آخر 10 مشاركات
سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          124 - مر من هنا - آن شارلتون (الكاتـب : pink moon - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )           »          معذبتي الحمراء (151) للكاتبة: Kim Lawrence *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          409 - غدا لن ننسى - تريزا ساوثويك (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          عمل غير منتهي (85) للكاتبة : Amy J. Fetzer .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          في محراب العشق "مميزة","مكتملة" (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > مـنـتـدى قـلــوب أحـــلام > منتدى قلوب أحلام شرقية

Like Tree9Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-08-19, 11:15 PM   #61

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي


قمر فتاة رائعة تهتم بكل من حولها
تحاول مساعدة الجميع ....
بالرغم من جرح قلبها ما زالت قوية
..
ها هى تحاول حل مشكلة صديقتها تماضر
وتريد حمايتها من الاذي
كما انها استمعت ل مشكلة عائشة و حاولت
إيجاد حل لها....والتخفيف عنها
تسلم ايدك ❤❤❤❤




زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-19, 03:17 PM   #62

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة affx مشاهدة المشاركة
غريبة قصة عائشة اذا اخوها بدرس ليش مانع اخواته يدرسوا؟؟يعني هنن ياخدوا ابتدائي وهو جامعة ؟!مش فاهمة ليش هيك .
غبية عائشة كان لازم من اول ما عرفت بخيانته تتركوا بتمنى تلاقي شخص يحبها بعيدا عن ايمن الخاين.
ندى بحسها مريضة نفسيا ما حبيتها .
تماضر شو قصتها مع شادي؟هي غبية هل البنت شو بدها في لترجعلوا هل البنت لازمها ترباي من اول وجديد .شادي شو بدو من تماضر وليش رجعلها هاد متل الحية .
شو قصة قمر ومالك وشو عملت شيماء فيهم؟
قمر وزيد حسيتهم لابقين لبعض اكتر قمر بتنفعل وبتعصب من زيد مو متل مالك بحسهم هادين زيادة عن اللزوم اما مع زيد في روح لعلاقتهم .

التحكم الذكوري هو السبب لأنه هو ذكر و هن إناث...مشهد في الفصول القادمة هيبين ها الشيء
هي بالفعل أخطأت عندما أعطته فرصة، لكن شفتي فالأخير رغم أنه أهلها عرفوا أصر علاء ترجعله و رغم رفضها ممكن الظروف تتركه يخليها توافق
هنشوف إذا مصيرها هيكون مع أيمن أو شخص آخر في الفصول القادمة بإذن الله
تصرف ندى قايم على وضعها، كشخصية متخلي عنها باباها و ما بيسأل عليها فحياته و حتى أنها ما تحصل على حقها الشرعي و القانوني من أمواله كابنته من طليقته بعكس أخويها من مراته الأخرى...و كبنت تواجه مرارة الحياة مع مامتها حتى تعيش بدون حاجة لمال خالها و حتى انها اضطرت تترك دراستها لفترة هو وضع ممكن يأثر على شخصيتها و طريقة تفكيرها...لكن ما بنفي إنها كانت غلطانة من غيرتها من قمر
قصة تماضر و شادي و مالك و قمر القديمة هتظهر مع الأحداث في الفصول القادمة...الكل هينذكر في الوقت المناسب
هنشوف إذا قمر هتكفي مع مالك أو زيد مستقبلا، لكن بدي تركزي على شخصيات الثلاثة طوال الفصول القادمة و مع سير الأحداث ممكن تستنتجي مين الشخص الأصح ليرتبط بيها في المستقبل
تسلميلي يا نيلووو 😍💖


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-19, 03:20 PM   #63

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ahmedman2010 مشاهدة المشاركة
#عجبني اوي الوصف ده رغم حزنه
(قالت عائشة بهدوء:" أنا مخلوقة عجنت طينتها من ماء حزن، لترى الناس من حولها سعداء فتظل تبحث عن تلك السعادة حتى وجدتها لتكتشف في النهاية أنه مجرد وهم")
#صدمة ندي لمعرفتها بان قمر غنية وكرهها الأغنياء بسبب والدها الاناني الغني لا عرف الابوة سوي مع ولديه من زوجته الثانيه اما هي لايأبه لها
#فهي تعمل لكي تعين والدتها
صغبت عليا اوي
#مفيش اصعب من اب صامت تارك ابنه يتحكم في بناته لمجرد انهم بنات مش حقهم الدراسه فماذا ستستد وهي في النهاية ستتزوج ايه القهر ده اخذين حقهم في الاختيار
#عائشة كانت مفروض عملت زي أختها اللي تصرفها عجبني جدا وهروبها من المنزل رغم انه امر سئ الا انها لو مش عملت كده هيتهدم حلمها وتكون زوجة لاخر مجبورة
#ايمن بعدما احبته خانها بعظما اعتقدت ان القدر في صفها
#دايما اسمع مقولة ان لا كبرياء مع الحب وانه بيقتله
#قمر تري كبريائها اهم من حبها لمالك حتي لما رأت ندي تدعي انها تريد المحاضرة من محمد قالت في نفسها ما هذا كبريائي اولي
#علي ما اعتقد بما ان شخصيتها كده هتقتل حبها لمالك في النهاية وممكن تحب يزيد اللي بيحبها ويطاردها ولكنها لا تريده

حبيت تحليلك للأحداث و الشخصيات رنوش
هو بالفعل لا يوجد كبرياء مع الحب و رغم أنه قمر سيدة الكبرياء هي وفية كمان
هنشوف إذا كانت هتحب زيد أو هتتراجع على كبريائها في الآخر
تسلميلي يا قلبي⁦❤️⁩


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-19, 03:26 PM   #64

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عشقي بيتي مشاهدة المشاركة
رووووووعه الفصل فاطمةوطويل وممتع بجد
قمر وشخصيتها الحمائيه لصديقاتها اعجبتني شخصيه قويه وواثقه من نفسهاوقراراتها
عائشه مشكينه وقعت ضحيه انسان خائن ومعقدلانه يغلط يظن ان الناس مثله لايعرف بان هناك قلوب نقيه وصادقه ....
اتذكر مقوله لدكتور عندمااخبرته ان صديقتي زوجها لايعجبه ان تتعالج عند رجل بل امرأه قال لي ..مادام الداخل وسخ فالخارج وسخ
اعتذر عن اللفظ بس حقيقه كلامه
تماضر ماذافي انتظارها في حفلةشادي ارجو ان تكون امورهاطيبه ولاتتهور في تصرفاتها
موقف ابراهيم شهم ورجولي جدا
يسلمو يداتك يامبدعه امتعتيني جداجدا بالفصل
موفقه حبيبتي باذن الله

تسلميلي يا حبيبتي
أحببت تحليلك و نظرتك حول الشخصيات
هنعرف إيه هيحصل لتماضر في الفصل القادم بإذن الله
إن شاء الله يعجبك القادم كمان
تحياتي وودي حبيبتي⁦❤️⁩


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-19, 03:29 PM   #65

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهرة الغردينيا مشاهدة المشاركة
قمر فتاة رائعة تهتم بكل من حولها
تحاول مساعدة الجميع ....
بالرغم من جرح قلبها ما زالت قوية
..
ها هى تحاول حل مشكلة صديقتها تماضر
وتريد حمايتها من الاذي
كما انها استمعت ل مشكلة عائشة و حاولت
إيجاد حل لها....والتخفيف عنها
تسلم ايدك ❤❤❤❤

تسلميلي يا زهرة
بالفعل قمر شخصيتها حمائية و بتفكر فأصدقاءها أكثر من نفسها و ها الشيء هنشوفو طوال الفصول القادمة
سعيدة بمرورك و متابعتك
تحياتي وودي⁦❤️⁩


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-08-19, 04:33 PM   #66

حفصة عزوز

نجم روايتي وقاصة في قلوب أحلام وراوي القلوب وقاصة هالوين

 
الصورة الرمزية حفصة عزوز

? العضوٌ??? » 426673
?  التسِجيلٌ » Jun 2018
? مشَارَ?اتْي » 458
?  نُقآطِيْ » حفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond reputeحفصة عزوز has a reputation beyond repute
افتراضي

جاري القراءة
❤💛💚💘💕💝💖💙💜💗💟💞💓😍😘


حفصة عزوز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-19, 07:18 PM   #67

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الخير
عيدكم مبارك سعيد و كل عام و أنتم بخير
جعل الله حياتكم مليئة بالأعياد أعزائي
سيتم تنزيل الفصل الثالث بعد لحظات
قراءة ممتعة مسبقا


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-19, 07:21 PM   #68

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث
:

(ما زلت كما بالأمس ، ألوّحُ بالقلبِ لهم ..
ثمّة وداع يبقى ، ثمّة رحيل يتركُ في الرّوحِ محطّة !
مظفّر النوّاب)


توقفت سيارة الأجرة أمام المقهى الأنيق الذي يقع في إحدى المناطق الراقية بقلب العاصمة... نقدت السائق ثم ترجلت من السيارة لتخطو بثبات إلى مدخل المقهى...لمحت نادلا في طريقها فسألته بحلاوة عن مكان شادي مفيد، فأخبرها أنه قد حجز الطابق العلوي من أجل احتفاله المسائي...
صعدت الدرج برشاقة و تألق...عيناها تشعان بسعادة للأفكار الجنونية التي تريد أن تقوم بها هذا المساء لتفقده عقله...أو ربما تحتل قلبه كما احتل قلبها منذ سنوات...توقفت عند المدخل فجأة و هي تفكر: "ماذا إن كان قد دعا أحد أصدقائهما أيام الثانوية؟"
تسمرت في مكانها لمجرد الفكرة و قلبها يخفق بعنف، حاولت الاستدارة و الفرار بعيدا لكن الأوان قد فات، فقد التقت عيناها بعيني صاحب الحفل و بإيماءة بسيطة من رأسه كانت تستعيد ثقتها و تدلف إلى الداخل...
تعلقت الأعين بها أثناء سيرها برقة ناحيته، لتنحرف فجأة و تجلس على مقعد طاولة شاغر هامسة في سرها: "إن كان يريد أن يلقي علي التحية، فليأتي بنفسه و ليفعل ذلك".
لم تخف عليها نظرات الإعجاب التي رمقها بها أكثر من شاب حولها...تضخم قلبها غرورا و هي تضع ساقا فوق الأخرى ثم ألقت نظرة عابرة على شادي لتجده ينظر إليها و هو يتحدث مع أحد زملائه...نظرت إليه بتمعن و همست في سرها بغير تصديق: "إنه أكرم صديقه المقرب أيام الثانوية".
رؤيتها للوجه الطفولي الذي يخفي الكثير خلف قناع طفوليته جعلها تستعيد ذكرى سيئة تعود إلى ثلاث سنوات...عندما استعارت دفتر الفيزياء من هذا الأخير بعد أن تغيبت عن إحدى الحصص الدراسية و عندما كانت ستعيده له بداية الأسبوع وضعت فيه ورقة تخصها بغير قصد ظانة أنه دفترها لأنهما يحملان نفس الغلاف الخارجي...لتتفاجأ عندما لحق بها أكرم وقت الراحة أثناء توجدها مع قمر و طلب منها التحدث عن انفراد، ليخرج لها الورقة التي كتبت فيها اسم حبيبها محاطا بالقلوب الحمراء فتحمر خجلا و تحاول نزع الورقة من يده لكنه أبعدها عنها ليقول بجدية: "هل تحبين شادي؟"
لم يكن هناك مجال للإنكار، فالورقة و ردة فعلها أظهرتا مدى تعلقها به و خوفها من أن يعرف أحد بهذا الحب...وعدها أكرم أن الأمر سيبقى سرا بينهما، حتى أنه مزق الورقة أمامها و ألقاها بسلة المهملات...لكنه أخلف الوعد في النهاية بعد شهور من التخطيط للأمر، و عرف جميع زملائها أنها معجبة بشادي و لم يتوقفوا عن السخرية منها...
اقتلعت الذكرى السيئة من عقلها مقررة أنها أتت لترفه عن نفسها و تحرق الماضي كله قبل أن تحرق قلب شادي عندما تناله...تمنت في لحظة لو جرؤت و جعلت أكرم يتعلق بها بدوره لكنها كانت تعرفه أنه من سيفوز عليها، و ربما سينتهي بها الأمر كلبنى -زميلتهما التي كان يواعدها أيام دراستها معه- و غيرها من الفتيات الكثيرات التي أخبرتها قمر عنهن و اللاتي لا تعرف عنهن شيئا...
لمحته يلتفت إليها بعد أن كان شادي شاردا بالنظر إليها، فينعقد حاجباه بريبة قبل أن يسأل شادي عن شيء فيومئ برأسه...عرفتهما يتحدثان عنها قبل أن يتحركا ناحيتها فأخذت نفسا عميقا ثم رفعت ذقنها بإباء دون أن تتوقف عيناها على إطلاق سهامها على أكرم بالتحديد...
ما إن وقفا أمامها حتى قال أكرم بدهشة بدت مصطنعة جدا:" أنت تماضر، أليس كذلك".
غمغمت بثقة: "أنا".
قال أكرم ببشاشة: "أتصدقين أنني لم أعرفك حتى أخبرني شادي بذلك، لقد تغيرت كثيرا".
-"كلنا نتغير".
غمغمت بها باقتضاب منهية الحديث بينها و بينه ثم التفتت إلى شادي لتقول بحلاوة: "آسفة على تأخري".
قال بهدوء:" لا عليك جميلتي، المهم أنك أتيت في النهاية".
ابتسمت له في نفس الوقت الذي انبعثت فيه موسيقى صاخبة في المكان...لمحت بعض الأشخاص الذين تركوا مكانهم ليرقصوا على إيقاعاتها و رفضت بلباقة دعوات بعض المتواجدين للرقص معهم...ظلت في مكانها تراقب شادي التي اعتذر منها قبل لحظات ليتوجه ناحية فتاة ذات شعر طويل جدا...تساءلت في نفسها:" أهذه هي هدى الذي حدثتني عنها قمر؟"
كان يبدو على الثنائي و كأنهما يتشاجران حول أمر ما قبل أن تنصرف الفتاة و هي على وشك البكاء...لمحت شادي يتحرك ناحية النادل ليطلب منه إيقاف الموسيقى المنبعثة من التلفاز...توقف الراقصون عن الرقص في الوقت الذي سحب كرسيه إلى وسط القاعة ثم جلس عليه ليحضر له جيتاره...قال شادي بهدوء و هو ينظر إليها: "هذه الأغنية التي سأعزفها الآن إهداء لشخص عزيز على قلبي".
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها و أحست بنظرات الموجودين تخترقها...ادعت اللامبالاة و هي ترتشف من عصيرها في نفس الوقت الذي بدأ فيه العزف...ارتفعت عيناها ناحيته فجأة و قلبها يخفق بعنف و هي تسمع بداية لحن الأغنية الغربية قبل أن تنساب الكلمات من بين شفتيه بصوته الشجي...إنها هي، نفس الأغنية التي غناها ذلك اليوم قبل ثلاث سنوات...اليوم الذي أقرت فيه بأنها تحبه...تساءلت في نفسها عن السبب الذي دفعه لاختيار هذه الأغنية: هل الأمر مجرد صدفة؟ أم أنه أراد إحياء تلك الذكرى؟ توقف عن الغناء فانتبهت أخيرا أن الأغنية قد انتهت عندما تعالت تصفيقات الجمهور...وجدت نفسها تقف ملتقطة حقيبتها ثم تتحرك ناحية الباب لتغادر مفكرة أن قرارها السابق بأن تنال قلبه خاطئ جدا...
قبل تجاوزها مخرج المقهى أحست بيد تمسك بها و تسحبها إلى الخارج حتى إحدى الشوارع الجانبية الخالية...أسندها على الحائط و وقف مشرفا عليها ليغمغم بجدية: "لم هربت؟"
-"لم أهرب، كل ما في الأمر أن علي الذهاب...أختي الصغيرة وحدها في البيت كما أنه علي المراجعة لامتحان الغد".
نزعت قبضته الممسكة بيدها فرفع كفه ليسحب إحدى خصلات شعرها الشقراء المموجة و هو يقول: "لم أخبرك أنك تبدين جميلة جدا اليوم".
انزلقت يده تداعب وجنتها ثم عنقها قبل أن يقول بصوت مغوٍ: "صدق من سماك تماضِر فأنت بيضاء و ناعمة كالقشدة".
تعالت وثيرة أنفاسها و نبضات قلبها...أحست بالانتشاء و كل ما كانت تتمناه في الماضي يتحقق الآن، رفعت يدها لتلامس لحيته ثم قالت بصوت مبحوح:" حتى أنت أصبحت وسيما...لقد زادتك اللحية وسامة".
ثم انسلت من بين يديه قبل أن يتهور أحدهما و هي تقول: "إلى لقاء قريب شادي مفيد".
تتبعها بنظراته حتى اختفت من أمامه فزفر بعمق قبل أن يقول: "يبدو أن المراهقة البلهاء قد تعلمت ألاعيب الكبار طوال السنوات الماضية، سيكون أمر إخضاعها صعبا لكن ممتعا"....
*********************************************
-"ماذا؟"
نظرت إلى أمها باندهاش و كأنها تنتظر منها أن تنفي ما قالته الآن حول دعوتها لماجدة و مجد لتناول العشاء يوم غد بالتأكيد مع حضور أفراد العائلتين المقربين...قالت أمها بجدية:" لم صدمت؟ أتذكر أنني فعلت الأمر نفسه عندما خطب سليم".
أجل، تتذكر قمر أنها قامت بدعوة سليم و عائلة خطيبته نهال لتناول العشاء قبل أشهر، لكن أن تدعو مجد و عائلته فهذا أمر يزعجها...هي حقا لا تكن أي شيء حول عائلة خطيب ابنة ابن عم والدها، لكن وجود زيد ضمن هذه العائلة هو من يزعجها...زفرت بحنق و منعت نفسها من طرح سؤال احتمال وجوده على والدتها حتى لا تظن بها الظنون ثم تعللت برغبتها في مراجعة بعض المحاضرات حتى تنزوي في غرفتها...انهمكت في المراجعة لساعات حتى حان موعد نومها، فاستلقت على السرير بتعب و قبل أن تغفو كان لسانها يدعو الله أن يصاب زيد بأي شيء حتى لا ترى وجهه مساء يوم الغد...
عندما استيقظت صباحا وجدت الجميع في حالة تأهب: مدبرة المنزل و ابنتها التي تأتي لمساعدتها في المناسبات المهمة كانتا معا تنظفان البيت، بينما سمعت والدتها تملي على السائق الأشياء التي يجب أن يحضرها من المركز التجاري...تبرع والدها بأن يقلها إلى الجامعة بما أن السائق غير موجود، فظلت طوال الطريق صامتة تبتسم بشكل دبلوماسي أثناء حديث والدها عن اهتمام والدتها المبالغ فيه بالدعوات التي تقيمها في البيت و رغبتها بأن يكون كل شيء كاملا...تابعت محاضرتها بذهن شارد و عند منتصف اليوم حمدت الله أنها لم تلتقي بمالك أو زيد بداخل الحرم الجامعي لتتذكر أن مجموعتهما لا تدرس حتى المساء هذا اليوم...وجدت السائق في انتظارها فانصرفت مودعة زملاءها على أمل اللقاء اليوم الموالي...
كان المنزل لامعا عند وصولها، وجدت والدتها في المطبخ تقدم للخادمة التعليمات حول طعام العشاء...كانت تتكلم عن الحلوى فقالت قمر: "ما رأيك يا أمي أن أهتم أنا بإعداد الحلوى؟"
التفتت والدتها قائلة: "لقد أجفلتني يا قمر متى عدت؟"
-"لقد عدت لتوي و سمعتكما...أريد حقا أن أهام بإعداد الحلوى...ليس لدي ما أقوم به هذا المساء على أية حال، لذا أتمنى أن تسمحي لي بذلك".
أومأت نجاة برأسها ثم قالت: "حسنا حبيبتي كما تشائين".
توجهت إلى غرفتها و غيرت ثيابها لتفتح درج مكتبها و تبحث عن مذكرتها القديمة التي كانت تكتب فيها طريقة تحضير الأطباق التي تعلمتها من جدتها طوال المدة التي عاشت فيها بقلب منزلها...لم تكن والدتها تجيد الطبخ فاهتمامها بدراستها و زواجها في تلك الأثناء منعها من التعلم كما لم تكن لديها رغبة لتعلمه بعكسها هي كانت تحب أن تقضي وقتها في المطبخ تصنع العجائب من مكونات بسيطة...نزلت إلى الطابق السفلي و دلفت إلى المطبخ لتخرج ما تحتاجه و تبدأ بإعداد ما تريده بحماس...دلف والدها إلى المطبخ عند عودته من العمل و هو يقول: "لقد وصلني خبر عاجل أن ابنتي الجميلة تعد طعام العشاء للضيوف".
ضحكت قمر ثم قالت ببشاشة: "أعد الحلوى فقط، و إذا سمحت لي الخالة زينب سأعد المقبلات أيضا".
-"بالتأكيد عزيزتي...يمكنك أن تعدي ما تريدينه".
ابتسمت للمرأة التي تعتبرها أما ثانية لها ثم قالت لوالدها الذي توجه ناحية الثلاجة ليرى ما أعدت ابنته:" لا تنظر يا أبي، لا أريدك أن تفسد المفاجأة".
قال كمال ببشاشة: "حسنا صغيرتي، أتمنى فقط ألا نصاب بالتسمم في النهاية".
زمت شفتيها بغيظ فضحك والدها عاليا قبل أن يراضيها بقبلة على جبينها و ينصرف...أنهت من إعداد الحلوى الثانية و بدأت في إعداد المقبلات...بعد وقت طويل كانت تطلب منها الخادمة الانصراف لتعد نفسها و هي ستتابع العمل بدلا عنها فأومأت برأسها و صعدت لغرفتها لتنتعش...فتحت الخزانة تبحث بحيرة قبل أن تلتقط فستانا ورديا لترتديه...تركت شعرها منسدلا و اكتفت بتزيينه بمشبك فيروزي و كأنها تعلن ملكية قلبها لصاحب العينين الفيروزيتين حتى في غيابه...
سمعت صوت توقف سيارة بجوار بيتهما، فتوجهت إلى الشرفة لتلمح مجد الذي ترجل من السيارة برفقة والديه و أخيه الأصغر زيد...زفرت بحنق ثم دلفت إلى الداخل و هي تهتف بغضب: "و كأن حدثا تاريخيا سيفوته إن تخلف عن الحضور".
وقفت أمام المرآة تعدل هيئتها و هي تتنفس بسرعة لتستعيد هدوءها النسبي و هي تهمس: "لا بأس، لا بأس قمر لن يستفزك أمام الجميع و حتى إن فعل ذلك أجيبيه بإحدى تعليقاتك الباردة ليتوقف عن حده".
ابتسمت لهيئتها ثم سارت ناحية الطابق السفلي، لمحت والداها يرحبان بماجدة ووالديها فسارت لتسلم عليهم بمودة قبل أن يتجهوا إلى البهو حيث جلس البقية...ألقت تحية المساء بأدب ثم جلست بجوار والدها دون أن تنظر نحو المستفز الذي كان منشغلا بالعبث بهاتفه...اهتز هاتفها بجوارها فرفعته لتقرأ الرسالة التي وصلتها من الرقم غير المدون: "مساء الخير لك أيضا...يليق بك الوردي يا وردية".
حذفت الرسالة دون أن تلتفت ناحيته ثم تابعت الاستماع إلى الحديث الدائر بين رجال العائلة حول السياسة و كالعادة لم تمنع نفسها من إبداء رأيها في الموضوع فكان والدها يستمع إليها و هو يبتسم بفخر لابنته الوحيدة...و لم تغفل عن نظرات زيد المعجبة و محاولته أن يستفزها بتمسكه بالرأي المخالف لرأيها فصمت الجميع مستمعين إلى نقاشهما المضاد بتسلٍ ليقول والدها فجأة و هو يلمح زينب التي بدت ترص الأطباق استعدادا للعشاء:" لم لا نؤجل جو (الاتجاه المعاكس) لما بعد العشاء؟"
وافقه والد مجد الرأي و التف الجميع أمام الطاولة، جلس الوقح قبالتها و على شفتيه ابتسامة واسعة جعلتها ترمقه بنظرة نارية و مما زاد الطين بلة قول والدتها: "أتمنى أن يعجبكم العشاء، لقد أشرفت قمر على إعداده بنفسها".
شرقت قمر ثم قالت بعد أن ارتشفت من كأس الماء الذي قدمه لها والدها و هو يربت بقلق على ظهرها: "لا تبالغي أمي لم أعد سوى الحلوى و بضع مقبلات".
لتتفاجأ عندما قال زيد و هو ينظر إلى المقبلات التي أمامه: "ما الذي أعددته بالضبط؟"
نظر إليهما الجميع باهتمام في الوقت الذي غمغمت فيه: "عفوا؟"
أعاد سؤاله بتطلب: "قلت لك ما الذي أعددته بالضبط، أريد أن أتذوق طعام زوجتي المستقبلية".
انفجر الجميع ضاحكا، أما هي فقد تمنت لو جرؤت أن تلقي عليه كأس العصير الذي يجاورها... كان والده من قاطع وصلة الضحك بقوله: "أنهي دراستك أولا و بعدها فكر بالزواج".
-"كنت أمزح فقط يا والدي، أتمنى ألا تغضبي مني يا قمر".
حركت رأسها بلامبالاة ثم تابعت تناول طعامها و كأن شيئا لم يكن...عندما جلسوا في البهو مجددا لتناول الحلوى أشارت إليها والدتها بعينها فزمت شفتيها قبل أن تعتذر من الجميع لتتجول في الحديقة ثم طلبت منه بأدب أن يرافقها في جولتها...تحركت تسبقه و هي تقول بصخب: "و كأنني طفلة صغيرة تستبعد عن نقاشات الكبار".
-"لقد أبعدتنا والدتك خوفا من أن نتعارك بعد نقاش جديد مجددا".
قالت بملل: "صدقا لا يهمني رأيك في أي شيء و لن يؤثر في نفسي مثقال ذرة حتى أتشاجر معك".
قال بسخرية: "أعرف مقدار نفورك مني آنستي".
زفرت ببطء و هي تجلس على الأرجوحة الكبيرة، فجلس على الطرف الآخر و هو يحركها بقدمه...تعلقت نظراته بها و هي تنظر إلى القمر المكتمل في السماء و كأنها تناجيه فقال فجأة: "أيمكنني أن أطلب من توأمك التوسط لي في قضيتي؟ فقلبي أصابه الإرهاق من كثرة اللحاق بك و توسلك".
-"كم من فتاة أخبرتها هذه الجملة من قبلي؟"
غمغم و هو ينظر إليها: "لم أخبر أية واحدة لأنني لم أحب أي واحدة سواكِ".
ارتفع حاجبها ثم قالت باستنكار: "حقا؟؟ أتذكر أيام الثانوية لم تكن هناك حديث لفتيات دون أن يتخلله اسمك".
ضحك بمرح ثم قال: "حبيبتي، هن من كن يلاحقنني و يتحدثن عني...أنا لم أهتم بهن مطلقا...الوحيدة التي اهتممت بها هي أنتِ يا قمر...أنتِ فقط".
قامت من مكانها و هي تقول: "يؤسفني أن أقول لك للمرة الألف أنني لا أبادلك هذا الاهتمام و لن أبادلك إياه".
تحركت لتتوجه ناحية الباب لكنها وقفت و استدارت لتقول له بتهديد: "و هذه آخر مرة أسمح لك فيها أن تتفوه بحماقة كالتي ألقيتها قبل قليل على مسامع الجميع... في المرة القادمة لن أكون متسامحة أبدا"...


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-19, 07:34 PM   #69

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

*********************************************
بعد شهرين:
-"بنات، عيد ميلاد محمد نهاية الأسبوع".
رفعت قمر عينيها ناحية ندى التي جلست بجوارها بدون مقدمات و بدأت بالحديث بدون مقدمات لتأخذ نفسا عميقا حتى لا تنفجر بوجهها لأنها تتحدث معها هي و عائشة بعد قطيعة دامت لأكثر من أسبوعين بعد ذلك اليوم الذي تسللت فيه قمر برفقة محمد من محاضرة مملة و غادرا الكلية ليسيرا إلى وجهتهما و هما يتحدثان في شتى المواضيع، فلمحتهما إحدى زميلات ندى في السكن معا و فسرت وجودهما معا على هواها لتبدأ ندى ابتعادها بصمت عنها هي و عائشة و أصبحت تجلس بجوار محمد و أصدقائه في جميع المحاضرات بدون استثناء...أخذت قمر نفسا آخر ثم قالت بنبرة هادئة: "حقا؟ هل تخططين لشيء ما من أجل المناسبة؟"
أجابتها ندى بتردد: "لا شيء محدد في بالي، فكرا معي في شيء ما".
كالعادة، كانت عائشة لا تتدخل عند مناقشتهما لهذه المواضيع، قالت قمر فجأة: "ما رأيكما أن نقيم حفلة في منزلي بما أنك تعيشين مع فتيات أخريات لا يمكنك أن تقومي بحفلة في الشقة التي تعيشين فيها...سيوافق والدي على الفكرة بسرور، فهما يريدان أن يتعرفا على أصدقائي الجدد".
قالت ندى بفظاظة فاجأتها: "لا أراه أمرا جيدا...ربما نتعرف على والديك في مناسبة أخرى".
-"ما رأيك بحفلة في النادي؟ سأتصل بالمسؤولين و أطلب منهم تجهيز المكان على أكمل وجه".
هتفت ندى بحنق:" لا، ألا يمكنك أن تجدي مكانا بعيدا عن أملاك عائلتك يا قمر؟"
قامت قمر من مكانها و هي تغمغم: "ابحثي عنه بنفسك إذن".
توجهت لتجلس بجوار محمد الذي دلف لتوه إلى المدرج و جلس في مكانه المفضل، قال باهتمام و هو ينظر إلى ندى التي كانت ترمقهما بنظرات نارية: "ما الذي أصابك؟ هل تشاجرت مع ندى؟"
أومأت برأسها ثم قالت بغيظ: "أترك حججك لنفسك إن كنت ستقف بصفها".
هز يديه باستسلام ثم قال: "لم أقل شيئا حتى".
زفرت بضيق ثم قالت بأسف: "أعتذر لقد أصابتني حبيبتك بالجنون".
قال باندهاش: "حبيبتي...من تقصدين ندى؟ يؤسفني أن أخبرك أننا لم نصل بعد إلى تلك المرحلة".
دخول الأستاذ منعها من التفوه بأية كلمة...تابعت الدرس بانتباه دون أن تغفل عن استدارة ندى كل خمس دقائق لتنظر إليهما و كأن قمر ستسرق لها محمد و سترحل معه بعيدا...انتهت الحصة الدراسية فغادرا المدرج لتقول له بهدوء: "لقد أجل الأستاذ الحصة الموالية، ما رأيك أن نذهب إلى المكتبة لنذاكر فالامتحانات على الأبواب".
أومأ برأسه فقالت: "لننتظر عائشة و نذهب معا".
عندما أخبرا عائشة برغبتهما تعلقت بهم ندى أيضا و هي تطلب الذهاب معهم...لم تعرها قمر اهتماما و هم يتوجهون إلى المكتبة...جلس الأربعة يراجعون إحدى المواد و يتبادلون المعلومات حتى منتصف اليوم فاعتذرت منهم قمر لتعود لمنزل عائلتها حتى تتناول الغذاء برفقة والديها...لحقت بها ندى أثناء مغادرتها و نادتها مرتين قبل أن تتوقف قليلا و تسألها ببرود: "ما الذي تريدينه؟"
غمغمت معتذرة: "أنا آسفة قمر، لم أقصد أن أجرحك بكلامي".
أومأت قمر برأسها و هي تتحرك ناحية الدرج لتنزله بخفة ثم تغادر الجامعة لتستقل السيارة التي تنتظرها فينطلق السائق إلى البيت...تناولت الطعام بهدوء برفقة والديها ثم عادت إلى الكلية بعد الظهر من أجل محاضراتها المتبقية فأخبرتها ندى في وقت الراحة أنها ستطلب الإذن من صاحب مقهى يقربها حتى تقيم الحفل هناك...
*********************************************
نهاية الأسبوع:
استيقظت قمر من نومها على صوت رنين الهاتف الملح، نظرت إلى الساعة التي تشير إلى العاشرة ثم أجابت على اتصال ندى قائلة باقتضاب: "ما الذي تريدينه منذ الصباح الباكر يا ندى؟"
-"أردت أن أذكرك بموعدنا بعد الزوال...إياكِ ألا تأتي".
غمغمت قمر بنفاذ صبر: "سآتي، لقد قلتها لك ألف مرة...تعرفين أنني لا أحب إعادة الكلام".
أنهت قمر الاتصال و هي تزفر بحنق...لا يمكن أن تصف علاقتها مع ندى بالعادية بعد الذي حدث في بداية الأسبوع...لقد أحدث كلام ندى ذلك الصباح شرخا في صداقتهما، شرخ مهما حاولت ندى إصلاحه لن تستطع...و لولا أن محمد صديقها أيضا لما كانت ستحضر هذا الحفل لأن كبرياءها أولى من كل شيء...
هكذا هي دائما تقدم كبرياءها على جميع علاقاتها الحياتية...ربما تسامح من يؤذيها لكنها لا تنس أبدا تلك الأذية و يتغير نمط تعاملها مع من آذاها...هي تعفو و لا تفكر في الانتقام لكن لا تتردد في أن تحول من آلمها كشخص غريب لا تعرفه...
قامت من مكانها و هي تتذكر فجأة أن اليوم ليس فقط عيد ميلاد زميلها في الجامعة، بل يصادف ذكرى زواج والديها...عليها أن تنزل إلى الأسفل و تذكر أباها بالأمر حتى لا ينس إحضار هدية لأمها فتصب كامل غضبها عليه...
ضحكت بمرح لأفكارها و هي تغادر غرفتها و تنزل الدرج برشاقة...وجدت والديها يتناولان إفطارهما...عانقت أمها و قبلت وجنتها و همست في أذنها: "أمي الحبيبة كل عام و حياتكما مليئة بالحب و السعادة". فابتسمت أمها دون أن تعلق بل اكتفت بإلقاء نظرة على كمال الذي يقرأ الجريدة و هو خالي البال...قبلت قمر جبين والدها و هي تهمس بتحية الصباح ثم جلست تأكل فطورها بعد أن منعتها والدتها من تذكير والديها بتاريخ اليوم...بعد الإفطار غادرت والدتها البيت لشراء بعض الحاجيات فاستغلت قمر غيابها لتقتحم خلوة أبيها و هي تقول: "كالعادة سيد كمال تنتظر أن تذكرك ابنتك الوحيدة بالذكرى الذي يصادفها اليوم".
رفع كمال عينيه ناحية ابنته ثم قال بابتسامة: "بل أتذكرها جيدا حبيبتي...حتى أنني كنت أختار هدية لأمك تعالي و انظري ما الذي تفضلينه".
اقتربت قمر منه لترى صور قطع المجوهرات الموجودة في الحاسوب ثم قال: "هذه التصاميم الجديدة لمجموعتنا أي واحدة تفضلين؟"
نظرت قمر إلى الصور ثم قالت بعد لحظات من التفكير: "هذه الساعة جميلة، و هذا العقد أيضا...أظن أن أمي ستحبهما كثيرا".
-"حتى أنا احترت بينهما، سأطلب من محمود إرسالهما معا إذن".
أومأت قمر برأسها توافقه الرأي، ثم قالت فجأة: "ألن تدعوها لأي مكان يا أبي؟ اذهبا و تناولا العشاء في مكان رومانسي سيكون التغيير جيدا جدا".
ارتفع حاجب كمال ثم قال: "من أين تعرفين هذه الأشياء يا فتاة؟"
زفرت قمر ثم قالت بضجر: "تعاملني و كأنني في العاشرة...لقد صرت إنسانة راشدة منذ زمن أبي و أعرف الكثير".
ضحك والدها ثم قال بمرح: "أجل،أجل، حتى أنه تقدم أول شاب لخطبتك ربما كان الأمر مزاحا لكن يدل على أنك أصبحت فتاة كبيرة".
زمت شفتيها و هي تتذكر تصريح زيد ذلك العشاء و مناداته لها بزوجتي المستقبلية لتهمس في سرها: "أنا بعيدة عنك بعد النجوم سيد متحذلق".
ثم ابتسمت لتقول برقة لوالدها: "لا زال الأمر مبكرا جدا على التفكير بالموضوع و سأظل معكما و ستظلان تدللاني حتى تملا من وجودي حولكما أنا و أمي".
لتتابع مجددا في سرها: "و حتى يحبني ملك الجليد السيد مالك".
-"و من أجلك خلق الدلال يا صغيرتي".
ابتسمت بعمق مقرة أنه لا يوجد من سيحبها مثل والدها، من يفهمها من مجرد نظرة، من يحتويها و يغرقها في الدلال...من يسدي إليها النصح و يرشدها كلما ظلت طريقها...من يدعمها في جميع قراراتها مهما كانت، من يربت على يدها عند السقوط...والدها، بل والديها نعمة كبيرة بالنسبة لها و كم من شخص حرم من هذه النعمة فتخبط في العتمة و تشبث بأي شيء يجده في طريقه دون أن يعرف إن كان سينقله إلى بر الأمان أو إلى منحدر الخطايا...
غادرت مكتب والدها لتجد أمها ثد عادت من التسوق...ما إن رأتها نجاة حتى قالت بحنق: "أخبرته يا قمر، أليس كذلك؟"
قالت قمر ببراءة: "لم أخبره بشيء أمي، صدقيني".
أومأت والدتها برأسها، فصعدت قمر إلى غرفتها في الوقت الذي توجهت فيه نجاة ناحية مكتب زوجها...طرقت الباب برقة ثم فتحته لتقول ببشاشة: "هل أقاطعك عن عمل مهم يا كمال؟"
رفع كمال رأسه ثم قال: "كل وقتي لكِ حبيبتي".
دلفت نجاة مغلقة الباب خلفها ثم تحركت لتجلس على حافة مكتبه...قالت بهدوء: "رأيت قمر و هي تغادر مكتبك، كانت تبدو سعيدة جدا".
قال كمال بصوت أجش: "ابتنا دائما سعيدة يا نجاة...فقط هي لا تظهر مشاعرها إلا نادرا".
-"لقد كانت حزينة بداية الأسبوع...أنا والدتها و أشعر بها".
غمغم كمال بهدوء: "أنت قلتها يا نجاة: كانت حزينة في بداية الأسبوع و قد أخبرتنا أنها تشاجرت مع صديقتها...توقفي عن قلقك الزائد، قمر لم تعد طفلة صغيرة يا نجاة حتى تحيطيها باهتمامك الزائد و تعرفين كلما يدور بعقلها".
تنهدت نجاة بتعب، فقال كمال: "لا داعي لقلقك حبيبتي، أنت أم رائعة و لا يعني أنك انشغلت في فترة مرضك و نقاهتك بنفسك أنك قصرتِ في تربية قمر حتى حدث ما حدث...لقد كانت تلك زلة مراهقة مجنونة و قد تخطتها".
نظرت إليه بشك، فأكد على كلامه بهزة خفيفة من رأسه فزفرت بارتياح، ليهتف بمرح: "ثم دعينا من قمر و لنتحدث عن أمها الغاضبة التي لم تحدثني منذ الصباح ظنا منها أنني نسيت ذكرى زواجنا...هل يمكنني أن أنسى اليوم الذي ارتبطت فيه بمن سكنت قلبي و جعلت أيامي تنقلب رأسا على عقب؟"
ضحكت برقة ثم قالت: "لقد نسيته مرة يا كمال".
لثم كفها و قال بصوت أجش: "إنها زلة واحدة حبيبتي و لا تتكرر"...
*********************************************
سارت بسرعة مبتعدة عن ذلك الذي صفر بإعجاب لهيئتها و هو يغمغم بعبارات غزل لم تكثرت لها...زمت شفتيها و هي تلعن نفسها ألف مرة لارتدائها لهذه التنورة القصيرة...لا تدري ما الذي أصابها حتى ارتدتها؟ ربما إحدى النوبات التي تصيب جميع الفتيات في بعض الأحيان فيرتدين ملابس لم يعتدن عليها فقط ليكن أكثر إثارة...أشارت لسيارة أجرة مرت من جوارها، فاستقلت المقعد الخلفي لتقول للسائق بهدوء: "إلى مقهى النجوم من فضلك".
لم تخف عليها النظرة الغريبة التي رمقها بها السائق الشاب و هو يعدل المرآة التي تعلوه قبل أن ينطلق... طردت الوساوس من عقلها ثم بدأت بالعبث بهاتفها دون أن تهتم بالنظر إلى الطريق...اتصلت بها ندى فجأة فأجابت على الاتصال و هي تقول: "أنا في الطريق ندى".
قالت ندى: "لقد مرت مدة طويلة منذ أن أخبرتني أنك تنتظرين سيارة أجرة".
نظرت إلى ساعة معصمها فتفاجأت بمرور نصف ساعة على ركوبها سيارة الأجرة...
تعالت وثيرة نبضها لكنها حافظت على هدوئها و هي تقول لصديقتها: "لقد أخذ مني إيجاد سيارة أجرة وقتا طويلا".
قالت ندى بهدوء: "حسنٌ، عائشة هنا و قد بدأ بعض أصدقائنا بالوصول...أتمنى أن تصلي قبل محمد".
أنهت قمر الاتصال و هي تغمغم بكلمات مبهمة ثم نظرت إلى الطريق شبه الخالي و هي تتساءل في سرها: ألم تقل لي ندى أن المقهى قريب من الجامعة؟ لا أتذكر أنني رأيت هذا الطريق أثناء ذهابي للجامعة يوما ما".
رفعت عينيها إلى السائق و قالت بهدوء: "هذه الطريق لا تؤدي إلى مقهى النجوم سيدي".
فغمغم هذا الأخير بصوت غريب: "بل هي طريق مختصرة".
نظرت إلى الطريق الهادئ الذي ضمت أطرافه منازل ضخمة كالمنزل الذي تسكن فيه...هذا حي راق كالحي الذي تعيش فيه و حتى إن صرخت أو أرادت الاستغاثة بأحدهم لن تجده...كانت تفكر بسرعة في طريقة لتغادر السيارة بدون ضرر متذكرة القصص الكثيرة التي سمعتها و قرأت عنها و كانت ضحاياها فتيات و نساء استقلوا سيارة الأجرة بمفردهم و سلك سائقها طريق غريب...من بعيد لمحت سيارة متوقفة فزفرت بارتياح لتقول للسائق قبل أن يصل إلى وجهته: "أيمكنك أن تتوقف خلف تلك السيارة أرجوك، إنها لقريبي".
نظر إليها السائق عبر المرآة ثم قال: "قلتِ بأنك متوجهة إلى مقهى النجوم و أنا سأوصلك إليه يا جميلتي".
قال كلمته الأخيرة و عينه تغمزها فتحركت يدها لتفتح الباب فوجدته مقفلا...اتسعت عيناها برعب و بدأت تضرب النافذة و هي تقول: "افتح هذا الباب اللعين".
انحرف يمينا و هو يقول بجنون: "لن أفتحه حتى أنال ما أريد".
فأقرت قمر وقتها أنها وقعت في قبضة الشيطان...
*********************************************
ضجة قريبة أثارته أثناء وقوفه لتحدث على الهاتف، فاستدار ليلمح سيارة الأجرة التي تسير بجنون و فتاة تطرق نافذتها بقسوة...تأهبت حواس مالك و شغل المحرك ليدور بالسيارة حتى يستطيع الانحراف في الاتجاه الذي سلكته سيارة الأجرة...زاد من سرعته ليتوقف في طريقها مجبرا السائق على التوقف...ترجل من السيارة و هو يضع مسدسه في جيب بنطاله الخلفي فترجل السائق بدوره و هو يشتم ثم قال له بفظاظة: "أين تعلمت السياقة يا هذا؟ ابتعد من أمامي فأنا في عجلة من أمري!"
ترجلت قمر من سيارة الأجرة بعد أن فتحت قفلها من الداخل ثم هرولت ناحية مالك و هي تناديه بلوعة...وجد مالك نفسه يفتح يده تلقائيا لترتمي في حضنه و هي تقول: "سعيدة برؤيتك يا عزيزي، هيا بنا فالجميع ينتظرنا".
استغل السائق الموقف ليفر هاربا بأقصى سرعة دون أن ينال أجرته...ابتعدت قمر عن مالك و هي تهتف بغيظ: "اللعنة! لقد هرب الجبان".
قال مالك بقلق: "هل أنت بخير؟ هل مسك بسوء؟"
قالت قمر بهدوء و هي تتحرك ناحية سيارته: "لا أعرف ما الذي كان سيحدث لو لم تنقذني".
استقل مالك السيارة بجوارها و هو يقول بمرح: "لقد أصبحت هذه مهمتي".
ارتسمت على شفتيها ابتسامة صغيرة أثناء قولها: "أجل...فأنتَ ملاكي الحارس".
ابتسم بعمق و هو يتحرك بالسيارة فقالت: "إلى مقهى النجوم أرجوك".
ارتفع حاجبه باندهاش ثم سألها: "أكنت متوجهة إلى هناك؟"
أومأت برأسها فقال: "الطريق المؤدي إليه يقع في الاتجاه الآخر".
-"توقعت هذا".
استفزه هدوءها فقال بغيظ: "أليس لديك سائق مؤتمن؟ لم تحبين أن تقحمي نفسك في المشاكل؟"
نظرت إلى عينيه و قلبها يخفق بعنف...إنه يخاف عليها بالتأكيد...استعادت توازنها حتى لا تفضح أمامه ثم قالت بملل: "لقد منحه والدي إجازة هذا اليوم...قال لي أن يقلني لكنني رفضت و أصررت على أن أستقل سيارة أجرة فرضخ إلى طلبي".
هتف مالك بقسوة: "كالعادة، لا أحد يقدر على مجابهة عناد قمر بن سودة".
انكمشت على نفسها و أدارت وجهها ناحية النافذة...رغم كل شيء لا يملك السلطة ليصرخ في وجهها...منعت دموعها من النزول أمامه فأوقف السيارة جانبا ليغمغم آسفا: "قمر أنا آسف".
نظرت إلى عينيه الجميلتين و الذي ظهر فيهما الحزن واضحا...تمتم بعد لحظات من الصمت: "لكنني أفكر ما الذي كنت ستفعلينه لو لم أكن أنا هناك؟ رباه! أنا لا أستطيع تخيل الأمر حتى".
-"لا عليك يا مالك، لنتابع طريقنا الآن".
قال مالك بحزم: "لن نذهب لأي مكان حتى نسجل محضرا لدى رجال الشرطة".
هتفت بصدمة: "هل أنتَ مجنون؟ هكذا سيعلم والدي بالأمر".
قال مالك و هو يترجل من السيارة و يتجه ناحيتها حتى يفتح الباب و بحثها على اللحاق به: "سيكون والدي موجودا، و سيحرص على ألا يصل الأمر إلى والدك!"
قالت بريبة و هي تلحق به: "أليس والدك المدير العام للأمن الوطني؟ أظنه لا يتدخل في مثل هذه القضايا".
همس مالك دون أن يلتفت إليها: "سيتدخل حماية للأميرة قمر...تعرفين أن والدي يحبك و يعتبرك ابنته".
همست في سرها: "أجل أعرف، ليت ابنه يكن لي الحب أيضا و يريح قلبي".
غادرا مركز الشرطة فور تدوين المحضر و قد تبين أنها ليست المرة الأولى التي تقدم فيها شكاية تحمل نفس المواصفات...و أن تذكرها لرقم لوحة السيارة سيساعد الشرطة في الوصول إلى المجرم...استقلا سيارته لينطلق إلى مقهى النجوم الذي كان قريبا من المكان...لا تدري ما الذي دفعها لتهتف فور توقفهما أمام المقهى الأنيق: "ما رأيك أن تأتي معي، نحتفل بعيد ميلاد زميلي هنا".
غمغم باندهاش: "و هل سآتي بدون دعوة؟ كما أنني لا أعرف أحدا من المدعوين!"
-"ألم أدعوك الآن بنفسي... كما أن المدعوين زملاء لنا أيضا، ربما تعرفهم".
قال بعد تفكير: "حسنٌ إذن...في كل الأحوال أستحق مكافأة بعد إنقاذي لك".
ضحكت برقة ثم قالت: "أطلب ما تشاء سيد "سوبرمان" و سيكون على حسابي".
ما إن دلفا إلى المقهى حتى قفزت ندى لتقول: "لقد تأخرتِ".
أجاب مالك بدلا عن قمر: "لقد تعرضت لمشكل في الطريق، و لولا لطف الله و وجودي في المكان ما كانت لتنجوا منه".
نظرت ندى إلى الشاب الوسيم ثم عاودت النظر إلى صديقتها الهادئة و سألتها باهتمام: "ما الذي حدث؟"
تمتمت قمر باقتضاب: "سأخبرك فيما بعد".
ثم تابعت قائلة: "هذا مالك...إنه يدرس في السنة الثانية في نفس شعبتنا".
عرفته على ندى ثم نظرت إلى محمد الذي كان يضحك مع صديق له فاقتربت إحدى الفتيات التي لا تعرفهن قمر...نظرت ندى في الاتجاه التي تنظر فيه صديقتها، فاتسعت عينيها بصدمة ثم اعتذرت منهما لتتحرك ناحية محمد و الفتاة الذي يتبادلان أطراف الحديث...جلست قمر على طاولة شاغرة و هي تقول:" أتمنى ألا تنفجر قنبلة هذا المساء".
قال الذي جلس قبالتها بمرح: "سيبدو كل شيء عاديا مقارنة بما حدث لكِ".
هتفت بضجر: "أيمكنك أن تتوقف عن تذكر الأمر يا مالك؟"
أومأ برأسه و نظراته تتعلق بفتاتين كانتا تنظران نحوه أثناء تهامسهما...التمعت عينا قمر و حرقت الغيرة فؤادها و هي تنظر إليهما بدورها...زفرت بارتياح عندما اقترب منهما أحد أصدقاء محمد و بدأ بالحديث معهما مشتتا انتباههما عن وسيم الجامعة الذي لا يدرون سبب تواجده في مثل هذه الحفلة...تعالت أنغام الموسيقى في المكان فتحرك الجميع إلى الرقص على إيقاعات إحدى الأغاني الشبابية المشهورة هذه الفترة...ألقت نظرة عابرة على مالك الذي كان يعبث بهاتفه دون أن يهتم بالبقية فابتسمت لأنه مختلف عنهم ثم أخرجت هاتفها من الحقيبة لتلعب به هي أيضا...
*********************************************
-"أقسم أنهما حبيبان".
نظر محمد إلى قمر و الشاب الذي يجلس بجوارهما - واللذان لا يبدوان إطلاقا كحبيبين كما قالت ندى- ثم قال بملل: " تقولين نفس الجملة كلما رأيت شابا وسيما برفقة فتاة".
قالت ندى بجدية: "هذه المرة أتكلم بجدية يا محمد، بينهما كمياء غريبة جدا...أنا متيقنة بأنهما كذلك".
قال بصوت عال حتى تسمعه بعد أن ارتفعت وثيرة اللحن الصاخب الذي يرقص الجميع عليه عدا قمر و مالك و عائشة التي رفضت مشاركتهم بإصرار: "و أنا متيقن أنك تتوهمين ندى".
زفرت ندى بحنق قبل أن تلتمع عيناها فجأة فتشق الطريق وسط الأجساد المتمايلة دون أن تأبه لهتافه...
*********************************************
-"هيا، ألا تريدان مشاركتنا الرقص؟"
نقلت قمر نظراتها من ندى التي همست جملتها و عينيها تلتمعان بشقاوة ثم نظرت إلى مالك الذي يجلس بجوارها ...عادت تنظر لوجه صديقتها ثم قالت: "اعفني يا ندى، أنا أستمتع بمشاهدتكم من مكاني".
قالت ندى برجاء و هي تسحبها: "هيا يا قمر، ألا يمكنك التخلي عن حلة الفتاة العاقلة لمرة واحدة و الاستمتاع بالحياة كجميع أقرانك، إننا نحيا لمرة واحدة"...
قاطعها مالك الذي قام ثم مد يده لقمر و هو يقول: "يبدو أن صديقتك لن تتوقف عن إلقاء محاضرة الاستمتاع بالحياة و أنا لا طاقة لي في الاستماع حقا...ما رأيك أن ننضم إليهم؟"
تفاجأت قمر بطلبه و شعرت بأن قلبها يغرد كعصفور سعيد، لكنها أخفت مشاعرها خلف واجهة هدوئها لتهمس بغير حيلة و هي تترك مقعدها: "و لا أنا أملك طاقة للاستماع لفلسفة ندى التي لا تنتهي".
سبقتهما ندى و على شفتيها ابتسامة منتصرة، ثم سارت ناحية موزع الأغاني لتطلب منه شيئا لتعود و تنضم إلى أصدقائها أثناء رقصهم...وجدت نفسها مسحوبة من طرف محمد الذي قال لها: "ما الذي تحيكينه ندى؟"
ضحكت ندى ثم قالت ببراءة: "لا شيء عزيزي، أردتهما أن يستمتعا".
هتف بصوت عال نسبيا: "أصبحت أعرفك جيدا ندى، و أنا متأكد أنك تخفين مصيبة وراء هذه النبرة".
حركت كتفيها بمرح ثم بدأت بالتمايل برقة على إيقاع الموسيقى الصاخبة، فالتمعت عيناه اللتان كانتا عليها ليسحبها معتقلا خصرها بيده قائلا بنبرة غيورة: "لا أريد أن يراك أحد ترقصين هكذا، و إلا ارتكبت جريمة قتل في أحدهم".
اقتربت من أذنه هامسة بإغواء: "و لم؟"
همس بصوت أجش: "لأنك لي فقط".
اتسعت ابتسامتها و قلبها يخفق بعنف مخالف لإيقاع الموسيقى الذي تغير من الصخب، إلى أغنية حالمة كانت من اختيارها...قالت و ابتسامة متلاعبة مرتسمة على شفتيها: "أسنرقص معا إذن؟"
أدارها حول نفسها و قال بمرح: "إن أردت بالتأكيد".
قالت بثقة: "بالتأكيد أريد...أملك حياة واحدة و أريد أن أستمتع بجميع لحظاتها المبهجة".
على الجانب الآخر حيث كانت تقف قمر و مالك يراقبان الجميع أثناء رقصهم البطيء على أغنية "التيتانك" التي تعشقها...كانت تجاهد لتمنع الدموع من السيلان من عينها و هي تتساءل لم لا تتحلى بالجرأة كرفيقتها و ترتمي بين أحضانه حتى يرقصا معا؟ فكان الجواب الذي التمع في عقلها كضوء ألعاب نارية يزين سماء مدينة ليلة رأس السنة أن كبرياءها أسمى من أن تظهر له شيئا من مشاعرها...جسد حجب عنها رؤية أصدقائها فجأة فرفعت عينيها لتلتقيا بحبيبتيهما، عينيه الفيروزيتين التي تعشقهما...تعلقت نظراتهما لمدة قبل أن يقطع هذا التواصل البصري بقوله: "لنرقص".
لم يكن سؤالا...بل كان أمرا...اتسعت عينيها باندهاش و قلبها يسأل عقلها: "أصحيح ما سمعته؟ مالك يريد أن يرقص معي! أخبرني حقا أنني لا أحلم".
لا أنت لا تحلمين يا قمر، فها هي كفه ممدودة أمامك كدعوة أمير للرقص مع أميرته...أخفت مشاعرها و قالت:" لم أنا؟"
فأجابها ببساطة: "أردت أن أستمتع بلحظات حياتي كما قالت صديقتك، و أنت الفتاة التي تناسبني لتشاركني في استمتاعي يا قمر".
نبضات خائنة تحررت من جدران قلبها تصرخ بعشقه بصخب، رمشت بعينيها و كأنها لا تصدق أنها أمامه حقا و أنه من يطلب منها أن تشاركه رقصته...و بين اعتراض عقلها مذكرا بكبريائها السامي و توسل قلبها بأن توافق على طلبه تعلقت كفها بيده مقررة لأول مرة في حياتها أن تمنح لقلبها فرصة للعيش و الاستمتاع باللحظة، رغم أنها تعرف أن عليها أن تتحلى بصبر أيوب حتى لا تنهار بين ذراعيه...
سحبها ناحيته بخفة و عانق خصرها برقة جعلت نظراتها العسلية تلتمع فأسبلت أهدابها لتخفي تأثرها به و هي تعد في سرها حتى تستعيد هدوءها...تحركا على إيقاع الأغنية الحالمة هو بخفة و هي بتوتر خفي و كأنها تسير على حبل رفيع و تخشى السقوط بقلب هوة مشاعرها أمامه فلا تقدر على النظر إلى عينيه مجددا...على ذكرها لعينيه، رفعت عيناها لتلتقي بهما، فتأسرها تلك النظرة الغريبة التي أطلت من عينيه قبل أن يقول بصوت هادئ: "لطالما أردت أن أقول لك أن عينيك جميلتين يا قمر".
ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتيها قبل أن تقول:" ورثت لونهما عن والدي كما تعلم".
أومأ برأسه موافقا قبل أن يقول: "تشبهان عيني والدك في لونهما، لكنهما تحملان في قلبهما غموضا يثير الناظر إليهما لاكتشافه، ثقة و قوة تجعلان الجميع يحسدك عليهما، و بهما عزة نفس لا تكسر".
صمت قليلا ليتابع بعد لحظات: "ملامحك كلها متشربة بعزة نفس تزيدها نضجا فوق نضجها السابق...منذ أن عرفتك قبل سنوات و أنا أراك تملكين حكمة و عمقا أكبر بعمرك بكثير...تحيط بك هالة غريبة و كأنك لست من البشر".
صمت و صمتت قبل أن تقول: "ذلك كبرياء الفرسان يا سيدي".
ثم تابعت بعد لحظات: "أما عن هالتي الغريبة التي تتحدث عنها الآن فأحببت أن أخبرك أنني حقا من البشر و لا أدري سبب قولك السابق؟"
ضحك ثم قال: "لم أراك تنفعلين حول ما يحصل لك منذ أن أنقدتك قبل ثلاث سنوات من الموت...حتى ما حدث قبل ساعات عندما غادرت سيارة الأجرة تلك بمساعدة مني لم تكوني خائفة أبدا و كأن السائق لم يكن يخطط للاعتداء عليك".
ابتلعت ريقها متذكرة ما كان سيحدث لها لو لم تصادفه ، لكنها استعادت هدوءها بلمح البصر لتهمس بشرود: "لم يكن شيئا يستحق الخوف حقا".
لكنها كانت ترتجف رعبا، كما ترتجف الآن إثارة و هي بقربه...قال بعتاب:" أنت غامضة جدا يا قمر، غامضة و كتومة و هذا الكتمان قد يؤثر سلبا عليك يوما ما".
غمغمت بجمود: "لا تخف، أجيد الاعتناء بنفسي".
توقفا عن الكلام و تابعا التحرك على أنغام الأغنية فالتمعت عيناه بشقاوة و قرر أن يجرب إن كان لشريكته الجامدة قبس من المشاعر، أم أنها حقا كجدار صلب لا يتأثر بتقلبات الجو من حوله...كانت بضعة خصلات من شعرها تغطي جانب وجهها الأيسر فرفع يده ليزيحها عنها ببطء و عيناه تنظران في عمق عينيها الغامضتين...انسابت الخصلات الحريرية البنية بين يديه فلم يمنع نفسه بأن يجعلها على جانبها الأيمن و يظهر الجانب الأيسر لعنقها الطويل...تركت يده خصلات شعرها و بغير إدراك انتقلت لجانب عنقها و كأنها تصر على الإحساس بارتعاش هذه الجامدة أمامه، لكن لا استجابة...استقرت يده على النبض على عنقها، فارتعد قلبها و كاد أن يفلت زمام أموره لكنها لجمت جنون نبضاته قبل أن يشعر بها...ثارت ثائرته لجمودها هذا، و تعالى أنين غروره الذي هاجمته شظايا برودها، فقرب وجهه من عنقها يستنشق رائحة عطرها مغمضا عينيه فلم يشعر عندما تسللت يدها المحررة لتضعها فوق قلبها و كأنها تضغط عليه حتى لا ينفجر...
لم يكن اقترابه هذا خطرا على قلبها الغارق في حبه فقط، بل كان خطرا عليه...هو الذي لم يتجرأ عن الاقتراب من أي أنثى بخلاف أصدقائه الذين اعتادوا و منذ سنوات على مواعدة الفتيات و قد كان يعرف ما يجري في العتمة بين الفتيات و الشباب من قبل محمومة و أحضان في الأماكن المنزوية، يشعر الآن بدقات قلبه تتسارع فقط لأنه شم رائحة عطرها...صوت بداخله أمره بالابتعاد عنها لكنه فتح عينيه لينظر إلى ملامحها الهادئة فيتساءل بحنق إن كانت لا تتأثر...ربما لو اقترب بنفس الطريقة من أي فتاة أخرى لأغمي عليها بين ذراعيه...فهو لا ينكر جاذبيته ووسامته التي تجعلهن يتعلقن به من بعيد، فما الذي سيحدث عندما يقترب هكذا، أو ربما يتجاوز الحدود الحمراء...
لم يمنع نفسه بأن يقول بغيظ:" و كأنك مصنوعة من الجليد".
منعت نفسها من أن تهمس بلوعة: "لا ترى ما يخفيه الجليد من نار بقلبه يا مالك"، لتقول بهدوء: "لا يعني أنك وسيم يا مالك أنك مركز لجاذبية الأرض".
نزعت يده من خصرها ثم تحركت بعيدا عنه، تمشي مشية سكير أفرط في شربه للخمر...كانت ثملة من شدة السعادة، ثملة بعد أن سارت خمر حبها له في أوردتها و شرايينها و لو اعترف قبل قليل أنه يحبها لما ترددت في قولها هي الأخرى...لكنها تعرف أن تصرفاته المتهورة كانت فقط لترضي غروره الذي كان كبرياؤها واجهة له مخفيا جميع مشاعرها الحارقة...التقطت حقيبتها ثم اتجهت ناحية الباب دون أن تعتذر من صاحب الحفلة على انصرافها المفاجئ لكنها كانت تحتاج حقا للجلوس بمفردها...و تذكر كل ثانية كانت بين ذراعيه حتى تخبئها بين ذكرياتها الثمينة...
-"قمر".
التفتت ناحيته، فرأته يتحرك ناحيتها بسرعة، توقف أمامها ليمرر يده على خصلات شعره قبل أن يقول بتوتر: "هل انزعجت مني؟"
قالت بهدوء: "ألست الفتاة الجليدية التي لا تشعر، لم سأنزعج منك؟"
-"لقد تصرفت بحماقة قمر، لم يكن علي فعل ذلك...لم يسبق لي أن تجاوزت مع أي أنثى الحدود لأتجاوزها معك أنتِ...لا تستحقين ما قمت به قمر، أنت فتاة رائعة تستحق التقدير فقط".
-"أين أنت يا تماضر لتري "أبو الهول" كما تحبين أن تطلقي عليه متوترا لأنه حاول إرضاء غروره الذكوري؟ فلتشهد يا تاريخ...أن وسيم الجامعة مالك البقالي الذي أعشقه يقف أمامي متوترا و معتذرا"...
ألا يمكن لقلبها أن ينهار من شدة فرحه لأنها حققت نصرا صغيرا على حساب مالك؟ أرضى قلبها الولهان بقربه و يعتذر منها على قربه هذا...تمنت أن تصرخ في وجهه: "احضني فقط، فبعد أن ابتعدت عنك أحسست و كأنني طردت من الجنة"...لكنها كالعادة تركت عبارات عشقها في قلبها لتهمس: "لا عليك يا مالك، لم يحدث أي شيء".
-"إذن ستدلفين معي إلى الداخل و إلا ظننتك تهربين مني بسبب تأثيري عليك".
و قد كان ظنه صحيحا، لقد هربت من أجل ذلك لكنها لن تسمح له بالانتصار، دلفت بإباء إلى المطعم لتجلس في مكانها و عندما لحق بها ليجلس قبالتها جاءت ندى حاملة في يدها صحنا فوقه غطاء يخفي ما في قلبه ثم قالت بنبرة شقية جعلت الجميع يتوتر منتظرا معرفة ما يخفيه الغطاء: "حان الآن وقت اللعب".
فتحت الغطاء ليشهق الجميع صدمة و هم يرون ما الذي يخفيه الصحن؟ لقد كان مليئا بالفلافل الصغيرة ذات الطعن الحار التي تضاف على بعض أنواع المقبلات و الطعام...صاحت إحدى الفتيات باستنكار: "لا تقولي أننا سنلعب لعبة الصراحة و من لم يستطع الإجابة على سؤال ما سيتناول من الفلفل الحار؟"
أومأت ندى بنفي ثم قالت: "لا، بل سنلعب لعبة أخرى".
ثم استطردت تتابع بصوت رخيم: "يقولون أن الحب صعب، يواجه المحبان فيه الكثير من المعرقلات و المصاعب و ربما الألم...لنرى إذن من سيستطيع منكم الصبر على الألم...اعتبروا هذه الفلافل الحب و تناولوا منها متحملين طعمها الحار و ليتوقف كل واحد عندما يشعر بأن طاقته على الاحتمال قد استنزفت".
هتفت عائشة: "أنت مجنونة، سترسلين الجميع إلى المشفى بسبب جنونك يا ندى".
بدا على ندى و كأنها لم تسمعها فقد هتفت بسخرية: "ممنوع مشاركة أصحاب القلوب الضعيفة يا سادة، لنرى من هو ملك الحب بينكم".
ابتعد الأشخاص الذي رفضوا الاشتراك في اللعبة المجنونة إلى الخلف حتى يتابعوا البقية...نظرت قمر إلى مالك الذي جلس بأريحية ثم التقط فلفلة حمراء ليقضمها، همست في أذنه باستنكار: "هل أنت مجنون؟"
رفع عينيه إليها ثم قال بابتسامة: "أظن أنني سأفوز، فأنا أعشق الطعام الحار و أعشق هذه التحديات".
جلست قبالته و هي تهمس بتحدٍ: "ربما سأفوز أنا لأنني صبورة".
-"لنتبارى إذن و من سيستسلم أولا سيدعو الآخر إلى وجبة العشاء".
قالتها قمر بثقة، فصافحها مالك و هو يقول: " أنا موافق".
بدأت قمر تتناول الفلافل رغم طعمها الحارق و الذي جعلها تذرف الدموع...لم تكن من محبي الطعام الحار لكنها شاركت في اللعبة تحديا لمالك...هي صبورة، لقد واجهت الكثير بصبرها حتى أنها لازالت تحتفظ بحبها له في قلبها بسبب صبرها و كبريائها...أما هو، فبدا حقا و كأنه شخص متعود على تناول الطعام الحار فلم يتأثر أبدا...
استسلمت بعد ربع ساعة بعد أن هاجمتها موجة سعال حادة جعلت الجميع ينظرون إليها بقلق...حتى أن عائشة هرعت لتحضر لها كوبا من الحليب...ارتشفت منه ببطء و أنفاسها تتلاحق ثم تركت مكانها لتنضم لصفوف المشاهدين...
في النهاية لم يتبق سوى ندى و محمد و مالك فأعلنت ندى استسلامها و هي تطلب شيئا باردا يطفئ اللهيب المشتعل في حلقها...و بعد دقائق قليلة كان مالك يستسلم بدوره ليصفق الجميع لملك الحب محمد...تعالت تصفيقات المتواجدين مجددا عندما اقترب النادل حاملا كعكة عيد الميلاد و قبل أن يطفئ صاحب الحفلة الشموع كانت ندى تصيح باستنكار: "لم تتمنى أمنية!"
ابتسم محمد و هو ينظر إليها بحب ثم مال ليهمس في أذنها: "أمنيتي أن أنال قلبك و أتزوجك".
توردت وجنتاها و حمدت الله أن لا أحد تقريبا كان منتبها عليهما غير قمر و عائشة...ثم ابتعدت عنه لتراقب النادل الذي كان يقدم الكعك للمتواجدين و على شفتيها ابتسامة حالمة ثم رفعت هاتفها لتكتب له في رسالة: "أجل الموضوع إلى حين ننتهي من دراستنا و بعدها سنتحدث في الأمر"...
*********************************************
فتح الباب المنزل بيده اليسرى و هو يوازن في حمل علب الهدايا التي حصل عليها بعد احتفاله مع أصدقائه...يشعر و كأنه عاد ليصبح ذلك الطفل الذي لم يستطع تصديق عدم وجود "بابا نويل" في الحقيقة، فقرر والداه شراء العديد من الهدايا حتى يتوقف عن الصراخ و البكاء مدعين أن الرجل ذو اللحية البيضاء و الملابس الحمراء من أحضرها من أجله لأنه طفل مطيع...ابتسم للذكرى و هو يخطو إلى الداخل متجها إلى غرفة نومه...وضع العلب ذات الأحجام المتفاوتة فوق المكتب ثم ظل ينظر إليها بتفكير قبل أن يرن هاتفه...عرف بأنها المتصلة قبل أن يجيبها...فور ضغطه على زر الإيجاب كان يقول: "الهدايا التي حصلت عليها هذا اليوم أمامي الآن...كم تدفعي إن عرفت هديتك من العلبة فقط".
ضحكت بصخب قبل أن تقول: "تبدو واثقا من نفسك سيد محمد...عموما إن عرفت هديتي سأدعوك لتناول وجبة خفيفة في أحد مطاعم الوجبات السريعة".
-"موافق".
قالها بحماس ليبدأ في إصدار همهمات مفكرة قبل أن يقول: "هناك علبة مغلفة بورق هدايا أزرق اللون أظن أنك صاحبتها".
صاحت ندى باستنكار: "كيف عرفت؟"
قال ببساطة: "لأنها أكبر علبة تلقيتها".
قالت بغيظ: "حسنٌ، افتحها و أخبرني ما الذي يوجد بها".
كانت يداه بالفعل قد بدأتا بفتح العلبة قبل أن يلتقط قلما وردي اللون يخصها...قال بمرح: "ما هذه الهدية يا فتاة؟ لم أعطيتني قلمك الوردي الذي يحمل على قمته الفراولة؟"
-"إنه قلم جديد، كنت أملك اثنين فقدمت لك واحدا حتى تتذكرني...هناك المزيد من الأشياء في تلك العلبة".
أخرج هذه المرة مذكرة أنيقة زرقاء اللون نقش عليها اسمه بلون ذهبي...غمغم بشرود و هو يقلب صفحاتها الفارغة: "المذكرة جميلة جدا".
رغم أنه لم يكن ينظر إليها أحس بأنها كانت تبتسم، أخرج الشيء الثالث الذي كان عبارة على شال صوفي أسود اللون...و قبل أن يتكلم كانت تهمس: "لقد حكته لك بنفسي".
قال باندهاش: "حقا؟"
أكدت الأمر فقال لها بامتنان: "أفضل هدية أحصل عليها في فصل الشتاء شكرا لك".
غمغمت باعتذار منه حتى تغلق الخط فجلس على كرسيه ينظر إلى الهدايا البسيطة التي قدمتها له...هدايا تركت أثرا كبيرا في قلبه...رفع الشال الصوفي إلى أنفه ليستنشق رائحة المسك الذي رشتها فوقه ليقول بعد لحظات بإصرار: "متأكد أنها تحبني مثل حبي لها".
أفرحه هذا الاستنتاج ثم انشغل بفتح الهدايا الأخرى دون أن يمنع نفسه من النظر إلى هدية نداه بين كل فينة و أخرى...


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-08-19, 07:38 PM   #70

Fatima Zahrae Azouz

مشرفة قصرالكتابة الخياليةوقلوب احلام وقاصةهالوين وكاتبةوقاصةفي منتدى قلوب أحلام وحارسة وكنز سراديب الحكايات وراوي القلوب

 
الصورة الرمزية Fatima Zahrae Azouz

? العضوٌ??? » 409272
?  التسِجيلٌ » Sep 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,042
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » Fatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond reputeFatima Zahrae Azouz has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

*********************************************
دلف إلى مكتب والده الخالي، حاملا حاسوبه المحمول و محاضراته ثم جلس على كرسيه لينثر الأوراق و الدفاتر حوله بعشوائية و يفتح حاسوبه مقررا الدراسة للامتحانات القريبة...تعلقت عيناه الجامدتان بالصورة التي تصدرت شاشة حاسوبه...صورة التقطت قبل سنتين من الآن في رحلة استجمامية قامت بها الثانوية التي درس فيها للأوائل في كل قسم و هو كان من بينهم كما كانت هي....
امتدت يده لتلمس الشاشة برفق، بالضبط حيث كانت تقف...كل ما يظهر من ملابسها معطف أسود كلاسيكي و حذاؤها الأسود عالي الساقين و جزء من سروالها الجينز الفاتح اللون...كانت تبتسم بسعادة لآلة التصوير...سعادة كانت مخالفة للإحساس بالحنق الذي راودها يوم الرحلة بعد أن رأت الجميع يرتدي ملابس رياضية تجعلهم يمرحون و يتصرفون بأريحية في المدينة الجبلية التي يقضون فيها نهارهم...لم تكن تعلم أن تفردها هذا يجعلها في نظر الجميع مميزة...حتى لو كانت قد ارتدت ملابس رياضية مثل البقية كانت لتبدو مميزة لأن شخصيتها كذلك...
قمر بن سودة كانت أكثر الناس الذي عرفهم في حياته تفردا، فقد جمعت تناقضات كثيرة...ابتداءً بملامح وجهها الكلاسيكية التي توسطتهما عينين طفوليتين، بركة عسلتين حملتا القوة و البراءة و عزة النفس...و الحزن.
أجفلته هذه النقطة لكنها حقا كانت صحيحة جدا، لم يسبق له أن رأى قمر تضحك بعمق إلا مرة واحدة: عندما التقطت هذه الصورة...لطالما أحسها أكبر من عمرها، و كأن عمر روحها لا يتطابق مع عمرها الحقيقي، و كأن روح عجوز هرمة تسكن بقلب الشابة اليافعة...روح رأت الكثير و الكثير حتى أصبحت تحجب نفسها عن المحيطين بها...
ارتعد مالك و هو يتذكر ما حدث قبل ساعات...بالضبط كان يستعيد اللحظة التي رقصا فيها معا...اللحظة التي تنازل فيها عن حكمته و كبريائه من أجل إرضاء غروره الذكوري، و كم تأثر كثيرا عندما تكسر غروره هذا بعد أن كان في مواجهة مع برودها...
قام من مكانه و تحرك ناحية النافذة الكبيرة و التي تطل عن الحديقة لينظر إلى أخته التي تصغره بسنتين و التي كانت جالسة تطالع إحدى الروايات التي تعشق قراءتها...انقبضت يده حول حاجز النافذة و هو يتساءل: "ترى هل يمكن أن يحطم والدي العالم الوردي التي تعيش به نهى؟"
منع نفسه بأن يقول كما فعل بي أنا، لأنه لم يكن لديه عالم مليء بالأحلام يهرب إليه...مالك لم يحلم أبدا بل كان يسير على حياته بناء على استراتيجية الخطة الرئيسية و الخطة البديلة...
منذ أن كان في سنوات عمره الأولى و هو يسير على هذا المنوال...لم يكن يحلم كباقي الأطفال أن يكون طبيبا، مهندسا أو أستاذا...لم يكن لديه وجهة واحدة...لم تكن لديه خطة طويلة الأمد...كانت خططه قصيرة، تتضمن شهورا أو سنة بالأكثر و كلما كبر و ازدادت معرفته للحياة كانت تتغير خططه على حسب حاجته...لطالما شبهه والده بالبحار الذي يقود سفينته نحو جهة محددة بدون أن يسمح للجو و الرياح أن تغير مساره إلا نادرا...وجهته دائما كانت قصيرة الأمد و سرعان ما تتغير لوجهة أخرى فور أن تنتهي حاجته إليها...والده يشبهه بهذا رغم أنه كان من زرع فيه كل هذه الأشياء...يتذكر دائما الجملة التي كان يخبره بها منذ صغره: "الحياة لا تحتاج إلى عواطف البشر بل تحتاج إلى حكمتهم...كي تكون حكيما عليك أن تترك العواطف جانبا...عليها أن تكون بمثابة الرياح التي لا تستطيع أن تواجهها سوى إن كانت قوية".
أغمض عينيه و صوت والده الحازم يتردد داخل عقله: "ثلاثة أشياء تقتل الحكمة و الكبرياء يا مالك: الاهتمام، الحب و الغرور"...بقدر ما كانت كلمات والده واثقة، بقدر ما كانت صادمة له....أن يعرف بطريقة غير مباشرة أن والده لم يحب أمه، تلك المرأة الرقيقة التي تستحق كل الحب...
عاد عقله ليتذكر ما فعله، لقد ترك غروره يستولي على عقله، ففقد حكمته أمامها هي بالذات هذا المساء...كما فقدها قبل سنتين بعد ما سمعه...بعد الذي لفقته تلك الفتاة في حقها، فدفعه غروره ليهينها بأبشع طريقة قبل أن يجلس مع نفسه بعد ذلك و يفكر في ما حصل فيعرف أن قمر ما كانت لتفعل ما أخبرته به تلك الفتاة...ربما اعتذر لها، ربما سامحته رغم انقطاع صداقتهما...ربما وافقت قبل أشهر على تصريحه لأن تعود صداقتهما إلى ما كانت عليه...لكنها حقا لن تعود كذلك، خصوصا بعد الذي حدث هذا المساء...
بخطوات مسرعة كان يجلس ليرتمي على كرسيه والده و يده تغير تلقائيا الصورة الشاشة بواحدة أخرى تحمل منظرا بديعا لشمس تغرب...ظل يحدق فيها بهدوء غافلا أنه بعد أن استولى غروره قبل ساعات على عقله و جعله يفعل ما فعل كان ينقاد ببطء بسبب التيار الآخر الذي يكسر قوة الحكمة...نحو تيار الاهتمام...
*********************************************
-"عزيزتي قمر لقد وصلتك صديقتك".
ابتعدت الخادمة عن باب غرفتها لتدلف تماضر إلى الداخل و تعانق صديقتها بحب...جلست الفتاتان على السرير فقالت قمر: "أشكرك لأنك أتيت تماضر".
قال تماضر و هي تحرك خصلات شعرها إلى الخلف في حركة اعتادتها : "لقد كنت عند طبيب الأسنان، موقعه قريب من منزلكم لذا لم يمانع والدي أن أقضي معك بضع ساعات قبل أن يعيدني إلى المنزل...لقد أخبرتني في اتصالك أنك التقيت بحجر الصوان، هيا احكي لي ما حدث بينكما".
قصت على صديقتها ما حدث منذ حادثة سيارة الأجرة و حتى نهاية الحفل...عندما توقفت عن الكلام همست تماضر بهلع: "رباه! لولا وجوده في المكان لما نجوت من ذلك الوغد...عليك أن تتوقفي عن ركوب سيارات الأجرة يا قمر، لا أدري حتى لم تعاندين والدك الذي خصص لك سيارة بسائقها؟"
-"لقد أخبرتك أن السائق كان في إجازة".
-"لا أتحدث عن اليوم فقط...قبل ثلاث سنوات كنت ستتعرضين للاختطاف لأنك غادرت المنزل بدون علم أهلك و كنت عائدة بسيارة أجرة، و اليوم كنت ستتعرضين لاعتداء...هل تودين أن تقتلي أهلك بتصرفاتك اللامسؤلة؟"
ابتسمت قمر بمرح ثم قالت: "انظروا إلى المستهترة التي تقدم النصح، و كأنك لا تركبين سيارات الأجرة أيتها الأميرة".
قالت تماضر بواقعية: "أنا أعرف جميع الأماكن التي أرتادها، و إن كنت أجهل مكان ما أطلب من أبي أو أي شخص أثق فيه أن يقلني إلى هناك...كما أنني أحمل رذاذ الفلفل معي دائما منذ ما حصل ذلك اليوم الذي أنقدتني فيه أنت و سليم".
أحست برجفة صديقتها أثناء همسها بالجملة الأخيرة، قبل أن تستعيد هدوءها و تتابع كلامها قائلة: "أما عن تصرفاته في الحفل، فسأخبرك أنها لا تعني بأنه يحبك قمر".
تنهدت قمر ثم قالت ببساطة: "أعرف".
-"أتذكرين أيام الثانوية، عندما كنا نصادفه مرات عديدة فتتبادلان الابتسامات و النظرات...لقد كنت أظن وقتها أنه مهتم، لكن ظني لم يكن في محله".
همست قمر و عقلها شارد في ذكرى تلك الأيام: "أنا كذلك كنت أظن ذلك...كنت غبية جدا".
غمغمت تماضر بدورها: "و أنا أيضا كنت غبية جدا".
كانت تعرف قمر أنها تتحدث عن شادي، لأن بضع لحظاتهما معا جعلتها تظن أنه مهتم قبل أن تصدم بالحقيقة: أنه كان يسخر منها فقط...على الأقل مالك لم يسخر قط من قمر و إلا لكانت اقتلعت قلبها من جذوره حتى تتوقف عن حبه...
ذكر شادي جعلها تسأل صديقتها باهتمام: "هل لا زلت تلتقين به في موقف الحافلات؟"
أسبلت تماضر أهدابها ثم قالت بهدوء: "أجل، لا زلت رغم أنني أحاول تجنبه".
و قد كان ادعاء كاذبا لأن الأمر تجاوز مجرد لقاءات صباحية عابرة، كما تجاوز الأمر اتصالات ليلية تمتد لساعات...لقد طلب منها الأسبوع الماضي أن تصبح حبيبته و لحد الآن لم ترد على طلبه الذي واجهته بكلماتها الساخرة...كلمات أخفت من خلفها ما الذي يريده قلبها، كما حاولت أن تلهي نفسها عن الأمر طوال الأسبوع بالدراسة، لكن ما إن ترتمي على سريرها ليلا يعود صوته الأجش الهامس في أذنها ليفعل بقلبها الأعاجيب: "هل ترغبين بأن تكوني حبيبتي؟"
قلبها يرغب بشدة، و عقلها يرفض بشدة و بين هذا و ذاك تقف هي حائرة خصوصا أن طلبات قلبها تجاوزت حبها له بكثير...
لقد كان يطالبها بالثأر للكسر الذي سببه له شادي في الماضي بعد أن رفض حبها و سخر منه، و يبدو أن الفرصة قد أتتها على طبق من ذهب حتى تنتقم منه...
ستجعل شادي مفيد يتعلق بها و يحبها و بعد ذلك ستتركه ليتذوق طعم الألم...
لم تكن تعلم أن انفعالاتها مع الأفكار التي تدور بعقلها كانت واضحة جدا لقمر التي همست بريبة: "شرودك و بريق عينيك لا يعجبني تماضر، أ تخططين لشيء ما؟"
رمشت صديقتها بعينيها قبل أن تقول ببراءة: "لا أخطط لأي شيء...كنت أفكر في مالك، لطالما جعلتني تصرفاته معك أشعر بأنه مصاب بانفصام في الشخصية".
ضحكت قمر عاليا لتقول بعد أن توقفت: "لا تغرني حجتك الواهية...إن كنت لا تريدين إخباري بما يشغل بالك فلا بأس...لكن تذكري أنني دائما موجودة و مستعدة لسماعك في أي وقت".
أومأت تماضر برأسها و هي تهمس في سرها: "ستعرفين قريبا يا قمر، فصبرا"...لتغمغم بهدوء: "سيأتي والدي في أية لحظة ليقلني...ما رأيك أن توصليني إلى الباب يا قمر؟"
-"حسنا يا مدللة، سأرتدي معطفك و أوافيكِ".
نعت صديقتها لها بالمدللة جعلها تتذكر ابراهيم تلقائيا و تتذكر تجاهلها لاتصالاته و رسائله في الآونة الأخيرة...حملت هاتفها لترد على آخر رسالة أرسلها لها باعتذار لائق ثم أعادته في حقيبتها مع ظهور قمر أمامها لتسيرا معا إلى الخارج دون أن تنتبه إلى صديقتها التي همست: "و حتى يتم الأمر كما يجب، على صداقتي بإبراهيم أن تتوطد خلال المدة القادمة"...
كانت تعرف أنها تلعب بالنار، لكنها تعلم جيدا أن كل شيء جائز في الحرب و الحب، لكنها لن تدرك حاليا أن من يلعب بالنيران يكون أول من يحترق بها....
*********************************************
ترجل السيد اسماعيل من سيارته أمام بوابة منزل عائلة قمر -صديقة ابنته- و قبل أن يرن الجرس كان يلمح السيارة التي توقفت أمامه و الثنائي الذي ترجل منها: كمال و نجاة والدا قمر...يبدوان و كأنهما تزوجا قبل أيام فقط و ليس قبل سنوات بأيديهما المتعانقة و ضحكاتهما العالية و نظرات الحب المرتسمة في عينيهما...لم يشعرا بأنهما تحت المراقبة حتى تنحنح ليلقي تحية المساء بهدوء...فردا التحية معا قبل أن يفتح كمال الباب و هو يدعوه للدخول...
انفتح الباب الداخلي للمنزل ليرى ابنته التي نزلت الدرجات القليلة برفقة صديقتها، قبل أن تترك قمر تماضر فور رؤيتها لأبيها و تهرول لتتعلق بعنقه فيضمها بقوة...لم يعرف أن المشهد الذي هزه و جعله يتساءل منذ متى لم تقم ابنته البكر بهذه الحركة؟ جعل ابنته أيضا تتساءل عن آخر مرة ضمها فيها والدها...كل واحد منهما يحمل الآخر ذنب التقصير رغم أنهما شريكان فيه معا: فإهماله لابنته هو من جعلها تبتعد و تتمرد على كل مبدئ يؤمن به...
سمعها تهمس بتحية المساء بأدب قبل أن تسلم على والدي صديقتها ثم تودع صديقتها ليهمس هو الآخر بعبارات وداع قبل أن يستديرا و يغادرا...عندما انطلق بسيارته قطع الصمت بقوله: "لِمَ لا تتعلمين من قمر؟"
لتهتف بحدة: "لم لا تتعلم أنت من والد قمر؟ أم أن حبك مقتصر على ابنتك الصغرى المدللة".
صرخ في وجهها: "احترمي والدك يا فتاة".
لم تنكمش على نفسها كما كانت تفعل في كل مرة يوبخها، بل كانت تهمس بصوت كالفحيح: "عندما تحترمني أنتَ يا أبي و تحترم رغباتي سأحترمك".
لم تشعر إلى و كفه تصفع وجنتها بقوة جعلتها ترتد إلى الخلف و يجرح جانب شفتها...همس بصوت كالزئير: "وقحة و لا أعلم من أين ورثت الوقاحة؟"
لم تجبه لأنها أحست بنفسها اكتفت...اتكأت على زجاج النافذة ثم سالت دموعها بصمت في الوقت الذي بدأ المطر بالهطول و كأنه يشاركها حزنها...توقف والدها أخيرا أمام البناية التي يسكنان فيها فترجلت من السيارة صافقة الباب بعنف ثم صعدت بسرعة إلى شقتهم التي تقع في الطابق الثالث دون استخدام المصعد...ما إن دلفت حتى توجهت إلى غرفتها دون أن تلقي التحية على والدتها و أختها و ما إن ارتمت على السرير حتى دفنت وجهها في وسادتها و لم تتوقف عن البكاء...
*********************************************
-"لقد طلب السيد وائل رؤيتك يا ندى".
أومأت ندى برأسها و هي تزيل مئزر المطبخ قبل أن تغادره و تصعد إلى الطابق الثاني حيث يقع مكتب مدير المقهى الذي تشتغل فيه بدوام جزئي -و الذي احتفلت فيه مع أصدقائها بعيد ميلاد محمد-. طرقت الباب فسمعته يأذن لها بالدخول فدلفت لتقف أمام مكتبه الكبير و هي تشعر بالتوتر...مد لها ظرفا أبيض اللون و هو يقول بصوت رخيم: "راتبك الأسبوعي آنسة ندى".
نظرت إلى الظرف باستغراب قبل أن تقول: "لقد أخبرتك أنني أتنازل عن مبلغ هذا الأسبوع من أجل الاحتفال الذي قمت به هذا المساء".
-"بالفعل هذا ما اتفقنا عليه قبل أن تدفع صديقتاك ثمن احتفالكم هنا".
كورت ندى قبضتها و هي تتوعد عائشة في سرها لأنها أخبرت قمر عن عملها هنا...لم تكن تريد أن تعرف ابنة الطبقة المخملية بأنها تعمل نادلة حتى تحصل على راتب إضافي غير المنحة الدراسية و المال الذي ترسله لها والدتها...غادرت المكتب بعد أن تمتمت بعبارات شكر ثم توجهت إلى غرفة التبديل لترتدي ملابسها العادية بدلا من ملابسها عملها الرسمية قبل أن تغادر المقهى...سارت في الشارع الذي خلا من الراجلين تقريبا و هي تبحث عن سيارة أجرة، لتشعر فجأة و كأنها مراقبة من طرف أحدهم...التفتت حولها تنظر بذعر لكنها لم تجد شيئا مريبا...يبدو أن سماعها لما حصل لقمر أثر على عقلها...أرادت عبور الشارع لكن صوتا رجوليا أجشا أوقفها بندائه: "ندى".
التفتت ناحية الرجل الذي يقف خلفها فتمنت للحظة لو أنها ادعت عدم سماع ندائه و تابعت طريقها إذ أن سبب حقدها على الأغنياء كان واقفا قبالتها مباشرة...
*********************************************
يدندن بلحن مبهم أثناء عمله على حاسوبه في الوقت الذي كانت تقرأ فيه كتابا...رفعت عينيها ناحيته فجأة ثم قالت: "مزاجك رائق يا كمال".
بدون أن ينظر إليها كانت ابتسامة تمرح على شفتيه قبل أن يقول: "و لم لا يكون كذلك يا نجاتي؟"
عقد لسانها كعادتها في كل مرة يعتبرها نجاته، ثم أسبلت أهدابها بخفر لم تتخلى عنه رغم مرور عشرين عاما على زواجهما...طرق على الباب جعله يعدل عن الهمس بالتعليق المرح الذي كان سيلقيه على مسامعها...دلفت ابنتهما و هي تخفي يديها خلف ظهرها ثم قالت: "انشغالي هذا اليوم منعني من تقديم هديتي لكما...أتمنى لكما سنوات سعيدة مليئة بالمحبة".
وضعت الهديتين على الطاولة الصغيرة التي كانت تقابل والدها...انضمت نجاة بجوار زوجها على الأريكة و هي تحمل العلبة الحمراء ثم قالت قبل أن تفتحها: "صارت صغيرتي كبيرة و أصبحت من تذكرنا بذكرى زواجنا و تشتري لنا الهدايا".
نقل كمال نظراته بين زوجته و ابنته ثم هتف بصدمة: "أنظري إلى أمك لقد لغت وجودي و هديتي و كأنها لم تفرح بها قبل قليل كطفلة صغيرة و اتهمتني بالنسيان لمجرد أن ابنتنا من سبق في تقديم التهنئة لها".
ضحكت قمر برقة ثم قالت بمرح: "حتى تعرف مكانتي بقلبها".
كانت نجاة لاهية عنهما بفتح هدية ابنتها لتتسع عينيها بانبهار لمرأى التحفة الكرستالية التي تحمل سمكتي "دولفين" تستعدان للقفز بقلب الماء...نظرت إلى ابنتها و هي تقول: "إنها خلابة...أليس كذلك يا كمال؟"
قال كمال بملل: "لو كنت أعلم أنها ستثير إعجابك أكثر من هديتي لكنت اشتريتها لك".
غمغمت بنبرة غير مصدقة: "لا أصدق أنك تغار من ابنتك يا كمال".
مال كمال ليهمس في أذنها بوقاحة: "كرري فقط همسك لاسمي بهذه الطريقة و سأقبلك دون احترام لوجود ابنتنا معنا".
ظهرت الصدمة جلية على وجهها ثم نظرت إلى قمر لتجدها تعبث بهاتفها...زفرت بارتياح لأنها لم تسمع ما قاله والدها فرفعت قمر رأسها لتقول بغضب: "ألم تفتح هديتي بعد يا أبي...سأخاصمك إذن".
حمل والدها العلبة و هو يغمغم بكلمات تجعلها تنسى قرارها المازح ثم نظر إلى الساعة الرجالية الأنيقة ليقول بإعجاب: "هدية رائعة من ابنتي الغالية".
جلست بينهما على الأريكة ثم قالت: "الآن حان وقت سماع الحكاية؟"
-"أية حكاية؟"
تساءلت والدتها باستغراب فردت قمر بهدوء و هي تمسك يدي والديها بيدها: "حكاية لقائكما و زواجكما".
ابتسمت والدتها برقة ثم قالت و هي تداعب خصلات شعر ابنتها البنية: "ألا تملين من سماعها، أخبرتك بها أكثر من مرة".
قالت قمر بشرود و هي تعبث بالقلادة المخفية تحت ملابسها: "أريد أن أسمعها منكما معا هذه المرة...فربما قررت كتابتها مستقبلا، وقتها علي أن أنقل أحاسيسكما كما هي بين سطوري قصتي".
التقت أعين نجاة و كمال للحظات قبل أن تقول والدتها بهدوء: "هل أبدأ أنا، أم تبدأ أنت يا كمال؟"
غمغم مجيبا بصوت أجش: "ابدئي أنت حبيبتي".
همست نجاة بهدوء: "تعلمين أن والدك كان يدرس في كلية الزراعة و البيطرة؟ أما أنا فكنت أدرس بقسم القانون بالجامعة؟"
أومأت قمر برأسها، فتابعت والدتها قائلة: "كان والدك في السنة الأخيرة من دراسته...لم يكن يود أن يبدأ حياته المهنية كطالب عادي يبحث عن وظيفة في شركة صغيرة أو مرموقة، بل كان يود أن يبني عمله الخاص بنفسه...لقد كان طموحا و يسعى دائما لتحقيق أحلامه مهما كانت صعبة و أظنك ورثت الأمر عنه يا قمر...المهم، والدك قبل بداية تلك السنة كان قد اجتاز امتحان "باكالوريا حرة" و التحق في بداية السنة بقسم الاقتصاد...كان قسم الاقتصاد هو القسم الثاني في الكلية التي أدرس فيها و هناك كان أول لقائنا".
تولى كمال الكلام بدلا عن زوجته: "أول لقاء لنا كان لقاءا عابرا...لم أكن أذهب إلى الكلية إلا لماما بما أن في كليتي الأولى علي الالتزام بالانضباط...كانت لدي حصة إضافية تصادف يوم الجمعة مساءً و لم أكن أدرس مساء الجمعة فقررت الحضور...كانت المجموعة التي تدرس قبلنا في المدرج تنتمي إلى شعبة القانون...عندما دلفت إلى المدرج أثار انتباهي نقاش حاد بين شاب و فتاة أثناء مغادرتهما المدرج...أعجبت بطريقتها في الدفاع عن رأيها و التمسك به رغم أن زميلها يحاول إقناعها برأيه...غادرت و ظلت ذكرى ذلك الحوار تزورني لمدة طويلة قبل أن أركنه في زاوية من عقلي لأنني أكثر انشغالا من التفكير في حوار عابر حضرته...لقاؤنا الثاني كان بعد أشهر طويلة من ذلك اللقاء... كنت في السنة الثانية و كنا ندرس القانون، رغم تفرغي وقتها تماما لدراسة الاقتصاد بعد أن حصلت على شهادتي في كلية الهندسة الزراعية، كنت أكره حضور حصص هذه المادة لأن الأستاذ يصيبني بالملل...و مع اقتراب الامتحانات و تراكم الدروس كان علي أن أبحث عن شخص يشرح لي المحاضرات فدلني زميل عليها لأنها كانت من الأوائل في شعبتها".
ضحكت نجاة ثم قالت: "أتذكر تلك الأيام؟ كنت طالبا يائسا إلى أبعد حد يا كمال...كنت أشرح له محاضرة و يظل لساعات يحفظها في المكتبة في الوقت الذي أراجع فيه دروسي...مرات كثيرة كان يشرد و أجده يكتب مقالات على الأوراق أو يحل عمليات رياضية...لقد كان تدريسه أمرا متعبا جدا لكننا جنى ثماره في الامتحان".
قال كمال بإقرار: "أعترف أنك كنت نجاتي".
قالت والدتها: "ظلت علاقة صداقة قوية تجمعنا، خصوصا أنني ساعدته في فهم القانون التجاري أيضا في الأسدس الثاني...بعد مدة اكتشفت أن مشاعر قوية ناحيته كانت تملأ قلبي...كان والدك ساحرا و أي أنثى كانت ستقع في غرامه إن كانت قريبة منه كما كنت أنا...الاعتراف بالأمر بيني و بين نفسي أذهلني، كان علي أن أتجاهله؛ كنت في التاسعة عشر من عمري و كان أمامي مشوار دراسي طويل خصوصا أنني كنت أحلم بأن أصبح أستاذة جامعية، فكيف يقتحم الحب قلبي في هذا الوقت الحساس؟"
-"لم تكن تعلم أنني أنا أيضا كنت غارقا في غرامها، و كنت أنتظر أن أبني شركتي أولا قبل أن أتقدم لخطبتها لذا أخفيت الأمر إلى حين".
قالت قمر هذه المرة: "لكنه لم يخف الأمر و اعترف لك بحبه صحيح؟"
أومأت والدتها برأسها ثم قالت: "وقتها لم يكن أحد يتحدث عن الحب صراحة...كان الجميع أكثر حياءً من ذكر هذا الشعور على الألسن و كأنه شيء مقدس...حتى الشاب عندما يتقدم لطلب يد فتاة يخبرها و يخبر أهلها أنها فتاة مناسبة لتكون زوجة له...إلا والدك لم يخجل من أن يخبرني بذلك صراحة...حتى أنه أخبر أهلي بذلك".
ضحك والدها بمرح قبل أن يقول: "أوقفتها ذلك اليوم أمام باب المدرج الذي درست فيه آخر حصة...كان الأمر في حد ذاته شائنا وقتها فأي فتاة كانت تتحدث مع شاب خارج أوقات الدراسة و في غير الدراسة كان يثير الأقاويل...لكنني لم أهتم و أنا أطلب منها أن نلتقي في المقهى القريب من الكلية أمام صديقاتها...توجهت إلى هناك و جلست على طاولة منزوية أنتظرها فجاءتني على استحياء هي و صديقتها المقربة متعللة أنها لا يمكنها أن تجلس في مكان عام مع شاب غريب...كانت صديقتها أكثر لطفا و هي تجلس على الطاولة القريبة منا لأقول لوالدتك بدون تردد: أحبك، و أريد أن أتزوج بك رغم أنني لا أملك حاليا غير عملي في محلات الصاغة الخاصة بوالدي...لكنني أعدك إن وافقت أنني سأبحث عن عمل في أي شركة مؤجلا حلمي بإنشاء واحدة خاصة بي إلى حين".
قالت قمر بحماس: "و بماذا أجابتك أمي، هل وافقت أم رفضت؟"
ردت والدتها بهدوء: "رفضت بداية متعللة بدراستي، لكنني لم أجد سوى الموافقة بعد أن أخبرني أنه لن يعارض مشواري الدراسي و سيدعمني فكتبت له رقم هاتف بيتنا حتى يتصل بوالدي".
تابع كمال: "و عندما اتصلت به و التقينا و رفض أن يزوجني ابنته اعترفت له بحبي لها".
انفجرت قمر ضاحكة ثم قالت: "أحاول التخيل كيف كانت ردة فعله".
اعتدل كمال ثم قال بهدوء: "سأحكي لكِ بالتفصيل"...
*********************************************
قبل سنوات:
كان كمال جالسا بالمقهى الذي اتفق مع والد نجاة أن يلتقيا فيه...جسدين حجبا عنه الرؤية فرفع عينيه لينظر إلى الرجل الكهل و إلى الشاب الذي يرافقه...قال كمال بهدوء: "أنت السيد مصطفى؟"
ليجيبه الرجل بسؤال آخر: "و أنت السيد كمال بن سودة صحيح؟"
أومأ كمال برأسه فجلس الرجلان ليبدآ بتبادل أطراف الحديث قبل أن يقول مصطفى بصوت رخيم: "لقد اتصلت بي مساء الأمس و أخبرتني أنك تود الحديث معي في موضوع مهم".
أومأ كمال برأسه ثم قال: "أجل...لقد طلبت الرقم من كريمتكم الآنسة نجاة إنها تدرس معي في نفس الكلية و قد أردت أن أتحدث مع سيادتكم قبل أن أتقدم لخطبتها رسميا".
قال والد نجاة باستغراب: "تدرس معك؟ تبدو لي أكبر سنا من أن تكون زميلها"
-"هي زميلتي في الجامعة فقط، أنا أدرس بقسم الاقتصاد كما أنني حاصل على دبلوم هندسي من كلية الزراعة و البيطرة...أنا أدرس فقط الاقتصاد من أجل أن أتعرف على أساسيات إنشائي لمقاولتي الخاصة و كيفية إدارتها".
أومأ الرجل برأسه ثم قال: "جيد جدا يا بني...وفقك الله و سهل دربك، لكن مع الأسف ابنتي لازالت في بداية مشوارها الدراسي و أنا لن أحرمها من دراستها من أجل الزواج".
هتف كمال بتهور: "لكنني أحبها".
صدم السيد مصطفى من تصريح الشاب، ليخرج مرافقه من صمته و يقول باندفاع: "قلت تحبها؟ احترم وجودنا أمامك أولا و الفتاة التي تتحدث عنها و احترم نفسك أيضا...أنا المتزوج منذ سبع سنوات لم أخبر زوجتي بأنني أحبها بيننا فكيف أهتف بها أمام الملأ؟"
أسند كمال ظهره على كرسيه قبل أن يقول بهدوء: "الحب ليس جرما حتى لا تخبر زوجتك به أو حتى لا أعترف به أنا...إنه شعور طبيعي جدا بين الناس و قد ذكر في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم حبه لأمنا خديجة و عائشة قبل سنوات، فلم نحن نخجل من همس تلك الكلمة أو عندما نقولها نغمغم بها بخفوت و كأن الحب مرادف للعار".
ثم تابع قائلا: "اسمعني يا سيدي، أنا أعرف أن كريمتكم تريد أن تتابع دراستها و أنا لن أعارض على ذلك بل سأكون داعما لها في كل خطوة تخطوها كما ستكون داعمة لي...هذا هو الزواج في النهاية: دعم و شراكة و تضحية وود و محبة و مساندة في السراء و الضراء".
عندها صمت الرجلان للحظات و بديا راضيين تماما على ما قاله...لينتهي الصوت عندما تمتم حماه بهدوء: "ننتظر زيارتك برفقة أهلك قريبا يا بني"...
*********************************************
غمغمت قمر بعد انتهاء سرد والدها: "دعوني أفكر...الشخص الذي كان يرافق جدي رحمه الله ذلك اليوم هو والد سليم".
-"كيف عرفتِ؟"
سألتها والدتها باستنكار فقالت قمر و هي تقوم من مكانها: "عندما يجتمع هو و أبي في مكان واحد أحس بذبذبات غريبة تلف الأجواء...عموما أنا أعرف جيدا تفاصيل خطبتكما و الزفاف، لذا سأكتفي بهذا القدر و سأتوجه لغرفتي لأنام...لدي تدريب يوم غد استعدادا لسباق الفروسية الذي سيقام في النادي".
-"قمر".
التفتت ناحية والدها الذي ناداها، فقال بهدوء: "القصة التي حاكيناها لك لا تنطبق على الجميع...الحياة ليست وردية تماما و كما تهدينا أوقات سعيدة تجعلنا نعاني في كثير من الأوقات".
غمغمت قمر بشرود: "أعرف هذا جيدا و الدليل على ذلك مرض والدتي الذي تجاوزناه بعد سنوات من العلاج".
-"عديني إذن أنك إن خدلت يوما من طرف أحدهم أنك ستنهضين و تتابعين حياتك كما كانت دون أن يهزك الأمر...كوني كالجبل يا ابنتي لا يصيبه زلزال صغير بأي خدش".
أومأت برأسها ثم تمنت لهما ليلة سعيدة لتغلق الباب و تتكئ عليه...
ما قاله لها والدها الآن يدل على أنه لا يصدق إدعاء التماسك الذي ترتديه منذ ذلك اليوم...لكن لا أحد يعرف أي شيء عن القصة لأن مالك لم يخذلها...مالك ببساطة لم يعدها بأي شيء و لم يعرف بحبها له...
و أنها هي من خذلت نفسها عندما استعملت أغبى طريقة لتجعله يغار عليها و يدرك حبه لها...حبه لها الذي لم يكن له وجود سوى في خيالها...
*********************************************
دلفت إلى الشقة التي تقطن فيها مع زميلات لها، فتفاجأت بتحرك إحداهن بتوتر في الصالة...ما إن رأتها حتى قالت بعتاب: "لقد تأخرت يا ندى و قلقت عليك".
تحركت ندى إلى الداخل دون أن تتعب نفسها بإجابة زميلتها...دلفت إلى غرفتها ملقية حقيبة ظهرها بإهمال ثم استلقت على السرير بملابسها و عقلها يعيد الحوار الذي دار بينهما...بقلق همست الفتاة التي كانت تنتظرها أمام الباب -و التي تشاركها الغرفة- : "حبيبتي ندى، هل أنت بخير؟"
قاطعت ندى كلامها حتى لا تتقاذف الأسئلة الفضولية إلى مسامعها: "أنا بخير، فقط متعبة بعد نهار عمل، أيمكنك أن تستلقي على سريرك و تطفئين الإنارة؟ أريد أن أنام".
هزت صديقتها رأسها و نفذت ما طلبته لتعود ندى إلى من جديد تذكر الحوار الذي تبادلته معه... وضعت الوسادة فوق رأسها و كأنها تحجب الذكرى عنها، لكن الكلمات كانت تتقافز في عقلها ساخرة، تخبرها أن ما حصل لم يكن حلما أبدا...
نامت على ظهرها محدقة في السقف بشرود و الجملة الوحيدة التي همستها بعد كلامه الطويل و رفضها لمبادلته الحديث ترن كجرس في عقلها: "بعد كل هذه السنوات، بعد كل هذا الجفاء من طرفك، بعد أن منعتني مرارا و تكرارا من زيارتك لأتحدث معك تأتي الآن لتخبرني عن ندمك و رغبتك بأن نبدأ صفحة جديدة من أجل مصالحك الخاصة...لا و الله لن أقوم بذلك، فأنا لا أدين لك بشيء كما لا تدين لي...رباه! أنا حتى لا أعرفك، فكيف تطلب مني أن أبدأ معك صفحة جديدة؟"
ليرد عليها ببرود استفزها: "لأنني لست الشخص الوحيد الذي سيستفيد من الأمر...ستستفيدين أنت و والداتك أيضا...في النهاية أنت ابنتي و أرغب بأن أراك تعيشين حياة مريحة و سعيدة".
-"لا أحتاج لخططك لكي أكون سعيدة".
منعت نفسها من همس الجملة فأردف قائلا بعد أن كان صمتها الضوء الأخضر حتى يتابع كلامه: "مساء بعد غد، ستقام مباراة للفروسية في نادي والد صديقتك...أظنك تعرفينه لأنني رأيتك هناك معها، لقد تلقيت دعوتين للحضور سأمر إلى مقر سكنك حتى أصطحبك".
همست بفظاظة: "لقد تلقيت دعوة بدوري قمر صديقتي و بالتأكيد سأكون هناك لأدعمها".
ارتسمت على شفتيه شبه ابتسامة قبل أن يقول: "حسنٌ إذن لنلتقي هناك و نتحدث عن الموضوع بالتفاصيل".
منعت نفسها بأن تخبره بأنها ستسعى جاهدا حتى لا ترى وجهه ثم غادرت السيارة الفارهة بعد أن قرر أن يوصلها إلى البناية التي تقطن فيها أثناء حديثهما...
أسبلت أهدابها بعناد و لسانها يتمتم بأذكار النوم ليكون آخر شيء همسته قبل أن تنام: "لن أسمح لهذا اللقاء بأن يؤثر على حياتي...لن أسمح له بأن يحقق ما يريده عن طريقي مهما فعل"...
*********************************************
لا تدري كم مر من الوقت و هي تبكي حتى هجرتها الدموع كارهة انهيارها ذاك...تحركت بتثاقل ناحية الحمام لتنتعش و تستعيد هدوءها ثم استلقت بقلب سريرها حاملة هاتفها لتتصل به... رن الهاتف طويلا قبل أن يجيبها بصوت ناعس: "مرحبا".
غمغمت معتذرة: "شادي، آسفة لأنني أيقظتك من نومك، لكنني قلقت عليك لأنك لم تتصل منذ مدة".
غمغم بهدوء: "لقد أخبرتك أنني سأتركك تفكرين بطلبي بدون أن أمارس ضغطا عليك".
قالت تماضر بسرعة: "بما أنك ذكرت الأمر، ما رأيك أن نلتقي يوم غد في المقهى الذي التقينا فيه قبل أسبوع...أريد أن أتحدث معك في موضوع مهم".
-"هل يعني أنك فكرت في الموضوع؟"
قالت بإصرار: "غدا نتحدث عن الأمر بالتفصيل يا شادي، أنتظرك على الساعة الرابعة...أتمنى ألا تتأخر كالعادة لأنني مرتبطة بمناسبة عائلية مساء يوم غد".
أغلقت في وجهه الخط حتى لا تجعله يضيف أي شيء، ثم حملت هاتفها لترسل رسالة إلى ابراهيم: "هل يمكننا أن نلتقي مساء يوم غد الساعة السادسة في النادي؟"
أجابها على رسالتها فابتسمت بخبث و هي تنزلق بقلب سريرها و هي تهمس: "ها قد حان وقت اللعب بقلوب الشباب"...


Fatima Zahrae Azouz غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:04 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.