آخر 10 مشاركات
أهواكِ يا جرحي *مميزة & مكتمله* (الكاتـب : زهرة نيسان 84 - )           »          كم أشبهها!! -نوفيلا زائرة- للكاتبة الرائعة: serendipity green *كاملة & بالروابط* (الكاتـب : serendipity green - )           »          العشيقة البريئة(82)للكاتبة كارول موتيمور(الجزء الثالث من سلسلة لعنة جامبرلي) كاملـــه (الكاتـب : *ايمي* - )           »          عبثٌ،، أسألك! (85) -ج1 س حدّ العشق!- للكاتبة: Just Faith [مميزة]*كاملة&الرابط معدلة* (الكاتـب : Andalus - )           »          لا تتركيني للأوزار (الكاتـب : تثريب - )           »          دموع زهرة الأوركيديا للكاتبة raja tortorici(( حصرية لروايتي فقط )) مميزة ... مكتملة (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          مذكرات مقاتلة شرسة -[فصحى ] الكاتبة //إيمان حسن-مكتملة* (الكاتـب : Just Faith - )           »          سجن العصفورة-قلوب زائرة- للكاتبة : داليا الكومى(كاملة&الروابط) (الكاتـب : دالياالكومى - )           »          لمني بشوق واحضني .. بعادك عني بعثرني ! *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : أميرة الورد - )           »          عروس للقبطان - كاى دايفز - ع.ق (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree860Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 18-11-20, 11:10 PM   #921

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس و العشرون




فتح باب البيت الحديدي و أول شيء قام به هو نزع قميصه لينفض عنه غبار العمل في المخزن...فغياب أيوب و أنور جعل حصته مضاعفة اليوم...علق القميص فوق كتفه يصعد الدرج سريعا معترفا ان شوقه لها غلبه...أقل من اسبوع ما مضى و لكن الايام دون عينيها ثقيلة...وصل الى باب الشقة فرن الجرس ليمنح زوجات أخويه الفرصة للتأهب...لحظات حتى فتحت له هبه الباب فطالعته بنظرات متعجبة قبل ان تسأله...
(كرم!...ألم يكن موعد مجيئك بعد اسبوعين؟!!)
دلف مجيبا بهدوء...
(كان هناك ظرفا طارئا فعدنا قبل موعدنا)
اغلقت الباب تسأله بترقب...
(خيرا ان شاء الله؟!)
و قبل ان يجيب عليها ظهرت صفية في الصالة ليحتلها التعجب هي ايضا فتتقدم بلهفة منه تنادي اسمه...
(كرم!!)
تحرك اليها بسرعة يقول...
(اهدئي يا حاجة صفية كل شيء بخير الحمد لله...أيوب لم يكن بصحة جيدة فعدنا كي يستريح)
زفرت صفية نفسا حامدا لتهمس بقلق على أيوب..
(ما به أيوب؟!)
انزل كرم قميصه من فوق كتفه و عيناه تعلقتا بباب غرفته مستغربا من انها لم تخرج بعد...هل لم تسمع صوته حتى الآن؟!...اجاب امه بهدوء
(يبدو اصابه برد الشتاء فارتفعت حرارته )
بصوت حزين همست صفية...
(أتم الله شفاءه على خير و ألبسه ثوب العافية...خير ما فعلت يا كرم انك عدت ليرتاح في بيته)
نظر لها نظرة ذات مغزى يقول بصدق...
(إنه أيوب يا أمي و هذا أقل شيء أفعله...و الله لولا عناده و انكاره المرض لكنا عدنا بعد ابحارنا بيومين)
ربتت صفية على كتفه ببسمة حانية...لاحظت نظراته المتعلقة بباب غرفته انتظارا لزوجته فضحكت بخفوت تهمس له...
(ليست هنا)
التفت له بسرعة يسألها بملامح منقبضة...
(أين ذهبت؟!)
لاعبته والدته بقولها المبهم...
(أخذها والدها)
ضيق عينيه بعدم فهم متوجس من فرضيات يفرضها عقله اولهم و اهمهم ان غسق ليست في غرفته بين أهله...سألها بعدما ابتلع ريقه ببطء حذر...
(لماذا؟!)
عقدت صفية ما بين حاجبيها بتعجب من ملامح ابنها فقالت...
(ما بك كرم و كأنه اخذها للأبد؟!...هي استأذنت والدك بأنها تود الذهاب مع والدها لشراء بعض الأشياء)
ابتلع ريقه هذه المرة براحة يلجم خوفه عليها...تكلم بهدوء مع والدته...
(لا شيء يا أم خالد فقط تعجبت من خروجها و أنا لست هنا)
ضحكت صفية بمحبة تقول...
(حاولت ان تتصل بك كثيرا لتخبرك انه تم قبولها في هذه الشركة التي ذهبت معها اليها و لكن هاتفك كالعادة بلا تغطية)
ارتسمت بسمة سعيدة تدريجيا على محياه ليردف بدفء فخور...
(تم قبولها في شركة الأدوية حقا...لا بد من انها سعيدة بهذا الخبر...الحمد لله)
صوت هبه وصله بضحكة مرحة تقول...
(كادت تطير من الفرح يا كرم بعدما وصلها رد الشركة)
هز رأسه لزوجة اخيه متفهما ليقول...
(كانت خطوة هامة لها فلا عجب أن تسعد بتحقيقها)
تكلمت هبه بصدق بشوش...
(الدكتورة تستحق كل الخير فليجعل الله ايامكما كلها سعادة)
ناظرها كرم ببسمة شاكرة يقول...
(عشتِ يا أم صالح)
دلف غرفته يلقي قميصه فوق كرسي طاولة الزينة و يخرج هاتفه من جيب بنطاله سريعا...رفعه فوق اذنه بعدما وصل لاسمها و ضغط اتصال...ثوان مرت حتى وصله الصوت المسجل بأن الهاتف مغلق...ابعده عن اذنه يناظره بوجوم لم يدم بعدما قرر الاتصال بوالدها و لكنه للأسف كان مغلقا مثلها...زفر بضيق ينظر حوله بقلة صبر فكم يود رؤيتها الآن...و هي باسمة سعيدة لربما رأى في عينيها لمعة عهدها و اختفت منذ ما حدث...توجه الى السرير يضع هاتفه على الطاولة المجاورة لها فيميل بعدها يلامس وسادتها مستشعرا ملمس شعرها عليها...ابتسم بحب يهمس
(أين أنتِ غسق و الله لا أطيق صبرا كي أراك يا روحي!)
استقام يعتدل في وقفته مفكرا بأنه يجب أن يحتفلا معا بهذا الخبر السعيد...بأن يسجل معها ثاني انجاز لها و هي معه...ابتسم بدفء ليتوجه الى الخزانة يستخرج ملابسه و يقرر ان حمام دافئ يمكنه ان يمرر بعضا من الوقت
بعد بعض الوقت....
خرج من غرفته بعدما انهى حمامه و ارتدى ملابسا ثقيلة لتقابله والدته في الصالة قائلة ببسمة حنونة...
(حمام الهناء يا حبيبي...هل أضع لك الطعام لتأكل؟)
سألها بقلة صبر...
(متى خرجت غسق مع والدها فلم تعد حتى الآن؟!)
تكلمت صفية بهدوء...
(لم يمضي الكثير على خروجها بني...بالتأكيد اشتاقت الى والدها و تريد قضاء وقتا اطول برفقته)
هز رأسه متفهما ليقول...
(سأصعد للسطح و إن أتت ابلغوني)
ابتعد عن أمه متجها للباب فأوقفه سؤال صفية...
(ألن تأكل كرم؟!)
وصل للباب يفتحه مردفا بهدوء...
(لست جائعا الآن)
خرج و اغلق الباب خلفه فضحكت صفية ضحكة رائقة تهمهم...
(طبعا لن يُشبع بطنه قبل أن يُشبع قلبه)
بعد نصف ساعة...
أسرعت هبه الى الباب تفتحه حينما صدح رنين الجرس...فور فتحها له طل عليها وجه غسق المبتسم فبادلتها بسمة مشابهة لتقترب بوجهها منها هامسة بمرح...
(كرم عاد)
توقفت خطوات غسق عند عتبة الباب و عيناها تنتقلا من هبه الى باب غرفتها لتلتمعا باشتياق...عادت ببصرها الى هبه تتساءل ببسمة مختلفة عن سابقتها...بسمة ترسمها روحها و ما يتغير بها...فتواصلها مع الطبيبة النفسية لم يساعدها لتتخلص من توابع الحادث فقط بل يدلها على تلك الخريطة الضائعة و الخاصة بمكانة كرم داخلها...
(حقا يا هبه؟!...أين هو؟)
شملتها هبه بنظرة حانية تؤشر للأعلى قائلة بمغزى...
(فوق السطح و أول شخص سأل عنه فور وصوله كان أنتِ)
خفت التماع عينيها و اهتزت انفاسها فتأرجح الاشتياق بين تخوف و عزيمة...السطح مجددا! و هل نسيت من الأساس ما حدث به أخر مرة؟!...خطواتها التي توقفت تحركت من جديد لكن للداخل...لا تزال متذبذبة خصوصا من تحديد ماهية مشاعرها تجاه كرم...نعم باتت تشتاق لصوته، لتفكيره، لعينيه، لابتسامته و وجوده...تعترف بأن شعورها به اختلف و اتضح...ليس كرامي و ليس كي أي شعور آخر...لكنها ترتعب من أن تمنح لهذا الشعور شمعة و بدلا من ان تضيء داخلها تحرق كل شيء و أولهم كرم...انقبض قلبها بهلع عليه من أن تؤذيه و قد باتت تعرف كم يُكرم مشاعره رجل مثله...امتدت يدها تلامس الباب لتغلقه بعدما ولجت لكن صوت طبيبتها رن في عقلها و كأنها هنا تشهد تخاذلها و تهربها من استكمال الطريق...
"حسنا غسق فهمت تخوفك من إيذاء مشاعر كرم أكثر لكن عليكِ أن تتغلبي على هذا الهاجس بأن تضعي نفسك في التجربة مجددا و أنا واثقة بأنك تغيرتِ عن غسق ذلك اليوم...أنتِ من سيُخرج غسق و كرم من هذه المرحلة و ليس هو هذه المرة...المستقبل ينتظركما غسق، ألا تودين أن يجمعكما مستقبل واحد؟!"
في أخر جلسة مع طبيبتها تركت إجابة ذلك السؤال معلقا كمعظم الأسئلة المتعلقة بكرم...الطبيبة سألتها صدق الاجابة و هي في بادئ الأمر كانت تجهلها و الآن تخاف منها...فالإجابة التي تطوف بروحها هي نعم تود ان يسمح لها كرم بأن يجمعهما مستقبل واحد...أن تبقى معه و حوله أن تراقب ملامحه خفية كما اصبحت تفعل مؤخرا...ان تغفى جواره ليتسلل دفئه اليها للأبد...شعرت برعشة تغزوها لم يتعرف عليها جسدها من قبل...رعشة تنبع من انوثة تُشرق لأول مرة مع كرم...ابتلعت ريقها تُصلّب اصابعها على الباب و ترفع رأسها تناظر الدرج المؤدي للأعلى...التفتت الى هبه تقول بصوت تهدجت نبرته بتوتر مخلوط بحماس و قلق...
(سأصعد له...)
ضحكت هبه بتشجيع تهمس...
(خير ما فكرتي)
التفتت سريعا تراقب الشقة لتعود بوجهها الى غسق هامسة بينما تدفعها برفق للخارج...
(هيا سريعا قبل أن تراكِ سهر و تتدخل فيما لا يعنيها)
ابتسمت غسق بتأثر من مشاعر هبه الصادقة نحوها فتمسكت بيدها تخبرها عن شعورها تجاهها...
(كم أنتِ شخص طيب هبه و كم أنا سعيدة لأنني تعرفت عليكِ...)
اتسعت عينا هبه قليلا تستوعب حقا ان غسق تمدحها...ربما هذه أول مرة منذ تزوجت تعبر عن مشاعرها هكذا...ابتسمت بحنان متواضع تربت بكفها الحر على كف غسق و تقول...
(سلم أصلك يا دكتورة...الله يعلم عن محبتي لكِ)
منحتها هبه نظرة تعني كل حرف مما نطقته لتقول بعدها...
(هيا حبيبتي اصعدي لزوجك و اطمئني عليه)
اومأت لها غسق بموافقة لتسرع الى الدرج...تخطوها بقلب ينبض ترقبا و فرحا...و كم تستحلف نفسها بألا تخونها هنا و تكسر كرم من جديد...
بالأعلى...
يتخصر في وقفته أمام السور بينما يضع هاتفه فوق أذنه يستمع لوالده بإنصات حتى انهى حديثه فيحين دوره ليقول بأدبٍ...
(أعرف أبي أن رحلاتنا في الشتاء قليلة بسبب الطقس و احوال البحر لكن لم تطاوعني نفسي أن اترك أيوب يعود بمفرده او أن ابقيه لأسبوعين اضافيين)
صمت ينصت لسليمان ثم يقول...
(لم تكن الكمية المتوقعة يا حاج لكننا عدنا بكمية من الاسماك تُعادل أخر مرة تقريبا الحمد لله)
تقدم من السور يحل اصابعه من فوق خصره ليستند بهم عليه قائلا...
(أطال الله عمرك يا أبي كنت أعرف أنك لن تمانع عودتنا باكرا...و أيوب يعرف أنك تعده واحدا من ابناءك يا حاج...و الله هو ليس بحال جيد فليشفيه الله...حتى هو متعجبا من مرضه المفاجئ هذا...إن شاء الله يا أبي و عليكم السلام)
و عند باب السطح توقفت غسق بأنفاس مضطربة و صراع يقتات عليها...أتدخل و تجازف أم هنا ستُعاد ذكرى تحاول دفنها...اغمضت عينيها لبعض الوقت تستجمع قوتها لتقرر مع فتحهما أنها ستدلف...لأجلها، لأجل استقرار حياتها و لأجل كرم...خطت اليه بخطوات شعرتها سريعة و كأن روحها زهدت الخوف و منحت الدفة للشوق...بعينين تلتمعان برونق جديد تناظر ظهره الماثل أمامها...لم تكن تعرف انها دقيقة النظر هكذا يوما لتلتقط حركة عظامه الصاعدة و الهابطة مع انفاسه من خلف ملابسه...تود لو تبقى قليلا بعد في موضعها هذا دون حركة فقط تتفحصه هكذا...ابتسمت بسمة ناعمة متعجبة و غير متعجبة من حالها معه...لماذا لم تره كما تراه الآن منذ زمن؟!...هل كانت ضيقة العقل حقا كما وصفها لتلصق به قبحا و سوءا هو أبعد ما يكون عنهما؟!...تلاعب الهواء القادم من جهة البحر في ملابسه لترفرف سامحةً له بالعبور للخلف لتلامسها...و كأنه دون قصده يخشى عليها من مجرد نسمات يود لو تخترقه قبلها ليؤمّنها لها...اشبعت رئتيها بالنسيم المُحمَل برائحته اليودية لتنفرج شفتاها تتذوقا حروف اسمه الصادر من عمق روحها...
(كرم...)
رأت ظهره كيف يعلو ببطء و كأنه يسحب قدرا كافيا من الهواء قبل ان يهبط مع التفاتته لها...ناظرها من مكانه بلهفة عاشقة و عقله لم يستوعب بعد أنها هنا في نفس المكان معه...و دون ان يتحرك سألها بصوت حاني و عيناه تتفحصها كلها...
(لماذا تأخرتِ قلقت عليكِ؟!)
خفت بريق عينيها أمامه لتسأله بترقب قلق...
(هل قالوا لك أين كنت؟!)
ابتسم بحنان يرى عبر روحها حماس يكاد ينطفئ...غسق تريد أن تخبره بنفسها عن انجازها و كم يسعده هذا...و بكفين يحاوطاها دوما حاوط شعلة حماسها برفق كي لا تنطفئ فهمس...
(لم يقولوا سوى أنك مع والدك)
تنفست براحة جعلت خافقه يهتز منفعلا بجمالها فسألها بصوت دافئ و نظرة تميل لتقبل حناياها...
(هل حدث شيئا ما تودين اخباري به؟)
تجهمت ملامحها بتعجب فرمقته بشك تسأله...
(هل انت متأكد أنه لم يخبرك أحد بشيء؟!)
ضحك بخفوت يستند بظهره على السور قائلا...
(عيناكِ تخبراني عن نيتكِ في قول شيء...ليس ذنبي أنني أجيد قراءتك)
عاد بريق عينيها يزهو من جديد يتضرج معه وجنتيها بعدما فعّلت أنوثتها مستقبلات الفهم لحروفه العامرة بمعانٍ مزدانة بالغزل...بالدفء...بالوئام...و الكرم...لم تنفر منه ففي الواقع هي لم تنفر منه يوما من بعد الحادث...حتى بعدما اضحت انوثتها متقبلة ما مرت به و راغبة في نفض تراب ليلة لوثتها لتسير في طريق فطرة خُلقت عليها...فمن هي هذه التي ترى و تسمع كرم دون أن تتأثر؟!!!...
لم تصدق عيناه ما رآه من خجل مرسوم على وجهها البهي حتى اسبلت اهدابها لتعلنها له صريحةً...تباطأ تنفسه حينما لاحظ خطواتها الهامسة للأرض تقترب منه على استحياء...ابتعد عن السور ليقف متأهبا لقربها برغبتها تقريبا في نفس المكان الذي استمع فيه بصوت رغبته و اقترب منها...صعدت عيناه تدريجيا حتى وصل لوجهها المتبسم و فرشاة الخجل لا تزال تلونه...فتحت حقيبتها تخرج منها علبة كرتونية و تنظر اليه لتقول بنبرة اعتراف ممتن...
(لقد تم قبولي في شركة الأودية و من الأسبوع القادم سيبدأ عملي)
اضطربت انفاسها و تبعثرت نظراتها و هي تشيح بوجهها عنه متلعثمة في حروفها بحرج...التفتت يمينا و يسارا حتى استقر بصرها على صندوقين كبيرين قرب الغرفة فقالت..
(هلا جلسنا هناك؟!)
بنفس تميل لضمها اليه و هي في هذه الصورة المحببة لقلبه اومأ متقبلا ليمد يده داعيا إياها بأن تتحرك...و بخطوات متوازية سارا الى حيث تريد حتى جلسا فوق الصندوقين فتقبضت كفاها على العلبة بينهما ليردف هو بتهنئة لو تعلم مهما زين حروفها لن توفي فرحة روحه شيئا...
(لم يراودني الشك في قدرتك للحظة، كنت واثقا من قبول الشركة لك...مبارك غسق)
لملمت بسمة فخورة بأنها انجزت هذا الانجاز أمامه...لتريه مدى قدرتها و تفوقها فلم يرَها سوى في اضعف مواقفها و كم تحترق شوقا ليعرف عن غسق الطموحة القوية...التفتت بجانب وجهها تناظره بطرف عينها لينفك تكور كفيها عن العلبة و تمدها له هامسة..
(أول شيء خطر في بالي حينما وصلني جواب القبول هو شكرك لكل شيء جمعنا سويا...و لأنك كنت في رحلتك و هاتفك مغلق لم أطِق صبرا لأنتظر حتى تعود...اتصلت بأبي و اخبرته أنني اود شراء بعض الأشياء ثم استأذنت من والدك لأخرج...طوال الطريق كنت أفكر ما هي انسب هدية تناسب شعوري بالعرفان نحوك)
وضعت العلبة بين كفيه لتمنحه وجهها كله تتعمق في عينيه المذهولتين و الدافئتين لتهمس بصدق...
(و رغم انني اخترت هذه إلا أنني أؤمن بأن هدايا الكون كله لن توازي شعوري نحوك...مكانتك عالية جدا في قلبي كرم)
لفحتها انفاسه المتسارعة فأسبلت اهدابها بحرج من نظرته في هذه اللحظة لتضحك بخفوت مسترسلة...
(من كان ليصدق أنني أجلس أمامك الآن و أتحدث معك عنك...يوم ألتقيت بك و كنت دوما لي مجرد شاب اندرج تحت بند "لا تقترب انه خطر"...لكنني لم أكن أعرف أن الخطر هو كل شيء حولي إلا أنت)
(غسق...)
صوته تسلل اليها محملا بمشاعره المتدفقة نحوها...تنحنحت تلجم تسرع يحبو اليها معه فلا تريد ان تشوب خطواتها اليه شائبة هذه المرة...رفعت وجهها المرح له تنظر الى العلبة متسائلة بحيوية...
(ألن تفتحها لتخبرني عن رأيك بها؟!)
كم بقي أمامه بعد ليُمنح الحق في تقبيل هذا الثغر المتراقص بنعومة أمامه؟!...تروى كم فهم انها تتروى في خطواتها...فلا يصدق انها تخطو اليه برغبتها...لا يا كرم غسق تخطو اليك بقلبها الغالي...ابتسم بسمة مرتعشة من فرط السعادة ليبعد عينيه عنها متحكما في نفسه...تحركت كفه يفتح العلبة كما طلبت فظهرت له ساعة رجالية أنيقة...وضع غطاء العلبة اسفلها ليلامس الساعة بأصابعه يخبر نفسه انها من غسق...أما هي فكانت تراقب ردة فعله بترقب متوتر...ترى هل اعجبه ذوقها أم ماذا؟!...تابعته يخرج الساعة من العلبة يرفعها امام وجهه المبتسم قائلا بعشق...
(سلمت العين التي اختارتها لي و اليد التي حملتها الي و القلب الذي اتاح لي بمكانة فيه)
اتسعت بسمتها بقوة بعدما وصلها اعجابه بهديتها على طريقة كرم المراكبي...قرب الساعة منها يقول بوجه يتقطر الحب من حناياه...
(أتلبسيها لي أم ألبسها أنا؟)
ارتفعا حاجباها عاليا بعدم تصديق تسأله...
(هل ألبسها لك؟!)
ضحك بخفوت دافئ يقول...
(إذا سمحتي...)
التفتت تضع حقيبتها خلفها على الصندوق و تقترب بجسدها منه لتأخذ الساعة و تنحني برأسها تلبسها له...رأسها القريب من وجهه منحه فرصة الاقتراب فمالت روحه قبل شفتيه يلثم حجابها بقبلة خفيفة غير محسوسة لها لكنها كفيلة بأن تذيب كيانه...شعر بأصابعها تبتعد عنه فأبعد رأسه لترفع هي رأسها هامسة بحرج...
(لم أشتري لرجل هدية من قبل آمل أن أكون وفِقتُ)
نظر للساعة في معصمه طويلا و بسمته باقية لا تنمحي...كان ينوي ان يخبرها برأيه و يشكرها لكنه لم يتوقع سؤالها المطروح بفضول استشفه من حروفها...
(و أنت هل أهديت إحداهن هدية من قبل؟!)
ضيق عينيه بتعجب لينظر لها متسائلا بهدوء...
(هل نون النسوة هنا تشمل فاطمة ايضا؟)
هزت رأسها نفيا بضحكة ناعمة من سؤاله لتطرح الثاني في لحظات...
(يعني ألم تحب من قبل لتهادي حبيبتك كرم؟!)
ضم شفتيه ببطء يمنع بسمة سعيدة توازي سعادة قلبه من سؤالها هذا...التفت للخلف يغلق العلبة ويضعها خلفه ليمنح لبسمته حرية الظهور...عاد اليها يتشرب حلاوة عينيها النقيتين كنقاء ليل تأسره نجماته اللامعات...انها لا تتقدم مع طبيبتها لتنفض عنها غبار حادثها بل تتقدم مع قلبها ايضا اليه...حقا لا يعرف من أين يمده عقله بالصبر ليتحمل أكثر فلو عليه لأخبرها عن عشقه لها بشتى الطرق...لكنه اختار طريق الخبث المراوغ في اجابته
(بلى أحببت لكنني لم اهدها هدية من قبل)
حسنا كانت تضع فرضية ان لكرم حبيبة و كانت جاهزة لتسمع عنها في اي لحظة لكنها لم تكن تعرف ان تأكيد هذه الفرضية سيلكزها بعصا غليظة مؤلمة...هزت رأسها بتفهم و بسمتها تتراجع كما لمعة عينيها تنطفئ...سألته هذه المرة بصوت مهتز...
(حقا!...و أين هي الآن؟)
غامت عيناه بعشقه لها فرأت عشقه جليا لتعترف انها محظوظة من تملك قلب رجل مثله...تابعت كفه الذي ارتفع ليحط على قلبه مربتا عليه برفق هامسا...
(انها هنا دائما و ابدا)
ارتعشت شفتاها فلا تعرف أهي مقتنعة بصحة نظريتها أم متألمة بضيق لما تسمعه...بكل صدق تعترف انها انانية تجاه كرم فلا تريد أن تعيش غيرها معه...ان يهتم بإحداهن كما يهتم بها...ان يمنح غيرها نظرة دافئة...ان يحاوط اخرى بين ذراعيه و تشم رائحة جسده كما فعلت هي...هزت رأسها متفهمة فالتقطت عينيه و هما يحطان على عينيها مبتسما بسمة سلبت منها نفسا مبهورا...لم تتمكن من منع نفسها من مبادلته بسمة راضية بوجودها معه فقلبه و حاله لا سلطان عليهما ابدا...همست باعتراف
(كنت اتعجب من اعجاب ديما صديقتي بكم لكن الآن استطيع ان ارى بوضوح...أنك وسيم للغاية كرم)
يا الله يا غسق!!...متى استيقظ خافقك من غفوته ليمنح الحياة لخافقي؟!...معقول تشعرين نحوي بما اتوق اليه؟!...هل سأسمعها منك قريبا؟!...و بأمل ولد الليلة بين يديها ارتسمت بسمة تخصها وحدها فوق ثغره ليهمس بنبرة لامستها...
(و أنتِ جميلة لدرجة تُعرقل أنفاسي في صدري حينما أبصركِ)
حل الصمت بينهما فتعالى صوت انفاسهما المتقابلة...كلاهما يناظر الآخر مليا فهنا نظرات عاشق متيم و نظرات لا زالت في العشق تتعلم...تضرجت وجنتاها بحمرة ملحوظة فابتسمت بخجل تداري وجهها عنه...صوت رنين هاتفه جاء ليساعدها على اخماد هذا الشعور المستمتع بداخلها...اخرج هاتفه يجيب عليه فيضيق عينيه ناظرا لها بدهشة قائلا...
(أنا و غسق!!)




...يتبع...












AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-11-20, 11:12 PM   #922

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس و العشرون



اغلقت الباب بهدوء لترتفع على اصابع قدمها و تشرأب برأسها تتطلع اليه في نومته...خطت نحوه بخفة كي لا تزعجه حتى توقفت فوق رأسه تتفحص وجهه الوحيد الظاهر من كافة جسده من تحت غطاء سميك...مدت يدها ليستقر كفها فوق جبينه تتحسس حرارته فزفرت براحة جمة بعدما شعرت به طبيعيا...فتح عينيه بعدما حس بملمس كفها على جبينه ليسعل بخفوت جعلها تنحني جالسة على ركبتيها جواره تتساءل بوجل...
(أيوب ألا زلت تتوجع؟!)
تحرك من اسفل الغطاء ليستقيم بجذعه و يجلس مسندا ظهره على الوسادة هامسا بصوت مرهق...
(هلا منحتني كوب ماء فحلقي جاف)
هزت رأسها بسرعة لتستقيم واقفة تلتقط الزجاجة من فوق الطاولة الجانبية للسرير تفتحها و تصب بعضا من الماء في الكوب...اقتربت منه تمده له بقلق و بعد ان اخذه يشرب منه قالت برجاء...
(لا توجع قلبي يا أيوب و دعنا نذهب للطبيب أرجوك)
انزل الكوب من امام فمه يطالعها بحنو شاكر فقال...
(سلامة قلبك يا يمامة أيوب...لا تشغلي بالك و الله أنا أفضل بكثير الآن)
وضع الكوب فوق الطاولة المجاورة له ليزيح الغطاء بعدها قائلا بمشاكسة...
(خطة أم أيوب فلحت و الغطاء السميك جعلني اتعرق و انخفضت الحرارة)
انزل ساقيه للأرض يرتدي نعله مردفا...
(إن لن اتعبك هاتِ لي ملابسا نظيفة من الخزانة كي استحم)
اسرعت اليه تضع كفيها فوق كتفيه تمنعه بالقول و الفعل...
(لن تستحم في هذا الطقس البارد و قد غربت الشمس ايضا ربما ساء حالك اكثر)
عقد ما بين حاجبيه بضيق يطالع ملابسه المبتلة من العرق ثم ينحني بوجهه يشمها فيصيبه الاشمئزاز ليردف...
(السيء هو بقائي بهذه الملابس يا مودة...لا أطيق نفسي يا بنت)
ابتسمت له بحنان تبعد كفيها عنه هامسة...
(فلنبدلها فقط و غدا تستحم في النهار على الأقل تكون الشمس قد سطعت و أدفئت الجو)
تنهد باستسلام لتتوجه هي بسرعة الى الخزانة تستخرج له ملابسا نظيفة...بينما هو استند على السرير بكفيه ليستقيم واقفا يمنحها ظهره ليبدأ في نزع ملابسه...انهت مودة ما تفعله و قد اختارت له ملابسا ثقيلة لتمنحه الدفء...و حينما التفتت اليه اتسعت عيناها على اخرهما بعدما صدمها ظهره العاري...هرولت اليه تلقي الثياب دون اهتمام على السرير لتلامس ظهره بأصابعها قائلة بوجل حقيقي...
(ما هذا يا أيوب ظهرك كله مصاب بطفح جلدي!!!)
ادارته اليها بعينين متفحصتين لتشهق بجزع بينما تلامس صدره و بطنه قائلة بتوجس...
(ليس ظهرك و حسب يبدو جسدك كله)
التقط كفيها يبعدهما عنه سريعا لتترحل عيناه على جسده بعدم فهم فأمرها بجدية...
(لا تلمسيني مودة فلا أعرف ما هذا و لا أريد ان يصيبك شيء)
طالعته بدموع تسأله...
(ماذا أكلت في البحر ربما تناولت شيئا فاسدا او تحسست من طعام معين؟!)
شعور عدم التصديق لفه بين جناحيه و عقله لا يستوعب احمرار جسده هذا همهم بذهن مشتت...
(لم اتناول شيئا غريبا بالمرة!)
اتشحت عيناها الدامعتان بتصميم لتقول...
(لن اصبر أكثر من هذا أيوب سأخبر خالتي لتهاتف أي طبيب تعرفه)
سحبت يديها منه لتخرج سريعا من الغرفة تنادي على خالتها بصوت مهتز بالخوف...و في غضون لحظات كانت أم أيوب تقف امام ابنها تكتم لوعة قلبها على ما اصابه لكنها فشلت في كبح دموعها...حاول أيوب التخفيف عنهما لكنهما رافضتين حتى الاستماع اليه...التفت الى السرير يلتقط بلوزة قطنية مما القتهم مودة و يرتديها مستمعا لأمه التي بدأت تهاتف أنور بعدما طلبت من مودة أن تأخذ هاتف أيوب و تعطيه اليها...
(أنا أم ايوب يا انور...ليس خيرا بني هات كرم و تعال حالا أيوب يحتاج لطبيب و أنا ما عاد في عقلي مكان لأصل لطبيب الآن...عشت بني حفظك الله...انتظر انور أليست زوجة كرم دكتورة...حسنا أطلب منه أن تأتي معه)
و بعدما هاتف أنور كرم يبلغه ما حدث ها هو يقف أمام بيت المراكبي ينتظر خروج صاحبه...لحظات و فتح كرم باب البيت الحديدي ليخرج بوجه قلق متسائلا...
(ما به أيوب يا أنور؟!!)
لمح أنور غسق التي خرجت خلف زوجها تناظره بوجل فعاد ببصره لكرم يقول بقلق مشابه...
(لا أعرف صوت الخالة ام أيوب ارعبني...اخشى ان تكون اشتدت عليه الحمى يا كرم...)
ضغط كرم على ضروسه بغيظ من صاحبه فقال...
(أخبرت هذا الغبي أن نعود فور شعوره بالتعب لكنه عاند كالحمار فانظر الى حالنا الآن!)
ابتلع انور ريقه بخوف يقول...
(دعنا نذهب و نرى ماذا هناك...لقد طلبت مني احضار طبيب و بعدها سألت عن زوجتك فلم أعرف هل اهاتف طبيب أم لا)
تدخلت غسق بعدما وقفت جوار كرم تقول بتوضيح...
(لا يمكن الاستغناء عن الطبيب فليس من اختصاصي تشخيص المرض لكن لا بأس لو رأيته فمن الممكن ان تكون حالته بسيطة و سهل التعامل معها و أهله بسبب القلق هالهم الأمر)
تنحنح انور بحرج قائلا...
(لا تؤاخذينا يا دكتورة سنتعبك معنا في هذا الوقت)
طاف طائف في خلدها الآن يرسل لها ذكرى من ليلة اعتمت حياتها بسببها كان فيها قميص أيوب سترا يداري جسدها...تحكمت في مشاعرها بقوة لتهز رأسها توقفه عن المزيد من الاعتذار قائلة...
(لقد ساعدني من قبل و علي مساعدته)
التفتت جانبا تناظر كرم الذي ينظر اليها الآن بشكر جلي...صوت انور صدر مزعزعا نظراتهما حينما قال على عجلة من أمره...
(كثر خيرك يا دكتورة فلنذهب و لعله خير ان شاء الله)
في شقة أيوب...
فتحت لهم مسرة الباب بوجه شاحب تدعوهم للدخول...دلفوا جميعا الى الصالة فسألها كرم...
(أين ايوب؟!)
اشارت على غرفة اختها و زوجها و قبل ان تتكلم فُتح الباب و خرج منه أيوب بصحبة أمه و زوجته...اقترب منه انور فأوقفه ايوب بحركة يده يقول...
(لا تقترب أنور)
توقفت خطوات انور يضيق عينيه متسائلا...
(لمَ؟!...ما بك بالضبط؟)
تكلمت مودة بصوت مختنق...
(هناك طفح جلدي ينتشر في جسده كله)
تبادل انور النظرات مع كرم و القلق يعلو بدرجاته ليصل للذروة...فوجهت غسق سؤالها لمودة
(كيف شكله هذا الطفح؟)
تدخلت ام ايوب تقول لابنها...
(أريها إياه بني)
تنحنح ايوب بحرج ليشمر كمه كاشفا جزء من ذراعه...دققت غسق النظر جيدا لتضيق عينيها بينما تقول
(هذه تشبه الجدري المائي على ما أظن!...ألم تُصاب به في صغرك؟!)
تولت ام ايوب الرد فقالت...
(لا اتذكر انه اصيب بشيء كهذا فقد كان طفلا بصحة جيدة طوال الوقت)
هزت غسق رأسها متفهمة لتقول...
(الجدري المائي عادة لا يُصاب به الشخص سوى مرة واحدة و بعدها يكون صعب انتقال العدوى اليه...)
سألتها مودة بلهفة...
(أيمكن أن يصاب به في هذا السن؟)
هزت غسق رأسها بنعم تقول...
(نعم إذا لم يصاب به من قبل فهو عرضة للإصابة إذا اختلط مع شخص مريض)
تكلم ايوب بإنكار...
(لكنني لم اجالس شخصا مريضا)
اوضحت غسق بهدوء...
(من الممكن انك خالطته في مراحل العدوى الأولى قبل ان يظهر الطفح الجلدي عليه و ايضا إذا كنت من المدخنين سيساعد هذا على سهولة انتقال الفيروس المسبب للمرض اليك)
عدم فهم ام ايوب كل كلام غسق جعلها تسأل بتوجس...
(و ما العمل الآن؟!)
نظرت اليها غسق تطمئنها بالقول...
(اولا يجب ان يفحصه طبيب جلدية لنتأكد من هوية المرض و ثانيا إن كان جدري مائي حقا فالأمر سهل معالجته فقط يجب ألا يختلط به أحد لم يصاب من قبل كي لا يعديه ايوب)
اخرج كرم هاتفه بعدما انهت غسق حديثها ليهاتف طبيبا كما طلبت...
بعد ساعة...
انتظرت الثلاث فتيات في الصالة بينما دلف مع ايوب اثناء الفحص كل من كرم و انور و ام ايوب...تعلقت عينا مودة بباب الغرفة و كفيها تفركهما معا بترقب...لاحظت غسق توترها فتكلمت بهدوء لتريحها...
(لا تقلقي الوضع ليس خطيرا ان شاء الله)
التفتت لها مودة بعينين حمراوين تهمس بصوت مرتعش...
(يا رب يا دكتورة...و الله قلبي لن يتحمل مرضه)
فلتت منها دموعها تبكي بتأثر جعل غسق تناظر مسرة بقلة حيلة...تنهدت مسرة لتستقيم من كرسيها تجلس على يد كرسي اختها تضم رأسها الى صدرها قائلة برجاء...
(لا تبكي حبيبتي صهري بخير إنه مجرد جدري مائي يصيب الاولاد!)
زاد بكاء مودة و صورة ظهر ايوب لا تفارق عقلها...نظرة عينه المصدومة لجسده لا تبرح عينيها و كم يؤلمها ألمه!...شددت مسرة في ضمها لتقول لغسق بتبرير...
(لا تقلقي يا دكتورة فأختي تحب صهري بجنون و لا تتحمل عليه شيء)
ابتسمت غسق بتفهم تقول...
(انها رقيقة المشاعر)
صوت فتح الباب استرعى انتباههن فوقفن بترقب يطالعن الطبيب الذي خرج بصحبة كرم ثم خرج بعدهما أنور و ام ايوب...اسرعت مودة اليه تتساءل
(كيف هو يا دكتور؟!)
تكلم الطبيب بهدوء عملي...
(سيكون بخير الوضع ليس مخيفا...لقد دونت له بعض الأدوية و دهان لتخفيف الالتهاب و الحكة)
الورقة التي دونها الطبيب كانت بين يدي كرم فقال بهدوء...
(شكرا لك يا دكتور سأشتريهم له في الحال)
اومأ الطبيب ليتحرك مع كرم تجاه باب الشقة لكن صوت أنور اوقف كرم حينما عرض هو النزول للصيدلية...
(انتظر كرم اعطني أنا من سينزل و ابقى هنا فلا يصح ان تترك زوجتك لوحدها)
منحه كرم وصفة الطبيب فخرج انور سريعا ليعود كرم للداخل واقفا جوار غسق المتتبعة لكل حركاته...همس لها بصوت لا يسمعه سواهما
(لا بد من أنك مرهقة بعد يوم طويل فلا تؤاخذيني دوما اتعبك معي)
ابتسمت له تهمس مثله....
(لا مشكلة كرم...اكتشفت مؤخرا انني أحب مشاركتك الاشياء)
داعبت بسمة سعيدة ثغره فلم يبخل عليها بها و قد ارتسمت كاملةً لتنير حنايا وجهه فتأسر عينيها اللامعتين...صوت مودة الصادر نبأهما لخروج ايوب من الغرفة فرفعا عيناهما اليه يتابعان ملامحه المتذمرة و المحرجة!
(أيوب لمَ خرجت عليك الراحة في السرير؟!)
زم شفتيه و الحرج يزداد ليقول بسخرية...
(بالله عليكِ مودة لا تشعريني بأنني امرأة في فترة النفاس انه مجرد جدري مائي!)
دارى كرم بسمته بشق الأنفس لكنها ارتسمت على وجه غسق من طريقة أيوب...واضح جدا انه يعاني الحرج من اصابته بمرض معروف عنه انه للأطفال...علت ضحكة مسرة تقترب منه قائلة بسماجة...
(يبدو ان مناعتك يا صهري ضعيفة لدرجة التقطت العدوى من طفل عابر في طريقك)
منحها ايوب نظرة متضايقة من الدرجة الأولى ليقول..
(و لمَ لا تكونين أنتِ من تسبب لي في العدوى فلا يوجد طفلة هنا غيرك؟!)
اشتدت ضحكة مسرة لتقف امامه مباشرةً ترمش بنظرة باردة و تقول...
(لن احزن منك يا صهري فأنت مريض و علينا تمرير بعض الاشياء لك...و لا تقلق لست أنا السبب فلقد اصبت بالجدري المائي و انا في عمر الثالثة عشرة)
ابعد ايوب عينيه عنها يهمهم بتهديد مبطن...
(حسابك بات ثقيلا معي لكن لك يوم بالتأكيد)
توبيخ مودة لأختها جعله ينظر لهما مراقبا شحوب وجه مسرة و حرجها من تواجد كرم و غسق...
(مسرة ليس كل المزاح يُقبل ألا ترين انه متضايق بسبب حالته فلا تزيديها عليه رجاءً)
تدخل ايوب بسرعة يقول بمرح...
(تمهلي مودة الأمر هين و أنا لا احزن من مسرة ابدا)
نظر لمسرة المحرجة يبتسم بحنو صادق قائلا...
(بالعكس بت معتادا على حديثها و مناكفتها لي)
همهمت مسرة بفم مقوس من الحزن...
(آسفة صهري لم اقصد)
نظرت غسق لكرم تهمس بحرج من الاجواء...
(أنذهب نحن؟)
اومأ لها متفهما ليقول...
(حمدا لله على سلامتك أيوب سنذهب نحن لندعك ترتاح)
اعترض ايوب بحزم...
(ما هذا الكلام يا كرم انها اول مرة تأتي فيها مع زوجتك هنا و تريد ان تمشي دون ضيافة)
تكلمت غسق هذه المرة تقول ببسمة...
(بالتأكيد لا تتعامل مع كرم كضيف لذا تعامل معي مثله من فضلك...اهتم بالأدوية و مواعيدها و لا تهمل حالتك عجل الله بشفائك)
تشابكت اصابع مودة بكف ايوب المجاور لها تقول بجدية...
(لن يهملها سأظل جواره حتى يتحسن ان شاء الله)
لملم ايوب اصابعه حول اصابع زوجته يمنحها نظرة محبة بينما عينيّ غسق بقيت معلقتين على كفيهما...ان تلامس اقرب الناس اليك بكل حرية امام الناس و لا تشعر بالخوف او التوتر لهو شعور علمت الآن انها ترغب في الاحساس به معه...مع كرم!
بادلها ايوب ببسمة شاكرة يقول...
(سلمتِ يا دكتورة لا تؤاخذينا اتعبناكِ)
تنحنحت بخفوت تضبط من هذه المشاعر الغريبة التي تتغير داخلها تجاه كرم...يبدو ان داخلها يسعى اليه كأنثى دون شعور منها و دون تفكير في الحادث!
(حمدا لله على سلامتك)
قالتها بصوت مهتز من فرط المشاعر التي تخالط فكرها الآن...تحركت مع كرم بعدما ودعهما الى باب الشقة و عقلها يتخبط بسؤال أهي حقا مشاعر حقيقية أم تحديا جديدا لنفسها بأن تغذي احاسيس انوثتها المولودة جديدا و كرم ليس إلا وسيلة لتنجز تحديها؟!...
في الشارع...
تباطأت خطواتها عنه بخطوة واحدة و عيناها تعلقتا بكف كرم المجاور لجسده...بماذا ستشعر لو لمسته كزوجة و ليس كمساعدة كما يفعل دوما؟!...زفرت بقنوط تعاني تناقض مشاعرها و تقلبات مزاجها التي حقا باتت تؤرقها...اشاحت ببصرها بعيدا عن كفه لتحث خطاها بالسير جواره خصوصا انهما سيدخلان الى البيت لكنها لم تضع في بالها هذا النتوء البارز من الأرض بعدما دلفت البوابة الحديدية فتعثرت به ليلتف اليها في لمح البصر يلتقف كفها بكفه و يحاوطها بذراعه الآخر هاتفا بقلق...
(انتبهي غسق)
رجفة سرت في سائر جسدها تستشعر كفه بطريقة مختلفة تماما تتعجب من تواجدها في عقلها...ابتلعت ريقها و وجهه القريب القلق عليها يروق لها كثيرا...تعمقت نظراتها اليه لتضيق عينيها بصورة طفيفة بعدما لاحظت ان شفتيه غليظتين بصورة لا يلاحظها سوى القريب كقربها هذا...و دون وعي اطبقت اصابعها حول اصابع كفه لتزيد رجفتها مرات...ليست خائفة بالمرة رغم عدم ثباتها على مسمى صحيح لما تريد...نظرته القلقة تحولت لأخرى متفهمة بعشق دفين...كور اصابعه يحاوط اصابعها ببطء يمنحها في لمسته اجابة لما تفكر به في عقلها الآن...غسق لأول مرة تقيمه كرجل يداعب انوثتها و لو تعرف رغبتها هذه ماذا تفعل به...يموت شوقا و الله لتمنحه الفرصة في أن يعبر و يغزل من عشقه لها غزلا يليق بحبها...
(خالد مر على المخزن قبل الصعود للبيت لتخبر العمال بأن غدا سننقل ما جلبه كرم اليوم من البحر الى الشادر الرئيسي)
صوت سليمان بالخارج جاء كإنذار لهما لتبتعد غسق بسرعة بينما هو يفلت كفها ببطء يستحلفها بأن تبقيه ها هنا للأبد...دلف سليمان من البوابة فيشوب التعجب نظراته حينما رآهما لكنه تحدث برزانة...
(السلام عليكما...هل كنتما بالخارج أم لم تخرجا بعد؟)
و الله يود تقبيل كل شبر في وجهها الخجول أمام والده لكنه تماسك ليرد على والده بهدوء تزعزع كثيرا من قربها...
(و عليكم السلام يا حاج...لقد كنا عند أيوب فحالته ساءت و جلبنا له الطبيب)
تكلم سليمان بحزن مستفهم...
(لا حول ولا قوة إلا بالله ما به بني و ماذا قال الطبيب؟!)
(لا تقلق أبي الطبيب قال حالته هينة ان شاء الله)
قالها كرم باثا الطمأنينة في قلب والده...هز سليمان رأسه بتفهم ليخبرهم بحنان ان يصعدا فالجو بات باردا عليهما...و بعدما وصلا للأعلى طلب سليمان من زوجته أن تعد له القهوة و تجلبها في غرفتهما لأنه يود اخبارها عن شيء...و بعد تجهيزها دلفت صفية الغرفة لتجده جالسا على الأريكة يسبح على اصابعه بعدما انهى صلاة العشاء...وضعت القهوة على المنضدة امام الأريكة تبتسم له بحب فتقول...
(تقبل الله يا ابن عمي)
ضحك سليمان بخفوت بعدما انهى تسبيحه ينظر لها قائلا..
(اشعر و كأنني صغرت أكثر من ثلاثين سنة بعد ندائك لي بابن عمي)
ابتسمت صفية بتورد تهمس بحنين...
(كنت أخجل أن أنادي لك سليمان في بداية زواجنا و ظلت ابن عمي تتردد حتى حملت في خالد...كنت مجرد مراهقة في سن السابعة عشر لم تصدق ان الله استجاب لها و جعلها زوجتك)
ضمها سليمان اليه بحنان يقول...
(الله استجاب لنا سويا فلم أكن أريد من هذه الدنيا سواكِ يا غالية...اكرمك الله كما اكرمتني بحبك و وهبتني ابناءً افتخر بهم)
ربتت بيدها فوق صدره ببسمة حانية حتى قال...
(كرم عاد باكرا من رحلته و كنت قد اخبرتك عن رغبتي في دعوة زوجة عبد الصبور و ابنته لتناول الغداء معا كعائلة فما رأيك أن يأتيا غدا؟)
ابعدت رأسها عن صدره تقول...
(تشرفا في أي وقت يا حاج البيت بيتهما لكن ما رأيك لو جعلنا الدعوة كما هي بعد اسبوعين من الآن و كأن رحلة كرم لا تزال قائمة)
ضيق سليمان عينيه متسائلا...
(و لمَ كل هذا الوقت و قد عاد كرم؟!)
ابتسمت صفية بحب لصغيرها فقالت بنبرة ذات مغزى...
(غسق ستبدأ عملها من الاسبوع المقبل و كم كانت سعيدة بخبر قبولها و كرم حبيبي كان سعيدا لأجل سعادتها...دعنا نمنحهما بعض الوقت معا قبل ان ينشغل كل منهما في عمله فلا يزالا عروسين جديدين)
شاب الوجوم ملامحه فبهتت ابتسامته آملا بأن يوافق ابنه على طلبه بخصوص هدير و ألا يتبعثر جو البيت الهادئ الذي توده صفية لراحة ابنائها...





...يتبع...













AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-11-20, 11:18 PM   #923

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس و العشرون



بعد عدة ايام...
ضيق عينيه بتعجب فضولي من الصمت الذي اصبح يلازم البيت منذ عدة ايام...اغلق باب الغرفة خلفه يتحرك الى الدرج و ينزل بينما عيناه الزرقاوين تبحثان هنا و هناك عنهما وصل للأسفل حيث الصالة يتابع سيره حتى توقف عند الحائط الزجاجي المطل على الحديقة الخارجية يدقق النظر في كل ركن مباح لبصره من الحديقة...عقد ما بين حاجبيه بدهشة فكاد ينادي للمربية يسألها عن ابنه على الأقل فلن يبوح لغيره بأنه ايضا يود رؤية أريج...لكن صوتها المتخلل لمسامعه لفت نظره و اوقف صوته عن النداء...التفت حيث الغرفة الصادر منها صوتها وتقدم اليها ببطء ليدع لنفسه الانصات الى صوتها الحنون...لم يلامس حنانها ابنه فقط و هذا ما يعترف به بل لامسه ليتعمق فيه منذ عانقته بكل قوتها في غرفته و كأنها تعتذر منه عن سوء ما عاشه ببكاء ناعم لا يعرف كيف لنارية مثلها ان تدمج نعومة كهذه في روحها!...لامس مقبض الباب ليديره و يلج فتتوقف خطواته و تتسع عيناه بنظرة مذهولة لوهلة فيصدر سؤاله بصوت متعجب...
(أين ذهب أثاث الغرفة و ماذا تفعلان هنا؟!)
قفزت أريج بعدما كانت غارقة كليا في اللوحة أمامها من فوق كرسيها...تناظره بتوجس من ملامحه التي لا تنم عن شيء بينما تتمسك بفرشاتها المنغمسة في اللون الأزرق...تحرك بصر مؤيد في كل ركن من الغرفة الفارغة تماما إلا من عدة لوحات مستندات على الحائط و كرسي طويل نوعا ما تقف هي أمامه بملابس تكاد تتسبب في ضحكه...بلوزة قطنية خفيفة لا تناسب برودة الاجواء ذات فتحة عنق متسعة تبرز عنقها بالكامل ملطخة بالعديد من الألوان!...تجولت نظراته حتى وصلت خلفه فارتفع حاجبه بعدم تصديق حرفيا لما يراه...يائيل يجلس امام لوحة مماثلة لأريج على كرسي صغير بينما يرتدي مريول فوق ملابسه...نظرة حنان غلف بها ابنه الذي ينظر اليه بترقب فيبتسم له بسعادة اختفت كاملةً حينما عاد ببصره لأريج منتظرا اجابتها...تنحنحت بحرج و قلق تقول
(لقد طلبت من حارس الأمن ان ينقل اثاث الغرفة الى الملحق الخارجي بالبيت لأنني احتاجها...هل تمانع في ذلك؟)
تكلم بسخرية باردة بينما يدس يديه في جيبي بنطاله...
(و هل منحتي لي حرية الاختيار!!)
زمت شفتيها بنزق من بروده معها و قد رأت مرحه و ابتساماته كلها مع حبيبته السابقة...همهمت بذقن مرتفع و ثقة
(هذا بيتي ايضا و يحق لي فعل ما أريد)
ثبتت نظرته عليها لوقت اشعرها بالحرج...كان يدقق في ملامحها المتمردة و هي تجابهه بحقها في بيته...اطلقت عليه بيتها لأول مرة منذ تزوجها و لسبب ما يعجبه هذا...هز رأسه ببطء دون ان يريحها بكلمة واحدة ليتحرك الى ابنه و ينحني بجذعه ينظر الى ما وضعته امامه...اخرج كفيه من جيبيه سريعا يلتقط هذه الورقة الملتصقة باللوحة البيضاء فيسألها بجدية...
(هل أنتِ من منحه هذه الرسمة؟!)
صدرت اجابتها ببساطة...
(نعم!)
تكلم بصوت متأثر للغاية دفعها لأن تناظره بحنان جارف...
(يوم وجدتها معه في المشفى كنت متأكدا أنه من سيخبرني من منحها له بنفسه يوما ما)
شملت أريج يائيل بعينين حنونتين لتنادي على المربية و حينما أتت طلبت منها برجاء...
(خذِ يائيل ليغسل يديه و يبدل ملابسه)
اومأت المربية تساعد يائيل على النهوض و تتمسك بيده ليخرجا لكن الصغير لم يتزحزح من مكانه رامقا الورقة بين يدي والده بطلب صامت...بقلب أب متلهف سأله مؤيد بفرحة مختلطة بحروفه....
(هل تريد الورقة؟)
دون صوت كانت نظرته تجيب بنعم...ازداد تنفس مؤيد لترتعش شفتاه بسعادة فيمد يده الى ابنه يعطيه رسمته...اخذها يائيل بهدوء ليتحرك بعدها مع المربية للخارج...مسح مؤيد فوق فمه يداري رعشة شفتيه فسمع صوتها السعيد تقول..
(سيأتي هذا اليوم مؤيد حتما...ألا ترى بعينيك أنه يتطور في تصرفاته و يعبر عن رغباته حتى لو دون صوت...لن اتركه مؤيد صدقني لن اتخلى عنه ابدا)
التمعت عيناها بدموع امام عينيه المتوهجتين بزرقة صافية تقول...
(أنا مثلك تماما أنتظر سماع صوته بفارغ الصبر...يائيل و أنا ربما لا يربطنا الدم و لكن عاطفتي نحوه تكفي لأن يكون ابني الثاني الذي لم أنجبه بعد أكمل)
يا لكِ من معطاءة حنون تلامس أرواح سكنت في قبور الموت من سنوات لتمنحيها أملا بأن بعد الموت حياة!...قد منحتي ابني حياة حينما استقبلتِه بين احضانك بدفء أمومي حرمه القدر منه...و منحتني أنا حياة حينما نبشتِ بأظافر الخلاص جدران صماء حُبست خلفها مكبلا عاجزا و متوجعا رغم قوتي الظاهرة للناس...يا لكِ من امرأة يا أريج!
بكل ما يدور في عقله و روحه من اعجاب بها و بشخصيتها كبله داخله ليستعيض عنه بسؤال صغير لا روح به...
(إذًا تملكين موهبة بالإضافة للطب؟!)
ابتسمت بتفهم لتحويره مجرى الحديث...مؤيد لا يزال متحفظا من ابراز مشاعره امامها كي لا تهتز هيبته في عينيها...وافقت ان تماشي رغبته في عدم الحديث لتهز رأسها هامسة بصوت كان عاديا لينتهي بغصة مؤلمة...
(نعم أحب الرسم و كم تمنيت أن أدرسه و احترفه لكن أهلي رفضوا هذا و اختاروا لي كلية الطب)
صوتها الحزين يثير بداخله رغبة في ان يحتويها و يهدهدها كابنه حينما يبكي في صمت...لولا انها تسبل اهدابها لرأت نظرة حنونة تحاوطها منه كما صوته الصادر...
(أفهم من حديثك انك أُجبرتِ على ارتياد كلية الطب؟)
لم ترد عليه بحرف مكتفية بتلاعبها في فرشاة الألوان في يدها...تفهم صمتها فعاد ينظر للوحاتها عند الحائط...تبدو متمرسة في الرسم فكل ما يراه يُعد تحفا فنية...عيناه حطتا على اللوحة المجاورة لها فتقدم منها متسائلا...
(لوحاتك كلها مناظر طبيعية فهل ترسمين مثلهم الآن؟!)
رفعت رأسها تناظره بجزع فرفعت كفها الحر توقفه به قائلة برجاء بينما توزع نظراتها عليه و على اللوحة...
(مؤيد لا تقترب رجاءً فلا أريدك أن ترى هذه اللوحة من فضلك و لا يمكنني تغطيتها فالألوان لم تجف بعد عليها و سيضيع تعبي كله هكذا!)
توقفت خطواته بالفعل ليرمقها بنظرة جامدة لكن بداخله عاد حس المشاكسة ينمو فيُنشط حجرة الذاكرة باستخراج روحا كانت له يوما...سألها بصوت هادئ يصيبها بالتوتر...
(لماذا لا تريدين مني رؤيتها؟!...أم أنك ترسمينني؟!!)
وجنتاها سريعتي التأثر بالخجل جعلاه يرفع حاجبيه عاليا بعدم تصديق...هل ترسمه حقا؟!...زاد فضوله و دمائه تتحرك في جسده بحماس بعد طول ركود ليستكمل خطواته تجاهها فتصرخ هي برفض راجٍ...
(مؤيد لا تفعل ارجوك و لا تقترب!)
لم يمنحها الوقت الكافي لتفكر بالمرة...اسرعت اليه لتوقفه بنفسها و حينما تقابلت خطواتهما معا وضعت كفها الحر فوق صدره تدفعه للخلف بغضب بدأ يُولد من فضوله...داعبت كفها الرقيقة خلايا قميصه فشعر بقوتها في منعه...كيف لها أن تكون بهذه القوة و في نفس اللحظة في قمة الأنوثة الناعمة؟!!!...صوت رجاءها يرفع من معدل متعته في رؤية اشتعالها المحبب...اوقف خطواته برغبته لكنه شاكس بحركة رأسه حينما اشرأب بها تجاه اللوحة...لحظة واحدة هي عمر مشاكسته التي انطفأت حينما لامس شيء بارد خده الأيسر...ضيق عينيه كثيرا يخبر نفسه بأنها لم تفعلها حقا...تنفس بصورة منتظمة ليكبح ذهوله و هو يدور عائدا ببصره اليها فيصيبه منظرها بالجمود...بالقرب من صدره و بعينين متسعتين من الصدمة...يدها لا تزال مرفوعة قرب وجهه بفرشاتها التي لطخت خده...تتنفس بتسارع مترقب و حرج يلفها فيجعلها تتأسف بنظرتها اليه...ابتلعت ريقها تنزل يدها هامسة بصدق متلعثم و كأنها ابنة الخامسة عشر...
(مؤيد و الله لم أقصد ان ألطخ وجهك لقد نسيت ان الفرشاة في يدي اصلا...الحق كله عليك لقد رجوتك ان تتوقف...آسفة حقا سأبحث لك عن قماشة نظيفة تنظف بها وجهك)
هيئتها هذه امامه اصابته بالتخشب للحظات...كل ما يحتاجه هو لحظات ليتأكد من ان هذه المرأة قرب صدره قد أثرت به حقا!...اوقف حركتها حينما تمسك بكلتا ذراعيها مقتربا بوجهه منها تحت نظراتها المتسعة بخجل...و عن بعد سنتيمترا واحدا وهبها نظرة لن تنساها ما حييت...ليميل بوجنته اليسرى الملطخة الى وجنتها اليمنى يمسح ما سببته في خدها...بعد شهقة صدمة منها داعبت رائحته انفها فسرت في عروقها كمخدر جعلها تغمض عينيها باستسلام...مؤيد الجراح المتعجرف بارد الملامح وسيم المحيا و موجوع القلب في هذه اللحظة تعترف بكل قواها العقلية انها...أحبته!
توقف عما يفعله ليهمس قرب اذنها...
(انتبهي فيما بعد لأنني لا اترك حقي)
فتحت عينيها تراقب جانب وجهه القريب و الذي بدا يبتعد عنها حتى استقر امامها...فلا تعرف أما تراه منه هو ابتسامة أو تتوهم لكنه لامس وجنتها النظيفة يقول...
(أصبحت حمراء كالفراولة!)
انفرجت شفتاها تزفر نفسها المتأثر بحدة و قد استجمعت مع حركتها هذه شتات أمرها لتناظره بغضب متسلل له ضعف لذيذ لعينيه...دفعته بقوة في صدره لترفع يدها و تمسح وجنتها امامه بقسوة و هي تهمهم بتعجب...
(أهذه أفعال رجل تخطى الثلاثين!!)
تكلم بهدوء لم يكن باردا هذه المرة و اشتعال أريج نشب في خلاياه...
(وددت سؤالك نفس الشيء...هل هناك امرأة تحمر خجلا لأن زوجها لطخ وجهها بالألوان كمراهقة و هي في الثلاثين؟)
ناظرته ببلاهة تحولت لتساؤل جاهل...
(هل تسمع نفسك حقا؟!!..)
هز رأسه بهدوء مجيب...
(نعم اسمعها...)
جزت أريج فوق ضروسها و كل ما تريده هو ان يخرج حالا و يتركها تلملم بقايا روحها المبعثرة...لقد اعترفت لنفسها توا انها تحب مؤيد...تأثرت بقربه...و هذا يدل على ان غيرتها الأيام الماضية كانت عليه لا لأجله...يا إلهي ماذا فعلتي بنفسك أريج؟!!!...هتفت بحدة مبالغة تداري خجلها منه
(اتركني اكمل ما افعل مؤيد...اصلا من سمح لك بالدخول الى هنا!!)
و بنبرة عادية اجاب...
(انه بيتي ادخل و اخرج كيفما اشاء)
حكت وجنتها الملطخة بحدة مجددا تهتف فيه بغضب...
(حسنا و دخلت و عرفت ما تريد معرفته و الآن اخرج)
ثوان مرت ساعات عليها و هو يتفحصها بطريقة تزيد ارتباكها قبل ان يقرر رحمها و الخروج من الغرفة...و قبل ان يخرج التفت يقول بنبرة هادئة...
(لا تتأخري في السهر فالنوم سيجافيني حتى اشعر بك جواري على السرير)
ادار مقبض الباب يوليها ظهره و هناك بسمة عريضة لم ترتسم منذ زمن طويل للغاية تزين وجهه...خرج ليغلق الباب خلفه فتتحول بسمته من متسعة مشاغبة لهادئة حانية...همهم بخفوت مبتسم
(ماذا فعلتي يا أريج!!)
و بالداخل فور اغلاقه الباب جثت على ركبتيها بضعف كبير...لأول مرة يقترب منها رجل لهذه الدرجة...و ليس أي رجل بل هو رجل توقن بأنها تملك له مشاعر حب!!...غطت وجنتيها بكفيها تشعر بحرارتهما فتهمس بعدم تصديق...
(أحببتِ مؤيد يا أريج!!!...)

************
أنزل الستار بعدما احكم غلق شرفة حجرته فالهواء بات باردا...توجه الى خزانة الملابس يفتحها و يستخرج قميصا قطنيا ليتوجه به الى الحمام فحان موعد دواءه و عليه تغطية البثور في جسده كله بالدهان الذي وصفه الطبيب...لكن صوت جرس الباب جعله يلقي القميص فوق السرير و يخرج من الغرفة اليه...الشقة فارغة عليه فبالرغم من أن مودة لا تتركه مطلقا و تهتم بأكله و دواءه إلا ان في هذا الوقت من اليوم تنزل لأمه لتساعدها في اعداد الطعام...مرت أيام و هو حبيس البيت بجسد يُشعره بالحكة و لن ينكر يُشعره بالحرج ايضا خاصة حينما تقوم مودة بمساعدته...وصل للباب يفتحه بوجه حُفرت عليه معالم الكآبة بسبب حالته ليصادف مسرة...رفعت طبق فواكه كبير تمده اليه قائلة بملامح بائسة...
(خالتي ترسل لك هذا و تخبرك أن تأكلهم كلهم خاصةً البرتقال)
ضيق عينيه متسائلا باهتمام...
(ما بك تبدين حزينة و لا تشاغبي معي مثل قبل؟!...هل تخاصمنا أم انك خفتي لتصيبك العدوى مجددا؟!)
زمت شفتيها تناظره بغضب ظن انها ستجسمه في كلماتها لكن ما صدر عنها كان مختلفا كليا...
(آسفة صهري فحقا لم أكن أقصد جرح مشاعرك قبل أيام)
اتسعت عينا ايوب بعدم تصديق يسألها...
(لا تخبريني انك حزينة منذ وبختك مودة؟!)
يفترض ان تناظره بوداعة طفلة حزينة لكنها لا تزال تناظره بغضب جعله يضحك قائلا بتعجب...
(يا لكِ من فتاة يا مسرة!...لم أكن اعرف ان قلبك اسود هكذا يا بنت!...اختك لم تقصد و انا لم احزن)
رفعت حاجبها بشك جعله يصحح قوله دون ان يفقد ضحكته
(حسنا اوقات اشعر بأنك بلوى سُلطت علي لكن و الله لم احزن منك و لن افعل فأنتِ مثل اختي الصغيرة)
في هذه اللحظة توقع منها اي رد فعل إلا هذا...البنت بكت أمامه و اسرعت تحتضن طبق الفاكهة بكف بينما الآخر رفعته تمسح به عينها فتهمس بصوت متحشرج...
(أنا لا احزن من مودة مطلقا لأنني اعرف كم أختي طيبة القلب و حنونة...ارجوك صهري لا توجع قلبها فهي لا تستحق هذا...اختي تحبك كما لم يُحبك احد من قبل صدقني و لأجل راحتك قد تؤذي قلبها و تتألم فقط لتراك هانئا سعيدا)
رفعت له عينيها الباكية ترجوه بكلماتها الموضحة له...
(منذ كنا صغارا و هي تحبك حتى عندما رحلت مع عمي رجب الى هنا تعلقت بوعدك و ظلت تُذكر نفسها به ليل نهار لسنوات)
ابتلع ايوب ريقه متعاطفا مع حال مسرة و متأثرا بقلب يمامته و ما مرت به منذ تركها...سألها بخفوت
(أي وعد هذا؟!)
احتدت نظرتها من بين دموعها لتهتف بغضب باكٍ...
(حتى ذاك الوعد نسيته!!...يوم سفركم اخبرتها انك ستعود لأجلها لأنها صديقتك الوحيدة و اقرب الناس اليك و انك لا تحب غيرها و تود لو تبقى بجانبها لأخر العمر)
هل قال هذا حقا ذات يوم؟!...يشعر و كأن الكلمات ليست غريبات على ذاكرته و لكنه متعجب مما قاله و من تعلقها بما قال!...ابتسم بحنين لشخصيات تتوارى خلف ضباب يحس به يتلاشى او يقنع نفسه بأنه سيتلاشى المهم انه سيمحيه ليربط ذكراه مع مودة بحاضره و مستقبله للأبد...همهم بمرح مازح
(يبدو ان اختك كانت غارقة في حبها لي و اتخذت قولي هذا حجة لتدينني بها في المستقبل!...)
(صهري!!)
صوت مسرة المحتد جعله يضحك قائلا..
(اهدئي فقط امزح)
تنهد يلتقط انفاسا ممزوجة بعبق خمري صنعته مودة ليلوح في افق اجواء حياته ليهمس بصدق...
(لا تقلقي على اختك مسرة، لقد سكنت قلبي و لن تخرج منه إلا مع اخر نفس كتبه الله لي في هذه الدنيا)
زادت دموع مسرة و هي تناظر لمعة عينيه الهائمة و صدقهما...ارتعشت شفتيها لتبتسم له هامسة
(و الله هي تستحق هذا و اكثر...مودة شخصية رائعة لا مثيل لها)
(اعرف و اعدك احافظ عليها داخل عيني)
ضحكت برضا لتمد له طبق الفاكهة قائلة بلطفٍ...
(خذ الفاكهة بالصحة و العافية)
اخذ الطبق منها يقول بمشاغبة...
(هل رضيت حماتي الثانية عني اخيرا؟!)
هزت رأسها بنعم تقول بخجل...
(ما دام تحب اختي فقدرك في قلبي كقدرها)
القت رجاءها بسرعة لتركض الى الدرج تحت تعجبه...
(انتظر لحظة صهري و سأعود حالا)
عقد ما بين حاجبيه يتابع هرولتها على السلم مهمها...
(البنت جنت!)
لحظات قليلة و عادة له بصدر ينهت تتمسك بدفتر يبدو قديما و تضعه في كفه الفارغ من طبق الفاكهة لتقول بنفس متقطع...
(هذا دفتر...يخص مودة عليك أن...تراه)
قلب الدفتر في كفه بعدم فهم...سمعا نداء مودة لأختها كي تنزل و تساعدهما فطلبت منه بشقاوة تتحرك تجاه الدرج...
(لا تخبر مودة بما دار بيننا الآن...و لا عن الدفتر ايضا اتفقنا؟)
ابتسم برفق يقول...
(حسنا...و انزلي الدرج على مهل كي لا تتأذي يا بنت)
بعد قليل...
صوت غلق باب الشقة نبأه ان مودة وصلت...اغلق دفترها سريعا ليقف و يبتعد عن السرير يدسه بين ملابسه في الخزانة...لا يصدق ان مودة تحبه كل هذا الحب منذ طفولتها...لقد غرق بين صفحات دفترها في ذكريات دونتها بخط طفولي لكل يوم قضياه معا و لكل موقف جمعهما...كانت تصفه صديقها المفضل لتتغير هذه المكانة كما تغير خط يدها بعد سنوات و تعبر عن حبها له...هناك رؤى تزور عقله منذ قرأ الذكريات و كأنه يسمع صوت ضحكات اطفال تخالط حبل التذكر لتنسج له هياكلا غير مكتملة لكنها كافية لتؤكد له انه عاش تلك الذكرى من قبل...رفع بصره الى باب الغرفة بعدما دلفت منه تسأله بحنان...
(هل أخذت دواءك؟!)
هز رأسه قائلا...
(نعم...لكنني لم أدهن جسدي بعد)
برمت شفتيها برفض تتقدم منه قائلة بتوبيخ...
(لماذا تأخرت هكذا لقد مضى نصف ساعة على ميعاده)
تحركت عيناه ببطء على ملامحها هامسا...
(كنت منشغلا بشيء هام و نسيت نفسي)
اتجهت الى درج طاولة الزينة تستخرج منه الدواء قائلة بأمر محذر...
(أيًا كان ما كنت تفعله لا تنشغل عن الدواء ابدا أيوب و دع هذه الفترة تنتهي بسرعة)
وقفت قبالته تضع علبة الدواء بين كفيه حتى تستطيع فتح ازرار قميصه دون دعوة كي تساعده كما تفعل دوما فلا يقوى على دهن البثور في ظهره...طوقها بذراعيه مقربا إياها منه هامسا بحرارة ملاعبة...
(كنت مشغولا بالتفكير بك يا يمامة)
لم تهتم لمشاغبته فقد اعتادت عليها...الآن كل همها هو رعايته ليتعافى سريعا...انهت فتح ازرار قميصه لتزيحه عن كتفيه و تتملص من بين احضانه قائلة بأمر...
(هيا أيوب أنزع كنزتك هذه لنضع الدواء)
ببسمة عابثة افلتها بطاعة ينزع ملابسه و يقف امامها عاري الجذع...بنفس التصميم الحازم أمرته بأن يجلس على السرير لتتمكن من وضع الدهان له...جلس كما طلبت و بدأت هي بأخذ قطعة قطن صغيرة تغمسها في الدواء و تحركها على صدره تغطي البثور المتناثرة هنا و هناك...يتابع ملامح وجهها من هذا القرب الحميمي بينهما و ان كان ما تفعله و حالته لا يمتا للحميمية بصلة لكن يكفي انها قرب قلبه هكذا...همس بصوت خافت يشاكسها...
(ألم أطلب منك أن أضع هذا الدواء لنفسي؟!...لماذا لا تصدقيني يا بنت قربك مني بهذا الشكل يفقدني اعصابي!)
توقفت يدها لثوان متأثرة بكلامه لكنها عاندت لتكمل ما تفعله قائلة...
(حتى و انت مريض لا زلت محتالا...توقف أيوب و دعني انهي ما افعله يكفي تأخرك عن موعد الدواء!)
لامست خصلات شعرها صدره و هي تميل على كتفه تدهنه فضحك بتأثر يقول...
(لكنني لا اتحايل يا يمامة)
حاوط خصرها بكلتا كفيه يسحبها منه و يُجلسها فوق فخذه الأيسر...ليعود و يلتقط كفها الفارغ من القطنة و يضعه مباشرةً فوق موضع قلبه قائلا بحب صادق...
(اسمعي نبضي كيف يهدر بسبب قربك و دعيه يخبرك ان صاحبه وقع فيكِ و لم يسمي عليه أحد... و الله غرقتُ كليا يا يمامة)
تلامس صدره بأصابع ترتعش بفعل نبضه الهادر حقا...غامت عيناها بحبه فغشيتها دموع فرح من أن هذا الحديث منه لها هي...اقترب بوجهه منها لكنها تماسكت لتبعد وجهها عنه خجلا...توقفت انفاسه مع حركتها و كم أوجعه بعدها لأنه أوضح له بأن حبه لم يصل لها بعد...تنهد بخفوت لكنه لم يستسلم فتحركت اصابعه الى فتحة عنق جلبابها الواسعة يجذبها للأسفل ليميل طابعا قبلة شديدة الدفء أعلى جيدها متمهلا في ملامسة بشرتها بعد طول حرمان...يشعر بصدرها الذي يعلو و يهبط فلا يبتعد معاقبا إياها على هروبها منه...همسها المتوسل باسمه رق قلبه له فابتعد دون ان يفلتها من تحت نظراته ليهمس بوعد فقد معه كل الصبر...
(أيوب يجيد الصبر لكن حقا هنا و كفى...فقط اتعافى يا مودة و بعدها سأجعلك تفهمين ما يعنيه نبض قلبي)
قضمت شفتها السفلى تنظر في عمق عينيه اللامعة فتجد نظرة انتظرتها طويلا جدا تخبرها بما يريد ان تفهمه من نبض قلبه....





...يتبع...













AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-11-20, 11:24 PM   #924

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس و العشرون



بأيد ترتعش رعبا و رفضا فتحت باب غرفة فلك لتنهي المهمة التي وكلتها لها لبنى...استقبلتها فلك ببسمة صافية تهمس...
(صباح الخير يا وردة...كيف حالك اليوم؟)
بنظرة أسف رمقتها وردة لتهز رأسها قائلة بغصة مريرة..
(صباح الخير...الحمد لله، كيف حالك أنت سيدتي؟)
هزت فلك كتفيها بضجر تقول...
(أشعر بملل رهيب لكن ماذا أفعل فالحركة ممنوعة)
ابتسمت الخادمة بود تدعو لها...
(أتم الله حملك على خير...إن لم تحتاجيني في شيء سأبدأ في تنظيف الغرفة الآن)
أشارت فلك على جهاز التحكم عن بعد تطلب برجاء...
(من فضلك وردة اعطني جهاز التحكم لأشاهد التلفاز حتى تنهي عملك)
اسرعت وردة لتلتقطه و تمنحه لها...انتظرت حتى انشغلت فلك مع البرنامج المذاع لتبدأ بحثها عن هاتفها بسرعة قبل ان تأتي هيام و تعيق حركتها...و لحسن حظها وجدت الهاتف بسرعة لم تتخيلها موضوعا فوق الطاولة الجانبية للسرير...ابتلعت ريقها بوجل تختلس النظرات لفلك و تمد يدها تلتقطه بخفة و تدسه في طيات ملابسها...انهت ترتيب الغرفة في وقت اقل من العادي لتهرول الى الباب بعدما اخبرت فلك بكلمات مقتضبات انها انهت عملها...لكن صوت فلك المنادي لها اوقف الدماء في عروقها...
(انتظري وردة)
التفتت بوجه اصفر اليها لكنها زفرت براحة حينما طلبت فلك منها...
(إن استيقظت أمي ابلغيها انني اريدها)
هزت رأسها بموافقة سريعة لتخرج فورا من الغرفة تزفر برعب مرتبك...هرولت على السلم لتصل الى المطبخ تتنفس بخوف...نظرت للخادمة المساعدة لتقول بأمر
(اذهبي و ايقظي السيدة هيام لأن السيدة فلك تريدها)
انتظرت حتى خرجت الخادمة لتراقب الاجواء بالخارج بوجل ثم تسرع لتخرج هاتف فلك من ملابسها و تخرج معه ورقة مدون عليها رقم هاتف ما...بأصابع تهتز فتحت الهاتف لتسجل عليه الرقم باسم أيوب و تُرسل له رسالة اوصتها لبنى بها و لا غيرها...دست الهاتف و الورقة مجددا في ملابسها لتبهت ملامحها و الذنب تجاه فلك يخنقها فتهمهم بحزن...
(سامحيني و الله لولا حاجتي و تهديد السيدة لبنى ما كنت فعلت هذا ابدا)

***********
(كرم...)
ابتعد عن السيارة بعدما وضع ما كان بيده داخلها ليغلق بابها و يلتفت الى غسق التي خرجت من بوابة البيت للتو...متألقة و مشرقة بأمل غُرس في روح أبية كروحها الغالية...ابتسم يجعد أنفه من برودة الجو متسائلا...
(جاهزة أليس كذلك؟)
تقدمت منه ببسمة تقول...
(نعم و متحمسة ايضا و كأنه أول يوم لي في المدرسة)
ضحك بخفوت يلتقف نجماتها اللامعات في عينيها حبيبتيه قائلا بتشجيع...
(سيكون يوم عمل أول موفق بإذن الله...)
بحماس سحبت بعض الهواء البارد الى رئتيها فاحمرت انفها لتهمس له...
(هلا ركبنا السيارة فالجو بارد)
(ألم ترتدي ملابس ثقيلة كفاية؟)
سؤاله المهتم بجدية لامسها فقالت بهدوء تطمئنه...
(بلى ارتديت لا تقلق)
هز رأسه يحثها على ان تركب سريعا فتوجهت الى باب السيارة تفتحه و تلج...ربطت حزام الأمان بينما يركب هو و يفعل المثل و قبل أن يشغل المحرك التقط كيسا ورقيا للهدايا يضعه في حجرها قائلا ببسمة...
(فكرت أن أحتفل معكِ بمناسبة قبولك في العمل لكنني انشغلت بعملي أنا فاقتبست من وحي هديتك لي هدية آمل أن تعجبك)
بقلب يقفز نبضه سألته بعدم تصديق...
(هدية لي أنا؟!)
فتحت الكيس بلهفة لتجد بداخله علبة كرتونية...اخرجتها تفتحها بسرعة فتلف عينيها نظرة اعجاب منشده...بأصابع تهتز من البرد و السعادة سحبت الميدالية الفضية التي تحمل اسمها ترفعها امام عينيها لتهمس بانبهار...
(انها رائعة جدا يا كرم)
ادفأت جملتها قلبه فلم يعد يأبه بعواصف الشتاء حوله فينفرط كلامه من روحه موضحا...
(لقد تأخرت كثيرا حتى وصلت و كانت احدى اسباب الغاء احتفالي معك...فلا يصح ان نحتفل دون هدية)
لامست اسمها المتدلي من الميدالية ببسمة معجبة فتقول...
(يكفي أنك تتذكرني و تهتم لأمري كرم)
(لم أنساكِ يوما منذ عرفتك يا غسق)
جملته اربكتها و لكن الارتباك هذه المرة كان محمود العواقب دون تجهم او رفض...انشغلت في تعليق هديته في سلسلة مفاتيحها بينما هو انحنى يعلي صوت الراديو قبل ان يشغل المحرك و يخرج بالسيارة من الحي...و في صمت ابلغ من الكلام و دون ترتيب مسبق و كأن محطة الراديو تآمرت عليهما انسابت موسيقى أغنية رومانسية لتكن كلماتها أصدق ما يعبر عن مشاعرهما...

نخبي ليه في اسرارنا.. و أنا و أنت مفيش غيرنا
و لو ننسى مشاعرنا.. نكلم مين يفكرنا
يا روح الروح بتنساني.. و أنا فاكر و مش نساي
تغيب عن عيني من تاني.. و من غير حب أعيش ازاي
و مهما تغيب بعيش وياك.. و اشوفك وردة في الشباك
و دمعة حب في عنيا.. بتستناك يا أحلى ملاك

اصابعها تلامس هديته فوق حجرها و لأول مرة تتوغل كلمات أغنية ما و تخترق روحها كما يحدث الآن...

قالولي الحب له علامات.. في نبض القلب و الهمسات
و روح بتطير تنادي عليك.. و رعشة أيد في السلامات

ارتعشت اصابعها لتترك الميدالية و ترتفع حتى صدرها تستشف نبضه ال...السريع!!!...هل تغيرها مع كرم مؤخرا هو حب؟!!...التفتت له تناظر جانب وجهه فتزيد ضرباتها أكثر...التفت لها في هذه اللحظة فتتعلق عيناه بعينيها و كلمات فقدت الشجاعة لتعبر الشفاه ها هي تُقال دون صوت بالعيون...

في عز سكوتنا نتكلم.. عيونّا بتحكي و بتحلم
و أنا حسيت بأنفاسك.. تدفي أيديا و تسلم

بأنفاس متسارعة انزلت كفها عن صدرها و اشاحت بوجهها بعيدا عن عينيه...اختارت النافذة المجاورة لها لتنشغل بها كي تهرب من نظراته...و لكن عقلها لم ينشغل عنه ابدا بل ظل يردد دون توقف استنتاجها عن مشاعرها...اغمضت عينيها تسأل نفسها التريث فربما ما يحدث هو مجرد انتفاضة من انوثة ذُبحت من قبل و بعد أن سلكت طريق مداوتها باتت تطلب حقها الفطري دون الاهتمام من سيكون مانحها هذا الحق!!...و بعد رحلة صامتة توقفت السيارة امام الشركة لتخرج منها تودعه فيسألها بهدوء...
(متى سينتهي دوامك؟!)
بخفوت اجابته...
(عند الثانية و النصف ظهرا)
ابتسم بحنان يقول...
(سآتي لآخذك ان شاء الله...بالتوفيق)
اومأت له ببسمة شاكرة لتدلف بعدها الى الشركة...تابعها حتى ولجت لينظر الى راديو السيارة زافرا نفسا مضطربا مهمها..
(يا لها من اغنية!!)






...يتبع...











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-11-20, 11:29 PM   #925

AyahAhmed

كاتبةفي منتدى قصص من وحي الاعضاء


? العضوٌ??? » 451462
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 1,566
?  نُقآطِيْ » AyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond reputeAyahAhmed has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الخامس و العشرون



بعد أسبوع...
(غسق تعالِ قبل أن تبدلي ثيابك قمر ستبدأ بعمل الحلى الذي اعجبك من قبل)
من داخل المطبخ استعدادا لتحضير عزيمة أم هدير و ابنتها و كعادة اعتادت عليها صفية بعد عودة كرم من البحر نادت هبه على غسق التي وصلت للتو من عملها مع كرم...هزت رأسها بموافقة لتلتفت لكرم قائلة...
(سأدخل لهن المطبخ)
اوقفها كرم يقول بتريث...
(بدلي ثيابك اولا و ارتاحي قليلا فيومك كان طويلا)
منحته بسمة شاكرة تقول...
(لست متعبة...شكرا لك)
نداء هبه المتكرر جعلها تسرع في خطاها الى المطبخ...اقتربت من قمر التي تساءلت بدهشة...
(هل احبت الدكتورة هذا الحلى؟)
تكلمت غسق ببساطة شخص اعتاد على الاجواء و الاشخاص و كأنه ولد هنا...
(نعم احببتها جدا و أريد تعلم طريقتها إن لم يزعجك)
ضحكت قمر تقول بمحبة...
(لا شيء سيزعجني حبيبتي و الله لو أعرف انها اعجبتك لكنت صنعتها لأجلك و ارسلتها لك)
اسعد غسق محبة الجميع لها فهمست بامتنان...
(شكرا لك يا أم بسام)
سحبت هبه كرسي مجاور لقمر لتدعو غسق للجلوس عليه...شكرتها غسق ثم جلست تراقب خطوات قمر المتمكنة بجدارة...و في الخلف تابعتهن سهر بقرف لتقول بتعجب مستفز...
(سبحان مبدل الأحوال منذ متى تجالسين زوجات أخوتك و تعلمينهن بطيب خاطر يا قمر؟!)
تنفست غسق بغضب كاره لهذه المرأة لكن صوت قمر المنشغلة تماما فيما تفعله صدر كأمر...
(و هل ستحاسبينني يا ابنة حسونة على ما أفعله...انتبهي الى ما في يدك فرائحة الشياط تعبئ المكان أم ان هذه رائحة دمائك التي غلت حتى تفحمت من الغل؟!)
اتسعت عينا غسق بذهول فلأول مرة تسمع احد يقلل من شأن أحد بهذه الطريقة السلسلة...اهتاجت انفاس سهر لتتقدم منهن تهتف بغيظ...
(قمر لا تنسين أنني زوجة أخيك الكبير و...)
قاطعها صوت قمر اللا مبالي و هي تطلب من هبه...
(حبيبتي هبه هاتِ لي السكين كي أقطعها قبل أن تدخل للفرن)
ناظرت هبه سهر بتوتر متخوف من رد فعل مجنون منها لتسرع الى درج الأدوات و تخرج السكين...أخذته قمر ببطء تقطع محتوى الصينية لتسأل سهر ببرود...
(آه سهر سمعت صوتك من لحظات أكنتِ تحتاجين مني شيء؟!)
ضربت سهر ظهر كرسي قمر بغضب لتصيح...
(ابدا يا روح سهر فيبدو أنك كبرتي في السن و حاسة سمعك ضعفت)
توقفت حركة يد قمر لتلتفت ترمق سهر بتحدي قائلة...
(عيدي ما قلته للتو فلم أظن أنني سمعت بشكل صحيح!)
طحنت سهر ضروسها لتناظر غسق المندهشة في جلستها بحقد و تزيح هبه من طريقها لتخرج من المطبخ دون رد...الاجواء تلبدت و هبه توترت تماما لكن غسق لم تتمكن من الصمت فقالت لقمر...
(لقد حزنت!)
وقفت قمر تحمل الصينية و تدخلها الفرن قائلة بنزق...
(سهر لا تحزن حبيبتي ستجدينها خرجت تشعل حريقا في مكان آخر)
وقفت غسق تقول بعدم فهم...
(لا أفهم لماذا تأخذ موقف من الجميع حتى لو لم تتعامل معه من قبل؟!)
تكلمت قمر تجيبها...
(تريد أن تصبح الكل في الكل و تسيطر على مكانة أكبر منها...لا تهتمي لها بالمرة فهي دوما هكذا)
ارادت غسق تغيير الموضوع فقالت بشكر...
(سأدخل غرفتي أبدل ثيابي و أعود لأساعدكن...شكرا لك قمر على وصفة الحلى)
هزت قمر رأسها تقول ببسمة صغيرة...
(بدلي ثيابك و ارتاحي في غرفتك قليلا...أمي اخبرتني أنك تخرجين من الصباح الباكر و نحن انهينا معظم الأكلات)
كادت غسق ترفض فتدخلت هبه بمحبة تقول...
(لا تقلقي يا دكتورة و اسمعي لقمر)
استسلمت غسق لهما و كم كانت شاكرة لتفهمها فهي حقا تحتاج لبعض الراحة قبل أن تبدل ثيابها استعدادا للقاء الضيوف...
بعد العصر...
وصلت أم هدير و ابنتها الى بيت سليمان المراكبي...فاستقبلهما سليمان و صفية في غرفة الضيوف حتى تعد نساء بيته سفرة الطعام...و بوجه شاحب و عينين مترقبتين جلست هدير جوار أمها أمامه تستمع لحديثه الذي رفع معدل رعبها...
(بسم الله ما شاء الله كبرت هدير و باتت عروسا جميلة...)
ابتلعت ريقها بوجل تناظره بتيه حتى سألها بصورة مباشرة...
(لماذا تثيرين قلق والدتك يا ابنتي؟!...هل هناك من يزعجك اخبريني فأنا هنا في محل والدك رحمه الله؟!)
قلبها يكاد يتوقف في صدرها من الرعب...تحركت يدها تلامس بطنها التي برزت قليلا و التي باتت تخفيها تحت ملابس كثيرة و واسعة لتهمس بحلق جاف...
(أنا أثير قلقها؟!!...لا يوجد شيء يا حاج و لا أحد يضايقني...لو كان يوجد كنت اخبرتك لتوقفه عند حده!)
رق قلب صفية للفتاة المرتعدة أمامها فتدخلت تقول برفق..
(عمك الحاج يقصد أنك بت شابة في سن زواج و حفظك الله تبدين جميلة و عرضة لطمع بعض الشباب السيئين فوالدتك قلقة عليك حبيبتي)
كادت تنزلق الدموع من عينيها لتهمس برجاء مميت أن يتوقفوا عن النبش خلفها...
(لم يتعرض لي احد يا حاج فالكل يعرف انني تحت رعايتك فلن يجرؤ على التعرض لي أي شاب)
لا تريحه هذه البنت هذا هو ما وصل له من جلستهم هذه...لكنه رأف بحالها و حال والدتها المترقبة بقلب يموت فابتسم برزانة يقول....
(أنت في رعاية الله و حفظه يا ابنتي...فقط أخبرك بأن عمك سليمان دوما يقف في ظهرك و يحميك حتى لو من نفسك فالنفس أمارة بالسوء)
(عشت لنا يا حاج)
همسها المهتز خرج من حلقها يعاني حالها الكارثي...صوت تنحنح كرم عند الباب جعلها ترفع عينيها اليه سريعا و تتعلق به...بينما هو اختص والده بنظرته قائلا...
(السفرة جهزت يا حاج)
خرجوا جميعا من الغرفة و كانت هدير أخرهم و قد تعلقت عيناها بكرم الذي سارع ليجاور زوجته في الجلوس...تقدمت من السفرة تجلس جوار والدتها في مقابلة كرم و غسق فتملئ الحسرة قلبها و تزيده ألما...دون شعور منها عيناها لا يتزحزحان عنه تصرخان فيه بنداء خفي لماذا تركها و تزوج غسق...و على الجهة المقابلة لاحظت غسق نظرات هدير السارحة في كرم كليا...التفتت سريعا اليه لتجده منشغلا في طبقه غير ملاحظا لهدير...ضيق كبير احتل روحها و هي تتبع هدير و نظراتها...لا تتحمل ان تنظر لكرم فتاة اخرى بهذه النظرة!...و على حين فجأة انتقلت نظرة هدير من كرم اليها فتفاجأت كلتاهما و لكنهما فشلتا في فك التشابك البصري بينهما...هدير ترميها بنظرات لوم لا تعرف مصدرها...و كأنها تعنفها على جلوسها جوار كرم!!!...الضيق حول قلبها يلتف اكثر فلم تتحمل و وقفت سريعا لتلفت نظر الجميع...همهمت بأي مبرر لتبتعد قليلا و تهدأ من شعورها..
(احتاج للملح سأجلبه من المطبخ)
دخلت المطبخ تستند على الطاولة بأنفاس غير منتظمة...لا تطيق نظرات هدير ابدا...لا تفهم و لا تريد ان تفهم ماذا تريد فقط فلتبتعد عن كرم!...زفرت بتعب من تخبط مشاعرها الذي تخشى تصديقه فتظلم معها رجل ككرم...شعرت بحركة خلفها فاستقامت معتدلة لتجد سهر خلفها...لقد لاحظت ما حدث على السفرة و ستكون غبية لو اضاعت فرصة كهذه تبث بها الحزن في قلب غسق...توجهت للبراد ببطء تستخرج منه زجاجة مياه قائلة بتعليل...
(مازن يريد شرب مياه باردة رغم برودة الجو)
رمقتها غسق بعدم فهم صامت تتبعها حتى اقتربت من باب المطبخ لكنها عادت تنظر لها قائلة بلهجة ذات مغزى...
(لا تطيلي البقاء هنا و الابتعاد عن زوجك...و الله لو كنت مكانك ما تركت زوجي في نفس المكان مع فتاة تقدم لطلب يدها من قبل)
قبضة قاسية تعتصر قلبها لتهمس بصوت خاوٍ متخوف...
(ماذا تقصدين؟!!)
شهقت سهر باصطناع تقول بندم...
(لا تخبريني انك لا تعرفين ان كرم اراد الزواج من هدير قبل ان يتزوجك!...)
خبت انفاسها فجأة و اسودت الدنيا في عينيها بعدما فسرت سهر لها معنى نظرات هدير لكرم...هل هذه هي حبيبته التي تسكن قلبه دائما و ابدا...هل اجبره حادثها على ان يتركها و يتزوج بها هي ليستر مصابها!...لم تفقه من قول سهر بعد ذلك شيء فكل ما فهمته انها خرجت و تركتها بقدمين رخويتين و قلب يحترق...
بالخارج...
تعجب كرم من عدم ظهورها مع سهر و قبل ان يسأل تكلمت سهر بتهويل تقول...
(زوجتك لا تريد الخروج من المطبخ يا كرم لا أعرف تبدو متوعكة او شيئا كهذا)
اجفله ما سمعه وقف سريعا يبتعد عن الكرسي و يتجه الى المطبخ بقلق...ابتلعت هدير ريقها بألم و هي ترى لهفة كرم و حبه لزوجته...لماذا حرمها من منح هذا الحب و الاهتمام لها و هي الأقرب اليه من غسق؟!!!...
دلف المطبخ ليهاله شحوب وجهها الغير مبرر فاقترب منها يتساءل بتوجس...
(غسق ماذا حدث و لماذا لا تريدين الخروج؟!)
حطت عيناها على ملامحه الملهوفة عليها لتترحل و تحط على قلبه...أتصدق ما تراه امامها في وجهه أم تصدق اعترافه بأن هذا القلب تسكنه اخرى...ابعدت وجهها عنه تهمس بخفوت...
(متعبة و لست بقادرة على تناول الطعام)
اقترب يلامس ذراعها برفق لكنها سحبته سريعا فعقد ما بين حاجبيه بترقب جاهل لفعلتها...قال بصوت متريث موضحا
(لدينا ضيوف و لا يصح ان نتركهم على الطعام بمفردهم...تعالِ جاوريني في جلستنا كي لا نحرجهم)
فلت منها زمام الأمور فهتفت..
(لا استطيع يا كرم)
بضيق مما يراها عليه و بأصول تربى عليها تخص كرم الضيوف سألها بلهجة عصبية...
(ما بك بالضبط؟!)
(اشعر بالاختناق...أهذا سبب كافي لأبقى في غرفتي)
قالت جملتها بصوت ضعيف و عينين متألمتين...تحركت تتخطاه لتتوجه الى الغرفة دون كلمة اضافية...
خرج لأهله بملامح واجمة يقول باقتضاب...
(غسق ليست بخير فدخلت ترتاح في الغرفة...لا تؤاخذينا يا خالة)
هزت ام هدير رأسها سريعا توقفه عن الاعتذار قائلة...
(لا بأس بني...أراح قلبك عليها الله و حفظها من كل شر)
هز رأسه شاكرا ليجلس في مكانه بقلب ملتاع عليها...
بعد انتهاء دعوة الطعام...
وقف سليمان ينادي لصالح قائلا...
(صالح تعال بني في غرفة الضيوف احتاجك في شيء)
ثم نظر الى سهر يطلب منها...
(حضري لنا القهوة يا ابنتي)
زفرت سهر بقنوط تنتظر دخول سليمان و ابنه للغرفة فتوجهت الى هبه تقول...
(فلتعدي انت القهوة يا هبه و الله جسدي يتعبني من اعداد طعام اليوم)
هزت هبه رأسها بموافقة لتحمل اطباق الحلوى و تذهب الى المطبخ...بينما سهر راقبت الصالة التي باتت فارغة جيدا قبل ان تتسحب الى غرفة كرم تلصق اذنها على الباب تطمئن على نتائج فعلتها في غسق...
بداخل غرفة كرم...
دخل ليجدها واقفة قرب الشرفة و الهواء البارد يلفح وجهها مسببا تطاير شعرها...اقترب منها قائلا بنصح
(هواء المساء شديدة البرودة اغلقي الشرفة و ادخلي)
تكلمت دون ان تلتفت له...
(لا اشعر بالبرد)
ضايقه ردها كما ضايقه ما فعلته على الغداء...ما بها لتتصرف هكذا؟...اقترب منها يسألها بجدية تامة
(ماذا حدث لتتبدلي هكذا غسق؟!...ما كان يصح ما فعلته و قد وضعتني في موقف سيء امام اهلي و ضيوفهم)
نبرته زادت ضيقها منه فصرخت في وجهه...
(لا تحدثني بهذه النبرة و كأنني طفلة مذنبة!)
و كأن الشيطان بينهما يوسوس لهما معا بألا تمررا ما يصدر من أي منكما...تحدث بلهجة غاضبة حادة يأمرها
(ابدا لا يعلو صوتك علي غسق فلا أحب هذا)
اهتزت حنجرتها تبتلع ما يصدر منه لتهمس بصوت مهتز..
(اليوم وضِعت في مقارنة فطبيعي ألا تحب أي شيء يصدر مني)
(ما الذي تقولينه بالله عليك؟!!)
سؤاله الملتاع بسبب نبرة صوتها و بؤس نظراتها لم يشفع له عندها فظلت صامتة تناظره بعتاب يشعل النيران في صدره...زفر بقوة يتحكم في اعصابه ليبتعد عنها بخطوات غاضبة...ابتعدت سهر سريعا عن الباب بعدما شعرت به...راقبته يخرج بوجه متجهم فاتسعت بسمتها برضا لكل ما سمعته...
في غرفة الضيوف...
(ألا تشتاق للأبناء يا صالح؟!)
سؤال والده ارسل في روحه الألم ليهمس بتمني...
(بلى يا أبي اشتاق و لكنها حكمة الله)
تنهد سليمان قبل ان يقول...
(الله وضع للإنسان حلول ليسهل حياته و لا يحرمه من متع الدنيا)
ضيق صالح عينيه بعدم فهم فتساءل...
(و نعم بالله يا أبي لكن ماذا تقصد؟!)
ناظره سليمان طويلا يتأنى قبل ان ينطق فالنطق هنا يكلف حياة!...
في غرفة كرم...
زارت الدموع عينيها لتتحرك في الغرفة بلا هدف...جلستها مع الطبيبة النفسية بقي عليها ايام و هي لن تتحمل ساعات بهذا الشعور...لم تجد حلا سوى ان تهاتف أريج لتشكو لها...و بعد سماع صوت أريج قالت بضيق
(أريج اريد مساعدتك)
وصلها صوت أريج المشجع...
(خير حبيبتي؟!)
تكلمت غسق بعصبية...
(في الآونة الاخيرة اشعر بأن مزاجي متغير دوما عصبية و حادة الطباع و هناك مشاعر عجيبة تنتابني خاصة لكرم!)
سألتها أريج بهدوء...
(اهدئي حبيبتي...ربما أنت متوترة من الاحداث الجديدة في حياتك قبولك للمعالجة النفسية و بدء العمل يؤثران على اعصابك)
هزت غسق رأسها نفيا تتحدث بضيق...
(لا يا أريج ما اشعر به يلازمني من قبل كل هذا...ظننتها اثار جانبية لتوقفي عن المهدئات لكن لا اعتقد ذلك!!)
عادت أريج تسألها...
(متى كانت أخر دورة شهرية لك غسق؟!)
صمتت غسق للحظات تفكر انها منذ فترة غاب عنها الحيض...همهمت ببطء
(لقد كانت بعد الحادث...فقط مرة واحدة و بعد الزواج لم تأتي ابدا!)
تنحنحت أريج لتطرح سؤالها التالي...
(هل أنت و كرم أتممتما زواجكما؟!!)
بالخارج...
مرت سهر من امام غرفة كرم و لم تكن تنوي التنصت اكثر بعد لكن صوت غسق جذب فضولها فعادت تلصق اذنها بالباب تستمع لكل حرف...خروج هبه من المطبخ و هي تحمل فناجين القهوة لم يخيفها فهي لم تلحظها من الاساس...توقفت خطوات هبه عند باب غرفة الضيوف و قبل ان تدق عليه سمعت صوت سليمان الذي جمدها...
(لقد تحملت و صبرت لسنوات بني لكن الله لم يكتب لك ولدا من زوجتك فلا ضير بأن تتزوج من جديد...هدير ابنة عمك عبد الصبور اريدك ان تتزوجها)
و في نفس اللحظة وصلت اجابة غسق لأريج و التي جعلت عيني سهر تشخصا و كأنهما سيخرجان من مكانهما...
(كرم لم يلمسني ابدا يا أريج!)
صوت تهشم الفناجين التي سقطت من يد هبه افزع سهر المتخشبة في وقفتها...خروج الجميع من غرفهم جعلها تبتعد عن غرفة كرم بذهول يتحول لبسمة غير مصدقة لما عرفت من خبر...كرم لم يلمس زوجته إذًا الصور حقيقة!!!





...انتهى الفصل...




بعتذر عن فصل الاسبوع الجاي

و بعتذر لأصحاب التعليقات اللي لسه مردتش عليها من الفصل اللي فات في أقرب فرصة هقراهم و أرد عليهم...ممتنة لصبركم











AyahAhmed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 12:14 AM   #926

ميرنا ميار

? العضوٌ??? » 441360
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » ميرنا ميار is on a distinguished road
افتراضي

روايه قمه فى الابداع

ميرنا ميار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 12:25 AM   #927

Nana96

? العضوٌ??? » 446337
?  التسِجيلٌ » Jun 2019
? مشَارَ?اتْي » 203
?  نُقآطِيْ » Nana96 is on a distinguished road
افتراضي

قفلة أليمة
الله يصبرنا لبعد اسبوعين 😢😢😢


Nana96 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 01:31 AM   #928

Mona eed

? العضوٌ??? » 386376
?  التسِجيلٌ » Nov 2016
? مشَارَ?اتْي » 127
?  نُقآطِيْ » Mona eed is on a distinguished road
Rewitysmile23

ياالله كارثة النهاية كارثية الحقيرة سهر
قلبى وجعنى على سهر
ياالله


Mona eed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 01:32 AM   #929

ميرنا ميار

? العضوٌ??? » 441360
?  التسِجيلٌ » Feb 2019
? مشَارَ?اتْي » 76
?  نُقآطِيْ » ميرنا ميار is on a distinguished road
افتراضي

جميله جدا ومشوقة بالتوفيق ان شاء الله

ميرنا ميار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-11-20, 02:41 AM   #930

Arjoana

? العضوٌ??? » 370019
?  التسِجيلٌ » Apr 2016
? مشَارَ?اتْي » 308
?  نُقآطِيْ » Arjoana is on a distinguished road
افتراضي

لا كذا مايصلح بعد ماحطيتي الصدمات ورى بعض تعتذرين الاسبوع المقبل

كيف نتحمل هالاسبوعين 😣😣😣

انا خلاص سهر ذي ماادري كيف بتحملها متى الانتقاام متى 😥😥


الفصل كان ماشي مضبوط لين وصلنا للجزء الأخير يالله ارتفع ضغطي
هو من خادمة فلك والا الحقيرة لبنى والا الحيوانة سهر

شكرا لك عالفصل وعلى ارتفاع ضغطي الان ..ويارب صبرنا هالاسبوعين


Arjoana غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:21 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.