آخر 10 مشاركات
زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )           »          52 - خداع المرايا - أجاثا كريستي (الكاتـب : فرح - )           »          ليالي صقيلية (119)Notti siciliane ج4من س عائلة ريتشي:بقلمي [مميزة] كاملة و الرابط (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          لك بكل الحب (5) "رواية شرقية" بقلم: athenadelta *مميزة* ((كاملة)) (الكاتـب : athenadelta - )           »          287 - كذبة العاشق - كاتي ويليامز (الكاتـب : عنووود - )           »          284 - أنت الثمن - هيلين بيانش _ حلوة قوى قوى (الكاتـب : سماالياقوت - )           »          275 - قصر النار - إيما دارسي (الكاتـب : عنووود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قسم الروايات المتوقفه

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-12-18, 07:33 PM   #71

جودي الحب

? العضوٌ??? » 98877
?  التسِجيلٌ » Sep 2009
? مشَارَ?اتْي » 3,225
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
?  نُقآطِيْ » جودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond reputeجودي الحب has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
¬» قناتك rotana
افتراضي


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .



جودي الحب غير متواجد حالياً  
قديم 06-12-18, 12:57 AM   #72

veronica lodge

? العضوٌ??? » 418351
?  التسِجيلٌ » Feb 2018
? مشَارَ?اتْي » 154
?  نُقآطِيْ » veronica lodge is on a distinguished road
افتراضي

💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙💙

veronica lodge غير متواجد حالياً  
قديم 06-12-18, 03:37 PM   #73

Cielo celeste

? العضوٌ??? » 420715
?  التسِجيلٌ » Mar 2018
? مشَارَ?اتْي » 94
?  نُقآطِيْ » Cielo celeste is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

Cielo celeste غير متواجد حالياً  
قديم 07-12-18, 07:00 PM   #74

blue fox

? العضوٌ??? » 89203
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,243
?  نُقآطِيْ » blue fox is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية . موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

blue fox غير متواجد حالياً  
قديم 15-12-18, 03:26 PM   #75

Eman Sakr

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Eman Sakr

? العضوٌ??? » 377138
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » Eman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته....
اليوم معي الفصل السادس.. بتمنى يعجبكم 😘 .


***************

التمس محمود طريقه في الظلام المحيط بمنزله ... بحثاً عن تلك الكارثة التي هبطت فوق رأسه من حيث لا يدري.

لم يترك لعنة في قاموس لعناته لم يرمها بها هي و شقيقته .

و خاصة شهد التي بلغ حنقه منها مبلغه ... بسبب محاولاتها المتكررة للتذاكي عليه و تعاملها معه على أنه غبي ينساق خلف تدبيرات و مؤامرات ساذجة لا تقنع طفل صغير .

يا الله و كأنه لا يفهما !.

رغم أنه كان على دراية باللعبة التي تلعبها إلا أنه لم يجد ضير من أن يجاريها ... فلم يكن ليطرد هذه المرأة لتهيم على وجهها بالصحراء المحيطة بمزرعته .

قطعاً سوف يجدوا جثتها مع الصباح ... هذا ما أكده لنفسه.

و لهذا هو الآن بالخارج بعدما تعدت الساعة منتصف الليل بكثير يبحث عن امرأة تبخرت و كأنها شبح .

***************

و على الجانب الأخر كانت فريدة تسير على غير هدى ... قدم تتأخر و أخرى تتقدم ... تتنازعها قوتان .

رغبة متمردة تدفعها للهروب حتى لو كان هذا الهروب مآله إلى صحراء رحبة لا تكاد ترى لها نهاية .

تفر من فظاظة ذلك الرجل هناك .. و اهانته لها ... من حلم روادها بالبقاء .. من نفسها الحائرة .. أو ربما الفرار من كل شيء .

و قوة أخرى تكبلها.. تشدها إلى هذا المكان و تدعوها للبقاء .. خوفا من مجهول يتربص بها .

ليس فقط بسبب هذه الصحراء المتسعة و لكن لما يكمن خلفها من أهوال كانت نهايتها مع ذاك المشهد المريع الذي حفر في الذاكرة بعمق .

فهي شاهد وحيد على جريمة قتل مروعة.. و لا ريب أنها سوف تكون الضحية التالية للقاتل لو عثر عليها .

لقد كتبت لها فرصة جديدة في الحياة بعدما أيقنت أن موتها أمر محقق ... هذا هو السر وراء رغبتها في البقاء .

هذه فرصتها في حياة جديدة ... و سوف تتمسك بها.

نفضت فريدة كل شعور بالتخبط و الارتباك و معهم أفكارها المتناقضة .

و تساءلت .. كيف انتهى بها الأمر وسط اللا شيء ؟.. كيف ضاعت كل امالها العريضة في التحرر من سطوة أشخاص كانوا يسعون للسيطرة على حياتها لتجد نفسها أسيرة تلك البقعة النائية من الصحراء ... تتزلف إلى عطف رجل شرس ليستقبلها كضيفة في منزله.

و لكن ماذا لو لم يأتِ؟ ... ماذا لو كان نذلا و نفذ تهديده و لم ينساق خلف الخطة التي رسمتها شهد ؟.

من الواضح أن هذا ما سوف يحدث.. فها هي تسير منذ بضع دقائق ... تتخبط وسط عتمة متواترة و ضوء القمر الشاحب الذي يخبو حينا و يسطع حينا .

تلفتت حولها بحذر.. بوجل من مجهول ينتظرها و الفضاء الرحب أمامها يستقبلها بها بأذرع واسعة .. لا تدري ما خطوتها التالية و لكنها لا تستطيع منع قدماها من مواصلة المسير .

***************

كانت شهد تذرع الشرفة الأمامية جيئة و ذهابا و القلق يتنازعها ... فقد خرج شقيقها منذ وقت طويل بحثاً عن تلك المرأة دون أن يظهر كلاهما .

نظرت في ساعة يدها لتجد أن الوقت تأخر كثيراً ... و قد تخطت منتصف الليل بوقت لا بأس به .

لم يكن ما يثير قلقها محمود فقط .. بل كرم.
السيد الأول لأفكارها .

فكانت تتساءل عن رد فعله حينما يستفيق و لا يجدها إلى جواره .

لم تسعى يوماً لخلق المسافات بينهما كما حدث منذ ليلتين ... و لكنه بدأ بالابتعاد و هي لم تفعل شيء سوى الامتثال لرغبته .

حاولت أن تبرر ذلك بأنها قد تكون أزمة كغيرها و سوف تعود بعدها العلاقة بينهما لتصبح على ما يرام .

و لم لا؟ ... دائما ما حدثت التصادمات بينها و بين كرم و على مدار سنوات زواجهما التي استمرت لنحو أربعة عشر عاما .

حيث تزوجا في سن صغير لم تكن هي قد تجاوزت التاسعة عشر و كان هو متخرج حديث في الثانية و العشرين و قد حصل بالكاد على وظيفته الأولى في عالم الصحافة .

قابلته للمرة الأولى في حفل اصطحبها له محمود .

حينها لم يتوانى كرم عن مغازلتها بوقاحة أمام شقيقها الذي كاد يقتله لفجاجة تصرفه .

و رغم ما فعله به محمود إلا أنها تفاجأت به في اليوم التالي أمام عتبة منزلها .. يريد الزواج بها .

كان مجنوناً بالدرجة التي جعلته يطاردها حتى أحبته و لكن الأكثر جنوناً كان زواجهما الذي تم رغم الكثير من العقبات أولها رفض محمود صديقه .

الجميع راهن على فشل هذا الزواج ... إلا أنهما خالفا توقعات الجميع و نجحا .

نجحا لمدة أربعة عشر عاماً لم تكن خالية من الاضطرابات و المشاحنات ... و لكنها أبداً لم تبتعد .

و هذا ما أخافها ... لقد بادر هو بالابتعاد ... فكيف ستكون ردة فعله التالية؟ .

و قد تعودت معه أن تحيا على صفيح ساخن ... تتلاعب بها ثقتها المهزوزة بذاتها أمام ما أصبح هو عليه .

رجل ناجح...لامع... مشهور ... و وسيم .

بقامته المديدة و كتفيه العريضتين .. و جسده المفعم بالشباب و القوة ... إضافة إلى ملامح وجهه الجذابة يظلله شعر أسود كث و عينان بنيتان ذكيتان تعكسان نظرة ماكرة مقتحمة ... عيناه التي تعبر بصراحة عن جانبه اللعوب و الذي يصر هو على إنكارهx .

بينما هي مجرد امرأة عادية ... نسخة باهته عن فتاه جذابة كانت عليها في الماضي ... و قد يراها البعض أدنى من مستواه .

جسدها بدا نحيلا أكثر من المطلوب ...

و شعرها البني الطويل الذي فقد رونقه كانت تخفيه بإحكام خلف وشاحها .

بعكس بشرتها الخمرية التي لم تنجح في إخفاء علامات الإجهاد البادية عليها بعد ليالٍ من الإرهاق و التوتر بسببه و بسبب الأطفال .

ربما الشيء الوحيد فيها الذي لا زال يحتفظ بجماله هو عيناها الواسعتان بفتنة لونهما العسلي .

كانت تخبر نفسها دائماً أن لا شيء مميز بها .. فلا هي بالمرأة الفاتنة و لا صارخة الأنوثة .

و كانت هذه أسباب هواجسها و مبعث عذاباتها معه .

وx كأنها تعيش على فوهة بركان من المخاوف تخشى أن ينفجر في أي وقت و هي تنتظر دائما اللحظة التي سيتخلى عنها ليجد لنفسه امرأة تناسبه ..

***************

" ترى أين ذهبت ؟"

دمدم بهذه الجملة بغضب بعدما ابتعد كثيراً عن المنزل دون أن يجد أثر لهذه المرأة .

و لكنه لم يكد يتم جملته الغاضبة حتى لاح له من بعيد شبح ضئيل.

تمكن من رؤيتها في الضوء الشاحب الذي يرسله القمر .

حيث كانت تتلكأ على الدرب الممهد بين الحظائر و يبدو عليها الضياع .

تنهد محمود بعمق تعبيرا عن ارتياحه ... ثم أسرع الخطا ليلحق بها ... و حين أصبح أقرب ناداها :

" أنتِ ... فلتنتظري قليلاً "

انتزعها ندائه من تخبط أفكارها .. و رغم أنه كان لديها أمل خافت في ظهوره بين لحظة و أخرى إلا أنها انتفضت تحت تأثير المفاجأة.

حاولت أن تخفي اضطرابها و تسلحت بأكبر قدر تمتلكه من العناد لتتجاهله و تسرع من خطواتها ... تخلق بذلك مسافة أكبر بينها و بينه .

بينما هو كان يبحث في طيات ذاكرته عن إسمها ... ليس من المعقول أن يستمر في إطلاق إسم " فتاة المصعد" عليها بعد الآن.

و بعد عناء تذكره ... " فريدة"

نعم .. بالفعل هي متفردة .. و لكن في اجتذاب الكوارث و افتعال المصائب.

أعاد ندائه تلك المرة بصوت أعلى و قد أزال أي حواجز بينهما لينادي اسمها بدون ألقاب :

" فريدة .. توقفِ "

و تلك المرة أيضا لم يتلقى رد سوى خطواتها المتسارعة التي قاربت العدو .

فهتف بحنق :

" فريدة .. قلت توقفِ .. و إلا "

النبرة المحذرة التي تشبع بها صوته و هو يكرر نداءه كانت تدعوها للهرب .

فهم محمود ما تحاول فعله .... و شعر بالغيظ لذلك .

فهي بكل بساطة تتجاهله !

كان ثمة نداء شيطاني يحثه على أن يستدير على عقبيه و يعود لينعم بفراشه بعد دوامة يوم متعب .. و ليذهب كل شيء آخر إلى الجحيم .. و معهم تلك الغريبة .. بل تلك الكارثة .. هذا هو الوصف الادق .

و لكن شهامته أبت الانصياع .

لهذا تشبث بعناد مماثل و هو يطارد خطواتها بإصرار لم يعرف أني له بمثله .

و أخيراً لحق بها و قبض على ذراعها بقوة جعلت صرخة خافته تنطلق من بين شفتيها .

كان صدره يرتفع و ينخفض تحت تأثير أنفاسه المتلاحقة و هو يهدر بها :

" يا الله .. انتظري قليلاً.. لقد قطعتِ أنفاسي يا امرأة حتى استطعت اللحاق بكِ "

نظرت إليه و نارية طبعها أطلت من خلال عيناها ذات اللون الداكن الغريب الذي جمده لثوانٍ .. قبل أن تشتعل نظراته بالحنق بعكس ملامحه الهادئة حد البرود .

صاحت فريدة لتخرجه من ثباته.. و هي تحاول التخلص من قبضته :

" هل جننت ؟ .. اترك ذراعي "

رده جاء غاضبا لتحصل على المزيد من الضغط على ذراعها حين قال و هو يصر على أسنانه بغيظ :

" أنا الذي جننت أم أنتِ حتى تجرأتِ على الخروج في مثل هذا الوقت ؟.. و أيضاً تتجاهلين نداءاتي المتكررة ! "

رددت فريدة خلفه باستنكار :

" تجرأت على الخروج في مثل هذا الوقت؟... هل أنت جاد؟ "

واصل محمود متجاهلا استنكارهاx :

" بالطبع.. و هل أخبرك أحدهم أنني أمزح؟ .. ألا تمتلكين ذرة من العقل لتدركِ حجم المخاطر التي تغص بها الصحراء في الليل ؟ .. ببساطة قد يلتهمك ذئب أو تلدغك إحدى الزواحف المنتشرة هنا بكثرة "

هذا الرجل حقاً مجنون ... هكذا فكرت .

نعم ... فلا ريب في انه يعاني من انفصام في الشخصية... ألم يقل أنه لا يريدها تحت سقف منزله؟.. و الآن يسألها عن سبب خروجها في مثل هذا الوقت!! .

" أنت بالفعل مجنون... قلت اترك ذراعي"

هتفت من بين أسنانها بتألم...و هي تحاول تخليص نفسها من قبضته التي تشبه كلابة حديدية أطبقت على ذراعها بلا هوادة.

ثم رفعت إليه وجها يشع بالتحدي ... لتتابع :

" كما أنه لا شأن لك بما أفعله و ما قد يصيبني "

ناظرها محمود بصمت لبرهة ملتقطا أنفاسه اللاهثة و كأنه يمتص بهدوءه موجة غضبها الغير مبرر من وجهة نظره .

هي تراه مجنوناً بينما هو رأى أن خير وسيلة للدفاع هي الهجوم .

فهو شبه متأكد أن خروجها من المنزل لم يكن بناء على طلبه بل تنفيذاً لخطط شهد الحمقاء.

و لكنه لا ينكر أنه وجد بعض التسلية في تعنيفها .. ربما انتقاماً منها لأنها جعلته يبحث عنها لوقت طويل و ربما لأن اغضابها يحقق له بعض الرضا .

قطع صمته بعد برهة بدت أزلية .. ليقول بلهجته الهادئة المستفزة :

" لن أفعل ... ليس قبل أن تخبريني لما كنتِ مصرة على تجاهلي ... بعدها يمكنك الذهاب حيث شئتِx "

" لم أفعل "

قالت ذلك بهدوء مماثل ... جعل ابتسامة ساخرة ترتسم عند زاوية شفتيه.

فتلك كانت محاولة فاشلة منها للتجلد في مواجهته.

لذا قال بنبرة متسليةx :

" بلى فعلتِ "

ثم استأنف ساخراً :

" هل أنا أقل من ان تهدرِ القليل من وقتك الثمين للرد علي... أم هناك سبب أخر ؟ "

تدرك جيداً ما يحاول فعله .. إنه يستغل الوضع لإثارة حنقها.. ليخرجها عن طورها الطبيعي.. و كم أرادت أن تفعل .

حينها لن تتوانى عن الانفجار في وجهه .

رأى محمود البريق الخاطف الذي مر على حدقتيها ... بريق من التوحش و كأنها تقتله في مخيلتها.. و لكنها مع ذلك حافظت على صمتها .

مما دفعه لمواصلة استفزازها بقوله :

"أخبريني ... هل أنتِ على عجلة للحاق بموعد ما ؟ أو ربما تكونين صماء مثلا ؟ .. حينها قد التمس لكِ العذر "

هذا الرجل بسخريته المغيظة كان يفجر بداخلها شعور بالقهر.. تريد أن ترد عليه بما يستحقه و لكن لسانها انعقد بعجز أمام نظراته المتهكمة .

بدا و كأنه في انتظار ردها ... لذا لم تجد بدا عن السخرية منه بالمقابل :

" بالطبع كنت متعجلة ... فلا زال لدى المزيد من الأماكن التي تنتظرني لأسرقها "

" ماذا؟!! "

شعر بالغباء و هو يبحث عن معنى حديثها الساخر ... و سرعان ما تذكر ما أخبرها به صباحاً حين قال أن مزرعته لا تحتوي على ما يستحق السرقة .

انطلقت ضحكته العالية تشق سكون الليل مما أكد لها صحة ظنها في انه رجل مجنون.
و أخيرا حرر ذراعها من قبضته ... و قد تبخر كل غضبه منها ... و قال بمرح :

" يبدو أن لكِ قلب أسود لا يغفر بسهولة.. لقد سبق و اعتذرت عن ذلك "

أسبلت اهدابها لوهلة و هي تفرك ذراعها إثر قوة قبضته .. ثم اخذت خطوة بعيداً عنه و كأنها تسعى لتأمين نفسها ضد نوبة غضبه .

ثم رفعت رأسها لتنظر له نظرة اتهام ... و جاء ردها عنيفاً :

" لا أذكر أنك فعلت ... على كل حال يمكنك العودة إلى فراشك الوثير و أنت مطمئن إلى أنني لم أسرق شيء ثمين من منزلك "
قبض راحتيه بقوة .. لا يريد أن يجعلها منفذ لعصبيته .. لذا أمرها بحنق :

" كفِ عن هذا الهراء "

و لكنها لم تتراجع بل قالت بتسلط :

" ماذا؟! ألا يعجبك حديثي!!!... ألم يكن ذلك هو السبب الذي دعاك للحاق بي؟!... ألم تفعل ذلك حتى تتأكد أنني لم أسرق شيء ثمين من منزلك؟ "

عاوده كل غضبه في لحظة ليهدر بها قائلاً :

" لا تضعي كلاما على لساني لم أقله ... تلك كانت مزحة .. كان الهدف منها تبديد خوفك ... و سواء اعتذرت عنها أم لا فهذا لايعطيكِ الحق في ..."

قاطعته ببأس .. متجاهلة وجهه المكفهر بالغضبx :

" لا يعطيني الحق في الاعتراض على اهانتك لي ؟ "

تنفس بعمق ليطفئ النيران التي اشتعلت في صدره .

تلك المرأة لها قدرة غير عادية على استدعاء غضبه و رفع مؤشرات عصبيته للحد الخطر .

و قد اطارت النوم من عيناه ليتبقى صداعه الشرس مع آثار من الألم لا تزال منتشرة في كتفه .

و كل ذلك من أجل أن يلاحق امرأة ذات لسان سليط لم تتوانى في إثارة حنقه؟!!

يا له حقا من أحمق إذن .

زم شفتيه بقوة مانعا نفسه من أن يكيل لها ما تستحق من كلماته الغاضبة .. و بهدوء استدار ليعود من حيث أتى .. و لكن ليس قبل أن يقول بتهكم :

" أنا المخطئ أنني لحقت بكِ إلى هنا.. و الان يمكنك الذهاب حيثما شئتِ ... و كم أتمنى أن ينفعك لسانك السليط حينما تهاجمك إحدى الذئاب "

ذئاب ؟!!!!

تلك المرة نجح محمود في اخافتها بحق .

ازدردت فريدة ريقها بتوتر ... هل ينتوي الاستسلام و تركها بهذه السهولة وسط اللا شيء؟!!.

كادت تصفع نفسها حرفيا... فبدلاً من العودة معه بصمت هاجمته بضراوة و اتهمته بقول ما لم يتفوه به .

غادرتها القوة التي دبت فيها حينما كانت تتشاجر معه و اعتراها خوف مفاجئ من أن ينفذ تهديده و يتركها وحدها في هذا المكان الموحش .

لذا سارعت خلفه و هي تناديه بصوت مرتجف:

" أرجوك انتظر"

توقعت أن يتجاهلها .. إلا أنه خالف توقعها .

تنهد محمود بصوت مسموع... ثم غمغم بسباب لم تفهمه ... قبل أن يستدير ببطء ... قائلاً بخشونة :

" ماذا تريدين؟ "

فركت فريدة راحتيها بتوتر و أحنت رأسها متساءلة بتلعثم :

" هل.. هل حقاً لحقت.. بي حتى ..."

" بالطبع"

كان ذلك رده المقتضب على سؤالها المبتور ... قبل أن يستأنف بتهكم :

" فأنا لا أريد أن تطرق الشرطة بابي في الصباح لتسألني عن جثة المرأة المجهولة التي راحت ضحية لغباءها "

شعرت بالدماء تتفجر في رأسها .. فصاحت بغيظ :

" يا للشهامة... و كأنك لم تطردني من منزلك قبل قليل "

" طردتك!! .. متى فعلت ذلك؟"

تساءل باستنكار .. جعل ضحكة ساخرة تفلت منها... ثم تابعت :

" هل تجرؤ على الإنكار بأنك قلت بالحرف أنك لا تريدني تحت سقف منزلك لليلة أخرى"

استفزته ضحكتها الساخرة .. دفعته لعدم النفي .. نظرته كانت متحدية و هو يردx :

" و لما أنكر ؟ .. نعم قلت ذلك "

هزت رأسها بتعجب لصراحته التامة .. ثم تساءلت بدهشة :

" إذن لما تريدني أن أعود إلى منزلك مرة أخرى؟ "

قال بضجر :

" اسمعيني جيداً .. لا وقت لدي لشرح دوافعي التي سبق و أخبرتك بها .. لذا .."

صمت قليلاً ليمسح وجهه المكفهر قبل أن يواصل بفظاظة :

" لذا... اما أن تتفضلِ و تصبحِ ضيفتي حتى الصباح و اما أن تذهبِ إلى الجحيم فأنا حقاً لا أهتم "

وقفت فريدة تنظر إليه بفاه مفغور و لسان منعقد و قد فقدت قدرة الرد على هجومه .

ذلك الرجل الذي راهنت على لطافته التي تعامل بها مع المرأة صباحاً كان فظ أكثر مما تخيلت .

كان ينتظر ردها و قد بدا واضحا من وقوفه المتململ أنه لن يفعل لوقت طويل ... لذا ابتلعت اهانته بصمت.

ثم رفعت رأسها بكبرياء و شدت هامتها القصيرة و هي تجبر ساقيها على التحرك لتسبقه .

قاومت الدموع التي غزت عيناها بقوة .. لن تسمح له برؤية المزيد من ضعفها .

عادت إلى منزله صاغرة و هي تلعنه في سرها .. فلولا الحاجة لمكان تبيت به لم تكن لتعود معه مهما فعل .

بينما محمود كان يسير خلفها بجمود أخفى خلفه غضب عارم .

ليس منها فحسب .. بل من نفسه .

فهو لم يكن فظا بهذا القدر مع امرأة قط ... و لكنها استدعت مارد غضبه... لهذا يجدر بها أن تتحمل .

***************

تنهدت شهد بارتياح حينما رأت محمود يعود و بصحبته فريدة .

و لكنها لم ترتح للتجهم الذي علا وجهيهما ... لذا سألت محمود بفضول و هي تعترض طريقه :

" ماذا حدث ؟ "

ازاحها محمود عن طريقه ثم قال من بين أسنانه بغيظ :

" شهد.. ها هي ضيفتك قد عادت .. أرجو أن تهتمي بها و تدعيني و شأني"

تركها و انصرف إلى الداخل .. نظرت شهد في إثره بتعجب ... فهي لم تعتد منه مثل هذه الخشونة .

ثم سمعت صوت باب مكتبه الذي صفع بقوة و على الفور عادت تنظر إلى فريدة و قد شعرت بالحرج البالغ بسبب أفعاله .

و لكن فريدة كانت شاردة تفكر في تصرف محمود مع شقيقته .. إذن هو ليس فظ معي فقط ؟... انتابها هذا التساؤل قبل أن تشعر بشهد تجذبها إلى الداخل قائلة بلطف :

" و الآن لا وقت للمزيد من الأحاديث.. عودي للنوم و في الصباح تأكدي أنني لن أتركك قبل ان تخبريني بكل شيء"

و فعلا لم تكن لديها القدرة على المزيد من الأحاديث و إدعاء اللطافة لتجيب عن أسئلة هذه المرأة .

فهي ببساطة تريد أن تختلي بنفسها لتحظى بأكبر قدر من الهدوء للتفكير في القادم .

و هذا ما حدث و هي تعود لنفس الحجرة .. لحجرته .

***************

تنهد بقوة و هو يجلس خلف مكتبه ... و يصيخ السمع لما يحدث خارجاً .

حاول طرد كل الأفكار المزعجة التي تبثها هذه المرأة في رأسه منذ أن قابلها ... ظل يفكر في شجارهما و صياحه في وجهها بذلك الأسلوب الفظ الذي لم ينتهجه مع امرأة غيرها قط .

و حين شعر بالهدوء الذي عاد يشمل المنزل من جديد بعدما خلد الجميع للنوم بحث عن شيء ليتشاغل به حتى يبدد زحام أفكاره .

جذب انتباهه الصورة المستقرة على طاولة مكتبه .

خيل إليه أن صاحبتها تبتسم له بتوسع ... تهمس له بأن يقترب .

التقط الصورة و هو يجيل النظر في براءة وجهها و فتنته ملامحها.

سرح طويلاً في معالمها حتى شعر و كأنهما يتشاركان حديثاً ممتعاً .

يحكي لها عن يومه في المزرعة .. عما فعله ليحيل تلك القطعة من الصحراء القاحلة إلى جنة يهربان إليها من زحام المدينة و تلوثها.

إلى جو نظيف نصحها الطبيب به ...

يخبرها كم يفتقدها هو .. و كم يفتقدها كل ركن من منزلهما الدافئ الذي تتسلقه أزهار الجهنمية تماما كما أرادته .

كما تفتقد لمساتها تلك الحجرة الزجاجية التي يزرعان فيها الزهور النادرة و كذلك حظيرة الدجاجات و الاسطبل الصغير الذي يحتوي على ماسة و تيمور .

حياة هادئة و حلم جميل راودها و حين شرع في تحقيقه لها اختطفها منه الموت مبكراً .. لتتركه وحيداً مع أطيافه و منزله الكئيب .

تذكر ما كان يلقيه دوماً على مسامعها .. إنه ذاك الغصن العجوز اليابس بدونها ...

فتح ذاك الدفتر الذي هجره منذ زمن .

كان كل ما يخطه به يخصها وحدها .
خط قلمه الكلمات التي تدافعت إلى رأسه دون ترتيب ...

( أتعلمين ما أنا بدونك ؟

أنا مثل غصن عجوز يبدو للناظرين يابسا و كأنما هجره الربيع عاريا دون غيره بينما في الباطن لا زال نسغ الحياة سارياً به .
يهزه الريح.. يشعر بقطرات الندى المنسابة على طبقاته الجافة ... متجلداً في وجه الشدائد ... و ربما يقاوم العطب و لكن دون أن يدري به أحد .)

تلك الكلمات كانت آخر صلة له بعالم اليقظة قبل أن يسقط أسيراً لدوامة من الكرى اللذيذ إلى حيث لا تواجد فواصل بينهما .

ذلك العالم حيث يصبح لها جسداً حقيقياً يمكنه أن يأخذه بين ذراعيه دون أن يتسرب شبحها كالدخان من بين أصابعه .

***********************

أنا المستبعد، الخارج على القانون،
الملعون الذي لا يستسلم !

أنا البطل الذي يموت في الصفحة الأولي !
أنا القط الأعور الذي لا تريد أي عجوز أن تداعبه !

أنا الحيوان الخائف من رهاب الماء
الذي يعض اليد الممدودة بالرحمة !

أنا سوء الفهم الذي يؤدي إلي الشجار !!
أنا الشيطان الذي هرَّب محبرة لوثر !

أنا شريط الفيلم الذي ينقطع في ذروة الحدث !
أنا الهدف الذي أدخل في مرماي في الثانية الأخيرة !

أنا الطفل الذي ينخر رداً على تعنيف الأم.

أنا خوف العشب الذي على وشك أن يجزوه

لست أدري ما إذا كان البحر يصنع الأمواج
أو يتحملها !

لست أدري ما إذا كنت أنا المفكر
أم فكرة عارضة !!!

" كلاوديو بوتساني"

******

رحيله لم يكن قرار أخذه بإرادته الحرة ... كذلك عودته.

و رغم أنه اختار منفاه بملء إرادته ... إلا أنه كان مجبراً .

و كأن حياته سلسلة من الخيارات المفروضة ... دروب من المستحيلات عليه أن يطأها ليخرج من متاهة لا يعرف كيف وجد نفسه بها .

و الآن ها هو هنا .. ربما يبدو أنه اختار العودة و لكنه كان مرغما عليها .

راقب شروق الشمس حين بدأت السماء ترسل أولى جحافل الضوء على استحياء .

مع أول ضوء يختفي الشرير.. أليس هذا ما تنص عليه الأساطير؟.

و لكنه لم يكن قادر على الهروب و العودة لمنفاه بلا أي خسائر .

أخشى ما يخشاه الآن أن يضطر لمقابلة أحد من سكان هذا المنزلx .

ود لو استطاع الفرار و لكنه كان مكبل بوعده لها بالبقاء حتى تستيقظ .

فقد ظل كلاهما متيقظ حتى وقت متأخر تجمعهما ثرثرة ليلية طويلة حتى سقطت صريعة للنعاس .

و لكنها جعلته يعدها قبلا ان يبقى .

استلقى عمر على الأريكة الوثيرة في مقابل سريرها ... أغمض عيناه و أراح جسده الذي كان يئن بألم.

كان غارق في دوامة أفكاره فلم ينتبه للمرأة التي دخلت لتوها إلى الغرفة ... و التي وقفت مبهوته حين رأت عمر أمامها .

ها هو فلذة كبدها.. ابنها البكر... الغائب الذي هجر... قد عاد أخيراً إلى أحضانها.

انسابت دموعها غزيرة و هي تقترب منه بهدوء حتى جلست إلى جواره .

تأملته قليلاً ظناً منها أنه نائم .. مدت يد مرتجفة تبغي أن تتلمس وجهه لتتأكد أنه أمامها .. و لكنها عادت تقبض يدها بقهر.

مسحت دموعها و حبست شهقتها المتألمة..
تراجعت ببطء و في نيتها الانسحاب و الهروب قبل أن يكتشف وجودها .

لم يسامحها .. و لن يفعل ... هكذا أخبرت نفسها و هي تلقي عليه نظرة أخيرة قبل أن تهم بالنهوض .

و لكن تراجعها جاء بعد فوات الأوان .. فقد فتح عمر عيناه حين شعر انه ليس وحيدا في الغرفة .. و حينها تقابلت عيناه مع أعين أخرى تجمد الدمع فيهما .

يا الله.. منذ متى لم يرها؟!

منذ أن طردته من المنزل .. منذ أن أخبرته أنها لا تريد رؤيته مرة أخرى.. منذ أن ألقت على مسامعه كلامها السام بأنها تلعن نفسها لأنها أنجبته .

لوهلة عبرت وجهه لمحة من الإشتياق .. قبل أن تتغضن ملامحه بالقسوة حين تذكر آخر مرة رأها فيها .

وقفت تنظر إليه بعذاب ... تراقب شحوب وجهه الذي فقد حيويته ... و كانت هي السبب في كل ما حل به .

شعرت بغصة تتصاعد إلى حلقها... تخنقها.. تعقد لسانها عن الحديث .

لا تريد شيء في هذه اللحظة سوى أن تضمه بين ذراعيها .. تخبره بمدى ندمها لما تفوهت به و لكنها لا تستطيع .

تغلبت على ارتجاف شفتيها لتخرج حروف إسمه بهمس :

" عمر "
لم تتفوه بغير هذه الكلمة و مع ذلك أثارت الكامن من عذابه .

ألم ما مر به لا زال يجثم على صدره ... يحبس أنفاسه لتحرقه بقسوة ... يعيد فتح جرح طالما سعى لمداواته .

اشاح بوجهه بعيداً عنها .. و لكنها تغلبت على كل ما تشعر به لتجلس ثانية إلى جواره .

تجرأت و مدت يدها لتحتوي كفه البارد و هي تقول من بين دموعها التي عادت لتنساب :

" أخيراً عدت "

نبرتها الخافته المرتجفة تزيد عذابه .. زفر زفرة حارة و هو يلتفت إليها قائلاً باقتضاب :
" نعم "
ثم أتبع بعد لحظة صمت :

" أعرف أنه ليس مرحب بي هنا .. لهذا سـ "

قاطعته بتلهف :

" لا تقل هذا .. تعلم أنك مرحب بك في أي وقت.. إنه منزلك "

ابتسم بتهكم .. ثم قال بخفوتx :

" منزلي؟ .. لم يعد هذا منزلي منذ وقت طويل.. منزلي الحقيقي هناك حيث أعمل.. حيث أشعر ببعض من حريتي "

لم تجد ما تقوله بعد هذه المرارة التي التمستها في نبرته .

جلسا صامتين لبعض من الوقت يلفهما الهدوء بعكس الحرب الطاحنة التي تدور بداخل كل منهما .

لم تجرؤ على الإعتذار أو اللوم فهذا معناه نبش الماضي الذي لا تستطيع حتى تذكره دون أن تنهار .

بينما هو لم يكن قادراً على التجاهل و التظاهر بأن شيئاً لم يحدث .

تلك لعبة لا يجيدها هو .

منذ أن تزوجت بذلك الرجل .. منذ أن سلمته زمام كل شيء حتى بات كالغريب في منزله هو و أشقائه و هو لا يستطيع النسيان .

حتى تلك اللفافات المخدرة لم تعطه القدرة على النسيان .

تلك المرأة الجالسة أمامه بضعف سبق وx صنعت منه كائن ظلامي ... وحش غير قابل للترويض عاش بداخله لسنوات طويلة قبل أن يعلن عن نفسه و حينها كان ضحيته الشخص الأكثر براءة في هذا المنزل... سلافة .. شقيقته الصغرى.

قاطع صمتهما الصغيرة ذات السابعة عشر التي تململت في نومهاxقبل أن تهب فجأة من سريرها.

وقفت تتلمس طريقها بتخبط.

ثم نادته بتلهف خوفاً من أن يكون قد أخلف وعده و انصرف .

" عمر"

أعادت ندائها و هي ترهف السمع لتلتقط مكانه .

شقت شفتيه ابتسامة واسعة بددت بعض من الأسى الذي سكن ملامحه حين رد :

" أنا هنا يا صغيرتي"

تساءلت بعدم تصديق و هي تجلس على حافة الفراش :

" الا زلت هنا حقا؟ "

" بالطبع لقد وعدتك"

تنهدت بارتياح .. ثم قالت ذلك بدلال و هي تمد له يدها :

" إذن اقترب "

نهض عمر ليجلس إلى جوارها ممسكا بيدها الممدودة .. طبع قبلة على جبينها و قال بنفس ابتسامته المشرقة :

" صباح الخير صغيرتي .. هل نمتِ جيداً؟"

اومأت سلافة بالإيجاب و هي تلقي رأسها على كتفه و تحيط جذعه بذراعيها متشبثة به و كأنه سيتبخر من بين يديها ... في حين استسلم هو لحصارها و امتدت أنامله لتداعب خصلاتها الحمراء.

راقبت هدى الحنان الذي يغدقه عمر على شقيقته فشعرت بالمزيد من الندم و خاصة بعد جفاءه معها .

و قد ترسخت لديها حقيقة أنها خسرت أبناءها الثلاثة .. ليس عمر فقط .

و إمعانا في القهر و الشعور بالحسرة كانت تدرك جيدا أنها لا تمتلك حق اللوم أو الشكاية .

فما معاملتهم لها إلا حصاد ما زرعته من أفعال على مدار سنوات .

و لكن لما لا يستوعب أحدهم أنها كانت ضحية مثلها في هذا مثلهمx ... ربماx بسلبيتها و تخاذلها .

هذه هي طبيعتها التي لا تستطيع تغييرها .. مجرد امرأة مسالمة .. مستكينة لضعفها.. فأنى لها أن تدافع عن حقوقهم .

هبت هدى من مقعدها تنوي مغادرة الغرفة.. فهي غير قادرة على احتمال المزيد .

انتبهت سلافة لحركتها و عادت ترهف السمع متساءلة :

" هل هناك شخص أخر في الغرفة يا عمر؟"

تصلبت هدى في محلها حين سمعت سؤال صغيرتها .

بينما عمر رفع رأسه لينظر إليها حينها التقت نظراتهما من جديد قبل أن يخفض رأسه ناظرا إلى سلافة .. ثم همس :

" نعم"

" من ؟ "

تساءلت بشك و هي تحاول نفي ظنونها.

زفر عمر بضيق ثم قال على مضض :

" إنها.. إنها... أمي"

كان واضحاً أنه لا يستسيغ قول كلمته الأخيرة و كأن نطقها فقط عبء عليه .

بدا العذاب جلياً على وجه المرأة الأكبر سنا .. فرغم كل شيء تسبب تصرفه في المزيد من الألم .

شعر عمر بتوتر جسد الصغيرة الجالسة بجواره .. و لكنها رسمت ابتسامة باهته على شفتيها و هي تقول بخفوت :

" صباح الخير أمي"

" صباح الخير"

تمتمت هدى بخفوت قبل أن تهرب من الغرفة بخطوات متسارعة .

حينها رفعت سلافة وجهها إلى عمر هامسة :
" خرجت .. أليس كذلك؟"

" نعم "

قال بخفوت مماثل.. فعادت تسأله بتردد :

" هل.. هل تحدثتما؟"

" قليلاً فقط "

لم يكن الأمر بتلك البساطة التي أبداها... فهذا القليل تطلب منه جهد كبير ليحافظ على برودة أعصابه و هو يتحدث إليها.

أراد الهروب من هذا الحديث برمته بمحاولة لافتعال المرح و هو يقول :

" سأذهب لأتفقد ذلك الدب الكسول.. لابد أنه ينام حتى الظهيرة كعادته "

" أدهم ؟x "

" نعم "

ضحكت سلافة بسخرية .. وتمتمت بمرارة :

" ليته ظل ذلك الكسول "

انعقد حاجبيه بعدم فهم.. و تسائل :

" ماذا يعني ذلك؟ "

" لقد أصبح أدهم شخص أخر.. لا هم له سوى العمل... ستفهم ما أعنيه حين تراه "

" حسناx "

تمتم بهدوء و هو يخرج من غرفتها ... و في نيته أن ينظر في أمر شقيقه.

فحديث سلافة لا ينبئ بخير .

***************

طرق خفيف على الباب انتزعها من دوامة النوم المضطرب التي سقطت ضحيتها .

ازاج عن اجفانها سطوة ثقل النعاس الذي لم تتذوق له طعماً سوى في وقت متأخر من الليلة الماضية... لتستعيد ذكريات تشوشت بفعل النوم .

لتتذكر من هي و سبب وجودها في هذا المكان .

معلومات بسيطة كادت تنساها في خضم الكابوس المزعج الذي كانت تتقلب داخل أحداثه قبل ان يوقظها صوت الطرق .

و الذي عاود الارتفاع مرة أخرى و لكن برنة أقوى دفعتها للنهوض بتكاسل حتى تفتح الباب و تستقبل القادم .

تذكرت أنها اوصدت باب الغرفة بالمزلاج قبل أن تأوي للفراش تجنبا لموقف سخيف كالذي حدث بالأمس .

فتحت فريدة الباب لتجد صفاء .. تلك المرأة العجوز ذات النظرات الفضولية التي تسبب لها التوتر .

قالت بنعاس :

" صباح الخير"

ردت صفاء مع ابتسامةx :

" صباح الخير ... يبدو أنني قاطعت نومك "
ابتسمت فريدة بحرج و هي تحك فروة رأسها ... ثم تمتمت :

" لا بأس "

" على كل حال لقد أردت فقط أن اعطيكِ ملابسك .. اصبحت نظيفة الآن "

" شكراً لك ِ"

قالت فريدة و هي تتناول ملابسها المطوية بعناية من صفاء .

و همت أن تغلق الباب مرة أخرى و لكن قاطعها عودة صفاء التي قالت :

" يا الله... كدت أنسى .. خرف الشيخوخة هو المُلام "

قالت بما بدا لفريدة مزحة و لكنها لم تضحك بل ارتفع حاجبيها بوقاحة .. فتابعت صفاء :

" على كل حال.. لقد أردت اخبارك ان السيدة شهد بانتظارك لتشاركيهم إفطارهم المتأخر "

" حسنا .. سوف أكون عندها قريباً "

انصرفت صفاء .. فأفرجت فريدة عن النفس الذي كانت تحتبسه بصدرها ... تلك المرأة رغم ما يبدو عليها من طيبة إلا أنها لم تستطيع التجاوب مع البشاشة التي تبديها على وجهها .

كانت لها نظرة خبيرة تجردها من كل أقنعتها ... تهدد بفضح كل الأكاذيب التي ظلت تحيك فيها طوال الليل .

***************

شعر بحاجة ملحة للخروج من هذا المكان الذي يخنقه .

البرودة التي التمسها في معاملة شقيقه كانت قاسية .. تضاف إلى تهرب والدته من التواجد في مكان يحتويه ... لا يعرف ان كان تصرفها هذا راجع لشعورها بالذنب أم لأن وجوده أمر غير مرغوب به .

يكفيه استقبال تلك الصغيرة له .. فهو لم يأتِ إلا لرؤيتها و لا يهمه أي شخص أخر سواها .

كان يجلس إلى جوارها بعدما عادت تتشبث به .. فشعرت بتباعده و شروده .

رغم أنها لم ترى وجهه المحتقن بالضيق ... إلا أن ذبذبات جسده المتوتر وشت به .

اخرجته سلافة من شرودهx :

" أرجوك عمر اعد التفكير في بقاءك هنا .. لا تتركنا مرة أخرى "

لم يقابلها إلا الصمت من جانبه و لكنها سمعت زفرته اليائسة.

تمتمت ثانية :

" أرجوك.. ابق هنا "

أبعد رأسها عن صدره و أحاط وجنتيها براحتيه و نظر إلى عمق عيناها العشبيتان قائلاً :

" لا أستطيع ... الا تعرفين ان هذا مستحيل"

" أعرف "

همست و هي تقاوم الدموع العالقة بأهدابها... ثم تابعت بتردد :

" و لكن يجب أن تبقى على الاقل لأجلي.. لا أحد فيهم يهتم بي كما تفعل "

صغيرته المدللة تعاني من الاهمال؟!!

هذه الفكرة كانت مؤلمة بحق و خاصة مع وضعها .. ام تراها تقول ذلك فقط حتى تثنيه عن الإبتعاد؟

و لكنه لا يستبعد أن يكون ادعائها صحيحاً...
من ناحية هناك والدته التي تعيش في قوقعتها متجاهلة وحود ابنة تعاني من ظروف خاصة .. و من ناحية أخرى شقيقه الذي أصبح أشبه بالالة المجردة من المشاعر .

عادت تضغط عليه و هي تنظر إليه بعيونها المغرورقة بالدموع :

" لو كنت أنا السبب وراء هروبك.. فلا يجب أن تفعل ..إنني.. إنني لا ألومك على شيء "

" و لكنني ألوم نفسي .. و هذا أشد وطأة علي .. مهما أنكرتِ لن أنسى أنني كنت السبب في... "

قال و هو يقاوم غصة ترتفع إلى حلقه.. فقاطعته بحدة من بين شهقات بكاءها :

" لا .. تعرف ان هذه كانت افتراءات في حقك .. يجب أن تصدق انه لا ذنب لك بما حدث لي "

صمت طويل ساد بعد جملتها التي ظلت تتردد في رأسه قبل ان تستأنف هي الحديث :

" و لكن ان كان السبب أمي فيجب أيضا الا تفعل .. فهي تغيرت كثيراً و باتت نادمة على ما كل حدث"

هز رأسه بنفي.. قائلا :

" لا .. لا... ليس هذا هو السبب أيضا "

" إذن ما السبب الذي يمنعك من البقاء معنا ؟ "

أغمض عيناه لوهلة و تنفس بعمق ...بيأس ... فكيف يشرح لها أسبابه ؟.

" ان لدي أسبابي الخاصة..لسوف اشرحها لكِ في الوقت المناسب "

بدت جملته غير مقنعة أبدا و هي لم تطلب منه شرح هذه الأسباب الوهمية.

بل هتفت بحماس بعد برهة قضتها في التفكير :

" إذن خذني معك "

" أين؟.. اخذك معي أين؟ "

تساءل بدهشة .. فعادت تقول بحماس أكبر :
" خذني لأعيش معك أينما كان منزلك.. أقسم لك لن ازعجك أبداً .. بل لن تشعر بوجودي من الأساس "

فاجئه طلبها.. إلا أنه هز رأسه بنفي قاطع متناسيا أنها لا تراه ... و قال بخشونة :

" لا هذا مستحيل.. لن تتحملِ ظروف المعيشة في المكان الذي اسكن به.. إنني اعيش بعيداً في الصحراء"

تشبثت بعناد طفولي و هي تلح عليه :

" لا اهتم.. خذني معك أرجوك "

مطت كلمتها الأخيرة بتوسل .. و هي ترسم على وجهها معالم حزن يعلم جيداً أنه زائق .

فقال بنبرة قاطعة :

" مستحيل "

اشاحت بوجهها بعيداً عنه ... يعلم جيداً أنها غاضبة منه .

و تلك كانت نقطة ضعفه .. لا يطيق أن يكون أبداً سبب في حزنها.

تنهد بنفاذ صبر .. ثم رضخ أخيراً... فقط حتى يمحي ملامح الكآبة التي افترشت وجهها .
فقال بحدة :

" حسنا .. حسنا .. أوافق أيتها المحتالة "

انفرجت أساريرها و هي تندفع لتعانقه بشدة كادت توقعه أرضا .. و هي تصيح بنبرة طفولية :

" كنت أعلم أنك لن ترفض.. و لهذا أحبك"

قهقه عمر و هو يحاول ابعادها ممازحا :

" هكذا لن نذهب لمكان.. ليس إن لم اختنق أولا بسبب عناقك "

ضحكت بسعادة .. و هي تزيد من ضغط ذراعيها حول عنقه .. قائلة :

" حسنا.. لن اسمح لك ان تستفزني بحديثك حتى اتراجع"

و لكنها ابتعدت أخيراً و هبت واقفة لتتلمس طريقها إلى خزانتها و هي تهتف بحماس :

" و الآن ابتعد .. لدى حقيبة كبيرة تنتظر مني أن املأها بالكثير من الأشياء "

أمسكها عمر و اعادها لتجلس إلى جواره قائلاًx :

" لا تكوني متعجلة .. أمامك الكثير من الوقت حتى تفعلي "

" ماذا تعني؟.. أنت لن تتراجع عن وعدك. لقد ـ"

قاطع اعتراضها الغاضب برفق و هو يمسد خصلاتها المشعثة :

" معناه أننا سوف نؤجل الأمر قليلا .. حتى أعد مكان مناسب لتبقي به أميرتي الصغيرة "

" حسنا"

قالتها على مضض ... ثم صمتت قليلاً بتفكير و عادت تبتسم بمكر .. قائلة :

" و لكن عليك أن تعدني أولاً أنك سوف تعود سريعاً ... أعلم أنك لن تخلف وعدك لي "

" أعدك "

و كانت كلمة الوعد هذه النهاية لزيارته الليلة قبل ان يعود لمنفاه .

ما حدث هناك كان سبب إضافي يمنعه من العودة ... و لكن تلك الصغيرة المحتالة قيدته بوعده .

توقع أي شيء سوى أن تتمسك بوجوده ... و هذا ما أربك تفكيره.

ان يبدأ صفحة جديدة مع اسرته و يترك خلفه ذاك المنبوذ الذي سكن هناك في تلك البقعة المتطرفة من الصحراء .. يا له من إغراء كبير لا يعادله شيء...

و لكن لا.. لا يستطيع .

ليس قبل أن يغلق كل صفحات الماضي التي لا زالت مشرعة على الألم.

ليس قبل أن يتخلص من مرارة الظلم التي لازالت عالقة بفمه و يغسل قلبه من اردانه.
كأس الوصب الذي اجترع منه الجميع كانت حصته منه هي الأكبر ... و لا يبدو أن تأثير هذا الماضي ستنتهي بسهولة .

**************

بعد وقت قصير انتهت فريدة من الاغتسال و تبديل ملابسها و ترتيب شعرها القصير المشعث .

شعرت أنها عادت إلى طبيعتها بقدر كبير.. عدا عن بعض الشحوب الذي يظلل وجهها .

كانت لتستخدم بعض المكياج في إخفاء مثل هذه العيوب ... لو كانت حقيبتها بحوزتها .

و لكنها فقدتها مع كل أغراضها الأخرى ...

و بالطبع استطاع القاتل الحصول عليها .

و هذا كان سبب إضافي لتشعر بالخوف فهو الآن يعرف هويتها و سوف يسعى خلفها .

خرجت من غرفتها و وقفت مليا في انتظار ظهور أحدهم حتى يدلها على مكان شهد .

و لكن الصوت الصادر من غرفة قريبة هو ما قادها إلى هناك .

لتجد أنها غرفة الطعام ...

كانت غرفة واسعة يميل لون الجدران بها إلى لون زيتوني شاحب متداخل مع اللون الذهبي ... فبدت رغم بساطتها راقية .

توسطتها طاولة بيضاوية صغيرة تحلق حولها الجميع .

شهد و كرم و أطفالهم الثلاثة ... و لم تنتبه إلى ذاك الجالس وحيداً في ركن الغرفة البعيد .

وقفت فريدة تراقب هذا التجمع الأُسري ... فشعرت على الفور أنها دخيلة... و ذكرت نفسها انها بالكاد تتذكر أسماءهم .

و لهذا راودها شعور قوي بالخجل منعها من التقدم و اقتحام تلك الحميمية السائدة بين رجل و زوجته و أطفاله.

كادت أن تستدير على عقبيها و تعود ادراجها من حيث أتت ... لتنقذ نفسها من هذا الوضع الحرج .

إلا أنها كانت سيئة الحظ ... حيث رأتها شهد قبل أن تهرب .

فهتفت بصوت مرتفع احتفاء بظهورها:

" فريدة؟ .. من الجيد أنك استيقظتِ ... تعالي و شاركينا الإفطار"

الحميمية التي تحدثت بها شهد و الدفء المطل من نظراتها بدد بعض من الوحشة التي كانت تملأ نفسها .

اجتذبت جملة شهد انتباه الجميع حتى فطنوا إلى وجود فريدة لتتسلط انظارهم عليها .

التوأم الذي يطالعها بتعجب متهامسين عن هويتهاxو الصغير الذي اندس في صدر أمه بخجل بعيداً عن تلك الغريبة.. إضافة إلى كرم الذي ألقى عليها نظرة لا مبالية قبل أن يعود لتناول طعامه .

و أخيرا ذاك الجالس في الطرف البعيد من الغرفة يطالع جريدته باهتمام مع فنجان من القهوة .

و الذي لم تنتبه لوجوده إلا الآن فقط .. فشعرت بالدماء الحارة تغزو كل بوصة في وجهها .

بدا و كأن ظهورها قاطع طقس مقدس بسبب الصمت المتوتر الذي ساد فجأة .

لم ترد أن تقف هناك كالبلهاء تراقب أعينهم المسلطة عليها... فقالت بتلعثم كان غريبا عليها :

" صباح ... الخير"

و كأن صوتها كان المحرك لعودة الصخب من جديد ... حيث عاد الجميع لتناول الطعام بعد رد تحيتها كل بطريقته .

بينما شهد ردت ببشاشة مع ابتسامة واسعة .. و مازحتها لتزيل عنها الحرج :

" صباح الخير ... هيا عزيزتي تقدمي لتناول الإفطار قبل أن تقضي هذه الوحوش الصغيرة على الأخضر و اليابس "

ثم افسحت لها مكان إلى جوارها بعدما أمرت أحد الطفلين بالانتقال لمكان أخر .

و أخيراً رفع محمود رأسه عن تلك الجريدة التي يطالعها باهتمام ثم نظر إلى تلك الغريبة الواقفة بتردد على باب غرفة الطعام .

انعقد حاجباه بتعجب محاولا تذكر هويتها.

فقد بدا شكلها مختلف بعدما ارتدت تلك الملابس مرة أخرى و صففت خصلاتها القصيرة ذات اللون الغريب .

و سرعان ما استعاد أحداث الليلة الماضية بحذافيرها فتغضن جبينه بضيق .

و لم يخفى على فريدة رد فعله ... فكان الوحيد الذي تترقب رد الفعل الذي سوف يبديه لظهورها .

زاد تصرفه هذا رصيدها من الحرج و نمى لديها رغبة قوية في الهروب من هذا المكان بأسرع وقت .

لذا قالت بلهجة رسمية و هي لا تزال تحافظ على وقوفها :

" أشكرك كثيرا .. لست جائعة .. كل ما احتاجه هو مساعدة للحصول على وسيلة نقل لتقلني إلى أقرب مدينة.. "

" هذه ليست مشكلة .. أنا و كرم في طريقنا لزيارة الطبيب بعد قليل"

قالت شهد و هي تشير برأسها للصغير الذي بدا على غير ما يرام ... ثم تابعت :

" يمكننا أن نصطحبك معنا .. هل يناسبك ذلك ؟ "

" بالطبع "
تمتمت فريدة بارتياح.. و لكن شهد واصلت الحاحها كما لو كانت تساوم واحد من أطفالها حين يتمرد عليها و يرفض تناول الطعام :

" و لكن بشرط ... ان تتناولي معنا الإفطار "
زفرت فريدة بنفاذ صب .. ثم قالت :

" حسنا "

تقدمت إلى الداخل بضجر و بخطواتها المتوترة و قطعت المسافة حتى طاولة الطعام لتجلس إلى جوار شهد.

لم تستطع حجب الشعور بالجوع و الذي تصاعد بمجرد رؤيتها للطعام .

و لكن رؤية ذاك الرجل الذي يجلس في نهاية الطاولة وحده بعيداً عن صخب الآخرين و ضحكهم و مشاكساتهم جعل معدتها تضطرب ... إضافة إلى اهانته لها التي لا تزال نابضة .

لهذا أصرت على رفضها لتناول أي طعام... و اكتفت ببعض من العصير الذي سكبته لها شهد .. و خلال ذلك كانت تختلس النظرات المتوترة نحو محمود .

****************

تثاءبت ابتهال بتكاسل و هي تغادر فراشها.
نظرت إلى الساعة فوجدت أنها قد تجاوزت الحادية عشر فشهقت بصوت مرتفع و هي تسارع بمغادرة الفراش... لإدراكها انها تخطت موعد استيقاظها المعتاد بكثير .

الا أنها ما لبثت أن تذكرت أنها في اجازة مفتوحة و ليس في وسعها فعل شيء سوى الجلوس و الاسترخاء .

نزلت الدرج ببطء بحثاً عن والدها .. لتجد المنزل خالياً .

لابد أن والدها لم يرد إزعاجها و خرج ليدير العمل بنفسه كعادته طوال الأسبوع المنصرم و تحديداً منذ أصابت رسغها .

نظرت إلى ذراعها المجبرة بقهر .. فتلك الإصابة كانت الذريعة التي دفعت والدها إلى منعها من متابعة العمل ... و لوقت طويل .

أصابها الضجر فهي لا تجد ما تفعله .. لذا خرجت للشرفة الأمامية بعدما أعدت لنفسها قدح من القهوة .

كانت ترتشف قهوتها بتلذذ و هي تراقب الفضاء المهمل المحيط بالمنزل و الذي من المفترض أن يكون حديقة مثمرة و لكن شح المياه الذي تعاني منه مزرعتهم حال دون ذلك .

و هذا أمر كانت تحسد محمود عليه ... فذاك الجزء الذي تقع به أراضي مزرعتهم كان قاحلا إلى حد ما و لولا البئر الهزيلة التي تنتج الماء لما وجدوا الماء .

لفت نظرها البريد الملقى بإهمال على سور الشرفة الخارجي .

خمنت أن والدها كان على عجلة من أمره ليتركه في هذا المكان.

تصفحت ابتهال الاظرف واحداً تلو الأخر..x بعضها يعود لأسابيع ماضية .. و كان بُعد المزرعة هو ما حال دون وصولها السريع .

جميعها كانت تحمل اسم والدها " فؤاد علام"

على كل حال لم يعد أحد يستخدم الخطابات كنوع من التواصل .

و حتى لو كان إستخدامها لا يزال سارياً فلا يوجد من يسعى لمراسلتهم بصورة شخصية عدا عن بعض المصالح الحكومية و البنوك .

و لكن خطاب أبيض صغير مندس وسط غيره من الخطابات خالف افتراضاتها .

قلبته بين يديها بتعجب فلم يكن يحتوي على ما يقود إلى هوية مرسله أو حتى المرسل إليه ... مجرد ظرف ابيض خالي من الكتابات .

فتحته بتردد فلم تجد به أي شيء عدا عن قصاصة صغيرة من جريدة اجنبية مطوية بعناية .

فضت ابتهال القصاصة مع دهشة عظيمة تسيطر عليها .

لابد أنها مزحة سخيفة من شخص ما .

و لكن عنوان الخبر المكتوب بالإنجليزية و بخط أحمر عريض جعلها تشهق بقوة .

أعادت قراءة الجملة القصيرة مرارا و تكرارا بصدمةx :

" little miss Alam ... Sweeps "
" الآنسة الصغيرة ' علام ' .. تكتسح "

كان مرفق بالعنوان صورة ملونة لفتاة سنها يتراوح ما بين السادسة أو السابعة و لا شيء أخر .

كانت ترتدي ملابس السباحة و ترفع بفخر كأس صغير ... و في يدها الأخرى ميدالية ذهبية لامعة .

وسط شرودها و صدمتها لم تنتبه لوالدها الذي عاد من الخارج ليلاحظ حالتها .

اضطرب حين رأها على هذا الوضع فتقدم منها سريعا متسائلا بقلق :

" ابتهال .. ماذا حدث؟ "

و لكنه لم يتلقى إجابة منها سوى نظرة خاطفة من أعينها المتوسعة بصدمة و هي تعطيه ما بين يديها بصمت .




Eman Sakr غير متواجد حالياً  
قديم 15-12-18, 07:21 PM   #76

اسرار٢

? العضوٌ??? » 414578
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 200
?  نُقآطِيْ » اسرار٢ is on a distinguished road
افتراضي

جميلة الرواية بتوفيق

اسرار٢ غير متواجد حالياً  
قديم 16-12-18, 03:45 PM   #77

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

فصل جميل
بداية التوترالزوجى بين شهد وكرم
محمود وايجاده لفريدة التى حاولت الهرب واعادتها مرة اخرى لمنزله
عمر وحالته الكئيبة وصغيرته المدللة التى تريده ان يخاذها معه
ابتهال والقصاصة الغريبة
يسلموووو وبانتظار القادم


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





قديم 26-12-18, 02:04 PM   #78

Eman Sakr

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Eman Sakr

? العضوٌ??? » 377138
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » Eman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مش فصل.. هما بس كلمتين نفسي اقولهم من فترة.
اولا بالنسبة للرواية و قلة التفاعل او شبه التفاعل اللي من نوعية ان شاء الله و الف الف مبروك مع ان الموضوع مش مخفي و أي حد يقدر يقرأ من غير الردود الجاهزة .
يعني المشكلة فين.. حقيقي يعني هي الرواية سخيفة أو مملة للدرجة دي ؟!!
و حتى لو كانت كده ايه اللي يمنع من انه يكون عندكم شجاعة أدبية و تدخلوا تقولوا ايه الزفت اللي انتي كاتباه ده.
لأن انا كشخص بكتب مش بنشر علشان عائد مادي أو شهرة لا سمح الله... كل اللي بنبحث عنه شوية تشجيع على نقد علشان نطور من اسلوب كتابتي.
فلما تنعدم الأسباب دي إيه اللي يشجعني علشان استمر... ببساطة مفيش غير الاحباط اللي خلاني افقد شغفي للكتابة .
و علشان انقذ نفسي قبل ما الموضوع يتطور معايا لأني اكره اللي بكتبه فأنا بعتذر للي تابعوا معايا من البداية.. مش هقدر اكمل و الفصول متوقفة لأجل غير مسمى.


Eman Sakr غير متواجد حالياً  
قديم 26-12-18, 06:54 PM   #79

عابرة الدروب

? العضوٌ??? » 4892
?  التسِجيلٌ » Mar 2008
? مشَارَ?اتْي » 576
?  نُقآطِيْ » عابرة الدروب is on a distinguished road
افتراضي

راااااااااااااااائعة جدا جداا استمتعت بالمقدمة كثيرا

عابرة الدروب غير متواجد حالياً  
قديم 31-12-18, 08:17 PM   #80

سماح2119

? العضوٌ??? » 436472
?  التسِجيلٌ » Dec 2018
? مشَارَ?اتْي » 40
?  نُقآطِيْ » سماح2119 is on a distinguished road
افتراضي

رواية رائعةةةةةةةةةة

سماح2119 غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:05 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.