آخر 10 مشاركات
الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          588-المساومة -ديانا هاميلتون -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          سيدتي الجميلة ~ رواية زائرة ~ .. للكاتب الأكثر من مُبدع : أسمر كحيل * مكتملة * (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          تراتيل الماضي ـ ج1 سلسلة والعمر يحكي - قلوب زائرة - بقلمي: راندا عادل*كاملة&الرابط* (الكاتـب : راندا عادل - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          420 - الوجه الآخر للحب - روبين دونالد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree29Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-12-19, 08:39 PM   #401

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ebti مشاهدة المشاركة
مساء الفل والياسمين.... هل إعادة تنزيل الفصل ل سبب ما ام هو بالخطأ تم إعادة التنزيل؟....
مساء الورد حبيبتي.. مش عارفة والله عم بدور على التكرار مش ظاهر معي شي


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 08:40 PM   #402

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور علي عبد مشاهدة المشاركة
فصل رائع وجميل احسنت سلمت الانامل 🌼🌼
تسلميلي يا قلبي ربي يسعدك


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 08:41 PM   #403

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة

يااااه واخيرا
صحيح الخطة جابت نتيجة والحمد لله القلوب اتصافت
والله جدهم دا صعبان عليا فطست من الضحك وهو صاحى مخضوض ياعينى
ولا عمها سالم هيجننه ابن حرب هههههههههههه
هههههههههههههههه كان ناقصها مصعب مشان تكمل بس.. مية هلا وغلا عزيزتي


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 08:42 PM   #404

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 24 ( الأعضاء 7 والزوار 17)

‏موضى و راكان, ‏bit alameen, ‏asmaa mossad, ‏bella vida, ‏توتو2008, ‏sama mohammad, ‏fathimabrouk




برضه الصلح خير .....هههههههههههههه
اكيييييييييييد الصلح خير .. تحياتي عزيزتي


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 08:43 PM   #405

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة asmaa mossad مشاهدة المشاركة
شكرااااااجزيلاااااا
مية هلا وغلا حبيبتي سعيدة انه نال رضاك


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 08:47 PM   #406

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثاني والثلاثون والأخير

لقد هرمنا من أجل هذه اللحظة... بالعافية الفصل عزيزاتي.. كانت رحلة ممتعة بينكم غنمت منها قارئات وصديقات من أروع ما يكون. شاكرة فضلكم على المتابعة الجميلة عزيزاتي.. أسعدكم الله.. وبإذن الله سيكون لنا لقاء آخر مع سلسلة لؤلؤة في محارة مشروخة بنوفيلا أبواب سقر بإإذن الله..
الفصل الثاني و الثلاثون و الأخير:
أرخت الشمس أشعتها على حجرة نومهما لتدغدغ النعس الذي يسكنهما.. أول من فرق ما بين جفنيه كانت نور.. التفتت من فورها إلى الجانب لتجد سراج يتململ في النوم و هو على أعتاب الصحوة.. داعبت ذقنه بسبابتها تدعوه إلى الانسلاخ عن عالم الأحلام و الانضمام إليها لواقعهما الجميل.. ليفتح عينيه فيجد وجهها الملائكي يطل عليه.. فيبتسم.. و يحرك يده لتستقر على ظهرها يقربها منه.. و يهديها قبلة الصباح.. متحدثاً بعدها بنفس الابتسامة الهانئة:
- أحلى صباح ده و الا ايه!!
مرغت أنفها في رقبته تشتم عبقه الرجولي قبل أن ترد صباحه:
- يا صباح الورد و الياسمين.
اعتدل يجلس على الفراش و هو يجلسها فوق ساقيه يضمها إليه.. جلسا قليلا دون حراك يتنعمان بصفاء اللحظات.. داعبت نور صدره بسبابتها و اختلاجة قوية تتمكن من قلبها.. فقد آن أوان إطلاق سراح السر الذي يحوك في صدرها.. تنهدت بخفر قبل أن تفضي :
- سراج في موضوع بدي احكيلك اياه.
قطب جبينه و هو يوليها جل اهتمامه بينما اتخذت هي تلك التقطيبة كدعوة للاستفاضة:
- أنااا..
انربط لسانها و ثقل عظيم يحتل حنجرتها.. لا تعلم لما تملكت منها الرهبة في هذا المقام.. فهي تحمل بشارة قد تحملهما إلى أحضان السماء الزاهية.. تنفست بعمق تطرد شوائب التوتر لترمي بزهرة المنى إليه:
- أنا حامل.
حدق بها لبرهة دون أن ينطق بهمسة.. كأنما العبارة تتسلل ببطئ إلى زبدة قلبه تنشر الحبور في كل الخلايا التي تمر عبرها.. لتستقر هناك.. في سويداء القلب.. و تنثر زهور الفرح في حجراته لتبثها لجل الجسد.. فابتسمت شفتاه.. و غامت عيناه بغلالة شفافة.. لتتحرك ذراعاه و يضماها إليه.. و كفه ترتحل إلى الأسفل حيث يقبع طفله.. يمسد على معدتها كأنما يرسل إليه السلام.. و الشوق باللقيا.. ابتعد عنها قليلا ليقول بفيض مشاعر جارف:
- انتِ مش ممكن تتخيلي فرحتي دلوقت يا نور.. انا دلوقت حاسس اني ملكت كل حاجة اتمنيتها بحياتي.
ثم أعادها إلى أحضانه ليرفع طرفه للسماء و يهمس بالحمد لوجه الكريم.. لفتهما غمامة النعيم لبرهة قصيرة قبل أن تتغلغل الفكرة أكثر في ذهن سراج بالتوازي مع رسم عقدة تتعمق أكثر فأكثر فوق جبينه ليبعد نور عن جسده بغتة و هو يسأل باتهام:
- انت كنتِ عارفة انك حامل من لما كنتِ في الاردن و ما قولتليش ؟!!!!
قالها باستهجان و غضب لترفع هي سبابتها و عيناها تبرقان بنذير الوعيد تقول ببتر:
- إياك.. شوف إياااك تفكر تعمل مشكلة.. خلص بكفينا.. اه انا كنت عارفة.. و كنت عارفة كمان انه احنا مردنا لبعض.. انا مستحيل كنت اخليك تعيش من دوني.
ثم قربت كفها تسبله على صدره لتقول و عيناها ترسلان له أبلغ كلام العشق:
- لإني أنا ما بقدر أعيش و لا أتنفس من دونك.. المسألة كانت مسألة وقت لا غير.
رفع حاجباً و هو يقاوم التأثر بكلماتها التي ذرت غضبته اللحظية أدراج الرياح.. ولَى بوجهه بعيداً كي لا تستشف تأثره لتعيده هي بكفها كي يناظرها.. و تقترب بشفتيها من شفتيه تحطهما على مرساهما الأوحد.. فيتولى هو قيادة مبادرتها و يستسلما لطوفان الشغف اللامنقطع.
----------------------------------------
- باه.. نور اهنه.. يا مرحب يا مرحب يا بتي.. و الله البيت كان مضلم على فراقك يا غالية.
تخضلت وجنتاها بحمرة الخجل لإطراء عم زوجها.. لترد حديثه الجميل:
- تسلم يا عمو.. و الله و انا اشتقتلكم كتير.. و الحمدلله هيني ارجعت لبيتي.
كان سراج يهبط درجات السلم بهدوء و قد وصله حديثهم القصير.. ليلتفت إليه جاسر يهنؤه:
- مبارك لم الشمل يا ولدي.. و ابقى استعيذ من الشيطان مش عاوزينه يدخل بينا تاني.
أصبح سراج مجاوراً لنور لتلتف ذراعه حول خصرها بتملك مجيباً عمه:
- خلاص يا عمي كل اللي فات مات.. و احنا النهردة عندنا بشرتين مش بشرة وحدة.
ثم نقل بصره إلى نور التي كانت تطالعه بفرح عارم:
- أول بشارة هي رجعة نور لبيتها.. و تاني بشارة انه ربنا فضَل علينا و بعد كام شهر هاييجينا ولد أو بنت ينوروا حياتنا.
هلل جاسر للنبأ السعيد.. ليخطو تجاه ابن أخيه يحتضنه.. فيتلاحم الاثنان بعناق قوي بثاه جل فرحتهم.. و حالما انسلخ الاثنان عن بعضهما قال سراج موجهاً كلامه لعمه:
- أنا اتفقت مع نور يا عمي لو اللي جاي واد هانسميه جاسر.. و ان كان بنت هانسميها سهام بإذن الله.
أغمض جاسر عينيه يعتصرهما و هو يجاهد فيض الدموع من الهطول لتغلبه أخيرا و تسقط دمعتان نديتان على وجنتيه.. اقترب من سراج من جديد يربت على كتفه و نور تتابع المشهد بتأثر شديد لتضيف هي الأخرى:
- الله يديم عليك الصحة يا عمي و يطول بعمرك.
وصلتهم لحظتها شهقة طويلة.. و صوت خطوات مهرولة على السلالم انتهت بصاحبتها إلى داخل أحضان نور التي تلقفتها بلهفة غزيرة.. و بكت الفتاتان.. بكتا الشوق الذي حز قلبهما كل على الاخرى.. بكتا الخطوب اللاتي ادلهمت بهما.. بكتا من نشوى اللقاء بعد طول غياب.. اقترب سراج منهما ليربت على كتف الاثنتين و هو يقول متفكها يحاول كسر غمامة الدموع التي أحاطت بهم:
- ده انا نفسي ما لقيتش من نور السلام اللي لقته روح.
ندَت قهقهة خافتة عن روح اللتي انسلخت عن نور بصعوبة.. لترتقي نور بجذعها و هي تتأمل روح كأنما تتفقدها من أي مصاب.. طافت عيناها على تفاصيلها حتى استقر البصر مواجهاً للبصر.. فقالت بنبرة متحشرجة من غصة استحكمت الحلق:
- اشتقتلك كتير يا روح.. طول ما أنا بعيدة و انتي ماخدة كل تفكيري.. كنت بفكر فيكي و شايلة همك اكتر من اخوكي.
قهقهت روح من جديد لتقترب تعيد نور إلى أحضانها و تقذف بالسر همساً في سمعها:
- أنا لقيت طريقي يا نور الحمدلله.. اللي حصل كان صحوة بعد سبات طويل.
أسبلت نور كفها على ظهر روح تمسد عليه.. ليأتيهما صوت سراج من جديد مخاطباً روح:
- بشويش على نور يا روح.. هي دلوقت شايلة.
توسعت عينا روح و هي تبعد نور تقول بفرحة عارمة و نبرة متقافزة جذلاً:
- بجد.. يعني أنا هابقى عمتو.. ده أحلى خبر سمعته و الله.
التفت ذراعا سراج حول الاثنتين يضمهما إليه.. جوهرتاه.. و زرهتا البنفسج في حديقة عمره.. ضمهما إليه و كل واحدة تجد مرسى رأسها إلى الكتف الساند.. لتلتقي كفا نور وروح بتعاضد كعائلة صغيرة سعيدة.
------------------------------------------
مضى أسبوع هانئ خفيف الظل على كلا القصرين.. في قصر التهامي كانت التجهيزات مرة أخرى على قدم و ساق لأجل حفل زفاف جمال و سمر الذي طال انتظاره.. سمر التي كانت تركض من ناحية إلى أخرى كما البطارية المشحونة لآخرها علَها تستطيع أن تنهي كل المطلوب منها في الوقت المحدد.. بينما جمال كان يستغل كل دقيقة من الإجازة التي منحها إياه جده في الراحة و الاسترخاء.. ملقياً بأعباء التجهيزات على أبيه و أخيه معللاً أنه عريس و له الحق بالاستجمام قبل موعد الزفاف.. و كل حين كان يخطو بتلكؤ نحو الفتيات المحلقات حول سمر و يلقي بكلمات متفكهة من حالهن كما الزنبرك المتقافز في كل اتجاه.. لتعطيه الفتيات و أولهن سمر نظرات زاجرة و من ثم كلمات رافضة لوجوده حولهن كي لا يزيد من غيظهن.
-------------------------------------------
طقطق أصابع يديه العشر من عنف التوتر و هو يناظر البوابة الخارجية لقصر حرب.. يطرق رأسه لبرهة متردداً ليرفعه في أخرى مقدماً.. فيقرر بالنهاية.. ليس له سوى هذا الحل.. و في صالة الاستقبال في القصر جلس عدي إلى سراج و جاسر و هو يهز بقدمه بعصبية و في كل لحظة يفرق ما بين شفتيه ليقول شيئا لكن سرعان ما يغلقهما و قد تاهت الكلمات منه.. ليعاجله جاسر الذي فاض صبره:
- ما تتكلم يا ولدي باللي جاي عشانه.. بقالنا ساعة بنرحب فيك و انت قولت انك رايدنا في موضوع مهم و بعدها سكت.. يا ابني قول العمر ما فيهوش قد اللي راح.
تنحنح عدي يجلي حنجرته ليربط على قلبه المتخوف و يخاطب الاثنان:
- أنا يا عمي جاي النهردة عشان انا بإذن الله نويت اتجوز.
تهللت أسارير جاسر و سراج و توسعت ابتسامة سراج قائلا بحبور:
- الله يا نمس.. خلاص نويت تدخل القفص.
ليكمل جاسر:
- ألف مبروك يا ولدي.. ربنا يتمملك على خير.. بس ما قولتليش احنا دورنا إيه في الجوازة دي؟
زم عدي شفتيه و هو يستعصي الطلب.. رفع أنظاره إلى سراج ليجده مبتسماً يحثه على الحديث.. لترسو الشجاعة في قلبه و ينطلق لسانه:
- انت عارف يا عمي إني يتيم.. والدي و والدتي ماتوا في حادثة لما كان عمري ستاعشر سنة.. و يمكن الموضوع ده هو اللي قرب بيني و بين سراج أيام الجامعة لأننا حالنا من حال بعض.. و بصراحة من وقت ما اتصاحبت على سراج و انا بعتبر عيلته بقت عيلتي خلاص.. سراج اخويا بعهد الله و أكيد مش هالجأ لغيره يعاوني في موضوع الجواز و يكون بضهري.
لينهض حينها سراج و يخطو نحو عدي فيحذو الأخير حذوه ليتعانق الصديقان و سراج يقول:
- أنت أكتر من أخ و الله يا عدي.. و انا رقبتي سدادة في أي حاجة تعتازها.
- تسلم يا صاحبي.
قالها عدي و هو يربت على كتف سراج.. ليلتفت إلى جاسر مردفاً:
- أنا بصراحة ناوي أخطب رقية بنت مصعب التهامي.. و كنت طمعان انكوا تيجوا معايا تطلبوهالي.
خرج لحظتها حديث سراج متعجبا:
- ايه ده.. يعني احنا هانبقى عدايل !! يعني هاتفضل لازقلي طول العمر.. ده ايه الهنا ده.
حاز سراج من عدي على نظرة متأففة في حين تملك الفرح من جاسر ليستقيم بوقفته و يتجه هو الآخر نحو عدي يربت على كتفه طرباً يقول:
- و احنا معاك يا ولدي.. و ربنا يكتبلك اللي فيه الخير و تكون من نصيبك.
ليؤمن الاثنان على دعوته فيردف جاسر مخاطباً عدي:
- إيه رأيك يا ولدي تروح وايانا فرحهم الليلة و أهو نعرفهم بيك.. و بعدها بيِت ليلتك حدانا و من الصبح إن شاء الله نروحوا و نخطبهالك.
دقت طبول الفرح في قلب عدي لكنها خفتت قليلا و هو يجادل بمنطقية:
- هو عادي أروح الفرح و أنا مش معزوم.
ليهز جاسر رأسه مؤكدا:
- يا ولدي الأفراح حدانا مش زي مصر.. اهنه الكل بيشارك بالفرحة.. اتوكل على الله انت بس.
لينطق حينها سراج متبرما:
- اعملوا حسابكم اني مش رايح الفرح.
التفت إليه العم يحدجه بنظرات رادعة قائلاً بنبرة مضمخة بالحزم:
- الحديت ديه قفلنا عليه يا سراج.. انت عايز تكسر عين مراتك لما تروح من غير جوزها.. بعدين كل اللي بينا و بين التهامية اندفن خلاص.. ما حدش بقى ليه حق عند التاني.
صمت سراج و لم يعقب.. حتى اللحظة لا يستيغ وجود جمال في حياته و من حول زوجته.. بالرغم من كل الأحداث التي مرت بهم.. بالرغم من الغفران الذي شملهما إلا أن هناك غصة لا يستطيع ابتلاعها.. غصة إسمها جمال.
-------------------------------------------
عصراً كانت حجرة سمر تضج بزهرات العائلة.. هذه تعدل الطرحة و أخرى تركض لجلب حذاء العروس و في لحظة انغماسهن بمعاونة العروس صدح صوت الأغاني بعد أن شغلتها رؤى على هاتفها.. لتخطو الأخيرة نحو سمر و تأخذ بيدها تراقصها لتحذو باقي الفتيات حذوهن و يحاوطن العروس كل تأخذ دورها في مراقصة العروس الخجول.
كانت تدور بينهم و ترفل بثوبها الأبيض و عبرات البهجة تتعلق بأهدابها.. لا تصدق أن اليوم الذي انتظرته طوال عمرها قد أزف.. أتى بأجمل صورة قد تتخيلها.. أتى بعد اعتراف صادق بالحب.. اليوم ستصبح خليلته.. سيضحي اقترابها منه حلالاً.. و غرقها في أحضانه واجباً.. و سيكتمل نسج حياتهما بخيوط عشقهما سوياً.. انتبهت لنداء نور فحانت منها التفاتة نحوها تبثها ابتسامة جذلى لتقترب نور و تسدل غطاء الطرحة فوق وجهها الصبوح فقد حان ميقات اللقاء.
-------------------------------------------
ارتفعت أصوات النساء في الغناء من كل أرجاء القصر.. و صدحت عقائرهن بالزغاريد الطروبة.. جلست سمر في مقعد العروس المزركش بأبهى زينة و جل حواسها مرتكزة على الباب الرئيسي.. تنتظر طلته.. تأمل نظرات الهوى التي حفظت رسمها مؤخراً في عينيه.. و تتحسس كفها كل حين.. تلك الكف التي دوماً اشتاقت أن تحط بداخل كفه من أمدٍ بعيد.. انتفض جسدها بخفة حين ارتفعت أصوات الزغاريد فعلمت أنه قد وصل.. تلفتت حولها و النساء يغطين شعورهن بالأوشحة بينهما هي كان يأكل منها الحياء مأكله الغير رحيم.. أخفضت بصرها حالما انشق الباب بغية فتحه.. و تابعت بسمعها تقدم خطواته منها دوناً عن أي صوت آخر.. استقرت خطواته قبالتها.. ليرفع يده و يزيح وشاحها لتقشع بضيائها غيوم حياته الرمادية.. ثنى سبابته و موضعها تحت ذقنها لترفع بصرها إليه.. و حالما التقى البصران انصهر كل شيء من حولهما إلى بوتقة اللامعنى.. كان الهرج و الغناء يطوف من حولهما لكن نظراتهما الوالهة قد أخرست كل شيء لسمعهما سوى ضربات قلبيهما الهادرة.. أهدته أبهى ابتساماتها ليبتسم هو بألم.. و كل ندم الدنيا على عذاب كان من صنع يديه طالها و طاله يضرب قلبه.. لم ينتظر أكثر و لم يعل الحضور أي ذرة اهتمام.. فجذبها بغتة إلى أحضانه و أحنى رأسه ليغرق بين ثنايا شعرها.. همس لها بأسفه على كل ثانية ضاعت من دون أن تكون بين ذراعيه.. أسرَها بعشق لا أفول له.. و وعدٍ بأن يصون القلب الذي لطالما أحبه و أنصفه عن دون القلوب.
عضت شفتها السفلى تحاول لجم الدموع من الانهمار لتغلبها و تنهمر و كل عبرة تدفع أختها.. صرخت الفتيات حينها بها كي لا تفسد زينتها لتنقض أحلام على جمال تبعده عن سمر قسرا و هي تتوعد بأن تطرده إن لم يراعي المسموح بين جمع النساء لينسلخ عنها مرغماً بينما عيناه ما زالتا تحتضناها برفق حميم.
-----------------------------------------------
في صبيحة اليوم التالي.. كان رجال حرب قد غذا الطريق برفقة عدي إلى قصر التهامي.. و هناك جلس الثلاثة إلى كبير العائلة الحاج عبدالعزيز.. ارتشف جاسر القليل من الشاي الذي قدم لهم.. ليعيد إسناده إلى الطاولة و هو يقول:
- مبروك فرحكم يا ابو سالم.. و ان شاء الله الافراح تبقى زايرة بيتكم على طول.
ليؤمن الحاج عبدالعزيز على قوله:
- آمين يا جاسر.. و اياكم يا ولدي.
حانت من جاسر التفاتة نحو عدي الذي كان يجلس متململاً متوتراً ليعود بأنظاره من جديد للحاج عبدالعزيز يقول:
- انت اكيد مستغرب جيتنا النهاردة يا حاج.. لكن احنا قولنا بما انه الفرح قاعد في بيتكم خلينا نكمل عليه احنا بقى.
انزوى ما بين حاجبي الحاج عبدالعزيز و حتى اللحظة لم يفطن لسبب الزيارة.. عندما أتته مكالمة جاسر صباحاً لن ينكر أن قلبه انقبض نوعاً ما.. فالماضي الذي بينهم ذكراه باقية حتى و لو ذاب مع قطرات الغيث الذي أطفأ نيران الحقد بينهم.. رفع رأسه بأنفة يستفهم و يزايد:
- و مين يكره الفرح يا ولدي.. قول اللي عندك.
أخذ جاسر نفساً عميقاً و طرده بتأني بينما عدي كان قد حبس أنفاسه في تلك اللحظة بانتظار القادم.. خرج صوت جاسر واثقاً رزيناً:
- احنا جايين النهاردة يا حاج عشان نطلب ايد حفيدتك.. بت مصعب نسيبي لابننا عدي.
صمت الحاج عبدالعزيز لبرهة.. انتقلت نظراته إلى المدعو و طالب القرب عدي.. و شرع يتفحصه باهتمام.. و في خضم تفحصه أتته كلمات جاسر المزكية:
- عدي كيف ولدي سراج.. اتربى وسطينا اكمنه أهله كلاتهم ماتوا في حادثة لومن كان ستاعشر سنة.. و احنا عارفين أخلاقه زين.. و فوق اكده هو بيشتغل مع سراج في الشركة.. ديه دراعه اليمين.
هز الحاج عبدالعزيز رأسه بتفهم ليتدحرج حجر الصمت لخارج فمه و ينطق بتمهل:
- و هو يعرف بت ولدي منين؟
انعقدت الألسن و قد ألجمهم السؤال.. تعرق جبين عدي بشده بينما عض سراج باطن خده و حتى اللحظة كان يتخذ دور المستمع.. جاهد عدي أن يجلي حنجرته بعد أن استشعر أشواكاً تنبت بها.. ليجفلوا جميعا على صوت الحاج الحاد:
- ما تقول يا ولدي.. انت تعرف بت ولدي؟ شفتها قبل اكده؟
فتدخل جاسر باتاً الجدال أحادي الطرف بعد أن استشعر توتر عدي من حدقتيه المهتزتين:
- يا حاج عدي جالنا و طلب مننا نختارله عروسة بت حسب و نسب و تكون من بيت أصل.. و احنا قلنا ما فيش غير بيت التهامي و كلنا عارفين انه ما فاضلش عرايس عنديكوا غير بت مصعب الكبيرة.
لوى الحاج عبدالعزيز شفتيه بعدم اقتناع.. ليعيد السؤال مرة أخرى يبتغي التأكيد بالنفي:
- يعني هو ما يعرفهاش و ما حصلش بينهم حديت قبل اكده؟
ليجيب سراج هذه المرة:
- لا يا حاج.. ما فيش حاجة من اللي في بالك.. احنا طالبين نسب العيلة.. و انا متمني انه صاحب عمري يبقى عديلي.
لاح الاقتناع نوعا ما على وجه الحاج عبدالعزيز.. ليقول مقرعاً بخطابه لعدي:
- و هو العريس ما بيتكلمش ليه.. ايكونش أخرس اياك.
تنحنح عدي قبل أن يرد الحديث و هو يشيح بيده نفياً:
- لا يا حاج مش اخرس و لا حاجة.. أنا بس سايب الكلام للكبار.. ما يصحش اتكلم في وجودكم طبعا.
استحسن الحاج حديثه.. ليهز رأسه باتفاق قبل أن يقول:
- ماشي يا ولدي.. أني هاكلم أبوها و نسأل عنك و ان شفنا انه امورك تمام نبقى وقتها ناخد رأيها.. و ربنا يقدم اللي فيه الخير.
ليتنفس الثلاثة الراحة بعد أن كانت أنفاسهم قد تعتقت بجوفهم من رهبة الموقف.
------------------------------------------


بعد مضي ثمان سنوات...
- همي شوي يا صفية خلينا نجهز كل شي قبل ما يرجعوا الرجال من صلاة العيد.
اومات صفية بحركة سريعة و هي تتحرك بالمطبخ كنحلة دؤوبة:
- حاضر يا ست نور.. ما اتخافيش كل حاجة هاتبقى جاهزة بوقتها ان شاء الله.
دلفت لحظتها روح لداخل المطبخ تسأل:
- ها يا جماعة.. كل حاجة جاهزة؟
لتومئ لها نور بنعم و هي تهم بالخروج ساحبة معها روح نحو الصالة.. جلست الاثنتان متجاورتان لتبادر نور بالحديث:
- صارلي يومين بدي اقعد و أحكي معك بس تجهيزات العيد و الصغار لبخوني.. انا حاسة فيكي شي متغير.. و ما تنكري.. أحسنلك تقري و تعترفي.
ضحكت روح من طريقة نور بالاستجواب.. لتربت على كفها المسبل على الأريكة تجيبها:
- فعلا أنا بحاجة إني اتكلم.. و عايزك تساعديني بالقرار.
رفعت نور حاجبيها تنطق بعجب:
- هاي فيها قرارات كمان.. إحكي إحكي.
أخفضت روح نظراتها بتفكير أو ترتيب لكلماتها قبل أن تغادر حنجرتها.. لتتنهد و تستقر على الاتي:
- انتِ عارفة يا نور إني في السنة اللي فاتت كنت بشتغل على رسالة الدكتوراة بتاعتي.
انتظرتها نور لبرهة أن تكمل روح حديثها لكنها وجدتها صامتة.. لتلكزها في كتفها تصيح بها:
- يا بنتي احكي خلصيني قبل ما ييجوا التتار و ما نعرفش نلم كلمتين على بعض.
رفعت روح كفها لنور بغية التمهل.. و رطبت شفتيها قبل أن تضيف:
- بصراحة.. الدكتور اللي ماسكلي الرسالة كلمني من فترة عن موضوع ارتباط.. يعني إنه عايز يتقدملي و كده.
استحوذت روح على جل اهتمام نور.. و قد كادت أن تقسم انها رأت أضواء حفل الزفاف تتراقص في عيني نور من اللحظة.. تربعت نور على الأريكة تواجه روح قائلة تطلب الاستفاضة:
- طيب انتِ شو رأيك بطلبه.. يعني هالدكتور عاجبك أو يعني بتشوفيه كشريك حياة؟
تلونت وجنتا روح لحظتها باللون الارجواني لتجيب بتلعثم و تخبط كتخبط ضربات قلبها:
- بصراحة أنا ما انكرش إني ميالة ليه.. هو ما شاء الله عقله كبير و تحسيه له هيبة كده.. و فوق ده هو لسة ما اتجوزش قبل كده لانه كان رافض الجواز قبل ما يدرس اخواته و يجوزهم.
- ايوااا .. مناضل يعني.. و الله شيء جميل شكله انسان بينشد فيه الضهر.
لتبتسم روح ترد حديثها:
- أيوة هو كده فعلا.
أومأت نور باستحسان لتقول بنبرة مغلفة بالحنان و التعقل:
- عالعموم أنا شايفة انه هالدكتور خارط مشطك.. لكن برأيي تستخيري أكتر من مرة.. و اذا ارتحتي احكيله يحكي مع أخوكي و ياخد موعد و خليهم يتفاهموا بين بعض.
- يعني ما أقولش لسراج دلوقت؟
لتجيب نور برفض:
- لاء.. بس يتقابلوا و ييجيكي اخوكي يستشيرك وقتها بتحكي.
لتتنفس روح بوتيرة سريعة و أصوات الجمع العائد من صلاة العيد قد وصلها لتقول لنور بنبرة متوترة:
- تمام.. ربنا يجيب اللي فيه الخير.
- آمين حبيبتي.
و على قول آمين.. انقض جاسر الصغير على نور يحتضنها بشوق لتبادله هي الاخرى الحضن الكريم و تقول مخاطبة سراج الذي كان يخطو نحوهما:
- كأنكوا اتأخرتوا هالمرة؟
أومأ سراج قائلا:
- أيوة أصل الجامع كان زحمة المرة دي.
ليرفع حينها جاسر رأسه من حضن أمه يسألها:
- هو احنا ليه دايما ما بنروحش غير عالمسجد هاد؟
مسحت نور على خصلات شعره السوداء و هي تتطلع إلى زرقتيه تجيبه:
- لأنه هاد المسجد بنيناه عن روح جدتك الله يرحمها.
ليأتيهما صوت سراج المقرع:
- انت يا ابني بعدهالك باللهجة الملخبطة بتاعتك دي.. المدرسة كل يومين يتصلوا يشتكوا منك.. و يقولولي ما بقاش تفرج ابنك على مسلسلات خليجي.. و اقعد اشرح أنا انه أمك أردنية لكل من هب و دب.. ما تتكلم مصري زي ابوك يا ابني.
ليأتيه الجواب من نور حانقاً:
- خلص يا سراج اتركه براحته.. لهجته مخلطة وين المشكلة.. من كل زهرة بستان.
ليبتسم سراج باستسخاف يرد:
- قصدك من كل بستان زهرة.. بعدين ابنك بيتعمد يتكلم كده لانه عارف إنه الموضوع ده بينرفزني.
لينقل أنظاره حينها لجاسر الذي كان يستتر خلف والدته و يرقص له حاجبيه مغيظاً.. ليكور حينها سراج قبضته متوعداً.. تأففت نور من جدال الاثنان المعتاد لتقول و هي تنسحب برفقة روح إلى المطبخ:
- انا مش قد اولاد حرب.. اتدبروا بين بعض.. أنا رايحة اجهز الفطور مشان نلحق نفطر و نروح المقبرة نقرا الفاتحة لجدي قبل ما نروح على أهلي.
تابع سراج اختفاء طيفهما ليجلس و يستل لفافة تبغ من علبة السجائر و يشعلها نافثاً دخانها في المحيط.. بينما جلس جاسر الصغير على الأريكة واضعاً الساق فوق الأخرى قبل أن يخاطب أبيه بتأنيب:
- ماما حكت ما فيش سجاير في البيت.
رفع سراج أنظاره للأعلى يستجدي الصبر من الله.. فيعيد أنظاره لإبنه قائلا بلا مبالاة:
- اتفلق انت و امك.
لوى جاسر شفتيه قبل أن يتحدث بنبرة يغلفها المكر:
- شوف انت لإنك أبويا و أنا ما يهونليش فيك.. أنا مش هاحكيلها.. بس أنا ليا عندك طلب.
- قول يا آخرة صبري.. بس اتكلم بلهجة واحدة لانه دماغي مش مستحملة.
حل جاسر عقدة ساقيه الصغيرتين و انحنى بجذعه مركزاً أنظاره على والده كأنه سيتحدث بعظيم القول.. لينطق حينها بقوة و صلابة:
- أنا بحب سهام يا بابا.
جعد سراج جبينه باستهجان يجيبه ببديهية:
- طب ده شيء جميل يا ابني انك تحب اختك.. ربنا يهديك كمان و كمان.
لوح جاسر بيده ينفي اتجاه أفكار والده .. ليصحح له:
- لا مش سهام أختي.. دي زنانة مش بطيقها.. انا قصدي على سهام بنت خالو جمال.
ارتجف جفن سراج الأيمن و هو يحدق بإبنه و السيجارة تتدلى من إصبعيه بغير ثبات.. أخذ الأمر منه بعض الوقت قبل أن يستوعب حديث إبنه.. ليقول مستفهما:
- سهام بنت جمال التهامي ؟!!
ليجيبه جاسر بتأكيد:
- أيوة هي.. و أنا نويت ان شاء الله إني اخطبها و فاتحت أبوها بالموضوع كمان.
صفق سراج بيديه بعد أن أودع السيجارة شفتيه.. ليقول بعد أن استلها بين أصابعه:
- صلاة النبي أحسن.. و كمان خطبتها من أبوها.. و انت جايلي ليه دلوقت و عايز مني إيه.. و جمال التهامي قالك إيه لما طلبتها منه؟
تبرم جاسر و امتقع وجهه مجيبا:
- قالي ابقى قابلني.. بس ما قاليش امتى و فين.. فانا عايزك تقعد معاه و تقوله يحجزلي سهام لحد ما اخلص الابتدائية و بعدها نعمل خطوبة و أنا علي أجيب البلالين و الشيبسي.
هز سراج رأسه معلقاً:
- مممم.. بلالين و شيبسي.
ثم أشار له بالسبابة و الوسطى مضمومتين بأن يقترب.. لينهض جاسر بكل ثقة و يتقدم من والده.. و ما ان أصبح بمدى قبضته أطبق سراج على عنق إبنه من الخلف و قربه منه يهزه و يصرخ به:
- بقى يا واد يا رخم.. يا اللي مهزقني معاك.. تروح من ورا ضهري و تقول لجمال التهامي جوزني بنتك.. انت ما عندكش دم ياض.. بعدين ايه الكلام الكبير اللي انت بتقوله ده.. عايز تخطب يالااااااا.. ده انت امك لسة بتشطفلك.
قاوم الصغير بشراسة قبضة أبيه التي كانت كما الكلاب على عنقه.. ليقول مغتاظاً حانقاً:
- طب و الله لاكون قايل لجدو نزار.. أصلا هو قالي لو زعلوك رن علي و بسحبك لعندي.
أفلت سراج عنق جاسر بغتة و هو يستل هاتفه بسرعة يناوله جاسر قائلا بلهفة:
- يا ابني بركة.. خد و النبي و الله لا انت مكلمه دلوقت و أنا هاحجزلك التيكيت على حسابي.
زوى جاسر الصغير ما بين حاجبيه يرد على والده:
- طب و الله لاكون قايل لامي.. و هاخليها تبات معايا أسبوع بحاله و ابقى وريني هاتعرف تنام لوحدك ازاي.
هب لحظتها سراج عن مقعده و اقتنص أذن ابنه بإصبعيه يشده منها و هو يصيح به:
- و الله عال يا ابن نور.. هي وصلت انك تهددني!!
و في تلك اللحظة تدخلت يد العم جاسر تخلص الطفل من براثن والده الذي كان يبدو كما التنين الحانق.. أدار العم جاسر الصغير حوله و ووجهه كي يستتر خلفه ليواجه هو سراج بقول معنف محتد:
- ايه اللي انت بتعمله ديه يا سراج.. و بعدهالك انت و جاسر الصغير.. هو احنا كل يوم هانفض ما بينكم.
ليشير سراج بسبابته لابنه يصرخ بكلماته :
- الواد ده هايجيبلي الشلل.. قال ايه بيحب سهام التهامي و عايزني اطلبهاله عشان يخطبها.
تهللت أسارير العم جاسر ليتجاهل ثورة سراج و يلتفت إلى الصغير يمسح على رأسه قائلا بحب:
- ايه ديه.. يعني جاسر حرب بيحب سهام التهامي.
ليومئ جاسر الصغير برأسه و النبع الصافي يتلألأ في حدقتيه.. ليربت العم على كتفه قائلا:
- سبحان الله.. خلاص يا ولدي.. ليك عليا أنا اخطبهالك و هاقول لابوها يستناك لحد ما تكبر عشان نجوزكوا.. ها راضي يا ولدي؟
ليهجم الصغير على العم جاسر يحتضنه بامتنان بينما سراج في الخلفية يضرب الكف بالكف.. لينسل بعدها من المكان و هو يرغي و يزبد متمتماً بكلمات حانقة طوال طريقه إلى الحديقة الخارجية.
-------------------------------------------
جلس سراج يعب من نسيم هواء الربيع المنعش إلى داخل صدره علَ غضبته تخفت بعض الشيء.. قد أستثار ابنه تلك النقطة السوداء في قلبه تجاه جمال.. سافرت به الأفكار للبعيد.. لزمن قد يضطر به فعلاً أن يناسب جمال التهامي.. هو أمر عظيم على روحه حتى بعد السلام الذي أسدل دثاره عليهم جميعا.. لكنه حتى اللحظة لا يستيغ قرباً من جمال.. قطع سلسلة أفكاره نداء نور الخافت ليلتفت إليها فيجدها قد اتخذت مجلسها بجواره.. تعلقت ذراعاها بذراعه مسندة رأسها على كتفه متسائلة:
- مالك يا روح نور.. هالقد الولد مجننك !!
تنهد سراج بإنهاك يجيبها بنبرة معجونة بالسأم:
- ابنك مش هايجيبها لبر يا نور.. حالف ليفقعلي المرارة.
احتضنت نور ذراعه أكثر و هي تنفي حديثه بدعواها:
- بعيد الشر عنك يا قلبي.. هاد ولد صغير.. بدك تحط عقلك بعقله!!
- ده صغير !! ده يتفاتله بلاد يا هانم.
ربتت على فخذه تقرعه:
- انت اللي مكبر الموضوع.. و هو بيعرف انك سهل الاستفزاز فبيلعب على هالوتر.. بعدين تعال هون.. عمو جاسر قالي مرة انك كنت مشيبه لما كنت صغير.. بالأمارة مرة إجا لقاك متشعبط على مروحة السقف.
تجعد جبين سراج بتركيز و هو يحفر بمعول الإدراك في جبال ذكريات الماضي.. ليصطدم المعول بصخرة الذكرى فتأتيه واضحة.. ابتسم باتساع قبل أن تصدح ضحكاته مؤكدا:
- اه و الله معاك حق.. فاكر انا الحكاية دي.
لتضيق نور عينيها باستهجان تعقب:
- إذا من أعمالكم سلط عليكم.. و زي ما كنت بتعمل بعمك إجا اللي يعمله فيك.. الدور و الباقي علي.. انا اللي رايحة بين الاجرين.
لوى سراج شفتيه بامتعاض من حديثها.. ليلمع ذهنه كما عينيه بغتة و يلتفت من فوره لنور يسأل بعبث:
- فكك دلوقت من ابنك و تعاليلي هنا.. فين العيدية بتاعتي؟!!
تغنجت نور بجلستها ترد حديثه بصوت مغناج:
- عيدية شو؟؟ انت مش اخدتها أول ما صحينا.
لتلتف ذراعه حول جذعها يقربها منه هامساً في أذنها:
- أنا واحد طماع.. بحب اتعايد كل شوية.
ليسأل بعدها:
- هو فاضل على الفطار قد إيه؟
- يعني شي ربع ساعة.
ليشرق وجهه و هو يبتعد عنها يقول بحبور:
- حلوووو قوي.. أهو نلحقلنا كام حاجة كده عالسريع.
ليقف من فوره يجتر ذراعها مجبرا إياها على موازاته بالنهوض قائلا:
- خلينا نروح قوضتنا و انا المرة دي اللي هاعايد عليكي.
ندت عن نور ضحكة صاخبة قبل ان تهز رأسها بيأس تجيبه:
- مش هاينفع.. بنتك سهام نايمة على تختنا و اذا قمناها من عليه هاتصحى و تصير تبكي.
أضحى التنفس لدى سراج حينها عصيا و جعد أنفه ليتساءل بغلظة:
- هم اولادك مستقصدني ليه يا نور !!
اقتربت منه نور تحتضنه و تهمس بالقرب من شفتيه:
- ما تزعل حالك.. انا مجهزيتلك الليلة سهرة من اللي بيحبهم قلبك.. بس ارخيلي اعصابك انت شوي.
حدجها بطرف عينه بغير رضا ليقول مستسلما بالنهاية:
- ماشي.. أما نشوف.
لتهديه قبلة و تنسل من محيطه متجهة نحو المطبخ لتساعد بتنضيد مائدة الإفطار.
-------------------------------------------------
توافد الجميع ليحييوا نهار العيد في بيت العائلة.. كلٌ قدِم بصحبة عائلته محلقين حول الجدة فتحية التي كانت تجلس تحت فيء شجيرات حديقة القصر على مقعدها المتحرك الذي اضطرتها سنون عمرها التي أكلت من عظامها مأكلها المحتوم أن تستعين به.. أجلست الحاجة ابنة نور الصغرى سهام على حجرها و طفقت تداعبها و تغزل لها من حديثها بعض الحكايات القديمة بينما نعيمة و أحلام تجاورانها في الجلسة.. كان الجمع قد استقر على مقاعد الحديقة العديدة و التي تم وضعها مسبقاً بهذا العدد لاستقبالهم في هذا اليوم البهيج.. في الداخل كان المطبخ يعج بالخدم لإتمام المهام المطلوبة و تقف على أعمالهم كلا من زوجة سالم و زوجة عبدالعزيز تصاحبهن رؤى و رحمة.
كان حفيف أوراق الشجر يصلهم واضحاً و يبعث في نفوسهم سلاماً عميقاً.. اندمجوا في الأحاديث و تبادل التهنئات بالعيد قبل أن يقتحم المشهد جاسر الصغير و هو يجتر سهام ابنة جمال و سمر من يدها قائلا:
- تعالي يا سهام ندخل جوا أوريكي الحاجة الحلوة اللي جبتهالك.
لتنطلق بعدها من فمه الصغير صرخة هلع بعد أن انقض جمال على ياقة قميصه من الخلف يرفعه منها.. ضيق جمال عينيه يسأله بصوت كما الفحيح الذي يبث الرعب في القلب:
- عيد تاني اللي قولته لبنتي يا ابن سراج.. عايز تاخد بنتي جوا لوحدكوا عشان توريها حاجة حلوة !!
و قبل ان يتسنى لجاسر الصغير الرد كان سراج قد هرع لإغاثة طفله منتشلا إياه من قبضة جمال و هو يحدجه بجذوتين ملتهبتين.. توترت حدقتا نور و هي تراقب المشهد عن قرب لتهب عن مقعدها هي الاخرى و تنضم للمشهد المحتد و تقول محاولة تهدئة الموقف:
- معلش يا جمال.. الولد مبارح بالليل جهز سلة شكولاتات و شوية اكسسوارات بناتية مشان يعيد فيها على سهام.. ما قصدهوش اشي يعني.
ليأتيهم حينها صوت سراج الزاعق:
- ما تبرريش يا نور.. دول اطفال.. يعني هايكون عايز منها ايه.. ابن خالك اللي بيكبر المواضيع و بيتلكك.
تواجهت الأعين و تجابهت الرؤوس الصلدة.. ليرفع جمال حاجباً مغتاظاً قبل أن يقول موجها الحديث لنور بينما المعنى كان لكتلة اللهب المشتعلة التي تقف بمواجهته:
- خلاصته.. انا عارف انه الواد لسة ما طلعش من البيضة لكن الحرص واجب.. فبقولهالك يا نور.. لمي ابنك و خليه يبعد عن بنتي.
ليرد سراج موجهاً الحديث أيضا لنور بينما المقصود كان جمال:
- و انا بقول تلمي الدور يا نور و بلاش تلقيح كلام و خلي النهار يعدي على خير.
لتنفث حينها نور أنفاساً من لهيب الجحيم المستعر و هي تنتشل ابنها من يدي أبيه و تزعق بجبلي النار:
- بس عاد و الله فلقتوا راسي.. كل شوي نور نور نور.. نور هاتهج منكوا و تتركلكوا اياها خضرة.
لتقتاد جاسر الصغير بيد و باليد الاخرى سهام ابنة جمال و تدخل بهما إلى القصر و هي تحاول أن تقذف بكلمات مشجعة للاثنين و تحمسهما للهدية التي أعدها جاسر لسهام.
خلال لحظات من رحيل نور بالطفلين هدر صوت مصعب الرخيم يقرع الاثنان:
- و بعدهالكوا انتوا الاتنين.. طهقتونا بعيشتنا.. و الله لو ما اتعدلتوا لاكون كارشكوا من البيت و ما لكوش تعتبوه تاني.. خلصونا بقى من الحكاية السودة ديه.
تبرم الاثنان.. فتباعدت النظرات لتلحق بها الخطوات.. فيعود كل إلى جلسته بعبوس واضح.. و بعد أن قام مصعب بقطع حبل التوتر الذي اشتد على حين غرة.. عاد الجمع كل لحديثه الجانبي.. و في الصدارة كان حديث سمر و رقية.. حيث تساءلت سمر :
- إنما انتِ بقيتي بالشهر الكام يا رقية؟
لتجيب رقية و ابتسامة تصدِر أنقى ذبذبات السلام النفسي:
- بقيت بالخامس الحمدلله.
ربتت سمر على كف رقية تدعو لها:
- ربنا يتمملك على خير يا حبيبتي.. الحمدلله ربنا عوضك عن سنين التعب اللي فاتت.
لتومئ رقية و السعادة تطفر من عينيها:
- الحمدلله.. أهو.. ربنا بيكتبلنا الرزق بميعاد.. و اللي راح ما كانش حسرة و الله.. أنا بالسنين اللي فاتت حبيت عدي فوق ما تتصوري.. و عرفت انه ربنا بعتهولي عوض.. مع اني كنت خايفة قوي أول جوازنا و ثقتي بنفسي كانت بالأرض.. بس من حبه فيا أنا حبيت نفسي أكتر.. و بقيت بشوف إني ملكة زي ما هو شايفني.. حتى لما عرفنا إنه صعب إني أحمل.. و لا مرة سمعني كلمة تضايقني.. بالعكس دايما يقولي انتي بنتي و مش عايز غيرك في دنيتي.. مع انه يتيم و وحيد و أكيد عايز اطفال كتير يعوضوه الوحدة لكن و الله عمره ما جرحني و لا حسسني بنقص.. ربنا يخليهولي.
أنهت حديثها لتجد يدها مستقرها فوق يد زوجها الذي كان منشغلاً بحوار جانبي مع ياسين.. شدت على يده علَ رسائل الحب و الامتنان تتدفق من مسام جلدها لتتغلغل بداخله.. بادلها الحركة بأن حرك يده ليضغط على يدها برفق و هو ما زال على حديثه الجاد مع ياسين.. تلألأت دموع التأثر بمقلتي سمر.. لتسمح على ظهر رقية تؤمن على حديثها:
- ربنا يخليكوا لبعض يا حبيبتي و يبعد عنكوا كل شر و ان شاء الله يكرمكوا بقرطة عيال.
- آمين.. آمين يا رب.
لتنسل سمر من فورها من جو التأثر و قد قادها الفضول لتسأل:
- طب عرفتي انتي حامل بإيه؟
هزت رقية رسها و خيوط الفرح تنغزل في عينيها مجيبة:
- ان شاء الله بنت.
- مين اللي فيها بنت؟؟
خرج السؤال الحبور من شفتي نور التي وقفت بين مقعدي الإثنتين و قد التقطت العبارات الأخيرة من حديثهم خفيض النبرة.. لتلتفت كل من سمر و رقية إليها و تنطق رقية بعبث:
- أنا يا قمر.. ان شاء الله هاتيجيني بنت و هاسميها نور.
تهللت قسمات وجه نور و هي تبارك و تثني:
- ما شاء الله.. هاتيجيكوا أميرة للبيت.. و كمان هاتسموها نور.. يا سعدي و يا هناي.
لتضحك الثلاثة قبل أن تصفق سمر بيديها جاذبة انتبها الجمع من حولهم و هي تزايد على قرار رقية:
- و أنا برضه.. بما إني حامل بالتامن و فيا ولد هاسميه ان شاء الله سراج.. و نبقى نخطبهم لبعض لما يكبروا و تتكرر قصة حب نور سراج الملحمية.
أعراض ذبحة صدرية كانت تداعب كيان جمال الذي وصلته جملة سمر الأخيرة.. رفع كفه يموضعه فوق صدره ليطرف عينه تجاه سراج فيجده يخصه بابتسامة شامتة.. وصلهم حينها صوت نور بنبرة تقرير:
- بس هيك بيصير بدنا من كل وحدة منكم جاجة.
جعدت رقية جبينها تستفهم:
- ايه جاجة دي؟ قصدك فرخة.. و انتي عايزة فرخة ليه ما عندكوش فراخ!
لتربت نور على كتف رقية بغلظة مصطنعة ترد سؤالها:
- لا يا عمري.. بس العادات عنا بتحكي إذا حدا بده يسمي البيبي على إسم حدا ثاني فاللي بده يتسمى على إسمه بيطلعله جاجة.. ليش ما بعرف بس هيك العادة.
ليخرج حينها صوت جمال عصياً غاضباً معجوناً بالاستهجان:
- نعمممم.. يعني فوق ما عايزيني أسمي الواد سراج عايزين فوقه فرخة.. طب أنا اديكوا جمل بحاله و تفكوني من الهلس بتاعكوا ده.. أنا أصلا ناوي أسمي عبدالعزيز على اسم جدي الله يرحمه.
ليتدخل عبدالعزيز متحدثا باستمتاع:
- لا يا اخويا.. الحج الله يرحمه قال زمان انه الاسم ده حكر ليا أنا بس.. أول العنقود.
ثم ضرب على ظهر جمال ضربات غليظة متلاحقة ليقول بابتسامة ملتوية:
- مبروك عليك سراج يا ولد عمي.
ليرسل له جمال نظرات تلتمع بالحنق قبل ان ينهض و هو يتحدث باختناق:
- أنا رايح أشوف العيال جوا بلاش أفرقع انا هنا.
انسحب من الجلسة و قهقهات الجمع بمن فيهم سراج تتبعه حتى اختفى بداخل القصر.
جلست نور إلى جانب زوجها ليتقدم حينها جاسر بجذعه عبر الطاولة بعد أن فصل حديثه مع سالم ليسأل نور:
- أومال أنا فين فرختي يا نور؟؟
رمشت نور بأهدابها بتتابع تقيم السؤال بفكرها.. لتجيب ببراءة:
- طبخنالك اياها عمو.
ليومئ العم جاسر باقتناع قبل أن يولي وجهه تجاه سالم يعيد وصل حبل الحديث بينهما، في تلك اللحظة استطالت الحاجة فتحية برقبتها قدر استطاعتها تخاطب سالم من بعيد:
- قلبي عتبان عليك يا ولدي يا سالم.. يبقى اكده أقولك خدني لقبر بوك و ما ترضاش.. ربنا يسامحك يا ولدي كسرت فرحتي.
زم سالم شفتيه بضيق قبل أن ينهض مستقيماً ليتوجه نحو والدته فينحني جاثياً على ركبتيه يقبل يدها و هو يقول بصوت حنون:
- يا اماي و الله ما كان ينفع.. الناس صباح العيد بتكون في المقابر فوق بعض.. و انتِ تعبانة يا حاجة مش حمل مرمطة.. لكن عهد علي بس يخلص العيد هاروح أنا و اياكي و نقروله الفاتحة و قوليله كل اللي بقلبك.
هطلت الدموع من مقلتيها لتتخضل وجنتيها بالماء المالح.. فترفع كفها الرقيق المتجعد تمسح وجهها الواهن تقول بصوت غلبت عليه حشرجة البكاء و غصة الفراق:
- توحشته قوي.. شوقي غالبني ليه يا ولدي.
تقدم سالم قليلا بجذعه ليأخذ رأسها إلى صدره.. و في الخلفية تجمع مصعب و نور و عبدالعزيز يبثونها بعض كلمات المواساة و شد العزم.. ليعبر حينها صوت محمد عبر ذبذبات الحزن التي انتشرت مبددا إياها:
- ربنا يرحمه و يغفرله.. جدي مات و هو مرتاح و قلبه مطمن على اولاده و احفاده.. ادعيله انتي بس يا حاجة العياط مش كويس و الله.
ليرفع الجمع أكفهم يرسلون دعاءهم إلى روحه التي ارتحلت إلى بارئها منذ قرابة السنتين.
تجمهرت النساء غير الحوامل في المطبخ لنقل أطباق الأطعمة إلى الخارج ينضدون مائدة وليمة العيد.. تولى محمد و ياسين مهمة تعبئة الأطباق و توزيعها على الحضور.. و أول طبق من يد محمد كان من نصيب رحمة متغاضياً عن آداب التقديم لمن هم أكبر سناً.. ليلتقط ياسين حركته تلك فيحذو حذوه مقدماً أول الاطباق من يده إلى زوجته رؤى.. لتقبض حينها يدا مصعب على خلفية قميص كل منهما و صوته يهدر بهما:
- انتوا جايين توكلوا نسوانكوا و فايتين الكبار للاخر يا ولد المركوب منك ليه.
تعالت ضحكات محمد بينما ياسين تلجلج مبررا:
- حقك علي يا حج.. بس ابنك هو اللي سبقني.. دلوقت أحلى طبق هايجهز ليك بس انت ما تزعلش.
ليزيحهم مصعب من أمام المائدة و يقول لهم بصرامة:
- كل واحد هايحط لحاله.. و انتوا تفضلوا للاخر .
تبرم الاثنان بوقفتهم المتحفزة.. ليرفع ياسين حاجباً بعد أن التقط غمزة رؤى ليخطو نحوها بخفة فيقف إلى جانبها و ينحني لتلقمه بعض اللقيمات في فمه.. و بطبيعة الحال بقي محمد إلى جانب والده ينتظر حكم الإفراج.. ليرق قلب رحمة عليه و هو الذي بداها على الكل.. فنهضت و اتجهت نحوه تأخذه من يده تحت نظرات مصعب الملولة ليجاورها في الجلسة و تشاركه طبقها حتى يسمح له مصعب أن يأخذ طبقه الخاص به.
على الجانب جلست رقية تتأمل عدي و هو منغمس في تقطيع قطع اللحم إلى قطع صغيرة في صحنها.. أزال بعض الخضار الذي لا تستسيغه ليرتب بعدها الصحن بتنميق و يضعه أمامها بابتسامة جذلى على ثغره.. لم تطال يدها الطعام.. فقط أمالت رأسها و أرسته على كتفه ليرفع هو يده و يمسح على حجابها ينزل بسمعها كلمات الغزل و الهيام لتشعر بها كما الماء الرقراق يصب في أذنيها فتزهو روحها و يزهر قلبها الموشوم بإسمه.
زفر سراج انفاساً حرَى و هو يُجلس جاسر قسراً فوق قدميه لدى المائدة كي لا يغافله و يتنصل منه راكضاً نحو من هفا قلبه الغض البريء لها.. جاهد كي يتمكن من حشر الطعام في فمه.. بينما وقفت نور من بعيد تحمل طفلتها سهام بين ذراعيها تتأمل المشهد الآسر لألباب كل مشتاق لاحضان عائلة مهيبة وفيرة تضمه و تقيه شظف الحياة الكدرة و لطماتها كل حين.. و هم لم يكونوا غريبين عن الكروب التي تآلبت ضدهم في سابق حين و غزت أرض حياتهم تشب بها النيران.. لكنهم تغلبوا على كل هذا.. و تجاسروا و تعاضدوا ليصلوا إلى هذا المنتهى.. قد وضع كل فرد منهم عقدته في حبل الود الذي بات يلفهم جميعا لا يرتجون منه فكاكا.. فانكسرت غلائل لعنة الماضي.. وغادرت بومة الشؤم الناعبة أرضهم إلى اللاعودة.. و اندثر وباء الحزن الوبيل الذي طالهم لسنون عجاف.. ليس أمامهم الآن سوى بيداء الود الشاسعة.. يسكنون إليها و يحطون متاع ما تبقى من حياتهم بها.. و قطرات المطر المغيث تهطل فوق رؤوسهم تذيب كل كره و حقد كان بينهم في يوم غابت شمسه.. تسقي الأرض التي زرعوها بالرحمة.. فتبزغ من جوف الأرض ورود رحمة و مودة لتبعث السكينة في قلوب لم يعد يسكنها إلا الحب و الأمل الرحيم.
انتهت بحمدالله
و بعد الختام أتوجه بالشكر و العرفان و التقدير لكل عزيزاتي القائمات على هذا المنتدى العريق.. لكم مني كل الاحترام و التقدير

noor elhuda likes this.

وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 09:25 PM   #407

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة وفاء حمدان مشاهدة المشاركة
مساء الورد حبيبتي.. مش عارفة والله عم بدور على التكرار مش ظاهر معي شي
مساء الورد والجوري.... عزيزتي حذفت المشاركة التي كانت مكررة....


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 09:58 PM   #408

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

مبرووك نهاية الروايه حبيبتي رواية رائعه وعطاء جميل بالتوفيق وننتظر جديدك سلمت الانامل 🌸🌸

نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 10:13 PM   #409

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Chirolp Krackr شكرا جزيلا

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 18 ( الأعضاء 3 والزوار 15)

‏موضى و راكان, ‏minasaloma, ‏وفاء حمدان






أبكتنى هذه العبارة


(- توحشته قوي.. شوقي غالبني ليه يا ولدي.)

و أضحكتنى تلك


(- انتوا جايين توكلوا نسوانكوا و فايتين الكبار للاخر يا ولد المركوب منك ليه.)



تسلم ايديك يا وفاء رواية راقية ممتعة أحداثها تنوعت بين الحب و العشق و الكره و التقاليد العائلية و العادات الموروثة

أبدعتى و أمتعتى قرائك برواية مميزة فشكرا جزيلا


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-12-19, 10:22 PM   #410

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 39 ( الأعضاء 5 والزوار 34)


‏موضى و راكان, ‏Rima08, ‏ريماسامى, ‏leria255, ‏maryam ghaith



شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:56 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.