آخر 10 مشاركات
بريّة أنتِ (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          في ظلال الشرق (20) -شرقية- للكاتبة الرائعة: Moor Atia [مميزة] *كاملة&روابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          بين نبضة قلب و أخرى *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : أغاني الشتاء.. - )           »          ثارت على قوانينه (153) للكاتبة: Diana Palmer...كاملة+روابط (الكاتـب : silvertulip21 - )           »          نصال الهوى-ج4من سلسلة لعنات العشق-قلوب زائرة-للكاتبة:إسراء علي*كاملة+رابط* (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          زوجة لأسباب خاطئة (170) للكاتبة Chantelle Shaw .. كاملة مع الرابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عيون لا تعرف النوم (1) *مميزة & مكتمله * .. سلسلة مغتربون في الحب (الكاتـب : bambolina - )           »          382 - زهرة المطر - بارباره مكماهون (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree439Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-11-19, 08:40 PM   #1211

Omsama

? العضوٌ??? » 410254
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 867
?  نُقآطِيْ » Omsama is on a distinguished road
افتراضي


فى انتظار الفصل

Omsama غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-19, 08:41 PM   #1212

bella vida
 
الصورة الرمزية bella vida

? العضوٌ??? » 336887
?  التسِجيلٌ » Feb 2015
? مشَارَ?اتْي » 404
?  نُقآطِيْ » bella vida is on a distinguished road
افتراضي

يا نور فينك ..............................................

bella vida غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-19, 09:27 PM   #1213

Hoda.alhamwe
 
الصورة الرمزية Hoda.alhamwe

? العضوٌ??? » 456087
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » Hoda.alhamwe is on a distinguished road
افتراضي

انا اعصابي باظت ياجدعان فين الفصل يانور الساعة داخلة على 8/30😥😥

Hoda.alhamwe غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-19, 10:21 PM   #1214

Gezel
 
الصورة الرمزية Gezel

? العضوٌ??? » 458251
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 17
?  نُقآطِيْ » Gezel is on a distinguished road
افتراضي

منتظرين يا حلوة 🌷🌷🌷🌷🌷

Gezel غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-19, 11:21 PM   #1215

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
1111

شظايا القلوب الفصل العشرون

لا تنبش في ظلال الماضي... بعض الأسرار يجب أن تبقى خلف الأبواب المغلقة حتى لا يخرج منها أتون الجحيم الذي سيلتهمك حياً!!
********
نفس وآخر كانت تحاول أن تأخذه، ربما تستطيع تجنب ذلك الوخز الموجع الذي يخطرها بأنها تخطو نحو حفرة هلاكها الأخير ولكن منذ متى كان إلحاحها المتشبث للمعرفة يستمع لصوت نداء عقلها السليم!!
كانت تستمع لأسئلة نوة التي تنهال عليها بصبر مجيبة إياها باقتضاب عن صحة جنينها وعن حالها معه عند مواجهته مرة أخرى "نوة اسمعي لم أحدثكِ لأخبركِ بما تحترقين لمعرفته! لا أنا لم أحن لراشد، لم أفكر مطلقاً في العودة إليه تلك أحلام تغزلها والدتكِ لا أكثر متمنية أن أرتاح أخيراً... حتى وأن ألقيت نفسي في جحيم كذبة مرة أخرى!"
قالت نوة بهدوء "لا تستطيعي لومنا يا بدور... جميعنا نعرف أنكِ لن تستطيعي أن تكوني مع غيره... كما أنه من غير المنصف أن تظلِي لما تبقى من عمركِ ثابتة عند حدث معين... بينما هو سيمضي بعد وقت... لا رجل يبقى راهباً لامرأة يا بدور... سريعاً سيجد من يكمل حياته معها حتى وإن لم يمنحها قلبه... الرجال تستطيع حبيبتي الفصل بين الأمرين!"
شحب وجهها، واتسعت عيناها الذهبيتان وهي تقول "فكرت بهذا... ورغم الألم الذي مزق فؤادي وغيرتي كامرأة لم يمنحني الدافع اللازم للغفران له أيضاً!"
"ورغم هذا تبقين بجواره مانحة إياه الأمل المنعدم؟! هذا ليس عدلاً!" هتفت فيها بنبرة مغتاظة
قالت بدور ببرود معتاد "لم أعرف أنكِ أصبحت محامية عنه الآن!"
قالت نوة بنفس نبرتها "بل أنتِ من يهمني يا غبية الراوي المغرورة!"
هتفت بشيءٍ من اليأس "كفى نوة... بالله عليكِ دعيني اطرح سؤالي، لا أريد مناقشات عقيمة!"
قالت نوة من بين أسنانها "والله ما عقيم إلا عقلكِ الفتاك... ماذا تريدين مني تفضلي سيدة بدور!"
عم الصمت للحظات على طرفي الهاتف.. بينما أنفاس بدور تأتيها بوضوح قلقة مضطربة وبها شيء من الخوف عندما نطقت أخيراً "في الماضي عندما كنتِ تذهبين كثيراً لإنجلترا لظروف دراستكِ وقتها!"
قالت نوة بامتعاض "كانت فترة كريهة لديّ لولا إصرار والدكِ الغريب لأنال تعليمي هناك... على كل حال حمداً لله أن والدتنا أوقفت تلك المهزلة عندما وصلتِ لسن المراهقة!"
هتفت فيها بتشتت "حسناً توقفي... ليس هذا ما عنيته!"
اشتعل عقل نوة سريعاً مدركة أن هناك أمر جلل على غير ما توقعت جاعلاً أختها على صفيح ساخن بتلك الطريقة... فقالت بنبرة هادئة "ماذا هناك وما الذي جعلكِ تتذكرين؟!"
فركت بدور وجهها براحة يدها ثم قالت بنبرة حاولت وضع كل ثباتها فيها "كان لكِ صديقة عربية وقتها... أعرف أنها لم تكن مقربة لاختلاف شخصياتكما كما قلتِ... ولكنها كانت تهمكِ!"
توجست نوة تماماً عارفة الشخص المقصود... فحاولت التلوي وهي تقول "كانوا كثر... لقد نسيت حتى اسماءهن!"
تمتمت "كاذبة.. جوان الأمير بالذات لا يمكن أن تنسيها... لقد كنتِ تهتمين لأمرها جداً... أذكر جيداً بكائكِ المنهار لحدثٍ ما... ووالدتنا حبستكِ في غرفتكِ لأيام حتى توقفتِ عن الحديث عنها تماماً!"
انقبض قلب نوة شاعرة بتهشم كل خلية فيها على حدى متذكرة كل شيء حدث بوضوح... هذا إن كانت نسيت من الأساس، ثم قالت بنبرة متصلبة "لا أعرف ما الذي تتحدثين عنه!"
صرخت فيها "نوة... لا تتخابثي، ما الذي حدث مع ابنة الأمير... لماذا اختفت فجأة ليس من حياتنا فقط ولكن من كل وسطنا وكأنها كانت مجرد شيء عابر في الحياة حتى نسيها الجميع بالفعل ماحيين حروف اسمها؟!"
الغضب هو ما كان يتحكم فيها عندما قالت مهاجمة "ألا يكفيكِ نبش في حياة الناس... صديقتكِ تلك لم تنتهي قضيتها بعد... ما الذي تريدينه من جوان وما الذي جعلكِ تتذكرينها؟!"
بهتت ملامح بدور تماماً شاعرة بندم لا حدود لاحتوائه مرافق للوجع... ولكنها قالت باختناق "أنا أردت تأمين شيماء وقتها... لم أعتقد أبداً أن الحقائق بشعة بتلك الصورة... لم أتخيل ولو لبرهة أن تقع تلك الأوراق في يد والدكِ!"
أغمضت نوة عينيها بقوة للحظات ثم قالت باقتضاب "وهذا بالضبط ما يجعلكِ تتوقفين... جوان نالت في حياتها ما لا يتخيله إنسان قط... أياً ما جعلكِ تتذكرينها ادفنيه مكانه، ولا تحاولي النبش أبداً ورائه مهما كانت حاجتكِ الملحة!"
قالت بنبرة واهية "أنا أحتاج لأن أعرف... لقد كانت خطيبته ثم تخلى عنها، لماذا؟!"
قالت نوة بنبرة هادئة حاولت وضع كل سيطرتها فيها "حتى و إن كانت زوجته لا خطيبته!! فهي ماضي بالنسبة له... أتت قبل أن يراكِ حتى في الصورة، مما يجعلكِ لا تملكين أي حقوق لسؤاله حتى!"
"هناك شيء ظهر لي لا أستطيع تجنبه... يجب أن أعرف منكِ يا نوة... أنا لا أريد أن أسبب لأحدهم بالأذى صدقيني!"
قاومت نوة تحايلها بأعصاب من حديد... ليس من أجل خاطر أحد إلا صغيرة كبرت في منزلهم وتحت رعايتهم، عدّتها أختاً لها كما شيماء بالضبط... سراً عرفته من جوان نفسها عندما أصرت على رؤيتها وعلمت منها كل ما جرى... ليس بالحديث فقط ولكن بأثر الجلد الذي كانت تحمله كوصمة عار قرمزية ستبقي حاملة إياها إلى الأبد... ثم قالت أخيراً "كل ما أستطيع إخباركِ إياه أن راشد لم يربطها به بأية علاقة عاطفية... بل لم يربطهما أية علاقة من أي نوع... اختفاء جوان كان لشيءٍ أهلكها حولها ضحية لمجتمع لا يرحم... لذا اتركي بابها مغلق كما كان منذ خمسة عشر عام... لا بل منذ ستة عشر! لأنه إن فُتح سيحرق روحاً بريئة أخرى... أنتِ لن تستطيعي احتمال ذنبها يا بدور!"
شحب وجه بدور، إن كان يصلح أن يزداد شحوباً وقد هربت منها كل نقطة دماء، ومزيد من المعرفة تومض في عقلها رابطة إياه بتلويح سَبنتي... البقة الذكية لم تكن تزل بلسانها أو تتلاعب... بل كانت تحذرها من أمرٍ ما اكتشفته بنفسها... أمرٌ بالفعل قد يحطم أية قشة تتعلق بها روحها معه!!
سمعت نوة تقول أخيراً بحسم مغلقة في وجهها أي باب قد تعتقد أنها ستفتحه "بدور... لمرة واحدة في عمركِ البائس استمعي لي، وأمضي في حياتكِ ركزي على صغيركِ، إذ هو كل ما تحتاجينه الآن، لأني لن أفتح فمي بكلمة واحدة عنها وإن كان المقابل حياتي!"
***********

أدرك فجأة أنه كان يحبس أنفاسه ذعراً لم يعرفه أبداً خلال سنون عمره التي تعدت الثمان والثلاثين بعدة أشهر!! بأن الصمت خيم في أرجاء السيارة ثقيلاً وقاسياً!
نفس وآخر كان يحاول أن يخرجه منتظم حتى لا يفقد رباطة جأشه وهو يقول "هل وصل إليها بعد؟!"
أجابه زميله على الطرف الآخر بتشكك "ولماذا تهتم؟!"
قال بجمود قالباً الطاولة عليه "أنت تبرعت وأخبرتني بأمرٍ كان يُفترض أن يتم في سرية، لذا أنا أستخدم نفس حق ثرثرتك لإشباع فضولي!"
ارتبك زميله وهو يجيبه هامساً بغضب "لأني أعرف أنك أقربنا لتلك العائلة، وبالطبع لن تُخرج أمر حساس كهذا!!"
أخذ نضال نفساً محترقاً وهو يسأله "إذاً، هل توصلت إليها؟!"
قال أخيراً بحيرة "رغم عدم معرفتي لماذا يولي كل هذا الاهتمام للبحث عنها، أنا أظنه لن يكتفي بنا فقط!"
زمجر نضال بنفاذ صبر "وبعد، هل وجدتها أم تريد مساعدتي؟!"
"حسناً يا رجل هدئ أعصابك... ولا لم نضع يدينا عليها بعد، إذ كل ما عرفته أنها تعمل في مشفى "....." كطبيبة أطفال... وبما أنها لم تظهر منذ أسبوع مضى نحن ما زلنا ننتظر!"
أتم المكالمة بكلمات متفرقة عن تواجده إن استلزم الأمر وبمساعدته أيضاً بأعصاب يستبد بها القلق تماماً... ثم اغلق هاتفه...
وهو يصطدم في المرآة بالعينين الناريتين المستخفتين!
"ما الذي تفعلينه هنا؟!"
رفعت سَبنتي حاجبيها مدعية الذهول قبل أن تقول "هذه سيارتي أبقى فيها الوقت الذي أريده... لا تنسى نفسك نضال فأنت مجرد موظف لديّ أنا!"
التفت إليها بجانبه يحدق فيها بمشاعر حيادية... ينظر للشراسة البحتة التي سكنتها، للإهانة المتعمدة والتلاعب الذي اتبعته منهج لكل من حولها، جزء منه كان يقدر إحساسها المؤلم وخذلانها، صدمتها التي ربما لم تستوعبها حتى اللحظة قال بهدوء "يجب أن نتحدث سَبنتي، صمتكِ حتى اللحظة لا يطمئن صغيرتي!"
ملامحها رسمت الاشمئزاز وهي تقول بقرف "أنا لست صغيرتكِ، أعرف مكانتكِ جيداً قبل أن ترفع رأسكِ وتتطلع لأسيادك!"
غضب أسود خيم على وجهه وهو يقول من بين أسنانه "ما يمنعني عنكِ فقط حالتكِ، أنا أقدر ما تشعرين به... ولكن إن تخطيتِ حدودكِ مرة أخرى قد..."
قاطعته سريعاً كالطلقة "ماذا ستقتلني؟! ولكنك فعلت ما هو أبشع!"
التفهم في عينيه السوداوين كان مخلوطاً بالندم! عندما قال "جوان كانت تحتاجكِ، لقد عانت هي الأخرى سَبنتي، أنا أعلم جيداً أنكِ مهما ادعيتِ القسوة ستتعاطفين معها في نهاية المطاف!"
أطلقت ضحكة عالية وغريبة على مسامعه!! ضحكة ساخرة مختلطة بنبرة مريعة مطلقاً لا تخص البقة البريئة... قطعتها بنفس السرعة التي بدأتها فيها وهي تقول "هل اعتقدت للحظة أني سأفعل... لا نضال بك جميعكم أصبحتم مجرد وجبة انتقام شهية على مائدتي!! سأمزقكم بأسناني وسكيني دون رأفة أو رحمة!"
اعتراه إحساس عارم بالفشل ...إحساس بالخوف قُدر له أن يوصمه إلى الأبد منذ أن نطق لسانه باندفاع بحله لجوان عندما نزعها نزعاً من براثن رجال أبيها... منذ أن صدمها وهي تنظر إليه بعينيها الباكيتين "تزوجيني وسأوفر لكِ الحماية التي تحتاجينها، سأمنحكِ أمر نفسكِ أخيراً دون مطاردات والدكِ وملاحقته إياكِ... تزوجيني ودعيني أُعيد لكِ صغيرتكِ كما سأساعدكِ لتعيدي إنسانيتكِ التي اغتصبوها!"
"سَبنتي" نداها وهو يراها تندفع من السيارة أخيراً
توقفت تنظر إليه بثبات شديد قبل أن ترفع يدها واضعة سبابتها على صدغها وإبهامها فوقه ثم أطلقته وهي تقلد صوت انفجار مدوي من بين شفتيها ورأسها تسقط على كتفها "تهمك؟! أتخاف عليها... إذاً أنت في عداد الأموات... تذكر مطاردتها من راشد البداية فقط!!!"
وكما أطلقت جملتها بنبرتها الميتة اندفعت مختفية وراء بوابة المنزل... بينما دقات قلبه كانت تتسارع بمعدل غير مسبوق "لقد وضعت يدها على نقطة ضعفه الوحيدة... سَبنتي الراوي لا تهدده هو كما كان يتخيل، بل انتقامها سيوجه لأمها مخلصة ثأرها من كليهما بضربة حجر واحدة!"
"يا الله"
لم ينتظر دقيقة واحدة قبل أن يضغط على دواسة
البنزين لينطلق بسرعة جنونية ذاهب إليها.. ويده تخرج هاتفه طالبها بالإلحاح، فور أن أجابته كان يصرخ فيها تقريباً آمرها "لا تخرجي من المنزل لأي سبب حتى أتي إليكِ!"
سألته بقلق "ماذا حدث؟!"
لن يخبرها مؤكد مسبباً لها الجزع عن طريق الهاتف لذا حاول أن يسيطر على نبرته وهو يقول "أريد أن أراكِ... أحتاجكِ جوان أنا في طريقي الآن!"
أغلقت جوان عينيها ودمعتان فارتان تهبطان من تحت جفنيها الكثيفين وهي تهمس "ليتني رأيتك منذ زمن طويل... ما كان كل هذا حدث لي... أنت ما كنت لتستغلني بأية صورة يا نضال!"
ابتلع نضال ريقه وهو يقول بتهكم "أنا استغلك الآن يا جوان... بل ليتني أستطيع منع هذا، أن أتحكم في مشاعري تجاهكِ... فقط لو تشعرين!"
همست بألم "أشعر وأعلم!!!"
"إذاً ستنتظرينني؟!"
قالت بصعوبة وبنبرة مجروحة دون أن تواجه أية مشاكل مع الحيرة في سبب تلهفه الحقيقي "بالطبع ستجدني هنا... أين سأذهب بعد أن تحدثت مع أبي وهددته بقتله إن حاول التواصل معي مرة أخرى!"
شحوب وجهه لم يستمر سوى لحظات قبل أن يُصبغ وجهه بحمرة الغضب وهو يصرخ "تباً تباً... هذا الحقير لن يتوقف... هل يظن أني كنت أهدد.. أنا جاد جداً جوان"
ابتسمت على الطرف الأخر ...ابتسامة مريرة جداً محملة بأسى ومرارة يصعب وصفهما في ملايين الدواوين الشعرية الحزينة قبل أن تقول بغصة موجعة "راشد الراوي يتعقبني أيضاً... أهذا ما يخيفك نضال؟! الجميع يرفض أن أحصل ولو على حق واحد من حقوقي، أن أداوي جرح أمومتي... لن أقول آدميتي كما تحاول أنت أن ترجعها لي... لأني فقدت الحق فيها منذ لحظة سقوطي الأولى!"
يده كانت تضغط بعنف شديد حتى ابيضت سلامياته على المقود وبدا عاجزاً أن يجد إجابة قد يحتويها بها.. ربااااه كم بدا الطريق إليها طويلاً بعيداً مليء بالأشواك حتى يصل إليها!! كل ما يتمناه من الله أن تكون أمامه أن يمنحها عناق تستحقه، أن يضع بداخلها جزء من ثقته، من أحاسيسه، جزء من قوته التي يفقدها معها... علها تمنحها طاقة إيمان توصلها لنور في نهاية نفقها المظلم!
"لا تصديقهم... أنتِ إنسانة قوية يا جوان... مجرد بشر لا يُعصم من الخطأ... زلتكِ كفرتِ عنها بأصعب الطرق.. حان الوقت أن يروكِ جميعاً، أن يسمعوا صوت صرختكِ مرغمين، حان وقت خروج جوان القوية للسطح والصراخ مطالبة بما سلبتها أيديهم إياه!"
لم ترد فقط صوت شهقات متقطعة ملتاعة وهي تهمس بتقطع متخبط "أنت... أنت مثلت شيئاً بداخلي، شيءٌ حلوٌ جداً لا أجد له وصفاً حتى... أرجوك لا تغضب مني ولا تحقد عليّ"
شحوب وجهه يكاد يقسم أنه تجلى على نبرته وهو يسألها بقلق "ماذا تعنين، لما الآن تخبريني هذا يا جوان؟!"
ولكنها لم ترد وهي تغلق المحادثة ثم هاتفها بشكلٍ تام..
بعد وقت كان جبينه كما جسده ينضح بالعرق وهو يلتهم الدرج صاعداً للطابق السادس مكان سكنه... إذ انه لم يستطع حتى أن ينتظر المصعد ...اكتسح باب شقته بعنف وهو يصرخ باسمها متنقلاً بين غرفة وأخرى... فلا يجد أمامه إلا الفراغ، الصمت التام... وكأنها ما كانت أبداً كما روحه التي فارقته، كما فؤاده الذي نزع من بين أضلعه....
**********

جلست كلتاهما أمامه تستمعان له بإنصات إحداهما باهتمام شديد بينما الأخرى كانت كالعادة تتجنب النظر إليه غارقة في عالم خاص لا أحد قادر على انتشالها منه...
حتى قالت مرح أخيراً بهدوء "أنا بخير، ولا أريد رؤية أطباء نفسيين أو غيره، أذكر أن اتفاقنا كان يتمحور حول تأمين العلاج لفرح!"
هتفت فرح بتوتر "توقفي مرح، أنا الأخرى طبيعية جداً لقد تخلصت من تلك الأشياء منذ زمن!"
نهضت مرح من مكانها وهي تقول بنارية "ما عاد هناك شيء نستره عنه، ربما لم تعودي لإدمانكِ بانتظام، ولكن كلانا تعلم عند توفر الفرص أنتِ لن تتورعي عن فعلها... لن أسمح لكِ بتدمير نفسكِ أبداً يجب أن تُشفي من ميولكِ للمخدرات تماماً!"
دمعت عيني فرح وهي تقول بهشاشة "من عينكِ الوصي عليّ حتى، ونسج خيالتكِ نحوي، أنا لا أريد!"
فتحت مرح فمها تقول شيئاً فأوقفها أيوب وهو يخبط طاولة الشاي الموضوعة بينهم براحته ثم قال بحدة "هذا يكفي يا مرح... الأمر بالفعل لم يعد يعنيكِ بل أنا من سأقرره وحدي!"
اتسعت عيناها لحدته المفاجئة، إذ أنه منذ أن ضمتهم جدران بيتٍ واحد لم ينفعل عليهما قط بل كل أفعاله كان يسكنها الرفق التام... قالت مهاجمة "كلتانا تخطى عمرها الثانية وعشرين... أي أنك فقدت أي حق للتحكم فينا منذ أعوام طويلة... وهنا لا أعني ماضينا فقط بل الحق القانوني أيضاً!"
نظر إليها أيوب للحظة عارفاً أن مرح كما توقع منذ الصغر شخصية نارية مسيطرة، دائماً واضعة نفسها في خانة القوة، حتى وإن شكلتها ظروف حياتها الصعبة، تبقى ابنته برأس متيبس بالأصل يصعب كسره وإن كانت سلمته أمرها فهو بمحض إرادتها البحتة... حسناً وبالطبع الاعتراف الذي يُدمي قلبه لمعرفتها تقديم حياة أفضل من حضيضهما السابق... قال أخيراً بحزم "أنتِ هنا لأنكِ لا تملكين خياراً أخر... الحق مُنح لي منذ مرافقتكِ إياي، لذا أية قوانين ستلوحين بها في وجهي لن تُنفذ عليّ يا مرح!"
زمجرت في وجهه بقلة أدب متعمدة متحكم فيها صفاتها التي أقرها للتو وهي تقول "أستطيع مغادرتك في أي وقت أريده... حاصلة على عمل أعيل به نفسي... لا تعتقد أننا تخطينا أي شيء... أنا اعتنيت بنفسي وقتاً طويلاً جداً، ولن أتردد للبقية من عمري أن أكتفي بذاتي!"
المهادنة هي الحل دائماً، نبرة الاحتياج التي تخرج منه حقيقية هي نقطة ضعف مرح تجاهه، بل تجاههم جميعاً، عندما يحقق حلمه ويجمعهم في كنفه "وتتركينني يا مرح... تتركين أختكِ التي تحتاجكِ، أهذا وعدكِ بعد نطقكِ بكلمة أبي لي؟!!"
وكأن كل جبالها البركانية كما ثارت فجأة خمدت وهي تنظر إليه بتضارب مشاعر مهلك، رمشت بعينيها للحظة قبل أن تقول بجفاف "أنا لم أقل مطلقاً أني سأفعل... فقط كنت أرد على تلويحك بالتحكم في مصائرنا!"
أطلق أيوب زفيراً طويلاً متعباً وهو يقول "أنا لا أتحكم بكما، ولكني أعرف بنيتي أنكِ تحتاجين مساعدة كما أختكِ شخص موثوق به لتتحدثي معه!"
خبطت وجهها براحة كفها تفركهما بتعصب وهي تقول قاصدة "لا أريد... لا أريد أرجوك إن أردت التحدث، قول أي شيء سألجأ "للورين" أعتقد أنها الأصلح لتفهم أي شيء يصدر مني!"
وكما توقعت بهت وجه أيوب ليتجلى ألمه في كل عضلة فيه... بل تكاد تقسم أن عينيه الساكنة امتلأت بدموع فورية لمجرد ذكرها العابر بعد أن لفظتهم لفظاً عندما أتت إلى هنا منذ أسابيع، وكما أدمتهم جميعاً بلقائها فرت هاربة عقب أن وقعت عينيه في عينيها هي ناظرة إليها بمشاعر متضاربة ما بين الحنين، الوجع عدم التصديق ثم التخاذل..
وكما أجزمت أيضاً كانت فرح تقفز من مكانها سائلة إياهما بلهفة "متى ستعود .. لقد قال هذا الرجل، قال...!"
أشارت لأيوب كالعادة بيدها دون أن تجرؤ وترفع عينيها في وجهه، وكأنها لم تتحرر حتى اللحظة من عرضها القاتل يوم حادثة إطلاقً النار! "هو قال أنه سيعيدها إلى هنا... سيجمعها معنا!"
نظر أيوب لجانب وجهها المشيح عنه ثم قال أخيراً بنبرة حزن وبصراحة مطلقة "أختكِ لديها حياتها صغيرتي... وربما هي الأخرى لديها ما تعاني منه من عدم تقبلي!"
قالت بإصرار موجع يتخلله التوسل "ولكنك قلت أنك ستعيدها، اغرها بمالك الكثير هذا، بعاطفتك التي تجيدها... افعل شيئاً وأجلبها لهنا... أنا... أنا أريدها!"
تحايلها بتلك الطريقة... تواصلها الغريب الموجه للورين، لا توأمها كما توقع أذاب قلبه، وأشعل عقله بأسئلة لا تنتهي رغم معرفته السابقة أن فرح ولورين استمرتا بضعة أعوام في ملجأ واحد... قبل أن تتبنى مرح تلك العائلة الحيوانية... إن كان يصلح تشبيهم دون أن نظلم الحيوانات معهم!
"لماذا لورين من تريدينها حبيبتي، لديكِ أنا ومرح ألا نكفي؟!"
أمسكت فرح رأسها بكلا كفيها تضغط عليهما بقوة بينما صور عدة متلاحقة مبهمة لفتاة أكبر منها بأعوام تدثرها بغطاء داخل ذراعيها تهمس في أذنها بترانيم تربطها بتلك المرأة التي كانت صورتها تبهت شيئاً فشيئاً من عقلها لتختبئ وراء حيطان الذاكرة المحجوبة! صورة وصوت لفتاة تهمس في أذنها بوعود برغم أنها أصبحت لغة غريبة!! ولكنها ما زالت تفهمها عندما كانت تخبرها أنها لن تتركها أبداً... بأنها وحدها ستعيدها بالنهاية تحت جناحي صقرهم!
قالت أخيراً بنبرة مضطربة "لا أعرف... أنا لا أعرف، ورغم هذا أنا أعلم جيداً، بأنها وحدها القادرة على محو كل الأعوام المؤلمة من حياتي وكأني ما عشتها قط!"
اقترب أيوب في محاولة يائسة أخرى، يمد يده للمسها ربما تسمح له بضمها... ولكنها كالعادة كانت تقفز مبتعدة عنه تنكمش حول نفسها بخزي، متجنبة أي تواصل بينهما...
قال أخيراً "إن استمعتِ لي ولمرح، إن اطمأننت بأني أستطيع حمايتكِ وعلاجكِ مقلعة نهائياً عن هذا الشيء الذي دمركِ، سأعديها إليكِ!"
همست "أخاف أن أثق بوعودك، وأنا من لم تجد إلا كل الخذلان طوال حياتها!"
اكتست عيناه الأبويتان حنان العالم وهو يقول "لن تجدي الوجع لديّ يا فرح، تمسكي بيدي صغيرتي، آمني بأنكِ عزيزة على قلب والدكِ، بأنه لن يتردد للحظة بمنحكِ من روحه من عمره فداءً لدمعة من عينيكِ!"
أطرقت برأسها دون أن تقول شيئاً، دون أن تحاول تقبل يده الممدودة... عارفاً أن طريقه معهما طويل.. طويل جداً لإصلاحه، عالماً أن ما في صغيرتيه أكثر من علاج نفسي يحتاجونه بل أنهن كالأطفال التي تحتاج لتربية من جديد لفطرهن على دينه وخلقه وهويته... أطفال بماضي قاسي... الطريق طويل جداً يا أيوب... فمتى يومض في نهايته نور واحد يخبرك أن نهاية رحلتك ستعبر بهما لبر الأمان؟!
وأيا ما كان يدور في عقله كان يومض بالمعرفة والتصميم في عقل مرح لتكمل ما بدأته! إن كان الحل لإعادة السلام لروح توأمتها وتعويض أبيها كل أوجاعه في لورين... فيجب أن تعود إليهم مهما كان الثمن!
**********

منذ أن عادت من زيارتها القصيرة ولقاء أخواتها في نوبة انهيار أخرى بين ذراعيه انتهت بطوفان مشاعر عاطفية وجسدية بحتة هي من طالبت بها بإلحاح.. وكل شيء تغير تماماً.. تبتعد عنه، تنأى بنفسها، تحيط نفسها بقوقعة صلبة مغلفها برودة شهر ديسمبر... وكأنها ما تعرفه قط، وكأن ما يربط بينهما علاقة سكن في حيطان منزلها لا زوجين أحبا بعضهما كما توهم يوماً.. توهم في حبها له وحده... إذ أن ما أصبح يوجع روحه أنه يدرك جيداً ويقر بأنه يعشقها بحد مجنون، بحد هوس لم يعتقد أن يوجد داخل نفسه قط ...هوس بقربها أصبح يحيله شيئاً فشيئاً لأخر برجولة منقوصة... يقبل الفتات منها بتلهف... كما كان حسين مع فريال!! ربااه الرحمة وحدك من تتكرم بها على عبادك... أما كان موتي أهون ألف مرة مما أنا فيه!
هو الآن يدرك وهو يستطعم معنى الإذلال الحقيقي، معنى أن يتجبر عليك أحدهم بقوته مستغلاً ضعفك، أن يتلاعب شخص بمخاوفك، معنى ألا يستمع لتوسلك المقهور بأن يتوقف عن أذيتك حتى وإن كان هو لا ينطقها بكلمات كما كانت تفعل "عسلية العينين الصغيرة"
"تباً... تباً... اخرجي من داخل رأسي غادري ذلك الضمير الملعون الذي صبغ روحي مهشماً أية بقايا مني... أنتِ كنتِ تستحقين!"
كان ينهت بوجع وهو يسمع صدى مرهق يخبره مقراً بالحقيقة المرة "أبداً ما كانت عسلية العينين تستحق... لقد كانت ضحية أخرى عاقبها هو ببشاعة ضعفه... بدل أن ينتقم من الأفعى التي دمرتهم جميعاً"
الجو كان قاسي البرودة التي تتخلل تحت جلده مخترقة عظامه بألم عضال متضامنة مع المنزل حالك الظلام وهو يجلس أمام شباك المنزل الكبير ينظر للخارج منتظراً عودة زوجته التي لم يرها منذ يومين على التوالي لبياتها في المشفى... زوجته التي شيئاً فشيئاً بهت تلهفها كما محادثتها على الهاتف التي كانت دائماً تتسم باللهفة والاشتياق، بالقلق وهي تؤكد عليه أن يأكل أو يتناول علاجه، ألا ينسى نفسه أمام حواسيبه التي يُغرق نفسه بالعمل فيها... لورين أصبحت ببساطة لا تهتم تتباعد، وهو استُنفذت منه كل حججه التي عزاها سبب ما تمر به من اضطرابات وذكريات ماضي اشتعل بظهور والدها... مستطعم حجته بأنها تعاني بأن الضغوط تكثر عليها من أيوب ومن ليو أنخيل أيضاً الذي أصبح يشعر بالتهديد لفقدان ابنته الوحيدة بالتبني... بخوفه المهلك والذي صرح به دون مدارة "أن تنساه لورين يوماً بين أحضان أيوب أبوها الحقيقي والذي يستحق كل ولائها... بعد أن أعلمه هو بنفسه بكل ما عرفه عن مأساة الرجل الذي لم يتوقف قط في البحث عنهم!"
لقد ظن أنه قادر على تقويمها، على تحقيق حلمه هو بلم شمل عائلة عبرها... ولكنها رفضت، تصلبت طاردة جميعهم من حياتها حتى هو... فيكاد ينقلب على ظهره في ضحكة ساخرة مشوبة بكل مرارته مقراً بأنه لا شيء على الإطلاق ولن يمثل لأحدهم يوماً... إن كانت الطبيبة "لوسيرو أنخيل" نجحت في جعله يعود لاستكمال علاجه فهي بالتأكيد حطمت المتبقي من رجولته وقلبه، وإن كان ما زال يتشبث بعناد بالإنكار، وبعلاقتهما وحبها الذي ألحت سابقاً عليه في تقبله!
طرقعة المفتاح الخفيفة جعلته يدير وجهه داخل الظلام بهدوء، عينيه الخضراوين تحبس كل أفكاره المميتة بعيداً... يتأملها بتوسل يرغمه فؤاده المحترق عليه، بلهفة واشتياق يتصاعد فور رؤيتها بوضوح حتى من بين السواد الدامس...
اندفعت كالصاروخ تغلق الباب ورائها، تضع حاجياتها على أقرب مقعد، تمتمت بحنق من بين شفتيها "مرة أخرى ينسى التدفئة!"
توجهت سريعاً نحو اللوحة الرقمية تشغلها على أعلى مستوى ثم تشعل الأضواء جميعها دفعة واحدة، قبل أن تستدير لتلاحظ جلسته في تلك الزاوية... خرجت منها شهقة إجفال وهي تقول "ما الذي تفعله هنا... لقد أخفتني؟!"
سخرت ملامحه متناقضة مع نبرة صوته الهادئة "كيف حالكِ يا لورين، افتقدتكِ أنا أيضاً... وجهكِ يبدو أفضل منذ أن غادرتِ، أرى أن جو المشفى يعيد لكِ ازدهاركِ!"
عبست وهي تخطو نحو مقعد قصي عنه!! ثم تمتمت ببرود "ما الذي يعنيه هذا بالضبط... هل تعتقد بعقلك الجبار أني كنت في نزهة، لا مناوبة ترهق كل جزء من نفسي؟!"
ما زالت سخريته تتحكم فيه وهو ينظر لها باستخفاف "العفو منكِ يا طبيبة... من أنا لأقول هذا؟!"
قالت بنفاذ صبر "هل تريد الشجار؟! إن كنت أجله لصباح الغد إن تكرمت فأنا متعبة... كل ما أرغب به حمام دافئ، والاستلقاء في الفراش!"
مط شفتيه بلا معنى، ثم استدار بمقعده ينظر إلى الخارج وهو يقول بجمود "هناك فتاة أتت تسأل عنكِ اليوم، رفضت الدخول أو الإفصاح عن هويتها أو من تكون!"
وقفت لورين ببطء من مقعدها، ثم سألته بنبرة تصاعد فيها التوتر "هل أخبرتك عن اسمها أو سبب مجيئها؟!"
قال بيأس "ألم تعودي تنصتين لأيٍّ مما أقول... لقد منحتكِ الإجابة بالفعل قبل إلقاء سؤالكِ!"
عم صمت مريض بينهما، شاعرة بفؤادها يهفو إليه يشتاق له، عبر خفقاتها المؤلمة التي تتقافز من صدرها متجهة نحوه في سهم واضح مشيراً إليه بلا خللٍ واحد... ولكنها كانت تشعر بالوجع, بالضعف لما تفعله به بتلاعبها بمصيره وتجريدها إياه من كل اختياراته، ناكثة كل وعود الثقة التي منحتها له... غير قادرة بعد للنظر في عينيه، بمواجهته وتقبل حبه، بعد فعلتها في حقه... بالطريق المجهول الذي تتخبط فيه، غير قادرة أن تصل إليه...
هي كانت تدرك جيداً أن كلاهما يبحث في الآخر عن حاجة تطبب جروحاً تسكن روحه، ولكنها فشلت حتى أن تعرف ماهيتها... وهو لم يساعدها إطلاقاً لمعرفتها!
"كيف جرت جلستك بالأمس؟" سألته أخيراً مغيرة مجرى حوارهما، علها تمحي ذلك التوتر بلحظة سلام أو اهتمام تخبره بها أنها لم تنسى.. بأنها تعرف جيداً منذ اللحظة الأولى للغرق في عينيه الخضراوين التي كانت ككتاب مفتوح قرأته بوضوح... سر غضبه وجرحه منها!
لم يستدر إليها وهو يقول بتهكم "وما حاجتكِ للسؤال... ألم تكن زوجتي المحبة المهتمة هناك كما وعدت تمسك بيدي وتشجعني؟!"
تجرأت أن تدفع قدميها المتخاذلتين للاقتراب منه، تقف خلفه مباشرة وهي تهمس بشحوب "آسفة لتخلفي عن الأمر، تعرف عملي خارج تحكمي ممدوح... هذه أول مرة... أنا...!"
قاطعها وهو يدفع عجلاته أخيراً مبتعداً عنها متوجهاً لغرفة النوم قبل أن يقول بجمود "تصبحين على خير... وأه بالمناسبة الفتاة بها ملامح منكِ لحدٍ كبير، بالطبع لا نحتاج لذكائكِ الفتاك لتخمين هويتها "
نظرت خلفه بيأس واضعة فمها داخل راحة يدها وأصابعها تحيط وجنتها بالألم... هي ليست غبية حد عدم معرفة أنها تؤذيه... ولكنها لا تتعمد، هناك شيئاً يُبنى بداخلها مانعها من التجاوب معه، من مواصلتها ما أقسمت يوماً على تحقيقه معه...
"رباه، ماذا فعل هوسي بعلاجه الجسدي، متناسية جروحه النفسية؟!"
******
بعد وقت كانت عيناه كما أذنيه تترصدان تحركاتها هنا وهناك بصمتٍ مطبق، غير عارف حقيقة ما تسعى إليه من أفعالها المكشوفة، أم أصبحت روتينية وهي تنزع بدون اهتمام ملابسها جميعا... ثم تذهب للاستحمام وتعود إلى غرفتهم بجسدها العاري مكتفية بمنشفة صغيرة تكشف أكثر مما تستر...
نفخ بغيظ وهو يعدل نفسه بسهولة لاستطاعته الآن تحريك قدمية دون مواجهة صعوبات كثيرة ربما لم يتحكم فيهما بعد... وربما يدرك جيداً بأن رحلته طويلة جداً جداً في علاجه مليئة بالعقبات وبألم لا يحتمل... ولكنه قطع شوطاً ولو بسيطاً بها.. وحاجة عنيفة تومض بداخله أن يحصل على اكتماله الجسدي على الأقل بدل شعور النقص الذي أصبح يغرق روحه... ولورين لا تدخر جهداً على الأقل في إثبات هذا النقص فيه يوماً وراء يوم... لم يقدر على التغلب على نبض جسده الملح والهروب من تواجدها بالنوم كما أمل... على تجنبها كأنها لا تحرق كل إنش منه رغم أنفه... على رائحة الشوكولاتة الذائبة التي تُشبع حواسه مشعلة كل جانب في جسده الرجولي بالحاجة العنيفة لتذوقها مرة أخرى....
"هل حقاً يمكن لامرأة أن تفوح برائحة الشوكولاتة، أم أن خيالاته واشتياقه إياها هو ما يتلاعب فيه؟!"
نفخ بغيظِ ناري وهو يضع ساعده عله يحجب تلك النار الخضراء التي سكنت عينيه... وهو يشعر بجانبها من الفراش يمتلئ بدفئها ناشراً عبيرها حوله، حاجباً عقله عن كل ما يدور فيه "تباً للنساء... كيف يشتاق إليها، يحبها بهذا الشكل رغم رغبته الملحة في خنقها بيديه، رغم كرهه الشديد لها!"
"لم تنم، إذاً أنت كنت تهرب من وجودي أنا؟!"
كان يحاول أن يتحكم في نبرة صوته كما رد فعل جسده إذ خالف نفسه بصوتٍ ميت وهو يقول "ظننت أن الأمر لا يحتاج للتوضيح!"
أحست بالضيق الشديد وهي تطلق سؤال عبثي إذ أنها تعلم إجابته يقيناً "ما الذي أوصلنا إلى هنا... كل ما أصبح يربطنا هو شجارات عقيمة؟!"
تقبض أصابعه فوق عينيه كان واضحاً جداً... بينما وجهه كان يومض بشيءٍ من القسوة التي انطفأت سريعاً وهو يقول ببحة تعلمها يقيناً صادمها بسؤاله الواضح "هل ما زلتِ تريدين إكمال طريقكِ معي يا لورين؟!"
وكأنه ألقى في وجهها دون إنذار قنبلة مؤقتة دون دق نذور الحرب أولاً!
انتفضت دون أن تشعر، كان جسدها بالكامل يغطي جسده المستريح بجانبها... ثم هتفت فيه بنبرة لم يفهم ما تحتويه أهو الذعر من شيءٍ تخشاه، أم كانت تفكر فيه؟!
"هل جننت ما الذي تقوله... هل تتخلى عني بهذه السرعة؟!"
نبضت عضلة بجانب فكه الذي افتر عن ابتسامة أسى ساخرة وهو يقول "أية سرعة... تعلمين جيداً أن العلاقات بسيطة هنا... قد تبيتين معي أسبوع كامل لا شهور وبعدها يكون الافتراق السهل..."
صمت أمام عينيها السوداوين اللامعتين بالذهول والخوف... ثم قال بصوتٍ أجش، و وخز مرعب يتملك قلبه هو الآخر جاعلاً شيئاً يرق فيه...
"كما أني لم أقدم لكِ أي شيء يا لورين، إلا قلبي وثقتي بكِ وأنتِ قبلتِ بهما... إذاً هنا أنتِ من ستتخلين عن كلينا!"
همست بضياع "ولكنك زوجي... نحن لا نشبهم، أنا لا اهتم بما تقوله!"
"لم تشعريني بهذا مؤخراً!"
التخبط هو كل ما قابله مرافقاً لصمتها التام... رأسها يتحرك بتناغم يميناً ويساراً صعوداً وهبوطاً وكأنها تنفي وتوافق على أشياء كثيرة داخل عقلها وحدها... أشياء عديدة تهلك روحه وتلهب جروحه، مقراً أكثر بفشله وعجزه معها!
عجز تحتاج رجولته الآن لتطبيبه بأي شيئاً معها... بالعودة لإشباع نفسه بالكمال في عينيها!
بأنه لديه أية سيطرة على جانب واحد من حياتهما!
تسارعت نبضات قلبها عندما ازدادت عينيه قتامة ويده تلتف بحذر شديد وبطء أشد حول خصرها كان وكأنه يستأذنها... لا كما أول الأمر عندما كان يكتسحها بمشاعره دون ترفق...
انخفضت بوجهها وكأنها مقيدة مغيبة بجوع تستشعره هي الأخرى نحوه، بحاجة ملحة بأن تتقبل علاقتهما الجسدية مرة أخرى دون شعور قاتل بالذنب... بأن تغرق في دفئه بين ذراعيه ناسية العالم من حولها... ممدوح كان يجيد الاحتضان بطريقة مهلكة، يعرف كيف يلفها لفاً داخل صدره وذراعيه... مستسلمة داخلهما بشعور يغلبه الاكتفاء وشيء من اليأس!
للحظات طويلة غرق كليهما في دوامة من المشاعر... عبر قبلاتهما التي لم تنتهي، هي لا تدرك حتى من كان البادئ فيهما... من الذي كانت له الأسبقية في غرق شفتيها داخل فمه؟! اللهفة والإلحاح والتطلب كانت تدرك جيداً أنه شعور متبادل بينهما!!
أنفاسه الساخنة التي لفحت وجنتيها عنقها جيدها، مقدمة صدرها... جعلت كل جسدها المتصلب يرتخي تماماً بين ذراعيه، يديها بدل أن تدفعه كانت تتشبث في ذراعيه بقوة... وكأنها تتوسله أن يمنحها المزيد من تلك العاطفة، أن يشبع احتياجها العقلي والعاطفي بذلك اللقاء... أن يسد فراغ ملح يبحث عن أمرٍ فيه ولا يجده بعد... أن يُسكن تخبطها ولو للحظات، أن يوقف إحساسها العظيم بالذنب لغدرها به...
وعند تلك النقطة بالذات كان وكأن كل جمودها اشتعل فجأة محاربة إياه بقوة وضعف... إن كان يصلح أن يجتمع الوصفان لما تفعله معه...
"كفى ممدوح... أرجوك" همس مبحوح لم تدركه حواسه! معتقداً أنه تدلل أنثوي، غنج امرأة... فكان رده المقهور أن يُقبلها معتليها بجسده!!
فمه يطبق على شفتيها مرة أخرى في حرب ضروس لإشباع احتياجه هو الآخر، لفرض سيطرة باهتة...
يديه كانت تنزلق متتبعاً خطوط جسدها مشعلاً جانب الإثارة فيها، بخبرة يجيدها أيضاً وكانت تقابلها دائماً بالجهل التام، بالانجرار لما يشعله من أحاسيس كانت نقطة عمياء بداخلها!
كادت تستسلم، كادت بيأس أن ترضى بتلك المصالحة التي ستقدمها إليه... لولا رؤيتها وميض هاتفها من نقطة عمياء بجانب جسده الذي يغطيها...
"هاتفي... هناك نداء موجه إليّ!"
أجفل وهو يرفع رأسه ينظر إليها بعدم استيعاب يراقب يدها التي تستطيل بإرهاق لتصل إليه تنظر لرسالة ما على هاتفها... قبل حتى أن يتحرر من ذهوله ناظراً لما جعل عيناها تتوسع وبجسدها الحار الذائب تحته تحتله برودة شديدة... كانت هي تلقي الهاتف بعنف صارخ آمرة إياه لا طالبة وهي تزيحه بكلا يديها بعنف "أخبرتك كفى... لا أريد، لماذا لا تفهم؟!!"
استسلم دون أدنى مقاومة، دون أي شعور يراقبها وهي تقف هاجرة فراشه... بعجز، بنقص أصبح هو الحقيقة الوحيدة التي تحكمه ب"لوسيرو أنخيل" دون أدنى مبرر عقيم يمنحه لذاته... لقد اختفت "لورين" حبيبته مودعة إياه إلى الآبد... لتحل محلها تلك المرأة التي تقف أمامه تمنحه نظرة خاوية... امرأة تعرف جيداً كيف تعرفه مكانته وكيف تدعسه بقسوة تحت قدميها... لقد تحول بالفعل لنسخة باهتة من أبيه... دون أدنى شك هذه المرة...
هذا الجحيم يجب أن ينتهي!!
************


‏‫يتبعععععععععععععععععععع عععععععععععععععع الان
[/align]
[/SIZE]


Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-19, 11:36 PM   #1216

Nor BLack
 
الصورة الرمزية Nor BLack

? العضوٌ??? » 455746
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 593
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Nor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond reputeNor BLack has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   star-box
:sss4:

تاااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااابع الفصل العشرين

بصمت وهدوء تام كانت تتسحب على أطراف أصابعها ملتفة حول الفراش لتعتليه متكورة حول نفسها في وضع الجنين دون أن تجرؤ على قول كلمة... فقط الحزن الشديد المرافق لألم لا يستوعبه قلبها الصغير ولا يحتويه صدرها الذي يخزها بالوجع... لن تكذب على نفسها هو محق... إذ أنها لا تستوعب مطلقاً ما اكتشفته، ما زال داخلها يعاني يحارب متوسل بطفولية لعقلها أن كل ما أصبحت تعيشه كابوس، كابوس بشع مهددها بالهلاك... عل عقلها الواعي ينقذها ويفيقها مما هي فيه... ولكن منذ متى كان الإنسان باستطاعته أن يهرب من واقعه؟!
رفرفة ريش حمامة شعرتها تتخبط برقة حتى وصلت للدموع الباردة التي تهبط على وجنتيها المشتعلة بنار القهر, ثم بصوت رفيقتها يقول "لماذا ترفضين إخباري بما يوجعكِ سَبنتي، منذ متى كان بيننا أسرار؟!"
فلتت منها شهقة مدمرة وهي تفتح عينيها ببطء تنظر لوجه شيماء الحزين ثم قالت بفاجعة جارحة "عندما أخبرتكِ أننا من بنات الراوي مكتوب علينا القهر... لم أدرك أبداً لكثرة النفوس المظلمة حولنا!"
تشبثت شيماء بذراعيها تجذبها سريعاً ضامة إياها في حضن أخوي وهي تقول بغصة جارحة "لا تبكي... أيا ما كان يفعله الغبي خالد ندرك الآن أنه غير حقيقي!"
زاد بكاؤها حدة وهي تتشبث في ظهر شيماء بكلا كفيها "ليته كان خالد... ليته كان أي ألم آخر، هذا يحطمني شيماء يدخلني في دوامة محيط عاتي دون أن أجيد السباحة... والمطلوب مني النجاة وحدي!"
دائماً ما كانت سَبنتي تجيد التشبيهات أن تصف ألمها الصافي بحرفية... ولكن هذه المرة البقة الثرثارة كانت تداري بمهارة شديدة أسباب تغيرها، عزوفها عن كل معاني الحياة البسيطة... لقد كانت تنأى عن الجميع... فقط الفعل الذي لم تكف عنه هو تسللها إلى غرفتها ثم بين ذراعيها بقوة والانفجار في البكاء!!
"أخبريني... لن أخرج سركِ.. تعلمين هذا!"
دفنت رأسها أكثر عنوة داخل صدر رفيقتها محاولة أن تستمد منها أية مشاعر ربما تعيدها لما كانت عليه ثم قالت من بين بكائها "لا أستطيع... لا أستطيع، كل شيء إلا هذا شيماء... إلا هذا!"
ضمتها شيماء أكثر بتشبث متخبط، وسنون عمرها الصغيرة لا تسعفها مطلقاً أن تستوعب ما السبب الحقيقي وراء معاناتها... أن تمنحها رداً وافي عله يدفعها للبوح بما يثقلها!
من وراء الباب الموارب كانت منى تقاوم ألا تبكي بألم... تشبثهما المميت ببعضهما... صغيرتيْها مهما عانتا وابتعدتا لا تجدا السكينة إلا داخل أحداهما الأخرى... وشيئاً آخر يهلكها هي الأخرى يشعرها بالخوف الذي ينهشها وهي تراقب ذبول ربيبتها الشقية يوماً وراء الآخر... تغير أحوالها فجأة للنقيض تماماً... متذكرة اتصال راشد المُلح وهو يخبرها دون مداراة أنها أصبحت تنفر منه هو الآخر... تتباعد عنه تتعمد عدم الجلوس معه أو مقابلته... ملقي على مسامعها بأنها قد تستطيع هي أن تعرف ما الذي يجري معها ... كأمٍ لها، كامرأة احتوتها منذ الصغر إذ أنه ربما ما يرهقها ويوجعها بهذا الشكل يكون أمراً يخص المراهقة أو الفتيات وتخجل إخباره هو... ولكن ما استشفته من صوت راشد المرهق والقلق أنه يرجو أن يكون هذا فقط ما يغيرها... بألا يكون سراً مميتاً خلف ما تعانيه...
أخذت نفساً عميقاً وهي تجفف دموعها البسيطة ثم ترسم واجهة متحكمة يغلفها الرفق والحنان المعتاد وخطت داخل الغرفة تجلس بجانب جهة ربيبتها... تمد يدها برفق تمسد علي شعرها بحنان ورقة شديدة وهي تقول "حتى أنا لن تخبرني بقتي الحلوة بما يزعجها؟!"
شعرت شيماء بتصلبها بين ذراعيها وبنافورة دموعها تتوقف فجأة وكأنها تملك محبساً ما يغلقها بسهولة...
للحظات كان الصمت هو ما يخيم على أرجاء الغرفة الزرقاء الواسعة... ثم شيئاً فشيئاً كان يسودها الظلال الداكنة... بل الضباب الذي عتم الرؤية أمامها، مستشعرة تلك الوحوش التي تختبئ بين طياته، مادة مخالبها وشاحذة أسنانها لتمزق إياها بأبشع صورة... لا ليس أنتِ، ليس الأم الوحيدة التي عرفتها... لا أستطيع توجيه نار انتقامي لكِ، أرجوكِ ابتعدي عن طريقي اهربي كما كنت أنا أفعل لأيام عديدة ماضية...
أطلقت منى زفرة متعبة وهي تمد يدها نازعة إياها من حضن شيماء... أجلستها أمامها، فلم تواجه أية صعوبة في الأمر ممارسة عليها كل أساليب أمومتها المعتادة... بقسوة! قسوة استشعرتها وهي ترفع بنفسجها المعذب ببطء ليلاقي عيني منى بزرقة النهر الهادي والمانح الحياة والازدهار لكل ما يقع في طريقه... قسوة ذكرتها بتوسل المرأة الجارح أن تسمعها، أن تمنحها الحق في ضمها إليها علها تمنح روحها المعذبة السكينة...
يد منى امتدت تربت على وجنتها بحنان أشد من ذي قبل وهي تقول بتفهم "أي كان ما يحزنكِ نستطيع أنا وأنتِ احتوائه!"
شفتيها كانت ترتعش بقوة وكأنها تقاوم نوبة انهيار أخرى... قبل أن تتمتم بقهر "ما يؤلمني يا زوجة عمي، ما يحطمني لا قوة في الأرض قادرة على احتوائه!"
اهتزاز يد منى كان واضحاً بشدة، وانقلاب كل عضلة فيها للقلق البحت... ولكنها حاولت أن تبقى ثابتة على هدوئها وهي تقول "كل مخاوفكِ كانت هكذا صغيرتي، ووجدنا بالحديث والمناقشة ما يبددها أو يسكنها قليلاً"
قالت بنبرة طفولية مجروحة مكررة مكسورة ما همست به لرفقيتها سابقاً "رباه إلا هذا... إلا هذا... ليتني مت زوجة عمي... ليتني قُتلت قبل هذا!"
هلعت منى بشكل غير مسبوق وخاطر مزعج يخلع فؤادها من مكانه ملقيه بين ساقيها بوحشية وهي تبعد يدها لتمسك كتفيها بشيءٍ من العنف "ماذا تعنين سَبنتي... انطقي... ولا تصيبيني بالجنون؟!"
وضعت سَبنتي كلا كفيها على فمها وكأنها تمنع نفسها بقوة من التفوه بما في جعبتها علها تجد الراحة أخيراً... علها بانفجارها بما تعرف تخفف عن نفسها طريق الهلاك الذي تصر أن تصطحب جميع من شاركوا في خداعها معها فيه!
صوت شيماء القلق ويدها التي كانت تتخبط باحثة عن يد رفيقتها علها تمنحها بعض من دعمها جعل شيئاً منفراً وقاتل يومض في عقل سَبنتي وهي تقول "ماما... لا داعي لهذا الخوف ربما خالد أزعجها كالعادة وهي حولت الأمر لدراما معتادة... مفرغة شحنات سخطها فينا"
يا إلهي عيني منى المرتعبة والتي انقلبت في لحظة للقسوة لم تساعد مطلقاً لأن تجعلها تتراجع... لطالما أحبت دور المراقب المستكشف لمخاوف كل شخص فيهم... هكذا كانت هي... وهكذا قررت دون أدنى تردد أن تلاعبها بنقطة ضعفها الوحيدة سقوط خالد من دور الفارس... تحطيم كل أملها فيه بألا يتحول لرجل آخر من رجال الراوي..
نزعت سَبنتي نفسها من بين أيديهما مستغلة تخبط منى وذعرها... تتراجع بظهرها دون أن تتنازل عن النظر لعينيها بعينين أجادتا رسم الرعب، الحرج، الخذلان والانكسار... يدها المنتفضة كانت تحارب أمام وجه منى الذي شحب حتى شابهت الأموات... يد تعلمت جيداً من خلال مراقبة بدور مؤخراً كيف تحيط بخجل جنين ينبض هناك... ثم قالت أخيراً باختناق بنفس نبرة الخوف والانكسار المعتادة وهي تضم نفسها بكفيها اللذيْن ارتفاعا "لقد قال... قال أنه سيجعلني حلاله... أنا... رباه... أمي أرجوكِ اقتليني وارحميني من عذابي... كان رغماً عني !!"
صرخة شيماء كانت تتصاعد بهوس وهي تقف متخبطة "ماذا تعنين سَبنتي... ما الذي تقولينه؟!"
لم ترد وقد سبق السيف العذل... مانحة منى نظرة أخيرة بوجع... تراقبها تضع يدها بصدمة على صدرها محاربة لأجل الهواء لتستطيع استنشاق بعض الأكسجين الذي سيبقيها على قيد الحياة... شفتيها الشاحبة تخرج دون صوت نفس سؤال شيماء الهلع "لا يمكن... مستحيل... كيف؟؟!"
ولكن لا أحد تلقى إجابته وهي تندفع من الباب... ثم تلته درجات السلم مغادرة بيت ياسر الراوي إلى حين... إلى حين ضربتها الأخيرة، في حفلهم القريب أمام العالم أجمع!
*************
في بادئ الأمر عندما اندفعت شبه فاقدة عقلها نحو غرفة ابنها لم تعرف بالأساس ما الذي تريده منه... كيف تستوعب ما نطقت به ربيبتها المنهارة... ابنتها التي احتضنتها صغيرة بين يديها... ربتها دون تقصير أو كلل كما فعلت مع جميع أطفالها... رباه... الرحمة يا إلهي!!
ابنتي أنا تقف في وجهي تخبرني بخطيئتها... لا لا مؤكد هناك لبس، مؤكد المراهقة المندفعة أساءت الشرح... ابنتها لن تفعل، ابنها وفارسها لن يوقع بها...
"هي ليست ابنتكِ يا منى... متى يستوعب عقلكِ بأنكِ مهما فعلتِ ستبقى ابنة أمها... سَبنتي عاجلاً أم آجلاً للجميع أنها تشبه أمها التي حملت بها سفاحاً وهي مراهقة لم يتعد عمرها الخامسة عشر!"
صراخ ياسر في شجارهما الأخير كان يصم أذنيها وهو يقف أمامها ملقي ما يجزم به حقيقة... مخبرها أنها لو أخر فتاة في العالم لن يزوجها لوريثه... لن يجعلها لابنه المندفع الذي صرح في وجهه بكل وقاحة بحب... ابنة الخطيئة...
"رباااه... لا لا... هي لا تشبهها... ابني لن يفعل هذا... خالد الذي أحرقت كل جوارحي حتى يشب على طاعتك مهما تهور واندفع في مشاعره تجاها لن يضلل بها!"
فيعود الصوت الشيطاني الذي زُرع بداخلها كوسواس رجيم ينفث بغل "ابنة جوان إن سنحت لها الفرصة لن تتورع في توريط ابنكِ باسم الحب... ابنكِ الذي يتجرد من كل مبادئه وينساها في حضرتها!"
دمعها كان يغشي الرؤية أمامها فتتعثر بثوبها الطويل ساقطة على ركبتيها داخل الحديقة الممتدة والتي توصل لمعزله متذكرة تصريحها بنفسها في وجه نوة "خالد يخاف بالفعل من قربها منه، إذ أنه لا يتحكم في نفسه تجاهها!"
"يا رب، لا تفجعني فيه... يا رب هو كل أمل تبقى لي، لا تحطم ما أفنيت عمري مضحية بكل شيء حتى أحافظ عليه!"
"صورتكِ مهشمة يا منى... الصورة المثالية أصبحت مدمرة من الداخل كما الخارج!"
وقفت مرة أخرى وكأن النار التي تأكلها حية وكأن تلك السكينة التي دفنتها سَبنتي داخل صدرها ولم تخرجها قط تمنحها القوة لأن تتمسك بقشة أخيرة...
"خالد" صرختها كانت فاقدة لكل نفسها وهي التي لم تفقد رباط جأشها قط... لم تنهار حتى وهي تقف في وجهه ياسر مواجهة إياه بحقارته.. ونسائه!
"خالد" صرخة أخرى كانت تطلقها بجزع، بقهر، وبسقوط مدوي لكل خيوط حياتها...
وصلت أخيراً أمام باب غرفته وقبل أن تطرق الباب حتى... كان هو يفتحه مطلاً عليها بعينين مذعورتين... لم تمنحه حتى من وسط ذهوله الفرصة ليفهم سر انهيار أمه القوية، سر جنون عينيها عندما رفعت كفيها تخبط على صدره بغلٍ وهي تهتف من بين أسنانها بانهيار "ماذا فعلت بأمانتي، انطق يا ابن ياسر... كيف أوقعت نفسك أمام ربك وخنته بفعل تلك الجريمة... كيف قدرت على فعل... الز..."
لم تستطع أن تكمل تلك الكلمة البشعة وهي تخبط وتخبط عليه بقوة مزيحة إياه للداخل... بينما هو لم يبدي أية مقاومة تجاهها فقط ينظر إليها بذهول مخالط لعدم الفهم لسر هذيانها...
حاول إمساك يديها وإبعادها عنه وهو يجيبها بصدمة وتوتر "عن ماذا تتحدثين أمي؟ أنا لم أفعل أي شيءٍ معها!"
نزعت يدها من قبضته وهي تقول بهستيريا "لقد قالت أنك أرغمتها... رباه لقد وعدتها بأن تجعلها حلالك!"
عبس بينما يحمر وجهه بفعل الحرج، والغضب والحيرة! ما خطب تلك العائلة تحديداً مع "الحلال" هل لديهم طريقة أخرى لحصوله على فتاة يحبها؟!
ابتلع ريقة محاولاً أن يهدأ من روعها، من جزعها وانهيارها الغير مبرر على الإطلاق... وأيا ما كان يتوقعه عندما نطق بهدوء "أخبرتها بالفعل أني سأجعلها حلالي... وأيا كانت موانعكِ أنتِ الأخرى... ما عادت تنفع بعد أن...!"
وصفعة قوية زلزلت كيانه هي ما كان ردها... صفعة غاشمة يتلقاها لأول مرة في عمره... صفعة أيا ما دفع أمه لفعلها أيقظت وحشاً راوياً بحتاً كان ينكره... رغم معرفته بوجوده يختبئ داخله متربصاً لأية فرصة للخروج ...
صفعة مُهينة هو مطلقاً لم يكن يستحقها... أيا كانت أسبابها...
**********

عندما تلقى من حراسه قبل أمن الشركة الاسم الذي يطالب بمقابلته بإلحاح لم يستوعب للحظات... أو ظنهم ذكروه بالخطأ إذ أنه لم يتوقع أبداً أن تملك الجرأة أو القوة لتواجهه هو بالذات!
ولكن الآن بينما يتأمل عينيها الضائعتين، جسدها الذي يرتعش من قمة رأسها حتى اخمص قدميها تبخرت كل المستحيلات من وجهه!
نطق أخيراً قاطعاً الصمت الذي خيم عليها منذ دخولها باب مكتبها تؤخر قدم وتقدم أخرى، وكأنها جبنت من نوبة الشجاعة التي أيا كان السبب دافعها إليها...
"سأطلب لكِ مشروب بارد يهدأ من أعصابكِ!"
رفعت وجهها أخيراً تنظر إليه بتوتر "لا ...لا لم أتي لأشرب شيئاً معك!"
رفع حاجبه ينظر إليها بتلك الطريقة المؤذية... يدحرها، يخفيها، يجعلها تموت في جلدها ألف مرة دون أن ينطق بحرفٍ واحد... وكيف لا وهي تسمع عنه ما يتناقله الناس عبر سنين عن رجل الأعمال الشرس الذي لا يملك أية رحمة داخل قلبه "ستشربين شيئاً... قبل أن أستمع لكِ!"
لم يكن يصر على ضيافتها... بل بسهولة شديدة يتلاعب بأعصابها مذكرها بأن راشد الراوي لا يطلب... بل يفعل ما يرغبه ببساطة...
رفع سماعة الهاتف الداخلية يلقي على مديرة مكتبه بهدوء طلبه...
فركت عينيها وأنفها بتعصب براحة يدها... عاكسة كم التوتر الذي تشعر به... الخوف والهشاشة المعهودة واللذان يعلمهما يقيناً... ثم قالت "توقف... أرجوك، لقد كنت دائماً محط أملي الوحيد!"
فتح كفيه وهو يقول مدعي الحيرة "وماذا فعلت الآن يا جوان؟!"
ابتلعت ريقها وهي تحاول أن تواجه التحذير في عينيه الناريتين... وقالت الجميع يقول أنك عديم الرحمة... يخيفوني بأنك ستدعسني دون أن يرف لك جفن... ولكن أنا أعرف بأنك عادل يا راشد ولا تظلم أبداً!"
التقت نظراتهما طويلاً للحظات، قبل أن يقول بهدوء "في الماضي حاولت أن أنصفكِ، ولكنكِ تعرفين جيداً بأني لم أملك من أمري شيئاً أمام قوة والدكِ و والدي... فعقدت صفقتي بالقدر الذي سمحت به سيطرتي الوليدة... وأنتِ وافقتِ يا جوان!"
قالت بهمس شديد المرارة "لم أوافق... تعلم أني كنت أضعف من أن أوافق أو أرفض شيئاً، تعرف جيداً أن روحي معلقة بها... هل تذكر عطف أمك عليّ يا راشد، وهي تستخدم كل سلطتها بمساعدة والدتي لجعلي احتضنها ولو لساعات قليلة!!"
اعتدل بهدوء شديد مسترخي في مقعده ينظر إليها بتلك النظرة القاسية... ثم قال ببرود شديد "أنا لا أعرف ما تتحدثين عنه... أعتقد أنكِ أخطأتِ سرد الذكريات... كما أخطأتِ المجيء إلى هنا بقدميكِ!!"
هتفت في وجهه بيأسٍ غاضب "بل تعرف... ابنتي لديك وتتشبث فيها بأنانية!"
خبط على سطح المكتب بعنف كان يكفي لجعلها تصمت تماماً مبتلعة باقي حروفها داخل جوفها... ثم دون إنذار تنفجر في بكاء عنيف لم يؤثر بأي جانب منه... ثم قال أخيراً "إياكِ حتى بذكر هذا يا جوان... ما جعلني الآن استقبلكِ هو معزة لفتاة قديماً كنت أعدها أختاً... وتطلعكِ لغير تلك المكانة في خيالاتكِ فقط!"
رفعت رأسها لتقول شيئاً ولكنها آثرت الصمت وهي تسمعه يسمح لسكرتيرته بالدخول... تضع مشروب ليمون بارد أمامها ثم كوب من القهوة أمامه...
"هل من أوامر أخرى راشد بك؟!"
قال بتحفظ وهدوء يثير العجب وكأنه ما كان يرهبها منذ ثواني فقط " نعم... أغلقي الباب خلفكِ ولا تسمحي لأيٍ كان بمقاطعتي أو الدخول... وهنا أعني أياً كان صفته يا رحمة!"
هزت المرأة رأسها بأدب... ثم انسحبت برتابة، غير ناسية أن تمنحها تأمل متعجب...
فور خروجها كانت جوان تمد يدها ترتشف من الكوب رشفة صغيرة علها تطفئ شيئاً من ريقها الجاف...
عاد هو يتابع ببساطة شديدة "حسناً يا جوان... حتى تلك المكانة أنتِ فقدتيها!"
العار المعتاد كان يخيم فوق ملامحها جاعلها تنظر إليه بتخاذل وهي تقول "لم يكن رأيك وقتها راشد... أذكر أنك قلت أن هذا الكلب المسؤول الأوحد!"
قال باقتضاب "وما زلت عند رأيي... أنا لا يهمني لا رأي والدكِ فيكِ ولا غيره... ما عنيته من إخباركِ بفقدكِ مكانتكِ لديّ، بأن كل المعايير والروابط الإنسانية أفقدها عند تلويح أحدهم بأذية ابنتي!!"
قالت بدون تفكير من بين دموع ضعفها "أنت لا تفهم راشد، سَبنتي هي كل ما تبقى لي... أحتاجها في حياتي بجانبي... أرجوك راشد امنحني الفرصة لاكتساب أمومتي عبرها... أنا أموت... والله أنا أموت في كل لحظة كنت أراقبها فيها تكبر أمامي دون قدرة لي على مسها!"
قال بخشونة "وحتى أنقذكِ أنتِ أهدم عالمها هي... هل تظنين أن هناك عدلاً فيما تتفوهين به... ما ذنبها تحديداً لتدفع ثمن ما جناه الكبار... سَبنتي ستدمر يا جوان إن عرفت حرفاً واحداً مما تقولين؟!"
رباه... رباه!! هي دمرتها بالفعل بغباء... هي أخبرتها كل الحقائق البشعة دون أن تجد أي شيءٍ يردعها... لقد كانت تقاوم ألا تنهار... بأن تخبره بالحقيقة، بكل ما جرى... ولكن بقدومها هنا بدافع الخوف والحماية لنضال لإبعاده عن طريقها، بعدم أذيته أكثر ما فعلت... بمواجهة راشد مخبرة إياه بشجاعة معتقدة أن ابنتها قالت له عن مقابلتها...
لقد تلاشت كل ذرة شجاعة معدومة امتلكتها بالخوف المعتاد يتملك منها... وبالأمل الوحيد الذي أخرسها، إذ أنها تدرك بأن راشد أبداً لن يتنازل ويمنحها الحق في صغيرتها... إذاً هناك فرصة أخرى بالضغط عليه واستمالة سَبنتي نفسها!
"جوان؟!"
رفعت وجهها كالطلقة تنظر إليه من بين رموشها وهي تقول بمحاولة واهية أخرى "ستكون بخير معي، صدقني راشد سأكون أماً جيدة، تجيد احتوائها إن منحني أحدكم الفرصة!"
نظر إليها راشد بتفحص قبل أن يقف أخيراً مستدير حول مكتبه يواجهها مشرفاً عليها بطولة الفارع، بضخامة جسده التي حجبت كل الرؤية أمامها... مشعراً إياها للحظات بالفزع وهي تنكمش أكثر في مقعدها فزعاً... مما جعله يعقد حاجبيه بعبوس وهو يستريح في مقعد أمامها واضعاً مرفقيه على ساقيه وانحنى بجذعة للأمام ثم قال بنبرة حاول وضع كل تفهمه فيها ووضوحه وهو يقول "جوان... أنتِ لا تصلحين مطلقاً... لا لسبنتي ولا لأي طفلٍ قد ترغبين في الحصول عليه، إن تزوجتِ مستقبلاً!"
هلعت أكثر وهي تشيح بوجهها... بقدر ما كانت صراحته طاعنة إياها في الصميم... بقدر خزيها من تمسكها بالتستر على أمر زواجها!
تابع رغم إدراكه لكل المشاعر المهلكة والمتفاوتة التي تسكن وجهها "لا أقصد إهانة يا جوان... ولكن أنا الآخر كنت أتتبع مصيركِ لأعوام، حتى وصلت لدراستكِ الطب ورغم تعجبي وقتها ولكني فهمت أنه كان منقذكِ الوحيد، للهروب من كل ما كان يحدث فيكِ!"
"لقد حبسني لأعوام بين جدران المنزل، فلم أجد إلا الدراسة لأفرغ كل قهري فيها... ثم كان الطب الذي اخترته تخصص أطفال، على أن أجد التعويض بينهم، على أن أجد سكينة سرقتموها مني!"
تجنب ضمه معهم... وهو يقول "هذا ما قصدته يا جوان... ثقي بي، أنتِ تحتاجين دعم نفسي ومعنوي، تحتاجين لمعالجة نفسكِ، وإيجاد أدميتكِ التي أقنعكِ والدكِ بأنكِ ما عدتِ تملكينها... تحتاجين للكثير قبل أن تفكري في الاقتراب من أي طفل... فكيف تظنين ولو لحظة أني قد أسلمكِ ابنتي؟!"
لم تدرك أن ترديده لملكيته ابنتها هي بينما يحرمها منها يفقدها أعصابها بتلك الصورة إلا عندما صرخت فيه بعنف "ليست ابنتك... بل ابنتي أنا... أنا يا راشد من دُفِنت حية، أنا من تذوقت شتى أنواع العذاب... أنا من أُلقيت في منزل مرعب كالكلب الضال، فقط لتمسكي بها... هي ابنتي وحدي... ابنتي الوحيدة، إذ أني بالفعل لن أقدر على إنجاب أطفال ولكن ليس للأسباب التي تشدقت بها، بل لعجزي عن فعلها هذا كان ثمن إنجابي إياها!"
بدل أن يغضب أو يُرهبها كان الشحوب هو ما يعتلي ملامحه، مفسراً دون جهد مقصدها بما قالته... نطق أخيراً بذهول "معدوم الرحمة والضمير... كيف استطاع؟!"
كان ما زال جسدها ينتفض غضباً وقهراً عندما قالت ببرود شديد "كان يجب أن يؤمن نفسه، ابنته المنحلة قد تجد أي حقير آخر وتتسبب له في الفضيحة، ولكن ربما هذه المرة لن نجد بلال الراوي ليعترف بالطفل ولا راشد الراوي ليتبرع باحتضانه!"
أسبل جفنيه وهو يلوح بوجهه بعيداً مع فتح فمه نافخاً بضيق بحقد على ذلك المسمى أب "فيحرمكِ من فرصة أخرى في الحياة!"
تجنبت انفعالاته وهي تقول "لا أريد تعاطفك ولا شفقتك إذا لم توصلني إليها!"
لحظات كان يحاول أن يتعاطى مع كل هذا، أن يعيد سيطرته على الأمر... كون جوان أتت إلى هنا مطالبة بها، إذاً هي بالفعل كما توقع تحوم حولها... ولكن دون أن تطالها... أليس تحايلها المميت واعترافها هذا يجعله يوقن بتخمينه هذا؟!
قطع أخيراً الصمت وهو يقول بهدوء "طلبكِ بكل أسف مرفوض، أنا لا أملك الحق في قلب عالمها يا جوان... أي طلب آخر، أي شيء مهما كانت صعوبته على نفسي قد ألبيه لكِ دون تردد... عدا سَبنتي!"
هزت رأسها للحظات قبل أن تعيد مواجهته وهي تقول بجمود "سمعت أنك تنتظر طفلاً من حب حياتك يا راشد!"
قال محاولاً أن يحتفظ بهدوئه ليفهم سر ربطها بين الأمرين "هذا صحيح!"
قالت بشيءٍ من الوحشية الغريبة "محظوظة هي إذاً... كما محظوظ صغيرك الذي لن يعاني من الحرمان ووالديه على قيد الحياة... بينما صغيرتي وأنا نعاني، نتعذب بأقدارنا التي جعلت رجال معدومي الضمير يتحكمون بحياتنا، دافعين ثمن جرم لم ارتكبه وحدي!"
قال بصبر "لا دخل لصغيري في الأمر يا جوان... كما لا دخل لسبنتي لأدخلها في دوامتكِ!"
صبره، مهادنته بهذا الشكل، ارتخاء كل دروعه القاسية وتفهمه جعل ندماً عظيماً يتأكل روحها... إذ أنها أدركت بأنه يفعل كل هذا يتحمل ما تعرف يقيناً أن طبعة الآمر والناهي لا يطيقه فقط من أجل صغيرتها...
بكت... بكت مرة أخرى بمرارة موجعة داخلة في نوبة انهيار وهي تتذكر ما فعلته بها... ترى ما حالكِ الآن صغيرتي... ترى ما نتيجة ما فعلته بكِ أمكِ الغبية...
وقف راشد مرة أخرى مقرب مقعده منها ثم سمح لنفسه أن يمسك يدها جابرها على النظر إليه بعينيها المذنبتين المتوسلتين وهي تقول بضياع متحسر "ابنتي يا راشد لا أستطيع نسيانها بسهولة... سَبنتي تعيش هنا داخل قلبي كيف تطلب مني كما الجميع ببساطة، وأنت تعرف الآن معنى أن يرتبط فؤادك وروحك بجزء صغير منك يتمثل فيهم!"
اغمض عينيه للحظات قصيرة... أه لو أنك تعرفين يا جوان أني غير واثق بالأساس بتلاعب امرأة حياتي تلك مثيرة كل مخاوفي تجاه ذلك الطفل!
قال أخيراً "وأنا لا أستطيع منحكِ ابنتي ببساطة يا جوان أنا بالفعل أتفهم الآن كل أسبابكِ... ولكن أيضاً لن أرضخ لها يوماً"
"هي ابنتي!" هتفت باعتراض طفولي متشبثة بانتمائها إليها... ذكره بنبرة مشاكسته عندما تعترض على قرار يعارض رغبتها، مما دفعه ليبتسم مرغماً وهو يقول "ابنتنا!! هل تريدين إلحاق الأذى بها فعلاً... هل تريديني بعد كل هذه السنوات أن أحطم عالمها البريء المسالم الذي بنيته بجهد حولها فقط لأنكِ تريدين يا جوان... أليست تلك أنانية بحتة منكِ... ماذا تنتظرين مني تحديداً لأفعل... أجر "ابنتنا" من يدها وأخبرها (مرحباً سَبنتي، هذه أمكِ التي حملت فيكِ وهي مراهقة عندما خدعها والدكِ باسم الحب)؟!!"
شحب وجهها من الحقيقة الفجة مما دفعه ليكمل "هل حقاً هذا ما تريدين مني فعله... هل فكرتِ للحظة واحدة يا جوان قبل أن تأتي مطالبة بهذا... طلبكِ مرفوض بكل أسف.. ورجائي الأخير منكِ، ابتعدي عن هنا... عن "ابنتنا" قبل أن تجبريني لفعل مكروه على نفسي!"
ترك يديها أخيراً وهو يلتفت نحوها مراقبها تقف بتخبط عاجز... ليس من أثر كلماته فقط ولكن من جحيم عرفته الآن... بحجم الجريمة التي ارتكبتها في حق ابنتها... هي بالفعل كانت أنانية معمية بالتلهف والاشتياق... رباه ماذا جنت يداي؟!
بينما عيناه تلتقط أخيراً بغرابة فتحة الباب البسيطة جداً وكأن أحدهم فتح مقبضه مستعداً للدخول وتراجع...
هل مديرة مكتبه الحمقاء لم تتأكد من إغلاقه المحكم... على كل حمداً لله أن لم يقاطع أحدهم جلسته تلك... فور انصراف جوان بقدمين متخاذلتين كان يرفع هاتفه وهو يقول "راقبها... إن افلتت منك هذه المرة، لن يعجبك ما قد تناله!"
**********
وقفت جوان أمام باب شركات الراوي الضخمة تنظر لحياتها التي بُعثرت بضياع... كما تتأمل جواز سفرها الذي أخرجته من حقيبتها... كادت أن تفتح هاتفها عارفة بأنه مؤكد فقد عقله في البحث عنها "كفى أذى... راشد محق... أنا يجب أن أعود ليدي أبي، كما قال في محادثتنا القصيرة، لا مفر ولا مهرب منه... سأعود عارفة أن ما من نجاة هذه المرة وربما أنا أستحق!"
دفعت جسدها في أول سيارة وقفت بطريقها وهي تعيد وضع هاتفها في حقيبتها عادلة عن قرارها تماماً...
سيارة معتمة لم تتبين من وسط تشتتها حتى وجه سائقها الذي طلبته عبر هذا التطبيق، وأي كان ما تظنه وهي تخبره بمرارة "إلى المطار الدولي من فضلك!"
لم يكن إلا صوت رجولي حاقد تعرفه يقيناً مجيبها "ليس بهذه السرعة... هناك حساب ثقيل لم ينتهي بيننا يا ابنة.....؟!"
************

كانت تشعر بأنفاسها عالقة داخل صدرها المكتوم وهي تخبط وجهها بالمياه... مرة وراء أخرى وأخرى، علها تُهدئ نيران الصدمة التي أهلكتها... رفعت وجهها ونظرت للمرآة تتأمل عينيها المتوسعتين بذهول لم تستفق منه بعد... بشحوب ملامحها التي هربت منها أخر قطرة من الدماء... بصوته الذي يدوي بضجيج مؤلم لقلبها داخل أذنيها "ابنتنا... ابنتنا يا جوان... رجل خدعها باسم الحب، رباه لا يعقل أن يكون بتلك البشاعة، الرجل الذي أحبته، الشاب الذي تعلقت به منذ نعومة أظافرها... ذلك الذي رفضها، لفظها وهي ابنة الثلاثة عشر ليس لشيءٍ إلا الحفاظ على براءتها، حتى لا ينتهك طفولتها... لا يمكن أن يكون بتلك الخسة حد أن يوقع بمراهقة أخرى لا تكبرها إلا بثلاثة أعوام!!
رباه.. لا.. لا... هي تعلم جيداً وتعرف عن علاقاته المتعددة عن صولاته وجولاته وهو يغزو ظافراً بأكثر من قلب فتاة... يطاردها بغريزته الشرسة حتى يلتهمها، يحطم قلبها، متلوي حتى يحصل على كل ما يريده... ولكنها أيضاً كانت تعلم أنه لم يخدع إحداهن قط... إذ أن أي واحدة منهن كانت تعلم جيداً أنها مغامرة في حياة النمر الوسيم برجولة جارحة... نمر الراوي الذي لن يقبل بأقل من امرأة تضاهيه عناداً وقوة... ولكن أن يضلل بها... أن تكون له ابنة في الخفاء لفظها؟!
"لا مؤكد.. كابوس... هذا كابوس.. نوة قالت أن كل ما ربطه بها وهم نسجه الأكبر سناً... ابنتنا... لا تدفعيني لفعل مكروه... لن أؤذيكِ جوان!"
هتفت بقهر من بين شفتيها بلا أخرى وهي تعود تخبط وجهها بالماء بيأس علها تفيق، علها تمحي اعترافه الذي لا يقبل الشك... هنا، يقابلها هنا؟!!
إذاً سَبنتي لم تكذب... إذا تجرأت وأتت بشجاعة لعرينه جاعلة إياه يرخي حصونه يعاملها بكل هذه الرقة، بكل هذا التفهم، بأن يقربها لهذا الحد يعني شيئاً واحداً... هل يحاول أن يحيي ماضيه معها على استحياء... هل سَبنتي محقة فيما قالته... راشد يخطط لضم صغيرها إليه؟!
لم تستطع ساقيها المرتعشة تحملها أكثر... فانصاعت لطاقة جسدها المستنفذة وهي تنهار على أرضية حمام مكتبه... ما زالت نظرة الصدمة تحتل عينيها بينما ذراعيها يضمان صغيرها بقوة... متذكرة بقسوة عند ذهابها إليه هي كل ما أرادته طرح سؤال مباشر عن ذاك الغباء الذي قالته سَبنتي... عن معرفة الحقيقة منه علّ عقلها يهدأ بعد ما قالته نوة بالذات وأقلقها... إلى هذا الحد كانت هي غبية؟! إلى هذا الحد كانت تأمل ألا يكون كل ما عاشته مع راشد خداع، ليتها ما هددت مديرة مكتبه، ليتها ما أصرت أن تقتحم مقابلته تلك بعد أن اندلعت غيرتها الحارقة كامرأة وهي تخبرها عن المرأة التي ترافقه... ليتها ما عادت بالأساس من عند نوة... وجددت أمل فيها كانت تنكره للجميع "إلى هذا الحد هي ضعيفة... إلى هذا الحد ما زالت تدور في حلقته النارية... رباه خلصني من هذا العشق المسموم!"
"لماذا يا راشد... لماذا لقد كدت أن أصدقك، أن انصاع لعقلي الغبي الذي وثق في نزاهتك... لا أنا كنت امرأة حياتك كما ملأت عقلي وقلبي بأكاذيبك... ولا كان صغيري أول فرحتك كما ادعيت... حتى هذا التميز الذي تشدقت أنك مطلقاً لن تمنحه لغيري سرقته مني!"
كفيها غطت وجهها، محاولة أن تتحكم في صوت أناتها الموجعة... حتى لا يكتشفها أحدهم يوماً... رغم كل شيء لن تسمح للمحة ضعف أخرى لأحدهم... لراشد بالذات...

"جوان!! هل يعقل، إن حدث بالفعل كما سمعت بأذنيها منذ دقائق ليست طويلة لماذا تركها متخلياً عنها وهي كانت زوجة محتملة بالفعل؟!"
آه خدعها باسم الحب... ربما كما خدعها هي، رباه ربما كل ما عشته معه من غرام كان مجرد كذبة كبيرة جداً أُجبر أن يكللها بعقد زواج... هل يعقل أن تكون أحبت رجل نذل إلى أبعد حد, حقير، ينكر نسب ابنته, مخادع، أوهمها أنها الأولى، لتكتشف بعدها أن العديدات سبقنها إليه؟!
همست باختناق "حتى الشيء الوحيد الذي تبجحت برغبتك به مني، بأني الأولى ولن تسمح لأخرى بمشاركتي فيه كذبة، مجرد وهم وأكذوبة كبيرة... وأنت لديك ابنة، ابنة احتضنتها ودللتها بينما وأدت حلمي أنا في ابنتي وتركتني لأعوام أحترق في جحيمي!"
عبثا كانت تحاول أن تقنع عقلها بالهروب من ذلك الألم... ولكنها لم تملك القدرة على تخطيه "لماذا أنا... لما تفعل بي هذا؟!"
"خططه من أجل الطفل... أخي أعني ابن أخي سيقيم معنا"
صوتها كان يتردد بصدى مؤذي داخل رأسها مستعيدة كل حرف نطقت... برقت عيناها أخيراً فاتحة من جديد أبواب جحيم أشد فتكاً "أنت رجل منتهي يا راشد، رجل يجب أن يذُق من نفس الكأس المر الذي نلت أنا منه وجوان من قبلي... تريد أطفالك؟! حسناً أنت خسرت لتوك كل عقود ملكيتك في الطفل وأنا قبله"
***********

وقف نزار مستنداً إلى الحاجز الحديدي في شرفة والده الأنيقة، كما أركان هذه الشقة الفارهة في أشهر الأحياء المصرية والتي اشتراها فور أن هبط إلى مصر... مساعده في إنهاء كل عقودها إيهاب بالطبع!
لم يفهم حتى اللحظة لماذا لم يكتفي بالإقامة في فندق هل يخطط للبقاء بالفعل... أم كما لمح سابقاً أنه ينوي العودة لبلده عقب انتهاء محاكمة أمه وحصوله القانوني على رد اعتباره... بل وتصحيح نسبه!
"أمه" هناء... لكم اشتاق لوضع رأسه على صدرها والانهيار... الانفجار في البكاء دون خجل، يشكوها كل آلامه كل خيباته التي تتعاقب وراء بعضها... مخبرها عن جرحه الذي لن يشفى منه أبداً... منها ومن الفتاة التي اعتقد أنها أحبته ولو لجزء صغير من فرط عشقه إياها...
أمه التي نحرها بدمٍ بارد دون أن يرف له جفنٌ واحد... من أين حصل على تلك القسوة، من أين أتاه ذاك الفؤاد الجامد الذي لم يرحمها حتى اللحظة رغم كل مشاعره التي أقرها لنفسه الآن دون هروب معتاد منذ ما حدث... تُرى تشتاق إليه، تُرى ستغفر له يوماً أفعاله الشيطانية... تباً... وما خصه فيها هي التي يجب أن تطلق تلك الأسئلة... لقد اكتفى فلا أصبح يريد غفرانها ولا قربها.. فقط عقابها كما عاقبته بالوجع والكذب لأعوام طويلة!
يد والده كانت توضع على كتفه مخرجة إياه من إسهابه... يمد يده بمخفوق الحليب والموز وهو يقول "أين وصلت، هابر الصغير؟!"
تناول منه الكوب متجنباً الإجابة على سؤاله وهو يقول "كيف علمت أني أفضله؟!"
حرك جوشوا كتفه بأناقة رجولية وهو يقول بهدوء "هناء أخبرتني... إذ أنه مشروبي المفضل أيضاً..."
نظر إليه من فوق كتفه ثم قال ساخراً "ماذا هل تعقدون مواعيد غرامية الآن، معيدان الماضي؟!"
جلس جوش عاقداً ساق فوق أخرى وهو يقول باستفزاز "لا نحتاج لإعادته... إذ أن غرامنا ما زال مشتعلاً كما هو!"
التفت إليه نزار بحدة وهو يقول "لا تحلم حتى، أمي لا تريدك، بل هي تكرهك!"
ارتشف من كوبه ثم قال بتلاعب "هل تراهن، ربما بعد انتهاء كل تلك الحقارة التي افتعلتها... سأدعوك لحضور عقد قراننا من جديد!"
زمجر نزار بغل ثم قال باندفاع أعمى "إن اقتربت منها، إن حاولت وضع إصبع عليها... سوف..."
ادعى جوش الصدمة وهو يقول "ماذا... ستقتل أباك... يا خسارة أملي بك!"
تجهم نزار وهو يقول "ليس أملك وحدك... لقد خيبت ظن الجميع!"
أشار جوش للأريكة المزدوجة التي احتلت جانب الشرفة وهو يقول " تعال... اجلس بجانبي ودعنا من غيرتك العمياء تلك... أريد أن أريك شيئاً!"
في فعلة نادرة كان ينصاع لطلبة دون رفض... للحظات منحه جوشوا مشاعر كان كلاهما يشتاق إليها بحدٍ موجع وهو يحيط كتفيه بذراعه يدعمه دون كلماته... حتى قال بهدوء "جدتك تريد رؤيتك؟!"
لمعت عينيه الخضراوين الشبيهة لعيني أبيه قبل أن يقول بجهل "عن أية جدة تتحدث... لقد ماتت قبل أن أولد حتى؟!"
تنهد جوش بصبر وهو يخرج من جانبه هاتفه ذو الشاشة الكبيرة ثم قال بصبر "لا أعني جدتك من جانب هناء... بل والدتي أنا... أنت بالطبع فهمت أن لك عائلة من ناحيتي، وبأني لست معدمها!"
سخر بتهكم معتاد "أه... بالطبع العائلة الملكية التي لا أليق بمعاييرها!"
بكبر معتاد كان يقول جوش "أخبرتك، بكثير من الجهد قد تتحول من "خروف العائلة الأسود... لحمار أبيض!"
"لا أسمح لك بإهانتي!!"
عبس جوش وهو يقول "لم أكن أهينك يا بني... بل أصفك بإنصاف شديد!"
لم يرد نزار أيضاً فقط حدق فيه بغضب شديد وهو يعبث بهاتفه مهملاً النظر إليه... ثم مد هاتفه أخيراً وهو يقول "تلك عمتك... أنت تملك لون شعرها المتدرج ما بين البني والأشقر، هي أصغرنا وأقربهم إليّ، مشاكسة قليلاً صاخبة... تشربت طبعها الناري الرافض لأية قيود قد تفرضها العائلة منيّ!"
ابتسم نزار وهو يتأمل المرأة التي أشار إليها جميلة شديدة الأناقة والرقي... تابع جوش بنبرة غلفها الألم "الوحيدة التي آمنت بوجودك... التي كانت تدفعني لعدم اليأس من إيجادك وهناء قط!"
"ما اسمها؟"
ابتسم جوشوا بسعادة إذ أنه لم يرفض محاولته لمعرفته بعائلته الحقيقة بل يهتم "الأميرة أدلين... تحب أن ندعوها أدي مجردة!"
قلب صورة الهاتف متغاضياً عن صور عدة لشقيقته التي عكست بالفعل شخصية منطلقة، متمردة، فقط عبر صورة!
ثم ظهرت صورة أخرى لرجل يشبهه لحدٍ كبير بعينين صارمتين متكبرتين يثيران داخل النفس الرهبة التلقائية "هذا البرنس إيفرست... ثق بي لن تحبه مطلقاً... إذ أني أنا الآخر رغم احترامي إياه أرغب في ضربه طوال الوقت"
ضحك نزار رغماً عنه وهو يراقب ملامح والده التي انقلبت للحنق وهو يتابع "أنا أشعر أحيانا أنه لا يحب نفسه بالأساس إذ طوال الوقت يتذمر رافضاً كل شيء أو أي شخص!"
قلب صورته أخيراً ليصل إلى امرأة قد تعدى عمرها ربما السبعين عاماً بكثير ليطل من عينيه الحنان الشديد والحنين التلقائي وهو يقول "الأميرة المبجلة "فيفيان" والتي تعد في نظري ملكة.. ملكة على قلوب الجميع... وهي تكاد تجن لملاقاتك، لضم حفيدها الذي أجزم الجميع بعدم وجوده، بجنون ابنها الذي بقي يبكي على أطلال امرأة متوحشة الطباع كما أصولها العربية!"
عبس نزار وهو يقول بعدم ارتياح "ولماذا تريد ابن امرأة ، من الواضح أنها لا تحبها، مؤكد لها أحفاد غيري!"
حدق فيه جوش مدركاً سر انقلابه، عارفاً بكرهه أي شخص قد ينظر لهناء بتلك الطريقة بأن يكون أذاها في الماضي ثم قال بهدوء "هذا صحيح... ولكنك حفيدها الوحيد مني أنا... من ابنها الذي ساومته على سلطته ولقبه بل وميراثه في عائلته محاربة إياه ألا يرتبط بالفتاة التي عشقها حد الجنون... حد أن يقف ملقياً كل هذا في وجهها دون تردد!"
ابتلع نزار ريقه وهو يقول "بالتأكيد لم تفعل... لن تؤذيك بتلك الطريقة!"
قال جوش بهدوء "بلا فعلت عقب معرفتها بزواجي من أمك مدنياً جن جنونها... مطالبة الملك ذاته أن يجردني من كل صلاحياتي... بأن يحرمني من لقبي كأمير... حتى وإن كان ترتيبي يقع في المائة والخمسين في العرش، أي أني من فرعٍ بعيد جداً ليضر بهم... ولكنه ببساطة انصاع لها وفعل... ثم حرمتني هي من كل أموال أبي بموجب القانون... لتقع تحت يديها وحدها وتكون المتصرفة فيها..."
أظلمت عيناه بمشاعر عنيفة وهو يقول بحقد "جمعيهن يعتقدن في أنفسهن أنهن يفعلن الصالح... بأنهن ينقذن أولادهن من خطر وسوء اختيار، مقنعات أنفسهن بأنهن على حق، العارفات لكل شيء... بينما الحقيقة الوحيدة ما يحركهن هو الأنانية البحتة... الخوف من فضيحة قد تنزلهن من برجهن العالي داعسات إياك بأقدامهن دون أن يرف لهن جفنٌ واحد، دون أن تأخذهن شفقة بأوجاعك!"
قال جوشوا بجفاء وهو يعيد هاتفه مكانه "هن... هن... هل انتهيت من وصلة تقريع هن وتحويلهن لمجرد وحوش مرعبة أم ما زال في جعبتك المزيد؟!"
رفع ذقنه يحدق فيه بجفاء دون أن تحرك فيه سخريته شيئاً... تابع جوش بهدوء "أنا لم أخسر أمي قط من أجل تلك الأشياء الفانية... حتى وإن كانت آلمتني بقوة موجعة إياي... كيف امتلكت تلك القسوة تجاهي... نفس سؤالك بالضبط وإن اختلف الأمرين... أيضاً اختلفت ردة الفعل... إذ أني ذهبت إليها قبلت رأسها وأنا أخبرها أني أنتظر عفوها يوماً... بأني أشكرها لخوفها هذا، وبطريقة ما هي حررتني من تلك القيود التي نفرتها روحي باكراً جداً!"
قال نزار بجفاء "ما الذي تحاول قوله؟!"
نهض جوش من مكانه وهو يتناول كوبه الفارغ... ثم قال "إن كنت حاربت أمي مدخلها في قضايا وفضائح لحطمتها، هشمت أمومتها وعمرها وهي تزرع بداخلي أشياء كثيرة جميلة وحدها كانت مسؤولة عنها... إذ أن والدي كان أكثر انشغال في نشأتي!"
قاطعة صارخاً بحدة "أمك لم تخفي عنك حقيقتك... لم تلصق لك اسم رجل آخر عذبك بكره وجهه إليك دون أن ترتكب ذنب حقيقي!"
فتح جوش ذراعيه ملوحاً بنفاذ صبر "إذاً استمر في قضاياك... أقتل هناء يا نزار لن أمنعك... خذ حقك المزعوم منها... من امرأة هربت من رجل ليس من عقيدتها، من فتاة صغيرة لجأت لعائلتها هلعة تحملك بين أحشائها وآثار التعذيب على جسدها، فتاة صغيرة كانت طالبة لديّ أحببتها حب أعمى حد إغرائها ثم سرقت كل قبس من النور بداخلها ...عاقب تلك الفتاة، أقضي على المتبقي منها... لن يقف في وجهك أحد... ولكن بعدها تعال وأخبرني إن كنت ارتحت أم لا... إن كانت نار انتقامك بردت، إن كان حقك المزعوم هذا عاد إليك بعدل... إن حكم القاضي بإعادة ماضيك الذي تكرره كالطفل المزعج... إن امتلك ذلك القاضي مفتاحاً سحرياً يعيد ما جنته هناء وأنا قبلها!!"
راقب الدماء تنحسب من وجه ابنه دون أن يملك القدرة على قول شيء... إذ كانت المأساة في كلمات والده أعظم من أن يتمكن من إيجاد رد مناسب يستوعبها...
منحه جوش ظهره وهو يقول جالداً إياه ببرود شديد "انتهى وقت الحديث... هناء تريدك أن تفكر في حياتك بعد تجاوزك إياها, بعد زجها بين قضبان السجن، وبعد تلويث ثوبها الطاهر عبرك... إلى هذا الحد هي ما زالت أم وتهتم... بينما أنت بني بالفعل لم تكن تستحقها كما أبوك!"
غادره أبوه أخيراً تاركه يغرق في تخبطه في محاربة أشباحه، في تضارب أفعاله المتناقضة مدركاً بهلع أن أوان أي تراجع حتى وإن رغب به قد فات... لقد كان موعد جلسة والدته الأخيرة في الغد القريب!
لقد فقدها... فقدها كما لفظته صاحبة البحرين دون أمل في العودة يوماً... ووالده الذي كَفر عشرين عاماً دون أي أمل خير دليل...
هناء الكردي كما شيماء الراوي...لا يغفرن أبداً.
*********
انتهى
قراءة سعيدة :harhar1 ::ma3 rwdh:


‏‫

ru'a likes this.

Nor BLack غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-19, 11:52 PM   #1217

besomahd
 
الصورة الرمزية besomahd

? العضوٌ??? » 127637
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 391
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » besomahd is just really nicebesomahd is just really nicebesomahd is just really nicebesomahd is just really nicebesomahd is just really nice
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة nor black مشاهدة المشاركة
شظايا القلوب الفصل العشرون

‏‫يتبعععععععععععععععععععع عععععععععععععععع :f_031::f_031: :f_031::f_031::f_031:
[/align]
[/size]

#شظايا_القلوب

#الفصل20

الخذلان !!
من لا يسمع النصيحة التي تقدم له اليوم مجانا سيدفع فيها ثمنا غاليا من الندم غدا !

الخذلان ربما كان العنوان الأنسب لهذا الفصل من وجهة نظري ! فرغم أنه فصل أحتار في إيجاد وصف مناسب له وربما أنسب وصف هو وصف نور له بداية المعجنة (معجنة سعيدة إن شاء الله 🤪🥴🤕)

لكن شعوري خلال القرأة هو ببساطة ( الخذلان ) وكأن تلك الشخصيات هي حقا بشر من لحم ودم أعرفهم عاشرتهم ووثقت بهم ثم خذلوني !! ولا أدري بمن أبدأ ومن خذلني أكثر أو قام بما لم أتوقعه منه ؟! ده غير طبعا شعورها جميعا بالخذلان سواء من الآخرين أو الأسوأ خذلان أنفسهم بأنفسهم !

- منى القاضي : كانت فعلا الصدمة بالنسبة لي هذا الفصل ؟! فتلك السيدة والأم أنا احترمتها حقا سواء اتفقت معها أو اختلفت ورأيتها استثنائية سواء كأم أو كإنسانه لكن اليوم صدمتني أنها عادية مثل الآخرين بل وتخضع لأحكام المجتمع الظالمة المجحفة هي الأخرى وأنا من لم أشك أبدا في عدلها ونزاهتها ! 😔

قد تكون جملة صغيرة لكنها أثبتت لي أنها مثل الجميع تُدين جوان وتعتبر أن حمل المراهقة ابنة الخامسة عشر سفاحا ذنبها وحدها ويدل على انحرافها وسوء خلقها الذي قد ترثه ابنتها منها ؟!! لم أجد في كلامها وأفكارها أي أتهام لعزام أو تبرئة لجوان ؟! كل دفاعها كان أن سبنتي ابنتها هي وبالتالي يجب أن تؤتي تربيتها فيها ثمارها وتشبهها هي ولا تشبه أمها التي ولدتها ؟!! نظرة أحزنتني فعلا لأنه رغم رفضي لموقف جوان وما فعلته بسبنتي حين كانت كالدبة التي قتلت صاحبها ورفضي أن يكون استعادة حقها على حساب حق سبنتي لكن المؤكد والراسخ في عقلي وقلبي أنها ضحية بريئة 100% لنذل وضيع انتهك برأتها ودمرها وآباء لا يصلحون حتى لحمل اللقب وقبلهم وبعدهم مجتمع معاق ذهنيا متنمر يقتات على ضعفاءه العيب فيه أقوى وأهم من الحرام !

ناهيكم عن الفكرة العجيبة أن الخير والشر وراثة ؟!! فكرة تنافي العلم والدين معا ! الجينات الوراثية تقتصر على السمات الجسدية والتشريح وعلوم البيولوجي والفسيولوجي عموما ولا تتعداهم لعلوم الاجتماع والنفس ! نحن نرث جينات أهلنا وأمراضهم الوراثية لكن تنتقل لنا طباعهم وأخلاقهم بالمحاكاة والعشرة والطبع بالتطبع ! كل مخلوق يولد على الفطرة والحياة بعدها من توجه فطرتنا لمسارها الصحيح أو تضل بنا ونضيع الطريق !

للحق شعوري مع أفكار منى تلك كان ( حتى أنت يا بروتس ؟ إذاً فليمت قيصر ! ) 😭

طبعا منى أيضا تعش أقسى شعور بالخذلان هذا الفصل من فارسها المسكين اللي أتذل يا كبدي بكلمة الحلال لما هيكرهوه فيها ! ماهو برضه يا شيخ خالد الحلال والعيلة الواطية دونت ميكس ! 😜😂

  • لورين أيوب : أيضا صارت تخذلني يوما عن يوم ! لدرجة أني كدت أشفق على مفضوح ومعاناته معها ؟! 😱 كدت ولم أفعل لأن كله سلف ودين وذنب ناس بيخلصه ناس ! لكن حقا حين اعترضت ورفضت زواجهم لأن كلاهما ليس في وضع نفسي مناسب لربط حياته بأخر , توقعت أن تكون ذنب جديد في حياة ممدوح وأبدا لم أتصور أن تسبب له هي العذاب والمعاناة ! الحياة الزوجية مشاركة مركب بمجدافين لا تطفو بمجداف واحد , قلت قبلا عند استخدامها وسائل منع الحمل دون علمه أو موافقته أنها اعتادت الحياة وحدها وأن تكون المتصرف الوحيد فيها فلم تتعود بعد على شريك متساوي تشركه في قراراتها وخياراتها وبعد نيلها الوصاية عليه الأمر صار أسوأ وصارا كما وصف بدقة كأنهما رفيقا سكن وليس زوجان ! لكن لا يبرر هذا ما تفعله وعزلها نفسها عنه وهي أدرى الناس بحالته النفسية وهشاشة وضعه حيث كانت تتابع حالته مع طبيب نفسي ثم فجأة كأنها نست أو تناست الموضوع وصار كل اهتمامها منصب على صحته الجسدية واستعادة قدرته على المشي ؟!! وما فائدة إن يصبح سليم معافى الجسد إن لم يصبح معافى النفس ؟! هل لنخرج للعالم من جديد وحش في كامل صحته وتجبره ؟!! ثم موقفها من أختيها ؟! لا أدري هنا خذلتني أم خذلتهم أم خذلت نفسها ؟! أخر مستجداتنا عن الموضوع أنها قررت فصل علاقتها بأختيها عن أبيها وبعد تعرف فرح عليها وتذكرها وتعلقها بها لا أدري لما تمنع نفسها عنها وتخذلها وكأنه ينقصهم المزيد من الخذلان ؟! فرح هي أكثر من رافقها من أخوتها قبل أن يفترقوا ومن وعدتها بأن تجدها وتستعيدها ومن ظلت سنوات تبحث عنها دون كلل ومن تعرف ما عانته مع تلك العائلة المجردة من الإنسانية ؟! فرح قالت أن لورين مفتاحها لاستعادة كل ما سُلب منها وأهمه التوازن النفسي وأنا أرى أن فرح المفتاح الأول للورين لنفس الغرض فلما الخوف والتردد إذا ً ؟!! لا أدري حقا لقد كانت لورين أكثر شخصية أحببتها وساندتها في شظايا وما يحدث لها ومنها يحزنني حقا ويبدو كما قال مفضوح لورين تنحت جانبا واحتلت مكانها لوسيرو أنخيل لأجل غير معلوم ! سأسجل هذا اليوم كيوم تاريخي في تاريخي مع شظايا حيث أصبحت أقتبس واستشهد بأقوال مفضوح وأكاد أتعاطف معه ومع شعوره هو الآخر بالخذلان ؟! 🥶 وماذا بعد يا زمان ! رايحة بي على فين يا دنيا ؟! 🙈😂
  • سبنتي : يا حبيبتي يا بنتي اللي ما عارفة أزعل منك ولا عليك ؟! 🥺🥺😭 لن أقول أنها خذلتني أو صدمتني فهي طبعا أكثر من يشعر بالخذلان الآن من الدنيا كلها 😢 لكن رغم تفهمي التام لدوافعها وصدمتها لكن لا أدري أملت وتمنيت منها الأفضل وهو ما لم يحدث للآسف ! سبنتي تربية منى وراشد أخذت منهم القوة والعزم نعم لكن ظننتها أخذت منهم العدل والأنصاف وتحكيم العقل أيضا وليس فقط جبروتهم وقوتهم في التعامل ! لم أتصور أن تُدخل من لا دخل له في انتقامها ! أنا بالطبع ضد الانتقام كفكرة عامة فالانتقام لا يرد حق ولا يبرد حرقة قلب , أنا مع استرداد الحقوق وهذا للآسف في حالة سبنتي مستحيل وكان الأحرى والأكثر حكمة ورحمة أن يدع الجميع الماضي يرقد بسلام دون نبش قبوره ! غلطة نضال وجوان ولا ذرة شك عندي في حكمي عليهما ( قاتل الله الغباء والأغبياء ! )
ربما لا توجد أسرار تبقى طي الكتمان للآبد وربما حتى كانت الغاية من كشفها نبيلة لكن الغاية لم ولن تبرر يوما الوسيلة وأنا أرى أن الطريقة التي كُشفت بها الحقيقة لسبنتي كانت أكثر بشاعة مجردة من الرحمة أكثر حتى مما فعل ياسر مع نزار حتى إن اختلفت النوايا ! وكما كنت مقتنعة أن حقيقة نزار كانت محتمة الظهور مهما طال الزمن لكن يبقى ذنب منشم وأبوها في حقه ثابت في نظري يبقى أيضا ذنب نضال وجوان ثابت وبالعكس وضع نزار أفضل من سبنتي وهناك فائدة من كشف الحقيقة وهي استعادة أب لابنه والعكس , وهو ما عاش كلاهما يحلم به ويتمناه ، يعني نزار على حجم خسائره خرج من كل الكابوس ده بأب يحبه يهتم به ويرعاه ومعه عائلة جديدة أيضا وحقق حلم عمره بينما كلما فكرت لم أجد فائدة واحدة حتى لسبنتي من كشف الحقيقة ! ماذا ستستفيد إن علمت أن عزام أبوها البيولوجي الذي نفرها ورفضها ؟! لا شيئ غير المهانة والجرح ! اعتقادها أن والدها المزعوم ( بلال الراوي ) أحبها لكن لم يكتب له العمر ليقوم بدوره كأب معها وكان عوض الله لها في أبوة راشد أفضل بكثير من الحقيقة الجارحة والمهينة في رأي ! ببساطة سبنتي رغم أنها رسميا يتيمة لكن هي حقا لم تفتقد لمشاعر الأمومة والأبوة وأظن أن راشد ومنى مهما كانت عيوبهم أفضل من عزام وجوان كآباء وأديا دوراً أفضل معها من لو كانت الطفلة بقت مع جوان ( لن ندخل عزام في المعادلة بما أنه نفض يده من الأمر كله من الأساس ولا يوجد أبوة بالإجبار !) يعني إن كانت هناك فائدة محتملة من كشف الحقيقة فهي لجوان وحدها ( حتى هذا مشكوك فيها في رأي ) بينما الخسارة كلها لسبنتي ! منتهى الأنانية فعلا كما توصلت جوان بنفسها لهذا الاستنتاج في النهاية !

المهم نعود للوسيلة فحتى لو كشف الحقيقة حتمي فليس بتلك الطريقة الذابحة وليس لحقيقة مغلوطة ؟! في رأي لو عرفت سبنتي من البداية أن عزام أبوها البيولوجي ولم تشك في راشد لكان الأمر أخف وطأة عليها رغم الصدمة فما تشعر به سبنتي الآن هو الخذلان والخيانة في أبشع صورهم ! شعور مشابه كما قلت لشعور بدور عند خيانة راشد والتي أثق أنها لو تزوجت زواج تقليدي من أي رجل ما وخانها ما كان الأمر ليكون ذابحا وطاعنا في القلب والظهر معا كما كانت خيانة راشد ! وهذا بالضبط نفس شعور سبنتي وما حولها لوحش يأكل الأخضر واليابس ويحاسب الجميع على خذلانه وخيانته بينما هناك ثلاث أشخاص فقط هم المسؤولون عما حدث لها ومن يستحقون الحساب ومنهم واحد في ذمة الله وهو بلال الراوي !

يتبع حتى لا أتجاوز عدد الكلمات المسموح به للبوست 😅




besomahd غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-19, 11:54 PM   #1218

Zozaaaaa

? العضوٌ??? » 427865
?  التسِجيلٌ » Jul 2018
? مشَارَ?اتْي » 80
?  نُقآطِيْ » Zozaaaaa is on a distinguished road
افتراضي

💖💖💖💖💖💖💖💖💖👌👍👏👏👏👏

Zozaaaaa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-11-19, 11:58 PM   #1219

Hoda.alhamwe
 
الصورة الرمزية Hoda.alhamwe

? العضوٌ??? » 456087
?  التسِجيلٌ » Oct 2019
? مشَارَ?اتْي » 273
?  نُقآطِيْ » Hoda.alhamwe is on a distinguished road
Rewitysmile25

جاري القراءة تسلم ايدك يانور ❤❤❤

Hoda.alhamwe غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 26-11-19, 12:10 AM   #1220

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
Icon24

فصل جبار واحداث محورية وتغير جذري في الرواية
دمتِ دائما في ابداع لا ينطفىء


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
#شظايا القلوب ... رومانسية .. اجتماعية .. درامية

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:58 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.