آخر 10 مشاركات
غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          ترافيس وايلد (120) للكاتبة: Sandra Marton [ج3 من سلسلة الأخوة وايلد] *كاملة بالرابط* (الكاتـب : Andalus - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          عِـشـقٌ في حَضرَةِ الـكِـبريآء *مميزة مكتملة* (الكاتـب : ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ - )           »          رواية واجتاحت ثنايا القلب (1) .. سلسلة ما بين خفقة وإخفاقة (الكاتـب : أسماء رجائي - )           »          117 - توأم التنين _ فيوليت وينسبير ج2 شهر عسل مر ((حصرياً)) -(كتابة /كاملة بالرابط) (الكاتـب : SHELL - )           »          وهج الزبرجد (3) .. سلسلة قلوب شائكة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          حب في الصيف - ساندرا فيلد - الدوائر الثلاثة (حصريــا)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          بريئة بين يديه (94) للكاتبة: لين غراهام *كاملة* الجزء الثاني من سلسلة العرائس الحوامل (الكاتـب : Gege86 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1161Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-10-19, 01:32 AM   #131

اكرام النافلة

? العضوٌ??? » 452059
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 30
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي tunis
?  نُقآطِيْ » اكرام النافلة is on a distinguished road
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
افتراضي


احيانا اتخيل نفسي اعيش في عالم ابيض...هل توجد امهات مثل شويكار فعلا؟؟؟ اللطف ياربي

اكرام النافلة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 09:49 AM   #132

أميرة الساموراي
 
الصورة الرمزية أميرة الساموراي

? العضوٌ??? » 398007
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 763
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » أميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond reputeأميرة الساموراي has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc4
¬» اشجع shabab
?? ??? ~
كن على على ثقة أن الله بسط لك الرزق في أي مكان ذهبت وستذهب اليه
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

قلبي عليك يت الشيمي
وفريدة أنا أعتقد أنها أيضا تحب يونس

أما عبود وكيلو ربيالمسكينة عهد حتى بعد ما خرجت من الدار مازال يلحق فيها، يجيك نهار ربي يستر ان شاء الله

اما شويكار فهي لا أدري كيف أصفها،،، وكلن أعلم نوعها فلدينا واحدة لم تزوج ابنتها للذي تحبه ويحبها حتى لو كان متوسط الحال تريد ان تعطيها لواحد غني
الله يهديهم


أميرة الساموراي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 11:25 AM   #133

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة msamo مشاهدة المشاركة
كارمن حبت فروس خلاص وفريدة معذبة يونس ومش حاسة بعذابه

هنشوف باقي الاحداث فيها ايه ان شاء الله


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ektimal yasine مشاهدة المشاركة
مسا الخيرات كلي شوق لقراءة زخات الخب والحصى الى شموس

يارب تعجبك


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال ياسين مشاهدة المشاركة
مسا الخير رواية حلوووة كتيير تسلم ايديمي شموسة

شكرا نوال تسلميلي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ektimal yasine مشاهدة المشاركة
رووووعة هالروواية تسلم ايديكي شمسنا المشرقة


الله يعزك يا اكتمال تسلمي يارب

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة
فرق كبير بين ام بتدمر بنتها زى شويكار وما يهمهاش غير مصلحتها ودايما تتهمها بالفشل وتقلل من اى عمل بتعمله
وبين الحاجه نفيسه الحنونه المراعية لمشاعر كل المحيطين بيها

انا بحب مثال نفوسه ام دم خفيف جدا
يونس ياعينى عليه وعلى قلبه الى هيجننه مقالبه هو وفريدة تفطس من الضحك

رفيدة بتقاوم مشاعرها اللى بدأت تتحرك ناحية شمشمون الهائم فى سماء حبها

يخربيتك ياعبود كنا ارتحنا منك ومن شرك داهية تاخدك انت وشويكار

فارس وكارمن بحب مشاهدهم جدا جدا
تسلم ايدك ياجميلة
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ام زياد محمود مشاهدة المشاركة





وتسلميلي يا ايمي ويسلملي تعليقاتك


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اكرام النافلة مشاهدة المشاركة
احيانا اتخيل نفسي اعيش في عالم ابيض...هل توجد امهات مثل شويكار فعلا؟؟؟ اللطف ياربي

للاسف في ومش قليلين

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الساموراي مشاهدة المشاركة
قلبي عليك يت الشيمي
وفريدة أنا أعتقد أنها أيضا تحب يونس

أما عبود وكيلو ربيالمسكينة عهد حتى بعد ما خرجت من الدار مازال يلحق فيها، يجيك نهار ربي يستر ان شاء الله

اما شويكار فهي لا أدري كيف أصفها،،، وكلن أعلم نوعها فلدينا واحدة لم تزوج ابنتها للذي تحبه ويحبها حتى لو كان متوسط الحال تريد ان تعطيها لواحد غني
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أميرة الساموراي مشاهدة المشاركة
الله يهديهم



هنشوف باقي الاحداث فيها ايه يا اميرة


Dr. Aya likes this.

Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 01:05 PM   #134

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الثامن



الفصل الثامن



دخلت كارمن من باب الشقة الجديدة مندفعة بعد أن حيت العم عبده خادم والدها منذ أعواما كثيرة مضت لتلقي بنفسها في حضن أبيها الذي استقبل فرحتها بسعادة كبيرة لتقول بتأثر "سعيدة جدا بباه أنك ستكون بجواري.. المدينة هنا هواءها نظيفا بعيدا عن تلوث العاصمة"



ابتسم عاصم وربت على وجنتها قائلا " وأنا سعيد لأني سأكون بجوار ابنتي الحلوة"

تطلعت في المكان حولها وتمتمت ببعض الحزن "كنت أتمنى أن تكون مماه هي الأخرى معنا"



جلس عاصم على الأريكة ورد بوجه متجهم" لم تعودي صغيرة يا كارمن وعليك أن تتفهمي أن من حق الوالدين الانفصال إذا ما شعر أحدهما أو كلاهما أن الانفصال بات حتميا.. وأنا شخصيا لم أعد أحتمل ما تفعله شويكار .."



هتفت كارمن بجزع" انفصال !!!!"

أجاب عاصم مؤكدا " أجل انفصال .. وهذا كان لابد أن يحدث منذ مدة لكني كنت أرى تعلقك بها وكنت أتجنب أن أخيّرك بيننا .. لكن الآن أنا اطمأننت عليك ومن حقي أن أخفف عني ما تفعله بي "

اطرقت برأسها وتمتمت "هل تعاركتم بسببي؟"

رد عاصم نافيا "ليس بسببك يا كارمن بسبب أفعالها .. عموما ستظل هي أمك وسأظل أنا والدك"



اعتصر الحزن قلبها

لماذا تصعب عليها الأمور هذه الأيام ؟

لماذا تعيش كل هذه الأحاسيس المتناقضة؟

ولمَ لا تسير حياتها بشكل نمطي كباقي البشر؟

كلها أسئلة دارت في رأسها زادت من شعورها بالإحباط.

قطع والدها أفكارها حين قال بحزم" لا تخبريها بمكاني أريد أن أريح أعصابي لبعض الوقت وسأخبرها أنا في الوقت المناسب "

أومأت برأسها إيجابا فآلمه ذلك الإحباط البادي على وجهها ليسحبها لتجلس بجواره ويضم رأسها إلى صدره قائلا " كما قلت لك ستظل والدتك وسأظل والدك وليس بالضرورة أن نكون أنا وهي سويا ولكن أنت ستظلين ابنتنا"



رن جرس الباب ليسارع العم عبده بفتحه .. فدخل فارس بهيبته ويونس بجلبته.. لتعتدل كارمن تاركة صدر أبيها لتستقبل فارس بوجنتين مشتعلتين وبعضا من الضيق لم تدري مصدره ..بينما زاد وجه الأخير تحفظا وهو يلقي السلام ..



تهلل وجه عاصم لرؤيتهما معترفا لنفسه بأن هذين الشابين يشعرانه بشعور دافئ ومحبب .

سرق يونس المشهد حين قال بمرح وهو يناول عاصم بعض الأورق" أوراق الشقة يا عاصم بك جاهزة ونتفاوض حاليا حتى نقنع صاحبها ببيعها بدلا من تأجيرها .. المهم أن تخبرنا بأنك مرتاحا فيها واترك الباقي علينا "



ابتسم عاصم متمتما بالشكر وهو يقول لفارس "سنسوي هذه الحسابات حين نجلس سويا إن شاء الله "

قال فارس بحرج " لا داعي لهذا الحديث عاصم بك نحن أهل"

تطلعت فيه كارمن فقابلها بنظرات مستفهمة ولسان حاله يقول " ألسنا كذلك؟ "



جلس يونس بجوار عاصم مائلا عليه يقول بخفوت مسموع " أهم شيء ألا تنتهز الفرصة بوجودك وحدك في الشقة وتلعب بذيلك .. نحن محافظون جدا ولا نسمح بذلك .. إلا إذا أشركتني فيما تفعل ومن ستقابل فيها وقتها قد أغطي على انحرافاتك"



اتسعت عينا فارس هاتفا باستنكار " يونس !! "

بينما انفجر عاصم ضاحكا حتى سعل ثم قال من بين ضحكاته " اتفقنا يا مشاغب "

تكلم يونس مبررا " ماذا ! .. كنت أضع النقاط فوق الحروف مع عاصم بك "



ربت عاصم على كتفه بمحبة وأخذ يجاذبه أطراف الحديث ليفرض يونس على الجلسة بينهما المزيد من الضحكات.. بينما استقامت كارمن تقترب من فارس الذي يقف صامتا يديه في جيبي بنطاله دافعا طرفي سترته للخلف .. يتابع اقترابها منه بقلب تزداد نبضاته سرعة كلما اقتربت أكثر وذكريات ليلة أمس بحلوها ومُرها لا تريد أن تطلق سراحه .



وقفت أمامه تتطلع في وجهه بوجنتين مشتعلتين هامسة "تبدو مرهقا "

مسح على وجهها بعينيه متمتما " لم أنم جيدا وكان اليوم مرهقا في العمل "

وقفا يحدقان في بعضهما والإحساس بالذنب حائلايقف بينهما .. فسألته بخفوت " ولماذا لم تنم؟ "

أجابها بلهجه ذات مغزى " كنت أخلص إحداهن من الإحساس بالذنب فوقعت أنا فيه ! "



قالت بهمس مدافعة" الأمر لم يكن كذلك .. ( واستدارت خلفها لتتأكد أن والدها لا يسمعهما منشغلا بالحديث مع يونس وعادت لتقول ) أعتقد أن علينا الحديث لتوضيح بعض الأمور "



رد فارس يستعد للمغادرة " أعتقد ذلك( ثم سألها ) هل ستبقين مع والدك قليلا؟"

ردت بحرج " أعتقد أنه يحتاجني "

غمغم موافقا " لا بأس سأسبقك للبيت كوني على راحتك (ونظر خلفها يقول بصوت أعلى ) اذا احتجت أي شيء عاصم بك لا تتردد في أن تطلبه منا"

رد عاصم بمحبة " أشكرك يا فارس بارك الله فيكم "

بعد قليل دخلت كارمن بوابة الفيلا وقد اشتد ظلام الليل وازدادت برودته لتجد اتصالا من والدتها فبلعت غصة في حلقها وردت " نعم مماه "

سألتها شويكار " هل تعرفين أين عاصم .. المجنون نفذ تهديده وجمع أغراضه وغادر الفيلا بالفعل "

سحبت نفسا عميقا تملأ به صدرها وردت " أجل أعرف أين هو لكنه لا يريدني أن أخبرك بمكانه "

قالت شويكار باستنكار " نعم ! ( وساد الصمت لثوان ثم أضافت) اذن اخترتِ جانب والدك "



ردت كارمن بغيظ " أنا لست في صف أحد مماه وما دمتما قد افترقتما فعليّ أن أحترم رغبة كل منكما على حدا .. وبباه لا يرغب حاليا في أن تعلمي بمكانه "



غمغمت شويكار باقتضاب " الرجل قد شاخ وذهب عقله وأنت تشجعينه على جنونه .. حسنا كما تريدان "



أسرعت كارمن بالقول قبل أن تغلق "بالمناسبة يا أمي انا بخير "

صمتت شويكار تحاول الاستيعاب فأكملت كارمن "أرد على سؤال لم تسأليه وأقول أنا بخير في حالة لو كنت ترغبين في معرفة ذلك بعد ما قلتيه لفارس أمس "

رفعت شويكار حاجبا وردت " لم أفهم "



قالت كارمن مفسرة " ما الذي لم تفهميه مماه !.. كلامك الجارح لفارس أمس جعلني أصريت على اتمام الزواج (وأكملت بلهجة باردة متعمدة ) الحقيقة أريد أن أشكرك .. فبالرغم من أن ما فعلتيه كان ... ( صمتت لتبلع الكلمة ثم أكملت) لكنه شجعني على أن أطلب منه إتمام الزواج .. وقد كان ..أصبحت امرأة متزوجة فعليا يا مماه .. ألن تباركي لي؟"



تمتمت شويكار بغيظ " البارد يتحداني .. وأنت كالعادة فاشلة وأصبحت وقحة مؤخرا .. ( واطلقت زفرة حارة من صدرها وأكملت بغيظ ) ستظلين على شاكلة أبيك مهما حاولت مساعدتك.. عموما سيري على دربه .. واستمتعا بالحياة في ركن ما في الظلام بعيدا عن دائرة الضوء .. )أكملت بلهجة آمرة ) أخبري عاصم أن يرد على اتصالاتي ولا يتصرف كالأولاد الصغار .. ( وقالت بالفرنسية ) الى اللقاء "

همست كارمن بالفرنسية بعد أن أغلقت الخط " إلى اللقاء مماه "

وأطبقت على شفتيها بقوة رافعة وجهها للسماء تتأمل النجوم اللامعة ثم همست " حتى أنت أيتها النجوم اختلفت كما اختلف عالمي كله .. لم أعد اراك تشبهينني .. ولم أعد أرغب في أن اشبهك ..

كارمن اختلفت ..

أو ..

نضجت

أو ..

ربما خلقت من جديد ..

لكنها تألمت كثيرا حتى تصل لهذه النقطة "



وسال خيطا من دموع على جانبي عينيها يودع كارمن القديمة.

××××



بعد ثلاثة أيام:

عبرت كارمن الباب الصغير الموصل من الدار للفيلا لتدخل باحثة عن فارس .. فاليوم هو الجمعة وهذا المدمن للعمل لا يفعل شيئا سواه حتى في أيام العطلات!..



لقد مرت أربعة أيام منذ تلك الليلة ولم يحاول فارس بعدها التلميح حتى لهذا الأمر رغم أنهما قد اتفقا على ضرورة الحديث بشأنه .. لكنه بدا وكأنه يتعمد إعطائها فرصة لتخطي ذكريات تلك الليلة ..



كم تحب تفهمه لمشاعرها

وكم تندهش لذلك .



كيف يستطيع قراءتها؟

الإحساس بها.

متى أصبحت بهذه الأهمية له؟

ولماذا هي بالذات؟!!



وهل هي تستحق كل هذا الاحترام والتفهم منه ؟

فمهما حاول أن يتصنع العبوس أو الوجوم أو التجهم

ترى قلبا نابضا مضيئا في صدره.



متى استوعبت ذلك ؟

وكيف تحول هو لمحور تفكيرها؟



لا تنكر أن مشاعرها تجاهه مازالت ضبابية غير ملموسة أو مصنفة بوضوح.. لكنها تشعر بمشاعر حلوة ودغدغات مراهقة

تجاهه .. فقط هو ذلك الأمر الخاص الذي مازالت تشعر به كواجب.. واجب ثقيل.



المزيج من الحرج والخجل وذكرى ليست ممتعة عن أول ليلة مغلفة بالإحساس بالذنب تجاهه جعلت من الأمر واجبا ثقيلا.. لا تستطع وصفه أو الشعور به غير ذلك .

دخلت الفيلا قاصدة مكتبه لتمر على خضرة الجالسة على الأرض في غرفة المعيشة .. واستوقفها أنها تشاهد مسلسلا ناطق بالتركية مترجم بالإنجليزية.. فأدخلت رأسها تتأكد مما تشاهده وسألتها باندهاش" ماذا تفعلين يا خضرة؟!!"



ردت خضرة بحماس " جئتِ في وقتك يا كارمن هانم .. أخبريني بالله عليك علام اتفق البطل والبطلة؟ (وغطت فمها بطرف حجابها تكمل بحرج) أسمائهم صعبة لم أحفظها"



سألتها كارمن بذهول " هل تتابعين المسلسل باللغة التركية .. أتفهمين التركية ؟"

ضحكت خضرة وردت" بالطبع لا"



نظرت كارمن للشاشة وعادت تنظر إليها لتسألها" إذن كيف تتابعين المسلسل "



أجابت خضرة ببساطة" استطيع فهمهم من انفعالات وجوههم (استدارت كارمن تنظر للشاشة لتكمل الأخرى ) من الواضح أن هذه المرأة تهددها بشيء والأخرى خائفة من سر ما .. لكني لا أستطيع أن ألتقط فحوى السر وشهد تذلني ولا تريد أن تخبرني .. هذه المرة الثانية التي أشاهد فيها هذه الحلقة لأفهم ما هو السر بالضبط الذي تهددها به "



نظرت كارمن لخضرة بإعجاب لتقول" لا أصدق أنكِ تتابعين المسلسل بدون أن تقرئي الترجمة أو تفهمي المنطوق .. رائع خضرة أحببت احساسك العالي ( وعادت للشاشة تكمل ) المرأة تهددها بإخبار أحدهم بأن لها ابنا تخفيه عن الجميع "



ضربت خضرة على فخذيها بانفعال وقالت باندماج كامل مع المسلسل " الأفعى ذات الرأسين .. حسبي الله ونعم الوكيل فيها !"



كتمت كارمن ضحكتها ثم سألتها " بالتأكيد هذا المسلسل مدبلج بالعربية على الأنترنت "

ردت خضرة ببؤس" بناتي يذلونني.. الكلاب .. لكني لن أذل لهما سأراه بأي لغة غير العربية "



ضحكت كارمن وقالت وهي تغادرها " سأبحث لك أنا عن هذا المسلسل وتستطيعين مشاهدته على حاسوبي المحمول أو على هذه الشاشة أعتقد أنها شاشة ذكية "

تركتها وهي تسمعها تغمغم بالدعاء لها بالستر والذرية الصالحة .. فتوجهت لمكتب فارس وطرقت الباب ثم فتحته ودخلت لكنها تسمرت حين شعرت بأنها قاطعت أمرا مهما .



كان يونس يقف أمام سبورة بيضاء وبيده أحد الأقلام الملونة بينما فارس يجلس على الأريكة أمامه بعض الأوراق يرتدي نظارته الطبية الأنيقة .. باديا عليه الاهتمام والذي ارتد متفاجئا حين اقتحمت المكتب شاعرا ببعض الحرج .



قالت شاعرة بالحرج " آسفة ظننتك وحدك ( ونظرت للأوراق أمامه على الطاولة المنخفضة وأكملت ) هل آتي في وقت آخر ؟"



تنحنح فارس فحرك يونس مقلتيه بينهما والتقط حرج أخيه ليسرع بالقول موجها كلامه لكارمن " هل تعرفين ما هو الفارق بين نظام الـ B2B والـ B2C ؟"

حدقت كارمن فيه وتمتمت بغباء " نعم !!"

تكلم يونس يشير لها على الأريكة " تفضلي بجانبه من فضلك .. أين فريدة هي الأخرى فلن اشرح مائة مرة "

اقتربت كارمن تجلس بجانب فارس وقد فهمت ماذا يحدث .. فارس يعتمد على يونس لشرح بعض الأمور المتعلقة بعالم المال ويونس تعامل مع الأمر بلباقة حين استشعر حرج فارس..



كم تحبهما معا..

وكم هي غبية باقتحامها الغرفة بدون السماح لها بالدخول .



ردت على سؤال يونس " فريدة في الدار مشغولة مع الأطفال "

مط يونس شفتيه وقال وهو يستدير للسبورة وأكمل شرح بعض الرموز والرسوم" الـ B2C اختصارا لعبارة Business to Consumer وهو النمط السائد في أغلبية معاملات التجارة وهو عبارة عن صفقات أو معاملات تجارية تتم بين شركات وأفراد عاديين .. "



فأكمل فارس مستوضحا " تعني مثلما أبيع أنا من مصنعي الرخام للعميل عن طريق معارض الشركة مباشرة "



رد يونس مؤكدا " بالضبط يا كبير ولتؤثر على البائع تستهدف مشاعره عن طريق الإعلانات مثلا لإقناعه بالشراء .. تخبره كيف أن هذه القطعة من الرخام ناعمة .. مصممة على مستوى عال .. تدل على الفخامة الخ الخ .. بينما الـ ( وكتب على السبورة ) B2B هو اختصار لعبارة Business to Business وهو نوع أخر من المعاملات التجارية أي شركة تعقد معاملة تجارية مع شركة أخرى وهذا النوع من التعامل يحتاج لحقائق وعقود ومعلومات واتفاقيات مكتوبة وشروط جزائية وغيرها .. وهو نوع أعقد من المعاملات ويحتاج وقتا للإعداد "

تأملته كارمن وهو يدون بعض الملاحظات في ورقة أمامه شاردة في تلك النظارة الأنيقة التي يرتديها .



إنه وسيم .. عليها أن تعترف بذلك.. فبعيدا عن عيناه الزرقاوين لديه أنف مستقيم رجولي جميل وشفتين .. وتوقفت أنفاسها تتأمل شفتيه المزمومتين بتركيز ولحيته الخفيفة .. وتأملت أيضا يده الخشنة الممسكة بالقلم فسرت القشعريرة في جسدها متذكرة لمساته المتلهفة تلك الليلة وصوت أنفاسه المتسارع .



أفاقت من شرودها بعد قليل لتجد أن يونس لا يزال يتحدث ويشرح .. ولم تفهم إن كانا يتحدثان في نفس النقطة أم غيرها لتسمعه يقول" فإذا كانت العمولة يا كبير ثلاثمائة خمسة وستون مضروبة في ستة وثمانون "



وتوجه يفتح هاتفه ليستعمل الآلة الحاسبة ليقول فارس بطريقة آلية " واحد وثلاثون ألفا ( وصمت لثوان ثم أكمل ) وثلاثمائة وتسعون "



انتهي يونس من الحسبة على الآلة الحاسبة ليقول "بالضبط يا كبير"

قاطعتهم كارمن مذهولة" لحظة ( وتوجهت لفارس) كيف حسبتها بدون آلة ؟"

تفاجأ فارس بالسؤال واستدار إليها قائلا ببساطة" حسبتها في عقلي "

نظرت ليونس تسأله "هل ما فعله هذا عاديا ؟!!.. لأني أعاني من عسر فيما يخص الأرقام .. لكن بالنسبة للبشر العاديين هل هذا عاديا !!"

ضحك يونس وسألها" ألم تعلمي من قبل "

سألته بدورها "أعلم بماذا؟!"

رد يونس " أنه بارع في الحساب لدرجة مخيفة"



عادت لتنظر لفارس الذي يتطلع في الأوراق أمامه بذهن مشغول .. ثم قالت له " مائة مضروبة في مائتين "

رفع فارس حاجبا مندهشا وتطلع إليها يجيب " عشرون ألفا "



صمتت قليلا عاقدة حاجبيها ثم أخرجت الآلة الحاسبة من على هاتفها ليعود فارس ليونس الذي بدأ في الشرح مجددا .



تطلعت كارمن في الآلة الحاسبة ترمش بمقلتيها ثم قالت لفارس بهمس" سبعة وسبعون مضروبة في مائتين"



استدار إليها يقول باستنكار هامس "كارمن أي رقم به اصفار يكون سهل الإجابة خمسة عشر ألف وأربعمائة "

وعاد يستمع ليونس فسألته بغباء" كيف الأصفار تجعلها أسهل بل أعقد !!"

رد عليها هامسا دون أن يدير أنظاره نحوها " استبعدي الاصفار ستكون العملية الحسابية أسهل ثم أعيديها في الناتج "

صاح يونس موبخا " يا أساتذة أنا أشرح "



تطلع فارس من خلال نظارته ليونس ليكمل الأخير ما كان يكتب ويشرحه على السبورة فقربت رأسها منه هامسة "اربعمائة وخمس واربعون مضروبة في سبعة عشر "

رد دون أن ينظر إليها " اممم !.. سبعة آلاف سبعمائة (وصمت قليلا ثم قال ) سبعة آلاف وسبعمائة وثمانية عشر "



حدقت كارمن في شاشة هاتفها ثم في جانب وجهه المتابع ليونس متسعة العينان ليهمس فارس" كفى ثرثرة يا كارمن واذهبي من هنا"

تجاهلته لتقول بحماس طفولي " هل تستطيع ضرب ثلاثة ارقام في ثلاثة أرقام؟"

رد وهو يكتب شيئا "أجل ولكن بصورة أبطأ"



سألته كطفلة تلهو " خمسمائة وسبعة مضروبة في ثلاثمائة "



نظر إليها يهتف " الأصفار مجددا !! .. استبعدي الصفرين واضربي الرقمين .. ستجدينهما مائة اثنان وخمسون ألفا ومائة"



كارمن " واحد وثلاثون مضروبة في سبعمائة واحد وخمسون "

فارس " ثلاثة وعشرون الف مائتين واحد وثمانون.. اذهبي من هنا "

كارمن "سبعة وأربعون في سبعة وأربعون."

فارس " ألفان مئتان وتسعة "

××××


يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 01:05 PM   #135

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 2

في المساء :


علت الزغاريد تزامنا مع ادخال د. مجدي خاتم الخطبة في بنصرها في حفل عائلي بسيط .. لم يحضره سوى عددا محدودا من الجانبين .
لم يكن حفلا بالمعنى التقليدي وانما عشاء ارتدى فيه العروسين المحابس .


تطلعت رفيدة في كارمن وفريدة اللتان يبادلنها ابتسامات التشجيع والتهنئة وقد حضرا معها خصيصا اليوم بينما يونس يجلس على أقرب مقهى بملل منتظرا أن ينتهي الحفلليعودوا للبيت رافضا الحضور .
لقد تقرر كل شيء بسرعة .


أخبرت د. مجدي بموافقتها على خطبة مبدئية ليتفقا على موعد يقابل فيه عمر وعمتها ويتم تحديد الخطبة بعد يومين فقط.. لتجد نفسها تجلس الآن بجانبه على الأريكة ترتدي خاتمه بينما أولاده يطالعونها بنظرات ثاقبة .
لماذا تشعر بالانقباض وكأنها تجبر نفسها على هضم وجبة ثقيلة لا تحبها ؟
هل تسرعت في القبول ؟ أم إن ما تمر به طبيعيا بعد كل هذه السنوات التي عاشتها باستقلالية ؟
تعلم أن الامر لن يكون سهلا فمن تعودت على الاستقلالية .. وعلى تقرير مصيرها وحدها .. لا أم ولا أب .. لن يكون الأمر هينا عليها أن تسلم مقاليد حياتها أو حتى تتشارك فيها مع أحد .
تطلعت في مجدي الذي وضع الخاتم في إصبعها وترك الأريكة شاعرا بالحرج أن يكون عريسا من جديد ووقف يتناقش مع حمو أخاها واثنين من أصحابه الأساتذة في أمر ما يخص السياسة .


جاءها صوت إيمان زوجة أخيها تقول لأمها بصوت خافت " والله يا أمي هذا العشاء من مطعم فاخر جدا كلف عمر مبلغا وقدره لضيوف الحفل .. أنا شخصيا أرى أنه عشاء مبالغا فيه خاصة وأن المناسبة بسيطة مجرد خطبة عائلية صامتة "
تطلعت رفيدة متفاجئة لزوجة أخيها التي توليها ظهرها .. فلاحظت أمها أنها قد سمعتها فقالت بابتسامة عصبية تربت على كتف ابنتها ببعض الخشونة لتنبهها " ما المشكلة حبيبتي أخيها ..والاخوات لبعضهما "
قالت إيمان بصوت خافت لكنه مسموعا " لكن ليس بهذا المبلغ الكبير يا أمي الذي صرف في مجرد طعام .. كان من الممكن أن نشتري من مطعم غيره بسعر أقل من هذا بكثير"


غلت الدماء في رأس رفيدة وشعرت بالوجع في صدرها فاستقامت تقترب منها بهدوء بينما أم إيمان تقابلها بابتسامة محرجة لتقول رفيدة " بالمناسبة يا إيمان .. حفل زفافك كان في فندق شهير ودفعت ثمنه من شقاء عمري لأنك أقمت مناحة وهددتيه بالانفصال حين أخبرك أنه ليس لديه مالا يكفي لإقامة حفل زفاف "
استدارت إليها إيمان ممتقعة الوجه لم تعتقد أنها ستسمعها من هذه المسافة وغمغمت بحرج " لم أقصد شيئا قصدت التوفير لا أكثر .. فالطعام عاديا .. كان من الممكن شراؤه من مطاعم كثيرة أخرى بسعر أقل "
هتفت عمتها العجوز الجالسة بوهن في مقعد قريب" ماذا يحدث يا رفيدة بماذا أغضبتك ذات اللسانين؟ "


تحكمت رفيدة في أعصابها وردت " لا شيء يا عمتي ( ثم استدارت تقول لإيمان ببرود ) أنا لم أطلب منه أن يحضره من مكان معين"
تكلمت إيمان بسرعة " هذا ما كنت أقصده أنه متهور في صرف النقود فهذه الأموال من حق أولاده "
اقترب عمر يقول متطلعا في الوجوه " ماذا يحدث؟ "
اسرعت حماته تقول بابتسامة " لا شيء يا حبيبي "


طحنت رفيدة ضروسها وقالت وهي لا تزال تنظر لإيمان التي بدأت تتعرق " المرة القادمة يا عمر راعي حين تشتري لي هدية أن توفر وتختار الأرخص حتى لا تتضايق زوجتك "
نظر عمر لزوجته نظرة حادة فقالت تدافع عن نفسها " أنا لم أقل شيئا بل هي التي فضحتك أمام أمي وقالت أنها من دفعت لك تكاليف حفل زفافك "
شعرت رفيدة بالغيظ وقبل أن تنطق رد عمر على زوجته وهو يفرد ذراعه على كتفي رفيدة " لكن والدتك تعلم بالفعل أنها من دفعت تكاليف زواجي لا حرمني الله منها"


انفجرت إيمان في البكاء تقول بمسكنة " أنا لم أقصد .. قصدت لماذا تعايرك .. لماذا تتشدق بكل ما فعلته من أجلك .. حتى استضافتنا هنا في شقتها تشعرنا بأننا شحاذون .. تعبت من هذا الأسلوب بالمن علينا "
وتحركت نحو الداخل لتسرع خلفها والدتها تدعي التأثر بينما تقبضت رفيدة بغيظ من هذه الطريقة الرخيصة في قلب الطاولة وهتفت " أنا أعايركم !!.. أنا أعايرك يا عمر!!"


رد عمر بدبلوماسية وهو يربت على ظهرها "لا تشغلي بالك بها سأتكلم معها "
اذهبي واجلسي مكانك حتى لا تلفتي الانتباه بوقفتك هذه ..(وطبع قبلة على خدها قائلا ) ألف مبروك أختي سعدت جدا أنك ستتزوجين وتبدئين حياة جديدة "
أجلسها على الأريكة وتركها تغلي ليلحق بزوجته .. فأشاحت العمة بيديها قائلة بمصمصة " كن دبلوماسيا يا حبيبي حتى تكسب الجميع .. طيلة عمرك تداهن لتستفيد "


اقتربت كارمن وفريدة منها وجلسا بجوارها مهنئين وقد شعرا بتوتر الأجواء .. فقامت فريدة بترتيب مقدمة الحجاب لرفيدة تقول " ما شاء الله تبدين جميلة أليس كذلك يا كارمن ."
ردت كارمن بصدق تشجع رفيدة التي لم تبدو سعيدة أبدا " اجل أعجبني الفستان أنا أحب اللون العاجي جدا وحين خلعت النظارة ظهر جمال عيناها "


تمتمت رفيدة " وضعت العدسات .. الحقيقة لا أرتاح فيها كثيرا .. على ما يبدو أنني شخصية تقليدية بعض الشيء وأرتاح مع النظارة أكثر "
تكلمت فريدة تساعد كارمن في اسعاد رفيدة " لو كان الحفل مقتصرا على النساء لكنت رقصت لك حتى الصباح "
كتمت كارمن ضحكتها وسألتها " هل تعرفين الرقص يا فريدة ؟ "
رفعت فريدة حاجبيها الجميلين وردت بفخر " طبعا .. وأنت؟ "


أشاحت كارمن بيدها بحرج وردت ضاحكة " لا أعرف الرقص البلدي أبدا "
حركت فريدة مقلتيها ناحية رفيدة وسألتها " وأنت ؟"
رفعت رفيدة حاجبا مستنكرا وقالت " نعم !!"
تمتمت فريدة متحسرة " مسكين د. مجدي لن يجد من يرقص له "
قرصتها رفيدة موبخة " اخرسي يا فريدة لا مكانتي ولا سني يسمح بمثل هذه الأشياء "
استدارت إليها فريدة وقالت هامسة باستنكار " وهل يتعارض الرقص مع المكانة الاجتماعية يا مسز روز "


اتسعت عينا كارمن هاتفة بهمس " فريدة ! "
بينما ضيقت رفيدة عينيها تقول " هذا اللقب الذي أطلقه عليّ يونس أليس كذلك ؟!"
ضغطت فريدة على شفتها تكتم ابتسامة ملحة بينما أكملت رفيدة شاردة " لا اقصد شيء بالنسبة للرقص .. لكن من الممكن القول بأنه إذا كان بينك وبين زوجك قصة حب ستقومين بكل الأشياء التي لا تتخيلين أنك قد تقومين بها من أجل اسعاده لأنك خفيفة معه.. تلقائية.. وعلى سجيتك "
لاح الحزن فجأة على وجه فريدة فأشاحت بوجهها تتمتم " معك كل الحق .. ومن غير الحبيب يستحق أن تبذلي كل شيء لإسعاده حتى ولو على حساب نفسك "
سرحت كارمن في عبارتها تحللها ..
"من غير الحبيب يستحق أن تبذلي كل شيء لإسعاده حتى ولو على حساب نفسك"
هل هذا يفسر ما يفعله معها ومن أجلها ؟
هل..
يحبها فارس ؟!!


××××


وقف الشيمي يسند ظهره للحائط على أول الطريق يدخن سيجارة ويطفئ رمادها في قلبه .
يعلم بأنها اليوم ترتدي خاتم الخطبة .. الآن في هذه الساعة تجلس مع رجل آخر تتبادل أطراف الحديث وتضحك سعيدة بخطبتها أخيرا .
لم يعرف لماذا لم تتزوج حتى هذا السن .. ربما من بعض المعلومات التي التقطها من هنا وهناك عنها خمن بأنها قضيت شبابها تعمل في إحدى دول الخليج ففاتها قطار الزواج ..
لكن لماذا قابلها الآن بالذات قبل أن تتزوج ؟
لماذا لم يقابلها بعدما تزوجت فيُقتل الأمل بداخله ؟


ولماذا يشعر بأن القادم أصعب وأكثر حُرقة ؟
وما المميز فيها عن بقية النساء ليتعلق بها بهذا الشكل الغريب دون أي مقدمات .. ودون أسباب منطقية خاصة؟
ماذا ستفعل يا شيمي في هذه المصيبة ؟
الألم شديد .. شديد وحارق
والرغبة في التحطيم وتكسير ما حوله تطارده .
والشيطان يهمز له بأفكار عنيفة مؤذية .


تقبض بقوة واستغفر ربه في وقفته على قارعة الطريق في هذا الوقت من الليل .
لمَ يقف هنا؟ .. ماذا ينتظر؟
ينتظرها؟!!
هل بعقله الصغير يتخيل أنها قد تنتهي من حفل الخطبة لتأتي في وقت متأخر لتبيت في الدار !.. بالطبع ستبيت ليلتها في بيتها تثرثر مع حبيبها في الهاتف وتأتي في الصباح.
إذن ماذا يفعل هو هنا ؟
هل يعذب نفسه بانتظارها ؟
تعقل يا شيمي فأمور الحب والغرام لا تليق بك فأنت لم تفعلها وأنت أصغر ستفعلها الآن !! .


مرت به سيارة يونس عائدا من الحفل والذي هتف متعجبا لرفيقتيه" أليس هذا الشيمي ؟..ماذا يفعل في هذا المكان وفي هذا الطقس البارد؟!!!"
أدارت فريدة رأسها لكارمن في المقعد الخلفي تتبادلان النظرات المتفاجئة ذات المعنى بينما أخرج يونس رأسه يصيح " ماذا تفعل عندك يا شيمي .. هل تعد السيارات المارة؟"
اعتدل الشيمي في وقفته ورد بهدوء "لا شيء أنتظر صديق "


صاح يونس مازحا وهو ينعطف داخل الشارع " فاتك يا شيمي حفل خطبة مسز روز على أستاذ أبو عنكبوت بحضور جميع أفراد شركة المرعبين "
ابتلع الشيمي طعما مرا كالعلقم في فمه ولم يرد بينما ضربت فريدة ابن عمها على كتفه بغيظ فصاح موبخا " قلت لك لا تلمسيني يا فريدة .. يدك تلسع كمضرب الذباب !"
قالت فريدة من بين أسنانها "ألن تكف عن غلاظتك أبدا .. ارحم الرجل "
نظر لها يونس ثم عاد ينظر للطريق أمامه قائلا بتعجب" لم أفهم !"
ردت بامتعاض" ولن تفهم .. ستظل دوما جاهلا في قراءة المشاعر يا يونس"
أشاحت بوجهها بعيدا عنه.. فنظر إليها متعجبا ثم نظر لكارمن في المرآة الامامية يهتف شاعرا بالظلم" ماذا فعلت أنا؟!!"


ترددت كارمن قليلا .. ثم أدارت وجهها تطالع الشيمي من نافذة السيارة الخلفية قبل أن تعود لتقول ليونس بأسف " نحن نخمن أن الشيمي يحمل مشاعر خاصة لرفيدة "
ركن يونس السيارة أمام الفيلا وهتف باندهاش" من؟؟ .. الشيمي؟!! .. ومسز روز !! ( ونظر في مرآة السيارة الجانبية ثم عاد يقول بغير تصديق ) هذه مفاجأة غير متوقعة ( وبدا على لهجته الندم ليضيف ) لم أكن أعرف"


ترجلت كارمن من السيارة بينما قالت فريدة قبل أن تتركه " هذا مجرد تخمين منا ( وسألته عاقدة حاجبيها ) هل أنت ذاهب لمكان ما ؟"
رد عليها ممتعضا "عندي موعد مع أصدقائي"
علقت باستنكار" الآن؟!"
رد عليها باستخفاف "كنت أود أن يكون قبل ذلك لكن هناك من عطلوني وجعلوني انتظر في المقهى في هذا البرد"


مطت شفتيها وغمغمت وهي تتأمل ملابسه " لهذا أنت متأنقا اليوم .. اعتقدته من أجل الحفل واندهشت حين لم تحضره .. (واتسعت ابتسامتها فجأة تقول بملامح طفولية ) هل تأخذني معك؟ ( ورمشت بعينيها عدة مرات ) "
تسارعت ضربات قلبه وهاجمه شذى عطرها في مقتل لكنه رمش بعينيه يقلدها وسألها " تأتي معي إلى أين؟"


رمشت مرة أخرى تقول ببراءة " عند أصحابك "
رمش هو الآخر قائلا " ذكرتيني بالفقيدة الغالية لوليا .. الإجابة لا "
اشتعل غضبها حين ذكر اسم لوليا فترجلت تقول من بين أسنانها " اذهب لغاليتك أو لغيرها كما تريد "
راقبها وهي تتجه نحو الدار فأخرج رأسه من النافذة يقول "إلى أين في هذه الساعة ؟!"
ردت وهي تخرج مفاتيحها وتفتح القفل الكبير بعد انتهاء وردية الحارسين" سأتفقد أولادي أولا "


غمغم وهو يشغل السيارة ويرجع للخلف " وهل أنت تركت مجالا في حياتي للوليا أو غيرها .. كلما حاولت الفرار محاولاتي تكلل بالفشل "
مر يونس على الشيمي الذي لا يزال واقفا فأوقف السيارة قائلا " ما رأيك سأذهب لجلسة أصحاب .. هل تأتي معي؟ "
تعجب الشيمي من عرضه لكنه تمتم بهدوء "شكرا يونس باشا فكما قلت لك أنا منتظر صديق "
قال يونس متعاطفا " ربما لن يأتي الصديق الليلة "
تمتم الشيمي " وربما يأتي "


أومأ يونس برأسه متفهما وتحرك بالسيارة ينظر لنفسه في مرآتها قائلا " وأنت أيها البائس متى ستتحرر من تعقيداتك ؟.. إلى متى ستظل عالقا غير قادر على التخلص من الماضي وغير قادر على المضي نحو المستقبل؟ .. إلى متى يا ابن سعد الدين ؟"
×××


قبل دقائق :


قطعت كارمن حديقة الفيلا وهي تنهي اتصالا سريعا بوالدها تطمئنه أنها قد وصلت وتوجهت لمكتب فارس .. بمجرد أن دخلت متسائلة ماذا يشغله ؟ .. فهو لم يتصل بها سوى مرة واحدة ليطمئن عليها بأنها وصلت الحفل واختفى بعدها حتى لم يتصل بها ليسألها متى ستعود كما اعتادت منه .
أتاها صوته من المكتب يقول بعصبية" أتركي الأمر يا ريتا ولا تتدخلي"
وقفت تستمع لعصبيته بينما هو يتحدث مع ريتا التي قالت " يا فارس أنت بهذا تتحداه علنا .. لقد أضررت ببضاعته وتسببت في أن يقبض على رجاله "


رد باقتضاب " هذا ما يستحقه .. لا مفر من المواجهة العلنية لم يعد أمامي سوى ذلك (وغمغم بحقد من بين اسنانه ) إما قاتل أو مقتول "
اقتحمت كارمن المكتب بقلق لتعرف مع من يتشاجر وبماذا يغمغم في الهاتف ..ووقفت متسمرة أمام ذلك الغضب الأسود على وجهه.. فتفاجأ فارس بدخولها .


صاحت ريتا على الطرف الآخر " أرجوك يا فارس دعنا لا نتحداه علنا بهذا الشكل .. ما نريده هو استدراجه للظهور لكن بهذه الطريقة كل ما سيفعله ( واختنق صوتها ) سيقضي عليك"


رد بجمود " نتحدث فيما بعد يا ريتا "
قالت بهلع " فارس ما فعلته لن يمر بخير "
قال بإصرار وهو يهرب من نظرات كارمن التي وقفت تحدق في ملامحه " قلت فيما بعد عليّ أن أذهب الأن .. سلام "
بمجرد أن أغلق الخط قال بصوت هادي "هل عدتم؟"
سألته باهتمام " ما بك ؟ تبدو غاضبا "
رد مراوغا "لا شيء ..مجرد مشاكل بالعمل"
سألته بضيق" هل كنت تتحدث مع شريكتك التي اخبرتني عنها؟"
أجاب باقتضاب وهو يجمع بعض الأوراق من على مكتبه ويضعها في الخزنة " أجل "
عادت لتسأله بإصرار " ولماذا كنت منفعلا معها بهذا الشكل؟"


استدار يقول متحفزا "لماذا تسألين؟"
ردت بتحدي " ولماذا لا تجيب؟"
تكلم بقلة صبر " كارمن من فضلك لا تتدخلي في عملي .. ولست مطالبا بتفسير ما يخص عملي لك"
شعرت بالغضب وتحول ذلك الشعور لرغبة في البكاء فقالت وهي تغادر " كما تريد .. ( وغمغمت بالإنجليزية ) تصبح على خير"
أغمض عينيه مناديا" كارمن!"


حين لم ترد ضرب على المكتب بعصبية فلم يكن ينقصه سوى أن تغضب هي منه.
لقد قام بخطوة خطرة لاستفزاز الشماع والاضرار بمصالحه عمدا .. ولا يعرف بالضبط كيف سيكون رد فعله .. لكنه لم يعد يحتمل الانتظار .. عليه أن يحسم هذا الأمر قاتلا أم مقتولا .


××××


في وقت متأخر من الليل تطلعت من نافذة سيارة الأجرة تشتم نفسها للمرة المائة على تهورها بمغادرة البيت في هذا الوقت المتأخر لتبيت في الدار .
لا تعرف ماذا أصابها لقد بدلت ملابسها بعد مغادرة الجميع ولم تقدر على المبيت في غرفتها .. بل طلبت سيارة أجرة خاصة .. لتغادر الشقة تاركة رسالة لعمر بأنها اضطرت للذهاب للدار لأمر هام .. رغم أنها تعرف بأنه قد نام ولن يرى رسالتها إلا في الصباح .


أمر هام!
ما هو الأمر الهام الذي جعلها تعود في وقت كهذا ؟!!.
تملكها الغيظ من نفسها شاعرة بالضيق من جنونها .


حين اقتربت السيارة اتسعت عيناها حين لمحته واقفا على رأس الشارع يدخن بصمت .. فتحولت ضربات قلبها لمطارق حادة عالية الصوت تطن في أذنيها وأدارت وجهها تتابعه وهو يعتدل ويلقي بسيجارته أرضا يدخل الشارع خلف سيارة الأجرة التي تركبها .
لقد عادت .
عادت في نفس اليوم.. وفي هذا الوقت المتأخر .. لتوضح له الرسالة لربما كان غبيا كقلبه ولم يستوعبها بعد .


عادت لتريه أنها خطبت بالفعل لرجل أكثر منه تعليما .
لقد عادت
ولقد انتظرها
رغم يأسه .. انتظرها
رغم جرح قلبه ..انتظرها
وها قد عادت.


بخطوات متثاقلة دخل الشيمي الشارع خلف السيارة وراقبها وهي تنقد السائق أجرته وتقف تبحث في حقيبتها على مفتاح البوابة .
تلكأت رفيدة أمام البوابة
تعترف بأنها تلكأت.


لكنها لم تعرف سبب تلك الحماقات التي باتت تصدر منها مؤخرا
اقترب بهدوء بعد أن ابتعدت السيارة وبدون أن يتكلم أخرج المفتاح من جيبه يتعامل مع البوابة فبادرته بالقول " مساء الخير يا شيمي"
رد بخفوت دون أن ينظر إليها" مساء النور يا أستاذة"


هل خلعت النظارة؟
إن عيناها بدونها مبهرتان كقمرين في ليل معتم .. وزينة وجهها الموضوعة بعناية رائعة .. أما ذلك العطر .....
تسارعت أنفاسٍ متألمة في صدره بينما سألته رفيدة" لمَ أنت ساهر حتى الآن؟"
رد وهو يفتح لها البوابة ويمنح لها مجالا لتدخل " انتظرت لربما تأتي "
سألته" لماذا؟"


اختلس النظر نحوها يرسم وجهها بعينه ثم رد" حتى أؤمن اغلاق البوابة جيدا بعد دخولك"
شعرت رفيدة بغباء اسئلتها فقالت بضيق " شكرا يا شيمي"
تحركت خطوتين لداخل حديقة الدار فقال الشيمي " أرجو في المرة القادمة ألا تتحركي وحدك في هذا الوقت المتأخر من الليل يا أستاذة"


ضيقها من نفسها وحرجها من ملاحظته جعلها ترد بلهجة حازمة دون أن تستدير إليه " لا تقلق فأنا أعرف ماذا أفعل بالضبط "
صمت متقبضا .. فأكملت وهي لا تزال توليه ظهرها " ألن تبارك لي لقد خطبت "
العبارة اخترقت قلبه كالسهم الحارق رغم سابق معرفته بالمعلومة فرد باقتضاب " مبارك لك يا أستاذة .. أتمنى لك السعادة "


وأغلق البوابة بحزم..
وقفت متسمرة والألم يعتصر قلبها تهمس " ماذا تفعلين يا رفيدة؟ .. ولمَ أنت تائهة .. متخبطة بهذا الشكل ؟ .. ومنذ متى وأنت بهذا اللسان الجارح ؟!!"
سمعت خطواته تبتعد فظلت على وقفتها في حديقة الفيلا تائهة بين الاتجاهات لبعض الوقت .. ثم سحبت نفسا عميقا تلملم به شتات نفسها وفكرها وتحركت تدخل الدار وهي تخرج هاتفها لتتصل بمجدي الذي جاءها صوته نائما " نعم رفيدة هل حدث شيء ؟"


فقالت بحرج "آسفة مجدي يبدو أنك قد نمت .. (وأكملت بارتباك تدلك جبهتها باحثة عن سبب منطقي لاتصالها في هذا الوقت المتأخر بعيدا عن تلك الأسباب الخزعبلية والتي لن يفهمها عن كونها تحتاج لدعم نفسي أو أنهما قد خطبا منذ بضع ساعات فقط فقالت ) كنت أطمئن .. لأنك لم تطمئني عليك وعلى الأولاد حين وصلتم .. هل يامن بخير ؟"
رد متثائبا" أجل بخير لا تقلقي .. اغتسل ونام على الفور.. وانشغلت أنا بوضع آخر اللمسات لبحث عليّ أن أسلمه غدا "


قالت وهي تصعد السلم حيث غرفتها " عن أي موضوع البحث أخبرني؟ "
قال ناعسا " الآن !.. فلنؤجلها للغد .. فلابد أن استيقظ مبكرا .. تصبحين على خير "
" وأنت من أهل الخير " قالتها بإحباط غير متأكدة إن كان قد سمعها أم لا حيث أغلق الخط بسرعة .


وقفت في منتصف السلم تائهة من جديد ونظرت لخاتم الخطبة في يدها اليمنى متسائلة " هل هذا ما انتظرت كثيرا لأرتديه؟؟؟
لم لا أشعر بذلك الإحساس الخرافي الذي كنت اتخيل أني سأشعر به؟؟.. هل الحصول على هذا الخاتم يجعلك ترمين نفسك يا رفيدة في علاقة خانقة كهذه؟؟؟
هل تسرعت !."


××××


مساء السبت :


دخل فارس على والدته في غرفتها يلقي تحية المساء من على الباب فقالت الحاجة " هل أنت بخير يا بني .. لمَ تأخرت اليوم ؟"
تمتم مجهدا " أنا بخير يا أمي كان لدي اجتماعا هاما "
جاء صوت يونس من خلفه عائدا هو الآخر " لقد عدت يا نفيسة اشتقت إليك ( وتحرك نحو غرفته وهو يصيح بصوت عالي ) جائع يا فريدة .. أخوك أخرني وحرمني من الطعام بسبب أعماله التي لا تنتهي "


تطلعت الحاجة في فارس ثم قالت " تزورني أحلاما تخصك هذه الأيام تقلقني يا فارس حفظك الله يا ولدي "
راوغ قائلا " أنا بخير يا حاجة .. هل اخبرتك أن جاءني خاطبا لفريدة؟ "
تفاجأت قائلة " حقا !"


قال وهو يزف إليها الخبر " شاب من عائلة كبيرة ويبدو متلهفا جدا .. حتى أنه ألح أن يأتي غدا ولا ينتظر لآخر الأسبوع ووالدته ستتصل بك "
أطرقت الحاجة برأسها لا تعرف هل تفرح لهذا الخبر أم تحزن ..كان شعورها مختلطا لترفع أنظارها تسأله" وأين رآها ؟"


رد فارس وهو يلمح كارمن تنزل تتبختر على السلم شاعرا بكل خطوة لها وكأنها تمشي فوق قلبه " يقول بأنه كان أحد الحاضرين لحفل زفافي .. لكني لا أذكره .. ومنعه السفر ومرض والدته من التقدم لخطبتها بسرعة (وغمغم وهو يغادر) سأتحدث أنا مع فريدة لتستعد "
أغلق باب غرفة والدته وتحرك نحوها ليقابلها .. فأشاحت بوجهها بعيدا عنه .


إنها لم تتحدث معه طيلة اليوم بعد أن تركته غاضبة ليلة أمس .. وحين صعد لغرفته أمس نادى عليها بخفوت فتصنعت النوم .. ليبدل ملابسه وينام مجهدا .
وفي الصباح وجدت تلك الرسالة بجانب سريرها كالعادة تحمل لها (صباح الخير ) فوق كوب الماء .. لكنها كانت لا تزال تشعر بالغضب والغيظ .. فلم ترد الصباح كعادتها على الواتساب ..
إن ريتا هذه لا تريحها ..


منذ أن تحدث عنها بنوع من الامتنان وهي تشعر بنوع من الغيظ تجاهها.. وحين سمعته أمس يتحدث معها وكأنها تعرف ما يضايقه بينما رفض أن يخبرها هي .. اغتاظت .. حتى أنها فكرت في أن تزوره اليوم في المصنع لأول مرة لربما قابلت هذه الـ ريتا .
شعورها هذا بالحنق والغيظ منه لازمه مشاعر أخرى ارتبطت بمراهقتها المتأخرة وهي تعترف لنفسها بأنها تغار عليه .. وهذا الشعور أيضا يغيظها من نفسها ..فأضحت ككتلة من الغيظ تتحرك طوال النهار .


تجاهلته فوقف أمامها يعترض طريقها متخصرا طرفي سترته للخلف فازدادت ضربات قلبها عنفا .


أما يونس فقابل فريدة في بهو الفيلا والتي بادرته بالقول بامتعاض" خضرة ستحضر لك الطعام "
تطلع فيها بنظرة خطرة يقول مهددا " يا بنت أنت تغرينني لكسر رقبتك "
رفعت حاجبا مستنكرا وردت بكبرياء " افعلها وأخي سيدق عنقك"


غير لهجته ليسألها بحنو معترفا لنفسه بأنه اشتاق إليها طوال النهار" كيف حال أولادك؟ "
ردت بعينين تتراقص فيها القلوب " إنهم رائعون ( وأكملت بحزن ) لكن براء مازال يعاند واليوم لحقته قبل أن يهرب "
رفع حاجبا وسألها بقلق " يهرب ؟.. وأين الحراس؟!! "


قالت تطمئنه "لم يسمحا له .. لا تقلق"
زفر قائلا "براء هذا يذكرني بنفسي وكيف أعاندها .. أنا أعرف بما يشعر جيدا"
ابتسمت تقول " إنه بالفعل يذكرني بك وأنت صغير "
فأطرق برأسه شاردا في ذكريات لا تترك أي فرصة إلا وتهاجمه.
على بعد أمتار كان فارس لا يزال على وقفته أمام كارمن فبادرها قائلا " لم تردي علي الصباح اليوم .. وحين اتصلت بك تكلمت معي باقتضاب "


مطت شفتيها وردت ساخرة " لم أرغب في أن أضيع وقتك لربما كانت ريتا بالانتظار "
ضيق عينيه وسألها " ما مشكلتك مع ريتا .. ماذا حدث لكل هذا ؟"
شمخت بأنفها وردت ببرود متعمد " ومن قال أن لدي مشكلة .. الأمر لا يهمني اطلاقا "
هل حقا تهتم؟


أم إن الأمر له علاقة بغيرة نسائية عادية من امرأة أخرى دون أي سبب يخصه هو بالتحديد؟
إنه كفارس لا يعرف كيف تفكر النساء ولم يهتم بهذا الأمر من قبل .
قال باستنكار " ما دمت لا تهتمين .. لمَ تلوين شفتيك؟.. لمَ أنت غاضبة كارمن هانم؟؟"
ردت ببرود " لا تسألني لمَ أنا غاضبة ؟.. لأني لن أجيبك مثلما فعلت معي ليلة أمس "
هتف موضحا " حين أكون غاضبا أتصرف بغباء .. قلت لك ذلك مرارا فتجنبيني حينها حتى أهدأ"


تكتفت واشاحت بوجهها وهي تقول بعند " وأنا حين أكون غاضبة لا أرد على الواتساب ولا أرغب في الحديث.. واحدة بواحدة فارس بك "
أغمض عينيه مشيحا بوجهه بعيدا يهرش في جبينه .
إنها شهية حتى وهي تعاند كالأطفال
شهية إلى حد حارق للأعصاب .


لقد مر أربعة أيام وكل تفاصيلها التي تكشفت أمامه لا تريد أن تغادر مخيلته للحظة .
عطرها يصحبه أينما يذهب..
وملمس بشرتها لا يزال يشعر به في يديه .. يعذبه ويكويه بنار الشوق .


الشوق الذي تضاعف وتضاعف منذ تلك الليلة وكأن هذه اللحظات قد فتحت عليه باب الجحيم ليتعذب .
التفت يقول بخفوت متحكما في رغبة ملحة في سحق شفتيها التي تلويهما في وجهه بشفتيه " وهل ستظلين تتجاهلينني بهذا الشكل كارمن هانم؟"


ردت تقلده " حين أكون غاضبة أتصرف بغباء قلت لك مرارا فتجنبني حتى أهدأ"
لاحت ابتسامة نادرة على وجهه .. لم تستطع كارمن رؤيتها.. لأن الكهرباء انقطعت فجأة في الفيلا.. فانتفضت تصرخ متفاجئة " فارس ! "


كانت بعدها تلتصق بصدره قابضة على ملابسه فأحاطها بذراعه يطمئنها وقلبه يتراقص فرحا بلجوئها العفوي له كلما شعرت بالخوف .. ثم قام بإشعال ضوء هاتفه .


على الضوء الخافت تطلع يونس في يد فريدة التي امسكت بذراعه بحركة عفوية عند انقطاع الكهرباء ولم يسمعا فارس الذي قال باندهاش" لم يحدث هذا الانقطاع من قبل"
بل التقى زوجان من العيون اللامعة لبرهة قبل أن تتدارك فريدة الأمر وتبعد يدها عن يونس بحرج .


تحرك فارس لينظر من النافذة فتشبثت كارمن بملابسه بجبن صامت ليطبق على كفها يحضنه بيده الخشنة قائلا بخفوت "هل أنت صغيرة لتخشي الظلام؟"
ثم اتصل بالشيمي ليسأله عما يحدث .. واتصلت هي لتطمئن على والدها.
أما فريدة فقالت لتداري حرجها" وأنا سأتصل برفيدة لأطمئن على الأولاد"


××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 01:06 PM   #136

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3


بعد قليل كانت رفيدة قد جمعت الأولاد والبنات في غرفة نوم واحدة بعد أن طمأنتهم بسبب انقطاع الكهرباء .. ووقفت تتدثر بوشاحها الثقيل فوق بنطال وكنزة في إحدى غرف النوم معهم بينما الشيمي يوصل أسلاك شاشة التلفاز .



سألته بفضول " أنا لا أفهم .. أليس لدينا محولا للكهرباء للطوارئ من المفروض أن يعمل بمجرد انقطاعها ؟ لماذا اقتصدت في تشغيله وجعلتنا نجمع الأطفال في غرفة واحدة فقط هي المضاءة؟"



توقفت يداه عن العمل لثانية .. ثم أجاب دون أن يرفع وجهه نحوها " لأن هناك عطلا كبيرا في محطة الطاقة الرئيسية في المدينة كلها .. ولم يخبروني بعد بالوقت الذي سيحتاجونه للإصلاح .. وإن كان سيستمر الوضع طوال الليل أم أكثر من ذلك .. لذا علينا توفير الطاقة هنا وفي الفيلا للأهم فالمهم "

قالت شذى إحدى الفتيات الصغيرات بقلق" هل ستبيتين معنا ماما رفيدة ؟"

ردت رفيدة بلهجة مطمئنة " بالطبع أنا معكم .. ودادة حياة كذلك"

تكلمت المربية حياة وهي تطعم إحدى الرضيعتين من قنينة الأطفال "أجل أنا معكم"



قال حسام أحد الصبية "وشمشون أيضا سيبقى معنا؟"

تجمد الشيمي فجأة بينما اتسعت عينا رفيدة واستدارت للصبي تسأله باندهاش " اسمه الشيمي لماذا تدعوه بشمشون؟؟"



ابتسم حسام بينما اندفع إياد يرد نيابة عن صاحبه "أنتِ من أطلقت عليه هذا الاسم ماما رفيدة "



استدار الشيمي يراقب ردة فعلها فارتبكت رفيدة وتنحنحت تسأل الصبي "أنا؟"

تكلم حسام مؤكدا " أجل .. أخطأتِ أكثر من مرة وناديتيه (وغير صوته يقلدها ) يا شمشون أقصد يا شيمي .. فأعجبنا الاسم وقررنا أن نطلقه عليه"

وبدأ يهتف هو وصاحبه" شمشون .. شمشون"

فقلدهما باقي الأولاد في الهتاف .. ليستدير إليهم الشيمي يطالعهم بابتسامة طفولية سعيدة .. بينما فركت رفيدة جبينها بحرج واشاحت بوجهها لثانية والشيمي يسترق النظرات نحوها قبل أن تستجمع رباطة جأشها وتستدير لهم مرتدية القناع الحازم ترفع يدها قائلا " سكوووت فلنهدأ"



عاد لشيمي لعمله قائلا بعد دقائق " كل شيء أصبح جاهزا"



حاولت أن تسيطر على ذلك الشعور بالارتباك ورفرفة القلب التي تعانيها فقالت بجفاء "شكرا يا شيمي تستطيع الذهاب الآن"

استدار ينظر إليها بنصف استدارة .. ثم عاد لعمله يقول بصوت خافت لكنه مسموع لها " سأذهب حين أرغب في الذهاب .. فلست موجودا في غرفتك الخاصة لتأمريني بالانصراف .. وإن كان لديك أي شكوى تخص وجودي في أي مكان في الدار سوى غرفتك الخاصة فعليك إبلاغ فارس باشا ( واستدار للأطفال يقول بمرح ) التلفاز جاهز بعد أن استطعنا اقناع ماما رفيدة أن تسمح بتركيب التلفاز في غرفة النوم كاستثناء لهذا اليوم فقط حتى تعود الكهرباء (ونظر لبراء الذي يجلس بجانب أحد الأسرة على الأرض يتجاهلهم وأكمل ) كل البنات على الأسرة ناحية اليمين والأربع شباب الصغار على السريرين هنا في المقدمة "

تحرك الجميع وبرطمت إحدى الفتيات التي اضطرت لترك سريرها لتنضم مع رفيقتها بينما ظل براء مكانه متجاهلا..

فكرر الشيمي كلامه" لا أريد أن يبقى أحد جالسا على الأرض وإلا شمشون سيتصرف"



سألته هنا الصغيرة بفضول " ماذا ستفعل به؟ "

أسند قبضتيه على خصره وقال بحاجب مرفوع "سأعاقبه"

همت رفيدة بالتدخل معترضة لكن حسام كان الأسرع بالسؤال "وكيف ستعاقبه؟"



اتسعت ابتسامة شريرة للشيمي وهتف بلهجة متسلية " سيعاقب بالدغدغة .. وانتم لا تعرفون دغدغة الشيمي"



رفعت فرح الصغيرة ذات الأربع سنوات أصبعها تقول ببراءة" أنا جربتها"

حدجها الشيمي بنظرة شريرة مازحا فقهقهت الصغيرة لا إراديا.



لاح التردد على وجه براء ليقول الشيمي مختلسا النظرات نحوه "آخر نداء .. بعدها سأتحول لوحش الدغدغة "



بعد ثوان من التردد تحرك براء ببطء دون أن يرفع نظراته إليه ليستقيم ويجلس على السرير بجوار سيف أصغر الصبية الذي يمص ابهامه ناعسا .. بعدها افترش الشيمي الأرض قائلا " هل علمتم الآن لماذا لا أريدكم إلا فوق الأسِرّة ؟ .. لأن وحش الدغدغة يحب افتراش الأرض .. من ستتدلى قدمه من السرير سيتعرض لدغدغتي.. ومن سأجد قدمه ليست تحت الغطاء سيتعرض لدغدغتي أيضا ."



أسرع الأطفال الذين كتموا الضحكات برفع أقدامهم فوق الاسِرّة وإخفائها تحت الاغطية .. حتى براء راقبته رفيدة وهو يدس قدميه تحت الغطاء ببطء دون أن ينظر نحوهم فابتسمت وهي تراقب الشيمي جالسا على الأرض متكتفا يمد ساقيه أمامه ويشاهد معهم أفلام توم وجيري .. فتسرب إليها بعضا من الدفء الذي يشعه وجوده في المكان .



××××

في نفس الوقت كان يونس وفريدة يتشاجران على نوع الفيلم الذي سيشغلونه للسهر بعد أن اقتصر تشغيل اضاءة المكان على غرفة المعيشة فقط بمولد الطاقة الإضافي .. فجلست فريدة على الأريكة مصرة على اختيار فيلم لعادل امام بينما يونس كان معترضا ..

قالت فريدة بعناد " سنتفرج على عادل إمام وبعدها نشاهد ما تريد "



مط يونس شفتيه مستسلما وافترش الأرض مستندا بظهره على الأريكة بينما جلست كارمن على أريكة أخرى تشاهد معهما فيلم (الإرهاب والكباب ) ..

بعد قليل اقترب فارس بعد أن أجرى مكالمة من مكالماته التي لا تنتهي فصاح يونس مهللا " الكبير شخصيا عندنا في غرفة المعيشة .. نحن نشكر الظروف وانقطاع الكهرباء التي جعلتنا نراك جالسا بيننا "

حدجه فارس بنظرة خطرة أن يخرس ...وجلس في صمت بجوار كارمن ملتصقا بها .. فدبت الحرارة في جسدها خاصة حين فرد ذراعه على ظهر الأريكة خلف رأسها يضع ساقا فوق الأخرى ..

خانتها مقلتيها تسترقان النظرات نحو تفاصيل جسده ووجاهة جلسته غير قادرة على التخيل أبدا أن صاحبها كان يعمل ذات يوم بالأجرة في تركيب الرخام ! .. حاولت تخيله أصغر عمرا بنفس عبوس وجهه وجديته وزرقة عينيه ..ثم اختلست نظرات أخرى لأصابعه الخشنة وخاتم زواجهما الفضي الذي يرتديه فعقدت حاجبيها تتساءل هل كتب على خاتمي الزواج أسميهما؟

فهي لم تهتم بهذا الأمر من قبل .



مال فارس يهمس بجوار رأسها بأنفاس دافئة اختلطت برائحة عطره " ماذا تتفحصين فيّ بالضبط؟ "

أشاحت بوجهها نحو الفيلم بوجنتين مشتعلتين .. فتحركت زاوية فمه بابتسامة وليدة ليعود ويميل بجوار رأسها هامسا" ألازلتِ في حالة الغضب تلك ولن تجيبي؟"

أدارت وجهها ترفع إليه نظراتها قائلة بمناكفة باتت تحبها " دعني آخذ وقتي من فضلك ولا تتدخل في غضبي "



صمت يتأملها بقلب مشتاق يرفرف بقربها .. شاكرا لله أن نظرة الرعب القديمة اختفت واحتلتها هذه النظرة المشاكسة التي يعشقها كما يعشق صاحبتها .



في الفيلم بدأ مشهد لعادل إمام وزوجته ماجدة زكي في غرفة النوم وهو يحاول إقناعها لإقامة علاقة حميمية فأسرعت فريدة بوجه مشتعل تتخطى المشهد بينما هرش يونس في رأسه مختلسا النظرات نحوها يغمغم بكلام غير مفهوم .. أما كارمن فلم تدري لماذا استدارت تنظر لفارس وكأنها شعرت بأنها تشبه تلك البطلة في هذا المشهد .. فقابلتها نظراته يرفع حاجبا وكأنه يفكر فيما تفكر فيه فقالت مهاجمة " ماذا ؟! "

أجابها ببراءة مصطنعة " ماذا حدث ؟"

سألته بحنق " لمَ تنظر لي ؟"



رد مشاكسا " أنا لا انظر لك كارمن هانم أنا أشاهد الفيلم"



أولته ظهرها متكتفة وأكملت مشاهدة .. فوقف الممثل العجوز في وسط الحافلة في الفيلم يوبخ الركاب ويتهمهم بالاستكانة والخنوع وقبل أن يغادر الحافلة قصفهم قائلا " ابقوا كما أنتم .. ربوا أولادكم .. وتمتعوا بليلة الخميس .. واذهبوا للصلاة يوم الجمعة "

اندفعت كارمن تقول " دوما أقف عند هذه الجملة .. فكل جملة ومشهد في هذا الفيلم له دلالة ما .. لكني لم أفهم معنى أن يتمتعوا ليلة الخميس بالذات .. لم أفهم ماذا يقصد ولماذ...."

قطعت كلامها حين استدار إليها يونس رافعا حاجبا متفاجئا بينما كتمت فريدة ضحكتها تشيح بوجهه عنهم .. أما فارس فهمس باستنكار " كارمن !"

ارتبكت شاعرة بأنها قد سألت كالعادة سؤالا ليس في محله فنظرت لفارس بتساؤل لتجده يزم شفتيه بانزعاج بينما جاء صوت يونس قائلا بتهكم " يا كبير بدأت أشك في سيطرتك على الأمور !!"

هدر فارس موبخا " يونس! .. اخرس "



فاستدار يبرطم " يونس يونس يونس .. ما ذنبي أنا .. هل أنا من سألت ؟!!!.. (ووضع يده على فمه بعد أن قال ) خرسنا "

ليوجه فارس كلامه لفريدة قائلا بغضب " بدلي هذا الفيلم يا فريدة"

هتف يونس بانتصار رافعا ذراعيه وهجم على الحاسوب المحمول ليختار فيلم كارتون بعنوان ( كيف تروض تِنّينك ) فمطت فريدة شفتيها بغير رضا .



ظلت كارمن مخروسة تحاول أن تعيد ما قالته في رأسها مرة أخرى لتفهم معنى يستحق رد الفعل هذا .. وتبادلت النظرات مع فريدة الجالسة هناك على الأريكة فكتمت الأخرى الضحك لتشعر كارمن بالغباء والغيظ.



قال فارس بلهجة حازمة " كارمن تعالي أريد أن أتحدث معك "

واستقام يسبقها متجها نحو المكتب فتحركت خلفه شاعرة بالحنق ..

قابلتهما الحاجة نفيسة في طريقها لغرفة المعيشة تتبعها خضرة وشهد .. لتهتف الأولى متسائلة " إلى أين يا فارس؟"

قال فارس باقتضاب " دقائق يا أمي وسنعود "

في غرفة المكتب أشعل فارس كشافا يعمل بالبطارية ووقف أمامها متخصرا في ملابسه البيتية الرياضية .. فرفعت إليه أنظار طفلة تشعر بالحرج متمتمة" يبدو أني سألت سؤالا محرجا "

عقد فارس حاجبيه يقول بغيظ " كم عمرك يا كارمن ؟"



لوت عنقها تغمغم" قل يا فارس ماذا حدث بدون توبيخ"



هتف موضحا "الرجل يقول تمتعوا في ليلة الخميس أظن معنى المتعة مفهوما"

اشتعلت وجنتيها وقد بدأت تخمن المقصود لكنها ردت مجادلة "لا.. ليس مفهوما فأنواع المتعة كثيرة "



ضيق عينيه مجيبا من بين أسنانه "يقصد العلاقة الزوجية يا كارمن"



أحست بارتفاع درجة الحرارة في الغرفة فدافعت عن نفسها قائلة باستنكار" وما علاقة هذا الشيء بيوم الخميس بالذات؟!!.. وكيف لي أن أعرف ماذا يقصد؟؟.... قلت لك لم أفهم معنى الجملة ابدا "



أشاح بوجهه يهرش في جبينه يائسا .. فالخوض في هذا الموضوع معها يزيد من اشتعاله .. ثم عاد ينظر إليها قائلا " كارمن .. الطبقة الكادحة من الناس لا تجد وقتا للمتعة .. حتى متعة العلاقة الزوجية محرومون منها .. فالرجل يعمل غالبا في وظيفتين ليكفي التزاماته ويعود بيته منهكا .. والمرأة تشقى في تربية أولادها تجري هنا وهناك .. لهذا غالبيتهم يخصص مساء يوم الخميس للعلاقة الزوجية"



تحولت وجنتيها لحبتي طماطم فشبكت أصابعها خلف ظهرها وسألته مجادلة " ولماذا الخميس بالذات .. وليس الجمعة أو أي يوم آخر ؟ "

رد بهدوء وهو يتأمل وقفتها محاولا بذل كل ما يملك من سيطرة على نفسه حتى لا ينقض عليها كذئب جائع " لأن الجمعة يوم عطلة فتختصر أحلامهم في المتعة في هذا اليوم حتى يحلو السهر "

زمت شفتيها تحرك مقلتيها يمينا ويسارا ولم تجد تعقيبا مناسبا فأومأت برأسها بصمت.



وقف يتأملها مليا ..

فهذا ما هو مسموح له فقط.

أن يرسم تفاصيل ومنحنيات جسدها وبروزه بعينيه

ورغم أن رؤية الحبيب تبهج الروح .. لكنها لا تشبع الاحتياج .. لا تطفئ الشوق.. ولا تروي الظمأ .



لقد تعمد طيلة الأيام الماضية أن يترك لها الفرصة لتنسى تلك الليلة .. داعيا ربه ألا تترك أثرا في نفسها ..



لكنه خائف ..

أجل خائف من نفسه .. خائف من أن يفقد السيطرة في لحظة .

فبعد تلك الليلة معها لم يعد قادرا على أن يقبض على رغباته كالسابق .. فبات مرتعبا من أن تنفلت أعصابه بضغط من مشاعره المتأججة فيؤذيها.. أو يستجديها للوصال ..



يخشى من ذلك الشوق الذي يعذبه أن يدفعه في لحظة ضعف للتوسل ساحقا كرامته أمامها .. كرامته التي لم تشفى بعد من طعنة تلك الليلة وهو يتقبل منها الفتات متلهفا..

لم ينسى جملتها ..

ولم ينسى واجبها الثقيل نحوه ..



ولم يعد يعرف كيف يحل تلك المعضلة التي استفحلت أمامه ..

فهو ممزق بينها وبين كرامته وقلبه وشوقه إليها .

تكلم مندفعا " كارمن .. اتفقنا على الحديث بشأن تلك الليلة لكني آثرت أن أتركك لتتخطي الأمر أولا .."



أومأت برأسها بحرج..

كانت تعلم بأن هذا الحديث آت بينهما لا محالة.



أكمل فارس " يحزنني أن هذا الشيء هو عبئا ثقيلا عليك .. عبء لدرجة تجعلك تطلبين الخلاص منه لترفعي عن كاهلك الذنب لا أكثر .. رغم أني أخبرتك أن هذا الأمر لا أريده واجبا أريده منحة .. كهدية .. والهدية لا تهدى إلا عن طيب خاطر"

برغم علمه بصعوبة تنفيذه لما يقول لكنه كان صادقا في رغبته في أن يحررها من واجبها الاجباري تجاهه .



تكلمت كارمن يخنقها الإحساس بالذنب " أعترف أني مقصرة .. لكني لا أعرف كيف أعبر ذلك الحاجز الذي يقف بيني وبين هذا الشيء .. ( ورفعت إليه عينيها الواسعتين ليغرق فيهما مستغيثا دون مجيب وأكملت بصوت باك ) ألا يمكن أن تقبله مني لفترة كواجب ربما ساعدني ذلك لأن أتخطاه .. حررني من الشعور بالذنب يا فارس حتى استطيع أن أراه مجردا بدون ذلك الشعور الخانق الملزم .. قل لي متى تريده وماذا أفعل وسأفعل .. أنا ( وصمتت تحرك ناظريها حولها وكأنها تبحث عن معنى مفقود ) أنا لا أملك أحدا ينقل لي خبرة في هذا الأمر أو ينصحني ماذا أفعل لأتخطى ذلك الحاجز"

قال بلهجة متألمة " واجب مرة أخرى يا كارمن !"

تكلمت برجاء "حررني من الشعور بالذنب الذي يثقل كاهلي "

اقترب منها هامسا "حرريني أنت أولا من الخوف من أن أثقل عليك .. بما أريده منك"

تطلعت في عينيه الزرقاوين لثوان لتستوعب ما تفوه به ثم اتسعت ابتسامة تزين وجهها الجميل المرفوع أمامه فتقبض بقوة يمنع وحوشا جائعة همجية تريد أن تفسد لحظة غير مسبوقة كهذه وتنقض عليها .. فالأميرة اختصته بابتسامة صافية.



القطة أقبلت نحوه بفضول وعليه أن يبقى ساكنا متحكما في انفعالاته حتى لا تنكمش وتفر من جديد ..

قالت كارمن " أخبرتك بما أشعر بصدق حتى نحدد المشكلة ونبحث عن الحلول ".



لحظتها وضحت الرؤية أمامه وضوحا زاد من ألمه.

هو يتمناها بضغط من مشاعره وهي تتحرك بضغط من الواجب.. هذه هي الحقيقة المجردة التي عليه أن يعترف بها شاء أم أبى .



استحضر موهبة التاجر بداخله وقال " ما رأيك أن أعقد معك اتفاقا قد يساعدنا على إيجاد حلا لهذا الأمر "

طالعته بحماس فأكمل " ما رأيك أن نفعل كما يفعل الكادحون الذين يتحدث عنهم الفيلم ؟"

عقدت حاجبيها الجميلين تحاول الاستيعاب فأوضح " أن نحدد يوما في الأسبوع لذلك الشيء "



راقب عيناها وهي تتسع أمامه متفاجئة.. فقال يشرح لها الفكرة " أنا لا تعجبني أبدا فكرة أن نلتقي في هذا الشيء وأنت مجبرة به كواجب .. هذا يجرح كرامتي وكبريائي ويحبطني كرجل .. ومن ناحية أخرى أنا كرجل لي رغبات تفرض نفسها عليّ شئت أم أبيت ( ومنعه كبرياؤه من أن يقول أنه يخشى أن تسحق هذه الرغبات والمشاعر نحوها كرامته حين تلح وتلح عليه فيصل للحظة التي يخشاها.. لحظة التوسل والاستجداء .. فأكمل موضحا بلهجة حاول أن تكون عملية ) وأنت يا كارمن الشعور بالذنب يثقل كاهلك وفي نفس الوقت هذا الأمر واجبا سخيفا عليك .. فهذه الفكرة ستكون مناسبة لكلينا .. أنا سأضحي من جانبي واختصر احتياجاتي ليوم واحد في الأسبوع .. وسأقلل من عدد المرات التي سأواجه احباطي كرجل فيها من قيامك بواجب مفروضا عليك تجاهي .. وأنت ستتحررين من عقد الذنب بالتقصير من ناحيتي ولن اشق عليك بالواجب السخيف إلا في يوم واحد ما رأيك؟ "

التماع عيناها تزامن مع اشتعال وجنتيها وهي تومئ له برأسها موافقة بصمت فهمّ أن يقول متوسلا " فلنبدأ الليلة.. في هذه اللحظة "

لكنها اندفعت تقترح بحماس وهي تداري فمها بقبضتها " الخميس !.."



للحظة تشوشت الرؤية أمامه وكاد أن ينفجر صارخا في وجهها " ولماذا ليس السبت !.. ما به السبت ؟!!.. يوم لطيف جدا السبت" لكنه همهم قائلا وقد هبطت كل آماله ترتطم باقتراحها " ها ؟؟"



قالت موضحة تُلَوِن وجنتيها حمرة الخجل " سنكون مثل الفيلم يوم الخميس .. ( واطرقت برأسها تكمل بحرج) وهذا سيمنحني فرصة لأن أستعد نفسيا .. "



هل الأمر شاق إلى هذه الدرجة عليها؟!.

فكر متألما بينما أوضحت كارمن وقد شعرت بأن صراحتها قد لا تكون لها وقعا لطيفا " هناك تصنيف لأنماط الشخصيات يدعى mbti حين قرأت عن شخصيتي علمت بأني أفضل الأمور المخطط لها .. فهذا يشعرني بالراحة أكثر "



عقد حاجبيه يحاول التعامل مع احباطه ويلجم رغبة في اقتراح يوم أقرب لكن كرامته تحكمت في ألا يظهر أمامها يائسا لهذه الدرجة فقال مستسلما" لا بأس فلننتظر للخميس"



قالت شاعرة ببعض الراحة وكأن هما ثقيلا قد رفع من فوق كاهلها ..لا هي كانت قادرة على تنفيذه ولا على التوقف عن الشعور بالذنب تجاهه " اتفقنا إذا .. هل تريد مني شيئا آخر؟ "



صمت قليلا يتأملها ثم قال بإحباط " لا ..تفضلي وارسلي لي فريدة من فضلك أريد أن أتحدث معها "



اسرعت بالهرب من أمامه .. ثم وقفت تنظم أنفاسها بمجرد أن خرجت من المكتب ..



يا إلهي ما هذا الموضوع المحرج الذي ناقشوه للتو ..

حركت يديها أمام وجهها المشتعل تمنحه بعضا من الهواء البارد بينما وقف فارس في المكتب يقاوم رغبة لضرب رأسه في الحائط.



لماذا الخميس؟؟

لماذا الخميس بالذات؟؟

لماذا لم يكن السبت .. اليوم .. الآن!!! .



جز على أسنانه بغيظ وهمس في سره "هل سأنتظر خمسة أيام أخرى !! .. من أين سآتي بأعصاب لكل هذا الانتظار؟؟ ( وبدأ في توبيخ نفسه ) أنت أيضا يا فارس كان عليك الإسراع بالمبادرة قبل أن تتفوه بالخميس البعيد .. ( ثم سحب نفسا عميقا وغمغم) تماسك يا فارس لم يبقى سوى خمسة أيام .. سيمرون .. سيمرون بسرعة إن شاء الله"



"أبيه!"

قالتها فريدة من خلفه فأجفل واستدار لها يقول متنحنحا "ماذا هناك يا فريدة؟"

تطلعت فيه متفحصة ثم أجابت "كارمن أخبرتني أنك تريدني"

صمت لثانية ليتذكر فيم كان يريدها ثم قال " أجل أريد أن أخبرك بأن لدينا ضيوفا سيزوروننا غدا "



توقف قلبها عن الخفقان ورددت "ضيوف !"

أكمل وقد لاحظ شحوب وجهها " فريدة .. أرجوك لا تفعلي ذلك"



بلعت ريقها تطالعه ففرد ذراعه على كتفيها قائلا بهدوء "تأكدي أني لن أفرض عليك أي شخص أبدا .. لكن في المقابل عليك ألا ترفضي مقابلة أي خاطب سيطلب زيارتنا .. ( وأضاف بلهجة ذات مغزى ) مقابلة أناس أسوياء طبيعيين وليسوا مخابيل يخاوون الجن "

أطرقت برأسها .. فأدخل خصلة فرت من حجابها وقال يربت على رأسها" أريد أن أطمئن عليك يا فريدة .. وكما قلت لك لن أفرض عليك أي شخص لا تريدينه "

رفعت إليه رأسها ترسم ابتسامة مزيفة وقالت" حسنا يا أبيه كما تريد"

قال براحة" هذا ما أريده منك ( وحرك رأسه يضيف ) هيا لنلحق بهم في الخارج "

تحركت معه مستسلمة تجامله بابتسامة مزيفة مدارية رغبة في البكاء بعد أن أدركت بأن اللحظة التي تخشاها قد حانت .



في غرفة المعيشة قال يونس لكارمن معلقا على فيلم الكارتون الذي أمامه " وأنا صغير كانت أمنيتي أن أربي تنانين واروضها ليكونوا تحت إمرتي "



قهقهت كارمن فتدخلت خضرة التي تفترش الأرض بجوار مقعد الحاجة تقول "كيف ستربيها؟ .. إنها كما أرى ( ونظرت للشاشة أمامها ) كبيرة الحجم وشرسة تحتاج لمكان كبير "

رفع يونس حاجبا متسليا ورد يجاريها " لا تقلقي يا خضرة كل شيء محسوب .. سأشتري زوجا من التنانين وينجبون لنا تنانين كثيرة صغيرة .. وسأجعلك أنت المسئولة عنها"

حدقت في الشاشة برعب وقالت " لا لا .. يا يونس شكلها مخيف وهذه التي تطير كيف سأتصرف معها "

زمت كارمن شفتيها بقوة حتى لا تضحك بينما اكتفت الحاجة بالابتسام دون أن تشاركه في المقلب فذهنها كان مشغولا بضيوف الغد .. فتدخلت شهد تقول متهكمة" تستطيعين قصقصة جناحيها يا أمي حتى لا تطير منك"

اتسعت عينا خضرة تدقق في التنانين على الشاشة وسألت بسذاجة " وكيف سأقص أجنحتها إنها كبيرة جدا"



رد يونس وهو يراقب انفعالاتها متسليا " بمقص الشجر .. تستطيعين قص جناحيها بمقص الشجر الكبير "



عقدت خضرة حاجبيها ثم أمسكت قلبها تقول برعب" لا لا يا يونس أرجوك اعفيني من هذا الأمر"



صرخت شهد بغيظ في أمها " أمي !! أنه يمزح وأنت صدقت"

تطلعت خضرة في الوجوه فانفجر يونس مقهقها حتى دمعت عيناه بينما وضحت شهد " لا توجد تنانين حقيقية يا أمي إنها كائنات خرافية "

تكلمت كارمن بلهجة عاتبة رغم ضحكها " يونس حقا أنت فظ وغليظ "

خرج فارس يسأل " علام تضحكون؟"



هم يونس بالشرح متسليا لكنه لمح وجه فريدة الشاحب فانقبض قلبه بينما تولت كارمن شرح ما حدث لفارس.

غطت خضرة وجهها بطرف حجابها تضحك على نفسها بحرج فقال فارس " يونس أريدك"

وتحرك مبتعدا.



استقام تعلو ملامحه الجدية والنظرات المتسائلة وهو يمر بفريدة التي اشاحت بناظريها عنه .. ليلحق بفارس الذي بادره بالقول بمجرد أن دخل من باب المكتب " اسمع يا يونس .. غدا سيأتينا ضيوف بشأن فريدة .. هذه المرة لا أريد مقالب ولا فرقة السيرك القومي.. أرجوك يا يونس ساعدني حتى نشجعها لتقابل الخاطبين فلن تجلس في حوزتنا طوال العمر .. علينا أن نطمئن عليها في بيتها.. صدقني سأرتاح وسيُرفع عبئا من فوق أكتافي اذا ما استقرت فريدة في بيت رجل نأتمنه عليها .. لذا أنا أطلب مساعدتك"

غمغم يونس بصوت مبحوح "مساعدتي !"

قال فارس بجدية " لا تخضع لتوسلاتها لإفساد الأمر .."

قال يونس بحشرجة " لكنها لا تريد أن تتزوج "



اسرع فارس بالرد "وأنا لن أجبرها على أحد .. وفي المقابل عليها أن تقابل الخاطبين مثل باقي البنات.. هل تفهمني؟"

أومأ برأسه يقول بوجه شاحب كالأموات "فهمتك .. فهمتك .. (وأطرق برأسه يهمس لنفسه ) ربما هذا هو الحل البسيط لاتقاء حدوث أمور أعقد "



ضرب فارس على كتفه يوقظه من شروده هاتفا بحماس " هذا ما كنت انتظره منك .. وكنت أعلم أنك لن تخذلني"

رفع يونس إليه مقلتين شاردتين وغمغم" لا تقلق يا أخي لن أخذلك .. لن أخذلك أبدا"

××××





يتبع











Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 01:07 PM   #137

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4



في الدار استقام الشيمي يترك مكانه واقفا وقال لبعض الأطفال الذين لا يزالوا مستيقظين "سأذهب لأنام من الواضح أن قطع الكهرباء سيطول"
سألت هَنا "وهل ستتركنا وحدنا؟"


رد الشيمي وهو يتحرك " معكم الست حياة ومعكم ( ونظر لرفيدة التي نامت وهي جالسة في مقعدها متكتفة بوشاحها وأكمل ) ومعكم الأستاذة ( وتوجه للمربية حياة يقول مناولا إياها غطاء) غطي الاستاذة يا ست حياة من فضلك "


واخفض نظره يمر من أمامها متمنيا لو استطاع أن يحملها كطفلة فوق ذراعيه .. ويضعها في فراشها .. يدثرها بالأغطية أو
بقلبه.
××××


مساء الأحد


تطلعت في مرآتها تحاول رسم الابتسامة .. تحاول ارتداء ذلك القناع الذي تخبئ به كل شيء عن الجميع..
قناع المرح ..
لكنه يأبى أن يبقى على وجهها أكثر من ثوان ليظهر الألم على ملامحها من جديد .
عليها أن تخفي مشاعرها للأبد .. وان كان هذا العريس لا بأس به ستوافق عليه .. ستفعل كل ما يرضي أمها نفيسة .. ستفعل كل ما يسعدها .. فهي تعلم أن ذلك اليوم كان سيأتي لا محالة.. اليوم الذي ستضطر لأن تتزوج شخصا آخر غيره .


وبرغم من معرفتها لتلك الحقيقة ..
وبرغم من محاولتها أن تكتم كل شيء في قلبها ..
لكن المعرفة تختلف تماما عن التنفيذ ..
وها قد حانت ساعة التنفيذ يا فريدة وعليك أن تتعاملي معها بكل شجاعة .


ارتدت حجابها ونظرت نظرة أخيرة في المرآة لتتأكد من أن مظهرها مشرفا لأمها نفيسة وأخيها ..وهمت بالخروج للضيوف.. لكنها تسمرت عند الباب ووقفت تضربه بجبهتها برفق مترددة .. قبل أن تعود وتفتح الخزانة وتتناول منها صندوق مجوهراتها ..واتجهت لحقيبتها تخرج منها مفتاح الصندوق .


حين فتحته أخرجت منه صورة كبيرة تحتوي على صورة حديثة لوجه يونس وعدة صور صغيرة له حولها في مراحل مختلفة من عمره ..
صورة صممتها وطبعتها بنفسها .. فكانت رفيقتها حين يستبد بها الشوق إليه في فترة سفره .


فترة سفره التي كانت الأصعب في حياتها .. والتي حاولت فيها أن تنساه .. أن تعتاد على عدم وجوده .. أن تدرب نفسها على ابتعادها عنه ..
لكن كل محاولتها باءت بالفشل .. حتى عاد أخيرا .. ورأته أخيرا
.. روت عطشها لرؤية محياه الوسيم .. وعيناه التي تقتلها بسهام لَحْظِه التي تريق دمها..
تذكرت لحظة اللقاء .. لحظة أن دخل من باب الفيلا عائدا من الخارج .. يهلل ويصيح فيملأ صوته المكان من جديد .. المكان الذي أصبح موحشا برحيله .. مقفرا بعدم وجوده ..
وبالرغم من أنها اقنعت نفسها بالاكتفاء بصوته عبر الهاتف .. لكن حين عاد إلى البيت دبت فيها الروح من جديد .. أحبته أكثر من ذي قبل ..
وكأن قلبها العصي يعاندها ..
يتعمد شقائها ..



فحمدت ربها أن أول ما وقعت عيناها عليه كان في حضور الأخرين .. والا لضعفت وجرت عليه تحضنه وتمطره بالقبلات .


تلمست وجهه في الصورة وغمغمت " أعلم بأني لا أعجبك كامرأة .. ولا أرضي غرورك أبدا .. وأعترف .. بأنك تستحق أجمل امرأة في الدنيا لتسعدك .. لتجعلك راض عن ذاتك .. لربما نجحت في أن تطيب جراحك.. لكن ..أحيانا الطمع يعمينا.. أو الأمل .. حتى لو كان أملا ضعيفا .. نتمسك به بتوسل .. فنعيش في الاحلام .. نمني أنفسنا بأن البعيد قريبا .. وأن من تعتبرها أختا قد تنقلب يوما ..لحبيبة ! .. ( صمتت قليلا تحرك أصابعها على ملامحه الحبيبة ثم أكملت ) لكني قررت أن أتخلى عن جشعي .. وأن اقدر نعم الله عليّ .. وأكون ممتنة شاكرة لرب العالمين أني لم اترك في ملجأ للأيتام بدون أهل .. وأن عوضني بأم عظيمة وأخ يفديني بروحه .. وآواني من الشارع .. ومنحني أنا وهم حياة كريمة بعد أيام من الحرمان .. عليّ أن أشكر رب العالمين أني لم أترك وحدي .. وأن أكف عن الطمع وتمني ما هو ليس لي .. ( وخنق صوتها البكاء ) لكني يا يونس .. يا يونس .. لا أعرف كيف سأحمل اسم رجل أخر وأنا أحملك في قلبي .. فهذا جرم كبير يا رفيقي .. أتمنى من الله أن يساعدني في ألا أفعله "
أحنت رأسها وقبلت صورته واعادتها للصندوق .. وهي تمسح دمعة تسللت بخبث من عينها .. لتسحب نفسا عميقا بعد أن أعادت الصندوق إلى مكانه وارتدت قناع المرح لتخرج للضيوف.


قبل قليل:


استقبل فارس والحاجة نفيسة الضيوف بالترحيب .. العريس ووالده ووالدته وأخته الشابة .. فقالت والدة العريس وهي تستقر في مقعدها في غرفة الضيوف " والله يا حاجة نفيسة نحن من تشرفنا بكم .. والحقيقة سهيل يلح منذ أن رآها في حفل زفاف كارمن "
علق فارس بلباقة " الحقيقة تفاجأت حين علمت بأنكم كنتم حاضرون لحفل الزفاف "
ردت أم العريس " سهيل وسمر هم من حضرا .. فأنا أصبت بوعكة صحية ولم أذهب أنا ورشدي"


دخلت كارمن تلقي التحية ثم عقدت حاجبيها لتقول" تونت زيزي !"
ردت زيزي مرحبة " عروستنا الحلوة .. كيف حالك ؟"
ابتسمت كارمن ترحب بالضيوف وتقبل وجنتي أم العريس وأخته ثم نظرت لسهيل تقول" لم أتوقع أنك العريس يا سهيل"


ابتسم سهيل قائلا" مفاجأة أليس كذلك؟"
اشتعل صدر فارس بالغيرة فلمس مرفق كارمن لتأتي وتجلس بجواره .. فأطاعت الأخيرة ليهمس لها بوجه مقلوب "من أين تعرفين سهيل ؟"


تفاجأت بانقلاب مزاجه فهمست "إن والدته إحدى عضوات الجمعية ومن المعارف .. وسهيل وسمر أعرفهما عن طريق النادي وبيننا أصدقاء مشتركون "
ردد بامتعاض " أصدقاء مشتركون ! .. وما نوع المعرفة بالضبط"
اتسعت عيناها وردت هامسة " ليس لها أي تصنيف .. مجرد معرفة عادية ليس بها شيئا خاصا "


ظهر بعضا من الارتياح على ملامحه لكنه ظل واجما بقية الوقت .. فأخذت تتفحصه ثم قربت رأسها منه بعد قليل ليميل برأسه يعطيها أذنه فقالت بلهجة شقية "هل تغار فارس بك؟ "
حرك مقلتين تحملان نظرة مخيفة نحوها ليهمس "من مَن؟"


طقطقت بلسانها بخفوت وهي تحرك أمامه سبابتها وهمست " ليس هذا هو السؤال الصحيح .. ( وأكملت بشقاوة دغدغت أعصابه ) تقصد على من "
لماذا تتعمد أن تشاكسه في وجود الناس.. ويصيبها الخرس حين يكونان بمفردهما ؟ .. ستقتله يوما ما بما تفعل.. رد بحاجب مرفوع" أهذا غرور كارمن هانم؟"
ردت بتلقائية فاجأتها "من تتزوج منك لابد أن تغتر فارس بك"


حين استوعبت ما قالته اسرعت بإشاحة وجهها عنه بحرج ..فتنحنح معتدلا في مقعده وهو يستعيد جملتها في رأسه بقلب يتراقص كمراهق صغير.


إنها تمدحه
أميرة الحكاية تمدحه
فتساءل .. هل يستسلم للأمل في أن تشاركه حكايته للأبد ؟.. أم ستكون مجرد ضيفة شرف فيها ؟.. أم هو الذي سيكون ضيف الشرف في حكايتها ؟
حكاية ( الأميرة والشاطر فارس )
تنبه لأنه قد شرد عن ضيوفه ليجبر نفسه على التركيز معهم بسؤال والد سهيل أحد الأسئلة .


دخل يونس يلقي السلام بوجه متجهم.. فقام فارس بتعريفهم ليسلم يونس على الحضور بوجوم ثم توقف عند يد سهيل الممدودة يناظرها لبضع ثوان قبل أن يمد يده بسلام فاتر ويحدجه بنظرة عدائية استشعرها الأخير .


تحرك بعدها يونس منصرفا فقالت والدته " الى أين يا يونس؟"
تصنع ابتسامة صفراء ورد "آسف لدي مكالمة هامة عليّ أن أجريها.. تشرفنا بكم "
شيعته الحاجة نفيسة بعينين حزينتين وهمست في سرها " كل شيء مقدرا ومكتوبا يا نفيسة وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم"


عند باب غرفة الضيوف تقابل يونس مع فريدة التي وقفت تطالعه لثوان متخشبة .. فتجولت عيناه على تفاصيلها سريعا بقلب ينزف .. لكنه بكل عند غبي تجاهل ما يشعره لتبادره بالقول بابتسامة مزيفة" ما رأيك هل أبدو كعروس؟"
قال بصوت مبحوح مرتعش "قبيحة كما أنت دائما "


ارتجف قلبها فردت بابتسامة ظاهرها حلوا باطنها مرا كالعلقم في فمها .. ثم سألته باندهاش وهو يتحرك نحو باب الفيلا "إلى أين؟؟؟"
أشاح بيده منحني الظهر قائلا دون أن يلتفت "عندي موعد هام"
وخرج صافعا الباب خلفه.. يتظاهر بأن كل شيء تحت سيطرته حتى قلبه اللعين .


أطرقت فريدة برأسها لثوان ..ثم تحركت ترسم تلك الابتسامة المزيفة .. لتدخل على الضيوف الذين رحبوا بها خاصة سهيل الذي وقف متحمسا يطالعها بابتسامة حلوة.


جلست فريدة بحرج عروس حقيقية هذه المرة .. خاصة وهي تلمح سهيل يختلس إليها النظرات والابتسامات.. فكرت لتشجع نفسها " انه وسيم وطويل يا فريدة "
قالت زيزي بلطف " أخيرا رأيتك يا فريدة .. فمنذ زفاف كارمن وهو يلح عليّ للاتصال والحضور .. لكني انتظرته حتى يعود من سفرته أولا ليأتي معي .. والحقيقة ذوقه ما شاء الله"
شعرت فريدة بالحرج ولم ترد بينما تأملها سهيل بجرأة ليقول فارس متنحنحا ليبعد أنظاره عنها "وهل تسافر كثيرا يا سهيل؟"


رد سهيل بلباقة "حسب حاجة العمل ..فوالدي يترك لي التعاقدات الخارجية وسفرات العمل"
توجه فارس بسؤال لأبي سهيل بينما تطلعت كارمن في فريدة التي كانت ترد بلباقة مصطنعة استشعرتها جيدا على أسئلة أم العريس وأخته .. كما استشعرت ضيق فريدة رغم محاولتها تصنع غير ذلك .. فتناولت الحديث مع سمر أخت العريس وهي تفكر في أن هذه المقابلة تبدو مختلفة تماما عن مقابلة العريس الماضي .. حتى الحاجة ناني صامتة ترد باقتضاب .


بعد قليل قال فارس بلطف "مصاهرتكم شرف كبير لنا يا بك .. لكني أؤمن بأن الكلمة الأولى والأخيرة لارتياح الطرفين لبعضهما .. لهذا سأستأذنكم أن تعطونا مهلة لتفكر فريدة ويفعل الله ما فيه الخير"
لكز سهيل والدته متنحنحا لتقول الأخيرة برجاء " لي طلب يا حاجة نفيسة ولا تردينا خائبين .. عيد ميلاد سمر غدا وسنقيم حفلا فكنت أتمنى أن تشرفوننا فيه.. وفي نفس الوقت نعطي فرصة للعروسين ليتعرفا أكثر على بعضهما "
تفاجأت الحاجة بالطلب فقالت سمر برجاء طفولي " أرجوك يا حاجة فلتأت فريدة لحفل عيد ميلادي"
نظرت الحاجة لفارس الذي قال" خير أن شاء الله .. وكل عام وانتِ بخير"
في آخر الزيارة ودع فارس الضيوف بينما تحركت الحاجة نفيسة بوجوم نحو غرفتها .. لتقف كارمن تشاكس فريدة قائلة " الشاب ظريف جدا .. رغم أني أشعر بعدم توافقك مع بيئته"
سألتها فريدة "ماذا تقصدين؟"
ردت كارمن بصدق " الحقيقة لا أعرف كيف أوضح ولكن أراهم متحررون بشكل أكبر مما سيعجبك لكن هذا مجرد انطباع لا أريد أن أؤثر به على رأيك( وغمزت بعينيها ) لكن سهيل يبدو متلهفا جدا .. الشاب لم ينزل عينيه عنك طوال الجلسة حتى خشيت أن يتهور فارس ويضربه"
ابتسمت فريدة وغمغمت" لا بأس عليّ أن أقيم أنا بنفسي وأقرر "


دخل فارس من باب الفيلا عائدا من توديع الضيوف يقول "كارمن أريدك أن تذهبي مع فريدة غدا لحفل عيد الميلاد من فضلك .. فأنا لدي مواعيد .. لكن سألحق بكما أو على أقل تقدير سأمر لأعيدكما .. أعتقد أن الحفل سيبدأ آخر النهار "



ابتسمت كارمن مرحبة بينما توجه فارس لفريدة التي وقفت وعلى وجهها علامات التردد ليقول ممسكا بكتفيها " كما أخبرتك أنا لن أفرض عليك شخصا بعينه لكني أريد منك في المقابل أن تعطي لنفسك فرصة مع من يتقدمون لخطبتك .. ولقد وافقت على حضورك لحفل عيد الميلاد لأساعدك على التعرف عليه وعلى أسرته عن قرب"


أومأت فريدة برأسها بصمت.. فهتف باستنكار " لا تبتئسي هكذا!.. الفتيات يطرن من السعادة حين يأتيهن خاطبا وأنت ينقلب وجهك .. اقسم بالله بيت مجانين!!"
رفعت إليه أنظارها ليقبل جبينها بحنو مشجعا ..فشعرت كارمن ببعض الغيرة .. وداهمتها ذكريات تلك الليلة وقبلته الطويلة على جبينها وكأنها تستشعر ملمس شفتيه عليه لتسري القشعريرة في جسدها وتغمغم في سرها " حسنا احتفظي بهذه المشاعر ليوم الخميس ولا تجبني وقتها كفأر أمام قطة "
بينما أجبرت فريدة نفسها على الابتسام بمرح مزيف لتقول" لا تقلق يا أبيه أعدك أن أفكر في الأمر بجدية ."
وضع فارس يده على قلبه قائلا بسخرية " بارك الله فيك يا أختاه جميلك هذا لن أنساه لك ما حييت"


ضحكت فريدة بصدق هذه المرة بينما شاكسته كارمن تقول "لم أقابل في حياتي شخصا يمزح بوجه جاد"
حرك مقلتيه ناحيتها بينما استأذنت فريدة لتذهب لغرفتها .. فاقترب فارس من كارمن يتأمل وجهها المرفوع إليه ليقول " كارمن أنا مضطر لأن أوافق على أن تذهبي مع فريدة غدا .. لكن سهيل هذا تتحدثين معه في حدود ضيقة جدا .. جدا "


سألته باندهاش "لماذا؟"
رد بلهجة مخيفة " هكذا أريد .. فأنا لا أحب أن تتحدث زوجتي مع الرجال"
قارعته بعند " ولكنك تتحدث مع النساء!!"
ضيق عينيه ورد عليها " أنا أتحدث في اطار العمل .. (وتحرك نحو غرفة والدته وهو يقول بحزم ) انتهت المناقشة"
طريقته استفزتها فهتفت وهي تلحق به " لا لم تنتهي .. إلى أين أنت ذاهب؟ .. هل اشتريت جارية فارس بك ؟!"


دخل فارس على والدته بعد أن طرق الباب ليعقد جبينه متعجبا وهو يراها ترقد في السرير توليه ظهرها .. قال بخفوت" هل نمت يا أمي بهذه السرعة؟"
اقترب من سريرها فغطت نفيسة وجهها .. ليعلو نشيجها فجأة فهتف بجزع " ما بك يا أمي ؟.. أمي!!"
أزاح الغطاء من فوق رأسها وأدخل ذراعه تحت جذعها ليجلسها متفحصا وهو يقول برعب " هل أنت بخير .. هل يؤلمك شيء؟"


دخلت كارمن على صوت فارس لتجد الحاجة نفيسة تدفن وجهها في كفيها .. فتبادلت النظرات القلقة معه واقتربت منها تجلس على الناحية الأخرى من السرير تربت على فخذها متمتمة "هل حدث شيء يا حاجة نفيسة؟!"
تماسكت نفيسة وردت وهي تمسح دموعها" لا شيء .. لا شيء أنا بخير"
عقد فارس حاجبيه يقول بإلحاح" ما بك يا أمي أرجوك أخبريني"


حاولت نفيسة الابتسام وردت ساخرة من نفسها "يبدو أني قد شِخت وأصبحت قليلة التحمل"
أمسك فارس برأسها الأشيب بين يديه يقول "أخبريني يا أمي بالله عليك ماذا بك؟"
أجابت بلهجة باكية " قلت لك لقد شخت وأصبحت قليلة التحمل .. فلست قادرة على التخيل بأن فريدة قد تفارقني يوما .. لا أتخيل أني قد استيقظ يوما فلا أجدها في حضني بل في بيت آخر ".


اتسعت عينا فارس وكارمن بمفاجئة ..فانفجرت الحاجة في البكاء من جديد .. ليأخذ فارس رأسها في صدره بينما اغرورقت عينا كارمن بالدموع تعاطفا .
قال فارس بعدم فهم " لا حول ولا قوة الا بالله !.. أمي أنا لا أفهمك .. ظللت تلحين على زواجها وتوبخيني لأني أتركها بدون زواج .. وحين جاءها خاطب لا بأس به مبدئيا .. تبكين كالأطفال على فراقها "


ازداد نشيجها .. فاتسعت عينا فارس أكثر بعدم استيعاب بينما أخذت كارمن تمسد على ظهرها مواسية وهي تتمتم بحنو" لا تبكي يا حاجة أرجوك فأنا أيضا أشعر برغبة في البكاء"
رفعت نفيسة وجهها عن صدر فارس ومسحت دموعها تقول وهي تهدئ نفسها" لا تقلقوا سأكون بخير .. سأعتاد على الأمر إن شاء الله كما اعتدت على أوضاع أسوأ وأكثر ألما .. إياكم أن تخبروها بتأثري لا أريد أن اتدخل في قرارها .. أريدها أن تأخذ كامل فرصتها لتقرر بنفسها "
لم تدري كارمن أن دموعها قد تساقطت فقالت نفيسة "لماذا تبكين أنت الأخرى ؟ "
ازداد نشيج كارمن بدون سبب معروف لها .. فهتف فارس بجزع "كارمن !.. ما بك أنت الأخرى ؟"


بينما مدت الحاجة ذراعها تجذبها لحضنها وبدأ الاثنتان تبكيان معا ..
ترك فارس السرير واقفا .. وهو يهتف" ماذا يحدث بالله عليكما؟!!"
قالت أمه تشيح بيدها "اذهب واتركنا نبكي قليلا .. ألا نستطيع أن نمارس حقنا في البكاء دون تقديم أسباب وجيهة"
وضع يديه في جيبي بنطاله قلقا وهو يتطلع لكارمن محاولا تخمين أسباب بكائها شاعرا ببعض الذنب .. مفكرا .. هل ضغط عليها بهذا الاتفاق؟ .. هل كان عليه أن يعطيها فرصة أكبر .. أم انها تشعر بضغط اقتراب يوم الخميس .. رغم أنه يراه بعيدا .. بعيدا بقدر لا يحتمل .
تكلمت الحاجة وهي تمسح على شعر كارمن "يا بني اتركنا لنبكي قليلا واذهب"


رجع فارس بخطوات ثقيلة للخلف ثم وقف عند الباب يقول بخفوت" كارمن هل أنت بخير؟"


عوجت نفيسة فمها وربتت على كتف كارمن تقول بغيظ " كفى بكاء يا ابنتي .. فليس لنا نصيبا في بكاء هادئ في هذا البيت دون تقديم تقرير مفصل عن الأسباب"
رفعت كارمن رأسها عن حضن الحاجة بشعور غريب من الراحة .. وأخذت تضحك من بين دموعها على ما قالته الأخيرة قبل أن تتمتم" آسفة يبدو أني قد تعاطفت معك"


ربتت الحاجة علي فخذها متمتمة بحنو " سلمت لي حبيبتي .. فتعاطفك معي أشعرني أني لست هبلاء أمام هذا الولد الذي يقف متسمرا عند الباب لا يريد المغادرة"
تطلعت كارمن لفارس ببعض الحرج لبكائها بهذا الشكل كالهبلاء وتمتمت مناكفة " أنه لا يراعي مشاعر الآخرين ولا ظروفهم النفسية "
ثم أشاحت بوجهها عنه بسرعة بعد أن رفع لها حاجبا مستنكرا يشير لنفسه بلهجة صامتة " أنا ؟؟!!!"


××××


الأمر صعب
بل شديد الصعوبة وغير محتمل .
انه منذ أن خرج من الفيلا يشعر بأن قلبه ينزف.. وكلما تخيل فريدة تجلس وتضحك مع ذلك الجحش تغلي الدماء في رأسه .


سيتحمل !!..
هل وعد نفسه من قبل أنه سيتحمل أمر كهذا؟!!
كيف سيفعل ذلك .. والنار تنبش في صدره كالحريق!!
لماذا يصر قلبه الغبي على تعقيد الأمور ؟؟!!!
لماذا لا يعيش في سلام بدون إضفاء مزيدا من التعقيدات على حياة عائلته المعقدة؟؟!!
لماذا يصر ذلك القلب اللعين على احراجه أمامهم ؟؟؟
لماذا يتفنن في كسر أنفه أمام تلك المزعجة فريدة ؟؟
فلتتزوج وتنجب بعيدا عنه .


تتزوج من رجل آخر..
وتنجب منه !! .
شعر بأنه يوشك على البكاء .. هذا الأمر صعب .. صعب ومميت.


ضرب على المقود بقوة عدة مرات بانفعال بعد أن ركن السيارة أمام فيلا سعد الدين .. وقد تجاوزت الساعة الثانية عشر ليلا .. فترجل منها يفتح البوابة لكنه لم يجد القوة للدخول .


لقد طاف الشوارع ليلا رغم برودة الطقس تعصف به الأفكار وتؤذيه مشاعره .. ممزق بين الفكرة وعكسها .


تسلق السور القصير المشترك بين الفيلا ودار الأيتام وجلس فوقه موليا ظهره لفيلا سعد الدين يغلق سترته الجلدية ليحمي نفسه من برودة أكبر من برودة الطقس حوله .
أشعل السيجارة ربما العاشرة خلال بضع ساعات وأخذ ينفث دخانها في الهواء .. ليرن هاتفه فرد هاتفا بعصبية "أين كنت يا بيك .. لقد اتصلت بك آلاف المرات .. وذهبت لشقتك فوجدتها مغلقة"
قال زياد بصوت خشن من أثر النوم " أية شقة ؟.. بالتأكيد كنت سأستيقظ "
تمتم يونس وقد تذكر للتو " آه.. نسيت أنك تسكن هذه الأيام في الشقة القديمة بجوار عهد .. نسيت هذا الأمر تماما وذهبت لشقة وسط البلد .. هل كنت نائما ؟"


قال زياد وهو يمسك برأسه " أعاني من صداع شديد ..فنمت بمجرد أن وصلت للبيت "
ساد الصمت لثوان ليقطعه زياد بقلق "ماذا حدث؟.. لماذا اتصلت بهذا الإلحاح .. استيقظت لأجد عشرات الاتصالات منك ومن عهد"
قال يونس بصوت متألم" يبدو أنهم جادون هذه المرة بشأن عريس فريدة"
سأله زياد باستنكار "من هم؟"


نظر حوله في سكون الليل وأشاح بيده التي تحمل السيجارة قائلا بصوت متألم ""كلهم فارس وأمي وفريدة.. حتى العريس يبدو مناسبا"
سأله زياد "وانت؟"
قال بصوت مرتعش " أنا ماذا؟"
هتف زياد باستنكار " انت ماذا ؟؟.. هل بالنسبة لك الأمر عاديا ؟؟ إذن مادام عاديا لمَ هذا الألم وهذا العذاب الذي ينضح به صوتك؟ .. ها؟ .. ( وأكمل منفعلا ) لماذا يا يونس مادام الأمر لا يخصك؟؟”"


حين انخرس الأخير يحاول الفكاك من مشاعر معقدة عاد زياد يلح بالسؤال متمنيا لو كان أمامه ليحطم رأسه المخبول" الأمر لا يخصك أليس كذلك يا يونس؟؟؟؟!!"




حك يونس جبينه بيد مرتعشة وتمتم بخفوت " الامر معقد يا زياد صدقني"
انفعل زياد صارخا بقوة " الأمر معقد بداخلك أنت يا يونس .. انت يا صاحبي .. فأنا لا اجد أي عقبة تمنعك من الارتباط بها .. أنت وحدك من تضع العقبات لنفسك .. أنت تعاند نفسك وكأنك تعاقبها "



أكمل يونس بنفس الخفوت والارتجاف " صدقني الأمر به أكثر من عقدة .. أولها فارس .. انه شخص تقليدي فكره ليس مرنا .. وهو طيلة عمره يتعامل معي وكأني أخاها .. ولو كان ينظر للأمر بطريقة أخرى لما وثق بي تمام الثقة وهو يتركني معها في بيت ومكان واحد .. وأشفق عليه لما ناله من القلق وصدمات في حياته بما يكفي فلن آتي أنا لأفسد حلمه ببيت وأخوة وترابط"
تمتم زياد متعجبا وهو يفرك جبينه من الصداع " صدقا .. أنا لا أجد أي معنى لما تهذي به .. ( وصرخ بانفعال ) ما المشكلة في أن تكون أخاه وهي أخته وأنت وهي لستما اخوة .. وما المشكلة أن يعلم أنك تحب أخته حبا رجل لامرأة ما الذي سيفسد الحلم الأخوي الذي تتشدق به ؟.. ستظل فريدة أخته وستظل أنت أخاه .. بل انه سيسعد أن أخته لن تغادر المنزل وسيطمئن عليها"


تحرك صدر يونس يعلو ويهبط وهو يتمتم مطرق الرأس ينفث دخان سيجارته " لا أدري .. أنا أشعر بالحرج الشديد من فارس الأمر .. ( ورفع أنظاره ينظر حوله وبخار الماء يخرج من فمه مختلطا ببقايا الدخان ) الامر محرج .. تخيلها أنت.. لديك أخت واكتشفت أن الشخص الذي تثق به في بيتك ولم تشك في نوياه ابدا وتنام قرير العين وهو معها .. أنه .. أنه لا ينظر إليها أبدا كأخت .. ستصدم فيه"
رد زياد يقارعه " الحقيقة أنا أرى الأمر من زاوية أخرى .. أرى أني سأحترم هذا الشخص أكثر وأثق به أكثر وأكثر حين أعلم أنه يعيش كل هذه السنين يحمل في جنبات قلبه حبا لفتاة تعيش معه في نفس المكان ومع هذا ظل محترما أخاه ومحترما البيت الذي يعيش فيه ومحترما لذاته ولم يضعف أمام الحاح مشاعره .. ( وأكمل موبخا ) يا بني لا أفهم لمَ تفصل بينك وبينه؟؟.. أليس محافظتك على فريدة كرامة لشخصك أنت أيضا كابنة عم لك بالإضافة لعائلتك .. أنت جزء من هذه العائلة يا يونس .. وضعكم معقد لا أنكر لكنه ليس بالصعوبة التي تحاول أن تقنع نفسك بها .. عليك بمواجهة فارس .. عليك بأن تتخلى عن ذلك الحب المرضي له ولعائلتك .. وسأكرر ما أقوله لك دوما أنتم مررتم بالكثير من الفواجع فأصبحتم تحبون بعضكم بمبالغة .. وتحمون بعضكم بمبالغة .. وتعاملون بعضكم بحساسية شديدة كل منكم يشفق على الآخر لما مر به قديما .. وهذا غير صحي يا صاحبي .. أي شيء حتى الحب حين يزيد عن الحد تظهر سلبياته وها هو يصنع الحواجز بينكم للتواصل بدافع ذلك الحب"


اطرق يونس برأسه يحاول الفكاك من شبكة معقدة من المشاعر تقاومه وتلف خيوطها عليه أكثر ليكمل زياد "فارس ليس صغيرا يا يونس .. ولا يحتاج منك لأن تحميه .. انه رجل ناضج علمته الأيام .. وحتى لو كان تفكيره ليس مرنا .. اعطيه وقته ليستوعب الأمر لكن عليك بمصارحته"


قال يونس موضحا وكأنه يحاول الإمساك بطرف خيط لعله ينجح في وضع يده على العقد وفكها ليحرر نفسه " أنا هربت من البيت قبل ثلاث سنوات لأجنب فارس هذا الأمر .. حاولت مقاومته بداخلي .. حاولت أن أجنبه كلام البعض حين يعلمون أننا نعيش في بيت واحد وأني تزوجت بها .. خشيت أن يقال أن هذه الزيجة حدثت لسبب غير شريف تعلم أن وضع عائلتنا محط أنظار لغرابة صعودنا من القاع للقمة .. الأمر معقد صدقني .. فبسبب وضع العائلة الكل يعرف بأنها ابنة عمي وأنها تعيش معنا فحين يجدونا نعلن زواجنا .. لربما .. لربما.. "


قاطعه زياد يقول بعصبية " لربما ماذا؟ .. حتى لو كان تخوفك صحيحا.. أنت ابتعدت لثلاث سنوات ولم تعد سوى من شهرين تقريبا .. وبالتالي اعلان أي ارتباط بينكما سيبدو منطقيا .. يا بني الشلة كلها متوقعون خبر ارتباطك منها في أي وقت "


قال يونس متفاجئاً " حقا !"
تكلم زياد متفاجئا أكثر منه " هل تسألني ؟!!.. أنت بالفعل غبي في فهم الاخرين يا يونس"
تذكر أن فريدة قد وصفته بجملة مشابهة فغمغم " وماذا عن فريدة؟"
قال زياد بغيظ " ماذا عنها؟؟... الفتاة متعلقة بك جدا هذا واضح للأعمى"
قال بارتباك يحاول فك عقدة أخرى بداخله " ماذا لو كنت عندها كأخ .. أنت تعرف أن الشعور يختلف بين الأخ والحبيب .. ( وأكمل بحنق ) ولا تطلب مني أن أسألها .. كيف سأسألها هذا السؤال الحساس؟؟ .. ماذا لو كنت أخ عندها كفارس .. كيف سيكون شكلي أمامها وأنا أنظر لها نظرة مختلفة .. بالتأكيد هذا سيشعرها بعدم الراحة أو ربما التعاطف أو الرغبة في الموافقة لأنها في بيتنا ومتحرجة مني .. ( وألح عليه غروره ليكمل بغيظ طفولي ) كما أنني يونس العظيم كيف .. كيف تكتشف أني ..أني.."
قال زياد وهو يفرك جبينه " يونس أنت تفترض فروض وهمية لتداري بها تعقيدات أخرى بداخلك .. دعنا من قضية يونس العظيم هذه لأنها ليست حقيقية بل قناعا تداري به هشاشتك أمامها"


قاطعه يونس مغمغما " ربما يكون قناعا لأحمي به نفسي من الاقتراب منها .. ( وتهدج صوته ) لأني أعلم أني اذا اقتربت سأضيع فيها"
رفع زياد عينيه للسماء يائسا ثم تمتم متعجبا " لا حول ولا قوة إلا بالله .. ( وأكمل بغيظ من بين أسنانه شاعرا برغبة ملحة لقتله ) ما دمت غارقا فيها إلى هذا الحد عليك أن تقترب لا تبتعد يا يونس .. هل أنت غبي يا بني !"


رد يونس مطرقا برأسه يوضح وكأنه في ورطة " قلت لك الأمور عندي معقدة.. والحواجز التي بيني وبينها كثيرة فلو تجاوزنا عقبة فارس وعقبة كلام الناس وعقبتها (وتهدج صوته ) فأنا.. أنا أخشى عليها مني .. أخشى أن أؤذيها ولا تسألني كيف لأني لا أعرف.. لكني مرتعب من أن أؤذيها دون أن أقصد تعلم أني أحيانا أفقد السيطرة وأتصرف بتهور "


تألم زياد كثيرا لحال صاحبه الذي لم يبرأ بعد من ماضي ترك أثر بصماته على روحه وشما موجعا وقال بهدوء متعاطفا " هذه الحواجز بينك وبين نفسك يا يونس .. وليست بينك وبين الأخرين .. وأنا مصر على أنك تحتاج لطبيب نفسي لتعالج أثر الحادث القديم بداخلك .. لا أنكر أنك عدت لتعيش حياتك بعد بضع سنوات من التخبط لكن هذا لا يكفي .. لا يكفي أن تدفن ما حدث قسرا في داخلك .. عليك أن تتحدث فيه مع أحد ليساعدك .. عليك أن تنكأ هذا الجرح وتخرج ما فيه من تقيحات أنت تتجاهلها عمدا .. عليك بتنظيفه وتطهيره ليتحول لندبة أو ذكرى لماضي أليم .. أنت تتجاهل جرحك يا يونس وتتظاهر بأنك سليم وهذا غير صحيح .. تحاول حماية الأخرين بتطرف وكأنهم أطفال صغار معتبرا نفسك مصدر الشرور في هذا الكون .. وتحمل نفسك ذنب الماضي .. لهذا تضع العقبة تلو الأخرى بينك وبين فريدة .. بل إنني أشعر أحيانا بأنك متعمد أن تعاقب نفسك حاملا ذنب ما حدث لوالدك في الماضي .. فبحثت وبحثت عن شيء لتعاقبها بها ولم يجد عقلك الباطن سوى فريدة "


ساد الصمت لعدة دقائق ليقول زياد "سأسألك سؤالا سيساعدك على اتخاذ القرار.. هل ستستطيع التحمل ؟ تحمل رؤيتها مع رجل آخر؟.. إن كنت ستقدر على نفسك فامض فيما أنت ماض فيه من تجاهل لقلبك .."
"صعب ( قالها يونس بخفوت متألم وأكمل ) صعب جدا .. حاولت لكنه صعب وأخشى أن افقد السيطرة وارتكب جريمة تؤذي الجميع"
سحب زياد نفسا عميقا وقال بهدوء " إذا اردت نصيحتي .. ابدأ بخطوة هامة وهي مصارحة فارس بمشاعرك أو على الأقل معرفة رأي فريدة في أمر ارتباطك بها .. بأي طريقة هناك طرق تستطيع معرفة رأيها بدون ظهورك أنت في الصورة .. وَسِّط طرفا ثالثا بينكما ".


صمت يونس لكن مصانع الحداد ظلت تضرب بالأفكار في رأسه وبالمشاعر في صدره وبالتعقيدات في مخيلته .. ودخان سيجارته يتراقص أمام نظراته الشاردة باحثا عن طرف خيط يبدأ به بينما ظل زياد صامتا على الناحية الأخرى مشفقا على صاحبه يتساءل في سره كيف يمكن أن يقدم له المساعدة؟ كيف يمكن أن يخفف عنه ما يعانيه" ..


"ماذا تفعل بالضبط؟؟؟؟!!!"
انتفض يونس من شروده محدقا في الشبح الذي ظهر له في ضوء حديقة الدار الخافت فردد بإجفال " سلام قولا من رب رحيم !"
ثم شتم في سره حين وقع رماد سيجارته على ملابسه.


سأل زياد بقلق "ما بك يا يونس؟؟"
رفعت رفيدة ناظريها متكتفة تتطلع فيه على السور من خلال نظارتها فصاح يونس وهو يراها بإسدال صلاة أبيض" تنحنحي قبل أن تظهري بملابس الاشباح هذه ..أعوذ بالله !"
كرر زياد بلهجة أقل قلقا "من ظهر أمامك يا فتي ؟"


رد يونس " شبح بنظارة واسدال أبيض كالكفن"
قهقه زياد يتمتم "من يا ترى؟"
قالت رفيدة بلهجة حازمة " أنا أتحدث معك يونس بك وسألتك ماذا تفعل؟"
رد يونس باستهجان" ماذا تعتقدين بأني أفعل؟ .. أشم النسيم على سور بيتنا ..هل هذا يضايقك في شيء؟"


جزت رفيدة على ضروسها وقالت" قلنا ممنوع التدخين .. التدخين .. هذه منطقة خضراء"
تكلم يونس بغيظ " يا هانم أنا على سور بيتنا.. هل ستمنعينني من التدخين في بيتي !!"
ردت بنفس النغمة " يا بيك أنت في حديقة الدار .. وجهك نحو الحديقة .. دخانك نحو الحديقة .. ساقيك فعليا ناحية الحديقة .. ورماد سيجارتك ينزل في أرض الحديقة"


مط يونس شفتيه ..ثم وضع السيجارة في فمه وتحرك ليوليها ظهره ويعدل وضع ساقيه ناحية فيلا سعد الدين ليقول بلهجة مستخفة " هل هذا مناسب مسز روز .. أقصد مسز رفيدة "
قهقه زياد على الجانب الآخر بينما ظلت رفيدة صامتة .


حين لم ترد أدار وجهه ينظر إليها من فوق كتفه قائلا" لاحظي أني أراعي فرق السن بيننا .. فلو كان بفارق الطول لكان لنا كلاما آخر"
تحكمت في ابتسامة ملحة وحرصت على جدية وجهها بينما قال زياد" يا بني كفى مشاكسة واعترف بخطئك"


تكلمت رفيدة لتنهي الموضوع " أرجوك أستاذ يونس .. من فضلك التزم بتعليمات الدار .. تصبح على خير "
وتحركت عائدة لغرفتها بعد أن شاهدته منذ قليل من النافذة وهي تقف شاردة يجافيها النوم لربما رأت شخصا ما ..


بينما قال زياد" سأتركك الآن لتذهب للنوم واتصل بي اذا أردت الحديث .. ( وأكمل برجاء ) يونس .. افرح .. ساعد نفسك وافرحها .. خذ خطوة إيجابية نحو ما يخيفك ولا تحبسه بداخلك .. وأتمنى أن تقتنع بزيارة طبيب نفسي .. تصبح على خير يا صاحبي "
غمغم يونس بخفوت " وأنت من أهل الخير "



××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 01:07 PM   #138

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5

أغلق زياد الهاتف يزفر في عدم ارتياح متألما على حال صاحبه .. ثم تفحص المكالمات الفائتة من عهد والصداع لا يزال يفتك برأسه ..
إن الوقت متأخر لكنه يرغب في الاطمئنان عما إذا كانت قد احتاجت لشيء ..فتردد قليلا ثم أرسل لها على الواتساب " هل أنت مستيقظة ؟"



رنة الواتساب قطعت تركيزها في الحاسوب المحمول تدقق في بعض الأوراق تخص العمل .. فاعتدلت على السرير تتفحص هاتفها بلهفة شاعرة بالراحة لأنه بخير .. لقد جافاها النوم قلقا عليه حين اتصلت به ولم يرد .. ولم تعرف ماذا تفعل .. حتى أنها منعت نفسها من التهور بالذهاب للطرق على باب شقته حتى لا يراها أحد الجيران.



كتبت بسرعة " أجل "
ابتسم زياد وكتب " عهد باشا"
ردت " زياد باشا"
زياد " كيف حالك يا ريس؟"
اتسعت ابتسامتها وكتبت " مصطلحاتك أصبحت شعبية يا زياد ماذا حدث لك! "
قهقه ضاحكا وكتب " لا أعرف لكن هذه المصطلحات تخرج وحدها معك "
رفعت حاجبا مستنكرا وهي تكتب ضاحكة " أمم .. إذن أنا من يحفز بداخلك المصطلحات الشعبية .. هل أنا شعبية إلى هذا الحد في نظرك ؟"


تحولت ملامحه للجدية وكتب " أنا لا أراك فتاة شعبية أبدا .. "
سألته بفضول كيف تراني إذن؟ "
تردد قليلا ثم كتب " أراك فتاة جادة .. محترفة في مجال إدارة الأعمال .. وأرى لك مستقبلا كبيرا كسيدة أعمال "
ارتجف قلبها تأثرا وكتبت " هل أنا حقا كذلك في نظرك؟"


ارتبكت أصابعه على أزرار الهاتف محاولا اختيار كلمات مناسبة توفيها حقها بدون أن تظهره أمامها مثيرا للشفقة فكتب" أنت بالفعل كذلك يا عهد .. وأكاد أراك أمامي بعد عشر سنوات من الآن سيدة اعمال واعدة"
كتبت بسعادة " هذه شهادة أعتز بها منك أنت بالذات"



ارتجف قلبه وكتب " حقا! .. هذا شيء يسعدني جدا أن تكون شهادتي مهمة لديك يا عهد "
صمت قليلا يفكر .. هل يخبرها بأنه عازما على خطبة فتاة أخرى .. أم يخبرها بانه يتلكأ ويؤجل التعرف على الفتاة وأنه قد أحزن والديه بسبب تردده .. أم يسألها عن أحوالها مع يونس .. ولكن كيف سيسألها هذا السؤال وهي لم تصارحه أبدا بمشاعرها تجاه يونس..
ماذا يفعل ؟.


هل يتقدم للزواج منها ؟ .. كيف ؟ وهو يعلم بمشاعرها تجاه صديقه .. كيف سيستقيم الأمر بينهما ؟ .. فلو كان في قلبها رجلا آخر لا يعرفه لكان الأمر أهون لكنه صديقه .. صديقه الصدوق .. كيف ستتحمل كرامته وسيرضى قلبه بذلك !.


افاق على كلماتها " زياد .. هل لا زلت موجود "
استدرك يكتب " كنت أريد أن أخبرك أنني لم انسى أمر ماكينة القهوة لكني انشغلت في بعض الأمور "
كتبت بعد بعض التردد " لا داعي لها حاليا حتى أستقر إن كنت سأحصل على التأشيرة أم لا "
تجمدت أصابعه على لوحة مفاتيح الهاتف وشعر بأن دلوا من الثلج قد ألقى فوق رأسه فكتب بيد مرتعشة " أي تأشيرة يا عهد؟؟؟"
كانت تعلم بأنه سيعترض على سفرها وحدها .. لكن لم يعد أمامها أي حل آخر فكتبت " أنا حضرت اليوم مقابلة في سفارة ألمانيا من أجل طلبي للحصول على التأشيرة ووعدوني بالرد خلال أيام "



لم يستطع الصمود فاتصل بها ليصيح بمجرد أن فتحت الخط وهو يستقيم مسرعا نحو باب الشقة " ماذا تقولين؟؟ ستسافرين يا عهد !!.. ستسافرين هكذا ببساطة ..ستتركين كل شيء وتسافرين !!!"
ردت بانفعال " ولمن ابقى .. لمن ابقى يا زياد وليس لي أحد هنا"


لم يشعر بنفسه وهو يفتح الباب والهاتف لا يزال على أذنه عازما على الذهاب إليها .. على تهشيم رأسها العنيد .. على خنقها ..
خرج من الباب وبمجرد أن تحرك خطوتين .. احس بحركة على السلم فتجمد واقفا ليجد قطة اسرعت بالابتعاد .. فشتم نفسه على تهوره بما كان ينويه بالذهاب إليها في وقت متأخر كهذا .. فماذا لو كان بدلا من هذه القطة أحد الجيران .. سيضر بها وبسمعتها بالتأكيد .. فعاد إلى شقته بعصبية يشعر بأنه سيتفتت من الغضب وهو غير قادر للوصول إليها .. بينما أضافت عهد " زياد .. أرجوك لا تغضب .. أرجوك.. فأنا لابد أن أسافر .. لن استطيع تحمل كل هذه العيون التي تراقبني لأني أعيش بمفردي .. أنا عدت حتى لا أغضبك وجربت الحياة هنا .. فلا تغضب أرجوك .. سنظل على تواصل متى أردت .. سنظل على تواصل حتى تمل مني أو تدخل حياتك فتاة رائعة تدير رأسك فتنسى أصحابك .. سنظل على تواصل حتى تفرقنا الظروف والمشاغل والمسئوليات .. وأمور أخرى معقدة محترفة في تفريق الناس عن بعضهما .. سنظل على تواصل يا زياد .. وسترسل لي صور زوجتك وأولادك ( وأكملت ضاحكة والدموع تغرق وجهها) ولربما قابلت أنا شابا أجنبيا وسيما فيغير دينه ليتزوجني وانجب أطفالا بملامح أوروبية "
صرخ زياد وقد فاض به الكيل " كفى يا عهد كفى .. كفى"



آلمها انفعاله فقالت بتوسل "زياد أرجوك اهدأ"
جن جنونه صارخا " كفى يا عهد .. أنت غبية .. وأنا تعبت منك ومن نفسي .. تعبت .. اقسم بالله تعبت "
لم تتحمل أن تسمعه منفعلا بهذا الشكل فهمست شاعرة بالذنب " آسفة .. أنا آسفة "
وأغلقت الخط تكتم بكائها بينما ضرب زياد الهاتف في الحائط متخليا عن هدوئه المعهود لينزل مهشما .. ويقضي الليل يلف في شقته كأسد حبيس يمنع نفسه من الذهاب لشقتها واقتحامها


××××


بعد قليل دخل يونس الفيلا وهو يتصل بفريدة التي لم ترد .. فظل يلح عليها في الاتصال شاعرا برغبة في الحديث معها
أو ربما معرفة انطباعها عن العريس
أو ربما ..
لا يعرف.


لكنه ظل يلح ويلح بينما فريدة تنظر للهاتف المضيء بجوارها على الوسادة ..
حين استمر في إلحاحه مسحت دموعها وأجلت صوتها ترد ببعض الخشونة "ماذا تريد؟ .. ألا يوجد لديك أي نوع من اللباقة تلح على الهاتف بهذا الشكل في هذا الوقت من الليل؟"
قال بصوت بائس" أنا جائع .. أطعميني"
اندهشت من طلبه ليتحول هذا الاندهاش لغيظ فردت بعند "أنا نائمة ومتعبة تصرف بنفسك ..سلام"


أغلقت الخط فشعر بالغيظ وتمتم باستنكار " هل أغلقت الهاتف في وجهي؟!! .. في وجهي أنا يونس العظيم!! .. تغيرت بمجرد أن أتاها عريس مناسب ؟"
حاول الاتصال بها مجددا ليجدها قد أغلقت الهاتف تماما فاشتعل جنونه ليقرر أن يصعد إليها الغرفة .
اعتلى درجتين أو ثلاث من السلم ثم توقف مترددا .. ليعود وينزل بجبن ويقف عند نهاية السلم ينادي عليها " فريدااااااا .. أنا جائع يا فريدة"


" أنت يا بنت .. أنا جااااائع .. ألا تطعمون الجائعين في هذا البيت !"
في داخل غرفة الحاجة صدقت وأغلقت مصحفها لتهم بمغادرة السرير وهي تسمعه يصيح بهذا الشكل وفي هذا الوقت المتأخر من الليل .. لكنها عادت وقررت عدم الذهاب إليه لترى كيف سيسير الأمر .. لربما تكون هذه بداية لما تتمنى أن يقوم به .. بينما استمر يونس بإصرار ينادي كطفل صغير
"فريداااااا أنا جائع .. أطعميني .. كيف تتركيني جائع وتنامي يا ذات القلب الحجري"


رفعت كارمن رأسها تحاول استراق السمع لتتأكد من صوت يونس ونظرت في الساعة لتجدها قد تعدت الواحدة صباحا.. فتركت السرير وتحركت لخارج الغرفة ليقابلها فارس بجبين معقود منزعجا وهو يسبقها إلى خارج الجناح .


استمر يونس على نفس الوتيرة يصيح كالأطفال " أنت يا فريدااااا أنت يا متحجرة القلب أنا جااااائع"
بينما فريدة متقبضة تحاول التماسك أمام صوته المزعج في ظاهره المتألم في باطنه .. متسائلة عما إذا هاجمته الكوابيس المزعجة مجددا .. لكنها أدركت بعد ثوان أنها لا قبل لها بمقاومته .. حتى لو كان مستفز ومتسلط ومغرور .. فتوجهت للخزانة تبدل منامتها القصيرة.


خرج فارس هادرا بعصبية "ماذا تفعل أيها المختل !!!"
رفع إليه يونس رأسه ليقول ببرود "أنا جائع وأختك ترفض إطعامي"


صاح فارس بغيظ " هل أنت مجنون؟؟!!!... هل خف عقلك لتفعل ما تفعله في هذا الوقت ؟!!!!!,,, فالتدخل المطبخ وتصنع لنفسك أي طعام أو اطلب طعاما جاهزا"
تطلع فيه يونس بمقلتين مقلوبتين وقال بعناد" كلا أريد من فريدة "


رفع فارس قبضته أمامه وتكلم من بين أسنانه مهددا " يونس لا تختبر صبري .. إذا نزلت سأكسر لك ضلوعك "


خرجت كارمن من خلف فارس تقول "سأعد لك أنا طعاما سريعا"
عوج يونس شفتيه وسألها "هل تعرفين كيف تطبخين أصلا؟"
شعرت بالحرج واشتعل وجهها بعد أن نظرت لفارس ثم ردت "استطيع أن أعد لك بعض الاطباق الخفيفة "


أشار بيده وهو يشيح بوجهه بعيدا عنها قائلا بامتعاض" اذهبي وأعديها لزوجك ( وصاح مناديا ) أنت يا فريداااا"
تحفز فارس لينزل إليه وهو يقول بغضب " يبدو أنه قد جن عقلك وتحتاج لمن يوقظك من هذيانك"
تشبثت كارمن بملابسه لتمنعه تكتم ضحكتها .. فنظر إليها متفاجئا قبل أن تخرج فريدة من غرفتها تعدل حجابها وتقول بغيظ " لا بأس يا أبيه .. سأشفق على حالته هذه المرة فقط .. وآسفة أنه بسببي ازعج الجميع"


ضيق فارس عينيه وهم بالاعتراض لتقول كارمن بخفوت "يبدو منزعجا من شيء ما .. فاتركها تنفذ له ما يريد"


تطلع فارس في منامته التي تمسك بها فتحرجت كارمن وتركتها تسبقه لداخل الغرفة .. لينظر ليونس قائلا بقرف "سنتحدث في الصباح على جنونك الليلة ( وتوجه بالقول لفريدة) وانت ضعي له الطعام وعودي لغرفتك "


وتركهما عائدا لغرفته بينما وقف يونس عند أول السلم يديه في جيبي بنطاله يحدجها بمقلتين مقلوبتين قائلا ببرود "أريد أن آكل"
تمتمت بالاستغفار وهي تنزل درجات السلم بغيظ وتوجهت للمطبخ .
خلال الخمسة عشر دقيقة التي تلت ظل صامتا يتأملها وهي تتحرك في المطبخ تعد له الطعام.
لم يكن ينتظرها لتملأ معدته .. بل لتملأ فجوة خلفها الزمن في روحه.


فجوة جعلته مثقوبا من الداخل متطرفا في عاطفته وأفكاره
يخاف على من يحبهم من نفسه .. من اقترابه.. من حبه لهم.


فجوة جعلت مشاعره معقدة .
قالت فجأة تخترق الصمت المشحون بينهما "هل زارتك الكوابيس من جديد؟"
لاح شبح ابتسامة مُرة على شفتيه وأجاب بخوف" هي لا تتركني أبدا .. لكن تختلف درجة حدتها باختلاف الأيام"


استدارت إليه تضع طبقا على المنضدة التي تتوسط المطبخ وسألته" إذن ما بك؟"
صمت يراقب يديها التي بدأت في تقطيع السلطة ثم رد بصوت مهموم" أشعر بأن أفكاري ومشاعري كبكرة خيط من الصوف تعقدت وتشابكت ولم أعد أعرف أين الطريق"


تألمت لإحساسه وأحست بقلة حيلتها في مواساته وبرغبة ملحة مستحيلة التنفيذ لأخذه في حضنها .. حتى قناع المرح لم تستطع ارتدائه لتغير مزاجه .. لكنها غمغمت دون أن تتطلع إليه" اذا أردت أن اساعدك في فك تشابك تلك البكرة لا تتردد .. لربما نفعتك بشيء "
تحرك يجلس أمام الطاولة فوضعت طبق السلطة أمامه ليسألها "هل اعجبك العريس ؟"


ابتلعت ريقها وردت وهي تستدير بعيدا عن عينيه القاتلتين "لا بأس به لكني سآخذ وقتي للتفكير"


أطرق برأسه ينظر في طبقه لا يعرف كيف يتحدث معها في أمر حساس كهذا .. ماذا لو خسر علاقته الممتازة بها .. واعترف في سره بأنه لا مفر سوى بإدخال طرف ثالث بينهما كما قال زياد.
سألها بخفوت " لم تحدثيني يوما عن مواصفات فتى أحلامك .. أخبريني عنه .. أهو يشبه ذلك العريس؟"


ابتسمت ترد بسخرية مُرة" لو كان يشبه ذلك العريس لما سموه فتى أحلام يا يونس"
سألها بإصرار "إذن كيف هو؟"
شعرت بأنها بدون دفاعاتها وحصونها التي ترتديها أمامه.


بدون أقنعة وجهها المرحة ..
بدون أي قوة لمقاومة تأثير وجوده بالقرب ..
فآثرت المغادرة ..
آثرت البعد عن محيطه خاصة وهو بهذا المزاج البائس الذي يحفز عاطفتها تجاهه لمنحه الكثير .. والكثير جدا.
بدون مقابل..
بدون حدود..
بدون شرط أو قيد.


فتحركت تلملم الوشاح حول كتفيها وتعدل من مقدمة حجابها وهي تقول مغادرة "أنا متعبة جدا سأذهب لأستريح"
تجاوزته نحو الباب فأمسك بمعصمها برفق قائلا بإلحاح خافت "لم تردي على سؤالي .. كيف هو فتى أحلامك؟"


ارتجف جسدها للمسته .. فأغمضت عينيها لثانية وهي توليه ظهرها تستشعر ملمس أصابعه على رسغها .. ثم استجمعت كل قوتها .. وأفلتت معصمها من يده وهي تغمغم بصوت خفيض " بم سيفيد التحدث عنه .. سيظل فتى الاحلام ونحن نعيش في الواقع .. تصبح على خير"


قالتها تسرع الخطى متألمة من أجله .. شاعرة بالذنب تجاهه بأنها لم تكن قوية بشكل كاف لتواسيه حين احتاجها .. لتضحكه أو حتى تستفزه لتخرجه من حالته .. لم تكن قادرة هذه المرة .. فخافت من نفسها أن تتصرف بما يمليه عليها قلبها لا عقلها
وكم في القلب من رغبات مكبوتة !.


اما هو فأبعد الأطباق من أمامه فاقدا شهيته
فاقدا للرغبة في الحياة.
لا يعلم من أين يبدأ البداية الصحيحة حتى لا يؤذي أحد.


××××


مساء الاثنين
دخل يونس الفيلا عائدا من عمله .
لقد استيقظ اليوم متأخرا واضطر للمغادرة بسرعة لارتباطه بمواعيد هامة وظل طوال النهار ذهنه مشغولا .. كيف سيواجه فارس ؟ .. ومن الطرف الثالث الذي يتحدث مع فريدة .. فكر في كارمن لكنه لا يعلم أن كانت ستبقي على سره في حالة إن رفضته فريدة أم لا ..
وفي الحقيقة يشعر بالحرج من كارمن أن يظهر أمامها عاشقا .. ففكرة أن تملكه امرأة تتعارض مع رغبته في أن يبقى حرا متحكما في مقاليد أموره .. وحين تكون هذه المرأة فريدة يخشى أن يضيع فيها إذا ما أعطى لنفسه الفرصة .. وهذا في حد ذاته يغيظه بشدة من نفسه.


قال بحنق من بين أسنانه يحدث قلبه " أبا الأغبياء والله .. ورطنا ورطة سوداء أتمنى ألا تسبب شرخا في هذا البيت .. بماذا سأخبر أخاها يا ربي .. أني عاشق ! .. يونس العظيم وقع في شباك ابنة عمه كالجحش ( وفرك شعره بأصابعه بعصبية يزفر ) أووووووووف "
بحث عنها في أرجاء الفيلا فلم يجدها .. إنه لم يتحدث معها اليوم أبدا ولم تبادر هي بالسؤال عنه حتى بالهاتف .. اشتعل صدره بالغيرة مفكرا " هل انشغلت بالتفكير في العريس ونسيته؟؟!! "


جز على اسنانه حين جاءت سيرة العريس في رأسه شاعرا برغبة في تحطيم رأسه وكسر عنقه وساقيه حتى لا يأتي لهذا البيت مجددا .. فلن يتحمل حرقة الأعصاب هذه مرة أخرى .
دخل على والدته يسألها " أين فريدة ؟"
ردت ببرود "ذهبت لحفل عيد ميلاد أخت سهيل"


سألها بلهجة حادة "سهيل من؟؟"
ردت تراقب ملامحه " سهيل الشاب الذي تقدم لخطبتها"
صاح باستنكار" نعم !!.. ومن وافق على هذا التهريج؟؟؟!!!!"
ردت متماسكة " فارس وافق وأرسل معها كارمن حتى تتعرف عليه أكثر"
صرخ باعتراض " ولماذا لم تخبروني بهذا الامر؟؟؟؟؟!"


تصنعت الحاجة البرود وأجابت " ولماذا نخبرك ؟؟.. أنت انسحبت من الجلسة أمس"
جز على أسنانه واندفع كالسهم يترك غرفتها فنادت عليه بقلق " يونس .. إلى أين .. يونس ( وغمغمت بخوف ) استر يا رب .. (لتعود وتطمئن نفسها بعد دقائق من التفكير ) بالتأكيد سينتظرهما حتى تعودا فهو لا يعرف منزل سهيل .. (وعادت لتفكر ثم كررت ) بالتأكيد لا يعرف بيته من أين سيعرفه؟! "


في الخارج اندفع يونس يركب سيارته بعصبية وهو يقول في الهاتف " حسن .. أريد عنوان سهيل رحماني سليم أخبرني أنه من معارفك "


××××


وقفت فريدة تتطلع حولها وتتلقى الترحيب من بعض الموجودين في حفل عيد الميلاد والذي بدا عليهم معرفتهم بموضوع الخطبة .. وتطلعت في كارمن التي مسدت على ذراعها تقول "ما بك لست على طبيعتك بل متخشبة .. و( أكملت متهكمة ) هل تقومين بدور العروس الخجول من الآن ؟"


ابتسمت فريدة وقالت " لا شيء متوترة بعض الشيء "
سألتها كارمن " ولماذا التوتر الناس ودودون معك ولطيفون وسهيل يبدو متلهفا ومهتما جدا .. بالمناسبة أين ذهب؟"
ردت فريدة باقتضاب "لا أعلم يا كارمن لا أشعر بالراحة"


سألتها كارمن باهتمام "ما الذي لا يريحك بالضبط؟"
حاولت ايجاد أسباب منطقية وأجابت" أولا أهله برغم لطفهم لكنهم منفتحون بشكل مبالغ فيه أشعر بنفسي مختلفة ومتحفظة عنهم"
تكلمت كارمن " هذا ما قلته لك بالأمس "
قالت فريدة هامسة باستنكار " لم اتخيل أن الأمر بهذه الدرجة .. هل رأيتِ خطيب أخته حين دخل قبّلها على وجنتيها .. صحيح كان هذا بينها وبينه على الباب لكن من الواضح أنهم معتادون على ذلك .. وليس بينهما رباطا شرعيا حتى الآن "


لم تجد كارمن ما ترد به فالتزمت الصمت .. بينما اقتربت سمر تقول بلطف" فريدة هلا أتيت قليلا أريد أن أريك شيئا"
تحركت فريدة معها تاركة كارمن تقف وحدها في وسط الحفل الصاخب تحيي وتجامل بعض الوجوه التي تعرفها من قبل .


في الوقت نفسه ترجل يونس من سيارته أمام فيلا عائلة سهيل لكنه منع نفسه قبل أن يقتحم الفيلا المفتوحة البوابات على مصرعيها لاستقبال ضيوف الحفل .


وقال مهدئا نفسه " تصرف كالعقلاء يا يونس فأكثر ما كان يقلقك هو أن تتهور بجنونك وتؤذي الآخرين اتصل بها لتخرج هي وكارمن بهدوء "


رفع الهاتف على أذنه واقفا يهز ساقه بعصبية وحين لم ترد دخل الفيلا مندفعا وهو يقول " إذا لا يلومني أحد حين أجرها من حجابها بنت سعد الدين "


اخترق حديقة الفيلا بسرعة يتفحص المدعوين داخل الفيلا باحثا عنها .. وقبل أن يحاول الاتصال بكارمن وجدها تقف تتحدث مع احدى المدعوات فاقترب منها لتتسع عيناها متفاجئة بوجوده ومن هيئته الغريبة عليها.
كان وجهه متجهما واقترب منها يقول بانزعاج" أين فريدة؟"


ابتلعت صدمتها ونظرت حولها تقول "ذهبت مع سمر أخت سهيل للخارج أعتقد أنهما في الحديقة"
اندفع مغادرا فشعرت كارمن بالقلق وأسرعت خلفه .


قبل دقائق :


خرجت فريدة مع سمر لحديقة الفيلا تاركة الأجواء الصاخبة بالداخل وعقدت حاجبيها تسألها "إلى أين ؟ "
انتحت سمر يسارا لتشير على بعض المقاعد تحت شجرة وقالت "انتظريني هنا لدقيقة واحدة أريد أن أريك شيئا"


رفعت فريدة حاجبا مستنكرا لكن الأخرى اسرعت بالابتعاد فزفرت جالسة على المقعد حقيبتها فوق حجرها وفتحت هاتفها تتفقده لربما يونس قد اتصل بها.


إن هذا الفظ الغليظ لم يتصل بها طوال النهار .. وقد قلقت عليه حين تأخر في النوم اليوم لكن بمجرد أن ذهبت لتتفقد أحوال الدار اكتشفت حين عادت أنه قد استيقظ وخرج للعمل .


همت بالاتصال به لتطمئن عليه لكن يدها تسمرت بالهاتف لثوان حين تفاجأت بسهيل يظهر أمامها فجأة ويجلس على احد المقاعد تزين شفتيه ابتسامة سعيدة.


هتفت بانزعاج وهي تعيد الهاتف لحقيبتها "هل هذا ما كانت تقصده سمر ؟.. مقلبا ليس ظريفا أبدا"
واستقامت واقفة فقال سهيل مترجيا " فريدة أرجوك أردت التحدث معك قليلا فأنت لا تعطيني فرصة.. وملتصقة بكارمن منذ أن حضرت"
ردت فريدة مدافعة "لقد كنا نتحدث في الداخل"
قال يقنعها "أرجوك يا فريدة ..بعض دقائق سنتحدث سويا"


ترددت قليلا ثم وافقت على مضض وهي تعود للجلوس.. فتكلم سهيل مائلا بجذعه ناحيتها " أنا سعيد جدا بأنني أجلس معك الآن فمنذ أن رأيتك في حفل زفاف كارمن وأنت تحتلين أفكاري"


شعرت بالحرج فتمتمت بخجل " سهيل أرجوك دعنا لا نتسرع في تلك الأمور.. مازلت أفكر وأتيت اليوم فقط من أجل سمر"
قال مشاكسا" من أجل سمر وليس من أجلي"
سيطر عليها الحرج تحاول أن تكون لبقة بقدر الإمكان فقالت وهي تستقيم واقفة "دعنا ندخل لا أحب أن نجلس هذه الجلسة"
قال باستنكار "فريدة أنا أحاول أن اتحدث معك اجلسي بالله عليه لدقيقتين"
جلست مرة أخرى وهي تسحب نفسا عميقا ثم قالت" سهيل أرجوك هذا الشكل غير لائق دعنا ... "


قاطعها يقول بصوت أجش " أريد أن أخبرك بما أشعر به نحوك حتى اقنعك بالموافقة "
قالت محرجة " لا داعي لهذا أرجوك فأنا ....."
بترت عبارتها حين وجدته يسحب كفها بين كفيه فسحبت يدها بسرعة وانتفضت واقفة تقول بعصبية " ما هذا الذي تفعله!!"


رفع سهيل نظراته المندهشة نحوها يقول " اهدئي يا فريدة أردت أن أحضن يدك "
هتفت باستنكار " أنا لا أقبل بذلك وإياك أن تفعلها مرة أخرى"


رد بانزعاج "لمَ كل هذه العصبية ؟!!.. أنا لم أفعل سوى لمس يدك!"
اشاحت بيدها تقول باستهجان" كيف تقولها بهذه البساطة من تظنني بالضبط؟"


وقف سهيل أمامها يقول بعصبية" لم يحدث شيء يا فريدة لكل هذا .. فلا تضيقين عقلك على أمور تافهة وارتقي بأفكارك قليلا عن تلك الشعارات الشعبية الطنانة المقززة (لا تلمسني قبل الزواج ) وما إلى ذلك .. أنا جاد في الارتباط بك ودخلت بيتكم رسميا .. وما أعجبني فيك أنك تخطيت ماضيك الشعبي بجدارة واندمجت مع الطبقة العليا فلا تخيبي ظني فيك أرجوك "
شعرت باشتعال النار في اعصابها واستفزها كلامه بل جرح كرامتها فعلقت حقيبتها على كتفها بعصبية ووقفت تشيح بيديها الاثنتين تقول بلهجة ذات نغمة تخص المناطق الشعبية " لا يا باشمهندس .. أنت أخطأت تماما في تخمينك .. فأنا مازلت فريدة بنت الحارة الشعبية ومازالت متمسكة بتلك الشعارات الرنانة التي تقززك"


اتسعت عينا سهيل ورد منزعجا " ما هذه الطريقة يا فريدة ولمَ كل هذا ؟؟؟؟ أنا أمسكت بيدك لم أطلب أن أقبّلك "
" من هذه التي ستقبلها يا ابن (..... ) "
قبل أن تستوعب فريدة كانت قبضة يونس قد انطلقت كالسهم في وجه سهيل الذي سقط على الكرسي متفاجئا ..



ارتعبت من ظهوره المفاجئ ومن الهيئة التي بدا عليها وهو يستدير نحوها يسحق ذراعها بيده قائلا بغضب" ماذا تفعلان هنا وحدكما يا ست البنات .. اسبقيني على السيارة لنا بيتا نتحدث فيه"


قالت فريدة موضحة "يونس أرجوك اهدأ لا داعي لما تفعل سهيل لم يفعل شيء"


نظر لسهيل وقال "لم يفعل شيء !!.. يقول لك لم أطلب أن أقبلك ماذا تريدين أن يفعل أكثر من ذلك؟!!"


استقام سهيل واقفا وانقض على يونس يمسك بتلابيبه قائلا من بين أسنانه " ما شأنك أنت بها لتتدخل في الامر؟"


وقفت كارمن من بعيد تحبس أنفاسها قبل أن تسمع هاتفها يرن.. ففتحت الخط بسرعة ليبادر فارس بالقول" أنا أمام الفيلا .. "
صرخت بسرعة " فارس أسرع يونس يتشاجر مع سهيل.."


دفع يونس سهيل بقوة فارتطم بالشجرة قبل أن يصيح بفريدة "اسبقيني على السيارة فورا"
تسمرت مكانها فحدجها يونس بنظرة خطرة كانت كافية لسهيل لأن ينقض عليه مرة أخرى وهذه المرة يوقعه أرضا.. ويجلس فوقه يسدد له عدة لكمات .. فاندفعت فريدة تضرب سهيل بحقيبتها بغل قائلة " أتركه فورا .. وإلا أقسم بالله سأفقأ عينك بكعب حذائي"


استدار إليها سهيل متفاجئا .. فانتهز يونس الفرصة ودفعه من فوقه بخشونة ليستدير ويتبادل معه الجلسة ويصبح فوقه يسدد إليه اللكمات قائلا بغل "لم تخبرني .. من التي كنت ستطلب منها قبلة يا ابن ( ..... ) "


اخترق فارس والشيمي البوابة مسرعين فنظر الأول لكارمن الواقفة في منتصف الحديقة بتوتر والتي اسرعت بالإشارة على الناحية التي يتعارك فيها يونس وسهيل فأسرعا نحوهما جريا ليمسك بأخته أولا يبعدها لمترين للخلف قبل أن يتعاون هو والشيمي في حمل يونس ليبتعد من فوق سهيل بينما فارس يهتف هادرا " توقفا فورا .. توقفا "


استقام يونس واقفا بالإجبار ووقف الشيمي بهدوئه المعهود حاجز بين الشابين فتحرك يونس الفاقد السيطرة تماما على أعصابه بعصبية جيئة وذهابا متخصرا قبل أن ينظر لفريدة التي اعتصر الألم قلبها وهي ترى خيط الدماء الذي يسيل من فمه ويشير لها أمرا "إلى السيارة فورا"


تحركت مسرعة نحو السيارة تبكي قبل أن تفقد أعصابها وتذهب إليه تتحسس وجه وتمسح عنه الدماء بينما هدر فارس قائلا "هلا أخبرني أحدكما ماذا يحدث"


أشار يونس لسهيل قائلا " الأستاذ ينتحي بأختك جانبا وكان يقول لها أنا لم أطلب منك قبلة"
استدار فارس نحو سهيل بملامح خطرة لينضم والد سهيل مفزوعا مما يحدث وقد لمحهم بالصدفة ليقول سهيل مدافعا عن نفسه "لم يحدث شيء واسألها كنا نتحدث فانقض عليها هذا الهمجي"


اندفع يونس يحاول اختراق جسد الشيمي الذي يعترض طريقة كالجدار وهو يقول من فوق كتفه "أنا همجي يا (...... )"
رمشت كارمن بعينيها محاولة لفهم السُبة التي ألقاها يونس لكنها لم تفهم رغم شعورها بأنها وقحة.. بينما هدر فارس في أخيه قائلا " يونس اهدأ لأفهم"


انتفض سهيل قائلا وهو يحاول مهاجمة يونس هذه المرة فأمسك به والده " ما شأنك أنت .. ولماذا تتدخل أصلا!"
ضيقت كارمن عينيها ولم تفهم ما الذي يقول سهيل بينما هدر فارس بقوة "سهيل من فضلك لا تتعدى حدودك "
لكن يونس كان قد فقد السيطرة على نفسه تماما فأشهر مطواته يحاول الإفلات من الشيمي حتى يهاجم سهيل وهو يهدر بقوة "أنا سأريك ما هو شأني "


قال أبو سهيل هادرا" ما الذي يحدث يا فارس بالضبط!!"
اندفع فارس يدفع يونس للخلف صارخا " يونس ! .. أمسك أعصابك ودعني أفهم"
لم يسمعه يونس وانما قال لسهيل من خلف كتف أخيه" اسمع يا هذا .. ليس لدينا بنات للزواج .. وإن مررت من الشارع الذي نسكن فيه قسما بالله سأشرّحك بهذه المطواة "
دفعه فارس بقوة أكثر ليبتعد بينما هدر أبو سهيل قائلا "ما هذا المستوى المتدني .. هذا الأسلوب غير مقبول في بيتي يا فارس "


استدار فارس يلملم أعصابه وقال لسهيل ووالده " سنغادر الآن وأرجو أن يقف الأمر بيننا عند هذا الحد من الفضائح "
وتحرك مبتعدا مشيرا لكارمن التي تقف ترتجف من التوتر أن تتحرك هي الأخرى ..


أوصلها للسيارة ثم ذهب خلف يونس المتوجه لسيارته يناديه فذهبت كارمن خلفهما بأعصاب مشدودة تخشى أن يتشاجرا بينما بقيت فريدة في سيارة فارس تبكي.


هدر فارس يلحق بأخيه " يونس .. يونس أنا أتحدث يا يونس"
قال يونس والوحوش تتراقص أمامه" نتحدث فيما بعد يا فارس أرجوك"
توقف فارس عن ملاحقته وهدر بقوة أوقفت قلب كارمن التي تطلعت حولها في الشارع الهادئ " يونااس !!"


تسمر الأخير مكانه بكتفين متشنجتين موليا له ظهره فقال الأول بصرامة آمرا" تعال هنا فورا "
تقبض يونس وظل صدره يعلو ويهبط من الانفعال ليستدير بعد ثوان ويقف مسبلا جفنيه تتسارع أنفاسه الغاضبة ليهدر فارس بصرامة أكبر " هنا ... أمامي " مشيرا بسبابته ليقف أمامه بالضبط ووقف متخصرا ينتظر تنفيذه للأمر ..
راقبت كارمن تحبس أنفاسها .. فارس بملامح وجهه الخطرة ويونس الذي كانوا يمنعونه بصعوبة حتى لا يقتل سهيل منذ قليل يتحرك ببطء مسبلا اهدابه ليقف صاغرا أمام أخيه ..لحظتها أحست بأن فارس أبوه وليس أخوه ..
قال فارس بهدوء خطر سمعته جيدا " ما معنى ما حدث منذ قليل .. ولماذا هذا الانفعال المبالغ فيه .. وإياك أن تقول لي رد فعل طبيعي لأنك شاهدتهما يجلسان سويا فبعيدا عن ثقتنا في أن فريدة لن تسمح بأي تجاوز تحت أي مسمى رد فعلك لم يكن رد فعل الدفاع عن كرامة العائلة .. أنت كنت فاقد للسيطرة تماما .. أنت .... "
قاطعه يونس صائحا بانفعال وهو ينظر في عينيه " ليست أختي يا فارس .. فريدة ليست أختي فلا تحاول مهما فعلت أن تجعلها كذلك بالنسبة لي "


شهقت كارمن مصعوقة بينما وقف فارس يطالع أخاه بملامح مصدومة وقال مجعدا جبينه "لم أفهم .. ما معنى هذا الكلام ؟!!!"
قال يونس وقد فاض به الكيل " معناه ما فهمته بالضبط من رد فعلي على هذا الحيوان وما فهمته مما قلته للتو "


استدارت كارمن تنظر لفريدة التي لا تزال بالسيارة بعيدة عما يدور تتحدث في الهاتف باكية فخمنت أنها تكلم الحاجة نفيسة ثم عادت تراقب ما يحدث أمامها مشلولة لتجد فارس واقفا محدقا في وجه أخيه الذي ينظر له بثبات رغم ملامحه المتألمة وتمتم بخفوت "يونس !"


اشفق يونس على أخيه المصدوم أمامه شاعرا وكأنه قد ارتكب خطيئة فقال مشفقا " آسف يا أخي .. أعلم أنك لم تكن تضع هذا الأمر في حسبانك أبدا .. لكني حاولت كثيرا ألا أضيف مزيدا من التعقيدات للعائلة ولم أقدر .. حتى سافرت هاربا من مشاعري فطاردتني بنت سعد الدين .."


شهقت كارمن مرة أخرى بينما أكمل يونس "حاولت أن أطيل الهروب فاستدعيتني أنت فعدت لأجد نفسي غارقا فيها حتى أذناي .."
غمغم فارس شاعرا بالغرابة "فريدة .. أنت وفريدة !"


اسرع يونس بالقول" هي لا تعرف شيء فلا تعقد الأمور أكثر مما هي معقدة ..( وتحرك للخلف مغادرا وهو يقول ) آسف لأني صدمتك وهدمت علاقة الأخوة التي بنيتها طوال السنين الماضية .. وآسف أني خذلتك وعدتك يوما ألا أخذلك .. عموما سأتركك لتستوعب الأمر وأرجو أن تخفي الموضوع عن فريدة مؤقتا حتى نسوي الأمر بيننا أولا ( ونظر نحو كارمن خلف فارس وكأنه يطلب منها عدم البوح بما سمعت ثم عاد لأخيه يقول ) على أية حال لن أجبرك لتقبل الامر دون رغبتك لكن ما لن أسمح به أبدا هو أن تزوجها رجلا غيري فإن أردت أن تراني ميتا افعلها يا أخي .. (وابتعد خطوتين يقول بهدوء) آسف جدا يا فارس ليس بيدي .. صدقني ليس بيدي "
واندفع يركب سيارته ويغادر بينما ظل فارس مطرقا برأسه يستوعب ما سمعه للتو .


لم تفهم كارمن تفاصيل ما يحدث بالضبط لكنها همست من خلفه تبتلع صدمتها " فارس هل أنت بخير؟ "


استدار يفيق من شروده وتوجه نحو السيارة ساهما فأجلسها في المنتصف بينه وبين فريدة الواجمة التي اسرعت لتدافع عن نفسها وعن يونس بالقول " لم يحدث شيء يا أبيه .. لكن يونس على ما يبدو قد فهم الامر بالخطأ "
خرج صوت فارس شاردا يقول "اصمتي يا فريدة"


انخرست تحدق في النافذة بينما تطلعت كارمن فيهما تريد أن تفهم ما يدور وكيف يونس يقول بأنها ليست أخته !.. لكنها آثرت الصمت حتى يصلا للبيت .


أما فارس فمازال يحاول الاستيعاب .


كيف لم يفكر في هذا الأمر من قبل؟
متى اخترع وصدق كذبة أن يونس وفريدة اخوة.
أو ربما نسي ذلك وسط الاحداث والصعوبات التي مرت بهم وساعدته حقيقة أنه أخ لكليهما .. بل انه أحيانا ينسى أن فريدة من أم أخرى وأب آخر وأن ما يربطهما هو أخوة بالرضاعة .. أحيانا ينسى تلك الحقيقة وكأن نفيسة هي من ولدت فريدة .. وكيف لا يشعر بذلك وهي بالفعل في بيتهم قبل حتى أن تتعلم الكلام .


طوال عمره يتعامل مع فريدة ويونس على أنهم أخوة مثل علاقته بهما .. وربما ما احتل تفكيره من كفاح لبناء حياته وانتشال عائلته من الفقر وقهره وحرقة قلبه على مقتل والده ظلما دون أن يقتص من الفاعل حتى الآن وسعيه للانتقام وكل هذه الأمور التي تملأ رأسه شغلته عن تلك الحقيقة .


ولأنه لم يفكر فيها من قبل شعر بأن ما قاله يونس عن مشاعره تجاه فريدة أمرا صادما وغريبا .


تطلع لفريدة التي تنظر من النافذة بوجوم واستدار بسرعة ناحية نافذته يهمس لنفسه" ما معنى أن يخبرني بأنها ليست أخته .. ماذا يريد أن يخبرني بالضبط .. أنه يحبها؟
يحبهاّ !!!
هل يشعر بها كما يشعر هو بكارمن؟!!
كمشاعره تجاه كارمن ؟؟؟؟!!!!!!
أخوه يشعر تجاه اخته كمشاعره هو تجاه كارمن !!
××××


نهاية الفصل الثامن

قراءة ممتعة

شيماء يسري شموسة






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 23-10-19, 03:53 PM   #139

mansou

? العضوٌ??? » 397343
?  التسِجيلٌ » Apr 2017
? مشَارَ?اتْي » 3,018
?  مُ?إني » عند احبابي
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Algeria
?  نُقآطِيْ » mansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond reputemansou has a reputation beyond repute
?? ??? ~
«ربّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي، وَاغْسِلْ حَوْبَتي، وَأجِبْ دَعْوَتي، وَثَبِّتْ حُجَّتِي.»
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

mansou غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-19, 01:15 AM   #140

Soy yo
عضو جديد

? العضوٌ??? » 390429
?  التسِجيلٌ » Jan 2017
? مشَارَ?اتْي » 483
?  نُقآطِيْ » Soy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond reputeSoy yo has a reputation beyond repute
افتراضي

فصل رائع متخم بالمشاعر و خاصة المشهد الاخير للمواجهة بين يونس و فارس حقا مبدعة و متألقة...

Soy yo غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:54 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.