آخر 10 مشاركات
الإغراء المعذب (172) للكاتبة Jennie Lucas الجزء 2 سلسلة إغراء فالكونيرى ..كاملة+روابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          ثأر اليمام (1)..*مميزة ومكتملة * سلسلة بتائل مدنسة (الكاتـب : مروة العزاوي - )           »          588-المساومة -ديانا هاميلتون -ق.د.ن (الكاتـب : Just Faith - )           »          انتقام عديم الرحمة(80)للكاتبة:كارول مورتيمور (الجزء الأول من سلسلة لعنة جامبرلي)كاملة (الكاتـب : *ايمي* - )           »          غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          سيدتي الجميلة ~ رواية زائرة ~ .. للكاتب الأكثر من مُبدع : أسمر كحيل * مكتملة * (الكاتـب : قلوب أحلام - )           »          آسف مولاتي (2) *مميزة ومكتملة * .. سلسلة إلياذة العاشقين (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          تراتيل الماضي ـ ج1 سلسلة والعمر يحكي - قلوب زائرة - بقلمي: راندا عادل*كاملة&الرابط* (الكاتـب : راندا عادل - )           »          نيران الجوى (2) .. * متميزه ومكتملة * سلسلة قلوب شائكه (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          420 - الوجه الآخر للحب - روبين دونالد (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > ارشيف الروايات الطويلة المغلقة غير المكتملة

Like Tree566Likes
موضوع مغلق
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-07-21, 08:07 PM   #621

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


الفصل الثامن والثلاثون

راقبتها عيناه خلسة تتحرك مثل فراشة ذات ألوان ربيعية مثل ألوان فستانها الهفهاف الذي منحها ألقًا غاب عنها الأيام السابقة لكنّها بصورة غريبة استعادته كما استعادت ابتسامتها… عيناها تلمعان بتلك الابتسامة قبل حتى أن تمس شفتيها، ولسبب ما غامض ومقلق لم يشعر قلبه بالارتياح.
كان يتوقع أن تزداد رفضًا ومقاومة وعنفًا ضده وضد الجميع مع اقتراب موعد زواجهما لكنّها بعد أن صرخت في وجهه دفاعًا عن ذلك البستاني الوقح وحبست نفسها ليوم ونصف في غرفتها طلبت الإذن لمقابلة جدهما، وتوجس هو من سبب مقابلتها لكنّه كان متأكدًا أنّها لن تستطيع إقناعه بإلغاء الزواج.
حين غادرت مكتب جده اكتفت بنظرة حزينة تجاهه؛ نظرة يرفض الاعتراف حتى اللحظة أنّها ككل خلجة وسكنة منها التّفت حول قلبه واعتصرته.
عيناها ولأول مرة حملتا استسلامًا حزينًا وبدت مغلوبة على أمرها واقتربت بعدها لتقف أمامه وتخبره بهمس خافت حزين
"أعرف أنّ موافقتي أو رفضي لن يفرقا معك لكن… كنت أتمنى لو تركت لي الخيار ربما تغير الكثير في مشاعري نحوك"
قبل أن ينطق بكلمة تركته وابتعدت عائدة إلى غرفتها وفي اليوم التالي بدأت تتحرك في السراي بحرية كأنّها قررت القبول بحياتها ما دامت لا تملك خيارًا.
رضيت بالأمر الواقع وانتهى الأمر.
لكنه مع ذلك لا يستطيع طرد ذلك الشعور… ابنة عمه العنيدة لن تستسلم بهذه البساطة، صحيح؟
رعشة غير مرغوبة سرت بقلبه حين سمع ضحكتها. ضغط على أسنانه بقوة وعاد ببصره إليها حامدًا الله أنّها كانت داخل السراي ولا رجل غريب سيراها تضحك بهذه الطريقة.
"سالم… هل سمعت شيئًا مما قلت؟"
انتبه على صوت شقيقه فالتفت
"نعم يا عابد، كنت تقول..."
تردد صوته لحظة فابتسم شقيقه ساخرًا وعيناه تحيدان إلى ابنة عمهما المنشغلة مع أمهما في حديث ما بينما تقلبان مجلات الأزياء
"آه كنت أقول ماذا…"
ردد متهكمًا فرمقه سالم بنظرة محذرة. هز عابد كتفيه وقال وهو يسترخي في مقعده
"متى ستخبرها؟"
"بماذا؟"
سأله متوجسًا فاتسعت ابتسامة شقيقه
"بماذا يعني؟ بحبك لها"
انتفض باستنكار
"بماذا تهذي؟ أي حب وأي هراء تتحدث عـ…"
"على الأقل لا تكذب على نفسك يا أخي العزيز ولا تكابر… ستخسر كل شيء لو تماديت في العناد والمكابرة"
أخبره عابد ببساطة وعيناه تتحديانه أن يكذب. فتح فمه ليرد لكنّها ضحكت مرة أخرى وبصوت أعلى وأكثر نعومة؛ فكز على أسنانه بعصبية ونهض هاتفًا
"ما هذه المسخرة؟ هل تعجبكِ ضحكتكِ المائعة يا هانم، أم تريدين أن تصل إلى خارج السراي؟"
حدقت فيه بصدمة وكاد يعض شفته حين انطفأت عيناها مجددًا.
"هل جُننت يا سالم؟"
هتفت أمه بينما نهضت راقية وتمتمت بخفوت
"بعد إذنكِ يا خالتي سأذهب لأرتاح"
ورمت نحوه نظرة ميتة وابتعدت ليضرب عابد جبينه بكفه ويهتف
"غبي"
"عابد… احترم نفسك"
هتف بغضب فنهض بعصبية وردد
"استمر على هذا المنوال وأضمن لك أنّك ستجعلها تكرهك طوال عمرها"
وابتعد خطوة ثم توقف يرمقه مطولًا وأكمل بعدها
"ومن يدري؟… ربما دفعتها بقسوتك للهرب وعندها لن يندم سواك"
ناداه بحدة لكنّه تجاهله وابتعد ليخرج من السراي بانفعال؛ لينتبه سالم بعدها لأمه الواقفة على مقربة ترمقه بنظرات غضب ويأس
"أرجو أن تكون راضيًا عما تفعله… ما صدقت بدأت تلين وتتقبل وضعها حتى عدت لتفسد كل شيء"
"أمي أرجوكِ"
لوحت بكفها بعصبية
"اذهب واعتذر لها حالًا"
"أعتذر لمن؟ مستحيل… ولماذا أعتذر أصلًا؟"
حدجته بأسف ليردف بعناد وعصبية
"هي أخطأت… عليها مراعاة تصرفاتها من الآن فصاعدًا… أنا لا يعجبني الحال المائل"
هزت رأسها بأسف
"لا فائدة… أنت لن تستفيق إلا بعد فوات الأوان"
تحركت هي الأخرى وابتعدت تاركة إياه مع انفعاله وأفكاره المتشابكة. خفض بصره ينظر للأوراق التي تجعدت في قبضته بينما قلبه يوسوس له أن يذهب ويعتذر لها، يخبره أنّه تمادى وأنّها لم تخطئ في شيء.
"مستحيل"
هتف وهو يلقي الأوراق على الطاولة بحدة واندفع خارجًا من السراي… لن يعتذر ولو انطبقت السماء على الأرض. لو بدأ بتقديم التنازلات واستسلم لذلك الضعف الأحمق داخله نحوها لن يتوقف الأمر عند هذا وفي النهاية سيجد نفسه خاضعًا لسلطانها عليه.
الضعف لا يليق أبدًا بوريث عائلة المنصوري… هذه اللعنة التي أصابته منذ سنين ومكّنتها من لف قلبه حول أصابعها سيعرف كيف يتعامل معها… لن يكون سالم المنصوري إن استسلم وركع.
لم يعرف أنّ الأمر صعب وأنّ عليه المعاناة مع وسوسات قلبه لساعات وأنّه لن ينال نومًا هنيئًا ونظراتها ظلت كأشواك مغروس في فراشه طيلة الليل.
حين اعتقد أنّه سيخسر معركته ويذهب ليعتذر لها فعلًا فاجأته في اليوم التالي حين غادرت غرفتها وبدأت تتصرف كما لو أنّ شيئًا لم يحدث. ظلت عيناه تراقبانها على الفطور وطيلة فترة الصباح وكان على استعداد للتفرغ طوال اليوم لمراقبة ردود أفعالها بينما تتجاهله تمامًا وتتعامل مع أمه وشقيقيه بانطلاق.
كان يشعر أنّه يجلس على جمر وينتظر اللحظة لينفجر ولم تتأخر. سمعها تخبر أمه أنّها وجدت عيبًا في فستانين من الملابس التي اشترياها معًا وتريد أن تذهب لتبديلهما.
"ألا يمكن أن…"
لم ينتظر أمه لتكمل سؤالها وانتفض هاتفًا
"لن تذهبي لأي مكان"
أشاح بصره عن عينيّ أمه اللائمتين وتمتم بخشونة
"لديكِ الكثير من الفساتين ويمكنكِ شراء المزيد بعد الزواج"
ارتجفت شفتاها ورمقته بدموع مكتومة
"لا أريد شيئًا منك… إن كنت ستشتري لي شيئًا فلا أريد سوى شراء بعض الحرية إن كان ممكنًا"
كز على أسنانه وقال
"لم يقيد أحد حريتكِ"
ضحكت بسخرية مريرة
"لا… واضح فعلًا"
"راقية"
تحشرج صوتها بدموع مكتومة وهتفت ملوحة بذراعها
"ينقص فقط أن تمنع عني الهواء… ممنوع الخروج… ممنوع الضحك… ممنوع أن أختار حياتي"
"سالم، لا مشكلة لو خرجت قليلًا يا بني… منذ أتت هنا، لم تخرج سوى مرة برفقتي"
رددت أمه برجاء فهتف بعصبية
"لا يا أمي… أنا لا أثق بها"
شهقت أمه ونظرت هي له بكراهية مكبوتة اختفت فجأة ليحل محلها الألم
"وكيف ستتزوج من فتاة لا تثق بها يا سالم باشا، هه؟"
تنفس بقوة والندم بدأ يأكل قلبه فركله بقوة ورد
"لا أعني ما فهمتِ… أنا لا أثق بعقلكِ… ربما وسوس لكِ بالهرب أو بأي تصرف مجنون"
قبضت يديها بقوة بينما تدخلت أمه لتقول برفق
"لو كان جدك ووالدك هنا كانا سمحا لها بالخروج… السائق سيرافقها وسيعود بها"
عاوده الشعور المقلق وقبل أن يهتف رافضًا قالت هي بسخرية
"والحارس العملاق الذي رافقنا المرة الماضية… لا أعتقد أنّ نملة تستطيع الهرب منه"
التفت ينظر لها مطولًا بغير ارتياح لتلمع عيناها بتحد مفاجئ
"عامة أنا أعذرك… واضح أنّك تخشى مني كثيرًا"
والابتسامة المتحدية الساخرة على شفتيها سببت ركلة عنيفة لقلبه قبل أن تصفع عقله وتضاعف غضبه
"في الحقيقة معك حق… لن يلومك أحد"
"عفوًا؟"
تمتم بصوتٍ ثلجي لكنّها ابتسمت ببراءة وهزت كتفيها وتحركت فهتف آمرًا
"توقفي عندكِ… ماذا قصدتِ بكلامكِ هذا؟"
"سالم يا بني، اهدأ"
التفتت بنفس الابتسامة البريئة المخادعة
"لا شيء… لا تكن حساسًا هكذا"
ضغط على فكه وكاد ينفجر لتسرع أمه وتمسك ذراعه فتنفس بقوة وعيناه تبادلان عينيها صراعًا طويلًا… كانت تتحداه وتسخر منه… وشيء في نظراتها جعله يشك أنّها تعرف بنقطة ضعفه نحوها… تلك النقطة التي يحاول وأدها دون جدوى.
"سالم"
رددت أمه بقلق فزفر أخيرًا بقوة وردد
"رافقيها يا أمي ولا تتأخرا في العودة"
ابتعدت أمه قائلة
"للأسف لن أستطيع... سيأتيني ضيوف بعد قليل"
وقبل أن يعترض أضافت
"لن يحدث شيء إن رافقها الحارس، لن تتأخر في العودة… ستبدل الفستانين وتعود فورًا"
ضاقت عيناه وهو ينظر لراقية الصامتة وما زالت تتحداه بنظراتها… تمالك أعصابه وابتعد ليخبر السائق والحارس ليستعدا بينما يأمرها بصرامة
"استعدي بسرعة"
اتسعت عيناها بغير تصديق قبل أن تلمعا بشدة فكاد يغير رأيه
"شكرًا لك"
شكرها المفاجئ صدمه وجعل كلمات الرفض تتوقف في حلقه وتابعها وهي تنطلق بحماس تقفز السلالم إلى غرفتها.
خلال دقائق كانت تنزل وفي يدها حقيبتين. تحركت عيناه بخيانة عليها؛ بانبهار؛ وغيرة قاومها بعنف وعيناه تطوفان على شعرها وابتسامتها الناعمة وفستانها. قاوم ذلك الشعور الذي يلتهمه ورغبته في منعها من الخروج لأي مكان. رغبته في حبسها بين هذه الجدران فلا يراها غيره ولا يقع أحد تحت سحرها… لا حق لغيره.
طرد أفكاره بعنف واقترب بعصبية لينتزع منها الحقيبتين فشهقت
"ماذا تفعل؟"
ها هي ابتسامتها عادت لتختفي… لماذا يفعل هذا؟
شتم نفسه مقاومًا أفكاره وفتح الحقيبتين ليفتشهما فلم يجد سوى الفستانين. انتزعتهما منه وهتفت بحنق
"هل اطمأننت أنني لا أخفي سلاحًا أضرب به حارسك والسائق ثم أهرب؟"
رمقها بجمود وتلك الرغبة تزداد بعنف كاد يستسلم لها ويسحبها إلى غرفتها ويحبسها هناك حتى موعد الزفاف.
"إياكِ وأي حركة غبية، مفهوم؟"
"مفهوم يا باشا، أي أوامر أخرى؟"
تمتمت من بين أسنانها فأضاف بحزم
"لا تتأخري"
ابتسمت بسماجة وتحركت مبتعدة تلاحقها عيناه… كادت قدماه تندفعان خلفها لكنّه صمد في مكانه… ليس هو من يستسلم لأي رغبة تضعفه نحوها.
اختفت من أمامه وسمع صوت السيارة ينطلق بعد قليل قبل أن ينتبه لوقفته الجامدة وقبضتيه المتخشبتين وداخله تردد صوت لائم يخبره أنّه سيندم حتمًا على سماحه لها بالخروج.
تحرك خارجًا ينوي ركوب خيله ليتخلص قليلًا من الضغط الذي يشعر به… كان السائس قد انتهى من سرجه له وكاد يعتليه حين اقترب حارس البوابة ليقول
"سالم باشا، هناك امرأة على البوابة تطلب مقابلتك"
قطب مرددًا
"أليست ضيفة أمي؟"
"لا يا باشا… طلبت مقابلة سيادتك لأمر عاجل"
لوح بإشارة وهو يمسك لجام الحصان
"أنا مشغول… اصرفها"
ابتلع الرجل لعابه بتوتر وتمتم
"تقول أنّ الأمر يخص راقية هانم"
اهتز قلبه بشك وتوجس ليقول أخيرًا بجمود
"ادخلها"
أومأ وأسرع ينفذ الأمر بينما أوقف سالم سيل شكوكه وأفكاره بقوة وتحرك لاحقًا به. وصل أمام السراي في اللحظة التي كانت تقترب فيها على الممر الذي يتوسط الحديقة. ضاقت عيناه وهو يتفحصها بتوجس، كانت شابة قدر أنّها تجاوزت منتصف العشرينيات جميلة مع لمسة من الغرور والوقاحة تلمع في عينيها تضاعفت حين وقع بصرها عليه قبل أن تتسع ابتسامتها حين أشار الحارس إليه مخبرًا إياها هويته.
لم يرتح لها لحظة ولا لسبب قدومها بينما اقتربت لتقف أمامه بابتسامة خبيثة
"سالم باشا… أخيرًا التقينا"
قطب مرددًا بجفوة
"هل أعرفكِ يا هانم؟"
التوت شفتاها المصبوغتان ومدت يدها لتصافحه. نظر ببرود ليدها ثم التقطها مصافحًا فضغطت كفه ولمعة عينيها تزداد. سحب كفه بضيق بينما أجابت بخبث
"كاريمان… ولا، لم تعرفني بعد لكن سنتعرف حالًا"
ابتعد خطوة للخلف وكتف ذراعيه قائلًا ببرود
"كاريمان هانم، أنا مشغول حاليًا فرجاء اختصري… ما الأمر الهام الذي يخص ابنة عمي وأردتِني لأجله؟"
لمعت عيناها بكراهية اختفت سريعًا لتقول بهدوء
"جئت لأمنع الكارثة من الوقوع لكن للأسف عرفت من البواب أنّ ابنة عمك غادرت قبل قليل… ربما من الأفضل لك أن تلحقها قبل فوات الأوان"
"ماذا تقصدين بالضبط؟"
رفعت رأسها قائلة باتهام وقسوة
"الذي أقصده أن ابنة عمك المحترمة تهرب مع زوجي بينما نحن نتحدث الآن"
انفجر شيء داخله قبل أن يندفع ليمسك مرفقها ويهتف بوحشية
"ماذا قلتِ؟ هل فقدتِ عقلكِ يا امرأة؟"
أمسكت يده وغرست أظافرها فيها مرددة بفحيح
"لم أفقد عقلي… عرفت مخططهما بالصدفة وما أن وجدت عنوانكم حتى أتيت بأقصى سرعة لأحذركم وأمنع هروبها لكني وصلت متأخرة"
هزها بعنف
"ما الذي تهذين به؟"
شدت مرفقها منه بقوة
"أنا لا أهذي… سمعت كل شيء بأذني… نعمان لعب برأسها وأقنعها بالهرب معه… زوجي وأعرفه حين يضع فتاة في رأسه سيفعل أي شيء ليحصل عليها"
كاد عقله ينفجر… نعمان… أليس هذا اسم الرجل الذي تقدم لخطبتها وتحدت جدها بسببه؟
سمع صوت كاريمان تردد بنفور
"ليست أول واحدة يخدعها وسيرميها مثلها مثل غيرها… الحقها قبل فوات الأوان... زوجة صديقه ستساعدها في الهرب من بوتيك الملابس الخاص بها"
دوت الكلمة في عقله مع كلمات راقية آنفًا… سمعها تتابع وهي تخرج ورقة من حقيبتها وتمدها إليه
"بوتيك ليليان، هذا عنوانه لكنّك ستأخذ بعض الوقت في الوصول"
انتزع الورقة منها
"أرجو أن تلحقها قبل أن تستطيع التسلل من هناك"
انقبضت يده على الورقة وأخبرها من بين أسنانه
"لو اتضح أنّكِ تكذبين أقسم لن تجدي مكانًا تختبئين فيه مني"
ارتفع ركن شفتيها بابتسامة ساخرة
"ولماذا أختبئ؟… سأذهب معك لو أردت"
رمقها بحدة وتركها واندفع نحو سيارته لتهتف من خلفه
"بالمناسبة… لو وجدتها هربت اسأل مجدي ربما يعرف شيئًا"
توقف مكانه ثم التفت لها
"مجدي!"
رفعت حاجبًا وابتسمت
"لا أعرف من يكون لكنّه كان حلقة الوصل بينهما… مؤكد يعرف شيئًا"
شتم بقهر ثم تركها وانطلق بسيارته ووحوش الشك تنهش فيه… لا يمكنها أن تفعل هذا… إنّها عنيدة وصلبة الرأس وسليطة اللسان لكنّها لن تجرؤ… لن تهرب مع رجل وتجلب العار لعائلتها كلها.
انقبضت يداه على المقود وزاد سرعته بجنون وخيالاتها مع الآخر تلتهم عقله وقلبه واسودت الدنيا أمامه
"إياكِ يا راقية… إياكِ"
صرخ بقهر وهو يضرب على المقود
"لن أرحمكِ"
حين شك في تصرفاتها اعتقد أنّها تفكر في الهرب بمفردها، وكان على استعداد وقتها ليقلب العالم على رأسها ورأس من تختبئ عنده من صديق أو قريب لكن أن تتجرأ وتهرب مع رجل… لا وألف لا… سيقتلها قبل أن تفعلها.
أفكاره الوحشية كانت تضاعف مع كل دقيقة تمر بينما جزء ضئيل من قلبه يكاد يُطمر تحت كل هذا السواد كان يأمل أن تكون تلك المرأة كاذبة… أن يذهب ليجدها هناك والحارس على وشك مرافقتها ليعيدها للسراي.
لماذا لم يذهب معها؟… لماذا لم يحبسها؟
صرخ داخله بقهر وهو يضرب تابلوه السيارة ولا يعرف كيف وصل بمعجزة أخيرًا وتوقف بصرير عنيف ليقفز من السيارة ويندفع بسرعة وعيناه تبحثان عن البوتيك النسائي حتى توقفتا على سيارة العائلة ورأى الحارس يتحرك بعصبية ثم ينظر لساعته. اندفع نحوه لاهثًا بعنف وصرخ فيه
"أين هي؟"
أجفل الرجل وتمتم مرتبكًا
"إنّها… ما زالت بالداخل يا سيدي"
رمقه بنظرة قاتلة واندفع والحارس يهتف خلفه
"سيدي انتظر"
دفع الباب بعنف واندفع للداخل لتقابله الشهقات المستنكرة ونظرات الغضب من النساء والشابات قبل أن تندفع من بينهن واحدة بملامح أجنبية هتفت بغضب وبعربية ذات لكنة
"ما هذه الوقاحة؟... كيف…"
قاطعها مقتربًا منها بوجه مرعب جعلها تتراجع بخوف
"أين هي؟"
اتسعت عيناها لحظة ثم هتفت
"من هي؟ عما تتحدث؟"
لم يتمالك نفسه فأمسك بمرفقها وهزها صارخًا بوحشية
"راقية المنصوري أين هي؟… أعرف أنّها دخلت هنا قبل قليل"
"يا أفندم هذا لا يصح"
هتفت إحدى السيدات بينما اندفعت عاملة من المحل
"مدام ليليان"
"سأبلغ الشرطة حالًا"
هتفت أخرى فاشتدت قبضته عليها وردد بقسوة
"لا تجبريني على تصرف لن يعجبكِ… ناديها إن كانت بالداخل"
تدخلت إحدى العاملات لتخبره بشحوب
"ليست هنا… غادرت قبل قليل"
التفت لها بشراسة فتراجعت بوجل حين ترك ليليان واندفع إليها
"كاذبة"
نظرت بتوسل إلى ليليان التي اعتدلت متمالكة نفسها وقالت
"كما سمعت الآنسة راقية غادرت… بدلت الفستانين وخرجت"
"أنتِ تكذبين"
أشارت لإحدى الفتيات
"استأذني من الهوانم بالداخل حتى يتأكد بنفسه"
أسرعت للداخل ووقف هو متجاهلًا نظرات الاستنكار والتجهم من النساء وكلماتهن المحتقرة والغاضبة. عادت الفتاة وبعد لحظات خرجت امرأتين وشابة فأشارت له ليليان بابتسامة ساخرة
"تفضل وتأكد بنفسك"
لم ينتظر لحظة واندفع بتفحص غرف التبديل الفارغة قبل أن يضرب الحائط بجنون ثم خرج وهو لا يرى أمامه من الغضب
"أين ذهبت؟"
صاح فيها وهو يقبض على مرفقها من جديد فانتزعت يدها منه
"اخرج من هنا حالًا وإلا ستندم"
كز على أسنانه بعنف وانصبت نظراته النارية عليها قبل أن يرفع سبابته في وجهها
"أنتِ لا تعرفين مع من تورطتِ الآن… أقسم ستندمين غاليًا إن تأكدت أن لكِ علاقة بهروبها"
كتفت ذراعيها قائلة بتحد
"لا تتجرأ أنت وتهددني أمام كل هؤلاء الشهود أيها السيد"
انتبه للواقفات بتجهم فرماهن بنظرات قاتمة ثم عاد ببصره إلى ليليان متوعدًا وغادر بعدها المكان وسحابة سوداء تعتم تفكيره وانسحق الجزء الضئيل من قلبه بينما تملكه شيطان الغضب تمامًا.
*******************
دقات بعيدة تسللت عبر موجات الذكريات الصاخبة… عبرت إلى عقله الذي غدر به مجددًا وأعاده إلى دوامتها… سنين مرت وهو يصارع ضدها… سنين أبر بقسمه رافضًا الاستسلام للعنتها، داس على تلك المُضغة المسماة قلبًا، مذكرًا نفسه كُل يوم بينما تتسلل هي كلما لاحت لها لحظة ضعف خائنة.
صوت الدقات تردد بإصرار ورافقه هتاف حفيده سالم
"جدي"
انتبه ليده المنقبضة على الصورة وعيناه متصلبتين عليها لوقتٍ لم يعرف مداه. اسودت نظراته وضغط على فكه قبل أن يلقيها في الدرج ويغلقه بمفتاحه.
"جدي… هل أنت بخير؟"
عاد صوت سالم يتردد بقلق فأخذ نفسًا عميقًا ورد بهدوء
"ادخل يا سالم"
انفتح الباب وأطل سالم بوجه قلِق
"خشيت أن…"
قاطعه بإشارة من يده بينما يعتدل في كرسيه
"أنا بخير"
تأمله للحظات ثم تقدم يجلس في المقعد المقابل
"الحمد لله… أتيت لأخبرك أنني اتفقت مع والد رواء على موعد زواجنا"
تحكم في ملامحه جيدًا وابتسم دون روح
"جيد… متى قررتما؟"
"اتفقنا على نهاية الأسبوع"
ردد مقطبًا
"هكذا بسرعة؟… ألا يوجد استعدادت تستلزم وقتًا و"
قاطعه سالم
"أي وقت يا جدي؟ ألم نتفق أمامك؟ لو كان الأمر يرجع لي كنت تزوجتها تلك الليلة حين ذهبنا لخطبتها"
قاوم ليبتسم بجمود
"لن ألومك على عجلتك بالطبع"
رمقه سالم هُنيهة ثم قال بابتسامة شاحبة
"أين العجلة؟… لقد تأخرت هذه اللحظة أكثر من عشر سنوات يا جدي"
قطب ناظرًا له وانقبضت يده على عصاه
"هل ستعود وتلومني؟… ألم نغلق هذه الصفحة؟"
نظر له مليًا ثم ابتسم
"أرجو هذا… ليتنا حقًا نكون أغلقنا هذه الصفحة يا جدي وبدأنا صفحة جديدة"
"ماذا تقصد؟… لماذا أشعر أنّك لم تأت لتبلغني بموعد الزواج فقط؟"
تنهد سالم بعمق قبل أن يخبره
"أنت محق… أتيت لأخبرك بشيء آخر… رواء كانت تريد السكن في شقة منفصلة"
اشتدت تقطيبته وجاهد حتى لا تفضح ملامحه الغضب المشتعل في قلبه
"أعتقد أنّها ما زالت تخشى منك أو ربما تكره المكان نفسه… المهم أنّها غيرت رأيها وفهمت أنني لا أستطيع الانفصال عنكم"
"جيد… ما المشكلة إذن؟"
سأله ضاغطًا على أعصابه وصمت سالم قليلًا وهو يتأمله قبل أن يتمتم
"المشكلة والتي أرجو أن تكون مجرد مخاوف داخلي، أنني من يخشى عليها من الحياة هنا… أرجو أن تكون صادقًا حقًا يا جدي وأن تكون صفحة الماضي قد أُغلِقت تمامًا"
تنفس بقوة ثم تابع والحزم يختلط بالرجاء في صوته
"لا أريد أن أفكر أنّ تغيرك وموافقتك تخفي وراءها شيئًا لن يسرني… ليتك حقًا تكون تقبلتها وعرفت قيمتها في حياتي وأنني لن أعيش دونها بعد الآن لحظة"
ضغط على فكه وهو يستمع إليه… صبرًا… ليحتمل قليلًا حتى تخرج بنفسها من حياة حفيده ويكون له خالصًا وقويًا كما أراده دائمًا… وريثه وكبير العائلة من بعده لا يجب أن يحمل نقطة ضعف كهذه… لا يجب أن يضعف أمام امرأة مهما كانت مكانتها عنده.
"هذه آخر فرصة يا جدي"
رفع رأسه حين سمع تلك الجملة
"ماذا تعني؟ هل تهددني؟"
"حاشا لله"
أخبره بهدوء وتابع بحزم أكبر
"أنا أتوسلك للمرة الأخيرة… لا تفعل شيئًا يعيدنا للخلف… في الماضي رحلت وحدي معتقدًا أن القدر عاقبني بحرماني منها… رحلت وأنا فاقد كل أمل في السعادة… لكن الآن"
تحشرج صوته لحظة قبل أن يكمل
"الآن بعد أن أعادها القدر لي لا أنوي خسارة فرصتي معها مهما حدث… ولو شعرت في أي لحظة أنّها ليست مرتاحة هنا أو أنّك تخطط لشيء يهدد سعادتنا سآخذها ونرحل بعيدًا… لن يمنعني شيء ولن يعيدني أي سبب بعدها"
"أنت تهددني فعلًا يا سالم"
قال بصرامة ويده تشدد على العصا حتى أبيضت أصابعه وهز سالم رأسه
"بل أتوسلك لآخر مرة… أضع قلبي وسعادتي أمامك وأرجوك ألا تحاول تدمير فرصتي الوحيدة في السعادة والحياة"
شد قامته ونهض عن كرسيه مرددًا بخشونة
"كنت محقًا حين حذرتك من الضعف أمام مشاعرك… ها هي النتيجة… تضع عائلتك كلها في كفة وامرأة في الأخرى وترجح كفتها علينا كلنا"
"لا يا جدي… يعلم الله أنني لا أفعل… أنا فقط تعبت وأريد أن أرتاح… أريد بعض السعادة مع من أحببتها، أليس هذا من حقي؟… هل هو كثيرٌ عليّ؟"
رمقه مليًا ثم ردد بنبرة متباعدة
"من حقك طبعًا… واضح أنّك تظنني عدوك الذي يرفض أن يراك سعيدًا"
نهض واقترب ليقف أمامه وقال
"لست كذلك يا جدي، كل ما هنالك أنّ مفهومك عن السعادة يختلف عن مفهومي وما تظنه أنت ضعفًا هو في الحقيقة كل قوتي… رواء هي قوتي يا جدي… لا تحاول كسرها فتكسرني"
حدق فيه باستنكار ليبتسم متابعًا بشيء من المرارة
"لا تظن إن خسرتها ستحصل على الوريث الذي تريده… لا تنس أنني ابن أبي في النهاية ومن يدري ربما انتهيت إلى نفس المصير الذي انتهى إليه بعد أن فقد حبيبته"
رعشة خفيفة في فكه خانته فابتسم سالم بشحوب وتراجع مبتعدًا
"فكر في كلامي جيدًا يا جدي"
منع نفسه من ندائه، وتابع انصرافه بعينين ضاقتا بقسوة واستنكار وشيء من الشك داخلَه تجاه كلماته… هز رأسه رافضًا… لا، ابنه كان ضعيفًا… راقية سيطرت عليه وجعلته ضعيف القلب كما فعلت بعامر وحسناء.
طاف وجه الأخيرة أمامه وانقبض قلبه بلحظة ضعف خائنة. ترنح مستندًا بكفه إلى مكتبه قبل أن يتراجع ويسقط في مقعده… لا… حفيده مختلف… هو من رباه ويعرف أنّه قوي ولن ينكسر أبدًا… ليس إن لعب لعبته بمهارة وجعل رواء هي من تسدد الطعنة إليه وتتخلى عنه… عندها سيضمن أن يخرج من تلك التجربة قويًا وبقلبٍ من صلب.
*******************



Gogo 2002 likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 30-07-21, 08:09 PM   #622

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

"مستحيل… لا يمكن"
تمتمت شيرين بارتجاف وهي تجلس على حافة فراشها بينما كلمات إنجي والصور التي أرتها إياها تطوف في عقلها دون توقف. ترقرقت عيناها بالدموع بينما تقاوم رغبة عقلها في إرجاعها لذكريات مضت… ذكريات لم تنسها قط لكنّها حاولت تناسيها ودفنها لتقفز إلى السطح كلما رأت ليليان... صغيرتها وابنتها التي احتضنتها من أول يوم وضعوها فيه بين ذراعيها فضمتها متشبثة بالتذكار الأخير من شقيقتها الراحلة. ضمتها وكانت لها أمًا من اللحظة الأولى وقررت رمي الذكرى القاتلة خلف ظهرها بادعاء أنّها ابنتها هي من البداية.
تساقطت دموعها دون شعور وأغمضت عينيها لتقفز صورة شقيقتها الحامل في أشهرها الأخيرة، تضحك بينما تحمل صندوقًا ممتلئًا بالزهور والزينة الملونة وتغادر معها المصعد إلى شقتها هي وزوجها.
"سراب بالله عليكِ اهدأي قليلًا… هذا الحماس ليس جيدًا على طفليكِ"
تردد صوتها من أركان ذكرياتها البعيدة ورأت نفسها تلحق بها حاملة صندوقين آخرين
"توقفي عن قلقكِ يا شيري… أنا بخير"
أخبرتها وهي تفتح باب الشقة وتدلف
"وهيا أسرعي… أريد الانتهاء من المفاجأة قبل أن يعود حبيب"
"هل أنتِ متأكدة أنّه سيعود اليوم؟"
سألتها وهي تلحق بها إلى غرفة الطعام وسمعتها تجيب بسعادة وشوق
"نعم… اتصل بي وأخبرني قبل ذهابه للمطار""
ونظرت في ساعتها وقالت بحماس
"إن شاء الله سننتهي قبل قدومه"
مطت شفتيها قائلة
"وبعدها ستتطردينني كالعادة"
ضحكت سراب وبادلتها الضحك بقلة حيلة قبل أن تسمعها تأمرها
"هيا وإلا سأترككِ تنهين الباقي لو تأخرنا وأذهب أنا لأستعد لاستقبال حبيبي"
ضربتها على كتفها
"أنتِ ميؤوس منكِ… يا بنت تعلمي بعض التمنع والدلال وإلا سيمل وتسرقه أخرى"
أمسكت سراب وسادة على هيئة قلب ناعم وضمتها بهيام
"لا تقلقي لن يمل أبدًا… هو يعشقني كما أعشقه تمامًا"
هزت رأسها ضاحكة
"تمام يا عاشقة… هيا تحركي أنتِ من تعطليننا الآن… لا أريد أن أتأخر على عمرو"
"عموري حبيب خالته… طبعًا لا يمكننا التأخر عليه"
قالت ضاحكة ثم أسرعت معها بحماس ووجهها متألق ينهيان تعليق الزينة والبالونات ووضع الشموع قبل أن تبتعد وتسألها
"ماذا عن الحلوى؟"
غمزت سراب وقالت
"لا تقلقي لم أنسها… إنّها في الثلاجة"
ونظرت في الساعة بسرعة ثم تمتمت باعتذار
"شيري حبيبتي… يبدو أنني سأترك لكِ الدقائق الأخيرة لأستعد أنا… لابد أنّه في الطريق من المطار الآن"
"لا بأس يا روبي اذهبي أنتِ… سأنتهي بسرعة وأغادر قبل أن يأتي"
رمقتها بامتنان ثم اندفعت تحتضنها بقوة
"شكرًا يا شيري… أنتِ أفضل أخت في العالم"
ضمتها بحنان ثم قالت
"هيا بسرعة لا تتأخري"
تركتها بسرعة وغادرت إلى غرفتها لتستحم وتستعد لاستقبال زوجها مع مفاجأة خاصة لعيد مولده. ابتسمت وهي تضع اللمسات الأخيرة واتجهت للمطبخ لتحضر قالب الحلوى وما كادت تصل إليه حتى توقفت خطواتها حين لمحت الباب يُفتح وحبيب يدخل حاملًا حقيبته. أسرعت تدخل المطبخ وتنظر حولها بحثًا عن مخبأ وسمعته ينادي على سراب فهمست بخفوت
"فسدت المفاجأة"
كتمت ابتسامتها متخيلة ملامح شقيقتها المدللة التي لا تكره شيئًا مثل إفساد مفاجآتها
"سراب حبيبتي… هل عدتِ؟"
توارت خلف ستار المطبخ حين سمعت خطواته تتجه نحوها وابتسمت حين لم تسمع رد شقيقتها… لا بد أنّها اختبأت هي أيضًا مصممة على إكمال مفاجأتها للنهاية
توقف حين رن جرس الباب وتحرك مسرعًا إليه؛ فتحركت من مكانها وقد ظنت أنّ شقيقتها غافلته وخرجت من الباب لتمثل قدومها فجأة. سمعته يفتح مرددًا بمرح امتزج بالسعادة والشوق
"حبيبتي أخيرًا أتيـ"
قطبت حين توقف صوته بصدمة ومالت بتوجس لتنظر. اتسعت عيناها حين رأت امرأة تندفع بين ذراعيه... تراجعت كاتمة شهقتها بكفها حين رأتها تتعلق به وتقبله
"اشتقت لك… اشتقت لك كثيرًا… كيف هنت عليك لتبتعد وتتركني كل هذا الوقت؟"
كاد قلبها يتوقف وهي تسمعهما بينما تستند لحائط المطبخ قبل أن يصفعها عقلها متذكرًا شقيقتها التي ربما في هذه اللحظات ترى وتسمع كل شيء من غرفتهما.
****
طرقات ارتفعت على باب غرفتها، جعلتها تجفل بشهقة قوية وقد انتزعتها من قبضة الماضي… من تلك اللحظة التي دمرت شقيقتها وانتزعت سعادتها وأحرقتها قبل أن تسرق عمرها وتتركها هي بعذاب الفقد مع طفلتيّ شقيقتها اللتين ولدتا قبل الأوان.
راقية وليليان.
واحدة لحقت بأمها بعد أيام قلائل والأخرى صمدت وقاومت حتى رأف الله بحالهم وأنجاها لهم… نجت ليليان وبقيت ذكرى وحيدة من شقيقتها خففت لوعة الفقد ومرارة الفراق.
"أمي… أمي هل نمتِ؟"
تردد صوتها تناديها بقلق فبحثت عن صوتها الضائع. تنحنحت لتجليه من حشرجته
"تعالي يا سراب"
هتفت تناديها باسم أمها… الاسم الوحيد الذي تقبل منادتها به رافضة حتى اسم جدتها الراحلة فقط لأنّ جدها نعمان هو من اختاره.
غامت عيناها بشرود وألم… كان هو من اختار اسميّ الوليدتين ولا تنسى أبدًا صدمته حين ماتت راقية وبقيت ليليان، ولولاها هي وشجارها معه يومها وانفجارها بكل وجعها، وبكل غضبها من ابنه حبيب وصدمتها فيه، ولولا ذكرى أمها ليليان ووالده صديقه القديم… لولا هذا كان منح ليليان الصغيرة اسم راقية فقط ليبقي صاحبة الاسم على قيد الحياة.
انتبهت على انفتاح الباب فرفعت عينيها مقاومة لسعة الدموع
"ماذا هناك يا حبيبتي؟"
سألتها بابتسامة رأت فشلها في عينيها
"ماذا هناك يا أمي؟ ما الذي حدث وقلب حالكِ فجأة؟"
سعلت لحظات قبل أن تلتقط كوب الماء من الجارور الملاصق للفراش وشربت منه ثم تمتمت
"ماذا حدث؟… أنا بخير يا سراب… شعرت ببعض التعب… لا أعرف برد الجو فجأة"
قطبت هي تتفحصها بشك فرفعت شيرين كفيها تدلك ذراعيها كأنّها بردانة فعلًا
"أمي، هناك شيء حدث بالأسفل… لماذا تغيرتِ بعد كلام إنجي؟"
شحب وجهها لحظة لم تغفل عنها سراب ولا إنجي التي توقفت لتوها عند الباب بعد أن لحقت بهما لتعرف ماذا حدث فجأة.
"لا شيء يا سراب… قلت لكِ تعبت قليلًا، لا تنسي أنني ذهبت لاستقبال إنجي ولم أرتح منذ أمس"
ضاقت عيناها أكثر فرفعت شيرين ساقيها لتتمدد على الفراش وشدت الغطاء قائلة بتعب
"هيا اذهبي ودعيني أنام قليلًا"
"أمي"
رددت مصرة على عدم السماح لها بالهرب فهتفت شيرين بنفاذ صبر
"سراب مرشدي، اسمعي الكلام مرة… أنا فعلًا متعبة، اتركيني لأنام"
مطت شفتيها بغير رضا وراقبتها للحظات قبل أن تتنهد باستسلام وتحركت لتغادر. قطبت حين رأت إنجي على الباب وأسرعت تشدها من مرفقها وتغلق النور ثم الباب وتجرها خلفها.
"تعالي يا إنجي هانم… بيننا حديث طويل كما يبدو"
زمت شفتيها بضيق وانتزعت يدها منها
"لو سمحتِ يا ليليان هانم المرشدي… أنا لم أتخلص من استبداد أخي لتحاصريني أنتِ أيضًا بتسلطكِ هنا"
ضاقت نظراتها بتحذير
"هذه آخر مرة تناديني ليليان"
"لماذا؟ أليس اسمكِ في الأوراق الرسمية؟"
قالت مغيظة فرمقتها سراب بتحذير. ابتسمت لها بسماجة وتركتها وابتعدت
"عندما تريدين شيئًا اطلبيه مني بلطف… سواء بخصوص اسمكِ أو ذلك الحديث الطويل بيننا"
"إنجي"
هتفت خلفها بحنق فغمزت لها مغيظة
"استعملي كلمة من فضلكِ وعندها سأفكر"
نادتها بتوعد لكنّ إنجي تجاهلتها واندفعت إلى غرفتها مقررة الاحتفاظ بشكوكها لنفسها… عقلها الفضولي الذي يجيد جمع التفاصيل وقطع الألغاز مع بعضها في هذه اللحظات يشك في سر خطير يتعلق بتارا السيوفي تلك… ذلك الشبه غير المريح وشحوب أمها وصدمتها… كل هذا يؤكد شكوكها وهي لن تهدأ حتى تتأكد.
حتى ذلك الحين ربما من الحكمة ألا تعرف ليليان شيء من هذا.
"إنّها مجرد شكوك… لن يصح شيء منها"
تمتمت محاولة طمأنة نفسها وألقت نظرة خلفها لتجدها ما زالت واقفة وتعبير غامض يعتلي وجهها
"ربما لو ثار فضولها وبحثت بنفسها لن تجد شيئًا في النهاية"
اختفت في نهاية الرواق متجهة إلى سلالم الطابق الأخير حيث غرفتها بينما تخرج هاتفها من جيبها وتعيد النظر فيه لصورة تارا
"ماذا تخفين بالضبط يا سيدة تارا؟… ربما عليّ السفر بنفسي لأراكِ وأبحث خلفكِ"
تمتمت بخفوت قبل أن تغلق الهاتف وتعيده لجيبها بينما تفتح الغرفة وتدلف وعقلها يضع خطة السفر في الحال ضمن جدولها وتبحث عن مبرر حتى لا يشك عمرو في سبب السفر لهناك.
"لا داعي لأن يعرف"
ابتسمت بخبث وهي تغلق الباب… عمرو يظن أنّها ستقضي شهرًا هنا كالعادة، وأمها لن تمانع إن أخبرتها بأي عذر يتطلب سفرها بعد أيام قليلة.
"لأول مرة سأحمد الله على أنّه لا يتصل بأمي… هكذا لن يعرف أنني تركتها وسافرت"
رددت وهي ترتمي على فراشها وتركت عقلها يرسم ويخطط ويتخيل حتى غرقت في النوم.
*******************

Gogo 2002 likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 30-07-21, 08:14 PM   #623

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لم يمض القليل… لبعض الوقت سمحت لنفسها بالتصديق وتجرأت على خيانة نفسها والحلم ببيت دافئ وعائلة… لأيام صدقت قبل أن يصفعها الواقع… بنظرة واحدة أعادها شاهين لنقطة الصفر.
اختنقت بعبراتها وهي تحدق فيه باحثة عن الثقة بينهما… في تلك اللحظة اكتشفت حقًا كم كانت هشة
"إياك… إياك أن تنظر لي هكذا"
صرخت فيه حين لم تحتمل طعنة الشك في نظراته وشدت قامتها لتدفعه مبعدة إياه عنها
"رويدا"
هتف اسمها بحدة فضربت صدره
"ماذا تريد؟… هل ستعود لتجرحني بكلامك؟… ستعود لشكك؟"
"أنا لا أشك فيكِ"
ردد بجمود فصرخت فيه
"كاذب… أنت كاذب… انظر لنفسك… هل رأيت نظراتك؟"
كز على أسنانه ورمى هاتفها على المكتب
"ما بها نظراتي؟… لماذا ما زلتِ على اتصاله به؟ ما الذي يريده منكِ؟"
ضاقت نظراتها والألم يتضاعف مع كل ثانية بينما توحشت عيناه مع صمتها واقترب يمسك مرفقها هاتفًا بغيرة وغضب
"انطقي… لماذا لم تخبريه ألا يتصل بكِ مجددًا؟… كم مرة اتصل بكِ دون أن أدري؟ هل يحاول التأثير عليكِ لتصدقي ألاعيبه وتعودي إليه؟"
"يكفي يكفي"
صرخت بحرقة وهي تنتزع مرفقها منه
"هل تسمع ما تقول؟… بعد كل هذا تقول أنّك لا تشك فيّ؟"
اقترب يمسك عضديها ويهزها
"قلت لكِ مليون مرة أنا لا أشك فيكِ، لكنني أعرف ذلك الحقير جيدًا… لا بد أنّه الآن يحاول أن..."
"يكفي قلت لك"
عادت تصرخ وهي تضرب بقبضتها على قلبه ثم دفعته بكل قوة… ابتعدت بضع خطوات وخانتها نظرة للمكتب لتصفعها خيالات عناقهما المحموم… هل كانت حمقاء لهذه الدرجة؟
تحشرج صوتها وهددت دموع خائنة بالسقوط
"ظننت أننا انتهينا من تلك الصفحة… قلت أنّك تحبني وتخليت عن انتقامك لأجلي… اعتقدت أنّك صدقتني و..."
قبض يده بقوة وقاطعها
"لم أقل أنني تخليت عن انتقامي… أنا فقط انتزعتكِ من الصورة وأبعدتكِ عن تصفية حسابي معه… لم يعد هناك داع لأنتقم منه فيكِ"
حدقت فيه بجزع قبل أن تضحك بمرارة
"حقًا؟ إذن أنا من أسأت الفهم؟… هل أخطأت سماعك وأنت تعترف بحبي وبنسيانك للماضي؟"
اقترب محاولًا الإمساك بها لكنّها رفعت ذراعها في وجهه فهتف
"لا تطلبي مني المستحيل يا رويدا… لا يمكنني تركه يهنأ بحياته بعد طعنته لي"
شدت جسدها وقالت
"للأسف كل كلامي معك لم يُجد نفعًا… أنت لم تصدق كلمة مما قلت"
"هل أكذب عينيّ وأذنيّ وأصدقكِ أنتِ؟"
هتف بانفعال فتراجعت بنظرة ألم وجرح شديد
"رويدا أنا…"
سالت دموعها وقاطعته بهزة رأس
"أنت محق… لماذا تصدقني؟ ما الذي بيننا لتصدقني أو لتستمع لي؟"
اقترب بتردد وعيناه تتوسلانها لكنّها صاحت بصوت مجروح
"ما الذي بيننا أصلًا ويستحق أن ترمي ماضيك وانتقامك خلف ظهرك وتتوقف عن الشك فيّ وفي صديقك؟"
"ليس صديقي"
هتف بوحشية فضحكت وهي تمسح دموعها
"فعلًا… هو ليس صديقك… أنت لا تستحق ثقته ولا صداقته… أنت من خانه يا شاهين… قلتها لك وسأقولها مرة أخيرة علّها تجد صدى داخلك… سالم كان ينتظر ثقتك فيه لكنّك من طعنه… أنت من خنته حين صدقت تلك الوضيعة"
"رويدا"
أجفلت مع صرخته الغاضبة التي ندم عليها في الحال بينما حدقت فيه بألم… خانتها شهقة باكية؛ فرفعت كفها إلى فمها مرددة بتحشرج
"يا ربي كم كنت غبية… لقد صدقتك… صدقت اعترافك بحبي ورغبتك في بداية جديدة معي"
اندفع ليمسك بذراعيها فقاومته والدموع تنحدر بخيانة بغيضة
"صدقت أنّك تحبني وتريدني زوجة وسنرمي الماضي خلفنا… كنت غبية وصدقتك"
"أنا لم أكذب… أنا أحبك وأريدكِ"
صرخت فيه
"كاذب"
قاومته لتوقف الدموع دون جدوى بينما هتف مدافعًا
"لا تتهميني بالكذب… لا شيء أبدًا سيجبرني على النطق بهذه الكلمة إن كنت لا أشعر بها… لا شيء سيجبرني على إبعادكِ عن انتقامي إن لم أكن أحببتكِ"
ضحكت بمرارة
"وربما انت تخطئ وتخلط بين الحب والانجذاب الجسدي لا أكثر"
حدق فيها لحظات قبل أن يردد
"أخلط بين الحب والانجذاب… هل تسمعين نفسكِ؟"
نظرت في عينيه بتحد وقالت
"لا تنكر… أنا أيضًا لن أنكر… هناك انجذاب بيننا ومن أول لحظة تقابلنا فيها… تلك الكيمياء غير المفهومة بيننا"
اهتز صوتها بالمرارة حين حادت عيناها للمكتب بينما عقلها يتذكر كل المواقف التي جمعتهما… ربما هي أيضًا أخطأت فهم مشاعرها.
نظرت له مليًا قبل أن تهمس
"ربما ذلك الانجذاب هو ما دفعك لتضعني في رأسك من البداية وتورطني في انتقامك"
اهتزت نظراته فأيقنت أنّها أصابت الهدف. ابتسمت بألم وأكملت
"وهو سبب زواجنا، صحيح؟… خشيت من ضعفك نحوي وأردت تصحيح الوضع حتى لا تخرج الأمور عن سيطرتك"
وخانتها ضحكة ساخرة
"صحيح… أنت لا تريد الوقوع في الحرام"
"رويدا توقفي"
ردد محذرًا لكنّ حالتها كانت أبعد ما تكون عن طاعته… كانت تشعر بجرح وخيانة… حين ظنت أنّهما سيبدآن حقًا صفحة جديدة صفعها أنّه لم ينس شيئًا ولم يتجاوز… حين أملت أن يصفو قلبه وتجد الحقيقة وتعيد ثقته بسالم أتى ببساطة ليرمي كل أملها في وجهها.
"لماذا أتوقف؟… هل أكذب في كلامي؟… ربما هذا هو كل ما بيننا في النهاية"
صمتت لتتمالك نفسها لتكمل بتباعد
"مجرد رغبة جسدية ستذوي مع الوقت… ستمل مني وتزهدني في النهاية وعندها سترميني جانبًا وقد استهلكت روحي وجسدي كما توعدتني من قبل… لا أظنك نسيت وعيدك لي، صحيح؟"
أغمض عينيه ضاغطًا فكه بقوة، وران الصمت قليلًا حتى همست وهي تخطومبتعدة.
"وأنا لن أنتظر لتحقق انتقامك فيّ… سأرحل من هنا و"
"على جثتي"
هتف وهو يشدها لتصطدم بصدره… أحاط خصرها بتملك يصرخ من كل خلية ونظرة
"أنتِ زوجتي ولن تذهبي لأي مكان، ضعي هذا في رأسكِ"
"أنت لا تملكني"
رددت من بين دموعها
"أنتِ ملكي… امرأتي وحدي وحبيبتي… لن أتوقف عن ترديدها حتى تثبت في رأسكِ الغبي هذا"
سالت دموعها وتمتمت بعذاب
"سأكرهك"
شدها إليه أكثر ورفع يده الأخرى يحتضن وجهها ويهمس بحرقة
"لن تكرهيني أبدًا… سأمنعكِ بكل طريقة"
لمحت رغبته في السيطرة على فوضى مشاعرها بعناق جديد فمالت تسند جبينها لصدره وتنفست بقوة محاولة التماسك
"أريد الذهاب لغرفتي"
"دعينا نتزوج غدًا"
أخبرها متجاهلًا همستها المتعبة؛ فتململت رغبة في التحرر قبل أن ترفع عينيها له وتتمتم
"ربما علينا الابتعاد لبعض الوقت كما أمرت والدتك… قد يساعدك هذا في حسم قرارك قبل أن تندم لاحقًا"
تأملها بنظرات ندم وتوسل اختلطا بمشاعره
"لن أندم، ومهما انتظرت من وقت… ومهما كان ظنكِ بي أو ظللت عالقًا في شباك الماضي لن يغير هذا من مشاعري نحوكِ"
بادلته النظرات قبل أن تدفع يداها في صدره، وهذه المرة سمح لها بالتحرر فتراجعت هامسة
"ليتك تكون صادقًا"
خفق قلبه وكلماتها التالية تخترقه بعزم صلب
"اسمعني لآخر مرة… لا تظن أنني عاجزة عن التخلي لحظة واحدة… في اللحظة التي ستكسر فيها قلبي سأخرج من حياتك ولن أنظر خلفي أبدًا"
اهتز نبضه لحظة وارتعد شيء داخله من وعيدها
"إن منحتني سببًا واحدًا لأكرهك فسأفعل حتى آخر لحظة من عمري"
ودون كلمة أخرى أدارت ظهرها له وتحركت لتغادر وحين مرت عبر الباب تمثلت أمامه لوهلة صورتها وهي تخرج من باب حياته كما توعدت فهز رأسه بقوة يطرد الصورة الخانقة من عقله قبل أن ينظر لهاتفها الذي نسيته خلفها وضاقت عيناه.
قبض يده وكاد يمسك الهاتف ويتصل بسالم ليهدده أن يتجرأ ويتصل بزوجته مرة أخرى. زفر بقوة وقاوم رغبته وتحرك تاركًا غرفة عملها وكلماتها لا تتوقف عن التردد بعقله محذرة.
*******************
ستفقد عقلها حتمًا… إن استمرت هكذا ولم تختنق قهرًا أو وجدت الفرصة لتخنق ذلك المجنون وتقضي عمرها خلف القضبان… ما الذي يريده منها؟ ألا يكفي زوجة أبيها وقريبها الملعون؟ كان ينقصها هو بانتقامه الغامض وجنونه و…
توقفت أفكارها وذكرى ما حدث تعود لعقلها وتجمدها مكانها… تراجعت تسقط على حافة الفراش وأطرقت غارسة أصابع كفيها في شعرها
"لقد فقدت عقلي… ما الذي أفكر فيه؟"
رفعت رأسها تنظر حولها وهمست
"لا يمكنني البقاء هنا… هذا الرجل مجنون ولا أعرف ماذا ينوي… يجب أن أجد حلًا"
ضربت بقدمها العارضة الخشبية للفراش أسفلها
"المعتوه… مؤكد هرب من مشفى الأمراض العقلية… لا تفسير آخر"
هزت قدمها بعصبية بينما ترمق الملابس التي أحضرها لها وكان مصيرها أرضية الغرفة… تذكرت كلامه عن رائحتها ورغمًا عنها مالت تشم نفسها. شتمت بحنق قبل أن تردد بنقمة
"لا بأس… سأنتظر حتى يختنق برائحتي الكريهة ربما عندها يطلق سراحي لينقذ نفسه"
عادت تسبه دون توقف قبل أن تنتبه على صوت المفتاح يدور بالباب ثم انفتاحه فنهضت بسرعة. عاودها توترها وانقبض قلبها وعيناها تقعان عليه بينما يقف هناك بقامة مشدودة.
"هل حان وقت إعدامي أخيرًا؟"
لم تتمالك ترديد عبارتها الساخرة وتخيلت أنّها لمحت شبح ابتسامة قبل أن يتجاهلها وتتحرك عيناه على الملابس المرمية على الأرض وتأتأ بأسف
"واحدة غيركِ كانت ستقدر قيمة هدايايّ"
هزت كتفيها وقررت استخدام أسلوب العجرفة والغرور معه علّه يمل
"لا تخطئ وتظنني أي واحدة أيها السيد… أنا كارمن عزمي"
قفز نبضها وتوترها للمؤشر الأقصى حين لمعت عيناه بغموض وتحركت شفتاه بابتسامة حسية اختنقت لها أنفاسها فجأة بينما تمتم وعيناه تدوران عليها بتقدير
"أعرف من تكونين يا كارمن هانم… وكما أخبرتكِ مسبقًا أنا أعرف الصفقة القيّمة حين آراها"
تململت في جلستها وعاد عقلها يخبرها أنّ الوضع كله خاطئ وغير مبشر… تنفست بقوة ثم قررت تغيير أسلوبها لآخر معاكس فتمتمت برجاء
"تمام، يبدو أنّه لا فائدة من كل هذه المحاولات… أنت لا تنوي إخراجي من هنا؟"
هز كتفيه وقال ببساطة
"المفتاح بيدكِ"
"أي مفتاح؟"
ابتسم ساخرًا
"مفتاح حريتكِ… ساعديني وأساعدكِ"
قاومت حتى لا تنفعل عليه وتفسد خطتها الوليدة وتنهدت بأسى مفتعل
"أنت تطلب شيئًا غير معقول… ثم أنا لا أرى فائدة لي في كل هذا الذي تتحدث عنه… بما سأفيدك أصلًا ضد إيهاب؟"
لوهلة وهي تنظر في عينيه خُيل إليها أنّه هو أيضًا لا يفهم ما الذي يريده منها، لكنّه ردد سريعًا بابتسامة غامضة
"أنتِ قدمتِ لي خدمة كبيرة في الواقع"
"ماذا تعني؟"
سألته بشك لكنّه هز كتفيه ولم يرد فانتفضت هاتفة بعصبية رامية كل محاولات المهادنة والخداع بعرض الحائط
"ما الذي قصدته بكلامك؟ لا تتحدث بالألغاز يا هذا"
"ستفهمين لاحقًا"
ردد ببرود مستفز فركلت خشب الفراش هاتفة
"اللعنة عليك توقف عن أسلوبك هذا"
ورفعت سبابتها في وجهه بتحذير
"اسمع… ما تفعله جنون وجريمة… هذا اختطاف وأنا لن.."
"أنتِ ضيفتي يا هانم"
هتفت بغل
"اللعنة عليك وعلى ضيافتك… أنا لن أساعدكِ ولو…"
أوقف كلماتها مخرجًا بضع أوراق من جيبه ورفعها أمام عينيها. نظرت له بغباء قبل أن تخفض بصرها لتحدق في الورق بغير فهم
"ما هذا؟"
سألت دون أن تقرأ حقًا المكتوب ليبتسم بتهكم ويقول
"خذي واقرأي جيدًا"
تناولتها بتوجس لتتسع عيناها بينما يكمل بخبث
"كما ترين… ديون شركة والدكِ كلها صارت لي"
رفعت عينيها له بذهول وواصل هو مدركًا عجزها عن إيجاد كلمات
"مؤكد عرفتِ مؤخرًا بوضع الشركة، صحيح؟… واضح أنّ والدكِ العزيز كان يخشى أن يقلقكِ بمشاكل عمله"
لمعت الدموع في عينيها وهي تتذكر حالة والدها قبل أيام من الحادث… كان محقًا، والدها كان يرفض أن يشعرها بأي حزن أو قلق… لم تعرف كل هذا حين ضغطت عليه بدلالها ليخرج معها ذلك اليوم… لم تعرف ما يمر به ورغم هذا ضغط على نفسه وفضل رغبتها على راحته… كالعادة.
كانت ملامحها تخضع لنظراته المتفحصة والتي اسودت بشدة قبل أن تعود عيناه لهدوئهما بينما قاومت حتى لا تبكي أمامه وانقبضت يداها على الأوراق
"المهم… سأتنازل عن الديون كلها وسأنقذ شركة والدكِ من الإفلاس إن وافقتِ على مساعدتي… وإن استمريتِ في الرفض فآسف لأخبركِ أنّكِ ستودعين الشركة والفيلا للأبد"
"سأسدد لك كل هذا"
تمتمت مقاومة ألمها فابتسم بهدوء
"لا أعتقد أن شركتكِ الصغيرة الناشئة قادرة على تسديد كل هذه الديون يا كارمن هانم"
اختنقت بغصتها قبل أن تنظر له بكراهية وفتحت فمها لتلقي بالرفض في وجهه لكنّه أسرع يخرج ورقة أخرى ويخرسها بعرضها
"قبل أن تقولي كلمة… انظري هنا"
جحظت عيناها وهي تقرأ الكلمات وتوقفت عيناها على توقيعها في نهاية الورقة وبجوارها بصمة أخبرها عقلها بتوجس لمن تكون… كيف زور توقيعها وحصل على بصمتها؟
"هذا إن لم تكوني فهمتِ… موافقة منكِ بخروج والدكِ وسفره للعلاج بالخارج موقعة وعليها بصمتكِ أيضًا… الآن الكل يعتقد أنّكِ مسافرة لعرض فحوصاته في الخارج وتريدينه أن يلحق بكِ"
"أيها الـ…"
اقترب خطوة وأخرسها واضعًا سبابته على شفتيها
"واحزري ماذا؟… لقد وافقت المشفى على خروجه بعد أن استلموا إقراركِ هذا بالإضافة إلى مبلغ محترم من التبرعات لهم"
شحب وجهها قبل أن تصفع يده عن فمها واندفعت تضربه بقبضتها
"هل عرضت حياة أبي للخطر أيها الحقير؟"
أمسك رسغيها بقبضتين مؤلمتين وردد بخشونة
"لم أفعل… إن كانت هناك خطورة على حالته ما كانوا سمحوا له بالخروج ولم أكن لأفعلها عامة"
ترك يديها فجأة فتأوهت ونظرت من بين دموعها لاحمرارهما. انتبهت لصمته فنظرت له لتجد عينيه متعلقتين باحمرار رسغيها… هل كان ندمًا هذا الذي رأته في عينيه؟ أو ربما كانت واهمة فقد رفع عينيه لها بسرعة وقال بجمود
"والآن كما ترين… حياة والدكِ وشركته وثروته كلها تحت إشارة واحدة مني… وافقي على شرطي وسأخرجكِ من هنا وأعيد لكِ كل شيء بالإضافة لمساعدتكِ في التخلص من زوجة أبيكِ وقريبها"
ورمقها بنظرة أخيرة وتحرك ليغادر الغرفة
"فكري جيدًا فلن أكرر عرضي مرة أخرى"
ما أن وصل إلى الباب حتى أوقفته هاتفة
"لماذا تذهب إلى هذا الحد؟"
توقف لحظة ثم نظر لها وقال بجمود
"لأنني أريد انتقامي وسأحصل عليه بأي وسيلة"
"حتى باستغلالك وإيذاءك للأبرياء؟"
سألته بشيء من اللوم والحيرة فصمت ثوان ثم أجابها
"الغاية تبرر الوسيلة… أعتقد أنّكِ سمعتِ بهذا سابقًا"
والتفت لها مرة أخيرة وتمتم
"وأنا سأفعل أي شيء وسأستغل أي شخص وسأدوس على أي مبدأ إن كان هذا سيوصلني لانتقامي الذي عشت عمري كله من أجله"
خفق قلبها بذعر وهي تنظر لعينيه المشتعلتين وللحظة خائنة تمنت لو يرحل ذلك القاسي الغريب ويعود ذلك الرجل الذي غرق معها في لحظات صادمة لا تفهمها حتى اللحظة.
هزت رأسها تطرد أفكارها الحمقاء ولم ينتظر لتقول كلمة أخرى. فتح الباب وغادر تاركًا إياها مع حيرتها وأفكارها.
تراجعت تجلس على حافة الفراش مفكرة بيأس… لقد انتزع منها كل الخيارات… لقد وضع إيهاب وضميرها في كفة ووضع والدها في الأخرى… وحين يكون والدها طرفًا في خيار لا يمكنها أبدًا أن تختار غيره.
مسحت دمعة طفرت من عينها ورفعت وجهها تنظر للباب المغلق بتوعد
"سأساعدك لكن أقسم أن أجعلك تندم في النهاية… إن لم أنسف انتقامك على رأسك وأفسد مخططاتك الغبية تلك لن أكون كارمن عزمي"
******************
انتهى الفصل الثامن والثلاثون
قراءة ممتعة ❤😘
****
إن شاء الله الفصل القادم يوم الاثنين الساعة 7مساءا بتوقيت القاهرة.
دعواتكم❤❤

Gogo 2002 likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 31-07-21, 03:12 PM   #624

طوطم الخطيب

? العضوٌ??? » 487178
?  التسِجيلٌ » Apr 2021
? مشَارَ?اتْي » 169
?  نُقآطِيْ » طوطم الخطيب is on a distinguished road
Rewitysmile1

شاهين مفيش فايده فيه مش عاوز يفهم الحقيقه الفصل جميل جدا تسلم ايدك

طوطم الخطيب غير متواجد حالياً  
قديم 31-07-21, 09:37 PM   #625

redrose2014
عضو ذهبي

? العضوٌ??? » 300444
?  التسِجيلٌ » Jun 2013
? مشَارَ?اتْي » 106
?  نُقآطِيْ » redrose2014 is on a distinguished road
افتراضي

شاهين غبي وراح يفسد كل شي...... عندي فضول شنو صار مع الجدة من مسكها الجد سالم اكيد حول حياتها لجحيم وهيه فقدت القدرة على الكلام وتسبب بشلل نعمان واذاه حتى بعائلته لهذا ربى اولاده واحفاده حتى ينتقم منه

redrose2014 غير متواجد حالياً  
قديم 02-08-21, 12:20 AM   #626

انجى م

? العضوٌ??? » 343399
?  التسِجيلٌ » May 2015
? مشَارَ?اتْي » 266
?  نُقآطِيْ » انجى م is on a distinguished road
افتراضي

شـكــ وبارك الله فيك ـــرا لك ... لك مني أجمل تحية .

انجى م غير متواجد حالياً  
قديم 02-08-21, 04:44 PM   #627

Mero&Dana

? العضوٌ??? » 363819
?  التسِجيلٌ » Feb 2016
? مشَارَ?اتْي » 160
?  نُقآطِيْ » Mero&Dana is on a distinguished road
افتراضي

رواية جميلة جدااااا و السلسلة كلها رائعة

Mero&Dana غير متواجد حالياً  
قديم 02-08-21, 08:22 PM   #628

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

مساء الورد حبايبي
كيفكم... يا رب تكونوا بخير وسلام.
أنا براجع الفصل التاسع والثلاثين دلوقتي وهبدأ تنزيل كمان شوية.
تنوروني كلكم


may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 02-08-21, 08:31 PM   #629

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل التاسع والثلاثون


اندفع للخارج بوجه عاصف لا يرى أمامه ليمسك بخناق الحارس هاتفًا
"كيف تركتها تهرب؟… كيف غافلتك؟"
شحب وجه الرجل وردد بارتباك
"لم أرفع عينيّ عن الباب يا سيدي… لم أرها تخرج"
"أمرتك ألا تتركها لحظة"
صاح وهو يهزه بعنف فتمتم الحارس بشحوب
"قالت أنّ المحل نسائي ولا يسمح بدخول الرجال… والسيدة صاحبة المحل رفضت أن…"
اشتعل أكثر وكاد يقتله من شدة غضبه… دفعه ليصطدم بالسيارة قبل أن يتركه ويندفع إلى سيارته وانطلق بها دون أن يتوقف عن توعد راقية… كيف جرؤت؟… لا يُصدق كيف تجرأت وفعلتها… قاد عائدًا إلى السراي ممنيًا نفسه أن تكون لعبة سخيفة منها لتنتقم منه… أن تكون قد تسللت مغفّلة حارسها وعادت بنفسها إلى السراي وتجلس هناك شامتة متشفية فيه بينما تتخيله يكاد يُجن من القهر والخيالات المريضة… لا يعرف ماذا سيفعل بها وقتها لكنّه سيكون أرحم لها مما سيفعله بها لو تأكد من هربها… إن وجدها بعد ذلك لن يرحمها… لن يرحمهما.
ضرب المقود صارخًا
"لن أرحمهما… أقسم لن أفعل"
ترددت في عقله فجأة كلمات كاريمان عن مجدي وعلاقته بالأمر فكز على أسنانه بقوة
"كنت أعرف أنّ موتك على يدي… انتظر حتى أجدك"
تمتم متوعدًا بينما يخترق الشوراع ترافقه أفكار عدوانية ظلت معه حتى وصل السراي وترجل من سيارته صارخًا
"أين ذلك الحقير؟… أين مجدي؟"
وجه سؤاله لحارس البوابة فتراجع الرجل وتمتم بخوف من نظراته
"لم… لم يأت للعمل اليوم يا سيدي"
"الملعون"
هتف بقهر ثم انطلق إلى داخل السراي وهو يهتف مناديًا أمه التي أتت مسرعة بشحوب
"ماذا حدث؟… لماذا تصرخ هكذا؟… لدينا ضيوف و…"
كز على أسنانه ليتحكم في نفسه
"هل عادت راقية؟"
سألها بصوتٍ مُقبِض جعل قلبها يرتجف قلقًا
"لا يا بني لم…"
لم ينتظر لتكمل جملتها واندفع يصعد السلالم إلى غرفتها ولحقت به أمه وهي تردد
"سترك يا رب… ماذا حدث؟"
نادته متوسلة إياه أن يتوقف ويجيبها لكنّه واصل طريقها حتى وصل الغرفة فاقتحمها مسببًا انتفاضة إحسان الصغيرة التي كانت ترتب المكان والتي التفتت له بشحوب وابيض وجهها كأنّها ستموت.
"سالم بـ…"
لم تكتمل همستها حين اندفع ليمسك بياقتها ويشدها صارخًا
"أين ذهبت؟"
"سالم هل جُننت؟"
هتفت أمه وهي تجري نحوه بينما زاد شحوب إحسان وطفرت الدموع من عينيها
"أنا لم أفعل شيئًا"
"سالم اتركها"
صاحت أمه آمرة وهي تحاول فك قبضته عن ياقة المسكينة التي بكت بخوف شديد.
"لم أفعل شيئًا… يا هانم أنا والله"
قاطعها صارخًا بعنف وهو يرفع يده ويقبض على شعرها
"لم تفعلي شيئًا؟… هل كنتِ أنتِ من توصل لها رسائل مجدي؟"
جحوظ عينيها منحه الإجابة فاشتدت يده على شعرها لتصرخ بوجع وانهيار فاندفعت أمه تحاول تخليصها منه
"ابتعد… هل جُننت؟ دع البنت فورًا"
خلصتها بصعوبة وشدت إحسان بين ذراعيها بحماية لتنفجر الصغيرة ببكاء حارق
التفت لها بجنون
"لقد هربت"
"من؟ عمن تتحدث؟"
همست بشحوب وتوجس فصرخ وهو يركل مقعدًا قريبًا
"راقية… بنت عمي المحترمة غافلتنا وهربت"
"لا… مستحيل"
صاحت أمه بذعر ليرمي هو إحسان بنظرة قاتلة وعاد يندفع إليها
"ماذا قال لها في رسائله؟… ماذا أخبركِ؟"
"لا أعرف… والله لا أعرف شيئًا… أنا بريئة"
صرخت حين رفع كفه ليصفعها وأسرعت أمه تحميها هاتفة فيه
"إياك… هل ستضربها أمامي؟ لقد جُننت فعلًا"
رفع يديه يشد شعره صارخًا
"هل ما قلته الآن لا يدفع للجنون؟… هل تعرفين ماذا فعلت بنا؟… كيف تقفين وتتحدثين بهذا الهدوء؟"
صمت فجأة ثم التفت لها
"هل ساعدتِها أنتِ أيضًا؟"
اتسعت عيناها بصدمة ثم هتفت فيه باستنكار
"كيف تجرؤ؟… هل تتهمني؟… أتعرف شيئًا؟"
رفعت سبابتها في وجهه مواصلة بغضب
"المسؤول الوحيد عن هربها هو أنت… أنت فقط… أنا لا ألومها على فعلتها لأنني لو كنت مكانها كنت سأفعلها… هل سمعت؟… أنت لا تستحقها"
حدق فيها بذهول قبل أن يرمق إحسان بنظرة نارية وانطلق بعدها مغادرًا
"سأعرف أين ذلك الوغد… مؤكد يعرف أين ذهبت"
راقبت أمه اندفاعه الجنوني وكل خلية من جسده أخبرتها أنّه في طريقه لارتكاب جريمة… التفتت بسرعة لإحسان وأمسكت كتفيها تهدئها
"اهدأي… لا تبكي… لن أجعله يؤذيكِ"
كان جسدها يختض بشهقات عالية فشدتها نحو الفراش وأجلستها برفق
"اهدأي يا إحسان… أريدكِ أن تخبريني كل شيء… ربما نمنع تلك المصيبة بسرعة"
نظرت لها بوجل فربتت على شعرها
"لا تخافي أنا وعدتكِ، لن يؤذيكِ… أخبريني لننقذ راقية ومجدي قبل أن يؤذيهما"
رمقتها بتردد قبل أن تفتح فمها وتخبرها كل شيء من البداية واستمعت لها أم سالم بشحوب وتمتمت
"إذن مجدي ليس هنا"
هزت رأسها نفيًا وتمتمت
"سمعته يتحدث مع الحارس أمس… قال أنّه سيذهب في مشوار للمدينة"
أطرقت مفكرة بتوتر وعقلها يجمع النقاط معًا قبل أن تلتفت إلى إحسان وتمسك عضديها قائلة برفق حازم
"اسمعيني جيدًا… أريدكِ أن تذهبي لبيت الحاج عبد الرحمن بسرعة وتراقبي من بعيد… إن شاء الله لا يكون مجدي قد عاد ووجده سالم"
تنفست بقوة قبل أن تكمل مؤكدة عليها
"إن لم يكن قد عاد فابقي مكانكِ وراقبي الطريق للبيت حتى تجديه… إن رأيتِه أبلغيه فورًا أن يختفي ولا يعود للسراي حتى يهدأ الوضع"
"لكن يا هانم"
اشتدت يداها على عضديها
"أرجوكِ يا إحسان أنا أعتمد عليكِ… مجدي حياته في خطر ولا أضمن ماذا سيفعل به سالم إن وجده… حاولي إنقاذه"
نظرت لها من بين دموعها بخوف وتردد قبل أن تومئ بشحوب فمسحت أم سالم على رأسها بحنان وطمأنة لم يشعر بها قلبها للحظة.
***********
"أبي… انهض لتأخذ دواءك"
تمتمت فتاة صغيرة تقارب الخامسة عشر وهي تقترب من فراش أبيها الراقد بتعب. ساعدته ليعتدل وناولته قرص الدواء وانتظرت ليبتلعه ثم أعطته كوب الماء… ارتشف قليلًا وأعاده لها مرددًا بصوتٍ مجهد
"هل عاد مجدي؟"
"ليس بعد، لكنّه قال أنّه لن يتأخر"
وربتت عليه برفق
"أكمل نومك وارتح قليلًا… سأوقظك حين يعود"
هز رأسه وساعدته من جديد ليرقد وابتعدت متجهة إلى المطبخ لتساعد أمها التي التفتت قائلة
"أعطيتِ الدواء لأبيكِ؟"
"نعم يا ست الكل… كله تمام"
ابتسمت أمها بوجهها المرهق وجففت قطرات عرقها
"هيا أسرعي لننتهي من الغداء قبل أن يعود شقيقكِ"
أومأت وتحركت تساعدها ولم تمض دقائق حتى دوت طرقات عالية على الباب فهتفت
"افتحي الباب لشقيقكِ بسرعة"
قطبت متمتمة بقلق وهي تسرع للباب
"ولماذا سيطرق الباب هكـ…"
توقفت كلماتها وتجمدت بفزع حين انهالت ضربة عنيفة على الباب لتفتحه بقوة. ارتطم بالحائط بينما شهقت هي بجزع تضاعف حين رأت الرجال يندفعون لداخل البيت.
"من أنتم؟… ماذا تريدون؟"
هتفت وهي تتراجع للخلف بحذر وخوف بينما ارتفع صوت أمها قادمة من المطبخ
"ماذا حدث؟… ما الـ…"
انقطع سؤالها بشهقة فزعة وضربت صدرها وأسرعت ابنتها تتمسك بها محدقة فيهم برعب.
"سالم باشا"
التفتت على صيحة أمها لتجد الحفيد الأكبر للمنصوري يعبر بين رجاله بوجه مربد وكأنّه يوشك على قتل أحدهم.
"ماذا حدث يا سالم باشا؟… لماذا تقتحمون بيتنا بهذه الطريقة؟"
تجاهلها ببرود وأشار بكفه للرجال فاندفعوا دون كلمة إلى الداخل ليفتشوا البيت بحثًا عن مجدي، وأمه تهتف
"ماذا تفعلون؟… ماذا حدث؟"
التفت لها قائلًا بصرامة
"أين ابنك؟"
اتسعت عيناها وتمتمت بشحوب
"ماذا فعل يا باشا؟"
"ردي عليّ أين ابنكِ الكلب ذاك؟"
ضربت صدرها بينما هتفت شقيقته باندفاع
"لا تشتم أخي"
ضاقت عيناه بنظرات جهنمية أرعبتها
"لا أشتمه؟… هذا أقل ما سيلقاه مني حين أجده"
ولولت أمه قبل أن تندفع إليه بتوسل
"ماذا حدث يا باشا؟ أخبرني ماذا فعل وسأخبر الحاج عبد الرحمن وهو سـ…"
أخرستها نظرته قبل أن يلتفت لرجاله الذين عادوا معلنين عدم وجودهم فعاد ببصره إليها
"أين هو؟"
رددت ودموع خوفها تنساب
"ذهب للمشفى في العاصمة ليحضر فحوصات الحاج.."
قطع كلماتها صوت زوجها المتعب
"سالم باشا… خيرًا، كفى الله الشر؟"
التفت يرمقه بنظرة قاتمة ثم قال
"ابنك تجرأ على حُرمة سراي المنصوري يا حاج عبد الرحمن"
ضربت أمه صدرها بارتياع وهتفت شقيقته برفض غاضب
"مستحيل أن يفعل أخي شيئا من هذا"
رمقها مليًا بجمود ثم تجاهلها موجهًا حديثه لأبيها
"جريمته لا تُغتفر ولن تشفع له سنين خدمتكِ الطويلة للعائلة… إن كان يختبئ في مكان ما اتصلوا به وأبلغوه أن يعود وإلا سيتمنى الموت لو وجدته بنفسي"
قبل أن يرد أحد بكلمة اندفع رجل من الخارج ومال يهمس له ببضع كلمات اسودت نظراته بعدها بطريقة مرعبة قبل أن يلتفت لهم قائلًا
"واضح أنّه عرف أنني أبحث عنه وهرب بجلده… لكن لا بأس، أعرف جيدًا كيف أجعله يعود راكعًا"
توقف قلب الفتاة حين لمحت نظرته لها قبل أن يقترب ليقف أمامها مزيدًا رعبها أكثر. صرخت حين قبض على مرفقها بعنف ثم شدها ليرميها نحو رجاله كخرقة بالية.
"خذوها من هنا"
"دعوني… ماذا تريدون؟"
صرخت وهي تحاول مقاومتهما بينما اندفع والدها بضعف وسط ولولات أمها التي ضربت وجهها باكية
"لا تفعل يا سالم باشا… لا تفعل هذا"
"أبي… اتركوني يا كلاب… اتركوني"
شدوها للخارج بينما اندفع الآخرون يمنعون أبويها من اللحاق بها
"أتوسل إليك يا سالم باشا… بحق الله دعها… ابنتي لم تفعل شيئًا"
حدجهما بنظرات كادت تصرعهما في مكانهما
"ابنتك ستبقى في يدي حتى يعود شقيقها ويُسلم نفسه… أعرف أنّه سيتصل بكم في أقرب وقت لذا أخبره إن كان يريدها سالمة يأتيني بقدمه وإلا سيعرف الرجال ماذا يفعلون بوقت فراغهم الليلة"
جحظت عينا الرجل مع رسالة التهديد الواضحة ولطمت زوجته مولولة ليتركهما سالم ويغادر كملك مستبد غزا لتوه بلدة وترك دمارها خلفه. اندفعت أم مجدي خلفه صارخة ومتوسلة لإنقاذ ابنتها بينما ترنح الحاج عبد الرحمن فجأة شاعرًا بضيق في صدره.
سقط على أقرب مقعد ممسكًا بقلبه وهمس بأنفاس ضعيفة
"ماذا فعلت يا مجدي؟ ماذا فعلت يا ابني؟"
***********
"يا رب سترك… ما الذي فعلتِه يا راقية؟"
واصلت أم سالم تمتماتها بينما تتحرك أمام السراي بقلق وعيناها تطرفان إلى البوابة كل لحظة في انتظار عودة إحسان أو ابنها قبل أن يرتكب جريمة، وتدعو أن تعود راقية قبل أن تزداد الأمور سوءًا… لو عاد جدها فلن يرحمها أكثر مما سيفعل سالم. قفز قلبها حين لمحت الحارس يفتح البوابة وتقدمت للأمام بتوتر لتتوقف لدى رؤيتها لولديها الأصغرين عابد وزين الدين اللذين أسرعا تجاهها ليهتف عابد ما أن اقترب
"ماذا حدث يا أمي؟ هل ما سمعناه صحيح؟"
رددت بجزع
"من أخبركما؟… هل انتشر الكلام بهذه السرعة؟"
قطب ابنها الأصغر زين هاتفًا
"أي كلام؟ ماذا يفعل سالم بكل هؤلاء الرجال؟ الناس بدأت تتحدث وتخترع إشاعات"
لامست قلبها المرتجف وعابد فتح فمه ليسألها بقلق لولا أن انتبهت هي لإحسان التي دخلت من البوابة مسرعة. ابتعدت عنهما وسألتها ما أن اقتربت
"هل رأيتِه؟"
أومأت بشحوب
"لم يكن في البيت وانتظرته كما طلبتِ مني… لمحته على أول الطريق فأسرعت وأخبرته"
"حمدًا لله… هل ذهب؟"
همست أم سالم بمزيج من الراحة والتوجس لتهز رأسها إحسان وتتمتم
"كان خائفًا على أهله وأراد الذهاب لهم لكنني بلغته رسالتكِ وأن سالم باشا سيقتله لو رآه فذهب… كان مترددًا وقلقًا"
"هداك الله يا سالم"
همست بألم بينما اقترب ابناها وقد تضاعف قلقهما وقبل أن ينطق أحدهما بشيء انتبهوا على صوت صراخ قادم من ناحية البوابة
"يا رب سترك"
هتفت أم سالم بجزع وأسرع عابد إلى البوابة ليجد أم مجدي تصرخ متوسلة لتدخل فأشار للحارس آمرًا إياه بإدخالها وما كادت تفعل حتى جرت إلى أمه وكادت تركع عند قدميها لولا أن منعتها هاتفة
"ماذا تفعلين يا أم مجدي؟"
مالت تقبل يدها باكية بحرقة
"بنتي يا هانم… أقبل يديكِ أعيدي لي بنتي"
"ماذا حدث لابنتكِ؟"
سألتها بجزع وقلبها أخبرها أن سالم قد ارتكب جنونًا حتمًا
"سالم باشا أخذها… رماها لرجاله و… قال أنّها سـ… يريد مجدي وإلا سيؤذيها"
رددت بكلمات لا تكاد تُفهم من انهيارها الشديد ومالت تقبل يد أم سالم دون توقف
"أعيديها يا هانم… بنتي لا ذنب لها… أبوها سيموت لو حصل لها شيء"
حاولت تهدئتها والتفتت إلى عابد قائلة بصرامة
"اذهب وابحث عن سالم وأحضره لي بأي طريقة"
أومأ وهتف في شقيقه الصغير ليلحق به غير مصدقين الجنون الذي وصل إليه شقيقهما ولا فاهمين سببه بينما التفتت أم سالم وأحاطت بكتفيّ المرأة المسكينة تهدئها
"لا تخافي يا أم مجدي… لن يحدث شيء لابنتكِ… سأعيدها لكِ سالمة بعد قليل"
والتفتت إلى إحسان الواقفة ترتجف باكية
"إحسان… أوصلي أم مجدي لبيتها وابقي معها"
"حاضر يا هانم… تعالي يا خالتي أم مجدي"
كادت المرأة تنحني مرة أخرى وتقبل يدها لكنّها منعتها وربتت على كفها قبل أن تتراجع بدموع مكتومة تتابع انصراف المرأة بظهر منحني وعاد قلبها ينقبض بنذير سيء
"ماذا فعلتما؟"
همست تسأل سالم وراقية وقد أخبرها قلبها أن حياة السراي لن تعرف لحظة سلام واحدة بعد الآن.
**********
لم يستطع مجدي الابتعاد وقلبه مرتعب من تخيل ما يمكن أن يفعله سالم بأسرته… لن يرحمه ولن يرحمهم… سبق وهدده وهذه المرة لا بد أن انتقامه سيكون رهيبًا.
تحسس قلبه الممزق بين قلقه على أهله وقلقه على راقية التي لم يقاوم رغبته في الاطمئنان عليها قبل أن ترحل مع نعمان… هل كان مخطئًا حين ساعدها مخاطرًا بنفسه لو انكشف أمره كما حدث الآن؟ بل الأشد مرارة من هذا… كيف احتمل قلبه أن يسلمها بنفسه للآخر؟
توقف متنفسًا بصعوبة… لولا أنه رأى بنفسه لهفة نعمان وحبه الواضح لها ولولا رؤيته لتعاستها وعذابها في السراي ما كان ساعدها، لكنه لم يفكر سوى في سعادتها.
يعرف أنه لا أمل له معها… لا أمل مطلقا في أن تعشقه أميرة السراي ولو كان قلبها خاليًا.
عادت كلمات إحسان المحذرة تخترق عقله تذكره أنه يهرب الآن ويترك أسرته لغضب سالم.
لا يمكنه أن يهرب هكذا… توقفت خطواته المترددة… ماذا لو وجده سالم قبل أن يصل إليهم؟ ماذا لو ..
أوقف أسئلته الموترة قبل أن يسيطر عليه خوفه عليهم فعاد أدراجه بسرعة… جرى بكل قوته متخذًا طريقًا جانبيًا بعيدًا عن الأنظار ليبلغ بيته وتوقف لحظات خلف أحد الجدران القريبة ليتأكد من خلو المكان قبل أن يندفع بسرعة إلى البيت وما كاد يدخله حتى هاله رؤية أبيه المتهالك بشحوب على مقعد قريب فاندفع إليه هاتفًا بلوعة
"أبي… ما بك يا أبي؟… رد عليّ أرجوك"
فتح والده عينيه بصعوبة قبل أن تقعا عليه فتتسعا
"مجدي، أنت هنا… ماذا فعلت يا بني؟ ماذا فعلت؟"
أمسك يده يقبلها بحرارة
"اهدأ يا حاج أرجوك… لا تنفعل"
حاول شد يده هاتفًا
"ماذا فعلت لتقلب حفيد المنصوري علينا؟… هل انتهكت حرمة السراي كما قال؟"
توسله بدموع مكتومة
"أقسم لك لم أفعل ما يشين يا أبي… لم أفعل ما.."
انقطعت كلماته حين ترددت خطوات سريعة وقبل أن يتحرك أحدهم اقتحم رجال سالم البيت واندفعوا يمسكون به… صرخ مقاومًا إياهم فركله أحدهم بعنف في بطنه ليميل متأوهًا بألم شديد ثم سقطت لكمة عميقة على فكه
"مجدي"
هتف والده بجزع بينما ظهر سالم على الباب
"كنت أعرف أنك ستعود… جيد أنك ظهرت بنفسك"
رمقه بنظرات سوداء وبصق الدم
"ماذا تريد؟"
"الآن ستعرف ماذا أريد.. هاتوه"
نهض والده بصعوبة مرددا
"مجدي بني… لا"
نظر مجدي له بهلع ازداد وهو يرى شحوبه يتضاعف
"دعني لأطمئن على أبي، إنه مريض… سأذهب معك لكن دعني أطمئن عليه"
لم يرد سالم وحانت منه نظرة لوجه عبد الرحمن الذي تسارعت أنفاسه وترنح فقطب لثوان قبل أن يأمر أحد رجاله
"خذه للمشفى حالًا"
أسرع ينفذ الأمر بينما أكمل سالم بصرامة شديدة
"وأنتم… خذوه إلى نفس المكان"
راقبهم وهم يجرونه برأس منحني قسرًا أمام جيرانه بنظراتهم الفضولية والقلقة وأصواتهم العالية بينما يحاول مقاومتهم دون جدوى وخوفه على والده يزيد مقاومته لتشتد قبضاتهم وتنهال عليه لكماتهم وركلاتهم العنيفة.
وحين اقتادوه لحظيرة كبيرة تابعة للسراي ودفعوه بكل قوة ليسقط مرتطمًا بالأرض واسودت الدنيا للحظات قبل أن يخترق وعيه صرخة بصوت مألوف فرفع وجهه بارتياع ليقابله وجه شقيقته الصغيرة مقيدة لعمود
"سلوى"
كانت تتلوى وسط قيودها صارخة باسمه والدموع تغرق وجهها ليعتدل بسرعة وكاد يندفع إليها لولا أن حالوا بينهما وسقط قلبه حين سمع خطوات سالم تتقدم من خلفه وصوته يأمر رجاله أن يجعلوها تخرس.
واقفًا بين شقيقته التي ترتجف رعبًا وسالم الواقف كجلاد بلا رحمة أدرك مجدي أنه على وشك أن يدفع أقصى عقاب جزاء فعلته… أقصى عقاب على الإطلاق.
*************************

Gogo 2002 likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
قديم 02-08-21, 09:04 PM   #630

may lu

كاتبة بمنتدى من وحي الاعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية may lu

? العضوٌ??? » 107341
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,587
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » may lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond reputemay lu has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

لماذا يصر الماضي على الاستمرار في مطاردته بينما كل ما يرغبه هو تركه خلفه؟… بعد كل هذه السنين لم يستطع النسيان... وكيف ينسى وقد تشابك قدره مع أقدارهم؟ كيف ينسى والماضي يصر على التكرر بنفس الصورة والوجع؟
الأنين الذي تردد عبر شفتيّ حفيده أعاده في لحظة للماضي البعيد ثم عاد ينتزعه منه… لا يعرف حتى متى سيحتمل قلبه الحياة مثقلًا بكل تلك الذكريات… ظن أنّه حصل على الشفاء بابتعاده ومتابعته لحياته كما أخبر نعمان… ظن أنّه تجاوز الأوجاع حين وقف على قدمه واحتمل صدمة موت أبيه حين لم يحتمل قلبه الضعيف… مضت به الأيام وعاد يقف متحديًا شبح سالم أن يكمل انتصاره عليه ويواصل تدمير حياته؛ تزوج وصار لديه أسرة ومستقبل وحياة جديدة.
كان عليه أن يدرك أن استمرار علاقته بنعمان المقيد بأشباح الماضي سيمنعه من التحرر كُليًا… كان يمكن أن ينسى إن افترق عن طريق نعمان لكنّه لم يستطع التخلي عنه بعد ما حدث… القدر جمعهما والمُصاب وحّدهما.
شده أنين تامر الذي تزايد فاعتدل بقلق بينما يرى جسده يبدأ في الارتجاف وأنين مكتوم رافض مقاوم مزق قلبه عليه… نهض عن كرسيه ليجلس على حافة الفراش ومد يده يربت على جسده محاولًا تهدئته. سقطت دمعة خائنة وهو يشعر بارتعاشته وأنّة رفض لا تكاد تُسمع وصلت أذنيه.
كان يحلم بنفس الكابوس… يعيش نفس اللحظات التي كادت تقوده إلى الموت على يد رجال المنصوري.
تامر كان الصفعة التي سقطت على وجهه وأعادت الماضي بكل مرارته… صفعة أعاد سالم المنصوري توجيهها له على غفلة منه وحتى دون أن يعرف أنّه وجهها له.
أم تُراه كان يعرف؟ هل كشف الحقيقة وأدرك أنّه حفيده ولهذا آذاه بتلك البشاعة؟
قبل حتى أن يرى حالة تامر توقع كيف سيجده… سبق ونال نفس العذاب على يد رجاله في الماضي وعاد يشعر به مضاعفًا حين وقعت عيناه على جسد تامر المحطم بين الحياة والموت.
عامان قضاهما في غيبوبة وبعدها ما يزيد عن العامين في مصحة نفسية غارقًا في كوابيسه وهذيانه. خمس سنوات والندم ينهشه لأنّه غفل عما يفعله نعمان من ورائه حين سحب تامر لصفه وشجعه على الانتقام.
همس بحنان وهو يمسح على ظهر تامر
"أنا هنا يا بني… لن يؤذيك أحد"
مضت دقائق حتى بدأت رعشته تهدأ وظل مجدي جالسًا قربه حتى سمع طرقات على باب الغرفة والتفت ليجد الممرضة التي تلازم تامر منذ ترك المصحة قبل أقل من عام بعد أن فشلت كل المحاولات في جعله يتحسن مع استمراره في حبس نفسه في تلك البقعة المظلمة من ذكرياته، فأصر على إخراجه من هناك علّ عودته للبيت تحقق المعجزة ويتعافى وسطهم.
انتبه على تحية الممرضة وابتسامتها الرقيقة فرد بابتسامة باهتة ونهض ليعود إلى مقعده وتابعها حتى انتهت من معاينة تامر وإعطائه أدويته ثم غادرت تاركة إياه مع أفكاره من جديد.
لم يعرف كم مضى من الوقت قبل أن يسمع طرقات جديدة وهذه المرة سمع صوت عمرو فالتفت له بدهشة
"عمرو… لم تقل أنّك قادم!"
اقترب منه مبتسمًا وقال
"غيرت رأيي… وجدتني مشتاقًا لك فور أن سافرت فقررت اللحاق بك"
ضحك مجدي وضربه على ذراعه
"صدقتك يا ابن المرشدي"
ابتسم عمرو لحظة قبل أن ينظر إلى تامر وقال
"في الحقيقة أردت أن أجرب حظي وأقابله قبل أن أسافر… ربما ساعدني الحديث معه في إخراجي من حيرتي التي لا بر لها هذه"
تأمله مجدي مليًا بقلق مع شيء من التردد قبل أن يشير له ليجلس فسحب عمرو كرسيًا قريبًا وجلس وعيناه على تامر النائم بسكون.
"ربما أنت لا تحتاج لتامر ليساعدك يا عمرو… أنت تحتاج لتستمع لهذا وهذا"
قال مشيرًا لرأس عمرو ثم لقلبه فتنهد الأخير بقوة
"حاولت لكنني ازددت تيهًا… لم أعد أعرف ماذا أفعل"
ابتسم بشحوب وأخبره
"إذن استمع لصوت ضميرك يا بني… لن أقول لك دعك من جدك؛ فهو وحيد ومسكين… فقط لا تستجب أنت الآخر لأشباحه… هذا الماضي أضاع عمره كله وهو ما زال مصرًا على إكمال الطريق فيه… وصدقني لن يشعر بالراحة أبدًا ولن يشفي غليله… لو تمزق المنصوري أمامه إربًا لن يشفي غليله ولن يكتفي"
مال يربت على ساقه متابعًا
"دورك بصفتك حفيده ليس أن تتبعه بعماء وتحاول إرضاءه وتحقيق ما يريد، واجبك نحوه هو حمايته من نفسه يا بني… الماضي ما زال يطاردنا لأنّ جدك ما زال يقيد نفسه إليه ويشده إلينا"
وعاد ينظر لحفيده الساكن ويردف بحسرة وألم
"جدك خسر وما زال يخسر… وسالم المنصوري هو الآخر يظن نفسه انتصر لكنّ الحقيقة أنّ كلاهما خاسر… لم يربح أحدهما"
وتنهد بحرارة وصمت قليلًا
"لا أحد ربح في الواقع… حتى أنا الذي ظننت أني نجوت من أحقاد الماضي لم أفعل… عاد يلاحقني وكاد ينتزع مني حفيدي"
"أنت لا تريد الانتقام لتامر يا جدي؟"
غمغم عمرو باختناق بينما يتذكر ما ينتظره هناك على أرض الوطن… بين الشوق لرؤيتها والخشية من ذلك.
سمع مجدي يردد بعد ثوان
"الانتقام نار ما أن تشتعل حتى تظل مستعرة تطالب بالمزيد من الضحايا يا عمرو… لا شيء سيوقف شرهها وأذى حريقها سينال الجميع… هذه النار المستعرة منذ أكثر من نصف قرن هل تعرف كم ضحية ابتلعت ولم تكتف؟… هل تنتظر لتكون أنت الآخر حطبًا تُسّعر به؟"
ارتجف قلبه بتوتر بينما تابع مجدي ناظرًا لتامر
"الانتقام لتامر لن يفيد بشيء… كل ما أريده لحفيدي أن يعود لطبيعته ويستعيد حياته… أريد له ولإنجي مستقبلًا خاليًا من ظلام الماضي… هذا كل ما أدعو الله له"
مد عمرو يده وضغط على كف مجدي المرتجفة فوق ساقه
"إن شاء الله سيعود كما كان يا جدي وستفرح به وبإنجي المجنونة أيضًا"
ضحك مجدي بخفوت وهز رأسه
"وإن شاء الله يهدي جدك العنيد فلم يعد هناك أمل في إيقافه سوى في الله"
"ونعم بالله"
تمتم بخفوت وحل الصمت لبرهة قبل أن ينظر لوجهه المتعب فقال مشفقًا
"يبدو أنّك لم تنم منذ سافرت… اذهب لترتاح وأنا سأبقى جوار تامر"
أومأ بابتسامة ممتنة قبل أن ينهض وردد برجاء
"لا تُثقل عليه ولا تفتح جروحه يا عمرو… أجوبتك أنت قادر على إيجادها بنفسك… اتبع بصيرتك وستصل للحقيقة التي تبحث عنها"
نظر له عمرو لحظات ثم أومأ واعدًا بصمت وتابعه ببصره حتى انصرف وعاد بعدها ينظر لتامر وهمس
"أنا من يخشى العثور على الحقيقة يا جدي"
تنفس بعمق مقاومًا اختناقه وشعور الألم بينما وجهيّ تامر وفلك يتصارعان أمام عينيه وأغمض محاولًا طرد خيالاته لكنّ طوفان أفكاره عاد مهددًا بإغراقه فأسرع كعادته مؤخرًا يبحث عن طوق النجاة.
أخرج هاتفه وفتحه لينظر إلى صورتها الرقيقة وعينيها البريئتين… كيف تكون هي الأمواج المُهلكة وطوق النجاة في الوقت ذاته؟
اختفت كل الخيالات المظلمة وتراجع صخب الشكوك واستكان قلبه وهو ينظر في عينيها
"فلك"
لم ينتبه لهمسته التي ترددت باسمها حاملة اشتياقه وحيرته وخوفه ولم ينتبه لتامر مفتوح العينين ينظر للسقف بشرود قبل أن ينتبه على صوته رتيبًا كآلة؛ شاحبًا بعيدًا كما لو كان قادمًا من بئر الماضي الملغمة بالأسقام والمرارات.
"لا تصدقها"
أجفل وكاد الهاتف يسقط من يده… تصلبت عيناه على وجهه المحدق في السقف قبل أن يلتفت له بعينين خاويتين تنظران عبره إلى البعيد.
"لا تثق بها ولا تصدقها"
احتاج بضع ثوان ليتمالك نفسه واختلس النظر لصورة فلك قبل أن ينظر له هامسًا بخفوت
"عما تتحدث؟… تامر هل أنت واع؟"
ابتسامة مريرة شاحبة لامست شفتيه
"هل أنا واع؟… لا أعرف… هل يهم؟"
ارتجف قلب عمرو بقلق وقاوم بشدة حتى لا يسأله عنها… وكأنّ تامر أحس برغبته ولم يرحم قلبه المتوجس فعاد يتمتم بعد لحظات من صمتٍ ثقيل
"لا تصدقها… إنّها ساحرة ملونة… إنّها لعنة ستلتف حول عنقك ولن تتركك إلا بعد أن تنتزع روحك"
زادت رجفة قلبه وهمس
"لماذا تصر على الألغاز يا تامر؟"
واقترب قليلًا ليسأله بتوتر
"هل تتحدث عن فلك المنصوري؟"
مرت لحظات قاتلة قبل أن يلتفت له ورمقه للحظات أخرى معذبة ثم همس
"من فلك؟… أنا أتحدث عن لونا… أنت رأيتها، صحيح؟"
اهتزت نظرات عمرو لحظة ليبتسم تامر ويعود ليغمض عينيه ويبتسم قائلًا بنبرة غريبة
"أنا رأيتها في عينيك… لونا الساحرة… الجانب المعتم من القمر… النداهة التي ستغويك دون أن تشعر حتى تسقط في فخها... احذر منها"
ابتلع لعابه بصعوبة ثم همس
"وفلك؟… هل هي…"
بهتت ابتسامة تامر فأوقف عمرو سؤاله بخشية، وعاد تامر لصمته قبل أن يهمس بعذاب جعل قلب عمرو ينتفض بجزع
"فلك من؟… لا أذكرها"
ابتلع عمرو لعابه بتوتر وهو ينظر لتعابير وجهه الغريبة وخشي أن ينتكس مجددًا بسببه لولا أن ردد تامر بخواء
"هل هي ساحرة أخرى؟… عامة عليك الحذر منهن جميعًا… لا تأمن لواحدة منهن أبدًا"
غمغم بها كهذيان مجذوب ثم أغمض عينيه وراح في النوم تاركا عمرو يحدق فيه بخوف وشك تضاعف عشر أضعاف.
*************************

Gogo 2002 likes this.

may lu غير متواجد حالياً  
التوقيع
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:58 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.