آخر 10 مشاركات
وآخرون يعشقون *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : انسام ليبيا - )           »          43 - الحاجز - نبيل فاروق (الكاتـب : MooNy87 - )           »          5 - هي في حياتي - شريف شوقي (الكاتـب : حنا - )           »          تحميل رواية عندما يعشق الرعد"رحم للإيجار"للكاتبة ريحانة الجنة\عامية مصرية*وورد وتيكست (الكاتـب : Just Faith - )           »          57 - جدار الماضى - شريف شوقى (الكاتـب : MooNy87 - )           »          الوصية ـ ربيكا ونترز ـ 452 ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          روايه بين مد وجزر بقلم ... إيمان مارش (الكاتـب : الاسود المغرمه - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )           »          هل حقا نحن متناقضون....؟ (الكاتـب : المســــافررر - )           »          متزوجات و لكن ...(مميزة و مكتمله) (الكاتـب : سحابه نقيه 1 - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree508Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-01-21, 03:25 PM   #771

شموخي ثمن صمتي

? العضوٌ??? » 179150
?  التسِجيلٌ » May 2011
? مشَارَ?اتْي » 2,118
?  نُقآطِيْ » شموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond reputeشموخي ثمن صمتي has a reputation beyond repute
افتراضي


شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

شموخي ثمن صمتي غير متواجد حالياً  
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
رد مع اقتباس
قديم 11-01-21, 07:49 PM   #772

maryam ghaith

? العضوٌ??? » 457425
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 116
?  نُقآطِيْ » maryam ghaith is on a distinguished road
افتراضي

انا بجد اتصدمت والله انا فاكرة ان الروايه زاقفه على الجزء الاول بس لسا النهاردة دلوقتى عارفه انها مكملا عادى بس جميله

maryam ghaith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-01-21, 12:51 AM   #773

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الحادي والتسعون - جزء ثاني

الفصل الحادي والتسعون (الجزء الثاني)



زيارتها له كانت ضرورية، رغم تأجيلها لبضعة مراتٍ، بسبب بعض الظروف الطارئة؛ لكنها أرادت رؤيته، والاطمئنان عليه، تناسى القلب كل الحزن والضغينة تجاهه، حين وقعت الأنظار على ذلك العاجز، أحست بصدرها يعتصر ألمًا عليه. وقفت "فيروزة" إلى جوار فراش خالها بالمشفى، مسحت بيدها على جبينه، وانحنت تقبله، قبل أن تحييه:

-سلامتك يا خالي.

فتح عينيه بثقلٍ، ونظر إليها نظرة البائس العاجز، لا يصدق أنها موجودة معه، تعامله بإحسانٍ، وعطف. محبتها لم تكن مزيفة، ومشاعرها كانت مليئة باللهفة والحزن. مسدت ابنة شقيقته على كتفه بحنوٍ، وأضافت بصوتٍ اجتهدت ألا يظهر مختنقًا لحسرتها على مُصابه:

-إن شاءالله تعدي منها على خير.

ثم ابتسمت وهي تتابع:

-ومتقلقش على "رقية"، دي أختي الصغيرة، هحميها وأخد بالي منها لحد ما تقوملنا بالسلامة.

حملق فيها مليًا بعينيه الكسيرتين، وبادلته نظرات عكست صفاء نيتها. حرك "خليل" شفتيه ليناديها بصعوبةٍ:

-"فـ..ير..وزة".

ردت باهتمامٍ شديد:

-أيوه يا خالي.

رأت في عينيه العبرات النادمة محتجزة فيهما، بلعت غصتها، وكبحت دموعها عندما ردد بنفس الصوت المتلعثم:

-سـ..امـ..حينـ...ي.

انحنت على رأسه تقبله، وهي تقول دون تفكيرٍ:

-مسمحاك يا خالي...

بالكاد سيطرت على رغبتها بالبكاء المتأثر، وهي تستكمل جملتها:

-قوملنا إنت بالسلامة، عايزينك معانا.

اعتدلت بعد ذلك في وقفتها، ومسحت بظهر كفها العبرات المتسللة من طرفيها، وأخبرته بحماسٍ:

-احنا هنظبط البيت عشان تنام معانا، مش هنسيبك لوحدك، كلنا موجودين حواليك ومعاك.

لم يستطع التعليق سوى بالانخراط في نوبة بكاءٍ نادمة، شعرت خلالها بالأسى عليه، ترجته بقلبٍ موجوع:

-خلاص يا خالي، هو أنا بأقولك كده عشان تزعل؟ والله هاعيط جمبك، وهخلص علبة المناديل دي.

ثم حولت حزنها إلى مزاحٍ وهي تدعي الضحك:

-خليني أقولك عن "رقية" والشقاوة اللي بتعملها، ماهي شكلها طلعالي.

سحبت المقعد لتلصقه بفراشه، واستطردت تحكي له عن ابنته بحماسٍ، غير غافلة عن أدق التفاصيل، ليشعر وكأنه لم يتركها ليومٍ، خلال حديثها المستفيض، تغلغل داخله ندمًا أشد، فرغم ظلمه المجحف، ومعاملته القاسية لها على الدوام، إلا أنها بيّنت له طبية لا حدود لها، لا تخلو من أنهر من المحبة، رغم توهمه أنها جاءت لإظهار شماتتها فيه، خاب ظنه، وأدرك حينئذ أن النبتة الطيبة أصلها طيب وثابت.

.................................................. .........

انسحب من أسفل المظلة الجالس تحتها، ليتحرك بعيدًا عن الرجال المجتمعين حوله، حتى يتكلم بأريحية تامة، دون أن يرهف أحدهم السمع لمكالمته الهاتفية، فينقل أخباره لأهل البلدة، كعادة المعظم هنا في تناقل الشائعات بإضافة الكثير من المغلوطات دون دقة. تبدلت قسمات "اسماعيل" المرتخية للوجوم، ونظراته للعبوس، بعد سماعه لهذا الخبر المشؤوم من زوجة شقيقه المتوفي. حرر زفيرًا مزعوجًا من صدره، قبل أن يعقب بحسم:

-احنا هنيجي عندك في أقرب وقت.

على ما يبدو اعترضت على إرهاقه بالقدوم، فأصر عليها:

-دي الأصول والواجب.

صمت للحظةٍ، وتابع:

-عزيها بالنيابة عني، سلامو عليكم.

التفت "اسماعيل" بجسده ليجد ابنه مقبلاً عليه، تفرس الأخير في وجهه متسائلاً بتطفله الاعتيادي:

-في إيه يا حاج؟

أجابه بزفيرٍ مهموم:

-دي مرات عمك، بتبلغني إن بنتها "فيروزة" رجعت.

علق "فضل" هازئًا:

-على طول كده؟ تلاقي جوزها طفش من زنها، وقرف.

صحح له نافيًا، والاستنكار يبدو ظاهرًا على ملامحه:

-لأ يا فالح، ده جوزها ربنا افتكره في الغربة.

جحظت عيناه هاتفًا في ذهولٍ يتخلله القليل من الشماتة:

-إيه ده مات؟

بنفس الأسلوب المنزعج اقتضب في رده عليه:

-أيوه.

حك "فضل" مؤخرة عنقه، وغمغم بسماجة مرفوضة:

-الصراحة ومن غير زعل، بنات عمي أقدامهم فقر على نسايبهم.

نهره والده بغلظة:

-إيه الكلام الخايب ده؟

بوقاحته الفجة تفوه بالمزيد:

-خايب إيه بس؟ إنت مش شايف يابا سرهم الباتع.

صاح "اسماعيل" في نفاذ صبر:

-استغفر الله العظيم.

سأله "فضل" ببسمة ماكرة:

-وناوي تعمل إيه؟ هتروحلهم؟

أجابه دون أن يستغرق لحظة في حسم أمره:

-أه طبعًا...

ثم حدجه بتلك النظرة المستهجنة وهو يزجره:

-أومال يعني هاقعد جمبك ألت وأعجن زي الحريم؟

فرك طرف ذقنه، واقترح عليه بنظراته الخبيثة:

-طب ما تخليك وأنا أروح بدالك، ورانا شغل كتير في الأرض، والأُجرية عايزين فلوس أد كده، وإنت بتعرف تتفاهم معاهم.

كشف أمره بسؤاله المباشر:

-أسيبك تروح لوحدك عشان تعك الدنيا زي تملي؟

تلجلج وهو يبرر له:

-يابا أنا هاقوم بالواجب وراجع على طول، مش هالحق أعمل حاجة يعني.

رمقه بطرف عينه، ثم عبر له عن تشكيكه في نواياه:

-أنا مش ضامنك يا "فضل".

غمغم بنظراته المتنمرة:

-ليه بس كده؟ وبعدين ما احنا أخدين السِكة قياسة، كل يوم والتاني عندهم، وأنا هسد مكانك.

صاح منهيًا النقاش معه:

-بأقولك إيه هي كلمة، مش هتتنقل من هنا إلا معايا، أنا مش ناقص مشاكل.

على مضض ادعى انصياعه؛ وكأنه يسكته فقط:

-طيب، اللي تشوفه.

نظراته الطويلة نحوه عكست نوايا لئيمة، وإن لم يفصح بذلك علنًا؛ لكنه عقد عزمه على الذهاب إلى منزل عمه بمفرده، لإثبات أنه الآمر الناهي الوحيد في هذه العائلة، بعد فناء جميع رجالها، وإن كان خالها ما زال حيًا؛ لكنه اعتده عاجز الجسد والعقل، غير قادر على اتخاذ القرارات الصائبة.

.................................................. ........

احترامًا للعادات والتقاليد، تم إعلام نساء المنزل قبل القدوم بوقتٍ كاف للاستعداد كفاية لاستقبال عددهم الكبير في منزلهم، رغم عدم حاجتهم لأي ترتيب مسبقٍ، بسبب المصاهرة بين العائلتين؛ لكن "بدير" أراد أن تتم الأمور بهذا الشكل تقديرًا للظروف الراهنة. بعد صلاة العشاء، توافد أفراد عائلة "سلطان" على المنزل، استقبلتهم "آمنة" بترحابٍ حار، واستضافتهم في صالون منزلها، فجلس الجد على أريكة منفردة، وعلى المجاورة له جلس "تميم"، أما "بدير" فاستقر إلى جوار زوجته على أريكة ثنائية، واتخذت "هاجر" مكانها عند الجانب الآخر مع رضيعها، لتتبقى الأريكة الواسعة شاغرة، إلى أن احتلتها "آمنة" وإلى جوارها الصغيرة "رقية".

وحده كانت أنظاره معلقة بالباب، ينتظر تلك اللحظة التي تطل فيها عليه، لهفة قلبه أوحت أنه لم يأتِ لتقديم واجب العزاء، وإنما لتجديد عهد الحب النابض في فؤاده. تسارعت دقاته عندما لمحها تأتي بثيابها السوادء، أحس بشيءٍ يناوش مشاعره، ويستحثه بشدة، لإطالة النظرات نحوها بجراءةٍ غير معهودة، وأمام عائلته. خجل "تميم" من نفسه، وأخفض عينيه في حرجٍ، قبل أن تقبل "فيروزة" عليهم؛ وكأنه لم يرها.

ولحسن حظه جلست قبالته، فلا مهرب لعينيه الحالمتين من نظراتها الشاردة. حاول أن يركز انتباهه مع والده وجده؛ لكنه وجد صعوبة في تحقيق ذلك، فكامل حواسه أبت الانصياع لإرادته، خاض قتالاً صامتًا، كان الفوز فيه من نصيب جوارحه، استقرت عيناه على وجهها الناعم وصوت أبيه يعزيها:

-البقية في حياتك يا بنتي.

قالت بصوتٍ هادئ:

-الدوام لله وحده.

هتفت "آمنة" قائلة في حسرةٍ:

-الواحد مابقاش ملاحق من المصايب اللي نازلة فوق دماغه، مش عارفين نقول إيه؟

رد عليها الجد بصوته الرخيم، وهو يدير عصا عكازه بين أصابع قبضته في حركة دائرية:

-نقول الحمدلله على كل حال.

تنهدت مرددة بإيماءة قنوعة:

-الحمد والشكر ليك يا رب.

قالت "ونيسة" كنوعٍ من الدعم:

-ربنا حاططنا في ابتلاء صعب، بندعيه نعدي منه على خير.

وافقتها "آمنة" الرأي، وردت عليها:

-ونعم بالله.

استمرت الأحاديث والهمهمات الجانبية بين المتواجدين، تشارك فيها "فيروزة" أحيانًا، وفي كثير من الوقت بقيت صامتة. قرع الجرس المفاجئ أجبر رأسها على الاستدارة، وقبل أن تنهض أشارت والدتها لها وهي تأمرها بصوتها الخافت:

-خليكي إنتي.

تحركت "آمنة" خارج الغرفة متجهة إلى الباب، فتحته وهي تتأكد من ضبط حجاب رأسها بلزمةٍ لا إرادية، حلت علامات المفاجأة على تعبيراتها عندما أبصرت "فضل" واقفًا على الأعتاب، حركت فكها متسائلة في دهشة:

-"فضل" إنت جاي ليه السعادي؟

حدجها بنظرةٍ غير مستساغة، وقال بشفاه مقلوبة:

-جرى إيه يا مرات عمي؟ هو ممنوع ولا إيه؟

أخبرته نافية:

-لأ، بس أبوك قايلي إنكم جايين على بعد بكرة، فأنا مستغربة.

بسماجته الزائدة حادثها:

-لاقيت نفسي فاضي، قولت أعدي عليكم.

ودون انتظار سماحها له بالدخول، اندفع مقتحمًا الصالة، مجبرًا إياها على التنحي للجانب وهو يتساءل في فضولٍ:

-إيه الدوشة دي؟ هو إنتي عندك ضيوف؟

أجابته بصوتها الخافت:

-عيلة الحاج "سلطان" جاية تعزي في وفاة المرحوم "آسر".

عنفها بخشونةٍ بالرغم من انخفاض نبرته:

-ومحدش يقولي ولا يديني خبر؟

ردت بعتابٍ، وقد ضاقت نظراتها:

-يعني هانقول للناس لأ ماتجوش؟ دي مش الأصول.

شمر عن ساعديه، وكأنه يستعد للشجار، ليقول بعدها بنيةٍ غير محمودة:

-طب أنا داخلهم.

استبطأت حركته بالتعلق بذراعه، وطلبته منه:

-بالراحة يا ابني، الناس في بيتنا.

بوجهٍ قاتم، ونظرة حادة هسهس بفحيحٍ كالأفعى:

-هو أنا غريب؟ ده أنا صاحب مكان.

حذرته من جديد بانزعاجٍ ظاهرٍ على ملامحها، وفي نظراتها أيضًا:

-خلاص يا "فضل"، لم الدور.

دفعها للجانب وهو يتحرك قائلاً بتصلبٍ:

-ملكيش دعوة يا مرات عمي.

تبعته هامسة بتوجسٍ:

-استر يا رب، هو احنا ناقصين فضايح.

بكل ما فيه من قباحة النفس وشرورها، ولج "فضل" إلى الصالون صائحًا بصوتٍ تعمد أن يكون خشنًا وجافًا:

-سلامو عليكم.

أتاه الرد متفرقًا من جميع المتواجدين بالحجرة:

-وعليكم السلام.

بدا النفور ظاهرًا على وجه "فيروزة"، لم ترحب بابن عمها، ونهضت خارجة من الغرفة لتجد والدتها تضم يديها معًا في توترٍ ملحوظ، سألتها باستغرابٍ، وهي ترفع حاجبها للأعلى:

-في إيه يا ماما؟ واقفة على جمب كده ليه؟

بصوتٍ قلق همست لها:

-"فضل" ناوي يشبك مع الجماعة اللي عندنا.

استشاطت غضبًا على الفور، وهتفت مهددة باندفاعٍ:

-والله ما هسكتله، هو اتجنن في عقله، بصفته إيه أصلاً؟

حاولت والدتها استبقائها، وترجتها بخوفٍ مرتبك:

-استني يا "فيروزة".

تجاهلتها مرغمة لتنضم للبقية الحاضرة، وهي في حالة تحفزٍ شديد، منتظرة اللحظة التي يظهر فيها وقاحته لتهاجمه بما يعتريها من غيظٍ وغضب. ونال مراده عندما استطرد هاتفًا باستهجانٍ هازئ:

-ماشاء الله عليكم، منورين البيت.

لم تنتظر التعليقات المجاملة، وبادرت بردها على الفور، ونظرتها الاحتقارية طالته من رأسه لأخمص قدميه:

-البيت طول عمره منور بأصحابه واللي فيه.

في حالةٍ من الغليان راقب "تميم" ما بينهما، كابحًا بصعوبة منع نفسه من التطاول -لفظيًا وجسديًا- على كتلة الشحم الغبية الحاضرة معهم، وكعادة "فضل" المستفزة كانت إهانته فجة عندما زجر ابنة عمه:

-اتركني على جنب كده، وخليني أقول البؤين اللي عيزهم.

تصاعد غضب "تميم" إلى ذروته، حتى عروقه باتت تنتفض بقوةٍ؛ وكأنها ترجوه للانقضاض عليه والفتك به. اختلجت بشرته بحمرةٍ شديدة، كأن جلده يفح نارًا، بينما هاجمته "فيروزة" بزمجرةٍ غاضبة:

-بصفتك إيه إن شاءالله؟

التفت "فضل" ناحيتها يلوح لها بذراعه، ولسانه يسبقه:

-بأقولك إيه....

بلغ صبره منتهاه، والسكوت لم يعد خيارًا متاحًا، هدر "تميم" يقاطعه بنبرة اخشوشنت على الأخير؛ وكأنه على وشك الاقتتال معه:

-إنت يا ابني اتكلم معايا أنا.

على إثر صوته المحموم بكل درجات الغضب، انتفض الجميع في جلستهم، وركزوا أنظارهم معه، بادر الجد بتهدئته بأمره بصرامةٍ، قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة:

-استنى يا "تميم"، وخليني أتكلم.

وأيده "بدير" بلهجته المتشددة:

-اسمع الكلام.

بعينيه الناريتين، ووجهه المشتعل قال بنبرة محملة بأنفاسه الهادرة، ودون أن تحيد نظراته عن وجه "فضل":

-أوامرك يا جدي.

توجهت عينا "سلطان" إلى الضيف الثقيل، وسأله ببرود؛ وكأنه نكرة:

-كنت عايز تقول إيه؟

غاص في مقعده، ورفع ساقه فوق الأخرى، كما لو كان حقًا شخصية هامة لها اعتبارها، ثم لفظ الهواء ببطءٍ، وقال وهو يلوي ثغره:

-يعني هو يصح تيجوا وراجل البيت مش موجود؟

كلماته المستفزة استثارت "فيروزة"، فصاحت به بعصبيةٍ:

-ومين نصبك راجل علينا؟

أدار "فضل" رأسه ناحيتها، ورفع ذراعه عاليًا يهددها علنًا:

-اخرسي بدل ما أسفخك قلم أرقدك فيها.

هنا تدخل "تميم" في الحوار ينذره بصوتٍ أجوف قاتم، اجتمعت فيه شراسة سبعة أعوامٍ عجاف، في سجنٍ لا يظهر أدنى شفقة للضعفاء:

-طب جرب ترفع إيدك عليها، وأنا هكسرهالك نصين، ما هتعرف ترجعها مكانها تاني، وده قبل ما أدغدغ عضمك كله.

صوت "سلطان" كان نافذًا وهو يأمر حفيده:

-اهدى!

ثم أمر "فيروزة" بلهجته الجادة:

-وإنتي استني يا بنتي شوية...

تحولت أنظاره نحو "فضل" ليخاطبه بتحفزٍ واضح:

-وكلمني أنا كبير الأعدة، بس الأول تنزل رجلك لتحت.

ولكز بعكازه الأرضية بقوةٍ جعلت ساق هذا الأرعن تنخفض خوفًا من هيئته، تنحنح في خفوت، وادعى ثباته قائلاً بغطرسةٍ مصطنعة، وكأنما يحفظ ماء وجهه:

-نعم يا.. حاج.

استقام الجد بكتفيه في شموخٍ مهيب، ثم سأله بما يشبه الازدراء:

-قولي إنت كينونتك إيه هنا؟

بنبرة متعالية أجابه، كما لو كان شخصًا فريدًا من نوعه:

-أنا "فضل"، ابن الحاج "اسماعيل"، عمهم الكبير.

عامله الجد باستحقارٍ عندما سأله:

-أيوه يعني، إيه ميزتك في الكون؟

رد بتشنجٍ وهو يبلع ريقه:

-ما أنا قولتلك يا حاج إني ابن عمهم.

سأله بنفس اللهجة المهينة له:

-غيره، بني آدم مهم يعني؟ ماسك منصب واحنا منعرفش؟

رد عليه بوقاحةٍ:

-جرى إيه يا حاج؟ إنت جاي تهزقني في بيتي؟ لأ تقف عوج وتكلم عدل.

مع ختامه لجملته هاج "تميم" ينعته بشراسةٍ، وقد تخلى عن عكازيه ليقف باستقامةٍ، ودون أن يوجد ما يعيقه عن قتله:

-عندك يا (...)، هاطلع ميتينك النهاردة.

انتفض "فضل" واقفًا، وتراجع خطوتين للخلف، ليقف إلى جوار "آمنة"، خوفًا من بطشه الأعمى، فنظراته القاتلة أكدت نيته التامة على تنفيذ قوله، دون إبداء ذرة ندمٍ واحدة، لأن العائلة كانت ولا تزال خطًا أحمرًا لا يمكن المساس به.

دهشت "فيروزة" من حميته، كانت مرتها الأولى التي تراه على تلك الحالة الثائرة، ولأجل من؟ لأجلها ودفاعًا عنها دون وجود ما يربطه بها، أو حتى الدافع للقيام بهذا، أظهر خلال تلك الدقائق المنصرمة استعدادًا كاملاً، للخوض في معركةٍ دامية لا تخصه، من أجل حمايتها من أقل ضرر، خفق قلبها لهذا، وتطلعت إليه ملء عينيها، لحظتها لم تكن ترى سواه، وإن لم يلمح نظراتها المثبتة عليه.

حلقت بعينين سارحتين في فضاء هيمنته الحاضرة بقوة، فرأت بالإضافة إلى استبساله، شهامته، صلابته، اعتزازه بعائلته قبل نفسه، دفاعه المستميت عنهم، وتضحيته غير المشروطة لحماية الضعيف، دون أن يطلب منه المساعدة. لامس ما فعله مشاعرها، ونفذ كالسهام الموجهة إلى قلبها، فشعرت بتلك الخفقة التي أنعشت ما كان كامنًا، لتدرك في أعماقها أن هناك ما يجذبها نحوه؛ وإن أنكرت واستنكرت هذا. أفاقت من تحديقها فيه، على صياح والدتها اليائس، غير متوقعة نجاحها في تهدئة الوضع بعد وصوله لذروته:

-اهدوا يا جماعة وصلوا على النبي، مش كده.

رد عليها "فضل" بوجهه المتقع، بنفس الأسلوب المهين:

-مش لما يعرفوا في الأصول الأول يبقوا يتكلموا.

عنفه "تميم" بلهجته القاتمة، وقبضته المتكورة تأكله لتحطيم فكه:

-الأصول عارفينها غصب عنك يا بغل.

هتف "فضل" بصوته المهتز، وقد تحرك تلك المرة ليقف خلف "آمنة":

-اغلط كمان، ما إنت مش متربي.

همَّ بالتحرك بما يجتاحه من ثورة ثائرة؛ لكن استوقفته قبضة أبيه الموضوعة على ذراعه قبل نبرته الآمرة:

-"تميم"، اهدى.

ومن خلفه هتف جده يأمره:

-خليك واقف.

بزمجرةٍ محتجة صاح "تميم" مهددًا:

-أدوني الإذن وأنا هانيمه زي الدبيحة.

رد عليه الجد يهدئه:

-احنا جايين نقوم بالواجب، مش نتخانق، وأدينا قومنا بيه، يالا بينا.

قاطعه معترضًا بزفيرٍ متشنج:

-بس آ...

منعه "بدير" من الاحتجاج بصرامته الواضحة:

-جدك قال كلمته، متجادلش.

خنع بصعوبةٍ لكليهما، ودمدم بصوته الغاضب:

-ماشي كلامكم.

وزعت "فيروزة" نظراتها عليهم، وقالت وعيناها تحدقان في اتجاه "تميم"، الذي كان مسلطًا كامل أنظاره على الوغد المختبئ خلف النساء:

-أنا أسفة جدًا على اللي حصل.

أخبرها الجد وهو ينهض واقفًا:

-الغلط مش عندك يا بنتي، الغلط معروف مع مين.

شتت نظراتها عن تعابيره المتشنجة، لتحملق في الجانب، ناحية "بدير" الذي ربت على كتفها وهو يؤكد عليها أيضًا:

-شدي حيلك واحنا معاكي في أي حاجة، احنا مش نسايبك وبس، لأ أهلك كمان.

شكرته بابتسامةٍ بسيطة:

-تسلملي يا رب.

من تلقاء نفسها أدارت وجهها للأمام، لتجده واقفًا على بُعد خطوةٍ منها، أنفاسه المنفعلة تكاد تلفح بشرتها، رعشة خفيفة انتابتها لاقترابه غير المتوقع، كما شعرت بخفقةٍ مباغتة تصيب تلك العضلة النابضة فيها، فازدادت خفقانًا كما لم يحدث من قبل. تلبكت وأحست بحمرةٍ ساخنة -غير غاضبة- تطفر على صفحة وجهها، نظرته العميقة نفذت إليها عندما أكد لها بصوته الجاد:

-لو حد اتعرضلك يا أبلة قوليلي...

حادت عيناه عنها للحظة لترتكز من جديد على وجه "فضل"، وهو يكمل تهديده:

-بالله ما هيشوف نفسه إلا وهو مدفون حي في قبر محدش يعرفله طريق جرة.

هلل "فضل" متسائلاً بعصبيةٍ؛ كما لو كان يحاول رد كرامته المبعثرة:

-هو يقصدني أنا؟ عايز يموتني؟ لأ ده أجيبله البوليس.

صاحت فيه "آمنة" بصبرٍ نافذ:

-هو إنت بتخانق دبان وشك؟ اسكت بقى.

عادت عيناه الهائمة تنظر إليها عن قربٍ مغرٍ، ليجد قطعتي الفيروز ازدادتا وهجًا، صوتها الناعم غمر كيانه كاملاً، فجعل وخزات الحب والشعور تعمل بكامل طاقتهاوقد قالت باقتضابٍ ممتن يصحبه ابتسامة رقيقة، كانت خصيصًا له:

-شكرًا.

يا لقرع الطبول الآن في قلبه! فقط لو تعلم ما الذي يكنه لها، ابتهجت روحه، وطربت، وسرَّت، وفرحت، وسعدت كما لم تسعد من قبل. حافظ "تميم" على ثباته ليخبرها بلهجته التي هدأت، وإن لم تخبت صلابتها، مؤكدًا عليها من جديد، عزمه الشديد على تنفيذ تهديده لحظيًا، فقط إن منحته الإشارة بهذا:

-مش بأهزر، إنت بس قولي.

رمشت بعينيها قائلة بوجهٍ شبه متوتر:

-كتر خيرك.

تحرك مبتعدًا عنها، وعيناه تُلقي نظرة مودعة عليها، بما تحتويه من شغفٍ ودفء، وعدٌ بلقاءٍ قريب تعهد به قلبه في صمتٍ. واصل سيره، دون الاستعانة بعكازيه، متحملاً بعض الألم في ساقيه، تعمد "تميم" الوقوف أمام "فضل" ليحدجه بنظراته الميتة، فانكمش الأخير على نفسه، كادت تنفلت منه شهقة مذعورة حين رفع ذراعه يدعي تهديده به، قبل أن يخفضه ليسنده على كتفه، ضغط بأصابعه بخشونةٍ عليه، حتى كاد يعصره، وقال له باستهجانٍ:

-الرجالة نازلين يا... راجل، جاي، ولا هتكمل ليلتك مع الحريم؟

أجابه بذبذبةٍ وهو يحاول إزاحة قبضته المتشبثة به:

-لأ قاعد.

أخبرته "آمنة" بوجومٍ ناقم:

-واحنا بقى هنقفل وننام بدري، بالسلامة يا "فضل".

لو كان مثيله يملك إحساسًا، لما ظهر بوجهه مجددًا، بعد ما تلقاه من إحراجٍ متعاقب، تنحنح قائلاً وهو يزيح يد "تميم" القابضة عليه:

-ماشي يا مرات عمي.

وقبل أن ينفذ بجلده هاربًا منه، أمسك به "تميم" من مؤخرة عنقه، يعتصر فقراته بشدة، فتأوه بأنينٍ، ولم يستطع المناص منه. اقترب من أذنه يهمس له:

-حاسب على أيامك كويس...

نبرته الهامسة زادت قتامة، وأشعرته بأنه بات قاب قوسين أو أدنى من الهلاك الحتمي مع إتمام جملته:

-عشان يومك قرب يا... بغل .......................................... !!

.................................................. ...........












منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 13-01-21, 12:56 AM   #774

منال سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الأعضاء ومنتدى قلوب أحلام

 
الصورة الرمزية منال سالم

? العضوٌ??? » 358950
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,488
?  مُ?إني » بورسعيد - مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » منال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond reputeمنال سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   water
¬» قناتك max
?? ??? ~
وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً
?? ??? ~
My Mms ~
Rewitysmile9 الفصل الثاني والتسعون

الفصل الثاني والتسعون



بنفس القبضة القوية المحكمة حول عنقه، والغضب الذي لم يهدأ بعد، دفعه "تميم" دفعًا بخشونةٍ أمامه إلى خارج المنزل؛ وكأنه يُلقي بقمامةٍ مهملة، لا مكان لها هنا، ليضمن عدم عودته بعد مغادرة الجميع. حاول "فضل" المناص منه، فلم يقوَ على هذا، رغم كون الأخير في غير كامل قوته، ويستخدم ذراعًا واحدة، وبالكاد يسير باستقامة، أظهر فقط قدرًا مما يشحذه ضد سماجته المفرطة. لم يحرره، وصــاح كأنما يحادثه:

-عايزك في كلمة برا يا... راجل.

طريقة تلفظه بالكلمة الأخيرة عنت أنه أراد إهانته، وليس مدحه كما يظن البعض. أدار "تميم" رأسه للجانب، عل الحظ يبتسم له، ليحظى بفرصة أخرى لرؤية إشراقة حدقتيها، ذاك البريق الذي تلألأ فيهما بوضوحٍ، بعد أن أظهر جانبه الآخر المدافع عنها. وقد حدث ما رجاه، حيث كانت "فيروزة" في إثرهما لغلق الباب، تطلعت إليه بطريقة جعلت الروح تشتاق، والأحزان تذوي، شتته عنها قليلاً برطمة كتلة الغباء القابض عليه، أجلى صوته، وأمرها بإشارة مدعمة كذلك من عينيه:

-اقفلي يا أبلة عليكم.

علقت عليه بنعومةٍ، رافقتها ابتسامة ممتنة، زادت من لهيب الأشواق:

-حاضر يا معلم.

وقبل أن توارب الباب تابع بلهجته الجادة، وعيناه قد تحولتا لتحدج "فضل" بقتامةٍ أرعبته:

-زيادة أمان، عايز أسمع صوت الترباس.

استجابت لأمره، وأغلقت الباب ليسمع بوضوحٍ حركة القفل فيه، عند تلك اللحظة ارتخت قبضته عن مؤخرة رقبة "فضل"، ليس لتحريره، وإنما لدفعه بظهر ساعده من عنقه نحو الحائط، حاصره برأسي عكازيه الطبيين، وضغط على مجرى تنفسه، ليقطع الهواء عنه، ثم بيده الأخرى أشهر مطواته، وجعل بريق نصلها الحاد ينعكس في عينيه المذعورتين، أخفض يده قليلاً ليلصق النصل المدبدب في جلد صدغه، همس له من بين أسنانه المضغوطة:

-إنك تستقوى على الحريم مش مرجلة.

تلوى "فضل" بجسده محاولاً تحرير نفسه، والتقاط أنفاسه المقطوعة، على أمل الفرار من أمام شرارات غضبه الحارقة؛ لكنه كان عاجزًا تحت قبضتيه، مسلوب الإرادة والقوى. خفض "تميم" النصل للأسفل، ليغرزه طرفه الحاد عند بنطاله، وتابع تهديده الهامس له:

-عشان لو اتكررت تاني، هاشيلك الحتة اللي مخلياك تفكر نفسك كده!

نبرته الجوفاء، مع نظراته المظلمة، أكدت أنه لا يمزح مطلقًا في تنفيذ كلامه. استمر "تميم" في الضغط برأسي عكازيه على عنقه، حتى بات لون بشرته أزرقًا، حرره بعد أن سدد لكمة قاسية بركبته في أسفل معدته جعلته يسعل ويئن في ألم شديد، قبل أنه يكومه بجانب صندوق القمامة. نظر له باحتقارٍ مشمئز، ثم أمره مهددًا:

-قوم على حيلك، وامشي من هنا، بدل ما أنزلك بطريقتي

طار من عينيه كل استبسال زائف ظن أنه فيه، زحف "فضل" على أطرافه الأربعة ليصل إلى الدرج، ثم رفع أحد ذراعيه ليمسك بالدرابزين محُملاً عليه ثقل جسده، بالكاد نهض وهو يهبط في عجالةٍ، فأوشك على الانكفاء على وجهه بطريقة مضحكة؛ لكنه استعاد اتزانه وفر سريعًا قبل أن يطاله الأذى. ابتسم "تميم" ساخرًا منه، على الرغم أن ذلك لم يكن مرضيًا بالكامل له، واستدار بعدها ليحملق في الباب الخشبي الذي يفصله عنها، مستشعرًا بقوة حضورها، آه لو تتبين مدى الشوق والحب الغارق فيه وجدانه نحوها! انصـرف من المكان وقلبه يدق في لوعة، لم يعد يحتمل الابتعاد، وما زال مترددًا من الاقتراب.

من الناحية الأخرى، شهدت "فيروزة" ما فعله، وراقها للغاية تلقينه لهذا الدرس القاسي، شعرت بصدق أنها استردت عن طريقه جزءًا من كرامتها المهدورة، وإن لم يعلم بعد ما عانته من جبروت هذا الغليظ، وحينما استدار لينظر ناحية الباب، شعرت أن نظراته اخترقت الحاجز الخشبي لتصل إليها، خفق قلبها في ارتباكٍ، وارتجفت في خجلٍ لم تشعر به ناحيته من قبل، لولا يقينها بأن هناك فاصلاً بينهما لصدقت أنه يراها قبالته. ابتعدت عن الباب، وألصقت ظهرها بالحائط، وهي تشعر بتهدجٍ غريب يجتاح صدرها، تحسست نبضاتها بيدها، وهي لا تستوعب الاضطراب المغري الذي اعتراها؛ لكنه كان مقرونًا بشيء استلذته.

.................................................. ....................

أمام مرآة تسريحتها، أجلست الصغيرة على مقعدها القديم، ووقفت خلفها وهي ممسكة بمشطها تصفف خصلاتها الطويلة برفقٍ، كانت تبتسم لها بين الحين والآخر، إلى أن شرد عقلها لبعض الوقت مستعيدة تفاصيل ذلك الحوار السابق الذي دار بين أمها وتوأمتها بعد عودتها من السفر، لإطلاعها عن الجديد من الأخبار؛ وإن لم تكن في أغلبها محمودًا، حينها عرفت عن كرب عائلة "سلطان"، والنوائب التي توالت على رؤوسهم؛ لكن ما أحزنها -بقدرٍ لا يخلو من التعاطف- مقتل "خلود" غدرًا، لن تنكر أنها لم تحبذ أسلوبها الفظ في استفزازها، واستثارة أعصابها بتعاليها ومعايرتها المتكررة لها في كل فرصةٍ تتاح لها؛ لكن أن تنتهي حياتها هكذا، كان أمرًا بشعًا لم يمكن تصوره!

علقت "همسة" آنذاك:

-بجد الواحد عاش أيام صعبة، ولحد دلوقتي "هيثم" لسه متأثر باللي حاصل، وأنا محتارة معاه.

ردت عليها والدتها تبرر تصرفاته:

-مش أمه وأخته.

أضافت بنوعٍ من الشفقة:

-اللي يقهر بجد إن اللي هاجمهم جوز بنتهم "هاجر"، اللي اسمه "محرز"...

ثم خاطبت توأمتها تسألها:

-عارفاه يا "فيرو"؟

أجابتها بفتورٍ:

-أه، أفتكر شكله.

أكملت "همسة" قولها بضيقٍ منزعج:

-لأ ومكتفاش بكده، كمان خطف ابنه في العزا، شوفتي الجبروت؟

ظهر الاستياء على تعبيراتها وهي تعقب:

-صعب أوي بجد.

تنهدت متابعة بلهجة جادة وهي تشير بيدها:

-بصراحة لولا "تميم"، وجوز صاحبتك اللي في البلد "أسيف"، الله أعلم كان ممكن يحصل للولد ده إيه.

التطرق لذكره جعل حواسها الخاملة تتيقظ بالكامل، اسمه بات على الدوام مقرونًا بالشهامة والمروءة، ابتسامة خفيفة استقرت على شفتيها وهي تقول باستحسانٍ:

-كويس إنه كان موجود.

مازال التجهم مسيطرًا على وجه "همسة" عندما أخبرتها:

-تعرفي الزفت اللي اسمه "فضل" يومها مد إيده عليا، كام عايز ياخد نمرة على حسي قصاد الرجالة.

تبدلت تعابير توأمتها إلى الحنق في لمح البصر، وصاحت في استهجانٍ:

-قطع إيده، هو اتجنن في عقله؟ إزاي يعمل كده؟ وإنتي سكتي؟

جاوبت بابتسامةٍ راضية نسبيًا:

-الرجالة قاموا معاه بالواجب، وبالعافية "هيثم" سابوه.

هدرت أنفاس "فيروزة" وهي تعقب عليها، وبشرتها تشع حمرة غاضبة:

-اقسم بالله سيرته تفور الدم، حاجة كده استغفر الله العظيم تحرق أعصابك.

استمرت "همسة" قائلة:

-حقيقي ساعتها حسيت بالسند والضهر.

تطلعت إليها "فيروزة" بنظراتٍ ساهمة؛ وكأنها شردت لوهلةٍ عنها، مستعيدة في عقلها ومضاتٍ خاطفة لوقوفه إلى جوارها في القسم الشرطي، أثناء اتهام زوجته السابقة لها بمحاولة الاعتداء عليها وقتلها. لم يكذبها مُطلقًا، آمن ببراءتها بلا دليلٍ يبرهن ذلك، دعمها في وقتٍ كان من المفترض أن يتخذ صفًا مضادًا لها. لم تعرف "فيروزة" أن شفتيها تقوستا بعفويةٍ لتظهر بسمة تشكلت لأجل ذكراه، أخفتها سريعًا وشقيقتها تتابع:

-ربنا يزيحه من طريقنا.

زفرت معقبة بإيجازٍ:

-يا رب.

تساءلت "آمنة" باستنكارٍ:

-اللي الواحد مستغربه هو في بني آدمين كده عايشين وسطنا؟ يطعنوك في ضهرك وإنت مديهم الأمان؟ إزاي يقدروا يعملوا ده؟

أجابت "فيروزة" بلمحةٍ من الحزن في صوتها:

-في يا ماما كتير، بس للأسف الطيبين اللي زينا بيتخدعوا بسهولة.

تضرعت والدتهما قائلة برجاءٍ:

-ربنا رحيم بعباده، وينجينا من شر العالم دول.

جمعت "همسة" حقيبتها، وعلقتها على كتفها لتضيف وهي تنهض من مكانها:

-أنا هاقوم بقى، الوقت اتأخر، عايزين حاجة مني؟

ردت "آمنة" نافية وهي تهز رأسها:

-لا يا "هموسة"، خدي بالك من نفسك.

قالت مبتسمة:

-حاضر يا ماما...

ثم التفتت ناظرة إلى توأمتها التي وقفت تحتضنها، ربتت على ظهرها قائلة بتنهيدة مشتاقة:

-والله يا "فيرو" كنت مفتقداكي، رجعتك دي مش عارفة فارقة معايا إزاي.

تراجعت عنها لتنظر لها عن كثبٍ، وقالت:

-حبيبتي، ربنا ما يحرمني منكم، أنا معنديش أغلى منكم.

ودعت "همسة" الصغيرة التي غفت خلال ثرثرتهن على الأريكة، بقبلة طبعتها على جبينها قبل أن تعتدل واقفة، حينها شعرت بدوارٍ غريب يجتاح رأسها جعلها تترنح في خطواتها، أسندتها "فيروزة" وهي تسألها في جزعٍ:

-مالك يا "همسة"؟

أجابتها بإعياءٍ بسيط:

-دماغي لفت كده فجأة.

ظلت ممسكة بذراعها، وأجلستها على الأريكة وهي تطلب منها:

-طب ارتاحي شوية.

قالت بابتسامةٍ لم تكن مقنعة:

-أنا كويسة محصلش حاجة.

في حين عاتبتها والدتها بتزمتٍ:

-ما إنتي هارية نفسك، من هنا لهنا، ريحي شوية.

عقبت على أمها بتبرمٍ مزعوج:

-هو احنا بنلحق؟ إنتي شايفة يا ماما، كله جاي ورا بعضه، مش بإيدي والله.

لانت نبرتها المعاتبة، وأوصتها بحنوٍ:

-ربنا يقويكي، بس خدي بالك من نفسك، بدل ما تقعي من طولك.

في تلك الأثناء أحضرت لها "فيروزة" كوبًا من الليمون البارد، طلبت منه ارتشاف قدرًا منه، قبل أن تتكلم بقليلٍ من التعب:

-حاضر يا ماما، والله أنا بقيت كويسة، سلامو عليكم.

انتشلها من شرودها صوتًا يناديها عاليًا، فأعادها لمحيطها الواقعي:

-"فيروزة".

استدارت برأسها تنظر في اتجاه الباب، وهي ترد:

-أيوه يا ماما.

سألتها أمها في استغرابٍ:

-إنتي مش سمعاني ولا إيه؟

أجابتها متسائلة:

-في حاجة؟

أخبرتها بنوعٍ من الاسترسال؛ وكأنها تسرد عليها ما قامت به من خطواتٍ:

-بأقولك أنا و ضبت هدوم خالك في الدولاب عندي، ونقلت الدواء بتاعه على الكومدينو، بكرة بإذن الله نروح نجيبه.

هتفت في حبورٍ:

-على خيرة الله.

أضافت تُعلمها:

-وكمان كلمت أختك، وقالتلي حماتها خرجت من المستشفى، وقاعدة عندها.

باقتضابٍ عقبت عليها:

-كويس.

تنهدت والدتها مكملة حديثها:

-عايزين نبقى نعدي نشوفها ونقوم بالواجب، اللي حصلها مش هين.

ورغم امتعاضها من تلك الزيارة، لوجود الخلافات السابقة، وما تحمله النفوس من ضغائن ربما لم تكن سببها، إلا أنها أبدت استعدادها بقولها غير المعارض:

-أكيد طبعًا.

ابتسمت والدتها متمتمة:

-خلاص هظبط مع أختك وأقولك.

-ماشي.

قالت تلك الكلمة وأناملها تعمل على خصلات "رقية" لتصنع منها جديلة طويلة، انتهت عند طرفها بعقدها برابطة صغيرة كانت تحوي طاووسًا أبيض اللون.

.................................................. .....

واربت الشباك الخشبي، وسحبت الستارة الخفيفة عليه، لتبدو الإضاءة معقولة، لا تزعج عينيها، قبل أن تنظر إليها مجددًا باهتمامٍ، وتتفقد انتظام أنفاسها. مسحت "همسة" بالمنشفة القطنية المبتلة كفي "بثينة" لتنظيفهما، ثم جففتهما بأخرى، قبل أن تشد الغطاء على جسدها، وبهدوء حريص انسحبت من الغرفة لتجد زوجها منتظرًا بالخارج، تحدثت بصوتٍ خافت، حتى لا تُفيقها:

-هي نامت بعد ما خدت الدوا، متقلقش عليها.

رد "هيثم" في ارتياحٍ:

-الحمدلله.

أشارت له ليتبعها بعد أن أغلقت الباب بهدوءٍ تام، ثم أخبرته مستخدمة يدها في الإشارة:

-بص أنا عملت كشف بمواعيد الأدوية بتاعتها، معلقاه على باب التلاجة عشان ناخد بالنا وماننساش، وربنا يجعله بالشفا.

حملق فيها بنظراتٍ ممتنة، احتوت على حبًا عميقًا، لا يضاهيه شيء، ناداها باسمها بتنهيدة حارة:

-"همسة".

قالت بابتسامتها النضرة:

-أيوه يا حبيبي.

انخفضت يداه لتمسك بكفيها، داعبهما بإبهاميه، وعبر لها عما يشعر به الآن جراء مواقفها النبيلة، بصوتٍ غلفه الشجن:

-أنا مش عارف أقولك إيه، واحدة غيرك بصراحة، بعد اللي أمي عملته كانت آ....

قاطعته برقةٍ، وعيناها تحدقان فيه بمحبةٍ واضحة:

-متكملش، كفاية اللي هي فيه.

ترك يديها بعد أن جذبها إلى أحضانه، ضمها إلى صدره، وأسند رأسه على كتفيها وهو يواصل إخبارها:

-ربنا يخليكي ليا، إنتي سندي في الدنيا، من غير وجودك في حياتي كان زماني ضعت...

وقبل أن تعلق بشيء، جدد اعترافه الصادق لها:

-أنا بحبك.

بوجهٍ ازداد خجلاً وإشراقًا نطقت هي الأخرى:

-وأنا كمان..

استلت نفسها من أحضانه الدافئة، وتابعت بحماسٍ؛ وكأنها تُدللــه:

-طب تعالى معايا عشان أجهزلك الفطار قبل ما تنزل.

سألها بنشاطٍ:

-عايزة مساعدة؟ ده أنا شاطر في رص الأطباق.

ضحكت قائلة:

-ده إنت كده ملكش زي.

أضاف في زهوٍ وهو يشاركها الضحك:

-ده أنا أعجبك على الآخر.

استدارت تأمره بصوتٍ تصنعت فيه الجدية:

-طب بص آ....

بترت عبارتها قبل أن تكتمل، عندما شعرت بذلك الدوار المريب يضرب رأسها بقوةٍ، لاحظ "هيثم" شحوبها، وعدم اتزان حركتها، فسألها بمزاحٍ يخالطه القلق:

-"همسة"، في إيه؟ هو أنا حسدتك ولا إيه؟

نفت وهي تقبض على ذراعه لتستند عليه:

-لأ أنا كويسة، مافيش حاجة، وآ...

أحست في تلك اللحظة بظلام دامس يحتل وعيها، فغابت الصور عن عينيها، وسقطت في أحضان زوجها فاقدة للوعي، صــاح "هيثم" في فزعٍ:

-"همســـــة"!

.................................................. ...

أغلق حزام بنطاله الجينز، وهندم من ياقتي قميصه ذي اللون الأزرق الفاتح، قبل أن يشمر عن ساعديه، ليضع بعدها ساعة يده التي قلما يرتديها؛ لكنه كان بحاجة إليها لمعرفة الوقت، ليكون على الموعد المتفق عليه. دقات متتابعة بشيء بدا صلبًا على باب غرفته، جعلته يعرج بخطواته في اتجاهه لفتحه في الحال، دهشة غريبة اعتلت ملامحه وقد رأى جده واقفًا خارج حجرته في تلك الساعة المبكرة، خاصة أنه في مثل هذا التوقيت يواظب على قراءة ورده اليومي من القرآن الكريم. سأله الجد مستأذنًا:

-صاحي يا "تميم"؟ عايز اتكلم معاك شوية.

دعاه للدخول وهو يتنحى للجانب قائلاً:

-تعالى يا جدي، اتفضل، أنا خلصت لبسي، ونازل على الدكان.

سأله في اهتمامٍ بنبرته الجادة، بعد أن جلس على طرف الفراش:

-عامل إيه دلوقتي؟ هديت كده؟ مردتش أتكلم معاك وقت ما رجعنا.

على مضضٍ أجابه:

-يعني ...

ثم تحولت نبرته للضيق الحانق وهو يتابع:

-بس والله لولا خاطرك، وأوامرك اللي فوق راسي، كنت نهيت عمره، مش بغل زي ده هيتنى ويتفرد علينا.

عقب في عدم اكتراثٍ:

-سيبك من راس العجل ده، وقولي..

نظر له مهتمًا وهو يسأله:

-خير يا جدي؟

جاءه سؤاله مباشرًا:

-بتحبها؟

راوغه في منحه الإجابة متنحنحًا:

-احم.. مين دي؟

بملامحه الجادة وبخه، ولكن بلهجته المعتدلة:

-يا واد، متلفش وتدور على الشيبة دي، إيش حال ما أنا مربيك على إيدي.

لم يماطل "تميم" في التخبئة عليه، كان كالكتاب المفتوح له، يستطيع قراءة ما يُدون على الأسطر، لذا سأله برأس خفيض في حرجٍ:

-هو أنا باين عليا أوي كده؟

ضحك الجد بخشونةٍ قبل أن يمازحه:

-لأ خالص، ده إنت ناقص تعلق إعلان في الحتة، ولا على باب الدكان، إياكش البُنية تاخد بالها.

جلس "تميم" إلى جواره، وحملق في وجهه متسائلاً بترددٍ:

-تفتكر هتحس بيا؟ ولا يمكن تفكرني مش مناسب ليها، أو مش أد المقام؟

قال "سلطان" ببساطةٍ، وهو يربت على فخذه:

-إنت تشرف أي حد، انوي بس خير وربنا ييسرلك كل عسير.

هتف في رجاءٍ:

-يا رب، أنا نيتي خير والله.

بنبرته الواثقة أخبره "سلطان"؛ وكأنه متيقن من تحقيق ذلك:

-يبقى استنى فرج ربنا، هانت.

توسله في لهفةٍ:

-ادعيلي بالله عليك يا جدي.

مازحه من جديد بأسلوبه اللين:

-إنت كده مدلوق خالص، يا واد اتقل.

مال "تميم" برأسه على كتف جده، قبله مطولاً، ورد بسعادةٍ تخللت أوصاله:

-حبيبي يا جدي، ربنا يخليك ليا.

القليل من الاستغراب اعترى ملامحهما عندما سمع كلاهما دقات عنيفة على باب المنزل، مصحوبة بقرع متواصل للجرس، تساءل الجد في تعجبٍ:

-ده مين جاي السعادي؟

استقام "تميم" واقفًا، وقال بعزمٍ وهو يتجه خارج غرفته:

-مش عارف، هاطلع أشوف مين.

استوقف والدته قبل أن تصل إليه وهو يأمرها:

-استني يامه.

رددت "ونيسة" من خلفه في توجسٍ:

-ربنا يستر.

أدار "تميم" المقبض، وفتح الباب ليتفاجأ بوجود "هيثم" قبالته، وعلامات الذعر تنفر من وجهه، سأله في قلقٍ:

-خير يا "هيثم"؟ في حاجة حصلت؟

أشــار له بيده وهو يجيبه بأنفاسٍ شبه لاهثة:

-"همسة" وقعت من طولها، ومش بتحط منطق.

جزع لسماع تلك الأخبار وهتف قائلاً:

-يا ساتر يارب.

تحركت "ونيسة" للأمام لتتجاوزه، وصاحت وهي تضع حجابها على رأسها:

-استنى أنا طالعالها.

بينما أضاف "تميم" وهو يخرج هاتفه المحمول من جيبه الأمامي:

-وأنا هاطلبلك دكتور.

رجاه بخوفٍ شديد:

-بسرعة الله يكرمك.

دون تردد أكد عليه، واضعًا الهاتف على أذنه:

-على طول.

.................................................. ......

ببطءٍ حذر حركت رأسها للجانبين، وهي تحاول فتح جفنيها، في البداية كانت الرؤية مشوشة؛ لكن بعد لحظاتٍ أصبحت الأطياف المحاوطة بها واضحة المعالم. أدارت "همسة" عينيها للجانب، لتنظر إلى زوجها الجالس بجوارها، رأت على ثغره ابتسامة عريضة، أتبعها قوله المطمئن:

-حمدلله على سلامتك.

سألته في حيرةٍ:

-هو إيه اللي حصل؟

وقبل أن يجيبها تحولت أنظارها نحو "ونيسة" التي بادرت بإخبارها بهذا الخبر السار:

-مبرووووك يا حبيبتي، ربنا يكملك على خير.

لم تستوعب مقصدها، وتساءلت ببلاهة:

-على إيه؟

تلك المرة انحنى "هيثم" على جبينها يقبله، وقال في ابتهاجٍ عظيم:

-الدكتور قالنا إنك حامل.

اعتلتها دهشة مصدومة، فردت في ذهولٍ غير مصدقة ما أملاه على مسامعها:

-حامل؟

قال مؤكدًا بإيماءة من رأسه:

-أيوه، والله العظيم حامل.

أدمعت عيناها تأثرًا، فأكمل بنفس اللهجة الغبطة:

-شوفتي كرم ربنا عامل إزاي؟

خرج صوتها مختنقًا، متقطعًا بشكلٍ محسوس، من بكائها الوشيك وهي تنطق:

-أنا.. حامل؟

من جديد أكد عليها ويده تلوح في الهواء:

-أيوه، كلها كام شهر والبيت يتملى علينا بالعيال.

تمتمت "همسة" في امتنانٍ متضرع، وعيناها تتطلعان للأعلى؛ وكأنها تنظر للسماء:

-اللهم لك الحمد والشكر.

دعت لها "ونيسة" قائلة:

-ربنا يسعدك يا بنتي، ويراضيكي بالخير على كل اللي بتعمليه في أختي وابنها.

ضحكت وهي تبكي، ورفعت يدها تمسح دموعها المنسابة من طرفيها، أخبرها "هيثم" بنبرته المتحمسة:

-كلمي أمك عرفيها، أكيد هتفرح أوي لما تعرف.

-حاضر.

تطلعت "همسة" أمامها، وهي تكاد لا تصدق عطية المولى لها، تبددت كل أحزانها مع كم الخير الذي قدمته دون انتظار المقابل، لهج لسانها بالمزيد من الشكر، وعيناها تفيضان بالدمع:

-الحمدلله يا رب، وكذلك نجزي الصابرين فعلاً ................................. !!!

................................................




منال سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
[rainbow]وفوق كل ذي علم عليم[/rainbow]
ign]






رد مع اقتباس
قديم 13-01-21, 01:15 AM   #775

Om noor2
 
الصورة الرمزية Om noor2

? العضوٌ??? » 445147
?  التسِجيلٌ » May 2019
? مشَارَ?اتْي » 267
?  نُقآطِيْ » Om noor2 is on a distinguished road
افتراضي

علي فكرة انا مستنية نهاية معتبرة لفضل حاجة كدة علي زوقك ..😂😂

Om noor2 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-01-21, 01:22 AM   #776

dodo dodp

? العضوٌ??? » 317128
?  التسِجيلٌ » Apr 2014
? مشَارَ?اتْي » 1,778
?  نُقآطِيْ » dodo dodp is on a distinguished road
افتراضي

الصراحة اللى ما يتسمى فضل ده عاوز الحرق بنى ادم مستفز
ولسه القطة فيروزة واخدة بالها من تميم ده الراحل قرب يتحلل
بجد رواية تحفة تسلم ايدك وحلو اوى الفصل ونص ده خليكى كده على طول بالتوفيق يارب


dodo dodp غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-01-21, 01:36 AM   #777

موضى و راكان

نجم روايتي

alkap ~
 
الصورة الرمزية موضى و راكان

? العضوٌ??? » 314098
?  التسِجيلٌ » Mar 2014
? مشَارَ?اتْي » 6,242
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » موضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond reputeموضى و راكان has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك max
?? ??? ~
سبحان الله وبحمده .. سبحان الله العظيم
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 32 ( الأعضاء 15 والزوار 17)


‏موضى و راكان, ‏lucyman, ‏أم زيد0207, ‏k_meri, ‏ألق, ‏شكولاين, ‏سوووما العسولة, ‏Om noor2, ‏صباح مشرق, ‏نسيمةlaplume, ‏dodo dodp, ‏fathimabrouk, ‏الآمال, ‏رانيا محمود فودة


عسل و الله الجد سلطان فاهمها و هى طايرة

تسلمى يا نولا أبدعتى


موضى و راكان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-01-21, 02:51 AM   #778

ملك علي
 
الصورة الرمزية ملك علي

? العضوٌ??? » 475418
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,362
?  نُقآطِيْ » ملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond reputeملك علي has a reputation beyond repute
افتراضي

يعطيك الصحة على البارتين 💞
اخيرا نفحات من المشاعر بين تميم و فيروزة 💖💖 اعجبني انك حطيتي صورة لتميم عكس اسر الديوث في عيون فيروزة لا ندرك قيمة الشيء الا حينما يوضع في مقارنة مع ما دونه 💖💖
مليح ان سلطان حط يدو في الموضوع و اكيد راح ينتظرو مرور العدة حتى يتقدمو 💞


ملك علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-01-21, 04:17 AM   #779

صباح مشرق

? العضوٌ??? » 474136
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 295
?  نُقآطِيْ » صباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond reputeصباح مشرق has a reputation beyond repute
افتراضي

فصلين جميلين كجمال كاتبته
خليل رأى جمال اخلاق وتربية بنات اخته وبالذات فيروزه بعد ماذاقت منه الويلات
فضل عايز علقه جامده عشان يحرم يجي بيت عمه ويفرض نفسه عليهم
فيروزه رأت في تميم السند والحمايه والغيره مالم تراها في آسر وبوادر الحب بدات في الظهور
شكرا منال 😘


صباح مشرق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-01-21, 07:07 AM   #780

maryam ghaith

? العضوٌ??? » 457425
?  التسِجيلٌ » Nov 2019
? مشَارَ?اتْي » 116
?  نُقآطِيْ » maryam ghaith is on a distinguished road
افتراضي

الله الله فصل جميل جدا

maryam ghaith غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:36 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.