09-03-21, 10:06 PM
| #1511 | |||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة  
|  اقتباس:
اقتباس:
الله يسلم قلبك شكرا لمروركم.. قراءة ممتعة | |||||||||
|  |
|
09-03-21, 11:23 PM
| #1512 | ||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| اقتباس:
روعاتك مبدعتتا حللتِ اهلا ووطئتِ سهلا عادت شمس الحب مجددا الى بيت روايتي 😍😍 اشكرك غاليتي ندوش اعتز وافتخر برأيك ويارب اكون عند حسن ظنك وتقديرك💜 وقريبا بإذن الله نحتفي باكتمال روايتك في المنتدى واصدارها ونشرها ورقيا 🌺🌷 | ||||||||
|
| |
|
10-03-21, 02:53 PM
| #1513 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أسعد الله اوقاتكم بالنور والسرور اعزائي ترقبوا اليوم ان شاء الله الفصل الثامن والعشرون  كونوا بالقرب 🌺🌷لكم كل الود والمحبة💜 | |||||||
|
| |
|
10-03-21, 10:36 PM
| #1514 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| الفصل الثامن والعشرون عاد شهاب إلى البيت عند الظهيرة، بدا مستعجلا وهو يتقدم ليقف أمام احد اللوحات ليرفعها ويزيحها من مكانها، ظهرت في الجدار خزنة معدنية، أدخل الرقم السري فانفتحت فورا.. وفي الحال أخذ يفرغ محتوياتها.. دون ان تدرك ماهية الأمر راقبت تالا حركات شهاب الذي أمسك عدد من الملفات والمستندات، تفحص الأوراق التي بداخلها سريعا وألقاها في حقيبة فوق مكتبه، عاد يلتفت إلى الخزنة المعدنية المفتوحة يسحب ظرفا ضخما ليخرج منه اسطوانات مضغوطة وفلاشات ذاكرة ومجموعة من الصور وضعها كلها بجانب الملفات.. بنظرة جانبية رمق شهاب تالا الواقفة بصمت وإمارات الدهشة والتساؤل تعتلي وجهها:- منذ فترة طويلة أعمل على جمع المعلومات والإثباتات الموثقة بالأدلة الدامغة، والتي تكشف وتفضح حقيقة كثير من الأعمال المشبوهة لمتنفذين يبيعون أنفسهم من أجل المال. اقتربت تستفهم بإيجاز:- كيف ؟. أشار شهاب إلى مجموعة الإغراض والمستندات:- هذه الملفات والأقراص المضغوطة تحتوي وثائق صور أصلية تدين كثيرين ممن يستغلون مناصبهم ليقوموا بصفقات واتفاقيات غير مشروعة.. سرقات وأسرار مخزية لرجال سياسيين واقتصاديين وإعلاميين ورياضيين وحتى فنانين... سرح بعينيه في نقطه وهمية يستذكر:- كنتُ في ما مضى وعدتُ حياة أني بالتوقيت المناسب سأكشف الحقائق التي تدين العابثين.. أخذ نفسا عميقا واستطرد بصلابة:- وألان بعد ان استكملت كافة الأوراق حان وقت إيفائي لعهدي لها.. سيحاسب كل من استحكم بظلالية.. وبمن فيهم الباشا الكبير، فهو متورط بقضايا فساد واختلاسات كبرى.. إبان تسلمه السلطة ونظير ترويج لأعماله الخاصة دفع من خزينة الدولة ملايين لتمويل شركات ومكاتب أُنشئت وأُسست لغايات وأهداف محددة كستار وهمي، استغل منصبه ليتلاعب بتمرير معاملات واتفاقيات بدون توقيع مندوب ديوان المحاسبة ولا الرقابة الداخلية.. أشرق وجه تالا قائلة بحبور:- ما تفعله سيريح ويسعد روح الشريفة حياة رحمها الله.. لطالما انتظرت بشوق سقوطهم في شرك مكائد نصبهم واحتيالهم.. كانت تقول ان الباشا الكبير الذهبي وأعوانه لصوص أوغاد.. هم عبارة عن شبكة فاسدين يحكمون سيطرتهم بهيمنة صولجانات مراكزهم ومواقعهم ونفوذهم لنهب ممتلكات الوطن ومقدراته.. ___________ كانت دينا تحاول تجنب الدخول إلى غرف العمليات لاسيما بوجود نارت.. ألا ان مناوبتها بقسم الطوارئ تزامنت مع وصول طفل مصاب بحادث دهس، حالته تطلبت استدعائه لأجراء جراحة مستعجلة.. سمعت دينا الزميلة المفتونة تهمس ببهجة واضحة:- بروفسورنا الوسيم قادم. فهمت أنها تقصد نارت الذي وصل سريعا بعد دقائق معدودة، سار على عجل إلى سرير المريض دون ان يلتفت لأحد.. انحنى يعاين ويفحص عمق الإصابة قائلا بصوت جهور وبنبرة قوية:- الجانب الأيسر من الجسم تعرض لضربة ارتطام عنيفة حطمت العظام بل وطحنتها تماما.. خاطبته الطبيبة نسرين:- المؤشرات الحيوية في انحدار مستمر.. وقفت دينا بالقرب تنتظر التعليمات وهي تفكر أن على الأرجح الأمر لن يطول حتى يفسد الدم ويفقد هذا الطفل حياته. أحست بالمرارة والحسرة على كائن صغير ستنتهي حياته قبل ان يعيشها.. بأعصاب منضبطة أفصح الطبيب نارت:- لا سبيل لإنقاذ حياته ألا بالبتر.. شهقت لوعة كتمتها دينا حابسه أنفاسها.. تصلبت مشدودة حين أردف سريعا بحسم:- سأقوم بقطع الذراع المهشمة من فوق المرفق. ركز نارت نظره على المكان الذي سيقوم ببتره معطيا ملاحظاته وأوامره لطبيب التخدير والفريق الطبي.. تجمدت دينا بجانب زملائها تراقب نارت يمسك مبضع الجراحة ويشق الجلد ببطء ودقة بيد ثابتة.. برد فعل لا أرادي أفلتت من بين شفتيها آهة أنين خافته بالكاد تُسمع، لكن نارت سمعها ولم يُخفى عليه مصدرها، ألا أنه لم يوجه لها ملاحظة مباشرة واكتفى بأن قال بصوت بارد خشن بصيغة الجمع:- ستعتادون. واصل عملية البتر وبحد الآلة المسننة أخذ يقص وينشر الذراع بكل مهارة وبراعة.. حاولت دينا استجماع رباطة جأشها كي لا تنهار محدثه حالة من التلبك والارتباك في هذه اللحظات الحرجة.. كان نارت يعمل بجهد ليوقف تدفق الدماء ويباشر بتقطيب الجلد.. أحد الممرضين قام برفع الطرف المبتور.. نظرت دينا إلى الذراع الصغيرة التي لم تعد جزء من الجسم الحي.. أخذ صدرها يعلو ويهبط بتسارع والعرق البارد ينز من جبينها، بينما تكاد عينيها تخرجان من محجريهما.. بيد مرتعشة غطت فمها تخنق أنين حشرجة منبعثة من حنجرتها.. تراجعت للوراء بفزع رهيب وكأنها تتابع مشهد لفيلم مرعب.. بذلت مجهود خارق للتماسك، لكنها أحست بثقل رأسها وبغمامة سوداء تظلل بصرها.. ساقاها ارتجفتا ولم تعودا تقويان على الوقوف أكثر أمام هكذا موقف يستنفذ أعصابها.. أجبرت قدميها على التحرك نحو الباب، انسلت خارجة من غرفة العمليات، وسارت متشنجة في الأروقة.. التورط عاطفيا مصدر خطر في مهنة الطب، دينا باستمرار تحاول جاهده التغلب على مشاعرها حتى لا تقع فريسة لألم معاناة المرضى، لكنها بدأت تشك في قدراتها على ضبط انفعالاتها. بالامتحانات الورقية تقديرها ممتاز، لكن ممتاز كلمة تكتب على الورق ولا تساعدها فعليا وعمليا.. فهي ما أن تقف أمام المرضى المصابين بالحوادث في الطوارئ أو بغرف العمليات ينقبض قلبها انقباضا موجعا، وتنسى علم الجراحة وكل شيء تماما.. تفوقها بالمواد النظرية يواجهه فشل ساحق بالتطبيق العملي، زملائها الطلبة أصبحوا يستخدمون المبضع ويشقون الجلد لينظروا بتمعن فيما تحته من أنسجة وأوعية دموية وأورام، بينما ما زالت هي تتبلد وأطرافها تصاب بالجمود، وجهها يصفر بشحوب ويعتريها الغثيان، بل وتوشك على فقدان وعيها أحيانا.. بعد نحو ساعة وأثناء تفقدها بعض الحالات، وصلها صوت نارت يتحدث مع الطبيبة نسرين، خطواتهما اقتربت على ما يبدو من مكانها، سارعت باتجاه الدرج تهبطه دون ان تنظر خلفها متفادية بمهارة الالتقاء بهما.. مشت في الممر المزدحم تختفي بين المرضى المراجعين والزائرين.. استندت على الجدار تستريح لبرهة.. سحبت كما هائلا من الهواء لتستعيد أنفاسها قبل ان تتلفت للوراء تتأكد من ابتعادهما وسلوكهما الطريق المعاكس. غادرت المبنى وقد تناوشتها الأفكار.. تخيفها ثقة نارت المفرطة والوهج الذي يحيط به.. تشحن همتها بكامل طاقاتها المختزنة لتواكبه وتستحقه، لكنها مهما بذلت في سعيها للوصول تبقى متأخرة عنه كثيرا.. تدور دائخة بقلب مرهف حساس.. أتعبها دور الطالبة والأستاذ.. المتدربة والبرفسور.. لم تعد تعجبها الحكاية على هذا النحو.. كلما ظنت أنها كبرت وحطمت الحواجز التي تفصلهما، تكتشف بالوقائع أنها أصغر من ان تعبر لعالمه.. تلهث راكضه لتلحق به دون أن تصل فعلا.. أحيانا يُخيل لها قد تؤذيه بتأخرها عنه ولن تكون زوجة يفتخر بها.. لهذا راحت تتفاداه في البيت والمستشفى، تحججت بالكثير من الأعذار كي تتجنبه، فمرت الأيام دون ان تلتقيه أو تهاتفه أو تتواصل معه.. قررت أن تقف بصلابة في مواجهة جموحها لحبه. ______________ أسبوعان من الغياب أمضاهما شهاب في أحدى معسكرات القوات الخاصة، وكما عادته لم يخبر أحد بموعد عودته إلى القصر.. كان الوقت متأخرا عندما صعد الدرجات القليلة حيث الشرفة الزجاجية التي حولتها تالا بإزهارها النضرة لفرجة مدهشة، من يمر بها يخيل له كأنه عبر إلى عالم العجائب.. وقف يستنشق الروائح العطرة متأملا النباتات المنتصبة بعيدانها الخضراء تعلوها ورود يانعة بتلاتها الناعمة الرقيقة توشك أن تتفتح.. فجأة ومن خلال الباب المتروك مواربا أتاه صوت ضحكة صافية رقراقة.. تقدم ببطء ينظر من شق الباب، فقابله مشهد لم يألفه لتالا ولا عهد له بها من قبل.. تسمر متفاجئا مذهولا مسحورا أمام هيئتها وكأنه يراها للمرة الأولى في حياته.. كانت تتابع التلفاز وهي مستلقية باسترخاء على الأرض برداء نوم ستان لامع مكون من سروال زهري اللون قصير جدا يظهر روعة ساقيها، ومن الأعلى بلوزة رقيقة خفيفة تكشف أكثر مما تغطي، تبرز تفاصيل ومنحنيات جسدها الناصع البياض.. مفاتنها بانت واضحة ومثيرة خصوصا مع وضعية تمددها وانحناءها.. اقترب منها بهدوء معترفا ضمنيا على الأقل بينه وبين نفسه ان لتالا تأثير خفي غريب يجذبه، تثير إعجابه وشغفه بشكل كبير.. تداخلت أصوات خطواته مع التلفاز، فلم تنتبه له تالا إلا حين وجدته واقفا قبالتها.. لوهلة أصابها الذهول لرؤيته.. لم تصدق أن شهاب أمامها حقا ينظر إليها دون أن يغض بصره كما يفعل دائما.. سريعا هبت لتعتدل وتنهض عن الأرض متسربلة بالخجل.. ازدردت ريقها مكسوفة من مظهرها الغير محتشم:- عذرا لم أعي لحضورك.. كنتُ أشاهد فيلم السهرة الفكاهي. بأصابع مرتعشة سحبت من فوق الأريكة دثارا لفته سريعا حولها وهي تغمغم متلعثمة:- لم .. لم أتوقع مجيئك الليلة. أغلقت التلفاز وأخذت ترفع عن الأرض وعاء البوشار وطبق حلوى الكنافة المفضل لديها. بادرها واعيا تلبكها:- لا داعي لتشنج والارتباك.. من الرائع ان تكوني في حالة تتصرفين بها بارتياح وطبيعية.. يسعدني ان أراكِ مستمتعة بوقتكِ. لم تجد كلمات مناسبة ترد بها، ثقلت أجفانها بحياء عندما أزداد اقترابا ممعنا النظر مدققا بملامحها العذبة التي أيقظت حواسه الغافلة.. مشاعر عنيفة خالجته دبت في أوصاله من جديد متع الحياة.. عصفت بشرايينه رغبة توق شديدة تطيح بصرح تماسكه.. نبرة صوته انخفضت بشكل مثير:- أنت جميلة جدا يا تاليا. أحنت تالا رأسها للأسفل تشعر بالإحراج، تساقطت متدلية خصلات شعرها الحريرية حول وجهها النظيف المشع بالنقاء تفتنه وتزيد انجذابه.. باغتها قائلا:- لا تقصيه. رفعت تالا عينيها بنظرة استفهام، فاستدرك:- شعرك الطويل.. لا تقصريه. أومأت برأسها إيجابا وهي تحاول لملمت شعرها الكثيف لتعاود عقصه للوراء كما اعتادت مربوطا.. أضاف في رقة:- دعيه طليقا.. يبدو رائعا مهفهفا عندما تتركيه مسترسلا كشلال على كتفيكِ.. دنا منها أكثر ومد يديه يداعب خصلات شعرها الطويل ويزيحها عن رقبتها ببطء.. رمشت بأهدابها وتصاعدت الحرارة لوجنتيها عندما احتضن وجهها بين كفيه يتلمس بشرتها الناعمة.. حبست أنفاسها وقد ساورها وهم لذيذ باحتمال ان قلبه يخفق لها.. قد لا يحبها صراحة بتلك العواطف الجياشة التي أحب بها حياة.. لكن ربما قلبه يحبها بطريقة ما. __________________________ في عتمة الليل تقلبت رنيم فوق فراشها متنبهة لأصوات الحيوانات البرية.. انتصبت جالسة بقلب منتفض حين شق الظلام عواء يجمد الدماء في العروق.. تصلبت دون حركة وعيناها تتسعان بذعر.. تأجج خوفها فقفزت سريعا عن السرير وخرجت تعدو من غرفتها حين شعرت ان العواء يزداد والأصوات تقترب.. أبصرت هاني يقف قرب النافذة يحمل بندقية.. أحس بحركتها فأدار رأسه ناحيتها يقول بهدوء:- أنها مجرد ضباع . شهقت مرتاعة تردد باضطراب:- ضـ ضباع !!! - لا تقلقي.. كزت على أسنانها بحنق:- أتقول ضباع ولا تريدني أن أقلق!! - في مناطق الأرياف تنتشر الضباع والكلاب المسعورة. ولولت متقافزة في مكانها::- كلاب مسعورة أيضا !! حاول ان يخفف من روعها:- اهدئي رنيم .. نحن في أمان.. من الأفضل ان تعودي إلى النوم. هتفت متبرمة:- لا يمكنني النوم .. أضافت متأففة بندم:- ليتني لم أتخلص من أقراص المهدئات. أزاح هاني نظراته عن النافذة، ركن البندقية على الحائط واستدار مركزا نظراته عليها:- فعلتِ الصواب بتوقفك عن تناول المهدئات. زمت شفتيها متذمرة:- بدون تلك المهدئات ما عاد بإمكاني النوم بسهوله. دنا منها وأمسك يدها الرقيقة بين يديه الخشنتين يواسيها ويدعمها:- هذا طبيعي في البداية.. لكن شيئا فشيئا سيخف العارض السلبي لمرحلة الانسحاب.. رغم أني ما زلت أصر على ضرورة وجود طبيب أخصائي يشرف ويتابع حالتكِ. تنهدت بحنق قائلة:- لن نناقش الآن موضوع مراجعة الطبيب وهذه الوحوش الدموية تعوي وتدور حول البيت تترصدنا لكي تحيق بنا الأهوال.. - لن تهاجمنا اطمئني.. تلصصت من النافذة فالتمعت ثلاثة أزواج من الأعين في الظلمة، هزتها رعشة قشعريرة وتساءلت متشككة بخوف:- ماذا لو فعلت وهاجمتنا؟ رفع البندقية المجهزة.. التزمت رنيم الصمت، بقيت في ترقب بجانب هاني حتى أخذت الضباع تبتعد تدريجيا، ثم اختفت ولم يعد هناك أثر لوجودها.. سألت وهي تتنفس الصعداء:- أين ذهبوا؟ - أنهم يعيشون في مكان ما.. من المستحيل معرفة مخابئها داخل المغاور والكهوف. سألته بصيغة أتهام:- ولماذا لم تطلق النار عليهم؟ أجابها بأعصاب باردة:- علينا ان لا نقتل الحيوانات عشوائيا ألا إذا تسببت بالضرر والأذية. جادلته بعصبية:- لكنها حيوانات شرسة فاسقة مفترسة.. ويجب قتلها فورا دون تأخير. - تجيء بين فترة وأخرى باحثة عن فضلات ومخلفات لحوم لحيوانات ميتة تأكلها.. هل ينبغي أن نقتلها لأنها جائعة؟! فاجئها بجوابه العجيب.. فركت أجفانها الثقيلة وتثاءبت بنعاس معلقة:- لك فلسفة غريبة يا هاني!!. رمقها بنظرات معاتبة:- لي فلسفة غريبة!!.. - نعم .. بالتأكيد .. تترك الأفعوان ليقيم حيث يشاء بالمزرعة، والآن ترفض قتل الضباع !!. برد فعل هادئ وصوت متزن شرح لها:- الله عز وجل لم يخلق شيئا في هذا الكون إلا لحكمة.. خلق كل كائن حي لمهمة علية ان يؤديها على هذه الأرض.. تلك الحيوانات تلعب دورا فريدا وفعال في النظام البيئي بالحفاظ على دورة الحياة الطبيعية.. تلك الضباع تقوم بتخليصنا من بقايا جيف الحيوانات النافقة، التي قد تكون مصدرا لانتشار الأمراض والأوبئة.. نلجأ لقتلها إذا هاجمتنا، أو في حال تكاثرت أعدادها وازدادت لتشكل خطرا يهدد أرواح الساكنين.. لكن لا نقوم بالقضاء عليها وأبادتها بشكل نهائي. ضاقت عيناي رنيم وقالت معترفة:- الحقيقة لم يسبق لي وفكرت بهذا الأمر.. كنتُ أعتقد أن المنفعة الوحيدة للحيوانات المفترسة استفادتنا من جلودها وفراءها لصنع الحقائب والأحذية والمعاطف الثمينة. بقيت رنيم وهاني يتحادثان حتى أنداحت العتمة، وبزغت أشعة الشمس من تحت ستائر الغيوم الكثيفة لتعلن عن بدأ نهار لعمر جديد. ________________________ شهاب لطالما قيد نفسه وضبطها وتحكم بعواطفه متجنبا التفكير أو الاقتراب من حدود تلك الأحاسيس التي قد تثير بداخله أي نوع من لهيب الرغبات.. كتم وأحتمل التعب والألم وبرودة الصقيع الذي تغلغل بشرايينه واستوطن وجدانه.. لكنه في وحدته بات يفتقد لوجود من يؤنسه ويذكره بأنه حي يتنفس.. يتوق لمن يعيد له أشلاء كيانه المبعثرة لتتداوى جراحه.. روحه تحتاج إلى الشعور بالدفء والراحة.. تالا برقتها وحنانها الفطري تمنح له كل هذا دون مقابل.. دائما تكون إلى جانبه في أكثر المواقف صعوبة، توفر له جو من الهدوء والسكينة في البيت، تؤازره وتدعمه، تتفهم غيابه وطبيعة عمله ولا تنتظر منه أي التفاتة أو قرب أو كلمة.. يعلم أنها لا تجادله ولا تعارضه بتاتا، تنفذ كل ما يطلبه منها طائعة مكتفيه بما يستطيع ان يقدمه لها، لكنه في الوقت ذاته وبأعماق قرار نفسه يدرك أنها تعيش معه بغير إرادتها الكاملة، وهو من أملى شروطه وأرغمها بما يشبه الابتزاز أو التسوية فارضا عليها واقع هذا الزواج.. ليال عديدة أمضاها بأرق وسهاد في دوامة صراع.. عاش بنزاع شديد كي يتوصل لقناعة حتمية ويتخذ قراره.. شهاب كان ومازال ضد نهج التأجيل والتخاذل في التنفيذ، نزل من الطابق الأعلى باحثا عن تالا.. وجدها منكفئة تسقي النباتات وتمسح الأوراق الخضراء الرقيقة بمنتهى الحرص.. بادرها بجدية:- هناك أمر أريد أن أتحدث به معكِ. صوته الخشن الجاد جعل تالا تجفل بقوة وتشعر بالتوجس، أومأت برأسها وتبعته إلى الصالون، أشار لها بالجلوس ففعلت بصمت وتوترها الداخلي يتصاعد.. لم يكن هناك تعابير يمكن قراءتها في ملامحه المتصلبة.. تكلم بنبرة عميقة فيها شجن حنين لأيام خلت:- سبق ودار بيني وبين حياة حديثا عنكِ. - عني أنا!! - حياة حينها كانت منزعجة كثيرا من وضعك.. أخبرتني أن عليكِ الخروج من قوقعتكِ لاكتشاف العالم، فمن الظلم بقائك حبيسة في سجن أسوار القصر. دون أن يتيح لها مجالا لتعليق أردف:- مؤخرا فكرت كثيرا في رأي حياة.. ووجدتُ أن معها حق في كل كلمة. عقدت تالا حاجبيها تحبس أنفاسها وقد راودها شعور ان شهاب يوشك على قول أمر يغير مسار حياتها كليا.. لاحظ أنها تصغي بتركيز فاستدرك:- لقد أن الأوان.. حان الوقت لتأخذي فرصتك كي تعيشي وتجربي وتختبري نمط جديد من الحياة.. يجب عليكِ ان تنطلقي بعيدا لتحققي طموحاتك. همت بتحريك شفتيها، لكنها عادت لتطبقهما دون ان تنبس بحرف.. المفاجئة شلت تفكيرها بحيرة وعقدت لسانها فلم تعرف بما تعقب.. شهاب أستغل تشتتها وقال:- كلانا يعلم أنكِ منذ البداية لم تكوني تريدين الزواج، وأنا الذي ضغطتُ عليكِ وأجبرتكِ على القبول.. ما حدث كان خطأ.. والخطأ الأكبر الاستمرار به.. ولهذا سأحللك من اتفاقنا وأمنحكِ حريتكِ. ازدرد ريقه واستطرد سريعا:- سأبلغ المحامي ليقوم بإجراءات معاملة الطلاق. أفلتت من فمها شهقة ذهول، جحظت عينيها تردد مصدومة بصوت مكبوت:- الطلاق!! خشي شهاب ان لم تبتعد عنه وتغادر ان لا يكون قادرا على مقاومة رغباته بها، ويطلق العنان دون رادع لأنانية اشتهائه، وحينها سيلوم نفسه ويقرع ذاته دائما لإبقائها أسيرة خاضعة غصبا عنها لأهوائه إلى الأبد.. أكد حازما:- نعم الطلاق. أعطاها الفرصة الكافية لاستيعاب الأمر راصدا تغيرات ملامح وجهها وتباين تعابيرها.. تابع بعد دقائق بأسلوبه العملي:- وبموجب الطلاق ستتسلمين مبلغا محترما من المال و.. انتفضت تقاطعه باستهجان:- عفوا.. هدرت بجرأة تسأله بكبرياء:- هل طلبتُ منك مال من قبل؟.. أجاب نافيا :- لا . ارتدى وجهه قناعا لا يمكن حل لغزه يكمل بحسرة:- وليتكِ كنتِ تطلبين. هبت من مقعدها كما لو أن تمنيه أن تطلب المال أشعرها بالمهانة والهوان:- مستحيل.. أنا لم ولن أطلب الأموال.. لستُ متسوله أو انتهازية أو غـ.. انقطع صوتها لبرهة بحشرجة قوة انفعالها، استعادت أنفاسها وتابعت بحدة:- لم أسعى يوما لتحويل اتفاق عقد زواجنا لمعادلة حسابية أو لمؤسسة استثمارية أو أي شيء. سارع شهاب يصحح سوء الفهم:- تاليا أنا لا أعرض عليكِ مال معونة أو مساعدة أو مقابل لأي خدمة.. ما ستأخذينه يعتبر حقكِ الشرعي. رفعت ذقنها بكرامة قائلة:- ليس عليك دفع الأموال. أكملت والاحمرار يخضب وجهها:- زواجنا كان صوريا غير مكتمل. شعور بالحرقة سيطر عليه وهو يرد:- هذه الحقيقة لا تجعل زواجنا غير قانوني أو غير شرعي.. حقك أن تأخذي مهر الصداق المؤخر.. حاولت الاعتراض فاستدرك بقسوة:- شئتِ أم أبيتِ ستحصلين على مبلغ ضخم وفير تصرفيه كيفما تشائين، إضافة إلى بيت وسيارة سأكتبهما باسمك.. همهمت بإصرار:- سأتبرع بكل شيء للمبرة الخيرية. تنهد بقوة وبتؤدة أخذ يضع الخيارات أمامها:- تستطيعين تقسيم المال، جزء تتبرعين به والجزء الأخر تستفيدي منه.. يمكنك ادخاره بالمصرف كوديعة من أجل المستقبل، هكذا تضمني عدم معاناتك من العوز والشقاء. - لااااا تلك اللا القاطعة بفجاجة وفظاظة لم تعرف تالا كيف استطاعت ان تتلفظ بها وتنطقها بوجه شهاب الذي همهم بغيض:- تاليا .. مرت الثوانِ بطيئة مشحونة بذبذبات التوتر.. حك شهاب ذقنه ورغم امتعاضه أردف متصنعا الهدوء:- أنتِ مقبلة على حياة جديدة ومختلفة عما عهدتها.. وسيكون عليكِ التفكير بالطريقة التي ستؤمني بها سبل معيشتكِ. - سأعرف كيف أتدبر أموري بعد الطلاق. أدرك أنها تحاول كبح انفعالاتها فلم يستطع تفسير مشاعرها بالضبط، أن كانت بائسة أو مغتبطة.. سحب نفسا عميقا وشرح بلهجة جادة أمور المتطلبات المعيشية كدليل أنه فكر بأمرها وفند واقع احتياجاتها من كل الجوانب والاتجاهات:- تقاعد الضمان الاجتماعي لخالتك بالكاد سيغطي تكاليف الأدوية الطبية ومستلزمات حياتكما من نفقات وفواتير المياه والكهرباء والمأكل والمشرب. اندفعت تقول بحزم:- لن أكون عبأ على خالتي.. سوف أعمل واكسب رزقي. متعمدا اتجه ببصره لصدرها، فهمت قصده فعلقت باقتضاب:- لا بأس.. صحتي بخير. انصبت نظراته عليها:- العمل يحتاج إلى كثير من الحركة والتنقل من مكان لأخر.. وهذا لحالتكِ ووضعك سيكون متعب ومجهد. قالت بلا تفكير:- لا تقلق سأكون حريصة على قلب الشريفة حياة من التأذي. ران صمت أمتد لدقائق قبل ان يهمس شهاب:- أنا حقا أفكر بكِ وأخشى عليكِ.. عضت على شفتها السفلى لعلها تمنع ارتعاشها.. تنحنحت وقالت بنبرة خافته:- سأجد حل بالتأكيد، يجب أن أتغلب على التحديات مهما بلغت صعوبتها. بان في عينيه وميض الإعجاب:- احترم كثيرا كفاحكِ وعزيمتكِ بالمثابرة. تحرك يبتعد كمن يعلن عن انتهاء حديثهما، استوقفته متسائلة بارتباك وتوتر:- ماذا بشأن يحيى؟.. أضافت بهمس متوسلة:- أرجوك لا تحرمني منه. التفت نحوها عابسا باستهجان:- أمازال ظنكِ بي سيئا إلى هذا الحد! هزت رأسها وأسرعت تجيب:- قطعا لا.. لم تكن يوما سيئا معي. - باستثناء أرغامي لك على الزواج. - طوال مدة الزواج لم تعاملني بسوء أبدا. رمقها بنظرات غامضة متمتما:- تاليا أنتِ حقا درة ثمينة أتمنى أن لا أخسرها. مسحة الأسى أخفاها بانشغاله بارتداء سترته والتأكد من عقد ربطة عنقه قائلا بنبرة واضحة:- لن أحرم أبني من أمه.. متى أردتِ رؤية يحيى سأرسل لكِ السيارة لتأتِ بك إلى القصر. - وماذا إذا رغبتُ برؤيته يوميا؟ دس يديه في جيبه مجيبا:- يحيى أبنك.. ويمكنك ان تمضي معه قدر ما تشائين من الوقت.. وتشرفي بنفسك على كل ما يتعلق بشؤون تربيته وتنشئته وحتى اختيار الحضانة التي تجدينها مناسبة له.. كما أنني لا أمانع أثناء سفري من إقامته معكِ إذا رغبتي بذلك. وقف متأهبا يسألها:- هل تودين الاستفسار عن أي تفاصيل أخرى؟ - حاليا.. لا... همس بصوت عميق:- لا تترددي بأعلامي عن أي شيء تحتاجينه.. تأكدي أني سأفعل وأنفذ كل ما تريدين. نظر إليها مطولا كمن يأمل وينتظر منها تعليقا أو أشارة ما.. لكنها لم تجيبه وأسرعت تخفض رأسها تحجب عينيها عنه تاركة الصمت يغلفها.. بدا الإرهاق واضحا على ملامح وجه شهاب وهو يتنهد بحزن:- حسنا .. سأكلف المحامي بمتابعة الإجراءات وبدوره سيتصل بكِ لإتمام توقيع الأوراق القانونية. | |||||||
|
| |
|
10-03-21, 10:38 PM
| #1515 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| سمعت صوت هدير قوي فاقتربت من النافذة، راقبت طائرة الهليكوبتر بضجيجها تحوم فوق القصر، لابد وأنه على متنها ذاهبا لأحدى مهماته العسكرية.. وربما حين عودته تكون انتقلت من القصر وقد لا تراه مجددا. كان من المفترض أن تشعر بالغبطة لانفكاكها عن زواج تم بغير إرادتها، لكنها ليست كذلك، بل على وشك الانهيار والإجهاش بالبكاء. لم تعتقد تالا ان شعورها بالمرارة والخيبة العميقة سيكون بهذا الحجم الخانق.. بلا وعي منها كانت كلما عرفته تعلقت به أكثر رافضه مواجهة حقيقة أن الحب بينهما مستحيل. جلست تالا في حديقة القصر مهمومة شاردة البصر ساهمة بيأس. - كل هذا الحزن لا يليق بفتاة جميلة في ريعان الشباب. أجفلت لبرهة حين وصلت لأذنيها تلك الكلمات بصوت جهوري قوي.. رفعت رأسها ترنو لمحدثها، أسرعت تهب عن مقعدها لتقف قائلة بتهذيب:- احتراماتي شريف طلال. - تصرين كما شهاب على مخاطبتي برسمية.. يبدو أني فشلت بأن أكون أبا. حاولت انتقاء مفردات لغوية مناسبة لرد لبق، لكن الشريف أتخذ مقعدا بجانبها مضيفا:- منذُ عودتي وتيتيان للقصر انتظرتُ الفرصة كي أتحدث معكِ على انفراد دون وجود أحد. أشار لها بالجلوس ففعلت وهي تضم يديها في حضنها لتقلل من توترها، تمكنت من إيجاد صوتها وقالت بنبرة شبه ثابتة:- حديثك لي شرف أفتخر به. هز رأسه بإيماءة خفيفة:- لن اتبع أسلوب الدوران لان هذا ليس من طبعي.. دعيني أصارحك إنني منزعج ومتضايق جدا من الوضع الذي ألت له الأمور. لم تجرب تالا أدعاء الاستغباء بعدم فهم ما يشير له الشريف طلال، ولذلك اكتفت بالنظر إلى البعيد دون تعقيب. استدرك بخفوت:- يجدر بي الاعتراف أني ساهمت نوعا ما بهذا الوضع.. من البداية كنت أراكِ تنظرين لي بعينان تتوسلان وتستنجدان المساعدة، لكني خذلتك ولم أقف في صفك مدافعا عن حقك بالاختيار مانعا حدوث الزواج من الأساس.. نظرت اليه تالا بتعجب.. لم تتوقع بتاتا اعتراف الشريف بتقاعسه في مساندتها.. زفر بتنهيدة وأردف:- لكن الأمور مع أبني شهاب ما كانت لتحل بطريقة مغايرة. أخذت تالا نفسا عميقا تفكر لدقائق معدودة قبل ان تهمس بصوت أجش توافقه:- صحيح ما كانت لتحل بطريقة أخرى. شدها الود البادي على وجه الشريف وهو يبتسم بلطف قائلا بارتياح:- جيد أننا متفقان على هذه النقطة. اسند ظهره للوراء مفصحا:- لكني أملت أن أجد حالكما أفضل حين عودتي للقصر، ولقد سررت عندما لمستُ فيما بينكما شيئا من التفاهم والوئام.. الارتباط يصبح متين حين يجد الزوجان اهتمامات وقواسم مشتركة.. ولهذا صُعقت وقت أخبرنا شهاب بقرار انفصالكما!! واصل يبوح بتأنِ:- ليس لي حق التدخل الآن.. ألا أني في الحقيقة لم أتوقع ان يتخلى عنكِ شهاب بسهولة.. أبني عادتا ليس انفعاليا عابثا طائشا.. ولهذا لا يتنازل ولا يترك ما سعى ليناله مستخدما شتى الطرق والوسائل من ترهيب وترغيب، ألا إذا.. - ألا إذا ماذا؟ لم تدرك تالا أنها تساءلت بصوت مسموع إلا حين فاجأها الشريف برده:- ألا إذا أحب. تحفز عقل تالا وأنشغل بالتحليل للحظات، لم تصدق ان هنالك بارقة أمل تشع في طريقها، ظنت أنها تتوهم لحقيقة ما يرمي له الشريف وتفهمه بشكل مغاير فقالت:- تقصد ان حبه لشريفة حياة جعله يتزوجني.. نعم هذا صحيح.. ارتبط بي لأني أمتلك جزء منها.. شهاب أراد قلبها بقربه. قاطعها الشريف يسألها بصوته العميق:- إن كان الأمر كذلك فلماذا يترككِ تذهبين بعيدا عنه؟ حدقتي عيناها اتسعت بتركيز.. الشريف لم ينتظر منها إجابة واستطرد:- شهاب فاق أخيرا ، وأيقن أنه لا يريدك بديلة أو امتداد لعشقه مع حياة. هدير دقات قلبيها بلغ مداه.. عضت شفتيها لتكبح استفسارها، لكن فضولها كان اقوي فتجرأت قائلة:- لا أفهم.. ما الذي يريد؟.. أوضح الشريف ما استعصى على إدراكها:- يريد تخليصك من القيود لتتحلي بالقوة وتتحرري من أسره لكِ وأسركِ لنفسكِ. أجلت حنجرتها تبحث عن صوتها الذي خرج مهتزا:- عفوا شريف.. أنا لم أشعر يوما أني أسيرة.. كنتٌ ومازلت راضية بحياتي. تعالت ملامح الشريف نظرات تمتزج بالشفقة والحنان الأبوي.. أنحنى للأمام وقال شارحا بإسهاب:- حتى وان كنتِ راضية بحياتك في القصر، عليك ان تمضي لرؤية آفاق مختلفة، تستنيري وتنخرطي بالمجتمع.. شهاب يود ان تواجهي واقعكِ بشجاعة وثقة، ولا تكتفي بدور المتفرج الواقف في الظل.. من المجحف بقاءك على هامش الحياة، ستنكرين وتقولين أنكِ لستِ كذلك، فقط لأنك أعتدتِ على نظام ونمط معين وأي تغيير سيخيفكِ... يجب أن تخرجي من الشرنقة التي تكبلك، وتتعلمي مجابهة الشدائد بشخصية مستقلة قوية، كي تحسني الدفاع عن حقوقكِ.. تفعلين ما ترغبين به دون تأثير من أحد.. تسعي لتحقيق طموحك وحلمك، حلمك أنتِ، لا حلم غيرك.. لتقرري مصيرك باختيارك، لا باختيار الآخرين. تنفس بعمق، ورمى أمامها الحقيقة كاملة:- شهاب لا ينوب امتلاكك أو الحصول عليكِ لا بترهيب سطوة استبداد ولا بترغيب تنميق وتملق.. يريدك ان تكوني له بقناعتكِ وبإرادتك.. ولهذا ترك الأمر كله بين يديكِ يا تالا. _________________ سارت رنيم إلى جانب هاني في طرقات ترابية متفرعة متعرجة تتناثر على جانبيها بعشوائية بيوت طين أسقفها من صفيح الزينكو، وبمحاذاتها ساحات وعرة تغص بأطفال صغار يرتدون ملابس بالية، الأولاد يركضون حفاة فوق الحصى يطاردون الدجاجات الهاربات، وبعضهم الآخر يلعبون بكرة قماشية صنعت من الخرق الممزقة.. أما الفتيات يسرن كأسراب في البريه ليجمعن الحطب، فيما أمهاتهن منشغلات بالتنظيف ونشر الغسيل فوق حبال مربوطة على جدران مشققة آيلة لسقوط .. أمام عتبات البيوت عجائز متشحات بالعباءات السوداء جلسن على مفارش أرضية وهن منكفئات يصنعن السلال من أكوام عيدان نبات القصب.. وقفت رنيم مشدوهة مصدومة، كل ما يحيطها يعكس صورة مروعة عن بؤس الفقر المخيف.. استدارت إلى هاني بعينان تنضح بالتأثر:- هذا مكان لا يصلح لعيش الآدميين.. أجابها هاني موضحا مدى اهتمامه بأحوال الناس:- ولهذا أسعى إلى تنظيم اقتصادي لتأمين فرص عمل لأهالي المنطقة، هكذا ينالوا دخل مالي ثابت على مدار العام، ويرتفع مستواهم ليعيشوا حياة أفضل ومستقبل مستقر.. ذلك يكلفني الكثير، لكن الأمر يستحق، فحينها فقط يستطيع الأولاد متابعة تعليمهم بالمدارس ولا يضطر أبائهم إلى أخراجهم منها لتوفير أعباء المصاريف، وإشراكهم في سوق العمالة.. أمعنت رنيم في تأمل المشهد أمامها، لاحظت ان وجوه الصغار ضاحكة، والأمهات يعملن وهن يدندن بأغنيات شعبية عن سحر جمال السمراوات الفاتنات.. علقت باستغراب:- فقرهم المدقع لا يمنعهم من الاستمتاع بالحياة. فجأة اقتربت مزنة تقول:- سيدتي .. خالتي تدعوكِ للاحتفال معنا بعرس أبنها. تمتمت رنيم:- عرس !!.. تلفتت بعينيها متسائلة:- وأين سيقام هذا العرس؟ أشارت مزنة إلى فسحة ترابية حيث كانت الصبايا اليافعات منهمكات يعملن على تكنيسها وفرشها بالبسط الملونة:- هنا .. في الساحة التي أمام الحي. شهقت رنيم لهول ذهولها، فهمس هاني:- في المجتمع الريفي يأخذون الأمور ببساطة دون بهرجة احتفالات البذخ. في المساء صرحت رنيم لهاني بعدم رغبتها في الذهاب إلى الحفل.. بدا على ملامحه الخيبة وهو يستعد لمغادرة البيت وحيدا.. نظرت رنيم إليه ومنحت لعقلها مجالا لتفكير.. توجيه الدعوة لها شخصيا من أجل حضور العرس ما هي إلا تعبير لإظهار احترام وامتنان أهالي المنطقة لهاني وما يفعله لأجلهم.. رفضها المشاركة بالحفل قد يفهم بطريقة خاطئة، ربما يعتبرون سلوكها إهانه مسيئة.. وقبل ان يغلق الباب وجدت نفسها تناديه:- هاني.. أنتظر.. استدار بنظرة استفهام:- هل تأخذني معك؟.. أحب أن أرافقك. تحركت بخطواتها ناحيته، لكنها توقفت بغتة مترددة، سألته بصوت متوتر:- أتعتقد ان ثيابي هذه مناسبة للحفل؟ تأملها لبرهه وقال بمرح:- بل أكثر من مناسبة. لكن ما أن ابتعدا عن البيت عادت رنيم لطبعها المتشكك بمدى أناقتها:- لم أطلي أظافري!! ولم أصفف شعري برفعه لائقة للحفل؟ ابتسم هاني وقال بتؤدة:- رنيم ..هنا لن تجدي من ينتقد إطلالتك ويقيمها بالعلامات، لأنهم لا يعبئون بفزلكات وزيف المظاهر.. كل ما يتوجب عليكِ فعله، ان تفرحي معهم. العرس كان على أشده حين وصلا، انضما إلى الحشد يتفرجان على الزفة.. الرجال يصفقون بكفوفهم بقوة والنساء يرشون على العروسان الملبس الملون المخلوط بالأرز، أما الصغار يتهالكون ليجمعوا الحلوى، ثم يضعونها بأفواههم يلكونها وهم يلهون ويعبثون في كل الأماكن بصخب.. بدت المفاجئة واضحة على وجهه رنيم:- هذا الحفل مختلف تماما عن ما رأيته في أي عرس. كانت الساحة منقسمة إلى جهة خاصة بالنساء قعدن بها داخل صيوان واسع ينشدن الأهازيج للعروس الخجولة الجالسة فوق كوشة مزدانة بالأضواء الملونة وتعليقات الزينة.. بالجهة المقابلة من الساحة اجتمع الرجال في الهواء الطلق يتبادلون التهاني وشربون القهوة السادة، فيما موسيقى آلات القِرَب والمزامير تصدح بقوة، أشتد حماس الشباب بأداء الدبكة، فوقفوا بصفين متقابلين أحدهم يتقدم والآخر يتأخر، ثم يستديروا ويتبادلوا الأدوار.. مجموعة أخرى تحلقوا بدائرة حول العريس ثم حملوه على أكتافهم وساروا به إلى وسط الساحة.. فوجئت رنيم عندما شعرت بالمتعة في الأجواء، بهجة الفرح الريفي الصادق العفوي انتقلت إليها، وجدت نفسها شيئا فشيئا تضحك وتصفق مندمجة مع النسوة اللواتي يطلقن الزغاريد ويرقصن بالمدارق المزركشة المشغولة يدويا.. في كثير من المرات كانت تلتفت باتجاه مجلس الرجال فتجد من بعيد عيناي هاني مركزتان عليها.. فجاه دنت منها أم مزنة وشدتها من مقعدها تدعوها لرقص معهن، أخذت رنيم تتماها منسجمة مع حركاتهن، بتلك اللحظة اشتبكت نظراتها بنظرات هاني ولم يستطع أي منهما مقاومة الابتسام.. _____________________ - يجدر بي ان أجد وظيفة باسرع وقت، ثم أبدأ بالبحث عن مكانا أخر لننتقل إليه. أومأت خالتها توافقها:- حياتنا من هذه اللحظة ستتغير وتنقلب كليا.. لعله خير أن شاء الله لم تتوقع تالا أنها ستلاقي صعوبة في العثور على عمل.. عبئت الكثير من نماذج التوظيف، وأجرت ثلاث مقابلات اكتشفت من خلالها حاجتها إلى أوراق تدريب، وخبرة كافية لا تقل عن عامين لتصبح طاهيه في مطابخ المطاعم والفنادق.. جميع من قدمت لديهم طلبات قالوا لها أن تدون رقم هاتفها وتنتظر اتصالا، لكن أي منهم لم يتصل بها.. - الشريف طلال قادر على المساعدة، بطاقة توصية منه ستحل المشكلة. هذا ما قالته خالتها تغريد لتخفف شعور الخيبة عن تالا التي أجابتها:- أعرف .. لكنني لا أريد اللجوء للعمل بالواسطة. - هكذا تجري الأمور يا حبيبتي.. وألا لن تجدي من يوظفك رغم شهادتك وبراعتك ومهارتك. ردت مشددة على كلماتها:- لا بد وان أجد فرصتي لوحدي. أكملت وكلها عزم ومثابرة:- واثقة أنني استطيع ذلك دون ان أكون محسوبة على أحد.. يجب أن اعتمد على نفسي. قررت تالا أن الأمور مهما ساءت معها، لن تهرع باكية تشكو لشريف طلال أو لشريفة تيتيان لمساعدتها ونجدتها.. لن تزج أي أحد بمشاكلها.. لن تستسلم بل ستواجه وستجد الحلول موقنة واثقة أن الله عز وجل لن يضيعها، فما من باب يقفل ألا ويفتح باب أخر بإذنه سبحانه. كانت تتجول بالطرقات عندما وجدت نفسها أمام مطعم فطائر السيدة نهلة.. دفعت الباب الزجاجي الذي علق عليه لوحة إعلان كتب عليها بالأسود العريض ( للبيع ). علمت من السيدة نهلة ان أبنها المغترب في كندا أنهى معاملة إقامتها معه وحجز لها تذكرة الطيران، ولهذا اضطرت لعرض المحل ومسكنها في الطابق الثاني للبيع، وضعت السيدة نهله أمامها فنجان القهوة تقول شاكيه:- موعد سفري بعد خمسة أيام، ولم يتقدم أحد لشراء المطعم. تنهدت تالا بأسى، نظرت حولها هامسة:- يحزنني إقفاله.. هذا المكان له عبق ذكريات جميلة مع الشريفة حياة رحمها الله.. كانت تحبه كثيرا. وفجأة لمعت في ذهنها فكره.. ظنت لوهلة أن فيها كثير من التحديات والمجازفات، لكنها أبت ألا أن تخوض غمار تلك التحديات والمجازفات.. بعد حديث مطول استطاعت تالا أقناع السيدة نهلة بتأجيرها المسكن والمحل.. أسرعت تالا بإحضار خالتها لرؤية المكان.. صعدتا الدرجات القديمة إلى الطابق الثاني لمشاهدة الشقة.. ضغطت السيدة نهلة فوق زر الإنارة فارتجف الضوء في اللمبة وكاد ينطفئ، لكنه استعاد قوته.. علقت خالتها:- التمديدات الكهربائية شبه معطلة.. تابعت وهي تجول بين الغرف:- الجدران تحتاج إلى طلاء.. المطبخ ضيق والخزائن قديمة الطراز.. تنهدت تغريد تهمس خائبة:- المكان يا تالا خرباً. - المهم ان هنالك سقف يظللنا معا.. قالت تالا جملتها وهي ترفع رأسها للأعلى فأبصرت بقعه كبيرة في السقف تتسرب منها المياه.. قالت السيدة نهلة وهما تنزلان الدرجات باتجاه المطعم:- يتوجب ان أنبهك لأمر هام.. في حال تم بيع الxxxx لمالك جديد ربما تضطرين للأخلاء الفوري. أومأت تالا:- حسنا اتفقنا سيدة نهلة.. أعدك أنني لن أتسبب في عرقلة بيع الxxxx.. وسأكون ايجابية ومتفائلة في توقعاتي، فلربما لن أضطر للإخلاء وأتمكن من التفاهم مع المالك الجديد لإبرام عقد إيجار معه. استأجرت تالا الشقة المتواضعة من المال الذي كانت تدخره على مدار سنوات.. وتعهدت لخالتها:- اطمئني سأقوم بأجراء صيانة وتصليحات تشمل الطابقان، وعندما تنتهي التجديدات سترين الشقة والمطعم بشكل مختلف تماما وسينالان إعجابك.. أردفت وهي تغمرها بسعادة:- سيكون لنا عمل نؤسسه لأنفسنا.. وبيت خاص بنا، نأوي له ونعيش به.. *************** لم تتوقع تالا رؤية شهاب قبل انتقالها من القصر، ولهذا ارتبكت لما صادفته ذات صباح جالسا في الصالون وأمامه جهاز الحاسوب.. بغتة رفع رأسه عن الشاشة، سألها:- كيف حالك؟ - الحمد لله.. - وصحتك؟. - جيدة جدا. - تبدين كذلك فعلا. نهض برشاقة على قدميه وتقدم خطوه ناحيتها، قال وفي صوته حدة ممزوجة باهتمام بالغ:- قيل لي أنك ستنتقلين من القصر.. لما هذه السرعة؟! أجابته باقتضاب:- وجدتُ مكانا لسكن والعمل.. أرخى شهاب ربطة عنقه وفتح أزرار قميصه العلوية كمن يشعر بضيق تنفس ويحتاج للهواء بالولوج إلى رئتيه.. بعينان ضيقتان وصوت جاف رد:- مازلتِ إذن مصرة على عنادك وترفضين ان أسجل بيتا وسيارة باسمك. قالت بثقة:- أصبح لدي بيت، ولن احتاج إلى سيارة أتنقل بها، فعملي سيكون في نفس محل إقامتي. انتابها إحساس خفي انه يعلم بكل تحركاتها، لكنه يرغب بسماع التفاصيل منها شخصيا:- تعرف الموقع جيدا.. مطعم السيدة نهلة، هي ستسافر إلى كندا حيث أبنها.. يبدو أنها من فترة عرضت المبنى برسم البيع، لكن ما من مشتري، ولهذا وافقت على تأجيري المكان.. هناك أستطيع أن أقيم وأصنع الحلويات وأبيعها. أستحضر شهاب من ذاكرته كلمات حياة:- في يوم ما تالا ستفتتح متجرها الخاص الذي سيتهافت عليه الزبائن، وستغدو أشهر وأهم بائعة حلوى في الوطن. أخذ نفسا عميقا وقال يفاجئها:- حسنا يا تاليا .. سأحترم قرارك بعدم قبولك مساعدتي بالبيت والسيارة.. لكن تأكدي أني سأكون دوما إلى جانبك متى احتجتني. ************* وضعت يحيى في سريره لأخذ قيلولة الظهيرة، انتظرت قربه حتى تأكدت من نومه، أحكمت الغطاء حوله وخرجت على أطراف أصابعها تغلق الباب بهدوء.. في تلك اللحظة اتصلت بها السيدة نهلة. قالت أنها تلقت عرضا لائقا لبيع المبنى وقد أعطت كلمتها بالموافقة. بأعصاب متوترة ترقبت تالا قرار مالك الxxxx الجديد، خشيت أن يشترط إخلاء الxxxx وهذا يعني فشل مشروعها قبل ان تبدأه، أو أن يطلب سعرا أعلى للإيجار وهنا سيتطلب الموضوع الدخول في مفاوضات وسجالات.. لكن ما حدث كان مغايرا لكل ما توقعته.. ففي ذات المساء توجهت إلى المطعم وبحضور السيدة نهلة التقت المساعد الشخصي للمالك الجديد، والذي أخبرها بأنه نظرا لانشغالات مديره قام بتوكيله رسميا لشراء الxxxx ومتابعة كل ما يخص المبنى.. وأعلمها كذلك بعدم ممانعته من تأجيرها المسكن والمحل وفق البنود المتفق عليها مسبقا. أصغت تالا لحديث المساعد:- مديري تحدث بشأنك مع السيدة نهلة، أنها تعزك وتقدرك فقد مدحتكِ وأثنت عليكِ بكلامها، ذلك جعله يعجب بفكرة مشروعك في افتتاح متجر الحلويات، ولهذا قرر ان يقوم بتحديثات للمبنى بأكمله مع إعادة تجديد التصميم الداخلي للمطعم. هتفت تالا بلهفة غير قادرة على كتم ابتهاجها:- من الرائع تحديث البناء وتجديد ديكور المطعم!! ما لبثت أن تراجعت تسند ظهرها للمقعد، تنحنحت واستفهمت بجدية:- عفوا .. ماذا بخصوص التكاليف المالية لأجراء التصليحات والتحسينات؟.. هل سيترتب علي دفعها لاحقا بإقساط؟.. أم ستضاف على الإيجار الشهري؟ أوضح المساعد بشكل لا لبس فيه:- التكاليف كاملة ستكون على حساب المالك.. لن يترتب عليكِ دفع أي مستحقات مالية. علقت تالا حائرة:- عادتا رجال الأعمال والمستثمرين يستردون أموالهم بمبالغ مضاعفة. قال المساعد كمن يضع حدا لتساؤلاتها:- من حظك ان المالك داعم لمشاريع تمكين المرأة والتنمية الشبابية. أنهت تالا اللقاء وخرجت إلى الشارع تسير في الطرقات تكاد تطير من الفرحة، تشعر لأول مرة في حياتها أن الدنيا بدأت تضحك لها. نهاية الفصل الثامن والعشرون بانتظار أرائكم وتعليقاتكم فلا تحرموني منها | |||||||
|
| |
|
10-03-21, 11:20 PM
| #1517 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| 😍😍😍😍😍😍😍😍😍😍 الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 21 ( الأعضاء 9 والزوار 12) دنيازادة, منال سلامة, رشيدة أحمد, اويكو, م ام زياد, Rinalka78, ريناااات, yasser20, Msamo | |||||||
|
| |
|
11-03-21, 12:28 AM
| #1519 | ||||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| اقتباس:
حضورك الجميل تالا ابتدت تخرج من قوقعتها وتسعى لتنفذ طموحاتها وتشعر باستقلاليتها وحريتها باختيار مساراتها الشكر موصول لكِ ولتفاعلك الرائع | ||||||||
|
| |
|
11-03-21, 12:29 AM
| #1520 | |||||||
| نجم روايتي وشاعرة متألقة في القسم الأدبي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء والمحققة الأعجوبة
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 32 ( الأعضاء 12 والزوار 20) دنيازادة, دنيا الحياة, Waafa, hinata12, yasser20, وجدان1417, منال سلامة, رشيدة أحمد, م ام زياد, Rinalka78, ريناااات, Msamo | |||||||
|
| |
 |
| أدوات الموضوع | |
| انواع عرض الموضوع | |
|
|
71Likes
.png)
العرض العادي
