آخر 10 مشاركات
جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          ذكرى ضاعت منه(132)للكاتبة:Dani Collins (الجزء الثاني من سلسلة الوريث الخاطئ)*كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          310 - رحلة الى السراب - لين غراهام (الكاتـب : monaaa - )           »          جنون المطر (الجزء الثاني)،للكاتبة الرااااائعة/ برد المشاعر،ليبية فصحى"مميزة " (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          89 - جرح الغزالة - آن هامبسون - ع.ق (الكاتـب : pink moon - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          لُقياك ليّ المأوى * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : AyahAhmed - )           »          رجفة قلوب اسود الصحرا ..رواية بدوية رائعة *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : وديمه العطا - )           »          حب في عتمة الأكــــــاذيب " مميزة و مكتملة " (الكاتـب : Jάωђάrά49 - )           »          جراح على صفحات الماضي (88) للكاتبة المبدعة: nahia gh *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : ROSES LEAVES - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1161Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-10-19, 01:16 PM   #91

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 3



طرقت فريدة على باب مكتبه بهدوء وحين لم يرد دخلت لتطمئن عليه ..

تعرف جيدا أن هذا الحادث قد قلّّب عليه المواجع وذكره بالماضي..

هذا إن كان قد نساه !.

كان يجلس خلف مكتبه يحاول شغل ذهنه عن تلك الوحوش التي تنهش في صدره وتأججه بالذكريات المؤلمة ومشاعر الوجع.

رفع انظاره نحوها فغمغمت كطفلة صغيرة مذنبة " أعرف أني اسأت التصرف .. وأفزعتك وأحزنتك كثيرا"

أشار لها أن تقترب فتحركت نحوه تفرك في كفيها بشعور بالذنب ..

أمسك بمعصمها ليجلسها على حجره ويربت على ظهرها بحنو وهو يقول بهدوء " صحيح أنك تهورت .. واني لا أعرف سببا لمطاردة السيارات المجنونة هذه .. لكن يونس أخبرني أنك تصرفت في الحادث بمهارة قيادية عالية وأنه لولا حسن تصرفك لحدث مكروها لا قدر الله لكما أو للفتى "

سألته بحرج " ماذا حدث مع صاحب الكشك؟ "

ربت على ظهرها يقول " لا تشغلي بالك انتهى الأمر عوضناه ولم نتركه إلا راضيا "

تمتمت قبل أن تميل لتنام برأسها على كتفه " لا حرمني الله منك يا أبيه"

همس بحنو " ولا منك يا حبيبة أبيه "

ساد الصمت لبضع دقائق ليرفع فارس حاجبا ويقول بلهجة خطرة رغم خفوتها " لم أعرف سبب مطاردة السيارات حتى الآن؟"

رفعت رأسها عن كتفه ونظرت إليه تعض على شفتها فحدق فيها بخطورة لتقول بحرج " فعلت به مقلبا في النادي فتوعدني "

انقلبت ملامح فارس للاستنكار ثم قال آمرا بهدوء " قومي "

قامت بسرعة تخبئ فمها بقبضتها بخزي فقال بغيظ " اذهبي من أمامي بدلا من أن انفعل واقتلك أنت وهو "

قالت وملامح طفولية تعلو وجهها " تهورت وتصرفت بدون تفكير ولم أتوقع أن يتطور الأمر لهذه الخطورة "

قال بصرامة " اذهبي إلى غرفتك يا فريدة "

تحركت نحوه تقول بسرعة" ليس قبل أن أعطيك سكر "

وانحنت تطبع قبلة بالإكراه على خده قبل أن تهرب من أمامه وتغلق باب المكتب خلفها .. لتعود ملامحها للحزن مرة أخرى فتسقط من جديد دموعها التي لا تريد أن تتوقف منذ ما حدث صباح اليوم ..

ونظرت في ساعة الحائط تتساءل " هل سيعود يونس الليلة؟"

××××

كانت تعاني من تقلصات ظروفها الشهرية لكنها حبست نفسها في الغرفة منذ أن عادت من المصنع لتواجد زوج أمها بالبيت ولم ينزل لمشاهدة المباراة في المقهى كما كان متوقعا... فتقوقعت بداخل الغرفة مع حبة مسكن ونامت تفترش الأرض أمام حاسوبها المحمول بعد أن كانت تنهي بعض الأعمال التي اخذتها للبيت ..

انها تبذل قصارى جهدها لتثبت أنها تستحق ثقة آل سعد الدين فيها ..

حين استيقظت عهد من النوم بفم جاف بعد أن انتهى مفعول حبة المسكن كانت الساعة الثانية عشر مساء وأصوات مكبرات الصوت في الشارع لا تزال تبث أغاني الافراح عالية في هذا الوقت المتأخر احتفالا بزواج ابنة أحد الجيران .. فتعجبت أن استطاعت النوم وسط كل هذا الصخب الذي يضرب كالمطارق في رأسها حاليا ..

شعرت بالجوع والعطش وتذكرت أنها لم تأكل شيئا حين عادت من العمل .. فاقتربت من باب الغرفة بعد أن غطت في طريقها أخيها واختها الصغيرين الغارقين في النوم .. ولفت وشاحا كبيرا حول منامتها المحتشمة وخرجت لتعد شيئا ساخنا وتبحث عن أي شيء بالمطبخ لتأكله .

تذكرت تلك الأيام في ألمانيا التي كانت تتصل في أي وقت من الليل لتطلب طعاما سريعا .. وكيف كانت توقظ زياد أو يونس ليتسلما عنها الطلبية ليس لأنها تريد ذلك ولكن لفرضهما عليها الأمر ..

وكيف كانت تتعمد طلب الوجبات السريعة في وقت متأخر من الليل غيظا فيهما وتوقظهما ليتسلماه ..واضعة في حسبانها تلك الضريبة التي كانا يأخذانها على تسلم الطلبية بدلا منها .. والتي تقدر بنصف الوجبة التي تطلبها بالحجم الكبير لتكفي ثلاثتهم.

ابتسمت في طريقها للمطبخ .. لقد كانت أحلى أيام .. تعيش في راحة دون قيود مفروضة عليها .. تكتفي بقيودها الذاتية التي تفرضها على نفسها ..

دخلت المطبخ تفكر في القرار الذي يؤرقها منذ أن عادت ..

هل تعود لألمانيا وحدها ؟..

وإن عادت هل ستتحمل الغربة بدون زياد أو يونس ؟..

ماذا لو تعرضت لنفس الموقف الذي تعرضت له مع الرجل السكير .؟

ام تستقل في السكن هنا في الوطن ؟

الفكرة ستكون رائعة لكن الناس لن تقبل بوجود فتاة بمفردها في شقة .. فالأمر هنا مختلف تماما عن ألمانيا وستبدو أمامهم منحرفة وسهلة الاصطياد .

بالإضافة لخوفها من أعمامها الغير أشقاء لوالدها وتشددهم في العادات والتقاليد ككل أهل الجنوب .. رغم أنها لا تذكر عنهم سوى القليل والقليل جدا منذ وفاة والدها .. لكن والدتها لم تتوقف عن اخافتها منهم بسرد الحكايات عن عصبيتهم وتمسكهم الشديد بالتقاليد .. حتى أنها ظلت مدة بعد ذلك القرار الذي اتخذته بتهور للسفر لألمانيا مع يونس وزياد اللذان تفاجئا بها في المطار .. ظلت بعدها لبعض الوقت مرتعبة أن يعرف أحد أعمامها أنها قد سافرت بمفردها .

لكن عقلها يخبرها أن تحمل كلام الناس عليها .. لأهون بكثير من العيش في هذا البيت الخانق وهذا الضغط الذي تعيشه ..

سكبت الماء الساخن فوق الأعشاب في الكوب لتهدئ من تقلصاتها وامسكت بالملعقة الصغيرة تقلب بشرود .

ياله من أمر صعب أن تكون قادرة على الاستقلال بنفسها ماديا ومعنويا.. لكنها لا تستطيع فعل ذلك خوفا من كلام الناس.. وخوفا من بعبع أعمامها الذين لا تعرفهم ولا تعتقد أنهم لا يزالون يتذكرونها .

..تصلب عامودها الفقري فجأة حين شعرت بحركة خلفها فاستدارت لتجد عبود بفانلته الداخلية وبنطاله البيتي يقف على باب المطبخ ..والذي بادرها بلهجة ساخرة "ما هذا؟ الأستاذة الموظفة مستيقظة أيضا .. يا لها من صدفة !"

ازدادت ضربات قلبها توترا خاصة وهي تجده واقفا عند الباب يسده .. وعيناه تنظران إليها بتلك الطريقة المقززة .. فنظرت أمامها تفعل اللا شيء هاربة من نظراته وغمغمت "جئت لأشرب شيئا ساخنا "

تأمل منحنيات جسدها محاولا اختراق النظر تحت الوشاح الذي تلفه حولها وتلك المنامة الفضفاضة التي لا تُشبِع أيا من الوحوش الجائعة بداخله والتي تتوق لالتهام هذه الفرسة الجامحة .. وقد منحته سيجارة الحشيش التي دخنها منذ قليل أحلاما ساخنة بشأنها جعلته في أعلى حالاته الذكورية سخونة .. لكن ظهورها الآن وحدهما يكاد يُذهب عقله ويزيد أحلامه مجونا ..

قال وهو يقترب قليلا وعينيه تأكلانها بشراهة " أما أنا .. فجائع جدا.. ( واستقرت عينيه على ثدييها واكمل ) جدا .. (ليستدرك قائلا بلهجة حاول أن تكون عادية ) وأمك لم تحضر بعد من عند الجيران فهي مصرة على أن تجامل صاحبتها حتى نهاية الحفل ( وابتسم لها ابتسامة لزجة يكمل ) فقررت أن احضر لنفسي شيئا سريعا لآكله .."

توترت حين علمت أن والدتها ليست في البيت فسألته بوجوم "وأين رحاب؟"

رد وعيناه تمسحان على تفاصيل جسدها " سمحت لها أن تذهب مع أمها لترفه عن نفسها قليلا من ضغط المذاكرة "

غمغمت بسرعة وهي تهم بالمغادرة منتظرة أن يبتعد عن الباب "وأنا سأنام لدي عمل باكر "

قال عبود بلهجة متهكمة " منذ أن أصبحت موظفة في ذلك المصنع وأنت تمثلين دور الشخص المهم .. وتتقوقعين في غرفتك بحجة انهاء العمل .. وأنا متأكد أنك تحصلين على راتب أكبر بكثير من المبلغ الذي اخبرت والدتك به فهذا المصنع كبير كما أن اخو صاحب المصنع أحد الشابين الذين سافرت معهما ( وغمز بعينه يقول ) تلعبينها بطريقة صحيحة .. وها أنت عدت لتعملي في مصنع كبير كهذا "

غلت الدماء في رأسها فردت بكبرياء " شهادتي كفيلة بأن ترشحني للعمل في أكثر من جهة كبيرة"

ضحك باستفزاز مقتربا ناحيتها وهو يقول " ونعم الشهادات ! "

ازدادت ضربات قلبها توترا حتى كاد قلبها أن يكسر عظام صدرها .. فمدت يدها لتضع الملعقة على المنضدة لكن من ارتعاشها وقعت منها على الأرض مصدرة جرسا صغيرا لتتسع ابتسامته متلذذا بارتباكها ويتحرك باتجاه الثلاجة .

تحركت عهد للناحية المعاكسة لكنه غير وجهته فجأة معترضا طريقها مدعيا قصده لتلك الوجهة فارتبكت وانتحت للناحية الأخرى ليغير وجهته في نفس اللحظة متصنعا العفوية ..وقبل أن تستوعب كان يلتصق بها بكامل جسده يلصق ظهرها للحوض رافعا ذراعه الذي لمس ثديها في طريقه لمسة صريحة نحو الخزانة العلوية يحضر منها شيئا وهو يقول " ما دمت لا تريدين افساح الطريق "

ذهولها من جرأته ..

وجسده الملتصق بها بكامله ..

واستشعارها لاستثارته الذكورية الصريحة ..

جعلها تنتفض وتحاول ابعاده وهي تصيح بهلع " ابتعد عني .. هل جننت .. سأخبر الجميع عنك ".

دفعتها لم تفلح في ابعاد جسده الذي لا يزال ملتصقا بها لكنه كشر عن أنيابه وامسك بشعرها يميل برأسها غير قادر على السيطرة على نفسه أكثر من ذلك فاستشعار جسدها البض أفقده أي ذرة تعقل فقال بفحيح ساخن مرعب زاد من ارتجافها " اخبريهم إن كنتِ شجاعة .. وسأنكر ببساطة.. ولن يطالك سوى الفضيحة .. ( حاولت دفعه بكل قوتها فزاد من شده لشعرها لأسفل وهو يقول بعينين حمراوين وقد تملك منه شيطانه ) طاوعيني وسأجعلك ملكة هذا البيت .. ولا تخافي على عذريتك ..أنا أعرف انك ذكية وستفهمين ماذا أعني "

انتفضت عهد بغضب ..فلم يكن هناك وقت للاستسلام للرعب.

وبكل القهر المكبوت بداخلها منذ سنوات ..

وبكل الغل والشعور بالامتهان ..

وبكل الخوف ..

وبكل الاشمئزاز ..

وبكل قوة الغضب المختزنة على مدى السنين ..

تناولت المقلاة الثقيلة التي لمحتها على الحوض وضربته بها على وجهه ضربة موجعة تألم منها .. فترك شعرها يصرخ واضعا يده على عينه .. فدفعته بغل تصيح بقهر " من تعتقدني أيها القذر.. أنا عهد الدهشان "

دفعتها أخلت بتوازنه فدعس على الملعقة في الأرض وهو يتراجع للخلف لينزلق بسرعة أمام عينيها وترتطم رأسه برخام أحد الخزائن الجانبية ..

وقع عبود على الأرض فاقدا للنطق في أقل من ثانية .. وبدأ خيط من الدماء يسيل من جانب رأسه على الأرضية.

وتوقف الزمن ..

وسكت كل شيء ..

حتى مكبر الصوت في الخارج لم تعد تسمعه .. إلا من صوت لهاثها العالي ..

ارتعشت مقلتيها وهما تحدقان فيه ..

لتنقشع غمامة الغضب أخيرا ..

ويحل محلها الخوف ..

فاقتربت برعب وهمست وهي تتفقده " عبود .. عبود !"

حين لم يرد انحنت تهزه فلم يستجب ..

وضعت يدها على فمها تكتم صرختها بعد أن تملك منها الهلع وجرت مرعوبة نحو غرفتها تغلق عليها بابها ..

لترتمي على فرشتها في الأرض بعينين متسعتين مصدومتين تحضن نفسها تهز جسدها للأمام والخلف في توتر .

هل مات ؟

هل مات عبود ؟

هل قتلته ؟

تسارعت أنفاسها تطلب الهواء ..

فلا وقت للإغماء ..

ولا وقت للندم على اللبن المسكوب ..

فكري يا عهد ما العمل ؟..

فكري بسرعة .

هل سيقبضون عليها؟ ..

سيزجون بها في السجن لأنها قتلته؟؟؟؟

قتلت حشرة كعبود ! ..

بماذا ستخبرهم ؟...

كان يتحرش بها !..

ومن سيصدقها ؟ أين الدليل؟ ..

لا توجد ملابس ممزقة ولا آثار على جسدها تدل على العنف..

انهم لا يعترفون بالنظرات القذرة ..

ولا يطلعون على النوايا الخبيثة ..

ولا يصدقون بالتحرشات اللفظية واللمسات ..

ولا بالعروض القذرة ..

يعترفون فقط بالأدلة ؟..

وأين تلك الأدلة ؟..

أين دليلك يا عهد ؟!

استقامت بسرعة نحو حقيبة السفر التي لا يزال نصفها مملوءا لم يفرغ بعد فكومت كل ما يخصها بسرعة بداخلها ..

ملابسها ..

حاجياتها ..

حاسوبها المحمول

وكل شيء ..

وارتدت فوق منامتها بنطالها الجينز وبلوزة وعقصت شعرها وهي تتنفس بصوت عال في عقدة فوق رأسها مثبتة بالدبابيس .. ثم تحركت تجر حقيبتها الثقيلة بكل الآلام الخيبات والقهر والخوف لخارج الغرفة ..

في طريقها نحو باب الشقة توقفت عند المطبخ لتلقي نظرة سريعة عليه .

على عبود ..

الذي قد يكون ميتا ..

قتلته ..

قتلت عبود .

جرت نحو باب الشقة وخلال دقيقتين كانت في الشارع ..

تنهت وهي تجر الحقيبة بينما الجميع مشغولون بالحفل..

فانتحت طريقا جانبيا هادئا .. فالساعة قد تخطت منتصف الليل بقليل .. وأصوات الحفل تقل كلما ابتعدت ..بينما لهاثها يعلو ..وحقيبتها تزداد ثقلا .

اشارت لأول سيارة أجرة وركبتها ليسألها السائق إلى أين ؟..

شعرت بالشلل ولم تعرف إلى أين ؟.

أخبرته أن يذهب لمحطة القطار لكنها لم تكن تعرف ماذا ستفعل في محطة القطار ؟.

بعد ربع ساعة ترجلت من سيارة الأجرة وانقدت السائق لتقف تتطلع لمبنى المحطة في سكون الليل .. وصوت نباح الكلاب آتيا من بعيد ..

وكأن جسدها كان ينقصه ارتجافا بأصوات الكلاب .. وما أكثرهم في هذه الحياة .

دخلت محطة القطار الفارغة نسبيا إلا من بعض عمال النظافة وافراد الأمن وعدد قليل جدا من المسافرين وتطلعت حولها بحيرة .. لتقترب من أحد المقاعد وتجلس تحضن نفسها لتقلل من ارتجافها ..

لا تعرف ماذا ستفعل وإلى أين ستذهب ؟..


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 01:16 PM   #92

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 4


تطلع يونس في اللوحة الفنية المعلقة على الجدار يتأملها بعينين متسعتين وعدم فهم .. ثم نفث دخان سيجارته فيها .. ليكرر ذلك عدة مرات متسليا ..

فاستدار زياد الذي يقف في المطبخ المكشوف يتطلع إليه شاعرا بالراحة أن عاد يونس لطبيعته وتخلى عن تلك الحالة الهستيرية التي تصيبه كلما تذكر الماضي ..
وضع زياد الأطباق على الطاولة العالية التي تفصل المطبخ عن غرفة المعيشة ليصرخ فجأة حين شاهد يونس يقرب سيجارته من اللوحة " ماذا تفعل يا مجنون؟؟!!! "
أدار يونس رأسه يقول ببرود " كنت سأطفئ السيجارة في هذه اللوحة "
ترك زياد المطبخ ليقترب منه يضربه في صدره يبعده عنها قائلا "ابتعد عنها وتوقف عن الجنون"
تكلم يونس يتصنع التعاطف " كلما أتيت إلى هنا يحزنني هذا الرجل المرسوم أن يكون بدون عينان فقررت أن امنحه إياها .. سأطفئ سيجارتي في اللوحة فيصبح مكانها عينين..:
قال زياد محذرا " اياك والاقتراب منها .. هل تعرف ثمن هذه اللوحة؟!"
رد يونس ممتعضا" بل أعرف أمثالك من التافهين الذين يحتفظون بلوحة عجيبة تافهة ثمنها يكفي لإطعام حيا بأكمله لمدة شهر"
وضع زياد يديه في جيبي بنطاله البيتي المريح بعد أن عدل من نظارته الانيقة ليقول" أولا تعرف أن هذه الشقة ملك لوالدي وهو لا يزال على قيد الحياة ولست مخولا بأن أتصرف فيما لا أملكه .. ثانيا هذه ليست صورة لرجل أعمى يا جاهل .. اللون الأبيض في اللوحة يعني الصفاء الروحي والنوايا الطيبة واللون الأحمر يعني الآثام ونوايا الشر "
مال يونس برأسه يمينا يتطلع في اللوحة .. ثم يسارا يدقق فيها ليقول بلهجة متهكمة " فعلا ! .. أتصدق أني كل هذه السنوات كنت أظنها تشير لعلم بولندا !"
رفع زياد حاجبيه.. ليكمل يونس تهكمه " لم أجد تفسيرا منطقيا لها سوى أن الرسام بولندي ومفتخر بوطنه .. "
عوج زياد زاوية شفتيه وتحرك عائدا للمطبخ وهو يقول بامتعاض " ستظل جاهلا تربية حواري "
اقترب يونس يرد عليه وهو يتخذ مقعده على الكرسي العالي على المنضدة الرخامية العالية التي تفصل المطبخ عن غرفة المعيشة " وستظل أنت تافها لزجا مرفها وابن الناس الطيبين "
قال زياد آمرا وهو يدفع بالطبق أمامه " كُُل .. فابن الناس الطيبين يطعمك الآن .. كُُل واجعل هذه الليلة تمر دون أن أضربك .."
بدأ يونس في الأكل بنهم وهو يغمغم" أنا بالفعل جائع لم آكل طيلة النهار "
بعد دقائق قال زياد وهو يشاركه الطعام " ما رأيك أن تنافسني في لعبة الكترونية اكسر عظامك فيها بدلا من هذا الملل "
رد يونس بسرعة " بل أفضل النساء لكسر هذا الملل .. ألا يوجد لديك نساء تحضرهم إلى هنا ونقضي أروع سهرة "
قهقه زياد ورد متهكما " عندي واحدة في الثلاجة هل احضرها لك"
ابتسم يونس ابتسامة صفراء ورد " مهاراتك في الاستظراف تسوء مع تقدم العمر .. ( ثم أكمل وهو يدلك صدره ) أريدها ساخنة .. ساخنة جدا "
قهقه زياد بينما قال يونس بامتعاض وهو يحشر الطعام في فمه " ما هذا الحظ التعس ! .. يا بني افهم .. أنت الشاب المدلل ابن الأثرياء ووريث الطبقة المخملية ومن المفروض أن تكون ماجن وعابث فآتي إلى شقتك فأكتشف أن لديك عددا من المائعات فاضعف ويغلبني شيطاني وأكون ضحيتك "
قهقه زياد ثم رد " أبدا .. فالعكس هو الصحيح يا فهيم .. أنت ابن الحارة الوقح الخطر ربيب السجون مدمن الحشيش وأنا ابن الناس الطيبين البريء الساذج فأتعرف عليك فتفسدني وتعلمني كل أنواع الانحراف وأكون ضحيتك"
انفجرا في الضحك يضربان كفيهما ببعض ليتمتم يونس " ما رأيك أن نغير المهنة ونؤلف أفلاما !"
بعد قليل ألقى زياد بعلبة مياه غازية ليونس الذي التقطها من الهواء وهو يجلس في غرفة المعيشة أمام الشاشة الكبيرة يحضر لمنافسة وشيكة في أحد الألعاب.. ليقول الأول بجدية وهو يتحرك ليجلس ويمسك بمتحكم الألعاب " بالمناسبة .. والدتي عرضت عليّ عروس .. وأنا أراها مناسبة"
تفاجأ يونس ومرر نظراته بينه والشاشة ليقول من خلف السيجارة المعلقة بين شفتيه " هل ستتزوج حقا؟!! "
ارتجف قلب زياد وغمغم واجما دون أن ينظر لصاحبه وكأنه يقنع نفسه " لم أعد صغيرا .. وعلي أن أتزوج واستقر .. كما ترى (ونظر حوله في الشقة الخاوية ) أعيش وحدي أنا والجدران .. والداي يعيشان في دولة عربية كما تعلم وأنا لا أحب الحياة هناك لهذا أنا هنا وهما هناك لا تجمعنا سوى العطلات والأعياد .. وكما تعلم أيضا أنا أكره الوحدة "
تطلع فيه يونس بعدم فهم ثم قال بخفوت "ولكني قد ظننت أن...."
وصمت فسأله زياد باهتمام "ظننت ماذا ؟"
تراجع يونس ليقول " لا شيء أريد فقط أن أسألك هل تخفي عني شيئا ؟"
قال زياد يداري وجعه " مثل ماذا ؟"
رد يونس بسرعة " لا شيء .. لا تشغل بالك (وضربه على كتفه بخشونة يقول بمرح ) مبارك لك مقدما يا زيزو .. العقبى لي حين أتزوج من أربعة "
لم يلتفت زياد لمزحة صديقه بل غمغم وهو يتطلع في الشاشة أمامه يداري بؤسه " باكر جدا على المباركة .. سأتعرف عليها أولا .. وسأطلب خطبة طويلة لأتأكد من أنها الشخص المناسب حتى لا أظلمها معي .. وقبلها بالتأكيد سأصلي صلاة استخارة ..( واخرج زفرة حارة ليكمل) يفعل الله ما يريد "
رن هاتف يونس فالتقطه عاقدا حاجبيه ليرد بهدوء وهو يترك متحكم الألعاب الالكتروني من يده ويستقيم ليقف أمام الشرفة موليا ظهره لصاحبه " كيف حالك ؟ .. لمَ أنت مستيقظة حتى الآن؟"
قالت فريدة بصوت طفولي باك وهي مستلقية في سرير الحاجة ناني التي تصلي على الكرسي في نفس الغرفة " فريدة آسفة .. والله آسفة "
أطرق برأسه يسمعها في صمت فأكملت بطريقة طفولية ودموعها تغرق الوسادة " فريدة لن تزعج يونس مرة أخرى .. هذا وعد "
أدرك أنها في أضعف حالاتها فهي لا تشاكس وتتصنع الكبرياء فقال بهدوء " انتهى الامر يا فريدة .. تخطيه .. أنا أتحمل مسئولية ما حدث ( كادت أن ترد فقال بحزم ) سنتخطى هذا الأمر كما تخطينا الأصعب منه من قبل أليس كذلك "
غمغمت بخفوت مستسلم " أجل سنفعل "
قال بلهجة حانية " إذن نامي الآن .. تناولي المهدئ الذي كتبه لك الطبيب ونامي وفي الصباح ستنسين كل شيء "
سألته برجاء " متى ستعود؟"
صمت قليلا يهدئ من ضربات قلبه ثم أجابها بحشرجة " في الصباح سأكون أمامك لا تقلقي "
سألته لتتأكد " وعد ؟"
أغمض عينيه قليلا وسحب نفسا طويلا ملأ به صدره ثم استحضر بعضا من غلاظته ليقول بمشاكسة " بالطبع سآتي لأفطر .. هل تعتقدين أني سأفطر من يد زياد ابن الناس الطيبين شطائر ومربى وهذا الأكل المائع .. وأترك طبق الفول الذي ستعدينه لي "
ابتسمت وردت بهمس " سأعده بالتأكيد فلا تتأخر "
هتف زياد من مكانه " فريدة .. متى آتي لأساعد في ترتيبات الملجأ"
استدار يونس يسأله بغيظ" ولماذا تأتي أصلا .. ألا يوجد لديك عمل ؟!!"
رد زياد ببرود " هذا لا يخصك أريد التطوع للمشاركة وأن أكون في استقبال الأطفال حين يحضرون لأول مرة في الملجأ"
عوج يونس شفتيه بينما ردت فريدة " أخبره أننا نحتاج للكثير من الأيدي العاملة حتى يوم الافتتاح "
تجاهل يونس نقل المعلومة ليقول متصنعا المرح " هل أنت متشوقة لاستقبال أولادك ؟ "
ابتسمت وردت "متشوقة جدا هل ستكون موجودا لاستقبالهم معي؟"
تمتم " بالطبع سأكون (وأكمل بلهجة خطرة ) ستنامين فورا أليس كذلك "
غمغمت فريدة بخفوت ناعس " لقد أخذت المهدئ .. ويبدو أن مفعوله قد بدأ "
غمغم بحنو " تصبحين على خير "
××××
مرت ساعتين وهي على حالتها جالسة في نفس المقعد في محطة القطار حتى استطاعت أن تستجمع أعصابها بعدما حدث مع عبود..
وظل السؤال الذي يلح في ذهنها( هل مات عبود ؟) ينهش فيها لكنها تجاهلته مؤقتا بعد أن شعرت بالخوف من وجودها في هذا الوقت المتأخر وبعض العيون التي ترمقها أو تراقبها من وقت لآخر.
شددت الوشاح حول كتفيها رافضة أن تبكي أو تظهر أي مظهر من مظاهر الضعف أو تشفق على حالها حتى تبقى قوية ومتيقظة ..
لم تعرف بمن تتصل ولمن تلجأ .. فهي لا تملك أي معارف تستطيع اللجوء إليهم داخل العاصمة .. وأعمامها في إحدى مدن الجنوب لا تعرفهم معرفة حقيقة والعلاقات بينهم ليست بهذه القوة لتلجأ إليهم ...
فكرت في المبيت في فندق لكن تأخر الوقت يخيفها من التجربة رغم أنها جريئة كما يتهمها البعض .
أخذت تشجع نفسها" إهدئي يا عهد .. ما المشكلة في أن تذهبي لفندق وتطلبي حجز غرفة ؟. . أنت عشت في ألمانيا وحدك "
لكنها عادت تفكر بتردد ..
أمن الممكن أن يكون قد مات ؟ وأن الشرطة تبحث عنها بهذه السرعة ؟!!!..
حاولت الوقوف فخانها جسدها لتعود وتجلس مكانها مرة أخرى..
تحاشت التفكير في زياد للمرة الألف بعد أن خرجت من البيت هاربة لكنها مصرة على ألا تورطه معها ..
إلا زياد..
فكرت في الاتصال بيونس لكن كرامتها ألحت عليها بألا تفعل .. فإن لم يكن مقدرا لها أن تدخل بيت عائلته مرفوعة الرأس فلن تدخله مذلولة .. خاصة وأن تلك العلاقة الأسرية بينهم التي تمنت أن تكون جزءا منها إن قابلتها في هذا الظرف الصعب الذي تعانيه الآن سيحطم أخر حجر في صمودها وتنهار .
اللجوء لزياد ما زال يلح عليها .. لكنها تخاف عليه .. ماذا لو كان عبود قد مات ؟..وقتها سيصبح زياد متسترا على مجرمة فارة من العدالة ..
لكنها..
لكنها لا تعرف غيره ..
في حاجة ماسة إليه ..
تحتاج لوجوده الذي يشعرها بأن الدنيا بخير ..
تحتاجه جدا حتى لو لبضع ساعات حتى يبزغ الفجر وتفكر أين ستهرب؟ .. وإلى متى؟ .
استسلمت للإلحاح..
استسلمت للاحتياج..
فهو الوحيد الذي تستطيع أن تظهر أمامه بكل نواقصها وجنونها وحالات ضعفها ..
رن هاتف زياد فضيق جفونه يحاول الاستيقاظ ولم يمض وقت طويل على نومه بعد سهرته مع يونس .
نظر في الهاتف لينتفض جالسا ويجيب بجزع " عهد "
قالت وهي تتحكم في أعصابها حتى لا تفزعه بانهيارها " كيف حالك زياد؟ "
قال وهو يستقيم واقفا " ما بك ؟ تكلمي بسرعة "
تحكمت في رغبة ملحة في البكاء وقالت " أنا كنت أسأل اذا كنت تعرف مكانا استطيع أن أبقى فيه حتى الصباح ( واسرعت تقول ) أو شقة مغتربات ,.."
قال وهو يتوجه ناحية الخزانة " أخبريني بمكانك فورا "






يتبع


Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 01:17 PM   #93

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 5

كل شيء يطفو على السطح من جديد ..
مهما حاول دفنه أو تناسيه مؤقتا حتى يصل لهدفه ..
أن يصل للشماع ..
وينتقم منه ..
إن هذا ليس عدلا ..
أن يتجرع هو وأسرته الآلام وينعم الشماع بأمواله خارج البلاد ..
رفع عمود رفع الأثقال لأعلى يثني ويفرد ذراعه مستلقيا على ظهره فوق الجهاز الرياضي يحدق في سقف الغرفة .. وكل شيء يعود لرأسه وكأنه حدث البارحة ..
صوت لهاثه ..
رائحة المبنى الذي كان تحت الانشاء وقتها ..
وملمس الدماء على يديه ..
دماء والده الذي مات ظلما .. بعد أن حاول كشف غش الشماع هو وشريكه عظمة في المباني.. فقتله الشماع وهرب بعد أن سرق كل المستندات التي تدينه والتي كانت بحوزة والده .. ولم يشهد عظمة بما يعرف وادعى وجوده في غير مكان .. لكنه متأكد أن الأخير تركهما قبل أن يحضر فارس ليجد جثة والده في استقباله .
لن يثنيه شيء عن انتقامه ..
لن يثنيه شيء ..
لقد أمن حياة الجميع ..
وسيتفرغ لانتقامه.
ترك حمل الأثقال .. واعتدل جالسا يلهث .. ثم التقط فوطة بجانبه وأخذ يجفف عرقه ويرتدي قميصه من جديد متخذا القرار أخيرا بالصعود لغرفته بعد أن أنهكه التعب ولم يعد في جسده نقطة قادرة على بذل أي مجهود ..
صعد السلم وهو يرفع الهاتف على أذنه مغمغما " ألن يعود هذا الولد !"
أتاه صوت يونس متحشرج من النوم" نعم أخي "
اطمئن قلبه أنه بخير لكنه قال بتوبيخ "أنت نائم وانا انتظر عودتك .. والدتك ستقلق عليك "
قال يونس وهو مغمض العينين في احدى الغرف في شقة زياد " لا تقلق اتصلت بها وأخبرتها أني سآتي غدا "
لانت لهجته ليقول " هل تبيت عند زياد ؟"
رد يونس بلهجة مسرحية بائسة " أجل عند زياد .. فبعد أن وبختني وطردتني من بيتك وحرمتني من الميراث ( لانت ملامح فارس وهو يستمع لمزاحه شاعرا ببعض الراحة بينما أكمل الأول ) ضاقت الدنيا في وجهي .. فذهبت لأسكر وأُُعربد وسرت في الشوارع أغني ( جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت ) حتى آواني زياد عنده مشفقا على حالتي "
لاحت ابتسامة على شفتي فارس لكنه تنحنح يقول ساخرا "تغطى جيدا يا حبيبي .. سلام "
بعد قليل كان يفتح باب الجناح بهدوء ويدخل .
اقترب من الاريكة التي تتوسط غرفة المعيشة ووضع حافظة نقوده وهاتفه ومفاتيحه وساعة يده وكل متعلقاته بهدوء .. ثم خلع حذائه وتحرك حافيا يرغب في حمام يرخي تشنج عضلاته.. ويخمد رغباته التي ازدادت تأججا بمجرد أن دلف إلى مكان مستشعرا وجودها حتى لو كانت غارقة في النوم .
فتح باب الغرفة الداخلية ..
غرفته التي أصبحت غرفتها ..
ودخل بصمت متحاشيا النظر إليها متجها نحو خزانة الملابس يفتحها بهدوء شديد..
فلمح ذلك البرطمان البلاستيكي الشفاف القابع في أقصى الزاوية .
مد يده والتقطه يتطلع فيه لبعض الوقت قبل أن يغمغم في سره " قريبا يا أبي قريبا سآخذ بثأرك .. حتى لو ضحيت بحياتي من أجل ذلك لترقد مستريحا في قبرك .. "
وضع البرطمان مكانه .. واخرج ملابس نظيفة .. ليتحرك نحو الحمام مقاوما النظر نحوها .. لكنه توقف في منتصف الطريق مغمض العينين للحظة ثم استدار ناحيتها ..
وقف يتطلع فيها منكمشة تحت الأغطية .. فخانته قدماه ولم تطع أوامره بالتوجه للناحية الأخرى نحو الحمام .. بل تحركت لتقترب منها ..
وقف بجوار السرير يتأملها ..
ملامحها الملائكية ..
وشعرها البني الذي يغطي وجهها..
انحنى يعدل فوقها الأغطية متعجبا من انكماشها بهذا الشكل رغم أن الشتاء لا يزال في أوله .. فخانته قدماه مجددا ليهبط على ركبتيه بجوار السرير ويمد يدا خشنة مرتعشة يبعد شعرها عن وجنتها ورقبتها ..
وتسمر يتأملها غير مصدقا أن مُنِحَ امتياز تأملها عن قرب ..
جفناها الواسعان ..
وأنفها الجميل ..
وشفتيها المرسومتين بإغواء يفوق احتماله ..
قبض على الغطاء بقوة مستحضرا كل قدرته على التحكم في نفسه ..
ماذا فعل بنفسه؟
لماذا ورط نفسه بها وهو يعلم أنه ليس كفئا لها ..
فمهما وصل من غنى سيظل بالنسبة لها عامل الرخام المبلط متوسط التعليم والخلفية الاجتماعية ..
شعور تخلص منه منذ زمن ولم يعد يعبأ به من أحد ..
واثقا في نفسه وفيما وصل إليه بكده وتعبه ..
إلا معها ..
سيظل أمامها عامل الرخام ..
وستظل هي الأميرة الحلوة..
التي قرأت له أمه عنها يوما في احدى قصص الأطفال القديمة .. فتمناها وحلم بها وقت أن كان له حق في التحليق مع الخيال كأي طفل ..
الأميرة المحبوسة في قصص الخيال..
التي تمنى حين كان مراهقا أن يقابلها في الواقع
لتُذبح أحلامه وتنتهي تماما منذ ذلك الحادث .
وطوال سبعة عشر عاما لم يكن لديه لا الوقت ولا الفرصة ولا حتى الرفاهية للتفكير في الفتيات ..
كانت حياته عبارة عن عمل ..
عمل ..
عمل بدون توقف ..
يلهث للحصول على المزيد ويوسع استثماراته .. ويصارع الجميع ليقف وسطهم يخبرهم بكل رباطة جأش ( هأنا ذا ) .. ابن مقاول الانفار بينكم .
تحول من عامل رخام .. لصاحب محل صغير لبيع مستلزمات البناء .. لصاحب محل أكبر .. لشريك في عدة محلات .. واضعا العملة المعدنية فوق الأخرى .. مستخدما ذكائه الفطري في التجارة والأرقام ومضاربا في البورصة حتى استطاع أن يصل إلى ما هو عليه الآن ..
لم يعرف سوى الشقاء ولم يفكر إلا في الانتقام ..
لم يعرف فتاة من قبل .. ولم يجد وقتا ليخرج مع الشباب أخر الأسبوع للترفيه .. ولم يكن له أصدقاء .. ولم يكن مهتما بالزواج اللهم إلا الاحتياج الذكوري الطبيعي له مثل أي رجل لكنه بانشغاله بالعمل وبممارسته بانتظام لبعض الألعاب الرياضية العنيفة .. كان يشغل نفسه عن التفكير في ذلك الأمر .
حتى ظهرت هي أمامه ..
ظهرت الأميرة ..
خرجت له من الحكاية القديمة ..
بالضبط كما تخيلها وهو صغير ..
بنفس الملامح ..
انها هي ..
وجدها في الواقع رغم أنه لم يكن يبحث عنها ..
قابلها صدفة حين كان يراقب صفوت وعائلته ..
وحين قرر مراقبة لؤي .. ذلك الفتى مدلل والديه الذي لطالما شعر بالحقد تجاهه أن يعيش وسط والديه بينما هو مشرد مع عائلته ..
تعرف عليها .. وعلم ما بينهما من علاقة حب ..
وبهت بوجودها في الواقع كما تخيلها وكأنها صنعت من أحلامه .. لكنه لم يقدر أبدا على الاقتراب .. ولم يقدر أيضا على الابتعاد.
فمنذ أن رآها تحجج بعلاقتها بعائلة عظمة وظل يراقبها حتى أصبحت مراقبتها إدمانه ..
صباحا يمر عليها حين تخرج للتريض.. ومساء حين تخرج مع أمها أو تحضر الحفلات .
كان يقف أحيانا بسيارته بالقرب من فيلا السيوفي لأكثر من ساعة لربما أطلت أو خرجت .. وأحيانا كثيرة لا يحالفه الحظ في رؤيتها فيعود خائب الرجاء مكسور القلب .
القلب ..
قلبه هو السبب فيما هو فيه الآن ..
لم يخطط أبدا من الاقتراب منها .. رغم أن الغيرة كادت أن تقتله .. فقد كان يعلم أن لا وقت لديه للالتفات لأمور القلب .. مدركا لحقيقة أنها لن تكون أبدا له .. مهما كبر وضعه وكبرت أهميته في مجال الأعمال .. لن ترضى به خاصة مع فارق العمر..
فارق العمر الذي لم يلتفت إليه قلبه وأذله .. ليقضي الثلاث سنوات الماضية كالمتسولين أمام فيلا السيوفي يستجدي لحظة منها تخفف عليه شقاء يوم طويل ..
وشقاء سنوات أطول ..
فارق العمر أذله فجعله يقع في هوى أميرة الحكايات التي يكبرها بعشر سنوات ..
فتمنى لها أن ترتبط برجل آخر غير لؤي ..
رجل يستحقها ..
رجل نظيف مستقيم من أصل عريق يليق بها ...
رجل يعرف كيف يتحدث مع النساء .. وكيف يخبرها بالأشعار وحلو الكلام الذي يسعدها ..
رجل أخر غير لؤي ..
رجل أخر لا يشبهه .
لكنه أشفق عليها من الإفلاس الذي بات يقترب من عائلتها .. فحاول أن يساعد والدها من بعيد لكن كان لابد أن يطلع على موقف الشركة عن قرب حتى يستطيع طرح الحلول.. لكن دخوله لحياتهم فجأة وعرضه على عاصم السيوفي المساعدة لم يكن منطقيا بدون سبب وجيه . .
فكيف سيذهب للرجل ويخبره برغبته في المساعدة دون سبب أو سابق معرفة.
أراد أن ينتشلها من سقوط محتوم ..وهو الذي يعلم جيدا كيف يكون ذل ومهانة الفقر خاصة أن كنت عزيز قومك يوما ..
ربما لم يكن سوى ابن مقاول بناء يعيش حياة فوق المتوسطة مع أهله ليطردوا بسبب ديون والده بعد مقتله إلى الشارع ..
فذاق الذل والهوان وعلم معنى ضيق الحال وكسرة النفس وقابل النفوس المريضة ..
فكيف بعد هذا يتركها تتجرع من نفس الكأس ..
بل أصعب منه وهي التي عاشت وتربت في عالم مخملي ..
لم يطاوعه قلبه أن يراها ذليلة مُهانة ..
كان يعلم بعلاقات لؤي النسائية ونوى أن يرسل لها صورا لخيانته حتى تتركه وتقابل رجلا آخر يستحقها ..لكنه في تلك الليلة .. ليلة الحفل .. حين خرجت تطعم القطة .. ظل مترددا .. يخشى عليها من الصدمة .. تردد يرسل أو لا يرسل .. حتى وجدها تستقل سيارة أجرة وتذهب لتلك الشقة .. فلأول وهلة ظن أنها قد علمت كل شيء .. لكن الغيرة نهشته وخشي أن يكون لؤي قد أثر عليها أو دبر لها فخا ..
وحين صعدت لشقة لؤي ..صعد خلفها في البناية غير قادر على تحمل فكرة أنها مع لؤي وحدهما .. مقررا التدخل أو حتى خطفها لو لزم الامر إن كانت قررت أن تستسلم للؤي ورغباته.. فشاب بوقاحة هذا الأخير بالتأكيد قد ألح عليها أكثر من مرة أن تذهب إليه ..
تذكر كيف صعد خلفها وظل في المصعد يحجز بابه عن الاغلاق في نفس الطابق يراقبها من بعيد .. ليتأكد من أنها قد علمت بالفعل .. وحين وجدها آتية أغلق المصعد لينزل بسرعة ويعود للسيارة قبل أن يكتشف بأنها قد نزلت على السلم ..
حاول وقتها أن يتماسك حتى لا يخرج إليها ..
حاول أن يتركها ..
حتى أنه أمر رَجليه بالتحرك بالسيارة .. لكنه بمجرد أن مر عليها في جلستها الموجعة المحطمة للقلب والأعصاب تجلس على عقبيها تحضن ركبتيها أمرهم بإيقاف السيارة وظل متماسكا بقوة حتى لا يظهر أمامها .. فلا يعلم أي تهور قد يقوم به وهو يراها بهذا الانهيار.. وهو الذي يتحاشى حتى الاقتراب منها ..
فأمر زغلول بأن ينزل لها وراقبه وهو يعرض عليها أن يحضر سيارة أجرة.. بينما أوقف الشيمي سيارة اجرة لها فترددت قليلا لكن بمجرد أن فُُتح باب المصعد خلفها ورأت لؤي آتيا من بعيد أسرعت وركبت في سيارة الأجرة ليأمر فارس بالسير خلفها متحكما في رغبة صبيانية تلح بداخله لقتل هذا الـ لؤي .. ولم يتركها إلا بعد أن تأكد من عودتها للفيلا سالمة .
وقتها اختل كل شيء كان يخطط له ..
قراره بالابتعاد عن طريقها وعدم التورط معها تحطم فلم يستطع أن يرى اسرتها تنهار دون تدخل منه فاتخذ قراره بأن يذهب لعاصم بك يطلب يدها ..
كانت الصفقة الوحيدة التي دخلها دون دراسة كافية .. دخلها محكما قلبه وليس عقله .
متوقعا أن نسبة موافقتهم ضعيفة جدا.. لكنه جرب حظه وفتح الباب أمام عاصم بك لعرض المساعدة.. وحين جاءه الرفض الضمني والاعتذار الغير صريح من عاصم بك استمر في عرض المساعدة عليه.. فبالرغم من تألمه للرفض لكن عقله صاحب المنطق كان يعلم أن هذا ما كان متوقعا ..
كان يعلم أنها مستحيلة عليه ..
وأن فكرة أن يكونا في مكان واحد هي محض خرافة من صنع قلبه المريض بحبها ..
وانه سيظل يراقبها من خلف زجاج سيارته القاتم حتى تتزوج وتصبح ملكا لرجل ليس هو ..
وحين أتته الموافقة لم يعرف ماذا يفعل .. رغم أنه ليس ساذجا حتى لا يعلم أن سبب موافقتهم كان للمساعدة في انقاذهم من الإفلاس.. وليس ساذجا حتى لا يعلم أن عاصم السيوفي كان قلقا من أن يترك ابنته في هذه الظروف مع أم كشويكار.. لذا عرض عليه عقد قران سريع فلا ينكر أنه هو أيضا خشي من رحيل عاصم بك وأن تتحكم امرأة كشويكار في أميرته الحلوة فتتسبب في عذابها .
عرض عقد القران في لحظة تهور ليست من شيمته ليجدها بعد بضعة ساعات زوجته .
يذكر جيدا شعوره وقتها .. كان مذهولا غير مستوعب .. وظل يخرج ورقة الزواج من جيبه مرارا ليتأكد من أن اسم الأميرة قد كتب بجانب اسمه.
حتى وإن كان فقط على الورق.
يدرك أنها قد قبلت بالزواج به صاغرة حتى تنقذ عائلتها.
ويرى جيدا نظرات الرعب في عينيها حين تراه
ويستشعر الدموع الحبيسة خلف مقلتيها ..
لكنه لم يكن ينوي أن يتمم الزواج بها ..
لم يكن ينوي أن يضغط عليها بوجوده..
أن يؤذيها بقربه ..
أن يزعجها بظهوره أمامها ..
بل قرر أن يطيل عقد القران لأكبر مدة ممكنه متأكدا أنها سترحب بهذه الفكرة .
أرادها أن تنعم بحمايته ..
أراد أن يخلصها من أفكار أمها الطموحة والتي قد تضر بها
أراد أن ينقذها من الافلاس والاهانة وأن تنعم بحمايته..
حتى يأتي اليوم المحتوم .. حين تتحسن أحوال عائلتها فيطلق سراحها أن ارادت ..
ويلتفت هو لهدفه الذي لا يريد أن ينشغل عنه .
لكن خطته لم تسير كما أراد.. فأمها وتغيرها نحوه أثار ريبته وخشي أن تهدم كل ما بناه لإنقاذهم .. وأن تؤثر عليها لطلب الطلاق بسرعة .
كما أن حياة الصخب والحفلات المعتادة عليها هي وأمها لم يناسبه ولم يتماشى مع اعتزازه بكرامته .. فإن كان قلبه قد ضعف وورطه.. فكرامته عليه أن يصونها .. لذا قرر الإسراع بالزفاف .
وها هو عالق بين قلبه ..
ومشاعره ..
وخوفه عليها ..
وشوقه إليها ..
ومشاعر الاحتياج التي تعذبه ولم يحسب لها حسابا .
وبين كرامته التي يعرف جيدا أنها ستسحق عند اقترابه منها .. ستسحق تحت قدمي ذلك المتسول المستجدي لها بداخله ..
آثر الصمت فهو لا يعرف ماذا يقول ؟..
آثر الصمت يراقب وجودها ..
آثر الصمت ليسمع صوتها يغرد في أذنه..
آثر الصمت حتى لا يخيفها منه ..
حتى لا يزعجها بوجوده ويذكرها أنها قد اضطرت للزواج من عامل الرخام.
وكل هذا يستفز كرامته .. وهو الذي أقسم الا يطأطئ هامته لأحد .
لهذا يصعب عليه الاقتراب ليس فقط شفقة بها .. معترفا بصعوبة التغير الذي حدث لها .. واختلاف عالمها عن عالمه ..

وانما حفاظا على كرامته .. فليس هو الرجل الذي يفرض نفسه على امرأة حتى لو كانت هي الفتاة الوحيدة التي امتلكت قلبه المتفحم بنار الانتقام ..
حتى لو كانت هي ..
الأميرة الحلوة كارمن في حكايات والدته .
أفاق من شروده ليجد نفسه لا يزال يجلس على عقبيه بجانب سريرها .. اليوم توقفت عضلة قلبه حين علم بالخبر رغم أن يونس أخبره قبل أن يسرد التفاصيل أنها وفريدة بخير .. لكن فكرة اختفائها عن هذا العالم فكرة موجعة بشدة .. فيكفيه ما يتجرعه من وجع مزمن لا يشفى ..
تأملها مادا يده يعيد خصلات شعرها للوراء ولم يقدر على التحكم في نفسه فمال برأسه يلمس بإبهامه جفنها الواسع ثم اقترب ببطء يطبع قبلة على عينها المغمضة .. ليرفع رأسه ويميل مرة أخرى نحو كتفها المكدوم .. ويطبع قبلة حانية طويلة .. مغمضا عينيه ..ساحبا ما يقدر عليه من شذى عبيرها إلى صدره..
ليشحذ بعدها كل همته .. ساحبا نفسه للوراء بقوة ..
مجبرا نفسه على التقهقر .. متراجعا للخلف ..
ليستقيم ويدفع نفسه بحزم نحو الحمام .
××××
تطلع حوله متوترا وألف سؤال وسؤال يدور في ذهنه في طريقه إليها ..
فمنذ أن اتصلت به لا يذكر كيف ارتدى ملابسه وكيف خرج دون حتى أن يوقظ يونس الغارق في النوم في احدى الغرف ولا يعرف أصلا كيف قاد السيارة إلى هنا .
أوقف السيارة أمام محطة القطار يفك حزام مقعده ويترجل منها بسرعة.. ليدخل المحطة ويقف لاهثا بتوتر يلتفت حوله باحثا عنها ..
وجدها أخيرا تجلس على أحد المقاعد وحدها في ركن مظلم وسط ذلك السكون الرهيب الذي يعم المكان .. فهرول إليها ثم تباطأت خطواته يحاول أن يستشف حجم المشكلة الواقعة فيها .. فاستقامت تقاوم رغبة ملحة في البكاء .. فهو آخر شخص تريد أن تثقله بهمومها .. وآخر شخص قد تورطه في مشاكلها .. تعلم جيدا أنه دمث الخلق وشهم ويشفق عليها كثيرا فيشملها برعايته..
تصنعت ابتسامة من وراء الدموع المحبوسة بداخلها تفرك بيديها خلف ظهرها .. فقال زياد بخفوت " ماذا حدث ؟"
أبعدت ناظريها عن عينيه المحدقتين فيها بتمعن وردت بارتجاف حاولت أن تداريه " تشاجرت معهم في البيت فقررت في لحظة غضب أن أغادر .. لكني بعد أن خرجت اكتشفت أن الوقت متأخر جدا (وهرشت في حاجبها تغمغم ) فجلست هنا كالخرقاء لا أعرف أين أذهب "
استشعر أن الأمر أكبر من ذلك .. لكنه قال بسرعة وهو يتقدم ويحمل حقيبتها " سنتحدث فيما بعد "
صاحت معترضة " سأحمل الحقيبة "
نظر إليها وقال بحزم " هيا يا عهد تقدمي أمامي واتركي أمر الحقيبة "
نفذت بحرج شديد .. وتحركت نحو السيارة تجلس بجانب مقعد السائق ليجلس زياد بعد ثوان أمام المقود ويبدأ بتحريك السيارة مقاوما رغبة ملحة في ضمها لصدره .. فملامحها تبدو مرتعبة رغم الوجه الساخر الذي ترتديه .
تنفست عهد الصعداء وغاصت في مقعدها مستشعرة دفء الكرسي خلف ظهرها المتألم .. مستشعره بعضا من الأمان بوجوده في المحيط غير راغبة حتى في سؤاله إلى أين وجهتهم ..
فلا يهم حاليا سوى أنها في أمان .
××××
أوقف السيارة في مدخل الفيلا يدندن ثم بحث عن هاتفه يحاول التذكر أين تركه .. وحين وجده وضعه بإهمال في جيبه يترجل من السيارة محاولا التحكم في توازنه حتى لا يقع .. بينما رأسه قد أطاح بها الخمر ..
لقد أثقل في الشرب الليلة .. عله ينسى .. عله يهدأ .. تحرك نحو باب الفيلا ثم وقف قليلا عاقد الحاجبين يحاول التذكر ما الذي أتى به إلى هنا ..
فهو يبيت في شقته منذ مدة .. استدار للسيارة التي تتراقص صورتها أمامه وفكر قليلا هل يعود لشقته أم يبيت ليلته هنا ..
لكن قرر أخيرا أنه مجهد ومتعب ولن يقود مرة أخرى فالطريق يتراقص أمامه وهو يقود ..
بحث عن مفتاح الفيلا لبضع دقائق يجرب أكثر من مفتاح في ميداليته ثم فتحه أخيرا ودخل ليجد والده يقف أمامه يرتدي مئزرا ثمينا فوق ملابس النوم .
وبرغم سكره لكنه تذكر كل شيء .. ليبادره والده قائلا بتوبيخ " ما الذي أتى بك إلى هنا في هذه الساعة وبهذا الشكل؟ "
قالت ثريا وهي تنزل من فوق السلم الداخلي للفيلا " صفوت ماذا تقول؟!! .. على الأقل أتى ليبيت في البيت أخيرا "
صاح صفوت بغيظ "ليته لم يأتي .. انظري لهيئته المقززة ورائحة الخمر والنساء تفوحان منه "
تكلم لؤي ساخرا " ومن قال أني أرغب في المبيت هنا؟؟ .. لقد جئت بالخطأ .. لكني لن أكررها يا أبي أعدك"
تدخلت ثريا تختصر درجات السلم نحوه وهي تقول "لماذا يا لؤي .. أليس هذا بيتك يا حبيبي ! "
نظر لؤي لوالدته ثم رد بعناد " أنا قلت لن أعود حتى يخبرني أبي بصلته بفارس سعد الدين .. ومعنى الكلام الذي أخبره به في الهاتف أمامي .. أنا متأكد أن الأمر به شيئا مريبا .. كيف يعرفك وتعرفه .. ويعرف أني ابنك وكيف يتقدم لخطبة كارمن ويتزوجها بهذه السرعة؟"
أدارت ثريا ناظريها بينهما وقالت " أنا لا أفهم شيئا "
حدج لؤي والده الجامد الوجه بنظرة غل ثم قال " لا تقلقي يا أمي سأعرف .. سأعرف كل شيء .. سأعرف ماذا يربط فارس سعد الدين هذا بأبي ولماذا يتصل به ويتحدث معه بهذه العصبية ولماذا تزوج من كارمن بهذه السرعة سأعرف كل شيء وأخبرك "
صرخت ثريا بعصبية " ألن ننتهي من موضوع كارمن ! .. انها متزوجة الآن ..متزوجة وأنت خاطب لفتاة أخرى "
حدجها لؤي بقهر ثم صعد درجات السلم وهو يقول بخفوت " تصبحون على خير "
تعثرت خطواته وكاد أن يقع فجرت ثريا إليه بجزع تمسك به لكنه تماسك يبعد يدها عنه ببعض الخشونة وهو يغمغم " أنا بخير"
ويكمل طريقه للأعلى بينما نظرات والده تشيعه في حسرة وخيبة أمل ..
أما ثريا فضميرها ظل يؤنبها تجاه ولدها الوحيد فغمغمت في سرها " ليتني لم أرسل صوره مع تلك الفتاة لكارمن .. ليتني لم اتسبب في التفريق بينهما .. فلم أكن أعلم أنه متعلقا بها إلى هذا الحد .. حسبي الله فيك يا شويكار وفي معرفتك الشؤم "
××××
توقفت السيارة معلنة انتهاء تلك الرحلة القصيرة الآمنة برفقته لتتطلع عهد لتلك البناية القديمة نسبيا التي وقفت أمامها سيارته .
سألته بترقب " أين .. نحن؟"
استدار إليها يقول " في هذه البناية بها شقتين مغلقتين ملكا لأبي وعمي رحمه الله .. تستطيعين المبيت في أحدهما فهما مغلقتين على أية حال "
قالت عهد بتردد غير راغبة في توريطه في الأمر " زياد أنا فقط أحتاج لمكان آمن حتى يأتي النهار وأفكر أين سأذهب .. الحقيقة فكرة حجز فندق بعد منتصف الليل أشعرتني ببعض التوتر .. لكن ....."
قاطعها بحزم وهو يتأمل وجهها الشاحب " عهد .. هل تعتقدين أن هذا وقت مناسب للمجادلة أو التبرير أو أي شيء ؟!"
اطرقت برأسها فقال وهو يفك حزام مقعده" هيا بدون نقاش"
عند بوابة البناية جرب جميع المفاتيح الموجودة في ميدالية مفاتيحه لكنه لم يجد مفتاحا يفتح معه فسألته " يبدو أنهم قد غيروا مفتاح البوابة ألم تأتي إلى هنا مؤخرا "
رد وهو يضع الهاتف على أذنه ليتصل بالبواب " منذ أن سافرت لألمانيا "
تأملت البناية وهي تسمعه يتحدث مع البواب .. إنها منطقة قديمة في العاصمة .. كانت من أشهر المناطق الراقية منذ عدة عقود ومازالت تحتفظ بهدوئها ورقي سكانها رغم قدم عمر المباني فيها ..
فتح البواب لهما وهو يعتذر لزياد عن تغيير المفتاح ويجري ليحمل الحقيبة عنه لكن زياد أشار له أن يتركها وقال بلطف " اصنع لي نسختين من المفتاح الجديد يا عم رزق .. واحدا منه للآنسة عهد التي ستعيش في شقة العائلة "
غمغمت عهد باعتراض وهو يسبقها نحو المصعد فلحقت به بينما وقف البواب يطالع عهد يتفحصها من رأسها حتى أخمص قدميها بامتعاض ونظر في ساعته ثم ضرب كفيه ببعضهما
مغمغما " لا حول ولا قوة إلا بالله .. كان أبوه صالحا "
بعد قليل دخل زياد شقة عمه ووضع الحقيبة في منتصف الصالة فدخلت عهد بترقب ..
تتلفت حولها بينما قام زياد برفع المفارش البيضاء عن الأثاث وهو يغمغم " سأطلب من زوجة البواب أن تصعد لتنظف الشقة بعد أن ترتاحين إن شاء الله "
قالت عهد وهي تتطلع حولها " الشقة نظيفة لا تقلق لكني كنت أريد أن أوضح أن.."
قاطعها بهدوء "عهد نامي الآن ..ودعينا نتحدث لاحقا .."
وتحرك نحوها يعطيها المفتاح قائلا" سأتحدث معك في الهاتف حين تستيقظين وسأطلب من البواب أن يحضر لك في الصباح بعض الأمور الأساسية من السوبر ماركت ..( تحرك نحو الباب وأكمل) الباب به قفل تستطيعين اغلاقه من الداخل .."
استدار مغادرا فنادت عليه " زياد "
ارتج قلبه في صدره ووقف يوليها ظهره لثوان يديه في جيبي بنطاله .. ثم استدار ببطء لتقول بلهجة ممتنة " أنا عاجزة عن الشكر .. وأسفة لو سببت لك أي ازعاج أو ضرر في المستقبل بسبب شهامتك معي "
تجاهل ضربات قلبه التي تسارعت وقال بهدوء" لا أعتقد أن أمور الشكر هذه قائمة بيننا يا عهد .. أراك في الصباح"
ومد يده يغلق الباب بينهما فسمع قفل الباب من الداخل يوصد ليقف متسمرا دون حركة .. ثم مد كفه يضعه على الباب وكأنه يلمسها هامسا في سره " لا أعرف هل علي أن أحزن من ذلك الألم الواضح في عينيك أم أفرح أنك هنا في مكان أعرفه ويخصني وسأطمئن عليك فيه "
أسند جبهته على الباب وأكمل حديثه مع نفسه " ترى يا عهدي .. هل أنا فعلا أول من لجأت إليه أم إن هناك شخصا آخر حاولت الاتصال به لكنه كان نائما "
××××
بمجرد أن أغلقت الباب خلف زياد انفجرت في بكاء صامت غير قادرة على التحكم في أعصابها أكثر ..
مازالت ترتجف ومازال القلق يساورها حول مصيرها ومصير عائلتها ..
تخيلت نفسها يقبضون عليها ويلقون بها في السجن ..
ستقضي طيلة عمرها في السجن ؟
هل تسافر لألمانيا ؟
ستحتاج لبعض الوقت حتى تحصل على تأشيرة ..
ليس لديها حلا سوى الهرب إلى ألمانيا لكن ما مصير عائلتها .. لن تستطيع أن تتركهم ..
بالتأكيد سيربطون بين هروبها وموته ..
وسيبحثون عنها ..
بصماتها على المقلاة والملعقة وعلى كل شيء ..
انها هالكة لا محالة.
لكنها غير نادمة.
إن كان الموت آتيا فلتموت بشرف.
فلتموت علها تستريح من هذه الدنيا.
فلتموت لتقابل والدها.
فلتموت فليس لها مكان في هذه الدنيا.
تعبت ..
تعبت جدا ..
هل ما تطلبه صعبا ..
لم تطلب سوى عائلة ..
عائلة وبعضا من الدفء .
حاولت أن تستلقي على السرير .. لكنه كان كبساط من أشواك.
ماذا لو تورط زياد معها ؟..
متسترا على مجرمة؟؟؟؟؟
زياد آواها بمنتهى الشهامة لتحوله لمتورط في جريمة !!.
زياد !
كلا إلا زياد ..
كيف استسلمت لخوفها لتتصل به ..
هل ستؤذيه بكل بساطة هكذا؟!!!! ..
تطلعت حولها ..
انها فرصة جيدة أن تستقل وحدها لفترة حتى تحصل على التأشيرة لألمانيا .. هذا إن لم يصدر أمرا بالقبض عليها قبلها ..
لكنها لن تورط زياد معها ..
اهدأي يا عهد وفكري بالمنطق .. هل انزلاقه وارتطام رأس ذلك الكلب يعني أنه قد مات؟!!
ماذا لوكان مغشيا عليه ..
هل تهرب وتترك هذه الشقة بسرعة قبل أن تورطه ؟! ..
نظرت في ساعتها فوجدتها الرابعة والنصف فجرا فتحركت تخرج إلى حقيبتها التي تنتظرها في منتصف الصالة .
يا الله انها مجهدة.. مستنزفة .. ترغب في النوم .. وتقلصاتها لا تزال تعذبها ..
أخذت الحقيبة وتحركت نحو الباب .. ثم توقفت عنده وتركتها أرضا تدفن وجهها في يديها تبكي بحرقة ..
إلى أين ستذهبين يا عهد ؟؟..
ترغب في البقاء لكنها لن تتحمل أذيته .
ستموت لو آذته هو بالذات .
مسحت دموعها بعد لحظة لتقرر بشجاعة.. مادامت في كلتا الحالتين ستموت فلتمت بعيدا عنه ..
عن زياد
زياد الحب .
ولهذا قررت أن تترك الشقة وترحل فورا .. فحملت حقيبتها وخرجت .. وقبل أن تغلق الباب خلفها طرأت على رأسها فكرة .. عليها أن تتأكد أولا أن هذا القذر قد مات .. وبناء عليه ستقرر هل ستهرب حتى لا تؤذي زياد أم ستبقى هنا مؤقتا حتى تقرر ماذا ستفعل.
دخلت خطوتين داخل الشقة ووضعت حقيبتها بالداخل ثم خرجت لتغلق الباب خلفها ..
لتتأكد إن كان عبود قد مات أم لا وبعدها ستقرر .
بعد ساعة كانت تقف أمام البناية التي تقطن فيها عائلتها تختبئ خلف شجرة بعيدة تحاول أن تستشف أي خبر ..
الأجواء هادئة تماما وقد بدأت خيوط الفجر تنير الدنيا ..
اذا كان قد مات فلابد أن يكون المكان مليء بالشرطة ..
هل من المعقول أنه لم يكتشف أحد الجريمة بعد؟ ..
هذا غير منطقيا .. فبالتأكيد أمها قد عادت ووجدته ممددا على أرض المطبخ .
فركت وجهها بكفيها في توتر.. ورفعته للسماء تغمغم " يا رب .. أنا طامعة في كرمك.. فأنت تعلم كل شيء "
مرت ساعتين كانت قد يئست فيهما من الحصول على أي خبر ..
اجهادها وعدم نومها ...وتوترها ..وحالتها النفسية والعصبية .. كلهم حالوا دون أن تستوعب أن عدم وجود أي خبر لأمر جيد ..
فقررت العودة لشقة زياد لتأخذ حقيبتها وترحل..
ترحل بعيدا وتختفي .
قبل أن تتحرك اقتربت ثلاث سيارات فجأة لتقف أمام البناية .. فتوارت بسرعة تختبئ خلف الشجرة .. لترى بعدها بعض الجيران يترجلون من السيارات .. وتخرج أمها باكية بينما عبود يستند على أكتاف رجلين ..
حدقت فيه غير مصدقة ..
كان معصوب الرأس بضمادة بيضاء وقدمه في جبيرة . يقفز على ساق واحدة مستندا على الرجلين ويدخل البناية وقد خرج إليهم البواب يتمتم بالحمد على السلامة .
من شدة ذهولها أخرجت هاتفها والتقطت صورة لعبود .. ثم ظلت تنظر لشاشة الهاتف لتتأكد أنه مازال حيا .. أنه عبود بالفعل ولا يزال حيا .
مر أحد الجيران على البواب يسأله ماذا حدث للأستاذ عبود ليجيب البواب بشفقة " المسكين انزلق في المطبخ وضربت رأسه وكسرت قدمه .. الحمد لله أن جاءت سليمة .. وجدته زوجته بعد أن عادت من ليلة الحنة لابنة الحاج وديع ."
مازال حيا..
لم يمت.
عبود لم يمت يا عهد.
جلست على عقبيها خلف الشجر تحضن نفسها وتبكي
عبود لم يمت يا عهد.
لم تقتليه.
لن يسجنوك.
لن يشنقوك
لم تعي لأنها قد سجدت شكرا لله خلف الشجرة.. لتقوم بعدها تقبل ظاهر يدها وباطنها وتطلق ساقيها للريح ..
عائدة لشقة زياد وجدي
××××
خرجت الحاجة نفيسة بعد صلاة الفجر تستند على عصاها بعد أن فشلت في النوم تاركة فريدة تنام في سريرها .. وذهبت للمطبخ تعد لنفسها فنجانا من القهوة مادام النوم أصبح عزيزا في تلك الليلة .
لم تتخلص بعد من رعب ما حدث وظلت طوال الليل تصلي وتشكر ربها أن سلم الأمر ..
وضعت فنجان القهوة أمامها على منضدة المطبخ وجلست تستعيد ذكريات تأبى أن تترك مخيلتها .. وكيف تتركها وصاحبها لا يزال يزورها في منامها يوما بعد يوم .. فرشفت مرارة القهوة تداري بها على مرارة الماضي في حلقها .. ورفعت رأسها للسماء تردد ذلك الدعاء الذي لا تمل من تكراره" يا رب بارك لي في أولادي وأجعل يومي قبل يومهم ولا تريني فيهم مكروها "
في نفس الوقت كان يونس يترجل من سيارته مع بزوغ الفجر .. فمنذ أن اتصل به فارس لم يستطع العودة للنوم .. واكتشف عدم وجود زياد في الشقة .. فحاول الاتصال به لكن الأخير لم يرد بل أرسل له رسالة يطمئنه انه بخير وسيتصل بعد قليل .. فقرر العودة للبيت ولم ينتظر شروق الشمس ..
لم يتخلص بعد من صورة السيارة وهي تصطدم بالكشك .. وطاردته الكوابيس بشأنها حتى قرر العودة للبيت بإلحاح من قلبه للاطمئنان عليها .. يعد الساعات حتى يأتي الصباح حتى يراها ويطمئن أنها عادت لحالتها الطبيعية ..
شقية ..
عفريتة ..
سارقة للقلوب .
تسارعت دقات قلبه وهو يدخل بهدوء من باب الفيلا غير راغب في ايقاظ احد .. ليمر أولا على غرفة والدته قبل أن يذهب لغرفته .. طرق باب الغرفة بخفة حتى لا يوقظها وفتح الباب.. لكنه تسمر حين وجد فريدة نائمة في سرير والدته ..
تجاهل بعند دقات قلبه المتسارعة ونظر في الغرفة ليجدها فارغة ..حتى باب الحمام كان مفتوحا .. فتقهقر للخلف بصمود لكن قلبه الملح ظل يعترض ..
ليستسلم لأول مرة .. تحت ضغط مشاعره ..
يستسلم تحت إلحاح قلبه
يستسلم تحت الرغبة الحارقة بداخله للاطمئنان عليها
يستسلم لدقيقة ..
فقط دقيقة يستسلم فيها ..
ثم يعود بعدها لذلك التجاهل المتعمد لتخاريف ذلك القلب اللعين الذي يعصيه .
اقترب منها ببطء ووقف يتأملها بجفونها المنتفخة من أثر البكاء .. وملامحها المليحة المبهجة للقلب ..
فابتسم ابتسامة تخصها وحدها .. خاصة وهو يتأمل شعرها الأسود النائم بجوارها على الوسادة فغمغم بخفوت " استطال شعرك يا ضفدعتي .. استطال بعيدا عن عيناي وانت تحجبينه عني .. يا ابنة العم "
ندم على اقترابه .. فهو يعلم أنه لو ترك العنان لقلبه اللعين سيتسبب في فضيحة كبيرة في هذا البيت .. قدماه كانتا متسمرتان أمامها .. وفكرة التمدد بجانبها واحتضانها التي تتماشى مع جنونه ..مغرية إلى حد قد يضحي بأي شيء من أجل تنفيذها.
فأجبر قدميه على التحرك رغم اعتراض قلبه .. لكنه قبل أن يستدير مغادرا ..مال يلمس بإصبعه طرف شعرها ..
يستشعر ملمسه بين اصبعيه بشوق .. ولم يقدر على أن يمنع نفسه من أن ينحني ويرفع خصلة من شعرها ..يشتمها ثم يقربها من شفتيه ويطبع قبلة يائسة مشتاقة ..
ويفر هاربا ..
منها ..
ومن قلبه اللعين .


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 01:18 PM   #94

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 6

في اليوم التالي :
تمطت في السرير بكسل .. فآلمها كتفها وتذكرت كل ما حدث يوم أمس ..
نظرت للساعة بجانبها لتجدها العاشرة والنصف ..
لقد استيقظت متأخرة ..
لليوم الثاني تستيقظ متأخرة فتجده غير موجود بالغرفة..
متى ينام هذا الرجل ؟
إنها تنام قبله وتستيقظ بعده ويومه كله في العمل .
على الرغم مما كانت تتمناه قبل أن تزف إليه بأن يتركها لتعتاد على فكرة الزواج منه دون الضغط عليها بتواجده في المحيط .. لكنها وبعد عدة أيام من الزواج تشعر بالذنب تجاهه .. وبأنها السبب في هروبه من البيت وتحججه بالعمل .
لقد وعدت نفسها بجدية أن تتعرف عليه.. وعليها أن تبدأ في ذلك فحياة كهذه ليست صحيحة أبدا .
أنزلت قدميها من السرير وتطلعت لتلك الورقة الموضوعة بجانبه..
إن نفس مشهد أمس يتكرر..
كوبا من ماء مملوءا على المنضدة بجانبها لم يكن موجودا حين نامت .. مغطى بورقة صغيرة ..
مدت إليها يدها لتجد نفس عبارة أمس " صباح الخير " كتبها وتركها تغطي كوب الماء الذي ملأه لها ووضعه في الصباح ..
فتحت الجارور لتتأكد أنها ليست نفس الورقة .. وتسمرت أمام الورقتين في يدها تحاول الاستيعاب .. ثم نظرت لكوب الماء وامسكت به ترتشف منه رشفة ..وأعادته مكانه تحدق في الورقتين وفي الكوب قليلا ثم تناولته مرة أخرى ورفعته إلى فمها تشربه كله بشعور مفاجئ بالعطش .
تملكتها مشاعر غريبة لم تقدر على تحديد كنهها ..
وتذكرت فورا حلم ليلة أمس ..
حين رأت فارس قد أحاطها بذراعيه يحضنها كذلك الحضن الدافئ في المستشفى ثم يقبل جفنها وكتفها المكدوم ويدثرها بالأغطية ..
الحلم كان غريبا حتى أنها تكاد تشعر بموضع قبلته فوق كتفها وعينها ..
بعد قليل خرجت من الحمام ترتدي مئزرا وتلف شعرها بالفوطة ..لتفتح خزانة الملابس ..
أخطأت وفتحت الجانب المخصص لفارس لتعود وتغلقه لكنها قبل أن تفتح خاصتها عقدت حاجبيها وعادت لتفتح جانب فارس من جديد ..وتتطلع لذلك البرطمان الغريب ..
التقطته لتتطلع فيه باندهاش .. إنه برطمان بلاستيكي شفاف يحتوي على ..
حصى !
حصوات صغيرة قليلة العدد تملأ نصف البرطمان تقريبا .
ما هذا وما معناه !
وماذا تفعل تلك الحصوات في غرفة النوم !!
برطمانا من الحصى في خزانة الملابس !!!!
××××
قهقهت الحاجة نفيسة في جلستها متربعة على أريكتها المفضلة في غرفة المعيشة وهي تنظر ليونس الذي وقف أمامها متخصرا يتصنع الامتعاض وقلبه يرفرف من السعادة أن استطاع اضحاك والدته بعد فزعها ليلة أمس وحالتها التي مزقت قلبه ..
قال رافعا حاجبه " تضحكين يا أمي ! .. تضحكين لأني تلقيت كوب الماء من لوليا على وجهي بسبب ابنتك المدللة ومقالبها !.. لقد تسببت في إهانة يونس العظيم"
مسحت الحاجة وجهها بكفها تقول " اللهم اجعله خير يا رب (ثم رفعت حاجبا تقول بتوبيخ ) هذا لأنك تقابل الفتيات وتختار دون أن تخبر أمك حبيبتك (وضيقت عينيها لتكمل بتساؤل ) أم انك لم تكن جادا مع لوبيا هذه ؟! .. اقسم بالله سأقاطعك إن فعلتها.. فأنت تعلم أني لا أرضى بالتلاعب ببنات الناس "
رفع يونس حاجبيه يقول مدافعا" أنا لا ألعب ببنات الناس يا نفيسة .. ثم أن اسمها لوليا وليس لوبيا ؟"
اشاحت الحاجة بوجهها تقول بحزن " إذن ذهبت لرؤيتها دون أن تخبرني .. هل كنت ستفاجئني بالزواج منها كما فعل أخوك .. لماذا لا تريدون أن تسعدوني !..لماذا !!"
اقترب يونس يجلس بجوارها ويفرد ذراعه على كتفها قائلا " ما هذا المزاج يا ناني ( حاولت ابعاد ذراعيه عنها بحنق طفولي فاكمل موضحا ) أنا فقط كنت اتعرف عليها عن قرب لأقرر ..لكن لم أكن لأقوم بأي خطوة رسمية بدون اخبارك"
نظرت إليه مدققة لتتأكد من صدقه فأكمل يقول "اعرف انك حزنت حين لم تحضري حفل زفاف فارس لكنك يا ناني صلبة الرأس وعنيدة وأصريت على عدم الحضور رغم الحاح فارس
"
رفعت حاجبيها تقول " وجودي كان سيقلب الأجواء وسيتسبب في المشاكل .. أنا مختلفة في لبسي وهيئتي وقناعتي عن هؤلاء الناس .. ولن يعجبني شكلهم وهيئتهم وأنت تعرفني لن استطيع السكوت .. وهم أيضا قد يتطلع البعض منهم في عباءتي ويسخر مني "
قال يونس بلهجة خطرة " من يتجرأ لمجرد النظر إليك بطارف عينه.. قسما بالله لحطمت الحفل فوق رؤوسهم "
ربتت على صدره وقالت " أرأيت ... هذا ما اردت أن اتجنبه .. كما أن الفرح لا يكون بحضور الحفلات يا حبيبي .. الفرح في أن أرى السعادة في عيونكم .. أنا احتفلت بابني بطريقتي كل ما اتمناه سعادتكم يا يونس"
قال بتأثر وهو يقبل يدها " دوما أنت ذكية وفطنة وعزيزة النفس يا نفوسة .. لا حرمنا الله منك يا غالية "
غامت عيناها وربتت على وجنته تقول" ولا منكم يا قطعة من روح نفوسة .. ( وتغيرت نبرتها لتضيف بفضول ) أخبرني .. هل وضحت الأمر انه مقلب لهذه اللوبيا "
ابتسم يونس ورد " لوليا يا أمي لوليا "
اشاحت بيدها وقالت ببرطمة " لولوليا أو لوبيا لا أفهم هذه الأسماء العجيبة .. أشعر أني في زمن غير الزمن لهذا انا أعلق "
ابتسم يونس وقال "لا لم أوضح لها شيء "
سألته بفضول " لماذا؟"
حرك كتفيه ورد " لا أعرف لكنها مثلها مثل الاخريات .. أنا كنت فقط متحمس لفكرة الزواج والاستقرار نفسها "
مالت عليه تتأبط ذراعه وتقول بوجه طفولي متحمس " أخبرني بالصفات التي تتمناها في زوجتك وسأساعدك في البحث "
نفش ريشه واتسعت ابتسامته يقول بغطرسة " بالإضافة للدين والأخلاق وتلك الأمور التي أنا أكيد أنك ستحرصين عليها في اختيارك .. أريدها جميلة (اتسعت ابتسامة الحاجة بسعادة فأضاف ) وشقراء مثلك يا حجوجة "
عبست الحاجة وردت بعصبية "ما بهن السمراوات.. ها ؟!!!!! ... ما بهن ؟؟؟ مثل العسل المصفى "
رد ببرود "أحب الشقراوات "
ضربته على ذراعه وقالت بغيظ من بين أسنانها " أكمل "
اتسعت ابتسامته وأضاف متنحنحا "ومائعة"
ضيقت حاجبيها وقالت بعدم فهم " ماذا !! .. تريدها مائعة !!"
مال عليها يدغدغها في بطنها قائلا بمداعبة " أجل مائعة يا نفوسة .. لتعوض حالة الجفاف التي أعانيها حتى هذا العمر .. لماذا سأتزوجها إذن إن لم يكن من أجل ميوعتها (اتسعت عيناها تحاول الاستيعاب فأكمل يونس ) وأهم شرط .. والذي لن اتنازل عنه .. أن تقبل بأن أتزوج عليها ثلاث زوجات أخريات"
احتقن وجه والدته ودفعته بيديها بغيظ " قم يا يونس .. قم يا بني ولا ترفع ضغطي "
استقام واقفا وقال متصنعا البراءة" ماذا فعلت ! .. أليس هذا شرع الله .. سأتزوج أربعة في الحلال يا نفوسة أنا لن تكفيني امرأة واحدة "
صرخت في وجهه بغيظ " اذهب من أمامي يا يونس "
قهقه ضاحكا ومال يحضنها وهي تبعده عنها بغضب فيمطرها بقبلاته بالإكراه وهو يقول " لماذا غضبتِ يا ناني كل رجل يعرف نفسه واحتياجاته "
على صوت ضحكات يونس نزلت كارمن من الدور العلوي بعد أن اتصلت بوالديها لتطمئن عليهما ..
صوت ضحكات يونس العالية وبرطمة أمه أشعرتها ببعض الراحة أن ما حدث أمس لم تمتد ظلاله لليوم التالي .. فدخلت أولا المطبخ تقول لخضرة " صباح الخير يا خضرة "
قالت خضرة بوجه صبوح " صباح الرضا صباح السعادة يا عروستنا .. كنت انتظر حتى تستيقظين لأصعد لك بالفطور "
قالت كارمن وهي تجلس على المنضدة التي تتوسط المطبخ الواسع " لا داعي لإرسال أي طعام لي بالغرفة يا خضرة .. أنا سأنزل لآكل معكم.. لكني استيقظ متأخرا هذه الأيام للأسف"
ضحكت خضرة وقالت بحرج وهي تغطي فمها بطرف حجابها" مازلتِ عروس لهذا تستيقظين متأخرة "
توردت وجنتي كارمن وتذكرت بسرعة ذلك الحضن يوم أمس .. وذلك الحلم الغريب ..
قالت خضرة بحماس "سأعد لك الفطور حالا "
اشارت كارمن بيدها وردت" كلا لا أريد الإفطار سأشرب (نسكافيه ) فقط "
قالت خضرة باعتراض" لا يجوز يا كارمن هانم انت عروس والعروس تحتاج لأن تتغذى حتى تظل جميلة ومتوردة ما شاء الله عليك .. تناولي الفطور أولا وسأعد لك ( نيكسافيه ) أنا اعده لفريدة "
ابتسمت كارمن لنطقها الظريف للكلمة ولمناداتها لفريدة باسمها دون ألقاب ..
تعجبها تلك البساطة وذلك الدفء الذي يسري في البيت .. فقالت وهي تترك مقعدها" بل سأعد أنا (النيسكافيه) لنفسي لأكون أكثر راحة شكرا يا خضرة "
مرت على الموقد فلفت انتباهها ذلك القدر فوقه لتقترب وتسأل " "أ هذه ( بليلة ) ؟"
اجابت خضرة بحبور "أجل هل أعد لك طبقا ؟"
تفجرت القلوب من عيني كارمن وقالت وقد سال لعابها " احب (البليلة ) أحبها جدا "
قالت خضرة بحماس "حالا سأعد لك طبقا من ( البليلة ) بالحليب ( ثم استدارت تسألها بتوجس) بدون سكر؟"
ترددت كارمن ثم قالت ببؤس طفولي "بسكر .. احبها بسكر كثير الحقيقة "
اتسعت ابتسامة خضرة وتمتمت وهي تعد الطبق " هكذا تؤكل البليلة فلا تؤخذينني ظننتك ستقولين اتبع حمية"
نظرت إليها كارمن بفم مقوس لأسفل وتعبير طفولي ثم دفنت وجهها في كفيها تقول بحرج "المفروض أن التزم بالحمية يا خضرة لكني اضعف أمام كل ما هو حلو "
ضحكت الأخرى وقالت وهي تضع أمامها الطبق " سم بسم الله وكلي ولا تضعي في رأسك هذا الأمر ثم لا تؤاخذيني ( وغطت فمها بطرف حجابها تقول بحرج ) ليس كل الرجال يحبون النحيفات .. ومن يحب .. يحب زوجته في كل الحالات سواء رفيعة أم سمينة "
ردت كارمن وهي تنظر للطبق وقلبها يدق بسعادة " كلامك حكم يا خضرة "
وبدأت في تناول ( البليلة ) بسعادة وهي تفكر " ترى ماذا يحب فارس ... المرأة النحيفة أم البدينة ؟"
دخلت شروق تحمل طفلة رضيعة فجأة فاكتشفت كارمن أن المطبخ له بابا آخر يوصل على الحديقة لتقول خضرة " هذه ابنتي الكبرى شروق "
حيتها كارمن برأسها فابتسمت شروق ابتسامة مجاملة وقالت "مبارك يا عروس "
ردت كارمن التهنئة بود "شكرا لك شروق "
أعطت شروق طفلتها لأمها تقول باستعجال " أمي لن استطيع تركها في الحضانة انها مريضة منذ أمس ولابد أن أذهب للكلية اليوم "
نظرت خضرة لحفيدتها وقالت بتوبيخ " ولماذا تخرجين إن كانت مريضة .. إن ابنتك أهم "
قالت شروق بنفاذ صبر" لدي أمور مهمة يا أمي لن استطيع"
تدخلت كارمن تقول "أمازلت تدرسين ؟"
أجابت شروق بلهجة مستخفة " أنا أحضر الماجستير وقريبا سأناقشه "
لمعت عينا كارمن وقالت" رائع"
ردت شروق باستفزاز "ولمَ الانبهار ؟!! هل ينقصني شيء لأحصل على الماجستير مثل باقي البشر أم إن الشهادات العليا محصورة فقط على الطبقات العليا "
تفاجأت كارمن بلهجتها الغير ودودة بينما اسرعت خضرة تقول" ماذا تفعلين يا شروق ؟!!"
ردت كارمن بهدوء وقد ادركت نفسية الفتاة" أنا منبهرة لأنك استطعت أن تكملي دراستك رغم أنك زوجة وأم والامر ليس له علاقة بالطبقات .. أو غني وفقير .. (وأكملت بلهجة ذات مغزى) عموما تصنيف البشر بالشهادات تصنيفا ليس دقيقا وليس له أي دلالة فهناك من يسيئون للشهادات التي يحملونها وهناك من هم اكثر معرفة من حاملي الشهادات .. سعيدة بمقابلتك يا شروق"
حدقت فيها شروق بعدم فهم بينما أكملت كارمن استمتاعها بطبق ( البليلة ) لا تريد لهذه الفتاة أن تفسد عليها اللحظة المختلسة .. وظل صدى كلماتها يعاد في رأسها" تصنيف البشر بالشهادات تصنيفا ليس دقيقا وليس له أي دلالة فهناك من يسيئون للشهادات التي يحملونها وهناك من هم اكثر معرفة من حاملي الشهادات"
فشعرت ببعض الحرج أن اعترضت على فارس من قبل لنفس السبب .. لكنها عادت وبررت لنفسها " من الطبيعي أن تتوقعي عدم التكافؤ يا كارمن فهذا أمر منطقي أما اكتشافك أن فارس لم يكن بالسوء الذي كنت تتوقعينه هو الامر الغير متوقع وهذه نقطة تحسب لصالحه "
أخرجت هاتفها وبحثت عن أسمه على الواتساب ثم كتبت له " صباح النور ."
وترددت قليلا ثم كتبت " كيف حالك اليوم؟ "
دخلت فريدة تقول " كارمن .. كنت ابحث عنك (وانتبهت لوجود شروق فقالت ) كيف حالك شروق ؟"
قالت شروق بوجه مقلوب وهي تنظر لساعدها المربوط " بخير الحمد لله ( ونظرت لامها تقول باستعجال " أنا تركت لك الادوية في الحقيبة يا امي "
تحدثت فريدة وهي تميل لتحضن كارمن حضنا فاجأها " أنا آسفة يا كارمن.. آسفة جدا لما حدث أمس.. أشعر بالألم كوني السبب فيما حدث لكتفك "
ابتسمت كارمن وردت بمحبة " لا تقولي هذا يا فريدة قدر الله ولطف بنا وأنت تصرفت بسرعة "
استقامت فريدة وابتعدت تقول بشعور بالذنب " كيف حال كتفك ؟"
ابتسمت كارمن تطمئنها " يؤلمني قليلا لكنه بخير لا تقلقي "
أتت ضحكة يونس المنفجرة من غرفة المعيشة فابتسمت فريدة وكارمن بينما غمغمت شروق لأمها وهي تغادر " أنا ذاهبة لألحق بأشغالي ولنترك هذه العائلة التي لا تعرف الهموم لتنعم بالحياة "
جزت أمها على أسنانها واختلست النظر نحو كارمن وفريدة لتتأكد أنهما لم تسمعا هذيان ابنتها ثم قالت وهي تحدجها بنظرة نارية "لا تتأخري يا شروق مادامت البنت مريضة (أغلقت شروق الباب خلفها فغمغمت خضرة بخفوت )هداك الله يا بنيتي .. هداك الله واصلح من حالك "
اقتربت فريدة من خضرة تنظر لحفيدتها النائمة وتقول بحنان" ما شاء الله .. دعيني احملها حين تستيقظ يا خضرة "
ابتسمت الأخيرة بينما قالت كارمن " أنت صغيرة على أن تكوني جدة يا خضرة "
دارت خضرة فمها بحجابها وقالت بحرج " تزوجت في عمر السادسة عشر وانجبت بعد تسعة أشهر فقط"
قالت كارمن " انت في الأربعين أليس كذلك ؟"
ردت خضرة " يقولون أن عمري اثنان وأربعون أنا لا أعرف القراءة والكتابة "
قالت كارمن "ما شاء الله أنت جدة صغيرة جدا "
غمغمت فريدة وهي تمسح على رأس الطفلة على يد خضرة "أنت اصغر من المسكينة رفيدة فهي لم تتزوج حتى الآن .. أقدار سبحان الله "
ضربت خضرة على صدرها تقول باندهاش " لم تتزوج ! .. وأكبر مني بالعمر ! .. مسكينة أن تظل لهذا العمر بدون زوج وأولاد رغم أن شكلها لا يوحي بأنها فوق الأربعين "
قالت فريدة مصححة " ثلاثة وأربعون "
عقدت كارمن حاجبيها وسألت "من رفيدة ؟ "
استدارت إليها فريدة تقول " مدير ة الملجأ .. بالمناسبة هل ستأتين معي بعد قليل لنزوره ؟"
أومأت كارمن برأسها فسألت خضرة بفضول "ولمَ لم تتزوج حتى الآن يا فريدة ؟"
ردت وهي تخرج هاتفها الذي يرن من جيبها " لا أعرف يا خضرة كل ما أعلمه أنها لم يسبق لها الزواج وأنها قضت حوالي عشرين سنة من عمرها في إحدى دول الخليج تعمل لتربي أخاها الأصغر وأنها قررت العودة والاستقرار في الوطن العام الماضي ( ورفعت الهاتف على أذنها وهي تشير لكارمن بانها ستنتظرها خارج المطبخ وقالت ) نعم أبيه كيف حالك اليوم ؟"
عقدت كارمن حاجبيها ونظرت في هاتفها على الواتساب فلم تجده قد قرأ رسالتها ولم تجد منه أي رد .. فشعرت بالضيق وتمتمت وهي تعود لطبق ( البليلة ) " لم يطمئن عليّ ولم يرد على رسالتي ! "
بعد قليل دخلت كارمن لغرفة المعيشة لتجد الحاجة تجلس مع يونس الذي كان يقول " أمامي ساعتين على الأكثر ..بعدها لابد أن أكون في المكتب لدي اجتماع هام وابنك اعطاني بضع ساعات راحة فقط حتى اطمئنك .. ولم يطاوعه قلبه على أن يعطيني باقي اليوم راحة "
قالت كارمن بحرج " صباح الخير كيف حالك يا حاجة ؟"
ردت الحاجة بهدوء " فضل ونعمة من الله يا بنيتي (وربتت على الاريكة بجانبها ) تعالي بنيتي طمئنيني عليك"
اقتربت كارمن تجيب" بخير الحمد لله "
حيت يونس برأسها فقال الأخير " زوجك ليس هنا .. ويعذبني بالعمل .. أليس عريسا في شهر العسل .. كيف تتركينه يخرج من البيت !"
احمر وجه كارمن بينما تمتمت الحاجة بامتعاض وهي تفرد ذراعها على ركبتها المثنية أمامها وتحرك سبحتها بعصبية " ذهب لزوجته الأولى حتى في شهر العسل .. قرف أقسم بالله قرف ( وتوجهت لكارمن التي جحظت عيناها مصدومة تكمل ) وأنت يا كارمن لماذا لم تمنعيه كيف توافقين على ذلك ؟؟"
استقامت كارمن واقفة وازدادت ضربات قلبها تسألها بوجه شاحب " ماذا تقصدين بزوجته الأولى؟؟!!!! "
جحظت عينا يونس ثم نظر لأمه وعاد ينظر إليها قائلا " ألا تعرفين؟!!!! .. "
انخرست كارمن تحدق فيهما فاستدارت نحوها الحاجة تضرب على صدرها وتقول بعينين جاحظتين " ألم يخبرك فارس حين تزوجك بأنه متزوج من أخرى ؟؟!!!!!!!!"
صدمة كارمن لاحت على وجهها وحركت رأسها بلا بينما قال يونس بغيظ " كيف .. كيف تسمحين له يا أمي بأن يفعل ذلك!!!"
ردت أمه بسرعة تدافع عن نفسها " صدقني يا ولدي اعتقدت أنه أخبرها قبل أن يتزوج بها "
تسارعت ضربات قلب كارمن في توتر وشعرت بالدوار ولم تدري .. أ هي مصدومة لكرامتها أم للمفاجأة أم لشعورها بالإحباط.. فجلست ببطء تحاول استيعاب الكلام .. لتنفجر فجأة الحاجة في الضحك ويشاركها يونس مقهقها وقالت الأولى " كفى يا يونس .. المسكينة صدقت "
قال يونس من بين ضحكاته " وجدتها لم تفهم ماذا تقصدين فرغبت في ارعابها قليلا ( واقترب من أمه يخطف قبلة وهو يقول) وأنت يا ناني شقية وأمسكت بطرف الخيط وتماديتِ معي في مقلبي "
قهقهت أمه بينما ظلت كارمن تحدق فيهما قليلا قبل أن تستوعب أنها كانت ضحية مقلب من الأم وابنها.. فشعرت بالحرج وجلست تدفن وجهها في كفيها تضحك بينما قال يونس مفسرا " أمي تقصد العمل يا كارمن .. هي دائما تصف عمله بأنه زوجته وبما أنه قد تزوجك فأصبح العمل زوجته الأولى وأصبحت أنت زوجته الثانية "
رفعت وجهها الأحمر إليه تقول بضحك " يونس أنت غليظ "
رد عليها وهو يهم بالمغادرة" عليك أن تعتادي على غلاظتي .. سأذهب لأرى أين فريدة "
هدأت ضحكات الحاجة واستدارت تنظر لكارمن بنظرات مدققة متفحصة.. فعقدت كارمن حاجبيها في ترقب لتقول الأولى بهدوء " اقتربي بنيتي وطمئنيني هل الأمور بينك وبين فارس جيدة ؟"
توردت كارمن وقالت بارتباك "كل شيء بخير الحمد لله "
طالعتها الحاجة بنظرات متشككة ثم قالت بخفوت وهي تميل عليها واضعة يدها على فخذها "اسمعي بنيتي تعرفين الرجال مثل الأطفال يحبون التدليل ( أومأت كارمن برأسها بأدب رغم أنها لم تفهم بعد مغزى الكلام لتكمل الحاجة ) لهذا حتى تكسبين قلب زوجك اكثر عليك الاهتمام بكل تفصيلة تخصه وكأنه طفل صغير وأيضا ( واحمر وجهها الأبيض وأكملت ) زيدي قليلا من النعومة والدلال أمامه (اتسعت عينا كارمن لتسرع الحاجة وتوضح ) أنت ما شاء الله ناعمة ورقيقة والله لكن الرجال يحبون الناعمات ( وترددت قليلا ثم أكملت بحرج ) المائعات ( جحظت عينا كارمن فقالت الحاجة وهي تقترب منها أكثر لتكمل حديثا دافئا أموميا) اسمعي يا كارمن فارس ابني أنا أعترف أمامك أنه يدمن العمل وأن علاقته بالنساء تكاد تكون معدومة ..فهو يا قلب أمه لم يعيش مراهقته كباقي الشباب .. ولم يتعامل مع النساء سوى في اطار العمل فقط .. حياته كانت كلها شقاء وتعب .. وعمره الآن لم يعد صغيرا .. لهذا تعويده على أسلوب حياة مختلف سيكون صعبا في البداية لكنه ليس مستحيلا .. عليك أن تركزي على هذه النقطة.. أن تشديه إليك أكثر وأكثر حتى يوازن بين أسرته وعمله "
شعرت كارمن بالذنب تجاه فارس بأنها السبب في عدم وجوده في البيت بعد أقل من أسبوع من زواجه وببعض الشفقة عليه مما تقوله والدته .. وانتابها الفضول أن تعرف عن ماضيه لكنها لن تستطيع أن تسألها بينما قالت الحاجة مضيفة " لا تحسبيني أتصرف كالحموات وأقول لك دللي ابني فقط .. لا والله ( ورفعت اصبعها والسبحة متدلية منها تقول ) أنا لا أقبل أبدا أن يقصر في حقك أو يؤذيك .. أنت لا تعرفينني أنا ربيت أولادي على احترام المرأة ولا أقبل بأن تهان كرامة امرأة في بيتي.. نحن لنا حقوق عندهم كما علينا واجبات .. لهذا أقول ابذلي قصارى جهدك معه واذا قصر في حقك ( وضربت على صدرها ) أنا من سيعيد لك حقك "
ابتسمت كارمن متفاجئة واعترفت أن هذه المرأة مثيرة للإعجاب حقا .. بشخصيتها ونجاحها في تربية أبنائها وبآرائها المعتزة بكينونتها فأومأت برأسها وقالت بابتسامة " لا تقلقي يا حاجة سأبذل قصارى جهدي ( وأكملت في سرها ) المهم أن يستجيب هذا الرجل الغامض "
في بهو الفيلا قال يونس بحشرجة " عريس !"
قالت فريدة بغيظ "أجل عريس .. أبيه أخبرني أنه سيزورنا هو وأمه اليوم .. ( وأكملت بحنق ) حاولت أن اتحجج بساعدي المربوط .. حاولت أن أقول أني مازلت غير مستقرة نفسيا بعد الحادث لكنه مصر يقول أن أمه اخبرت أمي فقامت الأخيرة بإعطائها رقم أبيه حتى يحدد معه موعدا "
بلع ريقه ورد بصوت هارب منه " ربما .. ربما عليك أن تجلسي معه أولا لتقرري "
صمتت قليلا تتطلع فيه ثم قالت " لست مستعدة للزواج الآن يا يونس .. وأمامي افتتاح الملجأ وذهني مشغول بأكثر من أمر يخصه ولا وقت لدي حاليا للتفكير في عريس وزواج "
مسح بعينيه على ملامحها وقال بخفوت " اذن قابليه وبعد أن تنتهي الزيارة أعلني رفضك له "
قالت بحنق "يا يونس أبيه مصر هذه المرة وسيتهمني بالرفض المسبق كما أن ناني ستتدخل في الأمر ولا أريد أن احزنها أريد أن يرفضني العريس لا أن أرفضه أنا "
رد مشاكسا وصورتها بشعرها المحجوب عنه حاليا وملمس خصلتها لا يزالان يفرضان سيطرتهما على ذاكرته " لا تقلقي سيرفضك العريس بالتأكيد فمن سيرضى بك"
هتفت بحنق وهي تضرب بقدمها الأرض " يونس !! "
وضع يديه في جيبي بنطاله وقال " ما المطلوب من يونس؟"
أمسكت بكم سترته تقول بتوسل طفولي "ساعدني بأفكارك كيف سأجعل هذا العريس يخرج من البيت ولا يعود مجددا "
رفع حاجبا وقال ببرود مصطنع " وما المقابل؟ "
قالت برجاء " كل ما تريد "
هرش في رأسه مفكرا ثم قال " تطبخين لي ( ملوخية بالأرانب)"
لاح الامتعاض على وجهها لتقول " هل لابد من الارانب هذه فلتجعل خضرة تطبخها لك "
رد بإصرار " بل أنت من ستطهينها لي وسأعرف بسهولة إن كان طبخك أم خضرة "
ضربت يديها باطنها بظاهرها وقالت بتأفف" حاضر هل تأمر بشيء آخر"
تسارعت ضربات قلبه رغما عنه لكنه تجاهله بعند ليرد متسليا " واذا انكشفنا واخذنا التوبيخ من الكبير ستطبخين لي تعويضا أكله ( كوارع ) "
لاحت ملامح القرف على وجهها لينظر يونس في أظافره بحركة متعالية ثم يقول "اتفقنا ؟"
طحنت أسنانها وأومأت برأسها مكرهة ..ليقول بابتسامة واسعة "حسنا دعيني أفكر لك في خطة خبيثة ..وسنقوم بالاتفاق على تفاصيلها حين أعود من العمل"
اقتربت كارمن منهما متنحنحة تقول " فريدة هل ستذهبين للدار الآن أم أصعد لغرفتي "
نظر كل من يونس وفريدة لكارمن ثم نظرا لبعضهما فتمتمت الأخيرة بسرعة "آسفة يبدو انكما تتناقشان في موضوع خاص "
وهمت بالمغادرة فقال يونس لفريدة "هل نثق بها ونشاركها سرنا ؟"
أومأت فريدة برأسها إيجابا .. في الوقت الذي حركت فيه كارمن مقلتيها بينهما بعدم فهم ليقول يونس لفريدة" وماذا لو أخبرت الجبهة المعادية المتمثلة في زوجها وحماتها"


اقتربت كارمن ترد بدلا من فريدة وقد تملكها الفضول " لن أقول السر لأحد اخبراني علام تنويان؟ "
فنظر فريدة ويونس لكارمن بعينين لامعتين وابتسامة شيطانية ليشعل فضولها أكثر .
××××
قالت رفيدة في الهاتف وهي توجه بعض العمال في حديقة الدار ليضعوا بعض الحاجيات الخاصة بالدار والتي وصلت للتو إلى أماكن رصها " لا أعرف يا عمتي فذهني مشغول حاليا بالدار واقتراب افتتاحه "
أتاها صوت عمتها يقول " مزيدا من التأجيل يا رفيدة!! .. ألم تتعظي من العمر الذي سرق من حياتك وأنت لم تتزوجي بعد !"
اعتصر الألم قلبها فهي تكره هذه السيرة لتقول بلهجة متأثرة " كفى توبيخا يا عمتي فأنت تعرفين جيدا أنني لم أجد الوقت الذي أفكر فيه في هذا الأمر .. فحياتي كانت عشرة أشهر للعمل المستمر في الغربة وشهرين في الوطن للراحة والاطمئنان على عمر .. "
قالت عمتها متنهدة " لا أقصد يا حبيبتي عموما عمر الآن لم يعد صغيرا ... بل إنه أصبح زوج ولديه أطفال وأمنيتي أن أطمئن عليك قبل أن أموت "
غمغمت رفيدة بتأثر " أطال الله في عمرك يا عمتي .. لكن أنت تعرفين أن سني لم يعد يجلب لي من العرسان إلا من يريد أن يتزوج على زوجته الأولى أو من طلق زوجته ويحتاج مربية في اطار شرعي "
قالت عمتها متعاطفة " هذا العريس أرمل ولديه أطفالا لا أنكر لكنه أستاذا جامعيا ولديه مكانه مرموقة ومستوى مادي جيد جدا .. أي انه لا توجد أما للأولاد تضايقك وفي الوقت نفسه ستعيشين حياة أسرية طبيعية مثل أي امرأة "
شعرت رفيدة بالثقل .. دوما إما متزوج او مطلق ولديه أطفال فأضافت عمتها " حبيبتي .. كما قلت لك علينا أن نقلل من سقف مطالبنا ..فلا تنكرين أن عمرك لم يعد صغيرا .. صحيح لا يظهر عليك العمر لكنه حقيقة واقعة علينا أن نعترف بها ونعترف أن الراغب في الزواج سيبحث على فتاة أصغر لديها فرصة كبيرة للـ ... "
بترت عبارتها فجأة نادمة على الخوض في مثل هذا الأمر الجارح لتكمل لها رفيدة بلهجة متألمة وكأنها قد تلقت خنجرا في قلبها " لديها فرصة كبيرة للإنجاب.. أنا أدرك ذلك جيدا يا عمتي "
قالت العمة بلهجة نادمة" لم أقصد يا حبيبتي .. أردت فقط أن أقول أن عليك التنازل قليلا حتى تبدئين حياتك مع من يرافقك في الباقي من عمرك .. عليك الاستقلال بحياتك يا رفيدة يكفي عمرك الذي ضاع على تربية ورعاية اخيك "
قالت رفيدة بصدق " كان لزاما علي يا عمتي أن أرعاه كان طفلا حين تركه أبي ورحل "
قالت العمة متنهدة " رحمه الله وسامحه .. تزوج من فتاة صغيرة بعد وفاة والدتك لتستولي على أمواله وتهرب بعد أن تركت له ابنه الصغير لا سامحها الله أينما كانت لازلت أدعو عليها حتى الآن"
أطرقت رفيدة برأسها وغمغمت بحزن " ما الذي جاء بحديث الذريات هذا يا عمتي ( وقالت لتنهي الحديث ) عموما أعدك أن أفكر في الأمر بجدية "
قالت عمتها برجاء " أجل يا رفيدة .. فكري بجدية فلم يعد هناك وقتا أكثر لتضيعيه وكما قلنا علينا بالتنازل قليلا ( ثم أكملت بمصمصة ) على الأقل ستتركين شقتك التي يحتلها أخوك بعد أن باع شقته ليستثمر أموالها ويجلس ويكتم هو وأولاده وزوجته الباردة على أنفاسك وأنت كالعادة تدللينه ولا ترفضين له طلبا"
ابتسمت رفيدة وردت " حاضر يا عمتي سأرد عليك في أسرع وقت"
أغلقت الهاتف متنهدة تشعر بالتردد .. فأمر الزواج بات قرارا صعبا أن تتخذه .. فمن ناحية تعودت أن تكون مستقلة لها شخصيتها.. تأخذ قراراتها بنفسها ..ومن ناحية أخرى مضطرة للقبول بزيجات لا ترقى لمستوىأمنياتها أن ترتبط برجل يعوضها ما فاتها من أيام سرقت منها ولم تعشها .. لكنها تدرك أنها أصبحت امرأة (معيوبة) في بورصة النساء التي دوما الفائزات فيها هن الأحلى والأصغر والأغنى .
عدلت من نظارتها تتحرك مطرقة الرأس تحدق في أرض الحديقة العشبية الخضراء وتفكر في أنها في الوقت نفسه سئمت الوحدة ويرعبها التقدم في العمر وحدها بدون صاحب أو رفيق .
ظهر أمام عينيها فجأة قدمين كبيرتين لرجل ضخم فرفعت عيناها لتجد ذلك الضخم مفتول العضلات يبتسم لها .. فأدركت أنها قد شردت وكادت أن تصطدم به فقالت متحرجة " آسفة .. "
ثم تطلعت حولها ليقول الشيمي بهدوء " هل تحتاجين أي شيء يا أستاذة؟.. أبلغيني فقط وستجدين ما تطلبينه فورا ( ونظر لبعض الصناديق ليقول بحماس ) هل آمر الرجال بإدخالها "
حدقت فيه من خلال نظارتها مفكرة لماذا يبدو مختلفا لكنها لم تعرف فقالت بلهجة عملية " لا شكرا أنا أعرف كيف أتصرف مع العمال "
قال بثقة " لا تترددي في طلب أي شيء .. فارس بك كلفني بأن أسهل مهمتك أنت والآنسة فريدة فيما يخص الدار "
قالت بذهن مشغول" مفهوم .. مفهوم شكرا شمشون"
اتسعت ابتسامته ورد بهدوء " الشيمي "
عقدت حاجبيها الأسودان من خلف نظاراتها الطبية فكرر ببطء يتأمل وجهها " اسمي الشيمي "
دخلت فريدة من باب الحديقة تقول بحماس "كيف حالك رفيدة "
ابتسمت لها رفيدة بسعادة .. فهذه الفتاة قد دخلت قلبها في المرات القليلة التي قابلتها فيها فغمغمت مرحبة "بخير الحمد لله"
ونظرت للفتاة التي تصاحبها لتقول فريدة " هذه كارمن السيوفي زوجة أخي .. كارمن هذه رفيدة مديرة الدار .. "
سلمت عليها كارمن مرحبة ثم استدارت للشيمي تقول " هل حضر فارس معك أنا لم أراه؟ "
تنحنح الشيمي يقول " كلا فارس بك في المصنع أنا استأذنت لأحضر هنا لأتفقد سير العمل مع العمال "
قالت فريدة ممتنة " شكرا يا شيمي "
حدقت فيه كارمن وهتفت " هل خففت من شاربك وتركت لحيتك تنمو قليلا ؟ تبدو مختلفا؟"
لاحت منه نظرة مختلسة نحو رفيدة التي عقدت حاجبيها تدقق فيه مكتشفة للتو أنه خفف من غلاظة شاربيه المخيفين ونبتت له لحية خفيفة .. ليقول الأخير بحرج " نوعا من التغيير"
قالت فريدة مشجعة " المظهر الجديد رائع عليك يا شيمي أحببته جدا .. بهذا الشكل وبتلك العضلات ستجري الفتيات خلفك "
تنحنح يمنحهم ابتسامة طفولية محرجه تتناقض مع مظهره ..لتقول رفيدة موجهة دفة الحديث لأمور أكثر أهمية " فريدة أريد أن آخذ رأيك في بعض الأمور تفضلا إلى المكتب "
قالتها وسبقتهم نحو مكتبها لتلحق بها فريدة ساحبة كارمن تشرح لها بحماس عن الدار .. بينما ظل الشيمي يتطلع في أثرهم حتى اختفوا في الداخل .. شاعرا بأن قدميه على وشك الانزلاق في فخ سيؤذيه لا محالة
××××
اقتربت الشمس من المغيب لكنها لم ترغب في الاستيقاظ من النوم بعد ..
فبعد أن عادت لشقة زياد صباح اليوم ..
مجهدة ..مستنزفة ..مجروحة ..محطمة ..
ومحملة بمشاعر مميتة..
بالرغم من سعادتها الجمة حين تأكدت أن هذا القذر عبود لم يمت .. لم تفعل سوى أن اتصلت بالعمل تطلب يوم إجازة .. وحصلت على حمام ساخن .. دعكت فيه جسمها بقسوة وكأنها تنظف نفسها من ملامسته لها .. مقاومة بكل قوة كل ذكريات الليلة الماضية .. ثم استسلمت لنوم عميق .
نوم آمن مريح.
لم تحظى به منذ أن عادت للوطن .
نوم بملء جفونها ..
لكنها استيقظت الآن نتيجة لإلحاح الهاتف بجوار السرير .. فردت بصوت مبحوح مستغرق في النوم " نعم "
قال زياد بلهفة " هل أنت بخير يا عهد .. أنا اتصل بك على هاتفك المحمول لكنه مغلق منذ الصباح .. واتصلت بك على هاتف الشقة أكثر من مرة وخشيت أن تكوني قد قررت ترك الشقة "
ردت بعينين مغمضتين وهي تستمع لصوته " أنا بخير لا تقلق فقط متعبة وأرغب في النووووم "
بحة صوتها وهمسها في الهاتف أذابا أعصابه فغمغم بحنو " لا بأس .. نامي وارتاحي .. أنا اعتذر أن أيقظتك .. أنا فقط كنت قلقا و.. ,, وأنت لم تأكلي والثلاجة فارغة ... و .., "
ابتسمت لثرثرته فما أجمل أن تستيقظ على صوته ثم قالت مغمضة العينين "وماذا "
صمت قليلا شاعرا بسخافته .. فسحب نفسا يهدئ من ضربات قلبه المجنونة ثم غمغم بخفوت" لا شيء نامي كما ترغبين .. كنت فقط أطمئن عليك "
قالت بخفوت " زياد .. أنا عاجزة عن الشكر "
قال بتوبيخ " اغلقي يا عهد وعودي للنوم .. سلام "
اغلقت الهاتف وأكملت جملتها " عاجزة عن الشكر لأنك في حياتي ..حتى لو لبعض الوقت "
أما زياد فوضع الهاتف وأطلق زفرة راحة لأنها لم تترك الشقة .. وتمدد على الأريكة في الشقة الأخرى .. شقة والده القديمة في نفس الطابق بعدما قرر أن يبيت فيها حين أوصلها فجر اليوم .
غاصت عهد في الفراش وصدى صوته لا يزال يتردد في أذنها وعادت بذاكرتها لشهرين مضيا .. لتلك الحادثة يوم أن طاردها ذلك السكران .. يومها سألت نفسها لماذا اتصلت بزياد أولا وليس يونس .. وبعد الكثير من التفكير اعترفت بما كانت تنكره لسنوات كثيرة .. اعترفت بأنها لم تتخلص من حب مراهقتها بعد ..
ظنت أنها نجحت في محوه من تفكيرها بعد أن تُيمت به في مراهقتها لدرجة معذبة ..
لكنها دوما شخصية واقعية تجبر عقلها على التحكم في أمورها .. فلم تسمح لنفسها حتى وهي لا تزال مراهقة أن تتعلق أكثر بأمر مستحيل ..
فهي تعلم جيدا من هي ومن هو ..
وأنها لولا تلك الوديعة التي تركها والدها تحت اشراف أحد المحامين حتى تكمل تعليمها في تلك المدرسة الأجنبية وبعدها الجامعة لما استطاعت بمستوى معيشة والدتها وزوجها المتوسط أن تقابل أبدا زياد الذي كان والده وزيرا حين كانوا في المرحلة الثانوية ..
تدرك جيدا أنها لا تملك ما يليق بأمير مثل زياد .. لا عائلة .. ولا أب .. ولا مستوى اجتماعي يتناسب معه ..
ولم تنسى أبدا ذلك اليوم الذي قابلت فيه والدته لأول مرة حين أتت لزيارة المدرسة مدججة بالحرس من حولها تستقبلها مديرة المدرسة بكل تبجيل ..
مظهر والدته كان مخيفا لقلبها الأخضر الصغير رغم أنها لم تتبادل معها سوى بعض الكلمات المجاملة حين سحبها زياد من يدها يعرف والدته عليها ..
يومها أدركت الحقيقة بكل وضوح ..
أدركت أن عليها أن تمحو زياد من مخيلتها تماما ..
ألا تفكر فيه أبدا ..
يومها خافت بشدة من الفقد بعد التعلق ..
فمن غيرها يعرف جيدا كيف هو الشعور حين تفقد شخصا عزيزا ..
فقررت بألا تتعلق بأحد حتى لا يتركها وتتوجع ..
فألم الفراق صعب ..
تحايلت على قلبها لتضع زياد في خانة ( شخص عزيز ) واقنعت نفسها بأن هذه المشاعر مشاعر مراهقة عليها أن تتخلص منها ..
واتجهت نحو يونس .. صديقها الآخر .. الذي بعقلها ترى أنه الأنسب من كل النواحي .. فهو صديقها .. وتعرفه جيدا وتثق فيه .. ومن خلفية اجتماعية بسيطة لن تشعر معه بأنها ضئيلة .. كما أن لديه ميزة عظيمة تجعلها تتمناه هو دون غيره .. ألا وهي عائلته المميزة جدا في ترابطها .. فهي تحتاج لعائلة كهذه .
.تحتاجها بشدة ..
تمنت لسنوات كثيرة أن تصبح واحدة من هذه العائلة تحظى بذلك الدفء الذي يجمعهم .. أن يكون فارس أخ كبير لها كما هو ليونس وفريدة .. أن تكون الحاجة نفيسة أمها تغدق عليها بالحنان والاهتمام ..
إنها ..
تشتاق للتدليل ..للاهتمام .
تشتاق لوالدها ..
لكن بعد ذلك الحادث في ألمانيا..
اعترفت لنفسها أنها لا تحب يونس ذلك الحب الرومانسي .. وهي لا تحتاج لهذا النوع من الحب الذي يؤلم عند الفراق .. تحتاج لحب عاقل مبني على حقائق ينمو على المحبة ..
وأدركت ..
أن زياد لا يزال رغما عنها يحيا في نبضاتها .. وبمجرد أن وصلت لهذا الادراك تدفق كل شيء على السطح من جديد كل ما كان مختبئا خامدا طفى على السطح أضعاف ..أضعاف..
ولهذا ضعفت أمامه حين غضب منها وحزن عندما أرادت أن تبقى في ألمانيا حتى بعد قرار يونس بالعودة .. وانصاعت لرغبته لتعود للوطن .. وها هي تتجرع الألم بسبب هذا القرار وهذا الحب الذي يأبى أن يعتقها .. لهذا عليها أن تصحح مسارها .. وتفكر بعقلها كعادتها وتخرس هذا القلب الذي يتطلع لعلاقة يائسة بشخص دمث الخلق وكريم يشفق على حالتها المثيرة للشفقة..
دفنت رأسها تحت الوسائد وغطتها بالأغطية وكأنها تدفن مشاعرها .. وتغمغم لنفسها "فكري بعملية يا عهد .. فكري بالمنطق ودعي حديث الروايات هذا للمراهقات"
××××


يتبع






Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 01:19 PM   #95

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 7

دخل فارس من باب الفيلا ليجدها تنزل من فوق السلم ترتدي بنطالا من الجينز الأزرق وبلوزة بيضاء طويلة وشعرها معقوص كذيل حصان خلف رأسها.. فظهرت ملامح وجهها الفاتن وعيناها الواسعتان تطالعانه بتدقيق ..
وارتجف قلبه بشدة ..
فما أروع أن يكون شاخصا أمام مرمى عيناها مشمولا بنظراتها .

ابتسمت له ابتسامة مرتبكة ليتقابلا في منتصف البهو .
فوقف أمامها متخصرا دافعا طرفي حلته للخلف هادئا كعادته فباغتتها ذكرى ذلك الحلم لتتورد تلقائيا.

قال بخفوت "كيف حالك؟"

بدا أمامها مضحكا بتلك العبارة الوحيدة التي بات يكررها كلما تحدث إليها حتى اليوم حين اتصل بها في منتصف النهار لم يقل سواها ثم أغلق ..
ابتسمت وردت " أنا بخير وأنت؟"

أومأ برأسه ثم سألها " هل تشعرين بالملل اثناء النهار؟ "
ردت بحرج " لا تقلق استطيع أن أملأ فراغي بكثير من الأمور ..كما أني لست وحدي معي الحاجة وفريدة .. وذهبت اليوم لدار الأيتام "
سألها تتراقص مقلتيه في خطوط وجهها غارقا في تفاصيله رغم جدية ملامحه " وهل تشعرين بالراحة مع أمي واخوتي؟"

صمتت قليلا تحدق في عينيه مأخوذة بزرقتها الداكنة ثم انتبهت لترد بمشاكسة لكسر رتابة وهدوء هذا الرجل الذي يحرك فيها الرغبة في المناكفة " وماذا ستفعل إن اخبرتك أني لست مرتاحة ؟( وتكتفت لتكمل بتحدي ) هل ستترك بيت العائلة وتنقلني لمكان بمفردي أم أن هذا السؤال تسأله فقط لتكون لبقا؟"

نجحت في استفزازه فلاح الخطر في عينيه وغيم الضباب على زرقتهما ليقول " أنا لا اتصنع اللطف ولست مضطرالذلك يا كارمن.. وحين اسألك سؤالا أكون متأكدا أني سأتصرف بناء على اجابتك .. عموما إجابة سؤالك هو .. بالطبع سيحزنني جدا ألا تحبين رفقة أهلي لكني لن اجبرك على معاشرتهم رغم أن هذا سيشعرني بالإحباط .. تستطيعين أن تلتزمي جناحك إن رغبت "

تسارعت ضربات قلبها توترا لكنها تماسكت ألا يظهر ذلك على ملامحها خاصة وهي تشعر بلذة غريبة في استفزازه وقالت بإصرار " وان لم أرغب في البقاء هنا وتمنيت شقة صغيرة تكون لي فمن حقي أن اختار المكان الذي أعيش فيه.. ربما لم أحظى بذلك الاختيار قبل الزفاف لأن الوضع كان محتدما بينك وبين أمي على هذه النقطة فلم أرغب في أن أزيد من اشتعال الأمر .. لكن ماذا لو طلبتها الآن ماذا سيكون ردك؟ "

صمت قليلا يحدق فيها على نفس وقفته ثم أشاح بوجهه لثوان يتخلص من أسر عينيها ويسحب نفسا عميقا ليعود بعدها ينظر إليها قائلا " سأفعل ما سيفعله أي زوج يحرص على راحة زوجته وسأبني لك بيتا صغيرا إن أردت في محيط أرض هذه الفيلا .. وفي هذه الحالة سأقسم وقتي بينك وبين أهلي"
اعجبها رده لكن لذة استفزازه مازالت مسيطرة عليها فردت بتهكم واضعة كفيها على خديها متصنعة الهلع " هل ستقسم الخمس واربعون دقيقة التي تقضيها بعيدا عن العمل بيني وبين أهلك؟؟!"

تسارعت دقات قلبه ردا على مشاكستها فأشاح بمقلتيه لثانية قبل أن يرد ساخرا بما تمليه عليه كرامته " هل أفهم من هذا الكلام انك تتذمرين من عدم تواجدي ( احمر وجهها فتابع حديثه) .. عموما أعدك بأنه حين نصبح زوج وزوجة حقيقيين سأبحث لك عن حل حول تذمرك من الخمس وأربعون دقيقة "

وتحرك نحو غرفة والدته فتملكها الغيظ لتصيح من خلفه " هل تعايرني أم تضغط عليّ لإتمام الزواج ! .. أم تستعرض عليّ شهامتكّ ! "
استدار إليها غاضبا وعاد ليمسك بمعصمها ويتحرك نحو غرفة مكتبه وهو يقول بحدة " تعال"

هرولت وراؤه وقلبها يقفز كالكرة المطاط في صدرها مجددا ..
أن هذا الرجل سيتسبب لها في أزمة قلبية قريبا ..

ثم وبخت نفسها في سرها "أنت أيضا يا كارمن تتعمدين استفزازه بشكل لم تعرفينه في نفسك من قبل "

أدخلها غرفة المكتب واغلق الباب يلصق ظهرها للحائط يسند بكفه بجوار رأسها ويقول بملامح خطرة "اذا كنت ترغبين في عراك لا مانع عندي لكن إياك .. إياك أن يحدث ذلك أمام أحد .. وحاذري من أن يعرف أحد في هذا البيت طبيعة العلاقة بيننا .. هذا الأمر حساس جدا يا كارمن ولا يجوز أن تتحدثي فيه في منتصف البهو بهذا الشكل "
احمر وجهها وادركت أنها قد أخطأت فقالت نادمة " أنا اعتذر فقد تصرفت بشكل متهور وغير صحيح فعلا"

ما أجملها ..
وما أجمل شخصيتها
لم يخطئ قلبه حين جُن بها .

هذا ما فكر فيه وهو يميل عليها غارقا في أفكاره فتوردت وحاولت أن تبدد هذا الصمت الغريب لتقول ببقايا مشاكسة لا تزال تدغدغها رغم محاولتها أن تتعقل "لماذا لم ترد عليّ؟"

انتبه لكلامها ولوقفته ليستقيم معتدلا يسألها عاقدا حاجبيه " أي سؤال ؟"
تكتفت وردت ترفع ذقنها بكبرياء " سأمطرك بالأسئلة لا تتعجل أنا فقط في حيرة هل الخمس وأربعون دقيقة كافية للإجابة على سؤال واحد من اسئلتي أم أننا سنقسم الإجابة على أيام وشهور وسنين "

ضيق عينيه عابسا في وجهها بملامح خطرة فأسرعت تستطرد " لكن ما أسأل عنه شيئا آخر .. لماذا لم ترد عليّ حين أرسلت لك على الواتساب ؟"

جمدت ملامحه يداري خلفها عدم فهمه لذلك الذي تتحدث عنه لكن ما استوعبه أنه أمرا له علاقة بالهاتف المحمول والانترنت غير أنه لم يلتقط الاسم جيدا.. فتنحنح يقول حافظا لماء وجهه " كنت مشغولا طوال النهار ( ثم سألها يستدرجها ) ماذا أرسلت إليّ "
جاء صوت فريدة من الخارج تصيح " كارمن .. أين أنت؟ "

نزلت قليلا بقامتها لتمر برأسها من تحت ذراعه المفرودة بجوار رأسها تحاصرها وتفتح الباب قائلة بدلال " اعرف بنفسك "

تركته كارمن وخرجت فأخرج هاتفه يحدق فيه جيدا محاولا فهم ما أرسلت له بالضبط .. خمن أن تكون رسالة صوتية لكنه لم يجد شيئا ..

قلب في هاتفه في تلك التطبيقات الكثيرة الموجودة على الهاتف والتي لا يستخدم معظمها لكن لم يصل لشيء .. تساءل أن كانت قد بعثت له ببريد الكتروني ... فأخرج نظارته يبحث باهتمام على أيقونة البريد التي سبق وأن علمته إياه فريدة الفاشلة مسترجعا الخطوات في رأسه .. فهو يترك مهمة البريد الالكتروني الخاص به ليونس حتى حين كان في ألمانيا ويبعد بينهما آلاف الكيلو مترات ..
لكنه لم يجد شيئا مستبعدا أن ترسل له بريدا الكترونيا ..

قتله الفضول وتملك منه الحماس فلم يقدر على الانتظار ليخرج في البهو صائحا " فريدااااااا.. أريدك حالا "

بعد ثوان كانت فريدة تدخل عليه غرفة المكتب بتوجس متسائلة إن كان قد اكشف ما يخططون له .. فقالت بارتباك " هل طلبتني يا أبيه؟ "
أعطاها الهاتف الذي أغاظه وقال بعصبية" ابحثي عن برنامج هنا قد أرسل لي شخصا عليه رسالة .. فلا أجد شيئا في رسائل الهاتف العادية "

تسمرت قليلا تحاول الاستيعاب ثم زفرت براحة لتعود لمرحها المعتاد وتقول " ارسل لك أي شيء بالضبط؟ "
مط شفتيه وقال بعند" هذا ليس من شأنك"

هتفت باستنكار" لابد أن أعرف فحوى الشيء لأفهم بالضبط أين أرسله لك"
تنحنح يقول " صديقا لي سألني لماذا لم أرد عليه حين أرسل لي رسالة اليوم.. على .... لا اذكر "

أومأت برأسها علامة على الفهم وقالت وهي تبحث في هاتفه " غالبا أرسل لك على أحد تطبيقات الدردشة الواتساب أو الفايبر أو التليجرام هذا ما ثبته على جهازك ..دعنا نرى ..( ثم رفعت وجهها إليه تقول بمقلتين مقلوبتين ) أبيه واضح جدا أن لديك رسائل عديدة على الواتساب لم تتفقدها "

لاح الاهتمام على وجهه ليترك وقفته ذات الكبرياء ويضع نظارة القراءة على عينيه يحدق في الهاتف لتشير له على تطبيق الواتساب الذي يظهر عليه اشعارات وتقول " هذه الأرقام الظاهرة تبلغك بعدد الرسائل التي وصلتك "
فقال مرددا لنفسه" اذا هذا الأخضر هو الواتساب "

هتفت بحنق تضرب بقدمها الأرض باعتراض " أبيه .. أنت تشعرني أني فشلت في تعليمك "

مط شفتيه وسحب من يدها الهاتف بخشونة " هذه هي الحقيقة أنت فاشلة في تعليمي ( وأشار بيده يطردها ) هيا اذهبي لتستعدي لاستقبال الضيوف "

عوجت شفتيها بعدم رضا وتحركت نحو الباب ليستوقفها قائلا " انتظري لأتأكد أني استطيع التعامل معه "
وضغط على الأيقونة ليجد أكثر من شخص قد أرسل له رسائل لكن عيناه لم ترى سوى اسمها فأشار لفريدة بيده أن تتركه قبل أن تلوح ابتسامة على شفتيه وهو يضغط على أسمها ليقرأ
"صباح النور .. كيف حالك ؟"

فتسارعت ضربات قلبه بعنف وكأنها قد قلدته وساما ملكيا .
××××
وقفت السيارة الفخمة أمام فيلا سعد الدين تخرج منها سيدة في منتصف العمر وشاب اسمر مبتسم الوجه يرتدي حلة رسمية فاخرة ويشير للسيدة لأن تتقدمه بعد أن حيا الشيمي الواقف عند بوابة الفيلا برأسه فأشار له الأخير بأدب.. مُرحِبا به لأن يتفضل بالدخول .
في نفس الوقت كان زغلول يرافق الحارسين الخاصين بالملجأ فهيم ونبيه اللذان يحملان أريكة أخرجاها من المبنى ذا الطابقين الذي يقطن فيه زغلول وزوجته بالدور الثاني منه خلف الفيلا في الحديقة الخلفية ويخرجون من بوابة الفيلا ..
نظرت السيدة باستغراب من المشهد وانزاحت يمينا هي وابنها لتترك لهم مجالا للعبور فانزاح الحارسين لنفس الجهة بارتباك..
تأسف زغلول لهما بابتسامة محرجة فانزاحت يسارا فارتبك الحارسين واندفعا يخرجان بخشونة ليتراجع الضيفان للخلف باندهاش واستنكار ويرتطم زغلول بالشاب حتى كاد أن يوقعه أرضا لكنه أمسك به بسرعة وهو يعتذر بشدة .

هدر الشيمي فيهم موبخا " ما قلة الذوق هذه!! .. ماذا تفعلون يا أغبياء امام الضيوف "
ارتبكا فهيم ونبيه ليقول الأول للشيمي " ألم تطلب منا أن نخرج هذه الـ ...."
حدجه الشيمي بنظرة خطرة جمدت الدماء في عروقه وأخرسته ليقول زغلول بسرعة " بل أنا من طلبت منهم .. آسف يا شيمي (وتوجه للضيوف يقول باعتذار شديد ) آسفين يا بك آسفين يا هانم .. كنا نخرج الأريكة لنضعها في الشمس حتى نقتل منها الحشرات "

نظرت المرأة بذعر للأريكة وابتعدت للخلف تهرش في يدها بقرف .. فصرخ الشيمي بصوت جهوري " أفسحوا الطريق يا أغبياء فورا"
حمل الحارسين الأريكة للخارج بينما ظل زغلول يرحب بالضيوف ويعتذر فدخلا بتحفظ واندهاش مما يحدث لتتمتم أم العريس وهي تخترق حديقة الفيلا وتنظر خلفها بقرف " يخرجونها في الشمس .. أي شمس ولقد حل الظلام !!"

اما الشيمي فأسند قبضتيه على خصره وقال للحارسين آمرا "أعيداها"
سأله نبيه بارتباك" نعيد ماذا يا شيمي باشا؟"

رفع حاجبيه وأجاب بتسلط" أعيدا الأريكة لمكانها في الدور الثاني كما أخذتماها "

في داخل الفيلا استقبل فارس والحاجة الضيوف واستضافوهما في غرفة الجلوس الفخمة .. فدخل يونس ملقيا سلاما باردا ينظر إلى العريس من رأسه حتى أخمص قدميه بامتعاض ثم جلس صامتا.
قالت الحاجة نفيسة " أهلا يا أخت نبيلة تشرفنا بكم والله "
تكلمت نبيلة بحماس " والله يا حاجة نحن من نتشرف بكم أنت اخت فاضلة ودائما أنت قدوة طيبة في المسجد للأخوات .. واحببت أن نزوركم ونتعرف عليكم "

تكلم فارس بوقار " ونحن تشرفنا بكم يا حاجة ( وتوجه للشاب يقول ) تشرفنا يا أستاذ أشرف أنت تعمل في مجال الxxxxات أليس كذلك ؟"
تكلمت نبيلة باندفاع تقول بفخر " ابني أشرف بفضل الله لديه شهرة كبيرة في سوق الxxxxات .. "
نظر فارس لأشرف الذي بدا عليه الحرج وعاد يوجه له سؤالا آخر " أنا في سوق العمل منذ عشرين عاما ماذا عنك ؟"

تنحنح أشرف وهم بالرد فاندفعت أمه تقول " ابني منذ نعومة اظافره في مجال العمل والده رحمه الله كان يأخذه معه في كل أعماله حتى شب يعرف كل اسرار عمله "

رفع فارس حاجبا بينما مط يونس شفتيه واشاح بوجهه.

ساد صمت ثقيل فقالت الحاجة نفيسة وهي تستند على عصاها " شرفتمونا "

اقتربت كارمن بحرج من غرفة الضيوف .. كانت ترتدي فستانا طويلا بأكمام باللون الأرجواني ترفع شعرها في عقدة مرتخيه يتدلى منها بعض الشعيرات الأنيقة حول وجهها ورقبتها فقالت " مساء الخير "
تطلع فيها أشرف فاغر الفاه بانبهار واستقام واقفا .. فكشر فارس عن أنيابه واستقام واقفا هو الآخر لاستقبالها وهو يحدج أشرف بنظرة نارية قبل أن يسرع يونس ويقول بلهجة خطرة " السيدة كارمن زوجة أخي الكبير"

اقتربت كارمن تسلم على السيدة نبيلة التي رحبت بها بحبور وحضنتها بحماس .. فتخشبت كارمن بتحفظ لكنها ابتسمت لها ابتسامة لبقة ثم استدارت ترحب بأشرف بإيماءة من رأسها.. ليمد فارس يده يسحبها من مرفقها برفق يدعوها لأن تجلس بجواره على الأريكة.. قبل أن يحاول هذا الـ أشرف مصافحتها .

تكلمت نبيلة بحبور "ما شاء الله على عروستنا الف مبروك الزفاف"
ردت كارمن بلباقة .. فقالت نبيلة" وأين ابنتنا فريدة يا حاجة نفيسة؟"
قالت الحاجة " آتية حالا "

أكملت الحاجة نبيلة الحديث عن ابنها بفخر " ابني أشرف لديه بسم الله ما شاء الله بدلا من الشقة اثنان وثلاثة ملكه .. فبحسب مجال عمله بالطبع اختار أفضل الأماكن "
سأل فارس أشرف "أي المناطق في العاصمة تغطيها "

اندفعت نبيلة تقول " ابني حبيبي بفضل الله لم يترك منطقة إلا وله علاقات فيها "
تكلم فارس لنبيلة بحزم " أحب أن أسمع منه يا حاجة لربما احتجته في مجال عملي"
تكلم أشرف أخيرا وهو يدس يده في سترته ليخرج بطاقة العمل " يشرفني بالطبع أن أخدمك يا فارس باشا .. سأعطيك بطاقة العمل تستطيع أن ..... "
صمت فجأة يبحث في جيوبه فطالعه الجميع بترقب لتقول الحاجة نفيسة" ماذا حدث يا ولدي ؟"

استقام أشرف يبحث في جيوبه ويجيب " لا أجد حافظة نقودي"

قالت أمه بحرج وهي تحدجه بنظرة نارية وتجلسه مكانه " ربما نسيتها في السيارة (وتوجهت تقول للجميع بسعادة ) ابني ما شاء الله لا قوة إلا بالله يملك سيارة باهظة الثمن "

تمتم أشرف بشرود "لم أضعها في السيارة .. أنا متأكد أنها كانت في جيبي"
لم تمر ثوان إلا ودخلت فريدة في وجوم فاتسعت عينا الجميع بينما كتم كل من كارمن ويونس ضحكاتهما .

تأملتها السيدة نبيلة وهي ترتدي عباءة فضفاضة تغرق فيها .. وتغطي رأسها بوشاح طويل يتدلى على كتفيها ومقدمة جذعها بطريقة غير مرتبة .. بينما وجهها خالي من أي مساحيق ترتدي نظارة طبية وضعتها مع حجابها الغير مرتب بشكل متعمد لأن يكون غير جذاب تمسك بسبحة طويلة تتدلى من يدها.
عقد فارس حاجبيه بينما حدجتها الحاجة نفيسة بنظرة متوعدة.. فسلمت فريدة على الضيوف في صمت تدعي الحرج ثم جلست تطرق برأسها أرضا وتفرك في كفيها ..

تطلع فيها أشرف بطارف عينه وابتلع ريقه .. فساد صمت محرج بين الجميع لتقول نبيلة وهي تتفحص هيئتها الغريبة " كيف حالك بنيتي ؟"
أومأت فريدة برأسها في خرس تدعي الخجل ولم ترد
فكتب يونس لفريدة على الواتساب متهكما " عريس رائع يليق بك لم ينطق في حضور أمه سوى بضع كلمات وسيترك لك الفرصة للثرثرة كما ترغبين "

فحدجته فريدة بنظرة نارية بطارف عينيها بعد أن تفقدت هاتفها .

دخلت خضرة بصواني الضيافة تساعدها شهد فتحركت كارمن تقوم بواجب الضيافة بلباقة وتوزع الاطباق بأناقة على الضيوف .. فتسارعت ضربات قلب فارس وهو يتطلع للأميرة التي تكرم ضيوفه ..
أي سعيد الحظ هو ليحظى بهذا اللطف منها ..

فقط لو لم يكن هذا الشاب يختلس إليها النظرات الفضولية ويشعره برغبة محرضة لفقأ عينيه ..
ولو كانت تغطي شعرها لتقلل من جمالها البهي لكان أكثر سعادة .

أما نفيسة فأرسلت إليها نظرة تشجيع وهي تأخذ من يدها طبق الحلو أشعرت كارمن بسعادة شديدة .. وبدفعة مشجعة ..

رغم أن ما فعلته كارمن لم يكن شيئا يذكر فهي تعلم قواعد الضيافة والاتيكيت جيدا..
ورغم أن تلك النظرة نظرة الرضا ليست بالأمر العظيم لكنها اخترقت صميم قلبها واسعدتها أن فعلت شيئا أسعد الآخرين ..

توقفت عند هذا الشعور وأخذت تحلله في رأسها وهي تناول فارس طبقا من الحلو فتلاقت عيناهما ليرتبك الطبق في يديها ويتدخل يونس يسحبه من بينهما وهو يقول ساخرا " شكرا .. اكملا التحديق في بعضكما "
تنحنح فارس فقالت كارمن بخفوت "سأعد لك طبقا آخر"
أمسك بذراعها قبل أن تتحرك وأشار لها بعينيه بالرفض هامسا "لا أرغب سلمت يداك"

سلمت يداك.
عبارة ترددت في ذهنها وهي تجلس بجواره.

سلمت يداك .
ما بالها عبارة عادية لكنها خرجت منه تدغدغها بطريقة غريبة..
فتمتمت لنفسها ساخرة " أبشري يا كارمن فأبو الهول قد نطق وقال لفظا مجاملا ! .. وأنت كالبلهاء تشعرين وكأنه ألقى عليك قصيدة شعر .. ماذا يحدث معك بالضبط ! "

قالت السيدة نبيلة لكارمن مادحة " ما شاء الله عروستنا سلمت يداك .. ( ثم توجهت لفريدة تقول ) وهل تتقنين الطهي يا فريدة؟"
استمرت فريدة في خرسها تفرك في يديها بطريقة مبالغ فيها .. فجز فارس على اسنانه بينما رفعت الحاجة نفيسة حاجبا وردت باستنكار " أهذا هو السؤال الأهم لديك يا أخت نبيلة لتسأليه أول شيء في أول جلسة ! "

ضحكت نبيلة بحرج وردت " نحن ندردش فقط .. وكنت افتح معها مجالا للحوار فيبدو ( وصمتت قليلا تمنع نفسها من المصمصة وأكملت ) أن عروستنا لا تحب الكلام "
ابتسمت لها نفيسة ابتسامة صفراء ثم تكلمت وهي تنظر لفريدة متوعدة " أرى أنهما خجولان ( واكملت بلهجة ذات مغزى ) فابننا أشرف أيضا لم يتحدث كثيرا منذ أول الجلسة .. فريدة أخرجي مع الأستاذ أشرف للشرفة كي تتحدثا قليلا بنيتي وتتعرفا على بعضكما "
همس يونس في سره " أحبك يا نفيسة كنت متأكد انك ستفعلينها "

استقامت فريدة تتصنع التلعثم تتحرك كعروس من الخشب تشير لأشرف بأن يصحبها ..

فاستقام هو يعدل من رابطة عنقه وحلته بحركة استعراضية وتحرك معها مارا من أمام يونس الذي تحكم في قدمه التي أرادت أن تتمدد أمامه فجأة فينكفئ على وجهه.. ثم قام بالكتابة على الواتساب لمجموعة تحمل اسم (المتآمرون ) " مكان الحدث هو الشرفة استعدوا "
امسكت كارمن هاتفها ونظرت فيه لتتحرك بعد قليل وهي تعتذر للجميع بعد أن سبقها يونس وترك الجلسة .
في الشرفة تكلم أشرف الذي جلس مع فريدة " آنسة فريدة .. كيف حالك ؟"
ردت فريدة أخيرا " الحمد لله "
تمتم بابتسامة " الحمد لله تكلمت أخيرا .. "

وضعت فريدة ساقا فوق الأخرى وأخذت تحرك السبحة في يدها بعصبية.
فقال أشرف وهو يتطلع فيها " يبدو أنك متدينة جدا "

قالت فريدة بهدوء" الحمد لله فلا يبقى للإنسان سوى عمله في الدنيا .. كلها دنيا فانية .. لو ينظر الانسان لساكني القبور سيدرك كل شيء "

اتسعت عينا أشرف وردد " القبور ! "

ساد صمت ثقيل ليقول أشرف بعد قليل وهو يتطلع فيها " هل تلبسين بهذه الطريقة في البيت أيضا ( وأكمل بلهجة ذات مغزى ) أقصد انك بالتأكيد في بيت زوجك .. ستكون ملابسك أكثر .. أكثر "
زمجرت فريدة واستدارت تنظر له بنظرة خطرة ثم قالت بحدة مفاجئة أرعبته " ماذا تقصد ؟؟!!!"

ارتعشت مقلتي أشرف بهلع وقال بسرعة "لا شيء لم أقصد شيء"

بينما أطلق يونس شتيمة وقحة في سره .. وهو يستمع من الشرفة الملاصقة ودغدغته مطواته في ميدالية مفاتيحه
لتعلن عن وجودها .
أما كارمن التي تقف بجوار يونس فاحمر وجهها وكتمت ضحكتها بقوة وهي تستمع للحديث .. فدخل يونس للغرفة وتكلم في ميكروفون صغير مثبت في ياقة قميصه لتسمع فريده في السماعة الصغيرة المثبتة في أذنها " فريدة ابدئي الخطة الآن قبل أن آتي وأخرج أحشائه من بطنه "
قالت فريدة وهي تفرك يديها ببعضهما " أستاذ أشرف .. الحقيقة أن هناك سر لا يعلمه أهلي لكني أفضل أن أخبره لكل خاطب بمنتهى الأمانة وأترك له مطلق الحرية في اتخاذ قراره .. لكن عدني أولا أنك حتى لو لم يكن مكتوبا لنا الزواج فلن تفشي بهذا السر أبدا "
عقد أشرف حاجبيه وقال " بالطبع تفضلي "
أطرقت فريدة برأسها وقالت ببؤس " الحقيقة أني .. أني .. على اتصال بالجن .. واستطيع أن .. أن اتحدث معهم ويفهموني و ... "

تجمد الدم في عروقه وقال بحشرجة " نعم !!"

قالت بسرعة " أرجوك .. أرجوك لا تخبر أحد بهذا السر حتى لو عدلت عن الزواج مني "
أخرج أشرف منديله يجفف بعض قطرات العرق وقال " كيف تتصلين بـ ( اللهم احفظنا ) "
سألته فريدة" ألا تصدقني؟"
ابتسم اشرف وقال بحرج "الحقيقة أن الموضوع غريب قليلا"

أطرقت برأسها تقول بمسكنة "هذا قدري وعليّ أن اتحمله .. المهم فقط ألا تخبر أحدا ( ورفعت رأسها فجأة تقول بعينين جاحظتين ولهجة خطرة ) والا سيحدث معك مثل ما حدث للعريس رقم ثمانية "

ارتد أشرف للخلف برعب وجفف عرقه بقوة ثم قال بصوت هارب منه" وماذا حدث لرقم ثمانية؟؟!"
استمرت في النظر له بعينين جاحظتين وقالت بلهجة مرعبة" أخبر الناس بسري فآذوه "

ارتجف أشرف وبدأ ينظر باتجاه باب الشرفة وينظر في ساعته راغبا في المغادرة فقالت فريدة "ألم تجدها بعد؟"

سألها بصوت هارب منه " من ؟ ماذا؟"

قالت بلهجة مسرحية ممطوطة مخيفة "حافظة نقودك ألا تبحث عنها؟"

اتسعت عيناه وقال بارتباك " كيف .. كيف عرفتِ أنها مفقودة .. أنت لم تكوني موجودة معنا حين اكتشفت أنها ليست موجودة"
رفعت فريدة سبحتها تحركها بين أصابعها وقالت " هم يخبروني بكل شيء"
سألها بارتباك "من؟؟"
هتفت بلهجة مخيفة "الجن"

بلع أشرف ريقه ونظر نحو باب الشرفة ثم أطرق ينظر في هاتفه
فقالت فريدة "هل تريدني أن أجدها لك؟"
رفع رأسه ليقول بهمس " هل تستطيعين؟"
اغمضت فريدة عيناها وغمغمت "سأتصل بهم "
أخذت تهذي ببعض الكلمات الغير مفهومة والمرتجلة والتي جعلت كلا من يونس وكارمن يكتمان ضحكهما بينما شهد التي تقف فوق سطح الفيلا فوق الشرفة بالضبط مطت شفتيها بامتعاض تسند خدها على كفها بملل تنتظر الإشارة.

قالت فريدة بعد ذلك "هل حضرت؟"

تطلع أشرف حوله مرتعبا ليشير يونس لكارمن التي كتمت ضحكتها وبدأت تموء كالقطة " مياو"
اتسعت عينا أشرف واستدار يمسك بجانبي المقعد وينظر حوله لتقول فريدة مغمضة العينان " لا تقلق الأستاذ أشرف وعدنا أنه لن يتكلم ويفشي السر وإلا سيحدث له مثل ما حدث لرقم ثمانية .. هل أنت جاهز ؟"
قالت كارمن " مياو "

نظر أشرف تحت مقعده ومقعدها وقال بصوت خفيض" هل تتحدثين مع قـ قـ قـ طة ؟"

فتحت فريدة عينيها وحدجته بنظرة حادة تقول" يتجسدون في صورة قطة هل لديك مانع؟؟!!"
أشار بيديه في رعب نافيا لتغمض عيناها من جديد وتقول " هل وجدتم حافظة نقوده؟ "

قالت كارمن " مياو مياو "
فقالت فريدة اثبت لي أنها تخصه " اخذت كارمن تموء وهي تقاوم الضحك " مياو .. مياو .. مياو .. مياو "

بينما يملي يونس في السماعة محتويات حافظة النقود التي حفظها لتقول فريدة لأشرف " هل حافظتك بها بطاقة شخصية برقم ( .............) وكروت العمل وبطاقات بنكية من بنوك ( .....و....و...) ونقود بقيمة (..... )"
شهق أشرف وأخذ يتمتم " الله أكبر.. ما شاء الله"

قالت فريدة " احضرها لي فورا "

قلدت كارمن صوت قطة غاضبة ارعبت أشرف الذي أخذ يعتدل في الكرسي وينظر لباب الشرفة ويحسب طول سياج الشرفة الأرضية ليعرف أن كان يستطيع القفز اذا لزم الامر من الشرفة أم لا.
فقالت فريدة فجأة وهي ترفع يدها بحزم " قلت إنه لن يخبر السر لأحد هيا أحضر حافظة النقود "
وأخذت تحرك يديها في الهواء بشكل غير مفهوم .. ليفتح يونس من الغرفة الأخرى جهازا خاصا بليزر ضوئي استعاره من أحد أصدقائه.. وسلطه على أرض الشرفة.. والتي فجأة تحولت لرسومات على شكل قطط زرقاء تتحرك على أرض الشرفة.

انكمش أشرف رافعا قدميه فوق المقعد بعينين جاحظتين غير قادر على التنفس .. بينما كارمن مستمرة في عرض سنفونية من المواء متزامنة مع عرض القطط في أرض الشرفة لينقطع ذلك فجأة ويسود الصمت .. فيختفي الليزر الضوئي ..
استمر أشرف يحدق في الأرض التي عادت كما هي ثم رفع عينان متسعتان مذهولتان لفريدة فأعطى يونس اشارة في سماعة شهد لتقوم بإسقاط حافظة النقود من فوق السطح.

وجد أشرف حافظة نقوده تسقط فجأة من السماء لتستقر على أرض الشرفة فصرخ مرعوبا وهو يهب واقفا " يا أمييييييي "
واندفع إلى الداخل .. فكتمت فريدة ضحكتها ثم التقطت الحافظة من الأرض واسرعت خلفه منادية "أستاذ اشرف حافظة نقودك"

دخل أشرف عليهم غرفة الضيوف بوجه شاحب كالأموات يقول لأمه " هيا يا أمي هيا نغادر حالا"

تكهربت الأجواء ليقول فارس وهو ينظر له بانزعاج "ماذا حدث؟"

قال وهو يحمل حقيبة أمه ويشدها من ذراعها لتتحرك "هيا يا أمي"
دخلت فريدة تقول ببراءة ولطف "نسيت حافظة نقودك يا أستاذ اشرف "
هتفت نبيلة بسعادة "أين وجدتيها؟"
بينما قال فارس بلهجة حادة" ماذا حدث يا أشرف؟؟؟"
نظر أشرف لفريدة مرتعبا ثم قال "لا شيء .. لا شيء (وسحب أمه يقول) لابد أن نغادر فورا"
وتحرك يتجاوز فريدة التي ناولت حافظة النقود لأمه قبل أن يغادرا ويتركا الغرفة دون حتى أن يسلما على الموجودين .. بينما صوت الحاجة نفيسة المذهول ينادي عليهم " أخت نبيلة .. أشرف يا ولدي ماذا حدث؟؟"

فجز فارس على أسنانه وقد خمن أن فريدة قد قامت بشيء مريب.

××××




يتبع








Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 01:20 PM   #96

Shammosah

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Shammosah

? العضوٌ??? » 413617
?  التسِجيلٌ » Dec 2017
? مشَارَ?اتْي » 1,909
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Shammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond reputeShammosah has a reputation beyond repute
افتراضي 8

بعد قليل:

هتف فارس بقوة للشيمي وزغلول والحارسان نبيه وفهيم وهما يقفان أمامه بوقفة عسكرية في حديقة الفيلا ليلا " هل جننتم !.. كيف تشاركون في لعب الأولاد هذا ؟؟!!! "

كان زغلول والشيمي يتلقون التوبيخ بصمت بينما الحارسان يرتجفان بوضوح فتكلم الشيمي بهدوء " اسمح لي فارس باشا هذان الولدان أنا من أمرتهما بالتنفيذ فدعني أصرفهما "

فتكلم فهيم بارتباك يؤكد كلامه " أجل نحن ننفذ التعليمات فقط يا باشا "



حدجة الشيمي بنظرة موبخة أن يصمت بينما تدخل يونس يقول " فارس أنا من أمرت الجميع أرجوك دعهم يذهبوا "



جز فارس على أسنانه وأشار للحارسين أن يذهبا فجريا بسرعة بينما قال فارس للشيمي وزغلول موبخا " لن أمررها لكما وستعاقبان "



لم يبدو على زغلول والشيمي أي تأثر بل بدت ملامحهما هادئة والتزما الصمت فقال فارس وهو يشيح بيده بغيظ " اذهبا من أمامي الآن "

واستدار يشير ليونس آمرا " وانت اتبعني "



تحرك فارس يدخل الفيلا بينما وقف يونس يشير بإبهاميه للشيمي وزغلول سعيدا .. فابتسما له ببساطة ليسمعوا صوت فارس من الداخل " يوناااس"

انتفض يونس يتحرك بسرعة وهو يقول " حاضااااار "

وقف يونس وفريدة وشهد وقفة عسكرية شبيهة بالوقفة التي كانت في الحديقة منذ قليل أمام فارس الذي يقف متخصرا بينما الحاجة تستند على عصاها بكلتا يديها تلوح علامات الامتعاض على وجهها .. أما كارمن فكانت تقف من بعيد تشاهد بترقب ما يحدث ليصيح فارس هادرا " ألن ننتهي من فقرات السيرك القومي هذه في بيتنا !! .. "



صاحت شهد ترفع اصبعها معترضة " أنا مورس عليّ اضطهادا يا باشا ( وأشارت ليونس ) يونس باشا توعدني بالتعذيب "



هتف يونس باستنكار " أنا اضطهدتك وتوعدتك يا كاذبة!!"

ردت بكبرياء " بالتأكيد .. عائلتي تعمل لدى عائلتك بالطبع سأخاف من أن تطردنا وتشردنا في الشارع "

حدجها يونس متوعدا بينما رفع فارس حاجبا ثم أشار بيده آمرا " اذهبي أنت الآن لدروسك "

نظرت ليونس وفريدة ثم عدلت نظارتها السميكة وتحركت بذقن مرفوع فصاح يونس من خلفها " حسنا يا شهد ابحثي عن شخص آخر يساعدك في مسائل الفيزياء"



هدر فارس بصرامة "أخرس يا يونس( فأغلق يونس شفتيه ليكمل فارس بوعيد) ليلتكما سوداء معي "

رفع يونس يده مقاطعا وهتف " أنا أعترض .. أريد أن أعرف قبل أن تسوّد ليلتنا .. لمَ القطة هانم ليست معنا في هذا التوبيخ ؟.. لقد كان لها دور البطولة في فقرة الرعب "



تسارعت ضربات قلب فارس ولانت ملامحه ليتنحنح ويستدير لكارمن المنكمشة تقف من بعيد تغطي فمها بقبضتها تداري ضحكات تريد أن تفلت ليقول بلهجة هادئة لكنها صارمة " لماذا تقفين عندك ألست مشاركة في هذه المهزلة ( وأشار بإصبعه آمرا ) قفي أمامي هنا بجانبهم "

تحركت بسرعة تلملم ضحكات ملحة تريد أن تعلو وجهها ووقفت بجانبهم تشبك أصابعها خلف ظهرها تتصنع الجدية ..فقال يونس بلهجة ذات مغزى وهو يغمز بعينيه " زوجتك تموء كالقطط باحتراف "

اتسعت عينا فارس وهتف بوعيد " اخرس يا يونس ( ثم وقف متخصرا يوجه كلامه للجميع ) ما هذا التهريج الذي فعلتموه؟!! .. هل أنتم أطفال ؟! .. ألن ننتهي من عروض السيرك هذه؟!! "

قالت فريدة "أنا من طلبت مساعدتهم يا أبيه حتى يرفضني العريس "



قال فارس لها متوعدا "أنت عقابك سيكون أكبر منهم ..هل تعتقدي أني قد أجبرك على شيء لا تريدينه ؟!"



قالت فريدة مدافعة "أنا لا أحب أن احزنك ولا أحزن أمي"



ونظرت للحاجة نفيسة التي تجلس تستند بخدها على عصاها بوجوم .. ليقول فارس بحزم "لم يكن الامر يحتاج لهذا الجنون وهذه الملابس (وتحول ليونس ) ولأفكار هذا المجنون "



ربت يونس على صدره بامتنان يشكره على هذا الوصف .. فجز فارس على أسنانه وتوجه لكارمن التي اتسعت عيناها تترقب توبيخه لتتضخم عضلة قلبه وهو يطالعها برقتها وفستانها ووقفتها التي تتأرجح فيها ولم يفته تلك الضحكات التي تجاهد في التحكم فيها.. وقال بلهجة جاهد أن تكون صارمة " وأنت يا قطة هانم هل انضممت لفريق القرود؟! "

رد يونس مشاكسا " ما أجمل أن تنضم قطة لقردين !.. "



حدجه فارس بنظرة نارية فأطبق شفتيه يداري ضحكاته ليعود لكارمن فتدغدغ أعصابه شقاوتها وهي تتنحنح وتقول متصنعة الجدية رغم وجهها المتورد بالاستمتاع " أردت .. أن .. أساعد فريدة .. ولم أتوقع أن يصدق الشاب .. توقعت فقط أنه سيعتقدها مختلة عقليا وسيرحل ولن يعود "



رغبة قاتلة سيطرت عليه للتخلي عن وقاره وعن كل الاعتبارات الأخرى ليقبلها بعنف .. ففقد تركيزه للحظة ليخرجه يونس حين قهقه فجأة قائلا "ليتك رأيته وهو ينتفض من صور القطط في أرض الشرفة مصاحبا لمواء قطتك .. يا الله كان عرضا مسرحيا مخيفا"



أفلتت الضحكات من الثلاثة غير قادرين على كبتها أكثر فتحكم فارس في ابتسامة ألحت عليه خاصة وهو يرى كارمن تضحك على ما همست به فريدة لهما بصوت خافت متفكهة على العريس

وهدر فيهم بحزم " أتضحكون !!"

اعتدلوا وافقين مرة أخرى أمامه يتصنعون الجدية بينما ملامحهم ستنفجر من الضحك ...فرن هاتف كارمن الذي أخرجته من جيب فستانها لتتطلع فيه وتقول لفارس وهي ترفع الهاتف وتتحرك مبتعدة " أبي .. انه أبي ولابد أن أرد عليه حتى لا يقلق"



وابتعدت بسرعة تهرب من مجال عينيه ترد على والدها ضاحكة " نعم بباه كيف حالك؟"

ارتفع حاجبي عاصم ليقول مبتهجا لحالتها " كيف حالك يا حبيبة بباه .. أرى أنك تضحكين "



قالت بحماس " يا الله يا بباه تسليت جدا اليوم وفعلت أمرا لم اتخيل أني قد أفعله أبدا "



استمع عاصم لثرثرتها الغير معتادة وشاركها الضحك والقهقهة وهو يرفع نظره للسماء شاكرا لله على فضله .



أما الحاجة نفيسة فاستقامت بصمت فهتف يونس "إلى أين يا ناني ألن تشاهدي التوبيخ ؟!!"

ردت بامتعاض " ذاهبة لأنام ..أنا لم أنم جيدا ليلة أمس "

نظرت فريدة ليونس يتملكها إحساس بالذنب ليلحق بها فارس يمسك بيدها ويسندها .. فرفعت إليه عينيهاالزرقاوان الغارقتان وسط تجاعيد الزمن وقالت" أهذا ما فعلته معهم مجرد توبيخ "



قال فارس وهو يوصلها لغرفتها " يا أمي .. بعيدا عن كونه لم يعجبني لا هو وأمه لكني لن أزوج أختي لرجل صدق مقلبا تافها كهذا "

مطت شفتيها بامتعاض طفولي فقبل رأسها لتقول بضيق "أريد أن أطمئن عليها قبل أن أموت يا فارس"



قال فارس " لا حرمنا الله منك يا أم فارس .. ولا تقلقي عليها أنا أضع مسألة زواجها ضمن أولوياتي ( وغمغم لنفسه بخفوت) حتى اطمئن عليها أنا أيضا لربما حدث لي أي شيء "



في الخارج غمز يونس لفريدة قائلا بتسلي " سأنتظر (الكوارع ) "



وضعت يديها في جيبي جلبابها الفضفاض الغارقة فيه وقالت تلعب حاجبيها " أخشى أن اعدك .. فجدولي مزدحم هذه الأيام "



وجرت تتفقد أمها بينما خرج فارس ليقابلها أمام الباب متخصرا فقالت بتلعثم " أمي .. أمي تناديني "

وطبعت قبلة خاطفة على خده ثم دخلت لغرفة أمها فاستدار ليونس الذي رفع الهاتف الذي يرن وقال وهو يتجه نحو باب الفيلا هاربا بسرعة " نعم زياد .. أين أنت يا بني طوال اليوم ؟ (ثم وقف عند الباب يقول باندهاش) عهد .. متى حدث هذا؟"

××××

أنهى زياد مكالمته مع يونس شاعرا بالفرحة حين تأكد منه بطريقة غير مباشرة أن عهد لم تتصل به ..



يعلم أنها ربما تتحرج من أن تظهر أمام يونس ضعفها ..

لكنه مازال سعيدا أنها تلجأ له أولا حتى لو كان لجوء اضطراريا ..

صحيح أن كرامته تئن ولا يعجبها ذلك لكنه يخرسها ..

يكفيه أن تكون بأمان وفي مكان يخصه داعيا من الله أن تبقى فقط بالجوار ..



اطفأ محرك السيارة وترجل منها يحمل أكياسا أحضرها من السوبر ماركت لشقتها ..

في شقة عهد الجديدة قالت في الهاتف "كيف حالك يا أمي"

صاحت أمها بجزع "أين أنت يا عهد اختفيت منذ أمس وهاتفك مغلق؟ "



تكلمت بأنفاس متسارعة توترا " أنا بخير.. لقد قررت أن استقل في شقة منفصلة "

قالت أمها مستنكرة " شقة منفصلة !.. ( ثم تكلمت بلهجة نادمة) أنا أعلم يا عهد أنك غير مرتاحة في البيت لعدم وجود مكان خاص بك .. أنا كنت أنوي تغيير الغرفة لأضع ليزن وميس سريرين فوق بعضهما وأضع لك سريرا بجوارهما .."



ابتسمت عهد في مرارة وردت" لا بأس يا أمي للأسف لن يناسبني هذا العرض السخي منكم .. دعيني أريح الجميع .. فكما قلت أنا استفز زوجك واغضبه "

قالت أمها "وأين ستسكنين؟"



قالت عهد بمرارة لم تستطع أن تخفيها" سأبقي عند احدى صديقاتي حتى أقرر ماذا سأفعل ( واسرعت تغير الموضوع ) كيف الحال عندكم؟"

قالت أمها بلهجة باكية " عبود .. عبود يا عهد انزلق في المطبخ .. وجدته مغشيا عليه و ..... "



كل شيء عاد من جديد.



كل اللحظات المقرفة المؤلمة عادت من جديد.. رغم وعدها لنفسها ألا تسمح لهذا الحادث أن يؤثر عليها .



تملكتها حالة من القشعريرة ورغبت في أن تغسل جسدها مرة أخرى ..

الطنين علا صوته في اذنها فلم تسمع أي ثرثرة تحكيها أمها عن ذلك الكلب وكأنه دفاعا نفسيا منها حتى لا يزيد الألم.



رن جرس الباب فجأة لتقول عهد بسرعة "عليّ أن أذهب يا أمي فصديقتي تناديني سأتصل بك حين تستقر أموري .. سلام"



أغلقت الهاتف وجرت نحو الباب شاكرة أنها أنهت تلك المهمة الثقيلة .. بعد أن قررت عدم الاتصال اطلاقا.. لكن ضميرها عاد ليؤنبها لتطمئن أمها عليها .



وقفت خلف الباب تقول بتردد " من؟ "

جاءها صوت زياد من الخارج يقول "أنا يا عهد زياد"

فتحت الباب بابتسامة لم تقدر على السيطرة عليها فقال زياد "كيف حالك؟"



أومأت برأسها فتأمل ملابسها البيتية المريحة وشعرها الذي ترفعه في عقدة مهملة مشعثة من شعرها الكستنائي رآها بها كثيرا في ألمانيا حين كانت تقابله على باب غرفتها وقال بحرج " آسف أن طرقت بابك في هذا الوقت المتأخر لكنك في الشقة بدون أي شيء وخشيت أن أنام وتحتاجين لطعام في وقت متأخر ولا تستطيعين التصرف"



ووضع الاكياس من يده في مدخل الباب لتقول بتأثر " لا أعرف كيف أرد لك كل ما فعلته وتفعله لي يا زياد.. أنا عاجزة على التعبير حتى عن الامتنان .. "

غمغم بحرج وهو يعدل نظارته الانيقة " ألن تكفي عن هذا الكلام يا عهد الذي يشعرني بعدم الراحة؟ "



غمغمت في سرها " تستحق أكثر من هذا بكثير "

سحب الباب ناحيته ليقول" تصبحين على خير"

فضحكت وردت "بالتأكيد لن أنام بعد كل هذا النوم"



قال وهو يهم بإغلاق الباب " أنا شخصيا سأنام تصبحين على خير ( ليستدرك قائلا ) بالمناسبة أنا جارك هنا لا تتردي في طلب أي شيء "

اتسعت عيناها بمفاجأة وسألته بعدم فهم "ماذا تقصد بجاري؟"



قال بابتسامة وسيمة واضعا يديه في جيبي بنطاله "هل نسيت ؟.. أخبرتك أن لدينا شقتان في هذه البناية هذه شقة عمي رحمه الله والأخرى ( واشار بيده ) الشقة الثالثة على اليسار ملكي.. أبي كتبها باسمي منذ مدة لأني احبها جدا ولها ذكريات حلوة كثيرة في ذاكرتي"



أخرجت رأسها تنظر في الممر ثم رفعت وجهها له بابتسامة واسعة أدخلت البهجة على قلبه ليقول بخفوت وضربات قلبه تتراقص في صدره " تصبحين على خير يا جارتي العزيزة "

وأغلق الباب بينهما لتضع عهد يدها على قلبها تهدئ من خفقانه السعيد المجنون.. وتسند برأسها على الحائط تضرب وجنتيها بكفيها لتستفيق مغمغمة

" لا تغرقي في الوهم يا عهد .. كوني عملية وإلا ستؤذين نفسك بألم الرحيل.. ارحلي أنت قبل أن تعذبين برحيل عزيز آخر لديك .. عليك الرحيل لألمانيا في أسرع وقت "



××××

تململت في سريرها غير قادرة على النوم..

كتفها يؤلمها بشدة واحداث اليوم كلها تسترجعها من جديد..



لا تنكر أن تشنجها بشأن وجودها في بيت غريب مع أناس ليست معتادة عليهم قد بات أقل ..

ولا تنكر أن الجميع هنا يشعون بدفء فيما بينهم حتى في لحظات الصدام ..

فلم تتوقع أبدا أن تستيقظ بعد حادثة أمس لتجد أن كل شيء عاد لطبيعته وكأن شيئا لم يكن ..

ولم تفهم لما استشعرت أن هذا السلوك مقاومة منهم لوجع أكبر .

فبالرغم من تلك الأجواء.. التقطت حزن خلف العيون والتقطت من الضحكات وجع دفين ..

أيضا حديث فارس مع يونس في غرفة المكتب يدل على أنه هناك ألم قديم .



مسدت على كتفها بألم .. لقد حاولت دهانه بالمراهم لكنها غير قادرة على الوصول لكل الكتف وحركة ذراعها تؤلم كتفها.



ففكرت في فارس فاحمر وجهها وخبأته تحت الأغطية بحرج .



يا الله!.. تشعر بأن الأمر محرج جدا وثقيل ..

وفي الوقت نفسه لا تشعر بالراحة من حرمانه من حقوقه .. لديها شعور بالمسئولية يؤرقها لكنها بين شقي الرحى غير قادرة على التصرف .



دلكت كتفها متألمة وتساءلت أين هو كل هذا الوقت؟

ألا يزال بمكتبه؟ ..

ماذا يفعل؟ ..

ترى هل هي السبب في عدم نومه؟ ..



الإحساس بالذنب يأكلها و كتفها يؤلمها بشدة .

في غرفة المكتب قال فارس في الهاتف " ليس لدي حلا سوى هذا "

هتفت ريتا "يا فارس أنت تضع نفسك في النار .. لابد أن نجد طريقة أخرى لاستدراج الشماع بدون أن تتدخل لاعتراض طريق تجارته المشبوهة .. عليك أن تكون أكثر حذرا .."

هتف بعصبية " أنا تعبت من الانتظار يا ريتا.. كم عام مر وأنا ابحث خلفه ..كم عام وأنا أحاول معرفة هل لايزال خارج البلاد أم عاد .. هذا الرجل لابد أن يدفع نتيجة أخطاؤه لا أن ينعم بالأموال وأبي ليس مرتاح في قبره"



تنهدت وقالت " آخر معلوماتي أنه في الصين ويحرك أتباعه هنا وتجاراته المشبوهة تنمو وتزدهر .."



لمعت عيناه ليقول بأمل " هل أنت متأكدة أنه في الصين؟ "



ردت " بنسبة كبيرة تتعدى التسعين بالمائة أنه هناك هذا ما اتصلت بك لأخبرك به وسأتأكد قريبا "



توترت أعصابه من مجرد فكرة التأكد من معرفة مكانه فقال "شكرا ريتا على سعيك في هذا الأمر من أجلي"

صمتت قليلا ثم قالت" وكيف حال العروس ؟( وهمست في سرها) لماذا لا أشعر أنك غارق في العسل ؟"



قال فارس بتحفظ " بخير الحمد لله "



قالت بلهجة متأثرة " أنت تستحق كل السعادة يا فارس فإن أردت أن تتخلى عن هذا الثأر وتلتفت لحياتك أنا سأدعمك أيضا كما دعمتك للوصول لأهدافك المهنية والانتقامية .. فأنت .. (وارتعش صوتها رغما عنها ) لا تعلم كم أكن لك من مكانة خاصة جدا "



رد بحزم كعادته معها رغم شعوره بالشفقة عليها " أنا دوما شاكر لك يا ريتا على دعمك .. وتعلمين كيف أحترمك جدا كسيدة أعمال ناجحة بنت نفسها بنفسها .. بالنسبة لانتقامي فهذا أمر لن اتنازل عنه سوى بموتي .. ولن أرتاح حتى يعاقب الشماع على ما فعله بأبي المغدور وما يفعله من أعمال غير مشروعة "



فغمغمت ريتا " كما تريد .. سأتأكد من المعلومة ثم نرى ماذا سنفعل "



بعد قليل دخل غرفته بهدوء يشعر بالإرهاق .. وتحرك بخفة في المكان وهو يفكر أن لوكان لديه حماما وخزانة ملابس خاصة به دون اضطراره للدخول لغرفتها وهي نائمة لكان الأمر أخف عليه ..



خلع سترته وقميصه وتحرك عاري الجذع يفتح الباب عليها بهدوء يستقبله عطرها في المكان ..



لم يكن يعرف من قبل أن الأماكن تتعطر بشذى ساكنيها فمنذ أن سكنت الغرفة أصبح لها رائحة مختلفة.



رائحتها هي ..

يسبح فيها وحده .



تفاجأ بها تتحرك لتعتدل جالسة وتفتح الإنارة الجانبية فابتلع ريقه بصعوبة ثم قال" أمازلت مستيقظة !.."

نظرت إليه ثم أطرقت برأسها تقول بحرج بعد أن وجدته عاري الجذع بذلك الوشم الذي يزين ذراعه "

كتفي يؤلمني جدا ويمنعني من النوم "

قال بقلق" ألم تنفع المسكنات معك ؟.. الطبيب طمأننا بعد أن رأى الأشعة أن الكتف به مجرد رضوض وكدمات"



رفعت إليه عينيها ثم عادت تخفضهما وقالت بوجنتين مشتعلتين " لابد أن أدهنه ولا تصل يدي لكل الكتف و (صمتت قليلا لتكمل بحياء) تحرجت أن أطلب من أحد وأنت في البيت فالأمر .. فالأمر سيبدو غريبا .. و .. "



أراد أن يتأكد مما فهمه منها فقال "و ماذا ؟"



حركت نحوه مقلتيها وقالت بخفوت " أحتاج مساعدتك في دهان كتفي فالألم شديد "



بلع ريقه شاعرا بتدفق الحمم السائلة في أوردته ورآها تتطلع فيه بملامح محرجة فأدرك مدى تألمها لتضطر لطلبه منه ليجلي صوته ويقول بحشرجة " آه طبعا .. (وتلفت حوله يداري ارتباكه وقال ) أين .. أين المرهم ؟"



أشارت بجوار السرير ليلتقطه ويحدق فيه لثوان ثم اقترب ووقف بجوار السرير محاولا لمس كتفها بارتباك ثم جلس بحذر على الطرف خلفها مباشرة .

تسارعت ضربات قلبها توترا فقالت لتبدد الصمت المرتبك بينهما " كيف حصلت على هذا الوشم؟ .. لقد تفاجأت أنك تملك وشما"



رد بلهجة جافة حين ذكرت الوشم وكأنها ذكرته بالماضي وسبب رسمه على ذراعه " ولمَ تفاجأت؟"

ارتبكت أكثر وردت " أعني أنك وأسرتك متدينون ولم أتوقع أن ترضى والدتك بوشم كهذا .. كما تعلم فهو حرام"



رد بلهجة غامضة " أمي لا تحب أن تراه أبدا لهذا أتجنب أن أظهر به أمامها .. فقد حزنت جدا يوم أن رسمته"



استدارت تسأله رغم شعورها بالتوتر من رد فعله لكن فضولها كان قاتلا " ولماذا فعلته وكيف؟ "



تأمل وجهها القريب منه والذي خفف عنه شعوره بالضيق من استعادة الماضي ... وقال محاولا ألا يغرق في عينيها الواسعتين " رسمته حين كنت في الثامنة عشر من عمري في أحد الموالد الشعبية خارج العاصمة حين ذهبت مع بعض العمال لتشطيب فيلا لأحد الاثرياء هناك فذهبت المولد المقام وقتها وأعجبني فكرته ونسيت أو تناسيت ورسمته .. كنت متمردا حانقا على الدنيا وأردته أن يذكرني بأيام سوداء عشتها وأن يذكرني بأهدافي التي يجب أن أصل إليها "



همت بسؤاله عن معنى الوشم لكنه أشار لها بحرج قائلا بخفوت " ارفعيها "



استدارت تتطلع في وجهه بعدم فهم فقال بحشرجة "ارفعي الملابس عن كتفك "

استدارت تنظر أمامها تفتح ازرار منامتها شاعرة بحرج شديد متمنية لو أن السرير ينشق ويبتلعها.. ثم أبعدت المنامة كاشفة عن كتفها الأبيض .. ليحبس فارس أنفاسه ويضع المرهم على أصابعه ويلمس كتفها .



كان جلدها ناعما أملسا ذكره بقطعة رخام مرمرية نادرة الوجود .. لكنها ليست باردة صلبة .. وانما دافئة طرية إلى حد يثير جنونه .. ويفجر براكين يحاول جاهدا اخمادها .

الشعور بالحرج تملك منها وهي تفكر كيف أن كتفها وضلعها مكشوفان أمامه شاعرة بملمس أصابعه على بشرتها فرفعت كفيها تغطي وجهها بحياء .. لتدغدغ حركتها الخجولة تلك رجولته المعذبة فيها .. فابتلع طعما مرا في حلقه ورفع كفه عنها قليلا بارتباك ثم عاد لاستكمال تدليك كتفها برفق .. لتبعد كفيها تشجع نفسها على تخطي الأمر .. وقالت تقطع الصمت اللاهث من قبله والمحرج من قبلها " يدك خشنة "



توقف عن العمل ورفع أصابعه يقلصها مغمغما بخفوت ساخن لفح رقبتها من الخلف " أهي تضايقك ؟!"



أدارت وجهها ترفع نظراتها نحوه وقالت بصدق " لم أقصد أي معنى سلبي قلت فقط ما أشعر به "

كان وجهها قريبا جدا .. فصارع لينجو من عينيها و شفتيها وقال بأنفاس عالية يجاهد في التحكم بأعصابه " هل .. هل تشعرين بالتحسن في كتفك .. أم .."



اشتعال الرغبة في عينيه الزرقاوين كان واضحا التقطتها فطرتها .. وانفاسه العالية جعلتها تدرك إلى أي حد هي فاشلة حتى كزوجة عليها أن تلبي احتياجات رجل انتبهت للتو أنه على ما يبدو قد صام كثيرا ..



قالت بخفوت شاعرة بالذنب " أنا أعرف أني مقصرة في حقك يا فارس .. وأعرف أن عليّ واجبات تجاهك .. وأعرف أيضا أن ما تفعله معي يعكس اخلاقك ( وأدارت وجهها تنظر أمامها بحرج من الحديث في هذا الأمر وأكملت ) لكن فرق كبير بين معرفة الانسان بالشيء وقدرته على تطبيقه .. صدقني يا فارس أنا أحاول أن اتأقلم فكما قلت لك الأمر جاء فجأة وأمور كثيرة معه فـ..."

"كارمن "

قالها ليقطع حديثها فازداد اشتعال وجهها لتسمعه يقول من خلفها بحشرجة تتخللها أنفاسه العالية " لا تضغطي على نفسك في هذا الأمر .. ولا تحملي ثقله فوق رأسك .. أنا مدرك جيدا أنك بين يوم وليلة قد تغير عالمك تماما وأن هناك أوضاعا قد فرضتها عليك الظروف فلا داعي لهذا الكلام"



فركت يديها في حجرها وقالت بخفوت " أنا فقط أريد أن أقول لك أني لست مدللة أنا أحاول بجدية "



قال بأنفاس ساخنة وهو يتأمل رقبتها ومنابت شعرها " أنا لم أراك مدللة أبدا يا كارمن .. بل انك أظهرت قوة نفسية في أكثر من موقف تثبت عكس ذلك فليس من السهل أن تنقلب حياة الانسان رأسا على عقب ويبقى متماسكا مثلك ولا ينهار"

كلماته أشعرتها ببعض الرضا عن ذاتها .. وخففت بعضا من الشعور بالفشل الذي بات يرافقها منذ مدة .. ليكمل فارس حديثه من خلفها " أما بشأن واجباتك نحوي فأنا لن ألزمك سوى بما يحفظ لي كرامتي .. وبخصوص هذا الشيء الخاص فأنا لن أدعي أني لست في احتياج شديد له كأي رجل .. لكني لا أرغب في أن آخذه كواجب .. فلا تشعري بثقل هذا الواجب .. بل انظري إليه كمنحة .. والعطايا لا تُمنح من منطلق الواجب أبدا .. وإنما حين يرغب المانح في إعطائها "

ما قاله كان صادما لها ..

و تلك الطريقة التي تحدث بها اذهلتها ..

فاستدارت إليه تهمس مصعوقة "فارس !!"



تعلقت عيناه بشفتيها التي نطقت باسمه للتو وتقبضت يديه بجانبه بقوة ليهمس وهو يشير لكتفها بعينيه " انتهيت "

عدلت ملابسها تغطي كتفها ثم اشاحت بوجهها تطرق برأسها في حرج شديد تغطي وجهها بكفيها مذهولة مما قال ومعناه ..

ليتحرك فارس مجبرا نفسه على التقهقر غير راض على ذلك المظهر المثير للشفقة الذي ظهر به أمامها .. ليهتز بعضا من تحكمه في أعصابه ويميل عليها يطبع قبلة ساخنة بطيئة خلف رقبتها هامسا " تصبحين على خير "



واستقام يخرج من الغرفة ومن الجناح كله مغمغما في سره وهو يغلق الباب " حتى كرامتك بدأت تتنازل عنها يا فارسوأظهرت لها ذلك المستجدي المثير للشفقة الذي يسكنك" . ××××




نهاية الفصل الخامس

اتمنى يكون عجبكم

مع تحياتي

شيماء يسري شموسة











Shammosah غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 01:31 PM   #97

تالا الاموره

? العضوٌ??? » 320247
?  التسِجيلٌ » Jun 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,206
?  نُقآطِيْ » تالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond reputeتالا الاموره has a reputation beyond repute
افتراضي

تسلمي ع الفصل الجميل

كتبت تعليق امس وانمسح

شويكار هانم شخصية منرفزه جدا، وسعيدة لابتعاد كارمن لبيئة اخرى فيها دفىء عائلي.

القفلة شريره، قلقت ع كارمن وفريده، حاسه انك ناوية ع فريده🙁


تالا الاموره متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 01:40 PM   #98

فاطمة عاشور

? العضوٌ??? » 349794
?  التسِجيلٌ » Aug 2015
? مشَارَ?اتْي » 262
?  نُقآطِيْ » فاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond reputeفاطمة عاشور has a reputation beyond repute
افتراضي

فريدة فريدة فريييييييدة و يونس
يااااااقلبي


فاطمة عاشور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 02:40 PM   #99

نور المعز

? العضوٌ??? » 257317
?  التسِجيلٌ » Aug 2012
? مشَارَ?اتْي » 505
?  نُقآطِيْ » نور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond reputeنور المعز has a reputation beyond repute
افتراضي

رووووعة قليلة في حق الرواية كلها... فصل انهاردة كله اكتشافات... فريدة بنت عم يونس بس اخت فارس أظن.... حقيقة مشاعر فارس لكارمن وأنها مش مجرد جوازة للانتقام حقيقي اتبسطت جدا وحبيت فارس اكتر واكتر 🥰🥰🥰
ربنا يصبرني على يوم الاتنين 😢😢


نور المعز غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-10-19, 03:06 PM   #100

ebti

مشرفة منتدى قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية ebti

? العضوٌ??? » 262524
?  التسِجيلٌ » Sep 2012
? مشَارَ?اتْي » 14,201
?  نُقآطِيْ » ebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond reputeebti has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الورد والجوري.... عذراً منك تم حذف تعليقك لإنه قاطع تنزيل الفصل....

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فاطمة عاشور مشاهدة المشاركة
بانتظارك
متحمسة بسلامتي


ebti غير متواجد حالياً  
التوقيع
إن كرماء الأصل كالغصن المثمر كلما حمل ثماراً تواضع وانحنى"
هكذا عرفتك عزيزتي um soso و هكذا تبقين في قلبي شكراً جزيلاً لك على الصورة الرمزية...

رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:02 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.