آخر 10 مشاركات
الفرصة الأخيرة (95) للكاتبة: ميشيل كوندر ...كاملة... (الكاتـب : سما مصر - )           »          106 - سيد الرعاة - مارغريت روم - ع.ق ( تصوير جديد ) (الكاتـب : Dalyia - )           »          على أوتار الماضي عُزف لحن شتاتي (الكاتـب : نبض اسوود - )           »          في غُمرة الوَجد و الجوى «ج١ سلسلة صولة في أتون الجوى»بقلم فاتن نبيه (الكاتـب : فاتن نبيه - )           »          1056 - الفتاة المتمردة - كارول مورتيمر - دار م. النحاس (الكاتـب : Topaz. - )           »          السر الغامض (9) للكاتبة: Diana Hamilton *كاملة+روابط* (الكاتـب : بحر الندى - )           »          كل مخلص في الهوى واعزتي له...لوتروح سنين عمره ينتظرها *مكتملة* (الكاتـب : امان القلب - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          203 - كذبة اسمها الحب - ليليان بيك (تصوير جديد ) (الكاتـب : امراة بلا مخالب - )           »          جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة المنفردة ( وحي الأعضاء )

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-10-20, 09:05 AM   #121

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية


الفـــصل الثــامن والأربعون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

فكرت مليًا في أمر رجوعها لمقر نشأتها، وجدت أنه الحل الأسلم لتتقي شر أخيها وتبتعد عن مكان تواجده، جلست أمل في إحدى عربات القطار متأهبة للرجوع، وظنت أنها هكذا أسعفت نفسها قبيل أن يصل الأخير إليها، أيضًا لم تتناسى ما ينتظرها هناك ومن هربت منه، حقًا إذا رآها سيدها أسعد لن يتهاون في التخلص منها، لذا قررت عدم مواجهتة، والتخفي خلف هذا الستار خيفةً منه، حيث غطت وجهها؛ كي لا تنكشف هيئتها لأي أحد، معلنة تحاشيها له حين تصل هناك..
ساعات طوال وهي على هذا المنوال المضطرب، جفاها النوم طيلة هذه المسافة، والتي تمنت بداخلها أن تظل بداخل القطار وتسير حياتها معه، انتبهت له يصدر طنين الوصول، فدق قلبها ثم بكل هدوء وإذعان تحركت لتغادره، خطت بقدمها الأرضية وهي تتجول بنظراتها على ما حولها، خشيت أن يتعرف عليها أحد، لكن سرعان ما وبخت نفسها قائلة:
-هيعرفوكي كيف بس، ما إنتِ مغطية وشك أها!
تعاملت أمل مع الموضوع باعتيادية وكأنها لا تبالي، تحركت لتغادر المحطة وهي تعي مسبقًا خطواتها القادمة..
وقت قليل استقلت فيه إحدى العربات لتقلها لمسكن أهلها، وهي تقترب من المنزل تتسعر دقاتها، وتأتي ومضات حياتها بداخله، حين نزلت من العربة وقفت مكانها تحدق به بعدة مشاعر متفاوتة، ما يخالجها الآن هو سؤال مؤلم، من سيستقبلها بالداخل؟، تحركت بخطوات متكاسلة وطلعة متوترة نحوه، نظرت للباب محاولة فتحه، بكل سهولة انفتح معها على مصراعيه، اتسعت مقلتيها وهي تتأمل منزلها، تغير كثيرًا وكان يخلو من الأثاث تقريبًا، تدرجت داخله ظانة أن والدتها ستخرج من إحدى غرفاته ترحب بها، ربما!، تعاتبها، تلومها، لم يحدث ذلك فقد رحلا بالفعل، في تلك اللحظة وقفت مكانها متمنية عودتها كما كانت، فكل شيء انقلب الآن ضدها، لم تبكي فتحجُر قلبها يفوق هذا الحزن المزيف، بل تحسّرت على نفسها حين ارتمت على الأرضية لتجلس، رددت ببؤس:
-يا مرارك الطافح يا أمل، طول عُمرك حظك فجر!
في درك ما هي تراه الآن، لاح حقدها مجددًا على غزل، حسدها لها لم يقل بل تأجج، قالت:
-يا بختك، محظوظة من يومك، وآني اللي كت شمتانة فيكِ!
ابتسمت بوجع فهي من خسرت كل شيء، شغلها أيضًا كيف ستعيش؟، تذكرت نقود غزل فاطمأنت قليلاً، ثم تنهدت لتبدأ في مؤازرة نفسها والتأقلم مع هذا الوضع الجديــد............!!
__________________________________

ملت من انتظارها له فقد مر وقت طويل، خاصة وجوده معها في مكانٍ واحد يثير اشمئزازها، ونظرات الغموض الموجهة لها منه تزيد تعجبها، رغم ذلك اقتضبت غزل في الحديث معه كعادتها، لكنه بسخافته ظل يلومها، قال:
-لحد دلوقتي مش قادر أنسى إنك خدعتيني، اتجوزتي مراد وسيبتيني أنا!
اكتفت غزل بالصمت فماذا ستقول؟، تابع جاسم بتهكم:
-تعرفي إني مش بنام غير وأنا بافكر فيكِ، في نار في قلبي بتقيد كل ما اتخيلك معاه فـ....
قاطعته بنبرة منزعجة للغاية:
-بلاش تتكلم معايا كده، أنا غلطانة إني جيت، بس للأسف عاوزة أشوف بابا!!
قست غزل وهي تردعه، وكان هذا الصواب، فقد توقف جاسم مجبرًا على عدم ذكر الأمر ثانيةً حين قال:
-أمرك يا غزل!
ارتابت في نبرته المطيعة لها، رسم جاسم ابتسامة ودية، وبداخله رتب صدمة سحيقة ستغرمها حياتها الهادئة تلك..
انتبهت غزل لصوت سيارة فادركت عودة والدتها، زفرت بخفوت فقد أتى، ترقبت ولوجه وحين دخل من الباب تفاجأت بهيئته، تجمدت نظراتها عليه مندهشة ثم نهضت، تحرك أنيس بمساعدة أحد رجاله الذي يسنده، بينما دققت غزل النظر به وتفهمت السبب، هو ثمل!، نظر له جاسم يريد الضحك عليه، لكنه تماسك، قابلته غزل قائلة بعبوس:
-مالك يا بابا؟!
رغم خلقته الواضحة للأخبل سألته بواجب، جلس أنيس على المقعد بعدم اتزان، فرك مقدمة رأسه وقال:
-أنا تعبت شوية في الشغل وعاوز أنام!
ثقل لسانه وهو يتحدث جعلها تتأفف، ضايقها جاسم أكثر حين رد عليه بسخرية:
-سلامتك من التعب يا خالي، فعلا بتبذل مجهود!
ثم وضع يده على فمه متبسمًا، خاطبته غزل بتكشر:
-كنت عاوزة اتكلم مع حضرتك!
رد بلا مبالاة:
-بعدين يا غزل، أنا عاوز أرتاح
هيئته المخمورة جعلتها تلومه في نفسها، ولم تحبذ مطلقًا أن يكون والدها قدوتها هكذا، ولما العجب فقد سمح لها قبل مرة.
لم يتحمل أنيس جلوسه فعروقه يسري بداخلها xxxx يدمر خلاياها، أشار بيده للرجل كي يعاونه في الصعود، بالفعل أخذه للأعلى تحت نظرات غزل المغتمة، لا فائدة من وجودها هنا لذا نهضت، أسرع جاسم قائلاً بتكليف:
-ما تخليكِ معانا النهار ده، أهو تستنيه لحد ما يصحى!
نظرت له شزرًا ولم تعلق، بل تحركت للخارج، أظلم جاسم عينيه وقال:
-أنا عملت اللي عليا، روحي بقى للنار اللي مستنياكِ
ثم تنهد بعمق وهو يوجه نظرات المبهمة للطابق العلوي، قال بقتامة:
-باين يا خالي مش هتكمل لبكرة
تنبه جاسم للخادم يقف خلفه ويقول:
-تليفون علشان حضرتك يا بيه!
استدار له جاسم فوجده يحمل التليفون بيد وبالأخرى السماعة، مد يده ليأخذ التليفون ويجيب، رد جاسم بتكهن:
-ألو!!
هتفت سناء بجدية:
-أنيس قبل ما يخرج كان بيتكلم معايا في حاجة مهمة
انصت إليها فاردفت بتشفٍ:
-كان عاوز توفيق يكلمله واحد علشان يقتل
اعتلته صدمة جلية، فمن يريد أن يقتل؟، سألها بلهف:
-قولي كل حاجة ورا بعضها اخلصي!
هتفت موضحة براحة:
-عاوز يخلص من قسمت، بيقول هي اللي ورا إنه ما يشوفش بنته، وكانت قصدة تعمل كده معاه!
ردد قاطب الجبين:
-قسمت الخياط ولا..
-أيوة هي
فكر جاسم بعمق في ذلك، فمن الظاهر أن هذه قسمت تخبئ أسرار غائرة بداخلها، وقف متحيرًا لبضع لحظات، وجد نفسه يأمرها:
-سيبيلي موضوع قسمت، أنا هدور وراها وأعرف حكايتها أيــه.....!!
__________________________________

جاءت لتتحدث في الهاتف خلسة داخل غرفتها فتفاجأت بسحب السماعة منها، اضطرب جسدها وهي تنظر له بارتباك، قطع مراد السلك بغيظ هادرًا:
-بتعملي أيه؟، مفكرة بكده هتمنعيني عنها!
خاطبته السيدة هدى بتروٍ:
-قلبي حاسس إن فيه حد بيوقع بينكم، غزل بتحبك ومستحيل تخونك
رد مراد مستهزئًا من كلامها:
-عندك حق، فيه حد فعلاً بيوقع بينا، جابها وقالها احضنيه علشان الموضوع يكون محبوك!
-دا أخوها!
قالتها السيدة معللة سبب ما حدث، لكن لم يقتنع مراد، تابعت السيدة بتوضيح:
-الصور بالنهار وفي مكان عام، يعني لو بتخونك بجد مش هيبقى في العلن كده، على الأقل كانت راحت بيته!
هتف بانفعال المجنون:
-لو كلامك صح، إزاي تسمح لنفسها تقرّب منه، دا مش أخوها، وهي متأكدة إنه بيحبها، وإنه أكبر عدو ليا، نسيت اللي حصل بينا آخر مرة، عديت الموضوع بس هي لسه بتستغفلني!
ثم تهارج مع نفسه الثائرة حد أنه رغب في أخذ روحيهما، تحرك مراد للخارج فلحقت به السيدة، عند هبوطه الدرج خاطبته السيدة من الأعلى قائلة بتحذير:
-لو عملت في غزل حاجة مش هتشوف وشي تاني يا مراد
وقف مكانه ثم أدار رأسه لها، أوحت له نظراتها أنها تنبه عليه، تلومه إذا افتعل شيء صاغر لـ غزل، تبادلا النظرات المعربة عن أمرٍ غامض بينهما، عاتبها بحزن:
-بتخوني يا ماما، دا يرضيكِ يعني؟!
تحركت لتقرّب المسافة بينهما، قالت برفض:
-لا ميرضنيش، وهي لو فعلاً بتخونك أنا قبلك اللي هقفلها!
قال باستنكار الساخط:
-بس دي مراتي، وسمعتي في إيديها!
هبطت تلك الدرجات لتقف عنده، قالت بتعقل:
-إنت بس عصبي يا مراد، ومعنى إن حد بعتلك الصور قاصد يوقع بينكم
أشاح وجهه عنها فمهما كان فهي مخطئة، تابعت السيدة لتخمد انفعاله:
-قلبي حاسس إنه يوسف، قالها اقابلك وعمل حاجة علشان يضحك عليها، إنه مثلاً دراعه مكسور ويصعب عليها، وغزل قلبها طيب صدقت، أصلها مش مجنونة تعمل كده!
عاود النظر لها قائلاً بخيبة أمل:
-ويمكن تكون بتحبه، حضرتك مشوفتيش كانت خايفة عليه إزاي، كنت هتتجنن لما كسرت دراعه!
ربتت على كتفه وقالت بتوسل محبب:
-علشان خاطري يا مراد، سيبني أنا أتكلم معاها، ولو بجد زي ما بتقول هاخدلك حقك منها!
بداخله رفض ذلك لكن اصرار السيدة جعله على مضصٍ منه يوافقها، مؤقتًا فقط..
انتبها سويًا لدخول سائق سيارتها غارقًا في دمائة، جحظت السيدة عينيها بصدمة، بينما اندهش مراد من هيئته المهزومة، هبط الدرج متجهًا نحوه فقال السائق باجهاد:
-غزل هانم يا بيه اتخطفت
صكت السيدة على صدرها بفزع، بينما سأله مراد بشراسة متجاهلاً حالته المتعبة:
-أيه اللي حصل؟
نطق السائق بلسانٍ متعثرٍ:
-ناس كتير لابسين جلاليب طلعوا علينا، ضربوني وخدوها.........!!
____________________________________

-أخيرًا قررتي تخرجي معايا!
وجه أسعد حديثه الودود هذا لـ قسمت، التي وافقته الرأي وخرجت برفقته لتأخذ جولة في البلدة، قالت وهي تقف أمام الإسطبل:
-عاوزة أركب الحنطور، مش عاوزة الحصان بس
انصاع لطلبها فهي تأمر وهو ينفذ، أمر الخفير بحزم:
-جهز الحنطور بسرعة!
ثم ابتسم لها مرددًا:
-أوامرك!
تأبطت ذراعه بقوة ثم انتظرت، ما حفزها للخروج هو رؤية هذه المرأة، التي كانت آخر ما فكرت به هو أن تراها مجددًا، بات قلبها واجف منذ تقابلت معها، ابتلعت لعابها ولاح عليها شرود مفاجئ، انتبهت بتوتر لعمها يهزها بخفة، نظرت له فقال باستغراب:
-قسمت بكلمك وإنتِ مش سمعاني!
تنحنحت وقالت بثبات مزيف:
-أنا بس سرحت شوية، بافكر في آخر مرة كنت هنا!
سحبها من يدها نحو الحنطور وهو يقول مبتسمًا:
-خلينا في دلوقت، دي هتبقى فسحة محصلتش!
تجاوبت مع رغبته ثم صعدت لتركب، ركب هو الآخر بجانبها ثم تحرك (العربجي) بهما..
مررت قسمت نظراتها على الفلاحين هنا وهناك، ليس لتشاهدهم، بل تفعل ما فكرت به ليلة أمس، حيث انتوت البحث عنها، وبالتأكيد إيجادها، هتف أسعد بابتهاج:
-الجو هنا حلو قوي، الهوا نقي وصحي، وكمان الفلاحين بيسلوني، والخير عندهم كتير قوي
استمعت له قسمت من باب حضور الذهن فقط أمامه، تابع عائبًا على شخصياتهم:
-أوقات من كتر طيبيتهم بقول عليهم أغبية، بس مش كلهم، فيه ناس مش سهلة هنا، خصوصًا اللي معاهم فلوس!
قالت متفهمة وجهة نظره:
-والطيبة الزيادة دي بتودي في داهية، سذاجة مبحبهاش!
حقًا قصدت ما تعاملت معها، حتى أودت رعونتهم لخسارة كل شيء، بالأخص نادية التي صدقتها وفعلت ما أمرتها به، وعيت قسمت لأمر خروجها ثم فتشت بأعينها بين المارة، سألته بحذر:
-هي الست المجنونة دي عايشة فين؟، أصل خايفة تقابلنا تاني وتعمل فينا حاجة!
رد معارضًا بامتعاض:
-دا أنا أقطع رقبتها، بس متخافيش دي ست طيبة وبتلف هنا وهنا عاوزة تاكل ولا حاجة!
زمت ثغرها فلم يعطيها الجواب المطلوب، اشاحت وجهها للناحية الأخرى مغمومة، وفي ظل ترقبها لها وجدتها تركض بين الزروع، ركزت نظراتها عليها باهتمام شديد، لم تتغير ملامحها كثيرًا، فقط بعض التجعيدات الملازمة لعُمرها، فطنت من رؤيتها سريعًا أنها ستقابلها قادمًا، ابتسمت بلؤم فسوف تضيفها لقائمة المحكوم عليهم بالرحيل، لم يتردد عقلها في ذلك فقد فعلتها مرات، ليس بنفسها لكنها مجرد عوائق تقف أمامها، كغصن شجرة ازاحته بقدمها؛ كي تمر، غزاها سكون عجيب، مختالة بنفسها، معتزمة حرق ما يزعجها والتخلص منهـــم..............!!
__________________________________

تعبت من وجودها في هذه الغرفة، لم يمر على حضورها هنا سوى بضع دقائق ولم ترتاح مطلقًا، نهضت سميحة من مكانها متأففة، توجهت ناحية زوجها الذي يتسطح على الفراش، خاطبته باكفهرار:
-المكان هنا خانقني، ومش متعودة عليه
رد بكل برود وهو مغمض العينين:
-عندك مكان تاني
جلست بجانبه ثم لكزته بغيظ، هتفت:
-كله منك، إنت وأخوك السبب!
فتح عينيه عابسًا، اعتدل قليلاً ثم قال باعتراض:
-واللي عمله مراد مع بنتك، دا كمان يتسكت عليه، أبوكي أصلاً مجهز يطردنا من القصر من زمان، لأنه مبيحبنيش، ومنتصر كان عنده حق لما بِعد بكرامته من الأول!
علقت على جملته الأخيرة باحتدام:
-أهو كله من منتصر، أُس المصايب والسبب في اللي إحنا فيه!
نظر لها بطرف عينيه بنفاذ صبر من نزقها، قال:
-كتر خيره أهو إحنا عنده
صححت كلامه بسخرية:
-دي فيلة قسمت أختي!
نفخ باختناق ثم عاود النوم من جديد، رمقته سميحة بنفور ثم نهضت، دلفت من الغرفة غير متحملة المكوث فيها..
هبطت الدرج فوجدت منتصر يجري مكالمات تليفونية ويبدو عليه الازعاج، لم تبالي بحالته ثم تقدمت منه متسائلة:
-هي قسمت هترجع إمتى؟!
نظر لها باستشاطة والسماعة على أذنه، وضعها قائلاً بغل:
-أختك هربت، وخدت كل حاجتها!
اندهشت سميحة ثم توجهت لتجلس أمامه، هتفت:
-يعني أيه هربت، وهتروح فين؟!
رد باغتمام:
-خايف تكون سافرت برة مصر
لاحظت سميحة من نبرته ضيقة من بُعدها عنه، هو يحبها وهي تعلم، قالت:
-لا مظنش!
أكملت بعد تفكير حاذق:
-ابوك بيلح عليها بقاله كام يوم تروح عنده، تلاقيها سافرتله، هي بتحبه ومش هترفض طلبه!
انتبه منتصر لهذه النقطة، قال:
-صحيح، كانت تايها عن بالي إزاي..........!!
___________________________________

اضطر بعد فشله في العثور عليها أن يخبر الشرطة، فقد مراد السيطرة على عصبيته وجلس بقصره غاضبًا، وقف الولدان على مقربة منه يستمعا لحديثه مع المحقق، مال حسام على جدته قائلاً:
-بجد يا تيتة غزل اتخطفت؟!
لمع الخوف على الأخيرة في عينيه، طمأنته ببسمة ودودة:
-يا حبيبي، إنت خايف عليها، ادعي ترجع بالسلامة!...

انتبه مراد لسؤال الضابط وهو يقول:
-طيب هي كانت مع مين آخر حد؟!، ممكن يكون ليه يد في خطفها!
تذكر مراد الصور المرسلة له قبلها، جاء ليقول له ويندفع في رده، لكنه أخذه حذره في اللحظة الأخيرة، هو بالتأكيد من افتعل ذلك، ربما زجرته غزل واضطر لخطفها، قال بتردد:
-معرفش كانت فين؟!
وجه المحقق حديثه للسائق متسائلاً:
-كانت فين قبل ما ترجع على القصر؟!
رد بنبرة مشدودة:
-كانت عند والدها يا فندم!
زفر الضابط فالأمر تعقد، بينما كبح مراد بما عرفه بداخله، وسيبقى انتقامه من الأخير له بمفرده، غادر المحقق بعد أخذه المطلوب منهم وبقى مراد مع والدته وأبنائه، نهض من مكانه فهتفت السيدة باستفهام متلهف:
-خارج ولا أيه؟
رد بنبرة مبهمة:
-أيوة، رايح أشوفها فين؟
نهضت قائلة بغرابة:
-ما إنت عملت اللي عليك، والظابط كان هنا بيعمل أيه يعني!
تجاهل كل ذلك ثم قال وهو يتأهب للمغادرة:
-فيه مكان نسيت أدوّر عليها فيه.........!!
______________________________________

وهو مستلقي على التخت قامت بتدليك قدميه، وأدى ذلك لشعوره بالاسترخاء، وهو هكذا مغمض العينين كانت تتطلع عليه لا تعرف تكرهه أم ماذا؟، لكن أحبت أن تكون معه، لربما يقوم بإذلالها كي تتقرب منه، لربما يحبها ويخفي ذلك، ابتسمت ياسمين فهو بالطبع وجد حجته لتكون له..
تذكرت الفتاة التي كان يهاتفها فتعجبت، كان يعلن حبه لها، فماذا عنها هي الأخرى؟، غمغمت بخفوت:
-مين دي، طالما عاوزني وبيعمل كده علشان اكون معاه، ليه يكلمها كده
سكتت لثوانٍ مخمنة السبب، تابعت:
-أكيد بيخدعها، هو عاوزني أنا، اللي بيعمله معايا علشان بيحبني
هذا ما توصلت إليه ياسمين، حبه لها، وجدت نفسها تتقرب منه حتى جلست بجانب كتفه، مالت عليه ثم قبلت جبينه، خاطبته بلطف:
-صاحي؟!
فتح يوسف عينيه قليلاً وهو ينظر لها، سأل:
-فيه أيه؟
لاح الحب في عينيها وهيئتها وهي ترد:
-أيه، هنفضل قاعدين كده؟!
لمّحت له بما رغبت به ثم وضعت رأسها على صدره كنوعٍ من دفعه ليتجاوب مع رغبتها، تفهم غرضها وابتسم باستهزاء، لم يعلن نيته فيما يفعله معها وتأنى، مرر يده على شعرها بود مزيف، قال:
-معقول عاوزة البتاع دا تاني، مش لسه واخدة؟!
ابتعدت قليلاً عنه ثم احتجت بمحبة:
-لا مش عاوزاه، أنا عاوزاك إنت!
رفع حاجبه متعجبًا، قال بمغزى:
-بتحبيني؟!
أومأت بانشراح وبسمة واسعة، قالت:
-مش عارفة كنت بكلمك كده إزاي قبل ما أعرفك، لما قربت منك لاقيتك حد تاني، إنت حلو يا يوسف، وأنا حبيتك، عاوزة أعيش معاك!
لامس أسفل ذقنها بمداعبة لطيفة، قال معجبًا بحديثها:
-علشان كلامك الحلو ده هديكِ كيس بحاله
رغم أنها فرحت من ذلك، أرادت شيء آخر، قالت بتمنٍ:
-قولي باحبك!
لم تخرج هذه الكلمة من فيه سوى لشخصٍ واحد، هي غزل فقط، وجد لسانه يرفض قولها ولو بالكذب ليكمل خداعه لها، ابتسمت له ياسمين منتظرة أن يقولها، كذلك كان متوترًا وجاء لينطقها رغمًا عنه، أنقذه قرع جرس الباب، استغل ذلك ثم اعتدل قائلاً بتلجلج:
-يا ترى مين؟
تأففت ياسمين فقد قطع لحظتها الجازمة معه، تحرك يوسف ليفتح فنهضت ياسمين لترتدي روبها وتلحق به..

فور فتح يوسف للباب قابلته لكمة قوية في فكه، تراجع عدة خطوات مصدومًا مغلولاً، حدق بـ مراد بحقد وكراهية وهو يدخل شقته، هتف مراد بغضب:
-فين غزل؟!
حانت فرصة يوسف فقد حضر عدوه اللدود، اقترب منه بغتةً ثم رد له لكمته بعنف وقوة، دفعه مراد للخلف حتى وصل لمنتصف الردهة، ثم شرع في لكمه وركله، دفاعًا عن نفسه فعل يوسف مثله، رغم ذراعه المكسور لم يعيقه ذلك، لم يشعر بأي وجع سوى أنه يبغض هذا الرجل ويرغب في التخلص منه، حين خبطه مراد على ذراعه بعنف عمدًا تألم يوسف بصوتٍ عالٍ، هتف مراد بشراسة:
-غزل فين؟!
دلفت ياسمين من الغرفة مذعورة من هذه الضجة المفاجئة، انصدمت مما يحدث وعفويًا توجهت لتدافع عن زوجها، أمسكت بالمزهرية ثم بغل القتها في وجه مراد، نزف أنفه وتألم من شدة الخبطة، وقفت أمامه حائلاً وهي تمسك بمزهرية أخرى، هتفت بتهديد مستقبح:
-لو مخرجتش من هنا هصوّت وأقول إنك جاي تغتصبني وتضرب جوزي!
وقف يوسف من خلفها يمسك بذراعه ومبهورًا بدفاعها المستميت عنه، وجد مراد نفسه في مأزق وعليه التعقل في ردة فعله، خاطبه بتوعد:
-الأيام جاية كتير، بس لو طلعت غزل معاك موتك مش هتأخر وعجل بيه!
هدج مراد للخارج ثائرًا، بينما التفتت ياسمين لـ يوسف تسأله:
-بيتكلم عن مين يا يوسف؟!
كان ينهج من بذله لجهد أرهق جسده، رد بلا مبالاة:
-جاي يرمي بلاه عليا
ثم توجه ليجلس على الأريكة، وياسمين مكانها لم تقتنع، ابتسم يوسف في نفسه ظنًا أن غزل هربت منه كي تأتي إليه، ما حدث معهما آخر مرة يثبت ذلك، أخد نفسًا طويل مغتبط، قال بتحير:
-طيب ليه مكلمتنيش؟!......................
__________________________________

تنملت بجسدها بتكاسلٍ جم، فتحت غزل عينيها بضعف حتى استعادت وعيها إلى حدٍ ما، لفت انتباهها التخت الذي تنام عليه، انتفضت فزعه من رقدتها الغير مفهومة ثم انتبهت لتقييد يديها وقدميها، زاد رعبها وهي تنظر حولها، غرفة شاسعة للغاية مكتملة من كل شيء، لم تتفهم للآن أين هي؟، لكن تذكرت كيف اختطفت على يد أحدهم..
مرت لحظات متعجبة جاهلة أين هي؟، زادت حيرتها فهتفت مستنجدة:
-فيه حد هنــا؟!
تعالى صوتها وهي تكرر ذلك، بعد وقت من جلوسها الميؤوس منه ولج جعفر بطلعته المهيبة، بكل تفاجؤ حدقت غزل به، تقدم منها مبتسمًا بتودد بغضته، قال:
-حمد الله على سلامتك يا بت بتي!
فورًا تفهمت سبب وجودها هنا، تجاهلت نزقه واستفهمت:
-أنا فين يا راجل إنت؟!
رد عائبًا عليها بسخافة:
-عيب تكلمي جدك إكده، مش دي الأصول
نفرت منه واشمأزت من وجوده معها، هدرت باحتجاج:
-مش بنتك، أنا عندي أهل، إنت واحد كداب!
رد بحقارة لم تستغربها:
-أهو لو مطلعتيش بت بتي فأنتِ مونساني ومنورة سرايتي!
انتبهت لكلمته الأخيرة فهتفت بدهشة:
-أنا فين؟!
رد بتلميح تفهمته على الفور:
-نسيتي بلدك، موحشتكيش ولا أيه؟!
ارتجف قلبها فمعاودة الحديث عنها تجعلها تتذكر كل شيء، تندم، تحلم بعودة الماضي الآمن، تابع جعفر بصلابة:
-فيه واحدة هجبهالك دلوق تونسك في الأوضة يومين إكده، على ما تتعودي عليا وتاخدي على المكان
وقاحته ليس لها نظير، ردت باحتقار:
-عيب على سنك، دا إنت بتقول حفيدتك!
لم يتأثر جعفر بكل هذا بل ظلت بسمته الصفراء تزين ثغره، هتف بحزم:
-دخلوها يا رجالة!
تلقائيًا وجهت غزل بصرها للباب مترقبة عن من يتحدث؟، ولج رجاله حاملين سيدة عجوز فتمعنت غزل فيها النظر جيدًا، فغرت فاهها حين عرفتها، أجل هي، عزيزة!، شفقت عليها فساقها مضمود وحالتها متعبة بائسة، هتفت بانفعال:
-عملت فيها أيه يا راجل يا مجرم إنت؟!
لم تتفهم غزل سبب ارتباط هذه السيدة به، قال جعفر باستفزاز:
-دي مرتي، اللي هي جدتك!
نظرت لها غزل مستنكرة أن هذه السيدة الشفوقة الحنون ترتبط به، وضعوها الرجال على أريكة كبيرة نسبيًا، اذعنت عزيزة لما يفعله معها هذا القاسي، وسلمت أمرها لله، وعيت غزل لـ جعفر يقول بثقة:
-دلوق عزيزة هتجولك إنتِ حفيدتي ولا له، انطجي يا عزيزة!
بأعين شبه مجفلة نظرت له، ردت دون تفكير:
-أيوة......حفيدتنا!
شهقت غزل ولم تستوعب هراء هذه المرأة، هتف جعفر بانتشاء:
-سمعتي يا ست البنات
لم تصدق غزل كل هذا، خاطبته بأنفاس مضطربة:
-عاوزة أمشي من هنا، مش عاوزة تكون قريبي ولا حتى أعرفك
كأنه لم يسمعها مطلقًا، قال باغترار:
-هجولهم يجيبولكم الوكل...........!!
_________________________________

عند هبوطها الدرج متهيئة للخروج استوقفها هاتفًا:
-رايحة فين يا هدير؟!
التفتت هدير لجدها، ثم تحركت نحوه، قالت باحترام:
-موسى مستنيني برة يا جدي، هتفرج معاه على فيلته واتعرف على أخته
سألها بخيبة أمل:
-هو دا يا هدير اللي اختارتيه، اللي هتبقي مبسوطة معاه؟!
كانت ملزمة بالزواج منه، قالت برعونة:
-ماله، موسى شاب كويس وغني، أكيد هيسعدني
قال السيد بنصح:
-وجدك بيقولك مش كويس، أنا عاوز مصلحتك!
ردت باستنكار:
-زمان سمعت كلام حضرتك لما جوزتني على مزاجك، لكن دلوقت أنا حرة، ومش معنى قعدت هنا مع حضرتك تغصبني على حاجة!
قال باستلام وسماحة وجه:
-روحيله يا هدير، بس يا رب متتأذيش من الجوازة دي!
كلمته وترتها بشدة، قالت بتردد:
-سلامُ عليكم!....

دلفت هدير للخارج زائغة في تحذير جدها والجميع، لم يفعل والداها هكذا، فما السر يا تُرى؟، نفخت بضجر ثم توجهت لسيارة موسى، زيفت ابتسامة وهي تركب بجانبه، قابلها ببسمة مشرقة، قال:
-العربية نورت، عقبال ما تنوري بيتي!
اكتفت بالابتسام له ولم تعلق، انطلق موسى بالسيارة نحو فيلته مباشرةً، حين وصلا صفها جانبًا فترجل أولاً، خلفته هدير وهي تتلفت هنا وهناك متفحصة المكان، قالت:
-الجنينة حلوة قوي، زي نظام أوروبا!
هتف براحة وهو يمسك بيدها:
-جوه هتعجبك أكتر!
سارت معه حتى دخلت الفيلا، تجولت بنظراتها على المحتويات بانبهار، قال بمفهوم:
-فوق لينا، تعالي!
ترددت في الصعود وارتبكت، لكنه أمسك بيدها ودفعها لتذهب معه، وهما في الرواق سألته:
-فين أختك؟!
رد بعدم اهتمام:
-باين برة، زمانها جاية
توقفت مكانها قائلة باقتطاب:
-بس إنت قولتلي إنها هنا، وأنا جيت معاك على أساس كده
رد باستنكار:
-بس أنا مش لوحدي، الخدامين موجودين
-ولو!
قالتها ثم قررت العودة، وهي تتحرك أمسك بكتفيها ليمنعها قائلاً:
-استني رايحة فين؟
انزعجت وهو يمسكها هكذا، ابعدت يده هاتفة:
-اتجننت، إزاي تسمح لنفسك إنك تمسكني كده!
توتر موسى فلم يقابل فتاة في حصافتها وعفتها من قبل، ردد باعتذار:
-آسف!
هتفت بغلظة ممتزجة بالتهديد:
-لو عملت حاجة تاني متعجبنيش فكرة الجواز بينا هتتلغي!
لم يعامله أحد هكذا أو يأمره لينفذ بطاعة من قبل، تحمل غرورها ونفذ صبره، قال بجمود:
-هنتجوز يا هدير، وافقتي أو رفضتي!
تجهمت من رده المستفز عليها، قالت ساخرة:
-نعـم، بتقول أيه سمعني؟!
رد بثقة تعجبتها وعينيه في عينيها مباشرةً:
-بقولك هنتجوز، غصب عن أهلك كمــان...............!!
___________________________________

فحصه الطبيب بعناية شديدة لبضع دقائق، وهو يفعل ذلك وقف جاسم بجانب الفراش يراقب وبداخله متلهف لسماع خبر موته، اعتدل الطبيب وقال بعملية صدمته:
-أنيس بيه لازم يروح المستشفى ضروري، حالته حرجة
ندم جاسم حين دعا الطبيب للحضور، فقد ظنه فارق الحياة، قال باندفاع:
-يـ يعني هو لسه عايش!
رد بجدية:
-أيوة، لو سمحت هستخدم التليفون أعمل مكالمة للمستشفى يجيبوا الأسعاف!
توجه الطبيب للتليفون بجانب الكومود، وجد جاسم نفسه يتحرك نحوه ويضع السماعة من يده قائلاً بظلمة مريبة:
-بعدين
-يا فندم حالته خطيرة!
كز جاسم على أسنانه متحملاً نزقه، بقساوة وضع الوسادة على وجهه عمه ليكتم نفسه بيد واحدة، حدق بالطبيب المصدوم والمفزوع وقال بنبرة حملت التهديد:
-تطلع تقول إنه مات موته طبيعية.............!!
___________________________________

حدقت بـ عزيزة بنظرات مزعوجة ومشفقة عليها في آنٍ واحد، سألتها غزل بضيق مراعية حالتها:
-إنتِ بتتكلمي بجد، أنا حفيدة الراجل ده؟!
كانت عزيزة في عالم آخر، سنها الكبير لم يتحمل ما تتعرض له، أنهك الأمر قواها ولم تعد تهتم، فلم يبقى لها سوى الرحيل بهدوء، طال انتظار غزل فتابعت:
-ردي عليا، هو مثلاً مهددك متقوليش ليا حاجة!
كنغمة حفظتها من كثرة التعذيب والخوف، رددت:
-إنتِ حفيدتنا!!
قطبت غزل جبينها وقالت بعدم اقتناع:
-لا مش صحيح، أنا مش باحبه!
-إنتِ حفيدتنا!!
نفخت غزل بامتعاض من تكرار جملتها، هتفت بهياج:
-كدابة!
ثم أخذت بغلٍ تفك وثاق يديها وقدميها، تعبت من كثرة المجهود والذي باء بالفشل، رددت بحزن:
-مراد، الحقني!
ولج جعفر الغرفة عليهما فنظرت له بغضب، اقترب منها متهللاً، التمعت عيناه وهو يزف خبر وفاة والدها لها قائلاً:
-خلاص يا غزل، مجدامكيش غيري، أنيس مات!
تجمدت معالم وجهها وجسدها وكل ما بها من أثر الصدمة، اردف جعفر بفرحة علنية غير مراعٍ لشعورها:
-محدش هياخدك مني، هتفضلي عندي ومحدش هيعرف طريجك لو الدنيا اتجلبت........................!!
x x x x x x x x x _______________________
x x x x x x x x x x xx __________________
x x x x x x x x x x x x x x x ___________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-20, 09:08 AM   #122

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية

الفـــصل التــاسع والأربعون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ

أحست بصوت مقبض الباب يفتح، لم تعطي الأمر أدنى اهتمام، لربما جلبوا لها الطعام الوضيع كالعادة، وظلت مستلقية على الأرضية، لحظات سكون حين انفتح الباب عمت بالغرفة، أين أصوات الحاضر وأين الطعام؟، اضطرت نسمة للنظر نحو الباب فوجدته يقف ويحدق بها، برهبة وسرعة اعتدلت جالسة، نظرت له بتوسل وأعين حزينة، طالبة الرأفة بحالها ومسامحتها، دنا ضرغام منها بهدوء ومن هيئته أدركت أنه غير راغبٍ في معاقبتها فابتسمت بضعف، وقف أمامها قائلاً بجمود:
-مجولتليش ليه من الأول، على الأقل كنت عرفت أحميكي، وتكبري في عيني!
أطرقت رأسها باكية بتحسر، فات الآوان وانتهت، مرر نظره المشفق عليها، ما عرفه أنها ضعيفة وتم استغلالها هي وأخيها، تابع بحذر:
-آني ملجتش أخوكي!
رفعت نظراتها له وقالت بتذلل:
-سيب أخويا في حاله، دا صغير وهما اللي ورطوه معايا، انتقم مني أنا بلاش أحمد، ماليش غيره!!
جمد ضرغام نظراته الواجمة عليها، اختار الكذب عليها فهما ضحايا منتصر اللعين، ولا ذنب لهما، تفهمت نسمة أنه لن يسامحه، نهضت مستندة على كفيها ثم تحركت نحوه، جثت على ركبتيها أمامه وسط ذهوله ثم شدت يده لتقبلها، رددت بتوسلٍ جم:
-سامحه يا سي ضرغام، إن شاالله يخليك!
جاء ليسحب يده منها لكنها تمسكت بها بقوة وعينيها تنظر له بترجٍ، تحير ماذا سيقول لها؟، اندفعت نسمة لتجذبه بحديثها المروع، هتفت:
-هو عمل كده علشان بيهددوه يقتلوني أنا وهو، خاف أصل البيه دا راجل مفتري، هو السبب في موت الست فتنة!
صُدم ضرغام من اعترافها المثير، احتدت نظرات وهو يقول:
-الست فتنة!
بكت نسمة بألم وهي تتذكر ما فعلوه بها، تابعت بحرقة:
-معرفش إنهم قتلوها، قالولي حطيلها الدوا دا في الأكل، دا منوم، بس بعدين عرفت إنه دوا خطر وبيضعف القلب
ثم دفنت وجهها بين راحتيها وهي تتابع بنحيب شديد:
-مليش ذنب، كنت خايفة، استغلوا أخويا اللي بيشتغل عندهم وضحكوا عليه!!
تابعت البكاء وسط ذهول ضرغام، جاء سؤال مبهوت في عقله، لماذا كل ذلك الحقد؟، تلك الكراهية تصل لاستباحة دماء الآخرين، فقد أجهز أرواح بريئة، انتبه لها وهي بحالتها المنكودة تلك، لم يلقي على عاتقها أكثر مما تعرضت له، خفف عنها بحديثه المهون عليها _ من وجهة نظره_ قائلاً:
-قومي يا نسمة، أنا سامحتك، خدي بعضك وامشي............!!
___________________________________

أدام النظر في هيئتها المشتتة الضائعة ووجد فيها فرصته السائغة لينفذ ألاعيبه الرجيمة، خطف جعفر نظرة غامضة سريعة نحو عزيزة الغافية ثم توجه بالكامل نحو غزل، وقف للحظات يتابعها بنظراتٍ مختلطة من المشاعر، محبة، معجبة، راغبة، لم يستشعر أنها من دمه، واعتراف عزيزة له قبيل تهديده لها جعله متأكدًا من ذلك؛ لكنه أحب أن تكون معه، اقترح عليها خطته الداهية حين خاطبها بترقب:
-لو عاوزاني أسيبك إفحالك هطلب منك طلب وتنفذيه!
وجهت نظراتها الشرسة عليه، هتفت باشمئزاز:
-متفكرش هاعملك حاجة، ولا مصدقة إن بابا مات، هيجي وهياخدني منك!
نظرة الاحتقار في عينيها أزعجته، تحمل وضعها وقال:
-آني عذرك، بس صدجيني الخبر لسه واصلني من موسى بيه، جاتله سكتة جلبية!
اهتزت نظرات غزل الغير مصدقة وازدادت ضربات قلبها، كيف هذا؟، شعرت بضيق تنفسها فقد ضاعت هكذا، والعجيب تجمد دموعها وعدم حزنها لفراقه بقدر التفكير في وضعها، استغل جعفر تلك الحالة الباهتة ثم عاود قول اقتراحه لها قائلاً:
-جولتلك لو عاوزة تخرجي من إهنه تنفذي طلبي!
رفضت غزل الاستماع لهذيانه المقرف، هتفت بضراوة:
-مراد مش هيسيبك، لو عرف إنك ورا خطفي هيقتلك، أنا مراته وهيعرف أنا فين متأكدة!
اكفهر جعفر من استخفافها به، قال بظلمة:
-أهو مراد بيه ده هينتهي جريب، كلياتهم مطيقنهوش، وأولهم أعمامه، وخبر موته مهواش إبعيد!
تزعزعت غزل وارتجف بدنها من هول ما تسمع، وتساءلت، أي عالمٍ هذا؟ الوحشي الذي استنقع هنا من البرية، تابع تكليفه لها رغم عدم مبالاتها به:
-دلوق بجى تعملي اللي هجولك عليه.................!!
___________________________________

بين الحضور رسم الحزن ببراعة، وجلس يأخد سلوة خالة مقضيًا واجبه بينهم على أكمل وجه، جاء مراد وسار بين الحضور في بهو الفيلة، وقعت عيناه على جاسم ثم تحرك نحوه، انتبه له جاسم ثم تنهد بمسكنة مزيفة، سخر مراد في نفسه فأريج دهائه أزكم أنفه، وقف أمامه قائلاً بهدوء لا يبشر بخير:
-عاوز اتكلم معاك لوحدنا!
عاب جاسم عليه بخبث دفين:
-مش تقولي البقية في حياتك الأول، مش دي الأصول!
لم يعلق عليه مراد بل اكتفي بالانتظار أن ينهض وينفذ، وجد جاسم أن مكره لن ينضوي بذكائه، بالفعل نهض قائلاً بقبول:
-اتفضل!
أشار له ناحية الحديقة، تحرك مراد وهو من خلفه، حينما اختلى به بمفردهما، خاطبه بنبرة مرتابة:
-هو مات إزاي؟!
تفاجأ جاسم من سؤاله وتوتر، قال:
-مات عادي، جاتلة ساكتة قلبية، والدكتور بيقول كان بيتعاطى مخدرات، هي السبب!
لم يقتنع مراد بهذا الموت المفاجئ، ولم يرتاح لهذا الجاسم بتاتًا، قال:
-غريبة، أنيس يموت، وغزل تتخطف، صدفة متتصدقش، غير لما تكون مدبرة!
تقطب وجه جاسم وهو يسأله:
-قصدك أيه، وخطف غزل علاقته أيه بموت خالي، دي موتّه طبيعية!
رد مراد ببسمة متهكمة:
-أيوة مصدقك، أنا بس عاوز أعرف، إنت مش شاكك في حد!
قرر جاسم التقليل منه وابتسم بمكر، قال
-معقول مراد الخياط مراته تتخطف وقاعد كده مش لاقيها، كرامتك مش ناقحة عليك لتكون مع حد ويكون بـ......
قاطعة بتحذير غاضب:
-إلزم حدودك، مراتي لو بس عرفت مين ورا خطفها مش هخليه عايش على وش الأرض!
جملته الأخيرة جعلت قلب جاسم يتراقص، لعب في هذه النقطة وقال بدسيسة دفينة:
-مافيش غير واحد بس اللي ممكن يعمل كده، يـوسف!
مراقبة مراد الجدية لـ يوسف جعلته ينفض هذا القول، تابع جاسم باحتيال أشد ليقنعه أكثر:
-غزل ويوسف بيتقابلوا كتير، وأكتر من مرة تدافع عنه، لدرجة شكيت إنها بتحبه!
هذا بالطبع ما استراب مراد فيه بالصور التي جمعتهما معًا، حبها له!، رغم عدم تيقنه مما سيتفوه به، قال:
-غزل اختارتني أنا، مش بتحب غيري!
احتقن جاسم من حديثه؛ لكنه لم يذيع ذلك، قال بتمنٍ مصطنع:
-يا ريت يا مراد، بس الخوف تكون لعبة منها علشان تهرب معاه
خلق بداخله جو من النزاع، الغٍيرة، الشك، العدائية، لمح مراد اللؤم في هذا الرجل لذا اعتزم الرحيل، قال بثقة اغاظت جاسم:
-غزل مراتي، وهتفضل مراتي، برضاها أو لأ، المهم مش هخليها لحد غيـري!
ثم تركه مراد يغلي من الداخل والخارج، تمالك جاسم نفسه فهو يفعل المستحيل والأشنع لتكون من نصيبه ويمتلك كل شيء، غمغم بسخرية:
-طيب وريني هتوصلها إزاي!
اتسعت بسمته الصفراء فهو يعلم هوية خاطفها، ردد بتأهب:
-لازم أسافر الصعيد الليلة، وأخدها من الراجل الغبي ده...............!!
__________________________________

لم تصدق ما تخبرها به ابنتها، هتفت مستنكرة وقاحة الأخير:
-إزاي يكلمك كده، مفكر نفسه مين علشان غصب عننا نجوزك ليه؟!
وجهت هدير نظراتها الحانقة نحو أبيها، قالت:
-اسألي بابا!
التفتت سميحة لـ ماهر الذي يجلس ويبدو أنه يخفى شيءٍ ما، خاطبته باستياء:
-أيه يا ماهر، الواد ده جاب الوقاحة دي منين علشان يتكلم مع بنت الخياط كده؟!
ارتبك ماهر ولعن الأخير في سره، وضح بتذبذب:
-تلاقيه بيقول كده من حُبه ليها، بس هدير فهمت غلط!
هتفت محتجة بانفعال:
-لا يا بابا، دا كان بيهددني، وقالي غصب عني هتجوزوه
ازدرد ريقه ولم يجد رد عليها، تابعت هدير حديثها لوالدتها بنبرة محتقنة:
-ماما أنا الراجل ده كرهته، مش عاوزاه، أنا خايفة منه!
نهض ماهر من مكانه غير راضٍ عن قرارها، هتف:
-لا ما ينفعش، موسى كويس و...
قاطعته سميحة بقسمات مالت للغضب:
-اتجننت، بنتك بتقول مش مرتحاله، هتغصبها ولا أيه؟!
انصدمت هدير من ردة فعل والدها، وخشيت أن يجبرها لسبب ما مجهول عنها، علل ماهر سبب ما قاله بتوتر:
-فيه شغل بيجمعنا، وجواز هدير منه هيحسن العلاقة أكتر.
أبت هدير أن تكون مجرد سلعة لا قيمة لها في ظل تبريره الجهول، هتفت باصرار عنيد:
-مش هتجوزه يا بابا، متربطش شغلك بيا!
بداخله لم يحبذ ماهر وضع ابنته الوحيدة في موقف مشين كهذا؛ لكنه مجبرًا وعليه تكملة الأمر، قال:
-مش بمزاجك، أنا أديت كلمة وخلاص.
بغضت سميحة ما يفعله مع ابنته، وشكت أن يضمر شيء بداخله، في حين فقدت هدير الثقة في والدها، ظنته الملجأ والحماية، لكن لا، هتفت باحتجاج:
-مش هغصب نفسي، وجدي هو اللي هيقف للجوازة دي
ثم تحركت سريعًا للخارج رافضه تعسّفه الوخيم و فرض سيطرته عليها، تتبعها ماهر بنظرات نادمة مكتربة، ارتابت سميحة في أمره، سألته بجدية:
-عاوزاك تقولي يا ماهر ودلوقت، ليه مُصر هدير تتجوز منه؟!
عاود الجلوس بتعب، انكب على نفسه وقال بقلة حيلة:
-لو هدير متجوزتش موسى، أبويا هيروح في داهيــة...........!!
__________________________________

توالت عليه عتابات الأخير حين اتصل به، فتأفف في نفسه، لم يبالي أسعد بما فعله ووضعه بطيشه الجميع في موقف مخجل مستقبح، رد مبررًا باستفزاز:
-وأنا ذنبي أيه؟!، كل واحد ممكن يتسرق!
اشتد غضب منتصر فهو يضايقه أكثر بدلاً من تخفيف ثورته، هتف:
-بسبب عمايلك ماهر هيجوز بنته لـ موسى، والبنت مش موافقة، هنغصبها يعني!
عارض أسعد أن يتسبب في تدمير حياة حفيدته، قال بانكسار:
-يعني اتحبس يا منتصر!
كز منتصر على أسنانه بقوة، قال بجهامة:
-سيبلي الموضوع ده، المهم قسمت فين؟!، عاوز اتكلم معاها.
قال بمفهوم:
-قسمت هتفضل هنا، مش هترجع القاهرة تاني!
هتف باعتراض:
-وأنــا!!
رد باقتضاب حاذر:
-عاوزة تطلق!
انتفض منتصر من مكانه رافضًا لما يقوله، هتف بغضب:
-أيه البرود اللي بتتكلم بيه ده، بسهولة كده تسافر من ورا جوزها وجاية تطلب الطلاق، مش هطلق، وأعلى ما في خيلها تركبه!
ثم أغلق السماعة وأنفاسه متهدجة من الغضب، توعد بشراسة:
-أفضى بس يا قسمت من اللي حواليا وهتشوفي هاعمل معاكي أيـه....!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
توجه أسعد لغرفتها؛ كي يحكي لها الحوار بينه وبين منتصر، طرق الباب بهدوء ثم ولج، عند دخوله وجدها تدلف من المرحاض وتضع يدها على بطنها، ناهيك عن طلعتها المسجورة والمرهقة، تقدم أسعد منها مستفهمًا بقلق:
-سلامتك يا قسمت، إنتِ تعبانة ولا أيه؟!
جلست على الأريكة الصغيرة وقالت بنصبٍ ظاهر:
-عندي مغص شديد!
جلس بجانبها وقال مخمنًا:
-تلاقي من الأكل هنا، دسم ومعدتك مستحملتش!
هزت رأسها برفض، قالت:
-بالعكس متعودة عليه، بس أنا بقالي كام يوم كده، خايفة أكون عندي حاجة!
لامها بنبرة حنون:
-طالما تعبانة مكشفتيش ليه؟!، كده المسألة تكبر والتعب يزيد!
تنهدت باجهاد فالأمر مقلق، استطرد أسعد بجدية:
-المستوصف اللي هنا مش كويس، بس هشوفلك ست شاطرة كل الناس بيجبوها تكشف عليكِ!
ثم مسد على ظهرها بتعطف، فاستسلمت قسمت لرغبته، هي مريضة وعل هذه المرأة تسكّن آلامها بدواء ما، تابع متأهبًا لدعوة الأخيرة للحضور:
-هخلي الغفير يناديلها علشان تطمنا عليكي، ولو معرفتش هنروح مستشفى في سوهاج جنبا.................!!
___________________________________

مدت يدها بالملعقة المليئة بالأرز ناحية فمها لتطعمها، رفضت غزل ذلك وادرات رأسها للجانب الآخر، قالت جميلة بسماحة:
-كلي يا ست، هتموتي نفسك من الجوع!
تجاهلتها غزل فقد فضّلت الموت على أن تحيا هكذا، تابعت جميلة بتوسل:
-سي جعفر جالي لو ما اهتمتيش بيها هدفنك حية، يرضيكي يا ست يعمل فيا إكده!
عاودت غزل النظر إليها، وجدت البراءة في أعين هذه الفتاة، ردت عليها باستياء:
-إزاي أهلك يسمحولك تشتغلي عند الراجل المفتري ده!
قالت جميلة بأسى وهي تصصح مفهومها:
-دا آني متجوزاه!
شهقت غزل بصوت مسموع، هتفت باستنكار:
-إنتي تتجوزي الراجل ده، دا يخلف أبوكي!
شجنت جميلة على نفسها المسكينة، بينما اشفقت غزل عليها، فالأكيد أنها تعاني معه، تابعت جميلة بلطف:
-كلي يا ست علشان ميجولش حاجة.
فقدت غزل لذة تناول أي شيء في جوفها؛ لكن رأفةً بهذه الفتاة فتحت فمها لتأكل، التقمت الطعام بذهنٍ شارد، تفكر وتفكر في كيفية الهروب من هنا، انتبهت بعدما اكتفت من الأكل لـ عزيزة، قالت لـ جميلة بتكليف:
-باين عزيزة مكلتش، روحي أكليها!
اومأت جميلة بامتثال ثم حملت الصينية متجهة نحو عزيزة، أيقظتها من نومها لتدعوها للأكل، بينما حدقت غزل بها تفكر في كلام جعفر، خروجها من هنا مقترن بمعرفة أموال هذه السيدة، لم تجد حل آخر سوى استدراج عزيزة في الحديث وتأخذ منها المعلومات، لكن كيف؟، هي لا حول لها ولا قوة..
رغبت غزل في دخول المرحاض فخاطبت جميلة بطلب:
-عاوزة أدخل الحمام!
التفتت لها جميلة ثم قالت:
-حاضر يا ست!
مسحت جميلة فم عزيزة بقطعة القماش ثم عاونتها على الاستلقاء مجددًا، نهضت متجهة لـ غزل المكبلة الأيدي والأقدام،x قالت:
-هفك إيديكي بس، سي جعفر كان جالي إكده!
زفرت غزل بضيق وسلمت أمرها، اومأت بموافقة فاقتربت جميلة لتفك وثاق يديها..
استندت غزل عليها وهي تنهض معها ناحية المرحاض، سارت بتعثر وهي تنفخ، قالت جميلة بود:
-جربنا نوصل!
ثم ولجت بها المرحاض فتقبضت غزل وقالت محتجة:
-ربنا ينتقم منه، حتى الحمام مش هاخد راحتي فيه!
ابتسمت جميلة وقالت بمرح:
-مهبوصش!
وجدت غزل نفسها تبتسم رغمًا عنها، عاونتها جميلة في قضاء حاجتها محاولة احترام خصوصيتها، حين انتهت قالت جميلة بشفقة:
-كان بودي أساعدك، بس أخاف منيه!
انتبهت غزل لذلك، نظرت له مطولاً فلما لا تساعدها على الهرب، ومن ثم تمنحها مكافئة مغرية، هتفت بتفاؤل:
-عارفة لو ساعدتيني أخرج من هنا، هانتقملك منه، هديكي كمان فلوس كتير، ومش هخليه يأذيكي وتخلصي منه
انبهرت جميلة بكل هذا، هتفت بعدم تصديق:
-صحيح يا ست لو ساعدتك هتعمليلي كل ده
هتفت غزل بتأكيد شديد:
-واللهِ العظيم هاعملك أكتر من كده، بس ساعديني، دا خطفني وجوزي لو عرف هيدفنه!
وجدت جميلة النجدة في هذه الفتاة، تهللت فهي تبغض معاشرته، أيضًا ضيق ذراع والديها يوجمها، سنحت لها الفرصة لتتخلص منه فإما لا، استفهمت بجهل:
-طيب هنعمل أيه علشان تُهربي؟!................
___________________________________

ولجت غرفتها موترة الأعصاب، أدعت زيارتها لهما لتنفذ ما طلبه منها، جلست ياسمين على طرف تختها لبعض الوقت تفكر، أخذت نفس هادئ ثم استعدت نفسيًا وجسديًا، نهضت من مكانها ثم باحتراسٍ تحركت لخارج الغرفة..
نظرت هنا وهناك؛ كي لا يراها أحد وهي تتسلل لغرفة أخيها، وقفت أمام الباب مرتبكة، ثم فتحته ببطء؛ لكن سريعًا ولجت واغلقته خلفهـا..
عرفت مقصدها وتوجهت إليه، أجل خزنته الخاصة والتي تحوي أهم ما يملكه، فتحتها ياسمين بأيدٍ مرتعشة فهي تعلم رموزها جيدًا، حين انفتحت حدقت بها لا تريد سحب أي شيء، قالت بتردد:
-سامحني يا موسى، مضطرة!
عجّلت ياسمين بأخذ الأوراق فقط، دستها بين ملابسها ثم اغلقتها من جديد، لم تنتظر أكثر حتى دلفت للخارج مضطربة..
عند سيرها المتزعزع بالرواق اصطدمت باختها، هتفت هند بدهشة:
-أيه يا ياسمين، رايحة فين؟!
ابتلعت لعابها وقالت:
-همشي بقى!
استغربت هند فلم تمر دقائق على مجيئها، قالت:
-هو إنتي لحقتي؟!، مش اتفقنا نقعد اليوم كله مع بعض
حافظت ياسمين على ثباتها واختلقت عُذر، قالت:
-أصل افتكرت حاجة مهمة قوي هاعملها، ووعد هاجي تاني أصل مينفعش ءأجلها!
نظرت لها هند باشتياق فقد استوحشها الجلوس معها وتبادل الحوار، قالت بترجٍ محبب:
-طيب يا ياسمين، هستنى ترجعي تاني، إنتي وحشتيني قوي ونفسي نرجع نقعد سوا....!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،
وقف بسيارته مبتعدًا مسافة كافية عن الفيلا ينتظرها بشغف، هز يوسف قدمه بتوتر خشية أن تفشل في المهمة التي أسندها إليها، وتمنى أن يخيب ظنه وتفعل المطلوب..
دقق النظر في فتاة تسير من بعيد وحين تقترب تتضح هويتها، اغتبط داخليًا وهو يتابع مجيئها مبتسمًا، هرعت ياسمين ناحيته بسرعة كبيرة، ركبت بجانبه تنهج بشدة، وضع يده على رأسها يمسدها قائلاً:
-إهدي شوية خدي نفس!
اخذت تتنفس بهدوء، قالت بنهج خفيف:
-كنت مرعوبة وخايفة!
سألها بترقب المهتم:
-المهم جبتي الورق؟!
أخرجت الأوراق من ثيابها، قالت وهي تعطيها له:
-أهي!
التقفها منها بلهفٍ واضح، جهل هل هي ما أرادها، أم ليست هي؟، لتعليمه البسيط، سألته بمعنى:
-هي اللي إنت عاوزها؟!
مررها واحدة تلو الأخرى وفتح بعض المستندات على عجالة، لم يعي كليًا إذا كانت هي؛ أم لا، رد بعدم معرفة:
-مش متأكد!
تابع بنظرة تحبها منه:
-بس خلينا نمشي، ونقعد بعدين مع بعض على السرير تقريهالي
تحب طريقته الجريئة تلك معها، قالت بحب وهي تضع رأسها على كتفه:
-حاضر، ولو عاوز أعلمك معنديش مانع............!!
___________________________________

-مراد، مش هتدخل بقى، الأكل جاهز!
انتبه مراد لوالدته وهي تناديه، استدار بجسده لها وقال:
-ماليش نفس يا ماما
قالت بنبرة حنون:
-يا حبيبي أكلتك ضعيفة من وقت اللي حصل،x وحالتك مبقتش عجباني
ولاها ظهره مجددًا غير مهتمٍ بحالته، تابعت بتعطف:
-الجو برد هنا في الجنينة، ادخل حتى!
رد بمعنى وهو يلتفت لها ثانيةً:
-أمي أنا كويس، أنا هنا مستني ضرغام، عاوزوه في حاجة!
علقت على ذلك بشغف:
-بخصوص غزل، عرفتوا حاجة؟!
أدرك سبب تلهفها، قال:
-باعمل المستحيل يا ماما علشان ألاقيها، ومتخافيش قريب هتكون هنا معانا
رددت بتمنٍ ومناشدة:
-يا رب ترجعلنا بالسلامة!
تركته السيدة وعادت بخيبة أمل في دخوله معها، وقف مراد كما هو يحدق في أرضية الحديقة بتفكيرٍ عميق، لم يكل أو يمل منه، ردد بشرود:
-اتنين بس هما اللي ممكن ياخدوها مني، حد فيهم بس مش هسيبه، دي مراتي، وبتحبني!
زال مراد كل ما مضى من رأسه، أراد فقط رجوعها وستكون تحت حمايته الأبدية، قال بثقة:
-مش هصدق أي حاجة، هي كانت معايا وبتحبني أنا، محستش مرة وهي معايا بتكرهني!!
فاق من حديثه الهائم هذا على صوت ضرغام يقول:
-مساء الخير يا مراد بيه!
انتبه مراد له، نظر له متسائلاً:
-عملت أيه؟!
اقترب ضرغام منه أكثر متهيئًا لشرح مخطط سيرة طوال اليوم، قال بجدية:
-يوسف فيه حاجة وراه بيعملها، بس معرفش هي أيه!؛ أما جاسم فهو حريص جوي في كل حاجة بيعملها، بس إحنا وراه خطوة بخطوة!
استسخر مراد من كلامه قائلاً:
-يعني مافيش جديد!
ثم تحركت بضع خطوات للأمام نافخًا بتخمة، تابع بعدم رضى:
-رجالتك مبيشوفوش شغلهم كويس يا ضرغام
انحرج ضرغام منه وقال بنبرة حماسية:
-إن شاء الله يا بيه هفرحك جريب!
تاه مراد في السماء ونجومها، حدق بها بشرود كبير، فهما تحت سماءٍ واحدة، لكن تبعدهما المسافات، أجزم في نفسه أنه يراها مرسومة في ظلمة السماء، ابتسم لكن سرعان ما تلاشت ابتسامته، خُيّل له أنها خائفة، تركض مذعورة، تموّر قلبه ولم يفطن ما هذا الإحساس الغريب، ردد بقلق:
-غـــزل..............!!
___________________________________

حين انطلقت من بوابة السراية وقبل هروبها من أمامها استوقفتها سيدة قاسية الملامح، خاطبتها بنبرة جافة تحمل الكثير:
-هروبك مش معناه مستنين منك حاجة، أصل آن الأوان نخلص من الجاحد ده
جاءت جميلة من خلفها قائلة:
-حظك حلو لجيتي اللي يهربك، آني أخويا جوه في الزريبة معرفاش عملوا فيه أيه؟
نظرت لها غزل من هيئتهن أدركت مدى المعاناة الملقية عليهم، تخبط فكرها وارادت فعل شيء لهن الآن، تذكرت قرطها وخاتمها وعقدها الصغير، هتفت وهي تنزع جميع مجوهراتها:
-خدوا دول دلوقت، ينفعوكم في أي حاجة، على ما أرجع تاني
ثم مدت يدها بهم للمرأة، تابعت غزل بجدية:
-هرجع علشان عزيزة، أنا عاوزاها معايا
نظرن للمجوهرات لبعض الوقت، لم تتردد جميلة في أخذهم منها، قالت:
-أيوة هينفعونا، هجيب بيهم طبنجة جديدة، هجتله بيها
وافقتها أم زينب الرأي، هتفت بغلول:
-عنديكي حج يا بتي!
تدخلت غزل وقالت:
-ممكن أمشي قبل ما حد يشوفني!....
.................................................. ............
خفة جسدها وقوته ساعداها في الركض الطويل دون أن تتعب، لم تتحير إلى أين ستذهب؟، هي تحفظ الطرقات عن ظهر قلب، كثيرًا ما لهت هنا وهناك وعبثت في جميع الأنحاء، لذا انطلقت بكل سهولة ولم تجد ما يعيقهـا..
من بين الأراضي وظلمتها ركضت غزل في طرق ضيقة للغاية، لم تخشى أصوات الحشرات المنبعثة كونها معتادة عليها، وظلت هكذا حتى ابتعدت مسافة كبيرة عن السراية، وقفت لحظات تلتقط أنفاسها الزموعة، وتيقنت أن بخروجها لن يمسك بها أحد، قالت بعزيمة:
-هروح بيتنا استخبى فيه لحد الصبح!
عاودت الركض ثانيةً لكن تجمدت فجأة حين استمعت لصرخة امرأة تستغيث، دارت غزل حول نفسها بفزع وأعين مجحظة تنظر في مكان بعيد كان أو قريب، بعد ثوانٍ معدودة لاحظت طيف سيدة تركض من وسط إحدى الأراضي المزروعة بـ (البرسيم)، ظنتها شبحًا فمن عاقل يأتي لهذا المكان ليلاً؟، لكن معاودة صراخها جعلها تنفض هذا التخمين..
انتبهت لرجل يركض من خلفها هيئته مريبة تذعر القلوب، فورًا استشفت ملاحقته للمرأة، اعتزمت مساعدتها حين تحركت نحوها، انتفضت غزل وهي تسرع في سيرها أن المرأة تعثرت قدماها وسقطت أرضًا، هذا يعني وصول الرجل إليها، خاصة هذا السكين اللامع الذي يشهره علنًا، ركضت غزل بطيش فوق الطين وفوق أرواث الحيوانات ولم تبالي، شاغلها إنقاذ المرأة من وطأة هذا الخسيس، تسارعت دقات قلبها حين اقترب منها منتويًا ذبحها أو طعنها في أيهما يفكر..
ما فعلته غزل قبيل وصوله لها هو شد انتباهه برؤيتها له، صاحت بهياج:
-أبعد عنها يا...
التفت لها الرجل مرتبكًا وهي تركض نحوه وتسبه، ما فكر به في تلك اللحظة قتلهن معًا لإخفاء جريمته، ولم يتخلى عند تنفيذ ما جاء من أجله وما أمرت به السيدة، بينما حدقت غزل بالمرأة التي تزحف على مرفقيها، تذكرتها فهي المخبولة،x قالت هانم بذعر:
-سـ ساعديني!
انتبهت غزل للرجل يرفع السكين عاليًا فصرخت بعنف دوى صوته في المكان ولسانها يردد عفويًا:
-هـــــــانم............................ .........................!!
x x x xx ___________________________
x x x x x x x x ___________________
x x x x x x x x x x x ____________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-10-20, 09:10 AM   #123

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية

الفـــصل الخمســـــون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ

استغلت ركل هانم له في ساقه وانحنت لتمسك بهذه الحجارة الصلبة، فهي نجدتها الآن، رفعتها غزل مجتهدة في حملها ثم بتشدد ألقتها عليه، ارتطمت به فاختل توازنه وسقطت السكين من يده، أسرعت لتلتقف السكين وترفعها في مواجهته وتحذره من الإقتراب، اقشعر بدن الرجل فقد انقلبت الأمور وذهل من شجاعتها، صرخت غزل بتهديد:
-امشي من هنــا، هقتلك!
تراجع الرجل عدة خطوات خائفًا ومزعوجًا في ذات الوقت، فقد فشلت مهمته، تردد في الرحيل وقد رغب في إكمال مهمته، تقدم خطوة لربما تخاف منه لكنه وجدها شرسة وهي تمسك السكين، صاحت:
-إمشــي!!
سلم أمره ثم رمقها بضيق لاعنًا مجيئها لإفساد مهمته، فر راكضًا من المكان فتتبعته نظرات غزل المحتدة حتى ابتعد، التفتت ناظرة للأرض ناحية هانم فلم تجدها، شهقت بصدمة فأين هي؟!، بحثت بنظراتها حولها مدهوشة مع رحيلها هكذا، رددت بتحير:
-هانم روحتي فين، خلاص مشي متخافيش!
لم تجد أي رد عليها فتيقنت خوفها وهروبها، وبختها غزل بضيق:
-فعلاً هبلة، مش تستنى نمشي سوا، إفرض رجع تاني وأذاها....!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ركضت هانم كالهوجاوات هربًا، لأول مرة تنفزع هكذا، مرت سنوات جفت دموعها فيها من شدة حزنها، واليوم ذرفت العبرات وانهمرت على وجهها، رددت بشيء من الوعي:
-مش هموت... قبل ما ألاجي بتي!
أكملت ركضها حتى تقطعت أنفاسها وأرادت الراحة، لمحت سراية السيد أسعد، فتذكرت مكوثها لفترة في حظيرة المواشي، إلى أن زجرها الخفير وطردها من المكان، كانت تشعر بالأمان بداخلها، لذا لم تتوانى في التوجه نحوها وامتصاص الحماية منها..
تسللت بحذر نحو السور ثم تسلقته بسهولة لقصره، قفزت في الداخل ثم تحركت نحو الحظيرة متوترة، سكون المكان في هذا الوقت عاونها على عدم شعور أحد، ولجت الحظيرة وهي تمرر نظراتها على المواشي، تعمقت للداخل ثم في أحد الأركان المليئة بـ (القش) جلست، واتخذت المكان مسكنها ومخبئهــا........!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
سارت غزل نحو منزل والديها بقلبٍ مقبوض، وقفت متيبسة مكانها فجأة لتجد نفسها تبكي بوجع؛ على فراقهما وتشتت شملهم، تحسّرت وزاد نحيبها الحارق، متيقنة أنها السبب، ليتها ما جاءت لهذه الحياة، رفعت بصرها للسماء متسائلة، لماذا يا الله؟، تحركت مجددًا بتخاذل نحو المنزل وأحداث الماضي بحلوها ومرها تأتي في عقلها، كفكفت عبراتها ولعقت شفتيها، جاءت لتفتح الباب وفشلت، عاودت فتحه حتى أحدثت ضجيج مقلق لـ أمل بالداخل، والتي تيقظت من نومها مذعورة، وقفت خلف الباب واستفهمت بخوف:
-إنت مين؟
انتبهت غزل لها، فلقد تناست أمر رجوعها، ردت سريعًا:
-أنا غزل يا أمل إفتحي!
اندهشت أمل من عودتها، سألتها بترقب:
-لواحدك ولا معاكِ حد؟!
-لواحدي!
فتحت لها أمل بتردد، حين رأتها أمامها بهيئة غير مرتبة ذُهلت، مرقت غزل على الفور فلا داعي لوقوفها في الخارج كثيرًا، قالت وهي تتدرج للداخل:
-اقفلي الباب بسرعة!
فعلت أمل ذلك، سارت خلفها متسائلة:
-أيه اللي جابك؟!
استدارت لها غزل، قالت متهكمة:
-يعني مش شايفة شكلي، عاوزة ارتاح وبعدين أسألتك دي!
ثم نظرت حولها ولم تجد شيء تجلس عليه، قالت أمل لاوية شفتيها:
-تعالي اجعدي على السرير جوه، مافيش غيره!
تحركت أمل نحو غرفة والديها وغزل من خلفها مشدوهة، عندما خطت العتبة بقدمها رجف قلبها، فالغرفة خاوية، وقفت أمل ضاممة ذراعيها حول صدرها، بينما جلست غزل على طرف التخت زائغة، رددت ببؤس:
-الله يرحمهم، مش مصدقة لحد دلوقت، الدنيا وحشة قوي
انعدم الإحساس في أمل التي ردت بعدم اهتمام:
-ارتاحوا من الفجر!
لم تعلق غزل عليها بل طلبت منها بإطراقٍ حزين:
-هاتي حاجة نضيفة من عندك ألبسها، هدومي متوسخة!
تأففت في نفسها وهي تتجه نحو لفة ثيابها، قالت وهي تبحث عن شيء يليق بها:
-مجاسنا مش زي بعض، بس هشوف حاجة تليج بالهانم!
تيقنت غزل أنها لن تتغير، ستظل تحقد عليها وتبغضها، تنهدت متجاهلة ثرثرتها، ألقت أمل عليها ثوب من اللون الأبيض المزخرف، قالت:
-خدي!
انزعجت غزل من وقاحتها، وتمنت لو قتلها يوسف، هي تستحق أن تتأدب على ما فعلته، نهضت لتبدل ثيابها والأسئلة تدور في عقل أمل من حضورها هنا، سألتها بفضول:
-جولي بجى إنتِ هنا ليه؟!
ردت غزل عليها بتأفف لتخفف فضولها:
-كنت مخطوفة، الزفت جعفر كان خاطفني
صُدمت أمل فتحركت غزل للخارج قاصدة المرحاض، استمعن لدقات عنيفة على الباب، ارتعبن وأخذت أمل تتشبث بذراعها، ابتلعت غزل ريقها متخوفة من عثور جعفر عليها؛ لكن سألتها أمل بتعنيف:
-تلاجيه يوسف، منك لله خلتيه يعرف مكاني!
استنكرت غزل ذلك ونظرت لها محتجة على اتهامها، انفتح الباب بغتةً عليهن بعد ركلة عنيفة صرخن بذعر مجنون على إثرهـــا وهن يتشبثن ببعضهن البعــض...............!!
________________________________

استلقت على تختها، وعلى رفعة الإضاءة الخافتة انغمست في بحر ذكرياتها الأليمة، والتي أوجدت بداخلها مآسي جافة، لم تستوعب لهذه اللحظة أنها تحمل في أحشائها ما جحدت حدوثه ولو في أحلامها المتأملة، رجفت يد قسمت وهي تضعها لتلامس بطنها وتستشعر أي حركة من هذا الجنين التي أخبرتها السيدة أنه تكوّن في رحمها، لاحت بسمة حالمة على محياها فكيف هذا؟، زال النوم من عينيها وظلت هكذا تتخيله، انبلجت مشاعر جديدة في قلبها، لم تتوقع أن يكون هناك ما تخشى عليه، حاوطت بطنها بذراعيها لتحميه، قالت باضطراب:
-محدش هيأذيه طول ما أنا عايشة!، دا ابني!
تخوفت قسمت من ضياعه كاخوته من قبل، رفضت ذلك فهذه المرة مختلفة، لم تتراجع عن تجبرها وأكملت:
-هغيظهم كلهم، مش هخليهم يقلوا مني تاني، أنا بخلف مش عقيمة!
ثم ضحكت بخفوت متهللة، ستصبح أمًا عن قريب، اخرجها من خمود نفسها صوت فتح باب الغرفة، ركزت حواسها عليه وإذ به عمها، استغربت حضوره في هذه الساعة المتأخرة، اعتدلت قليلاً حين تقدم منها مبتسمًا، خاطبها بمحبة:
-حسيت إنك صاحية، قولت آجي اتكلم معاكِ!
ابتسمت له بود فجلس بجانبها، تابع بعدم تصديق:
-معقول بعد العُمر ده كله تحبلي!
هي الأخرى استنكرت أن تنجب مجددًا، قالت:
-وأنا لحد دلوقت متفاجئة، أنا حامل!، كلمة بقالي سنين بحلم أقولها!
ربت بلطف على كتفها فتابعت بثقة:
-ربنا رحم بحالتي، حس إني مظلومة، وهخلص من معايرة الكل ليا
هتف بنبرة متعقلة:
-يبقى منتصر لازم يعرف، وكمان ترجعيله، خلاص يا قسمت بقى مكتوب عليكِ، وهيبقى أبو اللي في بطنك!
لم يأتي منتصر على ذهنها بتاتًا، قالت باستسلام:
-هرجعله، علشان بس ابننا!!
تابعت بتكليف:
-بس متقولوش دلوقتي، خليها لما أرجع!
امتثل لرغبتها وقال بألفة:
-مع إن هزعل لما تمشي بس كله علشان سعادتك يا قسمت.....!!
__________________________________

رؤيتها له أمامها جعلتها تركض دون تفكير ناحيته، ركض هو الآخر ناحيتها حتى حاوطها بذراعيه ضاممًا إياها لصدره، استمدت غزل من دفء أحضانه راحة لا مثيل لها، رددت باشتياق:
-مـــراد!!
ظلوا هكذا متعانقين لفترة ليست بقليلة، مسد مراد على ظهرها ليبث الطمأنينة بداخلها، سألته بتيه ورأسها على كتفه:
-عرفت مكاني إزاي؟!
رد بثقة اعجبتها للغاية:
-مبقاش مراد لو مكنتش أعرف كل حاجة!
ابتعدت لتنظر إليه، لم تنتبه لنظرات من حولها وهي تخاطبه:
-وحشتيني قوي، كنت خايفة مشوفكش تاني!
طبع قبلة صغيرة على جبهتها، قال:
-حلفت ما أنام غير لما الاقيكِ، وحصل!
احتضنته ثانيةً فضمها مبتسمًا، انحرج ضرغام الواقف خلفه، قال بتردد:
-مش وجته يا مراد بيه، بينا نعاود الأول.
وعي مراد لخطورة الأمر، أبعدها قائلاً بجدية:
-يلا من هنا ونتكلم في الطريق، أنا جاي بعربيتي وهنوصل بسرعة..
ثم انتبه لفتاة تقف بالخلف باهتة الملامح وواجمة، حين رأته غزل ينظر لـ أمل التفتت لها، قالت:
-دي أمل، أختي اللي اتربيت معاها!
اكتفى مراد ببسمة صغيرة ترحيب بها، ولم يستشعر أحد كم الحقد بداخل أمل وهي ترى هذا الشاب الثري الوسيم يهتاف عليها هكذا، كان امتقاع وجهها نتيجة غِيرتها التي لم تنتقص، بل تتزايد كل يوم عن الآخر، حالمة أن تكون مكانها، ظنتها غزل ما زالت خائفة، خاطبتها بنبرة مريحة:
-دا مراد جوزي، متخافيش!
أمسك مراد بيدها قائلاً:
-يلا نمشي!
لوًحت لـ أمل بوداع ثم تحركت مع مراد نحو الخارج، تاركة أمل متصلبة مكانها، حزينة على ما هي عليه، رفضت ذاك الوضع الأليم وجحدت معطيات الله، تهدجت أنفاسها بحزنٍ سافر، قالت بعدم رضى:
-ليه مبجاش زيها، ليه يا رب تخليها إكده وآني له......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ركبت السيارة معه، أسندت رأسها على كتفه وضمت ذراعه لها وهو يقود، سألها مراد منتبهًا:
-غزل الراجل ده عملك حاجة؟!
هزت رأسها بـ لا، قالت:
-دا راجل طماع يا مراد، أنا خايفة على عزيزة معاه
رد متفهمًا:
-أنا سايب رجالة هنا، وهيخطفوها من عنده، بعد ما ينفذوا حاجة طلبتها منهم!
قبلت كتفه كونها كانت مصيبة في إختياره، تذكرت ما قاله جعفر عنه فقلقت، قالت:
-خلي بالك من نفسك، جعفر قالي إن أعمامك عاوزين يخلصوا منك!
التمعت عيناه بثقة عجيبة، رد ساخرًا:
-عمامي أصلاً بيتحاموا فيا، وعارفين إن اللي بيعملوه معايا أخره ولا حاجة!
تبهجت من رده ثم ضمت ذراعه أكثر بحب، انتبه مراد لكم العشق البادي عليها تجاهه، قارنه بالصور وهي بصحبة الأخير، سألها مترددًا:
-يا ترى بتحبيني أنا وبس ولا قلبك فيه حد تاني؟!
رفعت رأسها لتنظر إليه باندهاش، قالت مستنكرة:
-عندك شك، ليه بتسأل يا مراد؟!
حاذر في عدم الاندفاع الآن، قال:
-لما نرجع هنتكلم، أنا سايق والطريق طويل!
اومأت بتفهم ثم غصّت وهي تتذكر رحيل والدها، حدثته بكمد:
-صحيح بابا مات؟!
نظر لها مطولاً لا يريد إغمامها، رد مضطرًا:
-البقاء لله..................!!
_________________________________

انجلى النهار فأفاقت من نومها باكرًا، أو بالأحرى لم تنعم بنوم مريح، ارتدت هدير ملابسها ثم وقفت في شرفة غرفتها، كانت ملامحها شاجنة وكلام والدتها يتردد في أذنها، بأنها مجبرة على الزواج بهذا الحقير، خشية أن يتأذى جدها..
نفخت بسأم فلما هي من تعاني، وجدت نفسها في موضعٍ يصعب عليها أن تتحمله، اغمضت عينيها بألم، همست لنفسها:
-مش عاوزة اتجوزوه، كرهته!
كانت هيئتها تعرب أنها ليست بخير وتعاني من أمرٍ ما، هذا ما لاحظه يزيد وهو يتابعها من شرفة غرفته، لم يستطع أن يقف هكذا مكتوف الأيدي ويتركها، دلف لغرفته فورًا ومنها للخارج قاصدًا الذهاب عندهــا..

طرق الباب مرة واحدة ثم تجرأ ودخل، وجدها كما هي بالشرفة فتحرك بتردد نحوها، يعرف أن ما يفعله مستقبح ولكنه استغل صلة القرابة بينهما؛ كونه ابن عمها، ناداها بحرج:
-هديـر!
انتبهت مضطربة لصوته المألوف، استدارت بجسدها فوجدته عند باب الشرفة يقف، توترت من مجيئه لـ غرفتها، تنحنحت فصوتها مبحوح، ردت:
-خير يا يزيد، أول مرة تيجي أوضتي!
تقدم قليلاً منها، سألها بتلجلج:
-شفتك من البلكونة زعلانة، فجيت اطمن عليكِ، مالك يا هدير؟!
ابتسمت له فكم هو لطيفًا!، قالت بطلعة باهتة:
-زعلانة على حظي، أنا مافيش حد بيحبني يا يزيد!
ثم بكت فحزنها أجبرها على ذلك، وفشلت في التماسك أمامه، اغتم لرؤيتها هكذا ثم رفع يديه قليلاً وأراد ضمها والتهوين عليها، تراجع عن ذلك فلا يجوز، خاطبها بدماثة:
-كلنا بنحبك، إنتِ مش عارفة مكانتك في قلوبنا ولا أيه؟!
ردت محاولة الكف عن البكاء:
-أنا مش عاوزة اتجوز موسى.
تهللت قسمات يزيد، قال مادحًا إياها:
-برافو عليكِ، دا بني آدم كل شغله حرام
مسحت دموعها ثم نظرت له بقلة حيلة، قالت:
-بابا وماما مصممين اتجوزوه، ومش عارفة أعمل أيه؟
غلى الدم في عروق يزيد، هتف بجهامة:
-مش بالعافية، محدش هيغصبك، أنا وجدي هنقف معاكِ!
ردت هازة رأسها باستنكار:
-بابا وماما مش هيسمحوا بكده
تجرأ أكثر حين قرّب المسافة بينهما، وذاك ما أربكها، قال باندفاع:
-هدير باحبك من زمان وعاوز أتجوزك................!!
_________________________________

على المقعد بالشرفة جلست تحدق بالفراغ، كثرة التفكير تكاد أن تقضي عليها، تريد النسيان ولكن لا مفر، هذا الجنين في رحمها جعلها تتذكر عدد الأرواح التي أُزهقت بأمرٍ منها، ما جعل قلبها ينتفض هو تسليم الفتاة لهم لذبحها، ابتلعت قسمت ريقها في خوفٍ ورهبة واضحة، وخشيت أن يكون مصير صغيرها كمصير هذه الفتاة التي دفعها القدر لتقع في طريقها، ليلة خطفها لها شريط أسود يسرد مدى وقاحتها وتحجر قلبها، ورغمًا عنها رجعت للوراء تتذكر ما حدث تحت أعينها...

صرت أسنانها بقوة حين وجد هذا الرجل السقا وابنه الصغيرة، قبيل وصولها إليها أخذاها معهما، تريثت قسمت فعدم التهور وقالت:
-خليها معاهم، بالمرة هتبقى هنا وبعيد عن القاهرة
وجدتها فرصة ستخفف عن عاتقها تحمل تربية فتاة، وبالتأكيد ستراقبهما بأعين متربصة مترقبة..
تحركت من المكان خلف نادية لتراقب ما يحدث، على مقربة منها لاحظت وقوفها أمام والدها ويمسك بها رجلان، توارت خلف شجرة كبيرة وأخذت تتابع، لم يستمر وقوفها سوى ثوانٍ قليلة حتى قطع الأخير عنقها بلا رحمة، شهقت قسمت وقد تصلبت مكانها، عفويًا وضعت يدها على عنقها وابتلعت ريقها فالمشهد قاسٍ، فاقت على صوت جعفر يقول:
-في أي مجبرة ارموها فيها، ومعايزش واصل حد ياخد خبر، والبت اللي كانت معاها اجلبوا البلد لحد ما تعرفوا ودتها فين علشان تحصّلها
جاءت الفتاة على ذهنها فهي لا تريد موتها، اعتزمت قسمت البحث عن بديل آخر غيرها، تنفست بصعوبة ثم أسرعت بمغادرة المكان..

وهي في طريقها لسراية عمها استمعت لصوت طفل صغير يبكي، استوقفها الأمر وعادت خطتها الشيطانية تراودها، اقتربت من الصوت رويدًا رويدًا، لمحت الطفل موضوع على الأرض عند مقدمة أرض زراعية ومن حوله أغراض ما، دنت قسمت منه بحذر ثم توقفت فجأة مضطربة حين قالت الأم بحنوٍ:
-جيالك يا حبيبة أمك أهه!
لم تضيع قسمت هذه الفرصة من يدها فهي فتاة وذاك المطلوب، ثم انحنت لتحملها سريعًا، تعالى صوت بكائها فوضعت يدها على فمها لتكتم هذا الصراخ المفضوح، تحركت بها وهي تسير بسرعة هربًا من المكان قبل أن تأتي الأم، لحظات وخرجت الأم من بين الذرة المزروعة، صكت صدرها بصدمة حينما وجدت مكان صغيرتها فارغًا، ألقت الذرة من يدها وصرخت بهيستيرية:
-بنتي.... حنان!
تحركت هانم نحو المجرى المائي (الترعة) وأخذت تبحث، لربما تدحرجت، وبخت نفسها فهي صغيرة ما زالت، تابعت بعويلٍ مؤلم:
-يا حنـــان، إنتِ فين يا ضنايا!
ثم ركضت هنا وهناك تبحث وقل شُل عقلها، لتبدأ رحلة بحثها غير المجدي، والذي كلفها سنوات شقية نقيرة تخبطت فيها إلى أن ذهب عقلها.....!!

فاقت قسمت من ذكرياتها وجسدها يرتعش بقوة، متخيلة منظر الفتاة بعدما فصلوا رأسها عنها، تمتمت بتقطع:
-عـ عملتي.. كتير يا قسمت!
شحب وجهها وهي تضع يديها على بطنها، تابعت بعزيمة مريبة:
-لازم أحمي ابني من أي حد، مش هيحصله حاجة من اللي عملتها
ثم نظرت لبطنها متابعة حديثها للجنين كأنه يسمعها:
-متخافش يا حبيبي، أو حبيبتي، أنا قسمت أمكم، يعني مش هتخافوا وأنا معاكوا، محدش يقدر عليا!
طمانت نفسها بتلك الكلمات رغم توجسها، انتبهت لصوت ضجيج من شرفتها فنظرت للمارة، وجدت عددًا من الفلاحين يسير حاملاً عصيان (شوم)، قطبت جبينها متعجبة إلى أين يذهبون؟!، تحيرت في أمرهم ثم أخذت تنادي للخفير، خاطبته بأمر:
-أجرى بسرعة شوف الناس دي رايحة فين؟!.............!!
__________________________________

وجودها زاد من الود بينهم، بالردهة جلسوا معها بعدما اغتسلت وبدلت ثيابها، خاطبتها السيدة بتحنن:
-كنتِ نامي يا غزل وريحي شوية، تلاقيكِ تعبانة!
ردت مبتسمة:
-نمت في العربية!
هتف مراد بضيق مزيف:
-أيوة هي نامت وأنا طول الطريق صاحي ومش قادر
قالت السيدة بفرحة:
-مبسوطة إنكم اتصالحتم، يا رب ما يجيب مشاكل!
ما تعرضت له جعلها تتناسى إذلاله لها، نظرت له غزل وقالت بجدية قوية:
-مراد لو رجعت اتكلمت تاني في نسبي مش هيحصل كويس، لأن مش هسمحلك، أنيس بابا وكل حاجة بتقول كده
نظر مراد للسيدة نظرة جعلتها تشك بأن هناك سر غامض مخفي عنها، سألتهما بعبوس:
-فيه أيه؟!
رد عليها مراد بظلمة:
-طيب لو قولتلك إنه مش أبوكِ يا غزل، هتعملي أيه؟!
توترت غزل أن تظهر هوية جديدة لها؛ أو تضحى لقيطة بلا نسب، قالت بتذبذب:
-لأ، أبويا، إنت عاوز مليش أهل علشان تفرض كلامك عليا وتذلني، واستغليت إنه مات علشان تلعب بيا براحتك
تعالى صوتها عليه فنهرها بغلظة:
-وطي صوتك، لسه ليا كلام تاني معاكِ مع اللي عملتيه مع اللي اسمه أخوكِ
جهلت ما يرمي إليه بخصوص يوسف، تابع مراد باحتدام:
-لو عايز أكسرك وأحطك تحت رجلي محدش هيمنعني، ومستحمل عمايلك علشان ماما وبس!
حدجته غزل بضيق فهو لن يتغيّر وعادت تتخوف من أفعاله نحوها، وجهت بصرها للسيدة لتتدخل، بالفعل قالت السيدة بعقلانية:
-مراد كلامه صح يا غزل، ولازم تسمعيه، أنيس مش أبوكِ ولا كان
جلست غزل مشدوهة بينهما، هتفت بعدم تصديق:
-وأيه دليلك، بابا نفسه لقى الحلق بتاعي مع أختي اللي اتربت معايا!، واللي لبسهولي وأنا صغيرة.
تنهدت السيدة تريد تهدئة ثورة انفعالها، قالت بجدية حملت الثقة:
-نعمة قبل ما تموت أكدتلي يا غزل، أنيس مش أبوكِ، وكانت كذبة عملتها هالة أختي عليه بسبب اللي عمله معاها!
أحس مراد أنها ليست بخير فرعشة جسدها مقلقة، سألها باهتمام:
-غزل إنتِ كويسة؟!
تاهت في الفراغ أمامها، تساقطت بعض العبرات وقالت:
-يعني أنا بقيت أيه يعني، طلعت مين ولا مليش أهل؟!
كان صوتها ثائر، نهضت غزل غير منتظرة إجابة من أحد، صاحت باهتياج مجنون:
-الكل بيلعب بيا، محدش عنده ضمير خلاص!
نهض مراد وكذلك السيدة، خاطبتها بعطف:
-لا يا حبيبتي أ.....
قاطعتها لا تريد سماع المزيد، هتف:
-بس بقى فيه أيه تاني حرام عليكم
ثم ركضت نحو الأعلى تبكي، خاطبت السيدة مراد بحزن:
-واقف ليه، اطلع اتكلم معاها وفهمها كل حاجة!!
أسرع مراد ليلحق بها، فجلست السيدة مكتربة مكانها، ولم تلاحظ الخادمة التي تجمع الأكواب وتتنصت على هذا الحديث الدارج بينهم، بعدما حملت الأكواب على الصينية تحركت ناحية المطبخ، وضعت الصينية على الطاولة بداخله ثم أمسكت بتليفون المطبخ لتهاتف سيدها وتخبره بما استمعت لـــه........!!
__________________________________

عند عتبة باب شقته وقف يتهامس معه، لاحظ يوسف أثناء حديثه مع الرجل بتجسس ياسمين، نظر لها من الخارج فتوترت ثم ولجت الغرفة محرجة، سأله يوسف بامتعاض:
-أيه اللي رجعهم تاني، مش قولتلهم إحنا مش في مصر أصلاً
رد جبس موضحًا:
-الراجل اللئيم ده كان سايب جواسيس في الحارة، وطلع مش سهل والناس قالوله عليك وإنك كنت متجوز الست نوال، وهو مش هيرتاح إلا إذا خد حفيده
قلق يوسف من تشدد هذا الرجل، خاطبه بانفعال:
-تلاقيه شك فيك وزمانه مشى وراك وعرف عنواني هنا
رد جبس باستنكار:
-لا يا ريس، دا أنا واخد احتياطاتي، وقبل ما آجي هنا باركب أكتر من أتوبيس!
اكفهر يوسف لا يريد أن يتركه خالد، أهله أحق به لكن تعلق به وأحبه، خاطبه باقتطاب:
-طيب روح إنت، واعرف أخباره وتعالى قولي
-أمرك يا ريس
ذهب جبس وبقى يوسف موضعه لبعض الوقت يفكر، تحير كثيرًا ثم ولج موصدًا الباب خلفه، سار ناحية (الصالون) ثم جلس على المقعد زائغًا، تحاوطه المشكلات من جميع النواحي، مسح وجهه بكفيه ليتناسى فعلى عاتقه أمور شتى، رتب ما ينتويه جيدًا ثم أمسك التليفون ليهاتف شخص ما..
حدثه بنبرة آمرة:
-الليلة تكلم منتصر الخياط، وتهدده بالورق اللي قولتلك عليه، لو سألك مين بيتكلم، قوله حد قريبك ومن دمك!، بس كده
امتثل له الرجل بفعله المطلوب، أخبره بعودة غزل قائلاً:
-الست غزل رجعت الصبح مع مراد بيه
تبدلت قسمات يوسف للغضب، قال:
-رجعت فين، عنده؟!
قصد مراد فأكد الرجل له، قال:
-أيوة معاه في القصر
اغتاظ يوسف وشرع في تبكيت الأخيرة، أخبره الرجل بسر الخادمة المفاجئ، تابع بمغزى:
-بس الخدامة بتاعتنا اللي هناك قالت إنها سمعتهم بيقولوا إن غزل مش بنت أنيس، وكانوا متأكدين
انتصب يوسف في جلسته متفاجئًا، هتف:
-متأكد من الكلام ده؟!
-أكدتلي يا يوسف بيه، سمعتهم والوضع في القصر كله مشاكل ومشحون على الآخر!
اتسعت بسمة يوسف السوداء، أسند ظهره على المقعد بثقة منتويًا لهذا المراد، أمره بحزم:
-الكلام ده تقوله لـ جاسم، لازم يعرف إن غزل مش بنت خاله، وإن مراد الخياط اللي لعب عليه علشان يكتب كل حاجة لـ غزل فهمت هتقول أيــه
أطاعه الرجل ثم أنهى يوسف معه الحديث، ابتسم بخبث والأمور بوجهها لـ مراد، ردد متشفيًا:
-قريب هخلص منك يا مراد.............!!
___________________________________

وقف عند الباب الداخلي لسرايته مصطربًا، ورغم حالة خوفه تلك كان يصيح بحزم في رجاله، هتف:
-اجفلوا البوابة ومتخلوش حد يعدي!
دفع الفلاحين البوابة بكل قوتهم والخفراء من خلفها يمنعون دخولهم، لكثرة عدد الفلاحين أُنهكت قوة الخفراء، تزعزعت أوصال جعفر ودُهش من هذا الإنقلاب ضده، ما سببه؟، ولج للداخل يتخبط، توجه للتليفون ثم شرع في الاتصال بـ أسعد، حين رد بعد فترة مقلقة، قال مستنجدًا:
-ابعتلي يا أسعد غفرك، الفلاحين اللي شاغلين في الأراضي بتاعتي جدام السراية عاوزين يدخلوا، ومعرفش عاوزين أيه!
هتف أسعد باندهاش:
-هما كانوا رايحين عندك؟!
-إنت شوفتهم؟، أيوة!
قال أسعد بامتثال:
-هبعتلك الغفر بتوعي كلهم، إزاي الفلاحين دول يتجرأوا على أسيادهم!
ثم أغلق معه الاتصال، التفت جعفر ناحية الباب مرة أخرى ليرى ما يحدث، انصدم وقوى الخفراء تتراجع حد أن البوابة ستفتح الآن، جحظ عينيه والفلاحين يمرون للداخل دفعة واحدة، أسرع الخفراء بالوقوف أمام جعفر لحمايته والذي اتخذ منهم ساترًا، صاح فيهم بحزم متزعزع:
-فيه أيه يا*** منك ليه، عاوزين أيه؟!
من بينهم ظهرت أم زينب ومع زوجها وأخيه، فقد حضروا مستغلين هذا الجمع المريب، رمقهم جعفر بنفورٍ جم، خاطبهم باحتقار:
-إنتوا يا خدامين اللي عاملين الهلمة دي كلياتها؟!
هتف أحد الفلاحين باكفهرار:
-عاوزين حجوجنا يا راجل يا كافر، بجالنا شهر بنشتغل عنديك ومخدناش حاجة، وباعت تقول محدش هياخد حاجة
وجد جعفر أن الأمر مفتعل للإيقاع بينه وبينهم، هتف معترضًا:
-محصولش، آني مجولتش إكده
لم يبالي أحد بما يقول فصاحوا بغضب:
-عاوزين فلوسنا دلوق!
تشفت أم زينب فيه ثم نظرت لزوجها بمغزى، جاءت الفرصة للمطالبة بحقوقهم هما الآخرين، معلنة أنها صاحبة حق، هتفت بصوتٍ عالّ:
-وكمان الناجص ده بيتجوز بناتنا الصغيرين، ولما يزهج منيهم يروح يجتلهم
احتدت نظرات الفلاحين نحوه فهم على علم ببذائته، جف حلق جعفر من فرط خوفه، هتف محذرًا:
-اللي هيجرب مني ها......
لم يكمل جملته حيث صوّبت عليه جميلة من الخلف طلقة نارية، اختل توازن جعفر وسقط أرضًا يتألم، نظر الخفراء لها بصدمة فرفعت السلاح في وجوههم، لم تستطع إطلاق طلقة أخرى فالسلاح صلب ويفوق طاقتها، أسرعت أم زينب ناحيتها لتأخذه منها، أطلقت الرصاص عليه بغلول حتى تلوى مكانه وانتفض لتخرج روحه، وهي تردد:
-مـــوت بجى!
افرغت الخزنة كاملةً عليه ثم ضحكت بخبل، لم يعي الفلاحين ما فعلته، لكن راحة سيطرة عليهم حين انتهى حاكمهم الظالم، لمع الطمع في أعينهم، وقسوة ما تعرضوا له دفعتهم للنيل منه، هرعوا جميعهم للداخل ثم استلبوا ما تطاله أيديهم، من تحف وفرش وغيره، والعجيب فعل الخفراء المثل..

وقف جاسم عند البوابة يتابع بصدمة ما حدث، تراجع للخلف نافضًا فكرة الدخول حتى والبحث عن الأخيرة، المكان غريب عليه ولم يعرف يتصرف، لكنه توجه لسيارته برفقة رجاله؛ كي يركبها ويرحل من هنا، لكن لحقت به أمل ووقفت عند نافذة السيارة، انحنت لتخاطبه بجدية:
-لو بتدور على غزل فهي رجعت مع جوزها
انتبه لها جاسم بأعين تتطاير منها الشر، تابعت أمل بتوسل:
-خدني مصر معاك يا بيه، عندي كلام كتير هجولك عليه وهينفعك
مرر نظراته عليها غير مقتنع بما تقوله؛ لكنه مضطرًا لذلك، رد عليها بموافقة:
-إركبــي.................................... .................!!
x x x x x x x xx __________________________
x x x x x x x x x x x x ___________________
x x x x x x x x x x x x x xx ______________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-20, 04:48 PM   #124

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية

الفـــصل الحادي والخمسـون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

هيئته المترنحة حين عاد من الخارج زادت من تطفلها في معرفة ماهية الضجيج المقلق بالخارج، اقتربت قسمت من عمها تسأله بفضول:
-خير يا عمي، البلد مقلوبة ليه؟!
ابتلع لعابه وبدا عليه خوف وقلق ملحوظ، رد وهو يجلس على أقرب مقعد:
-جعفر اتقتل!
تفاجأت قسمت ثم جلست بجانبه، استفهمت بترقب:
-مين قتله؟!
أطرق رأسه كاسفًا من هول ما حدث، قال:
-الفلاحين عملوا إضراب، واتلموا عليه وقتلوه وسرقوا كل حاجة في سرايته!
انزعجت من تطاولهم على سيدهم، هتفت:
-هي سايبة ولا أيه؟، فين الحكومة تأدبهم و...
أشار لها أن تصمت فالأمر مريب وأخافه هو شخصيًا، قال متجهمًا:
-الوضع برة يخوف، خلى الناس مبقتش تحترم حد، كل أصحاب الأراضي والجناين بقوا خايفين، وغيروا معاملتهم مع الفلاحين
احتجت على رضوخهم بهذا الشكل المهين، قالت:
-وبكرة الفلاحين دول لما يحسوا إن أسيادهم خايفين محدش هيقدر عليهم وهيعملوا اللي على مزاجهم!
تقطب أسعد ولم ينكر أنه رهب حدوث الأمر معه، قال بتخبط:
-هنعمل أيه دلوقت، الوضع مقلوب برة، والحكومة مش عارفة تتهم مين بقتله!
هتفت مستنكرة خوفه هو بالأخص:
-إنت خايف ولا أيه؟!، إنت أسعد الخياط يعني لو حد اتجرأ عليك يدفن مكانه!
قال بتنبيه لا بد منه:
-المهم دلوقتي لازم آخد احتياطاتي، الأمر ميسلمش يا قسمت، دول بايعين أرواحهم من الفقر اللي هما فيه
نهشت شفتيها بتفكير، بعضه عقلاني والآخر معترض متمرد على ما يحدث، وهذا الجانب الأشد، هي تكره التذلل والمعاملة الخنوعة، انتبهت لعمها يخاطبها بنصح الخائف:
-عاوزك تخلي بالك من نفسك لو خرجتي برة، ممكن حد يكون متربصلنا!
انتصب في مكانه وتابع محمسًا إياها:
-ويا ريت تعجلي برجوعك للقاهرة، أنا خايف تتأذي يا قسمت، إنتِ حامل يا حبيبتي
ردت مشدوهة من كلامه:
-وحضرتك، معقول هنسيبك لواحدك معاهـم؟!
اعتزم اللحاق بها قائلاً:
-هخلص شوية شغل وأحصلك، على ما الأمور تهدى هنا.
وجدت قسمت أن ذلك هو الحل الأفضل لتنعم بالراحة والاستقرار مع جنينها، ووجدت في رجوعها بخبر حملها صدمة مدوية ستنفجر في أنيس اللعين، ابتسمت بغرور فكم تمنت إغاظته! وترد كيده في نحره، لم يستمر تفكيرها الحالم نكاية الأخير حتى جثه أسعد وهو يقول متذكر:
-نسيت أقولك، أنيس الـ*** جاتله سكتة قلبية ومات!
نزل الخبر عليها كالصاعقة فاتسعت مقلتيها بصدمة غائرة، هتفت بأنفاس متهدجة:
-مـ مـ مــــات..........!!
__________________________________

مر وقت وافر وهي جالسة على الأريكة بين أحضانه، كانت هادئة وتراخى عُوْفها بفضل كلماته التي أسهبت مشاعر الراحة لقلبها، خاصة بعدما حكى لها عن هويتها الحقيقية، تأكيداته كأنها لم تكفى شغفها الداخلي، فتساءلت:
-يعني ماما هي ماما ودا أكيد؟!
أوجز مراد في رده فقد قال ما في جعبته حيال الأمر، قال:
-أيــوة!
تركت أحضانه وابتعدت قليلاً، ثم نظرت له فاستشفت من ثبوت بؤبؤي عينيه أنه محق، رددت برضى:
-مامـا هالــة!
هز رأسه لها فتبسم وجهها، أحبت غزل أنها ابنتها، عاودت وضع رأسها على صدره مغتبطة، قالت:
-عاوزة أشوفها، وأعرف عنها حاجات كتير!
وضع يده أسفل ذقنها ثم جعلها تنظر إليه، قال متمعنًا النظر فيها:
-شبهك!
صلّب نظراته على عينيها متابعًا بمغازلة متسلية:
-نفس العنيين الحلوة دي!
ثم قبًلهما برقة فاتسعت بسمة غزل من مشاكسته، ابتسم مراد وهو يوجه نظراته لأنفها، استطرد:
-نفس المناخير!
ثم قبّل أرنبة أنفها فضحكت بخفوت، لم يكتفي لهذا الحد فقد جاءت اللحظة الحاسمة، تابع بنظرات ماكرة أخصت ثغرها:
-نفس أ....
لم يكمل فنظراته أوحت مغزى تلميحاته، تفهمت تلميحاته وابتسمت بخجل، قالت:
-بأحبك لما تدلعني!
أزاح شعرها القصير للخلف وهو يعبث به، قال:
-أنا حنين وكويس، إنت اللي بتعملي حاجات تضايق!
ردت منتوية التصرف بنضجٍ أكبر:
-مش هاعمل حاجة غير لما أقولك، عارفة ببقى خايبة في حاجات معينة وطايشة، بس هسألك واتعلم منك!
أحب طاعتها له فابتسم لجمال حُسنها، قال:
-هانسى اللي فات يا غزل ومش هتكلم فيه، ومن النهار ده هبدأ أحاسبك
امتثلت لكلامه ولم تعارضه، تذكرت أمر ما ضروري فاستفهمت باهتمام:
-نسيت تقولي مين بابا، عاوزة أعرف!.
هذه المسألة ترك مهمتها لوالدته، رد بجدية:
-ماما هتاخدك الشقة بتاعتها وهتعرفك كل حاجة
تفهمت غزل هازة رأسها، فأردف مراد بمفهوم:
-وبالمرة نلحق نغيّر اسمك قبل ما تدخلي الجامعة!
وتر أعصابها ذاك الأمر، قالت:
-معنى كلامك إن الكل هيعرف إني مش بنت أنيس، وكل حاجة كتبهالي هتبقى مش من حقي، وجاسم مش هيسكت!
علق مراد على ذكر اسم هذا الغليظ هاتفًا بشك:
-أهو جاسم دا حاسس إنه ورا قتل أنيس، لأن الموتة المفاجئة دي متتصدقش!
انتبهت غزل لهذه النقطة، هي تعرفه ومتيقنة من جحوده، قالت:
-هو اللي كان عاوز يقتلني يا مراد!
نظر لها متفاجئًا فأكدت مسترسلة الشرح:
-سمعته بيتكلم مع واحد في التليفون بعد ما رجعت يوميها من المستشفى، وكان متضايق إن محصليش حاجة والخطة فشلت!
لمح مراد الخوف وخيبة الأمل في نظراتها، هتف بسخط:
-طالما كده يبقى هو ورا موت خاله، وكمان كان عارف مكانك، لولا إني مراقبه كويس مكنتش عرفت إن جعفر ورا خطفت، في لحظة كنت قبله في البلد
اعتدلت غزل في جلستها مقررة الإيقاع به، هتفت:
-طيب أنا مش هسكت له، ومش هسيب له حاجة من اللي اتكتبت باسمي، أصل هو دا غرضه من كل اللي بيعمله، هخليه يندم وادفعه التمن
وافقها مراد النية، قال:
-صح كده، ويا ريت كمان نحاول نثبت إنه السبب في موته
زاغت غزل وأخذت تدبر للقادم من تأديب هذا الحقير الوضيع، تابع مراد بمعنى جعلها تنتبه له:
-الست عزيزة رجالتي جابوها القاهرة، وهي في القصر العيني دلوقت بتتعالج..............!!
__________________________________

ارتشف من كأسه ببطء وهو يتأملها بمغزى، توترت أمل من نظراته نحوها وهي تأكل، انحرجت من بعثرتها للطعام وقالت:
-معلش يا بيه، أصلي جعانة جوي!
لم ينتبه لطريقة أكلها بقدر ما شغله معرفة قصة حياة غزل السالفة وبات مهتمًا، سألها:
-يعني إنت من اللي اتربت غزل معاهم؟!
اومأت مؤكدة بثقة، تابع:
-عاوز أعرف عن غزل كل حاجة، وكمان أخوكِ يوسف
هتفت بمقت وهي تسترجع ما مضى:
-معرفاش على أيه بيحبها، من وهي إصغيرة كان يهتم بيها، وآني اللي أختي مكنش يعمل معايا إكده، كانت غزل وبس واللي يزعلها يومه أسود!
سأل بغرابة المتحير:
-بيحبها قوي كده؟!
ردت بقسمات حاقدة:
-بيعشج التراب اللي بتمشي عليه، وبيني وبينك بت مهياش سهلة، لوعة إكده ومايعة في كلامها ووجفتها جدام الرجالة، جليلة حيا بصحيح
بالطبع استنكر جاسم هذه السمات بـ غزل، وفطن غِيرتها منها لا أكثر، قال غامزًا بعينه:
-من غير الحاجات دي هي حلوة وتتحب!
لوت أمل فمها متهكمة، فهو الآخر إنضم لقائمة معجبين الأخيرة، اردف متأففًا وقد لاح متحيرًا ماذا يفعل بها؟، قال:
-طيب أديكِ جيتِ معايا، وبعدين هاعمل بيكِ أيه؟!
فقدت شهيتها في تناول الطعام ظانة أنه سيتخلى عنها، قالت بنبرة مترجية:
-أساعدك في أي حاجة يا بيه، شوف عاوز أيه وآني أعمله، بس متخلينيش أرجع البلد، آني عايشة إهناك خايفة!
مط شفتيه وظهر عليه أنه لا يحتاجها معه، تذللت اكثر وهي تقول بتكليف:
-خليني إهنه إن شاالله خدامة
تابعت متذكرة أي شيء تنفعه به، هتفت:
-هجولك على موسى، والورج بتاع أسعد بيه اللي خده مني!
تنبهت حواسه كليًا وقد جذبه الحديث، فتهللت أمل داخليًا وتيقنت أنها نجحت، هتف بجدية:
-لا إنتِ تقوليلي كل حاجة بالتفصيل، وخصوصًا عن موسى، وأيه الورق اللي بتقولي عليه ده.....................!!
________________________________

أغلق سماعة التليفون مصدومًا مذهولاً من حديث هذا الشخص الغامض، تشتت تفكيره مما سمعه للتو منه، وتهديده غير المرتجل، هتف بتحير:
-مين ده كمان، المفروض الورق مع موسى!
فرك منتصر رأسه وكاد أن يجن، ردد مشدوهًا:
-هو فيه أيه؟!
حالة من الغرابة تملكت منه، ودارت التساؤلات في رأسه، ربما يتلاعب به موسى؛ أو يسلط عليه أحدهم ليمزق أعصابه؛ حتى ينتهي، لن يمهله الفرصة لذلك وانتوى مهاتفته، فورًا سحب منتصر السماعة وبادر في تدوير رقمه، لم يجده بمكتبه فعاود الاتصال على فيلته، حرك قدمه ودبها في الأرض بهزات منفعلة قضت على انتظاره الموتر، أخيرًا جاء صوته المبغوض له، هتف دون مقدمات بتجهم:
-اقدر أفهم ليه بتعمل كده، باعت تهددني تاني ليه؟!
جهل موسى ما يرمي إليه، هتف باقتطاب:
-تهديد أيه اللي بتتكلم عنه، أنا مش فاهم حاجة؟!
هتف منتصر باحتقان:
-لسه واحد مكلمني على الورق اللي المفروض معاك، وطالب مليون جنية قصاده!
قال مستنكرًا هذا الهراء:
-الورق عندي وبس، وأصلي كمان!
ارتاب منتصر في أمره، شغل مخه بحنكة سافرة، قال:
-لو الورق صحيح معاك ابعتلي نسخة منه دلوقت
وافق دون نقاش على أن يفعل ذلك، قال بامتثال:
-هابعتلك يا منتصر!
اغتاظ موسى حين أغلق السماعة دون سلام، ضغط على فكه بقوة وهو يقول:
-أصبر عليا يا منتصر
تنهد موسى بضيق ثم توجه لغرفته بالأعلى، ولجها ثم أغذ في السير نحو خزنته، فتحها سريعًا ثم مد يده ليسحب الأوراق، انصدم موسى حين تعثر عليه إيجادها، فتش باضطراب وقام ببحثرة ما تحويها من نقود وغيرها، لم يجد أي أوراق تخصه هو أو غيره، انتصب مكانه وتعجب من عدم وجودهم، ما تفهمه أنها تمت سرقتها عمدًا، فالنقود موجودة!، ابتعد عن الخزنة مدهوشًا، شحب فجأة فهذا يعني أنه فقد كل شيء، حتى زواجه من هدير، سأل نفسه بنبرة ضائعة:
-مين اللي ليه مصلحة يسرقني، مين اللي يتجرأ ويعملها معايا وفي قلب فيلتي؟!....................
___________________________________

-يــــوسف!!
نادته ياسمين وهو داخل المرحاض، وذلك حين وجدت الباب مغلقًا من الداخل، لم تجد رد عليها فتابعت بضيق:
-افتح الباب قافله عليك ليه؟!
في الداخل مل يوسف من طلبها الدخول، قال:
-لما أخلص، مش شيفاني باستحمى!
ردت ببسمة متسلية:
-لأ مش شايفة، افتح أساعدك!
ثبت مكانه للحظات من جملتها العابثة معه، رد برفض:
-متشكر، باعرف لواحدي!
بروده هذا بدأ يزعجها منه، عللت كلامها بـ:
-علشان دراعك، مش هتعرف لواحدك تستحمى كويـ......
قطع حديثها فتحه للباب، ابتسمت حين رأته وفي البداية ظنته وافق على ذلك، لكنه تحرك للخارج وهو يلف المنشفة حول خصره بتعثر، تقطبت وهي تتحرك خلفه، قالت:
-ليه بتعمل كده، المفروض أنا مراتك وأساعدك!
نفخ بصوت مسموع وهو يبحث في خزانة الملابس عن شيء مناسب يرتديه، قال:
-خلصت!
سئمت ياسمين من معاملته الجافة، قالت:
-مالك، زعلتك في حاجة؟!
توقف عما يفعله ثم التفت لها قائلاً:
-أنا هنا بس اللي بمزاجي أقولك تعملي أيه، ومش من حقك حاجات كتير، وبطلي نغمة جوزي ومراتك، متحسسنيش إننا واخدين بعض على حب!
ثم ولاها ظهره لينتقي ثياب له، حدقت بظهره متيقنة سبب تغيّره، هتفت بغِيرة:
-فاهمة ليه بتعمل كده، بسبب البنت اللي إنت بتكلمها في التليفون، وكنت بتقولها بأحبك و...
فورا استدار لها يوسف وقبض على فكها، دُهشت من نظراته الغاضبة نحوها، لم تتخلى عن نزقها أمامه، سألته بغيظ:
-بتحبهـا؟!
لم يجاوب عليها بل قرّب المسافة بينهما، فتقابلت وجوههما، قال:
-خليكً في حالك أحسن
نظرت له غير خائفة من تهديده، سخر من شجاعتها المزيفة، قال:
-مش خايفة مني؟!!
نفت بتحريك رأسها وهو ما زال قابضًا على فكها، تركه قائلاً بمكر:
-طيب الليلة مافيش
ثم افتعل حركه بيده نحو أنفه، لمح بأنها محرومة من (البودرة) المخدرة، ابتلعت ريقها وزالت معاندتها له، قالت:
-وهتقدر تشوفني بتعذب!
-هاقدر!
رد بتحجر قلب أحزنها، جلب ثياب ليرتديها ثم ابتعد عنها، تحولت تعابيرها للغيظ وسارت ناحيته، هتف:
-بتعمل كده ليه، هو إنت بجد بتحب البت دي ولا بتخدعها!
تجاهلها يوسف فهو بالطبع لن يخبرها بشيء، ثارت أكثر ثم اقتربت وشدت الثياب من يده وألقتها بعيدًا، تفاجأ بفعلتها ورمقها بضيق، اقتربت منه ثم طوقت عنقه بتملك عجيب، قالت:
-مش هسيبك لحد تاني غير على جثتي.............!!
__________________________________

قضت يومها بالنادي، مبتعدة عن القصر وبالأخص قصدت عدم رؤيته لها، طلبه للزواج منها كان بمثابة مفاجأة لم تتخيلها قط، ابتسمت هدير على استحياء فقد أحبت ذلك، خاصة لطافته وسماحته حين يتحدث معها، واهتمامه لأمرهــا، قالت معجبة:
-يا ريت كنت اتجوزتك إنت يا يزيد..
تحيرت هدير فهو متزوج من أخرى ما زال، الموضوع معقد للغاية، زفرت بضيق فحظها بات معروفًا للعيان، غمغمت:
-يا خسارة!
لطيبة قلبها لم تفكر في إفساد زواجه، بعكس سُمية التي استشفت من هيئتها أنها ترتضي الزواج به، ومن ثم ستجعله ينفصل عنها، وقفت متوارية تتابعها بجحود، حينما استمعت له يعرض عليها الزواج لم تتحمل، هذه اللعينة تريد أن تسترق زوجها منها، ولن تمهلها الفرصة، لفت رأسها للسيدتين زي الهيئة المريبة والمخيفة بجانبها، خاطبتهما بأمر:
-عاوزاكم تعلموا عليها، عاوزة جسمها كله يزرق ويوجعها
ردت إحداهن بصوت خشن:
-دا شغلنا يا هانم، هنربيهالك
ابتسمت سُمية بلؤم ثم أشارت لهن برأسها ليذهبن للتنفيذ، بالفعل تحركن نحو هدير التي تفترش الحديقة شاردة، غير منتبهة للسيدتين بالمرة..
وقفن أمامها فلاحظت هدير احتجاب الشمس عنها، نظرت لهن بدهشة ثم اعتدلت مكانها، قبل أن تفتح فمها بكلمة واحدة وجدتهن يمسكن بها، انفزعت وقالت:
-عاوزين أيه مني؟!
شرعن في ضربها بقسوة على ظهرها وكل جسدها، صرخت هدير بأعلى صوتها مستغيثة، فالضرب موجع، تابعت سُمية ضربها بتشفٍ، رددت:
-تستاهلي، ملقتيش غير جوزي!
لكن سرعان ما امتعضت حين جلب صوتها الأمن، تجهمت وهم يبعدوا السيدتين من عليها، تراجعت سُمية لتهرب من المكان حين استمعت للأمن يقول بصريمة:
-الأشكال دي دخلت هنا إزاي، ومين سمحلهم؟!.........
_________________________________

في غرفة والدتها مررت صورها واحدة تلو الأخرى وأحيانًا تجذبها صورة ما تستوقفها لتتطلع عليها، ابتسمت السيدة وهي تراها مهتمة بالأمر، هتفت غزل بمسرة:
-دي شبهي خالص، يا ريت كانت عايشة!
قالت السيدة بمعنى:
-أول مرة جيتي فيها القصر لفتي نظري بملامحك القريبة من هالة، ولما قالوا إنك بنتها مشكتش وقبلت، علشان الشبه بينكم!
وضعت غزل الصور جانبًا، استفهمت بشغف:
-كلميني عن بابا!
تذكرت السيدة صور والدها والأوراق، أخرجتهم من الصندوق قائلة:
-هنا صوره وكل الورق بتاع جوازه من هالة وشهادة ميلادك كمان
حدقت غزل في الصندوق بفضول جم، ناولتها السيدة ألبوم صغير يضم بعض الصور، أخذته غزل متحمسة في رؤية والدها الغامض، رفعت الصورة نصب أعينها وتأملته بشرود، لم تتخيله بهذه الوسامة الجذابة، هتفت:
-بابا حلو قوي!
تجمعت الدموع في عين غزل فرحة من عثورها على أهل، فقد عانت كثيرًا وتلاعبوا بها، فلتت دمعة من عينيها، فقالت السيدة بعتاب:
-ليه يا غزل، المفروض تفرحي!
زاد تساقط العبرات وقالت:
-كان نفسي أعيش وسطهم، اتحرمت من حاجات كتير قوي
مسدت السيدة على ظهرها وقالت:
-قولي الحمد لله، فيه كتير مش بيبقى مش ليهم أهل، وحياتهم كلها في الشارع
نظرت لها غزل مدركة ذلك، قالت:
-الحمد لله!
ثم مسحت دموعها وأخذت نفس عميق متابعة مشاهدة صور والدها الرائعة، سألت مبتسمة:
-اسمه أيه يا خالتي؟!
ابتهجت السيدة وهي تناديها بصلة القرابة، قالت بود:
-خدي دا ورق جوازهم وشهادة ميلادك
أخذتهم غزل شغوفة في معرفة من هي؟، التمعت عيناها وهي ترى اسمها المدون على الورقة، رددته بانبهار:
-أميــــرة!
-أيوة يا حبيبتي، الاسم دا باباكي اللي إختاره!
تابعت غزل قراءة بقية اسمها مبتسمة، قالت:
-محمــود!!
قالت السيدة بتحنن:
-كان اسمه محمود، وكان زميل مامتك، اتجوزها بعد ما اتطلقت من أنيس!، نعمة بتقول حبوا بعض جدًا، وبعد العدة اتجوزها.
سألت غزل بترقب:
-مات إزاي؟!
ذاك الأمر ارتابت السيدة به، لم تُرد أن تشغل بالها بأمر لم تتأكد منه، قالت:
-نعمة قالت عمل حادثة، عربية خبطته وهو بيعدي الشارع!
شجنت غزل وهي تتخيل هذا المشهد الدامي، رددت:
-الله يرحمه!
استكانت مشاعر السيدة فـ غزل لم تشك بأمر الوفاة، نادتها بلطف:
-أميــرة!
لم ترد غزل متابعة تمرير الصور، تابعت السيدة كابحة بسمتها الرقيقة:
-غزل بناديلك!
نظرت عزل لها قائلة:
-مسمعتش!
-قولتلك أميرة!
ضغطت على شفتيها محرجة، قالت:
-قوليلي غزل، صعب اتعود على اسم جديد
انتبهن لخبطات على الباب، نهضت السيدة وقالت:
-مين قليل الذوق ده؟!
ثم هرعت للخارج ومن خلفها غزل مشدوهة مثلها، فتحت السيدة فدلف بعض الرجال، الأمر الذي جعلها تتراجع سريعًا مبتعدة من أمامهم، وقفت غزل تحدق بهم باهتياج، قبل أن تخاطبهم ولج جاسم بطوله الفارع وجسده الرياضي الذي يخيفها، صلب نظراته عليها فتوترت، دنت منه قائلة بتشدد:
-عاوز أيه؟!
كان سؤالها في محله، قالها صريحة:
-عاوز حقي اللي خدتيه من خالي، مش دي الأصول بعد ما اتكشف إن ملكيش علاقة بينا!
تفهمت أنه علم بنسبها الجديد، ردت بثبات مزيف:
-ملكش حاجة عندي!
قلل المسافة بينهما وقد أحد إليها النظر، حذرها بتهديد علني:
-كل حاجة النهار ده تكون منقولة باسمي، مش هسمح لواحدة غريبة تاخد حاجة أنا تعبت فيها.
صاحت بتعنيف:
-ليك عين تتكلم يا مجرم، مفكر مش هاعرف إنك اللي قتلت خالك علشان تاخد كل حاجة!
ارتبك جاسم واهتزت نظراته، فتأكدت غزل من صدق ما قالته، ابتسمت بسخط وتابعت:
-أيوة إظهر على حقيقتك، يا قــاتل!
لم يقع في فخها ويعترف بما ارتكبه، تجاهل ذلك قائلاً:
-يعني مش هترجعي اللي أخدتيه؟!
ردت بتعجرف مستفز:
-بعينك، مش هتشوف حاجة
-أنا كده فهمت!
نطق هذه الجملة الغامضة وبسرعة غريبة انحنى ليحملها على كتفه، صرخت غزل محاولة التملص منه؛ لكن هيهات من استغاثتها، قال بمغزى وهو يدلف بها للخارج:
-يبقى تعالي إنتِ وكل حاجة!
أثناء ذلك كانت السيدة هدى قد تسللت للصالون، اتصلت بـ مراد وجعلته يستمع للحوار واحتقن بشدة من حديثه الفظ مع زوجته، حين أخذ غزل هتفت بهلع:
-سمعت يا مراد، خدها معاه، خطفهـــا................!!
__________________________________

لم تتخلى عنه ولن تترك المكان مهما حدث، قبعت في الشقة واحتجت على رحيلها منه، وهي تجلس على التخت ضاممة ركبتيها عند صدرها استمعت له قد عاد من الخارج، تأهبت نسمة لمواجهته وإن كان الثمن ازهاق روحها..
عند فتح ضرغام لباب غرفة نومه تفاجأ بها ما زالت هنا، شيء داخلي أحب عدم رحيلها، وهناك ما جعله ينفر من وجودها، زيف ضيق وهو يخاطبها:
-لساتك إهنه؟!
توترت ثم نهضت من على التخت، تحركت نحوه بملامحها البريئة، تعطفت نظراته نحوها فلو أنجب لكانت في محل ابنته، وليست زوجته، قالت بتوسل:
-هروح فين، خليني هنا لو هخدمك بس!
رد بقساوة مصطنعة:
-معاوزش خدامين يعيشوا معايا
أجهشت بالبكاء قائلة:
-يبقى الموت أهون عليا!
تذكر ما حدث لأخيها، كما هو ظل كاتمًا لرحيله، عبس وهي تبكي في صمت أمامه، حقًا هي وحيدة؛ لكن ما فعلته لن يغتفر، هي خانته وما أشدها وعورة، تابعت نسمة بقهر:
-غصب عني كل حاجة عملتها، والله أنا حبيتك، مبسوطة معاك، إنت آه أكبر مني بكتير بس عمري ما حسيت كده، إنت عندي حاجة كبيرة، مكنتش أحلم حتى اتجوز واحد زيك!
بكائها المرير جعل قلبه يلين نحوها، قال بتردد:
-خلاص هتفضلي إهنه، بس هتجعدي زي واحدة غريبة
حزنت لا تريد ذلك، أذعنت لأمره الآن، لربما يسامحها قادمًا، ردت بامتنان:
-شكرًا يا سي ضرغام
قال بجدية:
-شيلي خلجاتك من الأوضة وشوفي هتقعدي فين
اومأت بانصياع وقد كمدت، قبل أن تنفذ سألته بحذر:
-لجيت أحمد ولا لسه يا سي ضرغــام؟!
ارتبك داخليا. فتابعت بترجٍ شديد:
-ينوبك ثواب متعمله حاجة................!!
_________________________________

سألته بجدية قوية:
-عملت أيه؟!
نبرتها أعربت عن مدى سيطرة هذه السيدة واضطر للكذب، رد مؤكدًا بخداع:
-ماتت وشبعت موت يا ست هانم
سألت عاقدة جبينها بغرابة:
-أومال ما سمعتش إنها ماتت يعني ولا حد لقاها!
ارتبك وهو يرد:
-أصل رميتها في المجابر، يعني فين وفين على ما يلاجوها
أقتنعت قسمت وقالت:
-طيب بكرة الصبح عدي عليا هديك حلاوتك...

خرجت هانم من حظيرة المواشي للبحث عن شيء تأكله، توقفت فجأة مذعورة حين رأت نفس الرجل بالحديقة، ليس بمفرده بل يتحدث مع السيدة، ابتلعت ريقها في خوف ثم انزوت داخل الحظيرة مجددًا تتحرك في ساحتها بخوف وترتعش متيقنة أنه علم بمكانها السري وجاء ليقتلها ويعيد الكرّة..

بينما ضجرت قسمت بعد رحيله فالوقت ما زال باكرا للنوم، تعجبت فالجميع ينام تقريبًا بعد غياب الشمس، توجهت لتتمشى في الحديقة وتشتم الهواء النقي، وهي تتجول لفحت نسائم الهواء بشرتها، تلك البرودة انعشت قلبها وأشعرتها بالراحة، عند سيرها أستمعت لصوت داخل الحظيرة شوش هدوء المكان، لم يكن بصوت حيوانات، بل أحد يتحرك بالداخل، تحركت قسمت نحو الحظيرة ووقع أقدامها فوق (القش) يحدث صوت، بالتأكيد أخاف هانم، والتي انتصبت مكانها بقلبٍ واجف، نظرت حولها باحثة عن أداة تدافع بها عن نفسها، وقعت عيناها على فأس صغير، توجهت ناحيتها ثم حملتها، رفعته أمامها متخذة وضع الدفاع عن نفسها..
ولجت قسمت الحظيرة ظانة أنه لص، ستخيفه بصوتها ويفر، هذا ما خمنته في عقلها، لكن عند تعمقها للداخل انهالت هانم على رأسها بالفأس، صرخت قسمت بعنف وصوتها يجلجل في المكان، جحظت عيناها بقوة حين انهمرت الدماء بغزارة على وجهها وملابسها، ببطء التفتت لـ هانم من خلفها بجسد ينتفض، اعتلتها صدمة مدروسة حين رأتها على قيد الحياة، لم تتحمل قسمت كم الألم في رأسها فسقطت أرضًا، اقشعرت هانم ثم رمت الفأس خائفة، ولج الخفراء ومعهم السيد أسعد الحظيرة فانصدموا من هول المنظر، تأجج رعب هانم وانكمشت للوراء، وجه أسعد نظراته لـ قسمت المسجية على الأرضية ثم ركض نحوها يصرخ، ردد:
-قسمت!
من هيئتها بدت أنها قد رحلت لم يستوعب ما يراه ثم وجه نظراته الغاضبة لهذه المخبولة، أمر خفرائه باهتياج:
-واقفين ليه، خلصوا على بنت الـ*** دي!
لم يلبثوا مكانهم ثم ركضوا نحو هانم التي صرخت خائفة، ضربوها بالأسلحة في جسدها ورأسها بالأكثر، ضعفت مقابل تجمعهم عليها وارتمت على (القش) تنزف، هتف أسعد بصراخ ثائر:
-مترحموهاش!
ظلوا يضربوا رأسها حتى تهشم تقريبًا واختفت ملامحها، بينما رفع أسعد رأس قسمت المغطاة بالدماء على فخذه، هتف مناديًا إياها بنبرة مؤلمة:
-قسـمت، بنتي.......................................... ..........!!
x x x x x x x x _______________________
x x x x x x x x x xx _________________
x x x x x x x x x x x xx ____________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-20, 04:50 PM   #125

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية

الفـــصل الثـاني والخمسـون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

دافعت عن نفسها باستماتة سافرة، وبغل قامت بـ عض كتفه ليتركهـا، تألم جاسم ثم أنزلها لتقف على قدميها، شرعت غزل في ضربه بكلتا يديها لكنه أسرع في تكتيفهما حين لف ظهرها له، ثم سحبها لتلج المصعد مرددًا بغرور مزعج:
-مش هقدر عليكِ ولا أيه!
حاولت التنصّل من بين ذراعيه القويين، هتفت:
-إنت واحد حقير ومجرم، خلاص انكشفت على حقيقتك!
ضمها إليه بطريقة مباحة منفرة فتفاجأت غزل من لمساته عليها، اقشعر جسدها من أسلوبه الوقح معها وارادت البصق في وجهه لكنه كان خلفها، صاحت بهياج:
-سيبني يا حيوان، مراد مش هيرحمك!
اتسعت بسمته الماكرة وقال:
-غبي أنا علشان أخطفك على الملأ كده وودي نفسي في داهية، أنا بس هعلم على البيه اللي فضلتيه عليا!
لم تعي غزل مقصد حديثه المقلق، انتبهت كليًا لما سيفعله ثم صرخت بعنف حين باغتها بتمزيق ثيابها، استغلت فورًا يداها التي حررها والتفتت إليه، ثم ضربته بكل قوتها، تعالى صوتها الثائر وهي تهتف:
-متحطش إيدك عليـا!
الصقها بحائط المصعد متابعًا ما يفعله، مزّق أكمال ثوبها وبعثر هيئتها، كان يضحك وهو يفعل ذلك فاشتد حنق غزل فما يفعله بالطبع سيثير غضب مراد، قال متشفيًا:
-خليه يتجنن لما يشوفك كده!

وصل المصعد للدور الأرضي، كانت قد جلست غزل على الأرضية منكمشة في أحد الأركان تحدق به بغيظ، زينت ابتسامة مريحة وجه جاسم، قال:
-مش عاوزك تخافي من مراد، لو طلقك أنا مستنيكِ
أثار حنقها حتى توهجت نظراتها بكراهية، غمز لها بعينه مستفزًا إياها أكثر، ثم تحرك من المصعد ليترك العمارة، تتبعته نظرات غزل المحتقنة ثم بصقت خلفه، نظرت لنفسها بتحسر فهذا اللعين دمرها، حقًا سيشك مراد بأنه لمسها، وبالتالي ستتوتر علاقتهمـا، نهضت سريعًا لتعود للأعلى عند خالتها قبيل أن يراها أحد وبالأخص مـــراد!

عندما وصل بها المصعد للشقة مجددًا خرجت منه تهرول ناحيتها، ولجت غزل فرأت خالتها تتحرك في المنتصف بقلق، حين رأتها السيدة هكذا انصدمت بشدة، دنت منها غزل قائلة بتوجس:
-عاوزة حاجة ألبسها بسرعة!
تحيرت السيدة في أمرها ففضولها يقتلها لمعرفة ما حدث بينهما، قبل تحركها لمحت مراد يلج بطلعته الغاضبة، انتبهت غزل هي الأخرى ثم التفتت له، ضمت ذراعيها حول صدرها مرتبكة وهو يتقدم منها، مرر نظراته المستشاطة عليها، هتف بصوت جهوري:
-عمــلك أيه؟!
امتقعت غزل وبدت في موقف لا تحسد عليه فتاة، ردت بتلعثم:
-مـ معملش.. حاجة!
أمسك ساعدها وقرّبها منه وقد قست نظراته فارتعشت، هتف باستنكار:
-أومال إيه ده؟
أشار بعينيه على هيئتها غير المرتبة!، ذابت أوصالها وهي تنفي:
-واللهِ محصل حاجة يا مراد، دأ....
لم تعرف كيف تشرح له واغمضت عينيها مستاءة، تدخلت السيدة ثم جعلته يتركها، قالت بجدية:
-مراد غزل مش ذنبها حاجة، دي أخدها قدامي واتهجم علينا.
نظرت له غزل تريد البكاء فقد نجح هذا الحقير في خططه، أحد إليها مراد النظر وكز على أسنانه، هتف:
-ابن الـ***
وضعت غزل يديها على فمها لتكتم بكائها، ضمتها السيدة لها واستأنفت حديثها معه:
-يا مراد اللي في دماغك ده عيب، مظنش لحق يعمل حاجة و...
خجلت من التكملة وتفسير ما حدث، امرته بحدة:
-يلا خدنا على القصر علشان تغيّر هدومها وترتاح
بكت غزل بقهر فالشك لا يتحمله أحد، قال بملامح متجهمة:
-لازم تحكيلي، هتسيبني كده هتجنن.
لامته غزل بنظرة منها، فهي مظلومة ولم تتعمد ما حدث، ردت السيدة بنفاذ صبر:
-روّحنا الأول، وبعدين اتكلم إنت وهي لوحدكم.............!!
_________________________________

حين تلقى خبر موتها دخل في حالة إغماء فورية، لم يتحمل أسعد رحيلها المفاجئ بهذه الطريقة البشعة واستلقى في غرفة العناية المشددة في مشفى سوهاج، وهي بالمشرحة -بنفس المشفى- وسط الموتى..
حضر منتصر برفقة أخيه ماهر، بخبر إيداعها بالمشفى كونها تعرضت لحادث، لم يعرف ماهيته أو أخبار أخرى، ولج منتصر مهرولاً وسط المارة يبحث بلهف عن غرفتها وماهر من خلفه، استدل على مكان والده والذي انصدما مما حدث معه، فذهب ماهر بمفرده ليطمئن عليه، بينما وقف منتصر ينفخ من استرسال الممرضة الحديث الذي مل منه، حيث هونت عليه قبل أن تخبره بوفاة زوجته، قالت بتردد:
-البقاء لله، شد حيلك!
ضعفت قوته فجأة ولم تتحمل قدماه الوقوف أكثر، أصابته حالة من الضياع والتيه، تاق في أن تكون مخطئة، فسألها بتمنٍ:
-تلاقيكِ غلطانة، اتأكدي لو سمحتي، اسمها قسمت
ردت مؤكدة بأسف مصطنع:
-هي يا فندم مع الأسف، قسمت الخياط!
أحس برأسه يدور ولم يستوعب أن تتركه فجأة، لم يأخذ حقه منها بعد، لم ينعم معها بالحب الذي رسمه بداخل قلبه المتكهن لكلمة حلوة تمنحها له، بكى منتصر بصمت عجيب وكأن أعينه حزنت لأجلها، وقف مكانه لم يرفض التصديق، على أمل أن يراها ويتحدث معها، جاء ماهر من خلفه مصدومًا حين علم بموتها، أمسكه من كتفيه يحثه على التماسك والثبات، لكن هيهات فقد وصل منتصر لقمة ابتئاسه وقهره، هتف ماهر بتهوين:
-شد حيلك يا منتصـر!
ماذا يقول هذا الأحمق؟، فكلمات العالم المهوانة لن تريح قلبه المدمر وعقله الذي يتخيلها ما زال، أخذه ماهر على أقرب أريكة ثم عاونه على الجلوس، رآه ماهر بحالة يرثى لها، ردد عابسًا بحزن:
-دا أيه اللي بيحصلنا ده، معقول يا قسمت تسيبينا كده!
سبحت بداخله هو الآخر دهشة ممتزجة بالشجن فكل شيء يتغير في لحظة، تقدمت منه الممرضة الأخرى تقول مواسية إياه برعونة:
-ربنا يصبركم، دا أنا سمعت إنها ماتت حبلة بعد ما كانت محرومة من الخلفة!
لم تدرك بحديثها هذا كم الألم الذي رسخته بداخله، فقد أججت حزنه وزادت الأمر تعقيدًا، ولاحت على منتصر حالة غريبة اندثرت بها معالم الشخوص كأنه فقد عقله، ارتعاشة جسده المفاجئة جعلت ماهر يضمه من كتفه قلقًا عليه، وجه بصره للممرضة الجهولة فأي ملاك رحمة هذه، هدر بها بتعنيف:
-إمشي من قدامي، إنتِ لو قاصدة مش هتقولي كده!

سحبتها زميلتها مكشرة وهي تلعنها على اندفاعها الأهوج، بينما حدق ماهر بأخيه مراقبًا حالته، كان منتصر في عالم آخر، شاعرًا بتحطم أمانيه وأنه انكسر في هذه اللحظة، حُرم من كل شيء وسلبه الله ما كان يرغب به، ليفيق من أحلامه الوهمية لواقع مرير استنفذ قدراته، وضع منتصر المؤسف جعل ماهر يهتف بابتئاس:
-شد حيلك يا منتصر، مش هتبقى إنت وأبوك، الموضوع مش مستحمل صدمات تانيـة، أبوك إتـشل................!!
___________________________________

لاحقــًا، وقف السيد رشدي هزيلاً يبكي بألم وهم أمام أعينه يحفرون مقبرة عائلته لتستقبل ابنته، اتكأ على عصاه لا يريد مساندة أحد له، لوعة سحيقة هزت كيانه وصلابته، وللمرة الثانية يقف هكذا مودعًا أحد أبنائه..
ردموا القبر فوقها وانتهت هكذا مناوراتها تجاه الأخرين، رغم أن السيد لم يجد فيها الفتاة المثالية منذ صغرها، لم يبغضها قط فهي من دمه، تشدده معها جاء من واقع خوفه عليها، لكنها ظنت أنه قاسٍ معها، وظهر هذا التكالب بينهما حد أنها مقتت البقاء بالقُرب منه مفضلة أخيه عليــه.
تقدم مراد منه ولم تعجبه حالته، قال:
-يلا يا جدي أوصلك، شكلك تعبان قوي!
بالفعل وقف السيد بأعجوبة ليحضر دفنها، وجد نفسه يميل على مراد بنصف جسده فأسنده الأخير سريعًا، قال بتعب ظاهر:
-خدني عندك يا مراد النهار ده، عاوز أقعد في وسط ولادك شوية، مبقتش طايق القصر بعد ما كله راح!
ابتأس مراد من رؤية جده غير قادرٍ هكذا، آزره على السير ثم انتوى أخذه معه على قصــره..

بينما وقفت سميحة تنتحب بقهر على فراقها، وكذلك ابنها أكرم، همس ماهر في أذنها بضجر:
-الناس بتمشي، مش يلا إحنا كمان ولا هنبات هنا
نظرت له شزرًا وقد نفرت من سخافته وقلة ذوقه، لم يبالي بها ماهر وتابع متهكمًا :
-يلا يا سميحة وبطلي الحزن المزيف ده، إحنا دفنينه سوا.
مسحت دموعها وبسرعة تلاشى حزنها، قالت بتبرم:
-مش هستغربك، دا حتى أبوك مش باين عليك زعلان عليه
انتبه أكرم لحديثهما معًا، انضم لهما مستفهمًا بقلق:
-صحيح جدي اتشل يا بابا؟!
أومأ ماهر لها، قال بنفاذ صبر:
-يلا نمشي علشان جو المدافن ده بيخنقني
بادرت سميحة بالقول متعجبة:
-ومنتصر، هنسيبه؟!
ألقى ماهر نظرة باتت ساخرة، فهل يصل الحب لهذه الدرجة حين فارقته ليجلس أمام قبرها ينتحب كالنساء، رد بعدم اهتمام:
-سيبوه، لما يزهق هيرجع لوحده
تنهدت سميحة باغتمام جلي، قالت متذكرة:
-طيب ارجعوا إنتوا وأنا هروح القصر علشان أشوف هدير، بتقول تعبانة قوي......!!

بأعين شبه آرقة جلس منتصر القرفصاء على (التراب) ينظر للقبر الذي وضعت فيه، كلما تجف دموعه تعود من جديد مع ذكريات كان يتخيلها فيها وهي معه، لعن كراهيتها له وظن أنه السبب فيها، قال نادمًا:
-يا ريتنا ما إتجوزنا يا قسمت، على الأقل مكنتيش هتكرهيني وتبعدي عني!
ثم بكى بمرارة على الأيام الخواء من الألفة، تابع بألم:
-أنا عيشت عمري كله عاذب علشانك، ومن بعدك مافيش واحدة هتاخد مكانك!
استطرد بمناشدة حين دخل في نوبة بكاء شديدة:
-ربنا يرحمك ويسامحك..........!!
___________________________________

في فيلته جلس مهموما، لا يعرف كيف يتصرف في نكبته؟، وظل على (البار) يشرب باستفاضة، كأسًا تلو الآخر، لم يُحدث أحد حتى أخته إلا أن جاء حمدي زائرًا ربما، تحرك حمدي نحوه ثم جلس على المقعد بجانبه، بدت هيئته حماسية أعربت عن تشفيه فرحًا ببلية أعدائه، هتف بشماتة ظاهرة:
-زمان وصلك خبر باللي حصل، شوية مصايب ورا بعض دمروا عيلة الخياط، ولسه!
ثم انتظر حمدي أن يشاركه هذا الفرح، لكن استمر موسى يتجرع حتى ثمل تقريبًا، سأله حمدي بإنكار:
-مالك يا موسى، أوعى تقولي زعلان عليهم؟!
بعد لحظات من ترقب الأخير رده، قال موسى بتحطم:
-هدير عُمرها ما هتكون ليا!
تفهم حمدي السبب في حالته ثم ضيق نظراته، قال:
-الورق ا...
قاطعه موسى باحتدام:
-الورق اتسرق من قلب فيلتي
جحظ حمدي عينيه مصدومًا، فتابع هو بطلعة واعية:
-مبقاش في إيدي حاجة أذلهم بيها، دا حتى لو الورق معايا، خلاص أسعد اتشل ورجله والقبر!
فرك حمدي أسفل ذقنه ممتعضًا، هتف:
-ومين يتجرأ ويعمل كده، أكيد فيه حد من قلب الفيلا عملها!
تنهد وقال بقلة حيلة:
-مبقتش قادر أفكر، كل اللي عملته غيّرت الخدامين، حتى مقدرش أبلغ الشرطة، دا الورق اللي اتسرق يوديني في مليــون داهية.
سأله باهتمام:
-طيب واللي بيهددك؟!
بدا موسى منتبهًا للقصة كاملة، وقد خمن ما حدث بطريقته، قال بارتياب:
-محدش ليه مصلحة غير منتصر، إنت عارف إنه مكنش موافق من البداية على جوازي من هدير، واللي عمله إنه خلى حد يسرق الورق!
تذكر حمدي شكوة ابنته من وجود هدير، حمسه قائلاً:
-إوعى تسيبها من إيدك، هدير لازم تتجوزها وتكسر مناخيرهم!
تاه موسى في ذلك وهو يردد:
-لو هتجوزها يبقى علشان باحبها وعاوزها!
لوى حمدي فمه للجانب قليلاً ساخرًا، اردف موسى بجدية:
-حتى لو عمل كده علشان متجوزهاش، أنا ممكن اعمل حاجات محدش يتخيله.
أدرك حمدي أنه متعلق بالأخيرة وسيسعى جاهدا لتكون له، اتضح ذلك حين قال موسى بنظرة مريبة:
-اسمعني كويس هطلب منك تعمل أيه، علشان مش عاوز غلطة واحــدة.............!!
___________________________________

صُدمت من الكدمات المنتشرة في أنحاء جسدها، وبدت مزعوجة للغاية، هتفت سميحة بانفعال:
-مين اللي بهدلك كده؟!
ارتدت هدير ملابسها ثم جلست على فراشها متوجعة، قالت:
-معرفش، اتنين ستات أشكالهم عمري ما شوفتها حتى في خيالي، طلعوا عليا في النادي وكسروني، لحد ما مش قادرة اتحرك!!
جلست سميحة بجانبها هاتفة باستشاطة:
-وهما فين دلوقتي؟!
ردت بمفهوم:
-اتقبض عليهم، وبيقولوا كلام مش مفهوم، تقريبًا متسلطين عليا!
حاولت سميحة تشغيل مخها لفهم الموضوع وفشلت، قالت:
-ومين هيعملك كده بس، إنتِ الحمد لله ملكيش أعداء والكل بيحبك!
تحيرت هدير في ذلك ثم استلقت على ظهرها، أشفقت عليها سميحة وقالت:
-بالراحة يا حبيبتي، منهم لله.
نفخت هدير بسأم وقالت:
-نسيت أقولك البقية في حياتك، أنا زعلت على عمتي قوي
مسدت على شعرها بلطف قائلة:
-الله يرحمها، أنا مش عارفة المصايب جت ورا بعضها كده مش مخلية الواحد ياخد نفس حتى
طمأنتها هدير على نفسها قائلة:
-بس أنا بخير يا ماما، دي شوية ردود وهتخف بسرعة
قبّلت سميحها جبهتها فهي تعشق ابنتها ولا ترغب في وجودها حزينة، قالت متذكرة ببشاشة:
-نسيت أقولك، عمك كان طمني إن جوازك من موسى مش هيحصل، مافيش داعي تضايقي نفسك خلاص!
أشرق وجه هدير ولمعت عيناها، هتفت:
-يعني خلاص الراجل ده مبقاش ليا علاقة بيه!
هزت سميحة رأسها مبتسمة، بينما ترددت هدير في إخبارها بعرض يزيد لها، لكنها أحبت ذلك فقالت بخجل:
-ماما يزيد طلب يتجوزني!
لم تصدق سميحة ما استمعت له أذناها، هتفت بفرحة تنجلي شيئًا فشيءٍ:
-يزيد!
نظرت لها هدير وقالت على استحياء:
-أنا مش عارفة فيه أيه يا ماما، بس حبيت يزيد، من زمان وكان هو أكتر واحد أحسه يهتم بيا، وموافقة اتجوزوه!
قالت سميحة بموافقة:
-أنا كمان موافقة يا هدير، يزيد كويس قوي وهادي، زيك بالظبط
توقفت سميحة فجأة عن الكلام وزالت مسرتها، نظرت لابنتها متسائلة:
-ومراته، هيعمل معاها أيه؟!
رفعت هدير كتفيها بجهل، فقالت سميحة بتصميم:
-لو هيتجوزك يبقى يطلقها، مش هسمحله يتجوزك عليها لو مافيش غيره قدامك..............!!
___________________________________

فرحت بقدومه هنا معها هي والأولاد، وحرصت على القيام بواجبها تجاهه كما كانت تفعل من قبل، عاونته السيدة هدى على التسطح بالتخت وأسندت ظهره على الوسادة، وشاركها في ذلك مراد، قامت بإعطائه أدويته المسكنة فأحس براحة فقدها من فترة، قال:
-تسلميلي يا هدى!
ردت بطلعة سمحة:
-لما حضرتك جيت هنا حسيت بفرحة مقدرش أوصفها، وإنت عارف إنك مش بس حمايا، إنت أبويا اللي اتربيت على إيده!
ابتسم لها وهو يتذكر يوم تزوج بها شريف ابنه، كانت في الثانية عشر من عُمرها، قال:
-كنتِ زي بناتي يا هدى وأحسن، كان نفسي يتعلموا منك حاجات كتير.
وقف مراد يتابع حديثهما الودود بظلمة، قال مدعي العبوس:
-شكلي ماليش مكان في الحوار بتاعكوا، بأقول أمشي!
ضحك السيد بخفة وقال:
-لا عاوزك يا مراد!
ابتسمت السيدة بود وقالت:
-طيب أسيبكم على راحتكم
غادرت السيدة هدى فجلس مراد بجانب جده، قال:
-جدي حالته وحشة قوي، الدكاترة بيقولوا هيفضل كده
قال السيد بتنهيدة حزينة:
-كنت دايمًا أقول بيحرض قسمت عليا علشان يغيظني، بس فعلاً طلع بيحبها، ومقدرش يستحمل خبر موتها، يا حبيبتي يا قسمت
ثم تجدد حزنه عليها فهي ابنته، بينما اقتنع مراد بذلك فالأخير بالفعل تأثر برحيلها المفاجئ للجميع، قال مراد بجدية:
-يومين كده على ما يخرج من المستشفى هيرجع على القصر، وهيفضل فيه
أحب السيد سماحة مراد فقال بمدح:
-ربنا يباركلك يا ابني!
تابع مراد ما خطط له:
-وكل حاجة في البلد هاكون مسؤول عنها، افتكر ده الصح!
لاحظ السيد إصرار غريب في نبرته، لم يجادله فأحس مراد أنه غير راضٍ بقراره، قال معللاً:
-جدي هما ملهمش في سفر الصعيد والشغل فيه، وهعوضهم، لكن أنا حقيقي عاوز ابقى هناك، ويعني شغل بعيد عنهم، دا غير هنا
هز السيد رأسه موافقًا، قال بلطافة:
-ربنا يوفقك، أنا عارف إنك حقاني يا مراد......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أخذت تتحرك في الغرفة متوترة، علمت بحضوره وانتظرته بفارغ الصبر، تأخر كثيرًا وهذا ما وتر أعصابها وشدد من خوفها لينفر منها نتيجة ما حدث، اغتمت غزل وودت البكاء فلمسات هذا الحقير أشعرتها بالإشمئزاز من نفسها، فماذا عنه إذًا؟، انتفضت بفزع حين فتح باب الغرفة، تصلبت نظراتها عليه وهو يدخل، نظر لها مراد بوجوم لم تتفهمه، أغلق الباب ثم تحرك مباشرًا في نزع ثيابه، دنت غزل منه مرتبكة، رغم ذلك أصرت في معرفة ما يفكر به تجاه ما حدث..
وقفت أمامه مترقبة إي ردة فعل منه، وحين لم تجد تجرأت وسألته بتلجلج:
-إنت مخاصمني ولا أيه؟!
اندهش من سؤالها وقال:
-هخصمك ليه، كان حصل حاجة؟!
ردت مبتلعة ريقها بتوتر:
-طيب طالما محصلش حاجة ليه بارد كده!
ادعى عدم فهم مقصدها وقال:
-عاوزاني أعمل أيه يا غزل؟
لم ترتضي بجوابه وقطبت جبينها، تابع نافخًا:
-أنا عمتي ميتة يعني مش أكيد هتشوفيني فرحان!
ثم تحرك ناحية خزانة الملابس لتبديل ثيابه، هو محق لكن لم تشبع فضولها من معرفة ما يدور في رأسه، التفتت له ناظرة إليه بعتاب، وتضايقت حين لم يشعر بها، تجاهلته عمدًا ثم توجهت لتغفو هي، وصعدت على التخت ثم دثرت نفسها حتى عنقها، كان مراد منتبهًا لها؛ لا يعرف لما يحب إزعاجها ويتلذذ برؤيتها هكذا، لربما فرصة لها ليكسر تعاليها الذي يعصبه ويثير حنقه، حين بدل ثيابه توجه لينام هو الآخر، بالفعل صعد بجانبها ودثر نفسه، ما أغاظ غزل التي تراقبه بأحساسها هو عندما ولاها ظهره وكأنه لا يبالي بها..
ازاحت الغطاء عنها بعصبية مفرطة ثم استدارت له، هتفت بصوتٍ منفعل:
-ليه بتعاملني كده؟!، بقولك ملمسنيش!
فورًا اعتدل مراد متيقنًا ضيقها لكن ليس لهذا الحد، رد عليها بهدوء مستفز:
-أنا متكلمتش معاكِ في حاجة، إنتِ اللي بتفتحي الموضوع.
بدأ صدرها يعلو ويهبط وهذا ما جعله يتهلل داخليًا، زمجرت بحدة:
-متأكدة إنك قاصد تعصبني، عاوز تذلني يعني، لو بتحب كده قولي.
كبح مراد استيائه مما حدث رغم أنه يعرف عدم لمس الآخر لها، اخرجته من صومعة هدوئه إلى غضبه المكبوت ليترك العنان له، رد باكفهرار:
-أنا مش عاوز اتكلم علشانك، لو اتكلمت هيحصل مشاكل متأكد.
تبدلت ملامحها للبهتان، تابع بامتعاض:
-عاوزة تفهميني إن هدومك اتقطعت لوحدها، إيده ما اتحطتش عليكِ!
ثم خبطها بيده في رأسها فتخوفت، ابتلعت لعابها وقالت:
-مليش ذنب، هي أي واحدة حد يقرب منها غصب عنها تكون هي الغلطانة!
هدأ مراد وبدا ساكنًا، قال:
-علشان كده ساكت، والتاني ده بكرة مش هتلاقيه، علشان هفرجك هاعمل معاه أيه يا غزل!
أوشكت على البكاء حزنًا على نفسها، وفرحًا حين اعتزم الانتقام من هذا السفيه، ثم أطرقت رأسها، تابع مراد بأمر حازم:
-وبكرة تتنازلي عن كل حاجة أنيس كتبهالك، افتكر ملوش لزوم تحتفظي بحاجة مش من حقك أولاً ومن الحرام ثانيًا
هنا أبانت غزل ترددها في تنفيذ ذلك حين حدقت به بنظرات مهزوزة، وردها لم يعجب مراد حين قالت:
-طيب إن شاء الله!
أطال النظر إليها مرتابًا في أمرها؛ لم يعيد كلامه فإن فعلت العكس سيجبرها بالطبع، تسطح مرة أخرى وقال متأهبًا للنوم:
-تصبحي على خير!
اغمض عينيه فنظرت لوجهه لبعض الوقت، أحس بنظراتها لكنه ظل كما هو، بغيظ قامت غزل بالنوم ثم وضعت رأسها على صدره، ابتسم في نفسه ولم يعلق، بينما أحبت أن تكون قريبة منه، بجسدها وبروحهــا..................!!
___________________________________

تهدمت مخططاته بما علم به اليوم، نهر يوسف نفسه فما يفعله لن يجدي نفعًا، لكن بقى فقط التخلص من موسى بالأوراق التي بحوزته، وحتمًا سيفكر في طريقة آخرى للتخلص من مراد، فلن يتركه ينعم بما تحق له، فقد عانى لأجلها وتحمل وعورة الأيام لتحيا هي..
دنت منه ياسمين بعدما صنعت له كوبًا من الشاي، نظرت له وهي تضعه أمامه بعدم فهم، فشروده اليوم زاد عن السابق، جلست بجانبه واندهشت من عدم احساسه بها، سألته بغرابة:
-اللي واخد عقلك؟!
انتبه لها متوترًا ثم تنحنح بخفوت، قال:
-هانزل عند خالتي اطمن على خالد، أصلها بتجول تعبان.
جاء لينهض فامسكت به ليجلس ثانيةً، هتفت باقتطاب:
-عاوز تفهمني إن ده اللي شاغلك!
رد بغلظة رافضًا أسلوبها:
-حتى لو حاچة تانية، داخلك أيه؟!
ردت بكمد واضح:
-يوسف باحس إنك مضطر تعاملني كويس، أو بتمثل إنك عاوزني، فهمني قصدك أيه من اللي بتعمله معايا؟!
تهكم من قناعتها بنفسها، قال:
-عاچبك اللي بتعمليه، يعني بذمتك في راچل يجبل مراته تكون مدمنة وهو اللي بيچيب ليها المدعوج بنفسه!
رغم أن خطوة تخليها عنه سترهقها، اعتزمت أن تتعالج قائلة:
-أنا قررت اتعالج، عاوزة أخف من البتاع ده، عاوزة أفضل جنبك وأجيب ليك ولاد.
قهقه ساخرًا من حديثها فانزعجت ياسمين، قال:
-ولاد أيه، أحلامك واسعة جوي
ثم نهض وتركها مشدوه في كلامه، وما لاحظته أنه يخفي سر ما عليها، توجست ياسمين أن تكون علاقته به مرهونة بشيء آخر وحين ينتهي سيتركها، تذكرت أوراق أخيها واستشفت أنه فعل ذلك معها ليحصل عليها، فورًا نهضت من مكانها لتبحث عنها، هي بالتأكيد هنا وانتوت أن تخبئها منه شرط عدم تلاعبه بهــا.......!!
___________________________________

في بهو الفيلا، أخبره جاسوسه السري بالخطة المحاكة ضده، واشتباه النيابة فيه، خاصة ظهور الطبيب، سأله جاسم برهبة:
-مين اللي بيبحث ورايا، مش معقول شكوا لوحدهم؟!
رد عليه بعملية:
-مراد الخياط هو اللي ورا كل ده
تفاجأ جاسم وتملكت منه حالة جموح شديدة، تابع الرجل بتوضيح:
-هو اللي جاب الدكتور اللي سيادتك جبته ليلة موت أنيس بيه، حطه تحت ضغط وخلاه يعترف، وللأسف قال على كل حاجة، وهو في طريقة للنيابة، يعني سيادتك لازم تهرب دلوقتي حالاً.
فاق جاسم ليعي خطورة الأمر، اضطربت أنفاسه ليمتثل فورًا لهروبه العاجل، قال بجدية:
-جهزلي جواز سفري المضروب، الليلة لازم أسيب مصر كلها
اومأ بطاعة ليتحرك منفذًا ذلك، بينما صعد جاسم للأعلى مهرولاً بخفة، وصل لغرفته ثم جمع منها الأهم فقط، تاركًا ثيابه وأي شيء آخر يرتديه، جمع المال والأوراق وما يخصه في حقيبة عملية راقية، أثناء ذلك لم يخفي حنقه من فعلة مراد، وتوعد بغمغمة:
-اصبر يا مراد، واللهِ لتندم على اللي عملته معايا، وهنشوف مين هيضحك في الآخر.
ثم وهو يأخد ساعات يده غالية الثمن، جاءت غزل على باله، وبالأحرى موجودة لكنه تذكرها في وعيده لها هي الأخرى، استطرد:
-أنا همشي يا غزل، بس وحياة عينيكِ هارجع علشان أخدك معايا!
ثم حمل كل شيء ليرحل من المكان، عند الباب وقفت أمل والتي ذُهلت مما يفعله للتو، عاقت طريقة فخاطبها بسخط:
-لازم تمشي من هنا، أنا مسافر برة
شهقت بصدمة وقالت متوسلة:
-هتسيبني لوحدي، خدني معاك يا بيه يستر عرضك!
وجدها بائسة، ضائعة، أخرج من جيب سترته بعض النقود دون أن يعدها، ثم حشرها في صدرها، قال:
-خدي دول ينفعوكِ، بس أحسن لك إمشي من هنا
ثم تحرك جاسم ليهبط الدرج سريعًا، وقفت أمل بمفردها متحيرة فكل الطرق انغلقت في وجهها وبات وحيدة، سارت ببطء تفكر أين ستذهب؟، تأججت حيرتها وهي تقف مأسورة الفكر هكذا، قالت:
-أروح فين بس، لو رچعت البلد أسعد بيه مهيرحمنيش، وإهنه لو يوسف شافني مهيرحمنيش هو كمان!
في أوج تفكيرها وبحثها، تذكرت السيدة التي كانت تعمل معها، أجل تدعى سناء، العمل معها ربما مقززًا لكنه سيخفيها عن الأعين، ومنها تتخذه ملجأ لتسكن فيه، قالت محاولة تذكر العنوان:
-افتكري كده يا بت يا أمل العنوان اللي جاله اللي ما يتسمى موسى......!!
__________________________________

لم تضيع هذه الفرصة من يدها، خاصة خلو القصر منهم جميعًا، هي فقط وزوجها والأخيرة، لذا دون تردد نفذت سُمية المطلوب منها، خدرت الطعام لهما ثم نام يزيد ممددُا على الأريكة بالغرفة، وهدير بغرفتها، اتصلت فورًا بأبيها لتخبره، قالت:
-دلوقتي يا بابا، محدش هنا وأنا حطيت ليهم منوم، بس المنوم مش طويل المفعول، ممكن يصحوا.
أمرها والدها بحزم:
-خدي منوم إنتِ كمان بعد ما يخطفها، علشان محدش يشك فيكِ، فاهمة يا سمية؟
-فاهمة يا بابا متخافش عليا، المهم خلصوا بسرعة قبل ما حد يجي فجأة.
لم يتوانى حمدي في مهاتفة موسى وإخباره، والذي قام بدوره حين حضر بنفسه ووقف بسيارته أمام القصر، منتظرًا عودة رجاله بها، دلّتهم سمية على تفاصيل كثيرة لتسهيل مهمتهم.
بعد حملهم لها وقفت مضطربة لبعض الوقت، ثم قامت بتنفيذ بقية خططها الدنيئة، حين أخذت حبة منوم، وقبل أن تغفو توجهت لمقعد مجاوز لـ يزيد ثم جلست، ودخلت بعدها في نومٍ عميـق....!!

وفي الخارج هب موسى ليأخذها منهم ثم جعلها تركب بجواره، أمر رجاله بالرحيل ثم أخذها معه لشقته، معتزمًا أخذها بالقوة، ظنًا منه أن ذلك سيسرع من رغبته الحقيـرة.......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،
بداخل شقته تلذذ بارتكابه الفاحشة معها، نهض عنها وتركها عارية على الفراش، ثم ارتدى بنطاله فقط، ابتعد ليشرب كأس من الكحول ولم يخفى إعجابه بما حدث، وكم الرضى الذي حصل عليه بلمسه لها..
جلس موسى يشرب هكذا لبعض الوقت حتى انتبه لها تتنمل مكانها، ثم ركز نظراته المظلمة عليها..
فتحت هدير عينيها ولم تعي أين هي؟، دقيقة حتى استجمعت نفسها وانتبهت حواسها، جهلها للغرفة جعلها تعتدل مضطربة، لكن قبل أن تنهض انتبهت لجسدها العاري، ارتعش بدنها وسريعًا غطت نفسها، نظرت حولها بتزعزع حتى وقعت عيناها عليه، جحظتهما بقوة غير مستوعبة أي شيء، سألت بذهول:
-أنا فين، وباعمل أيه هنا؟!
تجرع موسى كأسه دفعة واحدة، ثم نهض بطلعة باردة متجهًا نحوها، خجلت هدير من تعري جزئه العلوي، لكن الأشنع كان يدور في رأسها، وبالرغم من ذلك انتظرت رده، حين جلس على التخت أمامها اقشعرت وارتجفت كليًا، قال ببرود:
-معقول أنا وإنتِ في مكان واحد ومش فاهمة أيه اللي حصل؟!
ردت بنبرة متقطعة من فرط خوفها:
-إنت حيوان، عملت معايا أيه؟
تجاهل تذمرها وقال بمغازلة استفزتها:
-الكدمات اللي في جسمك كلها مأثرتش على جمالك، وكنتِ عجباني!
الجم لسانها للحظات غير مصدقة أنه فعل ذلك، ولما لا، هي إمرأة وقد أحست، لكن كذّبت نفسها، اهتزت شفتاها فقد ضاعت، حثها موسى على الهدوء قائلاً:
-أنا عملت كده علشان نتجوز، فمتزعليش وتشيلي هم، أنا ابن أصول وهصلح غلطتي!
انفجرت فيه بهيستيرية:
-إنت واحد و***، وزبالة.
ثم بصقت عليه باستهجان، مسح موسى وجهه متحملاً إياها، نظر لها بضيق داخلي لكن نظراتها المحتقرة لشخصه أغضبته، صعد نحوها حتى اقترب منها، فانكمشت صارخة:
-إلحقـــوني!
جعلها تتسطح وهو يقول بحنق:
-لو زعقتي من هنا لبكرة محدش هيسمعك
ثم شد الغطاء عنها فزادت من صراخها المستغيث وهو يراها دون ثياب، قال منتويًا تجربة الموضوع بشغفٍ أشد:
-كويس إنك فوقتي، كده الواحد ينبسط أكتر.........!!
x x x x x xx _____________________________
x x x x x x x x xx _______________________
x x x x x x x x x x x x _________________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-10-20, 04:53 PM   #126

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية

الفـــصل الثـالث والخمسـون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

يمرر أوراق الجريدة اليومية منهمكًا في مطالعة أخبارها باهتمام، وبالأخص رغب في رؤية أي خبر يخص عائلته، لمح نعي ابنته مدون بها فتجمعت الدموع في عينيه، تأثر السيد رشدي بالخبر وعاد حزنه عليها يتجدد، ترك الجريدة من يده بجانبه وأخذ يدعي لها من قلبه، معتزمًا عمل صدقة جارية على روحهـا..
وهو في أوج حزنه استمع لمن يدق باب الغرفة الماكث فيها، نظر للباب متنهدًا ثم مسح دموعه بـ (منديله)، عدّل من هيئته ثم تنحنح قائلاً:
-أدخل!
انفتح الباب وقد ظن السيد أنها هدى، جاءت لتطمئن عليه، لكن اعتلته دهشة شديدة من قدوم هذه الفتاة عنده، نظر لها بترقب فتحركت غزل ناحيته مبتسمة، على غير العادة ملأتها ثقة عجيبة عن السابق، حضورها مميز وهي تقترب منه، وقفت أمامه مبدية احترامها وترحيبها بوجوده هنا، قالت:
-جيت أسلم على حضرتك يا رشدي بيه، القصر نور بوجودك!
ببطء مرر السيد نظراته الغامضة عليها من رأسها لأخمص قدميها، فابتسمت غزل، رجع لعينيها وقال:
-طلعتي بنت أصول، المفروض تغيّري من نفسك بقى!
تفهمت مقصده ثم جلست، قالت:
-أنا فيا أيه، ما أنا كويسة أهو؟!
لاحت بسمة على محياه لم تتفهمها، قال:
-مع مراد أكيد هتكوني كويسة، أصله مش بيرضى بالحال المايل.
تذكرت طريقة ملابسها التي كانت يبغضها ولم تعلق على كلامه، قالت بتودد:
-حضرتك راجل معروف، والكل بيخاف منك ويحترمك، اتمنى تكون موافق عليا!
رد بتعالٍ ضايقها قليلاً:
-متفكريش مراد إتجوزك من غير رضايا، محدش يقدر يخالف أوامري
أدّعت غزل الابتسام؛ كي لا تظهر حنقها، قالت بجدية:
-مراد حبيبي وفي عيني، هو والولاد
-وهو ده اللي أنا عاوزه..
انتبها لدخول الخادمة حاملة صينية عليها كوب من الماء وشريط من الحبوب، قالت باكتهاء:
-ميعاد الدوا يا سعادة البيه!
نهضت غزل مسرعة لتأخذه منها، قالت:
-هاتي وروحي إنتِ أنا هديله الدوا
أطاعتها الخادمة ثم أعطته لها ورحلت، توجهت غزل بالصينية نحو السيد وقالت:
-اتفضل!
أخذ منها حبة الدواء ثم ابتلعها بالماء، قالت مبتسمة:
-بالشفــا!
رد بنظرة منه شكرًا لها، قالت بمغزى:
-لو عايز أي حاجة أطلبها مني، إن شالله أغسلك رجليك، أنا موجودة
لمّحت له بوقت كانت تفعل ذلك، ضحك بخفوت وقال:
-كنتِ بتغسليها حلو
ضحكت هي الأخرى وقالت:
-ولسه باغسل حلو
وجد السيد في شخصيتها شيء جذاب، ثقتها بنفسها، والعناد اللائح في عينيها، ناهيك عن هيئتها الملفتة، قال:
-أنا دلوقت عرفت ليه مراد أختار يتجوزك................!!
__________________________________

هبطت للأسفل متلهفـة لتستقبل ابنتها، التي لمحت دخولها من باب الفيلا، تحركت سميحة نحوها بحفاوة، عندما وصلت إليها تلاشت فرحتها وتعجبت من ملابسها غير المهندمة، وحجابها أيضًا، سألتها بقلق:
-مين مبهدلك كده يا هدير؟!
نظرت هدير للأرضية باهتة التعابير وقد تخضبت، ضمت نفسها بذراعيها ولم تتحمل الوقوف على قدميها، الأمر الذي أفزع سميحة وجعلها خائفة عليها، أمسكت بخصرها قائلة بتخمين:
-فيه حد تاني طلع عليكِ وضربك؟!
أجهشت هدير بالبكاء ثم بتقاعس سارت ناحية الأريكة أمامها، تحركت سميحة معها مدهوشة، عاونتها على الجلوس فعادت تسألها بقلق أشد:
-طمنيني يا بنتي مالك، حصلك أيه؟!
ثم جلست بجانبها، بكت هدير بحرقة وأخذت وقت تستجمع فيه كلماتها، قالت باقتضاب مريب:
-موسى!
نطقها لاسمه جعلها تستشف مضايقة هذا الفظ لها، هتفت بامتعاض:
-عمل أيه الـ*** ده؟!
نظرت لها هدير تبكي، تشرح بعينيها ما فعله معها، كونها محرجة مستاءة من مرورها بهذا الأمر المستهجن، لم تتفهم سميحة أي شيء، ولم يأخذها عقلها لشيء آخر سوى تهديده لها، قالت:
-انطقي قلبي وجعني أ..
صمتت فجأة وقد ربطت هيئتها غير المرتبة باسمه، وعيت سميحة لحالة ابنتها المقهورة فنظرت لها هدير تهز رأسها، تؤكد أن ما جاء في فكرها هو بالضبط، وضعت سميحة كفها على صدغها مبهوتة، غير مستوعبة كيف تجرأ الأخير على ذلك، تبدلت قسماتها للغضب وهي تسألها:
-حصل إزاي، وفيــن؟!
زاد نحيب هدير المرير فانفعلت سميحة أكثر، هتفت:
-متعيطيش، قوليلي عمل كده فين وإزاي، وأنا وحياة أبويا لأدفنه في قلب فيلته!
ببكاءٍ ملتاع ردت هدير بتقطع:
-كـ كنت نايمة.. في أوضتي.. صحيت لقيت.. نفسي في شقته
ثم أخفضت رأسها متحسرة تبكي بضياع، وتركت هدير بقية الشرح تستنتجه والدتها، نهضت سميحة من مكانها، تحركت ناحية الدرج ثم وقفت عند المقدمة، صاحت بهياج مدروس:
-مــــاهر....... يا مــــاهر!!
ظلت تنادي عليه بأنفاس متهدجة، حتى خرج من غرفته مذهولاً من طريقة دعوتها له، وقف بالأعلى يحدق بها قائلاً بتعجب:
-خير يا سميحة، بتنادي كده ليه؟!
ردت بانفعال:
-مش خير، إنزل شوف المصيبة!
قلق من نبرتها وطلعتها الثائرة، تحرك ليهبط الدرج فورًا، حتى وصل عندها، قال:
-أيه بقى؟!
أشارت بيدها على هدير التي تجلس وتبكي، نظر ماهر تجاه ابنته غير متفهم، هتفت باستياء:
-الـ*** موسى خطف بنتك واغتصبها!
اضطرب ماهر وأصابه التيه، توجه ناحية هدير مندهشًا، فتحركت سميحة خلفه متجهمة للغاية، جثا على ركبته أمام هدير وقال:
-هدير الكلام دا مظبوط؟!
ظلت هدير مخفضة رأسها تنتحب بشدة، خجلت من والديها فهذا يعني تعريها أمامهما، وعدم ردها كان بمثابة تأكيد له، نهض ماهر حائرًا، فقد ضغط هذا الوقح عليه بطريقة مستقبحة مقرفة، تعجبت سميحة من سكونه وعدم غضبه من الأمر، سألته عابسة:
-أيه مالك، بنتك اغتصبها وإنت هادي كده؟!
نظر لها لبعض الوقت، استفزها بقلة حيلته حين قال:
-عاوزاني أعمل أيه، هو عمل كده علشان يتجوزها!
ثارت سميحة ورمقته باستهانة، هتفت:
-إنت مفكر هجوزهاله بعد اللي عمله، دا على جثتي د....
قاطعة بتفهم:
-مش في صالح بنتك، لازم يتجوزها
بعنف دفعته من صدره فتراجع للخلف، هدرت به بغضب:
-إنت أب إنت، بندم كل يوم أكتر من اللي قبله إني اتجوزتك، مافيش أحقر منك
انفعل عليها من فظاظتها:
-احترمي نفسك أنا جوزك ومش الخدام بتاعك، ولا أبوكِ هيقويكِ عليا.
لعنته في نفسها واحتقرته، قالت:
-دا اللي شاغل بالك، إنت عُمرك ما حبيت أبويا، لدرجة مفكرتش في مصيبة بنتك
تابعت حديثها باغتياظ:
-مش إنت اللي ممكن أخليه ياخد حقها، هروح لراجل العيلة اللي هيقف معاها، مــراد، اللي حارق دمكم كلكم!
رفع يده ليصفعها لكن نظرتها المحذرة له جعلته يتوقف ثم أنزلها، ابتسمت في سخط وقالت:
-مد إيدك، علشان مش هتبقى في مكانها، يا ابن أسعد
أنهت سميحة جملتها ثم وجهت نظراتها لابنتها التي تستمع لهما بألم، جعلتها تنهض معها وهي تقول:
-قومي إرتاحي شوية وغيّري هدومك، وأنا بنفسي هروح لجدك ومراد يتصرفوا
احتقن وجه ماهر من قرارها هذا، ثم تعقبهن بنظراته المحتجة، وبدا في نظر ابنته وزوجته منحطًا، نفخ بضيق وقال:
-كل حاجة مراد، ما هو القرف اللي إحنا فيه بسبب طمعه.........!!
__________________________________

وهو يأخذ جولة بالمخازن الجديدة التي سيضع البضاعة بداخلها، لاحظ شرود الأخير وعدم انتباهه له في بعض الأحيان حين يتحدث مع العمال، وجه مراد الكلام له مباشرةً، سأله:
-اللي واخد عقلك يا صرغام؟!
توتر ضرغام وهو ينتبه له، قال:
-نسمة مرتي بعد ما جعدت معايا، كل أما تشوفني تسألني عن أخوها، وآني ما عرفش أجولها أيه.
قال مراد بتعقل:
-لازم تقولها الحقيقة، هي مش صغيرة، وتفهم إن الطريق ده أخرته وحشة، وكفاية إنك سامحتها.
وجده ضرغام محقًا، أردف مراد بجدية:
-صحيح الزفت جاسم ده هرب برة مصر؟!
رد ضرغام موضحًا:
-أيوة، فيه حد بلغه جبل ما الحكومة تاجي تجبض عليه
قال بنفور:
-يلا في داهية، المهم ما أشوفش وشه العكر ده تاني، ويبعد عن مراتي!
استفهم ضرغام بمفهوم:
-آني باجول بدل ما نتعب نفسينا ونحط البضاعة إهنه، نرجع نحطها في مخازنا، منتصر بيه فيه اللي مكفيه ومهفتكرش يعني يفكر يعمل حاچة!
بالفعل فكر مراد في ذلك، قال مقتنعًا:
-يمكن دا اللي يحصل، بس مبقاش قدامي غير موسى، اللي هفضل وراه لحد ما يبعد عن هدير، مش معقول يتربط بعيلتنا
قال ضرغام بعدم قبول:
-حاقة يا بيه لو حُصل هيلوثكم بوسـ***، إوعاك يا مراد بيه تخليها توافج
شرد مراد قليلاً في الأمر، قال:
-هاعمل اللي عليا، بس مش متأكد حد ياخد بكلامي
ثم تنهد مراد بقوة، فرغم حلول الأمور المعقدة من حوله، تبقى القليل منها لتنغص عليه عيشته، هتف متذكرًا:
-أيه يا ضرغام، معقول لسه لحد دلوقت مش لاقي فرصة توقع بيها يوسف ده، مش قولت هتخلص منه؟!
ارتبك ضرغام داخليًا، فهو يحب هذا الشاب، ووقوعه في هذا الطريق ليس بيده، دنا من مراد؛ كي يسمعه هو فقط، همس بمعنى:
-الليلة هيروح في الرجلين زي ما اتفجنا
أنصت له مراد بفضول، ورغم تردد ضرغام في الإيقاع بالأخير، تابع بطاعة منه لسيده:
-في عربيته هحطله بودرة، وهخلي واحد من الرجالة يبلغ.........!!
__________________________________

دلف من الغرفة ثائرًا، تحرك نحوها وهي تشاهد التلفاز ثم حدجها بنظرات قاتلة، رغم أنها تعمدت اللامبالاة؛ لكن أخافتها ردة فعله، قال من بين أسنانه:
-فين الورج اللي كان في الدولاب؟!
استعدت ياسمين لهذه المواجهة، متخذة قرارها بعدم الإنكار، قالت:
-معايـا!
دنا منها بغتةً فانكمشت في الأريكة خائفة منه، سحبها من عضدها لتنهض، أمرها بحدة:
-مين جالك تمدي إيدك عليهم، روحي هاتيهم
ثم دفعها لتذهب وتحضرهم، ابتعدت مسافة عنه، تحدته قائلة:
-لا مش هتاخدهم، هيفضلوا معايا
كلامها سعّر غضبه نحوها، صاح بصوت هز بدنها:
-هاتيهم دلوقتي، لا واللهِ هندمك
قالت بتصميم عكس هيئتها المتذبذبة:
-دول ضمان إنك ما تبعدش عني، ومش هتاخدهم لو هتقتلني
سكن يوسف قليلاً ثم رمقها بنظرات مبهمة، قال:
-هاعمل معاكِ حاچة أكتر من الجتل
ركزت حواسها معه فتابع بغيظ:
-كنت سمحتلك تخرجي، بس من دلوق مافيش، وكمان مافيش الجرف اللي هتشميه ده
تيقنت ياسمين أنه سيفعل ذلك، بيننا أردف يوسف بحنق:
-هخليكِ تبوسي رجليًا علشان شمة قصاد الورج
ردت بتمنٍ عجيب:
-أنا أصلاً زهقت، يا أبطل الزفت ده يا أموت وأرتاح
كور قبضته بغضب واحتدت نظراته الشرسة عليها، ظنته ياسمين سيضربها لكن تفاجأت بيه يقول:
-أنا مشغول دلوقت، بس لو فاضيلك كنت هتشوفي، لأ، مكنتيش هتشوفي تاني
هددها باقتلاع عينيها وبالفعل تأثرت ياسمين، تحرك يوسف نحو الخارج ثم صفق الباب من خلفه فانتفضت، حدقت بالباب قائلة:
-كان يوم أسود يوم ما فكرت آخد السم الهاري ده......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
دلف يوسف من العمارة فوجد جبس ينتظره على مدخلها، كان قد استدعاه يوسف لأمرٍ هام، أخذه عند زاوية متوارية ثم خاطبه بمعنى:
-كنت عاوزك في موضوع كده، وملقتش غيرك ينفذه
خبط جبس على صدره عدة مرات مرددًا بطاعة:
-أنا عيني ليك يا يوسف بيه، خيرك مغرقني، أؤمر
سكت يوسف للحظات كأنه يتهيأ للشرح، قال بجدية:
-عاوزك تخطف ولد!
تردد جبس قبل إبداء رأيه في ذلك، سأل بترقب:
-بيرضع يعني؟!
نفى يوسف موضحًا أكثر:
-باين عنده عشر سنين كده، هو كبير مش صغير يعني
بدا الأمر صعبًا بالنسبة له، لاحظ يوسف تردده فسأل:
-مش هتقدر؟!
انتبه له ثم رد باقتراح:
-لوحدي لأ، بس ممكن أجيب واحد معايا، بالمرة يساعدني
قال يوسف محذرًا:
-بس متعرفوش عني حاچة، وتكون واثق فيه
-متخافش دا أخويا مش غـــريب...............!!
__________________________________

عند دخولها قصر والدها برفقة ابنتها، لم يمر وقت كبير حتى وصل مظروف باسم ابنتها، جعلتها سميحة تصعد لغرفتها بينما استلمته عنها، نظرت له بحيرة ثم صعدت خلفها؛ كي تفتحه في حضورهــا..

جلست هدير على تختها منكبة على نفسها، أحمرت عيناها من كثرة البكاء، وضعف جسدها من معاملة الأخير العنيفة معها، فقد تناوبت الازمات على عاتقها، ولم تتحمل أكثر فقد كرهت جسدها ونفرت من لمساته عليها، وما انتوته هو عدم زواجها من هذا الخسيس وإن كلفها ذلك الموت..
ولجت سميحة الغرفة عليها ممسكة بالمظروف، دنت منها وهي تفتحه، عند إخراجها ما بداخله شهقت بفزع مهلك، تصلبت نظرات هدير الخائفة عليها مترقبة شرح والدتها، رفعت سميحة الصور الفوتوغرافية نصب أعينها، دق قلبها بتوجس عظيم وهي ترى توثيق ما افتعله هذا اللعين، ابنتها عارية على التخت و...، أحست سميحة بصداع قوي يغزو رأسها،xوتعاسة لازمتها، نهضت هدير من مكانها لفهم الموضوع فهي ضجرت من كثرة المصائب، سألتها:
-حصل أيه تاني يا ماما؟!
بتعابير شاحبة ناولتها سميحة الصور، أخذتها هدير وانصدمت بالطرق المستقبحة التي صوّرها بها، شعرت بدوران كل شيء من حولها فقد رسّخ الأخير فعلته الشنعاء بهذه الطريقة، عادت تبكي بألم وهي تقول:
-أنا اتفضحت يا ماما خلاص، أنا انتهيت!
ثم انقلتوا من يدها على الأرضية، توجهت لتجلس على الفراش تعاني مرارة ما تمر به وهي تتمنى الموت عاجلاً، بينما وقفت سميحة موضعها غير قادرة على فعل أي شيء بمفردها، انزعجت من عدم وجود والدها فحتمًا حين يعلم لن يتركها..
توجهت ناحية التليفون متذمرة رافضة خضوع زوجها له، اتصلت به وانتظرت حتى رد، هتفت بتوبيخ:
-الحيوان ده مصور بنتك عريانة، بيبتزنا، عاوز يكسر مناخيرنا ويجيبنا الأرض، لسه بتفكر تجوزها ليه بعد اللي عمله معاها..

دقيقة واحدة مرت منذ اتصلت، ودخل يزيد عليها الغرفة دون استئذان غاضبًا، تفاجأت سميحة به وكذلك هدير التي نظرت له بانكسار، تأمل يزيد حزنها مكفهرًا، فأشاحت هي بوجهها عنه تنتحب دون توقف، وجه بصره لعمته متسائلاً بحدة:
-موسى عمل أيه؟!
تركت سميحة السماعة من يدها وارتبكت، سألته:
-إنت عرفت منين؟!
تحرك نحوها ثم هب قائلاً بتوضيح حانق:
-كنت جاي اتكلم في التليفون سمعتك بتتكلمي، الـ*** موسى عمل أيه قولي؟!
نظرت سميحة لابنتها بحسرة، اضطرت للرد عليه قائلة:
-خدرها وخطفها من قلب أوضتها، استغل إن محدش هنا واتجرأ ودخل القصر ومش خايف!
كل ذلك لم يبالي به يزيد، بل شغلته نقطة معينة توجس من حدوثها، حالة هدير وشكوة عمته من وجود صور لها، كشف أمامه الحكاية كاملة، التفت بنظراته نحو هدير بوجهها الشاحب، خاطبها بهوادة:
-إهدي يا هدير إنت ملكيش ذنب، أنا جنبك!
تفهم خجلها منه، قال بعزيمة جعلت سميحة تنظر له بمحبة:
-أنا مش هتخلى عنك، ولسه عاوزك
لطفه المستمر معها جعلها تكره نفسها وتلعن يوم ولادتها، ووضعها في موقفٍ كهذا، ولم تتوقف لحظة عن البكاء ثم دفنت وجهها بين ركبتيها، دنت سميحة منه ثم ربتت على كتفه معجبة بشهامته مع ابنتها، قالت:
-ربنا يحميك يا يزيد، جميلك ده مش هنساهولك
تذكر أمر ما وقال بتفهم:
-الموضوع دا مدبر، فيه حد خدرنا كلنا علشان يعمل كده، أنا من شوية كنت بتكلم بخصوص إني مش فاكر نمت إزاي
هتفت سميحة باستنكار:
-معقول بسهولة كده حد يدخل قصر الخياط لو كلنا حتى مش فيه، فين الأمن والخدامين؟!
انتبه يزيد لكل ذلك وأخذ يفكر بحنكة، وحتمًا لن يمر الأمر دون أن يكشف، فبالتأكيد هنا من ساعدهم، لم ينتبه أحد أن السماعة ما زالت مفتوحة، وكل حديثهم استمع له ماهر، ولم يخفي ابتئاسه مما حدث لابنته، ثم أخذ يفكر في حـل................!!
_________________________________

-مالك مترددة كده ليه، زي ما تكوني مش عاوزة تفرطي في كل اللي كتبه باسمك؟
بانفعال قال مراد هذا لـ غزل، التي تتناقش معه في غرفة مكتبه الخاصة بالطابق العلوي، توترت غزل وقالت:
-مش بالظبط، أنا بس مش فاهمة هيروحوا فين؟!
صاح باحتدام:
-إن شا الله يروحوا في داهية، إنتِ مالك، الفلوس الحرام دي مش عاوزها في بيتي
ردت بنية أدهشته:
-سيبني أفكر!
لم يتخيل أن تجادله وترفض التنفيذ، لذا لم يصدق ما تقوله، هتف بحزم:
-لا مش هتفكري، ولما أقول كلمة تتنفذ، بكرة تكوني متنازلة عن كل حاجة للحكومة، أو اتبرعي بيها، المهم تخلصينا منها!
بداخلها رفضت غزل ذلك، فقد تاقت لأن تملك هذه الأموال ويرتفع شأنها، فإذا استغنت عنها، عادت فقيرة، لم يعجبه مراد طمعها في أملاك جاءت من الحرام، شدد من أمره قائلاً:
-أنا بنفسي هاجي معاكِ، وهشرف على كل حاجة
تأففت غزل واختنقت من تعسّفه، وبدت متذمرة، تركها مراد بالمكتب ثم دلف للخارج، بينما وقفت هي تفكر، فقد حُرمت من الكثير، وبالطبع لن تجبر نفسها على العودة للماضي الأليم بفقرها المدقع، غمغمت باستياء:
-معقول هتنازل عن كل حاجة وأرجع زي ما كنت، وكمان هيبتدي يتحكم فيا، بيعمل كده علشان هو اللي معاه وأنا لأ!
ثم حثها فكرها على الرفض، ومحاولة اقناعه بأن كل شيء باسمها وهذا ما أراده القدر، تابعت مبتسمة بمكر:
-ربنا عاوز كده، بيعوضني، ومش معقول هرفض خير ربنا......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
عند هبوطه الدرج انصدم بابنه شريف في البهو يبكي على غير العادة في حضن السيدة هدى، دنا مراد منهما مزعوجًا، سحب ابنه منها ثم خاطبه بصلابة:
-بتعيط ليه، حد زعلك؟
ردت السيدة بحيرة:
-لسه داخل دلوقت وعمال يعيط، حتى حسام مش معاه!
انتبه مراد لعدم وجود ابنه الآخر، سأله بتلهف:
-حسام فين؟!
رد شريف وهو يبكي:
-كنا بنشتري أيس كريم من قدام النادي قبل ما نركب ونيجي، جات عربية كبيرة، خرج اتنين كانوا عاوزين يشدونا فيها، أنا بسرعة جريت وفكرت حسام ورايا، بس أخدوه
ارتعبت السيدة وقالت:
-اتخطف يا مراد!
تاه مراد في شرح ابنه ولم يعي الموقف فقد ظنها خدعة ربما، تابع شريف بأسف ظنًا منه أن أبيه يلومه على تخليه عن أخيه، قال:
-جريت ورا العربية يا بابا بس كانوا خدوه ومشيوا، صدقني مش قصدي أسيب أخويا، أنا باحبه.
ضمته السيدة لها لتجعله يهدأ، بينما وقف مراد هادئًا من الخارج فقط؛ كي لا يرعب ابنه أكثر، زاغ فيما حدث وقال بإدراك:
-أكيد حد عاوز فلوس، بتحصل مع ناس كتير!
ثم نظر لابنه ليهدئه، خاطبه بمدح:
-أنا عارف يا حبيبي إنك بتحب أخوك، ومش قصدك تسيبه
ثم تحرك مراد ناحية التليفون، هبطت غزل الدرج فتعجبت من بكاء شريف، وحالة السيدة التي قالت بأسى:
-حسام اتخطف يا غزل!
دنت غزل منهما مصدومة، سألت شريف باهتمام:
-متعرفش مين عمل كده؟!
لعنت غزل نفسها فسؤالها غبي، زفرت بضيق ثم تحركت نحو مراد مضطربة وهو يتحدث مع أحدهم، انتبهت أنه يخبر الشرطة بذلك، ثم قلقت فالموضوع جدي، حين أغلق السماعة خاطبته بشغف:
-مين يا مراد اللي يعمل كده؟!
نظر للفراغ متحيرا، قال:
-مش عارف، مين ليه مصلحة تخليه يخطف ابني؟!، تكونش حماتي، رجعت تعمل كده تاني علشان حرمتها تشوفهم
رن التليفون فنظر له مراد أولاً، سريعًا رد متلهفًا بقوة، جاء صوت رجل غريب فسأله:
-إنت مين؟!
أخبره الرجل بمتطلباته التي أملاها عليه يوسف بالطبع، دُهش مراد من هذا الطلب الأوحد والغريب، أغلق الأخير الخط وترك مراد مشدوهًا بعدما حذره من إبلاغ الشرطة، تعجبت غزل من حالته التائهة، سألته باهتمام:
-مين ده يا مراد، وعاوز أيه؟!
تصلبت نظراته الغير مفسرة عليها، ومن هذا الطلب الذي لم يتفهمه حتى الآن، قال متهكمًا:
-بيقولي ابنك هيرجعلك قصاد إني أطلقك يا غزل، ولو بلغت أو رفضت مش هشوفه تاني...........!!
_______________________________

جعله ينتظر كالأغراب في الخارج متعمدًا إذلاله والتقليل منه، حيث جلس ماهر في غرفة الانتظار التابعة لمكتب موسى بشركته، مرت ساعة وأخرى وهو هكذا، آلمه قلبه من حقارته معه، وتيقن أنه لن يعترف بما ارتكبه، وسيستمر في إبتزازه الوخيم له، وحق ابنته سيهدر بالطبع..
بعد فترة كانت طويلة أشعرت ماهر بانعدام قيمته، سمحت له مشرفة مكتبه بالدخول، نهض كالذليل كي يلج، وعند دخوله وقعت عيناه عليه ليراه يجلس مستندًا على مكتبه ويضع ساقًا فوق الأخرى، تقدم ماهر منه ليجلس فابتسم موسى بسخافة قائلاً:
-معلش كان عندي شغل مهم، فقولت أخلي اللي مش مهم في الآخر
لم يعلق ماهر على كلامه المثير للحنق بل جلس بهدوء، اغتر موسى وهو يتابع بتعالٍ:
-يلا قول عاوز أيه علشان مش فاضي!
استمرار ما يفعله موسى له غير محمود، قال ماهر باطراق حزين:
-اللي عملته مع هدير بنتي كان أكبر غلط يا موسى
رد موسى بلا مبالاة مزعجة:
-هو أنا كنت عملت أيه؟!، فكّرني كده
لم يرد على سؤاله السخيف، بل خاطبه بغضب يستفيض تدريجيًا على سحنته:
-بنتي هدير أنا باحبها قوي، أوقات بطلع أناني، بس لما باشوفها زعلانة مبقدرش أمسك نفسي، وبنتي فضّلت الموت على إنها تتجوز واحد زيك
احتقن موسى وهتف:
-خلي بقى صورها تلف مصر كلها، ويشوفوا بنت الناس المحترمين وهي من غير هدوم
-هتروح في داهية، علشان إنت اللي عملت كده
قال موسى بثقة:
-لو عملت أيه مش هتقدر تثبت، أحسن لك تقنعها بالجواز، وكمان نسيت أقولك إني مش دافع فيها قرش واحد، جوازة ببلاش، كتر خيري هاسترهالك!
ابتسم ماهر شاكرًا كرم فضله، قال بغموض:
-أنا جاي علشان حاجة تانية
بعجرفة نظر له موسى، بينما بحذر جم أخرج ماهر سلاحه الناري من سترته، قبل أن يشهره في وجهه قال:
-جاي علشان آخد حق بنتي!!
ثم نهض ليقف أمام المكتب، رفع السلاح في وجه وقبيل أي صدمات أو رد فعل من موسى كان قد ضغط على الزناد وأطلق جميع رصاصاته في رأسه وعنقه وصدره، هتف بغلول وكراهية:
-موت يا ***، أنا محدش يكسر بنتي..................!!
x x x x x x x ____________________________
x x x x x x x x x x _____________________
x x x x x x x x x x x xx ________________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-20, 07:04 AM   #127

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية

الفـــصل الــرابع والخمسـون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ

اضطربت أعضاؤها فقد تيقنت ما يفكر به، واستشفت ما سينتويه، سارعت غزل بخطاها خلفه حين صعد للأعلى قاصدًا غرفة مكتبه، عادت لها مجددًا ثم ولجت لتتفاجأ به يُخرج سلاحه الناري من خزنته، رجف قلبها وهي تحدق بالسلاح، ثم تحركت نحوه بتردد، قالت بنبرة مهزورة:
-بـ.. بتعمل أيه يا مراد؟!
كما هو ظل منشغل بفحص السلاح ووضع الرصاص به، وتعابير وجهه مبهمة، وقفت بجواره متخضبة القسمات، وعلى علم بما يدور في رأسه الآن، قالت باندفاعٍ وحماقة:
-يوسف ميعملش كده!
توقف مراد فجأة عما يفعله، ببطء أدار رأسه لها ولاحت في أعينه ضراوة مخبأة، رد كاتمًا تهوره بالأخص عليها:
-لأ هو
ابتلعت ريقها والأمور تتضح أمامها أكثر، جاء مراد ليتحرك فأمسكت بيده لتمنعه بالتأكيد، نظر لها وقد ملأه الغيظ، قالت محتجة بتزعزع:
-مش هتعمله حاجة، وليه شكيت إنه هو؟!
نفض يدها بعصبية وقد تغيّر معها فجأة، هتف بغضب:
-خايفة عليه.....قولي أيه كمان علشان أنفذ يا مراتي!
ما تفعله كان يزيد من غضبه وهي تعرف، لكن بالطبع لن تسمح له بأذية الأخير، ردت بتعليل:
-الموضوع ميتحلش كده، هو هيموت وإنت هتروح في داهية
رد بثقة أخافتها أكثر:
-أنا صاحب حق، وموته حلال
فور نطقه لذلك تحرك مراد من غرفة المكتب وتركها واقفة تصارع كم الضغوطات عليها وأنفاسها مضطربة، امتقع وجهها وهي ترسم في عقلها ما سيحدث مقدمًا، وجدت نفسها تسرع لتلحق به وتردعه عن جنانه الذي تعرفه وهياجه المعروف للجميع وقت يتعلق الموضوع بأولاده..
وقفت غزل بالأعلى تنظر إليه، قبل خروجه من باب القصر صاحت بنبرة عنيفة:
-لو عايز ابنك طلقني، إنما مش هسمحلك تعمله حاجة
توقف مراد عن السير ثم استدار لها ليرمقها بقساوة، غيّرت موقفها للتوسل حين تابعت:
-هو اللي فاضلي، متحرمنيش منه!
ثم تساقطت دموعها ألمًا على ما يحدث، لم يفكر مراد سوى أنها تحبه حد الجنون، ردود أفعالها بالأمور المتعلقة به تؤكد ذلك، لم ينطق ببنت شفة ناهيًا مناقشته في الأمر، فقد حكم وانتهى، أكمل طريقة حين دلف من الباب متجاهلاً ترجيها، انتحبت غزل بشدة ووقفت قليلة الحيلة، راغبة داخليًا في إنقاذ أخيها من بطشه، حين تحركت ناحية غرفتها لترتدي ملابسها تفاجأت بالسيدة هدى بالأسفل تلومها بعدم رضى وهي توجه الحديث لها:
-إنت إزاي كده يا غزل؟!، معندكيش أدنى إحساس
وقفت غزل محلها مدهوشة ثم نظرت بارتباك للسيدة بالأسفل، تابعت السيدة باستياء:
-ابنه مخطوف وسيادتك خايفة على واحد حقير قليل الأدب بيجري ورا واحدة متجوزة وعايز جوزها يطلقها
دافعت غزل عن نفسها بتوتر:
-لأ انا مش زي ما.....
قاطعتها السيدة بتحذير شديد:
-ما تفوقي ودوري على حياتك وحافظي على بيتك، لسه بتفكري في اللي فات ليه، لو عملتي الهبل دا تاني أنا اللي هقفلك!
شراسة السيدة وتحذيراتها وهي تتحدث باتت من العوائق أمامها، ردت غزل بهدوء خارجي:
-حاضر يا خالتي!
ثم توجهت غزل لغرفتها مغلولة من حتى التفكير الجيد، بينما وقفت السيدة بالأسفل مزعوجة من رعونتها، فهي بذلك ستفسد حياتها الزوجية، قالت بضيق:
-هتخربي على نفسك بعقلك الصغير ده.............!!
___________________________________

كان أول من علم بأمر اعتقاله من قبل الشرطة، لذا لم يتأخر السيد رشدي في مؤازرته في محنته، وهو جالس بالصالون وضع سماعة التليفون بعدما ختم حديثه مع أحد الجهات المسؤولة، كان بجانبه يزيد جالسًا، شغوفًا في معرفة مستجدات الموضوع، قال السيد بتنهيدة مزعوجة:
-موسى مات، وعمك محجوز دلوقتي في القسم
خبط يزيد بكفه على فخذه بقوة وقد احتقن وجهه، هتف:
-معقول يا جدي هيتحبس كده، دا كان بيدافع عن شرف بنته.
رد السيدة بنبرة عاقلة متفهمة:
-الأمور ما بتتخدش كده يا يزيد، بس كل حاجة إن شاء الله ليها حل وأكيد مش هنسكت.
تابع السيد آمرًا إياه باقتطاب:
-كلملي مراد خليه يجي، هو بيعرف يتصرف كويس.

هبطت هدير الدرج فزعة وقت علمت من أخيها أكرم، دنت من جدها ويزيد تنتفض ودموعها منسابة على وجهها، انتبها الاثنان لها فقالت بنحيب:
-بابا يا جدي.
جملتها المقتضبة شرحت ما حدث، نهض يزيد ليقابلها شاجنًا من رؤيتها شقية تعيسة هكذا، تأملها السيد بشفقة وقال:
-كويس يا هدير، كل حاجة هتبقى بخير متقلقيش
قلص يزيد المسافة بينهما ليواسيها قائلاً:
-متزعليش نفسك، جدي واقف جنبه ومش هيتخلى عنه.
تابع السيد عنه بألفة:
-وكله علشانك يا هدير
وقفت هدير وسطهم شاعرة بالأمان، رغم ذلك تمنت الموت، ما حدث معها أضعف من هيبتها وأحرجها، أطرقت رأسها في خزي فانتبه السيد وعاد يبوخها بضيق:
-ارفعي راسك، هو إنت عاملة حاجة غلط
رفعت رأسها قليلاً وهي تبكي؛ لكن ليس بقوة عن السابق، ابتسم لها السيد بتودد محبب، وأدخل لقلبها السكينة برقة قلبه، لاحظ أيضًا شرود يزيد في حُسن وجهها فابتسم مستنبطًا أنه يكن لها محبة ما، حدثها يزيد بلطافته المعتادة:
-أخد جزاؤه خلاص، قولي الحمد لله

وقفت سُمية بالأعلى تتابع حديثه الودي معها، ومدى تفانيه في زوال همومها، خاصة التقرب الغرامي المشكوك به تجاهها، استفاض الحقد عليها وباتت تتوعد لهما، لم تعي من تفكيرها الحرد سوى على صوت السيد المهيب الذي زلزل بدنها يقول:
-أجمعلي يا يزيد الخدامين كلهم عندي هنا، لازم أفهم دخلوا قصري إزاي؟!..........
__________________________________

دفع الباب القوي جعلها تنفزع، ليست بمفردها لكن هي والطفل، حدقت فتحية بـ مراد الذي يلج الشقة برهبة ظاهرة، وهي جالسة على الأريكة تحتضن خالد، أمر مراد رجاله بصوتٍ عالٍ اربكها:
-فتشوا الشقة!
بحث مراد بعينيه في أرجاء الشقة، بعدما لم يجده بشقته العلوية، علمت فتحية لما السيد هو هكذا، بالتأكيد جاء من أجل يوسف، صدق حدسها حين سألها مراد بانفعال:
-فين يـوسف؟!
ردت فتحية موضحة بتوجس:
-خد مراته يا مراد بيه وخرج
-فيــن؟
نبرته القوية جعلتها تشرح بنبرة مشدردة:
-أخو مراته اتقتل، وخدها وراحوا يشوفوه
بُهت مراد مما تهذي به هذه العجوز، عن أي أخ تتحدث؟!، سألها بدهشة:
-تقصدي مين، موسى؟!
هزت رأسها لتؤكد اسمه قائلة:
-اللي عرفته من يوسف إن عم حضرتك اللي قتله!
توالت الصدمات على مراد ووقف مذهولاً، فهو آخر من يعلم، كيف هذا؟، انتبه لنفسه وعاد لواقعه هو وما يخصه بالطبع، لمح الطفل خالد بين يديها فصلب نظراته عليه لبعض الوقت، لم تتفهم فتحية سبب تلك النظرات، لكن لم ترتاح لها، بالفعل أمر مراد لرجاله صدمها وهو يقول:
-هاتوا الواد ده؟!
شددت فتحية من ضمه قائلة بهلع:
-عاوزينه ليه، معملش حاجة؟!
سحبه الرجال منها فصاحت تنهرهم وهي تنهض، بكى خالد وأحدهم يحمله، خاطبت مراد بتوسل:
-سيبه يا مراد بيه، دا عيل مالوش ذنب في أي حاجة!
أشار مراد لرجاله بالرحيل والصغير معهم، وجلت فتحية من أذيته، قالت موضحة:
-خالد دا ولد يتيم، ابن مراته مالوش ذنب تدخله في المشاكل بينك وبين يوسف
نظر لها مراد باستخفاف، قال:
-هو كفاية، ولما يجي ابن أختك أنا راجعله، وعاوزك تعرفيه إن الواد ده هيبقى ذنبه في رقبته..................!!
___________________________________

دخلت غرفته دون استئذان وبدت وقحة في تصرفها، تطلع عليها منتصر بجهامة وهو جالس، خاطبها بتعنيف:
-إزاي تدخلي من غير ما تخبطي، فيه واحدة محترمة تعمل كده؟!
لم تبالي واستمرت تتقدم منه، قالت بعصبية مفرطة:
-أخوك قتل موسى، وإنت قاعد كده ولا همك
نهض منتصر من مكانه حانقًا، هتف:
-جوزك غبي، قولتله هتصرف بس باين حب يعمل راجل قدامكم
احتجت على كلامه قائلة:
-بالعكس كبر في عيني وعين بنته لما عمل كده
تهكم من مفهوميتهم المحدودة، قال:
-أهو محبوس بسبب شهامته، روحي إنتِ خرجيه
اغتاظت منه سميحة حين تحرك ليجلب حافظة نقوده متأهبًا للرحيل، هتفت بهياج:
-كله منك، دايمًا بتجره لأي داهية معاك، طبعًا ما إنت معندكش عيل تخاف عليه، بس تستاهل يا منتصر، هتفضل طول عُمرك محروم واسمك هينتهي، بسبب بلاويك السودة، اللي زيك مينفعش يبقاله أثر
رمقها بنظرة مستشاطة من شماتتها فيه، تابعت ضاحكة بسخرية:
-إفضل جمّع في فلوس وأسرقها من هنا ومن هنا وفي الآخر محدش هيورثك غير عيالي
لم يتحمل منتصر وقاحتها أكثر من ذلك، خاطبها بغضب:
-بـــرة، مش عاوز أشوف وشك!
قالت سميحة ما في جعبتها وارتاحت داخليًا، لم تلبث موضعها بل خرجت معتزمة الذهاب لمخفر الشرطة لتقف مع زوجها وتسانده، وكانت مدركة كم الألم الذي ألقته عليه كالسهام بسبب حديثها المتشفي معه، حيث وقف منتصر ضعيفًا لأول مرة، وأجزم أنها محقة، من كانت يُجهد نفسه من أجلها رحلت، أحس بغصة في حلقه ذاق بها مرارة السنوات التي تكبد فيها العناء غير المُجدي، وها هو الآن وحيدًا، وبالطبع سيموت وحيــدًا..............!!
__________________________________

في ظل انشغاله باستجواب الخدم ومعرفة منهم ما حدث الليلة المشؤومة، لاحظ يزيد اختفاء زوجته سُمية، في الفترة الأخيرة بات لا يهتم بوجودها، وتصنعها الحب أمامه جعله ينفر منها؛ لكن غيابها في ظل ظروفهم هذه جعله ينتبه..
ولج غرفتهما ثم تعمق للداخل، أحس بأن هناك غموض في سكون الغرفة، خاصة أنه لم يجد أي من ملابسها معلقة هنا أو ملقاه في أي مكان كعادتها الجهولة، حثه شيء ما داخلي للتوجه ناحية خزانة الملابس، فتحها يزيد وانصدم من خلوها من ملابسها، للحظات اندهش من سبب فعلتها تلك، وبعدها انفكت الخيوط المتشابكة ليعي أنها لربما هي السبب الرئيسي فيما حدث مع هدير، رابطًا غيرتها مؤخرًا، وصداقة والدها مع موسى بالأمر، عداوة وبغضاء انقشعت من نظراته، قال بغضب:
-إزاي ما شكتش فيها، دا مافيش حد غيرنا كان في القصر ليلتها
تعالت أنفاسه الساخطة وهو يضيف بكراهية:
-كنت حاسس إنها عُمرها ما حبتني، فعلا وقحة إنها تساعد في حاجة زبالة بالشكل ده!
ثم بصق يزيد على الأرضية نادمًا على ضياع وقته مع فتاة بتلك الحقارة، مخادعة لعينة، ثم دلف للخارج محتقنًا، يريد الإنتقام من هذه اللعيــنة......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،
لم تستعجب من عطفه نحوها، الذي لطالما يغدقها به، حتى وهي زوجته، نظر لها مراد بشفقة لاعنًا هذا الشيطان في نفسه، لم يُذكرها مراد ببشاعة ما حدث معها، بل قال:
-خليكِ في اللي جاي يا هدير، ويزيد كان كلمني إنه عاوزك، ومش هتلاقي أحسن منه يحبك ويقف جنبك.
ابتسمت بحزن له، قالت:
-يا رتني كنت اتجوزته من الأول، مكنتش هتبهدل كده مع كل واحد.
لم يلومها مراد أو يتضايق من كراهيتها لفترة زواجهما، قال متنهدًا:
-إنتِ كنتِ بنتي، وفعلاً كان جوازنا من الأول غلط، قولت كده بس كلامهم علينا وصلنا للي إحنا فيه دلوقت

انضم يزيد لهما متجهمًا، قال بانفعال:
-سمية هي اللي ورا كل حاجة، بتدبير من أبوها وموسى!
شهقت هدير بصدمة وقد لعنتها من بين شفتيها، بينما لم يتفاجأ مراد، فماذا سيتوقع من فتاة والدها بهذه الصفات الخسيسة؟، قال:
-أنا كنت باقولك أيه، فاكر لما كنت ترجعلها زي العبيط، وتيجي عاوز فلوس علشانها، قلبي حاسس إنها مش بتحبك وبتستغلك، والله أعلم وهي هنا كانت بتعمل أيه تاني.
اقتنع يزيد الآن بتحذيرات أخيه، بالفعل تلاعبت به، قالت هدير بنبرة انتقامية:
-مش عاوزة أسيب حقي، لازم أخده منها، هي اللي ضيعتني كده
رد عليها يزيد بتعطف أحبته:
-من غير ما تقولي يا هدير، الصور اللي بعتها موسى ليكي هتنفع قوي، المحامي قال كده، لأنه بيثبت دفاع عمي عنك!
اغتبطت من ذاك الخبر، تابع يزيد بضيق لطيف:
-المهم قولتلك مش عاوزك زعلانة، قاصدة تعصبيني يعني
وجدت نفسها تبتسم من حديثه، فلم تجد هذا الحب نابع من أحدٍ سواه، كذلك ابتسم يزيد لها وتبادلا النظرات المحبة، لم يروق لـ مراد كل هذا، فابنه مخطوف، قال باستئذان:
-طيب همشي أنا عندي حاجات مهمة هاعملها........!!
__________________________________

انصرم الوقت وهي تنتظر مجيئه بشغفٍ وافر، ساعات طوال وهي جالسة في شقته كانت خلالهما تعسة مرتعدة من حدوث الأفظع، كفكفت فتحية دموعها فهي هنا لتخبره عما حدث وخطف الصغير، ولم تحتمل المكوث بالأسفل دون جدوى..
في لحظة جازمة ولج يوسف الشقة متلهفًا وقد لاح خوفه، لم تكن فتحية بحاجة لشرح شيء فقد وصله الخبر، وهذا سبب حضوره هكذا، خاطبها بنبرة غاضبة:
-فين خــالد؟!
تناوب بكاؤها وهي ترد عليه:
-مراد بيه خده، بيقول إنت خطفت ابنه.
لعنه يوسف بصوت مسموع وقد بدا ثائرًا، الغريب في الأمر خطف الولد حقيقةً، استفاضت عليه علامات الغرابة، هو لم يفعلها، سار للأمام قليلاً زائغًا والأسئلة تتكاثف في رأسه، وأولها، من فعلها؟، قالت فتحية بتأنيب:
-ليه يا يوسف تعمل كده، وديت نفسك إنت والعيل الصغير ده في داهية، ذنبه في رقبتك!
التفت له معارضًا ذلك، قال:
-أنا فعلاً فكرت في كده، بس رجعت في كلامي
حين أنهى جملته اقتربت منه غزل التي حضرت للتو، نظر له متفاجئًا من وجودها هنا، خاطبته بقساوة:
-إنت كداب، محدش ليه مصلحة غيرك
نظر لها بحنق، هتف:
-لا مش كداب، ومافيش حاجة أخاف منها علشان أكدب، الواد فعلاً مش معايا
كزت على أسنانها بقوة مزعوجة من مهاترته اللعينة، هتفت:
-لما الولد يتخطف واللي خطفه يطلب قصاده إني اتطلق، هيكون مين يعني.
تابعتهما فتحية بأعين تبكي، وعقلها يتذكر كم الود المتبادل بينهما، وها هي الآن ترى عداوة سحيقة، خاطبتهما بتريث:
-مش كده يا ولاد، إنتوا إخوات، فين حبكم لبعض.
عن غزل لم تقل من ودها له، وهو الآخر كذلك، هدأوا قليلاً فقالت لها غزل بتكليف:
-سيبينا لوحدنا يا خالتي، عاوزة اتكلم معاه
هدوئهم هذا جعلها تمتثل لذلك، حيث تحركت نحو الخارج وتركتهما، نظر لها يوسف وقال مدافعًا عن نفسه:
-مش آني يا غزل، أنا كنت هاعمل كده بس رجعت قولت لأ
لا تعرف لما أحست بكذبه، قالت:
-مين عاوز مراد يطلقني؟!
رد بجدية:
-أنــا!
تابع سريعًا حديثه حين لمح ضيقها:
-أنا ليا مصلحة، بس معرفش فيه غيري أو لأ
عنفته بطلعة ثائرة:
-هتفضل كده لحد إمتى؟، حبني زي ما إنت عاوز بس مش بالشكل ده
قال بألم:
-نسيتي يوسف يا غزل؟!، حطي نفسك مكاني، لما تتعبي علشان حاجة وفي الآخر حد تاني ياخدها، إنتِ متربية على إيدي
هتفت موضحة بحزن منزعج:
-الحاجة دي لما تكون مبتحسش، لكن أنا ليا بافكر في أيه، ومش هتمتلكني على مزاجك، فوق بقى وعيش حياتك
نظرة عينيه نحوها قتلتها، عاتبها دون أن يتحدث، لامها على كل ما قدمه دون أن يأخذ المقابل، شعرت بالشفقة عليه، هي تحبه ولم ترد إزعاجه بكلامها، قالت بلطف:
-متزعلش مني، أنا واللهِ باحبك، وعمري ما كرهتك
بغتة أمسك بعنقها راغبًا في تقبيلها عنوة فصرخت، قُرب وجهه منها جعلها ترجف بين يديه، نظراته نحوها وترت أعصابها بشدة، قالت بتلجلج:
-أنا متجوزة، وقولتلك باحبه
ضغط على عنقها أكثر فكلامها استفزه، تحملت ما يفعله وهي تستطرد:
-أنا جيت علشان خايفة عليك، وأنا باحبك زي أخويا، ليه مش عاوز تفهم، لو حصلك حاجة مش هابقى مبسوطة أبدًا
ابتسمت بتأمل ويده ترتخي شيئًا فشيء من عليها، قبل أن يبعد يده أمسكت بها وقبلتها بود، قالت بمحبة:
-عارفة إنك تعبت علشاني، أنا باحبك صدقني ومش عاوزة أخسرك
تصفيق يدين كان السبب في ابتعادهما عن بعضهما، حين وقفت ياسمين عند الباب تصفق لهما، توتر يوسف من عودتها وكذلك غزل التي توجست من فهمها الخاطئ، تحركت ياسمين نحوهما وهي تقول ساخطة:
-مشهد رائع، دا أيه الحب ده كله
انتفضت غزل تحتج وهي تصحح لها:
-قصدك أيه، يوسف أخويا!
وجهت ياسمين بصرها له، وتأرّجت منها علامات الشك والغّيرة، قالت بتهكم:
-هي دي اللي بتموت فيها، اللي كنت بتفكر تقتل علشانها
بدت تسخر من غزل وتقلل منها، ولم يُعجب يوسف بذلك، تابعت بازدراء:
-هي أحلى مني في أيه، عينيها ملونة زيي، بيضة، شعرها أصفر، دي واحدة مشغلهاش عندي خدامة
لمحته غزل يرفع يده ليصفعها فوقفت بينهما حائلاً، منعته من ذلك قائلة:
-هي عندها حق، سيبها
استمرت ياسمين في تطاولها بعد ردة فعله التي ازعجتها، قالت:
-ما هي قالتلك عندها حق، ولا فعلاً شبهك، فلاحين زي بعض، إنت متلقش عليا
لامتها غزل على تهورها، ورغم ذلك دافعت عنها حين رأت الشر يتطاير من عين يوسف نحوها، هتفت غزل بجدية:
-أي واحدة مكانها هتعمل كده، هي فاهمة غلط
تحكم يوسف في نفسه، فموت أخيها لن ينهي إذلاله لها، بغيظ سحب غزل من بينهما لتظهر ياسمين كاملة أمامه، رمقها بغضب أفزعها، هتف:
-علشان خاطر غزل بس مش هاعملك حاجة، كفاية اللي إنتِ فيه
تلميحاته جعلتها تحزن وتنزعج في آنٍ واحد، بينما وقفت غزل غير راغبة في مكوثها هنا أكثر من ذلك، قالت متأهبة للمغادرة:
-أنا همشي!
لم تنتظر مقاطعة يوسف لها وأسرعت الخطى نحو الباب، قبيل معرفة مراد بتلك الزيارة، لم تتجرأ ياسمين على التفوه بكلمة وهي بمفردها فهي تعرف غضبه، حذرها بحنق:
-دورك معايا ما انتهاش
جملته المبهمة جعلتها تتحير، لكن ارتاحت حين تحرك نحو الصالون يريد التحدث في التليفون، وقفت تتابعه بهيئة كالحة، مدركة أنه لا يحبها، تصرفاته اليوم حين علم بمقتل أخيها جعلتها تتأكد من ذلك، خاصة عدم مبالاته، ووجود هذه الفتاةx هنا سعّر من غيرتها، وبالطبع لن تتركه لها، هي الآن بحاجة لملمس دافئ يحتويها بعدما أضحت وحيدة، تكن الحُب لــه...................!!
___________________________________

دائبت على مساندة والدها وهو يتنقل من مكانٍ لآخر، برفقة يزيد الذي لم يتخلى عنها للحظة، وبفضل جده سمح الضابط لهما بالتحدث معه لبضع دقائق معدودة..
فور لمح هدير له ركضت عليه متلهفة، ارتمت عليه فضمها الأخير بشدة، قالت:
-شدة وتزول يا بابا، إحنا جنبك
ابتسم بألم وهو ينظر لـ يزيد، ابتعدت هدير عنه فتوجه ليجلس، جلسوا بجواره فتابعت:
-ماما استنت كتير علشان تشوفك لما توصل هنا، بس قولنا لها تروح لأنها تعبت، هتجيلك تاني
هز رأسه متفهمًا، اردفت هدير بتفهم:
-المحامي طمنا، وإن شاء الله خير
قال ماهر بصوتٍ أبح:
-كان قالي إن ممكن يكشفوا عليكِ و...
لم يكمل؛ كي لا يحرجها، ارتضت بقدرها وقالت:
-اعمل أي حاجة يا بابا، طالما هيكون في صالح موقفك
وجه ماهر حديثه لـ يزيد قائلاً:
-صحيح يا يزيد هتجوز هدير؟!
نظرة هدير المترقبة له جعلته يبتسم، فما أحبه هو أن توافق عليه وتتقبله، قال:
-هدير لو مكنتش صغيرة يوم ما اتجوزت كنت اتجوزتها هي، بس القدر بقى!
ابتسمت فهي ما زالت بالفعل صغيرة، لكن ليست كالسابق، ويكبرها هو بعقد كامل، بينما جلس ماهر كئيبًا، مرض والده جعله قليل الحيلة، لا يدري يزيد كيف استنبط ما يفكر، قال:
-جدي موصي عليك قوي، وقال مش هيسكت غير لما تاخذ لو حكم مخفف، لأن التاني جاني مش ضحية
في درف هذه الظرف المتناء، سألت هدير ببلاهة عجيبة:
-هو أنا أيه ظروفي، هكمل عدتي ولا ليا عدة جديدة.........!!
__________________________________

بعد رجوعها من مخفر الشرطة جلست سميحة بالردهة متعبة، قالت لنفسها بحسرة:
-كان مستخبي دا كله فين بس، المصايب جاية ورا بعض، فين أيام الفرح والعز، والحفلات
تنهدت بألم فهي بالأساس غير مرتاحة هنا، تعودت على قصر والدها، ودائمًا ما كانت تلقى الرفعة والدلال، وغناج والدها لها، تحسرت على كل ذلك (فسبحان مغيّر الأحوال)..
لفت انتباهها وهي جالسة منتصر يدخل من الباب، لكن ليس بمفرده، من معه جعلها تنهض مترقبة ما سيحدث، تعمق منتصر للداخل وهو يدفع الكرسي المدولب الجالس عليه والده أسعد القعيد، نظرت له سميحة غير مصدقة ما وصل إليه، ولم يحن قلبها لذاك منظر، وقف منتصر في منتصف الردهة ينظر لها، خاطبها بطلب:
-يلا علشان تساعديني
نظرت له باقتطاب، معلنة تذمرها، هتفت رافضة:
-أساعدك في أيه، عندك الخدامين!
امتعض من أسلوبها الغليظ، قال:
-دا عمك، يعني أبو جوزك، من الأصول تهتمي بيه، مش شايفة حالته، ولا عاوزة الغُرب يشوفوا طلباته
تدللت سميحة ثم جلست غير مهتمة، قالت دون النظر إليه:
-دا أبوك مش أبويا، وكمان مش شغلتي اعمل كده
احتقرها منتصر وهو يقول:
-فعلاً عديمة الأصل، ومش مستغرب
أدارت رأسها له ترمقه بغيظ، تابع باشمئزاز:
-أبوكِ كان كده برضوه
نهضت سميحة مجددًا غير راضية عن إهانته لها ولوالدها، هتفت:
-أبوك إنت اللي معندوش ضمير، اللي بيكره أبويا طول عُمره، اللي كان السبب في موت أخويا، حلال فيكوا اللي بيحصل لكم
تكررت شماتتها فيه وفي عائلته، أثار حنقها حين رد عليها:
-فعلاً اللي بيعمل حاجة وحشة بتقعدله، زي بنتك كده واللي حصل معاها، وجوزك، هو مش أخويا بس، يعني الهم طايلني وطايلك
تبدل ملامحها للعبوس جعله يدرك أنه نجح في اغضابها، تحرك منتصر بوالده نحو الدرج، نظر له فوجده لا حول ولا قوة، فقط يحرك عينيه، ويستمع ويفهم ما يدور؛ لكنه مقيد الحركة، انحنى منتصر بجزعه ليحمله بين ذراعيه بحذر، ثم بهدوء صعد به الدرج، تعقبته سميحة بنظرات باغضة، غمغمت بقلة ذوق:
-ناقصة أنا أخدم واحد مشلول على آخر العُمــر.....!!
___________________________________

من حظها الجيد حين جاءت لمقابلته، أنها وجدته يدلف من بوابة قصره، انتهزت ياسمين تلك الفرصة السانحة وأخذت تناديه:
-مراد بيه استنى!
صوتها تنادي باسمه جعله يقف بالسيارة أمام البوابة مباشرةً، تحركت ياسمين نحوه مرتدية ثياب محتشمة سوداء، وقفت عند باب السيارة المواجه له فنظر مراد لها باستغراب، تابعت:
-أنا ياسمين أخت موسى!
ظنها مراد جاءت من أجل قتل عمه لأخيها، لم يتعطف مع رحيل الأخير مطلقًا، قال بعدم رغبة في ذكر سيرته:
-أخوكِ يستاهل، وعمي ردة فعله كانت طبيعية من واحد بوساخته، آه مش بحلل قتله ليه والحكومة تتصرف، بس هنعمل أيه أخوكِ كان هيطلع منها.
علم ياسمين بسبب قتل أخيها جعلها تشمئز منه هي الأخرى، لم يكن ذاك سبب حضورها فقالت موضحة:
-مش دا الموضوع اللي جاية علشانه، جاية بخصوص مراتك
لم يتفهم مراد ربط غزل بها وبأخيها، لذا ترجل من السيارة جادًا في الحديث، توترت ياسمين فصلابته لها رهبة غير عادية، خاصة حين سألها بنبرة قوية:
-مالها مراتـي؟!
رغم أنها خططت جيدًا لهذه المقابلة، إلا أنها ارتبكت، فما ستقوله فظيع ولن يتقبله بسهولة، نظرات انتظاره جعلتها تقول بتهور:
-إبعد مراتك عن جوزي
قلّب مراد الموضوع في رأسه ليفهم حديث هذه الرعناء، تذكر أنها تزوجت بـ يوسف، تعاظم غضبه عن السابق، وهتف محتجًا:
-هو اللي بيجري ورا مراتي، وخطف ابني قصاد طلاقي منها
انصدمت ياسمين فالأمر جدي، هتفت باغتياظ:
-مراتك بنفسها كانت في شقتي، وهما الاتنين نازلين حب في بعض، شوية وكنت هلاقيهم في أوضة نومي
رغب مراد في صفعها وتعنيفها على اتهامها القذر لزوجته، هتف بغضب مدروس:
-قد كلامك ده، لو غلط ها......
قاطعته بطيش:
-عندك اسألها ليه جاية عندنا، تلاقيها متفقة معاه يخطف ابنك علشان تطلقها وتاخده مني، بتضحك عليه وبتلعب بيك
فاق الأمر تحمل مراد وتعالت أنفاسه الهائجة، بينما رحلت ياسمين بعدم مسؤوليتها تاركة بركان على وشك الإنفجار خلفها، سخن وجه مراد من مجرد استماعه أنها تخونه معه، ركب السيارة مجددًا ثم تحرك بها للداخل يقتله الوقت ليصل للأخيرة ويستفهم منهــا......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في غرفته توسلته غزل وتحايلت؛ كي يأكل، ناولته الشطيرة وكوب العصير قائلة بتحنن:
-كل يا شريف، حبيبي إنت مكلتش حاجة
نظر لها بحزن كبير، قال:
-يا ترى حسام بياكل؟!
أحبت غزل محبته العظيمة لأخيه، مسدت على ظهره قائلة:
-أكيد بياكل، كل إنت كمان

-جايبة الثقة دي منين؟!
نطق مراد سؤاله وهو يلج، فهل تعلم أين هو؟، بينما لم تفهم غزل مقصده من السؤال، قالت بقلب واجف:
-عملت أيه يا مراد؟!
شغلها معرفة مكان الصبي، خاصة وأن يوسف ليس بخاطفه، وقف مراد أمامهما ثم سأله بجمود مقلق:
-خرجتي النهار ده؟
تملك منها ارتباك مفاجئ، سرعان ما بدلته بثبات، قالت بحذر:
-أيـــوة
ثم نهضت لتقف أمامه، سألها كالمحقق:
-روحتي فين؟
سؤاله جعلها تتيقن أنه علم بذهابها لـ يوسف، وبالطبع هو من الداخل غاضب من ذلك، قالت معللة:
-روحت أشوف يوسف ليه دخل بخطف حسام ولا لأ
هز مراد رأسه يستمع لها، توترت من ذلك فهذا يعني أن تكمل حديثها، تابعت بشرح:
-قالي مش هو، وحلف كتير
سكوت مراد دب في قلبها هلع غائر، فصمتت متعمدة، قال ساخرًا:
-كملي............واتكلمتوا في أيه تاني؟!
سألته غزل بتعجب من أمره:
-بتتكلم كده ليه يا مراد؟!
رد ببرود عجيب:
-طريقتي لحد دلوقت حلوة
لم تتفوه غزل ببنت شفة؛ خيفةً منه، اردف مراد بحنق يتفاقم:
-مش قولت قبل كده ممنوع تخرجي من غير إذني، أو حتى تروحي عند البني آدم ده، ليه بتعصي أمري!
حقًا حذرها سابقًا، لكن نتيجة خوفها على يوسف جرفتها لعصيانه، قالت برهبة:
-كنت عاوزة أعرف ليه دخل أو.....
صفعها بقوة فصرخت مصدومة مبهوتة من ردة فعله، انكمش شريف في الأريكة متوجسًا، فلأول مرة يراه شرسًا هكذا مع غزل، قبل أن تلومه صفعها على الجانب الآخر بعنفٍ أشد وكادت أن تسقط، ثم وقف باردًا يتطلع عليها، وحل لنفسه فعل ما يشاء بها، وضعت غزل يدها على فمها شاجنة، أنبته بأعينها وهو يعيد الكره معها، تعلم أن رعونتها سببًا تليدًا في تطاوله عليها، لكن لن تقف هكذا مقيدة تأخذ وضع المتفرج، قال مراد مستهزئًا:
-أيه زعلتي؟!
قبل أن تعلن عن حالتها تمكن من شعرها القصير إلى حدٍ ما وقبض عليه بضراوة، ثم سحبها لتتحرك معه ناحية الباب، هنا استغاثت قائلة:
-هتعمل معايا أيه يا مراد، إبعد عني.......حد يلحقني
ارتعد شريف وهو يجرها بطريقة ذليلة، وظل مكانه خائفًا غير متفهم سبب تحول أبيه المفاجئ.
بينما في الخارج سحبها مراد نحو غرفة مكتبه، هتفت بنحيب:
-مراد هتعمل معايا أيه؟
لم يرد عليها بل وقف بها عند المكتبة المعلقة وضغط على زر ما، دُهشت غزل وهو يفعل ذلك، تأججت دهشتها حين انفتح الحائط كأنه بابًا، ظهرت غرفة واسعة ومن شدة ذهولها كانت مستسلمة وهي تدخل، حين ولجا معًا انغلق الحائط، فاقت غزل هنا وانتبهت، ارتعبت وهي تسأله:
-أيه المكان ده، هتعمل فيا أيه؟!
بغل دفعها لتسقط على الأرضية فوجعها ظهرها وأنّت بخفوت، قال بتجبر:
-هتفضلي هنا لحد ما تعفني، ومحدش في الكون كله هيعرف عنك حاجة لو فضلتي تصرخي
ارتعشت غزل رافضة ذلك، هتفت بترجٍ:
-كل ده ليه، ارحمني؟!
تحرك مراد ليفتح الباب بسرية لم تستشفها، نهضت غزل بصعوبة لتلحق به لكنه أسرع منها حين خرج وانغلق الحائط عليها، صرخت:
-مـــرا....
بتر صوتها وبات لا يسمع استجدائها، لم يرحمها قط، وبتحجر توجه ليخرج من الغرفة، قابلته السيدة على الباب ثم نظرت خلفه، سألته بجدية:
-فين غزل يا مراد؟!
ادعى جهله وهو يرد:
-مشيت ومعرفش راحت فين
استنكرت السيدة كلامه ثم ابعدته لتمرق للداخل، تجولت بنظراتها على الغرفة كلها، لم تكن موجودة فتعجبت، التفتت له تقول:
-أنا شيفاها داخلة معاك هنا، راحت فين؟!
رد ببرود مستفز:
-قولت معرفش، خرجت
ثم تحرك للخارج فلحقت به مزعوجة، هبط الدرج سريعًا قاصدًا التليفون، نظرت له السيدة من الأعلى بقلة حيلة وتعجب، تركته يتحدث في التليفون وتوجهت ثانيةً تبحث عنها في كل مكان بالطابق العلــوي..

على التليفون، حين رد الأخير عليه، قال له مراد بسكون غريب:
-غزل والولد قصاد ابني، بكرة هقابلك على الطريق الصحراوي
تعثر على يوسف فهم ما ينتويه من هذه المقابلة، خاصة وأنه أخبر غزل أنه لا يعرف أين هو؟، وبالرغم من ذلك لم يخبره يوسف أنه جاهل لمكان ابنه، تابع معه الحديث بمكر، قال:
-موافق، وابنك هيكون معايا!
تماسك مراد ولم ينفعل الآن، لتتراكم ضراوته حين يلقاه، أغلق مراد السماعة وجلس باطراق مهلك على الأريكة، عدم وجود ابنه معه جعلها بحالة كظيمة، يرى النيران تندلع من حوله وتأكله، حد أنه شعر بسخونة جسده، منتويًا دون تردد أن يتخلص منه فقد طفح الكيل من مداومة تنغيص حياته، بل وبالأحرى ملاحقته لزوجتـــه....................!!
x x x x x x xx _________________________
x x x x x x x x x x ___________________
x x x x x x x x x x x xx ______________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-20, 07:06 AM   #128

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية

الفـــصل الخامس والخمسـون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

بأناقة وضعت طبق الفاكهة أمامه على المنضدة الصغيرة، ثم جلست بجانبه مبتسمة وقد استجادت معاملته المبتلة برحيق دعابته، وباتت تتسلى حين استعاض جفائه بتلطفه معها، تدفقت مسرتها مع ابتسامتها الودودة له حين باشرت بالحديث قائلة:
-عملت اللي إنت عاوزوه، مبسوط مني؟!
أعرب عن إعجابها بطاعتها قائلاً:
-وعلشان بتسمعي كلامي هتلاقيني متغيّر معاكِ خالص.
ملأها فرح غير مسبق، فنظراته نحوها أدخلت السعادة لقلبها، خاصة أنها استشعرت صدق بُغضه لـ غزل وزوجها، لكن حيّرها سؤال واحد، تجرأت وسألته:
-طيب ولما يشك فيها ويطلقها، هتستفيد أيه؟!
تنهد يوسف ثم سحب ثمرة تفاح من الطبق، التقم قطعة، وقال وهو يلوكها باستمتاع:
-هاستفيد إن مشوفش مراد فرحان يوم واحد، علشان مبحبوش، ومبطقهوش!
ترقبت ياسمين أن يتحدث عن غزل، لكن حاذر في ذلك، تطفلت وقالت:
-طيب وغزل؟!
نظر له بمغزى وقال مبتسمًا:
-بتغِيري منها؟!
بالفعل ظهرت غِيرة ياسمين، قالت:
-أيوة، مش إنت جوزي ولازم أغِير!
استفاض صدق يوسف في كل كلمة، حين قال بجدية:
-غزل حبيبتي، وباحبها، وعلشان حبي ليها احترمت رغبتها إنها شيفاني أخوها، هي ملهاش ذنب!
استفهمت ياسمين باندهاش ممتزج بالضيق:
-وليه شاغل بالك بيها بقى؟!
توقف يوسف عن أكل ثمرة التفاح، وضعها أمامه وهو يزفر بقوة، قال:
-قولتلك طول ما هي مع مراد مش هخليهم مبسوطين، هو السبب في كل حاجة وحشة حصلت معايا، خدها اتجوزها وانبسط معاها وأنا بداله عيلتي راحت، مراتي وابني ماتوا، اتبهدلت بسببه
جهلت ياسمين الكثير عن ما حدث قبيل معرفتها به ولم تتعمق في الاستفسار أكثر، جاء الصبي على ذهنها فاستفهمت:
-والولد، حقيقي مش إنت اللي خطفته زي ما قولت لـ غزل؟!
زين ثغره بسمة عابثة وهو يرد:
-كان كلامي مظبوط، مش انا اللي خطفته، دا واحد بيشتغل عندي
ابتسمت ياسمين من مراوغته للجميع، قالت:
-خايفة عليك، ممكن يأذيك، أنا لما كنت بتكلم معاه حسيته شخص قوي، ومش سهل تلعب عليه
أمامها أبان يوسف عدم مبالاته، لكن من الداخل كان قلقًا، خاصة من مواجهته، قال:
-كل واحد وليه عُمر!
تأملته ياسمين بحب لاح معه خوفها عليه، رغم ذلك تركته على راحته، فهو أعلم وأعقل ليرى الأصح، لذا قالت:
-طالما كده هتاخد حقك منه أنا معاك
ثم أسندت رأسها على كتفه ظاهرة تأيدها له، وطامعة في اغداقها من محبته، حاوطها يوسف بذراعه لتضحى رأسها على صدره، لم ينكر أن هذه الفتاة مطيعة، بعكس أول مرة رآها فيها، أيضًا تشفيه في أخوها أقبع ثورة غضبه إلى حدٍ ما في الثأر منه مستغلاً إياها، وبعد مماته سيأخذ حقه المسلوب من خيانته الضارية التي نهشت عرضه وشرفه، اضطغن يوسف من وقاحته وقناعه المزيف بالود، ولم يعلن بتاتًا ما يضمره أمام ياسمين، فخاطبها باحتراز:
-محامي موسى كلمني علشان توزيع الورث.............!!
___________________________________

استقبحت ما فعله أمام ابنه، كيف له أن يعنف الأخيرة بتلك الطريقة المبغوضة، انزعجت السيدة هدى من عدم مسؤوليته، وتهوره المعتاد غير منتبهٍ لما أحدثه في نفسية الصبي، وأخذت وقت لتهدئه فقط عن مدى ارتعابه من والده، حين أخذته للفراش ليغفو وهي بجانبه تدعوه للنوم، وجدت صعوبة في ذلك لتخاطبه بلطف:
-نام يا شريف، الوقت اتأخر ومش عوايدك تسهر!
نظر لها بحزن وهو منكمش في فراشه، قال:
-بابا قتل غزل!
تموج قلب السيدة برجفة مفاجئة، قالت مستنكرة:
-مراد بيحبها، هو ميقتلهاش مستحيل، ليه بتقول كده؟!
دثر نفسه بالغطاء أكثر، قال وهو يرتعش:
-طيب هي فين؟، هي مخرجتش زي ما قال، هي هنا!
كان ذاك السبب الأوحد في تعجب السيدة، هي رأته يأخذها لغرفة المكتب، واختفت بداخلها، شردت في ذلك، وخشيت أن يكون قد أذاها كما يقول الصبي، ابتلعت لعابها القلق ثم التفتت لـ شريف قائلة بتحنن:
-طيب نام إنت وأنا هفضل وراه لحد ما يقولي هي فين!
انفرجت بسمة وجهه وبات متهللاً، قال:
-علشان خاطري يا تيتة متسبيش غزل، أنا بقيت لوحدي، حسام وهي سابوني!
شجنت من تألم الصبي من ذاك الأمر، وأخذت تمسد على رأسه بتعطفها الدائب، حتى غلبه الوسن ودخل في ثبات عميق..
تنهدت السيدة بهدوء حين اطمأنت عليه، ثم نهضت من جانبه تاركة إياه بمفرده؛ كي لا تزعجه وتجعله ينام أطول فترة، اوصدت السيدة الباب خلفها بهدوء شديد ثم سارت تبحث عن مراد في القصر، فهي لن تمرر الليلة دون أن ترى غزل، وإن حتى وصل الأمر لمقاطعته وتبرأها منـــه.....................!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بأرضية الحديقة استلقى مراد على ظهره يحدق بالسماء، الظلام عانق أفكاره وأخذ يسبحا معًا، فانعزل عن ما حوله زائغًا فيما يحدث وما سيكـون، ما سينفذه غدًا بالطبع سيقلب الأوضاع، ولربما تنفر غزل منه، لم يعطي ذلك السبب اهتمام أكبر، هو سيجبرها على طاعته، يعرفها تحبه، وما قالته الفتاة له لم يصدق كلمة واحدة منه؛ لكن ما يزعجه بالتأكيد، هو يوسف، أصبح كالعلقم حين ينطق اسمه على لسانه..
لم يفتقر ذهنه أن يفكر بها، فهي سبب ما هو عليه، ويتساءل، كيف هي حالتها الآن في الغرفة المظلمة؟!، ليست هكذا بالطبع، فهي بها إنارة وأثاث، جهزها خصيصًا كغرفة سرية، بها خزنة خاصة به، يجمع بها أمواله التي تكبد العناء ليحصل عليها، ونتيجة حبسه لها جاءت لسببين، أحدهما ستشعر به هي، فقد جعلها تتذوق من نفس كأس ابنه، حتمًا يجلس بمفرده ويتخيل أشياء قبيحة، وجعه قلبه وابنه يعاني، وفي مكان تغيب عنه أعينــه..
توقف شرود مراد عندما انتبه لوالدته تقف عند رأسه وتخاطبه:
-فين غزل؟!
طلعتها الحازمة والحانقة جعلته يعتدل جالسًا محله، نظر لها لا يريد الرد، فاشتد غضبها وهي تتابع:
-قوم هاتها، ودلوقتي؟!
كما هو حاذر في كلامه، ثم نهض واقفًا أمامها، قال:
-قولت خرجـ.....
قاطعته محتجة على كذبه، هتفت:
-لا هنا مخرجتش، روح هاتها
من هيئته كان مراد رافضًا أن يخرجها، بالأخص حاليًا، قال:
-لأ يا ماما!
لم تحبذ ما ستفعله لكنه أجبرها، بخفة صفعته على وجهه، رغم عدم قوة الصفعة أصابت مراد بالضيق والصدمة معًا، لم يوبخها أو يلومها على ذلك، بل قال ببرود:
-أول مرة تضربيني يا ماما، ومعملتيهاش وأنا صغير حتى!
ندمت السيدة على ذلك، ولم تعلن أمامه، بل قالت بنبرة متشددة:
-عاوزة غزل دلوقت، دي بنت أختي ومش هسمحلك تأذيها، دي من ريحتها ولازم أحافظ عليها
احترمها مراد كعادته حتى بعد ضربها له، قال:
-مش هينفع، غزل لازم تفضل مختفية لحد ما أرجع ابني!
-ليـه؟
سألت بعبوس وكأنها معترضة، قال موضحًا:
-غزل متعلقة بـ يوسف، وأنا مش عاوزها تحضر يوم ارجع ابني منه، ممكن يحصل بينا خناق، زي قبل كده، وممكن أنا وهي نزعل
قالت مستنكرة:
-يعني لو عرفت بعدها مش هتزعل إنك حاولت تأذيه
قال بتعقل:
-هقول أي حاجة، وهي بتحبني وهترجع ليا، وكمان أنا مش هقتله يعني
سألت باهتمام شديد:
-هتعمله أيه يا مراد؟!
سكت للحظات يحسم أمره في ذاك القرار، قال:
-هو اشتغل في الممنوعات، يعني سجنه هو الحاجة الوحيدة اللي هتريحني منـه وللأبد!
لم تختلف معه السيدة، ووافقته ما يفكر به، ورغم ذلك احتجت على حبس غزل، قالت:
-طيب هات غزل وأنا بنفسي مش هخليها تخرج من الفيلا
جاء مراد ليرفض فقاطعته بتصميم:
-علشان شريف اللي ضربتها قدامه، الولد طول النهار مكلش وخايف منك، بيقولي إنك قتلتها
تذكر مراد أمره، لعن غبائه فلم ينتبه له، سألها بقلق:
-أنا كنت متعصب ونسيت إنه كان موجود، هو عامل أيه؟!
ردت باستياء وما حدث للصبي يمر عليها:
-عيط كتير، وكان مرعوب قوي، بيقولي ضرب غزل جامد قدامي، وكان خايف تضربه، بصعوبة خليته ينام علشان وعدته أخليك تجيب غزل.
نفخ مراد بحنق وابنه يظنه متوحشًا، من أجل ذلك فقط وافق على إخراج غزل، قال:
-طيب اتفضلي خليكِ جنبه وأنا هجيب غزل......!!
_________________________________

تلذذ وهو يستمع لتلك الأخبار السارة عبر التليفون من أحد رجاله بالقاهرة، أحب جاسم المشاحنة المتبادلة بين يوسف ومراد، قال للمتصل بمفهوم جاد:
-خليك متابعهم، ولما تطمن إن يوسف خلصنا منه تكلمني، علشان أنزل مصر وأخلص على التاني
ثم أغلق جاسم السماعة مبتسمًا باتساع وكل شيء يحدث كما تمنى، غمغم بتشفٍ:
-كان نفسي يخلصوا على بعض، بس ملحوقة، كفاية عليا واحد، اطلع غيظي كله فيه
ثم ضحك بخفوت وهو يتخيل قتله لـ مراد، وكذلك حصوله على غزل، بكل ما تملك، تشوق لذلك مرددًا:
-منكرش إنك عجباني يا ست غزل، وعلشان كده هاخدك مع كل حاجة، وهنسيكِ كل اللي فات وإنتِ معايا.
انتبهت الفتاة الجالسة على البار برفقته تشرب الخمر مثله، سألته بفضول:
x -Who are Gazal you are talking about?
(من هي غزل التي تتحدث عنها)
أدار جاسم رأسه لها حين استشفت الاسم من بين كلامه العربي، ابتسم بمكر وقال:
-It is a delicious food famous in Egypt
(إنها أكلة لذيذة مشهورة بمصر).
مطت شفتيها قليلاً للأمام، فتابع مضيقًا نظراته الخبيثة:
-I was eager to have it and enjoy its taste.
-(تشوقت لأن أحصل عليها واتمتع بطعمها).
قالت رافعة حاجبها باندهاش:
-Is it that delicious?
-(هل هي لذيذة لهذا الحد؟)
رد مؤكدًا ببسمة رائعة:
-Above what you can imagine.
-(فوق ما تتخيلي).
وجدها مهتمة بحديثه، وبالأحرى أراد أن يجعلها تأتي لمصر معه، خاطبها بتودد:
-Would you come with me?
-(هل تأتين معي؟).
هزت رأسها مبدية موافقتها لتذوق هذا الطعام الذي يمدحه، فظهرت أنيابه من ابتسامته الصفراء التي تخفي خلفها دهاء غير مكشوف، لامس بشرتها بأنامله وقال بتلميح داهية:
-I'm sure, When you're in Egypt, you'll love to stay in it forever.....!!
-(متأكد عند وجودك في مصر، ستحبين المكوث فيها للأبد.........!!
___________________________________

ظلمة المكان جعلتها تزحف منكمشة في جانب ما لم تعي ما هو، لكن أسندت ظهرها خلف ما يشبه المقعد، ارتعبت غزل وهي تتخيل قدوم الحشرات والزواحف نحوها، خاصة الفئران فهي تشمئز منها، حين دخلتها لم تستطع رؤية المكان جيدًا وما تحويه الغرفة، ولم يغلبها حتى النوم لتظل متيقظة وخائفة.
خوفها الغفير جعلها حتى لا تبكي على ضربه لها، فقد تضايقت منه، وللحظة عاقلة منها تفهمت أنها أخطأت، فعلت ما لا يرضاه وهي تعلم العواقب، وتمادت في خطئها وما فعله ردة فعل لربما قاسية، قالت في نفسها بتأنيب:
-كده يا مراد تسيبني هنا وأنا هموت من الخوف
حقًا كانت تنتفض رعبًا وهي تترقب أن تلامسها الحشرات، أو يخرج من الظلام شبحًا ما، أحست بتنمل في جسدها، لذا نفضت هذه الهواجس من عقلها.
تحيّرت غزل، وتابعت في نفسها مستفهمة:
-هيسيبني هنا قد أيه، هو ممكن من زعله مني ينساني هنا؟!
ابتلعت ريقها في خوف، واستمرت صامتة لا تحدث ضجة في المكان، فأصبح الغرفة في سكون مريب مخيف.
فجأة أحست بالحائط يتحرك، دق قلبها بقوة والنور ينبعث من الخارج لينتشر في الغرفة تدريجيًا، حدقت بالضوء وعندما دار الحائط وظهر جزء من غرفة المكتب ذاب خوفها قليلاً، وبسرعة جنونية نهضت غزل لتركض؛ كي تخرج منها، عند الفاصل بين الغرفة والمكتب اصطدمت بـ مراد أمامها، شهقت متفاجئة ونظرت له وكانت هيئتها مرتعبة، نظر لها مراد بسخرية ثم دفعها لتلج الغرفة مجددًا، قاومته لكن هيهات فقد تمكن منها، هتفت بتوسل:
-خرجني يا مراد، هموت من الخوف هنا!
تحرك مراد ليضيء الأنوار قبيل أن ينغلق الحائط كاملاً، ارتاحت غزل وأخذت تمرر نظراتها على ما حولها، الغرفة نظيفة وتحوي أثاث رائع، قال متهكمًا:
-لسه خايفة؟
التفتت له وبنظراتها عبرت عن قبولها للمكان، توجه مراد للجانب متعمقًا داخل الغرفة، تتبعته غزل وسارت خلفه، وقف عند خزنة كبيرة جدًا، وضع يده عليها وقال:
-كل فلوسي هنا، حتى مجوهرات ماما، جدي اداني كل حاجة
تعجبت غزل من حديثه، فهل يثق بها لهذا الحد؟، قالت:
-كلامك ده معناه إنك واثق فيا قوي، وباين محدش يعرف بكل ده
توجه ليجلس على أحد المقاعد، رد دون النظر إليها:
-مش مراتي، وحبيبتي، لازم أقولك
تهللت غزل ثم تحركت عنده مبتسمة، حين جلس مراد جلست على الأرضية أمامه، قالت:
-إنت كمان حبيبي
مد يده لتلامس أسفل ذقنها وفي نفسه عاتبها على عدم طاعتها له، أحست غزل بذلك وكانت تلوم نفسها، خاصة أنه ينفعل عليها، قالت قاطبة الملامح:
-اتبهدلت على إيدك إنت وبس، مع إني مش عاوزة غيرك، إنت الراجل الوحيد اللي حبيته.
قال بهدوء غريب:
-مش هتكلم كتير، إنتِ غلطانة يا غزل!
اومأت متقبلة ذلك، استفهمت بقلق:
-هتسيبني تاني هنا، ولا خوفت عليا وهتخرجني معاك؟!
زفر مراد بقوة ثم نهض، توترت غزل وظنت أنه سيتركها، نهضت على عجالة، وخاطبته بترقب:
-مراد هتسيبني؟!
نظر لها مطولاً وهي تنتظر بشغف أن يقول لا، قال مستهزئًا:
-خايفة ليه، مش بتحبي الفلوس، ما أنا هسيبك معاها أهو، بس دي كلها من الحلال.
فطنت تلميحاته على أموال أنيس، قالت بحماس مفاجئ:
-مش عاوزة أي فلوس، هاعمل اللي تقولي عليه، أنا فعلاً طمعت في الفلوس دي، بس خلاص، والله مستغنية عنهم، سامحني وخرجني!
فرد ذراعية داعيًا إياها لتدخل في أحضانه، لم تصدق غزل وتحركت في لمح البصر لتحتضنه، أمسك مراد برسغيها ثم لفهما خلف ظهرها، لم تتفهم غزل ما يفعله حتى كبلها بقيود حديدية، شهقت بصدمة ثم ابتعدت لتنظر له، قال بجدية:
-هتخرجي، بس هتفضلي كده علشان ممنوعة من الخروج من القصر كله!
استنكرت أن يفعل معها هذا، فقالت:
-إنت مجنون، حد عاقل يعمل كده
وجد نفسه أحمقًا أن يفعل ذلك، لكنه خشي أن تخرج كعادتها من خوفها على الأخير، فهي عنيدة وقد تحمل ذلك كثيرًا، تابعت:
-مش هخرج، وعد يا مراد
قال رافضًا:
-لا يا غزل، أصل لو عملتيها مش بعيد اقتلك، وأنا باحبك وعايزك
ثم دفعها لتتحرك أمامه؛ كي تدلف خارج الغرفة، وغزل تسير أمامه تتذكر كل ما عانته، فقد باتت معتادة على ذاك التعذيب وتلك الإهانات، أغلق مراد الغرفة أمامها فنظرت له بألم، أحس أنها ليست على ما يرام وباهتة، حدثها بتثبيط:
-إنتِ أجبرتيني، وعلشان صغيرة مستحملك، وعاذرك على كل اللي مريتي بيه!
لمعت عيناها بدموع ولم يحبذ مراد ذلك، أكمل بمعنى:
-متزعليش، هفكك بكرة!
كشرت وهي ترمقه بحنق من سخافته، قال مراد باختناق:
-شريف كان متضايق لما ضربتك قدامه، عاوزك تقعدي معاه وتقوليله إنك كويسة و...
-وأنا متنيلة كده!
قاطعته غزل باغتياظ فهي مكبلة، انتبه مراد فاستطردت:
-وأظن لما يشوفني بالمنظر ده هيصدقني!
تأفف مراد فهي محقة، تردد في فك القيود وادركت غزل عدم رغبته، قالت مستغلة وضع الصبي:
-فكني يا مراد علشان خاطر شريف، تلاقيه يا حبيبي زعلان علشان ضربتني، مش كفاية بُعد حسام!
أخذ مراد يفكر، وهي تنتظر وبعينيها تحثه على قبول تحرير يديها، وافق أخيرًا حين قال:
-طيب هفكك................!!
__________________________________

بتودد قامت بمد ملعقة الطعام لفمه، فتحه أسعد بصعوبة كي يقتاته، فابتسمت هدير له، من جانب التخفيف عنه والإعجاب به كونه لم يرفض الأكل، قالت بتعطف:
-جدي أنا ويزيد هنتجوز، أيه رأيك؟!
لمعت الفرحة في عين أسعد، خاصة وهي تأخذ برأيه، تأملها بمحبة فهي حفيدة رائعة، وعن هدير لم تشعره بأن نفوذه انتهى، وشاركته في مهمة زواجها، قالت:
-من شكلك موافق، خلاص أنا كمان موافقة!
ابتسم لها وتعابيره ترتعش، قبّلت هدير خده احترامًا وحبِا له، اردفت:
-بنحبك قوي يا جدي، كنا دايمًا نقولك تعالى اقعد معانا، بس الحمد لله هتفضل معانا هنا.
ولج يزيد منضمًا لهما فنظرت له هدير بخجل أحبه، توجه لجده ثم خاطبه:
-عامل أيه يا جدي النهار ده؟
نظر له أسعد بمعنى أنه بخير، قالت هدير بطلب لـ يزيد:
-ممكن جدي يقعد معانا في القصر يا يزيد، علشان يبقى قريب مني وكده!
قال مرحبًا بقرارها:
-طبعًا، القصر بتاعه وإحنا اللي ضيوف عنده، ودا كان كلام مراد.
تلاشى ضعف ومرض أسعد بمحبة أحفاده له، وشكر الله في نفسه أنه منحه أحفاد بذاك اللطف، خاطبته هدير بمرح:
-جدي رشدي هيفرح قوي، دايمًا يحكيلي كلام حلو عن حضرتك، وإزاي كنتوا صغيرين بتعملوا كل حاجة سوا
ابتأس أسعد وتغيّرت سحنته للحزن، فما مضى يختلف كثيرًا عما أصبحوا عليه، ورغم ذلك رمش لها بعينه يخبرها أنه يحبه أيضًا، نظرت هدير لـ يزيد متهللة فرحة، قالت باستحياء:
-هنبقى عيلة حلوة قوي لما جدي يرجع معانا
حديث هدير أزعج سميحة التي تقف عند الباب وتتابع، هتفت بنبرة فظة لم تعجب أحد:
-بقى أبويا هينبسط إن جدك اللي مبيطقهوش يقعد معاكوا في القصر وهو طارد بنته منــه...................!!
__________________________________

هبطت الدرج وهي ترتدي روبها، ثم تحركت نحو خالتها وشريف في الصالون الموضوع بالبهـو، خاطبتهما بألفة:
-صباح الخير!
هتف شريف متذمرًا:
-اتأخرتي كده ليه، كل دا نوم، الساعة اتنين.
قالت السيدة بسماحة:
-تصحى وقت ما هي عايزة، خليها ترتاح
جلست غزل بجانب شريف تبتسم له، قبّلت رأسه قائلة:
-فعلاً كنت عاوزة أنام
ثم ضمته بقوة من كتفه لها، تابعت:
-كفاية إنك السبب في راحتي دلوقت
قال شريف ببراءة:
-كنت خايف عليكِ قوي، بس يا غزل اسمعي كلام بابا علشان ميضربكيش، أنا بأحب أشوفكم حلوين مع بعض
ابتسمت غزل وهي تؤكد في نفسها أن تجعل مراد يسامحها، قالت السيدة:
-هخليهم يحضرولك الفطار.
لم تعلق غزل على ذلك، بل استفهمت بفضول:
-فين مراد، صحيت ملقتهوش؟!
توترت السيدة داخليًا، قالت بتلجلج:
-شوية وجاي
اندفع شريف وقال لها:
-أيوة، راح يجيب حسام من اللي خطفوه
تصلبت غزل مكانها متوجسة، وجهت نظراتها للسيدة واستفهمت:
-وهو مين اللي خطفوه، هو عرفهم؟!
هنا ظهر ارتباك السيدة، قالت مدعية الجهل:
-أنا معرفش حاجة، هو خرج وخلاص
لم تطمئن غزل مطلقًا، ثم نهضت كأنها تفكر في شيء ما، هبت السيدة واقفة، سألتها بجدية:
-رايحة فين؟!
نظرت لها غزل بغرابة من أمرها، قالت:
-على أوضتي، هغيّر هدومي
نبهت عليها السيدة بحزم:
-أحسن ليكِ تخليكِ في أوضتك، لأن وعدت مراد إنك مش هتخرجي.
سألتها غزل بتخوف:
-هو أيه اللي بيحصل، ومراد راح فين؟!
ردت السيدة بفظاظة:
-ملكيش دعوة.
احتقنت غزل ولم يخمد ردها شغفها بمعرفة أين هو؟، ردت على السيدة بتأنيب:
-أنا خايفة على مراد، وهو جوزي وعاوزة اعرف فين دلوقت
جلست السيدة مجددًا على الأريكة متعمدة تجاهلها، انزعجت غزل ثم صعدت لغرفتها، تنهدت السيدة بضيق قلقة من عناد هذه الفتاة ومن طيشها، انتبهت لـ شريف يسألها بدهشة:
-ليه مقولتلهاش إنه راح يجيب حسام يا تيتة...............!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ولجت غزل الغرفة تفرك يديها بتوتر، متيقنة أن مراد لن يتوانى في استرجاع ابنه اليوم بالأخص، لكن مِن مَن؟، انذعرت خيفة من تهوره على يوسف، فقد أخبرها أنه ليس من خطف الصبي، قالت بقلق مهلك:
-يا ترى يا مراد هتعمل أيه؟!، مش مرتاحة خالص
ثم أخذت الغرفة ذهابًا وإيابًا مشدودة الأعصاب، رن التليفون بغرفتها وسريعًا ردت هاتفة:
-ألـــو!
آتاه صوت رجل أجش يقول:
-في الطريق الصحراوي(...)، جوزك محضر فخ لأخوكِ وقت اللي هيسلموا فيه العيال
ارتعبت غزل خوفًا من أذية يوسف، استفسرت أكثر:
-فخ أيه؟!
-هيقتله!
نطقها الرجل بفحيح مريب وأغلق السماعة فقد انتهت مهمته، بينما وقفت غزل تائهة وقد اختلجت أعضاؤها، وعيت لنفسها سريعًا ثم وضعت السماعة، قالت بنبرة على مشارف البكاء:
-ليه يا مراد عملك أيه؟، لو أذيته مش هسامحك.
بكت بالفعل بألم متخيلة عدم رؤيتها لـ يوسف ثانيةً، هذا يعني تشتت وضياع العائلة التي تربت في كنفها، فكل شخص عانى فيها توجه الاتهامات لها، هي السبب التليد في كل ما حدث، سارت غزل مكتوفة الأيدي، غير قادرة على التصرف بعقلانية، فقد منعها من الخروج، لكن هذه المرة مختلفة، لن تتحمل أن تكون سبب في زهق روح جديدة، هتفت بأنفاس مضطربة:
-لا مش هخليه يأذيه، أبقى قليلة الأصل لو سمحت بكده، كفاية بهدلتهم علشان يربوني
ثم بعجالة شديدة تحركت غزل لتبديل ثيابها، ارتدت ثوب طويل نسبيًا، أزرق اللون، وهي تردد من بين شفتيها العنوان؛ كي لا تنساه، ثم جلست بعد ذلك على المقعد تفكر، بالأخص في كيفية خروجها من هنا، فخالتها لن تسمح لها، وربما نبهت الحراس بمنعها حين رؤيتها..
بعد وقت مضني من كثرة التفكير، انتوت أن تموه في شكلها، ترتدي ثياب مختلفة كأنها من الخدم مثلاً، وتخفي ملامحها المعروفة قدر المستطاع، لمعت الفكرة المحنكة في عقلها، وبالفعل نهضت غزل معتزمة ذلك، وانطلقت نحو الباب للتنفيذ دون تفكيــر................!!
__________________________________

وضع ضرغام الطفل خالد في السيارة بجانب مراد، نظر له مراد بجمود وهيئة غامضة ولم يعلق، خاطبه ضرغام بمعنى:
-خلاص يا مراد، هتروح لواحدك؟
بخفة هز رأسه مؤكدًا، قال:
-اعمل اللي قولتلك عليه بالظبط
قال ضرغام بعدم راحة:
-خايف يكون عاملك فخ
-يعمل!
قالها مراد بعدم اهتمام وقد استعد للإنطلاق وقت شغل السيارة، تابع محذرًا:
-مش عاوز غلطة واحـدة!
اومأ له ضرغام ثم وقف يتابع تحركه وبداخله متأزم مما سيحدث، ورفض بداخله فكرة اعتقال يوسف، هو شاب في بداية حياته، وما وقع فيه لم يستحقه، حثه شيء داخلي أنه ذو خلق، وتحيّر كيف تغيّر للأسوأ هكذا؟، واضطر لفعل المطلوب منه، حين جمع رجاله معه في سيارة أخرى وانطلق بها خلفـه.........!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أثناء قيادته وهو يقترب من المكان المنشود، لم يصادفه انفعال يعرب عن رهبته، فتقدمه جاء من خوفه على ابنه، والانفعال الملازم له هو حقده على يوسف، ورغبة قاتلة ثائرة بداخله تريد التخلص منه بشكلٍ مهووس، وكي لا تنزعج غزل منه قرر تسليمه للشرطة، فذاك الحل الأفضل..
تنهد مراد وهو يخطف نظرة للولد الذي بجانبه، لم يبغضه قط وقد أشفق عليه، سأله مراد بصلابة:
-اسمك أيه؟!
نظر له خالد بخوف، رغم أنه لم يعنفه، رد بتردد:
-خــالد!
أعجب مراد باسمه، لكن لم يعلق عليه، بل استمر في القيادة حتى وصل تقريبًا، لم يفكر في حياة الصبي بعد غياب يوسف عنه، أو كيف ستكون حالة خالته في بُعده؟، صدقًا فكر مراد في نفسه وراحته هو فقط، فهل هو أناني هنا؟!..
عرج مراد عن الطريق الأساسي ليتعمق في الصحراء عند مكان اللقاء، وأخذ يتحرك ببطء، وعينيه تجوب المكان بنظرات سريعة احترازية، وهو يتقدم للأمام لاحظ طيف سيارة سوداء تقف، توجه مراد نحوها بقلبٍ وخم، به صلابة تخرج في مثل هذه الأزمات، لاحت هيئة يوسف حين وصل مراد إليه، صلّب مراد نظراته القاسية عليه ثم أوقف السيارة على مقربة منه، ابتسم يوسف بانتشاء وتعجرف جلي أغاظ مراد، والذي ترجل من السيارة ثم أغلق بابها بحنق، لم يتهور مراد وهو يقترب منه، بل وقف عند مقدمة سيارته، خاطبه بامتعاض:
-فين ابني؟!
رد يوسف بمماطلة:
-موجود، بس أنا عاوز ابني الأول!
أشار مراد بيده ناحية خالد، هتف باحتقار:
-في العربية أهو، ميلزمنيش في حاجة
وجه يوسف بصره لـ خالد بالداخل، ابتسم له بتحنن، وبداخله اغتاظ من نبرة مراد المغترة المتكبرة، رد عليه يوسف بالمثل:
-كمان ابنك ميلزمنيش في حاجة
تابع بمكر ليستفزه:
-ما إنت عارف مين اللي يلزمني!
قبل مجيئه كان مراد متيقنًا أنه سيستفزه بشكلٍ أو بآخر، لذا تماسك حاليًا، قال بهدوء ظاهري:
-ابني فين؟!
-وغزل فين؟!
رد عليه يوسف بسؤال جعله يغضب على الأخير، قال كاتمًا اندفاعه:
-أنا جاي آخد ابني وامشي، حاجة تانية لأ.
هتف يوسف بتجهم:
-بس مش ده كان كلامك.
هتف مراد بنبرة عصبية للغاية:
-فين ابني؟
قال يوسف بعناد:
-مش هتاخده غير لما غزل وخالد يكونوا مع بعض
في غمضة عين دون أن ينتبه يوسف أخرج مراد سلاحه الناري، ثم أشهره في مواجهته، هتف بهياج:
-ابني!
تراجع يوسف ملتصقًا بسيارته، لم يخف فقد خطط جيدًا، حين ترجل جبس من السيارة ممسكًا بـ حسام، لم يكن ذلك فقط فقد صوب السلاح في رأسه، انصدم مراد حين رأى ذلك وأصابته حالة من البغضاء، قال يوسف بتهديد صريح:
-لو عملتلي حاجة ابنك هيكون قصادي
لم يزيح مراد نظراته من على ابنه، سأله بقلق:
-إنت كويس يا حسام، حد عملك حاجة؟!
قطب حسام تعابيره مرتعبا، رد يوسف عليه:
-قدامك أهو كويس، يلا هات غزل وخالد علشان تاخده
رمقه مراد بقساوة تخللتها عداوة عنيفة، قال متحديًا إياه:
-لأ، هاخد ابني وكل حاجة
ثقة كلام مراد جاءت حين لمح قدوم ضرغام مع رجاله متخفيًا خلف بعض الصخور الصغيرة نسبيا، وينتظر قدوم الشرطة، لم يهتم مراد بغل يوسف البادي على وجهه، هتف برفض حانق:
-اركب يا جبس تاني مع الواد، مافيش ولاد عندي اديها لحد!
اطلق مراد رصاصة في الهواء تحذيرية ليكف عن اغضابه، بالفعل اضطرب يوسف وحدجه بكراهية، هتف بتصميم:
-خليه يجيبه أحسن لك!

كانت قد وصلت غزل للمكان من جانب آخر، وتعمقت لداخل الصحراء على قدميها، بعد رفض سائق الأجرة أن يسير في الرمال، استمعت للطلق الناري بهلع ظاهر، ثم هرولت ناحية الصوت رافضة ما يفعله مراد وهي تردد بتوجس:
-يــوسف.....!!

قال مراد بنبرة باغضة:
-يلا خليه يجيبه بدل ما تندم إنك وقفت قصادي
كل ذلك ومراد رافعًا سلاحه ويهدده، أوصله يوسف لقمة هياجه حين قال:
-لو هموت مش هتاخد الواد ده!
احتدم مراد حين شدد جبس من امساك ابنه، قال:
-يبقى إنت اللي طلبت
وصلت غزل عند هذا الحديث مفزوعة، حين راتهما يتحديا بعضهما من بعيد، ركضت ناحيتهما ثم هتفت بنبرة عالية ليسمعها مراد:
-استنى يا مراد متعملش حاجة!
توقفت فجأة مشدوهة حين انطلقت بعض الأعيرة النارية، صرخت بقوة ثم تابعت تركض نحوهما، كانت قد وصلت الشرطة وتحلقت حولهم، فوقف مراد غير واعٍ لما حدث، دنا منه ضرغام عاتبًا عليه باستياء:
-ليه يا مراد بيه، مش اتفجنا نبلغ عنيه بس!
لفت انتباه مراد حضور غزل، والتي عند وصولها جحظت عيناها وهي ترى يوسف مسجيًا على الأرض والدماء عليه وتتشربها الرمال من تحته، تحركت نحوه تتنفس بصعوبة وقد انقبض قلبها، جثت أمامه على ركبتيها تتفحصه بخوفٍ سحيق، نادته بترجٍ:
-يوسف، فوق!
زالت نضارة وجهها وهي تراه هكذا، تساقطت عبراتها رافضة فقدانه، ومن هيئته فطنت أنه تركها، وأصبحت في حالة يرثى لها تنتحب بمرارة، أدارت رأسها لـ مراد، الذي يقف ممسكًا بابنه ومشدوهًا حتى الآن مما حدث، خاطبته بنبرة هستيرية أظهرت عدائيتها له:
-بكرهك، لازم تموت زيـــه...................................!!
x x x xx ___________________________
x x x x x x xx _____________________
x x x x x x x x x x x ______________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-20, 07:08 AM   #129

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية

الفـــصل السادس والخمسـون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ

لاحقًا، حالة من الفوضى عجت بالمشفى، بحضور ياسمين الثائر وصريخها الهيستيري، وعلى نقيضها غزل التي ظلت رابطة أمام غرفة الفحص مجهدة من كثرة البكاء، الذي أدى لضعف عينيها وخمول جسدها، فكفّت مجبرة عن الحزن لتقبعه بداخلها..
كان انتظارها مهلك لأعضائها، وقضته في الدعاء والمناشدة أن يعود للحياة، دب الهلع في قلبها فجأة حين خرج الطبيب من الغرفة وطلعته لا تبشر بخير، ركزت نظراتها عليه ليعلن حالته، قال بأسف مصطنع:
-للأسف حاولنا ننعش القلب بس كان فارق الحياة، البقاء لله!
هزال عام أصابها لتقف مكانها غير قادرة على الحركة، أرادت البكاء ومن فرط توهنها بكل ما مرت به؛لكن تجمدت عبراتها، انتبهت لـ ياسمين تخاطبها بتعنيفٍ قاسٍ:
-جوزك السبب، هو اللي قتله
ثم هزتها ياسمين بغل متابعة نهرها لها:
-بطلي تمثيل بقى، عاوزة تفهميني إنك زعلانة عليه، وإنت شوية وهتروحي تقفي جنب جوزك
كانت غزل مستسلمة ولم تردعها حتى عن اتهاماتها، لكن تدخلت فتحية بنحيبها تقول لها:
-سيبيها، غزل بتحب أخوها
ثم جعلت ياسمين تبتعد عنها، نظرت بحسرة بعدها لـ غزل، قالت:
-يوسف مات يا غزل، كلهم ماتوا
تملك منها دوار مباغت جعلها غير متزنة، أنّت غزل قبيل أن يغشي عليها، فالتقفتها فتحية صارخة:
-الحقــوني!
تدخل ضرغام على الفور ليحملها عنها، لكن منعته ياسمين باحتدام:
-ابعد عنها، هتاخدها فين؟!
ثم سحبتها منه لتمسك بها هي وفتحية، وضعوها على الأريكة في الممر فتضايق ضرغام، قال عابسًا:
-مراد بيه، جوزها، موصيني أخليني إهنه معاها
منعت فتحية ياسمين من الرد، خاطبته باستهجان:
-قوله غزل هتطلق منه، بعد ما ياخد إعدام إن شاء الله!
أضافت ياسمين على كلامها بغيظ:
-هفضل وراه لحد ما أشوفه ميت!
اضطر ضرغام لسحب نفسه والمغادرة، تجهمت ياسمين وهتفت:
-أما بجح صحيح، عاوزها ودم يوسف لسه موسخ إيده
ثم وجهت بصرها لـ فتحية مكملة بغضب:
-غزل لو رجعتله تبقى مشتركة في قتل يوسف، لازم كلنا نبقى إيد واحدة قصاده، لازم يموت
دخلت ياسمين في نوبة بكاء حارقة للقلوب، كذلك انتحبت فتحية، بائسة على وفاة كل ما تعرفهم، تنهدت بألم ثم انتبهت لـ غزل المغشي عليها، مسحت دموعها وهي تقول:
-شوفي دكتور يطمنا على غزل، باين جسمها سخن.............!!
_________________________________

-يعني أيه هتتحفظوا عليا؟!
هتف بها مراد محتجًا على كلام المحقق، رد الأخير عليه بعملية دارسة:
-الشبهات كلها عليك يا مراد بيه، يعني محدش كان ماسك مسدس غيرك.
هتف مراد بانفعال:
-بقولك مضربتوش، دي كانت رصاصة واحدة وطلعت في الهوا
ثم أضاف باستنكار:
-وإزاي أضربه وأنا عارف إنكم جايين، وبنفسي متفق معاكم
هدأ المحقق من انفعاله قائلاً برزانة:
-لو كلامك صح، الطب الشرعي هيثبت براءتك، وإن الرصاص اللي في جسمه مش طالع من مسدسك
تأجج هياج مراد مما يحدث، استفهم باحتقان غضبه:
-هتودوني فين، الحبس وسط المساجين!
رغم أن ذلك المفروض، رد المحقق بسماحة:
-اتفاقك معانا يا مراد بيه إحنا مقدرينه، وعلشان كده وتقديرًا لمكانتك، هتشرفنا في مكتب المعاون
لم يعلق مراد واحتفظ بحنقه داخله، وظهر استيائه على خلقته، وهو كذلك جالسًا أمامه رن التليفون، لم يهتم في البداية حتى رد المحقق بتقطيب:
-مات!
أدار مراد رأسه له مهتمًا، بينما نفخ الطبيب بخفوت ثم أغلق السماعة، خاطبه بقلة حيلة:
-للأسف يا مراد بيه، يوسف مات، وموقفك بقى صعب.............!!
_________________________________

ابتسمت بلطف لها حين فتحت عينيها وفاقت من غيبوبتها المؤقتة، اغتبطت فتحية فحديث الطبيب لها أخافها، لذا خاطبتها بلهف ظاهر:
-سمعاني يا غزل؟!
رمشت غزل بعينيها بعض مرات، كانت مرهقة حقًا، ردت بضعف:
-أنا فين؟!
وضحت فتحية بألفة:
-إنتِ في المستشفى، بقالك يوم نايمة كده، الدكتور بيقول حالة نفسية!
تاهت غزل ولم تعي بعض الأشياء، شحذت قواها ثم مررت بصرها لما حوله، قالت:
-يوسف؟
لم تخفي فتحية حزنها وهي ترد:
-البقاء لله يا حبيبتي
كان ذلك آخر ما سمعته غزل، لكنها استفهمت عل تغيّر شيء ما، حين لمحت فتحية دخولها في حزن عميق، نصحتها بجدية:
-الدكتور بيقول الزعل وحش عليكِ، انسي يا غزل وانتبهي لنفسك يا حبيبتي
تجاهلت غزل نصحها حين بكت بتعب متذكرة كل شيء، فبكت فتحية هي الأخرى لتشاطرها الألم.
لحظات وولجت ياسمين عليهن ممسكة بيد خالد، بعدما جلبت له بعض السكاكر والحلويات، ولهن بعض الطعام، وضعته على منضدة جانبية ثم تقدمت نحوهن، وقفت بجانب الفراش توزع نظراتها عليهن، قالت:
-سمعت إن مراد هيطلع منها، دول مهتمين بيه قوي، خصوصًا محامي عيلته، راجل مش سهل!
نظرت لها غزل باستياء، قالت:
-دا قتل، يعني مش أي حد هيفلت من الجريمة دي
لم تصدقها ياسمين فهو زوجها، هتفت بنبرة ساخطة:
-يعني هتقفي جنبي قصاد جوزك؟!
عارضت غزل أن تتخلى عن يوسف؛ حتى بعد مماته، هتفت:
-أكيد، علشان غلط وياما حذرته.
اندهشت ياسمين من عزيمتها، فقالت بمغزى:
-حتى لو مات مش هتزعلي عليه وتندمي؟!
سكنت غزل قليلاً، وعاد تعلقها به ينبض في قلبها من جديد، ولم تنكر أنها تحبه ما زالت، وما فعله مؤخرًا غير مبالٍ بتوسولاتها له وبمشاعرها جعلها تقبل معاقبته، ليس حد أن يتركها وللأبد، سوف تتعذب كثيرًا وتعلم، فاغمضت عينيها يائسة من أخذ القرار، وذاك ما أزعج ياسمين منها، خاطبتها بنفور:
-قد كده بتحبيه، ومش عاوزاه يموت قصاد واحد ضحى طول حياته علشانك!
حركت غزل رأسها لترفض أن تكون هكذا أنانية، قالت:
-هو قتل، والحكومة هتقرر تعاقبه بأيه، والحكم اللي هيتقال مش هختلف عليه، في النهاية هو جاني
تتحدث غزل بمفهومية عميقة، كونها تستعد للدراسة في كلية الحقوق، قالت ياسمين بجمود:
-هتقعدي فين دلوقت؟
رد متفهمة:
-عند خالتي لحد ما أبقى كويسة، وبعد كده هرجع لفيلة بابا، أو اللي كان بابا
تعجبت فتحية وسألتها:
-هترجعيها إزاي وبأي صفة؟!، مش هو طلع مش أبوكِ
شرحت غزل باقتضاب:
-قبل ما يموت كتبلي كل حاجة
ثم تابعت باختناق وعدم قبول:
-مش عارفة اتنفس هنا، خلوني أروح، علشان اعرف أفكر هاعمل أيه.............!!
__________________________________

نحول جسدها وامتقاع وجهها جعله يشفق عليها، وهجرانه لها أضرم فقدانها لذة العيش، فاتخذ النية ليخبرها، فحالها يسوء.
وضعت نسمة الطعام أمامه على المائدة ولم تتحدث معه؛ محترمة رغبته، وحين انتهت تحركت لتتركه يأكل، فسريعًا امسك ضرغام بيدها ليوقفها، ارتبكت نسمة ثم التفتت له، خاطبها بود:
-اجعدي كلي إمعايا.
وجدت نفسها تبتسم من لطفه معها، قالت:
-كلت، بالهنا والشفا!
يعلم أنها لم تتذوق الطعام قط، أصر على كلامه قائلاً:
-لا هتجعدي، مهكولش لوحدي
ثم شدها لتجلس على المقعد الملتصق به، لاحظ إشراق وجهها فابتسم، بذراعه حاوطها قائلاً:
-متزعليش مني
لم تصدق نسمة أذنيها، فورًا ارتمت عليه قائلة:
-خلاص رضيت عني؟!
لازمها البكاء فربت ضرغام عليها مرددًا:
-سامحتك علشان باحبك!
تهللت أساريرها لتحتضنه بقوة، ارتاح ضرغام حين أدخل السرور لقلبها، واعتزم التكتم حاليًا على خبر وفاة أخيها، لربما يجد الفرصة قادمًا، قال لينسيها ما حدث:
-مش ناوية تجيبيلي عيال، طوّلنا جوي
ابتعدت عنه تبتسم باتساع والفرحة تغطي وجهها، قالت:
-يا رب أجبلك عيال، أنا واللهِ مش ممانعة
حاوط وجهها بكفيه راضيًا بفرحتها، قال:
-فيه دَكتورة جَديدة سمعت عنيها، ممكن تساعدنا وكده، دا بعد ربنا!
أحبت نسمة قبوله لها، وبالفعل أنساها حزنها، هزت رأسها مطيعة له، قالت بحماس:
-يلا نروح بعد ما تاكل
ضحك ضرغام على تسرعها، قال غامزًا بتلميح:
-طيب هنروح نجولها نخلف وإحنا متصالحناش إكويس.........!!
________________________________

بعد أسبـوع، ركض أولاده نحوه ليستقبلوه حين عاد إليهم، وبمودة جارفة احتضن مراد أولاده، قبّلهما واحدًا تلو الآخر وقد تاق لرؤيتهما بخير، كذلك فردت السيدة ذراعيها لتستقبله بترحيب حار، ضمها مراد إليه فقالت براحة:
-الحمد لله يا مراد، رجعت بالسلامة
ابتسم وقال بشيء من الهدوء:
-الحمد لله
ثم ابتعد عنها ليلج للداخل ممسكًا بأولاده، وهي من خلفه ومعها يزيد الذي حضر معه.
حين جلس مراد برفقتهم، قتله شغف واحد وهو تمنيه أن تكون غزل في استقباله، لم يحدث ذلك قط ولاحظت السيدة ضيقه، فقالت بتردد:
-غزل مش هنا، دي طالبة...
ثم سكتت لا ترد ازعاجه، حدق بها مراد بتكشر، قال:
-طالبة أيه؟!
تنحنحت السيدة بخفوت غير مستعدة لإخباره، انقذها من ذلك رد شريف عليه بحزن:
-غزل بعتت ورقة مع حد، بتقول فيها إنها عاوزة حضرتك تطلقها
ضم مراد شفتيه متفهمًا، قال بعدم اهتمام:
-خليها تعمل اللي هي عايزاه
ثم نهض فجأة وملامحه باهتة، قال:
-هطلع آخد حمام، مش عاوز حد يزعجني
اقتضابه في الرد جعل السيدة تندهش، سألته بفضول:
-مقولتش هتعمل أيه مع غزل؟!
تحرك مراد ولم يرد عليها، واحتفظ بقراره لنفسه، حين صعد للأعلى التفتت لـ يزيد متسائلة:
-مراد ماله يا يزيد؟!
قال معللاً برزانة:
-الكام يوم اللي فاتوا كانوا سنة وهو قاعد في النيابة، اعذريه يا ماما، كلام الصحافة عنه ضايقه وهو مقبوض عليه
هتفت بجدية:
-مش خلاص طلع مش هو اللي قاتله؟!
قال مؤكدًا:
-أيوة، الطب الشرعي في صف مراد، وعلشان كده المحامي طلب إخلاء سبيله، لحد ما يعرفوا مين ضرب نار وقتها
رددت السيدة بأسى:
-مش عارفة الغم ده مش هيحل عننا، حتى مراد وغزل معرفش
أيه هيكون حظهم في وسط المصايب دي
قال يزيد بمفهوم:
-كلميها يا ماما، عرفيها إن مراد ملهوش دعوة
زفرت بضيق وقالت:
-كلمتها، قالت مش هترجعله، ومش مصدقة إنه بريء
-يبقى تستاهل اللي مراد هيعمله طالما عنيدة كده!
استفهمت السيدة بجهل:
-هيعمل أيه مـراد؟!.......
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،
تمدّد في المغطس المليء بالماء، ثم أغمض عينيه وقد شعر بالاسترخاء قليلاً، أحس براحة توطنت بجسده، فهذين اليومين أشعروه بالنفور والتقزز، فتح مراد عينيه بهدوء، فعاد تفكيره فيها يراوده من جديد، ولم يخفى تشوقه أن يعود ويرتمي في أحضانها، ليعوض مرارة ما مر به، بـ ليلة رائعة يقضيها برفقتها، تأفف وقال:
-فعلاً غبية!
زالت راحته ليحل محلها تبرمه، فقد مل من عيشته تلك، اغتسل مراد سريعًا ثم نهض، سحب المنشفة من جواره ولفها حول خصره ثم خرج من المغطس.
دلف من المرحاض ضجرًا بشدة، وبداخله لن يسكت على تركها هكذا تتهمه، لذا اعتزم الاتصال بها حين توجه للتليفــون.........!!
_________________________________

باتت كالمتفرجة بينهم، ولم تنطق ببنت شفة، فعصبية ياسمين وهي تتحدث مع المحامي طغت على الجلسة، ووجوم غزل جاء من التفكير بعقلانية في هذه المسألة بالأخص، هتفت ياسمين بانفعال مدروس:
-يعني أيه يقتل وميتحبسش، فين القانون والعدل؟!
رد المحامي بمفهوم:
-أنا عملت اللي عليا يا هانم، الطب الشرعي أثبت إن الرصاص مش من مسدسه.
هتفت بقسمات غاضبة:
-يعني أيه الكلام ده، فيه حاجة غلط، دا مكنش هناك حد غيره.
قال بعملية:
-ممكن يكون حصل تلاعب، المحامي بتاعه حويط قوي، ومراد بيه ليه علاقات، ومتنسيش هو مين!
ردت بنبرة محتجة:
--يعني أيه مين؟، طالما كده يبقى ناخد حقنا منه بإيدينا
توقف دور المحامي عند هذا الحد، ولم يعلق على كلامها، تهدجت أنفاس ياسمين ثم وجهت حديثها لـ غزل، التي لم تسمع صوتها، خاطبتها بتكهن:
-أيه رأيك في الكلام ده؟!، جوزك خرج منها!
ابتلعت غزل ريقها وقالت:
-مظنش يكون فيه تزوير في ورق الطب الشرعي، دي جريمة تانية
ثم تابعت حديثها للمحامي قائلة:
-اعمل طعن في النتيجة!
لم يستسيغ المحامي الأمر، قال:
-صعب اطعن في ورق طلع من الحكومة، دا موضوع تاني، وممكن يدخلنا في مشاكل مش قدها
ثم نهض مستأذنًا بالرحيل، تركته ياسمين يذهب فقد نفرت من غبائه هو الآخر، نظرت لـ غزل بجهامة، قالت:
-كده حق يوسف خلاص راح
تدخلت فتحية قائلة بهوادة:
-غزل هتعمل أيه يعني، أكتر من إنها طلبت الطلاق منه، مش شيفاها تعبانة!
نهضت ياسمين من مكانها، قالت بحدة:
-أما أشوف هتكمل في طلاقها ولا هتعمل أيه.
ثم أغذت ياسمين في السير لغرفتها ثائرة، بينما بقيت غزل مع خالتها، قالت باغتمام:
-أنا حياتي بتدّمر، محدش حاسس بيا، فكرك مبسوطة ولا حتى هتبسط
رغبت غزل في البكاء فقمعت فتحية شجنها قائلة:
-اهتمي بنفسك يا غزل، الله يكون في عونك، اللي بيحصلك محدش يستحمله أنا عارفة.
-يا رب مراد فعلاً ميكونش هو اللي قتله
نطقت غزل بعفوية ما ترجته أن يحدث، فهي حزينة بالطبع، قالت فتحية بحيرة:
-طيب هيكون مين؟!
تحيرت غزل مثلها، قالت:
-مش عارفة!
ثم انتبهن لرنين التليفون، نهضت فتحية لتجيب، بينما جلست غزل مقهورة على وضعها، ثم انتبهت لخالتها تقول:
-ألو..... ألو..... ألو
اغلقت فتحية السماعة بعدما فشلت في الحصول على رد، عادت لـ غزل قائلة:
-محدش رد، باين المكالمة مش مجمعة
لم تهتم غزل حتى رن التليفون مجددًا، فعلت فتحية كالمرة السابقة وردت هي، قالت:
-ألو........... ألو........... ألو
نفخت بفتور ثم وضعت السماعة، غمغمت:
-باين حد بيعاكس، ناس قليلة ذوق.
ضيق فتحية جعل غزل تسأل:
-برضوه مردش؟!
قبل أن ترد فتحية عليها رن مرة أخرى، خاطبتها غزل بتفهم:
-طيب هرد أنا، ولو مردش هشيل السلك خالص
قالتها غزل وهي تنهض بتكاسل نحو التليفون، وحين ردت على المتصل ارتبكت وهو يقول:
-غـزل!
نظرت لخالتها التي تشير لها بيدها هامسة:
-مين؟!
حافظت غزل على ثباتها وقالت:
-روحي إنت يا خالتي شوفي خالد
تعجبت فتحية من ردها عليها، وبحسها تفهمت أن المتصل يقصدها هي، بالتأكيد مراد، لم تعلن حنقها من تحدثها معه، بل خاطبتها بجدية:
-هسيبك على راحتك، ويا ريت متعمليش حاجة تزعلنا
كلامها جعل غزل تتيقن أنها علمت بأنه مراد، اومأت غزل بامتثال فتحركت الأخيرة تاركة إياها بمفردها، وحين تأكدت غزل من ذهاب خالتها سحب التليفون لتجلس على أقرب مقعد، قالت بمقت:
-ليك عين تتصل هنا وعاوز تتكلم معايا!
هتف بعدم رضى:
-قدامك طلعت بريء، دا مش مكفيكي
ردت ببسمة متهكمة:
-كله بالتزوير، بس يا ترى قادر تعيش وإنت قاتل واحد
وبخها باستياء:
-حرام عليكِ، إنتِ عارفة عني كده، أنا مقتلتوش يا غزل، الرصاص في مسدسي ناقص واحدة بس، ومش هو اللي انضرب يوسف بيه
ربما يكون كلامه صحيح، وأخذت غزل بجميع الاحتمالات، أضاف مراد بحنق:
-أنا مسكت نفسي بالعافية وهو بيمنع ابني عني، مكنش عاوز يديهولي
انتبهت غزل لهذه النقطة، فـ يوسف أخبرها أنه ليس معه، كيف لها أن ترى الولد في المكان وقت التسليم؟، هذا يعني كذب يوسف عليها وتضليله لها، رددت باجهاد عقلي:
-مبقتش فاهمة حاجة، ومش عارفة مين ظالم ومين مظلوم
قال عاتبًا عليها:
-أنا مظلوم يا غزل، معقول لسه مش عارفاني وعارفة إني مش باقبل الغلط، يعني يوسف تصدقي يعمل أي حاجة، كفاية حياته كلها من فلوس حرام.
وافقته القول، ورغم ذلك قالت ممتعضة:
-ودا ميمنعش إنك تحاول تخرج نفسك من قتل واحد زيه مش قد كده
لعن مراد غبائها في نفسه، قال بنفاذ صبر:
-تعالي نتفاهم و...
قاطعته برفض تام:
-هبلة علشان ارجعلك، أنا خلاص هطلق ورفعت قضية
قال ساخرًا:
-هتخسريها!
-لازم أخسرها، مش طلعت نفسك من جريمة قتل
تلميحاتها ازعجته بشدة، هتف:
-متخلنيش اعمل حاجات مش هتعجبك، ارجعي بمزاجك أنا مقتلتش حد
استمرت في عنادها قائلة:
-مش هرجع وهطلقني، وممكن أسببلك فضيحة كمان
-مش هتلحقي يا غزل!
جملته جعلتها تقلق بشأن ما ينتوية، تابع مراد مصرحًا ما قام به:
-أنا كلمت المحامي يرجعك، بس في بيت الطاعة...............!!
________________________________

استعداد والدها لمغادرة البلد كانت تزعجها، لم ترتضي أن تسافر هاربة برفقته، تاركة طليقها ينعم برفقة ابنة عمه التي تكرهها، سبتها سمية من بين شفتيها، فرغم انها دنست شرفها مع آخر، ظل زوجها اللعين دائب الوقوف بجانبها، ليس ذلك فقط، بل عرض عليها الزواج، ومن أجل ذلك اعتزمت المكوث هي، ولو اضطرت لقتلهما، فحنقها منهما فاق كل غضب الدُنيا، لذا احتجت على سفرها للخارج، وجلست في تختها لتعلن رفضها التام..
وصل الخبر لوالدها حمدي، الذي حضر بنفسه لها ومعه والدتها، ولج غرفتها كالحًا، وعند رؤيتها له اعتدلت في تختها، متأهبة للرد على اعتراضاته، سألها باقتطاب:
-قاعدة كده ليه؟!، قومي جهزي نفسك علشان مسافرين
ارتبكت سُمية قليلاً وهي ترد برفض:
-بابا مش عاوزة أسافر، أ..
زجرها بامتعاض مانعًا تكملة كلامها الأحمق:
-لو مفكره يزيد هيسيبك في حالك مش هيحصل، يزيد وصلني إنه شاكك فيكِ من بعد اللي حصل لـ هدير.
انتصبت مكانها قائلة بتذمر:
-مش قادرة يا بابا امشي وأسيبهم متهنين، هدير دي متكبرة عليا ومبحبهاش
رد عليها بتهكم:
-اللي حصلها مش شوية، وقال يعني جوزك كنتِ بتحبيه
اخفضت نظراتها متوترة، فتابع ساخرًا:
-ما إنت اتجوزتيه علشان مراد مبصلكيش، وكنتِ هتموتي علشان اتجوز هدير، وخليتيها تجهض علشان مترجعلوش
ظلت منكسة الرأس فكل ذلك صحيح، تابع متنهدًا بنفاذ صبر:
-قومي جهزي حاجتك، لأن بعد موت موسى هينكشف ورق هيوديني في داهية، ومش بعيد يصادروا أملاكي وأشحت
انبثق القلق في نفس سُمية لتنهض مجيبة على الفور، قالت:
-خلاص هجهز نفسي
تركها حمدي لتستعد للسفر، فزاغت سمية بذهنها لبعيد، فكم رغبت في تعكير حياة طليقها مع الأخيرة، ثم دفعها تهورها لأن تنتقم قبيل رحيلها.
وكأن والدها قد تفهم عليها، فعاد مجددًا يحذرها، حينما وقف عند باب غرفتها حازمًا في هيئته، قال:
-اوعى تتصرفي من ورايا وتعملي حاجة، هنسافر وعايزك تنسي كل اللي فــات................!!
___________________________________

لم يكن بحوزتها أي ثياب، فاضطرت لترتدي ملابس خاصة بـ ياسمين، ولجت فتحية عليها قائلة:
-غزل، أخت ياسمين برة!
قالت غزل بغرابة وهي تتابع ارتداء الثياب:
-هي مش ياسمين راحت عندها!
أكدت فتحية:
-أيوة ياسمين قالت رايحة عندها، يمكن راحت عندها ومكنتش تعرف إنها جاية.
تنهدت غزل وقالت بشغول:
-أنا لازم ارجع الفيلا، عندي فيها هدوم كتير، هاخد شوية واطلع على الغردقة.
هتفت خالتها بعدم فهم:
-ليه؟!
توجهت غزل نحو المرآة لتمشط شعرها، قالت:
-مراد طالبني في بيت الطاعة، يعني ممكن تلاقيهم داخلين عليا دلوقتي علشان يسلموني ليه!
ثم توجهت عند خالتها فقالت الأخيرة متفهمة:
-إحنا بليل، خدي وقتك ومتسربعيش نفسك
هزت رأسها وقالت:
-وجودي هنا غلط، مراد ممكن يعمل أي حاجة علشان يرجعني، ممكن يخطفني حتى، فعلشان كده هستغل إن عندي شغل في الغردقة وهستخبى هناك!
قالت متعجبة:
-غزل المفروض عرفتي إن أنيس دا شغله مكنش مظبوط، لسه هتكملي عنه، خافي على نفسك، خافي من ربنا.
وجود هذه الثروة معها اعطتها القوة، قالت:
-الورث ده هو اللي مقويني، أنا من غيره هابقى تحت رجل مراد، ولو على شغل أنيس الحرام فأنا هاشتغل مع ناس كويسة، كلموني واتفقت معاهم
قالت فتحية بعقلانية رافضة اندفاعها:
-مش من حقك، المفروض تسيبي كل حاجة، دا الصح
هتفت باحتجاج شديد:
-مراد هيتحكم فيا، هيستغل إني ضعيفة.
سألتها فتحية بتردد
-بتحبيه؟!
ردت مبتسمة بوجع:
-أيوة، بس اللي عمله مش مسمحاه عليه
من داخلها أرادت فتحية لها الراحة والسكينة في حياتها، لكن قتل الأخير لابن أختها جعلها تبغضه، ولم تشجعها للرجوع إليه، قالت بلا مبالاة:
-يلا نقعد مع الضيفة، ميصحش نسيبها قاعدة لوحدهــا....!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
غيابها طال كثيرًا وهن في انتظارها، ولم تكن ياسمين تعلم انهم يترقبون حضورها، لذا خرجت وأخذت وقتها في الخارج.
وحين دخلت من باب الشقة تفاجأت بـ غزل أمامها، خاطبتها غزل بعبوس:
-إنتِ طول النهار برة، بتعملي أيه؟!
بعدما اغلقت الباب، قالت ياسمين بتوتر داخلي وهي تسير للداخل:
-كنت عند هند أختي!، مش أنا قولتلكم.
استهزأت غزل بردها قائلة:
-كنتِ عندها إزاي وهي هنا مستنياكِ بقالها كام ساعة
ارتبكت ياسمين ثم تعمقت للداخل فانصدمت من صدق حديث غزل، فاختها تجلس، شعرت ياسمين بالحرج ثم تقدمت لتجلس معهن، أيضًا جلست غزل متهكمة ومنتظرة أن تشرح، قالت ياسمين بكذب:
-أنا خرجت اعمل شوبينج واتمشى شوية
هتفت فتحية باستنكار:
-وجوزك لسه ميت، ليكِ نفس؟!
بهتت تعابيرها من تحقيقهن معها، قالت رافضة ذلك:
-محدش ليه دعوة، أخرج واعمل اللي عايزاه
ثم نهضت لغرفتها تاركة الصدمة على وجوههما من ردها الفظ، نهضت هند لتتحدث معها لكن منعتها غزل قائلة:
-أنا اللي هتكلم معاها.
ثم قامت من مجلسها متوجهة لغرفة الأخيرة، وحين ولجت توترت ياسمين، أغلقت غزل الباب عليهن وقالت:
-بتعملي أيه الوقت ده كله برة؟!
شددت غزل الخناق عليها فنبرتها كانت توحي بتصميمها لمعرفة السبب، نظرت لها ياسمين ولم تجد مفر منها، لذا قالت:
-كنت بجيب حاجة كده خاصة بيا
-حاجة أيه؟
أخرجت ياسمين (كيس) صغير من حقيقتها، ردت بتزعزع:
-ده!
شدت غزل الكيس من يدها، ولحنكتها تفهمت ما هو، شهقت قائلة:
-بتشمي الزفت ده؟!
اومأت لها فهدرت غزل بتبرم:
-ويوسف كان عارف؟!
اومأت ثانيةً لها لتؤكد، لم ترتضي غزل بذلك فنصحتها:
-بس كده غلط، لازم تبطلي القرف ده، دا ممكن يموتك
وجدت ياسمين في وجود غزل فرصة جادة لتعاونها في التخلي عن هذه البودرة المخدرة، تحمست قائلة:
-ممكن تساعديني أبطلها؟
قالت غزل بمفهوم:
-طالما واخدة القرار هتبطليها، وهساعدك
تأملت ياسمين خيرًا في حدوث ذلك، ووثقت بـ غزل كثيرًا، فاستغلت وجودها هنا معها، قالت:
-غزل أنا حامل، ويوسف مكنش يعرف
سألتها باندهاش:
-لسه عارفة إنك حامل، ولا خبيتي عليه؟!
قالت موضحة بكمد:
-خبيت عليه، أصله كان رافض، وعلشان كده أنا عاوزة أبطل بودرة، خايفة على اللي في بطني.
قالت غزل بتفهم:
-يبقى لازم تدخلي مصحة لعلاج الإدمان
هتفت ياسمين بعدم رضى:
-مافيش حل تاني، أنا مش عاوزة ادخل مصحة
قلبت غزل شفتيها جاهلة للرد المناسب عليها، قالت:
-هشوف، بس اللي اعرفه مصحة................!!
__________________________________

ترقبت وهي تتوسل بكلامها ونظراتها أن يوافق على عودتها، كل ما تفعله سميحة أثر في السيد، ووافق على رجوعها قائلاً:
-ارجعي يا سميحة!
انحنت فورًا لتقبل يده امتنانًا من تحننه عليها، رددت:
-ربنا يطولنا في عمرك يا بابا!
قالت هدير بتودد:
-جدي رشدي مافيش أحن منه
أجزمت سميحة بذلك، فقد ملت من تغيير مكانها، قالت:
-أنا اتعودت على هنا، جنبك يا بابا!
سخر في نفسه من خبثها الذي يعرفه، ثم التفت لـ يزيد الذي يقف يتأمل هدير فابتسم، قال:
-أنا اتكلمت مع حد يعرف في الدين، وقالي تكملي عدتك عادي، وبعدها تتجوزي اللي تحبيه
شعرت هدير بالخجل، وانتفضت من الداخل، لاحظ يزيد توترها فقال:
-كويس، على ما ناخد على بعض أكتر
رجحت هدير ذلك، هي بحاجة لوقت تتجهز فيه لزواج آخر، قالت السيد بسماحة:
-هفتح أوضة مراد والأولاد على بعض وهتكون بتاعتكم، علشان تاخدوا راحتكم أكتر
نظر يزيد لـ هدير مبتسمًا، قال:
-اللي تشوفه يا جدي
غمز له السيد؛ كي يأخذ هدير ويتحدثا معًا؛ لتوطيد علاقتهما أكثر، امتثل يزيد لذلك وتجرأ وأمسك بيد هدير التي ارتبكت، قال بألفة:
-تعالي نتكلم لوحدنا شوية
طريقته الودية جعلتها ترتاح بعض الشيء، فذهبت معه وقد أحبت ذلك، فرحت سميحة لرؤية ابنتها تلقى الأفضل، قالت:
-هدير رغم اللي حصل معاها، بس ربنا بيحبها وواقف جنبها!
ضيق السيد رشدي نظراته نحوها متجاهلاً ما تقوله، وقرر تربيتها على عدم أصلها، قال:
-سميحة، عمك أسعد، اللي هو أخويا وأبو جوزك، جاي النهار ده
لوت فمها قليلاً دون أن يراها، لكنه تفهم تذمرها، قال بحزم فاجأها:
-كل طلباته ملزومة منك، ومحدش هيخدمه غيرك.............!!
__________________________________

بعيدًا عن الأعين _ كما تظن_ سافرت للغردقة؛ هربًا منه، ولم تخبر أحد بذلك سوى خالتها، ثم مكثت بجناح صغير بأحد الفنادق.
بعدما ضبوا أغراضها بخزانة الملابس، ارتدت غزل ثوب طويل أسود اللون، عاري الصدر والأذرع، لتقضي سهرة الليلة في مطعم الفندق مع شركاء العمل الجديد، وقفت أمام المرآة تنظر لوجهها لبعض الوقت، ولمحت الحزن استفاض على عينيها وهيئتها، رفضت أن تخضع أو تسمح بالحزن يدخل قلبها من جديد، قالت:
-أنا هبسط نفسي، ومش هخلي حد يزعلني، ولا هزعل على أي حد، كلهم كدابين
أخذت غزل نفس عميق ثم بدأت في تجميل وجهها، لتخفي علامات التعب هذه، ابتسمت وهي ترى بروز جمالها، ولم تنكر أن هذه المساحيق تعطيها عُمر أكبر، لكن ذلك أفضل.
سحبت بعض المجوهرات النفيسة من الألماس وارتدتها، وفي النهاية وقفت معجبة بنفسها، ثم استدارت لتحمل حقيبة يدها الصغيرة ثم تحركت نحو الخارج..

وقف المصعد بالطابق الأرضي، فسارت هي نحو المطعم مبتسمة بلا مبالاة، ومن الطبيعي أن تجذب بعض الأعين المنبهرة بها.
ولجت المطعم تبحث عن ضيوفها، لكن عاونها النادل على ذلك في سرعة الوصول لهم، وانضمت لجلستهم قائلة:
-مساء الخير
-مساء النور يا حبيبتي
رجفت من صوته المألوف ثم استدارت غزل لتجده خلفها، اهتزت شفتيها باضطراب وهي تقول:
-عرفت إزاي إني هنا؟!
رد مراد مبتسمًا بدهاء:
-ما أنا اللي مخليهم يقابلوكِ
ثم أشار للضيوف، وبالطبع هذا فخ وقعت به، انزعجت غزل بشدة منه، بينما دنا مراد منها أكثر، ثم شدها لتتحرك معه نحو المسرح للرقص معها وسط الحضور، لف ذراعيه حول خصرها ولم تستطع ردعه لوجود الناس بالمطعم، همس لها بعتاب مصطنع:
-ينفع المُحضر يروح علشان يجيبك ليا وميلاقكيش
ردت بضيق مكتوم:
-ليه؟، ما إنت مرتب تلاقيني!
قال بحب:
-قلبي مطوعنيش تجيلي في إيد راجل غريب
ثم كبح ضحكته بصعوبة وهو يستفزها، لم تبدي غزل أي انزعاج، بل قالت بنظرات مشتاقة:
-باحبك، موحشتكش
نبض قلبه وهذا لم يحدث من قبل، وبدأت رغبته في الميل، تابعت لثيره أكثر:
-يلا نطلع فوق، هناخد راحتنا عن هنا
لم يناقشها بل تحرك بها مغادرًا المطعم، ابتسمت غزل وهي تراه متمنيًا لها لهذا الحد، ولاح ذلك عندما ولجوا المصعد وانغلق عليهما، عانقها بحرارة فأحست بعشقه، بادلته العناق مذعنة للهفته عليها، ابتعد مراد عنها حين أصدر المصعد طنين الوصول، ابتسم لها فأخذته غزل لجناحها، لم يعترض ويدعوها عنده بل فعل كما تريد هي..
فتحت غزل الجناج ثم ولجت أولاً وهو من خلفها، عند غلقها للباب، قال مستنكرًا:
-غزل إنت مش طبيعية، عاوز أعرف بتفكري في أيه؟!
ردت مدعية عدم الفهم:
-يعني أيه مش طبيعية، هو لما أقول لجوزي وحشتني تبقى غريبة
قال بمعنى جاد:
-دا مش شكل واحدة كانت عاوزة تطلق وتخلص مني، اتغيرتي بسرعة!
تعمقت لداخل الجناح وقالت:
-خلاص براحتك، إمشي وسيبني
لم يُفسر مراد تعابيرها، فهي جامدة بشكل غير مفهوم، وبالطبع مهما حدث لن يتركها، قال:
-مستحيل، أنا هنا علشانك
ثم تحرك خلفها وجعلها تستدير له، قبل أن يتحدث وجدها تمسك بسكين صغيرة، تذبذب وقال:
-هتقتليني؟!
رفعت السكين أمامه بهدوء، لكن فاجأته أنها تحمل تفاحة باليد الأخرى، قالت:
-كنت هقطعلك تفاح
بغيظ سحب منها السكين وألقاها أرضًا، كذلك نفض التفاحة من يدها، هتف:
-مفكرة هتخوفيني، أنا لو نايم مش هتقدري تأذيني!
كانت ثقته بنفسه تزعجها، ردت بظلمة:
-طيب اتفضل نام لو مش خايف مني.
ابتسم بتسلية وهو يلصقها به تمامًا، قال:
-ما هو مش لوحدي........................................ ...!!
x x x x x xx ____________________________
x x x x x x x x x x _____________________
x x x x x x x x x x x x xx ______________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-10-20, 07:10 AM   #130

الهام رفعت
 
الصورة الرمزية الهام رفعت

? العضوٌ??? » 424631
?  التسِجيلٌ » May 2018
? مشَارَ?اتْي » 289
?  نُقآطِيْ » الهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond reputeالهام رفعت has a reputation beyond repute
افتراضي أثواب حريرية

الفـــصل السـابع والخمسـون
أثْوابٌ حرِيـــريّة
ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ

استفاضت السخرية على حديثها عن الأخيرة، لا بل قامت بسبها أمام _من كانت_ خالتها، والتي بدورها عابت عليها، هتفت بخشونة:
-إخص عليكِ يا غزل، يعني كنتِ بتضحكي علينا وإنت دلوقتي معاه!
استسخرت ياسمين في ردها مؤكدة:
-من بجاحتها اتصلت وقالت إنها معاه، وبعدين لو نزلت القاهرة هترجع على قصره
انفجرت غيظًا وهي تتابع:
-كانت بتكلمني ولا هممها حد مات، كانت بتحرق دمي باين
لم تصدق فتحية كل ذلك وعبست، قالت:
-مش معقول غزل تعمل كده، دي كانت هتموّت نفسها على يوسف!
لوت فمها من تلك المحبة المزيفة، قالت:
-أسبوع دلوقت في الغردقة قاعدة معاه، كمان مش راضية ترجع غير لما تعيشلها يومين مع جوزها القاتل.
تقطبت معالم فتحية وهي تسمع كل هذا، ومن صدمتها خمنت غِيرة ياسمين منها لتقول ذلك عنها؛ بسبب حب يوسف لها، تنهدت قائلة:
-لما ترجع هتكلم معاها وافهم
انفعلت ياسمين وهي ترد:
-دي لما ترجع تتبري منها!
ثم نهضت من مكانها لتتركها بمفردها، واتجهت لغرفتها، بينما ظلت فتحية متعجبة من أمر غزل، فماذا عن حزنها؟، واضمحل فكرها منشغلاً بها، لامتها بعدم رضى:
-كده يا غزل، نسيتي يوسف ورجعتيله................!!
______________________________________

وضع أمامها الأوراق ولم يمهلها فرصة الاختيار، وباتت مجبرة وهو يشدد من أمره لها، لم تبدي اعتراضًا ثم أخذت توقع أسفل الأوراق، رغم أن غزل أرادت ما يرفع من قيمتها، نفرت من وجود ما يزعج مراد منها، وسلمت روحها له، وليفعل ما يريد، فلم تعد تثق بأحدٍ سواه.
حين انتهت سحب المحامي الأوراق في دفتر مرتب، ثم دسها في حقيبته الخاصة، ابتسم لها مراد معجبًا بتنفيذها أمره، قال:
-كده نعرف نعيش كويس، أصل الحرام مش بيجيب وراه غير مشاكل، وأهي الفلوس دي تنفع حد محتاج!
قالت مقتنعة:
-كلامك صح
نهض المحامي مستأذنًا بالرحيل، وحين غادر هتف مراد بمعنى:
-أنا عندي شغل هنا، يعني هترجعي لوحدك
هتفت بعدم قبول:
-طيب خليني معاك ونرجع سوا.
قال باستنكار:
-مش بتقولي الدراسة بدأت ولازم تحضري، ولا هتفضلي مهملة كده لحد ما تخلص
تذكرت غزل أمرها فزفرت بضيق، وضعت رأسها على كتفه متذمرة، قالت:
-الجو هنا حلو قوي، خصوصًا وأنا معاك!
ابتسم مراد من طفولتها ودلالها، ضمها إليه بحب، قال:
-خلاص خلينا كام يوم، وأنا مش هغيب وأرجع
راقت لها الحياة برفقته، ومن تلك اللحظة ستصبح له فقط، مطيعة راضية بكل الحب الذي يمنحها إياه، متناسية كل ما أوجم قلبها، وأسر روحها بداخل اكماد سبب الضعف لها، لاحظ مراد أنها شاردة، زاد فضوله لمعرفة في ماذا؟، فقال:
-قوليلي سرحانة في أيه، مش قولت ننسى اللي فات؟!
ردت بنبرة موجوعة قليلاً:
-بافتكر سنين فاتت من عمري، كنت عايشة فيها إزاي، كانت بتفوت علينا ليالي مكناش بنلاقي ناكل
تابعت متعمدة، رغم أن ذلك سيزعجه:
-وأوقات يوسف كان بيتصرف، كان فعلاً راجل يعتمد عليه، مكنش يحب يشوفنا محتاجين حاجة
ثم ابتسمت وهي تتذكر، بالطبع أحبت اجتهاده، رفعت رأسها لتنظر له، فوجدته ينظر لها بضيق مكتوم، اردفت:
-أنا مش هكرهه مهما حصل، ومصدقة إنك معملتلوش حاجة
رد بجمود:
-مش هتكلم علشان خلاص مات، بس مش كل شوية تفتكريه وتفكريني أنا بيــه!
قالت بجدية حملت الصدق:
-من دلوقتي مش هاعمل حاجة تزعلنا من بعض، أنا أخدت قرار، هاعيش زي أي ست، عاوزة هدوء وأولاد أهتم بيهم
علق مراد على كلماتها الأخيرة قائلاً بتمنٍ:
-عاوز منك ولاد، مش ناوية تجبيلي ولا أيه
ردت متنهدة بتأمل:
-يا رب، بس أنا هتجنن، المفروض بنحب بعض يعني نخلف على طول، ولا إنت مبتحبنيش!
ضحك قائلاً باعتراض:
-لا بحبك موت، ومش شرط خالص يكون ده السبب.
عاودت وضع رأسها عليه ثم اغمضت عينيها، رددت باستعطاف:
-ربنا أكيد بيحبني، وهيحقق كل أمانيا.......!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،
حين تقدم من المسبح وعينه وقعت عليهما، لم يخفي معالم حقده عليه اللائحة من تحت (نظارته) الشمسية، وذاك التودد يعكس مدى العشق المتبادل بينهما، غضب جاسم وغار منه، فهو يجد نفسه الأفضل لها، ومن يستحقها.
سار بخطوات احترازية، وهو ما زال يتابعهما بأعينه، جلس على المقعد المريح تحت المظلة، ولم تؤثر فيه أي رهبة خوف، فقد موّه في هيئته الكثير، فقط جسده لمن يلاحظ.
وفي لحظة غلبه غيظه، وكاد أن يتوجه ناحيتهما ويأخذها منه، لكن تأنى قائلاً:
-مش هستعجل، خلي كل حاجة لوقتها
دنت منه فتاة شقراء تبتسم له، نظر لها مبتسمًا بمكر ثم سحبها لتجلس على فخذه، قال:
-What's your opinion about Egypt?
-(ما رأيك في مصر؟).
تأملت الطبيعة من حولها قائلة بانبهار:
-It's really cool.
-(إنها رائعة حقًا).
كان رده عليها مريب ومقلق إلى حدٍ ما لمن يعي شخصيته الحقيقية، قال:
-She also loves you, and wants you.
-(وهي أيضًا تحبك، وتريدك..............!!
__________________________________

وقفوا خلفها بالمرصاد، والعبوس يغطي وجوههما، ولم يحبذا بُعدها عنهما لأي سببٍ كان، كانت السيدة هدى تلاحظ ذلك وهي تسحب ملابسها بنفسها من الخزانة وتبتسم، تركت ما بيدها ثم استدارت لهما، قالت بحرج طفيف:
-مالكم مكشرين كده ليه؟!
تعرف أنها حمقاء في سؤالها، وربما تستفزهما، نظروا لها مبدين عدم قبول رحيلها، اردفت بمحبة:
-غصب عني
وضعت يديها على أكتافهما، ثم سارت بهما نحو الأريكة ليجلسوا وهي في المنتصف، قالت بقلة حيلة:
-أنا بحبكم قوي، بس يزيد طلب مني اقعد معاه في بيته الجديد، هو ابني ومينفعش أسيبه لوحده، وهو أصر على كده ومقدرش أزعله.
هتف حسام بتذمر:
-اتعودنا عليكِ يا تيتة، أول مرة نعيش بعيد عنك
مسدت على رأسه بتحنن، قالت:
-أكيد هاجي على طول، وكمان غزل النهار ده جاية وهتفضل معاكم، مش إنتم بتحبوها
امتصت حزنهم بلطافة كلامها، اومأوا لها بقبولهم لـ غزل، جذبتهما السيدة إليها وقالت:
-حبايبي بحبكم قوي، مش هامشي غير لما غزل توصل!

-يا رتني ما وصلت!
رددت غزل هذه الجملة بتكشر وهي تتقدم منهم حين عادت، ابتسمت لها السيدة وكذلك الأولاد، تابعت باستياء وهي تجلس:
-مراد لما قالي اتضايقت، فيها أيه لما تقعدي معانا
ردت السيدة برزانة:
-مش بأيدي، يزيد قالي المفروض تقعدي معايا أنا
هتفت غزل بعدم رضى:
-كده بتفرقي بين مراد ويزيد، وأنهم مش عندك واحد
لم ترغب السيدة في فعل ذلك مطلقًا وترددت، قالت باقتراح:
-طيب خلاص، علشان أرضى الاتنين، هقعد أسبوع هنا وأسبوع هناك!
ارتضت غزل بذاك الاقتراح المريح، ابتسمت قائلة:
-كده حلو!
تهلل الأولاد فرحًا لدرجة التصفيق، ضحكت غزل والسيدة، هتفت غزل بجدية:
-يبقى خلاص، تخليكِ هنا لحد ما مراد يجي، وبالمرة على ما يزيد يقرر يقعد في الشقة
وجدته السيد حل معقول، لذا لم تتناقش فيه، قالت بود:
-طيب يلا قومي غيّري هدومك علشان نتغدا سوا..............!!
___________________________________

أغلق باب الشقة خلف الطبيب، الذي انتهى من فحصها للتو، ثم توجه للغرفة من جديد، وهو يقترب منها اغتم من ذبول وجهها، جلس بجوارها يتأمل ماذا فعل بها الحزن؟، خاطبها:
-قومي يا سامية وشدي حيلك، ولا عايزة تسيبيني لوحدي
جاهدت أن تنظر له بأعين متيقظة، قالت بألم:
-هعيش لمين؟، حرموني من الحاجات الحلوة خلاص
تجمعت العبرات في عينيها وهي تتحدث، متذكرة يوم حرموها من أحفادها، قال بانتواء:
-خلاص مش هاسكت، هروح لـ مراد واتكلم معاه
ردت بأسى:
-مش هيوافق، أنا عارفاه
قال مستنكرًا:
-دا حقك، إنتِ جدتهم، هروح واتكلم معاهم كلهم، دا مينفعش، مش شايفة صحتك في النازل بسبب إنك مش بتشوفيهم ومحرومة منهم.
ابتأست سامية فهي تريد إشباع روحها بلقياهم، واشتمام عبق رائحة ابنتها الوحيدة فيهما، رددت بتحسر:
-حسام، وشريف، وحشتوني يا حبايبي قلب تيتة!
انتفض قائلاً بتصميم:
-أنا هروح قصره وهتكلم معاه، خلاص انتهى
أخذ قرار لن يتناقش فيه، فرؤيته لها تعاني لهذا الحد القاتل جعتله يأخذ خطوة جدية في الأمر، وسيشدد من إرجاع مراد عن اعتراضه، قال في نفسه:
-دا حرام، لحد إمتى هيحرمونا من أحفادنــا...............!!
_________________________________

حين تحسّنت حالتها طلبت رؤيتها، لم تتأخر غزل في تلبية رغبتها وتوجهت للقصر العيني في فرصة أقرب، بعد اطمئنانها على صحتها، قالت:
-الحمد لله إنك بخير، الدكتور قال هتخرجي النهار ده!
جاءت لحظة اعلان عزيزة ما انتوته، قالت بقناعة:
-أنا معوزاش حاجة من الدنيا غير إني أعيش في آمان، وكنت كلمت ست إهنه جالت فيه مكان اسمه دار مسنين، فيه ناس اللي زي إكده ملهمش حد و...
قاطعتها غزل مقتطبة حين تفهمت مقصدها، قالت برفض:
-إحنا جنبك، وهتخرجي من هنا عندي وهتعيشي وسطنا
فرحت عزيزة من سماحتها وكرمها معها، قالت:
-ريحيني، آني عاوزة إكده، أهو اتكلم مع اللي جدي وأجضي أيامي الباجية وسط ناس زيي.
بدا على غزل اعتراض كبير، فتابعت عزيزة بتكليف محرج:
-صدجيني هكون فرحانة، وحبيت الموضوع ده، إني أعيش في وسط ناس زي حالاتي
سلمت غزل أمرها واحترمت رغبتها قائلة:
-اللي تشوفيه ويريحك اعمليه
تنحنحت عزيزة وبدا أنها تريد قول شيء آخر، نظرت لها غزل منتظرة، فقالت الأخيرة دون تردد:
-هجولك على مكان فلوسي، أنا هديهالك كلياتها، ومعوزاش منك غير تتصدقي بجزء منها عليا بعد ما موت
جاءت غزل لتحتج فتوسلت عزيزة:
-لو بتعزيني اجبليهم، اعتبريه تعويض من ربنا على عذابك السنين اللي فاتت
تنهدت غزل بكمدٍ ظاهر، لاحت معه اكترابها مما مر عليها، اردفت عزيزة برضى:
-ربنا رجعك لأهلك بعد سنين، ومنهم لله اللي كانوا السبب في اللي حُصلك
قالت غزل ببؤس:
-ربنا كان عاوز كده
صححت عزيزة بغل:
-ربنا فعلاً عاوز إكده، بس دا ميمنعش إن فيه ناس كانت السبب، وأولهم جسمت الخياط، منها لله
لم تتفهم غزل ما شأنها بما حدث معها، استفهمت بفضول:
-هي عملت أيه؟!
ردت عزيزة بحسرة وهي تتذكر:
-اللي فهمته من نادية إنها السبب في رجوعها البلد بيكِ، جالتلي وجتها إن امك ماتت في حريقة الشجة، وحظك الحلو إن إنتِ كنتِ تعبانة في المستشفى معاها
ثم أخذت عزيزة نفس عميق، أكملت بمفهوم:
-جسمت كانت ناوية تاخدك من نادية، وهي حست بإكده، ولما معرفتش سلطت أبوها عليها، وجالت بتك مخلفة من الحرام، وبعد إكده معرفش حُصل أيه.
ثم بكت عزيزة فبالطبع قتل ابنتها، تألمت غزل وهي ترتب هذا السيناريو القاسي في رأسها، وللحظة غاضبة رددت:
-ربنا ينتقم منها، هي السبب
كفكفت عزيزة دموعها وقالت:
-خدت عقابها من ربنا
ما هي عليه الآن من حياة مترفة، جعلها تتسامح داخليًا، قالت:
-اذكروا محاسن موتاكم، وأنا الحمد لله ربنا عوضني، وراضية باللي أنا فيه دلوقتي
سماحة الله فاقت كل شيء، وجعلت الرضى ينبثق في قلب المحروم، ويغدق من كرمه لمن حُرم وتوسل، وتلك الابتسامة الراضية على وجوههن، أعربت أن نصرة المظلوم والحق يعود ولو بعد حيـــن.....................!!
__________________________________

صفت سيارتها أمام العمارة، وقبيل دخولها توجهت لـ (كشك) صغير جانبي، ابتاعت غزل منه بعض الحلوى اللذيذة لـ خالد، ثم لمحت التليفون، مطت شفتيها قليلاً ثم اعتزمت التحدث مع مراد، بالفعل فعلت ذلك حين طلبت من البائع أن تتحدث، وفورًا كانت تتصل بالفندق الماكث به..
رد عليها فابتسمت قائلة:
-وحشتني، هترجع إمتى يا مراد؟!
كان يرتدي سترته متأهبًا للخروج، قال:
-يومين كده، أنا عندي اجتماع دلوقتي مهم
قالت بعبوس طفولي:
-يعني مش فاضي تتكلم معايا؟!
رد نافيًا بحب:
-أنا أسيب كل حاجة وأفضالك إنتِ بس
انفرجت شفتيها فرحًا، وهدوئه هذا دفعها لتخبره بشأن والدة زوجته الأولى، قالت:
-حماك كان عندنا النهار ده، وكان عاوز يشوفك
زوى مراد جبينه ولم يعرفه، فتابعت غزل بتوضيح:
-حماتك اللي كانت خطفت الأولاد وإنت حرمتها منهم، تعبانة يا مراد، وعاوزة تشوفهم.
زفر مراد فقد ضايقته هذه السيدة، لكن مرضها ولطفه جعله يقول باذعان:
-خليها تشوفهم، بس وإنتِ معاهم، الولاد ملزومين منك يا غزل
ردت بتأكيد:
-الولاد في عنيا، هاخدهم بنفسي عندها وهيرجعوا معايا
لم يمانع مراد فـ صلة الرحم عنده يعرفها جيدًا، وإعجاب غزل بشخصه المحترم جعلها تمدحه قائلة:
-ربنا ما يحرمنا منك يا مراد، متتأخرش مستنيينك.................!!
___________________________________

عند فتحها للباب ووجدتها أمامها، رغبت في غلق الباب غير سامحة لها بالدخول، لكن مرقت غزل للداخل دون استئذان، قالت:
-فين خالتي؟!
تضايقت ياسمين من نبرة البرود تلك، سارت خلفها قائلة باستهجان:
-خالتك مش عاوزة تشوفك، من بعد ما....
قاطعتها غزل بامتعاض:
-خليتي خالتي تكرهني كمان، ناقص تعملي أيه تاني!
قالت ياسمين بغيظ:
-هو رجوعك لقاتل جوزي دا شوية
قهقهت غزل من قلبها ساخرة مما قالته للتو، عقدت ياسمين جبينها غير متفهمة السبب، توجهت غزل لتجليس على أقرب أريكة وهي ما زالت تضحك، قالت بسخرية:
-عاملين زي اللي يكدب الكدبة ويصدقها،x فكراني هبلة ومش هافهم الخطة الزبالة اللي عملتوها على الكل
ارتبكت ياسمين ودفعها تخمينها أنها علمت بكل شيء، بينما تابعت غزل بانفعال:
-ومن بجاحتكم إنتوا عاوزين تخربوا بيتي وتسجنوا جوزي
هنا حضرت فتحية إثر صوتها العالي، واندهشت من كلامها، رأتها غزل فاستطرت متهكمة:
-ويا ترى يا خالتي مشتركة معاهم في الكدبة ولا مخبيين عليكِ إنتِ كمان؟!
جهلت فتحية مرمى كلامها فاستفهمت:
-أيه اللي مخبينه عليا يا غزل، ومين دول أصلاً؟!
وجهت غزل بصرها لـ ياسمين، التي تقف مكانها مشدودة الأعصاب، ابتسمت غزل بثقة وقالت:
-متخافيش محدش عرف، أنا كمان عاوزة مصلحة يوسف، ومكنتش عاوزة حد يأذيه
طغت على فتحية معالم الجهل وهي تتحدث، نهضت غزل من مكانها قائلة:
-أنا قبل ما مراد يقابل يوسف، كلمته إنه بيفكر يبلغ عنه، بس بعدين مفهمتش اللي حصل، لما حد بلغني إن مراد هيقتله
حدقت بأعين ياسمين المهزوزة وتابعت بضيق:
-طلعت لعبة منه، عاوز قبل ما يهرب يأذي مراد، بس بالصدفة سمعتك بتكلميه بليل..

ثم شرحت غزل كيف استمعت لهما، وفي تلك الليلة لم تنم، حيث رغبت في التحدث مع خالتها بشأن عودة حسام سالمًا والاطمئنان عليه، فذهبت للصالة محل التليفون، وعند رفع سماعة التليفون، انصدمت وهي تستمع لصوت يوسف يتحدث مع ياسمين، تجمدت موضعها متخلية أنها تحلم، لكن لا هو لم يمت، سكنت أنفاسها وأخذت تتنصت عليهما والأخيرة ترد من داخل غرفتهــا..
همست ياسمين بقلق:
-كنت خايفة قوي كل اللي خططنا ليه يبوظ، بس كل حاجة عدت على خير لما حطينا جثة مكانك
أشعرها بالغِيرة حين سأل مهتمًا:
-وغزل عاملة أيه دلوقت، سمعت إنها تعبانة قوي؟!
ردت بحنق دفين:
-أهي جوة وبخير، وبدأت تنساك
استنكر يوسف ذلك قائلاً:
-مستحيل، هي بتحبني قوي
علقت على كلمته بمكر:
-بتحبك زي أخوها وبس
ابتسم قائلاً بظلمة:
-مش مهم، المهم إنها تبعد عن مراد، وحاولي تخليها تكرهه، وإنه السبب في قتلي، حتى لو خرج...

اكتفت غزل بهذا القدر من الشرح، ولم تنتبه لصدمة فتحية حين علمت بأنه لم يمت، قالت ياسمين بحقد:
-وتعيشي مبسوطة ليه إذا كان جوزك دا كان عاوز يحبس جوزي، يبقى تتحرمي منه زيي
شفقت غزل على عقلها الضئيل، فما فعله يوسف نتيجة تهوره، قالت:
-يوسف هو اللي عمل في نفسه كده، هو كمان اللي فضل يجري ورايا، رغم إني مكنتش عاوزة أأذيه، بس هو عنيد!
قطعت فتحية كلامهن قائلة بعدم تصديق:
-يعني يوسف ما متش؟!
ردت غزل ناظرة لياسمين باستهزاء:
-لا يا خالتي ما متش!
وجهت فتحية حديثها المتلهف لـ ياسمين قائلة:
-هو فين، عاوزة اطمن عليه.
نظرت لها ياسمين وقالت بطلعة باهتة:
-كام يوم وهنروحله كلنا، هو برة مصر، عملنا كل ده علشان ميتحبسش!
قالت غزل بأمر:
-يا ريت لما تروحيله تخليه ينتبه لنفسه، ويشيلني من دماغه، وسفره برة دا أحسن حاجة، علشان يحل عني وعن جوزي......!!
_________________________________

اجتماعهم على مائدة واحدة لم يحدث من فترة طويلة، بالأخص مشاركة منتصر لهم الطعام، حين دعاه السيد رشدي لفتح صفحة جديدة تبعث الود العائلي بينهم، والبادي على وجوه الجميع احترامهم للسيد بشكل كبير، والحديث يكون بأدب في حضرته، فهو الآن سيد المكان، ومجرد مضايقته تعني خسارته لكل شيء.
خاطب يزيد بتودد:
-والله يا يزيد، مالوش لازمة تسيب هنا وتروح تقعد في شقة!، مش اتفقنا على إنكم هتتجوزوا هنا
ردت هدير عليه بحرج:
-دي كانت رغبتي يا جدي، كنت عاوزة شوية خصوصية لحياتي
نظرتها لوالدتها وهي تتحدث جعل السيد تفهم سبب نيتها تلك، بالتأكيد ترفض تدخل والدتها في حياتها، قال موافقًا:
-رغم إن ده هيزعلني بس أنا عاوزكم مبسوطين ومرتاحين
لامت سميحة ابنتها:
-كده يا هدير، هتبعدي عن أمك
ردت هدير بغلظة بعض الشيء:
-طيب ما كنتوا هتجوزوني واحد غريب وكنت هابعد
محى السيد هذا الخناق بينهما قائلاً:
-خلاص اللي فات فات، مش هنرجع نتكلم فيه
قال السيدة هدى بمعنى:
- سيبهم براحتهم يا عمي، واحنا مش ممكن نتخلى عنك، كل فترة هنتجمع كلنا هنا ونقعد كام يوم
تركهم السيد يفعلوا ما يريدون، ولم يتشدد في ارغامهم على شيء، قال:
-ربنا ما يفرقنا، وكمان يرجع ماهر في وسطنا زي الأول...
فور انتهائه من جملته رن التليفون، وكان المتصل ضرغام، الذي حدث السيد سريعًا وأخبره بانتفاضة خوف:
-مراد بيه محجوز في مستشفى الغردجة، بين الحيا والموت
لم يستطع السيد النهوض من مكانه، واهتز بدنه وهو يقول:
-أيه اللي حصل؟
كل من حوله تركوا الطعام وانتبهوا لهذا الحديث المقلق، رد ضرغام عليه بابتئاس:
-فيه رجالة ضربوا نار على مراد بيه، وحالته خطيرة في المستشفى
انفلتت السماعة من يد السيد، بدأت قواه تخبو لكن في لمح البصر كان يزيد يمسك به ويسنده، نهضت هدير قاصدة سماعة التليفون، ومن حديثها مع ضرغام استشفت ما حدث لـ مراد، تركت السماعة قائلة بحزن:
-مراد في الغردقة مضروب بالنار، وحالته وحشة
انصدم يزيد والبقية، بينما شدد السيد من قوته وهو يأمره:
-روح لأخوك يا يزيد، روح اطمن عليه
جزعت السيدة من حدوث مكروه لـ غزل والأولاد أيضًا، هتفت برهبة:
-غزل والولاد لوحدهم، ممكن حد يأذيهم..................!!
__________________________________

وضعت سماعة الهاتف ويدها ترجف بعد هذه الأخبار السيئة التي تلقتها للتو، تشتت فكرها وأحست بالخوف يقبع بداخل قلبها، رددت بهلع قاتل:
-لا مراد، مش ممكن!!
تنفست بصعوبة بالغة ثم حاولت أن تبحث عن مخرج كي تحمي نفسها والولدين، ركضت غزل نحو الخارج قاصدة غرفتهما، دفعت الباب بقوة وظهرت ملامحها المرتعبة مما أدى لدهشة الصبيين منها، قبل أن يستفهما عن سبب حالتها أمرتهما بحزم:
-بسرعة تعالوا معايا
ثم أمسكت بهما كي يتحركا معها، سأل حسام بعدم فهم وهي تسحبه مع أخيه:
-غزل فيه أيه، إنتي موديانا على فين؟
-إمشوا معايا مش عاوزة كلام كتير
صرخت بانفعال فيهما، وذلك من خوفها عليهما، ذهبت بهما نحو المكتب ثم ولجوا، توجهت نحو مكتبة معلقة على الحائط وسط تعجب الصبيين والذين تفاجؤا بها تضغط على زر سري مخبأ فُتح على إثره الحائط كاملاً، حملقوا فيه بذهول حينما ظهرت غرفة لم يروها من قبل، لم تشرح غزل لما تفعل كل ذلك، بل دفعتهما للداخل قائلة بتحذير شديد:
-هتدخلوا هنا ومش عاوزة صوتكم يطلع
نظروا إليها بجهل فسأل شريف بفضول:
-أيه اللي بيحصل فهمينا، وأيه المكان ده؟
ردت وهي تبتلع ريقها:
-هعمل تليفون بسرعة وهاجي، علشان فيه ناس ممكن يوصلوا في أي وقت يقتلونا، بس المكان دا آمان ليكوا
نظرًا لضيق الوقت لم تنتظر أكثر لتوضح شيء، بل جعلت الحائط يعود كما كان حين ضغطت على الرز، وهو ينغلق هتفت بصريمة:
-مش عاوزة صوتكم يطلع، سامعين!
هزوا رؤوسهما ثم انغلق الحائط، توجهت نحو المكتب بخفة كي تتحدث في التليفون، مسحت دموعها فلم تتخيل أن يحدث ذلك مع الأخير، أيضًا لم تصدق مقتله، وهي تدير الأرقام سمعت أصوات منبعثة من الأسفل لكن مكتومة، لم يطمئن قلبها لها لذا اغلقت السماعة مركزة حواسها لتتفهم ماذا يحدث؟، بخطوات بطيئة حذرة سارت نحو الباب، مدت رأسها أولاً لترى ما هذا؟، خطت أكثر للخارج لتبحث عن مصدر هذه الأصوات، وعند وصولها للدرابزينxنظرت للأسفل ثم أصيبت بنوبة ذعر وهي ترى شخصًا ملثمًا يذبح الخادمة، المنظر جمدها موضعها لكن لثوانٍ، فاقت سريعًا ثم صرخت عاليًا مستغيثة، صوتها جذب الرجل لأن يعرف مكانها، ليس هو فقط لكن من معه كذلك، هرولت بطيش حين لمحتهم يصعدوا الدرج، أمر أحدهم زميلة بصرامة:
-شوفوا العيال فين وخلصوا عليهم
حين استمعت له غزل لم تذهب للمكتب كي لا تلفت الأنظار للمخبأ، بل تحركت نحو الدرج من الناحية الأخرى، هبطت سريعًا وخوفها حثها على المجازفة، توجهت للحديقة وأثناء ركضها تلمح جثث الخدم والحرس مسجية ومذبوحة، فكرت حينها أنها لن تنفد من الموت ثم بكت كثيرًا، رددت بهيستيرية:
-مش عاوزة أموت، مش عاوزة أموت
فجأةً ظهر أمامها رجلين ذي بنية قوية ملثمين فتوقفت مطلقة صرخة عنيفة، هذه الخناجر التي يمسكون بها جعلتها تفقد النطق، حتى الصراخ لم تستطع إخراجه، وهي تتراجع ارتطمت بالآخرين الذين أمسكوها من ذراعيها فنظرت لهم برعب، جعلوها تجثو على ركبتيها ثم رفع أحدهما رأسها، متأهبين لذبحها، وجود موتها قريب دفعها لأن تبقى ساكنة مستسلمة، لم تلاحظ من حضر ووقف أمامها يتطلع عليها بعدائية حملت بعض الحب، انتبهت له يقول:
-سيبها!
قصد ترك رأسها فعفويًا نظرت غزل له، اعتلتها صدمة فهو من يرغب في قتلها، تقدم منها مغترًا بنفسه، خاطبها بغِيرة قاتلة:
-اللي اختارتيه علشان يحميكي وفضلتيه عليا خلاص راح
رجفت بشدة وقد امتقع وجهها، نزل لمستواها ثم لامس وجهها ونظراته المتعطشة تبيح النظر لجسدها:
-متخافيش، مش هتحصليه بسرعة كده، لازم آخد حقي فيكِ الأول، علشان من زمان وأنا عاوزك............!!
___________________________________

لاحقًا، حين أخذها لفيلا ما مستأجرة، كانت تشعر بضعف جسدها، بأنها على ما لا يرام، وضعها في غرفة نوم بداخلها وهي ترجف منه، لم تتحمل الوقوف فارتمت على الأريكة وقد تشوشت رؤيتها قليلاً، خاطبها بنبرة هادئة لتقلل من خوفها:
-مش هاعملك حاجة، أنا باعمل كل ده علشانك، علشان أوصلك وتبقي معايا
لم تهتم بحالتها بقدر جزعها على مراد، سألته بصوت مختنق مبحوح:
-عملت في مراد أيه، بجد مات؟!
هز رأسه للجانبين مشفقًا عليه، قال بحزن مستفز:
-للأسف يا حبيبتي، هي الدنيا كده، بتبقى مع القوى وبس
كلامه أحدث في نفسها رغبة عجيبة، وهي الموت ربما، أو دعوة نفسها لتتصالح مع عالم آخر بديهي، ينتشلها من هذا الألم، نظرت له بأعين تبكي، قالت:
-أنا اتنازلت عن فلوس أنيس كلها للجمعيات، بس لو عايز فلوس هديك، أ...
رد ببرود ادهشها:
-خلاص في داهية، المهم أنا جاي علشانك، إنتِ ذكية ومعاكِ هاعمل أحلى فلوس، مخك عاجبني يا غزل، كل حاجة فيكِ، إنتِ البنت اللي أي حد يتمناها
شعرت بدوار في رأسها يفتك بها، لن تسلم نفسها له ولن تستسلم، لكنها الآن مقيدة لتأخذ حق زوجها منه، هزيلة مشلولة التفكير، تذكرت الأولاد، وخشيت أن لا يستدل على مكانهما أحد، فبالطبع سيموتون جوعًا، أو ربما خوفًا، لكن ما فعلته في كلتا الحالتين سينهي حياتهما بالتأكيد، تدريجيًا اغمضت غزل عينيها ودخلت في حالة إغماء فورية، ظن جاسم أن ما حدث أثر فيها، لذا لم يتخوف كثيرًا، بهدوء حملها على الفراش لتأخد برهة من الراحة، لحين انتهائه من إجراءات سفرهما معــًا.....!!
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ،،،،،،،،،،،،،،،،
قصد غرفة صديقته ثم ولجها، كانت بملابس شبه عارية، كانت لا تؤثر فيه البته، وكان يدعي أنها تعجبه، سارت نحوه لتقابله ثم طوقت عنقه لتدعوه لمشاركة السهرة معها، قالت:
-Why are you late?, l waited so long for you.
-(لماذا تأخرت، انتظرتك طويلاً).
ابتسم ولم يرد، بل فعل شيء جعل صدمتها تلوح عليها، حين ضغط بيده القوية على عنقها، ليسحب أنفاسها شيئًا فشيء، كانت ترتعش بين يديه ولم تقوى على ردعه، حين خرج آخر نفس فيها تركها بنفور لتسقط عند قدميه، رد بتحجر ملازم له:
-مع السلامة، مش باقولك مصر عاوزاكِ عندها
دلف جاسم من الغرفة ثم هبط الدرج بلياقة عالية، وجد أحد الرجال يقف ينتظره، أمره بصرامة:
-جهزت كل الأوراق اللي هتخرجنا من هنا؟!
-كله تمام والورق محدش هيشك فيه، ولا التبادل اللي هيحصل كمان، ممكن تسافروا دلوقتي
سأله جاسم بفضول شديد:
-ومراد الخياط، تعرف عنه أي حاجة؟!
-اللي وصلني إنه في المستشفى، ومظنش هيطلع منها سليم، كلها شوية وقت وهتسمع خبره
تشفى جاسم فيه وابتسم حتى ظهرت أنيابه، قال:
-شوفلي دكتور بسرعة يفوق الهانم، علشان نلحق الطيارة.........!!
_________________________________

انتشر أفراد الأمن في جميع زوايا القصر، بعضهم يجمع الجثث الملقية هنا وهناك، والبعض الآخر يتفحص المكان، هذه الحادثة المرعبة أحدثت ضجة وهلع لجميع السكان المجاورين وغيرهم، وبالأخص للسيدة هدى التي تقف كالتائهة بينهم تبكي، لم يخيل لها أن ما تفكر به قد حدث، ولم تعي أي شيء سوى حين قال الضابط:
-حضرتك مش بتتهمي حد؟!
نطرت له ساخرة بحزن، لم يأتي أحد على ذهنها لتوجه له الاتهام، بل قالت بتوسل:
-دوروا عليهم ولاقوهم!
قال بروتينية:
-بندور في وسط الجثث، وممكن يكونوا من خوفهم جروا واتقتلوا برة
اسندتها هدير؛ كي لا تسقط، فلم تتحمل السيدة لتشعر بالتخاذل، تركها الضابط ليكمل عمله، بينما سارت هدير بها لتجلس وتريح جسدها، قالت بحزن:
-مين اللي يعمل كده، طيب لو مراد يأذوه ماشي، إنما غزل والولاد، ليه بس؟!
تحيرت السيدة وكسرها ما يحدث، فعاد قلبها يؤلمها كالسابق، قالت بوهن:
-لو حصلهم حاجة أنا ممكن أروح فيها
قالت هدير لتواسيها:
-ادعي لـ مراد يقوم بالسلامة، وكمان أنا قلبي حاسس إن غزل والولاد بخير
تمنت السيدة ذلك وأخذت تستجدي الرب، رددت بأسى:
-يا ربي، مراد وكلهم في وقت واحد، ليه يا رب كده؟!
بكت بحرقة وهي تناشد ليكونوا بخير، فربتت عليها هدير لتخفف من حزنها، رغم أنها تبكي هي الأخرى بقهر، انتبهن لأحدهم يخبر الضابط في الجوار بشيء، زاد هلعهم وهو يقول:
-لقينا جثة واحدة يافندم، ومن لبسها تخص الهانم........!!
___________________________________

-يعني أيه مش بتفوق، اتصرف ورانا طيارة
خاطب جاسم الطبيب بجهامة، عندما أخبره باعتياص رجوع وعيها، قال بعملية:
-للأسف الهانم دخلت في غيبوبة يمكن تطول، ومينفعش تفضل كده، لازم تروح مستشفى
هتف جاسم بهياج:
-اسمه أيه الكلام ده، مش ممكن أوديها أي مكان هنا، احنا مسافرين
اقترح الطبيب بتفهم ليبعد بطشه عنه:
-ممكن تسافر بيها كده، ومستعد اعملك ورق بحالتها وإنها تسافر برة تتعالج
لمعت الفكرة في عقل جاسم وابتسم، أعجب بتفكير الطبيب الحاذق وقال:
-طيب يلا خلص اجراءاتك فورًا، علشان مستعجل أنا وهي نمشي
قال بنبرة متوترة:
-في ثواني هاعملك ورقة تقدمها في المطار لو حد لاحظ حالتها
تفهم جاسم ووجد أن وهي نائمة أفضل، ولم ينكر قلقه عليها فسأله:
-هي هتفوق إمتى؟!
رد بنبرة دارسة:
-باين متأثرة نفسيًا، وفكرة ترجع تفوق صعبة شوية، ممكن تاخد وقت طويل، وممكن كمان لما تفوق تفقد الذاكرة!
تنهد جاسم بضيق، فلم يفز بشيء في حياته إلا وتعكر بمشاكل تعيق استمتاعه به، أشار للطبيب أن يفعل المطلوب، بينما وجه بصره لها وهي نائمة هكذا، وجدها فرصة لتتناسى في فترة غيبوبتها الماضي بأكمله، تأمل خيرًا ثم توجه ناحيتها ليحملها استعدادًا للسفر..

بعد ساعة واحدة، حينما حلقت الطائرة بهما، كان يزداد راحة، خاصة وهي تنام على صدره، خروجه معها دوى في قلبه شيء غريب، وقسا قلبه مع الجميع وعندها لان، كم تمنى أن يلامس هذا الجسد، ويتحدث معها بمودة، ويتبادلا أيضًا العشق دون نفور منها، لم يبغضها قد، قال لها بهمس:
-لما انضربتي بالنار كنت هموت، أنا مكنتش قاصدك إنتِ يا غزل، علشان كده قتلت اللي عمل كده
أوحى لها، وبالأحرى لنفسه أنه مغرم بها، ومعجب أيضًا، شدد من ضمها إليه وأنفاسه تخرج مغتبطة، حقًا سيجعلها تتناسى كل شيء، وفكرة نسيانها الماضي أحبها، حين أعلنت المضيفة قروب وصولهما للمطار، انشرح صدره وهو يقول بثقة:
-كل حاجة عاوزها لازم أخدهــا...........................!!
x x x x x x ______________________
x x x x x x x x x ________________
x x x x x x x x x x x ____________


الهام رفعت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:19 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.