آخر 10 مشاركات
106 ـ صيف في غيتسبرغ ـ بربارا بريتون ع. مدبولي (كتابة / كاملة** ) (الكاتـب : Just Faith - )           »          إمرأتي و البحر (1) "مميزة و مكتملة " .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          سباستيان...أنيسة (112) للكاتبة: Abby Green (ج3 من سلسلة دماء سيئة) *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          عواطف متمردة (64) للكاتبة: لين غراهام (الجزء الأول من سلسلة عرائس متمردات)×كاملة× (الكاتـب : Dalyia - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          فى مهب الريح " متميزة " ... " مكتملة " (الكاتـب : الزينب - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          تنظيف كنب بالخبر (الكاتـب : صابرين المغربى - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree989Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-04-19, 02:23 AM   #561

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل السادس والعشرون
انقبضت يدا (آنجيليكا) إلى جانبيها فوق مفرش سريرها وتنفست بصعوبة وهي حاول التحرر من قبضة كابوسها .. همست تنادي والديها بأنين بينما تتلفت حولها في الظلام الدامس .. سمعت أنفاسها تتردد في المكان حولها بصدى أثار خوفها أكثر .. حاولت البحث عن مخرج .. عن بقعة ضوء .. رددت دعاء خافتاً وشفتاها ترتجفان وهي تتقدم بخطوات مرتجفة .. سمعت خطوات سريعة خلفها .. خطوات لشخص .. لا .. ربما اثنان .. تلفتت حولها برعب وصوت الخطوات يتصاعد ويتشوش بعقلها فلم تعرف عدد مطارديها بينما تطلق ساقيها للريح .. لا تعرف من يطاردها .. ربما هم .. أو هو .. لا تعرف .. تعثرت فجأة وشعرت بدائرة حصارهم تضيق حولها .. نادت بخوف
_"أبي .. أمي .. أبي .. النجدة .. أين أنتما؟"
اقتربت الخطوات منها لتشهق متراجعة وهي ترى قاتل والديها يحدق فيها بوجه شيطاني تمثلت فيه أبشع كوابيسها ومخاوفها بينما رجاله الشياطين أحاطوها في انتظار أوامره .. لماذا أتت هنا؟ .. هي أوقعت نفسها في فخهم .. لماذا اقتربت من النار بإرادتها؟ .. سالت دموعها وهي تزحف محاولة الابتعاد .. نهضت تحاول الهرب ليوقفها خيال آخر فرد ذراعيه أمامها تعرفت فيه وجه (ألفريدو) .. هل عاد ليكمل اعتدائه عليها؟ .. هزت رأسها وهي تتلفت حولها بحثاً عن مهرب فلم تجد .. تنفست بقوة وهي تصرخ مندفعة نحوه لتدفعه بكل قوتها وتتجاوزه .. انطلقت بكل ما تملك من طاقة وأنفاسها تواصل ترددها السريع ودموعها لا تتوقف .. عادت تتعثر لكنها هذه المرة لم تسقط أرضاً ... جسداً قوياً استقبل جسدها لتسقط أمامه على ركبتيها وكفاها متشبثان بثيابه .. رفعت عينيها تنظر لوجهه الغارق في الظلام يطل عليها .. لم تر ملامحه لكن شعوراً غريباً بالأمان تملكها وهي تنظر إليه من مكانها .. لم تر نظراته لكنها شعرت بقسوتها وهو يوجهها خلفها إلي تلك الشياطين .. التفتت تنظر إليهم لتجدهم يتراجعون للخلف بخشية حتى اختفوا في الظلام .. سمعت صوته يهمس باهتمام
_"أنتِ بخير؟"
رفعت عينيها نحوه بوجل وقلبها يخفق بقوة .. إنه هو .. منقذها المجهول .. أجل ... إنه صوته .. تشعر بهذا .. طافت عيناها على جسده .. إنه نفس الجسد .. حاولت اختراق الظلام علّها ترى نظراته التي تشعر بها تخترق روحها بقوة .. ارتجفت وهي تشعر بنفسها مقيدةً إليه بسحر أسود .. لا زالت راكعة أمامه بضعف غريب .. ضعف لا تريده .. ورُغم رفضها له هي لا تستطيع أن تنهض ولا أن تتحرر من حصاره ..من قيد عينيه اللتين لا تراهما .. شهقت عندما انحنى فجأة نحوها وأحاط كتفيها بكفيه ليرتجف جسدها بقوة مع لمسته .. شعرت بنار تحرق مكان لمسته لها وخوف غريب تملك قلبها لكنها لم تستطع الابتعاد .. رفعها عن الأرض لتجد نفسها فجأة ملتصقة بصدره تسمع نبضات قلبه الصاخبة .. سمعته يهمس في أذنها
_"ملاكي"
شهقت وقلبها ينبض بعنف ودوامة عنيفة تسحبها إليه .. لم تشعر به وهو يجذبها من يدها لتسير خلفه كالمسحورة .. صوت مليء بالقلق ناداها لتتوقف بخوف وتنظر خلفها وتهمس بوجل
_"أبي"
لا تذهبي يا ابنتي .. سمعته يهتف
_"توقفي عندكِ .. هذا خطر .. لا تواصلي الطريق"
حاولت سحب يدها منه لكنّ قبضته اشتدت عليها لتلتفت له بخوف .. شعرت أنها ترى ملامحه الآن .. ملامحه التي تعرفتها روحها فقط .. تثير فيها مزيجاً من الخوف والأمان .. سمعت والدها يهتف بها في رجاء
_"تراجعي صغيرتي .. لا تذهبي معه .. ستضيعين .. لن تحتملي ظلامه يا صغيرتي .. تراجعي"
سالت دموعها بعجز وهي تحاول شد يدها والعودة لوالدها الذي مد يده لها .. شدت يدها بكل قوتها وهي تتنفس بسرعة وهزت رأسها رفضاً وروحها تلتقط نظراته اليائسة رغم الظلام المحيط به .. رأته يمد يديه إليها يدعوها لتأتي إليها .. اتسعت عيناها برعب وهي تشعر بقلبها وروحها يستجيبان لندائه غير المنطوق يدفعانها لتذهب إليه متخلية عن أمان النور حيث يقف والدها .. شعرت بنفسها تنقسم جزئين كل يشدها في اتجاه .. صرخت تقطع خيط السحر الأسود الذي يسحبها لظلمته المهلكة
_"لا .. لا"
تحركت خطوة تهرب في اتجاه والدها لتشهق بقوة وذراعاه تحيطان بها من الخلف تسحبانها إلى صدره .. ارتجفت بقوة وهي تشعر بأنفاسه تلامس رقبتها وسمعته يهمس بحرارة في أذنها
_"لا يا ملاكي .. لن تذهبي .. لقد دخلتِ عريني بمحض إرادتكِ .. لا تملكين الحرية لتذهبي بعد الآن .. أنت ملكي .. ملكي وملاكي أنا"
استمعت له بذهول وحركت رأسها برفض بينما لرعبها الشديد روحها تستجيب بلهفة لذلك النداء المغوي في صوته يدعوها لتغرق في ظلمته دون رجعة .. حتى لو ضاعت للأبد .. سمعته يهمس من جديد مشوشاً صوت والدها الذي رافق صوته المغوي كشيطان يعرف جيداً من أي ثغرة يتسلل إلى روح بشرية
_"لن تحتملي ظلامه يا ابنتي .. لا تستسلمي"
_"لقد كنت أنتظركِ يا ملاكي .. منذ أبدية طويلة وأنا أنتظركِ"
سالت دموعها وهي تنظر لطيف والدها يختفي بينما تشتد ذراع ذلك الغريب المظلم حولها حتى شعرت أنها تغرق في ظلامه .. تصبح جزءً من كيانه المظلم ونورها الضعيف يتسرب مبتعداً .. لا يكفي لينير ظلامه الحالك .. راقبت بهلع دموعها التي سقطت أرضاً لتتحول لجمرات مشتعلة كأنها تندمج لتصبح جزءً من جحيمه الخاص .. صرخت في رفض .. ترفض أن تصبح جزءً من الجحيم .. صرخت أكثر وهي تحاول التحرر منه
_"لا .. لا .. دعني .. لا .. لا"
كانت تنتفض في فراشها وصراخها الرافض أصبح أكثر وضوحاً وهي تبكي بتوسل .. صوتها وصل إلى (ليزا) لينتزعها من نومها فنهضت بفزع مندفعة إلى غرفتها بخوف ازداد وهي تراها تنتفض ويداها متشنجتان بقوة .. أسرعت نحوها تناديها لتستيقظ
_"(آنجي) .. استيقظي .. افتحي عينيك (آنجي) .. أنتِ تحلمين .. (آنجي)"
صرخت باسمها وهي تهزها بقوة لتفتح عينيها عن آخرهما وهي تهتف
_"لا .. لا"
هزتها بقوة لتعود للواقع وأمسكت وجهها تجبرها على النظر إليها وهي تهتف
_"انظري لي (آنجي) .. هذه أنا (ليزا) .. أنتِ بخير .. لقد كان مجرد كابوس"
حدقت فيها بذهول قبل أن تدير عينيها حولها بخوف لتنفجر بعدها باكية بحرقة وهي تهتف
_"إنه .. إنّه نفس الكابوس .. نفس الكابوس يا (ليزا)"
جلست بقربها وأحاطتها بذراعها وضمتها لصدرها تربت عليها بحنان أمومي
_"لا بأس .. أنتِ بخير الآن .. اهدأي"
سالت دموعها وهي ترتجف بقوة
_"نفس الكابوس لكنه بدا أكثر حقيقة .. بدا واقعياً جداً .. لا زلت .. لا زلت أشعر بـ .."
لمست كتفها مكان قبضته وأغمضت عينيها تشعر به لا زال يحيط بجسدها بتملك وسيطرة مخيفة
_"لا زلت أشعر بيديه تمسكان بي .. جسده يضمني إليه .. من هو؟ .. ماذا يريد مني؟ .. ماذا يريد؟"
كانت تردد كلماتها بضياع غريب لتهتف (ليزا) بحنان وهي تمسح على ظهرها
_"لا بأس اهدأي .. إنه كابوس لا أكثر .. ليس رجلاً حقيقياً حبيبتي .. إنّه في خيالكِ فقط .. كان كابوسا مخيفاً انسيه تماماً .. ربما أنتِ تفكرين في شيء يقلقكِ هذه الأيام وتجسد في أحلامكِ فقط"
همست بألم
_"لا أشعر أنه مجرد كابوس (ليزا) .. أشعر أنه .. أنه .."
رددت بضياع وهي تدور بعينيها في المكان
_"أشعر أنه قريب مني .. قريب جداً .. ينتظرني كما أخبرني .. لا أريد هذا .. لا أريد"
_"بكفي (آنجي) .. ماذا أصابكِ؟ .. تماسكي .. لا تخافي .. لن يحدث شيء .. ستكونين بخير"
أبعدتها برفق وهمست بحنان
_"سأذهب لأعد لكِ مشروباً دافئاً"
تشبثت بها بخوف غريب لتربت على كفها
_"لا تخافي سأعود بسرعة"
تابعتها بعينيها وهي تحاول التحكم في رجفتها الشديدة .. رفعت كفها كعادتها تحتضن قلادتها بقوة وأغمضت عينيها تردد دعاء متوسلاً أن يحميها الله .. فتحت عينيها فور أن أغلقتهما وقابلها الظلام يذكرها بكابوسها وعادت دموعها تسيل وهي تتساءل بخوف .. من يكون؟ .. وماذا يريد منها؟ .. هل ينتظرها فعلاً في مكانٍ ما أم هو مجرد كابوس كما قالت (ليزا) .. ازدادت قبضتها حول القلادة وهي تهمس برجاء
_"يا رب .. يا رب ساعدني وابعد عني كل شر .. احميني يا رب"
واصلت دعاءها وقلبها رغماً عنها يتذكر صوته وهمساته التي لا زالت تسمعها بوضوح وهو يناديها بملاكه .. دفنت رأسها في الوسادة وهمست برهبة وهي تقبض أكثر على قلادتها
_"من أنت؟ .. ماذا تريد؟ .. من أنت أخبرني؟"
وبقى سؤالها يتردد داخلها دون جواب أخبرها قلبها المرتجف أنّها ربما تحصل عليه قريباً جداً.
*********************
غادر الرائد (شريف) غرفة (أحمد اليزيدي) وتنهد بقوة .. نقل بصره بين أفراد الحراسة الخاصة التي تم تكليفهم بحراسة غرفته بعد تعرضه لمحاولة الاغتيال تلك .. قبض على كفه بغضب مكبوت وهو يتذكر الكلمات التي ألقاها في وجهه قائده ووالده الروحي (عز الدين)
_"لقد وثقت بك يا (شريف) .. اخترتك أنت من بين الجميع وكلفتك بحمايته .. كيف يحدث هذا؟ .. كيف تفشل في مهمة بسيطة كهذه؟ .. لقد خيبت ظني بك يا (شريف)"
ردد وهو يشد قامته بحزم
_"سيدي .. لقد تأكدت من كل شيء وأعطيت أوامري للرجال .. لقد تم تأمين المنطقة والعمارات المحيطة بمنطقة السجن وكان من المفترض أن تقله سيارة أحد رجالنا كما اقتضت الخطة لكن إطلاق النار حدث بعد دقائق معدودة من مغادرته"
_"هذا ليس عذراً يا سيادة الرائد .. كيف تقول أنك أمنت المنطقة والعمارات المحيطة وإطلاق النار تم من إحداها .. هل تفهم ما يعني هذا؟"
زفر بقوة موقفاً سيل ذكرياته وضرب الحائط بقبضته بقوة .. لا معنى آخر سوى ما يفكر فيه منذ بعض الوقت .. هناك عميلٌ مندس بين فريقه .. تذكر حادث اختطاف (وتين هاشمي) وذلك الرجل الذي كان يطاردها محاولاً الانتقام منها حتى وضع خطته ليصل إليه، وموافقتها على أن تصبح طعماً له .. ذلك الرجل كان الخيط الذي سيؤكد شكوكه بخصوص (منذر صفوان) ليسقط قناعه الذي يتخفى وراءه .. كان حصوله عليه يعني خطوة للإيقاع بـ(منذر) الذي يحتاج ولو دليلاً واحداً ليقوده للعدالة هو ومن خلفه .. ذلك اليوم كان من المفترض ألا يحدث أي خطأ .. تم تأمين المكان جيداً .. لكن ذلك الرجل لقى مصرعه وبرصاصة انطلقت من سطح إحدى العمارات التي يفترض أن رجاله كانوا يؤمنونها جيداً .. ضرب الحائط بقوة وحنق أكبر .. هناك خائن .. خائن كان يسرب خططه وتحركاته لذلك الوغد (منذر صفوان) ولابد أنه أيضاً من سرب خطة تأمين (أحمد اليزيدي) وتسبب في ثغرة استطاعوا التسلل منها لينفذوا خطتهم للتخلص منه .. (منذر) متورط في الأمر بالتأكيد .. بربط الخيوط ببعضها يعرف جيداً أنه متورط في محاولة الاغتيال ... ما لا يستطيع فهمه هو كيف لرجل مثله أن يفشل في محاولة اغتيال سهلة .. رجل مثله وبقوته وقوة من خلفه لن يفشل في هذا .. هناك أيضا أمر سيارة الاسعاف التي وصلت خلال لحظات معدودة من إطلاق الرصاص .. ما الذي يحدث بالضبط؟ .. الكثير من الأمور الغريبة تحتاج لفهمها .. وأمر ذلك الجاسوس بين رجاله .. يجب أن يجده بسرعة .. سيفيده كثيراً وربما استغله لاحقاً .. من الجيد أنّه شك بوجود عميل بين رجاله ليحتفظ بخطته مع (سؤدد اليزيدي) .. ربما وصل لـ(منذر) أخبار لقائها به، لكن لن يسمح لأحد في فريقه بمعرفة خطتها الرئيسية .. الآن تجمعت كل الخيوط وخطتها دون أن تعرف تشابكت خيوطها مع خطة والدها ورجال الأمن للإيقاع بنفس العصابة .. تحرك بعد أن أعطى أوامره للحراس وخطى مبتعداً وهو يفكر بشرود في مقابلته قبل قليل مع والد (سؤدد) وما تحدثا فيه .. كان غارقاً بأفكاره فلم ينتبه للشخص القادم في الاتجاه المعاكس والذي كان يتحدث على الهاتف .. اصطدمت كتفاهما بقوة ليلتفت كل منهما للآخر .. ردد اعتذاراً مقطباً وهو ينظر للرجل الذي ابتسم له بخفوت وهو يضع هاتفه في جيبه وهز رأسه بتفهم معتذراً هو الآخر .. قطب بشدة وهو ينظر له وحيرة غريبة تملكته ودفعته ليوقفه بسرعة هاتفاً
_"لحظة لو سمحت"
التفت له بتساؤل لينظر له بتدقيق شديد واقترب منه بحذر
_"معذرة .. هل أنت قريب للسيد (أحمد)؟"
هز رأسه قائلاً بهدوء
_"نعم .. أنا ابن شقيقه"
قطب بشدة قبل أن يمد كفه يصافحه بقوة
_"مرحباً سيد .."
قطع جملته بتساؤل ليرد عليه بابتسامة هادئة
_"(عماد) .. (عماد اليزيدي)"
_"مرحباً سيد (عماد) .. أنا الرائد (شريف) .. الضابط المكلف بالتحقيق في حادث عمك"
هز (عماد) رأسه قائلاً
_"مرحباً بك أيها الرائد وشكراً على المجهود الذي تبذلونه من أجل عمي"
أومأ (شريف) وهو لا زال يتأمله بشك دفع (عماد) ليقول مبتسماً
_"ما الأمر أيها الرائد؟ .. هل هناك ما تريد أن تخبرني به؟ .. بشأن عمي؟"
هز رأسه نفياً
_"لا .. لا شيء سيد (عماد)"
ابتسم له مردداً
_"حسناً .. تشرفت بلقائك ..سأذهب للاطمئنان على عمي .. أعتذر منك"
هز رأسه بشرود ولم يكد (عماد) يبتعد خطوة حتى أسرع يناديه
_"لحظة واحدة سيد (عماد)"
عاد يلتفت إليه لتقابله عينيه المليئتين بالشك والحيرة قبل أن يحسم أمره ويقول
_"هل التقينا من قبل سيد (عماد)؟"
ران الصمت للحظة واحدة و(عماد) يبادله نظراته قبل أن ترتسم ابتسامة هادئة على شفتيه بدت لعينيّ (شريف) شديدة الغموض وهو يهمس بهزة كتف
_"لا أعتقد هذا أيها الرائد .. لكن .."
نظر له بانتباه لتتسع ابتسامته وهو يكمل
_"تعرف .. يقولون يخلق من الشبه أربعين"
بادله نظراته للحظات قبل أن يهز رأسه قائلاً
_"ربما"
ردد (عماد) مبتسماً
_"فرصة سعيدة أيها الرائد .. ربما نلتقي من جديد"
هز رأسه يرد تحيته بشرود وتابعته عيناه وذلك الشعور المبهم داخله يزداد مثيراً شكوكه أكثر .. هو واثق أنّه قابله من قبل .. أين؟ .. رآه يختفي خلف باب الغرفة التي يرقد فيها عمه ليهز رأسه ويتحرك مغادراً دون أن يستطيع طرد ذلك الإحساس وهو دائما يثق بإحساسه وما دام عقله يخبره أنهما التقيا من قبل فهو واثق من أنهما قد فعلا .. لكن أين ومتى .. هذا هو السؤال..
**************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 02:26 AM   #562

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

تراجعت (رهف) في مقعدها تتطلع إلى شاشة حاسوبها برهبة .. تنفست بصعوبة وقلبها ينبض بسرعة وهي تنظر لكفها المرتجفة التي استقرت داخلها تلك الفلاشة الإلكترونية التي أعطاها إياها (هشام) حين ذهبت لشقته .. زفرت بقوة وهي تفكر في كل ما قاله .. لقد لجأت إليه لتشكو له ولتسأله لماذا فعلوا هذا بها؟ .. لكنّها فقط ازدادت حيرة .. أغمضت عينيها تستعيد صدمته برؤيتها وقد أرهقها الأرق والتفكير طيلة الليل .. لم تستطع النوم وهي تفكر فيما عرفته وما حدث بينها وبين (عاصي) .. ذلك الأحمق .. كيف يأتي الآن ليخبرها أنّه يحبها ويريدها .. كيف يجرؤ على معاملتها بهذه الطريقة؟ .. يعتقد أنّها ستسامحه بهذه البساطة؟ .. لقد حطم قلبها إلى شظايا .. لو كان باستطاعته لملمة كل تلك الشظايا وإعادتها لقلبٍ سليم لربما استطاعت أن تسامحه، لكنّها لا تستطيع أن تغفر له .. ليس وهي لا تستطيع أن تغفر لنفسها جريرتها في حق نفسها وأبيها .. صوت (هشام) وهو يهمس اسمها بقلق جعلها تنتبه له وهو ينهض متحركاً نحوها بصعوبة بسبب ساقه المصابة بينما أسرعت (راندا) تسنده وهي تهتف
_"لا تتحرك حبيبي"
اقتربت هي على مقعدها المتحرك وهي تقول
_"اجلس مكانك أخي .. لن آخذ من وقتك الكثير"
ساعدته (راندا) ليجلس والتفتت لها قائلة
_"أعتقد أنّكِ لم تتناولي الفطور بعد (رهف) .. سأعد لنا شيئاً سريعاً و .."
قاطعتها قائلة
_"شكراً (راندا) لا داعي .. أنا فقط أردت أخي في أمرٍ هام وسأغادر بعد قليل"
نقلت (راندا) بصرها بينهما وهزت رأسها قائلة
_"حسناً .. سأترككما بمفردكما .. حبيبي لو أردت أي شيء نادني فقط"
أسرعت تغادر وتركتهما وحدهما ليقول (هشام) بحنان
_"هل أنتِ بخير صغيرتي؟"
نظرت له بأسى للحظات امتزج بلومٍ كان واضحاً في نظراتها قبل أن تهمس بألم

_"لماذا (هشام)؟"
همس اسمها بخفوت لتواصل بلوم

_"هل كنت عبئاً ثقيلاً لهذه الدرجة؟ .. لماذا فعلتم هذا بي؟"
مال يلتقط كفها بين كفيه قائلاً برفق

_"(رهف) .. أنتِ أسأتِ الفهم .. ما حدث وقتها كان خارج إرادتنا .. أبي كان بين الحياة والموت .. كان خائفاً عليكِ من بعده و .."
هتفت تقاطعه بوجع
_"أنت كنت موجوداً أخي .. أنت كنت ستعتني بي من بعده كما اعتدت أن تفعل .. ما الحاجة ليرمي بي لرجلٍ لم يشعر نحوي سوى كوني عبئاً ثقيلاً على كاهله"
_"(رهف) صغيرتي .. (عاصي) ليس .."
سالت دموعها وهي تهتف بصوتٍ مرتفع
_"هو لم يرني يوماً سوى فتاة مدللة وغبية .. لقد تزوجني فقط من أجل أبي .. بالتأكيد توسله وهو على فراش الموت وهو الذي يدعي الشهامة والفروسية وافق فقط ليرد جميل أبي .. وافق شفقةً على المدللة التي انكسرت وتحطمت حياتها .. لماذا فعلتم هذا بي؟ .. كيف يفعل بي أبي شيئاً بهذه القسوة؟ .. كيف وافقت أنت أخي؟ ... كيف زوجتموني له دون موافقتي؟ .. كيف؟"
تنهد بقوة وهو يضغط على يدها

_"حبيبتي .. لم يكن الأمر هكذا .. اهدأي قليلاً واسمعيني .. أبي لم يفعل هذا سوى مفكراً في مصلحتكِ .. لقد عارضته ورفضت تماماً ما فعلاه هو و(عاصي) .. حاولت إقناع أبي بالتراجع لكنّه كان مصراً .. لم يكن بيدي شيء سوى الخضوع لرغبته الأخيرة .. أبي كان يائساً بشدة كما لم أره من قبل"
سالت دموعها أكثر مع ذكر والدها وتخيلها لوضعه يومها وهي غارقة في غيبوبتها بينما هو يصارع الموت .. كان يفكر فيها في آخر لحظاته .. كان قلقاً عليها في تلك اللحظات .. سمعت (هشام) يواصل
_"تراجعت عندما أخبرني أنّه سيترك القرار لكِ في النهاية وأخذ عهداً على (عاصي) أنّه لن يخبركِ بزواجكما إلا عندما يحين الوقت المناسب وأنّ رغبتكِ وحدها ستنفذ عندها"
نظرت له بحيرة فابتسم بحنان وربت على كفها متابعاً

_"رغم اعتراضي لأنني فكرت فيكِ وفي حالتكِ عندما تعرفين بالأمر، لكنني وثقت في حكمة أبي وتراجعت كما طلب مني حين أخبرني أن أراقب من بعيد وأخبرني أنني سأعرف الوقت المناسب الذي سأتدخل فيه .. أبي لم يرم بكِ لـ(عاصي) .. هل تعتقدين أنّ أبي لم يفكر أنني كنت موجوداً من بعده لأعتني بكِ .. لا .. لقد أوصاني بكِ في آخر لحظاته .. زواجكِ من (عاصي) كان رغبة أبي ولم يكن لها أي علاقة بحاجتكِ لمن يعتني بكِ .. هو سيخبركِ السبب بنفسه"
قطبت بتساؤل ليبتسم وتحرك لينهض من مكانه فأسرعت تقبض على يده تمنعه من الحركة فهز رأسه مربتاً على كفها قبل أن ينادي على (راندا) التي سرعان ما دخلت بملامح متغيرة وهي تنظر لها بأسى لتدرك (رهف) أنّها قد سمعت صوتها العالي وفهمت ما يحدث .. عضت على شفتها بألم وهي تتحاشى نظراتها وسمعت شقيقها يقول
_"حبيبتي من فضلكِ .. اذهبي لغرفة مكتبي .. ستجدين في الدرج الأول فلاشة الكترونية لونها فضي .. هل يمكنكِ إحضارها؟"
أومأت وهي تتحرك بسرعة لتحضر ما طلبه لتسأله بتوتر
_"ماذا هناك أخي؟"
نظر لها بحنان مشفق
_"لقد ترك لكِ أبي رسالة خاصة يا (رهف)"
خفق قلبها بقوة وتجمدت الدموع في عينيها ليتابع
_"لقد أوصاني أن أعطيكِ إياها في الوقت المناسب .. عندما تقفين على قدميكِ .. رُغم أنّه لم يعرف وقتها أنّكِ ستفقدين القدرة على الحركة لكنني أعرف ما قصده لحظتها .. أرادني أن أعطيها لكِ عندما تستعدين قوتكِ لمواجهة واقعكِ و رغبتكِ في الحياة من جديد .. وما رأيته مؤخراً جعلني أعرف أنّكِ أخيراً بدأتِ تقفين على قدميكِ .. أنتِ على استعداد لتواجهي مشاكلكِ بقوة وتخرجي من فخ الماضي، صحيح؟"
نظرت له بعينين دامعتين وتحشرج صوتها بحثاً عن الكلمات ليقاطعها صوت (راندا) تتنحنح وهي تدخل الغرفة ... نظرت ليدها التي امتدت نحو (هشام) بتلك الفلاشة الفضية وانقبض قلبها بترقب .. سمعت بشرود (هشام) يقول وهو يتناول الفلاشة من زوجته
_"شكراً لكِ حبيبتي"
ابتسمت له ونقلت بصرها بينهما قبل أن تترك الغرفة من جديد .. تنفست (رهف) بصعوبة و(هشام) يتناول يدها ليضع فيها الفلاشة قائلاً
_"لا أريدكِ أن تتسرعي في قراركِ صغيرتي .. استمعي لكلام أبي جيداً فهو سيجيب عن كل تساؤلاتكِ .. امنحي نفسكِ فرصة للتفكير قبل أن تأخذي أي قرار"
نظرت له بضياع من بين دموعها فنهض مقترباً منها ومال رُغم ألمه ليحيط كتفها بذراعه وضم رأسها لصدره هامساً
_"تذكري دائماً أنني معكِ (رهف) وأي قرار ستأخذينه سأكون معكِ فيه .. أنا وأبي معكِ .. فقط عديني أن تأخذي وقتكِ في التفكير وبحكمة، حسناً؟"
تركت رأسها يستقر لحظات على صدره تستمد من حنانه وقاومت دموعها بشدة لتبتعد هامسة
_"حسناً أخي .. أعدك"
اعتدل يربت على رأسها بحب وتحرك بعدها عائداً لفراشه لترمقه بنظرة أخيرة وتحركت لتغادر لتقابلها (راندا) قادمة من ناحية المطبخ
_"(رهف) هل ستغادرين الآن؟"
هزت رأسها وقالت قاطعة عليها أي أسئلة لمحتها في عينيها
_"أجل يا (راندا) .. أنا متعبة وأريد أن أرتاح قليلاً بغرفتي"
رافقتها نحو الباب قائلة بقلق

_"هل أوصلكِ إليها؟"
ابتسمت بأسى
_"شكراً (راندا) .. لست عاجزة لهذه الدرجة"
لمحت صدمة (راندا) في عينيها وهي تهتف
_"أنا لم أقصد ما .."
قاطعتها وهي تغادر
_"لا عليكِ أفهم ما أردتِ قوله"

قالتها وغادرت نحو غرفتها وقلبها ينبض داخلها بألم ويدها تشتد على الفلاشة .. أفاقت من ذكرياتها على ألم في كفها وفتحت عينيها تنظر لقبضة يدها التي كانت تضغط بكل قوة على الفلاشة حتى آلمتها .. قاومت خوفها وهي تضع الفلاشة في مدخلها بالحاسوب وانتظرت تشغيلها بقلبٍ مرتجف .. لم تكن تحوي سوى ملف واحد أسرعت تفتحه وهي تتنفس بصعوبة .. توقف قلبها عندما أطل وجه والدها على الشاشة وارتجفت بقوة وهي تنظر لملامحه الشاحبة بينما يجلس في فراش مرضه بالمشفى .. رفعت يداً مرتجفة ولامست وجهه والدموع تحرق عينيها بقوة وتشوش عليها رؤيته .. لا تصدق أنّها تراه الآن .. رباه .. كم اشتاقت له .. تشعر به الآن قربها .. أمام عينيها .. يتحدث .. لم تسمع كلمة مما كان يقول وهي غارقة في تأمله بكل الألم والحرقة والاشتياق إليه .. كان يبدو ضعيفاً كما لم تره من قبل .. شاحباً ومريضاً بشدة .. سالت دموعها وهي تهمس داخلها .. هي السبب .. هي من أوصلته لهذه الحال ... شهقت باكية وهي تغطي شفتيها .. كيف يطلبون منها أن تستعيد حياتها وتسامح نفسها؟ .. كيف؟ .. انتفضت فجأة على صوته يناديها بحزم .. رفعت رأسها باضطراب وقد شعرت أنّه بقربها حقاً يناديها لتستفيق مما تفعل وتتوقف عن التحسر على حالها وتستمع له ... مسحت دموعها بقوة وأعادت تشغيل الفيديو من البداية وقاومت مشاعرها الأليمة لتسمعه بتركيز هذه المرة .. صوته الذي كانت تحاول سابقاً استعادته بيأس من ذاكرتها أتاها واضحاً رغم ضعفه وهو يقول بحنان
_"مرحباً صغيرتي .. كيف حالكِ؟"
لست بخير أبي .. لست بخير من بعدك يا حبيبي .. هل رأيت ما أصابني؟ .. سالت دموعها في صمت وهي تسمعه يواصل
_"تقولين أنّكِ لستِ بخير، صحيح؟"

اتسعت عيناها مع كلماته قبل أن تبتسم بألم
_"أنتِ بخير حبيبتي .. لا تفكري سوى في هذا .. أنا أعرفكِ جيداً صغيرتي .. أعرف أنّكِ قوية أكثر مما تعتقدين .. أعرف أنّكِ قادرة على تجاوز كل ما تمرين به مهما كان .. أنتِ ابنتي يا (رهف) وقوية رغم الهشاشة التي تبدين عليها .. (رهف)"
سمعته يناديها بحزم فمسحت دموعها وهمست بخفوت
_"نعم يا أبي"
رأته يبتسم بحنان وعيناه تنظران لها عبر الشاشة كأنما يراها مباشرةً
_"أنتِ لن تستسملي طفلتي .. لقد نجوتِ من الموت بمعجزة ومنحكِ الله فرصة جديدة للحياة فلا تضيعيها وتقيدي نفسكِ بالماضي .. لا زال هناك ما يستحق أن تعيشي من أجله فقاومي لحظات الضعف الغريبة عنكِ وانهضي"
ارتفع حاجباها وهي تسمع تلك الكلمات التي ترددت داخلها بصدى غريب .. تشعر أنّها سمعته من شخصياً من قبل .. قطبت بألم وصور باهتة من أحلام سابقة ترتسم أمام عينيها .. هزت رأسها تستعيد تركيزها مع كلماته التي أعادت لها مأساة قلبها الأحمق
_"ما دام (هشام) قد أعطاكِ هذا التسجيل الآن، فلابد أنّكِ عرفتِ بزواجكِ من (عاصي) وأعرف أنّ لديكِ الكثير من الأسئلة .. ربما تشعرين أنني ظلمتكِ بقراري صغيرتي .. لكنكِ تعرفين أنني لا أستطيع التفكير في التسبب لكِ بالأذى ولو كان لرغبة أنانية داخلي .. تذكرين حديثنا بشأن (عاصي) سابقاً؟"
تنفست بقوة وعقلها يستعيد ذلك اليوم الذي واجهها فيه والدها بحقيقة مشاعرها نحو (عاصي) .. رُغم ارتباكها أمامه وخوفها من رد فعله لكنّه تفهمها بحنان واحتضنها وهو يخبرها أنّه يعرف أنّها تحب (عاصي) منذ وقتٍ طويل ... سمعت والدها يضحك بخفوت ليقول
_"هل تتذكرين عندما وعدتكِ أنني سأزوجه لكِ رُغماً عنه ولو اضطررت لكسر رأسه الأحمق؟"
ضحكت بمرارة .. ظنته يمزح وقتها .. عندما بكت بين ذراعيه تشكو له ذلك الوغد القاسي الذي يصر على جرحها بتصرفاته وعلاقاته النسائية ليخبرها ضاحكاً أنّه سيجعله يتوب عما يفعل ويتزوجها رغماً عنه .. تذكرت بأسى كيف أخبرته أنّها لا تريده أن يتزوجها مرغماً وأنّها ستتعذب وقتها ولن يسبب لها سوى الألم .. سمعت والدها يردد أفكارها
_"لقد وعدتكِ عندها أن نعذبه سوياً حتى يعود لرشده ويعترف بحبه لكِ وأنّه سيأتي بنفسه ليعترف لكِ ويطلب منكِ أن ترضي به زوجاً"
تحشرج صوتها بالدموع وهي تهمس .. ما الذي فعلته يا أبي؟ .. كيف فكرت أنني سأظل متمسكة بهذا الحب الأحمق بعد كل ما حدث
_"كنت أعرف أنّ (عاصي) يحبكِ يا صغيرتي .. كان يحبكِ لكنّه كان يتخبط في أعماقه .. أنا رأيته يكبر أمام عيني يوماً بعد يوم وأعرف ما يدور بقلبه رغم كل إنكاره .. لقد كان يهرب منكِ وأنا سمحت له بالهرب حتى يحين الوقت .. كنتِ صغيرة وخشيت أن تنضجي وتتخلي عن تعلقكِ الطفولي به لكنّكِ مع الوقت كنتِ تتمسكين به أكثر وتتألمين بسببه .. حين ولدتِ ورأينا تعلق (عاصي) بكِ .. أخي رحمه الله أخبرني مازحاً أنّه سيطلبكِ مني عندما تكبرين ليزوجكِ لابنه .. كانت مزحة امتزجت بأمنية لم أعرف أنّ القدر سيقرر عنا وأن الصغيرة ستحب ابن عمها يوماً ما وتطارده بحبها"
ابتسمت بأسى وكلماته تعيدها لحماقاتها طيلة سنوات طفولتها ومراهقتها .. يبدو زمناً بعيداً جداً الآن .. كم كانت حمقاء
_"صغيرتي .. ثقي في كلمتي ووعدي لكِ .. ما رأيته في عينيّ (عاصي) بعد حادثكِ جعلني أتأكد من إحساسي .. (عاصي) كان يبدو كطفلٍ تائه وهو ينتظر خبراً صغيراً يطمئنه عنكِ .. كان ضائعاً ومتألماً حبيبتي .. ربما استغليت مشاعره واضطرابه وخوفه علينا نحن الاثنين لأطلب منه الزواج منكِ .. كنت أعلم أنّه لن يرفض .. ربما يتحجج باستسلامه لرغبتي الأخيرة أو يدعي رغبته في رد الجميل لي لرعايتي له بعد موت والديه لكنني أعرف أن لا شيء يجبر (عاصي) أبداً على ما يرفضه .. هو في أعماقه يريدكِ ويخاف من رغبته هذه لهذا كان يهرب منكِ طيلة الوقت"
صمت قليلاً يتمالك أنفاسه ويرتاح لبرهة لتتأمله بألم وعيناها تتشربان ملامحه الحبيبة حتى عاد للحديث من جديد وقد شردت عيناه بأسى غريب
_"(عاصي) .. هو يخشى من الارتباط .. ليست المشكلة بكِ يا (رهف) .. هو فقط .. يخشى الحب ... يخاف أن يتعلق بقوة بشخصٍ فيفقده كما فقد أبويه .. كان صغيراً عندما رحلا وهو للأسف لم يتجاوز الأمر .. قد يبدو من الخارج ساخراً وعابثاً، لكنّه من الداخل لا زال هو نفس الطفل الذي لم يتجاوز صدمة موتهما المفاجيء .. كان في العاشرة من عمره حين سافرا في تلك العطلة .. (عاصي) كان مصراً على السفر معهما لكن شاء القدر أن يقررا السفر بمفردهما وأخبرته أنا أنّه سيذهب هو و(هشام) لتلك الرحلة المدرسية التي انتظراها طويلاً، لكنّه كان مصمماً بطريقة غريبة .. لقد تشاجر وغضب وتصرف كطفل مدلل لأول مرة يرفض والداه له طلباً .. حين حاولت (همسة) رحمها الله التحدث معه بهدوء قبل سفرهما مباشرةً، صرخ فيها قائلاً أنّه لا يريد الحديث معها أبداً ولا يريد أن يراها مرة أخرى"
شهقت بألم وهي تتراجع في مقعدها بينما تنهد والدها في حزن وصمت للحظات قبل أن يتابع
_"رغم أنّه ودعهما قبل سفرهما وهو حزين واعتذر منهما على تصرفه، لكنّه لم ينس تلك الكلمات القاسية التي صرخ بها في وجه أمه .. (عاصي) يتألم حتى اللحظة وأعلم أنّه يحمل نفسه الذنب طيلة الوقت .. يعذب نفسه معتقداً أنّه السبب ربما في موتها .. بسبب كلماته التي ألقاها في لحظة غضب طفولي .. لقد انهار تماماً حين بلغنا خبر موتهما .. أخذ بعض الوقت حتى يتجاوز صدمته وبدأ في التباعد والتغير .. كان طفلاً هادئاً مطيعاً وتلميذاً جيداً ليتغير بعدها إلى النقيض .. صار أكثر عدوانية وأهمل دراسته حتى أنّه تباعد عن (هشام) في تلك الفترة رغم محاولة شقيقكِ التقرب منه .. كان يزداد شراسة مع الوقت وحاول الهرب أكثر من مرة من البيت .. بحثت عنه أكثر من مرة لأجده نائماً بجوار قبر والديه"
انقبض قلبها بوجع .. قلبها الأحمق لا زال يتألم لأجله بعد كل شيء .. نظرت لوالدها من بين دموعها وهي تتخيل حالة (عاصي) الصغير في تلك الأيام
_"تدهور مستواه الدراسي وأتت العديد من الشكاوي من مدرسته بسبب علاماته المتدنية وبسبب شجاراته مع الجميع .. كان يأتي بملابس ممزقة وشعر مشعث والعديد من الجروح .. حاولت أنا و(سلمى) كثيراً معه لنحتويه ونجعله يتجاوز فقدانه لوالديه .. كان الأمر صعباً جداً .. كان مصراً على التباعد عن الجميع في البيت وكان ينزوي وحده في غرفته معظم الوقت .. كان يعاقب نفسه بطريقته"
عاد والدها للصمت لبعض الوقت فشعرت أنّه يمنح نفسه ويمنحها الفرصة لالتقاط الأنفاس وتمالك المشاعر
_"عاد مرة من المدرسة بنفس الحال المذرية واستدعيته لمكتبي محاولاً التحدث معه بهدوء .. كان قد مر أكثر من عامين على الحادث وهو يزداد سوءاً مع الوقت .. كان يجب أن أجد علاجاً حاسماً لوضعه .. تحدثت معه بهدوء وحزم وطلبت منه أن يتوقف عن التصرف كطفل مدلل ويكبر .. لا زلت أذكر تلك النظرة الجريحة في عينيه وهو ينظر لي لانتبه لحظتها أنني رددت نفس كلمات والدته في آخر مرة تشاجر فيها معها .. لم يمنحني الفرصة لأصحح خطأي واندفع خارج مكتبي .. تبعته للخارج لأجده في الحديقة .. كان يجلس على الأرجوحة .. لم يكن يبكي .. كان يكتم دموعه بقوة وبدا على وشك الانفجار في أي لحظة .. لم أستطع أن أقترب منه في تلك اللحظة .. قررت تركه حتى يهدأ .. لمحتكِ عندها تلعبين بقربه .. كنتِ تلعبين كعادتكِ وسط الزهور ورأيتكِ تركضين خلف فراشة صغيرة طارت في اتجاهه"
ارتفع حاجباها ورأته يبتسم بحنين كأنما يستعيد تلك اللحظات وتابع بعدها
_"فراشة تطارد فراشة"
ابتسمت مع كلمته بأسى وحاولت تذكر ما يتحدث عنه
_"كنتِ قد تجاوزتِ الرابعة وقتها .. كنتِ تتجنبين (عاصي) وتخشين الاقتراب منه، لأنّكِ لم تكبري سوى على رؤية نسخته السيئة والعصبية طيلة العامين السابقين .. توقفت مكاني ترقباً لرد فعلكِ وظننتكِ ستبتعدين خوفاً كما كنتِ تفعلين لكنّكِ توقفتِ أمامه تنظرين له بحيرة وقد نسيتِ أمر تلك الفراشة .. اقتربتِ بعدها منه وحاولتِ الحديث معه وهو لم يرد .. كان غاضباً وخفت من رد فعله التي لم تتأخر كما توقعت .. حين أصررتِ على الحديث معه دفعكِ بقسوة لتسقطي أرضاً ووقف هو مكانه بصدمة ورأيت في عينيه ندمه على دفعه لكِ .. تحرك بعدها ليقترب منكِ بتردد وأسرعت أنا نحوكما متوقعاً انفجاركِ في البكاء لكنّكِ رفعتِ رأسكِ تنظرين له بشراسة ولم تمنحيه أو تمنحيني فرصة لفعل شيء"
صمت لحظة وهو يضحك قبل أن يسعل بضعف أوقف قلبها لحظة بألم وهي تشرد في ملامحه التي أجهدها بحديثه .. أعادها لذكرياته عنها هي و(عاصي) وهو يكمل
_"لقد نهضتِ فجأة من مكانكِ وصرختِ وأنتِ تقفزين نحوه .. لم يتوقع أحدنا أن تفعلي هذا وهو سقط أرضاً وأنتِ فوقه .. وقفت مصدوماً أراكِ تضربينه بقبضتيكِ الصغيرتين بكل قوتكِ وأنتِ تصرخين بكلمات لم ألتقطها .. أسرعت نحوكما وسمعتكِ تشتمينه وأنتِ تبكين ولم تتوقفي عن ضربه وخمشه في وجهه بأظافركِ وهو يحاول إبعادكِ عنه ... كان مرتبكاً عاجزاً عن الدفاع عن نفسه أمامكِ أو حتى ضربكِ ليبعدكِ عنه .. قبل أن أقترب لأنزعكِ من فوقه رأيتكِ تتوقفين فجأة وتبكين .. منظر وجهه المرتعب كاد يدفعني للضحك رغم كل ما يحدث .. رأيته ينظر نحوي بعجز يطلب تدخلي بصمت ودمعت عيناه فجأة وهو يعتدل محاولاً إبعادكِ عنه لكنّكِ لم تبتعدي .. لقد تشبثتِ به أكثر واحتضنته بقوة وأنتِ تبكين .. لففتِ ذراعيكِ الصغيرين حول خصره وبكيتِ بحرقة وأنتِ تطلبين منه بكلمات طفولية مرتبكة .. ألا يبكي أبداً وأنّكِ معه ولن تتركيه"
رفعت كفها لرقبتها تتنفس بصعوبة ودموعها تسيل .. لا تتذكر ما يقوله لكنّها تتذكر تلك اللحظات في آخر مرة بكت فيها فوق صدره في انهيار تخبره أنّها تكرهه .. وهو احتضنها طالباً منها أن تكرهه كما تريد فقط لا تبعده عنها .. هي أوفت بوعدها منذ تلك المرة التي لا تذكرها ... التصقت به طيلة سنوات طفولتها ومراهقتها وماذا كان المقابل .. جرح قلبٍ لا يريد أن يشفى وآلام سببها لها بقسوة وهي تراه يصاحب الفتيات أمام عينيها وهو يعرف جيداً أنّها تحبه وتتعذب برفضه .. سمعت والدها يقول بعد لحظات صمت
_"أبعدتكِ يومها عنه وحملتكِ لتتعلقي برقبتي واستمريتِ في البكاء وأنتِ تطلبين مني أن أضربه لأنّه سيء ولا يحبكِ، بينما هو انهار حاجز تماسكه فبكى هو الآخر .. آلمتما قلبي ولم أعرف من أواسي منكما .. هو نهض بعدها مندفعاً إلى غرفته وحبس نفسه فيها طيلة اليوم ولم يخرج سوى في اليوم التالي وأنتِ من بعدها واصلتِ محاولات اقترابكِ منه حتى أرغمتِه على الرضوخ لرغبتكِ وأجبرتِه على صداقتكِ ومع الوقت هو بدأ في التغير .. بدأ يغادر خندقه وشعرت أنّه بدأ يعود لنفسه القديمة أخيراً .. رُغم أنّه لم يعد كلياً لما كان عليه، لكنّ ذلك كان أفضل من إيذائه لنفسه بتلك الطريقة .. بدأ يتقبلنا أنا و(سلمى) أخيراً واستعاد علاقته بـ(هشام) وظننت أنّ الأمور استقرت رغم تقلبات مراهقته وشخصيته التي تغيرت ليصبح أكثر عبثاً وسخرية رأيت خلفهما ذلك الجرح الذي أغلقه داخل روحه دون أن يُشفى منه"
تنفست بقوة .. ما الذي يريد والدها أن يخبرها به بعد كل هذا؟ .. هل سيطلب منها هو الآخر أن تسامحه؟ .. أن تتفهم سبب جرحه لها؟ .. ماذا؟ .. فقط لأنّه كان يتألم من الداخل هذا يمنحه الحق لقسوته معها؟ .. فقط لأنّه يخاف من الحب والفقد يحق له أن يفعل بها ما فعله؟ .. لماذا لم يثق بها فقط؟ .. انتبهت على نداء والدها لها ورفعت عينيها المتألمتين له ليقول
_"تعرفين لماذا أخبركِ بهذا الآن؟ .. هل فهمتِ ما أريد قوله يا صغيرتي؟ .. ما أريدكِ أن تعرفيه أنّكِ قوية يا (رهف) .. أنتِ لستِ ضعيفة أمام (عاصي) ولم تكوني هكذا أبداً .. مشاعركِ نحوه فيها قوتكِ .. عندما دفعكِ بقسوة أنتِ لم تتوقفي لتبكي .. لقد أخذتِ حقكِ منه .. ضربتِه وخدشتِه وأسلتِ دمه ثم بكيتِ فوق صدره .. هل تفهمين ما أقول؟ .. يمكنكِ أن تأخذي بحقكِ منه كما تريدين .. أعرف أنّكِ ستفعلين .. ستنهضين على قدميكِ مجدداً وتأخذين بحقكِ منه وتجبرينه على الاعتراف بكِ وطلب السماح منكِ .. حتى لو لم تستطيعي أن تغفري له.. لن تستطيعي التخلص من حبكِ له .. إنّه يمتد لسنوات صغيرتي .. حبكِ له متجذر في روحكِ وتعرفين أنّكِ لن تهربي منه بهذه السهولة .. ستأخذين بثأركِ كاملاً منه حتى تكتفي وبعدها أريدكِ أن تفعلي ما وعدتِه به قديماً حبيبتي .. لا تتركيه .. داوي ذلك الجرح النازف داخله (رهف) .. أنتِ وحدكِ دواءه وقد عرفت هذا دائماً .. انتقمي منه صغيرتي كما تريدين ثم داوي جرحه ولا تتركي جانبه بعدها .. ربما أكون قاسياً لأطلب منكِ هذا ولا زلتِ تحاولين التعافي من حادثكِ ومن جرحه هو لكِ، لكنني كما قلت لكِ أثق بكِ كُلياً .. ولهذا أمنحكِ السلاح الذي يمكنكِ أن تؤلميه به ويمكنكِ أن تداويه أيضاً وأنتِ وحدكِ ستختارين من تكونين منهما .. الانتقام أم الشفاء"
نظرت له بحيرة مستعيدة كلمات (هشام) .. هي وحدها بيدها القرار .. هو ووالدها سيدعمانها في أي قرار تتخذه مهما كان .. من تريد أن تكون .. الانتقام أم الشفاء؟! .. هل يسألها حقاً .. لماذا تحتاج لتقرر شيئاً بينما هي تملك حريتها .. زواجهما باطل ويمكنها أنّ .. كلماته التي اخترقت أذنها أوقفت أفكارها وقلبها في اللحظة التالية
_"عقد زواجكما صحيح يا (رهف)"
لا .. لن ينزع منها هذا الحق .. لم يحصلا على موافقتها لذا فزواجهما باطل .. وكأنما يدرك ما تفكر فيه أسرع يقول
_"عقد الزواج صحيح يا صغيرتي لكن هذا لا يعني أنّكِ خسرتِ فرصتكِ في التحرر منه لو أردتِ"
عقدت حاجبيها في حيرة ليواصل
_"هذا هو السلاح الذي سأضعه في يدكِ فاستغليه بحكمة .. العقد صحيح بالفعل لكن بيدكِ أنتِ وحدكِ فسخه .. الزواج لا يمكنه أن يكتمل أبداً دون موافقتكِ .. قد يكون العقد صحيحاً من الناحية الشرعية لكن الشرع يمنحكِ قرار فسخه أو المُضي فيه .. لذا أنا أترك القرار لكِ الآن .. يمكنكِ أن تفسخي العقد وتتحرري من قيدكِ مع (عاصي) أو يمكنكِ استغلال الأمر لصالحكِ .. لو فكرتِ قليلاً فستدركين ما أعنيه .. يمكنكِ أن تكوني الانتقام أو الشفاء أو كليهما معاً يا صغيرتي"
أطرقت تحاول التفكير في كلماته .. القرار في يدها ... يمكنها أن تكونهما معاً .. ماذا يعني هذا .. ماذا يريدها أن تفعل .. تنهدت بقوة ودلكت جبينها بألم مع الصداع الذي تملكها بسبب عدم نومها وبسبب كل هذا التخبط الذي تمر به بعد كل ما سمعته
_"كلمة أخيرة فقط صغيرتي .. أعرف أنّكِ ستحملين نفسكِ ذنب ما حصل لي"
ارتجفت شفتاها والاختناق يعاودها ليهز رأسه ويقول في حنان

_"هذا ليس صحيحاً حبيبتي .. ليس ذنبكِ أبداً ولا أريدكِ أن تفكري في هذا .. ربما يكتب الله لي النجاة بمعجزة وربما يكون قدره قد تقرر كما يتوقع الأطباء لذا لا أريدكِ أن تحملي اللوم أبداً .. أنا كنت مريضاً من فترة طويلة .. لم تكن هذه الأزمة الأولى وكان متوقعاً أن ينهار قلبي ذات يوم .. لقد كان قدراً .. شاء الله أن تخسر الشركة وأن تصابي في الحادث لذا لا تلومي نفسكِ أبداً وتذكري فقط أنّ والدكِ أحبكِ كثيراً ويريدكِ أن تسامحيه لو كان قصّر معكِ يوماً ما .. سامحيني لو كنتِ شعرتِ يوماً أنني لم أكن والداً جيداً يا صغيرتي"
بكت مع رؤيتها للدموع التي ترقرقت في عينيه ورفعت يدها تمسح على وجهه هامسة بوجع

_"لقد كنت أفضل والد حصلت عليه فتاة يا أبي .. لقد منحتني حباً كبيراً وصدراً احتواني في كل لحظات حزني ... سامحني أنت يا حبيبي .. سامحني على كل شيء"
كأنما سمع كلماتها أو توقعها رأته يمسح عينيه قائلاً وهو يبتسم بحب
_"عيشي حياتكِ يا صغيرتي .. تنفسي وانهضي من كبوتكِ واستعيدي حقكِ وحبكِ .. حاربي (عاصي) واثأري لنفسكِ منه ولا تضعفي أمامه .. (عاصي) يحتاجكِ وأنتِ تحتاجينه وتحتاجين قوتكِ كلها في مواجهته .. لا تخسري أبداً يا (عسليتي) وتذكري دائماً أنني أحبكِ .. وداعاً يا صغيرتي"
لم تتمالك دموعها التي انهارت مع كلماته الأخيرة وأغمضت عينيها تحتضن صورته وصوته هامسة بوجع كأنها تستحضر وجودها معه في لحظاته الأخيرة كما لو أنّ القدر منّ عليها ولم يحرمها من رؤيته قبل أن يسرقه الموت منها وهي في غيبوبتها
_"وداعاً يا حبيبي .. وداعاً حتى نلتقي مجدداً"
مدت يديها تطوي شاشة حاسوبها لتغلقه واستندت برأسها عليه تبكي بحرقة وهي تستعيد كل كلماته التي حلمت لقلبها الألم والدواء في وقتٍ واحد .. لم تعرف كم مر عليها وهي تبكي حتى هدأت دموعها فرفعت رأسها وذلك الشعور الغريب الذي امتزج فيه الألم الرهيب بالراحة يعيد إليها كلماته بخصوص الانتقام والشفاء .. الألم والدواء .. لقد أخبرها بالحل ويكفي فقط أن تفكر بحكمة وروية حتى تعرف ماذا تختار منهما .. انتقامه أم شفائه؟ .. أم أنّ قلبها سيختار لها أن تكون لـ(عاصي) الاثنين معاً؟
****************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 02:30 AM   #563

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتربت (راندا) من الشرفة حيث وقف (هشام) متطلعاً للخارج بشرود لازمه منذ مواجهته مع شقيقته .. كان غارقاً في حديثه مع (رهف) يدعو برجاء أن ترسو على بر الأمان وتجد الحل لمشكلتها .. لا يريد لها أو لـ(عاصي) الألم .. كلاهما غال عليه ولا يريد أن يعانيا بسبب حبهما اليائس .. أخذته أفكاره إلى الأخرى التي تسبب له القلق بغيابها الغريب .. (سديم) .. وجعه الآخر ووصية والده التي لا يعرف كيف سيجعلها تتقبل حقيقة انتمائها لهم .. لا يعرف ماذا يحدث معها هذه الأيام ولم تأت حتى لرؤيته ولم يرها أحد .. فقط (عاصي) أخبره أنّها كانت تتصل من فرنسا لتطمئن عليه .. اتصال واحد أتاه منها على استحياء تطمئن عليه وتخبره أنّها ستراه عندما تعود من سفرها .. اتصال لم يزده سوى قلقاً عندما لمس ذلك الضعف والألم في صوتها .. أين تُراها تكون الآن؟ .. زفر بحرارة قبل أن ينتبه على خطوات (راندا) وهي تقترب منه .. تنهدت بأسى وهي تقف بجواره وهمست وهي تلامس كتفه برفق
_"حبيبي .. هل ستبقى واقفاً عندك لوقتٍ طويل؟ .. ستمرض هكذا"
التفت لها بابتسامة باهتة فقالت بأسى
_"لا أحب رؤيتك هكذا (هشام)"
نظر لها بحب قائلاً
_"أنا بخير حبيبتي .. لا تقلقي"
_"إذن لا تقف هكذا .. الجو بارد .. لا أريدك أن تتعب أكثر"
لم تمنحه فرصة للاعتراض وهي تشده من يده إلى داخل غرفتهما وهي تتمتم
_"إياك أن تقول أنّك لست مريضاً"
ابتسم وهو يتبعها دون اعتراض حتى جلس على حافة الفراش وعيناه معلقتان على المنشفة التي لفت بها شعرها المبتل وقال

_"لماذا لا تنصحين نفسكِ أولاً؟ .. كيف تخرجين للشرفة بعد استحمامكِ مباشرة؟"
هزت كتفيها قائلة
_"أنت السبب .. لقد أقلقتني عندما لم أجدك بالغرفة ولم أفكر وأنا .."
قطعت جملتها حين احتضن خدها بكفيه ليرفع وجهها له وهمس بلوم
_"لا تهملي صحتكِ لأي سبب حبيبتي .. أنا أيضاً أتألم عندما تمرضين"
لمعت عيناها وهي تنظر له وقاومت دوامة العشق التي تجذبها في عينيه وقالت
_"حسناً لن أفعل"

أسرعت تنهض من مكانها ليضحك قائلاً
_"تهربين مجدداً"
التفتت قائلة بشفتين مزمومتين
_"أنا لا أهرب .. إنّه موعد تغيير ضماداتك"
هتف وفكرة خبيثة تلمع برأسه
_"آه صحيح لقد نسيت"
راقبها وهي تقترب تحمل علبة المعدات الطبية ووضعتها بجوارهما ونظرت له قائلة

_"هيا إذن حبيبي"
قال ببراءة مفتعلة

_"هيا ماذا؟"
نظرت له باستغراب وردت

_"ماذا ماذا؟ .. اخلع "التيشيرت""
رسم البراءة ببراعة في نظراته وهو يقول
_"لا أستطيع"
_"ماذا؟ .. (هشام) .. هل تمزح معي؟ .. هيا اخلع ملابسك"

ابتسم بعبث قائلاً
_"هل اشتقتِ لي لهذه الدرجة حبيبتي؟"
شهقت ووجهها احمر بشدة

_"ما .. ماذا تقول؟ .. توقف عن عبثك واخلع ثيابك هيا"
هز كتفيه وقال
_"ذراعي يؤلمني لا أستطيع تحريكه .. ساعديني في خلع ملابسي"
ابتلعت لعابها بصعوبة وهي ترمقه بحدة
_"(هشام) .. لا تمزح معي .. على ما أذكر ذراعك كان يتحرك بكل وقاحة قبل ساعات قليلة"
اقترب قليلاً مثيراً أعصابها وقال
_"لقد آلمني من المجهود .. هيا حبيبتي .. ألا تساعدين زوجكِ المسكين؟ .. ألا يكفي أنّكِ منعتِهم من إرسال ممرضة للعناية بي؟"
انفجرت هاتفة
_"هه .. ممرضة؟ .. على جثتي .. هه يريد ممرضة ليتدلل .. هل تظنني مجنونة لأحضر امرأة بقربك و.."
قطعت جملتها منتبهة لانفجار غيرتها ليضحك قائلاً

_"وما دمتِ تعرفين هذا وتغارين هكذا .. لماذا لا تمنحيني هذا الدلال بنفسكِ إذن؟"
مال نحوها ليتوتر جسدها لقربه وهو يقول
_"أنا أريد بعض الدلال يا مولاتي"
عضت على شفتها بقوة بينما يقترب أكثر ويهمس في أذنها بعبث
_"لا تقولي أنكِ لا زلتِ تخجلين مني حبيبتي"
التفتت له بحاجبين معقودين تحاول السيطرة على توترها ليقول بنعومة وعبث أكبر وهو يلامس بطنها
_"على ما أذكر أنتِ تحملين طفلي و .."
أسرعت تضع كفها على فمه تغلقه بإحكام وهي تهتف بحنق
_"حسناً .. لقد فهمت .. توقف"
لمعت ضحكته في عينيه وهو يرفع يده يضم كفها لشفتيه مقبلاً راحتها لتشدها بقوة وهي تواصل بارتباك
_"هيا .. دعنا ننتهي"
تراجع ناظراً لها باستمتاع لتزفر بقوة واقتربت بتوتر شديد وبأصابع مرتجفة مدتها نحوه .. ابتسم مع رؤيته للحمرة تغزو خديها ودون أن ترفع عينيها كانت ترفع التيشيرت عن صدره .. تنفست بقوة عندما أزالته من فوق رأسه وهتفت وهي تلقيه جانباً بقوة
_"هل ارتحت الآن؟"
لم يقاوم ضحكته ليزداد احمرار وجهها وقال وهو يساعدها في فك الضمادات عن جروحه

_"يا الله يا (راندا) .. من يراكِ الآن لا يراكِ تلك الليلة عندما قمتِ بـ .."
صرخت تقاطعه وهي تغطي فمه بكفها
_"هيييه يكفي .. توقف .. لا أريد أن أسمع شيئاً"
شعرت بجسده يهتز مع ضحكته المكتومة فرفعت عينيها له قائلة بتذمر
_"أنت تستمتع بهذا حقاً، صحيح؟"
_"جداً"
قالها ضاحكاً لتزم شفتيها قبل أن تبتسم بقلة حيلة وتابعت نزع الضمادات في صمت .. كاد يواصل مشاكستها حين انتبه لتغير حالتها وشعر بيدها تمر على جراحه التي لا زال يتعافى منها .. وضع يده أسفل ذقنها عندما لم ترد على ندائه ورفع وجهها .. هالته رؤية الدموع التي تجمعت في عينيها
_"(راندا) .. حبيبتي"
ارتجفت شفتاها وهي تلمس جراحه بارتجاف وهمست بألم
_"أنا السبب"
هز رأسه نفياً لتواصل وقد بدأت دموعها تسيل
_"بسببي أنا حدث لك كل هذا .. أنا .."
قاطعها وهو يمد يديه يشدها لصدره هاتفاً
_"لا حبيبتي .. لا تقولي هذا .. أنتِ لا ذنب لكِ"
همست بوجع
_"أنا السبب يا (هشام) .. هو خيرني بينكما وقال أنني سأدفع ثمن اختياري .. لقد حاول قتلك لأنني اخترتك أنت"
أبعدها ينظر في عينيها بعمق وهمس
_"لو كان هذا ثمن اختياركِ لي حبيبتي فأنا أدفعه عن طيب خاطر"
هتفت وهي تحيط خصره بذراعيها وتضم نفسها إليه
_"لا تقل هذا أبداً .. كيف كنت سأعيش من دونك؟"
ابتسم وهو يضمها إليه بقوة متجاهلاً آلام صدره ليبعدها بعد لحظات واحتضن وجهها هامساً
_"يكفيني هذه الكلمات منكِ حبيبتي .. كل آلامي تختفي بلمسة واحدة منكِ وكلمة حب واحدة من شفتيكِ"
ران الصمت بينهما غامراً بالمشاعر قبل أن يبعدها قائلاً
_"هيا ساعديني حبيبتي فقد بدأت أشعر بالبرد"
مسحت دموعها بقوة وأسرعت تعتني بجروحه محاولة التحكم في ألمها وعبراتها بينما كان يتأملها بحب غامر حتى انتهت من وضع آخر ضمادة وقالت وهي تنهض حاملة الصندوق لتضعه جانباً

_"سأحضر لك الدواء"
تناول التيشيرت ليرتديه بصعوبة وتراجع مستنداً للوسادة حتى عادت وهي تحمل كوباً من الماء .. ناولته دواءه وعيناها تراقبانه باهتمام شديد لتبتسم في حب عندما شكرها .. تحركت نحو مرآتها وهي تنزع المنشفة عن شعرها تجففه برفق ووضعتها جانباً .. التقت عيناها بعينيه عبر المرآة لتبتسم بحب مع نظراته العاشقة التي تأملتها بعمق .. لمحته يشير لها أن تأتي .. نهضت مقتربة بتساؤل قلق
_"هل تريد شيئاً حبيبي؟ .. هل .."
قطعت جملتها بشهقة وهو يشدها لتجلس بجواره فهمست اسمه بارتباك .. همس وهو يتناول المشط من يدها
_"هششش .. ابقي هادئة نحلتي .. هناك شيء أردت فعله كثيراً"
نظرت له بارتباك حائر ليميل نحوها وقبّل شفتيها برقة مذيبة قبل أن يبتعد ناظراً في عينيها اللتين غامتا بمشاعرها فابتسم هامساً
_"لا تنظري لي بهذه الطريقة نحلتي"
احمر وجهها وهي تطرق بخجل جعل ابتسامته تتسع .. تسارعت أنفاسها عندما شعرت به يزيح خصلاتها المبتلة عن وجهها بحنان والتفتت له ليأمرها برفق أن تنظر للأمام فامتثلت للأمر بابتسامة .. مرر المشط في خصلاتها برفق يصفف شعرها برقة وهو يردد
_"هل أخبرتكِ من قبل أنني أحب شعركِ كثيراً أميرتي؟"
هزت رأسها نفياً وهي تبتسم فتابع تصفيفه لشعرها وهو يقول
_"مم .. هذا مخجل .. كيف لم أفعل؟ .. أنتِ واثقة أنني لم أخبركِ؟"
ضحكت قائلة

_"لا أتذكر .. ربما"
بادلها ضحكتها وهو يقول بعد أن مال يقبل شعرها
_"إذن دعيني أخبركِ .. أنا أحب شعركِ كثيراً .. أحبه وأحب كل ذرة منكِ مولاتي"
صمتت بخجل وقلبها يخفق بسعادة قبل أن تسأله
_"ماذا ستفعل؟"

مال هامساً في أذنها
_"ماذا تفضلين؟"
التفتت تنظر له بنعومة وهمست
_"أريد ضفيرة .. هل تعرف كيف تصنع ضفيرة؟"
مال برأسه يدعي التفكير قبل أن يغمز لها ومال يقبلها بحب ويهمس
_"طلباتكِ أوامر مولاتي .. اطلبي فقط و(هشامكِ) سينفذ"
تسارعت نبضاتها وأنفاسها وهي تنظر في عينيه ونسيت ما كانت ستقوله لتهمس بخفوت
_"(هشامي)"

ردد بابتسامة تضعفها دوماً
_"نعم يا نحلتي"
همست بعشق
_"أحبك"
توقفت أصابعه فوق شعرها لينظر لها بعشق مماثل وهمس
_"أحبكِ أكثر أميرتي"
تعانقت نظراتهما ليميل نحوها مغرقاً إياها في بحر مشاعره لتبتعد بعد لحظات بخدين محمرين تهمس اسمه بارتباك .. نظر لها بعينين غامتا بمشاعر فياضة لتهمس تمنعه من محاولة تقبيلها وهي تزم شفتيها باعتراض طفولي
_"(هشام) .. أريد ضفيرتي .. هيا"
تراجع بوجهه إنشاً للخلف يحدق فيها بتذمر ليهتف
_"أنتِ أكثر امرأة متقلبة قابلتها في حياتي .. لماذا تفسدين اللحظات الحلوة؟"
تخصرت وهي تقول بغيرة
_"يبدو أنّك قابلت الكثيرات قبلي"
كتم ابتسامته وهو يهز رأسه لتهتف
_"هيا ماذا تنتظر؟ .. أنا أريد ضفيرتي"
رفع حاجباً شريراً قبل أن يرمي المشط جانباً ورفع كفه يشعث شعرها مستمتعاً بصرخاتها الرافضة
_"(هشام) لا .. لقد أفسدت شعري"
هتف وهو يحيطها بذراعيه ويشدها إلى صدره ومال هامساً وهو يدفن وجهه في خصلاتها المتناثرة بجنون حول ملامحها الحبيبة
_"إنّه ملكي .. أفعل به ما أريد"
رددت بتذمر طفولي وهي تقاوم ابتسامتها بينما تريح ظهرها في حضنه

_"ديكتاتور .. متكبر مغرور"
همس وهو يضمها أكثر
_"بل عاشق بجنون يا نحلتي"
ابتسمت وهي تغمض عينيها تستمتع بقربه وشعرت بيده تتسلل لتحتضن طفلهما بحب ورعاية يخبرها دون كلمات أنّهما ينتميان له وحده وأنّه يحبهما وسيحميهما للأبد.
*****************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 02:34 AM   #564

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

رفعت (سؤدد) كفها لفمها تقرض أظافرها في توتر شديد وهي تتحرك أمام غرفة المكتب حيث اختلى جدها بحارسها الوقح .. ذلك الوغد .. اليوم سيكون آخر أيام عمله ووقاحته معها .. لترى كيف سيبرر لجدها تصرفه الوقح معها .. جدها لا يتسامح أبداً فيما يخص أحفاده .. ابتسمت بشماتة وعيناها تلمعان .. خلال دقائق سيغادر هذه الغرفة والدخان يتصاعد من أذنيه .. لو كان جدها فقط سمح لها بالبقاء معهما كانت ستستمتع بكل لحظة من رؤيته يخضع لتعنيف جدها ثم طرده له دون رجعة .. توقفت فجأة وقطبت حاجبيها وهي تستعيد رُغما عنها صورته حين أتى قبل قليل بعد اتصالها به لتبلغه برغبة جدها في مقابلته .. اختفت ابتسامتها تماماً واستعادت ذلك الشعور الخانق الغريب الذي تملكها عندما قابلت عينيه .. كانتا مليئتين بالأسى وشيءٍ من الألم وأشياء أخرى لم تفهمها .. هل كانت نظرة اعتذار تلك التي لمحتها في عينيه قبل أن يغلق باب المكتبة بعد نداء جدها له .. هزت رأسها وهي تبتلع لعابها بصعوبة .. لا .. هي لن تعود لهذه الدوامة الغبية مرة أخرى .. لقد اكتفت مما يحدث معها .. مهما كان ما يشعر به وأياً كان السبب الذي يجعله ينظر لها بهذه الطريقة .. لن تسمح له من الآن فصاعداً بشغل لحظة واحدة من تفكيرها .. يكفيها ما تمر به هذه الأيام .. (جاك) أخبرها أنّ تلك الفتاة تركت عملها في فندق (سيزار) واختفت وأنّه يبحث عنها .. لقد طمأنها أنّه سيعثر عليها قبل حتى أن تصل هي إلى إيطاليا .. تنهدت بقوة وهي تنظر لباب المكتبة المغلق .. فلتدعو الله أن يسير الأمر على ما يرام وتستطيع أن تقنع جدها بسفرها وحدها فور أن يطرد ذلك المدعيّ .. انتبهت كل حواسها مع سماعها لهتاف جدها واقتربت بسرعة من الباب .. خفق قلبها بعنف مع صوت (مراد) الذي اخترق أذنها هاتفاً بقلق
_"سيد (رفعت)؟ .. سيدي .. جدي أنت بخير؟"
اندفعت تفتح الباب وقلبها ينبض بعنف وشهقت بارتياع ما أن رأت شحوب جدها الشديد وأنفاسه التي ترددت بصعوبة وهو يمسك بصدره بينما (مراد) راكعٌ أمامه برعب شديد .. صرخت وهي تندفع نحوهما
_"جدي .. جدي ماذا أصابك؟"
سمعته يهتف وهو يفحص نبضه
_"سيكون بخير .. اتصلي بالطبـيب و .."
نظرت له بذهول وصرخت تقاطعه
_"ما الذي فعلته به؟ .. ما الذي قلته له؟"
التفت يصرخ فيها بحدة
_"هل هذا وقته؟ .. اتصلي بطبيبه حالاً .. هيا"
صرخته جعلتها تنتفض وأسرعت تلتقط هاتفها وقبل أن تتصل بطبيب العائلة أتاها صوت جدها يقول بخفوت
_"انتظري (سؤدد) .. لا داعي .. أنا .. أنا بخير"
أسرعت تركع أمامه هاتفة بخوف

_"كيف بخير جدي؟ .. ألا ترى حالتك؟"
أمسك كفها ناظراً لها بحزن غريب وهمس
_"أنا بخير .. لا تقلقي .. سأرتاح في غرفتي فقط .. لا داعي لتقلقي أحداً من العائلة"
_"جدي أرجوك"
هز رأسه رفضاً فقالت وهي تمسك بيده
_"حسناً .. دعني آخذك لغرفتك حبيبي"
لم يرد لوهلة والتفت ينظر لحارسها الذي أطرق مقطباً بملامح قلقة متألمة .. نقلت بصرها بينهما وهي تتساءل بتوجس .. ما الذي حدث بينهما بالضبط؟ .. كادت تفتح فمها تهتف فيه بغضب أن يغادر لتوقفها رؤية جدها وهو يمد كفه نحو (مراد) واتسعت عيناها بذهول وهي تسمعه يقول بوهن
_"ساعدني يا بني"
تراجعت على ركبتيها للخلف وهي تحدق فيهما بصدمة وهمست
_"جدي .. ما الـ .."
قاطعها قائلاً بحزم رغم صوته الضعيف
_"هيا صغيرتي ساعديني أنتِ أيضاً"
قطبت وهي تنظر لـ(مراد) بضيق ونهضت بعدها لتمسك مرفق جدها تساعده بينما حارسها يساعده من الجانب الآخر .. وضعت يدها خلف ظهر جدها لتلامس يده .. لحظة واحدة تجمدت خلالها وهي تبادله النظر أشاحت بعدها بوجهها في حنق وأبعدت يدها عن يده وقالت
_"استند عليّ حبيبي"
همس جدها بعد أن شعر ببعض التماسك
_"شكراً صغيرتي .. ناوليني فقط عصاي .. (مراد) سيوصلني لغرفتي"

هتفت بحدة
_"ماذا؟ .. بعد ما فعله .. جدي من المفترض أن .."
قاطعها بحزم
_"(سؤدد) .. اسمعي الكلام .. قلت (مراد) سيساعدني وأنتِ ستذهبين إلى غرفتكِ .. لم أكمل حديثي معه بعد"
_"جدي أرجوك"
_"إلى غرفتكِ في الحال يا (سؤدد) .. هيا"
ابتلعت كلماتها وهي تلتفت نحو حارسها ترميه بنظرة كراهية شديدة قبل أن تدور على عقبيها وتتحرك نحو الباب بخطوات غاضبة .. توقفت عند الباب وكأنما تعترض على طردها هي وقالت
_"سأطمئن عليك أولاً وأذهب لغرفتي"
تنهد بقلة حيلة وقال
_"هيا بني"
تنفست بقوة وعيناها ضاقتا بحدة لا تفارقان ذلك الصامت ببراءة خبيثة وسبته في سرها وهي تراقبه يساعد جدها مع شعور خانق بالغيرة والخيانة لتفضيل جدها له .. كيف يطردها هي ويطلب مساعدته؟ .. تباً .. ذلك الوغد .. سيتلقى حسابه قريباً على كل هذا .. تحركت عندما اقتربا منها وتقدمتهما في طريقها نحو غرفة جدها تتوعده في كل خطوة .. لم تكد تتوقف عند باب الغرفة حتى نظر جدها إليها قائلاً
_"هيا صغيرتي اذهبي لغرفتكِ .. سأستدعيكِ عندما أنتهي مع (مراد)"
كزت على أسنانها وأومأت برأسها مرغمة لتغادر بعد أن رمقت حارسها بنظرة قاتلة .. قطعت المسافة إلى غرفتها بخطوات غاضبة ولم يوقف تمتماتها المتوعدة سوى صوت شقيقها يقول ضاحكاً
_"تبدين في طريقكِ لقتل أحدهم .. من هذا الأحمق الذي تجرأ واعترض طريقكِ؟"
التفتت له بحنق ليرفع كفيه مستسلماً فتنهدت بقوة وهي تهتف
_"ذلك الوغد في غرفة جدي"
قطب بتساؤل لتواصل بحنق
_"كان من المفترض أن يطرده لا أن يطردني أنا .. اللعنة .. ذلك الرجل سيقتلني قهراً"
ارتفع حاجباه وقال
_"ما الأمر (سؤدد)؟ .. لم أركِ بهذه الحال من قبل .. كل هذا بسبب حارسكِ الشخصي؟"
أغمضت عينيها بنفاذ صبر وضيق من نفسها وسمعته يكمل
_"أنا لم أعد أفهمكِ حقاً .. منذ فترة وأنتِ متغيرة .. هل كان هو السبب حقاً؟"
هتفت بنزق

_"(سيف) بحق الله دعني وشأني"
_"يبدو أن شكوكي صحيحة إذن .. رغم أنّه لا يعجبني الاعتراف بهذا لكن ذلك الرجل يبدو أنّ له تأثير كبير عليكِ"
هتفت وهي ترفع قبضتها في وجهه ليتراجع بسرعة
_"هل تريد أن تموت؟"
_"مهلاً .. أنا لم أخطيء في شيء .. انظري لنفسكِ رجاءً حبيبتي .. هل هذه (سؤدد) نفسها التي لا يستطيع أحد إثارة أعصابها؟ .. لقد أصبحتِ تنفعلين بسهولة"
قبضت على يدها بقوة .. إنّه محق .. لقد تغيرت .. هي لم تعد تملك تلك القدرة على تمالك أعصابها .. جليد قلبها وسيطرتها على انفعالاتها .. ما الذي حل بها؟ .. كيف سمحت لنفسها بالوصول لهذه النقطة؟ .. سمعت (سيف) يقول

_"رغم غيرتي من ذلك الرجل وتأثيره الواضح فيكِ، لكن هذا لا يمنع إعجابي بالنسخة الحية منكِ (سؤدد)"
تأوه عندما لكمت كتفه بكل قوتها
_"أنت تريد الموت على يدي فعلاً"
هتف متراجعاً

_"آسف .. آسف .. لقد تراجعت عن كل ما قلته بشأنكِ"
قطبت بضيق وزفرت بقوة قبل أن تقرر تغيير الموضوع رحمةً بأعصابها وقالت وهي تنظر تِجاه غرفة أمهما

_"هل أمي في غرفتها؟"
_"لا .. إنّها في الحديقة مع العمة (ثريا)"

تنهدت بحرارة وهي تسأله
_"هل هي بخير؟ .. هل سألتك مجدداً عن .."
قطعت جملتها بتوتر ليكمل عنها
_"عن أبي؟ .. لقد فعلت"
قاومت رغبتها في سؤاله وهي تقول ببرود لم يعبر عن انفعالاتها الداخلية وقلبها الذي خفق بتوتر انتظاراً لإجابة مخالفة لما تعرفه
_"وماذا قلت لها؟ .. هل اتصلت بصديقك كما طلبت منك؟"

أومأ ليزداد توترها وأشاحت بوجهها تمنعه من رؤية عينيها ربما قرأ فيهما كل اضطرابها
_"ماذا أخبرك؟"
زفر بقوة مجيباً

_"لا جديد ... عمه أخبره أنّ أبي لم يخرج بعد .. لقد تأجل الإفراج لأسباب أمنية"
هزت رأسها وغامت عيناها وهي تفكر في مكالمتها الأخيرة مع (راجي) بعد أن كانت قد طلبت منه إيجاد معلومات عن والدها ليخبرها بنفس ما قاله صديق شقيقها .. لم يغادر بعد .. شعورها كان مزيجاً من الحزن والارتياح .. على الأقل كابوس أمها كان كابوساً لا أكثر .. إنّه بخير على كل حال .. همست بخفوت
_"هل قال شيئاً آخراً؟ .. هل هو .. بخير؟"

_"هو بخير حمداً لله .. لا تقلقي"
هتفت بسرعة تنفي عن نفسها تهمة الاهتمام والقلق
_"أنا لست قلقة .. أردت فقط .."
قاطعها هامساً بحنان أثار توترها

_"لا بأس .. أنا أصدقكِ"
ابتلعت لعابها بصعوبة وأسرعت تتحرك نحو غرفتها هرباً من مواجهة لا تريدها وتبعتها عيناه بألم وهو يهمس
_"حتى متى تقاومين مشاعركِ الحقيقية (سؤدد)؟ .. متى تعودين لنفسكِ حبيبتي؟"
راقبها حتى اختفت خلف باب غرفتها الذي أغلقته واستندت إليه تتنفس بقوة .. رفعت كفيها تنظر لهما يرتجفان .. ما الذي أصابها؟ .. لماذا تصبح أكثر ضعفاً مع مرور الوقت؟ .. متى بدأت تفقد سيطرتها على أفكارها ومشاعرها وكل شيء؟ .. أغمضت عينيها بقوة .. منذ دخل هو إلى حياتها .. لهذا يجب أن تطرده بعيداً .. يجب أن يرحل .. أصبحت تخاف من نفسها .. لا يجب أن تستمر في هذا .. فتحت عينيها بحزم .. حتى لو قرر جدها شيئاً آخراً هي لن تسمح ببقائه قربها أكثر من هذا .. كان يجب أن ترفضه من أول يوم شعرت فيه بتهديده على نفسها ... الآن بعد أن استفحل الأمر؟ .. لا .. لم يفت الأوان بعد .. تحسست رقبتها باختناق .. لا تحب هذا الضعف .. لا تريده .. لا تريد .. انتفضت على رنين هاتفها ممتنة لانتزاعها من تشتت أفكاره أسرعت تلتقطه مجيبة
_"مرحباً (جاك) .. نعم أسمعك .. حقاً .. شكراً .. شكراً لك ... أجل سأكون عندك خلال بضع أيام"
استمعت له بتركيز قبل أن تقول
_"لكن لا تدعها تغيب عن نظرك أرجوك .. يجب أن أقابلها .. لا تتركها تضيع مرة أخرى، حسناً"
شكرته بامتنان مرة أخيرة وأغلقت الهاتف لتتحرك بحماس نحو مكتبها .. فتحت الدرج تنظر لجواز سفرها وتألقت عيناها وهي تخرجه .. لقد اقتربت كثيراً .. أخيراً ستقابلها .. يجب أن تسافر لهناك على أول طائرة .. ستسافر بأي طريقة ولا شيء سيمنعها .. تنفست بقوة وهي تفتح حاسوبها لتحجز تذكرة سفر لإيطاليا .. كانت غارقة في بحثها حين رن هاتفها فقطبت حاجبيها وهي ترى اسمه مطلاً على الشاشة .. ضغطت زر الرفض وتابعت ما تفعله ليرن الهاتف من جديد فأجابت على المكالمة بحدة
_"نعم ماذا تريد؟ .. ألم .."
قاطعها قائلاً بهدوء حازم
_"السيد (رفعت) يريدكِ أن تأتي لغرفته حالاً آنستي"
قالها وأغلق الهاتف قبل أن يمنحها فرصة للرد .. أبعدت الهاتف تحدق فيه بصدمة .. تباً له ذلك الوغد .. نهضت بعنف تغادر غرفتها تقطع الطريق إلى غرفة جدها بغضب امتزج بقلقها من قرار جدها الذي تشعر أنّه لن يكون في صالحها .. هذا واضح تماماً .. توقفت لتأخذ نفساً عميقاً لتطرق الباب بعدها برفق .. أتاها صوت جدها يطلب منها الدخول فتنفست بقوة وهي تفتح الباب وتدخل .. أول ما قابلها كانت عيناه اللتان رمقتاها دون تعبير .. رمقته بكراهية مشيحة بوجهها نحو جدها الذي كان يجلس على الأريكة الكبيرة بغرفته .. اقتربت منه قائلة بقلق
_"هل أصبحت بخير حبيبي؟"
ورفعت عينيها لحارسها الواقف بملامح مبهمة وقالت بحدة
_"ما الذي لا زلت تفعله هنا؟ .. ألم يكفك ما ..؟"
قاطعها جدها قائلاً برفق وهو يربت فوق الأريكة بجواره
_"تعالي .. اجلسي هنا حبيبي"
قطبت ترمق حارسها بضيق وتنهدت وهي تجلس بعنف على الأريكة واتسعت عيناها عندما لمحته يشيح بوجهه وهو يضغط على شفتيه يكتم ابتسامته .. تنفست بقوة وقبل أن تفتح فمها لتشتمه سمعت جدها يقول
_"لقد تحدثت مع (مراد) وشرح لي كل شيء واعتذر عن سوء الفهم الذي حدث (سؤدد)"
هتفت باستنكار
_"سوء فهم؟ .. جدي .. ما الذي قاله لك بالضبط؟ .. هذا ليس سوء فهم .. هذه وقاحة"
_"(سؤدد) .. اهدأي قليلاً"

تنفست بقوة وهي تحاول التحكم بأعصابها
_"اهدأ قليلاً؟ .. تريدني أن أهدأ قليلاً وأنت تقول أنّه مجرد سوء فهم؟ .. بحق الله يا جدي .. لقد احتملت طويلاً ويكفي حتى هنا .. أنت لا تعرف ماذا فعل ذلك الـ .. الرجل .. هو .. إنّه .. إنّه"
تقطعت جملتها وهي تبحث عن كلمات مناسبة وقال جدها يستحثها
_"إنّه ماذا؟ .. ماذا فعل؟"
نظرت للآخر الواقف في صمت وخُيل لها أنّها تلمح شيئاً من السخرية والتسلي في عينيه أشعلتا النار في قلبها فهتفت دون تفكير
_"إنّه يتحرش بي"
اتسعت عيناه باستنكار وهو يهتف
_"ماذا؟"
بينما جدها نقل بصره بينهما ليقول رافعاً أحد حاجبيه وهو ينظر بتدقيق لحفيدته التي احمر وجهها في حرج
_"يتحرش بكِ؟ .. هل فعل حقاً؟"
ابتلعت لعابها بصعوبة بينما حارسها يهتف
_"سيدي أنا لم .."

قاطعه رافعاً كفه ولا زالت عيناه ترمقان حفيدته التي شعرت بالعرق يغمرها .. تباً له .. لماذا يجعلها في هذا الموقف مع جدها؟ .. حسناً لقد أفلت الأمر من يدها لكن لم يفت الوقت .. لتستغل الموقف لصالحها بسرعة .. تخلت بسرعة عن الحرج ورسمت على وجهها حزناً متقناً واستدعت دموعاً مزيفة .. لم تعرف أنّها تمتلك القدرة على استدعائها .. كادت تبتسم بسخرية وهي تفكر أنّها تعلمت من (راندا) شيئاً مفيداً في النهاية .. نظرت لجدها وسالت دموعها ورجفة زائفة بشفتيها جعلت عينيه تضيقان بينما اتسعت عينا الآخر بذهول مصدوم وهو يسمعها تقول بنبرة تمثيلية متقنة وصوتها يرتجف
_"أجل يا جدي .. لقد فعل"
هتف باستنكار
_"جـ .. سيدي أنا لم أفعل شيئاً .. إنّها .."
أشار له بكفه ليصمت فعض على شفتيه يرمقها بغضب مكبوت بينما تتابع بشهقات متقطعة
_"لقد احتملت وقاحته وهددته أكثر من مرة أن يتوقف لكنّه كان يتمادى .. كان يدعي البراءة يا جدي حين أواجهه .. أنت تعرف أنني .. يا إلهي .. لا أستطيع أن أكمل .. لقد آذاني بتصرفاته الوقحة جدي .. أنت استأمنته عليّ وهذا ما فعله .. أرجوك جدي لا تدعه يفلت بفعلته ... كنت أنوي أن أتركه يذهب دون فضائح لكن الآن .. أريد حقي منه .. يجب أن يُعاقب قبل أن تطرده"
سمعته يزفر بقوة وهو يهز رأسه ولمحت يداه تنقبضان إلى جانبه ونظراته الحارقة تنصب على وجهها .. قاومت حتى لا تبتسم بشماتة وركعت أمام جدها تمسك كفيه بارتجاف متقن وهي تواصل بتوسل
_"أرجوك يا جدي .. خذ حقي منه .. أبعده عني أرجوك"
اندمجت في تمثيلها مثيرة ذهوله وشعرت أنّه على وشك انتزاعها من أمام جدها ليصفعها ربما أو ليخنقها .. لا يهمها .. قليلاً بعد وتتخلص منه تماماً .. استدعت كل قدرتها التمثيلية بانهيار باكٍ فوق صدر جدها وهي تهتف
_"أرجوك يا جدي أنا أخاف منه .. لقد حاولت إخباركم بهذا كثيراً ولكنني خفت .. حاولت إبعاده بنفسي لكنّه لا يخاف من أي شيء .. أخبرني أنّه سيقلب الأمر عليّ لو حاولت الاعتراف لك"
سمعته يزفر بقوة وهو يضرب بقدمه على الأرض .. دفنت وجهها في صدر جدها تخفي ابتسامته وهي تشهق ببكاء مفتعل
_"أنت استأمنته عليّ وهو خان الأمانة يا جدي .. كيف تجعله يستمر في حراستي بعد الآن؟ .. كيف تتركه يخدعك؟"
شعرت بيد جدها تمسح على ظهرها برفق وكاد تهتف في ظفر وهي تسمعه يهتف بغضب
_"لماذا فعلت هذا يا فتى؟ .. هل هذه الأمانة التي أمنتك إياها؟"
_"سيدي أقسم لك أنني لم .."

هتف جدها بحدة
_"يكفي .. لن أسمع كلمة أخرى"
وأبعدها يمسح دموعها بحنان

_"يكفي صغيرتي .. جدكِ هنا ولن يحدث لكِ شيء .. أنا سأحل الأمر لا تقلقي"
نهنهة وارتجافة شفتين افتعلتهما وهي توميء برأسها وتنهض من مكانها لتجلس بجواره هامسة ببكاء

_"شكراً جدي .. أعرف أنّك ستأخذ حقي منه"
رفعت رأسها نحوه ولمعت عيناها بشماتة وابتسامة صغيرة متحدية ارتسمت على شفتيها من خلف ظهر جدها وخُيل إليها أنّ الدخان يتصاعد من أذنيه .. شعور غريب بالمتعة سرى بعروقها فلم تقاوم غمزة من عينها اتسعت لها عيناه قبل أن تضيقا بتوعد .. فتح فمه يريد أن يدافع عن نفسه أمام جدها الذي هتف يأمره بالصمت والتفت بعدها لينظر لها لتستعيد ملامحها الحزينة بسرعة مذهلة وسمعته يقول بحنان
_"لم أعرف بما تمرين به صغيرتي و(مراد) سيصحح خطأه في الحال"
توقف قلبها وهي تنظر له دون فهم بينما لمعت عينا حارسها بتسلٍ واضح أثار قلقها أكثر لتهمس
_"ما .. ماذا تعني بسيصلح خطأه هذه؟"
هز جدها رأسه بأسف مفتعل وهو يقول
_"ما حدث قد حدث .. ربما يكون شخصاً ما رأى شيئاً من هذا القبيل بينكما دون أن تنتبهي وربما يتحدث الناس عنكما .. لو طردت (مراد) أو عاقبته فربما بدأت الشائعات بالفعل عن علاقتكما"
اتسعت عيناها بذهول وابتلعت لعابها بصعوبة وهي تردد
_"جـ .. جدي ما الذي تقوله؟"
تنهد بحرارة وهو يربت على يدها بحزن

_"كما سمعتِ صغيرتي .. لا حل آخر للأسف .. (مراد) اعترف لي أنّه معجبٌ بكِ وربما يكون هذا سبب تصرفاته معكِ .. ربما حاول التعبير عن حبه وأنتِ أسأتِ فهم الأمر وظننتِه يتحرش بكِ"
هتفت بصدمة

_"جدي .. ماذا تقول؟ .. كيف؟ .. أنت من تقول هذا؟"
نظرت نحو حارسها الذي كانت ابتسامته الشامتة واسعة فوق شفتيه وهو يرمقها بتسل أثار قهرها فعضت على شفتها وهي تلعنه داخلها لتشهق بقوة مع كلمات جدها التالية
_"لأنني جدك فأنا أقول هذا .. أنا أعذره لأنّني كنت في نفس موقعه من قبل وأتفهم لهفة المحب لقرب حبيبته"
هزت رأسها هاتفة
_"هل تريد إصابتي بالجنون جدي؟ .. ما هذا الذي تقوله؟"
أتى صوت الآخر لينسف آخر ذرات تعقلها وهو يهمس برقة مفتعلة
_"حبيبتي .. آه .. آسف سيدي اعذرني لم أتمالك نفسي .. (سؤدد) لماذا تعقدين الأمور؟ .. جدكِ يتفهم الأمر .. لا داعي لكل .."
قاطعته صارخة بشراسة وهي تنهض من مكانها
_"اخرس .. أنت تخرس تماماً"
_"(سؤدد) لا تتحدثي مع خطيبكِ هكذا"
التفتت له بعينين متسعتين بصدمة ورددت بغباء
_"خطيبي؟!"
هز رأسه لتنفجر متجاوزة صدمتها
_"خطيب من؟ .. أنا؟"
_"أجل يا (سؤدد)"

هتفت بجنون
_"على جثتي"
هتف جدها بحزم

_"(سؤدد) تأدبي"
التفتت له هاتفة وقد تخلت عن كل هدوءها
_"أتأدب .. كيف؟ .. ومع من أتأدب؟ .. معه؟"
كتّف ذراعيه مبتسماً باستفزاز دفعها لتهتف

_"سأعتبر أنني لم أسمع شيئاً و .."
قاطعها جدها بهدوء حطم أعصابها

_"ستسمعين يا (سؤدد) .. لقد اتخذت قراري .. (مراد) سيصلح خطأه ويتزوجكِ"
صرخت وهي تلوح بيدها

_"مرة أخرى تقول يصلح خطأه .. جدي من يسمعك سيقول أنّني أخطأت معه .. استغفر الله .. أنت تخرجني عن شعوري جدي .. يكفي .. لن أحتمل المزيد .. أطرده بعيداً عن حياتي .. لا أريده بقربي"
ردد بهدوء مستفز
_"سيتزوجكِ يا (سؤدد) وهذا قرار نهائي ... أنتِ قلتِ أنّه تحرش بكِ وهذا كاف لـ .."
قاطعته هاتفة دون تفكير

_"لم يفعل"
ران الصمت بعد كلمتها لبرهة ليقول جدها مبتسماً
_"ماذا؟ .. لم يفعل؟"
رمقت الشامت أمامها بكراهية ولعنته لموقفها المحرج وهتفت بغل
_"لا لم يفعل"
قال جدها بهدوء

_"لو أنّكِ تقولين هذا فقط لكي .."
تنفست بقوة وقاطعته هاتفة
_"لا جدي .. لا أقول لأتهرب من قرارك .. ذلك الو.. السيد المحترم .. (مراد) لم يتحرش بي .. لم يفعل شيئاً مما اتهمته به"
عاد الصمت للغرفة وعضت على شفتها بقوة وعيناها لا تفارقان عينيه بغل واتسعت ابتسامته وهو يراها تحرك شفتيها بلعنات غير مسموعة اختصته بها .. التفتت بذهول على ضحكة جدها وهتفت
_"جدي"
استمر في ضحكه للحظات قبل أن يقول
_"هل ظننتِ أنّكِ ستخدعينني بعد هذا العمر يا (سؤدد)؟ .. لستِ بالبراعة الكافية ليخدعني تمثيلكِ"
همست وهي تطرق بشفتين مزمومتين
_"جدي أنا لم .."
تنهد وهو يلتفت لها ناظراً بحنان

_"لا بأس صغيرتي .. الآن .. اسمعيني جيداً .. (مراد) أخبرني أنّه لم يقصد الإساءة إليكِ .. هو فقط كان يمر ببعض الظروف السيئة"
_"جدي أرجوك"
وضع إصبعه على شفتيها قائلاً بحزم

_"اسمعيني للنهاية صغيرتي .. أنتِ لستِ جبانة (سؤدد) ولا تواجهي مشاكلكِ أبداً بهذه الطريقة .. (مراد) اعتذر عن خطأه وعليكِ أن تسمعي لتبريراته .. بينكما عقد عمل تحمليه حتى ينتهي كل الخطر المحيط بنا"
خُيل إليها أنّ نبرة حزن وألم خالطت نهاية كلماته قبل أن يستعيد صوته نبرته الحازمة وهو يكمل
_"أريد منكِ أن تركني لعقلكِ وتفكري في صالحكِ .. لا تتهوري من أجلنا جميعاً حبيبتي، حسناً؟ .. أعرف أنّني لن أستطيع جعلكِ تتراجعين عن المعركة التي تخوضينها لكن على الأقل دعيني أكون مطمئناً عليكِ في كل لحظة"
رفع عينيه ينظر لحارسها بامتنان واضح وثقة جعلتها تختنق
_"أعرف أنّه سيحميكِ بحياته لو لزم الأمر وأثق به على حياتكِ (سؤدد) .. تحملي حتى تنتهي معركتكِ وسأفعل بعدها ما يرضيكِ .. حتى ذلك الحين (مراد) سيرافقكِ ويحرسكِ كما اتفقت معه"
_"جدي أرجوك .. لا تفعل هذا بي"

قال بحزم
_"(سؤدد) إما هذا أو لا سفر .. لا خروج من باب هذا البيت حتى، مفهوم؟"
هتفت بألم
_"جدي أنا لم أعد طفلة صغيرة لـ "
قاطعها بقوة وهو يضرب الأرض بعصاه معلناً نهاية الحديث بصرامة لم يعاملها بها من قبل

_"توقفي إذن عن التصرف كواحدة .. أثبتي لي أنّكِ امرأة ناضجة الآن"
عضت على شفتها بقوة واختناق شديد يتملكها لتعنيفها أمامه ورفعت عينيها تنظر له بحزن ولوم وأشاحت بعينيها مع رؤيتها لنظراته التي تحولت لاعتذار وأسف كأنّه شعر بجرحها وتألم له ... همست بخفوت
_"كما تأمر يا جدي .. أنا .. اسمح لي .. سأذهب لغرفتي"
قالتها واندفعت للخارج وتحركت بخطوات سريعة نحو غرفتها تريد أن تختلي بنفسها تنعي فشلها في شيء بسيط كطرد ذلك المتعجرف .. لقد فشلت وانتهى الأمر وعليها أن تتحمله حتى تنتهي خطتها .. قبضت على كفها بقوة .. يريد أن يكمل عمله معها .. فليفعل .. لكنّها ستجعله يندم أشد الندم على ذلك .. ستنتقم منه .. حسناً .. فليرافقها في سفره وستجعل تلك الرحلة أسوأ كوابيسه .. لن تستحق اسمها أبداً لو لم تجعله يعض أصابعه ندماً في أقرب وقت.
******************


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 02:35 AM   #565

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

استيقظ (آدم) على صوت أنين متألم في نفس اللحظة التي شعر فيها بـ(سيلين) تدس نفسها في صدره وهي تشهق بألم شديد .. ربت على وجنتها برفق يناديها
_"(إيفا) حبيبتي ... افتحي عينيكِ .. أنتِ تحلمين"
ازداد أنينيها وقطرات العرق غمرت وجهها رغم برودة الجو .. اعتدل يفتح الضوء الجانبي ومال عليها بلهفة
_"(إيف) .. استيقظي حبيبتي .. هيا"
قلبه كان يتوجع مع كل آهة منها وهو يحاول إيقاظها بينما هي غارقة بعيداً عنه في ذلك الحلم الذي لم يكن ككل أحلامها أو كوابيسها السابقة .. كانت تقف في وسط فراغ أبيض لا ترى شيئاً على مد البصر وارتجفت وشعور ساحق من الوحدة يعبث بروحها .. أين هي؟ .. أين (آدم)؟ .. هل تركها ورحل بعد كل ما عرفه عنها؟ .. بالتأكيد .. كيف يمكنها أن تلومه على عدم تقبلها إن كانت هي نفسها لا تفعل؟ .. سالت دموعها وهي تحدق حولها في الخواء بحثاً عن .. عن ماذا تبحث؟ .. ماذا تفعل هنا؟ .. ومن تنتظر؟ .. هي وحيدة .. ليس لها أحد .. (آدم) تركها وخسرت كل من تحبهم .. (هشام)؟! .. كيف يمكنها أن تذهب إليه وبأي وجه؟ .. بعد كل ظلمها لأبيهما كيف تعود؟ .. كيف تطالب بانتماءٍ رفضته سابقاً بكل قسوة؟ .. لا يحق لها .. سالت دموعها أكثر وهي تسقط على ركبتيها أرضاً .. همست تنادي والدها بتوسل .. لو فقط يمنحها القدر فرصة واحدة تصلح بها خطأها في حقه .. لو يمنحها معجزة تعيدها بالزمن للحظة واحدة تودعه فيها وتطلب غفرانه على ظلمها له وخطأها بحقه .. قطرات دموعها كانت تتساقط على الأرض التي ابتلعتها ووجدت نفسها تهمس بألم .. لماذا لم تمت مع أمها؟ .. لماذا كان يجب أن تتعذب بهذه الطريقة؟ .. ما الذي ارتكبته لتستحق هذا القدر؟ .. لم تشعر بالظلام الغريب الذي بدأ يتجمع حولها طارداً النور مع كل فكرة سامة توسوس بها مخاوفها .. لمحت تلك الظلال تنبت أسفل يديها حيث اختفت دموعها ورفعت رأسها بفزع وهي تراها ترتفع لتتحد مع الظلام الذي كان يتجمع حولها .. ظلاماً كان ينبثق من قلبها هي .. لمست قلبها برعب .. ما الذي يحدث؟ ... شعرت باختناق مفاجيء وتلك الظلال المرعبة تزداد مستمدة من قلبها قوتها واسودادها .. أغمضت عينيها وهي تشعر بروحها تنسحب فجأة وذلك الظلام يسحبها إليه ببطء .. ظلاماً انبعث من داخلها ليلتهمها داخله ... سمعت فجأة صوتاً يناديها بحنان ينتزعها بقوة من تلك الهاوية التي أوشكت على السقوط فيها .. رفعت رأسها تتلفت حولها والظلام بدأ يتشتت من حولها وتلك الظلال تصرخ برفض والنور يخترقها ليحولها إلى سراب سرعان ما تلاشى .. ضيقت عينيها تنظر إلى مصدر الضوء والخيال الذي كان يقترب منها وخفق قلبها بقوة عندما توقف أمامها وعاد صوته يهمس
_"انهضي (سديم) .. لا تستسلمي صغيرتي .. قفي على قدميكِ يا ابنتي"
سالت دموعها وهي تنظر له بذهول وعيناها تدوران على ملامحه .. لا تصدق أنّها تراه .. لا تصدق أنّ القدر حقق لها معجزتها بهذه السرعة .. حاولت النهوض على ساقين هشتين عجزتا عن التحرر من بركة الرمال المتحركة حولها، ومدت له يديها بعجز ليساعدها وهي تهمس
_"ساعدني أبي .. لا أستطيع"
اقترب منها بنظراته الحانية وهو يقول بحزم
_"انهضي صغيرتي .. يمكنكِ فعلها وحدكِ"
بكت بحرقة وهي تمد له يديها كطفلة صغيرة وهسمت بتوسل
_"لا أستطيع وحدي أبي .. ساعدني هذه المرة .. لطالما احتجت إليك لتنقذني من ظلامي .. أردتك أن تعود من أجلي .. أن تخبرني أنك آسف .. أنّك تحبني ولم تقصد التخلي عني .. أردتك أن تأخذني بعيداً عن كل شيء أبي .. تمنحني عائلة وبيتاً .. انتظرتك داخلي كثيراً حتى فقدت كل أمل وصدقت ظلمك لي .. ساعدني هذه المرة .. أنا أحتاجك .. امنحني يدك لأنهض هذه المرة أبي .. أثبت لي أنّك معي .. لا زلت معي حقاً .. لم ترحل وتتركني للأبد"
ران الصمت حتى ظنته سيرحل من جديد لكنّه اقترب وأمسك بيديها ليشدها من الرمال التي كانت تشدها ببطء .. شهقت بقوة وهي تجد نفسها تُنتزع بقوة لتنغرس في صدره الدافيء .. لم تصدق أنّها أخيراً في حضنه .. ضمت نفسها إليه بقوة وهي تبكي .. بكت بكل الحرقة والوجع والاشتياق .. بكل الكلمات التي أرادت أن تخبره بها .. شعرت بذراعيه حولها تشتد وبكت أكثر وهي تصرخ
_"سامحني يا أبي ... سامحني أرجوك لأسامح نفسي .. قل أنّك سامحتني على كل شيء"
شعرت بيده الحانية تربت على شعرها بحنان شديد تشربه قلبها الملتاع وهي تسمعه يقول
_"لا تحتاجين لطلب السماح على أي شيء بنيتي .. أنا لم أغضب منكِ يوماً .. لقد أحببتكِ كثيراً وكان يكفيني وجودكِ بقربي .. ظننتني فقدتكِ للأبد وعندما عدتِ رغم غضبكِ كان هذا كافياً لي .. كان يكفيني أنّكِ بقرب عائلتكِ أخيراً .. بقربي يا ابنتي الغالية"
شهقت ببكائها تحتضنه بقوة وهي تردد

_"لا تتركني أبي .. خذني معك .. لا أريد أن أبقى هنا .. أنا تأذيت كثيراً يا أبي .. لم أجد السعادة التي أبحث عنها .. لا توجد سعادة في هذا العالم .. خذني بعيداً عن كل هذا الألم .. هذا العالم قاس لا أريد أن أبقى فيه .. خذني معك"
شعرت به يبعدها عنه وهو يقول
_"لا زالت الحياة أمامكِ صغيرتي .. لا زال لديكِ من تحبينه ويحتاج إليكِ .. هل تريدين أن تتركيه؟ .. تريدين أن تتركيهم جميعاً؟ .. ألم تجدي أي سعادة بقربه هو؟ .. ولو لحظة سعادة واحدة؟"
همست بألم شديد

_"لكنّها سعادة آلمتنا نحن الاثنين يا أبي .. سعادة لم تدم ورحلت مع طفلتنا .. وهو أيضاً .. هو أيضاً رحل ولم يف بوعده .. لم يتقبل ماضيّ وآثامي"
قبل أن يرد عليها شعرت بلمسة ناعمة على شعرها فالتفتت بحيرة لتقابلها عينان تشبهان عينيها وارتجفت بقوة وصاحبة اليد والابتسامة الحانية تضمها بين ذراعيها
_"لا يمكنه أن يفعل يا صغيرتي .. أنتِ فتحتِ قلبكِ الذهبي له ومنحتِه إياه .. كيف يمكنه ألا يتقبلكِ؟ .. ثقي به وبقلبكِ"
همست بذهول وارتجاف وهي تشعر بدفء حضنها
_"أ .. أمي .. هذه أنتِ؟"
شعرت بهما معاً يحتضناها بحب ويهمسان معاً

_"عيشي حياتكِ صغيرتي وتذكري أننا نحبكِ"
همست اسميهما وهي تبكي بذهول وقلبها يصرخ بألم .. إنّه حلم .. حلمٌ سينتهي وتجد نفسها بعيداً عن حضنهما الذي لم تتذوقه يوماً .. سمعتهما يهمسان وهما يبتعدان
_"نحن نحبكِ (سديم) .. لم يكن بيدنا أن نرحل ونترككِ صغيرتي لكننا معكِ دائماً"
شعرت بكفيهما فوق قلبها وببردٍ تدفق ليطفيء نار لوعتها وألمها وهما يواصلان
_"نحن هنا صغيرتي .. نحن وطفلتكِ .. سنحيا بقلبكِ ونكون معكِ لحظة بلحظة"
شعرت بهما يبتعدان فصرخت تناديهما ودفئهما ينسحب عن جسدها
_"لا تذهبا .. لا تتركاني .. لا أريد أن أبقى هنا .. لا تتركاني من جديد"
توقفت كلماتها مع ابتساماتهما الحانية المودعة ورأت ذلك الخيال الصغير الذي اندفع نحوها .. طفلة صغيرة بخصلات حمراء .. طفلة تحمل ملامحهما معاً .. همست اسمها بذهول وهي تركع أرضاً تستقبلها بين ذراعيها اللتين انطبقتا حول جسدها الصغير وسمعتها تردد
_"لا تبكي ماما .. أنا أحبكِ"
هتفت بلوعة وهي تحتضنها بذهول
_"صغيرتي .. آه يا صغيرتي .. حبيبتي اشتقت لكِ"
_"أحبكِ ماما"

أبعدتها تغمر شعرها ووجهها بقبلاتها المتلهفة وبدموعها
_"وأنا أحبكِ صغيرتي .. ماما تحبكِ جداً .. سامحيني يا قلبي .. سامحيني"
ابتعدت الصغيرة تمسح دموعها وهي تقول
_"لا تتركي بابا وحده .. إنّه حزين"
رأتها تشير للخلف ولمحت طيف (آدم) يطالعهما بحزن وسمعت صغيرتها تقول وهي تبتعد
_"اذهبي له ماما .. لا تتركيه وحده .. إنّه ينتظركِ"
نادتها بتوسل أن تتوقف، لكنّها لحقت بجديها اللذين أمسكا كفيها الصغيرين ولوحوا لها مودعين .. بكت وعيناها معلقتان بابتساماتهم وواصلت توسلها الهامس لهم .. سمعت صوت (آدم) يتردد حولها يناديها أن تعود .. التفتت له لتراه يفتح ذراعيه على اتساعهما يخبرها أنّه معها .. أن تفتح عينيها وتعود له .. التفتت تودعهم بنظرة أخيرة وقلبها ممزقٌ بين رغبتها في اللحاق بهم والعودة له .. ناداها بقوة أكبر لتنتفض بخفوت مستفيقة من حيرتها وهي تسمعه يتوسلها ألا تذهب بعيداً عنه .. لمحت طيفهم يختفي والتفتت له وتوجع قلبها وهي تجده يبتعد هو الآخر .. لم تفكر لحظة وهي تندفع نحوه تلقي بنفسها بين ذراعيه وتتمسك به كأنّه الحياة نفسها .. شعرت بقلبها ينبض من جديد وأنفاسها تعود لصدرها فشهقت تتنفس بقوة وسمعته يناديها بإلحاح .. شعرت بضربات خفيفة على خدها فأنّت بألم وفتحت عينيها ببطء .. وجهه المذعور المنحني فوقها وهو يهتف اسمها بخوف
_"(إيف) .. استيقظي حبيبتي .. أجل .. افتحي عينيكِ .. لا تخافي .. أنا هنا"
همس بها وهو يرى نظراتها المذعورة الدامعة تتحرك حولها ليرفعها بين ذراعيه فشهقت بخوف وهي تلف ذراعيها حوله

_"ابنتي .. صغيرتنا يا (آدم) .. لقد ذهبت معهم .. تركتني وذهبت مع أبي وأمي .. صغيرتي"
ارتجف جسده وقلبه مع ذكر طفلتهما وضمها إليه بقوة ودمعة متألمة غادرت عينيه وهو يهتف
_"كان حلماً حبيبتي .. لا تخافي .. أنا معكِ"
بكت بحرقة وهي تتمسك به
_"لا تتركني أنت أيضاً (آدم) .. لا تتركني أبداً"
ردد بوعد

_"لن أفعل حبيبتي .. لم يعد بإمكاني لو حاولت .. أنا معكِ الآن ولن أترككِ أبداً حتى آخر لحظة بعمري .. أعدكِ"
احتواها حتى بدأت دموعها تهدأ وأبعدها ينظر لوجهها الغارق بالدموع واقترب يمسحها بشفتيه يشعر بها ترتجف بين ذراعيه مغمضة العينين .. تركها سريعاً مقاوماً مشاعره التي باتت تخونه في الأيام الأخيرة مع قربهما الشديد .. نهض فجأة لتفتح عينيها بتساؤل فقال بسرعة
_"سأحضر لكِ مشروباً يهديء من أعصابكِ"
أسرع مغادراً الغرفة وعاد بعد دقائق يحمل كوباً به مشروب دافيء وضعه بقرب الفراش وجلس ينظر لها معتقداً أنّها قد عادت للنوم .. تأملها بألم .. لا يعرف كيف يخرجها من هذه الحالة .. رغم أنّها اعترفت له بالكثير مما يؤلمها لكنّها لا زالت تتمزق .. هناك أمر يخص والدها لم تخبره به بعد .. لا زال يؤرقها ويجعلها تعاني هذه الكوابيس .. لم يعد بإمكانه تركها وحدها .. ترك أعمال الشركة كلها على عاتق صديقه الذي تفهم ما يمر به .. تنهد متذكراً حديثه مع والده الذي قرر أخيراً مواجهته بما لاحظه هو والجميع .. وكيف لا وقد أصبح يبيت يومياً خارج القصر .. والده أخبره أنّه تركه الفترة الأخيرة متفهماً كونه أصبح ناضجاً ويمكنه أن يهتم بأموره الخاصة لكن أن يؤثر هذا على علاقته بعائلته وطفليه اللذين يخشى أن تتدهور حالتهما بغيابه كما حدث أثناء سفره .. لم يستطع أن يخبر والده بما يحدث معه حقيقةً واكتفى بأن وعده أنّه سيخبرهم قريباً جداً وطلب منه أن يثق به وأنّه أبداً لن يهمل طفليه لأي سبب .. يعلم أنّهما كانا خائفين من اختفائه مجدداً لكنّه تحدث معهما وأخبرهما أنّه يمر ببعض المشاكل وستُحل قريباً وسيكون معهما بعدها كما يريدان .. عاد ينظر لها بحزن .. كيف يمكنه أن يتركها وحدها في هذه الحال .. يخشى أن يغمض عينيه عنها فتغيب أو تؤذي نفسها في لحظة ضعف .. يريدها أن تقف على قدميها وتعود قوية لتواجه ما ينتظرهما معاً .. جده أخبره أن يأتي بها في أقرب وقت ليعرف العائلة بها وليقابلها هو بنفسه .. يعرف أنّه يجب أن يخبر عائلته عن زواجهما ويخشى كثيراً من ردود أفعالهم .. هل سيتقبلون زواجه من أخرى غير (رُبا)؟ .. تنهد بحرارة وهو يمد يده يمسح على شعرها بحنان لتتململ وفتحت عينيها تنظر إليه فقال وهو يمد يديها يسندها
_"لقد أحضرت لكِ المشروب حبيبتي .. هيا قومي لتشربيه"
أومأت وهي تعتدل بضعف يؤلمه ولا يستسيغ رؤيتها به .. ناولها الكوب ورقت نظراته وهو يتأملها حتى أنهت المشروب وأعادت له الكوب هامسة
_"شكراً (آدم)"
ابتسم بمشاكسة محاولاً إخراجها من حزنها
_"نحن في الخدمة جميلتي"
وضع الكوب جانباً والتفت لها لتفاجئه باندساسها بين ذراعيه موقفة نبضاته .. همس اسمها بخفوت وهو يشعر بذراعيها ملتفتان حوله ورأسها فوق صدره تهمس
_"شكراً لأنّك لم تتخل عني .. شكراً لأنّك سامحتني على كل شيء"
تنهد بقوة لترفع عينيها تنظر له بارتجاف

_"أنت سامحتني، صحيح؟"
أبعدها يحتضن وجهها وهمس بتأكيد
_"لقد سامحتكِ منذ وقتٍ طويل فسامحيني أنتِ أيضاً"
غامت عيناها بالدموع وهي تهمس
_"لقد غفرت لك أنا أيضاً منذ وقتٍ طويل .. لقد عدت قديماً لأكون معك رغم كل ظنوني"
ابتسم بحزن
_"أنا آسف لما رأيتِه وقتها .. آسف لأنني استسلمت لألمي وظنوني ولم أثق بقلبينا .. ما كان يجب أن أصدق شيئاً مما .."
قاطعته بألم
_"لا تقل شيئاً .. كل هذا في الماضي الآن .. أريد أن أنسى .. أريد أن أتابع حياتي كأنّ ما مضى كان مجرد كابس وانتهى .. ساعدني لأعيش من جديد .. أرجوك"
تحركت أصابعه تمسح الدموع عن خديها وهمس
_"أنا معكِ وسأفعل أي شيء لأجلكِ (إيف)"
وضعت إصبعها على شفتيه وهمست بأسى
_"لا تناديني بهذا الاسم مرة أخرى .. أريد أن أنسى الماضي"
أمسك كفها ينظر في عينيها الحزينتين لبرهة وهز رأسه بتفهم

_"لا يمكنني أن أناديكِ بـ(سيلين) أيضاً، صحيح؟"
هزت رأسها وسالت دموعها وأغمضت عينيها تتنفس بقوة قبل أن تهمس بخفوت
_"(سديم)"
_"ماذا؟"
فتحت عينيها تنظر لعينيه الحائرتين لتهمس بوجع متذكرة كل السنوات التي دفنت فيها (سديم) داخلها ورفضت الاعتراف بها أو تذكرها
_"(سديم) .. اسمي الحقيقي (سديم)"
ردد الاسم بغرابة كأنما يتذوقه قبل أن يردد
_"لكن هذا الاسم"
قاطعت تردده قائلة بأسى
_"عربي؟"
أومأ لتبتسم في حزن

_"أنا نصف فرنسية (آدم) .. أمي فرنسية ووقعت في حب أبي .. الشاب المصري الذي كان يدرس هناك في بعثة"
شردت لحظة ونظرت له بابتسامة حزينة

_"تماماً كما حدث معنا .. لقد كررت قصتها بحذافيرها"
رأت الألم والاعتذار يغشيان نظراته فأسرعت تقول وهي تلامس وجهه بحب
_"لست نادمة .. لست نادمة على حبك ولقاءك .. لحظات الألم والدموع وكل شيء كان مقدراً أن يحدث بيننا .. كل هذه الذكريات سأقدرها لأنّها كانت قصتنا .. لا أريد سوى أن أعود لنفسي القديمة معك .. أريد أن أحرر (سديم) التي دفنتها بأعماقي لسنين طويلة .. (سديم) الطاهرة البريئة ذات القلب الأبيض .. هي لا زالت هنا"
قالتها وهي تمسك كفه تضعه فوق قلبها وغامت نظراته بدفء وهو ينظر في عمق عينيها بينما تهمس
_"أريد أن أستعيدها لتحبك .. أنت تستحق (سديم) تلك .. لا (سيلين) ولا (إيف) .. كلتاهما آذتك (آدم) وهي فقط من .."
قاطعها وهو يرفعها ليضمها بقوة بين ذراعيه ويدفن وجهه في عنقها
_"أنا أحبكِ أنتِ .. بأي اسم كنتِ وبكل المشاعر والذكريات داخلكِ .. بماضيكِ المؤلم وجراحكِ .. بكل جزء منكِ أحبكِ .. أحببتكِ قديماً وأنتِ (إيف) .. وأحببتكِ من جديد وأنتِ (سيلين)"
شعر برجفتها بين ذراعيه فأبعدها ينظر في عينيها هامساً بكل مشاعره
_"وسأحبكِ كـ(سديم) .. قديماً والآن وفي المستقبل ... سأحبكِ (سديم) .. أنتِ فقط"
سالت دموعها مع سماعها لاسمها من بين شفتيه وهمست اسمه بتهدج كأنّما تتوسله أنّ يواصل نداءها بهذا الاسم وحده، فرفع كفيه يعانق وجهها ويردد اسمها مجدداً .. مراراً .. كتعويذة يوقظها بها من تحت رمادها .. يحررها بها من سجنها .. تشعر مع كل همسة باسمها أنّها تولد من جديد ودموعها تسيل أكثر مع ولادتها الجديدة
_"(سديم) .. (سديم) .. (سديمي) أنا"
ارتجفت وهي تنظر لعمق المشاعر التي تحررت في عينيه وكانت واثقة أنّ مشاعرها هي الأخرى تمثلت في عينيها بنفس القوة .. شهقة باكية غادرت شفتيها عندما مال ليلامس دموعها بشفتيه .. أغمضت عينيها بارتجاف وهي تشعر بشفتيه تطوفان على وجهها بينما يهمس باسمها مع كل قبلة فوق دموعها .. عادت للحظة قبلتهما الأولى في فرنسا مع استعادتها ذلك الشعور بالميلاد الجديد .. نفس الشعور لكنّه الآن وهو يهمس باسمها الحقيقي كان مضاعفاً .. كانت تستعيد نفسها بالفعل .. رفعت كفيها تستند لكتفيه وكل قبلة منه كانت تستدعي دموعاً أكثر .. همست اسمه بارتجاف لتسمعه يهمس وهو يضمها إليه أقرب
_"(سديمي) .. حبيبتي .. (سديم)"
ضاعت في غمرة مشاعرها تردد اسمه بضياع حاولت أن تتجنبه بتمسكها به في ضعف ... همست بحرقة تحرر قلبها أخيراً ليعترف بحبه دون قيود أو تردد
_"أحبك (آدم) .. أنا أحبك .. أحبـ "

ضاعت همسات اعترافها بين شفتيه كما ضاع العالم كله من حولها .. شعرت بنفسها تذوب ... تكاد تتلاشى فيه لتبدأ من جديد .. تنسى نفسها .. تنسى كل شيء عداه .. تولد من جديد بقبلة منه .. سيكون هو بدايتها ونفسها الجديدة .. حياتها وحبها .. هو وحده.
*******************

m!ss mryoma and Dr. Aya like this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 02:37 AM   #566

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

التفت (فهد) نحو (مراد) الذي تبعه إلى داخل الشقة وقال وهو يتأمله بقلق
_"هل أنت متأكد أنك بخير يا (مراد)؟ .. وجهك شاحبٌ بطريقة لا تعجبني"
رد عليه بابتسامة باهتة وهو يتحرك ببطء نحو غرفته

_"أنا بخير يا (فهد) لا تقلق"
_"لكن .."
قاطعه وهو يلوح بيده

_"ألم يطمئنك الطبيب على حالتي؟ .. لا تشغل بالك أنا فقط أحتاج للراحة بعد أن أرهقني المشوار"
تابعه بعينين قلقتين وهو يتساءل ما الذي حدث فجأة معه .. كان بخير عندما غادرا إلى المشفى من أجل الفحص ليطمأن على جرحه الذي لا زال يتعافى منه .. تنهد بحرارة وهو يتحرك نحو المطبخ .. لا شيء يسير على ما يرام مع الجميع هذه الأيام .. حتى هو .. ما حدث لـ(أحمد اليزيدي) منحه صفعة أعادته لعقله وجعله يتأكد أنّ الماضي لن يتركهم وحالهم بالفعل .. ما حدث ضاعف عذابه .. يتمزق هو مع كل لحظة تمر جوارها .. لا يتوقف عن اتهام نفسه بالأنانية حين استسلم لرغبةٍ مهلكةٍ في أن يكون بقربها .. يفصلهما حاجزُ دمٍ وماضٍ لا يُغتفر .. حتى هي بقلبها الملائكي لا يمكنها أن تتجاوزه وتغفر .. قلبه المتلهف أخبره أنّه ما دام مقدراً لهما في النهاية أن يفترقا، فليحتفظ بها قربه حتى يأذن القدر بذلك الفراق .. فليجمع أكبر قدرٍ يمكنه من ذكرياته معها ويحتفظ بها في أعماقه .. فليتزود منها بقدر ما يستطيع قلبه أن يتزود لسفره المقفر من بعدها .. توقفت خطواته عند مدخل المطبخ وقلبه ينتفض بين ضلوعه فور أن رآها تغادر أفكاره لتتمثل أمام عينيه .. تنفس بألم وعيناه تتأملانها بحب واشتياق .. يريد أن يحتفظ بهذه الصورة للأبد .. يريد أن يقف هكذا يتشرب ملامحها ويتزود منها لأيام عطشٍ لها آتية لا محالة .. رفع هاتفه بشرود يصورها وهي تطهو وابتسم في حنان وهو يرى معاناتها بينما تنقل رأسها كل لحظة بين كتاب الطهو وبين ما تحاول طبخه .. قلبه كان يلتهم بلهفة كل لمحة وكل حركة شاردة منها .. وضع الهاتف في جيبه واقترب ببطء منها وعيناه تلفانها بشغف عميق .. تعانقان كل خلية من وجهها الذي تلطخت بشرته ببعض الدقيق والعجين .. حاجبيها اللذين عقدتهما بتركيز وخصلاتها التي كانت تعاندها فتسقط كل حين فوق جبينها الملطخ بالدقيق، وتعيق رؤيتها فترفعها بكفها بنفاذ صبر حتى لوثتها هي الأخرى .. كاد يضحك عندما رآها تنفخ الهواء بشفتيها لتبعد خصلتها الشاردة ودون أن يشعر كان يقترب ليمد أصابعه، يرفع خصلتها ويثبتها خلف أذنها وخفق قلبه بجنون عندما التفتت بدهشة لتعانق عيناها الزيتونيتان عينيه لتختفي دهشتها في لحظة وتتألق عيناها شغفاً وسمع اسمه يتردد عذباً من بين شفتيها ليهمس دون شعور
_"همستي"
احمر خداها بطريقة جعلتها شهية للنظر .. أو للقُبل إن كان يجب أن يكون صادقاً مع نفسه .. كان قادراً على الشعور بنبضات قلبها التي تسارعت كنبضه الخاص وعقله كان يصرخ فيه أن يبتعد .. أن يستفيق ويعرف أنّه بما يفعله يفسد كل شيء .. هو لم يعد ليجعلها تزداد تعلقاً به وتغرق بحبه أكثر .. لا يريدها أن تتألم أكثر مثلما سيفعل هو عندما يحين وقت فراقهما .. لكنّه لا يستطيع .. عندما يكون بقربها تتطاير كل قراراته العقلانية .. عودته كانت أكبر خطأ .. سمعها تهمس اسمه بوجل وهي تتراجع مائلة للخلف حتى التصقت بطاولة المطبخ، لينتبه لذراعيه اللتين أسندهما للطاولة خلفها وحاصرها بينهما دون أن يشعر .. كاد الدم ينبثق من خديها اللذين احترقا خجلاً وهو يميل نحوها ويده تلامس خدها بنعومة الورد .. تنفست بصعوبة وهي تهمس اسمه تستنجد به منه ... ظنته لوهلة لم يسمعها .. ضائعاً كان هو في غابات الزيتونِ في عينيها حتى أيقظته همستها المرتعشة فانتبه لما يفعل .. اعتدل مبتعداً ليمنحها فرصة لتلقتط أنفاسها وابتسم في حنان مع رؤيته لارتباكها ليصفعه عقله يعيده للواقع .. لا يجب أن يفعل هذا .. لا يجب أن يقيدها إليه أكثر .. ستتأذى كثيراً عندما تعرف الحقيقة .. ستكرهه أكثر .. الألم الذي صبغ عينيه فجأة أثار قلقها فاقتربت منه متناسية خجلها وارتباكها وهمست
_"(فهد) .. هل أنت بخير؟ .. هل حدث شيء؟"
هز رأسه نفياً وقاوم رغبته في احتضانها لينسى بين ذراعيها كل هذا الألم الذي يقلته
_"لا شيء (همسة) .. أنا متعبٌ فقط بعض الشيء و .."
توقفت أنفاسه عندما اقتربت أكثر ورفعت يدها تلمس جبينه وهي تهتف بلهفة
_"هل أنت مريض؟"
لمستها عبثت بنبضه فسارع يزيح كفها برفق وقال بسرعة
_"لا ... أنا بخير .. سأذهب لأرتاح قليلاً"
تركها واندفع خارجاً وقد نسى ما كان أحضره للمطبخ في المقام الأول وتابعته عيناها المتألمتان وقلبها ينبض بوجع .. (فهد) ليس بخير .. منذ عاد وهي تشعر به ليس طبيعياً .. تشعر به يتمزق بين طرفين متعاكسين يجذبانه بقوة .. في لحظة يترك نفسه لتيار العاطفة يسحبه إليها ويغرقها معه وفي الأخرى يتباعد .. تقرأ في عينيه شيئاً تخشاه بشدة .. شيئاً دفعها لتتجاهل ما قاله يوماً بشأن والده ووالديها .. لم تفتح معه ذلك الموضوع مرة أخرى، تخشى أن تطرق بيدها باباً سيفتح ثقب الفراق الأسود ليبتلعها ويبعدها عنه .. هي لا تريد .. مهما كان ما يخشاه ويقف بينهما هي لا تريد أن تعرفه .. لا تريد لأي شيءٍ أن يبعدها عنه .. قلبها انقبض مع تخيلها ليومٍ يضطرها فيه القدر لتتركه بمحضِ إرادتها فأسرعت تتحرك خلفه .. اندفعت نحو باب غرفته المغلق وتوقفت أمامه بقلبٍ مرتجف .. رفعت كفها تلامس الباب ودمعت عيناها وهي تهمس اسمه داخلها كتعويذة حامية .. تريده أن يطمأنها أن مخاوفها غير صحيحة .. تريد أن تتوسله أن يأخذها بعيداً عن كل شيءٍ كما أخبرها يوماً .. فلينسيا كل شيء إلا حبهما .. لا شيء آخر يهم .. طرقت الباب برفق وهي تناديه
_"(فهد) ... أرجوك .. افتح الباب .. يجب أن نتحدث"
لم يجبها فعادت تناديه بتوسل ليأتيها صوته في النهاية بتعب
_"اذهبي لغرفتكِ يا (همسة) .. لنتحدث لاحقاً .. أنا .."
تحشرج صوتها بنشيجٍ مكتوم وهي تقاطعه
_"لن أذهب قبل أن نتحدث يا (فهد) .. أنا لم أعد أفهمك .. أرجوك حبيبي .. لا تؤلمني هكذا"
مرت لحظات مؤلمة قبل أن يُفتح الباب ويطل وجهه المتعب مثيراً قلقها وخوفها أكثر .. فتحة صغيرة وقف أمامها مانعاً إياها من التفكير حتى في الدخول لغرفته .. عادت كلماته تتردد برأسها يخبرها أنّها لم تعد تلك الطفلة التي يمكنها أن تقتحم غرفته بكل حرية .. كان ذلك الحاجز الجديد يؤلمها رغم معرفتها أنّه محقٌ فيما يقول .. يجب أن تحافظ على المسافة والحدود بينهما، لكنّها تكره هذا .. رفعت رأسها تنظر لعينيه اللتين غشيهما الحزن

_"ما الذي أصابك فجأة؟"
رسم ابتسامة كاذبة على شفتيه
_"لا شيء (همس) .. أنا بخير .. أخبرتكِ أنني متعب فقط"
قالت بإصرار

_"لا يا (فهد) .. أنت لست بخير .. أنت تخفي عني الكثير .. هل ظننتني لن أشعر بك؟"
كاد يرد لولا أن أوقفت كلماته وقبلها قلبه المسكين وهي تضع راحتها فوق نبضه وهي تهمس
_" ظننتك تخلصت من كل ما يقلقكِ وعدت إليّ خالصاً بقلبك"
_"(همس) أرجوكِ"
قاطعته وهي تقترب أكثر
_"أنا أحبك يا (فهد) .. لا تفكر في غير هذا"
أغمض عينيه متنهداً بحرارة قبل أن يفتحهما ينظر لها بألم يتوسلها أن ترحمه وعقله يردد بلوم .. كان خطأً فادحاً أن يعود .. همس بحرقة
_"يا إلهي .. (همسة)"
همست بتوسل وعاطفة
_"لا تبعدني .. لا تقاوم مشاعرك نحوي (فهد) .. لا تبعدني عنك مهما كان السبب"
قاوم حتى لا يجذبها إلى صدره مستسلماً لمشاعره كما تطلب منه واكتفى برفع كفيه يحتضن وجهها وهمس بألم
_"أنتِ لا تساعدين أبداً (همس)"
دمعة سالت من عينيها دكت حصون قلبه وهي تهمس
_"لا تجعل شيئاً يقف بيننا أبداً (فهد) .. لا شيء أبداً يستحق"
مال يسند جبينه لجبينها وأغمض عينيه هامساً بلوعة
_"ستتألمين حبيبتي .. ستتعذبين بسببي وستكرهينني .. وأنا .. أنا لن أحتمل هذا أبداً يا (همس)"
_"لن أفعل أبداً .. لا يمكنني أن أكرهك (فهد) .. لا أحد يكره نفسه"
ردد بخفوت
_"ستفعلين يوماً حبيبتي .. الكثير يقف بيننا .. الكثير لا تعرفينه ولا .."
قاطعت بحزم

_"ولا أريد أن أعرف"
_"(همسة) .. أنتِ .."
_"مهما كان ما يخيفك ويبعدك عني .. مهما كان ما يقف بيننا ... لا أريد أن أعرفه .. أنت وحدك تهمني .. إن كان ما ستقوله سيبعدنا رُغم كل الحب الذي بيننا فلا أريد أن أعرف"
همس بوجع ويداه تشتدان حول وجهها
_"ليتني ما عدت"
شعر بدموعها تلامس أصابعه ففتح عينيه وابتعد ينظر لها لتقول بلوم

_"أحمق .. لا تقل هذا .. لقد وعدتني"
مسح دموعها بحب وهو يقول
_"لو تعرفين كم يقتلني هذا الوعد يا (همس)"
تنفست بعمق ورددت
_"أعرف حبيبي .. أنا أشعر بك .. لكن .. إن كان مقدراً لنا بالفعل أن يفرقنا القدر يوماً فلا أريد أن أبتعد من الآن .. لا أريد أن أخسرك من الآن"
نظرت في عمق عينيه من بين دموعها وهمست برجاء وهي تحتضن كفه
_"أليس هذا ما أعادك لي؟ .. ألم تعد لتكون معي وأنت تخشى ذلك الفراق المحتوم؟ .. عدت لتقضي معي تلك الأيام الباقية طالت أم قصرت"
ارتفع حاجباه وهو ينظر لها .. تلك الصغيرة التي تلفه كخاتمٍ حول إصبعها منذ صغرها تفهمه أكثر مما اعتقد .. لطالما كانت تسبق بتفكيرها عمرها .. أم يا تُرى حبها له ما يجعل أعماقه شفافة لها لهذه الدرجة؟ .. سمعها تهمس وهي تحتضن كفه الآخر
_"هذه اللحظات أثمن من أن نضيعها في القلق بشأن الغد حبيبي .. أنا أريد أن أجمع ذكريات كثيرة معك .. أريد أن أعيش هذه الأيام الباقية دون أن أفكر في لحظات الفراق"
فاضت الدموع وكسرت حاجزها لتسيل على خديها وهي تواصل

_"لو كان قدري أن أفترق عنك غداً فلا أريد سوى الاحتفاظ بذكرى ذلك اليوم الوحيد .. هي ستكفيني .. لذا .. لا تفكر في أي شيء سوى كوننا معاً الآن .. لا تفكر في أي شخص ولا أي حاجز .. اصنع معي ذكرياتٍ حلوة تكون زادنا معاً لو حقت ظنونك وكانت لقدرنا كلمة أخرى"
تنفس بقوة ورقت عيناه بفيض مشاعر يجاهد أن يبقيها تحت السيطرة .. لم تمنحه الفرصة لينطق وهي تمسح دموعها بقوة ورسمت أروع ابتسامتها وهي تشده من يده هاتفة
_"سنبدأ من اللحظة"
هتف اسمها ضاحكاً بينما تجره خلفها نحو المطبخ وهي تواصل
_"لقد قاطعت لحظات إبداعي وعليك أن تصلح خطأك .. ستساعدني في صنع البيتزا"
ضحك قائلاً وهو ينقل عينيه وسط المطبخ الذي يبدو أنّ كارثة طبيعية ضربته .. لم يلحظ هذا في المرة الأولى حين انشغل برؤيتها عن كل شيء

_"هل تسمين ما كنتِ تفعلينه صنع بيتزا؟ .. رباه .. (راجي) سيصاب بأزمة قلبية عندما يرى ما حل بمطبخه العزيز"
لوت شفتيها وهي تشد مريول مطبخ واندفعت نحوه
_"دعك منه هو وهوسه بالنظافة .. سننتهي من تنظيف المكان قبل أن يعود ... هيا بسرعة"
ابتعد للخلف بعينين متسعتين هاتفاً
_"ماذا تفعلين؟"
رفعت المريول وهي تحاول أن تشب على قدميها لتلفه حول رقبته
_"هيا (فهد) .. ارتده"
هتف وهو يحاول الابتعاد
_"مستحيل .. لن أرتدي هذا الشيء أبداً"
زمت شفتيها بحزن مصطنع
_"لماذا إنّه لطيف للغاية .. أنا اشتريته .. هيا البسه"
_"قلت لا يعني لا (همس)"
تحرك مبتعداً وقاوم ضحكته وهي تطارده وسط المطبخ
_"مستحيل .. إنّه وردي .. كيف تريدين مني ارتداء شيء بهذا اللون؟ .. هل جُننتِ؟"
_"(فهد) .. توقف .. هيا .. لأجلي .. أرجوك (فهد)"
همست اسمه برقة مذيبة ليتنهد بقوة ويبتسم مستسلماً
_"حسناً .. لأجلكِ فقط"
اختفى عبوسها وابتسمت بسعادة وهي تقترب منه .. كادت تناوله ليرتديه لكنّه مال برأسه ليسمح لها بوضعه حول عنقه فاتسعت بسمتها، وأسرعت تلبسه إياه
_"أجل هكذا .. لقد اشتريت اثنين بنفس الشكل .. هكذا سنبدو كزوجيـ"
انقطعت كلمتها حين رفع رأسه لتلتقي أعينهما وتسارعت نبضاتها مع ابتسامته .. أسرعت تسعل بارتباك مبتعدة وهتفت وهي تتجه للطاولة
_"هيا أكمل ارتداءه وأسرع لتساعدني"
اتسعت ابتسامته وهو يتحرك نحوها وقال وهو يقف أمامها يتأمل العجين بالوعاء والمكونات الأخرى المبعثرة فوق الطاولة
_"هل أنتِ متأكدة مما تفعلين (همسة)؟ .. أرى أن نتصل بالاسعاف لنتأكد من قدومهم سريعاً في حالة .."
تأوه حين ضربته بكوعها في خصره والتفت لها بذهول فأخرجت له لسانها ورددت
_"لا تسفه من مواهبي لو سمحت .. أنا متعددة المواهب وسوف أبهركم الليلة"
لم يتمالك ضحكته فغمست كفها في وعاء الدقيق وهتفت وهي تشب على أصابعها لتمسح يدها في خده

_"لا تضحك عليّ"
هتف اسمها في حنق وهو يمسح الدقيق عن وجهه والتفت لها وهي تضحك بقوة
_"هكذا إذن .. أنتِ جلبتِ هذا لنفسكِ"
صرخت وهي تتحرك مبتعدة عن يده وهتفت وهي تدور حول الطاولة
_"أنا آسفة .. خلاص (فهودي) سماح"
هتف بحنق
_"(فهودي)؟!"
صرخت مرة أخرى حين عاود مطاردتها هاتفاً
_"كم مرة قلت لا تناديني (فهودي) هذه .. لقد جنيتِ على نفسكِ .. تعالي هنا"
امتزجت ضحكاتها بالصراخ حين قبض على ذراعها بكفه ورفع الأخرى تحمل بعض الدقيق
_"لا (فهد) .. لا تفعل"
_"أنتِ من الأساس ملطخة بالعجين .. لن يضيركِ المزيد"

صرخت ضاحكة وهي تحاول الابتعاد لينجح في النهاية من الانتقام لنفسه .. ضحك وهو يتركها لتسعل وهي تنفض الدقيق عن وجهها وثيابها وهي تنظر له بحنق .. أسرعت تضع يدها في الدقيق ليسرع ويقبض على رسغها ضاحكاً
_"لا تحاولي"
_"اترك يدي (فهد)"

مال هامساً بعبث
_"إنّها ملكي .. لماذا أتركها؟"
قاومت ابتسامتها الخجولة التي سرعان ما غلبتها وأشاحت بوجهها وقالت
_"حسناً احتفظ بها لكن بهذه الطريقة لن نستطيع الطبخ"
ضحك وهو يترك يدها لتبتسم له بنعومة وقبل أن يدرك كانت ترفع يدها تلطخ خده الآخر وهي تضحك .. لم تمنحه الفرصة لينطق بحرف وهي تمد يدها لتلتقط هاتفه من جيبه وهي تهتف
_"لا تعبس هكذا .. سألتقط صورة جميلة لنا"
قبل أن ينتزع الهاتف من يدها ارتفع حاجباها وهي ترى الصورة المطلة على شاشته .. لم تقاوم ابتسامة عابثة وهي تنظر له
_"ووووه .. من هذه الجميلة؟"
ضحك مع كلماتها وانتزع الهاتف منها وهو يردد

_"يا للغرور"
ابتسم بحب وهو ينظر لصورتها في عيد ميلادها الخامس عشر .. ذلك اليوم الذي بدأ فيه سقوطه المدوي نحو عشقها اللاعقلاني .. همس بحب وهو يرفع عينيه عن الصورة لينظر لها هي
_"إنّها حبيبتي"
قالت باستنكار مصطنع
_"حقاً؟ .. لكنّها صغيرة جداً عليك"
ضيق عينيه يرميها بنظرة قاتلة
_"يبدو أنني أخطأت حين اعتقدتها قد كبرت أخيراً"
ضحكت قائلة بمشاكسة تنتزع ابتسامة مرغمة من شفتيه
_"لم أعرف أنّك تحبني من وقتها .. لماذا لم تقل؟ .. لقد أتعبتني كثيراً يا رجل"
وغمزت بعينها وهي توكزه في خصره متابعة
_"يبدو أنّ تأثير الفستان الأحمر عليك كان ساحقاً كما توقعت (جيني)"
اتسعت عيناه وهو يهتف اسمها باستنكار فضحكت وهي توكزه من جديد قائلة
_"ماذا؟ .. لا تخجل هكذا .. هيا اعترف .. لقد بدأت تراني امرأة من يومها"
زفر وهو يشيح بوجهه .. تلك الصغيرة الخبيثة .. إنّها تستمتع على حسابه .. ستصيبه بالجنون حتماً .. عض على شفتيه بحنق ولم يشعر بها وهي تسحب الهاتف من يده وأسرعت تقف أمامه وترفع الهاتف أمام وجهيهما
_"هيا ابتسم"
نظر لها للحظات مقطباً قبل أن يبتسم مرغماً حين رفعت حاجبيها مشيرة له بتهديد باسم .. ضحك عندما اتخذت وضعية غريبة في الصور والتقطت صورة، لتختفي ضحكته عندما ارتفعت على أصابع قدميها وهي تستند لذراعه وقربت وجهها من خده وهي تضم شفتيها في قبلة لم تمسه وتلتقط صورة أخرى .. الحمقاء .. هل تعرف ماذا تفعل به وبقلبه المسكين؟ .. ابتسم بقلة حيلة قبل أن يستسلم لعبثها تاركاً لقلبه العنان ليعيش تلك اللحظات الثمينة كما وصفتها .. ألم يعد لهذا السبب؟ .. ليصنع معها الكثير من الذكريات التي تعينه على احتمال فراقها فيما بعد .. إذن فليحقق لقلبيهما تلك الرغبة الأنانية وليقضي معها هذه اللحظات كأنّها اللحظات الأخيرة له في هذا العالم .. مد يده يلتقط الهاتف ومال برأسه موازياً طولها وهمس في أذنها
_"أحبكِ (همستي)"
التفتت له بعينين غمرتهما الدهشة والحب وارتسمت على شفتيها أجمل ابتسامتها في نفس اللحظة التي سمعا فيها صوت الهاتف يلتقط صورتهما محتفظاً بها في ذاكرته الرقمية بينما في ذاكرته هو سيحتفظ بنظرة عينيها العاشقتين وابتسامتها الحبيبة .. سيذكرها حتى آخر لحظات حياته.
*******************
انتهى الفصل السادس والعشرون
إن شاء الله ينال إعجابكم
قراءة ممتعة للجميع
أرق وخالص تحياتي


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 03:19 AM   #567

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الورد يا أحلى قراء ومتابعين

إن شاء الله يا رب تكونوا بخير وسلام ومنوريني بوجودكم دايماً
أنا كنت حسبت الفصول المتأخرة عشان أعوضكم وكنت ناوية أنزل فصلين كل أسبوع بس قررت في النهاية يكون فصل واحد طويييل جداً بطول الفصلين مع بعض وأكتر كمان
لذا .. إن شاء الله الفصول الجاية هتبقى بإذن الله طويلة وفيها مشاهد كتير وتفاصيل أكتر لكل الأبطال

الفصل اللية طويييييل جداً وملغم وعاطفي :heeheeh:

لو حد قال الفصل قصير .. هزعل وأجيب ناس تزعل معايا
إن شاء الله يعجبكم الفصل

قراءة ممتعة للجميع

أرق تحياتي

Dr. Aya likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 04:26 AM   #568

Zahraaltole

? العضوٌ??? » 436552
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 14
?  نُقآطِيْ » Zahraaltole is on a distinguished road
افتراضي

لسى مااكتملت الرواي

Zahraaltole غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 05:43 AM   #569

شيزكيك

? العضوٌ??? » 298355
?  التسِجيلٌ » Jun 2013
? مشَارَ?اتْي » 1,151
?  نُقآطِيْ » شيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond reputeشيزكيك has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شيزكيك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-04-19, 03:24 PM   #570

ماما حسوني

? العضوٌ??? » 347358
?  التسِجيلٌ » Jul 2015
? مشَارَ?اتْي » 889
?  نُقآطِيْ » ماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond reputeماما حسوني has a reputation beyond repute
افتراضي

امممممممممممممممممممممممم مممممموة أبدعت يا جميل

ماما حسوني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:52 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.