آخر 10 مشاركات
عذراء في ليلة زفافها (22) للكاتبة: Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          إشاعة حب (122) للكاتبة: Michelle Reid (كاملة) (الكاتـب : بحر الندى - )           »          رواية كنتِ أنتِ.. وأنتِ لما تكوني أنتِ ما هو عادي *مكتملة* (الكاتـب : غِيْــمّ ~ - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          عذراء اليونانى(142) للكاتبة:Lynne Graham(الجزء2سلسلة عذراوات عيد الميلاد)كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          الخلاص - سارة كريفن - ع.ق ( دار الكنوز ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          عذراء الإيطالى(141)للكاتبة:Lynne Graham(الجزء1سلسلة عذراوات عيد الميلاد) كاملة+الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          اخطأت واحببتك *مميزة*& مكتمله* (الكاتـب : Laila Mustafa - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > قسم الروايات المتوقفه

موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-11-18, 09:46 PM   #51

Eman Sakr

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Eman Sakr

? العضوٌ??? » 377138
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » Eman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الرابع


تنهدت شهد بحالمية و هي ترسم الخطط المستقبلية ... فقد غذى هذا الحديث القصير بين محمود و ابتهال مخيلتها الخصبة .

تصورت أن مخططاتها هي و والدتها في طريقها للنجاح ... هذا ما أتت من أجله.. و هذا ما تسعى الآن لتنفيذه ... مهما كان رأي كرم و مدى اعتراضه على ذلك... فهي تعرف جيدا مدى انحيازه لما يفكر به محمود .

سوف تخرج شقيقها من عزلته .. لقد اقسمت على ذلك .

و على النقيض من شهد ذهب تفكير عمر إلى اتجاه مختلف .

فحين خرج مع الأخرين تلفت حوله بحثاً عن ابتهال و لكنه لم يجدها ... و بنظرة واحدة إلى الداخل من خلال الباب الواسع المفتوحx على مصرعيه رأها لازالت واقفة في مكانها تراقب ما يفعله محمود بخوف أخطأ في تفسير أسبابه .

فقد ظن أن خوفها مرجعه خشيتها من فقدان عملها بسبب ما حدث مع تيمور .

رآها حين كادت أن تتسلل للخارج قبل أن تستدير للتحدث إلى محمود الذي قال شيئاً ما أحبط محاولة هروبها .. لابد أنه يحاول تعنيفها على ما حدث .

ارتباكها الظاهر و الطريقة التي أحنت بها رأسها و راحتيها المنقبضتين بتشنج و هي تواجه محمود .. كل هذه الأشياء أوحت له بمدى صحة أفكاره ... بل و أرسلت إلى داخله شعور خفي كان أقرب إلى الضيق .

عزم عمر أمره على أن يدخل إلى هناك و يجرها معه إلى الخارج بعيداً عن محمود و حديثه اللاذع الذي يعرفه جيداً .

أيا كان ما سيواجه من هذا الأخير و أيا كانت أسبابه و دوافعه فهو لن يسمح أن يجعلها منفذ لغضبه بسبب خطأ لم ترتكبه .

ان أراد محمود أن يعاقب أحدهم بسبب هروب تيمور فعليه بالتوأم .

نعم هو يعرف أنهما مذنبان ... ببساطة لأنه سمع حديثهما عما يعتزما القيام به بعد إلحاح الفتاه على شقيقها .

و لكنه لم يعطي الأمر أهمية و انصرف إلى عمله إلى أن تقابل مع ابتهال التي كانت تبحث عن تيمور بضياع .

لذلك هو مخطئ مثلهما .. يتحمل نفس الوزر بسبب إهماله و عدم إهتمامه بالتحقق من صحة ما تفوها به .

و الآن عليه أن يقرر سريعاً ... اما الصمت و مراقبة ما يحدث من بعيد أو التدخل و تحمل جانب من الذنب .

لم يكن هناك مجال للاختيار لهذا اندفع عمر عائداً إلى الحظيرة ثانية .

و قبل أن يدخل قابله محمود الذي خرج بهدوء تاركا ابتهال لشرودها.

ذلك الشرود هو ما غذى شعور الضيق لدى عمر و هو يتخيل ما دار بينهما من حديث .

و هو أيضا ما جعله يقطع الطريق أمام محمود قائلا بجفاف :

" محمود .. أريد أن أتحدث إليك عما حدث قبل قليل ... يجب أن تعلم أنه لا شأن للدكتورة ..."

توقف عمر بارتباك يفتش في عقله عن إسمها و لكنه تذكر أنه لا يعرفه .. فأكمل عنه محمود بشيء من التسلية التي ظهرت في نبرته مع ابتسامتة التي لم تعلم ابتهال هل هي ابتسامة ساخرة أم محتقرة :

" دكتورة ابتهال ؟ "

هز رأسه بعصبية و تابع مدافعا عنها بكل عنفوانه :

" نعم هي ... لا شأن للدكتورة ابتهال بهروب تيمور .. لقد كانت مستعدة للتضحية بنفسها من أجل تهدئته ... كما أنه اوقعها أرضاً و .."

بتر عمر جملته حينما رأي ابتهال التي توقفت بحرج خلف محمود تراقب ما يدورx بوجه كاد أن ينفجر من شدة الإحمرار .

ليس فقط بسبب دفاعه عنها بل بسببx محمود و رد فعله ... الذي لم يتجاوز رفع حاجبيه دهشة مع حفاظه على معالم وجهه الباردة الغير معبرة .

قبل أن تنم عنه تلك الإبتسامة التي أشعلت خديها بحمرة الحرج ... و لكن ابتسامته لم تكن محتقرة أبدا كما تخيلت هي بل كان سببها هو الإدراك المتأخر لطبيعة ما يحاول عمر فعله .

نقل نظراته الموحية بين الإثنين و قبل أن يعطي واحداً من تعليقاته انسحبت ابتهال سريعا بخطوات متعثرة .

فقال محمود بغموض :

" هذه المرة الطريدة ليس من السهل الإيقاع بها يا عمر .. إنتبه إلى موضع قدميك فقد تطأ شرك مميت في المرة القادمة"

لم يرد على تلميحات محمود .. بل زفر عمر باختناق ليبتعد هو الأخر بخطوات واسعة و لكن تلك المرة لم يذهب في إثرها... بل سلك طريقا مخالف لما اتخذته هي .

ما باله اليوم ؟ .. هكذا سأل نفسه.

ماذا حدث له ليتصرف بهذا القدر من الحماقة ليحرج نفسه و يحرج الفتاه كذلك ؟ .. ما الذي دفعه ليسقط عن وجهه قناعه البارد و يظهر طبيعة أفكاره للأخرين كما حدث قبل قليل .

أما عن ابتهال فقد كانت تصدر عنها غمغمة غير مفهومة هي على الارجح كتلة من السباب خصت بها ذلك الأحمق الذي احرجها بحديثه .. ماذا سيظن محمود بها الآن؟... و خاصة بعد النظرات التي وجهها إليها .

نفضت ابتهال رأسها بغضب بعدما ضبطت افكارها تنساق إلى هذا الاتجاه الذي تكرهه .

تنهدت بعمق ... بيأس .

محمود ... يا له من مرض تعجز عن الشفاء منه مهما حاولت .

و لكن الألم الحقيقي كان نابضاً في ذراعها ... لم تشعر به بهذه القوة سوى الآن فقط أو ربما هي التي اجادت إخفائه بإقتدار .

ذلك السقوط الذي تعرضت له لم يكن غير مؤذيا كما بدا للأخرين ... و لكنها حين نهضت بكبرياء حرصت كل الحرص على عدم إظهار ألمها .... ببساطة لأنه كان سيعد إعلانا عن ضعفها وسط الرجال الذين احاطوا بها حينذاك .

ضمت ذراعها إلى صدرها بقوة و هي تخطط للفرار إلى منزلها .. و لكنها لم تجد الفرصة لذلك .

ففي الخارج كانت شهد بانتظارها .


***************

أما عن ذلك الرجل .. سبب يأسها ... فكان يضحك باستمتاع حقيقي بعد الانصراف العاصف لكلاهما .

و ربما دفعه بعض الغرور ليثني على تفكيره الذي و لا شك سوف يثير موجة من السخرية ان تجرأ و صرح به علنا .

و ربما اتهمه البعض بأن ما يحركه هو مخيلة الكُتاب الواسعة .

فهو بقدرته الفذة على تحليل شخصيات الأخرين و قراءة ردود أفعالهم التي اكتسبها من عمله ككاتب .. استطاع أن يستنتج هذه المقابلة بين عمر و ابتهال قبل أن تحدث .

بل كان على يقين أن هذا سوف يحدث ان عاجلاً أم أجلا .

تنبأ بذلك منذ اليوم الأول لحضور عمر إلى مزرعته .

فهو كما يعرف عنه صياد محترف اعتاد أن يتنقل من طريدة لأخرى ببراعة ... و لكن للأسف لم تكن مزرعته الفقيرة لتوفر له مثل هذا الترف .

الا بوجود زهرة واحدة وسط هذه الصحراء .. صغيرة جميلة متفتحة.. تغري برحيقها أي رجل ليقترب مهما كان يملك من دهاء.

و عمر لم يخالف ما تنبأ له به ... فليس هناك من نساء في مزرعته و المزرعة المجاورة و ما يقع على امتداد كيلومترات عدة حتى أقرب مدينة عدا عن العجائز و ابتهال بالطبع .

و لكن سبق عمر في تفكيره نحو ابتهال على أنها طريدته الجديدة شهد .

تلك التي ظنت أن بإمكانها أن تدفع محمود باتجاهها لتخرجه من عزلته .

لم يكن محمود غافلاً أو أحمق لكي لا ينتبه لما يدور .

و حين وصل إلى ذلك الجمع الصغير الذي ضم ابتهال و شقيقته و صفاء و التوأم ... وقف يتابع ترحيبهم بها بحفاوة بالغة .

كانت أواصر الصداقة تجمع بين ابتهال و شقيقته .. تلك الصداقة التي توطدت على مدار سنوات من خلال الزيارات القصيرة التي كانت تقوم بها شهد إلى جانب الاتصالات الهاتفية التي لا تنقطع بينهما .

فهي تقريبا الشخص الوحيد الذي قارب ابتهال في العمر و ربما في الأفكار .

لهذا عانقت شهد ابتهال بقوة و هي تهتف بفرحة :

" أنا سعيدة جدا أنني رأيتك اليوم ... لقد اشتقت إليكِ كثيراً "

تغضن وجه ابتهال بألم حينما لامست شهد ذراعها المصابة .. صرت على أسنانها لتمنع نفسها من الصراخ .. و لكنها حين ابتعدت عن مرمى ذراعيها سرعان ما اخفت ألمها بإبتسامة باهته و هي تقول :

" و أنا أيضا .. لقد افتقدتك كذلك .. متى أتيتم ؟ "

" بالأمس فقط ... كنت أنوي أن ازوك اليوم و لكن بما أنك هنا الآن .. "

قاطعتها ابتهال :

" لا شأن لي ... لقد عزمتِ على زيارتي و أنا لا أنتوي تغيير مخططاتك "

" بالطبع ... و لكن على الأقل تناولي غداء متأخر معنا "

تنفست ابتهال بعمق و حاولت التنصل من هذه الدعوة .. فقالت بحرج :

" كما تعرفين.. أبي لا يستطيع تناول الطعام دوني و على الأرجح هو ينتظرني الآن "

ضيقت شهد عيناها تنظر لها تلك النظرة المتأمرة قبل أن تقول :

" حسنا .. ربما مرة أخري و لكنك لن تنجحي في التهرب من دعوتي طويلا "

" اتطلع لذلك بشدة و لكنك تعرفين جدولي المزدحمx "

قالت ابتهال ذلك بنبرة مشاكسة و هي تشدx قامتها بغرور دفع شهد للضحك... ثم توقفت لتقول :

" يا الله ألا يغريكِ ما اعرضه .. لدينا الكثير من الثرثرة و النميمة و الأخبار ... كما تعرفين الإتصالات الهاتفية ليست ملائمة لمثل هذا النوع من الأحاديث"

اتبعت شهد حديثها بغمزة مرحة جعلت ابتهال تضحك بدورهاxو هي تهز رأسها يأسا من تغيرها :

" دائما ما تعطيني ذلك الانطباع بأنك تحت المراقبةx "

نظرت شهد إلى التوأم بغيظ قبل أن تهتف بقهر :

" بل أنا رهينة تحت الإقامة الجبرية إلى حين الإفراج عني "

انتبهت ابتهال للتوأم و لكن حين تحدثت إليهما لاحظت الوجوم الذي ارتسم على وجهيهما ... و كذلك كان حديثهما فاترا رغم أنهما دائما ما احبا وجودها .

شعرت ابتهال بأن هناك شيء خاطئ ... و لكنها تجاوزت هذا الشعور حينما سألتها أسيل باهتمام :

" هل .. هل أزعجك خالي بحديثه بسبب هروب تيمور ؟"

كان السبب خلف فتور حديثهما هو الشعور بالذنب الذي قرأه محمود واضحاً بعكس ابتهال التي ابتسمت بود و أوشكت على اعطائها رد مطمئن .

و لكن محمود قاطع محاولتها حين قال بجدية موجها حديثه إلى أسيل :

" و لنفترض أن هذا ما حدث أيتها السيدة الصغيرة .. هل أنتِ مستعدة للدفاع عنها ضد خالك الشرير؟"

انتفض الجميع متفاجئا بوجوده و على الأخص ابتهال التي ظنت أنه انصرف .

وقفت بحرج دائما ما سيطرx عليها في حضرته ... لذا لم تنتبه للصغيرة التي انكمشت خوفاً.

دنا محمود من أسيل و ربت على رأسها بحنو .. فهو يدرك جيدا أن صمته و جموده يخيفها ... دائما ما كان بعيداً عن أطفال شقيقته بعكس زوجته التي ارتبطت بهم بشدة ... و لكن ابتعاده لا يعني أنه لا يحبهم .. رغم كرهه لتصرفاتهم المجنونة و عواقبها .. تماما كما حدث مع تيمور قبل قليل .

أخيراً تحدث محمود ليقطع ذلك الصمت الرهيب الذي سيطر على الجميع بقوله :

" على كلٍ لا تهتمي بما حدث يا صغيرتي .. لقد كان حادث أرجو ألا يتكرر و خاصة مع بقاء تيمور هنا بصورة دائمة "

أدركت الصغيرة المعاني الخفية في حديث خالها .. و كأنه على علم بفعلتها و لكن ما صرح به عن بقاء تيمور جعل رهبة تحذيره تذهب أدراج الرياح .

لهذا ندت عنها صرخة فرحة و هي تتقافز لتتعلق بذراع ابتهال صارخة بسعادة :

" هل ما قاله خالي صحيح؟... هل أصبح تيمور بخير و سيبقى هنا دائما ؟ "

تلك المرة كانت الصرخة صادرة عن ابتهال و لكن ليس فرحا بل ألماxبسبب تعلق الصغيرة بذراعها المصاب .

افلتت منها هذه الصرخة بسبب الألم الذي فاق قدرتها على التحمل و هي تشعر بما يشبه صعقة كهربية انتقلت من أطراف أصابعها إلى ذراعها ثم تمتد إلى بقية جسدها .

تراجعت أسيل و هي تنتحب بخوف .. بينما هرعت شهد إليها لتتفحصها و هي تهتف بجزع :

" ابتهال .. ماذا بكِ؟ .. هل أنت بخير؟ "

ابعدتها ابتهال عنها قليلا مستخدمة ذراعها السليمة .. شدت قامتها و تنفست بقوة للتخلص من شعورها بالألم قبل أن تقول بخفوت :

" لا شيء.. أنا بخير.. فقط بعض ال.."

و لكن شهد لم تدعها تكمل جملتها و خاصة حين رأت معالمها المتغضنة بالألم فقالت بحزم :

" لست طفلة لأصدق ما تقولينه .. ما الذي حدث معك؟ .. هل تأذت ذراعك؟.. تيمور هو السبب أليس كذلك؟"

رنت تلك الجملة في أذن محمود لتذكره بما قاله عمر عما حدث لها حين حاولت إيقاف تيمور .

أفاق من شروده على صوت شهد التي سحبت يد ابتهال بالقوة لترى مدى إصابتها... حينها صدرت عنها شهقة مستنكرة لتهتف بها بعنف :

" ابتهال أيتها الغبية ... كيف صبرتِ على الألم حتى هذه اللحظة "

حاولت ابتهال كتم شهقات بكائها متجلدة بالقوة التي عرفها عنها الجميع و لكن الألم كان يفوق الاحتمال فتساقطت دموعها بغزارة دفعت شهد للصياح بمحمود :

" محمود.. اجلب السيارة سريعاً.. يجب أن نأخذها إلى المشفى فوراً "

حاولت ابتهال الاعتراض بعناد قائلة :

" ليس هناك داعي .. سوف .. "

قاطعتها شهد هاتفة بصرامة :

" اخرسي ... الا تدركين حجم إصابتك !! "

بلى .. كانت تدرك جيداً أن مفصل رسغها ربما تعرض للخلع أو الكسر .. و لكنها كانت تملك من العناد ما يمنعها من الإعتراف بذلك .



***************


لم يتردد محمود في فعل ما طلبته منه شهد ... حيث أحضر أغراضه و ذهب رأساً إلى المرأب الذي يضم شاحنة قديمة لم يستخدمها منذ زمن و لكنها كانت تفي بالغرض .

حين أخرجها محمود إلى الدرب الممهد صدرت عنها جلبة قوية استدعت كرم من الداخل .

هرع إلى محمود متسائلاً بقلق :

" محمود.. ماذا حدث؟"

" لا شيء .. لقد تأذت ذراع دكتورة ابتهال .. سأصطحبها للمشفى"

اومأ كرم بتفهم .. ثم استدرك قائلا :

" انتظرني .. سوف أبدل ملابسي و أذهب معك "

" لا داعي لذلك .. ابقى مع شهد و الأطفال... و لا تنس أن تتصل بدكتور فؤاد و تطمئنه عما حدث "

حاول كرم الاعتراض :

" و لكن.. "

قاطعه محمود بحزم :

" بدون لكن... شهد متوترة منذ رأت إصابة ابتهال و كذلك التوأم فلتبق إلى جوارهم "

" إذن خذ سيارتي فهي سريعة و مريحة أكثر "

" لا بأس بهذه .. أحتاج إلى بعض الأغراض و بما أننا ذاهبون إلى المدينة فسوف أحضرها في طريق عودتي "

تنهد كرم قائلا :

" حسنا .. اتصل بي حينما تصل "

اومأ محمود موافقا ثم انطلق بسيارته و حينها رأى الفتاة الجالسة إلى المقعد حيث تركها ... لقد نسى كل شيء بشأنها في غمرة ما حدث قبل قليل .

لذلك تراجع إلى حيث يقف كرم ... ثم أخرج رأسه من النافذة بجواره قائلا :

" اه.. كرم لقد نسيت شيء مهم ... تلك الفتاة من الليلة الماضية جالسة هناك .. انتبه لها إلى حين عودتي "

***************

ساعدت شهد ابتهال على الدخول إلى سيارة محمود و همت باللحاق بها و لكن كرم الذي وصل للتو منعها ... ثم همس في أذنها بحزم :

" دعيهم... فليذهبا وحدهما "

صدر عنها إعتراض واهن :

" و لكنني لا استطيع ترك ابتهال وحدها .. "

قاطعها ممازحا :

" بدون لكن كما يقول شقيقك المجنون ... ها أنت تسعين إلى عرقلة خططك العظيمة بالاعتراض .. فلنتركهما سويا "

اتبع كلامه بنظرة ذات مغزي .. فتراجعت عن موقفها لتقول بحرج :

" عذراً ابتهال لن أتمكن من الذهاب معكما ... لقد تركت ياسين و ها هو كرم أتى ليخبرني أنه لا يتوقف عن البكاء.. لا أعرف ما به "

رفع كرم حاجبيه باستهزاء و هو يكتم ضحكته فقد كان واضح أنها تكذب .. لكزته شهد بذراعها في جانبه ليتوقف فصدر عنه تأوه قوي كاد يفضحهما .

و لكنها التفتت إليهما و تابعت بنفس الجدية و كأن شيئاً لم يحدث :

" محمود .. انتبه للطريق جيداً... و لا تنسى أن تتصل بي "

زفر محمود بحنق .. و لكنه لم يكن ليتراجع عن موقفه ... ابتهال طالتها تلك الإصابة في مزرعته و بسبب جواده .. و يجب عليه أن يتحمل مسؤولية ما حدث كاملة .

انطلق مبتعدا و لكن حين ابطء حركة السيارة عند إحدى المنعطفات قفز أحدهم إلى الصندوق الخلفي للشاحنة .

نظر محمود خلال المرآة الأمامية ليتحقق من هوية ذلك الشخص فوجده يوسف .. ذلك الفتى الذي يعمل مساعد لابتهال .

انحنى يوسف حتى اقترب من النافذة بجوار محمود .. ثم قال بصوت عالي ليسمعه :

" ربما احتجتما إلى"

لم يعترض محمود بل تابع طريقه بصمت .. ثم ألقى نظرة إلى ابتهال التي انكمشت في مقعدها .. قابضة ذراعها المصابة بألم .

فسألها باهتمام :

" ألا زال الألم قوياً ؟"

نظرت إليه مليا و ترددت في التصريح عما تشعر به ثم هزت رأسها أخيراً بالإيجاب.

" استرخي قليلا ... لن نستغرق وقت طويل للوصول إلى المدينة "

لم يكن لها أي طاقة للحديث و هو لم يفعل .. بل وضع كل تركيزه في الطريق و عادت هي لتنسد رأسها إلى ظهر مقعدها ثم أغمضا عينيها مستسلمة للإرهاق الذي ألم بها .


***************





Eman Sakr غير متواجد حالياً  
قديم 16-11-18, 09:50 PM   #52

shadwa

? العضوٌ??? » 98913
?  التسِجيلٌ » Sep 2009
? مشَارَ?اتْي » 883
?  نُقآطِيْ » shadwa is on a distinguished road
افتراضي

Thanks for the novel

shadwa غير متواجد حالياً  
قديم 16-11-18, 09:53 PM   #53

Eman Sakr

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Eman Sakr

? العضوٌ??? » 377138
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » Eman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond repute
افتراضي

إنتهى الفصل يا قمرات.. بانتظار آرائكم و تعليقاتكم 😘

Eman Sakr غير متواجد حالياً  
قديم 18-11-18, 12:38 AM   #54

رهف أوس

? العضوٌ??? » 426448
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 232
?  نُقآطِيْ » رهف أوس is on a distinguished road
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ✋🏻

رهف أوس غير متواجد حالياً  
قديم 18-11-18, 02:16 PM   #55

قمر الليالى44

مشرفة اسرة حواءوذات الذوق الانيق وفراشة متألقة،ازياء الحب الذهبي ..طالبة مميزة في دورة الخياطة جزء1وأميرة فستان الأحلام ولؤلؤة بحر الورق وحارسة وكنزسراديب الحكايات و راوي القلوب

alkap ~
 
الصورة الرمزية قمر الليالى44

? العضوٌ??? » 159818
?  التسِجيلٌ » Feb 2011
? مشَارَ?اتْي » 18,208
?  مُ?إني » فى القلب
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Palestine
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » قمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond reputeقمر الليالى44 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   fanta
?? ??? ~
ياقارئا خطي لاتبكي على موتي فاليوم أنا معك وغداً في التراب فإن عشت فإني معك وإن مت فللذكرى وياماراً على قبري بالأمس كنت معك واليوم في قبري أموت ويبقى كل ماكتبته ذكرى فيا ليت كل من قرأ خطي دعا لي
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

ابتهال كسرت معصمها
ومحمود سياحذها للمستشفي
زواج شهد وكرم فى خطر لو اهتمت بزواجها بدل ما تهتم باخيها افضل
بانتظار القادم


قمر الليالى44 غير متواجد حالياً  
التوقيع





قديم 20-11-18, 10:14 PM   #56

sonal
 
الصورة الرمزية sonal

? العضوٌ??? » 107837
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,567
?  نُقآطِيْ » sonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond reputesonal has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

sonal غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 23-11-18, 04:06 PM   #57

houda4

? العضوٌ??? » 389949
?  التسِجيلٌ » Dec 2016
? مشَارَ?اتْي » 393
?  نُقآطِيْ » houda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond reputehouda4 has a reputation beyond repute
افتراضي

رواية رائعة سلمت ياذكي

houda4 غير متواجد حالياً  
قديم 24-11-18, 07:26 PM   #58

ناهد احمد
 
الصورة الرمزية ناهد احمد

? العضوٌ??? » 397520
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 334
?  نُقآطِيْ » ناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond reputeناهد احمد has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

ناهد احمد غير متواجد حالياً  
قديم 24-11-18, 09:43 PM   #59

Eman Sakr

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Eman Sakr

? العضوٌ??? » 377138
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » Eman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس

مرحبا يا قمرات
كيفكم
اليوم معي الفصل الخامس و أسفة كتير عن التأخير بسبب النت السيء

بتمنى يعجبكم ❤


Eman Sakr غير متواجد حالياً  
قديم 24-11-18, 09:46 PM   #60

Eman Sakr

كاتبة بمنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية Eman Sakr

? العضوٌ??? » 377138
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 85
?  نُقآطِيْ » Eman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond reputeEman Sakr has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس

خفت شعورها بالألم إلى حد ما و الفضل في ذلك راجع إلى المسكن القوي الذي أعطاه لها الطبيب بصورة مؤقته .

و رغم أنها استعادت رباطة جأشها و تماسكها إلا أن توترها بدا جلياً للعيان .

كانت ابتهال تجلس بترقب منذ بعض الوقت في إنتظار نتيجة الأشعة التي أجراها الطبيب على رسغها ... بعدما أخبرها أن إصابتها قوية و قد تحتاج إلى تدخل جراحي .

شاركها انتظارها يوسف و محمود .

الأول الذي ارتسم الجزع على صفحة وجهه و هو يواسيها بثرثرته التي بدت طفولية رغم محاولته للتجلد... إلا أنها كانت ممتنة له فقد شتت تفكيرها عن الألم النابض في ذراعها.

و محمود الذي جلس بعيداً عنهما غارق في شروده ... ملتجئ إلى صمته و هو يتفحص جدران المشفى الكئيب بشحوب .. فبدا تحت نظراتها المختلسة و كأنه يحارب وحش خرافي يجثم على أنفاسه .

لكل منا نقطة ضعف .. و كانت النقطة الأضعف لدى محمود هي زوجته .. و بموتها تحول ضعفه لإنكسار لم يجبره الزمن ... هذا ما أدركته ابتهال و لكن بعد فوات الأوان .

تلك الحقيقة ترسخت لديها بعدما اقتربت منه حد الإحتراق .. و الآن هي تعاني .

تعلم أن معاناتها لن تطول بسبب عناده و قوقعته التي حفظ بها روحه بعيدا عن هذا العالم و لكنها الشفقة عليه هي ما تعتصر فؤادها بقسوة .

إنتبه ثلاثتهم بتحفز حينما استدعتهم الممرضة لغرفة الفحص مرة أخرى.

دخلت بترقب يتبعها يوسف ثم محمود الذي تلكأ قدر الإمكان .

طلب منهم الطبيب الجلوس ثم قال بعملية تامة :

" كما توقعت .. الأشعة أظهرت أن هناك خلع في الرسغ .. الجيد في الأمر أن التمزق في الاربطة لم يكن بدرجة كبيرة لذا لن نحتاج إلى جراحة "

أتبع قوله بالفعل حيث باغت ابتهال بالقبض على ذراعها المصابة و بحركة مدربة أعاد العظام المخلوعة إلى مكانها .

ربما أخذتها المفاجأة لتجنبها ألم الترقب و لكن الصرخة التي افلتت منها لم تكن بالحسبان .

و لكن ما جعل الخجل يعتريها بحق هو ما فعلته في غفلة منها ... حيث قبضت على يد محمود الجالس بجوارها تعتصرها بألم .

و حين انتهى الطبيب و بادر إلى تثبيت رسغها بجبيرة انتبهت و حاولت سحبها و لكنه منعها من ذلك .

حيث احتوى كفها الصغير بكفه الكبيرة الدافئة يبثها بعض من الطمأنينة .

إلا أنها لم تشعر بذلك ... و الدليل كان ارتجاف كفها خجلا و توترا ... و في الخلفية تلاعب بداخلها شعور بالذنب .

انتهى الطبيب و ثبت الجبيرة حول ذراعها ثم علقه إلى عنقها .

كان يعطيها تعليماته حول الإهتمام بالجبيرة و مواعيد أدويتها و في تلك اللحظة اقتحم والدها غرفة الفحص .

" أبي؟!! .."

تمتمت ابتهال بخفوت متأثرة بمفاجأة حضوره ... ثم ألقت نظرة عاتبة إلى محمود الذي هز كتفيه بقلة حيلة و كأنه يخبرها أن الأمر خارج عن سلطته .

سارع دكتور فؤاد إلى حيث تجلس ابتهال و أخذها بين ذراعيه و كأنها طفلة صغيرة يسعى لحمايتها من شرور هذا العالم و لم تقاوم هي .. بل استسلمت لضمته التي أعادت إليها كل الأمان الذي افتقدته .

" ابتهال.."

تمتم بجزع ثم تنهد براحة حينما اطمئن إلى أنها بخير.

ابتعدت ابتهال عن أسر ذراعيه قائلة بعتب :

" لما أرهقت نفسك بقطع هذه المسافة أبي؟ .. كما ترى أنا بخير"

تجاهل عتابها و سألها بلهفة :

" كيف تشعرين الآن؟ .. هل تشعرين بالألم؟ "

هزت رأسها بنفي و عادت لتدفن نفسها أعمق بين ذراعيه متغافلة عن متابعة حديث والدها مع الطبيب الذي بدا أنه يعرفه .

مضت تلك الدقائق و هي غارقة في دوامة ما بين اليقظة و النوم متأثرة بما تناولته من مسكنات للألم .

تركت زمام الأمور لوالدها الذي طمأنها حضوره و جعل أعصابها المشدودة تسترخي.

و أخيرا انتهى هذا النهار الطويل و لكن بجبيرة حول ذراعها قد تدوم لأكثر من شهرين و بخسارة جديدة .

تيمور .. الذي خسرته بعدما ارتبطت به ... و لكنها لم تكن خسارتها الأولي و لن تكون الأخيرة... فقد اعتادت مرارة الفقد حتى بات طعمها مستساغا .

و في طريق العودة إلى مزرعتهم ... ألقت ابتهال رأسها إلى ظهر مقعدها و راحت في ثبات عميق .

راقبها والدها بأسى .. متحسرا على صغيرته التي تحملت من القسوة ما يفوق عمرها .

حينما سمع الخبر من كرم وجد نفسه يطير بسيارته إلى المشفى غير عابئا بشيء.. فهي آخر من تبقى له من عائلته و هو ليس مستعد لخسارتها تحت أي ظرف.

***************

تنفس محمود بعمق حينما خرجوا من ذلك المشفى البغيض .. أصبح يكره أي كيان مشابه و بشدة فهي تثير لديه من الذكريات أسوأها .

و فيما عادت ابتهال مع والدها بسيارته ... لم يتبقى سواه هو و يوسف .

في طريق عودتهما توقف ليشتري الكثير من مستلزمات المنزل خاصة مع بقاء شقيقته و أطفالها الذي يشعر أنه سيطول لأجل غير مسمى بسبب التوتر الذي التمسه بينها و بين كرم .

إضافة إلى الأدوية التي طلبتها ابتهال من أجل معالجة القطيع الذي يمتلكه .

كان ممتنا أنه حصل على بعض من المال قبل أيام ليوفي به احتياجاته المتأخرة و الآن لم يتبقى منه الكثير .

مثل هذه الأزمات لم يختبرها من قبل و الفضل كان عائداً لطموح غادره منذ بضعة سنوات و الآن هو يسدد فاتورته الباهظة .

أوصل يوسف لمنزله أولاً و قبل أن يغادره استوقفه قائلاً :

" يوسف انتظر"

أخرج عدة أكياس من بين الأغراض الكثيرة التي اشتراها هي عبارة عن بعض من الملابس ليوسف و الأدوية لوالدته إضافة إلى بعض المستلزمات الضرورية للمنزل ... ثم أعطاها للفتى الذي رفضها بحرج.. متمتما :

" لا أستطيع أخذها سيدي "

و بغضب تسلل إلى ملامح محمود الذيx أمره بحزم :

" أولاً لا تناديني كما الآخرين .. أخبرتك أنا بمثابة عمك.. والدك كان صديقي... ثانياً أنت ستأخذ هذه الأغراض بلا إعتراض "

كان يوسف يعلم أن محمود لا يفعل شيء سوى تجميل الحقائق فوالده لم يكن يوماً صديقه بل مجرد رجل كان يعمل لديه .

و لكن هذا الرجل الذي أمامه الآن و بحسه المطلق بالمسؤولية تجاه من حوله لابد و أنه شعر أن الاهتمام به و بوالدته المريضة عمل يقع على كاهله .

و لكنه من المستحيل أن يقبل بذلك.. فهو لم يعد طفلاً كما يراه الجميع بل هو رجل و يجدر به تحمل مسؤولية ما يخصهx .

لذلك هز رأسه برفض و رفع ذقنه بكبرياء .. قائلاً :

" لا أستطيع أخذها .. كما أنني تسلمت راتبي قبل أيام قليلة لذا نحن لا نحتاج شيء "

و كأنما قرأ أفكار يوسف و علم سبب رفضه ... فزفر بيأس لعناده .

نعم والده كان يعمل لديه و لم يكن صديق كما يردد دائماً ... و بموته خلف وراءه زوجة و ابن صغير .. و حينما عرض المال على أرملته رفضت و طالبته بعمل.

لم يملك سوى تنفيذ رغبتها .. فعملت في منزله لسنوات عدة حتى إكتشفت إصابتها بمرض السكري و ما يصاحبه من أمراض لا حصر لها .

و كان الصبي قد إشتد عوده قليلاً و حينها صرح برفضه في عمل أمه المريضة و أصر رغم صغر سنه على أن يحل محلها رافضاً أي مساهمة مادية يقدمها له لأنه يراها بلا وجه حق .

حاول محمود أن يثنيه عن عزمه هذا طويلا و لكن رغماً عنه تسلل إليه شعور بالاعجاب ممزوج بالفخر بموقفه و ما يبديه من تصرفات تفوق عمره فهو يملك من عزة النفس الكثير .

لقد تربى يوسف في منزله و تحت عيناه منذ أن كان صبيا في الخامسةx .. كانت جميلة زوجته ترعاه في أثناء عمل والدته بمنزلهم و قد ارتبطت به بشدة ... و كأنه إبن لها .

و هو لم يمنعها من ذلك.. بل تركها تفرغ عليه عاطفتها الامومية بعدما حرمت من هذه النعمة بسبب مرضها .

هو أيضا اعتبره بمثابة ابن له و لذلك لم يكن يعجبه أن يضيع يوسف فرصته في التعليم بالانخراط في العمل مبكراً .. لذا أسند إليه بعض الأعمال الخفيفة مثل مساعدة ابتهال .
بحث محمود عن سبب يمكنه من ارغامه على قبول مساعدته و بعد لحظة تفكير قال بتمهل :

" هذه الأشياء ليست بلا مقابل .. بل هي أجر مقدم عن عملك معي"

" عملي معك؟!! أي عمل هذا ؟ "

تساءل الفتى و قد بدا الشك في نبرته فقال محمود بحزم آمر و هو يدفع الأغراض إليه :

" لا تشغل بالك بالتفكير في هذا حاليا ... و لكن تأكد أن بإنتظارك الكثير من العمل "

أومأ يوسف بطاعة و هو يأخذ منه الأكياس مرغما .. ليتبع محمود بلهجة خشنة :

" و الآن كف عن الثرثرة و عد لمنزلك .. لابد أن والدتك بإنتظارك "

انصرف محمود بعدها سريعا تاركاً إياه يقف أمام منزله يتابع انصرافه بامتنان ... لن يستطيع أن يوفي ذلك الرجل حقه مهما فعل .

دخل يوسف ليجد حنان والدته نائمة على الأريكة بصالة منزلهما المتواضع ... لابد أنها كانت تنتظره كعادتها .

تلك المرأة كان لها من إسمها نصيب فهي امرأة تفيض بالحنان... بل هي كتلة من الطيبة تحتويه في كل وقت .

وضع الأغراض جانبا و سارع بالاستلقاء إلى جوارها ملقيا رأسه على قدميها و شعر بنفسه يعود لذاك الطفل بداخله و ليس الرجل الصغير الذي اختبرته الحياة بما يفوق عمره .

استيقظت حين شعرت به و همت بالنهوض .. قائلة :

" سوف احضر لك العشاء... لابد أنك جائع"
و لكنه استوقفها و جعلها تعود إلى مكانها قائلا برجاء :

" لست جائعا .. فقط احتاج إلى النوم"

و سرعان ما راح في ثبات عميق ... تأملته قليلاً قبل أن تخلل اصابعها في فروة رأسه بشرود حين لاحظت الأكياس التي جلبها .

عرفت مصدرها على الفور فتركت للسانها حرية الدعاء لذلك الرجل الذي كان كريما معهما ... حيث اعطاهما سقفا يأويهم ضد قسوة الزمن ... و وفر لصغيرها فرصة في العمل و لم يتواني يوما في دفعه نحوx دراسته التي اهملها .

***************


Eman Sakr غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:26 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.