آخر 10 مشاركات
بين أزهار الكرز (167) للكاتبة Jennie Lucas .. كاملة مع الروابط (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          من تحت سقف الشقى أخذتني . . للكاتبه نـررجسـي?? ، مكتملة (الكاتـب : لهيب الجمر - )           »          154 - الوريثة الفقيرة - روايات ألحان (الكاتـب : MooNy87 - )           »          256 - دائرة الخطر - هيلين بيانشين ... ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          1107-معركة التملك-شارلوت لامب د.ن (ج2 من السداسيه كاملة)** (الكاتـب : بنوته عراقيه - )           »          عاطفة مجنونة (27) للكاتبة: Helen Bianchin *كاملة+روابط* (الكاتـب : ميقات - )           »          انتقام النمر الأسود (13) للكاتبة: Jacqueline Baird *كاملة+روابط* (الكاتـب : * فوفو * - )           »          دموع بلا خطايا (91) للكاتبة: لين جراهام ....كاملة.. (الكاتـب : *ايمي* - )           »          نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 17-10-20, 10:02 PM   #11

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي


الفصل الأول
أغلقت كتابها الذي كانت تقرأه بملل وألم يجثم بثقله على روحها.. روحها التي جنت عليها بنفسها وأزهقتها بيديها.. رمته على سريرها بإهمال لتضم ركبتيها إلى صدرها وتحيطهما بيديها مسندة رأسها عليهما، وتسمح بدمعة حارة أن تجري على وجنتها الناعمة في حركة اعتادتها حتى صارت عادة لديها تحمي بها نفسها من كرهها لذاتها.. تحاول التنفيس عن داخلها ولكن كيف...
دارت عيناها على أرجاء غرفتها الوردية كما كانت حياتها قبل... كل جزء منها اختارته برفقة والدها أحن أب بالعالم... حينها كانت تلك الصغيرة التي لا تبالي بهموم يحملها عنها والدها ويفرغها بجعبة والدتها.. غير آبهة بشيء... غرفة كانت في الماضي تعبر عن براءة روحها رغم شقاوتها الطاغية تلك الشقاوة التي اندثرت مع الزمن... من اللون الوردي الباهت... تضع أعلى سريرها الأبيض ذو القلوب الحمراء صورة لها... ولأختيها التوأم مصدر بهجتها الحالية... مكتب طفولي أنيق مقابل للسرير... وطاولة صغيرة ذات جارورين بجانب سريرها... وهناك بجانب المكتب تقبع طاولة زينتها تتحداها أن تنكر جمال بشاعتها... تعلقت عيناها بها طويلاً ولكن تحديداً بذلك الخاتم الذي ينكئ جروح روحها المتقيحة... ذلك الخاتم الذي يتحدى إرادتها على رميه والتخلص منه ولكنها تفشل معلنة خسارتها أمامه مرة بعد أخرى..
وقفت لتتجه إليه ببطء وتردد.. خطوة.. اثنتان.. ثلاثة..
ترفع يدها لتغلق علبته بإصرار ووجع.. ولكن حتى يدها كما عيناها تمردت عليها لتتجه إلى جاكيت منامتها تنزعه عنها بألم، وكأنه انتزاع لجزء منها جزء يخبئ عنها ذلك القبح المختبئ خلفه.. أخذت نفسا عميقاً مغمضة عينيها كأنها بانتظار حكماً بالإعدام.. فتحت عيناها تتأمل بشرتها الرائعة البيضاء.. فمها الوردي الصغير أنفها الدقيق.. عيناها النجلاوان بسوادهما اللامع.. وشعر يصل إلى منتصف خصرها.. وجه أبدع الخالق في تكوينه.. لتكمل عيناها جولتها إلى الجزء الأبشع بجسدها حيث يقع عنقها بجلده البني المنكمش مخالف للون بشرتها ومناقضاً له.. رفعت يدها تمررها على تجاعيده التي وصلت إلى كتفها وبضع إنشات للأسفل حيث طالت أعلى ذراعها.. أبعدت يدها بنفور وهي تسارع لالتقاط جاكيتها ترتديه سريعا تخفي جسدها عن عينيها.. لتعود عيناها ثانية بوجع إلى ذلك الخاتم الرائع هدية ابن عمتها لها.. عبارة عن يدين تلتفان لتتقابل وكأنه حبيب متلهف لاحتضان روحه..
أغلقت العلبة بعنف هامسة بألم وهي تتمنى لو تستطيع الصراخ "لماذا تزيد وجعي؟ لماذا تفتح جروحي التي لم تلتئم سيف ولن تلتئم أبداً.. أنا لم أعد تلك السما التي عرفتها قبلاً لقد أصبحت أخرى أكثر بشاعة وجبناً.. لن تستطيع أن تعيد سما الشريرة أبداً أبداً.. ستفشل ويزيد فشلك من وجعي.. آاااه يا ابن خالي تكفيني أوجاعي لا تزيدها رجاءً.. يكفي سيف ابتعد عن حياتي يكفي ابتعد.. أرجوك اتركني بحالي"
تبكي بمرارة وهي تقارن بين سما الآن وسما منذ عدة سنوات بسيطة خلت.. أين هي من سما المشاغبة التي كانت تخرس من يوجه لها كلمة فقط تؤذي سمعها.. سما تلك اختلفت وأصبحت تستمع إلى كلمات الاستهزاء فتمر بها دون رد..
تخنق دموعها حتى تصل إلى غرفتها ملاذها الآمن.. حياتها تمر بها وتتركها دائماً على الهامش.. ذلك الحادث البشع أخذ منها كل شيء أخذ حياتها وأحلامها وطموحها وحتى بذرة حبها الوليدة سرقها منها.. ليت تلك الأيام التي كانت بها هانئة البال تعود... ولكن متى أفاد التمني ومتى ساعد؟... زفرت نفساً عميقاً محملاً بنفس ملوث بفقدان الثقة...
وضعت يدها على عينيها تحاول التحكم في مجرى دموعها المعذبة... وجعها الأعظم فقدان ثقتها بذاتها وبمن حولها... وبالتالي فقدان ثقتها بذلك الذي يثبت في كل موقف نبل مشاعره وسموها... يثبت حبه لها ولكن يكفيها ألمها لن تؤلمه معها أبداً...
عند تلك النقطة ارتفعت شهقاتها التي حاولت أن تكتمها بيديها الصغيرتين... صوت والدها الحاني وهو يضع يده حولها يضمها إلى صدره لقد أتى ليتفقدها كما يفعل كل ليلة "اهدئي صغيرتي أنا هنا"
همست بمرارة ودموعها تغرق صدره المحتوي وجعها "بابا لقد تعبت"
أغمض عينيه يحبس دموعه على صغيرته المعذبة، وجملتها تخترق ذكرياته المحبوسة في مكان سحيق... جملة نطقها ذات مرة بين ذراعي خالته عندما فاض به ألمه ووجعه... آااه يا خالتي أين أنتِ أحتاجكِ كثيراً... "هيا حبيبتي لتنامي بين ذراعي والدكِ اليوم"
مددها بين ذراعيه بحنان يقرأ عليها بعض من آيات القرآن يدعو الله أن يفرج هم صغيرته، وهو يفكر هل السعادة لم تكتب له... أم أنها تنفر منه ببساطة فمنذ أن كان صغيراً وهو يبحث عنها وكلما وجدها هربت منه... نفض رأسه بعنف يطرد خيالاته الحمقاء هاتفاً بإيمان مترسخ داخله "استغفر الله.. استغفر الله.. ما هذا الحمق يا عمر؟ كلها ابتلاءات من الخالق اصبر واتقي الله وسيجعل لك مخرجا".
قبّل رأس طفلته التي غرقت في نوم عميق ودثًرها جيداً مغلقاً إضاءة الغرفة إلا من إنارة بسيطة كي لا تفزع عندما تستيقظ... ألقى نظرة أخيرة عليها بألم قبل أن يغلق الباب ويخرج.
**************



روابط الفصول

الفصل الأول .. اعلاه
الفصل الثاني .. بالأسفل





التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 24-10-20 الساعة 10:10 PM
ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-20, 10:06 PM   #12

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

تزوجيني.. أُحبّكَ حد الجنون
أُحبّ شعركِ وندبتكِ ونبضك
أحبّ نَفَسكِ وصوتكِ وخوفك
أحبّ بكائكِ وضحككِ وكلك
فأرفقي بناري وكوني كالماء الدافق وأطفئيني
أو دبّي سهمكِ في صدري وأقتليني
غطّيني بخصلات شعركِ وانسجي منه غصن يدفئني
أو اصنعي من دمعك كفن وكفنيني
فمُنْيَتي أو مَنِيّتي كوني.. تزوجيني
متوله أنا فيكي من عمق قلبي لكل ما حولك
ومن منبت شعركِ لأخمص قدمك
أعشق حتى جدار بيتكِ وغطاء فراشكِ ومرآتكِ وقرطكِ
خاطرة بقلم الجميلة: نورا محمد

رنين مزعج دوى بالغرفة بإلحاح متطلب... وضع وسادته على رأسه متجاهلاً ذلك الرنين لا بد أنه إياد الأحمق.. زفر بعنف والنغمة المزعجة تعود ثانية بعد انقطاعها رباااه لما لا يتركونه يحظى ببضع دقائق من نوم... فالنوم نعمة مفقودة منه هذه الأيام وعندما يزوره نادراً يلحون عليه هكذا... ما بالهم فليتركوه يرتاح من هاجس تفكيره بها.. أو يتركوه فقط يراها في حلم لطيف مقتطع من الجنة...
نزع الغطاء عن وجهه بعنف وهو يجذب هاتفه صارخاً بغيظ "إياد يا أحمق ماذا قلت لك عن الاتصال بي ليلاً أريد النوم يا غبي.. أقسم أن أقتلك ما أن أراك"
أتى الصوت الصارم يقاطع وعيده الفارغ الذى يطلقه كلما تواجد إياد بمحيطه "سيف اصمت قليلاً"
هبّ سيف جالساً وهو ينظر إلى شاشة هاتفه ليتأكد من اسم الصوت المألوف لديه قبل أن يعيده إلى أذنه ثانية سائلاً بلهفة قلقة "يزن هل أنت بخير؟ لماذا تتصل بهذه الساعة؟"
ابتسم يزن قائلاً بهدوء مطمئناً أخاه الأصغر "نعم سيف أنا بخير.. اتصلت أخبرك أن تنتظرني بالمطار غداً عند الثامنة صباحاً، وإياك أن تخبر أحد وإلا نالك مني ما لن تحب"
تهلل وجه سيف فرحاً قائلاً بسعادة طاغية "حسناً سأنتظرك.. مرحباً بعودتك أخي"
أغلق سيف الهاتف بعد حديث قليل مع أخيه الأكبر يزن _أحد أهم لاعبي كرة اليد بالبلد وقد كان محترفاً في فرنسا.. وها هو قد عاد بعد انتهاء مدة العقد ويبدو أن لا رغبة لديه في الاحتراف ثانية_ أعاد رأسه إلى الخلف محاولاً العودة إلى تلك الدقائق الثمينة التي سرقها عنوة من أفكاره الهائمة بحبها والغارقة بوجعها.. ليفشل فشلاً ذريعاً في سرقتها ثانية مغمغماً بعشق شَغِف "سما يا مُنية الروح أنقذيني من عذابي بقبول زواجك مني أو أقتليني بيديك الصغيرتين برفضكِ لي.. لقد ملّ العشق من عشقي لكِ أحبكِ يا مليكة الروح"
بعد وقت قصير قرب أذان الفجر خرجت لمار من غرفتها لتجد صغيرها يجلس أمام التلفاز بلا تركيز وعقله ليس معه... تأملت ملامحه المسترخية ظاهرياً وداخله يغلي كبركان ثائر... أكثر شبهاً بماهر من أخيه الأكبر ملامح جدية متجهمة... عينان يتشح سوادهما بشجن دائم... فم مزموم قليلاً بابتسامة ماكرة... شارب ولحية خفيفة تكاد تكون معدومة مجرد القليل من الشعيرات السوداء تحيط بفمه وتغطي وجهه وعادة أخيرة اكتسبها من ماهر شعر قصير مهذب... قبّلت رأسه بحب هامسة بعطف كي لا تكسر هدوءه الخادع "ماذا تشاهد يا صغيري"
التفت إليها يبتسم ابتسامة ساحرة يخصها بها متناولاً يديها مقبلاً إياها مجيباً بعدم انتباه "فيلم رائع لأحمد زكي"
ضجت لمار بالضحك وهي تجلس بجانبه قائلة بشفقة "فيلم!! ورائع!! إنه برنامج إخباري وليس فيلم.. ما الذي يشغل بالك سيف؟!"
وضع رأسه في حجرها مجيباً بصراحته المعهودة "أتمنى أن توافق هذه المرة ماما.. لقد تعبت من رفضها وصدّها الدائم لي"
تلاعبت بشعره قائلة بهدوء حاني تربت على قلبه الملتاع بغرامها "ستوافق حبيبي.. ستوافق والآن هيا لتنم قليلا..ً أخاف عليك من هذا الإجهاد سيف"
همس بتمني "ليتني أستطيع النوم ماما"
أجفلهما صوت ماهر القادم من الخلف قائلاً بجدية ممزوجة بعاطفة أبوته "هيا سيف لنصلي الفجر وستشعر بالراحة بعدها وتستطيع النوم أيضاً"
نهض سيف قائلاً باحترام "حاضر أبي سأتوضأ وألحق بك"
ترك والديه متجهاً لغرفته لتقول لمار بحزن "خائفة عليه كثيراً ماهر أتمنى أن يحصل على ما يصبو إليه"
قبل ماهر جبهتها بحب لم يخبو مع الزمن وقال بحنان "أدعي له حبيبتي بالراحة فهو لا يحتاج غير دعواتك.. سأذهب الجميع بانتظارنا للذهاب للمسجد"
شيعته لمار داعية لصغيرها براحة قلبه المفقودة..
**************
في الصباح نزل شاب راكضاً يحارب xxxxب الساعة.. يرتدي ملابس مهندمة وأنيقة كعادته الدائمة.. يرتدي طقم شبابي غير متكلف من الجينز الأزرق يعلوه جاكيت من الأخضر الداكن.. ونظارته الشمسية السوداء التي لا تفارقه، ينحني تارة ليعقد رباط حذائه الأسود ثم يستقيم يمشط شعره بأحد أمشاطه الكثيرة قبل أن يلقيه خلفه بعدم اكتراث.. وهو يعدل من وضع حقيبة حاسوبه التي يحملها باليد الأخرى، صوت ضحكات صاخبة أجبرته على أن يرفع رأسه لتظهر ملامحه البهية.. شعر أسود مهذب دائماً يعلو جبهة عريضة.. ذقن وشارب بكثافة معتدلة تجذب قدر لا يستهان به من الوسامة والهيبة والجاذبية.. بشرة تحمل اللون القمحي المميز مع وجنتين مكتنزتين.. رفع حاجب واحد مع ارتفاع جانب فمه بابتسامة جانبية لا تستطيع تحديد معالمها أهي مكر أم سخرية أم استهزاء هاتفاً بحنق مفتعل "ظريف آنسة يويو ماذا يضحكك؟"
أجابت يقين ابن عمها أيهم.. إياد أصغر شباب العائلة سناً، دكتور جامعي بكلية الآثار.. منذ صغره وهو طموح يحكم عقله دائماً يحدد هدفه بدقة ويسعى لتحقيقه لطالما كان يواجه تحديات الحياة بشجاعة.. ورغم إتقانه لكرة القدم وقد تكون مهارته بها تفوق عمها أيهم وسيف ولكنه عشق التاريخ واختار كلية الآثار كهدف يطمح إليه.. وها هو تخرج منها الأول على دفعته كل سنة بل قد عين معيداً بها..
النسخة المعاكسة من سيف ابن عمها الآخر فكلاهما وجهان لعملة واحدة يكملان بعضهما البعض رغم الشغب الذى يشمل علاقتهم دائماً.. ولكن من قال أنه يجب أن نتشابه كي نكمل بعضنا فأيضاً الاختلاف والتنافر هو تكامل من نوع فريد.. ذاك التكامل الذى جمع سيف لاعب الكرة ذائع الصيت بإياد الرافض لفكرة امتهان كرة القدم كحرفة في كيان واحد لا يستطيع كائن من كان أن يفرق بينهما "أنت تضحكني"
غرق معها بنوبة ضحك قائلاً بحزن مفتعل "أوووه يويو لقد تركوني نائماً إلى أن اقترب موعد محاضرتي الأولى.. وقد استغرقني الوقت في ارتداء ملابسي وإنعاش نفسي.. ولكن الآن لن أتمكن من تناول الطعام وستزأر معدتي المسكينة طوال اليوم حتى لا أظهر أمام طلابي بمظهر الكسول المتأخر"
قاطعته يقين قائلة بحزم رقيق لا يزيدها إلا فتنة "كفى إيدو لقد صنعت لك بضع شطائر عندما تأخرت"
انحنى بطريقة مسرحية قائلاً بنبره فكاهية جلبت الضحكة إلى وجهها "دائماً أنت منقذتي يا ملاكي الحارس"
غمغم أيهم الجالس على طاولة الحديقة مع الكبار يتناولون الإفطار "لا فائدة منهم سيظلون أطفالاً مهما كبروا"
التقط خالد الجالس بجواره غمغمته ليضحك من كل قلبه على مشاغبات أبنائهم الذين يملؤون البيت بهجة بحيويتهم الدافقة ليحمد الله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، اقترب إياد ملقيا تحية الصباح وهو يجول بنظره بين الجالسين ليهتف بغيظ "أين سيف هل ما زال نائما؟"
أجابت لمار نافية وهي ترتشف من كوبها بتأني "كلا حبيبي لقد غادر باكراً ولا أعلم إلى أين"
تجهمت ملامحه وهمس بإحباط "ليس اليوم سيف.. يا إلهي ما هذا الحظ التعس"
تساءلت يقين بحيرة واهتمام "ماذا هناك إياد؟"
أجاب بحنق وهو يزفر بغيظ "سيارتي بالصيانة وسأتأخر كثيراً إن انتظرت حتى أجد سيارة أجرة"
ألقت إليه بمفاتيح سيارتها قائلة بهدوء "ليس لدي أعمال خارج المنزل اليوم ولست بحاجة إلى السيارة"
رد بامتنان شاكر وهو يلتف مغادراً "ألم أقل أنكِ ملاكي الحارس.. شكراً يويو أنا ذاهب ادعوا لي بالتوفيق.. إلى اللقاء"
وقبل أن يصل إياد إلى بوابة المنزل كاد أن يرتطم بناردين ابنة عمه خالد الصغرى التي تشاركه نفس ساعة ميلاده .. ذات الغرور الكبير الذى يصيبه بالغضب الشديد، ملامح وجه اتفقت مع صفاتها بشكل كبير أنف شامخ باعتداد كبير بالذات، عينان سوداء بلمعة قوية ترهب أعتى الرجال هو فقط من يرى ما خلفهم من هشاشة ورقة.. وفم مكتنز بابتسامة رائعة تمن بها على العالم.. شعر أسود حالك كالليل ناعم برائحة تخطف الأنفاس.. بشرة بيضاء هو دليله على رقة روحها الواثبة ، تساءلت بحيرة وهي تجده مستعداً للخروج "هل أنت خارج الآن؟"
أجابها باستخفاف بحركة حاجبه المعتادة ولكن هذه المرة كانت بابتسامة ساخرة مما أغضبها "إلى الجامعة لدي محاضرة.. هل تتذكرين؟"
ردت بنفس حيرتها السابقة بنبرة قوية وكأنها توبخه على نسيان شيئاً هاماً "وماذا عني؟"
أجاب بذات النبرة المستخفة "وماذا عنكِ؟!"
ردت بعفوية تقر أمر مسلم به "لماذا لم تنتظرني؟"
نظر إلى ملابسها البيتية الرقيقة جينز من اللون الوردي وبلوزة بيضاء بأكمام قصيرة "وكم من الوقت تحتاجين لكي تجهزي؟"
أجابت بحسبة بسيطة "على الأقل ساعة"
زفر بنفاذ صبر من مدللته وطفلته المتعالية الجائعة إلى الاهتمام الدائم بها، وأن تكون دائما في بقعة الضوء ولكنه لا يملك الوقت لدلالها الفارغ اليوم.. همّ أن يجيب برد لاذع ليستدرك أمر ما جعله يتساءل بريبة "عملك سيبدأ بعد الظهيرة.. إلى أين ستذهبين باكراً هكذا؟"
ردت بقوة وعينيها تلمع بتحدي في انتظار المحاضرة القادمة ولكن منذ متى وهي تكترث لأحد "سأخرج مع رفيقاتي"
أجاب بحدة ناهرة "ألم أمنعك من مقابلتهم؟!"
رفعت رأسها باعتداد قائلة بكبرياء مترسخ داخل روحها "ليس لك الحق بأن تأمرني أخرج مع من؟ تلك حريتي الشخصية.."
هز رأسه بأسف فتلك الحمقاء تضع بينهما العديد من الحواجز بغرورها هذا فهو إن كان يمقت شيئا في العالم فهو الغرور الفارغ.. وتلك الغبية من وضع بعقلها أنه يريد تحجيم حريتها يشهد الله أنه خائف عليها من تمردها وصحبتها لأصدقاء السوء "((المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يُخالِلْ)) أليست تلك أوامر ديننا الحنيف يا أستاذة القانون.. على كل حال أنا لست متفرغ لكِ اليوم لدي أعمال أهم"
تابعت خروجه بقهر يا إلهي قسوته تلك ستقضي عليها ذات مرة، ما خطبه ألا يفهم أنها تفعل كل هذا لتظل محط اهتمامه الأول، نفضت شعرها إلى الخلف في حركة تعيد لها اتزانها النفسي إذا غضبت كما هي غاضبة الآن، اتجهت لتجلس بجانب والدها بفم مزموم بغضب.. مال عليها خالد متسائلاً بحنان "ما بها صغيرتي غاضبة هكذا؟"
التفتت إلى والدها الحبيب وجهه الهادئ يبعث بها الأمان ويهدئ براكين غضبها الثائرة.. مالت على كتفه قائلة بقهر "إياد لم ينتظرني وكنت أود الخروج قليلاً وتعلم أكره قيادة السيارة"
ضحك خالد مصححاً "ترتعبين من قيادتها"
همست بسخط معاتب "بابا ماذا أفعل أريد الخروج والتنزه قليلاً"
رد خالد بمهادنة رقيقة يمحو بها الحزن عن ملامح طفلته "إياد متأخر عن عمله ووالدك متفرغ اليوم لما بعد العصر.. ما رأيكِ بنزهة معي أنا؟"
قبلته من وجنته ضاحكة وهي تنهض راكضة "أنت أفضل أب بالعالم سأرتدي ملابسي وأعود على الفور"
رفع خالد رأسه إلى طفلته الرقيقة سائلاً بحنو "وأنت يقين والدكِ ألا تريدين المجيء؟"
هزت رأسها نافية قائلة وعينيها تتألق بشغف مبهج للروح "كم أود ذلك بابا ولكن لدي عمل كثير بالمرسم سأذهب الآن كي أستطيع أن أنتهي منه"
خلت الطاولة إلا من كبار العائلة ليقول ماهر بامتعاض "بعض الشدة لن تضر خالد"
رد خالد منهياً النقاش العقيم الذي يخوضوه دائماً دون أن يصلوا إلى نهايته "ليس مجدداً ماهر قلت لك لا أستطيع القسوة على فتياتي"
************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-20, 10:09 PM   #13

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

في الجامعة دلف إياد إلى مدرج المحاضرة بملامح صارمة جادة وقد ارتدى عباءة الحزم خالعاً عنه رداء عبثه المعتاد ومرحه الدائم في المنزل, لا يعلم ماذا حدث عندما دخل إلى المحاضرة وكأنه قد تبدل أو ودع عالمه إلى عالم سحري مختلف..
شغوف هو بشخصية الدكتور الحازم فلطالما كان لأساتذته تأثير سحري عليه ودائماً ما تطلع إلى تلك المكانة حتى وصل إليها، ألقى تحية جادة وهو يضع متعلقاته على الطاولة أمامه معرفاً بنفسه بزهو "أنا الدكتور إياد أيهم رحيم؛ محاضركم لمادة تاريخ مصر القديم، أتمنى أن تمضي سنتكم الأولى دون خلافات أو مشاكل، ومن يرد شيء فمكتبي مفتوح لكم دائماً.. هل من أسئلة؟"
سرت همهمات بين الطلبة وقد اختلفت الخاصة بالشباب عن الخاصة بالفتيات، فقد جذب انتباه الشباب اسمه المميز وتساءلوا عن كونه حقاً ابن أيهم رحيم أم مجرد تشابه أسماء، بينما الفتيات فقد انبهرن بوسامته الملحوظة وجديته الجذابة، رفع إياد حاجبه بحركته الشهيرة لتزيده جاذبية قائلاً بصوت حازم "هناك قواعد للتعامل لا أحبذ تجاوزها؛ أولاً تلك الهمهمة التي حدثت منذ قليل لا أحبها ولا أريد تكرارها.. ثانياً الاحترام هو أساس العلاقات فأرجو أن يكون متبادل بيننا.. ثالثاً باب المدرج هذا ما إن يغلق خلفي لن يفتح لأحد أياً كان فأرجو احترام موعد المحاضرة.. هل اتفقنا؟"
رفع أحد الطلاب يده علامة على رغبته في الحديث ابتسم إياد بسخرية وهو متوقعاً سؤاله ليأذن له، سأل الشاب بتلهف "حضرتك قلت أن اسمك...."
قاطعه إياد قائلاً ببساطة "نعم إجابة سؤالك هي نعم، أيهم رحيم لاعب الكرة هو والدي.. هل عدنا لمحاضرتنا ثانية؟"
صمت إياد للحظات قليلة قبل أن يستند بظهره إلى الطاولة خلفه قائلاً بسلاسة "محاضرة اليوم خارجة عن المألوف سنتعرف بها ونتبادل الآراء ومن المحاضرة القادمة نبدأ شرح دروسنا.. اليوم أريد سماع إجاباتكم للسؤال الذي على السبورة"
اتجه إلى السبورة يكتب بخط عريض (ما هي مصر بالنسبة لك؟؟)
ثم وقف يستمع إلى الإجابات الواثقة الفخورة بانتمائها.. مبتسما بسرور يسمع آراء مختلفة رغم بساطتها فهي تمس القلوب..
هناك من قال "إيماني بذاتي ووجودي" ...
وآخر قال "كياني وفخري" ...
ومن الفتيات قالت إحداهن "حياتي مكرسة لها" ...
فترد أخرى "هبة الله لنا"
والكثير من الآراء التي جعلت ابتسامة فخر حقيقية ترتسم على فم إياد بعد استماعه لتلك الكلمات المنعشة، ليستلم زمام الكلمات فيقول بفخر كبير يدل على حب عميق يترسخ داخل أرواحنا بالفطرة، وعينيه تشع ببريق مميز يعكس مدى عشقه لهذا البلد العظيم "مصر هي الروح.. مصر هي الأمان قال تعالى {ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ}..
مصر هي الكينونة والوجود.. حب أودعه الله في قلوبنا دون سبب.. حب يولد ويغرس بطفولتنا داخلنا.. ذاك الحب الذي يجعل دموع العين تتكاثف كغيوم ماء عذب عند سماع نشيدها الوطني.. مصر هي الوطن والميناء لأبنائها والمقبرة لأعدائها.. مصر هي العزة والشموخ.. هي الإباء والكبرياء.. هي الحرية وهي الأمل.. هي كل الوجود.. سماؤها طموح.. وأرضها هدف.. هواؤها أمنية.. ونيلها غاية.. وشعبها هبة قال عنها الحجاج بن يوسف الثقفي لطارق بن عمرو ((لو ولّاك أمير المؤمنين أمر مصر فعليك بالعدل... فهم قتلة الظلمة وهادمي الأمم وما أتى عليهم قادم بخير إلا إلتقموه كما تلتقم الأم رضيعها وما أتى عليهم قادم بشر إلا أكلوه كما تأكل النار أجف الحطب …وهم أهل قوة وصبر و جلدة و حمل.. .و لا يغرنك صبرهم ولا تستضعف قوتهم؛ فهم إن قاموا لنصرة رجل ما تركوه إلا والتاج على رأسه ..وإن قاموا على رجل ما تركوه إلا وقد قطعوا رأسه... فاتقي غضبهم ولا تشعل ناراً لا يطفئها إلا خالقهم... فانتصر بهم فهم خير أجناد الأرض وأتقي فيهم ثلاثاً... نسائهم فلا تقربهم بسوء وإلا أكلوك كما تأكل الأسود فرائسها …أرضهم وإلا حاربتك صخور جبالهم... دينهم وإلا أحرقوا عليك دنياك... وهم صخرة في جبل كبرياء الله تتحطم عليها أحلام أعدائهم وأعداء الله))
ل
كم أن تفخروا بمصريتكم وانتمائكم إلى تلك البلد العظيم.. للأسف انتهى وقت المحاضرة سعدت بالاستماع إليكم إلى اللقاء في المحاضرة القادمة"
بعد انتهاء المحاضرة مالت فتاة جميلة بعيون خضراء وشعر بني وبشرة بيضاء متألقة قائلة بتصميم "هذا الدكتور لي وانتهى الأمر"
ضحكت الأخرى قائلة باستمتاع "يبدو بأنه لدينا سنة ممتعة"
غافلين عن أن المعني بالأمر قد رُبط قلبه برباط يفوق العشق بكثير.
************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-20, 10:12 PM   #14

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

عودة إلى حديقة المنزل
تلفتت نيرة حولها سائلة "أين هنا؟"
أجابتها لمار قائلة بشرود حزين "في مملكتها الخاصة"
هزت نيرة رأسها قائلة بتعجب "أتعجب من حب هنا للمطبخ.. أليس كذلك لمار؟"
التفتت إلى لمار عندما لم تجبها تهزها لتفيق من شرودها متسائلة باهتمام "ماذا هناك لمار؟"
أجفلت لمار قائلة بحزن وتمني "اشتقت ليزن كثيراً كم أتمنى أن أغلق عيني وأفتحهما فأجده أمامي"
صدح صوت المذكور من خلفها قائلاً بصوت متهدج من الشوق "لا داعي لإغلاقهما ماما ها أنا أمامك"
وقفت لمار سريعاً تهرول إلى ابنها الغالي ليلتقطها بين ذراعيه بحب وهو يقول باشتياق "آاااه ماما اشتقت إليكِ، وإلى رائحتكِ الندية واحتوائكِ لي بين ذراعيكِ هكذا"
احتضنته لمار بقوة وهي تتلمس عرض كتفيه وظهره لتبعده عنها تتلمس وجهه قائلة بحنان جارف "ابني حبيبي لقد عدت يا ولدي لقد عدت لوالدتك ولن أدعك تبتعد عني ثانية أبداً"
ثم أعادته بين ذراعيها ليغمض عينيه بسكينة وراحة في حضن والدته الحبيب الذي افتقده في غربته، ورائحة وطنه الكامنة في حجابها والذي يتنفسه بهوس محموم، اقترب ماهر من ابنه ليقول بصوت متحشرج من الانفعال "دعيه دماري أريد أن احتضنه"
ابتسم يزن وهو يبتعد عن والدته برفق ويقترب من ماهر باحترام معانقاً إياه عناق رجولي صاخب بالمشاعر المختلفة، ثم كانت نيرة التي ألقت نفسها بصخب بين ذراعيه هاتفة بحب بالغ لابن روحها "حبيبي الغالي اشتقت لك"
شدد يزن ذراعيه حولها قائلاً بسعادة لعودته لعائلته أخيراً "ماما نيرة لقد افتقدتكِ كثيراً"
وما كانت إلا لحظات وكان يستقبل عناق رجولي صاخب من أيهم، تساءل بلهفه وعينيه تبحث عنها بتوق "أين الجميع؟"
أجابته لمار وهي تجلسه على المقعد وتضع أمامه الكثير من الأطعمة "إياد بعمله.. وخالد اصطحب ناري وخرج.. ويويو بمرسمها.. وهنا وبراء بالمطبخ.. هيا تناول طعامك حبيبي لابد أنك جائع"
رمى سيف نفسه على المقعد المجاور هاتفاً بحنق "ها قد عاد الكبير ونسيتم الصغير"
كتفت لمار ذراعيها على صدرها قائلة بحزم "أين كنت منذ الصباح يا ولد؟"
أجاب سيف ببساطة "استقبله بالمطار"
تساءلت بحدة "هل كنت تعلم بموعد عودته"
تدخل يزن منقذاً أخيه من تحقيق لمار الصارم "أنا من طلبت منه عدم إخباركم كي أفاجئكم"
ثم هبّ واقفًا وقد استبد به الشوق "سأذهب لأرى ماما هنا"
غادر بخطوات واسعة يملأها الشغف واللهفة لملاقاة بلوة روحه يتابعه سيف بنظراته الماكرة وهو متأكد أن يزن لا بدَّ أنه متجه إلى براءته .
************
دلف إلى المطبخ يبحث عن الجزء المفقود من ذاته.. حبيبته السمراء القصيرة ذات الجمال الطفولي العذب.. وجدها بمفردها بالمطبخ تقلب شيئاً ما أمامها بشرود.. تفحصها باشتياق يروي عينيه من تفاصيلها الصغيرة الرائعة وهو يتأمل ملامح جسدها بوقاحة.. هي الحبيبة والروح وبهجة حياته.. قتله الشوق إليها تلك المدة ومحادثاتهم عبر الهاتف أو المكالمات المرئية لم تروي اشتياقه.. أخذ نفساً عميقاً معبأ بأنفاسها حابساً إياه بصدره لمدة طويلة يطرد الهواء الخاوي من حياته المستوطن رئتيه منذ أن فارقته... همس بصوت أبح مخنوق بمشاعره الكثيرة التي تموج داخله "براءتي"
تجمدت مكانها لابد أنها تحلم ليس حبيبها من نطق اسمها بكل هذا الشوق.. كما حلمت برائحته تحيط بها من كل جانب مبعدة كل الروائح الأخرى عنها بغيرة تملكية.. كما حلمت بخطواته المشتاقة التي تحفظها عن ظهر قلب.. ولا بذلك النفس العميق الذي احتفظ به داخل صدره.. ولا تلك الضربات الموجعة في صدرها.. ستستدير الآن وتثبت لنفسها أنها مخطئة.. وأن يزن ما زال بعيداً عنها يفصل بينهما بحر عظيم.. تجمد الوقت والأشياء بينهما وصوتها يخرج مهزوزاً هامساً ضعيفاً "يزن"
قطع المسافة بينهما سريعاً وهو يجذبها من ذراعيها إليه حتى قبل أن يصل إليها.. لتجد نفسها غارقة بين ذراعيه يعتصرها عصراً ويده لا تهدئ عن التأكد بكونها أخيراً في حضنه.. أخذ نفساً عميقاً من بين شعرها الأسود.. هامساً بحب كبير "آاااه يا حياتي وكل عمري اشتقت إليكِ بلوتي"
التفت ذراعيها حول جسده بقوة وهي غير مصدقة أنه عاد إليها أخيراً.. ملاذها الآمن وحبيب روحها.. تنهدت بعمق وابتسامة هائمة ترتسم على وجهها شعر بها قلبه قبل أن تراها عيناه وهي تقول بغرام "يزن حبيبي"
أبعدها قليلاً يتأمل ملامحها التي اشتاق إليها.. لترفعها يديه من خصرها مجلساً إياها أمامه على حافة المائدة بالمطبخ الراقي ذو اللونين الأحمر والأبيض.. سامحاً لنفسه بمجال رؤية أوضح ليميل دون كلمة ملتقطاً شفتيها بقبلة طويلة مشتاقة لحد اللانهاية.. وهي تبادله قبلته بيأس.. حبيبها هنا.. بين يديها يقبلها باشتياق مؤلم.. وهي تبادله بكل شغف.. ابتعد مضطراً لحاجته للهواء دون أن يبعد أنفاسه أو عينيه عنها ويديه تتلاعب بشعرها الحريري متمتعا بحبها وغرامها المشتعل.. أخذ نفساً عميقاً داخل صدره ليبدأ هجوم آخر على ملامح وجهها كله وهي ضائعة مسلوبة الأنفاس بين ذراعيه.. قبل أن يعود كغازي فاتح مقتحماً شفتيها ثانية بقوة أكبر وعمق أكبر وشغف أكثر وهي ذائبة بين يديه تنظر له على أنه فارسها الوحيد..
صوت هنا المصدوم من المشهد أمامها بدد غيمتهما الوردية الساحرة "ماذا يحدث هنا؟ ماذا تفعلان؟"
أفلتها يزن مضطراً وهو يمسح وجهه بيديه محاولاً السيطرة على انفعالاته.. بينما قفزت براء عن الطاولة وهي تسارع لتنفي ما حدث منذ قليل.. ودموعها تنهمر محاولة التبرير بصوت واهي "عمتي لا.. رجاء لا تفهمي خطأ.. لم يحدث شيء أبداً"
************
نهاية الفصل 🤭🤭🤭🤭🤭🤭🤭


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-20, 05:01 PM   #15

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

القفلة شريرة 😲😲😲😲😲😲

اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-20, 10:54 PM   #16

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اجزخنجية مشاهدة المشاركة
القفلة شريرة 😲😲😲😲😲😲
جدا جدا 😂😂😂😂💃💃💃💃


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-20, 10:00 PM   #17

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

مساء الورد الفصل برعاية الهبلة البلوة بو صدق يزن لما سماكي بلوة.. وطبعا العسل يزن
الفصل الثاني

رفعت هنا حاجبيها بدهشة وهي تنظر إلى براء باستغراب وكأنها مخلوق من عالم آخر، بينما تجرع يزن كوباً من الماء يعيد إليه ثباته الذي بعثرته بلوته الحمقاء، واتجه بعدها إلى هنا يقبل جبهتها باحترام وهو يضمها إليه باشتياق قائلاً بحب "اشتقت إليكِ ماما هنون"
ابتسمت هنا وهي تضم نفسها إلى طفلها العملاق قائلة بحنان "أنا أكثر بني طالت غيبتك كثيراً.. ولكن لا يهم المهم هو عودتك سالماً"
ثم ابتعدت عنه تطلق ضحكة رنانة قائلة وهي تنظر إلى براء "قدرك هو حمقاء يا ولدي.. ثم ماذا كنتما تفعلان؟!"
رفع يزن كتفيه بلا مبالاة قائلاً بمشاغبة "كنت أقبل بلوتي فقد اشتقت إليها كثيراً.. ولكنها دائماً تثبت أن زوجتي هي أكبر حمقاء بالوجود"
أجابت هنا بجدية حازمة "ليس في المطبخ يزن المكان مفتوح وقد يدخل أي أحد.. فلتحمد الله أنني من جئت وليس أحد آخر كأيهم مثلاً!"
هز رأسه موافقا وهو يقول ببعض الخجل الذكوري الجذاب ممزوجاً بنبرة مرحة "حينها كنتم ستقرؤون على روحي الفاتحة.. ولكن معكِ حق كنت أنوي الانتظار إلى أن نعود إلى منزلنا ولكن رؤيتها بمفردها مع شوقي لها لم تساعد على الانتظار أبداً"
هزت هنا رأسها بيأس يبدو أن يزن كلما كبر كلما ازداد جنونه قائلة بضحكة خفيفة "توقف عن قلة التهذيب يا ولد هيا اخرج من هنا"
أجاب بجدية مضحكة "حاضر هنونتي أوامرك مطاعة على كلٍ أنا كنت خارج فلقد اشتقت إلى باقي سكان السرايا"
عقدت هنا حاجبيها بحيرة متسائلة بعدم فهم "أيّ سرايا؟!"
أجاب بنفس النبرة الهزلية "سرايا المجانين التي نحيا بها"
ثم خطف قبلة من شفتي براء الجامدة بجوارهما وهو يغمز لهنا التي شهقت بخجل وقد تحول وجهها للون الأحمر بشقاوة ثم غادر ببساطة قائلاً "سأذهب لرؤية إياد"
ضربت هنا يديها ببعضهما قائلة بمرح "يا الله وكأن نيرة من تقف أمامي حين تجن.. هذا الولد هو نسختها المصغرة"
لكزت هنا تلك الصامتة بخجل بجوارها قائلة بذهول "ما بكِ يا فتاة وكأنه تم ضبطك بفعل فاضح مع ابن الجيران؟! ذلك زوجك منذ ما يقرب الثلاث سنوات يا حمقاء، هيا اذهبي ونظفي وجهكِ يا إلهي لن تكبري أبداً"
أجابتها بارتباك أحمق وهي تستوعب عودة يزن إليها أخيراً "لا أعلم ما زلت أخجل منه"
نظرت إليها هنا بارتياب متسائلة بحذر "هل تخجلين هكذا عندما تكونوا بمفردكما؟!"
هزت براء رأسها نافية بوجوم تتساءل إذا كانت عمتها هنا تلعب دور الأم المصرية العتيدة.. أم الحماة المصرية الأصيلة.. مجيبة بما جعل هنا تزفر بارتياح مطمئنة على طفليها "بالطبع أخجل منه ولكن ليس بالطريقة التي تعتقدينها، وما حدث منذ قليل فقط هو ارتباك لا أكثر"
*************
خرج إياد بعد أن ألقى محاضرته الثانية لليوم وقد كانت طويلة ومتعبة.. مرهق وجائع للغاية فهو لم يفطر صباحاً جيداً ولولا تلك الشطائر التي أعدتها له يقين لكان مات جوعا، إلى جانب غضبه من كلمات الحمقاء ناردين التي ما زالت تؤلمه.. كان اليوم رغم شغفه وتلهفه لتلك الوظيفة متعب للغاية إلا أنه أكثر من سعيد بحلمه الذي حققه أخيراً..

رفع عينيه ينظر إلى ما أمامه ليتجمد نظره على الواقف بطوله أمامه يتأمله بابتسامة حانية وعيون مشتاقة.. اتسعت ابتسامة إياد وهو يصرخ فرحاً كطفل وقد نسي أين هو ليركض محتضناً يزن بقوة.. كتائه عاد إلى والده فهنا أخيه الأكبر يقف أمامه بعد غياب شهور وهو يقول بسعادة "يزن لقد اشتقت إليك كثيراً.. لقد عدت أخيراً.. اشتقت إليك كثيراً يا رجل"
قهقه يزن وهو يشدد من احتضان إياد... لقد اشتاق أخيه وعائلته كثيراً "وأنا أيضاً إيدو اشتقت إليك كثيراً.. كيف حالك أخبرني؟"
ابتعد إياد ليقول بابتسامة مشاغبة رغم عينيه الحزينة "بخير فضل ونعمة من الله.. فقط جائع لم أفطر اليوم"
تمعن يزن في ملامح إياد جيداً وهو يعلم أنه كاذب، يبدو أنه تشاجر مع ناردين.. همّ أن يجيب ليصدح صوت سيف من خلفه هاتفاً باستنكار "أنت ماذا سيد متأنق؟ أعد ما قلته قد يكون خانني سمعي"
زفر إياد بضيق وهو يقول بانزعاج "لا دخل لك سيد مهلهل، يا إلهي ما الذي أتى بك أصلاً؟!"
أجابه سيف بسماجة "أصلاً يا فاشل.. بالمناسبة لا شأن لك أنا أفعل ما يحلو لي.. وأذهب أينما شئت"
كشر إياد بامتعاض وهو يهتف "أنا فاشل يا غبي!"
ليعقد سيف حاجبيه ويزم شفتيه وهو يجيبه "أنا غبي يا أحمق!"
هتف يزن بنفاذ صبر وقد بدأت مشاحناتهم التي لا تنتهي "يكفى أنتما الاثنان لا أريد أن أسمع لكما صوتا، هيا لنذهب"
وقف الاثنان ينظران لبعضهما بتحدي طفولي لذيذ.. ليهتف يزن بصرامة "قلت لنذهب"
انتفض الاثنان لينظرا ليزن صاغرين وهما يتحركان خلفه، رفع سيف يده يمررها على رقبته علامة القتل وهو يشير إلى إياد، ليخرج إياد له لسانه بإغاظة.. هتف سيف بصوت خفيض لكي لا يصل إلى يزن السائر أمامهم "طفل"
رد عليه إياد بغيظ "غليظ"
ظل يكيلان لبعضهما السباب إلى أن توقف يزن عن المشي وهو يلتفت لكليهما، ويقبض على تلابيب ملابسهما من الأمام على حد سواء "قسماً بمن خلقني بأن أعيد هيكلة كلاكما الآن ولا أجعلكم تصلحان لشيء.. لا أريد سماع أي صوت لكما إلى أن نصل إلى مطعم.. مفهوم؟؟!"
نظر الاثنان إليه برعب دون صوت ليهتف يزن ثانية "لم أسمع ردكما؟"
أجاب الاثنان سوياً "مفهوم"
تركهما يزن والتفت يكمل سيره وهو يبتسم باتساع لقد اشتاق إلى مشاغباتهما كثيراً، فيما جذب سيف إياد إلى جنبه وهو يضع يده عل كتفه "لقد عاد الشرير يا صديقي.. يا ويلنا "
همس إياد وكأنه يدلي بسر خطير "يجب أن نتشاجر بعيداً عنه فيما بعد"
هز سيف رأسه موافقاً.. فيزن قد عاد أخيراً بعد أن انتهت إعارته ولن يتشاجرا مثل الأول.. يا لسوء الحظ لقد ضاعت متعتهما في الشجار.
التفت إياد لسيف قائلاً بهمس ممتن كي لا يصل إلى آذان يزن "شكراً على الإنقاذ اليوم"
أجاب سيف بابتسامة جميلة "لا عليك يزن لن يستطيع لعب دور أخاك الأكبر أبداً هذا دوري وأنا من سأقوم به دائماً"
ابتسم إياد قائلاً باتفاق "لنتحدث ليلاً يبدو أن هناك الكثير في صدورنا ليقال"
هز سيف رأسه قائلاً بخفوت "حسناً يكفي حديثاً لا نريد إثارة ريبة يزن لهمسنا سوياً"
وصمتا على وعد مع الليل لتفريغ ما في جعبة كليهما.
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-20, 10:02 PM   #18

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

ليلاً تجمعت العائلة كلها في عشاء عائلي على شرف عودة يزن سالماً من الغربة، فحصل على دلال مضاعف من سيدات المنزل، لمار التي تدور كالفراشة وقد أعادت لها عودة صغيرها سنوات من عمرها بابتسامة مغردة سعيدة.. نيرة وهنا اللتان تبارتا اليوم في إعداد وجبات عشاء مميزة بنكهة سرور فريدة منحت من قلبهما مباشرة..
يقين التي فرحت كثيراً لعودة يزن.. وقضوا ما يزيد الساعتين في تبادل الأخبار والأسرار بما فيهم أخبار معرضها الحربية فهو الوحيد من بين أبناء عمومتها المسموح له بالاطلاع على رسوماتها قبل عرضها في معرضها السنوي الذي تطلقه مع بداية الربيع دائماً..
بينما صدم خالد عندما عاد من نزهته مع ناردين ليجده جالساً بينهما لينفض رأسه متخلصاً من الأوهام كما أعتقد ولم يصدق إلا حينما عانقه يزن بتقدير، و ناردين التي صرخت بفرح وهمت أن تلقي نفسها بين ذراعيه لولا يد خالد التي حجمت جنون فرحتها، وحتى سما بدت السعادة جلية على وجهها، والعمة دارين التي التصقت به حتى ثارت غيرة عمر وجذبها عنوة إلى جواره، وها هما التوأم المشاغب ميّ ومروة يلعبون معه باستمتاع..
وحدها براء من كانت عودته صادمة ومربكة لها جعلتها ترتكب العديد من الحماقات اليوم، وقد لاحظ الجميع شرودها وحزن ملامحها الشفافة منذ عادت قبل يزن بشهرين، وقد علموا بوجود خطب ما لكنهم آثروا الصمت مفسحين لهم المجال لكي يحلوا أزمتهما بمفردهما.
حمل إياد طبق كبير من الحلويات الشهية واتجه يجلس بجانب سيف المنزوي بعيد نسبياً بجوار الأرجوحة شارداً بتفكير عميق قائلاً بلهجة ساخرة "هل رفضت ثانية يا بطة؟؟"
نظر إليه سيف بضيق وهو يرد من بين أسنانه "وفر سماجتك لوقت آخر وأخبرني لماذا كنت حزيناً هذا الصباح؟"
التهم إياد بعض من حلوياته قائلاً ببساطة "تشاجرت مع ناردين"
تساءل سيف وهو يدقق بملامح إياد "هذا يحدث كل يوم.. ما الجديد الذي سبب لك الضيق؟!"
أجاب إياد بقهر يفرغه في قطعة كيك يتناولها بِغلّ "أخبرتني أني لا أملك حقوق عليها"
مطّ سيف شفتيه قائلاً بهدوء "هي محقة أنت لا تمتلك حقوق عليها"
أشاح إياد بعينيه بعيداً وما زال تأثير تلك الكلمة على قلبه كطعنة رمح ساخن قائلاً بعد زفرة مهمومة "هي من ترفض أن يكون لي حقوق عليها.. ولا يمكنني أن أفهم السبب!"
صمت سيف طويلاً وهو يرنو بنظره نحو الجمع السعيد هناك؛ أخرجه صوت إياد المشبع بالسخرية من أفكاره "أرأيت.. أنت حتى لا تملك جواباً أو مواساة تواسيني بها"
ضحك سيف بعمق قائلاً باستهزاء "لأنك أحمق وتدّعي أنك تفهمها أكثر منا جميعاً"
رد إياد سريعاً بدفاع "بالطبع أنا أكثر من يفهمها.. ناري ليست عشقي فقط سيف.. هي بذرة الرحمة داخلي.. ولكن هي لا تروي تلك البذرة حتى تكبر.. بل تمعن في إزهاق روحها وقتلها دون لمحة تردد"
تساءل سيف بإصرار "ألا تفهم حقاً سبب رفضها في أن تتخذ خطوة جدية لأجل مستقبلكما؟!"
هز إياد رأسه بألم ليلكزه سيف بمرفقه قائلاً بتشدق "أترك الطعام جانباً وانظر إليها جيداً وستفهم بمفردك"
نظر إياد إلى ناردين الجالسة بشموخ لا يليق إلا بها رغم الجلسة البسيطة؛ فناردين منذ دخلت سن المراهقة وقررت التمرد على كل شيء وقد تحكمت في تمردها بشكل ساحر رغم صغر سنها أخرجت منها شخصية حازمة قوية ذات غرور بغيض، ضيق عينيه بتدقيق هاتفاً بذهول "هل يعقل؟!!"
هز سيف رأسه موافقاً وهو يقول بحكمة تفوق سنين عمره "يُعقل إياد الجميع يعلم بحبها لك ولكن يظل قلب ناردين ولاءه الأول ليقين... ناردين تريد أن تكون بجوارك أكثر من أي شيء آخر ولكن..."
صمت سيف تاركاً دفة الحوار لإياد الذي زفر بارتياح مكملاً "يظل خوفها أن تجرح يقين له الأولوية تخاف إن تزوجت قبل يقين بعد أن تخطت الثلاثون أن تجرحها... يقين هي أكبر نقطة ضعف لدى ناري... الآن فهمت"
أومأ سيف قائلاً باستحسان "ولا تنسى شجارها الدائم مع سما وكم يؤثر هذا على كلتيهما.. فسما مصدر قوة ناردين.. وناردين نقطة ارتكاز لسما.. وهذا الابتعاد يخلق فجوة رهيبة داخل نفسيهما"
زفر إياد بإحباط قائلاً بحنق "الحمقاء تظن أنها هكذا تساعد سما على استخراج قوتها لا تستوعب أنها تزيد الأمر سوءاً"
اتسعت عينا سيف باندهاش قائلاً بذهول "هل هذا سبب الشجار الدائر بينهما؟!"
رد إياد بإيضاح "نعم فذلك التناطح لم يبدأ إلا بعد حادثة سما"
ضحك سيف قائلاً بحشرجة "رباااه تلك الفتاة ذات تفكير غريب جدياً_ثم أكمل بجدية_ ولكنك لم تخبرني بكل ما يضايقك؟"
أجاب إياد بوجل "أنا خائف يا سيف"
رد سيف بحمية "مِمّا؟؟"
أجاب إياد بحنق من ذاته "خائف من قسوتي سيف.. أنا صابر على كل ما تفعله.. ولكن حين يفيض كيلي لن أستطيع أن أسامح ببساطة.. وبالتأكيد سأجرحها وأنا لا أريد هذا"
ربت سيف على كتفه قائلاً بدفء "هوّن على نفسك إيدو ولا تستعجل الأمور"
ابتسم إياد باهتزاز وهو يهدئ خافقه قائلاً ليحول دفة الحديث إلى سيف "وأنت لمَ هناك بقايا خوف في عينيك؟"
تشدق سيف بإجابة ساخرة "وهل للخوف بقايا يا نابغة عصرك؟؟"
ضحك إياد قائلاً بغرور مصطنع وعينيه تلمع بمكر "نابغة عصري دون شك سيد مهلهل"
ابتسم سيف على تمثيل إياد الفاشل قائلاً بهم يستوطن قلبه "أخاف أن ترفض تلك المرة أيضاً.. لا أطمح في غير فرصة صغيرة أتقرب بها إليها.. لا أفهم إصرارها على الرفض هل بي خطأ ما؟"
أجاب إياد بنظرة ثاقبة "كلا ليس بك خطأ وتلك المشكلة"
اعتدل سيف سائلاً باهتمام "ماذا تقصد؟"
رد إياد شارحاً ما يعتقده صحيحاً "هي ترى أنها لا تليق بك.. في نظرها أنت كامل بينما هي مجرد بشعة قبيحة"
قاطعه سيف باستنكار "هي ليست قبيحة على الإطلاق هي أجمل فتاة رأيتها بعمري"
أجاب إياد بتنمر "وكأنك ترى غيرها أصلا.. هل أكمل أم ستقاطعني ثانية؟"
أشار له سيف ليكمل بطريقة طفولية ليبتسم إياد قائلاً بجدية "منذ الحادث وسما ثقتها بنفسها تضاءلت كثيراً.. أنت كنت مسافر بذلك الوقت ولم تعش معاناتها معنا، هي ترى نفسها بشعة ولا تليق بك وفي وقت ما ستنفر منها وتبحث عن غيرها وتلك ستكون القاصمة لها.. سما تحتاج أن تجد ذاتها أولاً سيف وبعدها يمكنكما الارتباط"
نظر سيف بعيداً دون رد فها هو إياد يؤكد له ما رفض قلبه تصديقه حبيبته لا تثق به.. هل هناك جحيم أكبر من هذا.. شعر بقلبه يحترق وهي فقط من تملك الماء لإطفاء اشتعاله.. ترياقه الشافي لقلبه العليل بحبها..
صمت إياد احتراما لصمته.. إلا أنه قرر أنه يكفي هذا القدر من الحزن رفع صوته منادياً التوأم الرائع ليهرعا إليه وإلى سيف مطالبتين بحصتهما اليومية من الدلال، فيجد الاثنان ملجأ لهما من أحزانهما يندمجا داخله متناسيين وجعهما الحالي أمام بئر الطفولة البريء..
لمح إياد من خلال صخبه مع ميّ حوار حاد بين سما وناردين ليترك ميّ غاضبة بتركه لها دون أن يكملوا لعبهم.. وتبعه سيف الذي رشى الطفلتين بألعاب جديدة مقابل عدم غضبهم وابتسامة رائعة تنير وجوههم.
************
أحست سما بالسعادة الطاغية وهي جالسة وسط عائلتها يمزحون ويضحكون وكأن الدنيا خلت من الهموم، عداه ذلك الذي يعذبها باهتمامه السخي بها جالساً هناك بمفرده وها هو إياد ينضم إليه.. ولكن رؤية ذلك الحزن المطل من عينيه أوجع قلبها فقررت أن تسير بمفردها لتبتعد عن تأثير حزنه عليها.. سمعت من خلفها صوت ناردين يتساءل بقوة بها لمحة استهزاء "هل سترفضين سيف مجدداً؟!"
ردت سما دون أن تنظر إليها بضعف وإصرار "لن أغير قراري ناري"
أجابت ناردين بجدية وهي تكره ذلك الضعف بابنة عمتها وتبغض ما يسببه لسيف من وجع "هو متمسك بكِ.. تلك المرة الثالثة التي يتقدم بها لكِ واضعاً كرامته أسفل قدميه"
أغمضت سما عينيها بألم قائلة بنفي متوجع "لا أريد الموافقة.. ولا أريد سيف.. أرجو أن يتفهمني"
أجابت ناردين بغموض "سيف فرصة جيدة لا تهدريها"
عقدت حاجبيها بحيرة متسائلة بعينيها ماذا تقصد ليرتفع جانب فم ناردين بابتسامة خبيثة.. لتقول بغرور وسخرية تبزغ بينة في كلماتها واضحة كشمس الظهيرة "ما أعنيه يا صغيرة أنكِ بشعة وبشاعتكِ لا تخفى على أحد.. وسيف هو ابن عمتك لن يعيركِ يوماً بندبتكِ ولن يشعركِ بنفوره منكِ.. سيعاملكِ جيداً وسيحرص على مشاعركِ إرضاءً لعمته.. كما أنه رجل عائلة بامتياز لذلك لن يطلقكِ أبداً حرصا على تماسك العائلة.. وأيضاً شاب وسيم ولا يقاوم.. فكما ترين هو فرصتك المثالية خذيها نصيحة مني تقدمي واقتنصيها.. فشاب مثل سيف لن تجديه كل يوم"
أغمضت سما عينيها تبتلع كلمات ناردين الجارحة بصمت.. تتجرع علقم نظراتها ومرارة كلماتها التي تبرع في إلقائها.. غصت بريقها لتبتلعه بصعوبة وكأنها لا تعلم وتوقن بصحة كل ما يقال.. آااه يا سيف ألم أخبرك أنك وجعي.. ولكن لماذا لا يحق لها.. ثار قلبها بأنه ليس خطأها ومن الظلم أن تحكم عليه بالموت..
رأت ناردين بداية شعلة غضب تعلمها وتحفظها جيداً تبدأ بالظهور في مقلتي سما.. إنها شعلة التمرد شجعتها بصمت وترقب (هيا سما لقد أوشكت على الخروج) ثم لا شيء وصوت إياد الحاد يسمرها مكانها وينهي غضب سما "أنت بغيضة.. اعتذري حالاً"
نظرت لهما بسخرية قائلة بذقن مرفوع وهي تغادر من أمامهما بإباء "تحلم أن أعتذر لتلك العجوز بملامح جدتي.. أتعلم ماذا؟ اذهبا إلى الجحيم لا أكترث أبداً"
تبعها إياد وأصوات شجارهما تتعالى حتى فصل بينهما خالد وقد اعتاد الجميع الشجارات التي لا تنتهى بينهما.. بينما سما تعقد مقارنة بسيطة بين ملابس ناردين المكونة من سروال جينز أزرق وقميص أبيض مطبع بورود عديدة فبدت جميلة نضرة مشرقة كعادتها، في حين أنها ترتدي أحد فساتينها التي تتخفى خلفها بأكمام طويلة يصل لمنتصف ساقها من الأزرق الغامق وخطوط حمراء حوله.. تلف حول عنقها وشاح أحمر كأنه حبل إعدام يزهق روحها، فظهرت كالعادة كئيبة مملة منطوية ومنفرة إلى أبعد حد.. صوت سيف الحاني أخرجها من أوهامها "لا تهتمي لها.. ناري دائما غبية وتفشل بالتعبير بطريقة سليمة"
زفرت بغم قائلة بكآبة "أين ذهبت صراحتك سيف؟! تعلم أن ما قالته هو الحقيقة"
ثبت عينيه بعينيها علها تقرأ داخلهما غرامه المتأجج بها "هي لم تذكر الحقيقة أبداً.. هل تريدين الصراحة حقاً؟!"
وصمت مترقباً إجابتها.. أطرقت برأسها أرضاً وأشاحت بعينيها بعيداً.. ابتلع خيبته بصمت وقد اعتبر ذلك إذن للحديث استطرد بصوت خافت جذاب أصبغه مشاعره الثائرة "إصراري على زواجي منكِ هو لأني لم أعرف حبيبة غيركِ ولا أريد أن أعرف.. أنتِ روحي الهائمة في ملكوتكِ تناجى قلبكِ وتحرس عرش فؤادكِ.. أنتِ كل حياتي ولست مستعداً للتخلي عنكِ بعد"
اضطربت خفقاتها بأمل قتلته قبل أن يرى النور لتقول ببرود وعينيها بركة من الجليد "تأدب في حديثك معي.. ودع عنك أوهامك لأني لا أهتم لها.. تحرك لا أريد الوقوف معك"
أفسح لها الطريق لتمر من أمامه قائلاً بهمس عاشق "أنتِ بمثابة خطيبتي يحق لي الحديث كيفما أردت وحديثي ليس بأوهام، إنما هو إيماني وبقائي على قيد الحياة"
هربت منه كما تهرب دائماً وكما برعت أن تفعل دائماً تاركة قلبه يتلوى بوجع في انتظارها.
*************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-20, 10:06 PM   #19

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

وقف يزن بتعب قائلاً بإرهاق "هيا براء.. أنا أحتاج إلى النوم.. لم أنم منذ أمس"
أجابت براء وهي تفرك يديها بتوتر وتلتصق بوالدها "فلنبقى هنا الليلة"
أشار يزن للجهة المقابلة لمنزل غلب عليه الأبيض وبعض من الأرجواني المطفي... ذو ثلاث طوابق يفصله عن منزل العائلة باب صغير... يمتلك فيه يزن الطابق الثاني والأول لإياد بينما الثالث لسيف... قائلاً بهدوء "المنزل لا يبعد أكثر من خطوتين براء.. غداً سنأتي"
ترجته بعينيها قائلة بتوسل "يزن ولكن أنا..."
تغاضى عن رجائها قائلاً بحزم يلجأ إليه عندما يحتاجه "لا يوجد لكن براء أنا متعب حقاً"
أجابت بحنق "البيت متسخ وأنا لن أبقى به أبداً"
ردت نيرة بهدوء تنهي به مشاجرتهما "لقد كلمت أم أحمد وهي قامت باللازم"
ردت براء بضيق "وملابسي؟!"
أجاب بعزم يشع من عينيه وهو يجذبها من يدها بقوة "لديك الكثير منها في بيتنا"
ضغطت نيرة على يد أيهم تلتمس منه الأمان ليشدد على يدها هامساً بدفء "اطمئني"
أجابته بقلق على طفلتها الصغيرة "أمورهما ليست بخير أيهم.. منذ أتت قبل يزن بشهرين وشرودها دائم.. أقلق عليها كثيراً أيهم"
رد بدفء يطمئن قلبها "يزن يستطيع التعامل معها جيداً.. أيا كان ما بينهما سيجد حلاً له"
تنهدت بقلق تحاول أن تسكّن قلبها الذي هرع خلف طفلتها يطمئن عليها.
حاولت براء جذب يديها بقوة ليميل عليها يزن هاتفا بصرامة "يكفي لا نريد فضائح.. لنا منزل"
صمتت على مضض وهي تغمغم بكلمات حانقة لم تصل إلى سمعه خمنها أنها سباب له.. ما أن دلف إلى منزلهم الجميل والعامر بالدفء من الداخل مع لمسات براء المجنونة عليه... كانت الألوان والأثاث بالكامل من اختيار يزن فلو ترك الأمر لبراء لوجد نفسه يسبح ببركة من الألوان المتنافرة... كانت الألوان هادئة جاذبة للعين مريحة للنفس من اللون الدخاني المطفي نفضت يديه صارخة بحنق "لماذا فعلت هذا ألم نتفق على الانفصال؟!"
أجاب بنبرة لامبالية من حنقها "هل يمكننا تأجيل هذا الحديث حتى اغتسل؟! أشعر بنفسي ككلبٍ أجرب"
غردت ضحكتها الطفولية معيدة البهجة إلى روحه ليميل لاثماً فمها الضاحك بقبلة سريعة هامساً لها "أحب ضحكتك لا تحرميني منها أبدا"
ليكمل طريقه إلى غرفة النوم قائلاً "جهزي لي ملابس نظيفة رجاءً يا عمري"
تأخر يزن في استحمامه أو تعمد التأخير.. يحتاج إلى وقت كافي ليسيطر على نبضاته التي بعثرتها كلمة انفصال... اليوم سيتحدثون ويضع حد لمهزلة الانفصال التي تسارع إليها كلما اختلفا... كيف تفكر حمقاؤه أنه يمكنه أن يتخلى عنها أو يبعدها عنه... في أقصى أحلامه رعباً لم يتخيل أنه قد يحقق رغبتها بالانفصال.. جفف جسده وارتدي سروال منامته فقط وخرج يبحث عن بلوته الغبية ذات عقل أضيق من فتحة الإبرة.
وجدها في شرفة المنزل التي اختار تصميمها بنفسه لتصلح كمكان حميمي وخاص.. وساعدته في ذلك يقين إلا أن براء أبت إلا أن تضع بصمتها كانت الشرفة مغلقة بزجاج من اللون الأبيض عليها ستار أبيض يشبه الزجاج للحماية من الشمس يكفل الخصوصية اللازمة حتى ترتدي بها ما تشاء.. وورود بيضاء معلقة في سلتين متقابلتين فوق أريكة من الخشب الدخاني وبطانة للجلوس من اللون الأسود ومطبع بأوراق شجر بيضاء ووسادات بلون الليمون من اختيار زوجته فوق الفظيع.. ومائدة مستديرة وكرسيين على شكل نصف دائرة..
كانت تتحرك بها بعصبية في انتظاره وما أن التفتت إليه حتى احمرّ وجهها خجلاً.. مما زاد من فتنتها أمام عينيه.. تقدم بهدوء يجلس على الأريكة ويدعوها لتجلس بجانبه.. ابتعلت ريقها بصعوبة وهي تجلس على أحد الكراسي بعيداً عن جاذبيته.. جذب الكرسي لتصبح مواجهة له وهي تخفض عينيها تهرب منه... رفع عينيه قائلاً بحب "هل تذكرين أول مرة سافرت بها براء؟!"
هزت رأسها مجيبة بعدم فهم "بالطبع لقد أصبت بالحمى من ألمي بعد سفرك مباشرة"
رد باعتراف صريح وعينيه تغازلها برقة "حينها كنت قد اكتشفت قوة مشاعري تجاهك لم أنظر إليكِ كأخت لي قط.. دائماً ما كانت نظراتي تشوشني وتربكني.. خفت عليكِ من براءتك ومن حبي لكِ.. فقررت السفر وأخبرت عمي خالد بحبي حتى آمن أن تكوني لي عندما أعود وأجدك قد نضجتِ.. وعندما أعلنت عن قراري لم أتوقع انهيارك هكذا ولا ذلك الاعتراف الذي أبهجني وجعلني أصر على السفر أكثر... أنا كنت مرعوب من تدفق مشاعري إليكِ ورغبتي القوية بكِ.. كنتِ هاجسي وحلمي وغيرتي كنت كل حياتي"
........................
شردت عينا براء في ذلك اليوم الذي أعلن فيه يزن السفر وقبوله لعقد احتراف في الخارج.. حينها عاصفة من الألم ضربت قلبها الصغير ومن شدتها فقدت الوعي بين ذراعي والدها.. لتعطيها والدتها حقنة مهدئة وتتركها نائمة حتى الصباح..
في ذلك اليوم فاقت باكراً بعد الفجر بقليل وقد وجدت نفسها في غرفتها فأيقنت أنها كانت بكابوس.. ولكن عندما خرجت إلى الشرفة ووجدت يزن جالس منكس الرأس في الحديقة ضربتها الحقيقة لتجعل قلبها يضرب عضلاتها بألم ودموعها تتسابق أيهما تبكي حبيبها أولا... هرولت إلى الأسفل لتقف أمامه هامسة بصوت باكي "هل ستسافر حقاً؟!"
رفع رأسه يتأكد من ملامحها بلهفة فهو لم يستطع البقاء في غرفته أمس وقرر الاعتصام أمام شرفتها.. يطمئن قلبه أنه قريباً منها.. وجد دموعها تلوث وجهها الطفولي وحجّم يديه كي لا تقفز إلى وجنتيها تمسح دموعها بحنان وهو يلثم عينيها من الدموع قائلاً بصوت خافت "نعم براء هذا حلمي بالاحتراف"
تساءلت بوجع "وماذا عني؟!"
رد ببرود أتقنه "وماذا عنكِ براء؟!"
تساءلت بلهفة وقد انقطعت أنفاسها بترقب لإجابته "ماذا أنا لك.. لماذا تريد تركي؟!"
أشاح يزن بعينيه بعيداً ونبرتها المعذبة تفتت قلبه بقسوة.. قائلاً بنبرة ذات مغزى لينهي الحوار الذي لن ينتهي على خير "أنتِ أختي الصغيرة المجنونة"
قاطعته بحنق متناسية وعدها وتحذير سيف لها من مغبة هذا الفعل "تباً لك.. أنا لست بأختك.. أنا حبيبتك.. أنا أحبك.. افهمني أحبك"
رغم الفرح الذي انتشر بين جنبات قلبه وجعله يغرد بسعادة طائر مهاجر عاد إلى وطنه أخيراً.. رد بصرامة وعيناه تلتهمها "إلى غرفتك الآن بعد ما سمعته منك الآن أنا مصر على السفر"
همست بترجي يائس "يزن"
أعاد بصرامة أرهبتها "قلت إلى الأعلى"
راقب هرولتها تكاد تتعثر في مشيتها.. سقط على المقعد خلفه واضعاً رأسه بين يديه هامساً بلوعة "رغماً عني يا نور العين"
.......................
عاد من ذكريات اعترافها الأول على صوتها الهامس "أنت كنت بغيض يزن"
قرب وجهه يقبل وجنتها هامساً بأسف "المعذرة حبيبتي كنت خائفاً عليكِ.. كنتِ صغيرة وبريئة ولا يوجد أجمل منكِ"
ابتسمت لتقول وهي تشرد ثانية في حياتهم قائلة "بعد سفرك مباشرة أصبت بحمى شديدة من حزني واشتياقي إليك"
رد وهو يدخل معها في تلك الفجوة الزمنية ثانية وقد احتجز باطن كفها على شفتيه "جننت عندما علمت بخبر مرضكِ.. وعزمت العودة إليكِ ثانية وأثناء ركضي لأنهي الأوراق المطلوبة رن جرسي ووجدت عمي خالد أمامي.. وجدت نفسي اندفع إلى ذراعيه الآمنتين التمس منه خبر عنكِ.. هدأني عمي قليلاً وأخبرني أن حالتك تتحسن وأني كنت شجاعاً لأتخذ هذا القرار فعليّ الاستمرار به.. وجعلني أتحدث معكِ بالهاتف"
ابتسمت وهي مغمضة عينيها تتنفس أريج أنفاسه قائلة بشغف "كانت يقين معي بالغرفة تضع كمادات ماء على رأسي عندما رن هاتفها وفتحته ووضعته بجانب أذني ليصلني صوتك وكأن كل حواسي استجابت لك.. استقمت على السرير بضعف وحملت الهاتف أضعه على أذني ارتشف نبضات صوتك بوجع.. كنت مشتاقة إليك بطريقة لن تتخيلها"
قرب شفتيه مقبلاً شفتيها ببطء ورقّة تعلقت بكتفه وهي تقرب نفسها منه.. ليبتعد عنها بلطف معيداً إياها إلى فقاعته الزمنية ثانية "بالنسبة لي كانت تلك المكالمة هي زاد قلبي وروحي التي عادت لي ما أن لامست أنفاسكِ أسماعي.. أخذت منكِ وعد أن تتحسني وتهتمي بصحتكِ ودراستكِ.. وبعدها عدت وكنتِ أنتِ أنهيتِ دراستكِ وأنا بنيت نفسي وأنهيت شقتي وعدت مطالباً بحقي في حبيبتي وطالباً إياكِ زوجة لي"
فتحت عينيها لتبتعد عنه بسخط هاتفة بغضب وهي تكتف يديها على صدرها "إذا أحببتني كما تقول لماذا سافرت وأوجعت قلبي؟؟"
ضحك من كل قلبه مجيباً بحكمة "كم مرة أجبت على هذا السؤال بلوتي حسناً.. كنت مرعوباً من حبي لكِ.. خائفاً أن أخون أمانة عمي.. وأجرح براءتك ونقاءك بمجرد كلمة وكما خفت أن يكون حبكِ مجرد تعود حبيبتي على ابن عمك واعترافك سيتغير بمرور الوقت.. كان يجب أن أحفظكِ وأحميكِ لا أن أكون مصدر خوف عليكِ"
ضحكت بخفوت ليمد يديه يخلع عنها جاكيتها الخفيف وتبقى بكنزتها منزوعة الأكمام.. كشرت وهي تبعد يديه عنها قائلة بشر "لكن أبي الحبيب أخذ حقي منك وعذبك طيلة فترة عقد قراننا"
شاركها الضحك ليميل مستنشقاً عطرها الخفيف وهو يقبل كتفها ببطء هامساً بخفوت "حتى كان أول عيد حب لنا سوياً وجهزت مفاجأة كبيرة لكِ باعترافي الأول بعشقي لكِ أردته أن يكون مميزاً"
لامست وجنته بحنان قائلة بحب وهي تغرق ثانية بين أمواج ذكرياتها "وقد كان حبيبي.. لقد جعلته مميزاً ولا ينسى.. عندما استيقظت ووجدت غرفتي مزينة بالورود الحمراء والبيضاء مع البالونات الملونة كنت أقفز من الفرحة العارمة وأنا سعيدة للغاية.. كان أجمل صباح حصلت عليه"
وضع يده على يدها يضغطها على وجنته الخشنة.. سامحاً لنفسه بالغرق معها قائلاً بنبرة أجشة "هذا ما أردته وقد دفعت لإياد ثروة حتى يعلقهما وأنتِ نائمة كان محظور علي دخول غرفتك فقد كنتِ تنامين عارية"
لكمته في كتفه بيدها الحرة "يا وقح لم أنم يوماً عارية كنت أنام بملابس قصيرة فقط"
أجاب بتهكم "حسناً كنت تنامين بملابس حتى تزوجنا"
تضرجت وجنتها بالأحمر قائلة بحياء فاتن "يا الله لقد فقدت حياءك تماماً"
غمزها قائلاً بوقاحة " معك يفقد القديس حياءه"
ضحكت بصوت عالي وهي تقول بيأس عائدة ثانية لذكرياتها "لا فائدة منك أبداً.. وبعد ذلك بدأ اليوم يأخذ منحنى آخر"
.........................
اقتحمت يقين وناردين غرفتها يقدمون لها ورود بنفسج رائعة الجمال أبهرتها وتركت تأثير قوي عليها.. وإفطار رائع جعل منها أميرة مذهلة.. فتحت ناردين خزانتها تتأملها قبل أن تصرخ بانزعاج وأمر غير قابل للنقاش "ما هذا يا فتاة؟.. ما هذه الملابس؟.. خالية من الذوق بو... ارتدي ملابسكِ ليس لدينا وقتا طويلا وعلينا تجديد خزانتكِ"
اتجهت معها هي ويقين إلى المركز التجاري لتبدأ ناردين حملة من التسلط وهي تختار ملابس لم ترق لبراء أبداً حتى صرخت فرحة قائلة بصوت فخور "ها هو لقد وجدته"
ثم أعلنت بقرار لا رجوع فيه "منذ اليوم وحتى موعد عرسك سنقوم بحملات تسوق حتى نجدد خزانتكِ بالكامل"
عندما عادوا إلى المنزل كان الشباب مختفيين وفي غرفتها وجدت فطائرها المفضلة ساخنة بجانب كوب من كوكتيل الفواكه الذي تعشق.. غابت يقين في حمامها بعض الوقت وناردين تدور حولها كالدجاجة الأم.. تجاهلتهما تماماً وهي تلتهم وجبتها المفضلة..
عادت يقين بعد بعض الوقت لتجذبها إلى الحمام الذي كان منسق بطريقة خيالية ورائحة الورود تنبعث من كل ركن به.. حوض استحمامها كان مليء بالورود المجففة والرغوة الجذابة قالت يقين بحسم "معك ساعة تنعشين بها نفسكِ ثم تخرجين.. ما زال أمامنا الكثير لنفعله"
بعد مرور نصف ساعة تقريباً وهي تشعر بشعور لا مثيل له من الراحة والتميز دقت ناردين عليها الباب لتصرخ براء بتذمر "لم ينتهي الوقت بعد"
دفعت ناردين الباب قائلة ببهجة "كلا لقد وصلكِ طرد الآن هيا افتحيه"
جذبته براء منها بحماس لتفضه بلهفة صارخة بسعادة ومنظر الشوكولاتة على شكل قلوب يثير شهيتها.. التقطت ناردين واحدة وهي تقضمها قائلة بتلذذ "لذيذة جداً ومن النوع الفاخر أيضاً.. تذوقيها"
ودفعت بقطعة بفم براء التي تأوهت باستمتاع قائلة "أوووه يا للروعة"
انتبهت براء على وجود ناردين معها وهي مستلقية عارية بين المياه لتصرخ مجفلة ناردين "ناري يا حمقاء إلى الخارج.. أليس لديكِ بعضاً من الخجل؟ هيا اخرجي"
أخذت قطعتين من الشوكولاتة قائلة بتبرم "لي وليقين لا تتأخري كثيراً"
بعد مرور وقت لم تحسبه براء وهي مسترخية بالكامل خرجت تضم حول جسدها منشفة رقيقة... أخذت يقين وناردين بيديها لتبدأ حملة جديدة من العناية بالبشرة زفرت براء هاتفة بتمرد "ابتعدا عني ماذا تفعلان؟"
أجابت ناردين بحنق "نعتني ببشرتك يا عديمة الأنوثة.. أنوي أن أجعلكِ مثيرة اليوم"
وضعت يقين يدها على وجه براء برقة قائلة بحنان "العناية بالبشرة ليست سيئة وستمنحك شعور رائع بو ثقي بي"
تساءلت بحيرة "أين باقي الشعب لم أرهم اليوم؟!"
أجابت يقين وهي تقلم أظافرها "لقد تكفلوا بإبعاد عمي أيهم عنكم اليوم حتى تقضون وقت سوياً.. والآن اثبتي"
بعد أن انتهوا من كل شيء بدت براء آية من الجمال سارعت يقين برقيتها كما تعلمت من لمار حتى تحفظ جمالها من العيون الحاسدة، نظرت براء إلى فستانها قائلة بعدم رضى "لن أخرج بهذا الفستان قد يرانا سيف.. لا أريد أن أسبب حرجاً له"
ردت ناردين بتآمر "سأتكفل بإبعادهم عنكِ حتى تذهبي ليزن"
.....................
عادت من ذكرى ذلك اليوم قائلة بصوت متحشرج من شدة مشاعرها "كانت ناردين رهيبة ذلك اليوم.. يزن أريد أن أعانقك"
فتح ذراعيه يستقبلها بينهما هامساً بحب "وأنا أتوق لذلك بلوتي"
على صدره همست وهي تقبل موضع قلبه "في ذلك اليوم جعلتني أميرة حقيقية"
رد بخفوت "وأنتِ كذلك أميرتي"
ثم أبحر في سفينة ذكرياته ذلك اليوم وهو يجذبها إليه أكثر قائلاً بشغف "عندما رأيتكِ بذلك الفستان فقدت كل حواسي أمام جمالكِ الفريد"
.....................
كانت تنظر بانبهار إلى الحديقة المزينة بإتقان.. والورود الحمراء مكونة ممر لتمر عليه حتى تصل للمكان الذي ينتظرها به يزن.. أرادت الشعور بملمس الورود على قدميها فخلعت حذاءها لتسير حافية الملمس الناعم يداعب باطن قدميها.. حتى وصلت إلى تلك الطاولة المزينة بأضواء متلألئة في الحديقة خلف المنزل معدة لشخصين
رفعت عينيها بانبهار إلى وسيمها ذو البدلة السوداء ينتظرها هناك.. حبست أنفاسها وهي تنظر إلى شغفه وإعجابه بها.. تقدم بخطوات ناعمة يلتهم وجهها الناعم بنظراته.. ويتأمل مظهرها المختلف كانت رائعة الجمال فاتنة... فستان أسود قصير للغاية لا يصل لمنتصف ساقها.. أحد أكمامه مفقودة والأخرى من القماش الشفاف مزين بفصوص لامعة.. اقترب مسحوراً منها وهو يمسكها من يديها ويقبل باطن كفها بوله قائلاً بغرام "تبدين.. حسنا تبدين كمخلوق خرافي نادر الوجود.. واحدة من أميرات العصر القديم"
ابتسمت باهتزاز وهي تقول بصوت مرتجف "فعلت كل هذا لأجلي؟!"
هز رأسه موافقاً ليفاجئها وهو يجلس على ركبة واحدة ويشدها لتجلس على قدمه الأخرى.. تشبثت بعنقه وهي تنظر لعينيه بلهفة وأمل.. ليبتسم قائلاً بهيام ويده تحتضن خصرها بينما الأخرى تتجول على وجهها "ذات يوم اعترفت لي فتاة صارخة بقوة أنها ليست أختي وأنها حبيبتي"
أخفضت رأسها بحرج قائلة بخجل "كان تصرف أحمق منها"
هز رأسه نفيا وهو يرفع وجهها لتقابل عينيه المشتعلة بها ولها "كان ذلك الاعتراف أفضل ما حدث لي بحياتي.. انتظرت هذه اللحظة طويلاً حتى أرد على اعترافها.. عندما أخبرتني أنكِ تحبينني كل ما رغبت به كان تقبيل كرزك الشاحب حينها لأعيد إليه نضارته.. براء يا بلوتي أنتِ هي حياتي وعمري أشرق بين ذراعيكِ.. ونبضاتي تغرد مع نبضاتكِ هياماً بكِ.. عيوني تحمل لكِ عشقاً لا يستوعبه قلبي أفاضه على باقي خلاياي.. أنا أحبكِ يا بلوتي ولم أحب غيركِ أحد أبداً"
سالت دموع الفرح من عينيها لاعتذاره الذي تأخر... دفنت وجهها بعنقه هاتفة بصوت باكي "تباً لك.. لقد أبكيتني كثيراً.. أنا أكرهك"
توغلت يديه داخل شعرها ليرفع وجهها إليه ناظراً إلى فمها برغبة.. قائلاً بخفوت مغري وهو يعدها "أنا أسف براءتي.. أعدك منذ اليوم سأجعل أيامكِ كلها سعادة والآن اسمحي لي أن أفعل ما عشت سنيني كلها أتوق إليه"
ناظرته بحيرة وما إن همت بسؤاله حتى ضاعت تحت وطأة شفتيه.. التي تهاجم فمها بشراسة تشبثت به ليقف حاملاً إياها وما زالت شفتيها أسيرة شفتيه.. أجلسها على مقعدها ليبعد فمه عنها برفق وهو ينحني عليها يراقب الاحمرار الفاتن الذي غزا ملامحها ليزيدها فتنة وعينيها التي تلألأت بسواد أخاذ.. أخذ نفساً عميقاً وهو يقبل جبهتها قائلاً بعاطفة "ساحرة يا حلوتي"
ابتسمت وهي تتهرب بنظراتها منه.. لتنظر إلى العشاء المعد لهما وصوته يهمس لها بشغف "أعددتهما بيدي"
رفعت الغطاء عن الأطباق أمامها لتصرخ بسعادة "بيتزا.. كيك الموز بالكراميل"
التفتت لتقبل وجنته بجنونها الفاتن "أنت من الخيال حبيبي"
قرب مقعده منها وهو يرفع الغطاء عن الطبق الأخير الذي احتوى على عقد رائع عبارة عن ثلاث عقود من اللؤلؤ الأبيض تجتمع في نهايتيها مع طاووسين من الزمرد الأزرق يتدلى بينهما لؤلؤة بيضاء.. انسحرت بجمال وفتنة العقد ليضعه حول عنقها قائلاً بنبرة أجشة "لم أجد ما يناسب طبيعتك لكني أحببت هذا وأحضرته لكِ"
همست بحب دامعة العينين "كيف أشكرك حبيبي؟!"
ضمها إلى صدره قائلاً بحب عميق "لا تبتعدي عن ذراعي أبداً"
ثم أوقفها على قدميها قائلاً بحماس "آخر مفاجأة لليوم"
جلب قنديل مضيئ من أسفل الطاولة لتصرخ بسعادة "يا إلهي كم حلمت به مراراً"
وضعها بين يديها قائلاً بمرح "هيا اطلقي سراحه"
قذفته عالياً إلى السماء ببهجة وهي تدور حول نفسها بفرحة صارخة كما الأطفال لم يقاوم يزن لينحني حاملاً إياها وهو يدور بها.
.........................



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-10-20, 10:08 PM   #20

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

خرج من ذكرياته على صوتها الهامس على قلبه "كنت بأرض الأحلام ذلك اليوم.. كنت أشعر بنفسي سندريلا زماني"
أخرجها من بين ذراعيه لينظر لوجهها بعمق قائلاً بنبرة ساحرة "لا تبتعدي عن ذراعي أبداً"
وغيبها بقبلة ملتهبة من أتون مشاعره المشتعلة معها.. لا تعلم متى نقلها على ساقه ولا متى تقوست بين ذراعيه تضم نفسها له أكثر.. ابتعدت عنه ما أن أحست بجرأة يديه تزداد لتجلس على مقعدها أمامه صارخة بغيظ "أنت مخادع"
ضحك وهو يتنفس بصعوبة محاولاً السيطرة على شغفه إلى أن يبتر ذلك الموضوع من أساسه.. قائلاً وهو يدخلها فقاعة الذكريات ثانية "هل تذكرين عرسنا؟!"
أجابت بابتسامة حائرة "وهل يمكن أن أنساه!"
تذكرها بفستانها الأبيض الذي يصل من الأمام إلى ركبتيها ومن الخلف يشكل مثلث غير منتظم الأضلاع إلى منتصف ساقها..
تبدأ أكمامه بالظهور بعد كتفيها ويصل إلى معصمها بقماش مخرم... وقد جعدت شعرها الناعم وتركته منساباً على ظهرها مع تاج صغير على رأسها.. وقد أصرت أن ترتدي بنات عمها خالد وسما فساتين خادمات البلاط الملكي.. كانت تبدو كطفلته الشهية الناضجة فقط يحتاج لتناولها.. عندما وصلا إلى المنزل كاد أيهم أن يلغي العرس ويحمل ابنته عائداً بها إلى المنزل.. فكر يزن لو أن براء ابنته لن يزوجها أبداً..
في تلك الليلة عندما أسكنها ضلوعه وجعلها زوجته لا يعلم أي عالم ساحر ألقت به داخله.. أغمض عينيه ليذبح براء ذلك الألم الذي شع من نظراته عندما فتحهما ناظراً إليها متسائلاً بوجع "لماذا تريدين هدم حياتنا.. لماذا تسعين إلى حرماني منكِ.. فيما أخطأت بحقكِ؟!"
احتضنت وجهه بين يديها وهي تهز رأسها قائلة سريعاً " أنت لم تخطئ حبيبي لقد عشت معك بالجنة كما وعدتني ذات يوم.. ولكن أنا من لم تمنحك السعادة أنا آسفة"
تساءل بتعجب وهو يحملها من خصرها ليجلسها على قدميه "من ملأ رأسكِ بتلك الترهات؟!"
أخفضت رأسها بعيداً عن نظراته الثاقبة "ليست ترهات إنها الحقيقة حبيبي.. أنا لا أستطيع أن أجعلك أباً.. لم أعطك طفلاً تحمله بين ذراعيك"
قاطعها قائلاً بإيمان "لم يأذن المولى بعد"
أجابت باحتجاج ودموعها تتساقط بألم "يزن أنا أحمل أطفالك بداخلي لكنهم لا يمكثون في رحمي أبداً.. لا أعلم أي قسوة يمتلكها ذاك الرحم ليطرد جزء منك من داخلي.. لو كنت أحبك كفاية لتمسك جسدي بابنك جيداً"
وضع يده على فمها وشفتيه تلتقط دموعها هامساً بحشرجة "هل أنتِ معتوهة.. ما حدث يمكن أن يحدث لأي امرأة بالعالم أي جنون هذا"
صرخت بألم مجيبة وهي تلكم صدره بلكمات صغيرة "ثلاث مرات يزن.. ثلاث مرات ويلفظهم ذلك الخائن"
دفن رأسها في عنقه هامساً بتأثر وهو يمسد شعرها "أبكي براء أنا حبيبك وزوجك إذا لم تبكي بين ذراعي متى ستبكين.. أبكي يا عمري أنا هنا وسأظل هنا دائماً"
وبامتثال لأمره انفجرت في بكاء صاخب وهي تلف ذراعيها حول عنقه بقوة ودموعها الساخنة تسيل من عينيها إلى تجويف عنقه ومنها على صدره ثم إلى قلبه مباشرة حافرة به أخاديد من الوجع.. وشهقاتها تنخر في روحه ببطء...
زاد من ضغط ذراعيه حولها يتمنى دفنها داخل روحه.. أو أن يعيدها إلى موطنها الطبيعي ضلع من الأربعة والعشرين ضلع خاصته.. بعدما توقفت شهقاتها وخفتت تنهداتها رفعت رأسها ببطء قائلة بألم متوسل "لقد أحببتك أكثر من حياتي.. وأردت إسعادك كما تسعدني ويبدو أن السعادة لم تكتب لي.. أنا أردت إهداءك جزء مني يربطك بي للأبد.. ولكن رحمي يعاندني وها هو الطبيب يحذرني من الحمل لمدة عام.. أنا امرأة غير صالحة لك لذا حبيبي طلقني وأبحث عن أخ..."
وغابت باقي جملتها بين شفتيه الغاضبتين.. يقبلها بجوع.. بشوق.. بغضب.. بعنف.. زاد من ضغط فمه مطالباً باستجابتها..
لتتجاوب معه على استحياء.. ترك فمها عندما شعر باستسلامها الكلي له ليقول بحزم وهو يضع يده على بطنها المسطحة "اسمعي كلامي جيداً لأني لن أعيده ثانية.. أنا أحبكِ.. هل تعي ماذا أعني عندما أخبركِ هذه الكلمة.. أن سعادتي تكتمل بمجرد نظرة منكِ.. عالمي يشرق ببسمة منكِ.. روحي تحلق في الفضاء بضحكة منكِ.. غضبي يتبخر بلمسة منكِ.. أتحول لمجرم عندما أغار عليكِ.. قلبي يتمنى الدفن في متاهات قلبكِ.. إذا لم يكن طفلي من هنا -وزاد ضغط يده على بطنها- إذاً لا حاجة لي به.. إذا لم يكن من رحمكِ لا أريده.. إذا لم يسكن قرب قلبك لا أرغب به.. أنتِ عالمي ودنياي وإياكِ يوماً أن تنطقي كلمة انفصال ثانية ولا حتى أن تحلمي بها.. هل فهمتِ؟!"
أشرقت عينيها بالفرح وهي تهز رأسها بطفولية قائلة وهي تقبل وجهه "أنا أحبك يزن"
وضمها إليه أكثر مردداً بعشق "ويزن يعشق بلوته"
أجفلته وهي تقفز من بين ذراعيه بعد أن سكنت متنعمة بأحضانه العامرة بالدفء المحتوية لها دائماً.. لينظر إليها بذهول وهي متخصرة وملامحها تنطق بالغضب تساءل بدهشة "ماذا فعلت الآن؟!"
أجابت بغيرة بدائية "ماذا قلنا عن حمل الأطفال واللعب معهم.. أنت لن تحمل أحد غيري"
ضحك بانشراح قبل أن يقف برشاقة ويرفعها بين ذراعيه "لقد كنتِ غاضبة مني والتوأم أردن بعض اللعب... والآن يا طفلتي الأثيرة لديك ضريبة اشتياق أشهر لشهد كرزك"
تعلقت برقبته بدلال قائلة بنعومة رفعت ضغط دمه "وأنا مستعدة لتسديد فواتيري سيدي"
ضحك يزن وهو يحمل كنزه متجهاً إلى غرفة النوم لمناقشة أمور الضرائب العالقة.. سألت براء هامسة "يزن لماذا هذه الحقائب كلها؟!"
رد ببساطة "أغراضنا"
أجابت بحيرة "أي أغراض بالله عليك عندما عدت جلبت معي كل شيء أي أن الباقي يكفيه حقيبة واحدة"
رد بذات البساطة "أغراضي بواحدة والأخرى بها هدايا اشتريتها للعائلة.. وواحدة بها أغراض أحضرتهم لكِ"
عبست بانزعاج قائلة بتوبيخ "هل تسوقت بدوني؟!"
رد بسلاسة مغيظة "المنزل كان كالجحيم بدونك فكنت أنزل أسير بالأسواق وإن أعجبني شيء اشتريته"
كانوا قد وصلوا إلى باب غرفة النوم عندما همس يزن بإغواء "اهمسي الشفرة السرية"
ضحكت بجنون وهي تداعب أنفه بأنفها قائلة بدلال مثير "فليحفظ الله حماتي ويسلم منتجاتها"
تعالت ضحكاتها التي التهمها يزن.. لتتحول ليلتهم من ليلة حزينة إلى أخرى مليئة بالغرام.
*************
وفي شرفة آخر وقف سيف يفكر بعمق في أحواله مع سما.. هل تستحق سما كل هذا العذاب والوجع.. هل يستحق حبها كل هذا الألم.. هل هذا عقابه على خطأ اقترفه قبلاً.. هل سما هي الجنة التي يبحث عنها ويتوق إليها.. أم هي الهاوية التي يتجه إليها بقدميه راضياً غير آبه بالنتائج.. لا يهم من هي من كل هذا ما يهم هو قلبه الذي يصرخ مطالباً بحقه للفناء بين ثنايا روحها..
فكرة تكونت في عقله إن نجح بتنفيذها فاز بها عمره كله وإن أخفق حكم على قلبه بالموت البطيء.. ورغم هذا رفع هاتفه في انتظار لحظات مرت كعقد كامل عليه.. أغمض عينيه وصوتها الجميل ينساب إلى قلبه مرحبا بدفء أنفاسها متسائلة عما يريد.. زفر نفساً عميقاً وهو يجيب "استمعي إلي جيداً وفكري بما سأخبركِ به طويلاً ثم أعلميني بقراركِ"
عرض عليها سيف ما فكر به.. شرد بعينيه وهو يغلق الهاتف مفكرا هل ما اقترحه صواب أم سيفضي به إلى جحيم آخر.. أجفل من شروده على بضع من المكسرات ألقيت عليه.. رفع نظره ليجد إياد يقف في الشرفة فوقه ثم نظر إلى الأسفل وهو يرى الفوضى التي خلفها رفع هاتفه ليقول ما إن أجابه إياد "لا شك أن أمهاتنا سيقتلنك غداً"
هز إياد كتفه بلامبالاة مجيباً "سأنظفها بعد عودتنا من صلاة الفجر لماذا لم تخلد للنوم للآن؟"
رد سيف قائلاً ببساطة "كنت أفكر.. وأنت لماذا لم تنم؟"
أجاب إياد وهو يلتهم بعض من مكسراته "كنت أعمل.. فيما كنت تفكر؟"
رد سيف مراوغاً "سأخبرك غداً سأذهب لأنام قليلاً قبل الفجر"
وأغلق الهاتف على موعد مع أمل مشرق بالغد.
**********
نهاية الفصل 🤔🤔🤔🤔🤔🤔



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:22 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.