقله فجأة .. نظر لوجه والده وقلبه ينبض بجنون .. لا .. لا يريد أن يفكر في هذا الاحتمال ... لو صح ما خطر بعقله فهذا أمر يصيب بالجنون حتماً ولا يجرؤ على ارتكابه سوى شخص تجرد تماماً من كل ذرة إنسانية .. هذا أمرٌ أسوأ بكثير من القتل .. اقترب بلهفة من والده وشعر بجسده كله يرتجف وهو يسأله بتوجس
_"لقد قلت أنكم قتلتم (رؤوف) وأنّ (همسة) ابنته .. (عماد) قال أنّ (همسة) ولدت بعد موت (رؤوف) وزوجته وأنت الآن تقول أنّها ابنتهما فعلاً، صحيح؟"
حرك (شوكت) جفنه وانقبض قلب (فهد) أكثر وهو يلمح بعض اللمعان فيهما .. هل هذه دموع؟ .. هل هو نادم؟ .. هز رأسه يطرد أفكاره ليركز على سؤاله الذي غادر حلقه بلهفة ورجاء
_"(همسة العاصي) .. هل هي .. هل لا زالت على قيد الحياة؟"
راقب بهلع جفنيّ والده اللذين ظلا ساكنين لتتسع عيناه وهز رأسه .. لماذا لا ينفي الأمر .. لماذا لا يقول شيئاً .. مال يمسك كفيه ودمعت عيناه وهو يردد
_"هل ماتت بعد أن ولدت (همس)؟ .. هل قتلتموها هي أيضاً؟"
أيضاً لا رد .. يحدق فيه كأنه قد تحول لتمثال جامد .. لا شيء .. لم يحتمل (فهد) فرفع كفيّ والده وانحنى يقبلهما وقد سالت دموعه وهتف بحرقة
_"أتوسل إليك .. أخبرني ... أقبل يديك يا أبي .. لمرة واحدة .. لمرة واحدة في حياتك افعل شيئاً جيداً .. لمرة واحدة .. أتوسل إليك"
رفع عينيه الباكيتين له بتوسل ومرارة وهو يواصل همسه المتوسل وتجمدت الدموع في عينيه حين حرك والده جفنه وشعر (فهد) بقلبه بسكين حاد تخترق قلبه وقد فهم معنى الحركة
_"لا أعرف"
ماذا يعني أنّه لا يعرف؟ .. هو لم ينف أو يؤكد موتها .. هذا يعني أنّها ربما .. ربما كانت على قيد الحياة .. (همسة العاصي) ربما تكون حية في مكانٍ ما في هذا العالم .. لو كانت حية ولم تعد لأسرتها فهذا يعني شيئاً واحداً .. لقد تم اختطافها واختفت بعدها عمداً .. ارتجف بقوة وهو يدعو الله أن تكون ميتة .. لا يريد أن يتخيل كونها على قيد الحياة .. مغيبة عن أسرتها وقد انتزعوا منها صغيرتها فور ولادتها وقبلها قتلوا زوجها أمام عينيها .. لا يريد أن يتخيل لها هذا المصير .. ماذا لو كان محقاً .. رباه .. لا يفعل شيئاً كهذا غير وحشٍ منزوع القلب .. يالله .. فلتكن ميتة .. فلتكن كذلك يا أرحم الراحمين .. نظر لوالده الصامت كالقبر وقبض على كفيه المشلولين وقال
_"ما معنى هذا أبي؟ .. من يعرف إذا كنت أنت لا تعرف؟"
أعاد (شوكت) نفس الحركة فهتف (فهد) بقهر
_"كيف لا تعرف؟ .. بالتأكيد تعرف .. من غيرك قد .."
اتسعت عيناه برفض ... لا .. بالتأكيد لن يكون السر قد دُفن مع (عزت اليزيدي) .. هو من أحضر (همسة) وهي رضيعة وهو من نسبها له ولعمته .. هو يعرف بالتأكيد مصير (همسة العاصي) .. لن يموت سرها هكذا للأبد .. رباه .. بالتأكيد والده يعرف شخصاً غير (عزت) قد يعرف شيئاً عنها .. بالتأكيد .. تنفس بقوة وعاد يردد برجاء
_"أخبرني أبي وأقسم لن أزعجك أبداً بوجودي .. سأفعل أي شيء تطلبه مني ولو كلفني حياتي .. فقط أخبرني .. من غيركما كان يعرف بوجودها على قيد الحياة بعد موت زوجها .. أخبرني أتوسل إليك .. افعل شيئاً وحيداً جيداً قد يشفع لك عند الله يوماً يا أبي .. أتوسل إليك"
حرك (شوكت) جفنه بحركة معينة احتاج (فهد) بعض الوقت ليستوعبه قبل أن يشهق وينهض مسرعاً ليجلب لوحة مميزة وورقة وقلم وعاد ليجلس أمامه وهو يقول في لهفة
_"أخبرني يا أبي"
رفع اللوحة التي كتبت فوقها أحرف الأبجدية وبدأ يحرك القلم مشيراً لحرفٍ وراء الآخر بينما يتابع جفنيّ والده بدقة .. أوقف القلم عند حرف التاء ما أن خفض والده جفنه لبضع ثواني وأعاد رفعه فسارع يكتب الحرف في الورقة وأعاد رفع اللوحة من جديد وعاد يحرك القلم فوق الحروف ومع كل حرف كان والده يخفض جفنه مشيراً إليه كان يتوقف ليكتب الحرف ويعيد الدورة من جديد .. كان الأمر مرهقاً حقاً ومحرقاً لأعصابه ولم يكد والده يحرك جفنه مشيراً لانتهاء ما أراد قوله حتى أعاد اللوحة مكانها ورفع الورقة ينظر للاسم المطل فوقها وهمس بصدمة وهو ينظر لوالده
_"(توفيق الأغا)"
تذكر تلك المكالمة التي سمع عمته تتحدث من خلالها مع شخصٍ يحمل ذات الاسم واتسعت عيناه وعقله يربط كل التفاصيل مع بعضها .. (توفيق) هذا هو نفسه الذي أخبره (عماد) أنّ (سؤدد) تطارده لكنّ الجميع يعتقده ميتاً بينما هو يحيا في دولة أخرى باسم مختلف .. (سيزار جيوفاني) .. إذن ذلك الرجل يحمل في يديه أسرار الماضي كلها وربما هو الوحيد الآن الذي يعرف مصير (همسة العاصي) وإن كانت حقاً على قيد الحياة أم أنّ قدرها بعد كل شيء كان رحيماً بها.
********************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-01-19, 04:03 AM   #396

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

نفث (منذر) دخان سيجارته بشرود وهو يتطلع من شرفة جناحه بالفندق الكبير في إيطاليا واسودت عيناه وعقله غارق في ذكرياته البعيدة .. يحتاج لكل ذرة من سيطرته على نفسه حتى تمر هذه الأيام .. لقد احتمل كل هذه السنوات فقط حتى يحصل على انتقامه ويجب أن يستمر في معاملة (توفيق) كما هو متوقع منه حتى يصل إلى هدفه .. أخذ نفساً عميقاً من الدخان لينفثه بحرقة .. أحياناً يشك في أنّ (توفيق) يعرف جيداً ما يفكر فيه وأنّه يتلاعب به لا أكثر، لكنّه سرعان ما يطرد تلك المخاوف .. سيستمر في طريقه للنهاية حتى لو انتهى بموته .. الحياة كلها لا تعنيه ويعرف أنّه قد انزلق تماماً إلى حيث لا رجعة وأنّه لا خلاص له بعد كل ما ارتكبه من آثام، لكنّه سيعمل على أن يرافقه (توفيق) إلى الجحيم .. تطلع ليديه متنفساً بقوة .. سيكون موته على يده .. كما كان أول دم سال على يديه بسببه، سيكون آخر دم يسفكه دمه هو .. تحرك عائداً إلى داخل الجناح وألقى بجسده على الأريكة الوثيرة بقوة ومال يطفيء سيجارته في مطفأة ذهبية وتراجع ينظر للتلفاز أمامه ليلتقط جهاز التحكم وهو يرفع ساقيه ليمددهما على الطاولة الصغيرة أمامه وبدأ يقلب بين قنوات التلفاز بملل لبضع دقائق .. توقف عندما لمح ما تعرضه القناة وقطب حاجبيه وهو يتابع المشهد ويستمع لما يقوله مذيع البرنامج ولعن بقوة وهو يرى عدوه يسير بغطرسة وسط رجال حراسته يتبعه ذلك الأحمق الذي يظن نفسه نداً له .. اللعنة عليهما معاً .. أغلق التلفاز وألقى جهاز التحكم بعيداً وتنفس بقوة .. استند بظهره للخلف وأغمض عينيه وأنفاسه تتحرك في صدره بعنف بينما عقله يعود لسنوات العلقم التي تجرعها بسبب ذلك الوغد .. لن ينسى أبداً كيف خدعه بحقارة وتسبب في موت أمه حسرةً .. لقد رحلت وهي تظنه قاتلاً وأنّها قد خسرته لصالح ذلك الحقير ليكتشف بعد أشهر أنّه قد خدعه وأنّ كل ما حدث كان كذباً .. لقد ظل يتعذب لوقتٍ طويل اعتقاداً منه أنّه قد قتل رجلاً لتصفعه الحياة بقسوة حين رأى نفس الرجل الذي اعتقد أنّ دمه يلوث يديه .. كان حياً .. شك لوهلة أنّه فقط رجلٌ يشبهه، لكنّ نظرة الفزع في عينيّ الرجل عندما رآه أخبرته بكل شيء ... أخبرته أي خدعة حقيرة وقع ضحيتها وماتت أمه بسببها .. لا ريب أنّ ذلك الرجل ارتعب من نظرة الجنون التي احتلت عينيه لحظتها .. لا يعرف أي شيطان تملكه وقتها وأي جنون أصابه والدم يغلي في عروقه دون رحمة بينما يطارد ذلك الرجل .. لا يعرف من أين أتته تلك القوة التي مكنته رغم عمره الصغير أن يلحق برجل يفوقه عمراً وحجماً ويصارعه ويسلبه سلاحه .. لم يفق من ثورة الغضب والجنون التي انتابته إلا عندما وقع ذلك الرجل أسفل قدميه ملطخاً بدمائه وهذه المرة تأكد تماماً أنّه لن يعود للحياة .. كان يحدق بخواء في عينيه الخاليتين من الحياة وتتبع ببصره دمه الذي سال فوق الأرض في طريقه إلى قدميه قبل أن يرفع عينيه إلى يده التي تحمل المسدس ليستفيق لحظتها ويدرك أنّه الآن والآن فقط قد فتح باباً سيقوده للجحيم وعادت كلمات (توفيق) تتردد بعقله وهو يقول
_"ذلك إرثك الذي لن تهرب منه طويلاً .. مهما كان ما فعلته هي لتقنعك بالعكس .. لن تهرب من إرثك أبداً .. في النهاية ستطالب به بنفسك"
فتح عينيه ليتطلع أمامه وقد اشتعلتا بالنار ... لقد أثبت في النهاية أنّه كان محقاً .. في المرة الأولى اعتقد أنّه كان مجبراً لينقذ أمه وأنّه ما كان يرتكب جريمة لولا أنّه كان تحت ضغطٍ لعين .. لكن بعد أن تلوثت يداه بالدماء عرف أنّه كان محقاً .. كان إرثه اللعين وقد أثبت أنّه يملكه داخله وأنّه لا مهرب منه أبداً .. سيرثه في النهاية .. لكنّه سيكون ملعوناً لو سمح بذلك الإرث اللعين أن يواصل الحياة ... سيهدم المعبد على رؤوس الجميع .. لم يحتمل النيران التي تشتعل داخله دون رحمة وذكرياته هو وأمه .. الموت والدم والخيانة .. جحيم السنوات التي عاشها بتلك الإصلاحية اللعينة .. سيدفع ثمن كل شيء .. كل شيء .. صرخ بقهر وهو يركل الطاولة بكل قوته ليسقط ما فوقها متحطماً على الأرض الرخامية وتناول بعدها أقرب مقعد له ليطوح به مباشرة إلى الشاشة الكبيرة فيحطمها وتحرك صدره بعنف وهو ينظر لشظايا الزجاج المتناثرة من حوله .. صوت تصفيق ارتفع فجأة بفضاء الغرفة أتبعه صوتٌ أثار غثيانه وأشعل النيران مضاعفة بقلبه وهو يسمع صاحبه يقول بسخرية
_"مذهل .. للمرة الأولى .. الشيطان عديم القلب يفقد برود أعصابه الشهير .. كم أنا محظوظ لأشهد هذا الحدث النادر"
أغمض عينيه متنفساً بقوة قبل أن يلتفت لمقتحم خلوته ويتطلع له بعينين باردتين وتطلع له بخواء وعيناه تدوران على ملامحه الوسيمة الساخرة التي تمنى لو يشوهها له .. ضيق عينيه وهو يتابع تقدمه نحوه وهو يتابع بنفس السخرية بينما ينظر للفوضى التي صنعها انفجاره
_"من الواضح أنني قد أتيت في وقتٍ غير مناسب"
ولمعت عيناه بكراهية مماثلة لكراهية (منذر) واتسعت ابتسامته العابثة وهو يواصل
_"كيف حالك يا أخي العزيز؟"
رمقه ببرود وهو يقول
_"كيف دخلت إلى هنا ومن سمح لك؟"
ألقى بجسده على الأريكة وضحك قائلاً
_"هل تسخر مني يا (منذر)؟ .. لا أبواب تغلق أبداً في وجه (ريكاردو جيوفاني) .. هل نسيت أنّ هذا الفندق ملكي؟"
ابتسم باستخفاف وهو يرد
_"ظننته ملك (سيزار جيوفاني) العظيم"
رمقه بنظرة محرقة وهو يعتدل في جلسته وقال وهو يخرج علبة سجائر فاخرة
_"لن يمر وقت طويل حتى يصبح ملكي .. بعد أن يرحل أبي العزيز في سلام بالطبع"
رفع علبة سجائره يدعوه ليلتقط واحدة فرمقه ببرود ولم يحرك ساكناً، فهز كتفيه بلا مبالة وأعادها لجيبه وتطلع للحطام بأسف مصطنع
_"لقد كلفت فندقنا ثروة صغيرة يا أخي العزيز"
أغمض (منذر) عينيه بنفاذ صبر وتحرك إلى البار الملحق بجناحه وصب لنفسه كأساً شربه دفعة واحدة ووضعها على الرخامة بقوة كادت تكسرها وهو يضغط على قبضته محاولاً التحكم في أعصابه حتى لا يقتله .. أخذ نفساً عميقاً والتفت له عندما سمع صوت خطواته يتبعه لتقابله ابتسامته المستفزة فقال ببرود
_"لم تخبرني ما الذي أتى بك إلى جناحي (ريكاردو) .. أنا وأنت نعرف جيداً أننا لا نطيق رؤية بعضنا البعض .. إن لم يكن سبب قدومك لرؤيتي مهماً فاعذرني لأنني أحتاج للراحة قليلاً .. يمكنك أن تغادر"
اقترب ليصب لنفسه كأساً وتطلع له ببرود وهو يرفع الكأس قائلاً بسخرية
_"نخبك يا أخي الكبير"
تشنج فكه وهو ينظر له دون رد ليحتسي شرابه على مهل مستفز كاد يدفع (منذر) للتخلي عن حكمته وقتله فعلاً .. أعاد الكأس أخيراً مكانه وحرك أصابعه فوق حافته قائلاً بهدوء

_"لقد وصلت لتوي للبلاد مع أبي وأتيت لأرحب بك"
رفع يده عن الكأس والتفت له رافعاً أحد حاجبيه
_"أبي علق مع شركائنا وترك لي مهمة الترحيب بك .. وأنا كنت مشتاقاً لك لدرجة لا تتخيلها يا عزيزي"
قال (منذر) ببرود
_"الشعور متبادل"
غمز بعينه
_"أعرف هذا جيداً"
واقترب يحدق في عينيه عن قرب ورفع كفيه ينفض تراباً وهمياً عن كتفيّ (منذر) وقال بابتسامة عابثة
_"أنت تبلي جيداً (منذر) وأبي يفتخر بك كثيراً .. لكن يا ترى .. هل يكفي هذا الفخر لتصل لهدفك؟"
ضاقت عينا (منذر) وهو ينظر له محاولاً فهم ما يقصده من كلماته .. ذلك الثعبان أحياناً يشعر أنّه يخفي الكثير ويعرف أكثر مما يجب .. سمعه يتابع بعينين لامعتين
_"قد يكون أبي جعل منك ذراعه الأيمن ويفخر بك دائماً (منذر) .. لكن تذكر دائماً .. أنا ورثت كل شيء عن أبي .. أنا من يرافقه دائماً ويعرف تفاصيل عمله والكثير من الأسرار التي لا تعرف أنت عنها شيئاً .. لماذا؟ .. لأنه لم يثق بك للدرجة التي تجعله يمنحك تلك الأسرار رغم أنك ابنه الأكبر .. أريدك أن تضع تلك الكلمات حلقة في أذنك كما يقولون وتحفظها جيداً .. لا مكان لك أبداً هنا ولا نتيجة من سعيك .. لأنني ... أنا من سيرث كل هذا .. الأعمال والفنادق والشركات وكل شيء .. كل شيء يا عزيزي"
واقترب ليهمس في أذنه بعبث
_"لأنه في النهاية .. أنا الوحيد أمام العالم الذي يحمل اسمه ووريثه القانوني .. بينما أنت .. أنت لا شيء .. (منذر صفوان)"
نطق لقبه الأخير بازدراء ليتنفس (منذر) بقوة واسودت عيناه بغضب مكبوت بينما ابتعد قليلاً ونظر له بشماتة وتحدٍ قبل أن يغمز له بعينه ويقول
_"حظاً موفقاً يا أخي الحبيب"
قالها وتحرك مغادراً أمام عينيّ (منذر) اللتين عادتا تشتعلان بالنار التي كبتها طيلة وجوده ولم يكد باب الجناح يغلق حتى أطلق (منذر) العنان لغضبه وصرخ بقهر وهو يطوح بالزجاجات والكؤوس عن رخامة البار لتتحطم بدوي عنيف وتنفس بعنف وهتف من بين أسنانه بكراهية شديدة
_"اللعنة عليكما معاً .. تظنني أسعى خلف إرثك اللعين .. أنا هدفي أكبر من ذلك بكثير .. بكثير جداً يا .. أخي الأحمق"
نظر لقبضة يده التي اعتصرها بكل قوته وهو يهمس بتوعد داخله .. سينتقم منه ولو كان آخر شيء يفعله في حياته.
********************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-01-19, 04:09 AM   #397

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تطلع (آدم) في ساعته وزفر بقوة وهو يتطلع للطريق بنفاذ صبر ليتنهد براحة عندما لمح السيارة تقترب من مكانه لتتوقف أخيراً ويطل منها وجه (خالد) الذي قطب حاجبيه ما أن لمح صديقه وقال وهو يترجل من السيارة ويلقي المفاتيح نحو (آدم) بنزق
_"تفضل .. ها هي أمانتك سليمة .. أرجو ألا تتصل بي مرة أخرى إن احتجت لأحد يشاركك ميولك الإجرامية"
ابتسم (آدم) وهو يلتقط المفاتيح ويتجه نحو السيارة وقال
_"وتدعي أنك صديقي يا رجل؟ .. ونعم الصداقة"
رمقه بعينين ضيقتين قبل أن يجيب
_"تبدو رائق البال بالنسبة لشخصٍ كاد يتسبب بموت زوجته"
اختفت ابتسامة (آدم) واعتمت عيناه ليزفر (خالد) بقوة و يقول
_"آسف يا (آدم) لم أقصد ... أنا فقط قلق بشأن كل ما يحدث معك"
هز كتفيه وقال وهو يدلف ليجلس خلف مقود القيادة
_"لا بأس (خالد) ... أعرف أنك لم تقصد .. هيا اركب سأوصلك في طريقي"
أسرع يحتل المقعد المجاور وسأله
_"بما أنك طلبت أن أحضر لك سيارتها فأتمنى أن تكون هذه دلالة على أن صاحبتها بخير وأنك قد وصلت إليها"
شرد لبرهة وهو يقود السيارة قبل أن يجيبه
_"لا تقلق هي بخير .. لقد قابلتها قبل أيام"
هتف بتوجس
_"هل اختطفتها مجدداً؟"
ابتسم بمرارة
_"لا .. لقد عرفت مكانها وتحدثنا قليلاً قبل أن تذهب في طريقها"
رمقه بحيرة قائلاً
_"هكذا ببساطة"
هز كتفيه ليتنهد (خالد) ويتابع
_"لم أعد أفهم ما يحدث معك (آدم) .. من كان يراك يوم عرفت بهروبها من المشفى لا يعرفك الآن وأنت تتحدث بهذا الهدوء وتقول أنك تركتها تذهب بهذه البساطة"
هز رأسه نفياً
_"أنا لم أتركها تذهب يا (خالد) .. سنلتقي مجدداً .. لا زال هناك الكثير من الأشياء العالقة بيننا وأعرف أنّها مثلي تماماً لن تذهب إلى أي مكان قبل أن نحسم كل شيء"
تأمله للحظات في صمت قبل أن يقول
_"أرجو لك التوفيق إذن يا صديقي .. حاول فقط ألا تتهور وغلِب عقلك على عاطفتك كما كنت قديماً"
أومأ برأسه ليتابع (خالد)
_"بالمناسبة (سمر) تعتذر منك .. لقد كانت قلقة كثيراً بعد ما حدث ولا زالت تلوم نفسها"

تمتم بهدوء
_"لا داعي لتفعل .. أخبرها أنّ كل شيء على ما يرام .. أنا آسف لأنني انفعلت عليها ذلك اليوم .. أعرف أنّها لم تتعمد ما حصل .. قد تغضب من أجل (رُبا) لكنّها لن تفعل أبداً ما اتهمتها به"
_"بالتأكيد .. لقد قالت أنّها حاولت إقناعها كثيراً ولكن زوجتك توسلتها وأخبرتها أنّها بمساعدتها على الهرب تقدم لك ولها خدمة كبيرة وأنّ ما ستفعله سينقذكما من الدمار الذي سيلحق بكما لو استمرت علاقتكما"
قطب (آدم) حاجبيه بشدة وسمعه يتابع
_"قالت أنّ هذا في صالحك أنت وطفليك وقبلهما (رُبا)"
ارتجفت يداه حول المقود مع تلك الكلمات وانقبض قلبه وهو يتذكر لقاءهما الأخير عند قبر طفلته .. رباه .. لا يريد أن يستعيد تلك اللحظات .. عض على شفته بقوة وهو يتذكر رحيلها وتركها له ينظر للقبر بقلبٍ محطم .. لا يريد أن يصدق ما قالته، رغم أنّه عرف في أعماقه أنّها لا تكذب ... تلك الحرقة التي كانت تتحدث بها وانهيارها كان صادقاً .. لم يصدق أنّ أمله انهار وأنّه كان يحلم لسنوات بطفلةٍ طواها الثرى منذ سنوات طويلة .. كان قادراً على سماع صوت تحطم قلبه وألمه وهو ينهار على ركبتيه أمام قبرها يلامسه بيده لتقع عيناه على الكلمات التي كُتبت على الشاهد بخطٍ رآه واضحاً الآن ... انقبض قلبه أكثر وهو يقرأ ... "إيفا آدم" وتحتها تاريخ الميلاد والوفاة .. لامس الاسم بأصابع مرتجفة وقلبه يخبرها أنّها لم تدفن طفلتهما وحدها هنا .. لقد دفنت حبهما معها حين ضمت اسميهما معاً فوق شاهد القبر .. اهتز جسده بنشيج مكتوم وهو يتحسس القبر بيد مرتجفة وأغمض عينيه يحاول أن يتخيلها كما كان يحلم طويلاً .. يمسح فوق رأسها الصغير ويهمس لها يخبرها كم يحبها واشتاق ليضمها لأحضانه .. أنه آسف لأنه لم يرها ويضمها بين ذراعيه يوم ولدت .. أنّه لم يكن مع أمها يوماً بعد يوم وهي بعد في رحمها .. بكى طويلاً وهو يهمس لها بكل ما كان يفكر فيه لسنوات .. أحاديثه التي كان يتخيل نفسها يحدثها بها عندما يستعيدها أخيراً .. لم يعرف كم مضى عليه من وقت وهو على هذا الحال لولا أن نبهه رنين هاتفه ليجد أنّ الليل قد حل فنهض ليغادر بعد أن قرأ الفاتحة لابنته وغادر تاركاً قلبه معها وعاد للبيت ليتجه مباشرة لغرفة صغيريه يريد أن يدفن حزنه بينهما .. لا يستطيع أن يخبر أحداً عن ملاكه الصغير الذي ودعه لتوه .. لا يستطيع أن يشارك حزنه أحداً .. ارتسمت صورتها أمام عينيه تخبره أنّها وحده تشاركه نفس الألم .. كانت ابنتهما .. الأثر الأخير الذي تبقى دليلاً على حبٍ كان يوماً بينهما .. وقد رحل للأبد.
_"(آدم) .. أين ذهبت؟"
التفت له مستيقظاً من شروده وقال بعد لحظات وهو يركز على الطريق
_"أنا معك .. كنت أفكر فقط في كلامك"
تنهد (خالد) بقوة وقال
_"كما قلت أنت .. أنتما تحتاجان للحديث بصراحة وحسم كل شيء .. عليك أن تواصل حياتك يا (آدم) .. أنت لم تعد كما كنت أبداً بعد عودتك من فرنسا .. حتى بعد زواجك من (رُبا) رحمها الله وقد حان الوقت لتستعيد نفسك التي خسرتها قديماً"
هز (آدم) رأسه وقال
_"ليت الأمر يكون سهلاً يا (خالد) .. ليتني أملك القدرة على مسح كل تلك الأخطاء كأنّها ما كانت ... لا يمكننا العودة أبداً لما كنا عليه .. تلك الآثار التي يخطها القدر فوق أرواحنا وقلوبنا لا تزول بسهولة .. إنها محفورة بعمق"
ربّت على كتفه قائلاً
_"الحياة تترك آثارها علينا كل يوم يا (آدم) وكل أثر تخطه دليلٌ على أننا نحيا .. على أننا خبرنا الحياة ومررنا بتجاربها .. هذا شيء طبيعي .. غير الطبيعي أن نستسلم لتجاربنا السيئة ونصنع منها مزاراً نطوف حوله ولا نتوقف عن رثاء أنفسنا ولا نفكر أن نهدمه لنتابع حياتنا وننتبه لمستقبلنا"
قطب (آدم) متذكراً كلاماً مشابهاً أخبره به جده وتنهد بقوة وهو يهز رأسه ليبتسم صديقه ويتنهد ارتياحاً واستمر الصمت لبضع دقائق قبل أن يقول (خالد) وهو يشير لجانب الطريق
_"انزلني هنا يا (آدم) .. شكراً لك"
التفت له بدهشة قائلاً
_"لكننا لم نصل بعد"

ابتسم مجيباً
_"لا بأس ... أنا لست عائداً للمنزل .. سأقابل أحد العملاء في مطعم قريب من هنا"
هز رأسه وخفض سرعة السيارة قبل أن يركنها جانباً والتفت لصديقه قائلاً
_"بالتوفيق إذن في لقائك يا صديقي"
ابتسم قائلاً
_"وبالتوفيق لك أنت الآخر في مواجهتك الصعبة يا صديق"
نظر له بحيرة فغمز له
_"أعرف أنك في طريقك لتقابلها، صحيح؟ .. بالتوفيق إذن ولا تتهور كما اتفقنا"
ابتسم مرغماً وهز رأسه ليلوح له (خالد) بعد أن غادر السيارة ليرفع يده يلوح له مودعاً وأعاد بعدها تشغيل السيارة وانطلق بها في طريقه .. أخذ نفساً عميقاً .. يعرف أنّ التهور آخر ما يحتاج إليه الآن .. بعد لقائهما الأخير وبعد حديثه الطويل مع جده يعرف أنّ الهدوء والحكمة هما كل ما يحتاجه ليواجه (إيفا) ويعرف حقيقة ما حدث قبل سنوات .. تذكر هتافها فيه أنّها كذبت عليه فيما قالته وأنّها فقط كانت تنتقم منه بسبب خيانته لها وكذبه عليها ... غصة مريرة وقفت في حلقه وهو يستعيد كل ما حدث .. كانت محقة .. هو كذب .. ما كان يجب أن يخفي عنها الحقيقة .. ما كان عليه أن يكون جباناً .. ها هو خسر كل شيء في النهاية .. ضغط على دواسة الوقود أكثر بينما يسترجع كلمات جده له ونبض قلبه بمرارة وهو يستعيد نظرات جده لها وهو يقص عليه ما حدث .. ليته كان باستطاعته أن يتجنب تلك المواجهة التي كان يعرف نهايتها لكنّه لم يكن يملك الهرب بعد أن أمره جده أن يلحق به ليتحدثا .. دخل لغرفة جده بقدمين مترددتين وهو مطرقٌ رأسه خجلٌ مما سيضطر لإخباره به .. رفع رأسه عندما سمع صوته يخبره أن يتقدم ليجلس بجواره فتحرك نحو الأريكة الكبيرة في جانب الغرفة حيث جلس جده مريحاً ظهره للخلف وقابضاً على عصاه وعيناه الثاقبتان تتأملانه بطريقة زادت من توتره ولوهلة شعر (آدم) أنّه عاد طفلاً صغيراً قد ارتكب خطأً فادحاً .. غير أنّه ما كان طفلاً وقد ارتكب أخطاءً لا يرتكبها عاقل .. الآن تبدو له كل قرارته بمنتهى التهور والجنون .. سمع جده يقول وهو يربّت بكفه على الأريكة
_"تعال بني ... اجلس .. تبدو كمن لم ينم منذ سنوات"
رباه كم كان محقاً في كلماته .. منذ سنين وهو لم ينم بارتياح .. لم تسكن روحه كل هذه السنين .. تقدم ليجلس بجواره وأطرق برأسه وابتلع لعابه في صعوبة ليسمع جده يقول
_"ارفع رأسك وانظر إليّ (آدم) .. أنت لم تعد طفلاً صغيراً بني .. يجب أن يكون لديك من الشجاعة لتواجه أخطاءك مهما كانت بشاعتها"
رفع رأسه ينظر بصدمة لجده الذي ابتسم بهدوء وقال
_"قلت لك من قبل أنك أكثر من يشبهني من أحفادي يا (آدم) .. يمكنني أن أرى من خلالك عمق الذنب الذي يأكل روحك .. تحدث بني .. أخبرني بما تخفيه كل هذه السنين ويعذبك لهذه الدرجة؟"
عادت الدموع لتملأ عينيه وهو ينظر لعيني جده الحكيمتين الحانيتين وهمس بوجع شديد وهو يهز رأسه
_"لا جدي .. أنا لا أشبهك أبداً .. أنا أكثر شخص في هذه العائلة خذلك وخذل عائلته ونفسه .. أنا لا أملك حكمتك ولا عقلك .. أنا لا أشبهك في شيء جدي"
اشتدت قبضة (رفعت هاشمي) على عصاه ولم يحرك عينيه عن عينيّ حفيده اللتين حملتا كل أوجاع روحه التي عرف أنّها على وشك أن تتفجر كل جروحها الدامية وتنفس بقوة يستجمع قوة قلبه ليحتوي كل ذلك الوجع المطل من عيني (آدم)
_"أول خطوات الشفاء أن تعترف بني .. افتح تلك الجروح التي تمزق روحك وتخلص من ذلك القيح الذي يلوثها .. أنا معك وتذكر دائماً أنني مهما كان ما فعلته فلن أتحامل عليك ولن أتسرع في حكمي عليك بني .. يكفي أنك تمالكت شجاعتك أخيراً لتعترف بأخطائك"
لم يحتمل (آدم) أكثر ولحظات انهياره أمام قبر صغيرته عادت لتحطم كل حواجز تماسكه فتحرك لينزل أرضاً على ركبتيه أمام جده الذي اتسعت عيناه بشدة و(آدم) يرفع يديه المرتجفتين ويمسك بركبتيّ جده وينفجر باكياً كطفلٍ صغير وقد انفجرت فجأة كل جروحه وما اختزنه لسنوات طويلة من ألم وقهر وشعور بالخيانة ... كل أوجاعه هزمته وأسقطته على ركبتيه يبكي بانهيار وهو يهتف
_"أنا آسف يا جدي .. آسف لكم جميعاً .. لقد كنت أنانياً .. لم أفكر سوى في نفسي .. كنت جباناً وخشيت أن أخسر المرأة الوحيدة التي عشقتها بجنون .. لقد تصرفت بتهور وجنون وفي النهاية خسرت كل شيء .. أنت لن تسامحني أبداً لو عرفت الحقيقة .. لن تسامحني عندما تعرف ما فعلته .. بكم ... بـ(رُبا) .. (رُبا) التي أحبتني دون شروط ولم أقدم لها سوى الجرح والألم يا جدي"

رفع رأسه ينظر من بين دموعه لجده الذاهل من انهياره وهتف بحرقة
_"أنا لا أستحق السماح جدي .. لا أستحق أن أعيش سعيداً أبداً .. لقد ظلمتها وظلمتكم جميعاً .. رباه .. أريد الموت يا جدي ... لماذا كان يجب أن تموت هي؟ .. لماذا لم أمت أنا؟ .. هي من كان يجب أن تعيش يا جدي .. هي و .."
توقفت الكلمات في حلقه وانتبه بارتياع أنّه كاد يفشي بسر طفلته لجده .. لا .. لا يجب أن يعرف بشأنها .. لن يحتمل قلبه أن يعرف بذلك .. سمع جده يهمس بخفوت وهو يمسح على رأسه
_"كان قدر الله يا بني ولا يجب أبداً أن تتمنى الموت لنفسك .. تمالك نفسك قليلاً يا (آدم) وأخبرني بهدوء لأفهم وأستطيع مساعدتك"
قالها وهو يرفعه عن الأرض لينهض (آدم) ويعود لمكانه على الأريكة وأطرق برأسه في حرج وهو يمسح دموعه محاولاً التماسك ليقول جده وهو يربت على ساقه
_"قلت لك لن أتسرع في الحكم عليك (آدم) .. ما حصل قد حصل والماضي لا يمكننا تغيره .. ما يمكننا أن نغيره ونحوله للأفضل هو الحاضر والمستقبل بني .. لا تضيع المزيد من حاضرك وتحكم على مستقبلك بالمزيد من الظلام ما دمت تخشى تجاوز ظلام الماضي"
هز رأسه ومسح عينيه بقوة ليربت جده على كفه وعاد يسأله
_"دعنا نستكمل حديثنا الذي تهربت منه قبل فترة وأخبرني .. من كانت تلك المرأة التي رآها الفلاحون في بيت جدتك (عائشة)؟"
نظر له بتردد وتمالك جده نفسه ومخاوفه قبل أن يسمعه يقول بخجل
_"إنها زوجتي"
لم يبد جده مصدوماً بكلماته .. بطريقة ما بدا وكأنما قد تأكد من شكوكه .. سمع جده بعد لحظات يقول
_"كنت أعرف أنك لن تفعل شيئاً مخجلاً (آدم) .. لم تخيب ظني"
ابتسم بمرارة .. هل خشي أن يكون على علاقة محرمة بامرأة ما .. لم يخيب ظنه .. لكنّه سيفعل الآن .. حين يعرف أنّها كانت زوجته في السر قبل زواجه من (رُبا) حتى .. تنفس بقوة وعاد ينظر لجده ويقول بمرارة
_"لقد أخبرتك جدي .. لقد سبق وخذلتكم جميعاً .. تلك المرأة لم أتزوجها بعد رحيل (رُبا) .. في الواقع .. لم أتزوجها حتى بعد زواجي بـ(رُبا)"
قطب جده حاجبيه وهو ينظر له وقد توقع كلماته التالية
_"(إيفا) .. هذا اسمها .. أو على الأقل الاسم الذي عرفتها به .. كانت زوجتي قبل زواجي من (رُبا) .. لقد تزوجتها في فرنسا حين سافرت للدراسة قبل سنوات"
صوت بوق سيارة أعاد (آدم) من ذكرياته لينتبه للطريق .. تنفس بقوة .. ليس هذا وقت الشرود .. لقد أوشك على أن يرتكب حادثاً .. نظر في ساعة يده وعاد يتطلع للطريق ورفع هاتفه وضرب أحد الأرقام واستمع للرنين قبل أن يجيبه الطرف الآخر فقال
_"هل غادرت؟"
_"لا سيدي .. لم تخرج بعد"
قال وهو يزيد من سرعته

_"حسناً .. لا تتحرك من مكانك حتى أصل ولو غادرت اتبعها وأخبرني"
_"حسنا سيد (آدم) لا تقلق"
أغلق الهاتف وأعاد التركيز على قيادته .. هي هناك في فيلا عائلة (رضوان) .. هل هي مجرد زيارة عائلية؟ .. على الأقل يعرف أنّها لم تذهب للقاء (هشام) فهو يعرف أنّه سافر هو و(عاصي) في عمل خاص بالشركة .. حاول طرد شعوره بالغيرة وهو يفكر في علاقتها الغريبة بـ(هشام) .. حسناً .. اليوم سيعرف كل شيء .. سيعرف حقيقة علاقتها بـ(هشام) .. حقيقة ادعاءتها تلك ولماذا لا زالت تحتفظ بخاتم زواجهما .. لماذا إن كانت تدعي الصدق حاولت قتله في فرنسا حين ذهب للبحث عنها وأرسلت له مع أولئك الرجال رسالة تحذير إن كان يريد أن يبقى على قيد الحياة فلا يبحث عنها أبداً .. ضرب مقود السيارة بيده .. سيقابلها خلال دقائق معدودة ولن يرضى بعدها إلا بالحقيقة ولا شيء سواها.

********************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-01-19, 04:11 AM   #398

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

_"مرحباً يا حورية .. كيف حالكِ اليوم؟"
ابتسمت (رهف) وهي تنظر لشاشة حاسوبها المحمول حيث أطلت صورة (كِنان) وقالت
_"مرحباً (كِنان) .. أنا بخير حمداً لله .. كيف حالك أنت؟ .. هل لا زلت بفرنسا؟"
التقط رشفة من كوب عصير يحمله وقال مبتسماً
_"أنا بخير .. لا عزيزتي .. لقد سافرت .. أنا الآن في بيت العائلة وسأعود لفرنسا نهاية الشهر"
هزت رأسها ليقول غامزاً
_"وأنتِ كيف هو الحال عندكِ يا جميلة؟ .. لا زالتِ تعانين مع العاشق الغيور"
مطت شفتيها وهي تتذكر (عاصي) وقالت
_"أنت تتوهم كما أخبرتك كثيراً يا (كِنان) .. (عاصي) ليس عاشقاً .. إنه زير نساء أحمق قاسي القلب ولا شيء أكثر من ذلك"
قال محاولاً التحكم في ضحكته التي لمحتها في ابتسامته واهتزاز جسده
_"عزيزتي .. أنا رجل مثله ويمكنني أن أفهمه ببساطة .. صدقيني عندما أقول لكِ أنّه عاشق .. صحيح أنّه أحمق لكنّه عاشق .. لقد كاد يقتلني عندما رآني برفقتكِ في حفل الزفاف، هل تذكرين؟"
لوت شفتيها

_"هه .. إنه فقط يحب لعب دور أخي الكبير ويحلو له التحكم في حياتي .. إنّه هكذا منذ صغري .. يتحكم في كل صغيرة وكبيرة في حياتي .. اختيار ثيابي وأصدقائي .. أين ذهبت ولماذا تأخرت؟ .. لماذا أهمل دروسي؟ .. لقد كان مهووساً بتحكماته .. رباه .. أبي و(هشام) لم يخنقاني كما فعل هو"
ابتسم ولمعت عيناه وهو يقول
_"إذن فكلامي صحيح تماماً .. كل تصرفاته معكِ دليل على أنّه واقع في حبكِ ولكنّه يكابر فقط .. ثقي بكلامي عزيزتي .. لو أنّه لم يكن يهتم ويغار لما تدخل في حياتكِ بهذه الطريقة"
هزت كتفيها وغامت عيناها وهي تقول
_"لم يعد يهم .. لقد أخرجته من حياتي تماماً"
رفع أحد حاجبيه

_"أحقاً؟ .. من تخدعين بالضبط (رهف)؟ .. كوني صادقة مع نفسكِ .. أنتِ غاضبة منه فقط وتريدين الانتقام لنفسكِ من تصرفاته معكِ في الماضي .. لو أنّه فعلاً لا يفرق معكِ ولم يعد في حساباتكِ لما كنتِ فكرتِ فيه طيلة الوقت ولم تكوني لتخططي لتعذبيه، صحيح؟"
قطبت حاجبيها بضيق .. تعرف أنّه محق وأنّها لا تستطيع تجاوز ذلك الأحمق .. ربما لو انتقمت منه وعذبته حتى تشفي غليل قلبها منه .. ربما وقتها تستطيع تجاوزه أخيراً .. قالت بعد لحظات
_"(كِنان) .. رجاءً فلنغير الموضوع .. دعنا نتحدث في شيءٍ آخر"
صمت لبرهة قبل أن يقول بتردد
_"حسناً .. هناك ما أردت أن أحدثكِ بشأنه لكنني لا أضمن رد فعلكِ"
تساءلت بقلق
_"ما الأمر (كِنان)؟"
_"في الواقع يا (رهف) .. هو أمر تحدثت فيه مسبقاً معكِ .. لقد اتفقنا أننا أصدقاء وواجبي نحوكِ يتحتم أن أخبركِ بما أراه في صالحكِ، صحيح؟"
قطبت وقد استشعرت ما سيتحدث فيه
_"(كِنان) .. لو أنّه بشأن ذلك الـ "
قاطعها بحزم
_"عزيزتي .. لا فائدة من محاولات تعذيب نفسكِ لشعوركِ بالذنب .. صحيح أنني لا أعرف تحديداً ما حصل معكِ بالماضي، لكن يمكنني أن أرى بأنكِ تلومين نفسكِ وترفضين فرصة علاجكِ والأمل في وقوفكِ على قدميكِ من جديد فقط لتعاقبي نفسكِ وهذا ليس جيداً أبداً (رهف) .. هل تعجبكِ حياتكِ هكذا؟ .. ألا تريدين أن تستعيدي حياتكِ وتتحركي من جديد لتمارسي كل ما تحبين ... فكري في كل ما تحرمين نفسكِ منه برفضكِ العلاج"
همست بخفوت

_"(كِنان) .. أرجوك"
_"(رهف) ... لا تكوني عنيدة .. ألا تفكرين في أسرتكِ .. في أمكِ التي بالتأكيد تتألم لرؤيتكِ بهذه الحال؟ ... لو أنني أعرف أنّه لا أمل في شفائكِ لما تدخلت ولنصحتكِ بتقبل قدركِ وحياتكِ، لكن عندما يكون هناك نسبة كبيرة للشفاء وترفضينها فهذا أمرٌ غير مقبول أبداً .. اسمعي عزيزتي .. تعرفين أنني تحدثت مع والدتكِ مسبقاً .. لقد أقنعتها أن ترسل لي كل أوراقكِ وصور فحوصاتكِ وعرضتها على أفضل الأطباء هنا .. كلهم أجمع على أن علاجكِ بسيط ونسبة شفائكِ كبيرة جداً"
شعرت بقلبها ينبض بقوة وهي تقول
_"(كِنان) .. أنا أعرف بهذا الأمر مسبقاً لكنني فقط .."
تنفس بعمق ورقت عيناه وهو ينظر لها
_"لا تستسلمي لمخاوفكِ وماضيكِ (رهف) .. واجهي نفسكِ وفكري في حياتكِ القادمة .. أنتِ تستحقين الأفضل عزيزتي .. انسي ما مضى أياً كان وفكري في القادم .. يكفي تخاذلاً يا (رهف)"
ابتلعت لعابها بصعوبة ليبتسم في حنان قبل أن يقول وعيناه تلمعان بخبث
_"فكري في (عاصي)"
نظرت له بعينين متسعتين ليغمز لها
_"ستحتاجين كل قوتكِ في مواجهته .. كيف تنوين الانتقام منه وأنتِ ضعيفة ولا تستطيعين حتى مواجهة ضعفكِ ومخاوفكِ؟"
ران الصمت وهي مطرقة برأسها ليقول هو في النهاية
_"فكري في كلامي جيداً يا (رهف) وسأنتظر اتصالاً تخبريني به بقراركِ .. قرري فقط وأنا سأعد كل شيء وسأكون جاهزاً لاستقبالكِ في أي وقت لتتابعي علاجكِ هنا، حسناً؟"
هزت رأسها بشرود ليبتسم قائلاً

_"أنا أثق بكِ عزيزتي .. لا تخذليني، اتفقنا؟"
عادت تهز رأسها فقال وهو ينظر جانباً ويهز رأسه كأنما يحدث أحدهم
_"حسناً حوريتي ... أنا مضطر للذهاب الآن .. سنتحدث لاحقاً ولا تنسي أن تفكري كما وعدتِني"
همست بخفوت
_"حسناً"
_"إلى اللقاء يا حورية"
ابتسمت برقة
_"إلى اللقاء (كِنان)"
اختفت صورته لتبهت ابتسامتها حتى اختفت تماماً واسترخت في كرسيها وشردت تفكر في كلامه قبل أن ينزلق عقلها تفكر في (عاصيها) الأحمق .. لقد سافر لاحقاً بشقيقها الذي سافر قبل أيام .. تنهدت بقوة وهي تفكر .. قلبها يخبرها أنّ (هشام) تحجج بذلك السفر ليبتعد عن البيت .. لقد ظنت أن الأمور تحسنت بينه وبين (راندا)، لكن يبدو أن التوتر قد عاد لعلاقتهما .. تذكرت حديثها مع (راندا) على الهاتف قبل بضع ساعات ... حاولت أن تخرجها من حزنها وعزلتها لكنّها تحججت بتعبها ورغبتها في النوم .. ابتسمت وهي تتذكر صدمة (راندا) عندما أخبرتها أنّها ربما تكون حاملاً ولهذا تشعر بالنعاس والتعب طيلة الوقت، لكنّها نفت الأمر بقوة .. تعرف أنّ (راندا) تعشق شقيقها بجنون رغم كل حماقاتها وعنادها .. أغمضت عينيها تتخيل لو كان كلامها صحيحاً وكانت (راندا) حاملاً بالفعل .. هل يمكن أن تصبح عمة حقاً خلال أشهر ... ضحكت بخفوت وهي تفكر في رد فعل (هشام) نفسه إن كانت هي نفسها شغوفة بالفكرة لهذه الدرجة .. لابد إذن أنّه سيجن عندما يتحقق الأمر ويعرف أنّه سيصبح أباً .. دعت بحرارة داخلها أن يصح توقعها وتمنت لهما السعادة وأن يكتمل حب شقيقها وسعادته .. فتحت عينيها وحركت كرسيها إلى نهاية الشرفة حيث كانت تجلس وتطلعت لحديقتها بحنين وعادت كلمات (كِنان) إلى رأسها من جديد .. إنه محق .. إنها تخسر كثيراً بتخاذلها وضعفها .. لقد اشتاقت لحياتها القديمة ولهواياتها .. اشتاقت لنفسها القديمة .. نقلت بصرها بين ورودها وتنهدت بحرارة وحركت كرسيها لتنزل به إلى الحديقة لتقضي بعض الوقت وسط ورودها التي شعرت بها ككل مرة ترحب بوجودها وسطهم .. لامست إحداهن بحنان ومالت تشم عطرها .. قضت بعض الوقت وسطهن ولم يقطع حديثها الصامت معهن سوى سماعها لصوت خطوات تتقدم نحوها فالتفتت بتساؤل لتتسع عيناها وهما تقعان على مقتحم خلوتها ... ازدادت دهشتها عندما اقتربت بطلتها النارية الفاتنة التي طغت على ورودها نفسها وسمعتها تقول بنبرة لم تسمعها منها من قبل
_"مرحباً (رهف) .. كيف حالكِ عزيزتي؟"
********************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-01-19, 04:12 AM   #399

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لم تكد (سيلين) تغادر شقة (هشام) وتغلق الباب خلفها بعد أن تركت (راندا) المصدومة لتفكر في كل ما أخبرتها به وتحسم أمرها وتتصل بـ(هشام) لتصالحه .. استندت للباب وتطلعت أمامها بعينين غائمتين أغمضتهما وقد تخلت عن قناع قوتها الذي واجهت به (راندا) .. رفعت يدها تتحسس قلبها الذي ينبض بعنف بعد أن أجبرت نفسها على فتح جرحها العميق والتحدث عن أكثر أسرارها سواداً .. حقيقة نسبها ونبذها كأنها عار لم يحتمل (فاروق رضوان) أن يلحق به .. عضت على شفتها تنهر نفسها .. لا .. لن تنهار الآن .. (هشام) يحتاج لها الآن وهي في حاجة لكل قوتها للأيام القادمة .. تذكرت بألم مواجهتها الأخيرة مع (بيير) الذي عاد لفرنسا غاضباً بعد أن أخبرته أنّها لن تسافر معه .. عاد صوته المصدوم يتردد برأسها وهو يهتف
_"ماذا تعنين بأنكِ لن تسافري (سيلينا)؟"
زفرت بتعب

_"كما سمعت (بيير) .. أنا لن أسافر .. لم يعد هناك داع لسفري"
كتف ذراعيه قائلاً بحنق
_"ماذا عن جنازة (كارل)؟ .. لن تودعيه؟!"
ابتلعت لعابها بصعوبة وغامت عيناها وهي تردد
_"لا فائدة من وجودي هناك (بيير) .. لقد رحل (كارل) ولا أجد ضرورة في حضوري لجنازته"
مال برأسه وقال وهو يتفحصها بتحقيق
_"أحقاً؟ .. وماذا عن لقاء محاميه وفتح وصيته؟ .. هل نسيتِ أنكِ قانونياً ابنته بالتبني كما أنكِ وريثته الوحيدة؟"
قطبت حاجبيها وهي تنظر له لبرهة قالت بعدها بنزق
_"لم أعد كذلك .. لقد قطعت علاقتي به قبل سنوات ولا أريد شيئاً من ذلك الإرث الملوث بالدم والجريمة"
زفر بقوة
_"(سيلينا) .. قولكِ شيء والواقع شيءٌ آخر حبيبتي .. الواقع يتحتم وجودكِ هناك"
هتفت بضيق
_"(بيير) .. لقد قلت ما عندي .. أنا لن أسافر ولن أحضر الجنازة .. تحدث مع المحامين وأي إجراءات لتنازلي عن ذلك الإرث سأوكلك بها، حسناً"
ضاقت عيناه وهو يتأملها ليقول بعدها بمرارة
_"مرة أخرى أنتِ تختارينه (سيلينا)"
التفتت تتطلع له بعينين متسعتين ليتابع
_"أنتِ باقية من أجله، صحيح؟ .. لقد أخبرتِني أنكِ ستسافرين معي ولن تعودي هنا مرة أخرى"
_"(بيير) .. أنا لست .."
قاطعها هاتفاً بحدة
_"لقد استنجدتِ بي وتوسلتِني أن آخذكِ من هنا .. قلتِ أنكِ لا تريدين البقاء هنا .. ألم تكن هذه كلماتكِ (سيلينا)؟ .. ما الذي جد الآن لتغيري قراركِ؟ .. هل شعرتِ بالحنين له بعد أن تقابلتما وتحدثتما معاً بقلوبٍ مفتوحة؟"
هتفت فيه
_"(بيير) .. يكفي .. أنت مخطيء في كل ما تقوله"
اقترب يمسك عضديها ويهزها هاتفاً

_"أنا مخطيء؟ .. اثبتي إذن أنني كذلك .. سافري معي"
هزت رأسها
_"أرجوك (بيير) .. قلت لك لم يعد هناك داع لسفري .. أخي يحتاجني هنا وما دام لم يعد الأمر ضرورياً فلا يمكنني أن أتركه وأسافر في هذا الوقت الحرج .. أرجوك افهمني .. الأمر ليس له علاقة بـ(آدم)"
كز على أسنانه مع سماع اسمه ولمحت عيناه تحتدان بغضب فسارعت تقول
_"أنت تعرف جيداً أنني كنت سأسافر معك قبل اتصال (لويز) .. الآن يجب أن أبقى هنا .. لم ينته ثأري بعد ولا أستطيع ترك (هشام) و(عاصي) يواجهان الخطر هنا وحدهما"
اشتدت قبضتاه على ذراعيها وتمتم بعينين متوسلتين
_"إذن عديني أنكِ لن تقابليه مرة أخرى"
اتسعت عيناها وهي تنظر له ليرتفع ركن شفتيه بتهكم وقد قرأ في عينيها ما يدور داخلها
_"لا يمكنكِ أن تعديني، صحيح؟ .. أنتِ تنوين مقابلته كما توقعت"
تنهدت بحرارة وهمست بعتاب وهي ترفع يدها تمسح على خدها
_"(بيير) .. تعرف أنني لا يمكنني أن أعدك بهذا .. لا زال هناك الكثير من الأشياء العالقة بيننا وأنت قلت بنفسك لن أستطيع المُضي قُدماً إلا لو تجاوزتها"
أغمض عينيه بخذلان لتهمس بتوسل
_"أرجوك (بيير) .. لا أريد أن أخسرك .. ثق بي أرجوك"
فتح عينيه ينظر لها بألم وفاضت مشاعره وهو يهمس
_"أنا أثق بكِ حبيبتي، لكنني لا أثق بقلبكِ"
تنفست بصعوبة وقلبها أوجعها من أجله فهمست وهي تربت على خده مرة أخرى
_"حاول إذن أن تثق به"
هز رأسه قائلاً بمرارة

_"حاولت كثيراً، لكنّه في كل مرة كان يخذلني .. في كل مرة كان يختاره هو ... كيف تريدين مني أن أثق به مرة أخرى (سيلينا)؟"
نظرت في عينيه بألم قبل أن تهمس برجاء
_"ليتني أملك أمره يا (بيير) .. لما سمحت له أن يخذلك كل هذه المرات .. سامحني أرجوك .. لقد عذبتك معي كثيراً منذ التقينا .. ليتك تستمع لكلامي وتحرر نفسك من تلك القيود التي تجبرك على البقاء معي .. ليتك تمنح لنفسك ولقلبك الحرية لتعيش وتتنفس"

أمسك كفها هامساً بعاطفة
_"لا أريد هذه الحرية ولا هذه الأنفاس التي لا تحمل عبق وجودكِ قربي (سيلينا) .. أعرف أنني أحمق لأنني لا زلت آمل أن ينصفني قلبكِ ذات يوم، لكنني أملك الكثير من الصبر ويمكنني أن أنتظركِ حتى آخر العمر"
فتحت عينيها تنتزع نفسها من ذكريات ذلك اليوم وتنهدت بقوة .. ليتها تملك القوة لتحرر قلبه منها ... ليتها كانت تملك أمر قلبها لتنهاه عن حب (آدم) الذي منحها الكثير من الألم والجراح وتجبره أن يرى ذلك الرجل الذي لم يمنحها يوماً سوى الحب والأمان والحماية ولو على حساب نفسه .. حمقاء يا (سيلين) ..
نظرت في ساعتها .. لقد تأخرت .. لابد أنّه ينتظرها في الخارج .. هي متأكدة من أنّه كالمرة السابقة يعرف أين هي وسيأتي ليراها .. حان الوقت لمواجهتهما الحاسمة .. يجب أن يتحدثا في كل شيء .. يجب أن تفهم ماذا قصد بأنّها حاولت قتله .. هناك الكثير من الأشياء هي في حاجة لفهمها وهو كذلك .. تحركت لتهبط السلالم في طريقها للخارج .. غادرت مدخل شقة (هشام) المنفصلة عن مدخل الفيلا الرئيسي ودارت حول الفيلا في اتجاهها للخارج .. توقفت خطواتها عندما لمحت (رهف) جالسة فوق مقعدها المتحرك وسط ورودها في إحدى أحاديثها الصامتة معهن والتي تعرف أنّها تحب ممارستها دائماً وصارت أكثر ميلاً لها بعد حادثها .. ابتسمت وهي تتأملها في حنان وقد أعادها حديثها مع (راندا) لتلك المشاعر التي كانت تحاربها دائماً حتى لا تعترف بها ولا تتعلق بأصحابها .. لطالما حلمت قديماً أن تمتلك أختاً وكانت تنتظر واحدةً بشغف، لكنّهم حرموها منها كما فعلوا بأبويها .. عندما خسرت طفلتها دخل (هشام) بكل ثقله وعناده في حياتها وأجبرها على تقبله .. كانت ضعيفة وفي حاجته حتى ولو لم تعترف له ولنفسها .. كان يحدثها كثيراً عن (رهف) وكانت تقاوم شوقها كثيراً لرؤيتها وحرمت نفسها من تذوق نعمة وجودها كما حلمت طويلاً .. كانت أختاً حلمت بها لكنّ الحياة أجبرتها على أن تدعي أنّها غير موجودة .. تذكرت بأسى يوم أخبرها (هشام) بحادث (رهف) لتنسى كل عنادها ولا تتذكر سوى شيء واحد .. أختها الوحيدة كانت في خطر وكانت تحتاجها .. بهتت ابتسامتها وهي تتذكر أنّ حادث (رهف) تزامن مع خسارة الشركة وتسبب الحادثان في أزمة قلبية لوالدها لم يتجاوزها أبداً .. هزت رأسها بقوة تمنع نفسها من تذكر ذلك اليوم وطردت أفكارها بقوة وتحركت من مكانها متقدمة من مكان (رهف) التي أحست بخطواتها فالتفتت لها واعتلت الدهشة وجهها لتبتسم هي في حنان وتقول
_"مرحباً (رهف) .. كيف حالكِ عزيزتي؟"
رأتها تنظر في الاتجاه الذي قدمت منه وهي ترد بحيرة
_"مرحباً (سيلين) .. هل كنتِ هنا؟ .. لماذا لم يخبرنا أحد بوصولكِ؟"
هزت رأسها مجيبة
_"كنت أزور (راندا) .. سألت عنكما قبل أن أصعد إليها وأخبروني أنّ والدتكِ خرجت وأنكِ ترتاحين بغرفتكِ فأخبرتهم ألا يزعجوكِ"
تأملتها (رهف) لبرهة وهي تشعر بغرابة وكأنما أحست بتغيرها وسمعتها تقول
_"أمي ستصل بعد قليل .. هل أردتِها في شيءٍ مهم؟"
_"لا .. كنت سألقي التحية فقط .. لقد أتيت للقاء (راندا) وقد انتهيت وسأذهب .. أبلغي سلامي لها"
مطت شفتيها وهي تنظر لها وكأنها تحاول هضم تلك الأريحية التي تتعامل بها (سيلين) معها على عكس المرات الماضية .. كادت تبتسم وهي تتذكر كيف كانت تحب مشاغبتها وإثارة غيرتها على (عاصي) .. رباه .. كم تبدو لها هذه الأيام بعيدة الآن .. انتبهت على سؤال (رهف)
_"لكن متى عدتِ من السفر؟"
ابتسمت بخفوت
_"منذ بعض الوقت"
همهمت (رهف) وهي تتأملها قبل أن تهز كتفيها وتقول
_"حمداً لله على سلامتكِ إذن"
رقت نظراتها لها وهمست بامتنان
_"شكراً لكِ"
ارتفع حاجبا (رهف) لتتمتم بحيرة وهي تهز رأسها
_"يبدو أنني تعرضت للشمس لفترة طويلة فقد بدأت أهذي حقاً"
لم تتمالك (سيلين) ضحكتها للمرة الثانية لهذه اليوم وكما حدث مع (راندا) تماماً ارتفع حاجبا (رهف) أكثر واتسعت عيناها وهي تراها تضحك لأول مرة بصدق .. كانت تظن أنّ (سيلين) فاتنة بامتلاكها ذلك الجمال الذي يحمل سحر النار والثلج معاً لكنّها لم تعرف أبداً أنّها يمكن أن تصبح أكثر فتنة .. ضحكتها تلك منحتها الشيء الذي كان ينقصها لتصبح أكثر فتنة .. دفء الحياة .. نظرت لها بانبهار وازدادت دهشتها عندما لمحت بعض الحمرة تتسلل لخديها .. هل تشعر بالخجل؟ .. حسناً .. الآن هي متأكدة أنّ ضربة شمس قد أصابتها .. هي الآن لا ترى (سيلين) بنسختها الجديدة .. لطيفة وبضحكة فاتنة مليئة بالحياة وأيضاً تشعر بالخجل .. هزت رأسها وقالت
_"إما أنني أصبت بضربة شمس أو أنكِ هي من تعرضت لواحدة .. لماذا تبدين لطيفة بهذه الطريقة المخيفة فجأة؟"
ابتسمت وهي تهز كتفيها وقالت وهي تغمز بعينها لتتسع عينا (رهف) أكثر
_"لا شيء .. ربما أنتِ محقة وأنا تعرضت لضربة شمس دون أن أدري"
ودون أن تمنحها فرصة للمزيد من الدهشة والكلام اقتربت ومالت نحوها تنظر في عينيها العسليتين قبل أن تمسح على شعرها بحنان أثار قشعريرة غريبة بقلب (رهف) التي حاولت قراءة ما تخفيه نظراتها تلك وحنانها المفاجيء وسمعتها تقول
_"إلى اللقاء (رهف) .. اعتني بنفسكِ عزيزتي"
وتحركت لتغادر تتبعها عينا (رهف) المتسعتين بذهول وهي تتساءل عما أصابها فجأة بينما هي تابعت طريقها للخارج وقلبها عاود خفقانه بسرعة رهيبة وهي تعد الخطوات التي تفصلها عن رؤيته .. تذكرت (هشام) فجأة وهمست وهي تخرج هاتفها
_"أعرف أنّ تلك الحمقاء العنيدة ستجبن ولن تتصل به"
وابتسمت في حنان وهي تضرب رقمه
_"ربما عليّ أنا أن أبشره"
وضعت الهاتف على أذنها تستمع للرنين قبل أن يأتيها صوته لتقول بحب
_"مرحباً (لينا) كيف حالكِ صغيرتي؟"
همست بحب
_"بخير يا أخي الحبيب .. كيف حالك أيها العاشق؟"
زفر بقوة لتضحك بخفوت
_"حالتك سيئة .. لكن لا تقلق لديّ علاجك .. لقد غادرت شقتك للتو بعد أن تحدثت مطولاً مع زوجتك المجنونة"
هتف

_"أحقاً؟ .. أتمنى ألا تكون قد حاولت قتلكِ؟"
_"تقريباً .. لكنني نجوت .. لا أعرف ماذا تحب فيها هذه المجنونة"
سمعت تنهيدة هيام لتضحك وعادت لتقول
_"المهم أن زيارتي أتت بنتيجتها وقد أوضحت لها سوء الفهم وهي فهمت كل شيء"
قال بحبور
_"أنتِ تمزحين .. حقاً؟ .. إذن فقد تفهمت الأمر"
قالت مبتسمة
_"لم تتفهم وحسب ... لم أكن قد أخبرتها بحقيقة علاقتنا بعد لكنّ المجنونة اعترفت لي بحبها لك وأنّها تغار عليك بجنون وأخبرتني أنّها لن تتنازل عنك أبداً وأمرتني بالابتعاد عنك تماماً وأنّها ستمحو أي ذرة إعجاب أو حب تحملها داخلك نحوي"
قال بذهول ضاحك
_" ماذا تقولين؟ .. هل قالت هذا حقاً؟! .. لا أصدق"
ابتسمت في حنان
_"أنت سعيد الآن؟"
_"بالطبع أنا سعيد حبيبتي"
قالت بعبث
_"إذن ماذا تنتظر عندك؟ .. لو انتظرت أن تتصل بك تلك الجبانة فستنتظر طويلاً"
_"بالتأكيد"
تنهدت بقوة
_"أراك قريباً إذن أخي .. لا تتأخر"
سمعته يؤكد لها أنّه لن يتأخر ويطلب منها أن تهمتم بنفسها فابتسمت بسعادة وهمست تخبره بحب
_"أحبك كثيراً (هشام)"
وصلها صوته الحاني يقول
_"أنا أحبكِ أكثر جميلتي"
أغلقت الهاتف وضمته لقلبها الذي امتلأ بسكون غاب عنها مؤخراً وتحركت تتابع طريقها للخارج وقد منحتها مكالمتها مع (هشام) هدوءاً نفسياً ودعماً تحتاجه في مواجهتها الوشيكة مع (آدم) .. خطت فوق الرصيف المقابل للفيلا وتحركت بخطواتها الأنيقة فوق كعبيها المرتفعين وأخذت نفساً محملاً بعبير الزهور التي تحملها الأشجار المحيطة بالفيلا والأشجار التي تناثرت عبر الشارع الهاديء وواصلت سيرها وقلبها يخفق أكثر مع كل لحظة تمر .. توقفت ما أن شعرت بالسيارة التي تتبعها تقترب منها لتتوقف بجوارها مباشرة والتفتت تنظر لزجاجها الذي انخفض كاشفاً عن وجهه ليخفق قلبها بقوة مع رؤيتها له وحمدت الله أنّها ارتدت نظارتها الشمسية وإلا كانت قد فضحت شوقها إليه .. تمتمت بهدوء أخفى اضطراب مشاعرها وهي تنظر في ساعتها
_"لقد تأخرت مجدداً"
قال بهدوء وهو ينظر لها من خلف نظارته الشمسية التي تمنت لحظتها أن تنتزعها لترى ما تخفيه خلفها وسمعته يقول
_"توقعت أنكِ تعرفين بقدومي وستنتظرينني"
هزت كتفيها ونظرت للسيارة
_"لكنني لم أتوقع أن تأتي بسيارتي .. اشتقت لها كثيراً .. ظننتني فقدتها للأبد"
تنهد وهو يفتح الباب المجاور كدعوة لترافقه فتحركت برشاقة لتنزل من فوق الرصيف ولم يفتها تتبع عينيه لها وهي تخطو أمام السيارة .. دلفت للداخل وجلست على المقعد المجاور بهدوء والتفتت لتنطق بشيء حين التقت عيناها بعينيه وقد خلع نظارته وخفق قلبها بجنون وابتلعت لعابها بصعوبة قبل أن تنتزع نفسها من أسر عينيه وتشيح بوجهها للأمام وتهمس بخفوت
_"هل نذهب؟ .. لدينا الكثير لنتحدث فيه .. لا داعي لإضاعة المزيد من الوقت"
سمعته يهمس وهو يدير محرك السيارة وينطلق
_"أنتِ محقة .. لقد ضاع الكثير من الوقت .. الكثير جداً ... ولا داعي لخسارة المزيد"
أغمضت عينيها وعادت بظهرها تستند للمقعد ودعت داخلها بصمت أن يمر اليوم على خير وأن تستطيع بعد حديثهما اليوم أن تمحو تلك الصفحات المؤلمة من حياتها وتبدأ صفحة بيضاء تتصالح بها مع نفسها ومع قدرها وربما معه هو الآخر.
***********************
انتهى الفصل التاسع عشر
إن شاء الله ينال إعجابكم وفي انتظار آرائكم
قراءة ممتعة
أرق تحياتي

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 28-01-19, 04:04 PM   #400

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الفصل ونص روووعة كان طويل وجميل ياريت دايما ع طول .. انجليكا لسة مااتعرفت على منذر ولا شافته ..بس في سؤال هي سيلين اتربت على يد كارل يعني هي اتربت ع المسيحية ومنذر صفوان ابوه غير اسمه هو واخوه اسم ايطالي مسيحي انا اتلخبطت بصراحة هل غيرواىاسمهم ولا اسمهم وديانتهم طبعا مع مجرم زي توفيقىمابتفرق معه دين ولا شي ..آدم ومشهد انهياره عند جده كان مشهد مؤثر بس ليش خبى عليه انه كانت عنده بنت وماتت هو غلطان والجرح الي بينه وبين سيلين كبير جدا بس هشام للان ماقال لأمه عن سيلين وحتى عاصي مش عارف هو ليه مش راضي يقول خايف على امه واخته بس سيلين مالها ذنب حتفضل دايما في الظل من ابوها ومن ادم وهشام ..طبعا الاحداث الان من الفصل الي فات لما هشام يعمل حادث ..سؤدد فعلا زي ماقال جدها هي مشتاقة لابوها وفي نفس الوقت حاسة انه خذلها بس مااعتقد ان احمد كان له علاقة بمخدرات وتجارة غير شرعية وهل ابو عماد هو الي ورطه مع شوكت وتوفيق ..امتى حيطلع من السجن وعماد ايش مستني عشان يظهر لسؤدد ..وفهد المسكين حزنت عليه المسكين بيحب همسة بس عارف ان دم ابوها وامها بينهم وحتى لو قلنا ماله ذنب😩😩 بس صعبة بصراحة ..وعماد مش راضي للان يعترف حتى بينه وبين نفسه ان همسة مش اخته ماالومه هو همسة بالنسبة له مش اخته وبس دي بنته كمان بس لازم يحكم عقله ويوصلها لاهلها عشان بكره ماتلومه ويندم بعدين ..الاحداث مشوقة كثير كثير والجزء ده رووعة حبيبتي سلمت يداكي يامبدعة منتظرين الاحداث الجاية بشوق ودمتي بخير 😘😘

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:32 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.