آخر 10 مشاركات
7 - غراميات طبيب - د.الأمين (عدد حصري)** (الكاتـب : سنو وايت - )           »          الدخيلة ... "مميزة & مكتملة" (الكاتـب : lossil - )           »          قلوب تحترق (15) للكاتبة الرائعة: واثقة الخطى *كاملة & مميزة* (الكاتـب : واثقة الخطى - )           »          ملكه للأبد (12) للكاتبة Rachel Lee الجزء الثانى من سلسلة التملك.. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          صفقة زواج(103) -قلوب غربية- للكاتبة الرائعة: * رووز *[حصرياً] كاملة & الروابط * (الكاتـب : رووز - )           »          قراءة في مقال ثلث البشر سيعيشون قريبا في عالم البعد الخامس (الكاتـب : الحكم لله - )           »          إشارة ممنوع الحب(57) للكاتبة jemmy *متميزة* كاملة (الكاتـب : Jamila Omar - )           »          أحلام بعيــــــدة (11) للكاتبة الرائعة: بيان *كامله & مميزة* (الكاتـب : بيدا - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          انها زوجتي (3) *مميزة ومكتملة*... سلسلة قلوب منكسرة (الكاتـب : هند صابر - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree989Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-03-19, 05:03 PM   #491

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثالث والعشرون



_"هل تستمع لكلام الجدة (أنيتا) جيداً حبيبي؟"
همست (آنجيليكا) بحنان وقلق وابتسمت حين أتاها صوته المتذمر
_"أجل (آنجي) .. أخبرتكِ ألا تقلقي ونعم أنا لا أهمل علاجي وملتزم بتعليمات الطبيب والجدة (أنيتا) و(ماريا) ... إنّهما تقومان بدوركِ جيداً فتوقفي عن لعب دور الدجاجة القلقة على فرخها"
ضحكت على كلماته وقالت مداعبة
_"هل أصبحت دجاجة الآن يا (جولي)؟"
ضحك مجيباً
_"لا تغضبي (آنجي) .. أنتِ ألطف وأحب دجاجة في العالم"
ضحكت من جديد وهي تقول
_"حسناً أيها الشقي .. يبدو أنّ غيابي أثر عليكِ .. أشعر أنني سأجدك أصبحت أكثر شقاوة عندما أعود"
سألها بأسى
_"متى ستعودين إذن (آنجي)؟ .. لقد اشتقت لكِ كثيراً"
ضغطت على شفتيها تمنع الحزن من الظهور في نبرتها وهمست

_"وأنا اشتقت إليك كثيراً حبيبي .. لا تقلق .. سآتي لرؤيتك قريباً جداً"
_"حسناً حبيبتي .. لكن .. هل أنتِ بخير عندكِ؟"
ابتسمت في حنان

_"أنا بخير حبيبي"
_"لا ترهقي نفسكِ كثيراً (آنجي)"
_"لا تقلق حبيبي .. أنا لا أرهق نفسي .. وأنا بخير هنا وتعرفت على أصدقاء جدد .. عندما آتي لزيارتك قريباً سأجلب صديقي الجديد معي ليتعرف عليك"

ران الصمت على الجانب الآخر ليسألها بضيق
_"صديقكِ الجديد؟ .. هل لديكِ صديق (آنجي)؟"
ضحكت وهي تقول بسرعة
_"لا .. لقد فهمت خطأ .. إنّه ليس صديقاً من ذلك النوع .. كما أنّه طفل صغير .. إنّه ابن صديقتي التي أسكن معها .. اسمه (تيو) .. إنّه طفل جميل ومحبوب .. أنا متأكدة أنّكما ستصبحان صديقين عندما تلتقيان"
سمعته يزفر مطولاً قبل أن يجيب
_"حسناً .. لا بأس ما دام ليس صديقاً رجلاً"
قالت بمرح مداعبة

_"أووه .. هل تغار عليّ يا (جولي)؟"
هتف بتذمر

_"لا تقولي (جولي) هذه مرة أخرى .. حسناً .. أنا أغار بالطبع .. لا أحب أن يكون لديكِ حبيب .. لا تثقي في أي رجل (آنجي)، حسناً؟ .. لا أحد منهم يستحق ملاكاً مثلكِ .. كلهم شياطين وأوغاد، فهمت؟"
ضحكت مرددة
_"حسناً حبيبي .. أنا لن أثق في أي رجل .. أنت فقط من أثق به .. لا تخف على شقيقتك، حسناً"
_"حسناً"
شعرت بتردده كأنما أراد أن يخبرها بشيء فهمست بتوجس
_"ما الأمر (جوليانو)؟ .. هل حدث شيء ما ولا تريد أن تخبرني؟"
سمعته يأخذ نفساً عميقاً ليجيبها بتردد

_"(آنجي) .. أنا .. لقد رأيت أبي في الحلم"
خفق قلبها بعنف مع كلماته وهمست
_"أبي؟!"
_"نعم ... لقد رأيته في حلمي .. أعرف أنّه كان أبي .. لقد كان .. كان يبدو قلقاً كثيراً (آنجي) .. أخبرني أنّه يحبني وأنني يجب أن أكون قوياً ولا أترككِ وحدكِ وأن أحميكِ جيداً من أي شيء .. لا أعرف ما معنى هذا .. كنت خائفاً عندما استيقظت واعتقدت أنّ شيئاً سيئاً يحدث معكِ"

ارتجفت بقوة وهي تفكر فيما قاله .. هي أيضاً حلمت بوالديها أكثر من مرة .. هل هذا له علاقة بما تسعى إليه؟ .. ذلك الخطر الذي تهدد حياتها وحياة شقيقها وهي تصر على الاستمرار في وجودها هنا بسببه .. سمعت شقيقها يناديها بقلق فأسرعت تقول
_"لا شيء حبيبي .. أخبرتك أنني بخير ولا داعي لقلقك .. هذه الأحلام تكون عادة تفريغ لأفكارنا .. أنت كنت قلقاً بشأني وهذا انعكس على أحلامك .. لا تقلق .. لا شيء سيء يحدث معي .. شقيقتك قوية وتستطيع حماية نفسها جيداً .. اهتم أنت بصحتك جيداً لتتحسن بسرعة ونكون معاً من جديد .. اشتقت لك كثيراً وأريد أن أعود لنسافر في كل مكان وننفذ خططنا التي كنا نحلم بها .. سنذهب لكل الأماكن التي حلمت بزيارتها .. اتفقنا حبيبي؟"
ران الصمت لثوان ليهمس بعدها بخفوت
_"حسناً (آنجي) أنا أثق بكِ كثيراً .. اهتمي بنفسكِ ولو حدث ما يزعجكِ لا تنتظري عندكِ أبداً وعودي إلى هنا .. أنا سأكون أقوى وسأهتم بكِ .. سأكون رجلكِ الكبير وسأحميكِ كما طلب أبي"
دمعت عيناها وارتجفت شفتاها وقاومت رجفة صوتها وهي تقول بمرح مفتعل
_"آه حبيبي .. أنت رجلي الكبير بالفعل (جوليانو) وأنا أثق بك أكثر من نفسي حبيبي"
سمعت همسات جانبية لثوان قبل أن يأتيها صوته قائلاً

_"الجدة (أنيتا) تريد الحديث معكِ (آنجي)"
_"حسناً حبيبي .. أوصلني بها"
سمعته يتحدث إليها قبل أن يأتيها صوتها فابتسمت وهي تتحدث معها وتجيب على أسئلتها القلقة وأخبرتها ألا تقلق عليها وأن تهتم فقط بنفسها وبـ(جوليانو) ووعدتها بزيارة قريبة قبل أن تودعهما بابتسامة حزينة وأغلقت الهاتف واستلقت على فراشها تفكر فيهما وفي صديقتها (ماريا) و(بيدرو) .. لقد اشتاقت إليهم جميعاً .. عليها أن تحتمل قليلاً بعد حتى تستطيع العودة إليهم ولن تتركهم مجدداً .. تنهدت بقوة وهي تفكر في حديث شقيقها وعاودها القلق والألم .. حتى متى ستنكر شعورها؟ .. تعرف أنّ والدها لو كان حياً لكان أخبرها بنفسه .. لا يجب أن تسير في ذلك الطريق .. لكن هل ستستمر في حياتها هي وشقيقها للأبد بهذه الطريقة؟ .. أعداؤهما لا زالوا هنا وهي لا تعرف إن كانوا قد أسقطوهما من حساباتهم أم لا .. هل ستحيا هكذا طول عمرها؟ .. في رعب من اكتشاف أمرهما .. في قلق طيلة الوقت وهي لا تعرف إن كانوا في أمان أم لا زال ذلك الخطر يتهددهما .. لقد تخلت عن حياتها كلها .. أُجبِرا على التخلي عن اسميهما وهويتهما ليعيشا حياةً أخرى وفي عزلة عن العالم .. هل هذه الحياة التي أرادتها؟ .. هل هذا العالم الذي أرادت لـ(جوليانو) الحياة فيه؟ .. لماذا لا يسافران بعيداً؟ .. لماذا لا تذهب معه إلى بلد جدهما الأصلي؟ .. أغمضت عينيها بتعب ورفعت يدها بتلقائية لتتحسس قلادتها لتتنهد بضيق عندما شعرت بمكانها الخاوي ... لقد انكسرت وأخذتها (ليزا) لتصلحها .. للمرة الأولى منذ ارتدتها قبل سنوات تخلعها عن عنقها .. والسبب ذلك الخائن الأحمق .. عادت الذكرى اللعينة لرأسها بعد كل محاولاتها لنسيانها ... تقلبت فوق سريرها كأنما ترقد فوق أشواك وتنهدت بألم وهي تنام على جانبها وتسند خدها إلى كفها ورفعت كفها الأخرى لتمسح دموعها .. لا تستطيع أن تنسى ما حدث .. ذلك الأحمق (ألفريدو) .. لقد أخبرتها (ليزا) أنّه كان يحاول العثور عليها ليعتذر منها .. يعتذر؟ .. ذلك الأحمق يريد أن يعتذر .. بعد ماذا يعتذر؟ .. فليذهب للجحيم باعتذاره .. لولا ذلك الغريب الذي أنقذها منه لا تدري ماذا كان سيحل بها .. كان سيدمرها تماماً ذلك الوغد .. سرحت بتفكيرها لذلك الرجل الغامض وحاولت تذكر صوته الذي رغم خوفها الشديد لحظتها يثير داخلها الآن كلما تذكرته شعوراً لطيفاً بالأمان وإحساساً آخراً لا تفهمه لكنّه لا يخيفها .. لو أنّها استطاعت أن تعرف من هو كانت ذهبت إليه لتشكره وتبلغه امتنانها لما فعله، لكنّها لم تعرف من كان ويبدو أنّها لن تعرف أبداً .. ابتسمت وهي تحاول رسم صورة له بعقلها وهمست شاكرة .. فقط لو يمكنها أن تراه لمرة واحدة .. مرة واحدة فقط .. انتبهت من أفكارها على صوت باب الشقة يفتح وصوت (ليزا) تناديها لتسرع ناهضة من الفراش وغادرت غرفتها لتقابلها صديقتها المبتسمة و(تيو) الذي ترك كف والدته واندفع نحوها لتنزل أرضاً إلى مستواه واحتضنته بحنان وهو يهتف
_"كان يجب أن تأتي معنا (آنجي) .. لقد كانت نزهة جميلة جداً"
مسحت على شعره هامسة باعتذار

_"آسفة حبيبي .. مرة أخرى .. لقد كنت متعبة جداً"
نظر لوجهها المرهق وقال بأسف

_"تبدين متعبة فعلاً .. يجب أن ترتاحي إذن"
ابتسمت وهي تستقبل قبلته وسمعت (ليزا) تقول ضاحكة

_"حسناً أيها العصفور المحب .. اذهب لغرفتك لترتاح أنت أيضاً"
راقبته (آنجي) بحنان وهو يندفع ليقبل والدته ويتحرك مسرعاً إلى غرفته ونهضت من مكانها على الأرض وقابلت وجه صديقتها المبتسم وسمعتها تقول وهي تخرج شيئاً من حقيبتها وتمد يدها به
_"تفضلي (آنجي) .. قلادتكِ الحبيبة عادت بسلام"
خفق قلبها وهي تحدق في القلادة بكف صديقتها وأسرعت تلتقطها وضمتها لقلبها بلهفة وهي تهتف

_"أوه .. شكراً لكِ (ليزا) .. أنتِ ملاك حقاً .. شكراً"
ضحكت (ليزا) وهي تنظر لها بحنان

_"لا شكر بين الأصدقاء حبيبتي"
أسرعت (آنجي) ترتدي القلادة وتحسستها بحنان ما أن لامست عنقها ولمعت بعينيها الدموع لتقول (ليزا)

_"ما الأمر؟"
هزت رأسها قائلة بصوت متحشرج

_"لا شيء .. لقد افتقدتها كثيراً"
ابتسمت في حنان
_"لابد أنّها غالية عليكِ كثيراً (آنجي)"
أومأت قائلة بغصة

_"لقد كانت هدية من أبي رحمه الله .. لم أخلعها أبداً منذ أهداني إياها"
نقلت عينيها من وجهها إلى القلادة التي لمعت برقة فوق جيدها وقالت وهي تمد يدها تلامسها

_"إنّها جميلة جداً ومميزة (آنجي) .. لقد لفتت نظري عندما التقينا أول مرة .. تصميمها رقيق ومميز للغاية"
مررت يدها على الأحرف الثلاث الغريبة وقالت بحيرة
_"هذه الأحرف؟ .. أي لغة هذه؟ .. ليست غريبة على عقلي لكنني لا أتذكر جيداً"
ابتسمت (آنجي) في حنين وهي تلامس الحروف المتعانقة فوق القلادة وهمست
_"إنّها أحرف عربية"
ارتفع حاجباها في دهشة وقالت
_"حقاً؟ ... ممم .. غريب لكن .. ماذا تعني تلك الحروف؟"

لمعت الدموع في عينيها للحظات وهمست بأسى وهي تلامس الحروف
_"إنّها تعني .. شيئاً فقدته قبل سنوات .. شيئاً اضطررت للتخلي عنه لأستطيع المُضي في حياتي بسلام"
لمحت الحيرة في عينيّ (ليزا) فهزت رأسها طاردةً الأسى بسرعة وهي تقول متنهدة بقوة
_"لا عليكِ .. إنّها قصة طويلة ربما أخبركِ بها ذات يوم"
وقبل أن تمنحها فرصة لمزيد من الأسئلة أسرعت تشدها من يدها قائلة
_"هيا اذهبي لترتاحي قليلاً ريثما أعيد تسخين الطعام .. لابد أنّكما جائعين أنتِ و(تيو) الآن"
دفعتها نحو غرفتها وأسرعت هي نحو المطبخ ودخلته بسرعة لتستند لحائطه وعادت تلمس القلادة هامسة بوجع

_"سامحني أبي .. لا يمكنني التراجع والتخلي عن فرصتي الوحيدة لاستعادة نفسي وحياتي"
اشتدت قبضتها على القلادة تستمد منها القوة وهي تغمض عينيها وتردد لنفسها وعداً أنّها يوماً ما ستستعيد كل ما خسرته بسببهم .. نفسها .. هويتها هي وشقيقها .. حق أسرتها .. كل شيء
*******************

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-03-19, 05:04 PM   #492

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

وقفت (سيلين) أمام قبر (فاروق رضوان) وتعلقت عيناها به وقد غشيتهما دموع مكتومة تهدد بنزولها في أي لحظة وقلبها يكاد يتوقف من شدة الألم الذي لم يهدأ منذ ذلك اليوم .. كيف حدث كل هذا؟ .. همست بوجع شديد وهي تنظر لقبر والدها الراحل
_"لابد أنك كرهتني كثيراً، صحيح؟ .. كيف احتملتني؟ .. كيف احتملت وقاحتي معك؟"
تحشرجت الكلمات في حلقها وعضت على شفتها بينما تشرد إلى اليوم التالي للجنازة بعد لقائها هي و(بيير) بمحامي (كارل) لفتح وصيته .. لم تكن مهتمة بالأمر وكانت قد حسمت ما ستفعله بما سيتركه (كارل) لها .. هي في غنى عن إرثه الملطخ بالدم والفساد .. رغم هذا تفاجأت عندما عرفت أنّه لم يترك لها سوى القصر الكبير وما تبقى من أملاكه تبرع به للمؤسسات الخيرية .. ما هذا؟ .. صحوة ضمير متأخرة؟ .. لا يمكنها أن تصدق أن ذلك الشيطان كان يملك ضميراً ليستيقظ في النهاية .. لا بأس .. لقد أراحها كثيراً بقراره .. سترى ما يمكنها فعله بالقصر لاحقاً .. نهضت في نهاية اللقاء وهي تزفر بتعب قائلة

_"حسناً .. بما أن كل شيء قد انتهى فاعذروني لأنني متعبة كثيراً وعلي أن .."
قاطعها المحامي وهو ينهض
_"مهلاً سيدة (سيلينا) .. أنا لم أنته بعد .. لقد ترك لكِ السيد (كارل) شيئاً أخيراً"
نظرت له بتساؤل لينحني ويلتقط مظروفاً ويقدمه لها قائلاً
_"هذا الخطاب تركه لكِ في حالة لم تتمكني من لقائه .. تفضلي"
نقلت عينيها منه إلى المظروف بحذر وانقبض قلبها بتوجس ولم تتحرك من مكانها للحظات ليقترب هو منها قائلاً
_"هذه آخر كلماته لكِ .. لقد أوصى أن أعطيكِ إياه يداً ليد"
وضعه في كفها لتتطلع للمظروف بتوتر وشعور سيء انتابها حيال محتواه .. لماذا ترك لها خطاباً خاصاً؟ .. هل للأمر علاقة بذلك الأمر العاجل الذي أرسل (بيير) من أجله .. هل أراد أن يودعها لهذه الدرجة أم أن الأمر لا علاقة له أبداً بوداعه لها .. انقبضت يدها على المظروف وهزت رأسها دون كلمات وحانت منها نظرة نحو (بيير) الذي قطب حاجبيه وهو يتطلع إليها بطريقة غريبة أثارت قلقها .. بدا متضايقاً وقلقاً لحدٍ كبير .. نظرت للخطاب بحيرة .. هل يعرف بمحتواه؟ .. هل لهذا علاقة بتوتره؟ .. ازداد نفورها وشعورها بالضيق أكثر ولم تحتمل وجودها في المكان فتمتمت بكلمات بسيطة تستأذن منهم وأسرعت نحو غرفتها وما أن أغلقت الباب خلفها واستندت له تتنفس بتوتر وعادت تنظر للمظروف بحاجبين معقودين .. لديها شعور سيء بالفعل حياله ولا تستطيع طرده .. قلبها يحذرها من فتحه .. تشعر أنّ ما سيخبرها به سيقلب حياتها .. ألقت المظروف فوق الفراش وارتمت فوق حافته وأطرقت برأسها وهي تتذكر الشخصين اللذين رأتهما بالجنازة .. خشيت أن تسأل (بيير) عنهما وهو نفسه تشاغل بقية اليوم وكأنه يحاول تجنبها .. عادت تختلس النظر للمظروف .. هل هذا هو السبب؟ .. هو يعرف شيئاً عن محتواه ويعرف من كانا هذان الاثنان .. لم يبد راضياً عن تسليم المحامي ذلك الخطاب لها لكنّه كان مرغماً .. زفرت بضيق .. لن تستفيد شيئاً من التفكير والقلق دون داعي .. فلتفتح الخطاب وترى ما أراد (كارل) أن يخبرها به ولترحم نفسها من تلك الأفكار والهواجس .. أياً كان محتواه يجب أن تعرفه و(بيير) يعرف هذا لذا لم يحاول منعها .. يعرف أنّه مهما كان الأمر قاسياً فعليها أن تعرف بالأمر .. أخذت نفساً عميقاً والتقطت المظروف وفتحته بحذر .. قطبت وهي تلتقط عدة أوراق مكتوبة وتعرفت على خط (كارل) المميز .. ألقت المظروف الفارغ جانباً بشرود وعيناها تمران على الكلمات ومع كل كلمة تقرأها كان قلبها يزداد انقباضاً .. توقفت عن القراءة بعد برهة وأغمضت عينيها تتنفس بصعوبة وارتجفت يداها الممسكتان بالورق وهي تحاول استيعاب ما تقرأ .. لا تريد أن تكمل .. لا تريد أن تعرف شيئاً .. لو أكملت الخطاب فلن تعود حياتها كما كانت من قبل .. فلتتوقف هنا .. عقلها أخبرها أنّها يجب أن تعرف الحقيقة مهما بلغت قسوتها .. عادت تفتح عينيها وتعيد قراءة الخطاب من البداية .. ترددت كلمات (كارل) بصوته في عقلها وتمثلت لها صورته وهو يجلس في فراش مرضه يخط هذه الكلمات الأخيرة لها ..
"عزيزتي (سيلينا)
ابنتي .. لا أعرف حقاً لو كان يحق لي أن أناديكِ بهذا للمرة الأخيرة أو أنّكِ ستقبلين أن أناديكِ به بعد ما سأخبركِ به .. عندما يصلكِ خطابي فهذا يعني أنكِ لم تتمكني من الحضور لوداعي قبل أن أرحل .. ربما كان هذا أفضلٌ لكلينا ... لا أحب تخيل أن تحدث تلك المواجهة بيننا قبل أن أرحل .. لا أريد أن أراكِ حزينة .. أعرف أنكِ لن تغفري لي أبداً وربما تلعنينني في النهاية .. لكننّي عما قريب سأرحل ولم أعد أملك وقتاً لأقلق بشأن مشاعركِ أو ندمي .. لن ألومكِ إن لم تستطيعي الغفران أبداً (سيلينا) ..
لا أعرف من أين أبدأ .. ربما من ذلك اليوم الذي رأيت فيه والدتكِ .. عرفت من النساء الكثيرات جداً .. أكثر مما يمكنني أن أتذكر ولم تحرك إحداهن ذرة داخلي .. كلهن كن للمتعة لا أكثر .. حتى قابلتها هي فتغير كل شيء .. (إيفا) .. كانت امرأة أخرى .. لقد جذبتني كما لم تفعل امرأة قبلها .. كانت من أسرة محافظة .. والدها كان يملك أرضاً أردتها بشدة لأقيم مشروعاً وكان يجب أن آخذها ولو بالقوة ... كان عنيداً ورفض التخلي عن أرضه وبيته وأنا حاولت معه باللين مرة وبالتهديد أخرى دون جدوى .. حين ذهبت إليه بنفسي في إحدى المرات في محاولة أخيرة لإقناعه باللين رأيتها .. كانت قد عادت في عطلة من جامعتها البعيدة .. لستِ في حاجة لتتخيلي كيف كانت فقد أخبرتكِ أنكِ نسخة منها .. حتى في تلك القوة والعناد والنار التي تسكن داخلها .. لقد سحرتني وأنا لا أجد بأساً في قول هذا الآن .. حتى اللحظة هي لا زالت المرأة التي سحرتني والتي عشقتها وحتى ألفظ أنفاسي الأخيرة ستكون هذه هي الحقيقة الوحيدة التي أعترف بها"
خفضت يدها الممسكة بالأوراق وحدقت أمامها هامسة بتوتر
_"هذا سبب احتفاظه بصورها والطريقة الغريبة التي كان ينظر لي بها أحياناً .. كان يبحث عنها هي .. لكن مهلاً ... ألم يقل أنّها كانت قريبته؟"
أجل .. أخبرها من قبل أنّها كانت قريبة يتيمة له وهو كان يهتم بها ... أخبرها أنّها وقعت ضحية لخداع والدها الذي كسر قلبها وتركها حاملاً بطفلته وأنّه بحث عن طفلتها بعد موتها حتى عثر عليها في ذلك الملجأ ليتبناها وفاءً لذكرى أمها .. رفعت كفها تضغط على جبينها بألم .. ما هذا الذي يقوله الآن؟ .. كانت ابنة رجل أراد الاستيلاء بالقوة على أرضه .. أنّه عشقها؟ .. ضربت الفكرة عقلها بقوة .. ألهذا السبب كان يكرهها؟ .. أهذا سبب مشاعره المزدوجة نحوها؟ .. هزت رأسها بقوة وعادت ترفع الأوراق أمام عينيها وعاد صوته يتردد برأسها وهو يكمل
"لكنني أعرف أنّها حتى لحظاتها الأخيرة كانت تكرهني ... لقد أخبرتني قبل أن ترحل .. هل تستغربين؟ .. هي من البداية كانت تفعل .. لقد طردتني تقريباً من بيت والديها وتجرأت على ما لم يفعله أسوأ أعدائي .. هددتني لو حاولت الاقتراب من والدها أو تهديده مجدداً .. غادرت ذلك اليوم وقد صدمني شعوري نحوها .. كانت امرأة مميزة كما قلت لكِ وكان عليّ أن أحصل عليها بأي طريقة .. لقد منحتني دون أن تدري السلاح الذي سأستخدمه ضد والدها لأجبره على بيع الأرض .. كانت هي .. كان على والدها أن يختار .. في الحالتين كنت سأحصل عليها .. لكنني لم أعمل حساباً أنّها كانت قد أسلمت قلبها لرجلٍ آخر .. والدكِ .. ذلك العربي الذي تعرفت عليه أثناء دراستها .. كان في بعثة طلابية وتقابلا ووقعت في حبه .. لقد رفضت بسببه أي محاولة مني للاقتراب منها ولم تتردد لحظة وهي تلقي في وجهي حقيقة مشاعرها نحوي ... كانت تكرهني بمثل درجة حبي لها لكنني لم أهتم .. كان عليّ أن أفعل أي شيء لأجعلها ملكي .. دعينا من التفاصيل فلن تهمكِ في شيء .. لقد ضغطت على جدكِ ليقنعها بزواجها مني وإلا فالخيار الآخر لن يعجبه أبداً وهو كان يعرف جيداً ما أنا قادر على فعله، لذا رغم عناده وتحفظه اضطر للموافقة .. لم أهتم أنّها كانت مجبرة على الزواج .. كنت واثقاً من قدرتي على جعلها تحبني في نهاية المطاف .. لم أعمل حساباً لتفكيرها .. لم أعرف أنّها كانت تخطط للانتقام مني .. قبل الزواج بأيام هربت من بيتها وتركت خطاباً لوالديها تخبرهما فيه أنّها يستحيل أن تتزوج مني لأنّها تحب رجلاً آخراً وأنّها اعتنقت نفس ديانته ولا يمكنها الزواج مني أبداً حتى لو لم تستطع الزواج من حبيبها .. لكِ أن تتخيلي كيف كان شعوري لحظتها .. أقسمت أن أصل إليهما وأقتلع قلبيهما وأحرقهما انتقاماً لنفسي"
خفق قلب (سيلين) وهي تقرأ الكلمات الأخيرة وشعرت بصعوبة في التنفس وحاولت الاستمرار في القراءة وشعورها بالخوف والاختناق يزداد مع كل كلمة تقرأها .. أكملت القراءة وقلبها يختنق بكل المشاعر المحتقنة داخل الرسالة .. مشاعره التي نزفها في لحظاته الأخيرة في الدنيا
"بحثت عنهما بكل طاقتي ووصلت إليهما في النهاية .. لم يهمني أنّ الأوان قد فات وقتها .. لم أهتم أنّها تزوجت من ذلك الرجل ... هي كانت ملكي وكان يجب أن أعيدها لي ولو بالقوة .. كان يجب أن أفرقهما وقد فعلت"
ارتجفت يداها وهي تعيد قراءة الكلمات بعينين متسعتين .. تزوجت .. تزوجت من ذلك الرجل .. لقد تزوجت .. ما الذي يقوله؟ .. هزت رأسها بدون تصديق ودمعت عيناها وغصة شديدة توقفت في حلقها .. لقد تزوجا .. ماذا يعني هذا؟ .. هي .. هي ليست .. هي ابنة شرعية!! .. ماذا يقول؟ .. هل يخبرها الآن أنّها لم تكن ابنة من علاقة غير شرعية؟ .. هل يخبرها أنّه كذب عليها وادعى أنّ والدها خدع أمها وتخلى عنها وهي حاملٌ بها؟ .. هل يقول أنّه كان يكذب؟ .. لكن هي بحثت .. بحثت بنفسها عن أي إثبات لزواجهما .. كانت تحلم بمعجزة ما تحدث وتثبت أنّها لم تكن ثمرة علاقة محرمة .. الآن يأتي ويخبرها أنّها كانت تحيا في كذبة لعينة؟! .. عادت بعينيها لتتابع الكلمات وتحصل على الإجابة عن تساؤلها في الحال وهو يخبرها
"لقد استغليت نفوذي وتخلصت من أي إثبات لزواجهما وأجبرتها على الابتعاد عنه إن أرادت أن تنقذه من الموت .. جعلتها ترى بعينيها أنه سيتأذى إن بقيت إلى جانبه وهي كانت تحبه لتلك الدرجة التي تجعلها تفترق عنه لحمايته .. وافقت على تركه والعودة لي .. لا أعرف ماذا فعلت بالضبط لكنني عرفت بعد ذلك أنه غادر فرنسا عائداً لبلده وهي .. هي للمرة الثانية تخدعني وتفلت من يدي بعد أن اطمأنت أنّه أصبح في منأى عن آذاي .. لقد هربت بعيداً هذه المرة .. رحلت خارج البلاد بهوية مزيفة واختفت تماماً .. لقد سخرت مني للمرة الثانية .. لم يفعلها أحدهم بي من قبل .. (إيفا) فقط من تجرأت وفعلت هذا بي .. لقد كرهتها بنفس درجة عشقي لها .. تحولت مشاعري نحوها إلى هوس مجنون .. أردت أن أضع يدي عليها وأنتقم منها لفعلتها .. لولا أنني عرفت أنها لم تعد لذلك الرجل وأنه تزوج امرأة أخرى بعد عودته لبلاده لكنت قتلته هو الآخر .. حسناً .. لقد ندمت أنني لم أفعل لأنهما اجتمعا مجدداً بعد فترة قصيرة .. لا أعرف كيف عادا سوياً ولا السبب الذي تركته من أجله مرة أخرى .. ربما لكونه متزوجاً من امرأة أخرى ... وقتها كانت حاملاً بكِ ... حين وجدتها أخيراً كانت تحتضر .. كانت مريضة وضعيفة جداً وكانت وحدها .. لم أعرف أين ذهب مولودها لكن ما وصلني وقتها أنّها قد فقدت الطفل وعادت هي لعائلتها لتقضي أيامها الأخيرة برفقتهم وهما فتحا لها أذرعهما من جديد رغم غضبهما السابق بسبب ما فعلته وسامحاها على كل شيء .. عندما وصلت إليها كانت مجرد شبح للمرأة التي عشقتها .. كانت طعنتها هذه أسوأ من طعنة خداعها لي .. رؤيتها بهذه الحال .. لم أتمالك نفسي وركعت بجوار فراشها أتوسلها أن تبقى .. كنت سأكتفي بكراهيتها لي لو أنّها فقط تبقى على قيد الحياة، لكنّها ضنت عليّ بهذا الرجاء .. أخبرتني أنّ الموت لها أرحم بكثير من البقاء معي .. لم تقل أنّها تكرهني صراحةً لكنّ مشاعرها كلها وصلتني .. أخبرتها أنني لن أسامحها أبداً لو تركتني وسأنتقم منها في كل من أحبت من دوني، لكنّها اكتفت بابتسامتها الهادئة ونظرات عينيها التي كانت تخبرني لحظتها أنّها تشفق عليّ فقط"

لم تشعر بدموعها التي كانت تسيل على خديها إلا عندما سقطت دمعتان فوق الأوراق فتوقت لبرهة تستجمع قوتها لتكمل .. هي في حاجة لتفعل .. يجب أن تعرف إجابة كل الأسئلة والشكوك التي أثارها داخلها .. لماذا يقول أنّ أمها عادت من دونها؟ .. كيف وصلت هي لأسرة (أحمد سفيان)؟ وكيف وجدها هو في النهاية؟ .. رفعت كفها ومسحت دموعها بقوة وهي تقلب الورقة وتنفست بعمق لتكمل القراءة من جديد

"رحلت (إيفا) للأبد وتركتني أتجرع مرارة خسارتها .. لم أعد أهتم لشيءٍ من بعدها وأغرقت نفسي في عملي وصرت أكثر قسوة وقوة .. الآن عندما أنظر للخلف أجدني كنت أحاول إشباع ذلك النهم القاتل داخلي .. ذلك الفراغ الذي تركته برحيلها .. كانت هناك حفرة بعمق المحيط داخل روحي لم أستطع مع كل ما فعلته أن أملأها .. ازددت قوةً وثراءً مع كل يوم ولم أستطع أن أملأ تلك الحفرة أبداً .. ذلك الوحش الذي كان يزداد شراهةً مع الوقت .. حتى كان ذلك اليوم الذي عرفت فيه أنّ طفلها لم يمت حقاً .. هي كانت تعرف أنّها ستموت قريباً وخشيت على الطفل مني لو أنّها عادت به لأهلها وتركته معهم .. خافت أن أنتقم منها في طفلها كما توعدتها يوماً إن استمرت في زواجها بذلك الرجل .. لذا تركت الطفل لأسرة أخرى تبنته وعادت هي لأسرتها .. يومها تحول ذلك النهم المتوحش داخلي لرغبة جنونية في الوصول لذلك الطفل .. طفلها الذي كان من المفترض أن يكون طفلي أنا .. هي حرمتني ذلك الحق ومنحته لآخر .. أردتها معي بأي صورة حتى لو كان في صورة طفلٍ أتى من رجلٍ منحته ما بخلت به عليّ .. أردت ذلك الجزء منها الذي حرمتني منه .. بحثت كثيراً ولم أصل لشيءٍ حتى أتاني (سيزار) ذات يوم وعرض عليّ صفقة مقابل أن يعطيني الشيء الذي كنت أبحث عنه بجنون .. كان عليّ أن أتخلى له عن منطقة من نفوذي مقابل أن يخبرني بمكان الطفل .. أنتِ لا تعرفين ما تخليت عنه لـ(سيزار) لكي أصل إليكِ (سيلينا) .. كنت أريدكِ بأي ثمن وقد فعلت .. تخليت عن جزءٍ كبير من قوتي ونفوذي له وحصلت عليكِ .. ما أن رأيتكِ عرفت يقيناً أنكِ ابنتها .. كنتِ تشبهينها كثيراً وشعرت أنني استعدتها بطريقةٍ ما .. عندما قابلتكِ انطفأ جزء كبير من ذلك الشعور الموحش داخلي .. تلك الحفرة العميقة داخلي والتي كانت تزداد مع الوقت حتى كادت تلتهمني توقفت عن الاتساع وبدأت تمتلأ من جديد مع كل يومٍ قضيته معكِ .. كان يجب أن أكرهكِ (سيلينا) .. كان يجب أن أفعل لأنكِ كنتِ جزءاً من عدوي .. من الرجل الذي سرق امرأتي .. حاولت أن أكرهكِ لكنني بدلاً عن ذلك اتخذتكِ ابنتي وحاولت أن أغرس أثري داخل روحكِ .. جعلتكِ وريثتي وصنعت منكِ امرأة أخرى تليق بحمل اسمي وإرثي .. كنت أعرف أنّ هذا ما خافت منه (إيفا) إن أنا يوماً عرفت بوجودكِ .. ربما أكون قد قسوت عليكِ في كثير من الأوقات وأحياناً كان يغلبني شيطان كراهيتي لوالدكِ الحقيقي فأقسو عليكِ، لكنني أحببتكِ كابنتي ... ربما لا أستحق مغفرتكِ أبداً بعد كل ما فعلت .. لكنني أحببتكِ رغم كل شيء .. حتى عندما تركتني وكررتِ فعلتها لم أكرهكِ .. رغم أنّ فعلتكِ كسرتني من جديد وذكرتني بها وبجرحها الأول .. حاولت إعادتكِ بأي ثمن لكن ذلك الأحمق (بيير) استمر في حمايتكِ مني وأجبرني على الرضوخ والموافقة على ابتعادكِ .. كنت أثق أنكِ ستعودين في النهاية .. كنت أؤمن أنكِ تنتمين لي كما انتمت هي لي حتى لو رفضتما أنتما الاثنان الاعتراف بهذا .. حتى عندما ارتكبتِ نفس الخطأ وكررتِ قصتها وأحببتِ رجلاً شرقياً كما فعلت هي، انتظرت أن تعودي من نفسكِ وقد فعلتِ .. صحيح أنكِ لم تعودي إليّ وذهبتِ إلى (بيير) لكنني على الأقل كنت مرتاحاً أنكِ لم تغادري مع ذلك الرجل إلى بلده .. عرفت أنّكِ كنتِ تنتظرين طفلاً منه وأنّكِ كنتِ تفكرين في العودة له رغم خيانته لكِ ولم يكن ممكناً أن أترككِ تفعلين .. سامحي أنانيتي يا ابنتي .. كان عليّ أن أتدخل لأمنعكِ من العودة لذلك الخائن معمية بحبكِ له ليواصل جرحكِ طيلة حياتكِ .. عرفت أنّه كان يبحث عنكِ وكان عليّ أن أبعده عنكِ بأي طريقة وقد فعلت .. هو رحل ولم يحاول العودة لتهديدكِ ولكنني لم أعمل حساباً لقلبكِ الذي كان متعلقاً به رغم خيانته لكِ .. أسرعتِ ترحلين خلفه لتكونين معه وعرفت أنني خسرتكِ للأبد .. لقد عدتِ لبلد والدكِ وخشيت أن تلتقيا وتعودي إليه .. خشيت أن يخبركِ الحقيقة فتسامحيه وتقبلينه في حياتكِ وتكرهينني وتهربي مني للأبد .. كنت أحبكِ يا ابنتي لدرجة أن أفعل أي شيء ولا تكرهينني .. خفت أن أخسركِ للأبد .. أرسلت لوالدكِ قبل سنوات عندما عرفت بلقائكما وأخبرته أنّه لو كان يرغب بسلامتكِ فلن يخبركِ الحقيقة أبداً .. أجل .. لقد كنت أسوأ من شيطان ويمكنكِ أن تلعنيني كما تشائين .. لقد هددته بحياتكِ وفعل كما فعل قديماً حين ابتعد عنكِ بعد أن عرف بوجودكِ لدى صديقه وعرف أنّها كانت رغبة (إيفا) لتحميكِ مني .. خشي وقتها أن أعرف بوجود ابنته من (إيفا) فعاد لبلده مكتفياً بوجودكِ في أمان مع صديقه حتى وقع ذلك الحادث واعتقد أنّكِ متِ كما أخبرني (سيزار) الذي كان لسببٍ ما ينتقم من والدكِ وصديقه الذي رباكِ .. لقد حرمتكِ من العودة لعائلتكِ الحقيقية يا ابنتي علّكِ تعودين إليّ لكنكِ لم تفعلي .. أنتِ لم تعودي من جديد (سيلينا) وتخليتِ عني تماماً لكنني لم أكرهكِ أبداً يا ابنتي .. لأكثر من ثلاثة عشر عاماً كنتِ ابنتي الوحيدة وتلك كانت حقيقة كما كان حبي لأمكِ واعلمي أنني أرحل وأنا أحمل صورتكما معاً في قلبي .. أعرف أنكِ لن تغفري لي ما عرفتِه وهذا سيكون عقابي يا ابنتي .. وعقابي الأسوأ أنّني سأرحل محروماً من رؤيتكِ مرة أخيرة .. لو استطعتِ مسامحة هذا الرجل العجوز يوماً ما فسأعرف أنّني على الأقل فعلت شيئاً طيباً في حياتي المليئة بالخطايا استحققت عليه غفرانكِ .. لقد تمكن المرض مني في غيابكِ صغيرتي وها أنا ذا أرحل محملاً بخطايايّ .. أردت التخفف منها قليلاً فسامحيني أنني ألقيت بها فوق كاهليكِ ورحلت .. قد أكون بحثت عن فرصة للاعتراف بخطايايّ أو ربما إصلاح بعضها وأعلم أنّه قد فات الأوان لأفعل لكنني على الأقل أحاول .. لقد أرسلت لجديّكِ وأخبرتهما بكل شيء وسيكونان موجوديّن بجنازتي .. أعرف أنّكِ ستحضرين جنازتي على الأقل .. سأعمل على أن تفعلي .. هكذا على الأقل ستستطيع روحي توديعكِ لآخر مرة بنيتي .. ربما لن تذرفي أي دمعة من أجلي (سيلينا) لكن لا بأس .. آسف لكوني قاسياً وكاذباً وشيطاناً عديم القلب لكن اعرفي أنّ هذا الشيطان أحبكِ وأمكِ حتى آخر لحظة في حياته .. وداعاً يا ابنتي .. وداعاً يا أغلى ما امتلكته في هذه الحياة"

شعرت مع نهاية الكلمات أنّ قلبها توقفت نبضاته وظلت عيناها معلقتين بالكلمات في ذهول .. انقبضت أصابعها على الأوراق تعتصرها بقوة وشعرت بأنفاسها تزداد اختناقاً .. نظرت من بين دموعها للأوراق المكرمشة بقبضتيها وهزت رأسها هامسة بذهول

_"هذا كذب .. كل هذا كذب .. إنه يحاول الانتقام مني بهذه الطريقة .. أعرف .. لابد أن هذه خدعة أخيرة منه .. أجل .. هو لم يستطع نسيان أنني أفلتُ من تحت يده وتحررت .. لهذا هو يحاول الانتقام مني .. يحاول قلب حياتي بعد موته ... لابد أنّه ضحك عليّ كثيراً وهو يكتب هذا الكلام"

اهتزت يداها كما فعل جسدها الذي اعترته رجفة شديدة .. هي لا يمكنها أن تصدق .. لا يمكن أن يكون كل هذا كذباً .. كل حياتها .. ماضيها .. كل هذا كان كذباً؟ .. لا يمكن .. لن تصدق .. رفعت يدها إلى عنقها مع ازدياد شعورها بالاختناق وتنفست بصعوبة وهي تنهض من مكانها .. يجب أن ترى (بيير) .. سيخبرها أن (كارل) كان يكذب .. سيخبرها أن العجوزين اللذين رأتهما سابقاً لا علاقة لهما بها .. سيقول أنها لم تعش حياتها كلها في كذبة لعينة من رجل أراد الانتقام من والديها فيها .. أراد أن يحصل على جزء من المرأة التي أحبها وكان يبحث عن شبحها في ابنتها .. لا .. هي لن تصدق هذا .. لن تصدق أبداً .. هل يريد أن يقول أنها لسنوات كانت تكره والدها الحقيقي .. أنه كان بريئاً من اتهاماتها .. لم يكن يعلم عن وجودها شيئاً ولا عن ولادتها وأنه تخلى عنها بعد ذلك فقط ليحميها منه وعندما عادت له كان يحميها حتى النهاية فلم يعترف بالحقيقة .. لا .. وقفت بمنتصف غرفتها وعادت كل الكلمات القاسية التي ألقتها بوجه والدها مراراً تتردد بعقلها لتتسع عيناها وطعنة ألم شديدة تخترق قلبها .. ماذا فعلت؟ .. ما الذي فعلته؟ .. لا يمكن أن يكون ما عرفته حقيقة .. لن تحتمل أبداً حقيقة معاملتها لوالدها بهذه القسوة .. لا .. بالتأكيد (كارل) يكذب .. لماذا لم يخبرها والدها بالحقيقة إذن؟ .. لماذا تركها تصدق أنّها كانت ابنة غير شرعية؟ .. لماذا لم يدافع عن نفسه؟ .. ضربت على قلبها بقوة وهي تتذكر محاولاته للحديث معها .. كل مرة دفعته بعيداً عنها وهددته أنّها ستهرب بعيداً ولن يجدها أبداً لو حاول الاقتراب منها .. سقطت الأوراق من يدها ورفعت كفها تغطي فمها وهي تشهق بارتياع بينما تعود إليها كل اللحظات التي تعاملت فيها مع والدها بقسوة واتهمته ببشاعة ورفضت كل محاولة منه للتقرب منها .. كل مرة أقسم لها أنّه كان يحبها ويحب أمها وأنّه لم يتخل عنهما ولم يخنهما وهي كانت لا تتوقف عن الصراخ في وجهه بكراهيتها له .. لماذا؟ .. لماذا لم يدافع عن نفسه؟ .. لماذا تركها تتعامل معه بهذه الطريقة؟ .. لماذا .. لماذا رحل قبل أن تنسى وتغفر؟ .. لم تشعر بالدموع التي سالت على خديها وهي تسقط على ركبتيها وجسدها ينتفض بقوة .. هذا كابوس .. أجل .. ستستيقظ الآن لتكتشف أنّ كل هذا كان كابوساً .. إن لم يكن كذلك ماذا ستفعل؟ .. كيف ستعيش الآن بعد ما عرفت؟ .. كيف ستسامح نفسها؟ .. هزت رأسها رفضاً وهي تنظر للأوراق الملقاة أرضاً .. لا .. لن تصدق .. لن تدعه يخدعها .. لابد أنّه سخر منها كثيراً .. لابد أنّه يضحك الآن عليها .. ابتسمت بسخرية وهي تهمس داخلها .. لقد أجاد لعبته كثيراً .. لقد عرف كيف يقتلها .. لهذا كان يريدها أن تحضر الجنازة بنفسها .. كان يريدها أن تراه بعينيها وهو يرحل لتدرك أنّه انتصر عليها وأنّها ودعته بنفسها ولن تستطيع الانتقام منه بعد الآن .. أرادها أن تشعر بالعجز وهي تدرك أنّه أصبح بعيداً عن يديها وأنّها بنفسها كانت واقفة دون أن تملك منعه من الرحيل .. لقد منحها صفعة قاسية وهو يعرف أنّها لن تستطيع ردها .. اتسعت ابتسامتها أكثر حتى تحولت لضحكة صغيرة ازدادت وعيناها تقعان على الأوراق واهتز جسدها بقوة مع ضحكاتها التي ارتفعت أكثر لتستمر للحظات ممتزجة بالدموع التي غلبت ضحكاتها الهيستيرية في النهاية لتتحول إلى نحيب شديد .. رفعت رأسها لأعلى وهي تنتحب بآهات حارة وتواصل ضرباتها على قلبها المحترق الذي كاد ينفلق من شدة البكاء .. لم تشعر في غمرة انهيارها بباب غرفتها الذي انفتح ولا بـ(بيير) الذي دخل مسرعاً بعد أن ناداها أكثر من مرة دون أن يأتيه ردها ولم يحتمل سماع بكائها الشديد ليسرع للداخل .. توقف محدقاً فيها بذهول وألم قبل أن يسرع ليركع بجوارها وهمس بألم

_"(سيلينا)"

استمرت بالبكاء ونظر هو للأوراق الملقاة حولها واقترب ليحيطها بذراعه ويضمها إليه قائلاً

_"لا بأس حبيبتي .. أنا هنا .. اهدأي"

انتزعت نفسها مبتعدة عنه ونظرت له من بين دموعها قائلة

_"هل كنت تعرف؟"
لمع الذنب والأسف بعينيه وسارع ما أن رأى نظراتها المصدومة

_"أقسم لم أعرف إلا قبل أيام .. عندما قابلت جديّكِ وأخبـ .."

هتفت بوجع

_"لا تنطقها"
تراجع مصدوماً لتمسك بقبضتيها قميصه وتهتف بتوسل

_"لا تقل أنّهما جدايّ .. لا تقل أنّه لم يكذب"

نظر لها بأسى ولمعت الدموع بعينيه توجعاً على حالتها بينما تشد بقبضتيها على قميصه وهي تهزه متابعة ببكاء أشد

_"قل أنّه كان يسخر مني فقط .. أراد أن يعذبني بعد موته .. لا تقل أنّه كان صادقاً في كل ما قاله .. لا تقل هذا (بيير) .. هذا سيحطمني تماماً .. لا تفعل"

اقترب منها ليعيد ضمها لصدره وهو يهمس اسمها بوجع فصرخت مبتعدة وهتفت

_"(سيلينا) من؟ .. (سيلينا) من يا (بيير)؟"

همس اسمها بصدمة لتتابع بذهول وهي تهز رأسها

_"من (سيلينا)؟ .. ومن (إيفا)؟ ... من أنا يا (بيير)؟ .. من أنا أخبرني"

رفعت كفها المرتجف مشيرة بسبباتها للخلف

_"هل أنا (سديم سفيان)؟ ... الفتاة الصغيرة التي كانت غافلة عما ينتظرها قبل خمسة عشر عاماً .. الفتاة التي دمروا حياتها بانتقام لعين وسلموها لعدوها دون أن تدري .. لكن .. لا .. هي لم تكن ابنة (أحمد سفيان) حتى .. كانت ابنة صديقه .. أجل .. كانت (سديم فاروق رضوان) .. (فاروق رضوان) الذي عاشت أكثر من نصف عمرها تكرهه وتحمله ذنب ما أصابها بينما كان هو حتى النهاية يحميها .. هل هي أنا (بيير)؟ .. هي أنا؟!"

ردد اسمها بوجع شديد وهو يرفع يديه نحوها لتبتعد للخلف وهي تهز رأسها نفياً وتهمس

_"لا .. لست هي .. إذن .. هل أنا (سيلينا فرانسيسكو)؟ .. لا .. هذه أيضاً كانت كذبة منه .. كذبة هو اخترعها وفرضها عليّ وأنا صدقتها .. كذبة كباقي كذباته التي أتى اليوم فقط ليخبرني بها ... هل أنا (إيفا) إذن؟ .. لا .. هي كانت أمي .. أمي التي كان ينتقم منها فيّ أنا .. أمي التي كذب عليّ في كل شيء يخصها وجعلني أكره أبي بسبب أكاذيبه اللعينة"
شد رأسها إلى صدره وهو يهتف بحرقة

_"يكفي (سيلينا) .. يكفي حبيبتي أتوسل إليكِ"

صرخت بلوعة وهي تضرب صدره بقبضتها مراراً

_"من أنا يا (بيير)؟ .. أنا لم أعد أعرفني .. ما هي الحقيقة؟ .. من أكون؟ .. كل حياتي كانت كذبة يا (بيير) .. أنا كنت كذبة .. أنا كنت مجرد كذبة على طول الخط .. لماذا يا (بيير)؟"
واصل ضمها إليه وسالت دموعه بألم لأجلها بينما تواصل صراخها

_"ماذا فعلت يا (بيير)؟ .. أنا لم أؤذ أحداً .. لماذا يحدث كل هذا لي؟ .. لماذا أنا يا (بيير)؟ .. لماذا آذوني جميعهم بهذه الطريقة؟ .. ما الذي فعلته؟"

همس اسمها من جديد لتصرخ مبتعدة عن صدره لينظر لوجهها الغارق بالدموع وهي تصرخ ضاربة على قلبها بحرقة

_"أنا لم أفعل شيئاً ليحدث لي كل هذا .. ما الذي أخطأت فيه؟ .. ألا أستحق السعادة؟ .. فقط بعض السعادة .. كلما حاولت سرقة بعضها للحظات يحاربني قدري ... خسرت كل من أحبهم .. خسرت نفسي .. خسرت أسرتي وخسرت ابنتي قبل أن أشبع منها حتى .. خسرت أبي قبل أن يسامحني .. خسرته قبل أن أركع أمامه وأتوسله أن يسامحني على قسوتي وظلمي له .. لقد رحل قبل أن أعرف الحقيقة .. ماذا أفعل الآن؟ .. ماذا أفعل يا (بيير)؟ .. لم أعد أعرف شيئاً .. لقد حطموني يا (بيير) .. لقد قتلوني .. لماذا أنا؟ .. لماذا أ ..؟"

كتم كلماتها الملتاعة وهو يشدها إلى صدره ويدفن رأسها فيه لتبكي بكل حرقتها وألمها ممزقة قلبه مع كل آهة حارقة تشق قلبها .. أغمض عينيه وهو يربت على شعرها هامساً بألم يخبرها أنّه معها ولن يتخلى عنها وأنّها ستكون بخير .. كل هذا الألم سينتهي .. أنّه لن يغفر لأي شخص تسبب لها في الأذى .. لن يتركهم وسيعيد لها حقها منهم حتى ولو كانوا في نهاية العالم.
انتزعت نفسها بصعوبة من لحظات انهيارها الأليمة وفتحت عينيها تنظر لقبر أبيها يخبرها بواقعها المرير .. واقع أنّه رحل بالفعل وخسرت كل فرصها معه .. لم يعد بإمكانه سماعها وهي تخبره أنّها آسفة على كل شيء .. على كل لحظة قسوة وألم عاشها بسببها .. على كل لحظة عاشت تكرهه فيها .. لم تحتملها ركبتاها فسقطت أرضاً أمام القبر وانفجرت بالبكاء .. انحنت رأسها وهي تهتف باكية بحرقة
_"أنا آسفة .. آسفة يا أبي .. سامحني .. أنا آسفة .. لماذا لم تخبرني؟ .. لماذا احتملت كل هذا دون أن تخبرني الحقيقة؟ .. كان يجب أن تخبرني .. لماذا كنت تحميني؟ .. كان يجب أن تصفعني وتجعلني أستمع لك .. كنت اتركه يقتلني يا أبي .. لقد كنت أستحق هذا .. أنا آسفة أبي .. لقد كنت وقحة وأنانية .. أنا لا أستحق غفرانك أبي .. لا أستحق أن تسامحني لكن .. سامحني أبي .. سامحني أرجوك لأتمكن من مسامحة نفسي .. أنا .. أنا أريد الموت .. أريد الموت أبي .. لماذا رحلت وتركتني .. أنا أحتاجك أبي .. كنت أحتاجك دائماً وأنكرت هذه الحقيقة .. لقد حرمت نفسي منك وحرمتك مني يا أبي .. لم أكن أستحق كل هذا الحب الذي جعلك تتحمل كل هذا العذاب لتحميني .. آسفة .. آسفة ... ظننت أنني أملك كل الوقت لكنني كنت غبية وعنيدة .. آسفة أبي .. أنا آسفة"
انهارت بالبكاء أكثر وهي تكرر كلمتها دون توقف لتشهق فجأة مع اللمسة الرقيقة على كتفها ورفعت عينيها بفزع تتطلع إلى وجه الرجل العجوز الذي أطل عليها مشفقاً وهو يهمس
_"لا تفعلي هذا بنفسكِ وبوالدكِ يا ابنتي .. أنتِ تؤذيه بهذه الطريقة"

حدقت فيه بحيرة وخوف ليربت على كتفها متابعاً
_"الموتى لا يحتاجون منا إلا الدعاء يا ابنتي .. لا تفكري إلا أنّ والدكِ الآن بين يديّ الرحمن الرحيم .. والدكِ بالتأكيد كان يحبكِ وربما تعرفين هذا بقلبكِ ... هو بالتأكيد سامحكِ يا ابنتي .. يمكنكِ أن تدعي له هذا كل ما يحتاجه الآن"
استمرت في نظراتها له وكلماته مست قلبها لتوقف دموعها وسمعته يقول وهو ينظر للسماء التي أظلمت
_"ليس آمناً أن تبقي هنا في هذا الوقت يا ابنتي .. عودي لمنزلكِ واهدأي وصلي لترتاحي .. وادعي لوالدكِ كثيراً عسى الله أن يغفر له ويرفق بقلبكِ وينير طريقكِ"
ارتجفت شفتاها وترقرت الدموع من جديد مع دعائه الذي مس أعماقها وردد وهو ينظر لها ملياً بحنان
_"تذكري دائماً يا ابنتي .. "أو ولدٍ صالحٍ يدعو له" .. يمكنكِ أن تعوضي والدكِ عن قسوتكِ التي تحدثتِ عنها بهذا على الأقل .. الدعاء والصدقات"
قالها وابتعد نحو أحد القبور البعيدة حيث وضع مصباحاً أنار المكان وراقبته وهو يجلس أرضاً وفتح المصحف ليقرأ منه بهدوء .. ابتلعت لعابها بصعوبة وصوت تلاوته الهاديء يصلها بخفوت باعثاً رجفة بقلبها وماسحاً برفق عليها .. عاودتها الدموع فنهضت سريعاً وغادرت المقابر وأسرعت للخارج وما أن لامست قدماها أرض الشارع حتى شهقت بقوة .. رفعت رأسها للسماء المظلمة وقد شوشت الدموع رؤيتها وكلماته الأخيرة تتردد برأسها مثيرة دموعها أكثر وشعورها بالاختناق
"أو ولدٍ صالحٍ يدعو له"
تحسست عنقها باختناق .. ولدٍ صالحٍ؟! .. متى كانت هي "ولد صالح"؟ .. هي أبعد ما تكون عن الصلاح .. تذكرت كل ما فعلته في حياتها بعد أن فقدت والديها .. لقد حادت عن الطريق الذي ربياها عليه تماماً .. لقد فقدت نفسها وهويتها وأصبحت شخصاً آخراً .. تنفست بصعوبة وشعرت بالدوار يكتنفها .. ستموت .. تشعر أنّها ستموت .. قبل لحظات كانت تتمنى الموت .. الآن .. الآن تشعر بالخوف .. كيف ستذهب مثقلة بكل هذه الخطايا؟ .. ازداد اختناقها وتحركت بخطى مرتجفة نحو سيارتها وانطلقت بها مسرعة بطريقة خطيرة .. لا تكاد ترى أمامها .. كل ما عرفته عن حقيقتها .. كل الألم الذي يمزقها الآن يزداد مع كل لحظة .. قلبها يكاد يتوقف .. كانت تدور دون هدى وسط الشوارع ورفعت كفها نحو صدرها المتوجع لتلمس يدها سلسلة عنقها حيث كانت سلسلتها التي أعادها إليها (آدم) قبل سفرها وطلب منها وهو يضعها حول عنقها برقة ألا تخلعها أبداً .. لمست خاتم زواجهما المعلق بالسلسلة ولمعت صورته أمام عينيها الدامعتين فأسرعت تدور بالسيارة في اتجاه بيته الجديد .. يجب أن تراه ... هي تحتاج إليه الآن كما لم تشعر في عمرها كله .. إن كانت ستموت فستفعل هناك .. بقربه .. لا تريد أن تشعر بالغربة وهي ترحل .. تريده بأي طريقة جوارها .. ضغطت أكثر على دواسة الوقود وخلال وقتٍ قصير كانت تقف أمام البوابة الحديدية التي تفصلها عن البيت .. حدقت في الباب المغلق بألم .. ليس هنا؟ .. بالتأكيد لن يكون هنا .. أسرعت تضرب الجرس الخارجي دون توقف وهي تتنفس بصعوبة شديدة وبكت وهي تواصل ضغطها بينما تهمس اسمه مراراً بتوسل .. ليس هنا؟ .. أسرعت تخرج هاتفها وتتصل برقمه وارتجف جسدها بقوة في انتظار رده .. أتاها صوته متسائلاً عن هوية المتصل .. ارتخت ساقاها بضعف لتجلس أرضاً مستندة للحائط وتسارعت أنفاسها وهي تختنق ببكائها وسمعته يهتف بقلق
_"(إيفا)؟ .. هل هذه أنتِ؟"

همست اسمه باكية ليهتف

_"(إيفا) .. هل أنتِ بخير؟ .. لماذا تبكين؟"

بكت بحرقة ورددت وهي تضغط على قلبها بقوة

_"أنا أموت يا (آدم) .. أشعر أنني سأموت .. تعال أرجوك .. أنا أحتاجك"

سمعته يسألها بجزع عما حدث وأين هي .. حاولت التحكم في شهقاتها بصعوبة لتجيب

_"أنا أمام بيتك الجديد يا (آدم)"

سمعته يخبرها بلهفة أنّه قادمٌ في الحال وأمرها ألا تغلق الهاتف حتى يأتيها .. أحاطت ساقيها بذراعيها ودفنت رأسها فوقهما وتركت هاتفها معلقاً إلى جوار أذنها تستمع لهمسه الحاني يمنعها من الانزلاق للظلام ويمنحها بعض الأنفاس التي كانت تشعر بها تتسلل من صدرها مع الوقت .. لم يمض إلا وقتٍ قصير حين توقفت سيارته بصرير مزعج قطع سكون الشارع الهاديء ورفعت وجهها الباكي لتراه ينزل مسرعاً من سيارته وتوقف محدقاً فيها بصدمة بينما يراها تجلس مقرفصة بجوار حائط بيته تحيط ساقيها بذراعيه ووجهها غارقٌ بالدموع .. أسرع نحوها ناظراً لها بألم ولم تستطع النهوض من مكانها وارتجفت شفتاها وهي تهمس اسمه بوجع باكية ليزفر بحرقة وانحنى ليلتقط كفها ويشدها إليه رافعاً إياها عن الأرض وجذبها بقوة إلى أمان ذراعيه واحتواها بلهفة وهو يهمس

_"أنتِ بخير .. أنتِ بخير حبيبتي"
لم تكد تشعر بوجودها داخل حصن صدره الآمن حتى انفجرت بالبكاء وهي تشهق اسمه ويداها انغرستا في ظهره وهي تدفن نفسها داخله أكثر تستمد منه مسكناً لذلك الوجع الذي ينخر روحها دون رحمة ... أحست بيده تربت على شعرها بحنان وهو يخبرها دون توقف أنّه معها الآن وأنّها بخير ولن يقربها الأذى في وجوده .. شعرت به يرفعها بين ذراعيه ما أن أحس بارتخاء جسدها وأنّها توشك على الانهيار .. حملها برفق متجهاً للبوابة وفتحها دون أن ينزلها لحظة .. أحكمت ذراعيها الملتفتين حول عنقه وأسندت رأسها بتعب إلى كتفه وأغمضت عينيها تاركة الظلام يسحبها إلى أعماقه مطمئنة لوجودها الآن في أمان .. هي هنا معه ... هي محُاطة بأمانه ورعايته ولا شيء آخر يهم في هذه اللحظات.
**********************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-03-19, 05:07 PM   #493

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

زفرت (سؤدد) بضيق وهي تنظر في اتجاه الرجل الذي وقف منتظراً إياها بانتباه شديد وتمتمت من بين أسنانها
_"ذلك الوغد .. لقد فعل في النهاية ما قاله ... حسناً سيد (مراد) أنت جلبته لنفسك"
اتجهت نحو سيارتها ليقف الرجل قائلاً باحترام

_"مرحباً سيدتي .. أنا (رامز) سأكون في خدمتكِ بدلاً عن السيد (مراد) حتى .."
قاطعته بنزق وهي تلوح بيدها

_"لا حاجة لوجودك"
ارتفع حاجباه في دهشة وقال
_"عذراً؟"
التفتت ترمقه ببرود وقالت وهي تفتح باب السيارة
_"كما سمعت .. لست في حاجة لخدماتك .. يمكنك الذهاب"
_"لكن سيدتي"
تجاهلته وهي تركب السيارة وقبل أن تغلق بابها سمعت رنين هاتف حارسها الجديد ودون أن يرد أسرع نحوها قائلاً
_"المكالمة لكِ سيدتي"
التفتت له بدهشة ورمقت الهاتف بحاجبين معقودين ليقول مبتسماً بهدوء

_"السيد (مراد) يريد التحدث إليكِ"
تباً له .. كيف عرف؟ .. زفرت بحنق وهي ترمق الحارس الذي كان يقاوم ابتسامته المتسلية وكأنما يعرف منذ البداية ما سيحدث .. بالتأكيد حذره منها .. ذلك الوغد .. انتزعت الهاتف من يده ورفعته إلى أذنها ليأتيها صوته الحازم يقول

_"مرحباً آنسة (سؤدد) .. كيف حالكِ؟"
تمتمت ببرود
_"بأفضل حال ما دمت بعيداً"
ران الصمت لحظات ليأتيها صوته قائلاً ببرود أشد من برودها
_"جيد .. لكن كما أتوقع فمزاجكِ السوداوي يتحكم في تفكيركِ العقلاني كالعادة"
_"ماذا؟"
هتفت بحدة ليقول

_"لقد أخبرتكِ أنني سأختار أكفأ رجالي لحراستكِ في غيابي لذا أتوقع منكِ أن تتعاملي على أساس أنني لا زلت موجوداً .. (رامز) سيرافقكِ لكل مكان تذهبين إليه .. لا تعتقدي أنّ شيئاً تغير بغيابي، حسناً"
هتفت ويدها تنقبض على مقود السيارة
_"تباً لك .. لا تتحدث معي بهذه الطريقة ... يبدو أنّك نسيت من يعمل عند من .. أنا لا أتلقى الأوامر منك سيد (مراد)"
ردد ببرود
_"أولاً أنا لا أعمل عندكِ .. ثانياً .. أنا الآخر لا أتلقى الأوامر منكِ آنسة (سؤدد) .. أتوقع أن تتخلي عن انفعالاتكِ الطفولية وتركني قليلاً لعقلكِ آنستي"
_"كيف تجرؤ؟"
أخذ نفساً قوياً وهمس

_"أنا لا أعرف ماذا يغضبكِ لهذه الدرجة .. هل يا تُرى ..؟"
قطع جملته لتقطب بتوجس وشعور غير مريح تسلل لقلبها لتأتي بقية جملته ناسفةً كل تعقلها
_"هل يا تُرى غيابي هو السبب في حالتكِ هذه؟ .. ربما .. أنتِ لا تحبين أن يرافقكِ رجلٌ آخر غيري .. أنتِ تفتقدينني، صحيح؟"
اتسعت عيناها وأبعدت الهاتف تحدق فيه بذهول قبل أن تعض على شفتها وتهمس بحنق .. ذلك الوغد .. ما الذي يهذي به؟ .. أعادت الهاتف لأذنها قائلة بحدة

_"لا بد أنك فقدت عقلك .. ما الذي تهذي به الآن؟ .. اسمع .. لقد أخبرتك مسبقاً .. لقد سأمت هراء الحارس الشخصي هذا ولا شيء أبداً سيجبرني على الاستمرار في هذا الوضع .. اعتبر أنّ مهمتك انتهت .. أنا لست في حاجة لك ولا لغيرك بعد الآن .. وداعاً"
قبل أن تغلق الهاتف أتاها صوته بارداً كالثلج وهو يقول في صرامة

_"تجرأي وغادري وحدكِ (سؤدد) ولا تلومي أحداً بعد ذلك سواكِ"
شهقت مع كلماته المهددة وارتُج عليها للحظات ولوهلة ارتجف قلبها مع لهجته الصارمة قبل أن يتغلب عليها عنادها وغضبها وهي تهتف
_"كيف تجرؤ على التحدث معي بهذه الطريقة؟ .. هل نسيت نفسك؟ .. إياك أن تكلمني هكذا مرة أخرى، هل تفهم؟ .. ولعلمك أنا سأفعل ما يحلو لي من الآن فصاعداً وأنت .. اذهب للجحيم بأوامرك"
أغلقت الهاتف وألقت به نحو الحارس الذي التقطه بسرعة لتهتف فيه وهي تغلق باب السيارة
_"لا تجرؤ على اللحاق بي"
وقف مكانه ينظر للسيارة التي انطلقت نحو البوابة الخارجية وأطلق صفيراً وقال مبتسماً وهو ينظر للهاتف
_"كان الله في عونه .. لا بد أنّه رجلٌ خارق لتحملها كل هذا الوقت"
نظر نحو السيارة التي توقفت أمام البوابة وأسرع وهو يبتسم بهدوء وسمعها تهتف في حارس البوابة بغضب ليقول الأخير بحرج
_"آسف آنسة (سؤدد) لكن السيد (رفعت) أعطاني أوامر صارمة بعدم خروجكِ بمفردكِ ... قال أنّه إما أن يرافقكِ الحارس الجديد أو لا تغادري أبداً"
تنفست بحدة وهي تقبض كفيها .. ماذا؟ .. لقد تأكد ذلك الوغد من ألا يترك لها منفذاً في غيابه .. تباً له .. لمحت خيالاً يتوقف أمام نافذتها فالتفتت لتجد الحارس الجديد مبتسماً لتعض على شفتها بقهر .. عندما يعود ذلك الوغد ستعرف حسابها معه .. فليعد فقط وستجعله يندم .. سمعت بتشوش صوت حارسها يقول

_"إذن سيدتي .. ماذا قررتِ؟"
زفرت بنفاذ صبر وهي تشير له أن يركب .. ما باليد حيلة .. هي يجب أن تغادر .. لكنّها ستتأكد من أن تنتقم من ذلك الأحمق عندما يعود .. سمعت صوت الباب يُغلق فالتفتت لتجد حارسها المؤقت يلف حزام الأمان حول جسده وغامت عيناها وهي تنظر له وانقبض قلبها بشعور مزعج وعادت كلماته تتردد بعقلها وهو يقول بعبث
_"أنتِ لا تحبين أن يرافقكِ رجلٌ آخر غيري .. أنتِ تفتقدينني، صحيح؟"
أغمضت عينيها وهي تكز على أسنانها .. تباً له ذلك الأحمق .. فلتحترق في الجحيم لو كانت كذلك .. من هذه التي تفتقده؟ .. كان يمكن أن يكون هذا اليوم أسعد أيام حياتها لولا أنّه أحضر لها حارساً بديلاً وحرق دمها باتصاله ذاك ... ضغطت أكثر على دواسة الوقود وهي تفكر .. منذ ذلك اليوم في المصعد كانت تفكر كيف ستواجهه مجدداً واضطرابها وتوترها يزداد مع تكرر نفس أحلامها الغريبة .. رحمها عندما اتصل فجأة ليخبرها أنّه لن يتمكن من مرافقتها كما أخبرها من قبل وأنّه سيكلف أحدهم لمتابعة عمله حتى يعود .. تباً .. لقد أخبرته بصريح العبارة أنّها لا تريد أحداً ومع ذلك نفذ كلامه وعيّن حارساً جديداً لها .. الأسوأ أنّه قرر أنّها لن تسافر خارجاً إلا برفقته وأخبر جدها بالأمر وأقنعه بخطورة سفرها دون حراسته الشخصية .. لذا لم تستطع السفر بعد أن كانت قد قررت أن تذهب لمقابلة تلك الفتاة .. الأحمق .. هل يعتقد أنّه سيجبرها بهذه الطريقة على التخلي عن خطتها .. هل يحاول إضاعة وقتها حتى لا تستطيع مقابلة الفتاة ويفسد خطتها كلها .. حسناً لا بأس .. هي ستجد مخرجاً حتماً .. ستقنع جدها بضرورة سفرها بأي طريقة .. لن تعدم وسيلة .. ركزت على الطريق أمامها وحاولت طرد الصور التي ارتسمت أمام عينيها وكلها تُمثل شتى الطرق التي يمكنها أن تقتله بها بعد أن تعذبه وتشفي غليلها منه .. الوغد الأحمق .. عاد صوته المستفز يتردد داخلها بخبث
"أنتِ تفتقدينني، صحيح؟"
_"اللعنة عليك أيها الوغد"
انتبهت فجأة أنّها قد هتفت الجملة بصوتٍ مرتفع فاجأ حارسها الذي التفت لها بدهشة قبل أن يضغط على شفتيه بقوة فعلمت أنّه يكتم ضحكته بصعوبة فزفرت بحنق وغضبها يشتعل بقلبها أكثر .. تجاهلته وهي تسرع بالسيارة في اتجاه المشفى لزيارة (راندا) والاطمئنان على حالة (هشام) الذي لا زال غائباً عن الوعي .. خلال دقائق كانت تصّف سيارتها أمام المشفى وغادرتها ليتبعها (رامز) في الحال بانتباه شديد وتجاهلته تماماً وهي تتجه للداخل في طريقها لغرفة (راندا) التي توقفت أمامها والتفتت له قائلة بحزم
_"انتظرني هنا"
أومأ برأسه في هدوء وهو يشد قامته في حزم لتقطب بضيق وعقلها يسترجع صورة ذلك الآخر .. هزت رأسها وهي تهمس داخلها بحنق .. لا .. هي لن تثبت أنّه كان محقاً .. هي لا تفتقده ولا تقارن بينهما الآن .. كل ما في الأمر أنّها تشعر بالغيظ الشديد كلما تذكرته .. أسرعت تطرد صورته من عقلها وطرقت الباب لتفتحه ما أن سمعت صوت (راندا) تأذن لها بالدخول .. دلفت للغرفة وهي تحاول رسم ابتسامة لطيفة على وجهها لكن محاولتها باءت بالفشل عندما قابلت عيناها وجه (آدم) واختفت ابتسامتها الصغيرة وزمت شفتيها لتنقل (راندا) بصرها بينهما بتساؤل لتسرع هي قائلة
_"كيف حالكِ اليوم (راندا)؟"
ومالت تقبل خديها وهي تسمعها تهمس بخفوت
_"بخير الحمد لله"
ألقت نظرة جانبية على (آدم) الذي قطب وهو ينظر لها بلوم لتهز رأسها بتحية هادئة فقالت (راندا) وهي تنظر لهما
_"ما الأمر؟ .. هل تشاجرتما؟"
أسرعت تنفي

_"لا .. لم نتشاجر .. لماذا سنفعل؟ .. هل تعتقديننا أطفالاً صغاراً؟"
رفعت (راندا) أحد حاجبيها وهي تقول
_"واضح"
قطبت قائلة

_"مجرد خلاف بسيط في وجهات النظر لا أكثر"
تمتم (آدم) وهو يُكتف ذراعيه

_"أنتِ متأكدة؟ .. مجرد خلاف في وجهات النظر؟!"
زفرت بضيق ورددت
_"(آدم) .. هل يمكننا أن نؤجل حديثنا هذا لوقتٍ آخر؟ ... لا أعتقد أن هذا هو المكان المناسب لمناقشة خلافاتنا"
نقلت بصرها بين شقيقها الذي قطب وهو يشيح بتجهم وعادت تنظر لابنة عمتها التي ابتسمت لها بتشنج واضح وقبل أن تقول أي شيء لتغير الموضوع أسرعت تسألهما

_"ما الأمر حقاً؟ .. (آدم) .. أنت لم تبد طبيعياً منذ حضرت وكنت متأكدة أنّ هناك ما يقلقك .. هل الأمر خاص بـ(سؤدد)؟"
نظرت له (سؤدد) بدهشة وانتبهت لملامح الإجهاد الواضحة على وجهه كأنّه لم ينم لأيام .. لا تعتقد أنّ خلافهما بشأن معرفته بخطتها الأساسية ورغبتها في الانتقام هو السبب .. لقد غضب بعد إصرارها الشديد على الاستمرار فيما تفعله رغم تحذيره لها ونصيحته لكن هو لن يصبح بهذا المنظر لمجرد غضبه أو حتى قلقه بشأن ما تفعله .. هناك أمر آخر يزعجه ومنذ فترة أيضاً .. هو متغير منذ فترة طويلة وذلك اليوم الذي اتصل بها ليتكلم معها كان يبدو متعباً بطريقة واضحة ولم تجد الفرصة لتسأله يومها لأنّه بدأ بلومها فور أن بدأ الحديث .. ما الذي يحدث معه؟ .. سمعته يتنهد وهو يجيب على (راندا)

_"لا شيء حبيبتي .. لا علاقة لـ(سؤدد) بالأمر .. أنا مشغول بالكثير من الأشياء هذه الفترة ولا أحصل على نومٍ كاف .. تعرفين أن شركتي ستحتاج لمجهود حتى تستقر الأمور"
زمت شفتيها وقالت

_"هل كان يجب أن تؤسس عملك الخاص بعيداً عن العائلة؟"
ابتسم وهو يقترب ليحتضنها بحنان

_"أنا لم أنفصل تماماً عن عمل العائلة صغيرتي .. المهم دعيكِ مني وركزي على صحتكِ وعلى صغيركِ، حسناً؟ .. هل نظرتِ لنفسكِ في المرآة .. تبدين مذرية للغاية .. هل تنتظرين أن يفر (هشام) فور رؤيتكِ؟"
همست بتذمر

_"أخي"
ابتسم مربتاً على رأسها وتحرك ليغادر أمام عينيّ (سؤدد) المدققتين وكادت تفتح فمها وتتحدث إليه عندما انفتح الباب فجأة واندفعت السيدة (ثريا) للداخل وهي تهتف بسعادة
_"(راندا) .. حبيبتي .. يا الله"
التفت ثلاثتهم إليها بترقب ولمعت عينا (راندا) بشدة وسمعتها تكمل

_"لقد استيقظ .. (سلمى) أخبرتني للتو .. (هشام) استيقظ أخيراً"
كادت تنهض من الفراش ليسرع (آدم) ويمنعها من الحركة فهتفت
_"لقد استيقظ (هشام) ... هل سمعت أخي؟ .. لقد عاد لي .. يجب أن أراه"
ربت عليها في حنان قائلاً

_"نعم حبيبتي سمعت .. لكن اهدأي قليلاً"
قالت (ثريا) وهي تقترب منها

_"لا زال الطبيب يعاينه حبيبتي .. لا يمكن لأحدنا زيارته الآن لكن سترينه بأسرع وقت عندما يسمح الطبيب .. فلتحمدي الله على سلامته الآن"
ابتسمت (سؤدد) بحنان وهي تراها تبكي بسعادة بين ذراعيّ والدتها وقد اختلط الدمع مع الابتسامات وشعرت بغصة تقف في حلقها فأسرعت تقول وهي تحاول التحكم في انفعالاتها

_"حمداً لله على سلامته يا (راندا) .. أنا .. سأذهب لأتصل بالبيت وأخبر الجميع"
أسرعت تغادر الغرفة بعد أن احتضنتها مرة أخيرة بقوة وأغلقت الباب وهي تخرج هاتفها لتتصل بشقيقها .. انتبهت على (رامز) يقف معتدلاً بانتباه فور خروجها وسمعته يسأل

_"هل كل شيء على ما يرام آنستي؟"
هزت رأسها بشرود وتحركت دون أن ترد عليه ليتبعها بقلق بينما كانت هي تتصل بـ(سيف) وتبلغه بالخبر .. أغلقت الهاتف وتحركت في اتجاه غرفة (هشام) لتقابل والدته وتطمأن بنفسها على حالته .. توقفت قبل أن تصل للغرفة عندما ارتفع رنين هاتفها فجأة ورفعته لترى اسم المتصل وقطبت وهي ترفض استقبال المكالمة .. لماذا يصر على إفساد مزاجها الجيد؟ .. عاد الرنين يتردد من جديد لتزفر بضيق ورفعت الهاتف مجيبة بحدة
_"نعم؟ .. لماذا تتصـ .."
أتاها صوته مقاطعاً بلهفة
_"هل أنتِ بخير؟"
تجمدت خطواتها وشعرت بقلبها يتوقف مع نبرة صوته ليأتيها صوته من جديد هامساً
_"هل حدث شيء (سؤدد)؟ .. أخبريني"
تنفست بقوة وهي تهز رأسها تطرد ذلك الشعور المزعج وهتفت بحنق
_"لا أعرف عما تتحدث .. أنا مشغولة الآن فلا .."
هتف بحدة

_"(سؤدد) أخبريني في الحال ماذا حدث؟"
قطبت هاتفة

_"من سمح لك بالحديث معي دون ألقاب سيد (مراد)؟ .. لا أذكر أنني منحتك الحق لتفعل"
زفر بحرارة قبل أن يأتيها صوته متعباً
_"آسف .. لم أقصد .. أنتِ تجبرين الحجر نفسه على النطق آنسة (سؤدد)"
أغمضت عينيها بنفاذ صبر وهي تحاول ألا تشتمه وسمعته يقول بعد لحظات

_"لقد كنت قلقاً عليكِ فقط"
ابتلعت لعابها بصعوبة مع نبرته الرقيقة الحانية .. تباً له .. ما الذي يحاول فعله؟ .. كانت مدركة بضيق لنبضات قلبها المتوترة فهتفت بضيق تتهرب من شعورها
_"شكراً لشعورك الطيب .. لا داعي له على الإطلاق، حسناً؟ .. لا تتصل مرة أخرى"
أسرعت تغلق الهاتف وزفرت بقوة .. رفعت يدها تتحسس خديها الساخنين بطريقة غريبة .. ماذا حدث للتو؟ .. ما الذي يحدث معها؟ .. تباً له .. لماذا تسمح له كل مرة بإرباكها؟ .. لا يجب .. لا يجب أن تعطيه الفرصة مرة أخرى .. تحركت مغيرة اتجاهها نحو الخارج وقد قررت أن تؤجل زيارتها لوالدة (هشام) .. لن تستطيع مواجهتها بهذه الحال .. لم تكد تدور على عقبيها حتى لمحت حارسها واقفاً بانتباه وعيناه تنظران لها بترقب فزفرت بحدة واقتربت منه ورفعت سبابتها في وجهه قائلة

_"هذا أول خطأ وسأتجاوزه .. خطأ ثان وسأستغنى عن خدماتك تماماً ولن يجبرني أحدهم على غير ذلك، مفهوم؟"
أومأ برأسه وتابعها بعينيه متنهداً بقوة وهو يردد

_"ما هذه المرأة بالضبط؟ .. كان الله في عونه حقاً"
أسرع يتبعها بخطوات سريعة نحو الخارج إلى حيث سيارتها التي انطلقت بها مسرعة وهي لا تتوقف عن شتم حارسها السابق وتوعده فور أن يتجرأ ويعود مرة أخرى .. ستجعله يرى النجوم في عز الظهر .. ستنتقم منه حتماً.
*******************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-03-19, 05:11 PM   #494

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتربت (همسة) من (عماد) الذي كان يقف متطلعاً عبر النافذة بهدوء وهو يمسك هاتفه الذي أغلقه لتوه .. راقبته بعينين مدققتين ملتقطة تعابيره التي كانت تتغير في كل لحظة وهو يتحدث على الهاتف وارتفع حاجباها وهي ترى وجهه يتغير تماماً وهو ينظر للخارج واختفى الضيق لتحل محله ابتسامة عابثة وهز رأسه قائلاً شيئاً لم تستطع سماعه .. أسرعت تقترب منه بينما يضع هاتفه في جيبه ويدور على عقبيه ليرتفع حاجباه في صدمة مع رؤيتها .. أجلى حلقه قائلاً بارتباك يكاد يكون غير ملحوظ لولا انتباهها لكل شاردة وورادة من تعابيره
_"هذه أنتِ (همستي)! .. ما الأمر؟"
استمرت في النظر له لبرهة قبل أن تهمس بعينين ضاقتا بتساؤل

_"مع من كنت تتحدث؟"
رفع يده يمررها في خصلاته بتوتر قائلاً

_"مكالمة خاصة بالعمل حبيبتي"
ضحك عندما ضيقت عينيها أكثر وقال وهو يعبث بشعرها

_"ما الأمر؟ .. هل اشتقتِ كثيراً للعب دور المحقق السري؟"
قطبت حاجبيها وقالت بتذمر

_"أخي .. لا تحاول خداعي"
رفع حاجبيه مستغرباً لتقول وهي تقترب منه خطوة

_"ما الذي يحدث أخي؟ .. أنت تتصرف بغرابة منذ فترة وأنا لاحظت هذا .. ما الذي تخفيه عني بالضبط؟"
ابتسم بهدوء مزيف

_"لا شيء حبيبتي .. لا تشغلي بالكِ .. ليس أمراً مهماً"
أمسكت يده قائلة برجاء وهي تنظر في عينيه
_"الأمر .. لا يخص ذلك الثأر، صحيح؟"
خفق قلبها بضيق مع نظرة عينيه وهو يحاول البحث عن إجابة فهمست بتوسل

_"أرجوك أخي .. أخبرني أنّه لا علاقة له بذلك الأمر .. قل أنّك صرفت نظراً عن ذلك الجنون .. تعرف أنّ هذا خطأ ولا يجب أن تستمر فيه .. لقد وعدتني أن تبحث عن الحقيقة أخي وتترك عقلك يحكم بروية وعدل .. لا تخذلني أخي .. أرجوك"
لمعت عيناه بحنان وهو ينظر لها وربت على رأسها قائلاً
_"لن أخذلكِ حبيبتي .. صدقيني .. لقد تغيرت الكثير من الأشياء .. لا يمكنني أن أخبركِ بشيء الآن لكن ثقي بأخيكِ ... أنا لن أرتكب المزيد من الأخطاء ولن أظلم أحداً"
ترقرقت الدموع في عينيها وهي توميء برأسها ليبتسم ويمسح على رأسها في حنان ويقول
_"أنا يجب أن أذهب في مشوار هام .. اهتمي بنفسكِ حبيبتي"
أغمضت عينيها حين مال يقبل جبينها بحب وأسرع بعدها ليغادر البيت تاركاً إياها تحدق في إثره .. تنهدت وهي تتحرك في اتجاه غرفتها لولا أن وجدت الممرضة تغادر من ناحية غرفة (مراد) التي يرقد فيها بعد عودته من المشفى .. اتجهت نحوها بسرعة وسألتها بترقب
_"كيف حاله؟"
أجابتها بهدوء وهي تهز رأسها

_"إنّه بخير .. يستريح قليلاً بعد أن أخذ دواءه"
أومأت لها لتنصرف ووقفت هي مكانها وعيناها معلقتان بباب الغرفة وفكرت بأسى متذكرة ذلك اليوم الذي كادت تموت فيه من شدة الخوف وهي تصل به إلى المشفى غارقاً في دمه .. خلال وقتٍ قصير لحقها (عماد) و(راجي) بعد أن كانت تشعر بالعجز الشديد والخوف ليحل مكانه شعور بالأمان وكأنّ وجود أخيها سيحل كل شيء .. لقد كانت دقائق طويلة ومريرة تلك التي انتظروا فيها خروج (مراد) من غرفة العمليات وبعدها حتى تستقر حالته وينتقل لغرفة عادية .. من الجيد أنّ جسده القوي ساعده سريعاً على التحسن والاستجابة للعلاج .. شقيقها كان غاضباً للغاية وهو يحاول معرفة من فعل شيئاً كهذا .. سمعت (راجي) يخبره أنه من المحتمل أنه عدو قديم منذ أيام عمله كضابط شرطة .. إذن هو كان يعمل في الشرطة .. (عماد) أخبرها أنه مر بالكثير .. ما الذي حدث وجعله يترك عمله في الشرطة ؟.. ما الذي حوله لذلك الشخص البارد الممتليء بالمرارة؟ .. هزت رأسها بأسى وغامت عيناها بألم وهي تتذكر تلك النظرات الأخيرة التي رمقها بها قبل أن يغيب عن الوعي .. ذلك الاسم الذي ناداها به وهو ينظر لها بتلك النظرات الغريبة .. (سارة) .. من كانت؟ .. لم تحاول سؤال أخيها أو (راجي) فلم يكن الوضع يسمح .. وجدت قدميها تتحركان في اتجاه غرفته وفتحت بابها برفق وتأملته بحزن وهو غارق في النوم بوجهه الشاحب المريض ودعت الله أن يتحسن سريعاً .. من المؤلم أن ترى شخصاً قوياً مثله راقداً بهذه الحال في فراش المرض .. ابتسمت بمرارة وهي تتذكر غضبه في كل مرة كانت تناديه فيها بالرجل الخارق همست بخفوت وهي تلقي نظرة أخيرة على وجهه
"تحسن سريعاً يا رجل المستحيل"
أغلقت الباب برفق وتحركت مبتعدة في اتجاه غرفتها وهي تتنهد بحرارة .. كانت في منتصف الردهة حين رن جرس الباب فقطبت حاجبيها .. من سيأتي لزيارتهم؟ .. (عماد) غادر لتوه .. هل نسي شيئاً؟ .. ربما (راجي) قد نسي مفتاحه .. أسرعت نحو الباب بخطوات أقرب للركض وأسرعت تفتح الباب دون أن تنظر حتى في العين السحرية .. هتفت قائلة
_"ما الأمر هل نـ .."
توقفت الكلمات في حلقها وهي تحدق في الشخص الواقف أمامها بذهول وخفق قلبها بعنف وهي تحاول استيعاب ما ترى .. أتاها صوته يقول بلوم
_"هل هذه طريقة تفتحين بها الباب (همسة)؟ .. ماذا لو كان الطارق .."

لم تمنحه الفرصة ليكمل كلماته وهي تصرخ بلهفة وعيناه تدمعان بشدة
_"(فهد)"
قبل أن يبتسم أو حتى يجيبها كانت تندفع قاطعة الخطوة التي تفصلها عنه وقفزت متعلقة بعنقه وهي تهتف بذهول
_"(فهد) .. هذا أنت .. لقد عدت .. لا أصدق نفسي أنا أحلم .. لقد عدت إلي (فهد) .. لقد عدت"
شعرت بيده ترتفع بعد لحظات من صدمته والتفت ذراعاه حول جسدها يضمها إليه بقوة لترتفع أكثر عن الأرض وانغرست أصابع كفه خلف رأسها ومال ليدفن رأسه في عنقها متنفساً رائحتها التي اشتاقها بجنون كما اشتاق وجودها كله .. لم يتمالك مشاعره .. لم يتمالك اشتياقه المجنون إليها ونسى كل شيء .. نسى الماضي والدم وكل ما يفصله عنها ولم يتذكر سوى كونها أمامه .. يراها .. يلمسها ويشعر بها .. أخذ نفساً آخراً من رائحتها حبسه داخل قلبه المتلهف إليه وهو يهمس في عنقها بصوت مختنق بينما يشعر بجسدها يرتجف مع بكائها وهي لا تتوقف عن همسها باسمه
_"رباه ... اشتقت إليكِ .. اشتقت لكِ بجنون يا (همستي)"
شعر بذراعيها تضيقان أكثر حول عنقه وهي تهمس بتوسل باك
_"لا تتركني مرة أخرى (فهد) .. لا تتركني أبداً .. لقد كدت أموت بعيداً عنك .. لا تتركني أبداً حبيبي"
كلمتها الأخيرة أطاحت بذرة العقل الأخيرة التي كانت تلومه على عودته وأنانيته ونسفت آخر حجر في حصن مقاومته لها رفع رأسه عن عنقها وشدد ضغط كفه خلف عنقها وحركها ليبعد رأسها ويديرها نحوه ليغرق في عينيها الغارقتين بالدموع .. نظر لها بكل مشاعره ولوعته ومال يستند بجبينه لجبينها واقترب حتى تلامسا أنفاهما وهمس بحرقة
_"أبداً يا (همستي) .. أبداً يا لوعة قلبي .. يا حبيبتي .. أبدا يا همسة (فهد)"

*******************


تمدد (أحمد اليزيدي) على فراشه وأسند رأسه على ذراعيه المعقودين فوق الوسادة متطلعاً للسقف وتنهد مفكراً في الأيام القليلة التي تفصله عن حريته .. سيخرج عن قريب ورغم حديثه مع (عز الدين) وإنكاره لقلقه بشأن ما سيحدث من الآن فصاعداً فكل يوم يقربه من موعد خروجه يزيده توتراً .. إنّه قلق ولن ينكر هذا بينه وبين نفسه على الأقل .. يعرف أنّ (عز) محقٌ في كل كلمة ويعرف أنّ طريقه ما أن يخرج من هنا محفوفٌ بالمخاطر .. (توفيق) ليس سهلاً وقد ثبت له بالتجربة قديماً ما هو قادرٌ عليه .. ذلك الرجل شيطان .. بل أكثر من شيطان .. انقبض قلبه بوجع لم يتوقف طيلة السنوات الماضية .. لقد كان يعاقب نفسه على كل شيء .. هو كان السبب .. لقد أراد التخلص من ذلك المستنقع الذي أوقعه فيه شقيقه ووالده حين أشركاه دون أن يدري في عملهما القذر .. زفر بقوة .. هو يتحمل ذنب موت (رؤوف) وزوجته .. موت شقيقته (رقية) وزوجها وابنتهما .. ذنب ما حدث لابنته ولأسرته من بعده .. يتحمل كل هذا ولا يمكنه مهما فعل التحرر من ذنوبهم مهما فعل .. لمعت بعينيه دموع لم يسمح لنفسه بذرفها فهو لا يستحق تلك الراحة .. تذكر وجه شقيقته المبتسم حين ودعته آخر مرة قبل أن تسافر مع زوجها .. هل دفع بها لحتفها دون أن يدري؟ .. لم يكن أمامه خيارٌ آخر .. كان الخيار الآخر أن تتحطم حياتها بزواجها من ذلك الوغد (شوكت سليمان) .. اللعنة عليه .. كانت نظراته لشقيقته تخيفه وتقلقه نحوها واضطر ليرافقها بنفسه في أي مكان حتى اضطر لتعيين حراسة خاصة لها من أكثر الرجال الذين كان يثق بهم .. (أحمد سفيان) .. كان صديقه ويده اليمنى .. لقد ساعده كثيراً في إعداد خطته للتخلص من أعمال والده وشقيقه المشبوهة .. ابتسم في أسى مفكراً .. لم يعمل حساباً أن يكون (أحمد) عاشقاً لشقيقته من البداية ولم يدرك أنّها ستقع في حبه بالمثل .. لكنّه لم يعترض وقلبه ارتاح لأنّه سيطمئن عليها معه .. كان يعرف أنّ (أحمد) سيحميها بروحه لو لزم الأمر .. تذكر مهموماً ذلك اليوم الذي أخبر شقيقه برغبة (أحمد) بالزواج من شقيقتهما الوحيدة ليرفض بصورة قاطعة وأخبره ألا يتجرأ على فتح الموضوع مرة أخرى وصدمه بخبر خطبة (شوكت) لها .. يذكر جيداً شجاره مع شقيقه وهو يخبره أنّ ذلك الزواج سيحدث فقط على جثته .. فارق السن بينهما .. زواج (شوكت) من قبل وما فعله مع زوجته وتركه لها وابنها الصغير .. كيف فكر شقيقه في الأمر؟ .. كيف فكر بإلقاء شقيقتهما الصغيرة البريئة بين مخالب ذلك الشيطان؟ .. ما ذنبها إن أرادا الاثنان تعميق علاقتهما وعملهما بالزواج؟ .. ألم يكن كافياً زواجه من (ليلى)؟ .. هل يريد أن يرمي بـ(رقية) في جحيم (شوكت سليمان) من أجل مصالحه مع ذلك الأخير؟ .. لم يكن ممكناً أن يقف مكتوف اليدين ويترك شقيقته تنساق للجحيم .. أعد كل شيء دون أن يشعر شقيقه وكان يسابق الوقت عندما عرف أنّ (عزت) قرر أن يتزوجا خلال أيام وعرف أنّ حياة (أحمد سفيان) ستكون في خطر لو حاول التدخل لإيقاف الزواج .. كان عليه هو أن يسبقهما وينقذ شقيقته وصديقه .. أعدّ لها هي و(أحمد) هويتين مزيفتين وأسرع يعقد قرانهما في غفلةٍ عن شقيقه وخلال أيام قليلة كان يودعهما وهما يسافران ليعيشا حياتهما في أمان بعيداً عن تهديدات (عزت) وصديقه .... (شوكت) الذي اشتعل جنونه عندما عرف بهرب (رقية) وشقيقه أيضاً أقسم لو عثر عليهما سيقتلهما حتماً .. زفر بحرارة وألم .. هل كان مخطئاً فيما فعل؟ .. هو أراد حمايتها وسعادتها .. لكن ما الذي نتج عن فعلته سوى موتها بعد سنوات .. لا زال يذكر ذلك اليوم الذي زاره (توفيق) الذي كان الجميع يعتقد أنّه مات وتخلصوا من شره .. حين أخبره ببرود أنّه عاد ليجعله يدفع ثمن ما فعل وخيانته لهم قبل سنوات وأنّهم بدأوا بشقيقته .. أخبره أنّ (عزت) نفذ قسمه قبل سنوات بعد أن عثر عليها هي وزوجها وأنّه قتلها هي و(أحمد) وطفلتهما .. لحظتها شعر بالأرض تنهار أسفل قدميه .. لم يصدق أنّ (عزت) فعل هذا بشقيقتهما الوحيدة .. كان يعرف أنّ (شوكت) قادرٌ على فعلها انتقاماً لهربها منه .. لكن (عزت) .. (عزت) مهما بلغ غضبه منها لن يفعل هذا .. زفر بحرقة ومسح بقوة دمعة سقطت على خده وهو يهمس
_"آسف (رقية) .. آسف يا حبيبتي .. كل هذا بسببي .. عزائي الوحيد أن تكوني عشتِ تلك السنوات القليلة مع (أحمد) في سعادة .. آسف حبيبتي لكنني سأعوضكِ قريباً .. سآخذ بثأركِ منهما .. سأجعلهما يدفعان كل لحظة ألم عشتِها تلك الليلة"
طيلة هذه السنوات كان يحترق بالذنب ولا يريد أن ينسى .. عليه أن يحتمل قليلاً مع ذلك العذاب .. هذا سيكون دافعه ليصل إلى (توفيق) و(شوكت) ليأخذ بثأره وثأر كل أحبائه الذين خسرهم .. سيفعل هذا بأي ثمن حتى لو كان آخر شيء يفعله بحياته .. انتبه على صوت مفاتيح في الخارج قبل أن يسمع صوت مزلاج الزنزانة يفتح والحارس يفتح الباب ويطل عليه قائلاً
_"هناك زيارة لك"
اعتدل ينظر له بتساؤل قبل أن ينهض من مكانه وعدّل ثيابه وهو يتحرك برفقته للخارج .. قطب مفكراً .. من يكون؟ .. ليس (عز الدين) فهو قد زاره أمس فقط ليتناقشا لمرة أخيرة في خطتهما .. توقف لحظة قاطباً حاجبيه بترقب .. هل يمكن أن يكون .. أخذ نفساً عميقاً وهو يتحرك من جديد بخطوات أسرع بينما يدعو أن يصح تخمينه .. هذا سيغير الكثير جداً .. دخل إلى الغرفة التي أشار إليها الحارس وتوقف عند بابها وارتفع حاجباه رغم توقعه لهوية زائره .. خفق قلبه بترقب وراحة وهو يرى (عماد) ينهض من فوق مقعده ملتفتاً نحوه .. النظرة التي ظهرت في عينيّ (عماد) وهو ينظر إليه أخبرته بكل شيء .. استقر قلبه القلق المهموم بارتياح بين ضلوعه وهو ينظر ملياً إلى وجه ابن شقيقه وابنه الأول قبل أن يُرزق بـ(سؤدد) .. قلبه أخبره أنّه وصل للحقيقة أو هو على وشك أن يرسو على شاطئها أخيراً .. اقترب بخطوات هادئة وعيناه لا تحيدان عن وجه (عماد) الذي ارتسم التوتر على ملامحه رغم كل محاولاته ألا يبدو كذلك وابتسم له قائلاً وهو يمد يده
_"مرحباً (عماد)"
نظر (عماد) إلى كفه الممدودة بتردد وعاد يرفع رأسه ينظر إلى عينيه اللتين أعادتا له ذكريات سنوات ماضية كان فيها ذلك الرجل مثله الأعلى ووالده .. مد يده ليصافح عمه الذي اشتدت قبضته على كفه ووجد نفسه يهمس بخفوت
_"مرحباً عمي .. كيف حالك؟"
اتسعت ابتسامة عمه مع سماعه يناديه بعمى ونظر إليه بحنان وثقة .. قبل أن يشد يده أو يسمع إجابته كان (أحمد اليزيدي) يجذبه بقوة نحوه واتسعت عينا (عماد) حين أحاطه عمه بذراعيه محتضناً وربّت على ظهره بقوة وهو يهمس بحرارة
_"مرحباً بعودتك يا بني .. حمداً لله على سلامتك"
لم يستطع الابتعاد عنه أو دفعه بعيداً ووجد نفسه يرفع كفه ليربت برفق على ظهر عمه ولمعت دموع الاشتياق لنفسه القديمة حين كان يثق بذلك الرجل أكثر من نفسه .. سمعه يكرر جملته مرحباً بعودته وقلبه أخبره يقيناً أنّه كان مغترباً حقاً وأنّه الآن .. والآن فقط .. يشعر أنّه قد عاد بالفعل.
*******************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-03-19, 05:14 PM   #495

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

حركت (رهف) كرسيها المتحرك في اتجاه المصعد الداخلي لتصعد للطابق العلوي إلى حيث شقة أخيها .. ابتسمت بارتياح وهي تفكر في (هشام) الذي عاد أخيراً للبيت بعد أن سمح له الأطباء بالخروج اليوم .. تنهدت بحرارة وهي تحمد الله الذي نجاه من ذلك الحادث وأعاده لهم سالماً بعد أن ظنوا أنهم فقدوه للأبد .. اقشعر جسدها وهي تتذكر تلك اللحظات التي انهارت فيها (راندا) وتوقف قلبها هي معتقدة أنه رحل كوالدها .. هزت رأسها تطرد تلك الأفكار الحزينة وهي تغادر المصعد وتتحرك نحو شقة أخيها مستبدلة أفكارها بأخرى سعيدة وهي تفكر في حالته مؤخراً و(راندا) تغرقه بدلالها واهتمامها .. كادت تبتسم وهي تتذكر رؤيتهما معاً وكيف أصبحت (راندا) لا تخجل من ابداء اهتمامها ومشاعرها أمام الجميع .. الأسعد أن إحساسها بحمل (راندا) لم يخب واتضح أنّها حاملٌ كما خمنت وقريباً ستصبح عمة .. ابتسمت وهي تتخيل ذلك اليوم .. وكأنما استدعت (راندا) بتفكيرها وجدتها أمامها في اللحظة التالية وهي تغادر شقتها عبر الباب المشترك مع الفيلا وما أن لمحتها (راندا) ابتسمت بترحيب وهي تهتف

_"(رهف) هذه أنتِ عزيزتي .. جيدٌ أنكِ أتيتِ .. كنت على وشك النزول لأساعد ماما ( سلمى) في المطبخ"

ضحكت قائلة

_"(راندا هاشمى) والمطبخ؟ .. أعتقد أن هذه سابقة .. أتذكر أنكما كنتما تتناولان كل الوجبات برفقتنا أيتها الطباخة الماهرة"

ضربتها بخفة على رأسها وهي تقول بتذمر

_"ماذا تعرفين عني يا عسلية؟"

زمت شفتيها باعتراض على اللقب الذي ذكرها بذلك الوغد الذي يحيل حياتها جحيماً هذه الأيام بينما تتابع (راندا)

_"أنا فقط كنت في حرب مع شقيقكِ .. هل كنتِ تظنينني سأطبخ للأعداء؟"

لوت شفتيها قائلة بخبث

_"الأعداء؟! .. صحيح .. من يراكِ الآن وأنتِ ملتصقة به كالعلقة لن يفكر أبداً أن .."

أسرعت تقاطعها وتضع يدها على فمها هاتفة بحنق

_"حسناً حسناً لقد فهمت"

أزاحت (رهف) يدها ضاحكة وقالت

_"حسناً لا تدعيني أعطلكِ أيتها الطباخة الماهرة .. أنا أريد أن أرى أخي فلم أشبع منه بعد خاصةً وأنتِ تلتصقين به كالعلقة وتحتكرينه لنفسكِ منذ عاد للوعي"

هتفت (راندا) وهي ترفع يدها مهددة

_"أيتها الـ .."

أبعدت رأسها بحماية وهي تضحك لتتنهد (راندا) وتعيد ذراعها إلى جانبها قبل أن تبتسم بخبث وتقول بينما تتحرك لتغادر

_"حسناً اذهبي إليه .. لكن هناك من يحتكره الآن يا .. عسلية"

قطبت حاجبيها لتغمز لها (راندا) بعينها وتغادر وهي تهمهم بنغمة مرحة وانقبض قلب (رهف) وهي تفكر فيما قصدته .. لا معنى آخر لكلماتها .. بالتأكيد تقصد ذلك الوغد .. هل عاد من الشركة؟ .. شعرت بدمها يفور وهي تتذكر وقاحته معها والتي ازدادت في الأيام الأخيرة .. انقبضت يدها على ذراعيّ مقعدها .. الوغد الأحمق .. أصبح يتصرف معها بحرية زائدة ومهما فعلت لِتبعده عنها لا يفعل .. يتجاهل كل برودها ومعاملتها السيئة له بل وأصبح يتمادى ويغازلها كلما تصادف طريقاهما وهذا أصبح يحدث كثيراً .. الوغد صار يتعمد الظهور في طريقها طيلة الوقت .. لا يتركها تلتقط أنفاسها .. تباً له .. منذ تلك الليلة التي انهارت فيها بين ذراعيه والتي لم تسامح نفسها عليها، حين صرخت فيه بكل ما في قلبها وأخبرته أنها تكرهه وتكره قلبه القاسي .. ما الذي أصابه فجأة ذلك الأحمق؟ .. هل هذه طريقة جديدة لتعذيبها؟ .. هل عرف بنيتها الانتقام منه فقرر أن يسبقها ويقلب الأمور عليها؟ .. أغمضت عينيها وكزت على أسنانها بينما تتذكر كلماته التي لم يتوقف عن الهمس بها كلما اقترب منها متعمداً في غفلة عن البقية

_"صباح الجمال عسليتي"

أو يباغتها بعد خروجها من غرفتها فور استيقاظها هامساً بنعومة مستفزة

_"هل نمتِ جيداً يا قلب (عاصي)؟"

أو حين تستأذن لتذهب للنوم فيتعمد التسلل خلفها قبل أن تذهب لغرفتها هامساً في أذنها بوقاحة

_"أحلاماً سعيدة يا جميلتي"
_"لا تنسي أن تحلمي بي، حسناً؟"


وحين غافلها أمس وهي تقف بقرب أزهارها ولأول مرة يقاطع خلوتها معهن ودون أن تشعر كان يجلس بجانبها لتستفيق على لمسةٍ منه لخصلاتها وعندما التفتت إليه اتسعت عيناها بهلع وهي تجد نفسها قريبة منه للغاية وقبل أن تهتف فيه معنفة مال سريعاً نحو أذنها لتشهق بخفوت وتجمدت تماماً لتأتيها همسته التالية وأنفاسه الحارة لامست عنقها لتثير فزعها أكثر

_"هل تعرفين أن هذه الزهور تغار من فتنتكِ عسليتي؟ .. أنا متأكد أنهن يحسدنكِ طيلة الوقت"

قالها وابتعد ينظر في عينيها المتسعتين وغمز لها بعبث لترتجف شفتاها وهي تهمس

_"أ .. أنت .. ما الذي تعتقد أنك تفعل؟"

اتسعت ابتسامته العابثة وهو يقترب منها بدرجة خطيرة ويهمس

_"ماذا أفعل يا وردتي العسلية؟"

كزت على أسنانها وانقبضت يداها على كرسيها

_"قلت لكِ لا تناديني بـ .."

انقطعت كلماتها بشهقة مرتفعة وتوقف قلبها حين شعرت به يميل ليطبع قبلة فوق خدها وقريباً جداً من فمها واستغل صدمتها ليعمق قبلته لثوان وابتعد بعدها ينظر لوجهها المصدوم وهي تحدق فيه بأنفاس محبوسة واتسعت عيناها أكثر وهي تراه يحرك لسانه فوق شفتيه بتلذذ وغمز بعينه قائلاً بعبث

_"عسلية"

تنفست بقوة وهي تفتح عينيها عائدة للواقع .. الوقح .. زير النساء .. الوغد .. ماذا يظن نفسه؟ .. كيف أصبح يتعامل معها بهذه الجرأة؟ .. هل يعتقد أنه سيستميلها ثانية بهذه الطريقة؟ .. غامت عيناها وهي تستعيد ذكرى قبلته الأولى في عيد ميلادها وكلماته القاسية لها وهو يحطم قلبها بكل قسوة .. كيف جعلها تشعر أنها رخيصة وحقيرة .. والآن يأتي ليبيح لنفسه لمسها بهذه الوقاحة كأنما يملك كل الحق في هذا .. هل يعتقد أنها ستسامحه وتفتح قلبها الأحمق له من جديد؟ .. لا .. فليفكر مرة أخرى .. لقد سبق وحطم قلبها دون رحمة وهي لن تسامحه أبداً .. تسارعت أنفاسها وهي تتوعده .. لقد أصبح قلبها هكذا بسببه .. رباه كم تكرهه بقدر ما أحبته سابقاً .. دوت كلماته في رأسها وهو يهمس لها بثقة مستفزة

_"مهما كرهتِني ... قلبكِ العاصي هذا سيظل ملكاً لي .. سيظل قلب (عاصي) مهما أنكرتِ"

هزت رأسها بقوة ورفعته وهي تتقدم بمقعدها لتدخل شقة شقيقها .. لن تسمح له باستفزازها .. لن تسمح له أن يعتقد أنه يهز فيها شعرة واحدة أو أن بإمكانه هزيمتها .. دخلت الشقة واتجهت نحو غرفة (هشام) التي كان بابها موارباً وأخذت نفساً عميقاً ورسمت الجمود في تعابيرها استعداداً لرؤية ذلك الوغد دون أن تظهر أي تأثر .. أجل .. ستتجاهل وجوده تماماً وهو لن يجرؤ على الاقتراب منها أمام شقيقها .. كانت على وشك دفع الباب بكفها لتدخل حين سمعت صوته لتقطب بضيق وسمعته يهتف بغضب
_"حقاً؟! .. و لهذا كنت تحاول إقناعي بطلاقها في آخر مرة تحدثنا فيها؟"
ليجيبه (هشام) بهدوء
_"كان هذا لأجعلك تتوقف عن الدوران في تلك المتاهة الغبية التي حبست نفسك بها و تحسم قرارك المتردد بشأن علاقتكما"

شعرت فجأة بالأرض تهتز تحت قدميها ورفعت يدها إلى عنقها وهي تشعر باختناق مفاجيء .. طلاق؟! ... علاقتهما؟! .. تنفست بصعوبة .. (عاصي) متزوج؟ .. من؟ .. ومتى؟ .. شعرت بحرقة في عينيها .. ماذا أصابها؟ .. هل جُنت؟ ... فليذهب للجحيم .. لامست قلبها وهي تشعر بوجع شديد .. ما يهمها لو كان متزوجاً .. لقد أخرجته من حساباتها .. كادت تحرك كرسيها مبتعدة بعدما شعرت أنها ستنهار لو بقيت لحظة واحدة لتتوقف مع جملة (هشام) التالية التي نسفت كل اتزانها وهو يكمل

_"في النهاية هذه حياة شقيقتي الصغيرة و يجب أن أتأكد من سعادتها"

كل الألم الذي شعرت به تبخر تماماً ليحل محله شعور آخر من الصدمة والذهول .. شقيقته الصغيرة؟ .. من؟ .. تحشرجت أنفاسها .. (هشام) ليس لديه شقيقة غيرها .. لا. . لقد أخطأت الفهم بالتأكيد .. أصغت السمع بانتباه وقد شعرت بالدنيا توشك على الانهيار من حولها وسمعت (عاصي) يهتف بحنق شديد
_"آه بالتأكيد .. لماذا لا تقول أيضاً أنك فكرت في طلاقها لتزوجها من ذلك الأحمق المتملق الذي يحاول سرقتها مني"
_"أحمق متملق؟"
هتف بحدة
_"لا تدعي الجهل (هشام) .. ذلك الأجنبي اللزج الذي يعتقد نفسه جذاباً .. ابن خال (وتين هاشمي)"
هتف بدهشة
_"آه .. تقصد (كِنان)؟"
_"هه .. أرأيت؟ .. أنت تعرفه .. لقد كنت محقاً"
(كِنان) .. ما الذي يحدث بالضبط؟ .. عما يتحدثان؟ .. ما علاقة (كِنان) بالأمر؟ .. كانت ترفض الاعتراف بما فهمته .. لم تستطع التهرب طويلاً من تصديق ما سمعته حين أتت جملة (هشام) لتقضي على أي شك أو احتمالية أن تكون قد أساءت الفهم بينما يقول متنهداً بيأس
_"بالله عليك (عاصي) .. لا أفهم ماذا تريد .. ما علاقة (كِنان) بزواجك أنت و(رهف)؟"
هتف
_"لا تنكر أنه تقدم لخطبتها (هشام) .. لقد أخبرتني زوجتك بهذا و قالت أنك تبدو متحمساً للأمر"
هزت رأسها ودمعت عيناها بقوة .. لا .. لا .. هي تحلم بالتأكيد .. إنها في كابوس .. متى تزوجت (عاصي)؟ ... ما الذي يقوله (هشام)؟ .. إنّه يتحدث بجدية تامة ولا أثر للمزاح في صوته .. ما الذي يقولانه؟ .. متى تزوجها؟ .. لا يمكنها أن تصدق .. هي لا تتذكر شيئاً .. لا يمكن أن تكون قد فقدت تلك الذكرى مع ما فقدته من ذاكرتها بعد الحادث .. لا .. هي تتذكر جيداً كل شيء الآن .. كيف ستنسى أنها تزوجت ذلك الأحمق؟ .. شعرت بألم شديد في رأسها ولم تحتمل أن تبقى أكثر فأسرعت تتحرك مغادرة الشقة لتقابلها (راندا) وقد عادت وهي تحمل صينية طعام ولم تسمعها وهي تناديها بدهشة من حالتها الغريبة .. شعرت أن الطريق لغرفتها طويل وأنفاسها تختنق مع كل لحظة تمر .. شعرت بالدموع تحرق عينيها .. منذ لحظات كانت تكاد تختنق بفكرة أنه تزوج امرأة أخرى والآن تشعر أنها تريد الموت بعد ما سمعته .. دفعت باب غرفتها ودخلت ولم تكد تشعر بوجودها بأمان غرفتها حتى شهقت بقوة وهي تهز رأسها رفضاً .. لا .. لن تصدق .. هي ليست زوجة (عاصي) .. لن تعترف بهذا أبداً .. لابد من وجود خطأ ما .. لا يمكنها أن تكون زوجة ذلك الوقح .. ذلك العابث زير النساء .. سالت الدموع على خديها ... كان هذا حلمها قديماً كيف حدث وأصبح كابوساً بهذه الطريقة؟ .. منذ صغرها حلمت أن تكون زوجة (عاصي) .. والآن .. الآن تتمنى أن تستيقظ لتدرك أنها كانت في كابوس لا أكثر .. اللعنة عليه .. هو السبب ... لقد أفسد كل شيء .. هو حطم كل شيء جميل داخلها .. هو شوه تلك الأحلام البريئة .. كيف يأتي (هشام) الآن ويقول أنها دون أن تعرف زوجة لذلك الوغد عديم القلب .. عادت لرأسها مواقفه الأخيرة ولمساته المختلسة واقترابه الوقح منها .. لهذا كان يتصرف كأنها ملكه .. لهذا كان يتبجح بملكيته لها وأنها لا تملك مهرباً من مصيرها معه .. شدت قبضتيها فوق مقبضي كرسيها وهي تهتف

_"لا .. هذا مستحيل .. هذا كذب .. هذا لن يكون أبداً"
يجب أن تتحدث مع شقيقها .. عادت تحرك كرسيها نحو الخارج لتتوقف فجأة مفكرة .. ربما كانت هذه فكرة سيئة .. ربما ادعاء الجهل أفضل الآن .. لو أدرك أنّها عرفت الحقيقة فربما حاول تحويل الأمر إلى واقع والتبجح بملكيته لها دون أن يهتم لرأي أحد ... لا .. ستدعي أنّها لا تعرف شيئاً حتى تجد مخرجاً من هذه المشكلة .. لم تكد تحسم أمرها وتتنفس بحزم وهي ترفع يدها تمسح ما علق في رموشها من دموع حتى انتفضت بخفوت على باب غرفتها الذي انفتح فجأة ورفعت رأسها بصدمة لتلتقي عيناها بوجه (عاصي) المليء بانفعالات جعلت قلبها يتوقف .. لم تتمالك نفسها وهي تهتف بغضب
_"ماذا تفعل هنا؟ .. وكيف تدخل غرفتي بهذه الوقاحة؟"
تأملها للحظات بنظرات مدققة كأنما يحاول قراءة تعابيرها بحثاً عن إجابة ما .. حاولت جاهدةً ألا تظهر شيئاً يدينها لكنّها علمت أنّها مكشوفة أمامه بينما لا تسطتيع إخفاء نظراتها الجريحة الكارهة .. سمعته يزفر بقوة وهو يتقدم نحوها بخطوات حاسمة جعلت قلبها يخفق بعنف وترقب .. توقف أمامها قائلاً بحسم ودون تردد

_"هل عرفتِ؟"
حاولت التحدث ببرود

_"عرفت ماذا؟ .. أنا لا أعرف عما تتحدث .. ثم إنك لم تجبني .. من سمح لك بدخول غرفتي دون إذن؟"
تنفس بقوة وشعرت به يتمالك أعصابه بصعوبة وهو يتمتم
_"(رهف رضوان) لا تغيري الموضوع .. أعرف جيداً أنكِ كنتِ لتوكِ بشقة (هشام) .. لقد عرفتِ بالأمر وهذا واضح تماماً"
رمقته بكراهية واضحة وهي تهتف بغل
_"أنا لا أعرف عما تتحدث .. لا يحق لك أبداً أن تدخل إلى غرفتي هكذا .. غادر في الحال وإلا .."

اقترب ليميل نحوها واستند بذراعيه لمقبضيّ كرسيها قائلاً ببرود
_"وإلا ماذا يا زوجتي الحبيبة؟"
ارتجفت نظراتها بصدمة وقد سحب البساط من تحت قدميها ورمى بالحقيقة في وجهها بعد أن كانت تنتوي إدعاء الجهل .. سواء عرفت أو لا هو كان قد قرر أن يتخذ تلك الخطوة نحوها .. أن يفرض عليها حقيقة كونها له .. زوجته وملكه .. تباً له .. تباً .. تباً .. لم تتمالك حرقتها وهي تهتف
_"تباً لك (عاصي رضوان) .. تباً لك أيها الوغد .. توقف عن كذبك اللعين هذا .. أنت .."
اقترب بوجهه منها ينظر في عينيها مباشرةً قائلاً دون تراجع

_"أنا زوجكِ يا (رهف) .. أنا أعرف أنكِ سمعتِ بأذنيكِ هذه الحقيقة .. وسواء سمعتِ أو لا .. أنا لم أكن أنوي أن أخفي هذه الحقيقة طويلاً .. ليس وأنتِ تكادين تضيعين مني"
حدقت فيه بذهول ولمعت دموع القهر في عينيها لتتمتم من تحت أسنانها بارتجاف
_"أنا .. لست زوجتك (عاصي رضوان) ولن أكون أبداً .. أنا لا أذكر شيئاً من هذيانك هذا .. ولا أعترف به .. اذهب واخدع ساذجةً غيري"
_"أنتِ زوجتي (رهف) .. زوجتي ولن يغير إنكاركِ شيئاً من هذه الحقيقة .. لا تحاولي الهرب منها حبيبتي فأنا أنوي فرض هذه الحقيقة من الآن فصاعداً على الجميع وأولهم أنتِ .. حتى لا يجرؤ أحدهم على التفكير في الاقتراب منكِ"
هتفت بكراهية
_"مستحيل .. أنا لا أعترف بهذا الزواج ولا أذكر متى حدث .. لم يأخذ أحدهم موافقتي أصلاً .. لذا فهذا الزواج باطل من الأصل ويمكنك أن تأخذ ذلك العقد الباطل وتبلله وتشرب ماءه فربما عالجك من غرورك ووقاحتك هذه (عاصي رضوان)"
ناظرها لثوانٍ أحرقت أعصابها واسودت عيناه وهو يميل نحوها حتى لفحتها أنفاسه وقال مبتسماً بعبث

_"يؤسفني أن أخيب ظنكِ عسليتي .. عقد زواجنا صحيح تماماً .. هل تعتقدين عمي (فاروق) لم يتأكد من الأمر قبل أن يعقد قراننا؟"
تراجعت في مقعدها بصدمة وهمست بذهول

_"أبي؟!"
ارتجفت شفتاه وهو يحاول التحكم في نفسه حتى لا يأخذها في أحضانه مواسياً وراجياً أن تسمح له بفرصة أخرى ليعوضها كل شيء .. سمعها تواصل همسها المصدوم
_"أبي من زوجني لك؟ .. كيف؟ .. متى؟ .. أنا لم .."
اعتدل واقفاً وزفر قائلاً

_"أثناء غيبوبتكِ .. كان خائفاً أن يرحل ويترككِ بهذه الحال وكان طلبه الأخير أن نتزوج لأعتني بكِ"
كل ذهولها بما فعله والدها كان في كفة وصدمتها بجملته الأخيرة كانت في الكفة الأخرى وشعرت بطعنة قاسية بقلبها ... كان طلبه الأخير .. كان طلباً من والدها .. هو حتى لم يطلبها منه .. والدها هو من قدمها له .. وهو؟ .. هو وافق فقط لأنّه كان رجاء عمه الأخير .. لأنّه أوصاه بها لا أكثر .. لمعت الدموع في عينيها والجرح أطل بصورة واضحة عبرهما وهي تحدق فيه بألم لترتجف شفتاها بابتسامة ساخرة جعلته يقطب .. (عاصي رضوان) لم يكن ليتزوجها من نفسه .. هذا هو السبب .. وهي التي تساءلت كيف حدث الأمر .. لقد ظنت لوهلة أنّه .. حسناً .. لقد اتضح الأمر الآن .. هي لم تكن يوماً في حساباته .. لقد وافق فقط شفقةً على ابنة عمه المريضة .. كانت دموعها تسيل دون أن تشعر لتسمعه يهمس بنبرة غريبة وهو يركع أمام كرسيها ويرفع كفه ليمسح دموعها
_"(رهف) .. أنتِ .."
لم تحتمل لمسته التي شعرت بها كنار حارقة وضربت بكفها يده صارخة
_"لا تلمسني"
تراجع للخلف بحدة لتصرخ فيه بكل كراهيتها وحرقتها

_"لا تعتقد أنّ لك حقاً لعيناً فيّ .. أنا لا أعترف بك زوجاً .. أنا لم أوافق على هذا الزواج .. ولن أفعل أبداً"
لم تهتم لنظراته التي اعتمت بالغضب أو بشيءٍ آخر .. لن تفكر أنّه مصدومٌ .. هو لم يكن يريدها زوجة من الأصل .. سمعته يقول بخفوت

_"حقاً؟ .. لن تفعلي؟"
رفعت رأسها بتحدٍ

_"أجل .. أنا لن أكون زوجتك لحظة واحدة بعد الآن (عاصي رضوان) .. سأفسخ هذا الزواج اللعين بأي طريقة ولتضرب رأسك في أقرب حائط فلن يغير هذا شيئاً من قراري"
تراجع للخلف متنفساً بعنف وأدركت أنّه يتحكم بنفسه في صعوبة وأعماها غضبها عن أي شيء سوى رغبتها في طعنه بأسوأ طريقة

_"هل تعتقدين أنني سأسمح لكِ بالتحرر مني (رهف)؟ ..أنتِ ملكي .. زوجتي .. قلت لكِ لا شيء أبداً سيحرركِ مني"
صرخت بحدة
_"قلت لك لست زوجتك اللعينة أيها الوغد، هل تسمعني؟ .. أنت ستطلقني ولو اضطررت لمحاربتك في المحاكم طيلة حياتي"
ارتسم الجرح في عينيه لكنّها تعامت عنه تماماً وهي في غمرة ألمها وتخبطها وقالت إمعاناً في طعنه وهي ترفع رأسها بتحدٍ ولمعت عيناها بقوة وهي تقول

_"أنا أحب رجلاً آخراً وأنوي الزواج منه .. لا يمكنك الوقوف في طريقي بعد الآن"
الصدمة التي ارتسمت على وجهه وفي عينيه كانت أكثر من كافية لتشفي ألم قلبها وابتسمت بتشفٍ وهي تواجهه بثقة بينما يهمس بجمود وبنظرات سوداء

_"تحبين رجلاً آخراً؟ .. تريدين الزواج من رجل آخر؟"
ابتسمت باستفزاز متذكرة ما سمعته يخبر به (هشام) وأجابت ببرود

_"أنت تعرفه جيداً .. (كِنان العدناني) طلب يدي وأنا .."
صمتت لحظة تنظر في عينيه بتحدٍ لتتابع ببطء ونبرات قاسية
_"موافقة"
ألقت بقنبلتها في وجهه وعادت بظهرها لتستند لظهر مقعدها تنوي الاستمتاع برؤية تعابيره المصدومة لتتشفى فيه أكثر .. لم تجد الفرصة لتفعل فلم يكد ظهرها يلمس المقعد حتى كانت قبضتاه قد أحاطتا برسغيها وفي لحظة واحدة كانت ترتفع من مقعدها لتصطدم بصدره حين رفعها كأنها لا تزن شيئاً .. كانت مذهولة تماماً تحاول استيعاب ما حدث للتو لتشعر بذراعه الملتف حول خصرها يضغط على ظهرها أكثر يسندها بذراعٍ واحدٍ إلى جسده المتشنج بغضب واضح .. شعرت بنبضاته تحت كفها تنبض بقوة ورفعت عينيها تحدق في عينيه المشتعلتين بطريقة جعلت رجفة مخيفة تسري بكل خلاياها .. كفه الأخرى ارتفعت لتحيط بجانب عنقها وبفكها وهو يثبت رأسها ويجبرها على النظر إليه جيداً بينما يهمس بفحيح غاضب
_"تجرأي وأعيدي جملتكِ هذه مرة أخرى (رهف رضوان) .. تقولين أنكِ تحبين رجلاً آخراً وتريدين الزواج منه .. كرريها مرة أخرى يا (رهف) لو كنتِ تجرؤين"

ارتجفت شفتاها وهي تنظر له بهلع حاولت بصعوبة التحكم فيه ولمحت عيناه تسودان أكثر وهو يلتقط حركة شفتيها ليزداد رعبها .. ما الذي يحدث؟ .. كيف وصلا إلى هذه النقطة؟ .. ما الذي يفعله؟ .. كيف يجرؤ؟ .. همست بفحيح غاضب
_"ماذا تفعل؟ .. أنزلني في الحال"
صرخ بعنف وهو يشدد من قبضته عليها

_"كرريها يا (رهف) .. أريد أن أسمعها جيداً لأرى كيف بلغت بكِ الجرأة لتظني أنّ بإمكانكِ التفكير في رجل آخر ... كرريها لو استطعتِ"
عاد الغضب يتجدد داخلها ليغزو البرود نظراتها وهي تنظر له وقد توقفت رجفتها وهمست بتحدٍ ثلجي
_"هل تعتقد أنك تخيفني؟ .. فكر مرة أخرى .. ولا تغضب هكذا سأخبرك من جديد ربما لم تسمع جيداً من المرة الأولى ... أنا .. أحب رجلاً آ .. "
لم يتركها تكمل جملتها المسمومة .. قبل أن تجد الفرصة لتنطق بكلمة أخرى كان يشد رأسها نحوه ضاغطاً بكفه عليها بإحكام وقبل أن تستوعب كانت شفتاه تقتلان الكلمات فوق شفتيها وشهقة مكتومة انحبست في صدرها كما أنفاسها التي توقفت وعيناها تتسعان محدقة في عينيه اللتين رأت في أعماقهما صخب محيط هادر من المشاعر قبل أن يغمضهما تاركاً نفسه يغرق ويسحبها معه في تيار قبلته التي جعلت العالم ينهار من حولها .. قبلته التي كان يخبرها فيها بكل بساطة أنّها ملكه هو .. ولن تكون لرجلٍ آخر .. أبداً.
*******************
انتهى الفصل الثالث والعشرون
إن شاء الله ينال إعجابكم
أرق وخالص اعتذراتي وتحياتي

noor elhuda and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-03-19, 05:31 PM   #496

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الورد عليكم جميعاً ويا رب تكونوا بألف خير وسلام
اشتقت لكم كتير وغصب عني غبت عنكم لظروف صحية للأسف

بسبب ضغط العمل ساءت حالة ذراعي ورقبتي أكثر من الأول وكان صعب أكتب أو أستعمل اللاب حتى .. ونفسيتي تعبت أكتر

كان المفروض الفصل ينزل الأسبوع الماضي لكن بسبب النت السيء حتى الآن مقدرتش أنزله غير دلوقتي .. وبعتذر من المشرفين لو بنزل دلوقتي بس أنا مش ضامنة النت .. ممكن يفصل من تاني اليوم.

*المفروض كانوا فصلين لكن فضلت أدمجهم في فصل واحد طويل يضم معظم الأبطال
إن شاء الله الأحداث والمفاجآت بالفصل تعجبكم

أنا لسه راجعة من السفر بعد يوم شاق بالعيادة ولسه عندي شغل تاني بعد شوية .. هحاول على قد ما أقدر أرد على تعليقاتكم اللي تأخرت عليها ولو مقدرتش أكمل بكرة بإذن الله أتابع الردود

أرق وخالص تحياتي

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 25-03-19, 06:09 PM   #497

حلاوه بالحمص

? العضوٌ??? » 388460
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 130
?  نُقآطِيْ » حلاوه بالحمص is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته شكرا جزيلا علي الروايه الجميله

حلاوه بالحمص غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-19, 09:45 PM   #498

عبير سعد ام احمد
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية عبير سعد ام احمد

? العضوٌ??? » 351567
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,136
?  نُقآطِيْ » عبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond reputeعبير سعد ام احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

حبيبتيالف سلامة عليكي وحشتينا
تسلم ايدك علي الفصل
ايفا مسكينة كل تحامل علي والدها مكنش في محله وكانت بنت شرعية
وابوها كان بيحميها وللاسف معرفتش الا بعد وفاته
هشام فاق نفس اعرف هيحصل ايه لراندا الخادمة هتاذيها ولا حد هيلحقها
قبل الاكل
عماد ياتري هيساعد عمه في انتقامه بس امه جزء من الانتقام دة
هيتعامل اذاي مع امه


عبير سعد ام احمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-03-19, 11:37 PM   #499

زهرورة
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 292265
?  التسِجيلٌ » Mar 2013
? مشَارَ?اتْي » 2,283
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » زهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond reputeزهرورة has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

حمدلله ع السلامة حبيبتي شفاكي الله وعافاكي😘😘 ..الفصل كان دسم سديم اخيرا عرفت الحقيقة وامها الفرنسية ايفا الي هربت من كارل واتجوزت فاروق رضوان وبعدين انفصلوا وبعد سنين رجعوا وحملت بيها وسابتها عند احمد و قية اصحاب فاروق بس ياحرام لين ماقابلت جدها وجدتها مساكين😞😞 هي الي فضلت لهم بعد ماماتت بنتهم ايفا محتتجة وقت تستوعب كل الحقائق الي عرفتها وصدمتها وخصوصا انها بنت شرعية وهي ظلمت ابوها ..مراد قاعد يستفز في سؤدد حرام عليه انا زعلانة على شاهندة ياحرام اتعذبت كثير ومراد بيكرهها وهي ضحت عشانه😭😭 ..وعماد متى بيظهر لسؤدد منتظرة بشوق مشهد المقابلة بينهم بعد كل السنين وانه ماسابها زكان بيحميها ..همسة ورجوع فهد الاتنين صعبانين عليا مالهم ذنب في كل الي حصل 😖😖..رهف عرفت انها متجوزة عاصي بس شرعا لازم موافقة العروس يعني لو ماوافقت الزواج باطل شرعا بس هي مجنونة استفزته الله يستر صحت الوحش جواه..😈😈عماد راح لعمه واكيد حيساعد عمه عشان يكشفوا الحقيقة ..انجليكا اعتقد انها مسلمة ومخبية عشان تحمي نفسها هي واخوها بس هي بنت مبن🤔🤔 ..الفصل كان اكثر من رائع سلمت يداكي حبيبتي ع الفصل ودمتي بخير 😘😘

زهرورة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-03-19, 12:44 AM   #500

ام رنومة

? العضوٌ??? » 331559
?  التسِجيلٌ » Nov 2014
? مشَارَ?اتْي » 89
?  نُقآطِيْ » ام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond reputeام رنومة has a reputation beyond repute
افتراضي

والله عرفت ان ظروفا صحية حالت بينك وتنزيل الفصل انشاء الله لاباس ريي يشفيك

ام رنومة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:54 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.