|
مشاهدة نتائج الإستطلاع: أي ثنائي جذبتكم قصته أكثر ؟؟ | |||
نديم و بريهان | 23 | 34.33% | |
آصف و نادية | 44 | 65.67% | |
أكرم و إيثار | 10 | 14.93% | |
إستطلاع متعدد الإختيارات. المصوتون: 67. أنت لم تصوت في هذا الإستطلاع |
| LinkBack | أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
17-11-19, 11:48 PM | #521 | ||||||||||
عضو ذهبي
| اقتباس:
كان الله فى عونك ياحبيبتى وربنا يوفقك ويباركلك فى اولادك يارب | ||||||||||
17-11-19, 11:55 PM | #522 | ||||||||
قاصة هالوين
| اقتباس:
| ||||||||
21-11-19, 04:11 PM | #524 | ||||||||
نجم روايتي
| نغوم ي نغومه ما اتفقنا على كذا ....😁😁 عاوزة فصل دسم وثقيل الاحد القادم بإذن الله ... والإ نحن المتابعات بنعمل ثورة وتسلمينا مقاليد الرواية بالكامل😂🙄 منتظرينك ي عسولة 😍 | ||||||||
24-11-19, 07:04 PM | #525 | |||||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
| السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا ليكو قوي يا بنات على الدعم و الانتظار أعتذر عن عدم الرد على تعليقاتكو الأخيره ،الأسبوع الي فات كان زحمه فوق الوصف موعدنا الليلة مع الفصل 19 بعون الله | |||||||
24-11-19, 09:25 PM | #527 | |||||
| اقتباس:
| |||||
24-11-19, 09:39 PM | #529 | |||||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
| الفصل التاسع عشر تلفت أكرم يجول بأنظاره يتفقد القاعة حوله . كانت فارغة إلا منهما ، عميقة الصمت كأن موجوداتها تترقب مثله ما سيحصل بينهما . تقدم من مكانها متمهلا ، كله رغبة في إشباع عينيه مما يبدو له من جانب وجهها الشارد . على أرض الواقع لم تفصله عنها سوى خطوات قليلة لكن داخل عالمها الخاص كانت توجد الآن في مكان سحيق بعيد عن إدراكه و تناوله . توهانها عميق يغمرها ، يغوص بها ، يعزلها روحا و جسدا عما حولها حتى أنها لم ترفع عينيها نحوه و لم يبدر منها أية حركة تدل على انتباهها لدخوله عليها . غارقة في أفكار ، أحلام أو ربما لا شيء ، حائرة محيرة لقلبه و باله كما لحظة أن رآها . بعيدة كأنها وعد ينتظر التحقيق . واصل التقدم منها تصير خطواته أبطأ ، أنفاسه أسرع . الضوء النيون الأبيض الكئيب سار بين ملامحها فانتعش و سار له بريق . و أشع بها و منها . ينسكب على جبينها الناعم ثم يتسرب بين أهدابها فتتموج ظلالها فوق شحوب وجنتيها . اختلجت رموشها فأخذت ما تبقى من مقاومته ، عصفت بهدوء صمته و علا صوته يسبق تفكيره و هل فكر ؟ - ماذا تفعلين هنا ؟ في هذا الوقت يا آنسة ؟ وحدك ؟ صوته بدا كأنه لسع دون رحمة جدار شرودها . رآها تنتفض بقوة في مكانها ، تلتفت نحوه دفعة واحدة ، شاحبة ، مصدومة ، غير مستوعبة فيتضامن اهتزاز حدقتيها مع خفقات قلبه هو المتسارعة . - أنا ، بدأت تهمهم باضطراب ، أنا .. ثم توقفت ترفع يدها و تضعها على موضع قلبها . - أفزعتك ؟ أنا آسف . رشقه الضعف المذهول في نظراتها فأضاف بصوت أكثر لطفا : - لم أقصد ، فقط استغربت وجودك وحدك و آخر حصة انتهت ، نظر نحو ساعته ، منذ ساعات . - أنا هنا لأن الدكتور عبد الرازق كلفنا بإنجاز مشروع مصغر لكي نتدارك به درجاتنا المنخفضة في الاختبار و لم يعطنا وقتا كافيا و يجب أن يتم العمل على أجهزة الكلية كي لا نغش . صوتها الرقيق تأنى في الانسياب داخله فأسرع الخطى يمحو ما تبقى من فضاء بينه و بينها . - امم ، تمتم و هو يصل إلى مكانها و يستند بإحدى كفيه على المنضدة بجوارها . ما يزال يتبقى أمامك الكثير ؟ - لا أعلم دكتور ، هزت كتفيها فهزت تركيزه ، المفروض ليس أكثر من نصف ساعة ، سأغادر ما إن أنتهي . أعاد النظر إلى ساعته . - الوقت تأخر جدا ، الساعة تجاوزت الثامنة بقليل . كيف ستعودين إلى البيت ؟ - ابن خالتي سيأتي ليقلني . أمام قتامة نظراته أسرعت تضيف : - ابن خالتي و زوجته . أومأ برأسه و بداخله يجاهد كيلا تتسرب راحة طاغية شعر بها فتبدو على تقاسيمه التي إلى اللحظة يحتفظ بها جادة . - ماذا طلب منكم الدكتور عبد الرازق ، تمتم و هو يزيح عينيه منها إلى الشاشة . - طلب منا أن نرسم ميكانيزم مكون من عدة تروس . - ترسمونها بأنفسكم ؟ أو تأخذونها جاهزة من مكتبة البرنامج و تركبونها . - كل هذا مع بعض دكتور ، نرسمها و نجمعها و نضيف معها المحرك و نتأكد من أن الميكانيزم يدور بشكل جيد . - و لماذا يطلب منكم ذلك ؟ قطب جبينه و هو ينظر إلى صورة الترس المكبرة على شاشتها . - لأنه مسلم الديانة يهودي الطوية ، همست إيثار بمرارة . - عفوا !! ماذا قلت ؟ - لا شيء دكتور ، آسفة . أطرقت برأسها فورا تهرب من رفعة حاجبه المستنكرة ففاتتها ابتسامة التسلية التي سلطها على ملامحها المحرجة . - إذن هكذا نحن في أعينكم ؟ الأعداء . - البعض منكم نعم . رفعت عينيها بنظرة سحرت قلبه و غيبت فكره ثم همست : - لكن حضرتك لست منهم دكتور . نبضه زعق بشدة معترضا على ضيق صدر لم يعد يحتويه و دون أن يشعر انحنى أكثر في اتكاءه فصار رأسها عند حُدود كَتفه ، أَخْفَضَ بَصره فاصْطَدَمت عَيْناه بشفتيها . لا تمتان إلى الإغراء بصلة لماذا إذن يلتصق بصره بهما ، يسجل كل رجفة لهما . سرح حنجرته بصعوبة و قال ببقايا صوته القديم : - لديك خطأ يا آنسة . كلماته أطفأت فتنة اللحظة ، راقبها تتنهد بيأس و تقول بين زفراتها : - أعرف دكتور أعرف . - متأكدة أنك تعرفين ؟ - نعم ، أشارت إلى خانة على الشاشة و قالت ، أعتقد أني أخطأت في حساب الزاوية . - و الأصوب أن تجعليها أكبر و أصغر ؟ - أكبر طبعا دكتور . نظرت له بطرف عينها باندهاش ، ما باله يعاملها كطفلة ؟ منذ ثوان فقط شعرت به يحس بها و الآن ؟!! بجرأة غريبة عليها أدارت رقبتها باتجاهه تتأمل جانب وجهه عن قرب لأول مرة . بدا لها أصغر بسنوات مما اعتقدته . خدعها قناع تركيزه فارتجفت و هو الآخر يستدير إليها و يفاجئها بنظرة متفحصة ثابتة طويلة . أرادت أن تبتسم لكن محاولتها تعثرت و احترقت بلهيب رأته يتوسط مقلَتيه . تنفس أكرم بعمق و هو يراها تستسلم أمام تحديقه و تسدل أهدابها فيم واصلت رموشها حركتهم السريعة . هل رفيف الرموش يصدر صوتا ؟ إذن لماذا يكاد يشعر به يهدر وسط السكون ؟ أسدل هو أيضا جفنيه يراقبها تعود إلى إكمال تصميمها الهندسي و لعينيه الملتهمتين لتفاصيلها بدت كل حركة من أناملها على لوحة المفاتيح كعزف منفرد ، كل انزلاقة إصبع ، تراقص نفس ، كل تمايل شفاه كان يحرّر ماردا بداخله. كانت هشة للغاية ، لذيذة ، مغرية برقتها ، كقالب حلوى أمام طفل جائع ، من الصعب جدا عدم لمسها . بداخلها الضائع كانت إيثار هي الأخرى تعاني ، تتخيل نفسها تقف ، تقْتَرَب منه ، تحيط عُنقه بِذراعيها ، يعانق خصرها بذراعيه ، تلتصق بصدره و تهديه شفتيها . في هذه اللحظة بدت دراستها ، مستقبلها العلمي أوهاما متبخرة ، مرادها تركز جميعه على الفراغ الجائع بداخلها . فكيف لها أن تهذب أنوثتها الفقيرة إلى هكذا اهتمام جارف . حتى مبادئها خانتها و اختفت كحفنة رماد . حتى مآقيها المتعبة تآمرت عليها معه و قبل أن تعرف كيف و لماذا ، ارتجفت على خدها دمعة . فقد أكرم سيطرته و انحنى بسرعة نحوها ، يغمغم بصوت أجش مفكك النبرات : - لماذا تبكين ؟ - أنا لا ... سقطت بقية الكلمات في قعر حلقها . احتقن وجهها و اختنقت رئتاها ، أنفاسها كانت صعبة المراس ، تهرب منها و تتحداها . عيناها مفتوحتان على اتساعهما بلا فائدة فلم تكن تبصر شيئا أمامها ، كل حواسها الخمس ، الست أو العشرون معه . - لماذا تبكين ؟ أعاد عليها سؤاله ، هذه المرة نبراته متبلة بسحر الغواية ، طعمها حان ، مذاقها دافئ ، تزيدها جوعا و توقظ روح الاحتياج فيها . - أنا لا أبكي ، كلماتها خرجت بمشقة من خلال العقدة المستقرة وسط حنجرتها ، العدسات تضايقني . - إذن لا تستعمليها بعد اليوم . " و قلبي ؟ لا أستعمله كذلك بعد اليوم ؟ " أومأت برأسها و عادت رئتاها للعمل حين قسم نفسها نصفين و هو يقول بصوت خفيض عميق : - و لا تبكي ثانية أمامي . أسدلت جفنيها بطاعة بينما مآقيها أعلنت العصيان و أفرزت مزيدا من القطرات . تنهدت إيثار باستسلام ، لن تقدر على المقاومة أكثر ، لو تقدم هو فهي لن تتأخر . أطرقت رأسها و انتظرت القادم في صمت . الدموع الجديدة بدت لعيني أكرم صافية ، بلورية و قبل أن تتلاشى كانت يده تمتد متحدية إرادته تداعب خدها و تمسح عنه حزنه . **************** | |||||||
24-11-19, 09:42 PM | #530 | |||||||
كاتبة في منتدى قصص من وحي الاعضاء
| تململت بريهان تنظر إلى باب غرفة أمها في قلق يتزايد كل لحظة . هذه المرة الثالثة في ظرف أسبوع التي تطلب منها فيها أن تعطيها رأيا قاطعا حتى تقدر على إجابته قبولا أو رفضا . في البداية مع حدة صوت أمها حين أطلعتها على الموضوع ، مع ذلك التجهم في مقلتيها الشاحبتين ، مع العرق الذي نفر في عنقها ظنها سترفض فورا . لكن ما فعلته أمها هو أنها بعد سلسلة طويلة من عبارات الرفض و الاعتراض و لا يليق بك و لا يمكن و أبدا ، توقفت عن الكلام فجأة و تسمرت مكانها تتأملها ثم طلبت منها أن ترافقها إلى غرفتها ككل مرة تناقشان فيها أمرا خاصا . - ما رأيك أنت في طلبه ؟ سألتها و هي تأخذ كفها بين راحتيها . - لا أدري ماما ، لا رأي لي . هزت كتفيها بعجز في الإدلاء بكلام يفيد ، عجز في فهم نفسها و ماذا تريد . حينها أيقظتها أمها من حيرتها لتصدمها بذلك السؤال : - هل لديه قبول عندك كرجل ؟ - ما .. ماذا ؟ أعادت أمها السؤال بثبات لكن مشكلتها لم تكن مع السؤال بل مع ما دفع أمها لطرحه عليها . هما لا تتكلمان أبدا في تلك الأشياء ، حتى مع شقيقتها لم تتكلم أبدا فيها فكيف مع أمها ؟ - هل تنفرين منه ؟ السؤال الثاني كان صادما أكثر ، تنفر منه ؟ كلا طبعا ، كلا مؤكدا هي لا تنفر منه ، أبدا أبدا . دون وعي كانت تهز رأسها بسرعة مرارا و تكرارا ثم أفاقت لتتوقف و ترفع نظرها لأمها باستغراب محرج ، تمتمت تتدارك : - أنا لا أعرفه ماما بشكل كاف لكي أقدر على الحكم عليه لكني لا أنفر منه ، هو رجل محترم . كما أن ، كما أن ، توقفت لتبتلع ريقا بدا نادرا شحيحا في تلك اللحظة ثم أكملت بصوت مهتز ، كما أننا أقصد أنا و هو لو تزوجنا سنسكن في شقته و سأظل قريبة منك ماما . غامت عينا أمها بنظرة شبه حادة . - هل تتصورين أن رغبتي في الاحتفاظ بك بجانبي تجعلني أوافق مغمضة العينين على رجل أبعد ما يكون عما أتمناه لك ؟ - هو شخص جيد يا ماما . - و أنا لم أقل العكس لكني لن أسلم ابنتي لرجل لمجرد أنه شخص جيد . صمتت و ملامحها ترتدي وجوما مفكرا بينما تسمرت عينا بريهان على جفنيها المهتزين بحركة طفيفة لكن ملحوظة قبل أن تراها تسدلهما بتعب و تقول : - هل إذا اعترضت على زواجك منه ستكون هناك مشكلة ؟ أطرقت بريهان برأسها كثيرا وقتها ثم اكتفت بالكلمات الأسهل على قلب أمها : - كلا ماما لن تكون هناك أية مشكلة أيا كان قرارك أنا سأقبل به . - أحتاج أن أصلي ركعتي الاستخارة قبل أن أقرر أي شيء ، قالت أمها و هي تقوم . و من يومها و هي تراها تؤديها كل فجر و مع كل غروب . * * جلست السيدة جلنار على طرف سريرها ، ظهرها منتصب ، تستند بكفيها على المرتبة كأنها تنتظر أمرا من أحدهم لتقوم و تغادر . لكنها تعرف داخل قلبها أنه أمر أبدا لن يأت لأنه لا يوجد الآن سواها . أطلقت نفسا طويلا و أطرقت برأسها . الوحدة ... عبء على كل قلب و لا وحدة … كوحدة القرار . عادت يدها تتحرك نحو الألبوم المستقر بجانبها ، صفحاته مفتوحة كأنها بوابة على ذلك الماضي البعيد جدا بسنواته ، القريب جدا كأنه لم يتوقف عن الحدوث . ببطء أخذت تتأمل الصور ، تبحث عن معاني حية في الوجوه الميتة . و توالى تقليبها للصفحات . صدى دقات ساعة المنبه بدا داخل صمت الغرفة كصوت عجلات قطار ، صدئا كأحلامها المهجورة ، ثابتا كخطوات القدر ، يسير لا يتوقف ، يأخذها إلى تلك الأيام . ذلك العالم على الجانب الآخر من الصور ، حيث .. وجوه تلعب ، وجوه تضحك و دموع . كثيرة كانت ، نعم لكن لا تشبه بأية حال دموع اليوم . في الواقع لا شيء يشبه دموع الفراق الأبدي . توقفت عيناها على صورة بريهان ، بريهان الأخرى ، المنتمية لذلك العالم الماضي . سالت دمعة مستكينة على خدها و هي ترى ألق اللاحزن يشع داخل زرقة عينيها . الآن ابنتها صارت مختلفة ، بعيدة عن الحياة رغم أنها تتظاهر بعيشها . لكنها حقيقة مثلها تماما كل ما تفعله هو أنها تهرب . حتى يفر العمر و تنقضي أيامه . بريهان فعلا خاوية ، منطفئة ، لا تعيش . هكذا ترى هي ابنتها الصغرى ، رضيعة قلبها التي لم تكبر . كأنها تعتصم في ميدان الذكريات تبحث عن ثورة تنقض بها أساسات حكم الحاضر و تعيد للماضي سطوته و أمجاده . لكن الماضي لن يعود مهما فعلنا و مهما لم نفعل أبدا لن يعود حتى لو جربت ابنتها كما جربت هي أن تحييه داخل قلبها كل ما ستكسبه هو أن تميت قلبها و تدفنه ... و لن يعود الماضي . و لن نحيي من واراه التراب . قلبت الصفحة و هي تعرف أنها ستجده ، لا هو بل صورته التي أصبحت و يا للغرابة الحزينة هو . تنهدت من جوف روحها و تصاعدت كلماتها منصهرة بوجع حارق لا يخفت سعيره . - تعودت على حياتي فارغة من وجودك تعودت على بيتي فارغا من صوتك و ضحكاتك تعودت على قلبي فارغا من دفئك و حنانك لكن لم أستطع التعود على ثقل المسؤولية على سطح المرآة على يسارها ، كان انعكاسها يطرق برأسه أكثر، تتهدل كتفاه و ينكمش و ينكمش حتى ترك مكانا كافيا لتتخذ تلك الصورة المعلقة على الجدار وجودا بجوارها ، نظرات صاحبها كأنها تشرف عليها و بدا كأنه يشاركها وهم اللحظة المسحور . غرق خداها الغائران بالمزيد من الدموع و هي تستمر في نزيف كلماتها : - لماذا لا تعود ؟ حتى و لو قليلا . مجرد دقائق ، هذا كل ما أطلبه . عد فقط لتقول رأيك لا تكلمني ، لا تنظر إلي حتى ، فقط قل رأيك ثم .. غادر أليسوا أبناءك مثل ما هم أبنائي ؟ كيف هنت عليك إذن لترحل و تتركني وحدي أقرر ، وحدي أنفذ ، وحدي أتحمل ؟ مسحت وجهها عدة مرات بكفيها المرتجفتين ، تتمتم مرار من بين فجوة أصابعها : - أستغفر الله العظيم . أستغفر الله العظيم يا رب . أعني يا رب . أعني كما أعنتني في كل ما سبق . و عاد ظهرها لينتصب و اختفت الصورة من سطح المرآة و عادت هناك أيضا وحيدة . القرار أمامها و الوحدة وراءها و لا سلاح لها سوى بعض حكمة مشوبة ببعض خبرة . بريهان ابنتها خطبت مرات و مرات ، لم تعد تعرف كم ، أحصت حتى الخمس عشر ثم ملت و توقفت . و في كل من تلك المرات كانت ابنتها ترفض دون تردد ، دون تفكير ، أحيانا كانت تدلي بأسبابها و أغلب الأوقات كانت فقط تكتفي بلا أريد دون إضافة هاء تخص المتقدم هي ببساطة لا تريد في المطلق ، في المجمل . و هذا ما بررت به لابن أخيها الذهبي الوظيفة ، طيار في خطوط جوية خاصة معروفة ، أخبرته أن بريهان لا ترفضه لأنه هو بل ترفض الزواج بحد ذاته . و كيف لبريهان أو غيرها أن ترفض أصلا رجلا مثله ، وسيم ، ملتزم لا يكبرها سوى بخمس سنوات . كيف تقول لا مصممة لرجل تقدم لطلب يدها أكثر من مرة و امتنع عن الزواج على أمل خافت بأن تغير رأيها و تتحول ثنائية لا القاسية إلى ثلاثية نعم الناعمة . المسكين رأفت لم يستوعب أنه في واد و ابنتها تائهة عنه و عن أحلامه العاشقة في واد آخر بعيد . حتى عندما كان يصافحها و يخاطبها همسا يشع دفئا و حنانا لم تر جلنار يوما اضطراب الخجل على ملامح ابنتها ، لم تلحظ أبدا تلك اللمعة الخافتة في عينيها . تململت في جلستها و مدت يدا مرهقة تدلك كتفها المتصلب . كان المفروض أن ترفض الطبيب جارهم دون تردد ، دون اهتزاز رمش من رموشها لكن تصرف ابنتها غير المعتاد هو ما أوقفها . لأول مرة تأتيها ابنتها لتنقل إليها عرض زواج و تطلب رأيها مع أنها شبه متأكدة أنها تلقت أكثر من عرض من زملائها في العمل . * * - بريهان . تعالى الصوت الضئيل الناعم لأمها يتجاوز حاجز الباب و يصل أذنها المنتظرة فقامت بريهان بسرعة و اتجهت إلى غرفة نوم والدتها . فتحت الباب ليبدو من خلفه وجهها ، هادئا ثابتا يرتدي بقايا بكاء . اضطربت أنفاسها و انكسرت بألم بداخلها ، ضمت شفتيها تكتم تنهدا عميقا و دون كلام شاركتها الجلوس على طرف السرير ، مطرقة تتأمل السجاد السميك تحت قدميها في خفهما البيتي البسيط . وضعت أمها يدها فوق ركبتها ، تتكلم و عيناها تنظران أمامها : - للأمانة يا ابنتي ، هو لم يكن ليوافق . لم تكن في حاجة لذكر اسمه فهو أكثر الموجودين وجودا مع أنه توقف عن الوجود . - تعرفين أنك كنت المفضلة لديه و لآخر لحظة لم يتوقف عن مناداتك لعبة بابا . لذلك لم يكن أبدا ليرضى لك التزوج من رجل أرمل ، له أبناء ، و يتجاوز فرق السن بينكما العشر سنوات . أبدا . تنهدت بريهان بصوت عال ، تعلن استسلامها و شعور بالغربة يرفرف بقوة داخل أمعائها . ارتفعت عيناها كأنما استجابة لنداء ما تتأملان جانب وجه أمها و في نفس الوقت التفتت الأخيرة إليها و التحمت النظرات . توقف زمن الدقائق و الساعات ليبدأ زمن من نوع آخر ، زمنا دقاته نبضات : نبضة حزن ، نبضة حب ، نبضة بوح . و تكافلت القلوب . و في لحظة موجزة طويلة أصبحت الأم ابنتها و غاصت الابنة في أحشاء أمها . كانت مثل غفوة قصيرة ، نام فيها المنطق و العقلانية و سبحت الروح دون قيود ، دون حدود . - لكني أوافق ، تكلمت السيدة جلنار أخيرا . و مع انطلاق كلماتها غادرت الغرفة جو السكون و عادت دقات ساعة المنبه لتُسْمع ، كل تكة كأنها تأكيد لكل كلمة تنطق . - أوافق لأني لسبب ما أشعر في قلبي رغم اعتراض عقلي بأنه الرجل المناسب لك . تنهد مسموع آخر غادر شفتي بريهان بينما يدها تربت على يد أمها ، قامت تقف بحركة واحدة ثم استأذنت بصوت خافت . - إلى أين حبيبتي ؟ بنفس الخفوت يمازجه خجل غير خفي ردت بريهان و أصابعها تسوي عقدة شعرها : - سأكلمه و أخبره . - بريهان ، أوقفها صوت أمها و هي عند الباب ، أريدك أن تتأكدي يا ابنتي أن أباك رحمه الله كان بالنهاية سيوافق . نظرت إليها لتراها مغمضة العينين ، على كل وجهها تقف ابتسامة خفيفة لذكرى بعيدة . - فأنا لطالما استطعت إقناعه . * * أكملت بريهان خروجها بهدوء و أغلقت الباب وراءها . وقفت مستندة على الحائط خارج غرفة أمها و تلك الرفرفة داخل أمعائها ظلت على غموضها و ازدادت قوة يشاركها قلبها الذي توقف عن النبض و أخذ ينتفض كعصفور طال حبسه . ترددت أصابعها على سطح شاشة هاتفها ، المفروض أن تهاتفه لكن ماذا لو كلمها بنفس تلك النبرات في لقاءهما الأخير . ستعجز حينها على السيطرة على صوتها و الأرجح أنه سينكتم داخل حلقها مثل المرة الماضية و لن تقدر على نطق حرف . هل تكتب له رسالة إذن ؟ أسدلت جفنيها تفكر قليلا ثم ببطء فتحت تطبيق الواتس ، بحثت عن رقمه ، سرحت صوتها عدة مرات ، ضغطت الزر و قالت : " أنا موافقة " ********** تتمة الفصل https://www.rewity.com/forum/t456040-54.html التعديل الأخير تم بواسطة نغم ; 24-11-19 الساعة 10:18 PM | |||||||
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|