آخر 10 مشاركات
خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          نقطة، و سطر قديم!! (1) *مميزه و مكتملة*.. سلسلة حكايات في سطور (الكاتـب : eman nassar - )           »          554 - حب بلا أمل - catheen west - د.م (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          الصقر (50) The Falcon للكاتب اسمر كحيل *كاملة* (الكاتـب : اسمر كحيل - )           »          [تحميل] انتقام أعمي ، للكاتبة/ عبير ضياء " مصريه " ( Pdf ـ docx) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          مصابيح في حنايا الروح (2) سلسلة طعم البيوت *مميزة و مكتملة * (الكاتـب : rontii - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          قلوب تحترق (15) للكاتبة الرائعة: واثقة الخطى *كاملة & مميزة* (الكاتـب : واثقة الخطى - )           »          الساعة الالماسية- قلوب قصيرة [حصريًّا] للكاتبة Hya SSin *مكتملة* (الكاتـب : Hya ssin - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree29Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-12-19, 09:21 PM   #381

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة modyblue مشاهدة المشاركة
فصل مبدع حتي في حزنه مازلت اصر ان تكتبي لنا عن انسانه معذبة ومتروكة مجروحه تنزف وهي محاطه باقرب الناس وانطلاقتها بعد كبوتها
روح الروح
تحياتي لك ولجمال ابداعك
القصص اللي زي روح بدها رواية كاملة خصيصا لها، ربما ان شاء الله بالمستقبل أكتب عن هيك قضية


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-12-19, 09:22 PM   #382

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة rima08 مشاهدة المشاركة
جميلة جدا الرواية بها مثير من الألم ومشاعر جميلة جدا
الله يسعدك عزيزتي.. سعيدة جدا انها نالت رضاك


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-12-19, 09:23 PM   #383

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثلاثون

الفصل الثلاثون:
في النزع الأول من الليل كانت تحرك يدها بآلية شاردة و هي تمشط خصلات شعرها أمام المرآة في حجرة نومها في شقة أخيها بالقاهرة.. لا تصدق حتى اللحظة أنها قد أجرت العملية و سمحت لمشرط الجراح أن يعمل بجسدها.. القلق من سقطة فجائية الذي كان رفيقا لها أغلب سنون عمرها قد غادرها.. لربما إلى اللاعودة برحمة الله.. لكن الألم في قلبها لم يخفت.. لم ينحسر و لم يبرأ.. و هي تعلم السبب.. ليس أن العملية لم تكن بالتوفيق المأمول.. بل لتكالب الخطوب على قلبها الهش.. و آخرها.. قطيعة أخيها لها.. لم يمر ببالها أن يجافيها سراج يوما.. أن يصوم عن الحديث ما أن يلتقط طيفها.. أن ينظر لها بعينين ملؤها التجريم.. الخيبة القاطرة.. و التوزير ( تحميل الذنب ).. لا تعلم الذنب الذي يحملونها إياه.. و مع كل هذا.. مع كل الجفاء و الوحدة التي ألفتها في سابق عهد.. مع كل الفضاء الشاسع الذي يحيط بها و لا تجد به هسمة شوق تخصها.. هناك ضوء قوي يشج بقوة هذا الفضاء الداجٍ.. أحيانا تحتاج أرواحنا لرجة عميقة أو ضربة قاصمة تهد بناءها السقيم.. لنعيد البناء من جديد.. على مهل.. و بكل الاصرار و العزيمة لأن تكون روحنا الجديدة مزهرة تفوح بشذا البدايات الجديدة.. و هي الآن في مرحلة البناء.. لن تأبه لأي جفاء.. لأي جلد بسياط النظرات.. لأنها ببساطة أنثى تبتعث من ركام الأحزان.. و هي لن تسمح للحزن أن يتسلل لقلبها من جديد يأكل منه كما تأكل الدودة من التفاحة المتعفنة، قطع شرودها صوت فتح الباب الخارجي.. فعلمت أنه قد عاد.. يقضي كل يومه و أغلب ليله في العمل يتجنب الأنام من حوله.. تنهدت بقنوط و هي تنتوي الأمر.. بالنهاية هو أخيها.. هو شقيق الروح.. ستبثه القوة المستجدة بداخلها و لن تتركه للحزن و الشوق ينهشان منه.. وقفت و وضعت المشط على التسريحة.. و خطت بخطوات هادئة إلى خارج الحجرة نحو حجرته بالتحديد.. طرقت الباب طرقتين و لم تنتظر الإذن بالدخول.. ففتحت الباب لتجده يتأهب للدخول إلى فراشه.. تحركت نحوه و وقفت أمامه بتعابير وجه قدت من صخر صوان.. ناظرها بنظرات لامبالية تكاد تؤول للطرد لكنها لم تبالي.. بل رفعت رأسها لتقول بقوة:
- قول اللي عندك يا سراج.. أنا عايزة أسمعك.. ما تخافش على قلبي هايستحمل كلامك.
لينطق أخيرا.. حتى لو بلوم الكون بأكمله.. يكفيها أنه يخاطبها:
- عايزاني أقول إيه يا روح !!
ثم صمت قليلا كأنه يزن حديثه قبل أن يفوه به:
- عايزاني أقول انك غدرتي بيا زي مراتي.. كلكوا خنتوني.. عملتي اللي عملتيه ليه؟!
فجابهت بحق حياة سوية:
- لانه الغريق بيتعلق بقشة يا سراج.. و انا كنت بغرق.. كنت بغرق من و انا طفلة.. فاكر يا سراج.. فاكر كان بيحصل معايا ايه؟!
و التفت عصا التجريم لتتوجه نحوه هو:
- فاكر أمنا كانت بتعمل فيا إيه.. و انت كنت فين يا سراج.. قولي كنت فين.. سبتني ليها و ما رجعتش خدتني في حضنك الا بعد ما ماتت.. سبتني لما احتجتك.. سبتني لما ما كنتش عايزة من الدنيا غير ضهرك اتحامي بيه و صدرك أبكي عليه.. أنا ما أذنبتش يا سراج.. انا اتخنقت من السواد اللي كنت فيه و كنت عايزة أخرج منه بأي طريقة.. ما كنتش اعرف إني هاغرق أكتر.. أصلا ما كنتش متخيلة إني ممكن أغرق أكتر.. بس طلعت غلطانة !!

أرجع رأسه للخلف و هو يتأوه ألما من الحال المرير.. أخته تضربه بهروات الخذلان.. هي محقة.. و هو ليس له الحق بالعتاب الآن.. كان عليه أن يعالج أمرها بوضوح أكبر و بطرق صحية لا حمائية.. و كان عليه أن يقيها الوجع في الطفولة.. لكنه كان بين نار أمه و نار أخته و نار ثأر أبيه التي أكلت روحه.. لم تمهله روح حق التعقيب لتضيف بقسوة:
- الوحيدة اللي فهمت اللي فيا من أول نظرة و حاربت عشان تساعدني بالطريقة الصح هي نور.. هي قالتلي إنها هاتحاول معاك عشان علاجي.. و انا متأكدة إنها قالتلك و انت رفضت.. و عشان كده هي راحت لجمال من وراك.. ده غير انك أخويا و ممكن تعمل شلال دم من ورا الحكاية.. هي خافت علينا احنا الاتنين.
أغمض عينيه و طوفان الحميم يموج بصدره ليقول بصوت خافت:
- بتجيبي سيرتها ليه دلوقت!
- لإن ليها دين في رقبتي.. و لأنك لسة بتحبها و عمرك ما هاتحب غيرها و لا هاتعرف تعيش من غيرها.
و بداخله يعلم.. أنه لا يعرف كيف يعود للحياة التي كانت قبلها.. لا يذكر تلك الحياة أصلا.. لكنه يجابه بمكابرة:
- حكايتي مع نور خلصت خلاص.
ثم نفض اللحاف عن جسده و استقام فاقترب ليرفع يده و يمسد خصلات شعرها المنسدلة:
- سامحيني يا روح.. سامحيني يا حبة القلب.
ابتسمت له و الدموع تتسابق في جريانها على خديها.. هزت رأسها بالرفض لتقول و البحة تعلقت بصوتها:
- انا عمري ما شلت منك.. انا مسامحة الكل يا سراج.. انا بس عايزاك ترجعلي.
و هنا كان العناق واجباً.. و الغرق بالأحضان الرحيمة متاعاً.. تدحرجت دمعة يتيمة من عينه اليمنى لم ترها روح و هي تستظل بفيء أحضانه.. لتنتهي ليلتهما بأحمال قد تم كنسها إلى المنفى البعيد.. البعيد جدا.
------------------------------------------------
يجلس في غرفة المكتب يحيطه الظلام الحنون أحيانا لا يحزه سوى بعض خيوط ضوء تكرم بها القمر المستدير في سدفة الله.. الأفكار تدور في طاحونة لا منتهى لها تجرش كل المشاعر التي تقع في جوفها.. البغض.. الحسرة.. الألم.. الأمل.. الراحة.. و القهر.. كلها مشاعر تختلط في جوف الطاحونة لينبثق عنها مسحوق رمادي من خليط المشاعر.. رمادي كالبرزخ الذي يقف فيه.. عنفوانه يأمره بغلظة أن يثأر لدمه الذي سال على يدي ابن حرب.. بينما غلائل كلمات جده تكبله بقيود الأعراف..و في دنيا الرجال.. الكفر بالتقاليد جريمة.. قال لهم الجد أن الكره المتعفن بين العائلتين قد واريناه الثرى.. فأهلوا فوقه التراب و لربما وضعوا فوقه الإسفلت المصمت.. يريدون اليقين أن جيفة الماضي الجسيم لن تخرج مرة أخرى لتهدد سلامهم العزيز.. سلامهم المنتظر منذ أمدٍ طويل.. سيقتلعون الشوك من مدارج حياتهم و يزرعون مكانه الياسمين.. قد وصلت حكاية الثأر إلى منتهاها.. و قد وصلوا هم لسدرة المنتهى التي كانوا يرتجونها لعقود طويلة.. و أي فكرة تباري فكرة السلام الراسخة سيتصدى لها كل أفراد عائلته حتى لو كان هو صاحب الفكرة.
تنهد يجلي بعض الأنفاس الحرَى المشبعة بالغل الذي يكاد أن يغص به.. و يقر هو بقرارة نفسه.. أن الخطوب قد ادلهمت و قد حان وقت طمرها.
- جمال.
انتفض جسده حالما وصله نداؤها بحروف إسمه.. تلكأ بالالتفاتة حتى قابله وجهها القلق.. ابتسم بوهن كأنما يحثها على الاقتراب.. فاقتربت و اتخذت مقعدها إلى جانبه ليتشاركا العتمة الهادئة.. بقيت تنظاره بشغف كأنها اشتقات لتفاصيله.. لقسماته و سكناته.. حين وصلها الخبر كاد قلبها أن ينخلع من بين ضلوع صدرها جزعاً.. و طوال فترة مكوثه في المشفى كان نفس القلب المدلَه بعشقه يضطرم خوفاً عليه.. تزاحمت الحروف على طرف لسانها فلم تعلم أيها تحرر.. جالت بأنظارها المكان تهرب من عينيه القانصتين ليأتيها صوته الحاني يعيد بصرها إليه:
- وحشتيني.
لا تدري لما اختضت روحها بألم اللهفة من كلمة واحدة.. كلمة واحدة فتحت سدود مقلتيها لتنهمر الدموع كسيل ماء زلال يهديها راحة من نوع جديد.. بينما هو تفهم حالة الخوف التي تتلبسها جزاء ما حدث في العائلة.. فاقتربت كفه من كفها لترتكن الأولى فوق الأخيرة تشد عليها.. جاهدت هي لاسترداد الرؤية التي غامت بفعل الدموع.. ليبادر هو من جديد يقول برنة صوت مشبعة بالمشاعر الملتهبة:
- عارفة.. لما كنت فاكر إني هاموت.. و إن أيامي بالدنيا خلاص خلصت.. أكتر حاجة وجعتني هي إني مش هاشوفك مرة تانية.. كان نفسي أشوفك مرة و أقولك كل اللي بقلبي.. أقولك قد إيه أنا كنت غبي و مغفل.. و قد إيه انا مستعد أعافر عشان أوصل لقلبك من تاني يا سمر.
توترت خلجاتها و لم تجد حديثا ترد به على حديثه فركنت إلى الصمت.. براعم الحب قد نبتت من جديد بعد أن ظنت ان أرض حبها قد أضحت جرداء.. عضت لسانها تحاول جمح دموع الفرح و الحسرة جنبا إلى جنب.. فرحة من حديثه الذي طال انتظاره و حسرة على الانتظار الذي طال و السنين التي ضاعت في الانتظار.. سنوات و نجمها المحترق يطوف في مدار القابع أمامها لا ينأى و لا يحيد البتة..لكن لا بأس.. فكل خير يأتي من الله بالوقت الذي يختاره لنا..ليتابع هو لا يرحم قلبها البكر.. قلبها الذي لم و لن يعرف حباً سوى حبه هو.. فاقترب بجسده و وجهه يبثها أنفاسه المشبعة بحمم أحاسيسه الفوارة:
- وقتها عرفت.. إن عمري لو فاضل فيه يوم واحد أو ألف سنة.. فأنا عايز العمر ده يكون معاكي انتِ.. عايز أكفر عن ذنبي بحقك و حق نفسي.
ليخرج حينها إسمه من بين شفتيها مانعاً متمنعاً عن التجاوز بحق روحها الهشة التي لا تحتمل السقيا بدفقات عظيمة.. قالت إسمه كأنما ترجوه الترفق و أن يرويها بندى كلماته رويدا رويدا:
- جمااااال.
و أجابها جمال.. اجابها بالكلمة التي تنمحي من بعدها و من قبلها كل الكلمات.. كل الوجع.. كل السهاد و كل اليأس و الحزن.. كلمة تجود بكل جود الدنيا من الفرح..لتزهر تلك البراعم على أرضها ورودا شذية زاهية :
- أنا بحبك.
أربع حروف كانت غيثاً فوق قلب قضت تلتهمه النيران من سنون سحيقة.. تلك كلمة السحر النافذ التي تنزل بالقلب المسكين الراحة و الفرحة.. رفعت بصرها إليه و قلبها يتقافز كما الزنبرك في صدرها.. فتحت فاهها أكثر من مرة تبتغي الحديث لكن دون جدوى.. فالكلمات ما تزال تخونها و تتقهرقر.. ليفطن هو لحالة التخبط التي تلزمها فيطلب و يرتجي:
- تتجوزيني يا سمر؟
و هنا أتى ختام المشهد.. باستقامتها و عبارتها " كلم بابا " و خطواتها المبتعدة المتخبطة بعيداً عن طوفان المشاعر التي هابت أن يغرقها ببحور الطرب و البهجة.. و هو لم ينتظر أكثر.. بل انشق عن عتمة محيطه و خرج يتحسس خطواتها الهاربة لكن بوجهة مختلفة.. و بين يدي جده جلس يفضي بمراده.. ليأتيه رد الجد بالتريث حتى ينفصل آخر أمر معلق " نور و سراج ".. ليتراقص الامتعاض على وجه جمال فهو بكل منطقية لا يريد إضاعة المزيد من الأيام و الساعات بالبعد.. لكن قرار الجد دوماً نافذ.
و في جب الليل بعث إليها برسالة.. تفضي لها بمكنون قلبه الملتاع بفترة الانتظار القسرية التي فرضت عليهما.. كتب و باح و بعث دون أن يجد منها رداً.. ليتنهد حينها و هو يعلم بأن قلبها ما زال يخشى أن يكون كل هذا حلماً جميلاً غذته هي بسباتها الطويل في أرض الرجاء بالقرب منه.. لكنه سيعافر ليؤكد لها أنها حقيقة صادحة.. حقيقة ساطعة كشمس حياتهم الجديدة.. سيتطلب منه قتال هواجسها جهداً عظيماً.. لكن لا بأس فمخاض البدايات الجديدة المحفوفة بالرهبة دوما يكون عسيرة.
------------------------------------------------------
يقلب الهاتف بيده.. يضغط أرقام مخصوصة و من ثم يمسحها.. و يعيد الكرة من جديد.. لايعلم ماذا يريد.. و إن حادثها ماذا سيجد.. نعم يحبها.. لا بل يعشقها.. لكن تلك العزة التي تنبض بنفسه تجبره أن ينأى عن محادثتها.. الشوق يكاد يفتك به.. لياليه يقضيها على ذكرى لياليه و إياها.. عمره يحسبه بالأيام التي كانت بها معه لا غير.. حبها جعله إنساناً مختلفاً.. أليس هذا الحب بأنقى لوحاته.. أن يغير فينا للأفضل.. إذا لما يشعر به وهماً.. وهو انغمس به طواعية و تساقط لعمقه رغبةً.. لم يجبره أحد على عشقها.. لكنها كانت مجبرة.. من البداية كانت مجبرة.. ألقت بنفسها إلى نيرانه تضحيةً في سبيل نجاة عائلتها..ربما لهذا لم يستقم زواجهما.. لكنها أحبته.. أو هكذا تراءى له.. ليعود لحروف الوهم من جديد.. كم هو عصي أن تكتشف أن مرادف حبك هو الوهم.. كم هو مؤلم أن تمنح الأمان و تسلم مفاتيح سعادتك للسراب.. لتجد إبان النهاية أن الطعنة قد أتتك من مأمنك.. من الوهم الذي بنيته بيديك.. بأمانيك و أحلامك.
أفاقه من شروده رنين الهاتف القابع بين أنامله.. تجهم وجهه لرؤيا الرقم الظاهر ليجيب.. و تسقط لوحة الحب العظيم أخيراً و تغرب معها شمس الوهم خاصته و يقبل عليه ليل الويل الذي كان له منذ البداية.. فالوهم يطالب بالرحيل الأزلي عن أرضه.. حبيبته تريد الفكاك.. يطالبونه بالفراق.. قد أقسم سابقاً أن تأمره دلالا فيلبيها عشقاً.. فهل يلبيها الآن؟!
------------------------------------------------
- يعني بعدين يا حجي.. اللي عندك متنح و مكبر راسه لا راضي يطلق و لا راضي يتفاهم.. و اللي عندي عايشة بقوقعة مع حالها و رافضة تبلغه بوضعها.. حتى لما أخذتها و رحنا عالسفارة مشان تبعتله طلب الخلع بآخر لحظة اتراجعت و ضلت تبكي و تحكي مش قادرة.. أنا هالوضع بطلت أقدر أستوعبه.. بدنا حل.. البنت معلقة.. لا هي مجوزة و لا هي مطلقة!!
- و الله يا دكتور نزار كله على يدك.. أنا كلمت سراج و بلغته يطلق نور بالهداوة لكنه راكب دماغه و حلف مية يمين انه مش مطلق و عايزها تيجيله لحد عنده.. و مع الوضع الجديد.. بصراحة يا ولدي أني مش رايد ليها الطلاق.. خلينا نمشي بالصلح.
هز نزار ساقه بعصبيه ليتقدم بجلسته متحفزاً يجيب الحاج عبدالعزيز عبر الهاتف:
- بس أنا مش هاقبل انه نور ترجعله و هو مش ناوي على خير.. ما في أي بوادر خير يا ابو سالم.. أنا مش مجنون مشان أرمي بنتي هالرمية.
طعنته العبارة الأخيرة.. شعر بهوان حفيدته عليه يوم سلمها لسراج.. حتى لو أفضى برفضه للزواج إلا أنه وافقها بالنهاية على تضحيتها.. وافقها و بداخله كان مرتاحاً لهذه التضحية.. الآن نور.. و من قبلها سهام.. إلى متى !! و ها هو الغريب يرفض أن تهان أو تمس ذرة من كرامة حفيدته التي من صلبه هو.. ابتسم ساخرا من نفسه يجيب بحروف مشبعة بالندم و القهر:
- مش هاترجع له الا معززة مكرمة يا ولدي.. و هي باينة إنها لسة باقية عليه.. فاحنا نقدم الخير يا ولدي لعله يفلح.
التنهيدة واجبة في هذا المقام ليطلقها نزار باشتياق.. المسألة متشابكة و صعبة.. فراسته تخذله و الخيارات مرعبة و هي تمس وردته..
- البنت عم تذبل و تذوي.. بقدرش أضل اتفرج عليها و أنا ساكت.. لازم نلاقي حل.
و في الخلفية في منزل التهامي كانت العصفورة الجريحة تنصت لحديث جدها و التصميم ملءُ عينيها.. عادت خطواتها نحو حجرتها و هي تحسم نيتها لإتمام الأمر.. نور أبدا لم تتركها حين كانت بحاجة إليها.. و هي ستكون عوناً لها إن أذن الله.. و في الصباح ألحت على أخيها كي ترافقه إلى القاهرة و لم يأخذ الأمر منها كثيرا ليقتنع.. إذ بالرغم من كونه ما زال في فترة النقاهة إلا أنه رفض الارتكان للكسل في المنزل.. يريد العودة لغمار العمل علَه يتناسى و ينشغل عن تلك التي تجاوره يدعوه طيفها للاقتراب دون أي وجه حق حتى اللحظة.. و في الطريق للقاهرة ساد الصمت الثقيل بينهما.. صمت كان يحكي الكثير من الإنهاك.. و اليأس المأمول منه أن يسرب لنا بعضا من الامل.
بعد أن استقرا في الشقة و غادر أخاها.. جلست لبرهة تعيد الحديث الذي ستلقي به.. هناك جبلٌ مهولٌ يجثم على صدرها للقياه.. من أنزل بعائلتها و أخيها الأذى و الجزع.. لكن فقط من أجل نور.. مهما أنكرت و أنكر الجميع.. هي تعلم أن ابنة عمتها عاشقة.. و تعلمه عاشقا.. فالتطرف الذي وصل إليه لا يصله إلا المتطرف في الحب " إرهابي الحب " فكرت ساخرة.. لتحسم حينها أمرها و تغادر الشقة.
رفعت بصرها تتطلع إلى الصرح المهيب.. ازداد وجيب قلبها و هي تخطو للداخل.. و في الاستقبال طلبت ملاقاته ليأتيها الرد بأنه لم يصل الشركة بعد.. أدلت بهويتها و علاقتها بزوجته ليسمحوا لها بالصعود لمكتب السكرتارية الخاص به.. و هناك جلست و انتظرت.
كان يتحرك في الشركة كما المكوك المشحون لأقصاه.. أعمال جمة ألقيت على كاهله بغياب سراج فابتلي هو بحملها كلها.. دلف لمكتب السكرتارية ليضع بعض الملفات التي بحاجة لتوقيع سراج في عهدة المساعدة الشخصية لحين وصوله.. لفت انتباهه تلك الفتاة نجلاء العينين.. توقف دون شعور منه يتأملها و يمعن النظر إليها.. صفعته النظرة الزاجرة التي أرسلتها إليه حالما لاحظت تحديقه الغير لائق بها.. ليتوتر و يتحرك نحو المساعدة الشخصية يسلمها الملفات و يخبرها بفحواها بتلعثم لم يعلم له سببا.. خطا مبتعدا بضع خطوات ليتوقف بغتة.. دارت مقله في المحجرين يقرر.. و بهذا عاد أدراجه للمساعدة الشخصية يسألها بصوت خفيض عن هوية الفتاة.. لتضربه الصدمة فور علمه بهويتها.. و واتته الشجاعة و بذور التوجس من مجهول لا يعلمه يخص صديقه بدأت تتفصد بداخله عن نبات مسماه الشك.. اقترب منها و أجلى حنجرته يقول:
- معلش يا انسة.. السكرتيرة قالتلي انك جاية عشان تقابلي سراج مش كده؟
هزت رأسها بمعنى " نعم " دون أن تنطق.. ليقبض على شفتيه بأسنانه من الداخل و نسائم الإعراض من قبلها تلفه.. لكنه لم يأبه.. ليقول بنبرة حاسمة:
- طب اتفضلي معايا جوا مكتب سراج.. عايز اتكلم معاكي شوية.
رفعت رقية حاجبيها لأقصى علو ممكن تجيبه باستنكار:
- و انت تتكلم معايا بتاع ايه ان شاء الله.. انا جاية للاستاز سراج و مش لحد تاني.
أكد عليها يقول:
- أنا و سراج واحد..و أنا عرفت حضرتك تبقي مين.. فيا ريت ندخل جوا نتكلم.. يمكن نقدر نساعد بعض.
لوت شفتيها بامتعاض ترد حديثه:
- لاء معلش .. الكلام اللي انا جاية فيه ما ينفعش تبقى انت و سراج فيه واحد.. و اتفضل سيبني في حالي لو سمحت.
- أهلك عارفين انك جاية هنا؟
كادت أن تغص بلعابها و هي تحاول ابتلاعه وجلا.. العبارة أو السؤال الذي ألقاه عليها أثار في نفسها الفزع.. أرسلت له نظرة لائمة قبل أن تستسلم لابتزازه المبطن فتقف على قدميها و تتقدم خطواته نحو مكتب سراج.. و هناك اتخذ كلاهما مجلسه على الارائك ليستهل عدي الحديث بسؤاله:
- قوليلي بقى.. جاية لسراج ليه؟
أشاحت ببصرها تتحدث بعلياء:
- جاية أشرحله اللي حصل في اليوم اللي جات فيه نور لشقة أخويا جمال هنا في مصر.
قطب جبينه فأخذتها علامة لمتابعة الحديث لتردف بقولها:
- أنا كنت في الشقة.. جيت زيارة مع اخويا.. و هي كانت جاية تشوفني أنا مش جمال.. سراج فهم غلط.. ده انا حتى كنت مع جمال في العربية لما روحنا من مصر و سراج ضرب نار ...
صمتت و قد أضحى لسانها ثقيلا.. خيوط تلك الذكرى جارحة للحد الذي لن تتمكن من الاقتراب منها.. تنهدت لتنهي حديثها:
- هو يمكن ما شافنيش أو ما انتبهش لوجودي في العربية وقتها.. لو شافني يمكن كان فهم الصح.
مسح عدي وجهه بكفه و التزم الصمت.. و للدقيقة التالية كان جل اهتمامه مرتكزا على تأمل خلجاتها المتوترة و اهتزاز حدقتيها في عينيها النجلائين و تلك الحمرة القانية التي زينت وجنتيها كقبلتين من وردتين أرجوانيتين.. ليقطع تلك اللحظات ولوج سراج المائج للمكتب.. رفع حاجبا متعجبا و هو ينقل بصره بين الاثنين.. ضيق عينيه و هو ينظر للفتاة يحاول النبش عن صورتها بين دهاليز الذاكرة.. استعصى عليه الأمر ليتغاضى عنه آنيا و يتجه نحو مكتبه يجلس على مقعده متجاهلا الاثنين ليخرج صوته بينما هو يعبث بالملفات القابعة أمامه على المكتب:
- مش هاتعرفنا على الضيفة يا عدي؟
ابتسم عدي بسخرية قبل أن يستقيم و يتجه نحوه و يقول مشيرا إلى رقية:
- الضيفة تبقى ضيفتك.. و جيالك مخصوص من الصعيد.
استدعت عبارة عدي اهتمام سراج ليرفع عينيه و يثبتهما على رقية التي كانت تناظره برهبة و شوائب من النفور.. أشار لها بيده للمقعد الذي يقابله على اليمين لتنصاع لطلبه الغير منطوق و تنهض متجهة نحو المقعد الذي قام بالاشارة إليه.. بقي عدي يتابع حركات الاثنان و انتوى الجلوس إليهما و نفذ.. فهو قد وصله علم الأمر في المشفى عندما تلاحم العم جاسر مع أخوي التهامي.. اتخذ مقعده مقابلا لها و انتظر حديثها كما سراج:
- أنا رقية بنت خال نور.
ارتج قلبه و اختضت الدماء في عروقه.. استدعى ثبات النفس و هو يعاجلها بالاستفهام:
- بنت سالم؟
نفت بهزة من رأسها تصحح له:
- بنت مصعب.
أومئ بتفهم ليعيد تركيز نظراته عليها يحثها على الاستفاضة.. فتسحب هي نفساً عميقاً إلى جوف صدرها و تطلقه بتأني كمن يمهل نفسه لحظات لشحذ الهمة:
- أنا جاية أقولك على اللي حصل و يمكن انت ما تعرفهوش.. أنا سمعت كلام انك كنت فاكر انه نور كانت رايحة الشقة لجمال.. بس اللي ما تعرفوش انها كانت جاية تزورني أنا.. أنا كنت بمر بمرحلة صعبة و هي ما كانتش عايزة تسيبني.. يعني..
لم يتح لها الفرصة لإكمال سردها ليوقفها بحركة من يده و هو يقول بحروف تقطر غلاً:
- مش هاتفرق يا آنسة.. حتى لو كنتِ انتِ موجودة في الشقة.. فنور راحت من غير ما تقولي.
بررت لابنة عمتها تقيها نيران قلبه التي تجزم أنها تستعر أكثر في كل لحظة كأنها تنتظرها لتسكنها لهيبها:
- ما هو يمكن كانت عارفة انك هاترفض.. نور بتحب الخير للكل و الله و ما كانش هاين عليها تسيبني.. فعشان كده هي عملت اللي عملته.
حدق بها بمقلتين اشتد سوادهما حتى باتا كليل الدجى.. ذكرى ذاك اليوم لا يفتئ يطوف بذهنه فيحز قلبه بسكين مسموم.. أرجع رأسه للخلف يستنشق أنفاسه التي انحبست خارجه و هو يفكر أن هذه الساذجة القابعة أمامه لا تعلم أيا من الحقيقة.. يبدو أن الحاج عبدالعزيز هو فعلا على قدر كلمته و لم يفضح أمر أخته حتى لو فيه خلاص لحفيدته من ألسن العائلة الغافلة.. ارتأى أن ينهي الحوار الجدلي الذي بلا طائل من حد رأيه بقوله:
- الموضوع ده انتهى خلاص.. و جدك كلمني يطلب إني أطلق نور.. فلو كنت بتكلميها قوليلها إنه نجوم السما أقرب ليها من إني أطلقها.
انتفضت عن مقعدها تصيح به تنفي ما توفه به:
- لا لا لا .. نور بتحبك و الله أنا متأكدة.. بس هي كرامتها مجروحة منك و ..
جزعت و ارتدت للخوف جاحظة المقل حين هوى على المكتب بقبضته يصيح بها:
- و كرامتي أنا إيه !! ما الهاش حساب عندها؟! مراتي يا انسة مسحت الأرض بكرامتي.
هزت رأسها برفض:
- أكيد مش بقصدها و الله.. نور طيبة قوي و بتحبك.
امتقع وجه سراج تلك اللحظة و قد أصابته عبارة " تحبك " التي أعادتها على مسمعه مرتين في مقتل قلبه.. بينما القابع بصمت يتابع الحوار الساهج قرر أخيراً أن يخرج عن صمته رحمة للفتاة المرتعدة فراصها و لصديقه الذي يخشى عليه الوقوع صريعا لنوبة ارتفاع في الضغط من جديد.. نهض عن مقعده و هو يغمز لرقية بخفية موجهاً حديثه لسراج:
- خلاص يا سراج.. الانسة رقية قصدها خير.. و هي جاية توضحلك جزئية يمكن كانت تايهة عنك.. و اظن بكده احنا خلصنا.
ثم التفت إلى رقية يحدثها بتهذيب:
- اتفضلي يا انسة عشان تاخدي ضيافتك بمكتبي.
جعدت أنفها و طالعته بشجب دون أن تنبس بحرف لتجيل بصرها على الاثنين قبل أن تلتقط حقيبتها و تغادر المكتب بخطوات تحرث الأرض غضباً و يأساً دون أن تعير الذي يتحسس خطواتها الهائجة يناديها بالتريث أي اعتبار.. و على حين فورة الغضبة التفتت إليه بغتة تعنفه:
- إيه في إيه.. خلاص أنا خلصت كلامي و هامشي.. حضرتك بتجري ورايا ليه.
أسبل كفيه أمام وجهها يطالبها الهدوء ليقول بصوت بثه القدر الكافي من الرزانة:
- أنا عايز اتكلم معاكي بحل للموضوع.. و بصراحة انا في فكرة بدماغي كده يمكن تنجح.
تحفزت خلايا عقلها و التمع النصر القريب بعينيها و من دون ادنى تمنع كما السابق وافقته على الانضمام إليه في مكتبه لنقاش مخططه.. و في المكتب جلس إلى مقعده الوثير و قابلته هي في الجلسة يفصل بينهما المكتب الماهوجني.. أخبرها بفكرته.. و كلما سرد أكثر كانت عيناها كما مبسمها يتوسعان أكثر فأكثر.. زفرت أنفاسا مستحسنة حين بلغ حديثه منتهاه و أكدت عليه أنها ستقوم بدورها في الخطة على أكمل وجه.. شكرته بأدب و انتهجت طريقها لخارج حجرة مكتبه ليستوقفها بقوله:
- طب مش هاتديني رقمك عشان نتكلم و نعرف كل واحد فينا حصل معاه إيه؟
تحركت حدقتيها كالبندول السريع لا تعلم رداً لطلبه.. و استشف هو حيرتها ليهديها بعض الأمان:
- كلامنا هايكون مسجات بس.. و خاص بموضوع نور و سراج و لما يخلص الموضوع على خير تقدري تبلكي الرقم براحتك يعني.
أعطته نصف إيماءة مترددة.. و رضخت لمطلبه لتلقي على مسامعه رقم هاتفها الشخصي.. فألقت السلام أخيرا و غادرت مكتبه ثم الشركة بأكملها نحو شقة أخيها.
---------------------------------------------
- انتِ شو عم تحكي رقية!! أنا مش قادرة اصدق.. من يومين حكى معي و صوته كان طبيعي.
خرج حديثها الملتاع من صلب جوفها المرتعد.. حركت رأسها في كل اتجاه لا تعلم قبلة تولي إليها.. الخبر أطاح ببواقي الاتزان بداخلها لتسقط صريعة الرعب من فقد جديد.. لتقول كلمتها الباترة لكل اعتبارات أخرى سوى جدها:
- أنا جاية على أول طيارة.. بس ما تخبري حدا.
و انفصل الأمر.. أنهت المكالمة لترتحل عيناها من فورها إلى باب حجرة والدها.. مذ أتت و هي لا تجرؤ أن تطأها بقدميها.. تخاف اللوم و العتب.. لكن الآن تشعر بطاقة عجيبة تتدفق في كل شرايينها حتى الدقيقة منها.. ستعود نور التي لطالما كانت.. تسلحت بالإيمان بنبل الغاية و خطت نحو حجرة والدها.. أدارت الأكرة و أشعلت الإضاءة.. ليتفصد المشهد عن كل ذكريات الماضي الذي تشتاقه حد الألم.. ذكريات تطرق بمطارقها الهادرة صلب الروح ليتصدع و ينبثق من بين الشروخ الحنين المضني.. دارت في الحجرة و لامست أناملها حاجياته.. ثيابه.. كتبه و أخيرا رمت بثقل رأسها على وسادته تبحث عن أي عبق له قد يزال يسكن الوسادة.. وجهت أنظارها للسقف و لسانها يمتنع عن الحديث.. لكن يكفي همس القلب بالرجاء و طلب الغفران.. و أخيرا التفهم.. لتقضي ليلتها التي تدثرت بوشاح الوجل من القادم بين أحضان فراش والدها الراحل بجسده لكن دوما حاضراً بذكراه.
في الصباح الباكر انتهجت طريقها لعيادة الطبيبة لتستشيرها بأمر السفر.. فأتاها الرد بأن لا ضير منه.. لتذهب من فورها إلى منزل عمها نزار.. و على عتبة بابه كانت المفاجاة من نصيبه.. بقسمات وجهها التي تخط خاطرة العزم و التصميم جابهته.. و بداخل البيت و على الارائك المريحة ألقت عليه المصاب العظيم في ديار أهلها و أخبرته بنيتها للسفر.. ستمضي في الدرب بعزيمة المقاتلين الأشاوس.. لها حق في ذلك البيت و لن تتنازل عنه لو ضربتها خطوب الدنيا من أول نشأتها.. كان حائرا لا يفتهم حرفاً مما تقول كانها تتحدث بغيبة عقل.. ترجم حيرته لاستفهام منطوق:
- معقول الحجي مريض و ما حكى.. لا حول و لا قوة الا بالله.. اذا الموضوع هيك بنروح سوا حبيبتي.. أنا كمان لازم أعمل الواجب.
استوقفت استرساله بهزة حادة من رأسها تقول بكلمات أقرب لأمر نافذ:
- معلش عمي أنا حابة أروح لحالي بالاول.. بعد كم يوم بتقدر تلحقني.
أراد الاعتراض و هو يعلم الوحش المتربص لها في تلك البقاع.. لكنه في النهاية قرر إعطاءها فرصة لإبراز قوة الشكيمة لديها و بث روح النشمية التي تخفق بداخلها.. و كان لها ما أرادت.
--------------------------------------
- تعالي يا بتي اقعدي جاري.. فيكي ايه يا حبة القلب؟
كان هذا حديث الجد لحفيدته التي كانت تراقبه من ركنٍ منزوٍ كأنما تصارع فكرة الذهاب إليه.. انتصبت رقية بوقفتها و تقدمت بخطوات ثقيلة لتجلس بجانبه.. ضمها إلى جوف عباءته لتسند رأسها على صدره.. تلجلت الحروف على لسانها حتى باحت بها بدفعة واحدة:
- أنا مش عايزاك تزعل مني يا جدي.. أنا عملت حاجة شفت انها الصح.
قطب الجد بحيرة مستفهما:
- حاجة ايه ديه يا بتي؟
- أنا كلمت نور و قلتلها انه بعد الشر يعني.. إنك تعبان.
ابتعد عنها الحاج عبدالعزيز و إمارات الخيبة تنضح من وجهه و كلماته اللاذعة:
- ليه عملتي اكده يا بتي.. ديه اخرتها .. تكدبي على بت عمتك؟ طب عشان إيه الحديت ديه كلاته؟
أجابته و هي تختض رهبة بداخلها:
- عشان تيجي هنا.
ألقت بالقول و سكنت.. لتجد أن السكون يلف كليهما.. طرفت عينيها نحوه لتجده صامتا كظيم الوجه.. أشاح بوجهه عنها يسأل بصوت خاوٍ:
- عايزاها ترجع اهنه ليه؟ مش خايفة عليها من جوزها؟
ابتلعت ريقا كالعلقم تجيبه بتعقل:
- أنا عايزاها تيجي و اتقابله.. لازم الموضوع يوصل خط النهاية.. و هي يا تكسب يا تخسر.. لكن عالاقل مش هاتبقى متعلقة بحبال الهوى كده.
هز الجد رأسه دون معنى.. ليستقيم بعسرة و يخطو بعيدا عنها دون أن يعلق على حديثها الأخير.
أصابها بعض الضمور في الهمم لكنها أبت أن تجعله يسيطر عليها.. فاستلت هاتفها و ارسلت برسالة:
- نور جاية.. بالكتير يومين و تكون هنا.
-----------------------------------------
وصلته رسالتها.. ابتهج لكون الخطة تسير بالمسار الصحيح بينما بهجة أكبر تحتل كيانه لانها تحادثه.. حتى لو بكلمات مقتضبة.. لكنه دوما يجد عيناها النجلاوان تبتسم إليه بين هذه الحروف.
قاطع خلوة أفكاره صوت سراج يستحثه على الانتباه:
- ما تركز يا عدي شوية.. احنا داخلين على صفقة كبير ة و بكرا لازم تكون كل حاجة جاهزة.
نفث عدي أنفاساً مغتاظة من سراج و واجهه بالجلسة يقترح عليه بنبرة تلقائية:
- ما اتخافش يا سراج كل حاجة متجهزة.. و انت تعبت أوي بالصفقة ديه و ان شاء الله هاتكون فاتحة خير علينا.. بس انت محتاج تريح شوي.. اعصابك مشدودة طول الوقت.. ايه رأيك تروح الصعيد كام يوم و تاخد روح معاك تغيروا جو و تشموا هوا الصعيد النضيف.
أشاح سراج بيده رفضا:
- مش هاينفع.. روح وراها جلسات عند الدكتور غير كده هي ناوية تدخل الجامعة و انا بجهزلها بورقها.
أومئ عدي برأسه و قد أسقط بيده.. ليفطن ان الخطة تحتاج إلى مجندٍ آخر.




noor elhuda likes this.

وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-12-19, 09:53 PM   #384

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile25

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 7 والزوار 24)





‏موضى و راكان, ‏توتو2008, ‏Shadwa.Dy, ‏أميرةالدموع, ‏تاتا26071978, ‏Sm-alamri, ‏نور علي عبد


تسلم ايديك فصل ممتع


:heeheeh:


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-12-19, 12:26 AM   #385

ام زياد محمود
عضو ذهبي
 
الصورة الرمزية ام زياد محمود

? العضوٌ??? » 371798
?  التسِجيلٌ » May 2016
? مشَارَ?اتْي » 5,462
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » ام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond reputeام زياد محمود has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   sprite
¬» قناتك nicklodeon
?? ??? ~
اللهم ان كان هذا الوباء والبلاء بذنب ارتكبناه أو إثم اقترفناه أو وزر جنيناه او ظلم ظلمناه أو فرض تركناه او نفل ضيعناه او عصيان فعلناه او نهي أتيناه أو بصر أطلقناه، فإنا تائبون إليك فتب علينا يارب ولا تطل علينا مداه
افتراضي


مصائب قوم عند قوم فوائد
ياعنى عدى شكله هيطلع من مصيبة سراج برقية اللى خطفته من اول نظرة
بس انا كنت عايزه سراج هو اللى يروح لنور ويعتذر لها مش هى اللى تيجى مصر واضح كدا انها حامل ودا اللى خلى جدها يتراجع عن قرار الطلاق ويفكر فى الصلح


ام زياد محمود غير متواجد حالياً  
التوقيع

رد مع اقتباس
قديم 23-12-19, 04:53 PM   #386

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

يعطيك العافيه 🌼🌼
اخيرا فيه متنفس لرقيه وسعاده تتنظرها مع عدي
جمال وسمر وجودهما وارتباطهما سيخفف الوطئ عن سراج وغيرته
نور اكيد حامل وذا الي خلاها تطمن على وضع السفر بالطيارة والمواجهه بين نور وسراج بين اما تكون حنونه بحيث ينسى كلاهما ما حدث ويعرفان انهما لا يستغنيان عن بعضهما او يرجع المد والجزر يأخذهما يمن شمال الى ان يرسيا على بر الامان او يرتضيان من وجود الطفل حل وهو الرابط المشترك الذي ينشدان القرب
فصل رائع 🌼🌼


نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 12:31 PM   #387

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الورد
تسجيل حضور
بانتظار الفصل


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 01:31 PM   #388

زهرة الغردينيا

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 377544
?  التسِجيلٌ » Jul 2016
? مشَارَ?اتْي » 4,778
?  نُقآطِيْ » زهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond reputeزهرة الغردينيا has a reputation beyond repute
افتراضي

السلام عليكم ورحمة اللة وبركاته
فصول مليئة بالأحداث المشوقة
نور اخطأت عندما اخفت عن سراج الحقيقة و فتحت مجال
للشك بينهم
و سراج أخطأ عندما تسرع...و حكم عليها دون ان يسمع
منها الحقيقة كاملة
نور رحلت بعد ما فعلة بها سراج ...ولا ترغب بالعودة
كما انها لا تريد الطلاق أيضا
واضح انها حامل ...
سراج رفض الطلاق ...
تسلم ايدك
بانتظار القادم


زهرة الغردينيا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 05:57 PM   #389

نور علي عبد
 
الصورة الرمزية نور علي عبد

? العضوٌ??? » 392540
?  التسِجيلٌ » Feb 2017
? مشَارَ?اتْي » 944
?  نُقآطِيْ » نور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond reputeنور علي عبد has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخيرات حبيبتي 🌼
تسجيل حضور بانتظار الفصل 🌼🌼


نور علي عبد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-12-19, 08:18 PM   #390

وفاء حمدان

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء


? العضوٌ??? » 435933
?  التسِجيلٌ » Nov 2018
? مشَارَ?اتْي » 361
?  نُقآطِيْ » وفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond reputeوفاء حمدان has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة موضى و راكان مشاهدة المشاركة
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 31 ( الأعضاء 7 والزوار 24)





‏موضى و راكان, ‏توتو2008, ‏shadwa.dy, ‏أميرةالدموع, ‏تاتا26071978, ‏sm-alamri, ‏نور علي عبد


تسلم ايديك فصل ممتع


:heeheeh:
تسلميلي يا قلبي، سعيدة انه نال رضاك


وفاء حمدان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:27 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.