آخر 10 مشاركات
بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          هائمون في مضمار العشق (2) .. سلسلة النهاية * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          1025 -البطل الطليق - ريبيكا وينترز - عبير دار النحاس ** (الكاتـب : Just Faith - )           »          234 - طفل اسمه ماتيو - سارة جرانت - ع.ق ( مكتبة مدبولى ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          دموع تبتسم (38) للكاتبة: شارلوت ... كاملة ... (الكاتـب : najima - )           »          عيون الغزلان (60) ~Deers eyes ~ للكاتبة لامارا ~ *متميزة* ((كاملة)). (الكاتـب : لامارا - )           »          93- رجل من ورق - كارول مورتمر - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          خلاص اليوناني (154) للكاتبة: Kate Hewitt *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          شريكها المثالي (50) للكاتبة: Day Leclaire *كاملة* (الكاتـب : Andalus - )           »          حقد امرأة عاشقة *مميزه ومكتملة* (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1161Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-10-19, 10:52 AM   #111

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تالا الاموره مشاهدة المشاركة
تسلمي ع الفصل الجميل

كتبت تعليق امس وانمسح

شويكار هانم شخصية منرفزه جدا، وسعيدة لابتعاد كارمن لبيئة اخرى فيها دفىء عائلي.

القفلة شريره، قلقت ع كارمن وفريده، حاسه انك ناوية ع فريده🙁

شكرا تالا ع المتابعة هنشوف الاحداث القادمة فيها ايه



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة عاشور مشاهدة المشاركة
فريدة فريدة فريييييييدة و يونس
يااااااقلبي

منورة يا فاطمة




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الساموراي مشاهدة المشاركة
أهلا وسهلا
فرحت بعودتك
فرحت باسمك الذي قرأته
من مدة انتظر طلتك
حتى ان لم يكن بالجزء الثاني من السلسلة قلوب مغتربة
>>>> تجري للقراءة


اهلا اميرة انا كمان وحشني المنتدى ووحشتني متابعتك

منورة الرواية




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة soy yo مشاهدة المشاركة
رواية رائعة ...و اسلوب اروع ...حبيت قصة كارمن وفارس....وحبيت قصة حب يونس ل فريدة لهي ابنت عمو و ارى اننا ننتظر اسرار كثيرة كاهذه ...موفقة باذن الله

شكرا جزيلا على كلامك اتمنى باقي الفصول تعجبك




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mayna123 مشاهدة المشاركة
يااااااا افتكرت ايام ابو الفوارس و شيخ الشباب ميمي

منورة الرواية للمرة الثانية يا جميلة


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة تالا الاموره مشاهدة المشاركة
تسلمي ع الفصل الجميل
فصل اكتشافات بجد، كل الابطال يكنون مشاعر تجاه بعضهم، باستثناء كارمن لكنها في الطريق لحب فارس، فريده واضح تحب يونس بدون ان تدرك، بدليل امتعاضها من عهد، وتخريبها ع يونس ولوبيا😂😂

منورة يا تالا خليكي معانا وشوفي الجديد






اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
نورت يا أشرف يابن نبيلة الله يكسفك
العيلة دى عسل وحبيت ان كارمن بدأت تندمج معاهم فعلا

شيمى ياحبيبى اغرق فى الفخ على ضمانتى
ياعينى عليك يا أبو الفوارس وعلى الحب اللى كاتمه فى قلبك السنين دى كلها

كان الله فى عونك من يونس يانانى عايز يتجوز واحدة مايعه ويتجوز اربعه

عبود ياواطى ربنا ياخدك

ان بعض الظن اسم ياعم زفت وزياد وعهد قصة لسه هتبدأ

تسلم ايدك يا أحلى شموسه




حبيبة قلبي يا ايمي منورة الرواية






اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة msamo مشاهدة المشاركة
ما شاء الله الفصل الول لوحده تحفة اكمل وارجع

اتمنى الباقي يعجبك يا جميلة



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة msamo مشاهدة المشاركة
اول مرة اضحك من قلبي كل الضحك ده في رواية حقيقي انت جميلة وروايتك حسيت كأني عايشة وسط ابطالها متأكدة انها هتكون من أجمل ما قرأت ان شاء الله


تسلميلي يارب ويسلملي كلامك العسل




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اكرام النافلة مشاهدة المشاركة
فريدة بنت عم فارس ويونس ... الثنائيات توضحت في هذا الفصل والرواية رائعة جدا من بدايتها كما قلبك وطني... يعني ان لك اسلوب خاص بك ومميز فعلا دمت مبدعة.



وشكرا ليكي انتي على الكلام الحلو يا اكرام منورة الرواية




اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إميلا مشاهدة المشاركة
شموسه الجميلة ❤

ما زلتي مذهلة في وصف المشاعر وفي جعلنا نعيشها مع ابطالك ..

سعيده جداً بوجودك هنا مرةً أخرى سعيدة لعودتك بقلمك المميز وبوصفك وبكتابتك السلسه الممتعه .

وكالعاده ابطالك رائعون مثلكِ ...

فارس وكارمن ..
أشعر بأن شخصية كفارس رجل قوي صبور مكافح وكريم لا تتناسب مع شخصية كارمن الضعيفه المنقاده وتكاد تكون عديمة الثقه ، وربما السبب في انها تخشى امها وتنقاد اليها ليس حب امها كما تقول بل لانها تشعر بانها بدون فائده وعليها ان تضحي وتسعى لتكون كذلك . خاصة وانا لا اعلم اشعر ان انتقام فارس اكبر من عصمت عظمه ويبدو انه اقترب من الانتقام .

عهد وزياد ..
اممم اذاً عهد تحبه وحصنت نفسها ضد هذا الحب لفرق الطبقيه تريد الشعور بالامان فتعلقت بيونس بحجة انه كان في نفس ظروفها ولا تشعر بحب المسكين زياد ، اعتقد ان اعمامها ليسو كما تقول والدتها لا اعلم هل هم حقاً متشبثين بعادات وتقاليد باليه ام لا ؟ فلو كانوا حقاً كذلك لا اعتقد بانهم سيتركون ابنة اخيهم خاصة وأن والدتها متزوجة أم انهم لا يبالون بها ما دام ورثوا من مال والدها ، لفتني موقفها القديم مع ام زياد هل استشعرت والدته ان ابنها يحبها فحاولت ايصال مشاعرها بعدم رغبتها بطريقه غير مباشره اذا كان الامر كذلك فكان الله بعونك ي زياد .

يونس وفريده ..
ااه يا ويلي أكثر ثنائي احببته نريد مشاعر وفوضى ي شمس الشموووسه .





اميلا

شكرا جدا لكلامك الحلو الي اسعدني وعن الريفيو الجميل دة وتسجيل انطباعاتك

اتمنى انه باقي الفصول تعجبك

تحياتي










Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 10:55 AM   #112

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة **منى لطيفي (نصر الدين )** مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
انا مريت أمسي على الشلة الحلوة ابوووو الفوارس والبسكوتة ويونس العظيم مع فريدة هههههه ميمي الشيمي مع روفيدة وزياد ابن الناس كويسين مع وعد ... وحتى زغلوووول جوز خضرة ... ههههه احلى رواية يا شموسة الف مبروك التنزيل هنا... وبالتوفيق ان شاء الله يا قمر.

منورة الرواية يا منمن

الله يبارك فيكي يارب وما اتحرمش من ذوقك ابدا


Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 11:41 AM   #113

حلا المشاعر
 
الصورة الرمزية حلا المشاعر

? العضوٌ??? » 403837
?  التسِجيلٌ » Jul 2017
? مشَارَ?اتْي » 481
?  نُقآطِيْ » حلا المشاعر is on a distinguished road
افتراضي

صباح الورد تسجيل حضووور

حلا المشاعر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 11:42 AM   #114

أميرة الساموراي
 
الصورة الرمزية أميرة الساموراي

? العضوٌ??? » 398007
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 763
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » أميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
¬» اشجع shabab
?? ??? ~
كن على على ثقة أن الله بسط لك الرزق في أي مكان ذهبت وستذهب اليه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

حضور بانتظار الفصل

أميرة الساموراي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 11:59 AM   #115

Msamo
 
الصورة الرمزية Msamo

? العضوٌ??? » 366128
?  التسِجيلٌ » Mar 2016
? مشَارَ?اتْي » 1,825
?  نُقآطِيْ » Msamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond reputeMsamo has a reputation beyond repute
افتراضي

بانتظارك بكل شوق

Msamo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 12:01 PM   #116

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

صباح الخيرات



نلتقي بعد ساعة ان شاء الله

مع الفصلين السادس والسابع

من

زخات الحب والحصى



Dr. Aya likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 12:48 PM   #117

أميرة الساموراي
 
الصورة الرمزية أميرة الساموراي

? العضوٌ??? » 398007
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 763
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » أميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
¬» اشجع shabab
?? ??? ~
كن على على ثقة أن الله بسط لك الرزق في أي مكان ذهبت وستذهب اليه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة shammosah مشاهدة المشاركة
صباح الخيرات



نلتقي بعد ساعة ان شاء الله

مع الفصلين السادس والسابع

من

زخات الحب والحصى




بعد ساعة وفصلين؟؟.....
قلبي قلبي الصغير لا يتحمل حمااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااا ااااااااااس


أميرة الساموراي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 01:00 PM   #118

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل السادس



الفصل السادس



اليوم التالي:

ماذا يعني بما قاله لها ليلة أمس؟!

فالكلمات لها أكثر من معنى ..

قد يكون كلاما نابعا من أخلاقه وشهامته..

لكن ..

ما استقبلته من مشاعر غلفت هذا الكلام كان رائعا ..

بل مذهلا صادما..



هذا لو كان ما فهمته صحيحا ..

لكن..

هل ما استقبلته من قِبَلِه من إشارات وتلميحات كان نابعا من رغبة ذكورية عادية؟ ..

أم من مشاعر قلبية يكنها لها؟! .

الفكرة في ذاتها تشعرها بالروعة

وهذا الشعور في حد ذاته.. يدهشها بقدر اندهاشها من حقيقة هذا الأمر الخرافي الذي تخمنه .

تقلبت في سريرها في هذا الوقت المبكر من الصباح .

لم تنم طوال الليل .. تتقلب وتتقلب .. تفكر وتفكر .. تحلل وتحلل.

لكن لم تصل لشيء .

كل ما قررته وعزمت على تنفيذه هو إتمام الزواج في أسرع وقت ..

خاصة بعد ليلة أمس ..

فحتى لو حررها هو من الالتزام بهذا الامر لن تستطيع أن تحرر نفسها من الالتزام بواجبها نحوه .



شعرت به فغطت رأسها تختبئ تحت الغطاء .. لتسمعه يتحرك بخفة قاطعا الغرفة نحو الحمام .. واعترفت بأنه لم ينم سوى بضع ساعات .. فعضت على شفتها ينهشها الشعور بالذنب .



في الحمام جفف فارس جسده بالمنشفة وألقى بها في سلة الغسيل ليستدير فجأة ويتسمر وهو ينظر في السلة مدققا.. ثم يميل يحدق في شيء ما فيها ..فابتلع ريقه ومد يده يلتقطه.

كانت قطعة داخلية ملونة تخصها ..

فانفجرت في رأسه المفرقعات الملونة وهو يتحسس ملمس قماش الدانتيل بانبهار ..



انها المرة الأولى التي يرى فيها قطعة داخلية نسائية على الطبيعة ..



ما أجملها!!

وما أجمل أشيائها الصغيرة!

وما أشقاه !

وهو الذي لم يتخلص بعد مما تفعله به عطورها التي لم تترك مكانا لم تنشره فيه حتى يقدر على تحمل روعة تلك الأشياء الصغيرة .. ذات الملمس الذي يدير الرأس ويحرض على الهمجية .



تخيلها لثوان وهي ترتدي هذه القطعة فدارت رأسه وتسارعت أنفاسه فأسرع يعيدها لمكانها بسرعة .. متمنيا لو يقدر على الاحتفاظ بهذا الشيء الناعم.

الرائع .

خرج بعد قليل يكمل ارتداء ملابسه متحاشيا النظر نحوها فقد كانت تلازمه طوال الليل في حلمه .. ولم تتركه لحظة ..

وعجل بارتداء ملابسه ليخرج من تلك الغرفة يخشى أن يضعف كما حدث الليلة الماضية .. ويظهر امامها مستجديا مثيرا للشفقة .



بعد قليل نزلت كارمن ترتدي حلة رياضية رقيقة باللون الوردي .. تعقص شعرها كذيل حصان خلف رأسها .. لتلحق بالفطور الذي فاتها اليومين الماضيين بسبب استيقاظها متأخرا ..



خاصة بعد أن جافاها النوم فانتهزت الفرصة لتنضم إليهم على الفطور المبكر الذي يجمعهم في معظم الأيام .

هلل يونس حين رآها تنزل قائلا" يا أهلا بقطة هانم ... صحناًً من الحليب هنا يا خضرة من فضلك "

ابتسمت وتطلعت فيهم مجتمعين حول مائدة السفرة .. فارس على رأس المائدة يوليها ظهره بينما الحاجة على الطرف المقابل تواجهها. أما فريدة ناحية اليمين ويونس ناحية اليسار ..

فحيتهم بـ (صباح الخير )



سحب لها فارس المقعد على يساره لتجلس متوردة تتحاشى النظر إليه .. فتنحنح هو الآخر بحرج يحاول ألا تتلاقى نظراتهما.. مادا ذراعه متقبضا على المائدة يداري وقع ذكريات قبلته الليلة الماضية ..وقطعة الدانتيل التي توشك أن تطير عقله كلما اقتحمت عليه ذاكرته .



حضرت خضرة تضع أطباقا من الفول على المائدة التي تحتوي على أكثر من صنف طعام ليقول يونس لخضرة " بالزيت الحار يا خضرة ؟"

أومأت برأسها ضاحكة تجيب " بالتأكيد "

قال وهو ينظر لفريدة غائظا " سلمت يداك يا خضرة .. فأنت من تدللينني في هذا البيت وتصنعين لي ما أريد "



نظرت فريدة لطبق الفول الخاص به وقالت بقرف " انتهي منه سريعا فرائحة الزيت الحار تصلني حتى هنا "

مط شفتيه وقال " لست ذواقة مثلي .. وكيف يؤكل الفول بدون زيت حار يا ضفدع المستنقعات "

قالت كارمن لخضرة التي أوشكت على المغادرة " أين طبق الفول خاصتي ؟"

اتسعت عينا الأخيرة وهتفت " أنا توقعت أنك ستأكلين شيئا آخر"

أما يونس فصفق بخشونة مهللا " الله عليك يا زوجة أخي هل تأكلين الأكلات الشعبية "



اختلست كارمن نظرة نحو فارس وكأنها تتأكد من متابعته للحوار من عدمه لتجده يتطلع فيها متابعا باهتمام يعلو وجهه شبح ابتسامة لتقول ليونس " أنا أحب الأكلات الشعبية جدا وكنت أطير من السعادة حين أحضر Arabian Nights ."

قال يونس بحماس "وهل تحبين الفول بالزيت الحار أم انك تتأففين وتنفرين من رائحته كهذه المدللة"



قالت كارمن وهي تميل على طبق يونس الجالس بجوارها "لا أعرف ولا أجد رائحته منفرة.. "



صاح يونس بانتصار مشيرا لفريدة " أخبري هذه التي تتصنع التأفف والقرف .. تشعر بالعار من أصلها بنت سعد الدين"



رفعت فريدة حاجبا مستنكرا بينما ضحكت كارمن تقول " لكنه حار وأنا لا أتحمل الطعام الحار يونس"



قهقه يونس ورد " ليس حارا أبدا هذا أسمه فقط إنه زيت بذرة الكتان "

قالت كارمن بحماس " حسن ..سأجرب طعمه"



قطعت الرغيف وأكلت من طبق يونس فراقبها الجميع بترقب حتى فارس .. لتضع كفها أمام فمها وتقول ليونس بعينين لامعتين "أحببته بالزيت الحار"



صاح يونس بانتصار مرة أخرى يلعِّب حاجبيه لفريدة التي شاركت الباقين بالابتسام ثم صاح بصوت عال " طبق كارمن بالزيت الحار يا خضرة ( وعاد يوجه كلامه لكارمن ) يبدو أني سأجد رفيقا لي في حب الطعام بدلا من هذه البومة التي لا تأكل غالبية الطعام ( وعوج فمه يقلدها بتهكم ) الطعام رائحته كريهة "



قالت كارمن مبتسمة " وهل فريدة لا تأكل معظم الطعام فعلا؟"

رد يونس بتعبير بائس "بكل أسف تتأفف من غالبية أصناف الطعام سواء الشعبية أو غيرها .. وكانت وهي صغيرة تعذبنا حتى تأكل "



رفعت فريدة ذقنها بكبرياء بينما وضعت خضرة طبق الفول أمام كارمن.. فابتسمت الأخيرة في سعادة وبدأت في الأكل .

راقبها فارس وهو يمسك بكوب الشاي الزجاجي الشفاف..

فرفعت إليه أنظارها لتتعانق العيون لثوان قبل أن تسبل أهدابها بحرج .. فتمتم لها بخفوت " حاذري أن تؤذي معدتك ..فأنت لست معتادة على هذا الطعام"



مسحت فمها بالمنديل بأناقة تومئ برأسها في حرج .. فتأملها سعيدا بأميرته التي تحب الفول .



تطلعت فريدة في الحاجة نفيسة وتمتمت " لمَ أنت صامتة يا أمي ؟!"



وضعت نفيسة في فمها بعض اللقيمات وردت بابتسامة تطمئنها فلم تكن في مزاج يسمح لها بالحديث .. فقال يونس يميل عليها "ما بك يا نفوسة ؟ .. هل كنت ترغبين في أن تتزوج من هذا المدلل الذي يخاف من القطط؟!!"



اشاحت بوجهها وغمغمت بامتعاض " أنت بالذات لا تتحدث معي"

هتف يونس باعتراض "لماذا انا بالذات يا أمي !"

قالت بقرف "اسكت يا يونس ودعني فمزاجي ليس رائقا "



قال بعناد" اعطيني سكر أولا"

اشاحت بوجهها .. فقال مستمرا في مناكفتها " ناني اعطيني سكر"

"نفوسة اعطيني سكر"

"نفسفس اعطيني سكر"



زفرت الحاجة بعصبية فتدخلت فريدة بغيظ "يونس كف عن الغلاظة واتركها "

صاح فيها" أنت بالذات تخرسين .. فبسببك غضبت مني نفوستي .. حبيبتي ( ليعود لأمه ) ناني أريد سكر .. ناني "

راقبته كارمن شاعرة بغلاظته وضغطه على أمه فتدخلت قائلة " يبدو أنها متعبة يا يونس"



رد دون أن يستدير إليها وهو يشد في كم والدته" لن اتركها حتى تعطيني سكر .. يا نفوس ردي عليّ "



نظرت كارمن للسكرية الخزفية الموجودة ناحية فريدة وتعجبت من أنها لم تبادر بإعطائه وحل هذا الأمر .. ثم سحبت السكرية التي كانت أمام فارس لتقول متعاطفة مع الحاجة وهي تضعها أمام يونس "تفضل السكر ولا تزعجها "



عم الصمت فجأة وانخرس الجميع .. ليحدق يونس في السكرية أمامه يحاول الاستيعاب .. قبل أن ينفجر ضاحكا .. فضحكت الحاجة رغما عنها بينما قهقهت فريدة.



تطلعت كارمن فيهم بعدم فهم و استدارت لفارس الذي احتل ملامحه شبح ابتسامة على زاوية فمه .. ليسرع يونس بالقول من بين ضحكاته متعجبا" أنت لا تعرفين السكر؟!!! ( ونظر لأخيه متهكما بلهجة ذات مغزى ) زوجتك لا تعرف السكر يا كبير ما الموضوع بالضبط ؟!!"



عبس فارس قائلا بلهجة محذرة" يونس .. لا تتمادى في المزاح"



كتم يونس فمه بيده يمنع الضحك بصعوبة فاحمر وجهه بينما تدخلت فريدة تقول بالفرنسية لكارمن التي تتطلع في الجميع بعدم فهم " سكر تعني قبلة "

احمر وجه الأخيرة وتعرقت شاعرة بالحرج متمنية لو تنشق الأرض وتبلعها بينما انفجر يونس مجددا في الضحك غير قادر على كتمانه أكثر .. لتدفن كارمن وجهها في كفيها تشاركهم الضحك على نفسها.



بعد قليل غادر فارس أولا تاركا يونس الذي أخبره بأنه سيلحق به بسيارته الخاصة .. فقبل رأس أمه في طريقه نحو باب الفيلا لتلحق به فريدة قائلة " انتظر .. لم أعطي ابني حبيبي سكر "



مال برأسه نحوها بطريقة آلية يمنحها خده فطبعت عليه قبلتها تراقبهما كارمن من مكانها متذكرة قبلة ليلة أمس وتلك القشعريرة التي ألمت بجسدها لحظتها قد عادت إليها من جديد .



عند باب الفيلا حانت من فارس التفاته نحوها فمنحته ابتسامة لا إرادية قبل أن تطرق برأسها هاربة من نظراته وقبل أن يخرج هو ويغلق الباب خلفه .

تحركت الحاجة تترك المائدة في صمت تتوكأ على عصاها فنظر يونس لفريدة بتعجب قبل أن تستقيم الأخيرة لتلحق بها.



فقالت كارمن ليونس " ما بها الحاجة؟ لا أعتقد أن أعجبها هذا العريس "

رد يونس وهو يرفع طبق الفول من أمامه ويضعه أمام فريدة آخذا طبقها عنده قبل أن ينظر لكارمن بخبث ويرفع سبابته إلى فمه يأمرها بالصمت " سأذهب إليها بعد قليل أناكفها حتى تضحك فحالة الاكتئاب تلك تصيبها من وقت لآخر "



عادت فريدة من عند الحاجة تقول بتأثر " مازالت قليلة الكلام يا يونس أنا أشعر بالذنب الشديد "

قال يونس وهو يترك المائدة " لا تقلقي .. اكملي طعامك وسأذهب إليها أنا "

راقبتها كارمن بنظرة مختلسة وهي تقطع قطعة من الخبز وتدسها في طبق الفول وتقربها من فمها ثم تعيدها بسرعة قبل أن تقرب فمها هاتفة وهي تبتعد بمقعدها للخلف " ما هذه الرائحة أعوذ بالله "

انفجر يونس الذي كان يقف خلفها مراقبا في الضحك فزمجرت بغيظ بينما قهقهت كارمن برقة .. ليتحرك يونس لغرفة والدته بعد أن صاح " الشاي يا خضرة أريد أن ألحق بالعمل قبل أن يخصم فارس بك من راتبي "

ثم لعب حاجبيه لفريدة بإغاظة وتوجه لغرفة والدته شاعرا بالراحة أن شتت ذهن تلك العفريتة عن الشعور بالذنب .



نظرت فريدة في أثره واستدارت لكارمن تقول " تضحكين يا كارمن ! "

فتمتمت الأخيرة " صدقا .. أنتما مجنونان .. "

خرجت خضرة بالشاي تبحث عن يونس فأخبرتها كارمن بأنه عند الحاجة فهمت بالذهاب إليه لكن فريدة قالت بسرعة تشير إلى مائدة الطعام " أتركيه هنا فهو عائد الآن"



وضعت خضرة الكوب لتستقيم فريدة وتتجه للمطبخ ثم تعود بعد ثوان عيناها تلمعان بالشر وعلى وجهها ملامح متسلية لتقترب من كوب الشاي الخاص بيونس أمام نظرات كارمن المصدومة وتضع قليلا من مسحوق الفلفل الحار وتنظر لكارمن رافعة سبابتها أمام فمها تطلب منها السكوت بنفس طريقة يونس .

خرج يونس بعد قليل ينظر لكوب الشاي معترضا" برد الشاي يا خضرة ورفعه على فمه يتجرع رشفة كبيرة ليسعل بعدها ويحمر وجهه بشدة متألما .. فتنفجر فريدة في الضحك وتقول متشفية" واحدة بواحدة يا بقلظ افندي "



تجرع يونس الكثير من الماء صامتا وظل مطرقا لدقائق يحاول التماسك بينما فريدة مستمرة في مراقبته بضحك وهي تقول لكارمن موضحة " لا يتحمل الحار أبدا"



تطلعت فيه كارمن بقلق لوقفته التي طالت قابضا على ظهر الكرسي بقوة مسبلا اهدابه فهدأت فريدة وبدأت تراجع نفسها إن كانت قد تمادت في مقلبها .. لتقترب منه بحذر وتناوله من فوق المنضدة كوبا من اللبن وهي تقول بلهجة نادمة" يونس هل أنت بخير ؟"



تماسك بعد أن هدأ لهيب فمه وأخذ منها اللبن يتجرعه ثم رفع إليها مقلتين تنذران بالخطر واضعا الكوب على المنضدة بعنف يقول بفحيح مرعب " ستموتين اليوم على يدي يا ضفدع المستنقعات"

قفزت فريدة من أمامه صارخة باستغاثة" أمييييي "

قبل أن تندفع نحو غرفة الحاجة يطاردها يونس بوعيد.

فسحبت كارمن نفسا عميقا وهي تتطلع في تفاصيل الفيلا بتدقيق وانتباه لأول مرة منذ أن حضرت .. شاعرة ببعض الدفء يسري في روحها ..

دفء لم تكن تعلم من قبل أنها تفتقده إلا حين انضمت لهذه العائلة الغريبة .



ثم عادت تنظر لطبق الفول وانكبت تكمل فطورها

×××××

صباح مليء بالطاقة الإيجابية تبدأ به يومها الجديد في الشقة الجديدة ..

عدلت عهد من مظهرها أمام المرآة وحملت حقيبة يدها وحقيبة الكومبيوتر المحمول وتحركت تغادر الشقة يشغل رأسها ألف فكرة ..

لكن الحصول على تأشيرة للسفر لألمانيا على رأس هذه الأفكار..



أغلقت باب الشقة جيدا ..

فتطلع إليها زياد من بين باب شقته الموارب لتتسارع دقات قلبه ويفتح الباب ويلحق بها ..



كان يدرك جيدا انه يتصرف كالمراهقين .. لكنه لم يستطع منع نفسه من انتظارها حتى تخرج ليخرج معها..

لحق بها عند المصعد ووقف بجانبها ينتظره وهو يقول" صباح الخير جارتي العزيزة"

حركت مقلتيها تتطلع فيه بابتسامة ورددت" صباح الخير جاري العزيز (واكملت في سرها) صباح الوسامة والاناقة"

فُُتِح المصعد ليشير لها بأن تتقدمه ثم دخل وراءها واغلق المصعد ليقفا متجاوران ينظران للوحة الارقام المضيئة ..



قال زياد مازحا" بالمناسبة .. أنا جارك في نفس الطابق (ووضع يده على صدره يكمل ) أعرفك بنفسي زياد وجدي صاحب مكتب استيراد وتصدير "



كتمت ضحكتها ورفعت وجهها تتابع لوحة الارقام بقلب يتراقص طربا وهي تغمغم" تشرفنا أستاذ زياد "



تمتم وهو يتأمل حلتها الرسمية وشعرها المموج الذي تعقصه خلف رأسها بمظهر عملي أنيق " ألن تعرفيني بنفسك ؟"

لملمت ابتسامتها ونظرت اليه من رأسه حتى اخمص قدميه بطريقة درامية ثم اشاحت بوجهها تتصنع الامتعاض قائلة" هذا لا يخصك"

ابتسم وسألها" لماذا؟ .. ألسنا جيران؟ ".



استدارت إليه تسند يدا على خصرها وقالت بكبرياء" أنا لا اتعرف على الجيران يا استاذ .. فانظر أمامك .. ودع اليوم يمر على خير"

انفجر ضاحكا فشاركته الضحك وهي تخطو خارج المصعد بعد أن فتحت أبوابه .



قالت مبتسمة وهي تمر من أمام حارس الxxxx "صباح الخير يا عم رزق"

لم يرد رزق ليمر زياد عليه ملقيا تحية الصبح فرد بامتعاض .. "صباح النور زياد بيك"



لحق بها زياد بحماس غير قادر على التحكم في اندفاعه نحوها ليقول" ألن توافقي على أن اقوم بتوصيلك اليوم أيضا؟"



توقفت وقالت بامتنان "شكرا زياد.. لكن أنت تعلم أني لن استطيع .. يكفي نظرة البواب لي"

استدار زياد ينظر لرزق الذي كان يتابعهما من بعيد باهتمام وقال لعهد بحرج وهو يعدل نظارته "لديك حق .. أعتذر"



تضايقت لأنها تسببت في احراجه فقالت بلهجة نادمة "لم اقصد يا زياد أنت تعرف أننا لسنا في ألمانيا"

قال بجدية" اعلم ذلك ؟ .. كيف ستذهبين للمصنع؟"



ردت متهكمة" بالطبع هذا الحي الهادئ لن أجد فيه مواصلات شعبية أو سيارات أجرة جماعية .. وبالتالي لا مفر من الحصول على سيارة أجرة"



ابتسم لها مشيرا لسيارة اجرة مارة لتتوقف أمامهما .. فتأملته وهو يفتح لها باب السيارة .. لتركب وهي غير قادرة على الاشاحة بوجهها عنه ...فوجدته يناولها حقيبة قماشية أنيقة عبر النافذة ..

نظرت عهد له باستغراب ليبتعد عن السيارة واضعا يديه في جيبي بنطاله مانعا نفسه من رفع يده للتلويح لها

مغمغما لنفسه" كفاك مراهقة يا زياد وعد للتحكم في نفسك"

بينما ظلت عهد تتطلع من النافذة تتابع صورته التي تبتعد عنها فاعتدلت تقول لنفسها " يا عهد فلت زمام قلبك وهذا غير سليم.. هذا مؤذي جدا "



فتحت الحقيبة القماشية.. لتجد علبة بلاستيكية مربعة واتسعت عيناها حين فتحتها وهي ترى الشطائر المرتبة فيها وورقة جانبية التقطتها مكتوبا فيها

" أعرف انك تخرجين بدون فطور .. وبما أني لن استطيع دعوتك على الفطور احتفالا بالشقة الجديدة .. فقد قررت ان اصنع لك فطورا كهدية ( وكتب بين قوسين ) لكن لا تعتادي على هذا الدلال ( وجه يضحك ) ".



ارتجف قلبها واستدارت تنظر من النافذة الخلفية للسيارة علها تراه .. لكن السيارة كانت قد ابتعدت .. فعادت تنظر للشطائر ثم غطت العلبة وحضنتها تهمس في سرها" لا تقلق .. لن اعتاد على الدلال .. سأغادر بعيدا ..قبل أن اعتاد عليه ويقتلني الفراق بعدها".



××××

هرولت كارمن خلف يونس في الحديقة تناديه فاستدار إليها متسائلا لتقول بتردد " يونس .. هل لديك بعض الوقت؟.. كنت أريد ان اسألك سؤالا"

وقف يونس أمامها وقد شرد لوهلة في فريدة الي تقف في الحديقة ترتدي زيا رياضيا مخصص للمحجبات تسحب الهواء الى صدرها بانتعاش ثم مالت تتمطى يمينا ويسارا ترفع ذراعيها لأعلى .. فتدفقت دماء حارقة لرأسه وقال لكارمن " آسف كارمن ثانية وسأكون معك "

واستدار بكليته متخصرا يصيح بصوت عال موجها الكلام لفريدة " يا ست البنات .. ما هذا العرض المجاني للجيران نحن في الحديقة سيادتك!"



تجمدت فريدة في وضع مائل لثوان ثم اعتدلت تقول ببرود" كل الشارع فيلات .. واقرب مبنى يبدو بعيدا .. ثم من سيقف في هذا الوقت من الصباح خصيصا ليراني اتمطى في الهواء الطلق"



قال مناكفاَ" سيرونك فلا تتفزلكين "

اقتربت تقول بلهجة متهكمة " هل لديك معلومات عن أن جيراننا حادين البصر كزرقاء اليمامة !"



بدت له مستفزة وسيطرت عليه رغبة في خنقها

أو ..

تقبيلها ..

فرفع قبضته أمامها قائلا" اغلقي فمك الثرثار هذا ونفذي بدون أي مناقشة"

تخصرت وقالت بحاجب مرفوع " أنا افعل ما يحلو لي ولا آخذ أوامر من أحد"



جز على أسنانه ورد متوعدا" افعليها وارينا شجاعتك (واستدار لكارمن التي تراقبهم باندهاش ليقول) آسف كارمن ماذا كنت تقولين؟"



نظرت لفريدة التي وقفت متكتفة تنظر إليه بامتعاض ثم قالت "هل لديك وقت لنتحدث لبضع دقائق أم نؤجلها"



نظر في ساعته وقال وهو يقترب من المقاعد في الحديقة ويخلع سترته الرسمية يعلقها على ظهر المقعد " بالطبع تفضلي"

جلست كارمن على طرف المقعد بأناقة ليقول لفريدة التي لاتزال واقفة متكتفة وهو يشيح بيده "اذهبي من هنا نريد أن نتحدث "

ردت كارمن بسرعة" لا لا .. تستطيع أن تنضم لنا ليس هناك مشكلة .."

ظلت فريدة تحدق فيه متصنعة الامتعاض تختلس الفرصة لتأمل ملامحه بأريحية وهو جالس يولي اهتمامه لكارمن التي قالت "كنت أريد أن أسأل .. هل هناك حادثا قديما يخص العائلة؟"



تنبهت فريدة وفكت ذراعيها تتطلع في يونس الذي انقلبت ملامحه المرحة فجأة للجدية .. فتوترت هي وكارمن التي شعرت بذلك فأسرعت تقول موضحة " أنا فقط شعرت أول أمس حين كان فارس يحدثك في المكتب .. أن هناك امرا قديما و.....(صمتت قليلا تتطلع في وجهه الجامد ووجه فريدة الذي يتطلع ليونس بقلق ثم قالت ) أنا فقط شعرت اني لن استطيع سؤال فارس عن ذلك لكن لا بأس لو لم تجيبوني فما أراه حاليا على وجهيكما يشعرني أني أسأل عن موضوع صعب"

تدخلت فريدة تقول بابتسامة" تعالي معي وسأحكي لك كل شيء"

تكلم يونس بصوت جاد" لا بأس يا فريدة "



وأجلى صوته .. فقالت كارمن بسرعة وقد التقطت تعابير وجه فريدة القلقة التي انتقلت إليها" يبدو أني قد تهورت بهذا السؤال يا يونس .. لا بأس سأتحدث مع فريدة"

قال يونس بهدوء " لا بأس فأنا أعلم أن فارس ربما لن يستطيع الحديث في هذا الامر معك .. (وحاول تصنع بعض المرح ليقول ) ومن غير يونس العظيم سيحكي هذه الحكاية القاسية (تقبضت يده بجانبه بقوة وأسبل أهدابه وقال) أبي كان مقاولا للبناء وكنا نعيش حياة لا بأس بها .. حتى انقلبت حياتنا فجأة .. عندما ضبط أبي غش احد رجال الاعمال الذي كان مسئولا عن مشروع سكني تقيمه الدولة في أحد الأحياء الشعبية وكان أبي من المقاولين المتعاملين معهم فضبطه يغش في البناء واستطاع أن يحصل على مستندات تثبت هذا التلاعب .. إلا أن هذا الرجل وشريكه قد علموا بأن أبي يبحث وراءهم فقاموا بتهديده حتى يسلمهما المستندات .. ( سحب نفسا عميقا ثم أكمل بتوتر لم يستطع إخفائه ) ضيقوا الخناق عليه حتى قرر أن نرحل بعد تهديده بالقتل او استهداف اسرته"



تجمد الدم في عروق كارمن وازداد توترها بينما تحركت فريدة مبتعدة غير قادرة على تحمل ألم الذكرى والعذاب الذي لاح على وجه يونس ..ليكمل الأخير بارتجاف واضح اشعر كارمن بالندم على سؤالها" لن انسى هذا اليوم أبدا .. الذي بدأ عند الفجر حين ايقظتنا أمي مرتعبة لتأخذنا بملابس النوم ..

وقتها كنت في الثامنة من عمري ..

لفت أمي فريدة التي كانت في الرابعة من عمرها ومريضة بملاءة وحملها فارس نخرج من بيتنا كاللصوص ..وكان أبي وأمي وفارس متوترون ولم نفهم أنا وفريدة ما يحدث.. خرجنا متخفين تحت ظلام الليل وذهبنا لبيت عمي الذي كان قد توفى في حادث سيارة قبلها بأيام قليلة .. ننتظر لبضع ساعات حتى تأتي السيارة التي ستقلنا لوجهتنا المجهولة ..( صمت قليلا وظل يحدق في الأرض وكأنه يستعرض شريط ذكرياته أمام عينيه ثم أكمل ) حين وصلنا لبيت عمي ظلت فريدة تبكي لأننا لم نحضر عروستها القماشية الصغيرة .. وحاولت أمي تهدئتها لكنها لم تهدأ وظلت تبكي ..

وقتها ظننت أن الذهاب للبيت بسرعة لإحضار اللعبة لفريدة سيكون حلا سحريا لتهدئتها ..فتسللت دون أن يعلموا قاصدا بيتنا الذي كان على الناحية الأخرى من الحي..



وحين اقتربت من البيت تذكرت أن الباب مغلق بالتأكيد .. لكني بغبائي اقتربت لأجد عدد من الرجال الملثمين يحاولون اقتحام منزلنا وسيارة بزجاج اسود تقف من بعيد ( بدأ يهز ساقه وأكمل بصوت يرتجف من الذكرى ) وقفت مصعوقا لا افهم حتى سمعت صوتا من خلفي آتيا من تلك السيارة.. يقول احضروا هذا الصبي انه ابنه"



شهقت كارمن فصمت يونس مطرقا برأسه يقضم على شفته السفلى وكأنه يحاول التماسك وازدادت سرعة اهتزاز ساقه"

لتسرع كارمن بالقول " يونس .. كفى أنا...."



تكلم بصوت متهدج وكأنه لم يسمعها " بدون تفاصيل (وجز على أسنانه ) ليست مهمة .. مكثت في مبنى تحت الانشاء لمدة يومين حتى أتى أبي وحدثت مشادة بينهما انتهت بـ... "



تسارع اهتزاز قدمه بشدة واتسعت حدقتاه وهو يحدق في الأرض فلم تعرف كارمن ماذا تفعل .. هل تطلب منه التوقف ؟

أم تتركه وتغادر حتى تعفيه من المواصلة ؟

أم ماذا؟



"قتل أبي"

قالها وهو يرفع لها وجهه الذي بدا غريبا.



شهقت كارمن بصدمة واضعة يدها على فمها فكرر الجملة بصوت متألم " قتل أبي بالرصاص أمام عيناي( وسحب نفسا عميقا وكأنه يبعد هجوما كاسحا لجحافل ذكريات مؤلمة عازمة على قتله وقال بمرح زائف وهو يستقيم ويلتقط سترته ويرتديها ) وكانت هذه حكايتنا مع الزمان يا كارمن هانم .. بيتنا تم اضرام النار فيه .. واكتشفنا أن أبى كان مديونا فأصبحنا أنا وأمي وفارس وفريدة في الشارع وظللنا بضع سنوات نعاني شظف العيش حتى استطاع فارس أن ينقلنا من الشقاء لبعض الراحة .. ولا يزال عاكفا على تأمين مستقبلنا للسنوات القادمة .. ( ووقف متخصرا يسألها ساخرا ) ما رأيك؟ هل تصلح قصتنا لأن تكون فيلما سينمائيا؟"



استقامت كارمن واقفة تتطلع فيه بعينين دامعتين وقالت بصوت متأثر" أنا أعتذر جدا أن اخترتك أنت بالذات لأسألك هذا السؤال.. صدقا أنا لا أعرف ماذا أقول ... أشعر بـ ....."



قاطعها يونس" لا تعتذري.. كان لابد أن يخبرك أحد بهذا الأمر .. ولن يكون الأمر هينا لا على فارس ولا على أمي إذا ما سألتِهم وعلى أية حال .. كان لابد من أن تعلمي هذه القصة لأنها تخص عائلة سعد الدين .. هي وأمرا آخر ما هو؟"



وقفت كارمن أمامه تتطلع فيه باحترام وتقدير .. أن يكون قد مر بتجربة بهذه الصعوبة هو وعائلته.. ويقف أمامها الآن يلقي بالنكات .. فكرر يونس متخصرا يميل نحوها " سألتك ما هو الشيء الأخر الذي يميز عائلة سعد الدين يا كارمن هانم؟"

حاولت بقوة ان تقلده في التماسك وقالت بصوت متأثر " سعد.. سعد يحيا سعد"

قال بحزم آمرا " ارفعي قبضتك وقوليها بصوت أعلى"



طاوعته ورفعت قبضتها تلوح بها قائلة بابتسامة تتخللها الدموع "سعد .. سعد يحيا سعد"



وانهمرت دموع صامتة تغرق وجهها .. ليضع يونس نظارة الشمس على عينيه يداري التماعها بدموع جرح غائر وتصنع المرح رافعا السبابة والوسطى نحو رأسه ملقيا السلام.. وغادرها

.. فانهارت كارمن على المقعد تحاول استيعاب ما قيل لها منذ دقائق .. وبحسبة صغيرة ادركت أن سن فارس وقتها كان ثمانية عشرة عاما .



بينما خرج يونس من بوابة الفيلا ليجد فريدة تنتظره متكتفة

تتطلع فيه بقلب يرتجف من الألم والقلق عليه.. وحاولت إخراجه من تلك الحالة فقالت بكبرياء زائف " لم نكمل حديثنا يا بقلظ أفندي بشأن الأوامر التي تعتقد انك تستطيع أن تلزمني بها"



لم يخفى عليه ما تحاول فعله لكنه جاراها في خطتها ورفع حاجبا يقول بإصرار من خلف نظارته الشمسية "ستنفذين رغما عنك"



وقفت متخصرة بجانب باب السيارة فتأملها مليا ليهدئ بسحر سارقة قلبه ما يعانيه ثم اشار لها لتقترب ..



اقتربت عاقدة لحاجبيها بتساؤل .. فامسك وسطاه بإبهامه أمام جبينها ليفلت وسطاه فجأة ويضرب جبينها ..بتلك الحركة التي يقوم بها كلما رغب في ...

تقبيلها..

صرخت فريدة فتجاهلها ليركب سيارته ويشير بيده قائلا بقرف "اذهبي من أمامي واياك أن أراك ثانية تتمطين في الحديقة"



قالت قاصدة استفزازه" يبدو انك تريد أن اسمعك وصلة من وصلات الحواري لتعلم من انا"



قهقه ساخرا بضحكة مصطنعة وقال" ظهرتِ على حقيقتك يا بنت سعد الدين وتركت اخيرا مظهر مدارس اللغات

(ومط شفتيه متمتما بقرف وهو يحرك السيارة مغادرا) تربية حواري !"

شيعته بنظراتها يبتعد .. لتنضم لها كارمن شاعرة بالذنب وقالت "أنا اسفة يا فريدة ..آسفة جدا لم أكن أعلم"



ربتت فريدة على كتفها وقالت متفهمة" أعلم ذلك .. عموما اذا اردت معرفة أي شيء في المستقبل فاسأليني أنا"



أومأت كارمن برأسها ثم سألت" وكيف تخطى يونس هذا الامر انه لشيء قاس جدا"

اجابت فريدة بصوت متهدج "الحقيقة انه ظل عاما كاملا لا يتحدث"



رفعت كارمن حاجبيها فأكملت فريدة تؤكد "أجل ظل لمدة عام عنده خرس نفسي ولم نكن نملك ثمن زيارة للطبيب فعكفنا جميعا أنا وفارس وأمي على محاولة اخراجه من هذه الحالة حتى أنا برغم صغر سني وقتها حتى من الله علينا بفضله .. بعدها مر يونس بفترة تمرد شديدة .. كان عصبيا غاضبا حانقا على كل شيء .. الحقيقة ان فارس تعب جدا معه فقد كان كثير المشاكل والعراك وعادة ما كان أبيه يهرول خلفه هنا وهناك حتى بدأ يتوازن في المدرسة الثانوية وهداه الله مستجيبا لدعوات أمي ليترك الماضي خلفه ويعد فارس انه لن يخذله ابدا .. وتحول لإنسان جديد لكنه دفن كل شيء في صدره.. انا اعرف ذلك حتى (وتهدج صوتها بالبكاء) حتى اني تمنيت لو أخذ كل آلامه وذكرياته بدلا منه ويعيش هو خالي البال"



اندفعت كارمن تحضنها بتأثر وهي تتمتم" آسفة حبيبتي آسفة أن ذكرتكم بهذا الامر "

وفكرت في سرها "ألهذه الدرجة تحب أخيها !"




يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 01:01 PM   #119

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2



ارتدت رفيدة ملابسها على عجل لتلحق بعملها في الموعد بعد ان استيقظت متأخرة.
فابنة أخيها الرضيعة ظلت تبكي طوال الليل في الغرفة المجاورة التي يحتلها أخاها وزوجته بينما يتخذ طفليه غرفة ثالثة ..
فظلت تتقلب طوال الليل منزعجة من بكاء الصغيرة التي تهدهدها أمها ومن خناق أخاها وزوجته في منتصف الليل.

زفرت في ضيق غير قادرة على اتخاذ موقف مع هذا الوضع .. فهي لا تشعر بالراحة في شقتها وقد احتلها اخاها منذ ثلاث سنوات بعد أن باع الشقة التي اشترتها له ليتزوج فيها وقت أن اشترت شقتها.. لكنه بعد زواجه ببضعة اشهر قام ببيعها ليساهم في مشروع استثماري طالبا منها أن يسكن في شقتها مؤقتا والتي كانت مغلقة وقتها عشرة أشهر في السنة بسبب عملها خارج البلاد ..

لكنها حين قررت فجأة في لحظة استكفاء من وجع الغربة أن تستقيل نهائيا وتعود لتستقر في الوطن بعد أن ربت أخاها وتكفلت بمصاريف دراسته وزواجه .. فقررت العودة مكتفية بتلك الشقة التي تملكها ومبلغا من المال تأمن به ما بقي من عمرها في عيشة كريمة.

إلا أنها حين عادت كان عمر لا يزال يسكن في شقتها ويُسَوِِّف انتقاله منها طامعا استثمار أكبر لأمواله.
وها هي تحاول التأقلم لمدة عامين غير قادرة على اتخاذ قرار حاسم بشأنه وتعترف بما تقوله عمتها .. بأنها تضعف امام مشاعرها الامومية تجاهه .

تناولت حقيبة يدها شاعرة بالإجهاد بسبب عدم النوم وخرجت للصالة.. فوجدت كريم ابن اخيها الصغير يرسم على حائط الممر وقد امتلأ بالألوان والشخابيط.. فتسمرت في صدمة وهي ترى الجدران في هذه الحالة .. وقالت للصبي برفق بعد أن مارست على نفسها أقصى درجات ضبط النفس " ماذا فعلت يا كريم ؟!!!!.. "
ابتسم كريم ذو الثلاث سنوات.. فقالت له بحزم رقيق
"ألم اشتري لك ورق كبير للرسم (وتماسكت تمنع نفسها من البكاء وقالت قبل ان تنادي على أمه) اذهب لغرفتك هيا... ايماااان يا ايمااان"
خرجت إليها ايمان لتشير للحائط قائلة " ما هذه المهزلة؟!!"
قالت ايمان بسرعة "آسفة .. يا أبلة آسفة والله (واستدارت تبحث عن ابنها بوعيد )والله لن يفلت من يدي هذه المرة "
ابتلعت رفيدة دموعها الداخلية وقالت" قلت لك من قبل كفي عن ضربه أنت ترتكبين جريمة "

ونظرت لجدران الممر بحسرة فأسرعت ايمان بالقول" سأحاول غسيل الحائط ."
ردت رفيدة بمرارة وهي تتحرك نحو الباب" سيتلطخ الحائط اكثر لا حل سوى بإعادة الدهان"

في طريقها لباب الشقة استوقفها شيء في غرفة المعيشة فغيرت وجهتها نحوها لتقول متفاجئة بعينين جاحظتين "من بدل الستائر؟؟؟؟؟"
واستدارت لإيمان بحدة والتي قالت بحرج "الحقيقة أنا بدلتها لأن لونها قاتما جدا تضفي كآبة على المكان ..واخترت لونا يناسب مكان به اطفال "

حدقت فيها رفيدة بعينين متسعتين وعادت تنظر للستارة الوردية ثم استدارت تقول شاعرة بأعراض ذبحة صدرية وشيكة " أين ستارتي؟ .. إنها من قماش غال وكلفتني مبلغا كبيرا بعد أن اخترت تصميمها بعناية "
اسرعت ايمان تقول "لا تقلقي عليها في الحفظ والصون كما هي .. سأضعها لك في خزانة ملابسك "

انزلت رفيدة نظراتها للأرض شاردة فيما يجب أن تفعل .. وبلعت غصة في حلقها واتجهت ناحية الباب .. فسمعت الصغيرة تصرخ لتنفخ ايمان تدعو على نفسها.. فرفعت رفيدة حاجبا مستغربا وقالت" ما بها البنت طوال الليل لم تنم( واكملت بلهجة ذات مغزى) صحيح هي تفعل ذلك كل ليلة .. لكن أمس كان بمبالغة .."
ردت ايمان بغيظ" لديها مغص وامساك"

سألتها رفيدة وهي تفتح الباب" ولماذا كان عمر يخانقك في منتصف الليل"
توردت ايمان وردت بدلال بدا لرفيدة متعمدا "كان يريد شيئا خاصا وكنت متعبة وحين استيقظت جنا تصرخ ازدادت عصبيته (وامسكت بسلسالها تكمل بميوعة) أخاك لا يشبع مني"

لماذا تشعر أن هذه الفتاة تتعمد أن تحرق دمها بكل ما يخص الزواج والانجاب؟!
بلعت رفيدة طعما مرا في حلقها وغمغمت "أنا سأغادر سلام"

وأغلقت الباب شاعرة بالقهر ..

تتساءل في نفسها متى يأتي يوم افتتاح الملجأ حتى تستطيع الانتقال للعيش في غرفة هناك كي لا تحرق اعصابها بهذا الشكل يوميا ..تاركة لهم الشقة كلها ..
ثم شردت في أمر آخر.. في تلك المقابلة التي ستجريها اليوم مع ذلك العريس الأرمل الذي كلمتها عنه عمتها .

ضربت على زر استدعاء المصعد ثم رفعت رأسها للسماء برجاء صامت .

××××

بعد الظهر :

حين تعلم بلوى الآخرين تهون عليك بلواك
هكذا يقولون في الأمثال..
وهكذا أيضا شعرت كارمن وهي تفكر فيما سمعته منهم صباح اليوم .

تقوست على السرير تؤلمها بطنها منذ فترة وتزداد بسبب توترها الذي شعرت به مما سمعته صباح اليوم من يونس وفريدة.. متسائلة في نفسها .. إن كانت هي تشعر بهذا الألم بسبب ما سمعته فما بال من سمعوه وشاهدوه وعاشوا تفاصيله؟!! ..

مساكين !
اشفقت على فارس .. اشفقت على يونس.. اشفقت على الجميع.
رن هاتفها فردت تجلي صوتها المتألم" نعم بباه"
قال والدها "هل كنت نائمة؟"
ردت تكذب حتى لا تقلقه " أجل كيف حالك؟"
قال والدها " انا بخير لكني اشتاق إليك يا عيون بباه"

ابتسمت وهي تدلك بطنها متمنية أن تفعل حبة الدواء التي اعطتها لها فريدة أي شيء وقالت بالفرنسية" وانا اشتقت لك كثييييييرا جدا"
تكلم عاصم بمحبة" اذن متى ستأتين لزيارتي؟ سأدعوك أنت وفارس على الغداء أي يوم تحددونه "

تكلمت بسعادة "حسنا سأتحدث مع فارس واخبرك ولكن أي يوم يناسب أمي؟"
قال عاصم بسخرية مُرة " السيدة شويكار هانم مشغولة طوال الوقت تضاعف مجهوداتها حتى تحظى بثقة مجلس الادارة في الانتخابات الجديدة ولهذا سنحدد نحن يوما بها أو بدونها فلم يعد فارقا"
لم تغفل عن لهجته الحزينة فتألمت لذلك لكنها قالت بمرح "حسنا بباه سأرتب موعد مع فارس"
فرد عاصم بحبور" هذا جميل"
سألته بتردد " هل كنت تعلم بماضي فارس وعائلته؟"
سألها عاصم "ماذا تقصدين بالضبط؟ تحريت عنه بالطبع "
فسألته مجددا " هل كنت تعلم بموضوع مقتل والده؟"
اجاب عاصم بتعاطف" أجل مسكين هو واسرته .. الحقيقة أن ازداد اعجابي به أكثر حين علمت كيف استطاع أن يتخطى كل هذه الصعاب ليصل إلى ما وصل إليه.. هذا الرجل أنا احترمه وكل يوم يمر عليّ معه يزداد اعجابي به ويجعلني اشعر أن نظرتي كانت صائبة"
تمتمت كارمن" أجل بباه .. اعترف أنه يستحق الاحترام؟"
سألها" كيف هي أمورك معه؟"
توردت وردت تطمئنه" الحمد لله .. أنا بخير واشعر بالراحة."
تمتم عاصم" الحمد لله سأنتظر منك ردا .. سلام يا عيون بباه ".

أغلقت الخط.. وغاصت في السرير أكثر وهي تمسد على بطنها المتألم .

بعد قليل اقتحم فارس الفيلا متعجلا ..فقالت نفيسة من غرفة المعيشة "جئت يا فارس يا ولدي"
كان قاصدا السلم لكنه انحرف يمينا يدخل على أمه قائلا" ما بها كارمن يا أمي؟ أهي متعبة إلى هذه الدرجة؟"
قالت الحاجة بولولة تسند رأسها بكفها " من شر حاسد إذا حسد ..البنت لم تكمل اسبوعا متزوجة وتتألم بهذا الشكل المسكينة"
تكلم فارس بلهفة " لهذه الدرجة؟!! ( ولمح فريدة تدخل فقال لها معاتبا ) لماذا لمَ تستدعوا الطبيب؟!!!"

عقدت فريدة حاجبيها وهمت بقول شيء .. لتسرع أمه تقول "طلبناك لتتصرف يا فارس ..اصعد للفتاة يا بني (وغمغمت وهي تضرب على فخذها بحركة رتيبة تولول ) قلبي عليك يا بنيتي قلبي عليك"

أزاح فارس فريدة بعيدا عن طريقه واندفع الى خارج الغرفة بينما حدقت فريدة في الحاجة نفيسة وقالت" لماذا فعلت هذا يا أمي ؟ .. حالتها لم تكن خطيرة الى هذا الحد .. مجرد مغص قولوني عادي .. وحبة الدواء ستشعرها بالتحسن"
قالت الحاجة وقد عادت لطبيعتها" اسكتي ولا تتدخلي"
ضيقت فريدة عينيها واقتربت منها تناغشها قائلة "لن تكفي عن الشقاوة أبدا يا ناني"
أزاحت يدها تقول بحنق طفولي "ناني تعبت منكم جميعا"

لفت فريدة ذراعيها حولها وقالت بدلال طفولي " لماذا يا نفوسة؟"
نظرت الأخيرة لها بامتعاض وقالت ببؤس طفولي" لا أحد منكم يريد أن يسعد قلبي .. البكري يقضي في عمله غالبية يومه وحين يعود يواصل العمل في مكتبه ولم يمض على زواجه اسبوعا .. والآخر يريد الزواج من أربعة نساء دفعة واحدة .. ولا آخذ منه سوى المزاح .. وانت ترفضين كل العرسان بدون اعطاء لنفسك فرصة للتفكير"

ابعدت فريدة ذراعيها عن الحاجة وأطرقت برأسها تغمغم" إن كان يونس جادا مع لوليا .. أنا على استعداد للذهاب إليها والاعتذار لكني .. لكني لم أتوقع أن تكون هذه الفتاة مهمة له"
رفعت الحاجة مرفقها على ظهر الاريكة وأسندت رأسها بكفها تقول ببؤس" اتركوني وحدي وافعلوا ما تريدون"
اشفقت فريدة على حالها شاعرة بالذنب فلفت ذراعيها حولها من جديد تنام على كتفها قائلة" لا تغضبي مني يا نفوسة .. تعلمين أني لا أطيق أن احزنك .. أأمريني وأنا سأنفذ ..هل يعجبك اشرف؟"

ابعدتها الحاجة بعصبية" أنا لا أريد أشرف ولا غيره أريد من تريدينه أنت (ثم تغيرت ملامحها لتقول باستدراج أمومي محترف وهي تربت على فخذ فريدة ) أخبريني يا فريدة ألست أمك حبيبتك .. هل هناك شاب في رأسك تتمنينه يا حبيبتي؟ .."

ازدادت ضربات قلب فريدة لكنها ردت ساخرة " وأين هم الشباب يا حسرة قلبي ؟!!"
غمغمت الحاجة لنفسها "وحتى لو كنت تتمنين شابا معينا لابد أن يبادر هو لا أنت"
عقدت فريدة حاجبيها تقول" بما تغمغمين يا أمي؟!!"
انتبهت الحاجة لتقول " كنت أقول أن العرسان كثيرون .. اعطيني الضوء الاخضر فقط وكفي عن حركات الجنون هذه (واضافت بلهجة حانية ) أريد أن أطمئن عليك يا فريدة قبل أن اغادر هذه الدنيا"
احاطتها فريدة بذراعيها بعاطفة جياشة وقالت بتأثر" لا حرمنا الله منك يا أمي وأطال في عمرك يا غالية (ونامت بخدها على كتف الحاجة تغمغم ) اخبريني بما تريدين وسأنفذ لك ما ترغبين بإذن الله"

قبلت الحاجة رأس فريدة وربتت على ظهرها مغمغمة لنفسها "هذا هو ما اخشاه دوما .. أن تفعلا لإرضائي مالا ترغبان فيه لهذا أنا ملتزمة الصمت (ورفعت رأسها للسماء ودعت ) اللهم ارشد اولادي لما فيه خير لهم "
في الطابق العلوي اقتحم فارس الجناح متوجها لغرفة النوم .. فوجدها مستلقيه على جانبها توليه ظهرها .. فجلس على السرير خلفها يقول بلهفة "كارمن .. كارمن هل أنت نائمة"

ووضع يده على جبينها .. فاستيقظت من غفوتها تدير رأسها نحوه وهمست "فارس!"
قال بخفوت" هل أنت بخير؟ أمي تقول أنك مريضة"

حاولت تخمين الوقت متسائلة هل نامت كل هذه الساعات حتى موعد عودته وقالت "كم الساعة الآن؟"
نظر في ساعته ورد "الثالثة عصرا"
رمشت بعينيها واستدارت بكليتها تعتدل وسألته باندهاش" ما الذي أتى بك مبكرا ؟"
رد يتفحصها باهتمام" أمي أخبرتني انك متعبة.. بما تشعرين؟"

قالت بمسكنة وهي تمسد على بطنها بحركة اشعلت النار في اعصابه "بطني تؤلمني"
تكلم بحشرجة "هل بردت معدتك؟"

حركت رأسها نافية.. غير واعية لأنها تتصرف بمسكنة غير مبررة.. فبلع ريقه وحرك مقلتيه يمينا ويسارا ثم قال بتردد" تلك الأمور النسائية؟"

توردت وجنتيها ورفعت كفيها تغطي وجهها فجأة محرجة من سؤاله وحركت رأسها بلا صامتة .. فاتسعت عيناه.. وانتفض من السرير مبتعدا عنه كمن لدغه عقرب .. ليقف متخصرا امامها دافعا طرفي سترته للخلف متحكما في مشاعره المحرضة على هجوم مباغت ردا على حركاتها المحطمة لأعصابه ..وسألها بحشرجة "ما بك إذن ؟"

كشفت عن وجهها وردت " التهاب قولوني .. يبدو أني مضغوطة عصبيا.. بالإضافة للفول الذي أكلته على الفطور مع يونس"
جز على أسنانه شاتما في سره وقال متوعدا " يونس ..( ثم سألها بقلق ) هل اتصل بالطبيب؟"
قالت بسرعة " لا لا الأمر بسيط .. فريدة اعطتني حبة دواء واشعر ببعض التحسن .. لم يكن عليك الحضور"

جز على أسنانه وغمغم " أمي"
تأملته وصدى كلمات يونس لايزال في رأسها شاعرة بالألم من أجلهم كلهم وبالاحترام لذلك الرجل الذي بنى نفسه من العدم .. وسألته قاطعة الصمت" هل ستعود للعمل؟"

تكلم وهو يهم بالمغادرة" لن أعود .. لكني سأقوم ببعض الاتصالات الضرورية في المكتب (ونظر نحوها متشككا ) ألن تحتاجي لطبيب ؟"
حركت رأسها بلا وقالت" سأشعر بالتحسن بعد قليل"
أومأ برأسه يجر ساقيه المعترضتان على المغادرة فنادته
"فارس"

أروع (فارس) يسمعها على الاطلاق.. هو اسمه منطوقا من بين شفتيها .
(فارس) رقيقة .. ناعمة .. محطمة للأعصاب .
استدار إليها ببطء فقالت "هل أنا مهمة للدرجة التي تترك فيها زوجتك الأولى من أجلي لأني مريضة"

جز على أسنانه مجددا وهو يسمع منها مصطلح (زوجتك الأولى ) مغمغما " أمي (ثم رد بمراوغة ) على الرجل أن يهتم بزوجته "

سألته مدققه في ملامحه ووقفته بجوار باب الغرفة " وهل هذا تحت بند الواجب لمجرد الواجب أم .. المنح عند الرغبة في المنح؟ "
بلع ريقه متفاجئا بأنها تكرر ما قاله ليلة أمس وأجاب بحشرجة " ليته كان واجبا فنتصرف فيه بتعقل وطريقة عملية .. أو منحة فنتحكم في المنح أو المنع شاعرين بامتلاكنا لزمام الأمور ..ليتها كانت هكذا .. لتغيرت أمور كثيرة للأحسن دون التسبب في عذابنا .. لكنها أشياء لا قبل لنا بالتحكم فيها .. تأمرنا فنطيع دون أي اعتبارات أخرى "

قالها وغادر الغرفة تاركا كارمن تحدق في اثره تحاول فك شفرة ما قاله بصعوبة .
××××

تأنقت..
فهي انثى مهما كبرت في العمر او تقلدت مناصب..
مهما حملت من مسئوليات وتخطت صعابا مثلها مثل الرجال.
ستبقى الانثى بداخلها ترغب في لفت نظر الطرف الآخر ..

وستظل متعطشة لنظرة اعجاب تتلقاها من شخص له معنى خاص في حياتها .

تأنقت رفيدة وهي تستعد لمغادرة الدار لمقابلة ذلك العريس ..
رغم أنها مازالت بهيئتها العملية ترتدي حلة رسمية .. لكنها اختارت حجابا أقل رسمية .. وزينت وجهها بمساحيق التجميل بما يتناسب مع الحدث .

هل تشعر بالثقة؟ ..
للأسف لا ...
فلا يشعر بغصتها سوى من هن مثلها يعاملن كجذع شجرة أوشك على الجفاف .. لا يرجى منه أكثر من أن يتحول لحطب للتدفئة في ليلة باردة .

شدت من همتها وخرجت من بوابة الدار .. لكنها شعرت بأنها في حاجة لأخذ رأي شخصا آخر ..
إنه أمر غريب ..

فبالرغم من أنها ليست متحمسة للعريس ..
وبالرغم من أنها قد قررت قبول الزيجة إذا ما توافر فيه أقل المقومات الأساسية لتمضية ما بقي من عمرها مع رفيق أو صديق..
إلا أنها كأي أنثى ترغب في أن تكون حلوة جذابة في عيون الأخرين.

شاهدها الشيمي من وقفته في محيط الفيلا منتظرا ظهورها في أي لحظة مستغلا عودة فارس مبكرا اليوم..

وأعتدل في وقفته ليجدها تدخل لفيلا سعد الدين.. فراقبها مستغربا ثم اقترب منها وهي تقف في الحديقة يقول " هل تنتظرين أحدا يا أستاذة؟"
رفعت إليه عينيها من خلف نظارتها وقالت ساخرة " هل عليّ أن استأذن منك قبل الدخول إلى هنا؟!!!"

ابتسم بهدوء يتأمل تأنقها ورموشها السوداء من خلف زجاج النظارة متسائلا في نفسه عن سبب هذا التأنق ثم قال" العفو يا استاذة أنا فقط أسأل لمساعدتك "
عدلت من نظارتها وقالت" أنتظر فريدة.. هل هذا توضيح كاف؟"
ابتسامته الهادئة تعصبها .. فهناك شعور بشأن هذا الرجل يعصبها لا تدري كنهه ..
عيناها تراقباه بدون سبب وجيه .. فلماذا تهتم بوجوده أصلا !

نفضت عنها أفكارها وقالت بحزم" شكرا شمشون"
واستدارت توليه ظهرها منتظرة فريدة التي هاتفتها منذ دقائق لتقابلها قبل أن تذهب .. فهي الوحيدة التي تشعر ببعض دفء الوصال معها.

فحين تسرق الغربة عمرك .. لا تجد وقتا لتكوين صداقات لا في الغربة ولا في الوطن ..
سمعت الشيمي يقول من خلفها مصححا "الشيمي .. اسمي الشيمي "
استدارت تقول" آسفة .. عموما سواء الشيمي او شمشون ليس هناك فارقا"

رفع حاجبيه وقال وصوت في داخله يحذره من الاقتراب أكثر وإلا سيندم " هناك فارق بالطبع يا استاذة (ومال عليها يسند بقبضتيه على خصره قائلا ببطء) هل تقبلين أن اقول لك الاستاذة (دليلة) بدلا من أستاذة رفيدة ؟"

ضيقت حاجبيها تحاول فهم ما يقول .. فخرجت فريدة تعدل من حجابها قائلة باعتذار" آسفة رفيدة كنت في المطبخ "
استدارت رفيدة لها مبتسمة فتراجع الشيمي ليخرج من البوابة لكنه ترك أذنه لتلتقط بعضا مما تقولان.
تكلمت رفيدة بحرج " ما رأيك في مظهري؟ .. هل هو مبالغ فيه مثلا؟ أو سيئ ؟"
سألتها فريدة مبتسمة " على حسب المناسبة "
تنحنحت وردت "مقابلة مع عريس"
ابتهجت فريدة بسعادة ثم قالت وهي تعدل لها حجابها "مناسب .. مناسب جدا ما شاء الله بالتوفيق"

ارتج قلب الشيمي واطرق برأسه بإحباط ليترك مكانه ويبتعد بخطوات عصبية متقبضا حتى وصل لأخر الشارع .. يعلم أنها بالتأكيد خلفه تسير لأول الشارع لتحصل على سيارة أجرة..
أشار لواحدة فتوقفت ليسأله السائق عبر النافذة" إلى أين يا باشا؟"
رد بوجه متجهم يشير له آمرا "انتظر الاستاذة قادمة"

ظل الشيمي ينظر في الأرض متقبضا وأذنه تلتقط وقع كعبي حذائها وهي تقترب .. وبدون أن يستدير نحوها أو ينظر إليها فتح باب السيارة الخلفي لها بمجرد أن اقتربت لتتفاجأ رفيدة بما فعل .. فتطلعت فيه متسائلة .. لكنه ظل مسبلا لأهدابه فارتبكت وغمغمت وهي تركب " شكرا يا.. (ونطقتها ببطء) شيمي"

أغلق باب السيارة التي تحركت على الفور مبتعدة ووقف متقبضا ينظر في أثرها موبخا نفسه " ما بك يا شيمي انتبه لنفسك فمن أنت ومن هي "

××××

ركن يونس السيارة يشعر بالحنق من نفسه أو من قلبه بمعنى أدق..
لا يستطيع إخراجها من رأسه من أول الصباح.. فبعد اجترار الذكريات الذي حدث في وقت مبكر اليوم ..وتحديه لنفسه كعادته بإخبار كارمن القصة بنفسه .. فهو دوما يعاند مع نفسه لسبب يجهله.

حاول أن ينسى.. أن يلهي نفسه عن الألم بالتفكير فيها فقط لبعض الوقت ..لكنه لم يستطع طردها من رأسه طوال اليوم
طرد فريدة سارقة القلوب.

فقلبه استدرجه دون أن يشعر ..
قلبه المتآمر عليه .. الذي يرغب في كسر أنف يونس العظيم .. أمام تلك الـ .........
فرك يونس رأسه بكلتا يديه وقال في جلسته أمام عجلة القيادة محدثا قلبه "النساء كثيرات .. الأرض مليئة بالنساء من كل الاشكال والجنسيات.. ذهبت بك لأوروبا .. جعلتك ترى فتيات غاية في الروعة والجمال .. لكنك ذو ذوق شعبي كصاحبك .. عرضت عليك الكافيار والسيمون فيميه وتصر أن تعاندني وتعشق الكُشَري(وضرب على قلبه ) غبي.. غبي.. غبي"
دق قلبه معترضا.. فأمسك بهاتفه وفتح الانترنت على صور بعض النساء الشهيرات بجمالهن وقال محدثا قلبه بصوت عال "انظر لجمالهن يا غبي وقارن .. انظر للون البشرة والعيون والاجساد يا أبا الاغبياء ..لماذا تصر على أن تكسر أنفي أمام تلك المزعجة فتشمت بي حين تعلم أنها نجحت في سرقة قلب يونس العظيم .. يا خيبتك ! .. يا خيبتك !"


ازدادت ضربات قلبه اعتراضا فقال موبخا وهو مستمر في النظر في الهاتف "حسنا .. حسنا تقول أن أولئك بعيدي المنال ؟ ... تعال هنا وانظر (وفتح على هاتفه صورة لصديقته الالمانية كلاوديا وقال) انظر .. انظر جيدا... تطلع في جمالها.. لماذا لم تحبها مثلا .. لماذا يا أبا الاغبياء .. (وفتح صوره لفريدة على هاتفه يتأملها قائلا بحنق طفولي ) وانظر لها ..( حدق فيها لثوان متأملا ثم هتف بغيظ ) اقسم بالله ليست جميلة .. عادية جدا .. وسمراء وعيناها .... (تسارعت ضربات قلبه) عيناها ... ما علينا .. شفتاها ...( ظل محدقا في شفتيها لثوان بصمت ثم فرك رأسه بخشونة زافرا بعنف حتى نكش شعره صارخا قبل أن يلقي بالهاتف ) اوووووووف"
بعد قليل فتح باب الفيلا ويغمغم محدثا نفسه " ليست جميلة ابدا اقسم بالله هناك أجمل منها بكثير "


تفاجأ بها تقف خلف الباب تنتظره فهتف مجفلا " سلام قولا من رب رحيم .. ماذا تفعلين خلف الباب؟"
حركت مقلتيها البنيتين يمينا ويسارا ثم قالت بنعومة " انتظرك"

تسارعت دقات قلبه فتقبض غيظا منه وكأنه يريد أن يلكمه وقال بخشونة " ماذا تريدين؟"
مالت برأسها نحوه تتشممه فعاد بجذعه للخلف قائلا" هل تحولت لكلب بوليسي ؟"
رفعت إليه عينان تبرقان بالسعادة وهتفت" بطاطا حلوة ! رائحة بطاطا حلوة !"

مط شفتيه بامتعاض وغمغم في سره لقلبه " أرأيت .. يكفي صفة الكلب البوليسي هذه التي ستسود بها حياتك خاصة بعد أن تكتشف خيبتك وخضوعك أمامها يا أبا الأغبياء "

لم تنتظر فريدة أن يجيبها وإنما شدت منه الكيس الصغير الذي يحمله تتشممه لتقفز بسعادة أمامه ضاحكة ثم تفتح الكيس لتتأكد من ذكاء أنفها وهي تصيح بفرحة طفولية" اشتقت لها .. هل جلبتها من أجلي لأني أحبها؟"
تجاهل ضربات قلبه التي تفجرت من السعادة الجمة لفرحتها وقال معاندا لنفسه " لا تحسبي نفسك بهذه الأهمية ..الأمر ببساطة أن بائع بطاطا مسكين وجدته في طريقي فقررت أن أساعده واشتريت البطاطا .. لأي شخص "
مطت شفتيها بإحباط فأوجعه قلبه ليتجاهله بعند ويسألها بفضول "ماذا كنت تريدين لهذا انتظرتني بهذا الشكل ؟"

تغيرت ملامحها لتقول بقلق " أولا كنت أريد أن اطمئن عليك بعد ما حدث صباحا"
اهتمامها به يعطيه جرعة من الشعور بالأمان وهذا أمر لن يستطيع أن ينكره.. فقد كانت ولا تزال المشجعة له على المواصلة وعدم الالتفات للماضي.

وبرغم ذلك رد ببرود" أنا بخير ماذا عن ثانيا؟"
وضعت قبضتها على فمها وقالت بخفوت" اذا كنت ترغب في أن اتصل بلوليا لأعتذر لها واوضح لها الأمر سأفعل( وغمغمت في سرها) إن كان هذا سينسيك الوجع المزمن ويدخل على قلبك السعادة"

قال بامتعاض" انتهى الأمر مع لوليا ولا ارغب في العودة إليه.. هل هناك ثالثا أم ادخل بيتي؟"
قالت متصنعة التأفف رغم أنها فعلتها خصيصا من أجله" الكوارع جاهزة"
لمعت عيناه وقال وقد سال لعابه "حقا!! .. طبخت كوارع"
قالت بكبرياء زائف" اشفقت عليك ..فقررت ان أتنازل وأطبخها لك رغم قرفي منها"
في لحظة انفلات رفع يديه الاثنتين مهللا عازما على تقبيل رأسها .. لكنه تدارك لما ينوي فعله بسرعة ليتقبض في الهواء هاتفا " سعد سعد يحيا سعد .. جعلك الله ذخرا للمساكين يا ضفدعتي .."

وتحرك هاربا من مشاعر ملحة وهو يقول "سأذهب لأستعد للكوارع .."
على السفرة أمسك فارس بهاتفه يكتب لها على الواتساب" هل أجعلهم يحضرون لك الطعام في الغرفة؟"
ووضع الهاتف شاعرا بالامتنان لهذه الطريقة في التواصل فحتى سماع صوتها في الهاتف أصبح يفعل به الافاعيل ..

رن هاتفه بتنبيه الواتساب فنظر للهاتف بلهفة ليقرأ " أنا خلفك مباشرة "
استدار بجلسته على رأس المائدة ليجدها تنزل من على السلم .. أنيقة بسيطة شديدة الرقة . .
تلاقت عينيهما بانجذاب لا إرادي يعرقله جهل كل منهما لما يدور في خلد الآخر .. وسحبت كارمن المقعد إلى يساره تلقي بتحية المساء على الجميع وتجلس بينه وبين يونس الذي استقبلها مهللا وقال بتهكم " ألف لا بأس على معدتك المدللة يا قطة هانم .. أرى أن تلتزمين بشرب الحليب فقط من الأن فصاعدا يكفيني توبيخا بسببك "

ضحكت كارمن وحيت الحاجة نفيسة التي تلمح في زرقة عيناها دفء يخصها لم تتلقاه من أي شخص خارج هذا البيت إلا من والدها فقط بينما قال يونس يختبرها مشيرا لطبق الكوارع " أتعرفين ما هذا؟"
لمعت عيناها وأعادت شعرها خلف أذنيها وهي تقول بابتسامة "كوارع ... أحبها"
هلل يونس مصفقا بخشونة " قلت لكم هذه القطة ولدت في المكان الخطأ"

اتسعت ابتسامة كارمن بينما التقطت الحاجة نفيسة تلك النظرة التي تحتل عيني ابنها البكر نحو زوجته ..
نظرة حنان ..
نظرة عشق..
ونظرة وجع..

احست بالراحة المؤقتة .. فعلى الاقل هو يهتم لأمر زوجته.. لكنها تشعر بأمر غير مريح في علاقتهما .. وتكاد تجزم أن الزواج بينهما لم يتم حتى الآن .. وهذا الأمر يحيرها إن كان تخمينها صحيحا ..

قال يونس لفريدة مشاكسا" أرأيت من يقدّر الطعام الحقيقي بنت الاكابر تأكل الكوارع يا محدثة النعمة .."
لاحت علامات القرف على وجه فريدة التي تجلس واضعة الكثير من حبات الليمون أمامها لتساعدها على أكل باقي الأصناف رغم أنها تعرف انها لن تستطيع الأكل إلا بعد بضع ساعات قادمة ..
أما يونس فاستدار لكارمن يقول "سآخذك يوما لمحل كشري يا كارمن "
خبأت كارمن فمها بيدها ضاحكة وتمتمت" واحب الكشري"

صاح مهلا " الله أكبر .. الله أكبر .. قلت لكم قابلت رفيقة الطعام الذواقة أخيرا في هذا البيت "

فسألت كارمن "هل فريدة لا تحب الكشري أيضا ..؟"
رد يونس " الكشري تحبه جدا وتأكله حارا جدا (ثم وغمز لكارمن ) هل تريدين مشاركتي في الكوارع التي طبخت خصيصا لي .. لا احد يرغب في مشاركتي الليلة "
همت كارمن بالرد ليأتي صوت فارس قاطعا بحزم "لا "

نظرت إليه كارمن متسائلة فقال آمرا" يكفي مغامرات اليوم وكلي من الطعام المعد لك "
نظرت أمامها فانتبهت لحساء الخضروات أمامها لتقول بإحباط "شوربة خضار!!"
ثم نظرت لباقي الاصناف على المائدة وقالت" أنا أصبحت أفضل سآكل من الأكل العادي"
قال بوجه جامد الملامح وهو يشير للطبق أمامها بإصرار" شوربة الخضار"

انكفأت على طبقها تأكل بانصياع بائس .. فدغدغ ذلك قلبه ليرمقها بنظرة حانية وواصل أكله مختلسا النظرات لها من وقت لآخر .
بعد قليل رن هاتف فارس.. فترك المائدة ليجيب على مكالمة مهمة.. لتنتهز كارمن الفرصة تقول ليونس" لم اذقها منذ مدة طويلة .. اعطني قطعة بسرعة قبل أن يأتي فارس "
ضحك الجميع ووضع لها يونس قطعة أمامها .. لترفع شعرها خلف أذنها قائلة بحنق " يونس هذه بالعظم وأنا آكلها بدون العظم"
قهقه الأخير وقال وهو يمصمص واحدة " أنا غير متاح حاليا ولن استطيع مساعدتك "
فنظرت للقطعة وغمغمت ببؤس وهي تفرك اصابعها" ستلتصق بيدي .. حسنا .. شكرا لا أريد"

أشارت الحاجة ليناولونها الطبق .. وبدأت في فصل اللحم عن العضم لها بالشوكة ..فشعرت كارمن بالحرج والامتنان واشتعلت وجنتيها بينما وقف فارس يراقب من بعيد ما يحدث غير منصت لمحدثه .. لتأخذ كارمن الطبق من الحاجة شاكرة ..وتبدأ في أكل الكوارع بالشوكة وهي سعيدة ..

أعطاها فارس الفرصة لتنهيها ثم عاد متنحنحا.. فأسرعت كارمن بوضع الطبق أمام يونس .. وانكفأت على طبق الحساء أمامها.. فجلس فارس صامتا ومتجاهلا للضحك المكتوم الذي صدر من يونس وفريدة وكارمن التي لم يكن يعرف من قبل بأنها شقية وماكرة تماما كالقطة .


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 21-10-19, 01:02 PM   #120

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3

تملك الخجل منها رغم انها كانت محبطة وهي تجلس أمام د. مجدي الاستاذ بالجامعة
فلا تنكر انه رغم سنوات عمره الثمانية والاربعين كما اخبرها مظهره لا بأس به ويغلفه الوقار كأستاذ جامعي .. لكن لهجته العملية البحتة وحضوره مع أولاده في أول لقاء اشعرها بالإحباط.


إنها ليست ساذجة حتى لا تدرك أن سبب زواجه الأساسي هو العثور على من تشاركه في رعاية اولاده لكن يبدو أنها كالعادة رفعت من سقف توقعاتها ..
ظلت شاردة تفكر غير منصتة لثرثرته عن انجازاته العلمية والبحثية .. وتأملت أطفاله الثلاثة الجالسين يلتهمون الطعام وينكزون بعضهم البعض بغيظ خلسة من خلف ظهر والدهم ..


الكبير مراهق في الثالثة عشر والوسطى عشر سنوات والصغير ست سنوات واكثرهم شقاوة وتطلبا.
لا تنكر أنها اشفقت عليهم أن فقدوا امهم في هذا العمر وأدركت أنها إن قررت الموافقة سيكون من أجلهم .. لكن المهمة تبدو ثقيلة وصعبة أمامها خاصة وأنه ليس هناك ما يحفز ويهون الرحلة فلم تشعر بأي انجذاب لوالدهم سوى أنه رجل وقور ومحترم .


نهرت نفسها على تفكيرها المراهق وعادت تتذكر حديث عمتها عن تقليل سقف التوقعات وتقديم التنازلات لتستمر الحياة وعن اهمية التماس الواقعية في الاختيار... وعن موقعها في بورصة النساء وعن وعن وعن"
"استاذة رفيدة"
انتبهت لحديثه متسائلة بينما اخترق عقلها صوتا آخر يستفزها يناديها أيضا بالأستاذة .. فقال د. مجدي يكمل حديثه" بالطبع يا استاذة اذا حدث نصيب لن نقيم حفل زفاف ومثل تلك الأمور .. تعلمين أنا لست صغيرا في العمر .. ولي مكانتي الاجتماعية بين طلابي .. والتي ستتعارض مع اقامة حفل زفاف وما إلى ذلك .. لكني مقدر طبعا لظروفك الخاصة ولن احرمك من فرحة ارتداء فستان زفاف .. لكن سيكون عقد قران في المسجد فقط ."


ظروفك الخاصة !
عبارة آلمتها أكثر من مرة منه خلال الجلسة رغم أنها تشعر أنه لا يقصد بها تجريح ولكن على ما يبدو فهو انسان عملي ويميل للصراحة ..
الصراحة التي قد تجرح أحيانا رغم عدم اعتراضنا على حقيقتها..


ابتسمت بمرارة وردت "لا تقلق د. مجدي .. فأنا لا أنوي ارتداء فستان زفاف .. فكما قلت أنت .. هذا لن يتماشى مع ظروفي الخاصة "
قال د. مجدي سعيدا" اذا اتفقنا .. عموما أنا تشرفت بك يا استاذة رفيدة وسأنتظر منك الرد بعد التفكير"


نظرت إليه مترددة فأضاف بلهجة عملية" اسمحي لي أن اقول لك أن عليك التفكير بعملية وواقعية .. فيا استاذة رفيدة الزواج الناجح كما تعلمين ما هو إلا عقد بين طرفين لتبادل المنفعة .. انا مثلا احتاج لشريكة تعينني على تربية أولادي انسانة متعلمة مثقفة وعندها خبرة بالحياة العملية كما أن ما يميزك ويجعلني متحمس لك بالذات (وضحك بحرج ليكمل ) لن انكر اني متحمس لك .. هذا لأنك تتميزين عن الاخريات بخبرتك السابقة في مجال تربية وتعليم الأطفال وهذا سيسهل عليّ الامر جدا في حياتي مع أولادي "


تطلعت فيه بجمود ليكمل د. مجدي " وكما قلت لابد من ان يستفيد طرفي التعاقد .. فأنت سيكون لك أسرة وأولاد بدون تعب في حمل وولادة .. دعينا نكون صرحاء .. ففرصة انجابك تكاد تكون ضعيفة بالإضافة لأنها قد تكون خطرة.. في سنك ففكري في الأمر بجدية وبشكل عملي وكأنها مسألة رياضية واحد زائد واحد يساوي اثنين .. ستجدين الناتج علاقة ناجحة ."
كان كلامه منطقيا..
منطقيا جدا.. لدرجة زادت من احباطها ومن الطعم المر في حلقها
فأومأت برأسها تغمغم بحشرجة "يفعل الله ما يريد"
××××


في المساء :
"فارس .. ما رأيك أن نتمم الزواج الآن؟"
فركت كارمن جبينها بيدها وغمغمت" لا لا.. طريقة جريئة وفجة .. ولن استطيع النطق بها"
اجلت صوتها وقالت " فارس .. لقد اتخذت قراري بأن نكون زوج وزوجة حقيقيين .. فهيا نـ ...."


خبأت وجهها بكفيها تداري انعكاس وجهها أمامها في مرآة الحمام بحرج شديد تتمتم " نـــا ؟!! ... نــــــــا ماذا يا كارمن؟؟"
رفعت كفيها عن وجهها وحركتهما أمامه تطلب بعضا الهواء لترطب اشتعاله .. ونظرت لقميص النوم الذي ارتدته شاعرة بالضيق .. انه شفاف جدا ويكشف عن مقدمة جذعها بمبالغة لكنها قالت تشجع نفسها" حسنا يا كارمن .. انت تستدعيه ليأتي إليك ثم تخرجين إليه بهذا الشكل وسيفهم كل شيء.. هيا تشجعي "


امسكت بهاتفها وكتبت" فارس"
تنبيه من هاتفه التقطه قلبه قبل أذنه ليترك نافذة المكتب التي كان محدقا فيها بشرود ويسرع نحو المكتب يلتقط الهاتف ويكتب "نعم"
وقفت مترددة تتمتم بحرج " ماذا سأقول( اشتعل وجهها اكثر فضربت على جبينها برفق تغمغم لنفسها ) ركزي يا كارمن.."
وكتبت " هل من الممكن أن تصعد أريد أن اقول لك شيئا"
رفع حاجبا متعجبا ونظر في ساعته ليجدها التاسعة مساء لقد تحجج بالعمل ليهرب إلى مكتبه منتهزا فرصة جلوسها مع اهله أمام التلفاز ينتظر تأخر الليل حتى تكون نائمة فتخفف عنه وطأة مشاعره الملحة.


اما كارمن فدفنت وجهها بين كفيها تميل بجذعها للأمام بحرج شديد ثم اعتدلت تأخذ قرارا حاسما " لا لا .. لن استطيع الليلة ..فلنؤجلها.. فلنؤجلها .. "


واسرعت تخلع عنها القميص وترتدي منامتها المحتشمة .. لتسمع طرقا هادئا على باب الحمام وصوته يقول "كارمن هل أنت بخير؟"
تلجلجت وقالت" سأ ..سأخرج حالا"
بعد دقائق خرجت مرتبكة ضربات قلبها تصم اذنيها من التوتر ووقفت أمامه متخصرة تلملم أعصابها.. فنظر لها فارس بعدم فهم .. وحين طال الصمت قال باندهاش" هل أنت بخير؟ لمَ طلبتني؟"
حركت مقلتيها يمينا ويسارا تفكر في سبب تقوله ثم قالت فجأة باندفاع" لأسألك عن أمر غريب .. "


وتوجهت نحو الخزانة التي تخصه تفتحها وتلتقط البرطمان العجيب تسأله" هل من الممكن أن تفسر لي سبب وجود هذا الشيء في حجرة النوم وفي الخزانة بالذات!..




تغيرت ملامحه فجأة ..وتقدم نحوها قائلا بحدة وهو يخطفه من يدها "من سمح لك بفتح خزانتي والاطلاع على شئوني الخاصة !.
تفاجأت بلهجته العدوانية فنظرت إليه مصدومة وغمغمت "فتحت خزانتك بالخطأ فظهر أمامي"


كان يشعر أنها نكشت في جرحه فهدر بصوت افزعها" كارمن أنا لا أسمح لأحد بالاطلاع على ما يخصني"


بدأت ترتجف .. فصوته وحده يخيفها .. فما بال غضبه الظاهر على ملامحه .. لكنها تماسكت وقالت بشجاعة "ليس هناك ما يخصك ويخصني اصبحنا في مركب واحد.. صحيح لسنا شخصا واحدا بعد .. لكننا في مركب واحد وعلينا أن نكون واضحين تجاه بعضنا البعض .. أنا اخبرتك أني سأسالك أسئلة كثيرة لأعرفك أكثر .. وأنت تستطيع أن تسألني أيضا ما تريد ..هكذا نخطو خطوات ثابتة تجاه بعضنا "


ضغطت عليها مشاعرها.. فلم تستطع الصمود اكثر من ذلك .. بداخلها ضيق وخوف غير قادرة على التعبير عنهما.. فتهدج صوتها وهي تكمل "على أية حال.. أنا آسفة إن أزعجتك"
واستدارت تجلس على السرير خلفها تدفن وجهها في كفيها وتبكي ..


كانت مضغوطة من كل الجهات فجاء ما صدر منه منذ ثوان كالقشة التي قصمت ظهر البعير .. فبكت رغما عنها ..



انخلع قلب فارس فانقشع الغضب ليحل محله الوجع فاقترب منها ببطء ونزل يجلس على عقبيه أمامها وقد تلجم لسانه لا يعرف ماذا يقول .. لكنه تكلم بخفوت وهو يلمس ذراعها بحرص "كارمن .. لم اقصد"


رفعت وجهها عن كفيها وقالت تحاول التماسك "وأنا أيضا لم أقصد البكاء .. واعلم أني أبدو تافهة .. لكن ( واحجمت عن اخباره بأنها لا تزال تحت تأثير ما اخبرها به يونس صباح اليوم حتى لا توجعه فقالت ) مشاعري مضغوطة فأصبحت حساسة "


مسحت دموعها تشعر بتفاهتها وتطلعت فيه ليعتدل ويجلس بجانبها على السرير يحمل البرطمان ويقول مطرق الرأس يحدق فيه "عشرون حصاة بعدد السنوات التي مرت على مقتل أبي"
تفاجأت كارمن ونظرت للبرطمان بتدقيق ثم نظرت إليه فوجدت وجهه جامدا بينما اكمل فارس" اعلم أنك لا تعلمين هذه المعلومة بأن أبي قد مات مقتولا .."
لم تجد بدا من الاعتراف فقالت " الحقيقة أني بالفعل لم أكن أعلم حتى هذا الصباح .. وبكل أسف لم أجد إلا يونس لأساله"
أدار وجهه نحوها يقول بصوت مبحوح والألم يسكن زرقة عينيه " يونس ! لماذا يا كارمن ؟! .. ليتك سألتني أنا بدلا من أن ترجعيه لتلك الحادثة"


شاركته الشعور بالألم وغمغمت بندم " آسفة لم أكن اعرف أن هناك ذكرى قاسية كهذه تخصكم"


أدار وجهه ينظر امامه وقال شاردا" بل أنا المخطئ .. كان عليّ أن أخبرك .. لكنك تعلمين أن ظروف زواجنا كانت سريعة"
ساد الصمت لتقطعه قائلة وهي تنظر للبرطمان "ولماذا الحصى بالذات لتخلد به ذكرى والدك؟"


نظر للبرطمان في حجره يعتصره بكفيه وقال "حين وجدت أبي يوم الحادث .. كان يقبض على حصاة أخرجتها من يده بصعوبة بعد موته .. واحتفظت بها لتصبح عادة كل عام في ذكرى وفاته ألتقط حصاه من حول قبره لتذكرني"
سألته متعجبة" لتذكرك بماذا؟؟!!!"
اعتصر البرطمان بين يديه يداري مشاعره ورد مراوغا " تذكرني بذكرى موت أبي"
حاولت تغيير الموضوع بسرعة فقالت " أخبرني كيف بدأت من لا شيء لتصل لما وصلت إليه الآن "


استدار يتأملها مليا ويتجول بنظراته في قسمات وجهها قبل أن يجبر نفسه على الاستقامة يرجع البرطمان لمكانه وهو يقول "كما سمعتِ .. بدأت بمهنة مبلط .. كانت هي ما اتقنه من بعض المرات التي أجبرني فيها والدي لأن اتدرب على كل ما يخص البناء حتى ارث مهنته .. (وتنهد وهو يجلس على المقعد بجوار الشرفة وأكمل ) كان يتمنى أن ادخل كلية الهندسة وأصمم وابني المنشآت"


ركزت في صوته الرخيم ولكنته الشعبية التي باتت جزءا منه حتى أنها لم تعد تتخيله أبدا بدونها بينما أكمل فارس " كنت عازما بإصرار أن أكون ثريا .. أن اعوض خسارتنا أضعاف الاضعاف .. واصلت الليل بالنهار .. كنت أقبل بالعمل في أكثر من مكان في نفس الوقت لأنهي عملي في مكان نهارا وأعمل في مكان آخر ليلا .. ( و ازداد صوته الرخيم انفعالا ) وكنت اتألم جدا من اصرار أمي للعمل لتساعدني في إعالة العائلة.. كان هذا يقتلني .. أن أرى أمي خارج بيتها تتعرض لهذا وذاك (ونظر إليها يقول) أمي كانت ابنة عز .. ابنة تاجر كبير.. وابي كان مجرد عاملا للرخام"
تفاجأت كارمن فهتفت" حقا !"


رد موضحا" أبي كان فقيرا .. لكن أمي أحبته كثيرا وكان جدي يرفض رغم أنها أخبرته باستعدادها للعيش مع أبي في أي مكان .. بعد فترة ليست بالقليلة رضخ جدي لإلحاح أمي أخيرا وزوجها له قبل أن يموت .. لكن خالي لم يرضى أبدا على هذه الزيجة .. وقاطع أمي للأبد .. حتى أنه أخذ ميراثها مدعيا بأوراق مزيفة أن جدي لم يترك لها ميراثا بل كتب له كل ما يملك قبل أن يموت .. ولم تجد أمي بدا من أن تفوض أمرها لله محتسبة عند الله حقها في ميراث والدها ( استقام يوليها ظهره واضعا يديه في جيبي بنطاله البيتي المريح واكمل ) عاشت أمي مع أبي حياة مستورة حتى تحول من عامل رخام لمقاول مباني .. وأصبحت حالتنا المادية جيدة ..لكن حين قتل أبي اضرموا النار في بيتنا واكتشفنا أن كان عليه ديونا كثيرة"


قاطعته تسأل بقلب موجوع "والجاني؟"
طحن ضروسه متحكما في غضبه ورد" لم يتوصلوا للجاني حتى الآن.. وقيدت القضية ضد مجهول"
تألمت أكثر مدركة لفداحة وألم ما مروا به .. بينما اكمل فارس "لهذا كنت أموت ألف مرة وأنا أرى أمي تعمل.. كانت تعد أطعمة منزلية وتغلفها وتعرضها على الموظفات أمام المصالح الحكومية .. مصرة على أن تساعدني بجانب ما كنت أجنيه لنبدأ من الصفر.. من اللا شيء.. ( صمت لبعض الوقت فلم تعرف كارمن هل انتهى أم لا .. ليكمل كلامه مجددا بعد دقائق ) أول سنتين كانتا الاصعب والأمر والاكثر شقاء .. بعدها استطعت أن اقنع أمي بالتوقف عن العمل واستطعت بفضل الله توفير شقة صغيرة بالإيجار .. وبعدها حرصت على تجنيب مبلغا صغيرا لأبدأ اول خطواتي في عالم التجارة برأس مال بسيط لأعمل في مواد البناء.. وهكذا بدأت أضع العملة فوق الاخرى .. وتدرجت من محل صغير لأخر أكبر لشريك في محل أكبر .. لأعرف بعدها طريق بورصة الأوراق المالية.. واستغليت موهبتي في الأرقام والحساب كما يقولون لأتوسع اكثر واكثر ..(وسحب نفسا عميقا يملأ به صدره ثم أضاف ) النقلة الأكبر والأكثر تأثيرا في مسيرتي كانت حين مات خالي .. وهو الذي علم بما ألم بأمي وأولادها بعد وفاة أبي ولم يبادر حتى بزيارتها أو البحث عنها وعن اولادها .. ونفيسة عزيزة النفس فضلت التشرد على اللجوء لخالي ليتشفى فيها ويذلها.. حين مات خالي كنت وقتها قد انتقلت بعائلتي للطبقة المستورة ليرحل هو دون وريث سوى امي فعادت إليها أموالها من أبيها بالإضافة إلى أمواله..


يومها وضعتهم أمي في يدي وقالت أنا ائتمنك يا فارس على مستقبلي أنا واخوتك .. وبالفعل وضعت المبلغ على ما كنت أملكه من مدخرات .. وقمت بالمضاربة في البورصة عدة مرات ونويت توسيع تجارتي حتى قابلت ريتا"
قاطعته باستفسار شاعرة أن الاسم ليس بغريب عليها "من ريتا؟"
أجاب موضحا " شريكتي التي أدخلتني عالم رجال الأعمال .. تعرفت عليها من خلال المضاربة في البورصة .. إنها سيدة اعمال معروفة في عالم المضاربة في البورصة .. وتقاربت مصالحنا من اجل المكسب الحلال فهي توزع أموالها على المساهمة في أكثر من مصنع ومشروع تجاري بالإضافة لمضاربتها في البورصة
.. كنت وقتها أنوي افتتاح مصنعا صغيرا للرخام مستغلا خبرتي في هذا المجال فعرضت عليّ المشاركة في المصنع والحقيقة أنا أدين لها بالفضل في ادخالي لعالم رجال الأعمال.. عرفتني على الكثير من المستثمرين .. ارشدتني بخبرتها التي نقلتها لي فقللت من حجم عثراتي فنضجت بسرعة بعد أن تعلمت من خبرتها حتى انطلقت وحدي بعدها وكبر المصنع واشتد عودي وتصلب وأصبحت ندا لها ولغيرها في مجال الأعمال .. "


على الرغم من انبهارها مما سمعت .. وازدياد احترامها له كشخص .. لكنها لم يعجبها أن يتحدث عن تلك المرأة بهذا الامتنان .. رغم أنها تتفهم موقفه جيدا .. لكن شعور بداخلها بدا كلسعات النحل يشعرها بالضيق خاصة .. وهي تحاول التذكر أين سمعت باسم ريتا هذا من قبل فهو يبدو مألوفا لها .



ظنت أنه انتهى من قصته لكنه أضاف فجأة " يونس أيضا أعتمد عليه منذ أن دخل الجامعة حتى أصبح ذراعي اليمين .. ساعدني كثيرا في فهم ما أجهله لعدم حصولي على التعليم الجامعي "
تكلمت بتأثر" فارس أنا منبهرة بتجربتك .. وكنت اتعجب كيف أصبح أبي معجبا بك بهذه السرعة لكني الآن أدركت جيدا ماذا يقصد "


هل مدحته للتو ! ..
هل قالت بأنها معجبة به حتى لو كان اعجابا برحلته في الحياة لا بشخصه ..
أدار وجهه لها يطالعها من خلف كتفه بصمت ..
أحيانا يشك في أنها حقيقية وموجودة في بيته ..
وأحيانا ..
يخاف عليها من نفسه .. فما يكبحه من مشاعر ثائرة متأججة متطلبة محتجة يخشى أن تخرج عن سيطرته في لحظة احتياج لها ..
لحظة ضعف تعميه ..
لحظة شوق ..
وما أدراها ما الشوق وكيف يذل صاحبه إلى حد الاستجداء ...
وهذا أيضا ما يخشاه ..


أن تأتي لحظة يضحي فيها بكرامته ويتوسل منها الوصال حتى لو كان وصالا حسيا بحتا يشبع به رغبات ملحة .
وكلما استفحلت تلك المخاوف بداخله كلما كان قاسيا مع نفسه .. محطما لأي أمل قد يتسلل بخبث بداخله ..
خوفه عليها ..وخوفه من نفسه.. وخوفه على كرامته ..
يبنون أسوارا عالية أمامه برغم صغر المسافة بينهما .


أما كارمن فارتبكت من نظراته الغامضة وصمته الغريب .. وغمغمت بجُبن "أنا أريد أن أنام .. أشعر بالنعاس .. تصبح على خير "
قالتها وهي تتدثر بالغطاء حتى رأسها تشتم جُبنها ..


وتعد نفسها هامسة " غدا يا كارمن.. غدا ستكونين أكثر شجاعة"
أما هو فظل محدقا في جسدها الممدد أمامه متدثرا بالأغطية..



شاعرا لأول مرة بالتشوش
بالحيرة في تحديد الهدف
او بمعنى أدق.. في الوصول إليه
لأول مرة يشعر بالارتباك في تحديد الاتجاهات
يصارع الفكرة وعكسها
باترا للأمل وقاتلا لليأس في نفس اللحظة
متمنيا الاقتراب منها إلى حد الاستجداء
متحاشيا نفس ذلك الاقتراب خوفا على كرامته
لأول مرة يشعر أن هناك قوة أخرى نمت بداخله تقف في وجه استعداده للموت في سبيل تحقيق انتقامه .


قوة ترغب في الحياة إذا كانت برفقتها
حتى لو كانت حياة مليئة بالحرمان
وهذا الإدراك لوجود هذه القوة الجديدة ..
أشعره بالخوف .
××××


نهاية الفصل السادس ويليه الفصل السابع مباشرة






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:17 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.