آخر 10 مشاركات
وَرِيث موريتي(102) للكاتبة:Katherine Garbera(الجزء1 من سلسلة ميراث آل موريتي) كاملة (الكاتـب : Gege86 - )           »          سيكولوجية المرأة (الكاتـب : Habiba Banani - )           »          اصديق (انت)ام عدو؟ (الكاتـب : مجهولة. القدر - )           »          قدرها ان يحبها شيطان (1) .. سلسلة زهرة الدم. (الكاتـب : Eveline - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          طلب مساعدة (الكاتـب : ام هدى وعدنان - )           »          طريقة سهلة لعمل صينية أرز معمر مصري بخطوات سهلة (الكاتـب : الماخيكو 123 - )           »          صفقة زواج (56) للكاتبة jemmy *كاملة* ...a marriage deal (الكاتـب : Jamila Omar - )           »          كُنّ ملاذي...! (92) للكاتبة: ميشيل ريد *كــــاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-11-20, 10:03 PM   #31

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي


تطلعت فيه بحنق يقف مع فتاتين إحداهما بلهاء تماماً وهي تتأمله بكل هذا الهيام... ودّت لو اقتلعت عيناها من محجريهما لتعلم لمن تتطلع.. هو حبيبها يخصها هي وهي فقط من لها حق التأمل به بتلك الطريقة.. ثم عادت لذاتها قائلة بهيام "وكيف لا تغرم به وهو بكل هذا.. هذا.. الجمال والوسامة... لماذا يجب أن يكون دائماً أنيقاً هكذا؟!"
كان يرتدي بنطال من الجينز الأزرق ويدخل بحافته قميص باللون الأبيض... يعلوه جاكيت بلون الكراميل المميز أعطاه هالة من الوسامة الذكورية الجبارة .
اقتربت منه بهدوء منادية برقة خادعة "دكتور"
التفت برأسه بهدوء وملامح صارمة ليقول بجدية "نعم"
ابتسمت في وجهه باتساع قائلة "مفاجأة"
تبدلت ملامح إياد أمام نظرات الفتاتين المتعجبة "أين ملامح الدكتور العابسة... ومن هذا الذي يبتسم باتساع وألفة لتلك الدخيلة الفاتنة.. ما هو موقعها من الإعراب في حياته؟!"
بينما انفرجت ملامح إياد ليتحول من الدكتور إياد إلى إيدو المشاغب هاتفاً بفرح "يا لها من مفاجأة ناري.. ماذا تفعلين هنا؟!"
عبست بوجهه بمزاح قائلة بمرح "هل أعود؟"
أشاح بيديه قائلاً بانزعاج مفتعل "تعودين!! وهل تأتيني بقدميك وأتركك تعودين؟!"
ضحكت بصوت عالي ليقول بانزعاج وهو يراقب الأعين المتلصصة عليها بإعجاب واضح... ترتدي سروال أسود اللون يختفي داخله قميصها الأبيض الحريري مظهراً قامتها الهيفاء... وحذاء أسود برقبة بسيطة وكعب عالي... يعلوهم جاكيت عسلي اللون تركته مفتوحاً وعليه وشاح من ألوان عديدة متداخلة... وقد تركت شعرها الأسود حراً.. في مظهر أنثوي عملي غاية في النعومة والجاذبية القاتلة التي تلاعبت بنبضاته.. وأشعلت الغيرة البدائية في حواسه "ماذا هناك ناردين؟ من أين أتيت؟ ولما أنتِ هنا؟"
وقبل أن تجيب ارتفع صوت تلك التي نسيها عند ظهور بهجة روحه بقهر "دكتور"
رسم ملامحه الصارمة ثانية ليقول بجدية "عذراً لم أنتبه.. انتظريني قليلاً ناردين"
هزت رأسها بأناقة وهي تتابع انفعالات الغبية التي تهيم بإيادها لتقول بدلال تستحضره متى أرادت "إيدو أريد هاتفك"
أعطاه لها بلطف لتقول بامتنان وعاطفة وهي تحذر الأخرى من مجرد التفكير فيه "ما هي كلمة المرور؟"
أجابها باستغراب "تعرفينها ناردين"
لترفع كتفيها تهزهما بهدوء قائلة تمعن في استفزاز الطفلة التي تظن نفسها قادرة على لعب دور الكبار.. وهي على علم أن ردود إياد ستساعدها دون أن يعلم بالحرب الدائرة حوله "قد تكون غيرتها!"
أجاب ببديهية "أنا لا أغيرها كثيراً وعندما أفعل أخبركِ بها فوراً"
عندئذ طفح كيل الأخرى من تلك الألفة التي تذهب بمخططاتها أدراج الريح لتقول بعصبية "بعد إذنك دكتور هل نذهب؟!"
هز رأسه باعتذار راقي "عذراً منكما سأشرح لكما كل ما تريدانه غداً"
ثم التفت مغادراً مع ناردين بانسجام تام أصاب الأخرى بالقهر لتتمتم من بين أسنانها "من هذا؟ أكاد لا أتعرف عليه"
أجابتها صديقتها بمواساة "لم تعرفيه من الأصل"
لترد بإصرار وألم "سأصل إليه.. لن أستسلم"
في حين التفتت لها ناردين ترميها بنظرة ظفر من فوق كتفها وهي تبتسم بمكر... لتنتبه على صوت إياد يتساءل بحيرة حقيقية "ماذا تفعلين هنا؟"
أجابته بسعادة تحلق بها منذ الصباح ولم تطق صبراً لكي تخبره في المنزل فأتت للجامعة مباشرة "أتذكر القضية التي أخبرتك أني أعمل عليها مع الأستاذ؟!"
هز رأسه إيجاباً لتتابع بفخر "لقد ربحها الأستاذ... أنا سعيدة للغاية فتلك قضيتي الأولى التي أساعد بها"
ابتسم بفخر قائلاً بسرور "مبارك ناري.. كنت أعلم أنك قادرة على النجاح.. لم أشك في ذلك لحظة"
أسبلت عيناها بخجل وابتسامة مرتبكة ترتسم على شفتيها الندية "شكراً يا ابن العم"
ابتسم برضى لخجلها الذي يختلف عن فتيات عصرها فناردين لن تكسو الحمرة وجهها أبداً تعبيراً عن الخجل، إنما هما عيناها اللتان تسدلهما لتخفي لؤلؤتيها السوداوين خلف جفنيها بإحكام.. كي لا يلمح أحد اضطرابهما قائلاً بمرح "إذا الأمر يستحق احتفال"
أجابته سريعاً "بالطبع وأتيت لكي أخبرك وأدعوك لتناول الطعام خارجاً اليوم ثم نشتري حلويات من الخارج... هل لديك مانع؟"
رد بحركة مسرحية وهو يرفع يديه يحركهما بالهواء وينحني برأسه قليلاً قائلاً بجزل "وهل أجرؤ على رفض طلب فاتنة مثلك!"
ابتسمت بسعادة ليضيف "سأخبر سيف كي يحضر عمتي دارين وسما والتوأم"
أجابت بضيق لا تعلم مصدره تريد استعادة صديقتها ولكن ليست تلك الحمقاء المرتعبة دائماً وأبداً "ولماذا ستدعو تلك البشعة للاحتفال؟!"
زفر بحنق قائلاً بعصبية خفيفة "ناردين هل سنعود لذلك الموضوع ثانية.. كم مرة يجب أن أخبرك أنها ابنة خالي ولن أسمح لكِ بإهانتها فهمتِ؟"
ردت بعناد وعنجهية يمقتها "لا لم أفهم... أنا لا أطيقها تلك القبيحة الضعيفة عديمة النفع ولا أفهم إصرار سيف على زواجه منها وإصراره على إيلام روحه بسببها"
عندئذ طفح كيله منها ونفذ صبره لتتحكم به قسوته التي ينحيها جانباً وتبرع هي في إظهارها "ما لكِ وسيف؟ أتعلمين لقد مللت من الحديث معكِ في ذاك الشأن ولا أريد الخروج معكِ أيضاً.. أعيدي هاتفي من فضلك"
أعطته هاتفه ليجري اتصالاً ما إن استلمه "مرحباً يقين... أين أنتِ؟..... جيد هل يمكن أن تأتي إلى الجامعة؟... لماذا!! حتى تأخذي معك الأميرة ناردين فأنا على موعد مع أصدقائي ولم أكن أعلم بمجيئها"
أغلق الهاتف لتناظره بعينين دامعتين امتلأتا بالقهر والخيبة منه... أشاح بعينيه بقسوة قائلاً بحدة "يقين ستأتي بعد قليل لتأخذكِ معها"
اتجهت إلى باب سيارته فتحته بعنف لتجلس على المقعد وقدمها بالخارج قائلة بغرور وكبرياء "نعم دكتور إياد.. أشكرك لاهتمامك براحتي"
.................
وبعد مضي القليل من الوقت أتت يقين لتجد كل منهما يجلس في مكان بعيد عن الآخر زمت ملامحها بضيق قائلة بصرامة رقيقة مثلها "هل تشاجرتما؟"
أجابت ناردين وهي ترفع رأسها بترفع وتتجه لتجلس بسيارة يقين "لا.. هو غير متفرغ... واعتذر لتطفلي عليك سيد إياد.. إلى اللقاء دكتور"
أشار ليقين أن تذهب ليتابع ذهابهما بعينين متألمتين هامساً بخيبة "حمقاء.. غبية.. مغرورة وكم أكره الغرور آنسة ناردين"
************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-20, 10:08 PM   #32

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

بعد مباراة قوية تطلبت قدرة عالية من المدرب.. وثقة في مهارات اللاعبين وقدراتهم انتهت المباراة بفوز غالي يحسب لسيف ورفقائه.. وقف مراسل إحدى القنوات يجري مع أيهم مقابلة تلفزيونية بصفته مدرب الفريق في آخر خمس سنوات بإنجازات ضخمة تحسب له ولبنية فريقه القوية.. بدأ المذيع حديثه المنمق قائلاً "مرحباً سيد أيهم.. مبارك عليكم الفوز.. كان فوزاً صعباً اليوم.. لمن تهدي هذا الفوز؟!"
ابتسم أيهم بوقار قائلاً بهدوء "أهلاً بك.. بالطبع أهديه للجماهير المساندة لنا دوماً"
تساءل المراسل بابتسامة جامدة "كابتن أيهم اعتقد الجميع أن بعد إصابة عماد كامل بأنك خسرت المباراة ولكن بديلك كان مذهلاً"
ابتسم أيهم بثقة قائلاً باتزان "لا يوجد خوف على الفريق في كل مركز يوجد بديل أو أكثر جاهز للمشاركة بأي وقت.. بالطبع خسارة عماد كبيرة ولكن لا يوجد فريق قوي ليس لديه أوراق بديلة قوية"
ابتسم المذيع بخبث وهو يقول بمكر الإعلاميين الذين يبحثون عن المشاكل بأبسط الأمور "إذا ما هو عقاب سيف عبدالرحمن؟!"
تساءل أيهم بدهشة "ولما قد أعاقب سيف؟!"
لتزداد ابتسامة المذيع خبثاً وقد عثر على كنز وهو يخرج هاتفه ويريه فيديو تم التقاطه لسيف وهو يلكم إياد بالجامعة قائلاً "ألم ترى هذا الفيديو.. هو الأكثر انتشاراً على صفحات التواصل الاجتماعي"
هز أيهم رأسه بيأس وهو يلمح سيف متجهاً لغرفة تبديل الملابس بعد أن حيّا الجماهير.. ليشير إليه بالتقدم نحوه ليبادر أيهم متسائلاً ما إن وقف سيف بجواره "لماذا تشاجرت أنت والسيد إياد؟"
رفع سيف حاجبه بتعجب قائلاً باستنكار "حسناً هذا جديد.. متى تشاجرنا أصلاً؟"
أخذ الهاتف من المذيع ليريه الفيديو المنتشر قائلاً بحدة "أعطني تفسيراً لهذا الآن"
أخذ سيف نفس عميق ليقول بابتسامة زائفة وهو يلعن بداخله هذا المذيع.. لقد حرص هو وإياد ألا يرى أيهم الفيديو أو يصل إلى متناوله "حسناً لقد كنت قلق عليه وعندما هدأ قلقي لكمته عقاباً على القلق الذي سببه لي.. ثم لعبنا مباراة سوياً.. فقط هذا ما حدث"
هز أيهم رأسه موافقاً ليقول بهدوء "أنتما وإياد غداً معاقبان"
تساءل سيف بريبة "متى؟"
ليجيب أيهم بذات الهدوء "الثانية ظهراً"
هتف سيف بانفعال وهو يشعر أنه على بعد شعرة من أن يدمي أنف هذا الغليظ الذي وشى بهم وليحصل على عقاب مضاعف "هذا ليس عدلاً بابا.. إياد لا يحتمل الشمس لفترة طويلة"
رفع أيهم حاجبه دون رد وقد اتخذ قراره ليقول سيف بقهر وهو مغادر "سأخبر عمتي نيرة هي الوحيدة التي تخشاها"
تابعا أيهم انصرافه بابتسامة صغيرة متسلية.. قبل أن يلتفت للمراسل قائلاً بابتسامة صفراء "لقد حصلت على اللقاء الناري الذي سعيت إليه.. مباااارك"
ثم تركه فاغراً فمه مذهولاً مما حدث.. وعلى الجانب الآخر في الأستوديو التحليلي حيث يعمل ماهر كمحلل للمباريات.. انفجر ماهر ضاحكاً ليسأله أحد أصدقائه الذين يعملون معه "على ما أتذكر أن سيف ابنك.. متى أصبح ابن أيهم.. وماذا يضحكك هكذا؟"
أنهى ماهر نوبة الضحك التي تملكته ليقول بهدوء "هذا صحيح سيف هو ابني ولكن أيهم له نصيب به أيضا وسيف بعيداً عن الفريق كثيراً ما يناديه بابا.. أما إياد فهو ابن أيهم وصديق سيف المقرب وهذا الفيديو لا يعد شيئاً يذكر مما يفعلانه ببعضهما.. وأضحك على تهديد سيف وعقابهم؛ غداً يوم مثير للاهتمام"
تساءل المذيع الذي يقدم البرنامج "إذا ما يشاع عن صداقتكم أنت وكابتن أيهم حقيقي"
أجاب ماهر بابتسامة واسعة وهو يقول بمودة بالغة "بالطبع أنا وأيهم وخالد يزيد أصدقاء منذ الصغر وكذلك أبناءنا فقد تربوا سوياً"
سأل صديقه ثانية وهو يضحك "إذاً ما هو عقاب أيهم؟"
رفع ماهر كتفه بلامبالاة قبل أن يقول بتسلية "ليس كثيراً سيقومون بتقليم الأشجار.. وتنقية الحديقة من الأعشاب الضارة.. وتنظيف مدخل المنزل وسيبدؤون من الثانية ظهراً وسأستمتع كثيراً بمشاهدتهما غداً"
نظر له صديقه بدهشة وهو يقول بعدم تصديق "يا إلهي أيهم ما زال جباراً يا رجل"
ضحك ماهر مصدقاً على كلامه "بلى لقد أصبح جباراً كبيراً"
**************
دلفت يقين إلى غرفة شقيقتها التي اعتصمت بها منذ عودتهما سوياً من الخارج وها هي الساعة أوشكت على العاشرة وهي ما زالت بالداخل.. لتفاجأ بالإنارة البسيطة التي تضيء الغرفة وناردين تجلس على السرير تتأمل محيطها بشرود.. تقدمت لتجلس بجانبها متسائلة برقة "ألن تخبريني بما حدث بينك وبين إياد.. لا أصدق تلك القصة عن أصدقائه.. إياد يترك العالم كله لأجلكِ ليس أصدقائه فقط"
غمغمت ناردين بحزن "ليس صحيحاً على ما يبدو"
سألت يقين بحنان "ما بكِ ناري؟"
أشاحت ناردين بعينيها بعيداً وهي تلتزم الصمت.. ماذا ستخبرها أنها غاضبة منه لأنه يدافع عن سما.. حسناً ليست غاضبة منه لهذا بل لأن سما تستطيع فعلها وكلما أوشكت على إخراج شعلة تمرد وهيأت روحها لاستقبال صديقتها.. يتدخل هو ويطفئ تلك الشعلة وسما تجد من يدفع عنها الأذى..
سما ليست بحاجة إليهم هي فقط تحتاج إلى أن تواجه بنفسها وتردع من يسول له نفسه الإساءة لها.. ولكن هو والأحمق سيف يعترضون طريقها دائماً.. أخرجتها من أفكارها يد يقين التي مسدت بها وجنتها برقة قائلة بعتب "ألا أرقى أن أكون صديقتكِ؟!"
ابتسمت ناردين وهي تقبل يقين من وجنتها قائلة بصدق "أنت كل حياتي يويو وليس صديقتي فقط.. ولا يوجد شيء لأخبركِ به"
هزت يقين رأسها بإيماءة صامتة ناردين لن تخبرها شيء على الإطلاق تعلم هذا يقيناً كاسمها نهضت واقفة وهي تقول "بابا بعثني.. الجميع ينتظرونك بالأسفل"
أومأت بعينيها قائلة بخفوت "فقط دقائق أبدل ملابسي وألحقك"
خرجت يقين لتنهض بتكاسل تخرج لنفسها سروال جينز أحمر يعلوه بلوزة زرقاء اللون.. وهي تفكر بعدم رغبتها في النزول ولكن بما ستبرر اختفائها في غرفتها بهذا الشكل.. أحداث اليوم كانت مرهقة كثيراً وبالطبع بطلها الأول حبيبها القاسي.. مشاعر كثيرة اختبرتها اليوم وكلها بسببه.. لهفتها أن يكون أول من يعلم بإنجازها.. سعادتها الغامرة بفخره بها.. وغيرتها القاتلة عليه لم تعرف نفسها متملكة له لهذا الحد.. حزنها وقهرها منه... آاااه منك إياد قاسي وسخيف.
نزلت إلى الحديقة لتجد الجميع ينتظرونها بالأسفل.. يقيمون احتفال لها ولكن كيف وهي لم تخبر أحد إلا إياد هل فعلها وأخبر الجميع.. هرعت عينيها تبحث عنه لتلتقي بنظراته الماكرة وهو يبتسم لها.. زمت شفتيها بوعيد ليبتسم بسخرية فها هو حصل على انتقامه منها.. يعلم أنها كانت ترغب بإخبار الجميع بإنجازها بزهو كعادتها وهو سبقها وأخبر الجميع قبلها.. قطع حديثهما صوت خالد قائلاً بعتب محب "كيف تخفين عني هذا ؟! لولا إياد لم نكن لنعرف"
اتجهت إليه تتعلق برقبته وهي تقبله برقة قائلة باعتذار "أسفة بابا كنت مرهقة واتجهت للنوم بعد أن أتيت مباشرة"
قبل خالد رأسها قائلاً باهتمام وهو يزيد من ضمها إليه "هل أنت بخير الآن صغيرتي؟!"
أجابته بالإيجاب وهي ما زالت بين ذراعيه ليقول بفخر "مبارك أول إنجاز لكِ في حياتكِ المهنية"
أجابت بحب "شكراً بابا"
خرجت من بين ذراعيه تتنقل بين الجميع تستقبل تهانيهم التي أبهجت روحها.. إلى أن وصلت إليه سائلة بلهفة "فعلت كل هذا لأجلي؟!"
رفع حاجبه قائلاً بمرح "لأجل الطعام.. انظري إلى كل تلك الحلويات اللذيذة"
ضربت الأرض بقدميها بحنق مغمغة من بين أسنانها "بارد"
انفجر ضاحكاً على منظرها همت بالمغادرة ليوقفها من بين ضحكاته "أسف.. انتظري قليلاً"
وقفت وهي تعطيه ظهرها ليدور ويقف أمامها مخرجاً من جيبه عقد فضي يتدلى منه ميزان رائع كذلك الذي تراه معلق على مدخل المحاكم.. قدمه لها قائلاً ببساطة "ما رأيك به؟!"
أخذته قائلة بفرحة غامرة "أحضرته لأجلي؟"
ابتسم قائلاً بحب لم يخفيه وعيناه تحاوطها بحنان "وهل نحتفل بغيركِ اليوم؟!"
تلمسته بحب ووجهها يشع فرحة طفولية قائلة بسعادة "رائع إيدو.. أحببته"
نظر لها بسعادة لفرحتها الجلية.. لم يتقبل قلبه أن تبقى غاضبة في هذا اليوم الذي أتت إليه.. فخورة بأول إنجاز قامت به في حياتها العملية وذهبت إليه تبلغه.. وهو ماذا فعل غضب منها وأغضبها وها هو يحاول أن يعيد إليها بهجتها ثانية.
تلفتت حولها متسائلة "أين براء ويزن؟!"
جلست يقين بجانب أيهم وهي تشير إلى براء القادمة وهي تتعلق بذراع يزن.. التي ما إن اقتربت منهم حتى تعلقت بناردين بقوة تبارك لها بصخبها المعتاد.. تركتها وهي تتجه باتجاه والدها تجلس بين ذراعيه كعادتها لتجد والدتها تجلس بجانبه ومن الجهة الأخرى جلست يقين..
عبست بعدم رضى لتجلس بعيدة ويجلس بجانبها يزن الذي غمزت له يقين بمرح خفية عن البقية.. ناولها بعض من الكيك لتتناوله بقهر وحزن طفولي.. لقد اشتاقت لوالدها ويقين استولت على مكانها مد يزن يديه يمسح الشوكولاتة التي لوثت بها فمها قائلاً بحب "بلوتي متى تكفين عن التصرف كالأطفال؟!"
التفتت إليه قائلة بحشرجة والدموع تلمع بعينيها "لقد سرقوا مكاني بحضن بابا"
ضمها من كتفيها إليه قائلاً بغرام "ألا يكفيكِ حضني براء؟!"
ابتسمت رغماً عنها وهي تبادله همسته بهيام "بل يكفي ويزيد حبيبي"
اشتعلت عينيه لها لتحمر خجلاً من نظراته وتخفض وجهها بخفر.. راقبتهم سما التي تجلس مقابلهم بتمني أن تحيا حياة طبيعية وتحب دون منغصات.. شجعت نفسها بصمت "هيا سما لقد اتخذتِ قراركِ نفذيه وكوني شجاعة"



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-20, 10:12 PM   #33

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

تقدمت من سيف لتقول بحرج لفها دون داعي "هل يمكنني أن أتحدث معك قليلاً سيف؟"
وقف سيف وهو يشير لها أن تتقدمه بلطف قائلاً "بالطبع سما"
اتجه إلى مكان بعيد نسبياً يراقب حركات جسدها المشدودة من التوتر الذي يعبث بها بضراوة.. قائلاً بلين يهدف إلى إزالة توترها "تكلمي سما.. ماذا هناك؟!"
فركت كفيها بتوتر وقلبها يرجف بخوف من الخطوة المقبلة عليها.. بللت شفتيها وعينيها تدور في كل الأرجاء كي لا تلتقي خاصته قائلة بخفوت "موافقة سيف"
همس سيف بعدم فهم "على ماذا؟"
أجابت بخجل طغى على حواسها.. فجعلها فتنة للناظر أمام روحه المشتاقة "على طلبك سيف"
هز رأسه ثانية بتساؤل حائر "أي طلب هذا؟"
رفعت وجهها الأحمر إليه قائلة بخجل "طلب زواجنا"
رجف قلبه بعدم فهم وعقله يحلل كلماتها ليصل إلى نتيجة مرضية لروحه التائقة قائلاً بتمني "من سيتزوج؟!"
همست بخفر وهي تكاد تنفجر من الضحك على ملامحه المذهولة كلياً "أنا وأنت"
تركها واقفة بمحلها دون كلمة وهو يتجه إلى حيث مجلس الجميع بملامح مغايرة تماما.. هل قالتها حقاً .. منية الروح ومنتهى الأحلام.. جلّ الأمنيات.. أمله بالحياة وحلمه الأغلى.. قطعة روحه المفقودة.. ونبضة قلبه الهاربة.. أخيراً قررت العودة إلى مكانها الطبيعي.. حرة ترفرف بين أضلعه.. تعيد خفقاته إلى مسارها السليم..
جلس بمقعده بدهشة وعينيين تبرقان بسعادة دون أن ينبس بحرف.. اتجه إليه إياد الذي انتبه إلى حالته العجيبة.. يهزه برفق قائلاً بمرح "سيفو أين أنت يا رجل؟"
رد سيف بحبور "على سطح القمر"
جاراه إياد قائلاً ببساطة "ماذا تفعل هناك؟"
همهم سيف ببهجة "أحلق بين النجوم حيث لا وجود للجاذبية إلا بين عينيها"
اتسعت عينا إياد بدهشة من حالته ليقول بمشاكسة "حقا.. متى تنوي أن تنزل من هناك؟!"
غمغم سيف بعدم فهم "من أين؟"
قهقه إياد قائلاً بسخرية "القمر"
اتسعت ابتسامة سيف قائلاً بعشق وعينيه تهرع إلى سما "يقف هناك"
نظر له إياد بدهشة قبل أن يدفعه في صدره بغلظة قائلاً بصياح "سيف ماذا بك يا أحمق؟!"
انتفض سيف كمن خرج من حلم جميل قائلاً بسخط "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. نعم ماذا تريد؟"
اتسعت عينا إياد قائلاً بحنق "أنا شيطان.. حسنا سأريك ولكن ليس الآن.. أخبرني ما بك؟!"
أجاب سيف بعدم تصديق "وافقت سما على زواجنا حقيقة وليس حلماً"
صاح إياد بسعادة "مباااااااارك يا عريس"
انتشرت حمى جديدة من السعادة بعد إعلان موافقة سما على سيف.. انتقلت سما بين أحضان الجميع تستقبل سعادتهم بسعادة مماثلة تمحو من داخلها شوائب الخوف التي تعكر عليها فرحتها..
وقفت ناردين بعيدة قليلاً تصارع تلك المشاعر التي انتابتها فجأة.. فرحتها لأجل سيف وسعادتها الكبيرة ولكن هذا لا يمنع قلقها على سما وأسباب موافقتها الغريبة.. تقدمت منها بارتباك لتقابل نظرة احتياج خالصة بعين سما أوجعت قلبها..
لتتقدم منها دون صوت تطوقها بذراعيها بقوة تخبرها أنا هنا بطريقة أبلغ من أي كلمات... تمسكت سما بها بقوة تخبرها باشتياقها وحاجة روحها إلى استعادة صديقة دربها عن طريق قبضتيها اللتان اشتدتا على ظهرها .. همست ناردين بحب "مبارك يا روحي.. جعله الله شفاء لروحك"
ابتعدت سما عنها بهدوء قائلة بحب صادق "شكراً ناري ورزقكِ الله قرة عينكِ عما قريب"
أمنت ناري خلفها بقلب عاشق ثم تساءلت باهتمام "هل أنتِ واثقة من تلك الخطوة سما؟"
أجابت سما بصدق "نعم.. أليس هذا ما أراده الجميع؟!"
رفعت ناردين حاجبها بسخرية متسائلة ثانية بهدوء "لماذا وافقتِ؟"
ردت سما بتهرب وهي لا تريد الخوض في هذا الحديث "سيف لا يرفض هو عريس ممتاز من كل الجوانب... اطمئني لا داعي للقلق"
رفعت ناردين رأسها قائلة بثقة "أنا لست قلقة.. أنت من ستندمين لموافقتكِ لكل الأسباب الخاطئة"
سألت سما وهي تزفر بحنق "وما هو السبب الصحيح بنظركِ ناردين؟!"
رفعت ناردين إصبعها تدق به على قلب سما الخامد "الحب سما وهذا ما زالت نبضاته مخنوقة ومقيدة.. عندما تسمحين له بالخفقان سيكون قراركِ صحيح.. القرار الذي لا يتفق عليه العقل والقلب قرار غير صائب"
أشاحت سما بعينيها بعيداً عن ناردين وهي ترد سريعا "لقد فهمت ناري.. سأذهب بابا يناديني"
ابتعدت تحت أنظار ناردين التي زفرت بحنق داعية لها من أعماق قلبها بالسعادة.. وقف سيف متجها إلى والده هامساً له "بابا اطلب من عمر أن نقرأ الفاتحة الآن"
همس له ماهر باستغراب "تلك الأمور لها أصول سيف يجب أن نذهب لها ببيتها لنخطبها لك بشكل رسمي"
رد سيف برجاء "رجاءً بابا هنا أو منزل عمر واحد.. رجاء بابا رجاء"
ضحك ماهر وهو ينصاع لرجاء صغيره الذي يبدو أن سعادته أفقدته صوابه "حسناً سيف"
رد سيف ببهجة "حسناً ولكن انتظر بضع دقائق"
وغادر سريعاً متجهاً إلى المنزل صاعداً درجاته بهرولة وماهر يضرب كفيه بيأس هاتفاً بضحكة "لقد جُنّ الولد"
لم تكد تمر لحظات حتى عاد سيف مشيراً لوالده أن يفاتح عمر في طلبه.. تنحنح ماهر قائلاً بحرج طفيف "عمر أعرف أن تلك الأمور لها أصول وتقاليد.. ولكن ماذا أفعل بابنتك وقد جنت على عقل صغيري.. حسناً أنا رسمياً أطلب وبكامل حبي ابنتك زوجة لسيف وابنة لي"
صاح أيهم باستنكار "هل جننت يا ماهر؟! تطلب البنت بمنزلك هذا لا يصح"
رد ماهر بملل "لقد زنّ على أذني وترجاني لأفعلها"
اتجه سيف إليه قائلا "يقين هل تسمحين؟"
وقفت يقين ليجلس محلها قائلاً بتوسل جرو ضائع "رجاء كابتن وفر غيرتك على بناتك إلى أن أضمن أنها أصبحت على اسمي.. قد تأتي غداً وتخبرني أني كنت أحلم فخير البر عاجله.. رجاء"
لم يستطع عمر وخالد تمالك أنفسهم من الضحك ليقول عمر من بين ضحكاته "حسناً يا ولدي لقد أشفقت عليك ووافقت على بركة الله"
هب سيف واقفاً وهو يقول بجنون "حسناً هل أستطيع أن أتقدم لها؟!"
تساءل عمر بحيرة "وماذا حدث منذ قليل؟!"
رد سيف وهو يتقدم من سما بحبور "هذا كان شيء خاص بكما أنتم الكبار.. وهذا خاص بنا نحن"
وقف أمامها لينخفض جالساً على ركبة ونصف قائلاً بعشق تمكن منه بقسوة دون فكاك أو مهرب "سما يا منية الروح.. ومطلب الحياة هل تقبلين الزواج بي؟ وأعدك أن أبذل كل شيء لسعادتكِ حتى ولو كانت حياتي فلن تكون أغلى منكِ"
هزت رأسها بفرح وكلماته تدغدغ قلبها ليرفرف رفرفة صغيرة لا تكاد تحسب.. ولكن كان لها مفعول السحر على روحها حيث أن هناك ندفة لا ترى قد التأمت.. ابتسم بغرام صافي كالعسل المسكر وهو يخرج من جيبه خاتم رائع خطف قلوب الموجودين يقدمه لها..
التقطته تتأمله بدموع قلبها يدين تحملان كرة لامعة تشبه فضاء الكون اللامع اللامحدود.. وكأنها تعد بحياة لأبد الآبدين.. تلمسته بذهول ليلتفت سيف إلى عمر قائلاً برجاء حار "هل تسمح لي أن ألبسه لها؟!"
ابتسم عمر وقد امتلأت عينيه بالدموع واستكان قلبه شاعراً بالراحة لأجل صغيرته "حسناً يا بني"
ارتجفت يد سيف التي امتدت لها يطلب يدها الصغيرة.. بخجل وارتباك وضعت سما يدها في يده وبالأخرى ناولته الخاتم.. ليضعه في إصبعها باضطراب وقلبه يخفق حتى ظنه سيتوقف في أي لحظة.. ركز بصره على أصابعها الصغيرة البيضاء بين يديه وهو يشعر بالدموع تغزو عينيه ليشدد عليها بخفة قائلاً بهمس أبح "أحبك"
وقف سيف قائلاً بصوت خشن تخنقه غصة فرح "عمر لو سمحت هل يمكن أن نقيم حفل الخطوبة الأسبوع القادم مع عقد القران؟!"
هبت سما واقفة وهي تقول بخوف "لا.. لا عقد قران.. ليس الآن سيف أرجوك"
نظر لها بألم لتخفض عينيها بعيداً عنه وهي تقول برجاء ضعيف "لأجلي سيف أجّل عقد القران قليلاً"
ضغط إياد يده على كتف سيف يقدم له دعماً صامتاً محاولاً ترميم فرحته التي كسرتها سما دون أن تنتبه.. نظر له سيف بوجع ليبتسم إياد بتفهم وهو يهز رأسه بصمت.. عاد سيف يعيد طلبه ثانية "ما رأيك عمر بحفل خطوبة بعد أسبوع؟!"
تنهد عمر براحة وهو يهز رأسه موافقاً بينما دارين تندفع كما الطفلة إلى ذراعي سيف تحتضنه بقوة تخفي دموعها على صدره قائلة بامتنان رقيق "ستكون أروع زوج ابنة أحصل عليه"
احتضنها سيف بحنان وهو يقبل قمة رأسها مجيباً بود "كل السعادة لي عمتي"
************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-20, 10:14 PM   #34

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

دلفت هنا إلى غرفتها حيث تنتظرها لمار ونيرة مع مشروباتهم المفضلة قائلة بود ترسخ بمرور سنوات طوال "منذ متى لم نجتمع سوياً هكذا؟!"
تناولت منها نيرة المشروبات قائلة بجدية "أخذتنا دوامة الحياة ومشاكل الأولاد التي لا تنتهي.. حتى وإن كنّا لا نتدخل إلا عندما تتأزم الأمور ولكن يبقى القلق عليهم يتآكلنا من الداخل"
أكدت لمار على كلماتها وهي تلتقط قهوتها السوداء التي تبرع هنا في إعدادها "القلق والخوف يأكلان القلب من الداخل عليهم خاصة وهم بارعون في تضخيم أمور حياتهم"
اتخذت هنا جلستها بينهما على السرير قائلة بمرح "اتركا أمورهم جانبا ودعونا نستمتع بزواج سيف"
اعتدلت لمار قائلة بشقاوة زينت ملامحها "هنا لم تخبرينا كيف تقدم لكِ خالد؟!"
ازداد اللون الأحمر بوجنتي هنا ونيرة تكمل بمشاكسة "نعم على ما أتذكر خالد قبل أسبوع من خطبتكما كان غاضب وحزين.. هل كان لكِ علاقة بحالته تلك؟!"
هزت هنا كتفها بشقاوة نادراً ما تتلبسها "ماذا تعطيني وأخبركِ عن السبب؟!"
انطلقت ضحكة نيرة ولمار تردد وهي تصفق بكفيها "مرحى هنا الشقية.. ماذا تخفين عنا؟!"
رمتها هنا بإحدى الوسائد قائلة بنبرة لائمة "لمار لا تحرجيني"
رفعت نيرة حاجبها وهي تقول بنبرة طفولية "إذاً أخبريني ماذا تخفين؟!"
ارتشفت هنا من عصيرها وهي تنظر بعيداً قائلة بنبرة سريعة مضحكة "أخبرته أنه تقدم لي شاب ولا أستطيع رفضه"
سألت نيرة بشك "وهل كان هناك واحداً؟!"
صمتت هنا دون رد وعينيها الزرقاء تتماوج بنظرة شقية، وهي ترتشف من مشروبها بتلذذ لتنطلق ضحكة لمار قوية قائلة من بينهم "بالطبع لم يكن هناك عريس"
شردت عينا نيرة في سنين عمرها الماضية وهي تقول بشجن "لم أتخيل بعد محنتي التي ابتلاني الله بها أن أعود وأقف على قدميّ ثانية، ولكن وجودكما مع أيهم وخالتي هون عليّ أيامي وساعدني على استعادة ذاتي دون أن أفقدها في دوامة الرثاء ولوم الذات"
ردت هنا بحنين "كثيراً ما اشتاق إلى ماما فاطمة وأتمنى لو أنها ما زالت بيننا.. ما زلت أذكر يوم وفاتها وكأنه كان بالأمس"
ردت نيرة بحزن تمكن من قلبها "كان يوماً عصيباً بكل ذكرى وتفصيلة منه اضطررت إلى ادعاء القوة مع انهيار عمر صباحاً وأيهم ليلاً"
أكملت لمار قائلة وخيالها يستحضر مشهد انهيار عمر "لقد رأيت عمر يبكي كما الطفل الضائع عن أمه، ودارين التي من المفترض أن تقف بجانب زوجها في مصابه انهارت وغابت عن الوعي نهائياً"
ردت هنا بصوت خافت "لا تنسي أنها كانت والدتها لمار.. رغماً عنها من الصعب فقدان أمانك في الحياة"
فيما كانت نيرة تكمل والدموع تغزو عينيها وهي تتذكر بكاء أيهم بين ذراعيها وتمتمته الخافتة باحتياجه إلى والدته "ما أصعب وأبشع هذا الإحساس.. إحساس الفقد والنبذ موجع ويضيم الروح.. يا إلهي ما زال عقلي يستحضر كلمات أيهم إلى وقتنا هذا"
أغمضت عينيها وهي تعود بعقلها إلى تلك اللحظة التي فتحت بها باب غرفتهما ليلاً لتجد أيهم ممداً على السرير يحاوطه الظلام الدامس.. لقد كان شاهداً على أخر لحظات فاطمة بين عالم البشر وهو من أسبل عينيها بعد عودة الروح إلى بارئها..
جلست بجانبه بهدوء كي لا تقلق راحته إن كان نائماً ومدت يدها تمررها بين حنايا شعره الناعم بحنان.. ليفاجئها وهو ينقلب يدفن رأسه بحجرها مطوقاً خصرها بقوة وشهقات بكائه التي يحاول أن يكتمها دون فائدة تصل إلى قلبها مدمية إياه.. لأول مرة تراه ضعيفاً هكذا وكأنه فقد واحة أمانه...
احتضنته بقوة وهي تتوسل إليه أن يهدأ وألا يوجع قلبها.. وصلها همسه الخافت يقول بألم مبرح "لا أستطيع نيرة أقسم لكِ أني أحاول ولكن بدون فائدة.. لقد تماسكت اليوم بأكمله ولكن الآن نضبت قوتي ولا أستطيع إيقاف دموعي.. لقد خسرت أمي للمرة الثانية ولكن خسارتي اليوم لا تضاهيها خسارة.. خسرت أماني وحمايتي.. خسرت قلب أمي وحبها الصادق الذي كان يعتني بي بدعواته.. ضاع حصني الذي كنت أحتمي به من أوجاعي.. ممن سأطلب المشورة والسؤال عندما يضيق بي الحال؟ أين سأختبئ من ألمي ولمن سأفرغ ما يدمر روحي؟.. لقد خسرت محور كوني اليوم نيرة وكان يجب علي التماسك لأجل خالد والأولاد.. أريد أن أبكيها نيرة.. أريد أن أصرخ مفرجاً عن ألمي"
اعتدل جالساً.. لتمد يديها تضيء الإنارة الخافتة بالغرفة لتفزع من لون عينيه المحمرة ودموعه الجارية دون إرادة .. احتضنت وجهه تمسح دموعه وهي تقول بلوعة وقد أنساه حزنه خسارتها هي.. خسارة رائحة أمها.. خسارة خالتها التي عادت إلى أحضانها بعد معاناة.. ولكن كله يهون لأجل دمعة من عينيه "لا تبكي حبيبي أبداً.. دموعك أغلى من أن تذرف"
هز رأسه بعنف وهو يقول بتهدج "لأجلكِ ولأجلها أذرفهم غير آبه.. أنا أحبكِ لن أحتمل خسارة أخرى نيرة لن أحتمل أبدا"
اتسعت عينيها وهي تسمع هذره وتعبه الذي يهد جسده، لتريح رأسه على قدميها تقرأ عليه بعض من الآيات القرآنية وتهدّئ من روعه بكلمات مطمئنة إلى أن غفى في نوم عميق.
عادت إلى واقعها وهي تزفر بحرارة "كان يوماً عصيباً حتى خالد كان انهياره مروع"
استلمت هنا دفة الحديث وهي تقول بشرود وبالها هناك مع خالد في تلك الأيام الحزينة "لقد رفض خالد تصديق أمر وفاتها عندما اتصل به أيهم ظل يهذي أن هذا كذباً ولا يمكن أن يكون حقيقة أبداً"
لقد أصم خالد عقله عن تصديق الأمر وهناك بالمقابر حيث تم دفنها انخرط خالد على قبرها في بكاء عميق وقد استوعب خلو العالم من بطته حقاً.. لم يستطيع أيهم بمفرده احتواء انهياره فاضطر ماهر الذي كان يحاول التخفيف عن عمر من الاقتراب ومحاولة بث كلمات مطمئنة لخالد..
وعندما عادوا إلى المنزل لم يبقى خالد ليستقبل العزاء إنما صعد إلى غرفتها مباشرة واستلقى على سريرها يبحث عن دفئها بين أغطيتها.. لم تستطع هنا البقاء بجواره والأولاد كانوا ما زالوا صغاراً وبحاجة إلى من يحتوى خوفهم وارتباكهم..
لتتجه إليه ليلا في بيت رحيم بالحي القديم حيث رفض رفضاً قاطعاً المغادرة وبقي معه ماهر إلى أن ذهبت إليه.. أجبرته على تناول الطعام الذي لم يتناول منه إلا القليل ثم نام بين ذراعيها وهو يرتجف كما طفل شاهد لتوه أكثر أحلامه رعباً.. وبالأيام التالية لم يخرجه من حزنه إلا ابنتيه وخاصة يقين التي تعلقت برقبته دائماً كلما كانت في نطاقه.. وكأنها تعيد إليه ثباته المفقود.
همست هنا بخفوت وهي تتطلع إلى عيني رفيقتيها "اكتشفت من خلال حياتي معه أن أكثر ما يخافه خالد ولا يجيد التعامل معه هو الفقد"
أجابتها لمار بألم قابع بركن صغير بقلبها لم تتخلص منه بعد "أستطيع تفهم مشاعره وقد عشت نفس ظروفه بعد فقد عائلتي بـأكملها دفعة واحدة.. وعندما تجدين عائلتك ثانية وتعتادين عليها يكون إحساس الفراق عندها أمر"
ربتت نيرة على كتفها قائلة برفق "هوني عليكِ لمار نحن جميعاً حولك"
همست هنا بحيرة "ما فاجأني كان ردة فعل ماهر"
هزت لمار رأسها نفياً وهي تقول باتزان "كلا كانت طبيعية جدا؛ ماهر لديه ثبات انفعالي غير عادي يجعلني أرغب في ضربه أحياناً.. كان يعلم أن الجميع يعتمدون على قوته في هذا الوقت فلم يكن ليسمح لنفسه أن ينهار أبداً.. ورغم هذا كنت أشعر بحزنه وهو يدعو لها كثيراً أثناء صلاته.. بفقدانه شهيته وجزء من وزنه ونومه المضطرب ليلاً.. مناجاته لطفلتي التي كانت ما زالت في رحمي حينها... كان يقص عليها الكثير من ذكرياته مع ماما فاطمة ليلاً عندما يظن أني خلدت للنوم.. كنت أتظاهر به حتى أعطيه الفرصة ليخرج حزنه كاملاً.. كان يناديها فاطمة وقد عزم على تسميتها هكذا ولكن شاء القدر أن تلحق فاطمة بجدتها بعد شهر واحد فقط"
ردت هنا بفزع وكأنها تعيش تلك اللحظة ثانية "صرخة ماهر باسمك عندما سقطتِ من على الدرج وتلك الدماء التي كانت تغرق ملابسك والتي حملت بين طياتها خبر فقدان جديد.. يا ويلي من ذلك اليوم"
أكملت نيرة قائلة بعينين متسعتين وملامح مشدوهة "لم أرى ماهر فاقد السيطرة على نفسه كما كان في ذلك اليوم.. كان خائفاً والرعب يتمكن من كل خلية منه.. عندما أخبرنا الطبيب أنكِ بخير ولكنكِ فقدتِ الجنين.. حمد ماهر كثيراً ولم يهمه كثيراً فقدان الفتاة فقد كان همه الوحيد هو أنتِ وسلامتكِ"
ابتسمت لمار من بين دموعها وقد وخزها اشتياقها إلى طفلتها التي لم ترها وهي تقول بحب "نعم لقد أفقت من المخدر لأجده بجانبي يبكي ويخبرني أنه لا يريد أطفال ثانية ويكفيه يزن وسيف.. وفعلاً لم يسمح لي بالإنجاب ثانية"
رمتهما نيرة بالوسادة الصغيرة التي كانت تستند عليها قائلة بحدة "غدا حفل خطوبة ابننا وأنتما فيما تتحدثان لقد أثبتما لي بالدليل القاطع أن النكد أسلوب حياة لدى السيدات"
ضحكت هنا ونيرة تنجح في إخراجهم من حزنهم كعادتها المرحة، وعادت تقول بقلق وهي تفضي إليهما بما يؤرق منامها هذه الأيام "هذه الأيام أشعر بقلق غريب وكأن هناك أمر سيء على وشك الحدوث.. أستيقظ من نومي وأنا أصرخ باسم إحدى البنتين ولا أريدهما أن تبتعدا عن عيناي أبداً.. أشعر أنهما ما إن تختفيا من أمامي سيصيبهما مكروه"
خيم القلق على جلستهم وقد استولى الخوف على قلوبهم فهنا قلبها صافي ونقي ما إن يشعر هكذا فعليهما أن يحذرا من القادم.. ابتلعت لمار ريقها بصعوبة وهي تقول بصوت مهتز لم تنجح أن تخفي رعشة القلق منه.. قائلة بصوت أرادته مرحاً فخرج مرتجفاً "انسي تلك الأمور الآن هنا.. الفتاتان بخير والحمد لله لن يصيبهما شيء.. هيا دعونا نقرر ما سنفعله غداً لدينا الكثير من التحضيرات والتجهيزات"
انخرطوا في التحضيرات متناسيين قلقهم لفترة ولكن تظل رعشة الخوف تلك التي تستولي على القلوب لها الأولوية.. قلوب دعت الله بصدق ألا يفجعهم في أبنائهم ويحميهم من كل شر.
*************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-11-20, 10:16 PM   #35

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

كان اليوم التالي يضج بالحركة والنشاط.. فقد استيقظ الجميع باكراً لتجهيز أنفسهم والتحضير لحفل الخطوبة ليلاً.. نزل سيف يبحث عن إياد بتوتر لا يعلم ما به اليوم وحلمه يتحقق أمام عينيه.. ولكن داخل قلبه هناك هاجس يخبره أن اليوم لن يكتمل على خير أبداً..
استشاط غضباً دون مبرر أو سبب محدد عندما علم عن ذهاب إياد إلى الجامعة لمباشرة عمله.. يعلم أنه ما من مبرر لهذا القلق ولكنه يحتاجه فقط هكذا هو بحاجة إليه.. عندما يلتقيه فأول ما سيفعله هو إهداءه لكمة تزين عينه اليوم.. رفع ماهر حاجبه قائلا بسخرية "واحسرتااه على عقل ولدي الموزون ماذا فعلت به ابنة دارين؟"
أجابه عمر الجالس مقابلاً له وقد أتى منذ وقت حيث أوصل سما إلى المنزل لتذهب مع الفتيات إلى مركز التجميل.. وبقي قليلاً وهو يفكر أن يأخذ راحة من ضوضاء دارين والتوأم "نفس ما فعلته بك لمار ماهر.. إنه الحب عزيزي.. الحب"
نظر إليه ماهر شذراً قائلاً باستخفاف "لا أصدق أني أربط نفسي بك بوثاق جديد بمحض إرادتي عمر"
ضحك عمر قائلاً بمشاكسة هي جزء منه "قدرك الأسود في الحياة ماهر"
ضحكت نيرة وهي ترد بمرح "حبيبي عمر كلمة أخرى وأجد رأسك مفصولة عن عنقك.. رجاء لأجلي يكفي مزاح أنا خائفة عليك"
هب عمر واقفاً وهو يقول "ضماناً لسلامة عنقي الغالية أنا مغادر"
سأل خالد بجدية "إلى أين عمر؟ ابقى قليلاً"
لوح عمر بيديه وهو يرد بمشاغبة "لقد تركت دارين بمفردها في المنزل مع مي ومروة.. هل تعلم ما معنى هذا؟!"
سأل أيهم المشارك بالجلسة باستهزاء "ما معناه يا فيلسوف عصرك؟"
اقترب منهم عمر وهو يقول بهمس جاد كمن يدلي بسر خطير "قيام الحرب العالمية الثالثة"
انفجر ضاحكاً على ملامحهم المستنكرة من أفعاله.. لوح لهم بيديه قائلاً بجدية "حسناً.. حقاً يجب أن أذهب وإلا سأعود وأجد المنزل ساحة حرب"
راقب ماهر مغادرته ليغمغم بهدوء وإعجاب "رغم كل أفعال عمر الصبيانية ولكنه بطل وله الجنة.. ما زال صامداً رغم كل الابتلاءات التي تعرض لها"
أجابت نيرة بحب لابنها الروحي "فقط قلبه صابر وعامر بالإيمان"
ودارت الجلسة بين أحاديث مشتركة أحياناً ومتفرقة أحياناً أخرى حتى لمح خالد يقين توقف سيارتها بمدخل البيت..
همس بريبة "لماذا عادوا باكراً هكذا؟.. ماذا حدث؟.. تبدو ناردين غاضبة"
اقتربت الفتيات منهم.. ناردين في أوج غضبها.. سما أثار بكاء ظاهر على وجهها وبراء ويقين تحاولان احتواء الموقف.. سأل خالد بهدوء "ماذا حدث؟ لماذا عدتم باكراً هكذا؟"
ردت يقين باستنكار وغضب زين ملامحها الرقيقة "بسبب تلك الفتاة في مركز التجميل لقد أهانت سما وناردين غضبت كثيراً ولذلك تركنا المركز وعدنا"
زمت ناردين شفتيها بقوة وهي تتذكر ما حدث منذ قليل.. عندما ذهبوا إلى المركز للاستعداد للحفل وطلب تلك الفتاة الحقيرة من سما أن تنزع وشاحها الذي كانت تضعه حول عنقها، حتى تستطيع أن تكمل عملها وبتردد نزعت سما الوشاح
ليرتسم الاشمئزاز والنفور على وجه الفتاة من ندوب وتجاعيد عنق سما... وهي تبتعد عن سما وتطلب أخرى لتحل محلها حيث أنها تذكرت عملاً هاماً.. تتذكر عينا سما التي امتلأت بالألم والوجع وهي تلتقط وشاحها تلفه حول عنقها بيدين مرتعشتين.. وتخرج من المركز باضطراب ودموع تحبسها بشق الأنفس..
صرخت ناردين بالفتاة موبخة إياها.. وناعتة صاحبة المركز والمركز بأنه دون المستوى للسماح بواحدة مثل هذه بالعمل معهم.. وخرجت خلف سما التي تبعتها يقين تهدئها برقة وتمسح دموعها بحنان.. سأل خالد باهتمام موجه لسما "هل أنتِ بخير حبيبتي؟!"
انتفضت ناردين على سؤال والدها لتجيب بجنون فاقدة السيطرة "بخير.. كيف تكون بخير؟ وهي ضعيفة خانعة بتلك الطريقة تسمح لأيٍّ كان أن يستغل ضعفها؟!"
قاطعتها يقين بصرامة وهي تضم ابنة عمتها التي شحبت ملامحها وامتلأت بالوجع "يكفي ناردين.. ليس الآن"
هتفت ناردين بغضب وهي ترى المحيط أمامها بلون الدم المختلط بالسواد لا تكاد تفرق بين الصواب والخطأ.. فقط تريد أن تفرغ طاقتها حتى ترتاح "ليس الآن.. إذا متى؟ إلى متى ستظل هكذا.. نعم تعرضت لحادث وأعلم أن الأمر كان صعباً.. ولكن تلك الجبانة ما زالت تحبس نفسها رهينة تلك اللحظة.. ما حدث قد حدث ولكنكِ تجعلينه حياً مستمراً رغم أنه انتهى.. أنتِ جبانة ضعيفة خانعة لا تستطيعين المواجهة.. ولا تقوين على الوقوف بمفردك دون مساعدة.. كان يجب أن تبقي وتعلمي تلك المخلوقة القذرة درسها جيداً.. ولكنكِ كأي فأر أصيل جبان هربتِ وتركتها شامتة بكِ.. أتعلمين تستحقين كل ما تعانينه الآن سما.. وأتمنى صدقاً من كل قلبي أن تعاني أكثر"
صوت صفعة على وجهها أخرسها وجعلها تلتفت بحدة وعينين مشدوهتين بعدم تصديق، وهي تنظر إلى والدها الذي تراه لأول مرة غاضباً بهذا الشكل.. لم تصدق ولن تصدق أبداً أن والدها حبيبها فعلها.. ولكن ذلك صوت عمها ماهر وهو يصرخ باسم والدها معاتباً.. وتلك يقين التي انتفضت غاضبة لأجلها.. وسما التي استكانت رجفتها من الصدمة.. وبراء التي اتسعت عيناها وتساقطت دموعها.. حتى عمتها نيرة انتفضت واقفة بغضب.. وها هو صوت والدها يدوى بغضب يؤكد لها أن ما حدث صحيح وهي لا تتخيل مجرد التخيل أنه حدث "لقد تخطيت حدودكِ كثيراً ناردين إلى الأعلى ولا تدعيني أراكِ اليوم"
همست بحشرجة وصوت باكي ودموعها تلمع بعينيها "بابا"
هز خالد رأسه رافضاً الضعف الذي اعتراه ويدفعه دفعاً لإسكانها بين ذراعيه.. وتقبيل رأسها طالباً العفو ولكن لا.. عليها أن تعلم أنها تجاوزت حدودها كثيراً.. ليجيب بصرامة "قلت للأعلى الآن"
وضعت عينيها المتألمتين بعينيه وهي تعاتبه بصمت قبل أن تتركهم وتصعد للأعلى بخطوات أجبرتها أن تخرج ثابتة.. ولكنها لم تستطع أن تمنع دموعها التي تساقطت بعنف رغماً عنها.. همست يقين بعتب وهي تلحق شقيقتها "لماذا فعلت هذا بابا؟!"
صرخت براء بغضب ودموعها ما زالت تنهمر "أبداً أبداً لن أسامحك على ما فعلته اليوم"
ثم ركضت غاضبة إلى منزلها.. اقتربت سما من خالد لتضم نفسها بين ذراعيه بقوة قائلة بذنب "أنا أسفة كل هذا بسببي.. لم يكن عليك فعلها خالو لقد اعتدت على كلمات ناري.. لقد أذيتها كثيراً"
ربت خالد على ظهرها بحنان وهو يقبل قمة رأسها قائلاً بلين "ليس ذنبكِ حبيبتي.. لقد تمادت ناردين كثيراً وهذا ليس خطؤكِ هيا لكي تستعدي لحفلكِ ليلاً"
هزت رأسها بنفي قائلة برفض "لا أريد هذا الحفل أبداً أبداً"
ثم تركته وهرولت راكضة إلى الأعلى.. صرخ ماهر بسخط "هل أنت سعيد الآن.. كيف سولت لك نفسك فعلها؟"
عقد يديه على صدره قائلاً بعناد "لقد أخطأت ووجب علي تقويمها"
صاح أيهم بغضب لم ولن يتقبل فعلة خالد حتى وإن كانت صحيحة "ليس هكذا.. بناتنا لا تعامل بهذا الشكل"
جلس خالد على المقعد بوجوم لا يتخيل من أين له المقدرة على فعلها حقاً.. تنهد بعمق قائلاً بشرود "حدث ما حدث لا داعي للحديث بشأنه"
ردت نيرة بغضب "فلتحمد الله أن هنا ولمار بالداخل وإلا ما كانت لتسامحك هنا أبدا"
زفر خالد هواء صدره وهو يلقي برأسه للخلف لقد حدث ما حدث كما قال.. هو لم يخطأ ناردين تمادت وكان يجب أن تُعاقب لتعلم حجم خطأها.. عاتبه قلبه "وهكذا يكون العقاب تضرب قطعة منك.. من روحك وقلبك كيف استطعت فعلها"
خيم على الجلسة وجوم غاضب قطعه صرخة ماهر المرتعبة "انتبهي.. لا"
وصوت ارتطام بشع انتزع قلوبهم من أماكنها.. صرخت نيرة بفزع والرجال الثلاث يركضون إلى حيث ذلك الجسد الملقى دون حراك تسيل دماءه بسرعة رهيبة أصابتهم بالهلع.. صرخت نيرة قائلة وهي تتفحص النبض تستشعر وجوده الضعيف "أسرع أيهم اطلب الإسعاف.. ستموت.. أسرع أرجوك"
**********

نهاية الفصل
😱😱😱😱🥺🥺



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 10:03 PM   #36

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الخامس
دقات على باب مكتبه أخرجته من وجومه مما حدث صباحاً من شجاره مع ناردين.. وعبارته التي نطقها بدافع الغضب ليس إلا ولكنها تطعنه في قلبه بقسوة.. نهره قلبه ثانية وهو يعيد عليه عبارته القاسية موبخاً إياه بشدة "كم أتمنى أن تقعي على وجهكِ علّ غروركِ ينكسر قليلاً"
يتذكر ملامحها التي شحبت إثر جملته الرهيبة ونبرته القاسية.. ليزفر باحتراق وهو يهمهم بألم "سامحكِ الله ناري تبرعين في دفعي لجرحكِ دائماً"
سمح للطارق بالدخول ليهمس بداخله "ليس وقتك على الإطلاق".. يعلم تلك الفتاة خضراء العينين المدعوة لينا والتي تطارده أينما ذهب وتلاحقه بنظراتها المهتمة تنشد قربه.. ولكن أنّى له أن يفهمها أن قلبه مسروق منه منذ زمن.. ومن سرقته تبرع بالتلاعب به فتارة تخنق نبضاته وتارة تجعلها تخفق بجموح..
ابتسم داخلياً بتفكه وهو يفكر في ردة فعل ناردين على تلك الفتاة.. يا إلهي لو كانت هنا لأذاقت تلك الصغيرة العذاب ألوان ولكن بهدوء وعلى طريقتها الفريدة.
دلفت لينا بعد أن سمعت أذنه بالدخول لتسأل بصوت ناعم "دكتور إياد هل يمكن أن تشرح لي بعض النقاط من المحاضرة الماضية"
هز إياد رأسه بالقبول وهو يدعوها للجلوس على المقعد أمامه بدأت تستعرض النقاط التي لم تفهمها وإياد يشرح لها بمهنية وصبر غير غافل عن نظراتها التي تتأمله بشغف.. وهو يتعمد التلاهي عنها..
يعترف بجمالها المبهر ولكن بالنسبة له لا جمال في الكون قد يضاهي جمال ناردين.. هي حياته وأنفاسه التي لا يمكنه الاستغناء عنها مهما حدث بينهما من مشاجرات عقيمة.. مصيره يبتدئ وينتهي على عتبة أنفاسها العطرة.. قاطعه رنين هاتفه المرتفع بنبرة أرجفت قلبه رعباً ليتعمد تجاهل الرنين.. الذي عاد أكثر إلحاحاً وتطلباً ليجيب مرغماً وهو يتعمد المرح "أعلم.. أعلم أنك غاضب... لن أتأخر أعدك بهذا سيف كدت أن أنهي جميع أعمالي وآتي..."
قاطع سيف هذر إياد وهو يتعرف على تلك النبرة المرتجفة في صوته "إياد"
عقد إياد حاجبيه بجزع وهو يتساءل بقلق "ماذا حدث سيف؟ صوتك لا يبشر بالخير"
أجاب سيف بتعب "نحن بمشفى (....) تعالَ على الفور"
رد إياد بهلع "ماما بخير؟ هل هو أبي؟"
زفر سيف باختناق ليختنق معه قلب إياد وهو يصل إلى حقيقة الأمر ولكن ينكرها "إياد فقط تعال"
أغمض إياد عينيه وهو يردد باهتزاز "ناري"
أغمض سيف عينيه بألم وهو يقول بنبرة خنقتها الدموع المتجمدة في حلقه "إياد رجاءً توقف وتعال"
هب إياد واقفاً بتعب احتل جسده موهناً قوته "ماذا أصابها سيف؟!"
ابتلع سيف ريقه بصعوبة وهو يخبره مباشرة بما حدث "لقد سقطت من شرفة غرفتها"
مادت الأرض من تحت قدميه وهو يسقط على كرسيه بوهن وقد نسي قلبه كيف يعمل فتوقف وتوقفت معه الدماء الجارية بشرايينه.. فزحفت برودة قاتمة تحتل روحه بروية وبطء خانق.. نداءات سيف أخرجته من حالة اللاتصديق.. اللاوعي.. اللامنطق.. التي أجبره عقله على الذهاب إليها..
كيف يريدون منه التصديق أنها تغادر عالمه.. وبعد قليل سيكون ميتاً بدونها هي هناك تعيش بداخله وهو هنا ميت يبحث عن طيفها.. ناحت روحه بألم وهي تعاتبه بقسوة وتشمت به بغل "ذق نتيجة كلماتك ها هي دعوتك تتحقق وما كسر ليس غرورها بل قلبك القاسي".. انتفض على صراخ سيف القلق باسمه مزامناً لتلك الدمعة الساخنة التي شقت طريقها تحمل لوعة قلب محطم.. مسح دمعته بعنف وهو يقول بنبرة غريبة "قادم حالاً"
صاح به سيف بقلق قبل أن يغلق هاتفه "قد بهدوء إياد تكفينا فجيعة واحدة"
التقط مفاتيحه وهو ينطلق بسرعة البرق غير منتبه لتلك المتجمدة بمكانها.. تناظره بفراغ وقد كانت شاهدة على لحظة ضعفه نفضت رأسها بعنف وهي تصحح ليس ضعف بل ذروة العشق.. ذلك الرعب الذي رأته في عينيه مختلطاً بصراخ مكبوت ولوعة حزن على حبيبة لا يعلم مصيرها أرجفت قلبها من الجزع.. تقدمت بخطوات حذرة ودموعها كالشلال تتساقط على خسارة معركة خاسرة منذ البداية..
فتحت شاشة حاسوبه الذي تركه مفتوحاً على صورة رائعة الجمال حقا لتلك الناري.. كانت فيها ترخي جفونها بحبور وشعرها الرائع يغطي عين من عينيها وقد ارتفعت يدها التي تحمل إسوارة ذهبية كبيرة ترفع شعرها عن عينيها وقد ارتسمت ابتسامة جذابة على ثغرها..
شهقت بألم وهي تبتعد عن الصورة المفتوحة لغريمتها التي لم تكن يوماً غريمتها.. خرجت راكضة من مكتبه لتستقبلها صديقتها سائلة بلهفة قلقة "ماذا حدث لينا؟ لماذا خرج دكتور إياد راكضا بهذا الشكل؟ ولما تبكين هكذا حبيبتي؟"
شهقت بألم وهي تقول بوجع "لا يمكن أن أصل لقلبه هي تسكنه متغلغلة بداخله.. يا إلهي هو يعشقها ويبكي لأجلها.. لقد بكى لأجلها دون أن يهتم بوجودي كأن العالم خلا من الجميع وبقي هو وهي فحسب حتى وهي غائبة.. لقد خسرت منذ البداية لا أريد أن أخسر أكثر من هذا"
سحبتها صديقتها بعيداً وهي تقول بصدق "هيا لنتحدث بعيداً عن هنا كي لا نثير ريبة الأخرين.. ولتشرحي لي بهدوء ما حدث"
جلستا في مكان منعزل ولينا تقص عليها ما حدث وكانت شاهدة عليه وضعت وجهها بين يديها علها توقف سيل دموعها المنهمرة وهي تقول بقلب صادق "لقد أحببته حقا"
احتضنتها صديقتها برقة وهي تقول بحكمة "منذ ذلك اليوم الذي أتت به تلك الفتاة إلى هنا.. أخبرتكِ أن تنسحبي وتنقذي المتبقي من قلبكِ.. كان واضحاً للأعمى أن تلك الفتاة لها تأثيرها العميق عليه ولكنكِ لم تستمعي لي"
ردت بألم وهي تتخذ قرارها "معكِ حق أنا لن أستطيع البقاء هنا..."
قاطعتها الأخرى بحزم "بل ستبقي وتنقذي مستقبلك ما زلتِ صغيرة بالعمر وتجارب الحياة لا تنتهي اتفقنا"
هزت لينا رأسها بضعف وهي تقول ببؤس "سأنساه وسأنجح.. أعدك"
**************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 10:07 PM   #37

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

تطلع يزن إلى شقيقه الذي يهاتف إياد بألم ليغمض عينيه عائداً إلى تلك اللحظة التي اندفعت بها براء إليه باكية في شرفة منزلهم.. ليهدهدها برفق متسائلاً عما ألمَّ بها لتنهار هكذا وهي تجيب بكلمات متقطعة وشهقات خافتة عن كون عمه خالد صفع ناردين في سابقة هي الأغرب على الإطلاق.. لو لم تهذي بها صغيرته بين ذراعيه وهي تصرخ أنها لن تسامح عمه خالد ما كان ليصدقها أبداً..
أجلسها بين ذراعيه بحنان وهو يهدئها برفق حتى استكانت وخفضت شهقاتها.. وهو يستوعب ما أوقع عمه خالد نفسه فيه فلن تسامحه واحدة من البنات بتلك السهولة.. فقد اعتدن الدلال منذ الصغر حتى أصبحن محترفات فيه.. وليس من السهل عليهن تقبل أمر أن تضرب إحداهن..
قاطع تفكيره تلك الضوضاء التي ارتفعت فجأة قادمة من حديقة المنزل الكبير.. فتح زجاج شرفته الأبيض ليريعه منظر الفزع الدائر دون أن يدري سببه.. ليهرول إلى الحديقة تتبعه براء لتتسمر قدميه برعب ما إن وصل ومنظر ناردين الغارقة بدمائها بين يديّ عمه خالد أصابه بهلع لا يوصف.. انتفاضة براء بين ذراعيه أخرجه من أفكاره التي يبدو أنهما تشاركاها سويا..
شدد من ضغط ذراعيه حولها وعيناه تهرع إلى باب غرفة العمليات التي يقفون أمامها.. ينتظرون خروج أي أحد من الداخل ليطمئنهم فالدقيقة في هذا الانتظار البغيض تساوي عمراً بأكمله.. ارتفع بكاء براء بين ذراعيه ليمر بيده على ذراعها يبثها أمانه قائلاً بأمل يتشبث به "ستكون بخير ثقي بالله"
رفعت وجهها تنظر له بخوف ليبادلها النظر بعجز قبل أن تحول عينيها إلى خالد ونظراتها يصيبها الجمود.. أفلتت من بين يديه لتتجه إلى خالد وهي تقول بقسوة راغبة بإيلامه "هل أنت سعيد الآن.. ستموت دون أن تطلب منها السماح.. كيف؟ كيف فعلتها؟ كيف تجرأت ورفعت يدك عليها؟"
جذبها أيهم من ذراعها بقوة وهو يأمرها بحدة من بين أسنانه "اصمتي لا أريد أن أسمع صوتكِ"
عادت بنظراتها ثانية إلى خالد المتجمد محله منذ قدموا دون أن ينبس بكلمة.. جذبها يزن بعيداً بعد أن أخذها من عمه أيهم وهو يقول بسخط "لقد تماديتِ كثيراً إياكِ أن تتحركي من هنا"
ورغم ابتعادها والتزامها الصمت كلماتها كان لها مفعول السحر لتخرج هنا من حالة التيه، التي تلبستها منذ أبصرت صغيرتها بهذا الشكل المروع.. لن تنسى أبداً تلك اللحظة التي رأتها بها ولا شعورها الحارق بالألم.. وقلبها الذي تفتت إلى آلاف الشظايا.. ستموت إن لم تعد لها ابنتها سالمة.. وقفت بخطوات مترنحة وهي تتجه إلى خالد سائلة بنبرة عجيبة لم يسمعها من قبل "هل ضربت ناردين حقاً؟!"
نظر لها خالد بخواء في أول رد فعل له منذ وقعت ناردين أمامه وهو يجيب برأسه إيجاباً.. رفعت يديها تتمسك بحافتيّ قميصه الغارق بدماء طفلته الغالية قائلة بعذاب "كيف فعلتها؟ لماذا فعلت هذا خالد؟!"
أجاب بنبرة ميتة "لأن وقتها لم تكن تقف أمامي ابنتي التي ربيتها بكل حب.. إنما وقف أمامي وحش تجرد من إنسانيته وهو يؤلم من يقع في طريقه بأشد الطرق إيلاماً"
بهتت هنا من كلمات خالد التي يصف بها ناردين لتترك قميصه، وهي تتراجع للخلف خطوة لا تكاد تحسب.. تتطلع بملامحه الجامدة تبحث عن أمانها داخل بريق عينيه المشع بالحياة ولكنه الآن خامد ميت لا روح فيه.. دب الرعب في أوصالها بضراوة حيوان بري وجد طعام يقتات عليه بعد جوع منهك لتندفع إليه تتعلق بقبة قميصه وهي تصرخ بوجع "أنا بكابوس وسأستيقظ منه بعد قليل.. لأجد ناردين بفراشها تصارع لتبعد أغطيتها عنها.. وأنت نائم بعمق بجواري ولم تضع إصبعاً على ابنتي.. ابنتي بخير لم يصبها أذى.. هي بحجرتها تدرس قضية ما وأنت ستذهب للاطمئنان عليها.. أنا سأموت إن حدث لها شيء.. أريد ابنتي خالد.. أعدها لي رجاءً.. أريدها سليمة معافاة.. أنا.. أنا أريد ابنتي خالد"
كان صوتها يتلاشى مع آخر كلمات تقولها ويديها تنزلق ببطء تاركة قميصه.. وهي تتهاوى مفضلة الذهاب إلى غيمات الظلام بعيداً عن الألم الذي يدمي روحها..
التفت ذراع خالد حولها بتلقائية يمنع سقوطها على الأرض الصلبة وهو ينظر إليها بخواء مجرد من جميع المشاعر.. لا خوف.. لا ألم.. لا حزن.. لا شيء على الإطلاق فقط فجوة سوداء داخل قلبه تبتلعه دون مقاومة.. لم يبدي أي ردة فعل تجاه هنا الفاقدة للوعي بين ذراعيه إلا رجفة جفن لا تكاد تحسب..
تقدم سيف الذي أنهى مهاتفة إياد للتو ليحمل هنا بين ذراعيه بجزع ونيرة تصرخ بإحدى الممرضات لتدلها على غرفة فارغة.. سارعت الممرضة تدلها على غرفة قريبة وهي تنفذ أوامر دكتورة نيرة إحدى أكبر أطباء الطب النفسي في المستشفى.. لتتولى نيرة فحص هنا سأل سيف بنبرة وجلة "ماما نيرة ماذا هناك؟!"
زفرت نيرة بعمق وهي تمسح دموعها التي تتساقط دون إرادة فابنتها في غرفة العمليات لا يعلمون هل ستعود أم سيفقدونها للأبد.. وصديقتها التي بمنزلة الأخت ترقد فاقدة للوعي "هي بخير سيف سأعطيها منوم كي تنام إلى أن نطمئن على ناردين"
رد سيف "سأبقى معها"
رفضت براء التي دلفت خلفهم "كلا سأظل أنا هنا... إياد سيصل بعد قليل وسيحتاجك بجانبه"
وبالخارج نظر أيهم إلى خالد بنظرات قلقة ألا يكفيه رعبه على الصغيرة ليأتي خالد ويزيد قلقه عليه بسبب حالة الجمود الرهيبة التي تلبسته منذ قدموا إلى المشفى.. اتجه بعينيه إلى ماهر -الذي سكنت يقين بين يديه فاقدة الحركة والنطق لا تستطيع التحكم في رجفة جسدها المتصلب هلعاً.. والحالة التي رأت شقيقتها عليها ترتسم أمامها مراراً وتكراراً سواء أغمضت عينيها أو تركتها مفتوحة تظل الصورة نفسها والألم هو ذاته- يسأله المشورة ليلتفت إليه ماهر بنظرة يائسة وقلة حيلته تكبل يديه بعجز.
اتجه أيهم إلى خالد يهزه برفق وهو يقول بدفء "لا تقلق.. ناري ستكون بخير"
التفت إليه خالد بنظرة جمعت فقدانه للأمل وقلة حيلته وهو يقول بنبرة مستنكرة "ابنتي بخير.. لا أفهم لماذا نحن هنا؟ ولمن هذه الدماء التي على قميصي؟!"
رد أيهم بحزم وهو يشد على كتفيه "خالد أخرج نفسك من حالة النكران هذه.. لن تجدي نفع"
أجاب خالد وهو يرفع كتفيه بعدم معرفة "لا أفهم ماذا تقصد؟!"
جذبه أيهم بعنف وهو يقول بنبرة قاسية ليخرجه عن طوره "أفهم خالد نحن هنا لأن ناردين بالداخل بين أيادي الأطباء بعد أن سقطت من شرفتها.. وتلك دماءها التي على قميصك"
نفض خالد ذراعيّ أيهم بعنف وهو يلكمه بقوة قائلاً بتحذير "إياك أيهم أن تكمل.. أخبرتك ابنتي بخير"
لم يستسلم أيهم وهو يقترب منه قائلاً بهدوء "إن أردت ضربي مرة أخرى فافعلها ولكن تخلص من نكرانك هذا زوجتك وابنتك بحاجتك.. ابنتيك بحاجتك حتى تمر محنتهما على خير"
رفع خالد يده بتحذير وهو يقول بعنف "أيهم لا تتجرأ على هذا ثانية.. ناردين بخير وستظل بخير كما وعدتها دائماً"
أخذ أيهم نفسا عميقاً وهو يهزه من كتفيه بشدة "أفق خالد واذكر الله... ما تفعله لن يعيد الوقت للخلف... عائلتك بحاجتك... الجميع بحاجتك خالد"
نظر إليه بألم وهو يقول بضعف "ابنتي أيهم.. طفلتي الصغيرة.. كيف تريد مني التصديق؟!"
شدّ على كتفيه بقوة محاولاً احتواء صدمته وخوفه "اهدأ خالد وادعو لها كثيراً هي بحاجة إلى دعواتك كثيراً"
نظر له بألم وهو يقول بوهن "ماذا أفعل؟ كيف أعيدها لي سالمة"
عانقه أيهم بقوة وهو يقول بثقة وإيمان "استعن بالله واترك أمرك وأمرها له ولن يفجعنا بها"
مسح خالد دمعة فرت من عينيه وهو يستمد قوته من جبله الشامخ بجواره ليتركه بهدوء ويتجه للمنكمشة دون حرف بين ذراعي ماهر.. فاتحاً ذراعيه لها لتندفع إليه وشهقاتها تتعالى بنحيب تتمزق له القلوب.. وهو فقط يشدد ذراعيه حولها ويهمس لها كل فنية "لا تقلقي حبيبتي ستعود إلينا"
**************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 10:08 PM   #38

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

صف إياد سيارته بعشوائية وهو يغادرها بعد رحلة من العذاب والأفكار السوداء التي مزقت روحه وفتّت قلبه رعباً.. دلف إلى المشفى راكضاً وهو يسأل عن الطابق الموجود به غرفة العمليات.. وجد المصعد فارغاً فاستقله يريح رأسه للخلف ويغمض عينيه وقلبه لا يكف عن الدعاء والابتهال..
فتح المصعد على الممر الطويل القابض للنفس أمامه وبنهايته وجد والده وعميه يتحركان بقلق في انتظار خروج أحدهم.. تقدم بخطوات بطيئة ازدادت وتيرتها إلا أن وصل إليهم وهو يهمس بألم "بابا"
التفت إليه أيهم بعد همسته التي اخترقت قلبه والتي تطالب باحتوائه وحنانه.. تقدم منه بهدوء ليشد على كتفه بقوة وهو يقول بإيمان راسخ "ستكون بخير"
نظر إلى أيهم طويلاً يستعير بعض من صلابته وقوته ليبتلع ريقه بصعوبة وهو يشعر بروحه تختنق.. ارتمى بين ذراعيّ والده يشد عليه بقوة وهو يقول بوجع "أنا لن أخسرها بابا سأموت إن حدث لها مكروه"
شهق أيهم بصمت وهو يشد عليه بذراعيه بقوة حانية يعرف ويقدر مدى عمق وجعه.. وقد أوشك أن يخسر حبيبته قبلاً "تماسك إياد تماسك حبيبي وكل شيء سيكون على ما يرام"
لم يشعر بنفسه وهو يزيد من ضمه لوالده يشعر وكأنه عاد طفلاً صغيراً خائف ويلتمس الأمان من حضن والده الرحب.. ليهمهم ببوح مختنق "أنا مرتعب من خسارتها بابا لن أحتملها على الإطلاق"
أخرجه أيهم من حضنه وهو ينظر إلى عينيه المحتقنة بالدموع ليقول بقوة "اهدأ ستكون بخير لن تخسرها ولن تغادر عالمنا.. توقف عن هذرك واستعن بالله وسلم أمورك له"
غادرت دموع خائنة جفونه وهو يأخذ نفس عميق مجيباً ببطء "سأحاول بابا"
رفع أيهم يده يمسح دموعه بحنو وهو يبتسم له بدفء نشر بداخل قلبه الهامد أملاً صغيراً.. شعر بسيف يضع يده على كتفه بدعم وهو يقول بهدوء "هيا لنذهب للمسجد نصلي وندعو لها وجودنا هنا ليس له داعي"
هز أيهم له رأسه موافقاً على اقتراح سيف ليندفع إلى والده ثانية يعانقه بقوة ويستعير منه ثباته الضائع.. ربت أيهم على كتفه بهدوء وهو يهمس له "اذهب وافضي بخوفك ورجاءك إلى خالقك ولن يردك خائباً"
زفر أيهم باحتراق وهو يتابع انصراف سيف وإياد.. وقف ماهر بجانبه يشد من أزره متسائلاً باهتمام "هل أنت بخير؟"
همهم أيهم بخوف "لا أعلم"
انتبه الاثنين إلى حديث نيرة مع خالد عن هنا "هنا بخير خالد فقط ستنام بعض الوقت"
هز رأسه دون رد لتقول نيرة بدفء "اطمئن لمار مع ناري بالداخل ستهتم بها وسترجعها سالمة"
غمغم خالد بابتسامة لا ترى "بإذن الله"
وصل سيف وإياد إلى المسجد ليتوجها لدورة المياه فيتوضآ من جديد.. استقبل إياد القبلة وهو يرفع يديه بخشوع ويكبر بصوت مختنق.. استكانت كل جوارحه في هذا الدفء الرباني بين يديّ خالقه حيث وسعت رحمته كل شيء.. ارتجف كل جسده وهو يبكي ويدعو بكثرة أثناء سجوده حيث أطاله كثيراً.. والنور ينتشر داخل قلبه ثانية جاعلاً إياه يخفق ثانية لكن ببطء.. أنهى إياد صلاته ليلتفت ويواجه سيف الذي يراقبه بقلق سائلاً بثبات "كيف حدث هذا سيف؟!"
ابتلع سيف ريقه بصعوبة وهو يثرثر له بما حدث باضطراب "لا أعلم حقاً كيف حدث فقد قابلت يقين وهي تبكي على الدرج وأخبرتني أنها تلحق بناردين.. وعلمت منها أن عمي خالد قام بصفع ناردين.. صعدت هي لناردين وذهبت لعمتي هنا في المطبخ وبعد وقت قليل سمعنا صوت اصطدام بشع وخرجنا لنجد ناري بين يديّ عمي خالد فاقدة للوعي وحولها الكثير من الدماء"
توقف إياد عند جملة صفع ناردين ولم يستمع للباقي وعقله يحلل الكلمات عله يكون فهم خطأ ولكنها ذات النتيجة كل مرة ليصيح بانفعال "كيف صفعها؟ هل تمزح معي؟"
نظر له سيف قليلاً ثم قال بهدوء به بعض من الحزم "لقد رأى عمي أنها أخطأت وعليه عاقبها"
اعترض إياد بسخط "لا يكون العقاب بفعلة كهذه لقد كسر كبرياءها وعزة نفسها"
أعاد سيف بصرامة أكبر قائلاً "والدها وعاقبها ليس لك دخل"
وضع إياد وجهه بين يديه وهو يجلس على السجادة أسفله بوهن متمتماً بألم "هذا عقابي أنا.. هذا عقابي لدعائي عليها.. أنا المخطئ.. أنا المخطئ أنا من يجب أن يعاقب"
جلس سيف أمامه وهو يسأل بعدم فهم "ماذا تقصد إياد؟!"
رفع رأسه ليجيبه باضطراب وعينين زائغتين بعدم هدى "لقد دعوت عليها صباحاً.. كنت غاضباً أقسم لك غضبي هو ما أخرج تلك الكلمات.. لم أقصدها ولن أقصدها يوماً كانت رغماً عني.. سيف لم أقصد والله لم أقصد"
شد سيف على كتفه وهو يجيب بحزم "توقف عن إيلام نفسك ما حدث ليس ذنبك وليس بسببك.. ما حدث هو أمر الله قضاءه وقدره.. وعليه ستصبر وتدعو لها بالنجاة ذلك هو ما يمكننا فعله الآن.. ليس أكثر من أن نصبر وننتظر"
نظر إليه إياد بوهن وهو يميل واضعاً رأسه على فخذ سيف هامساً بصوت لا يكاد يسمع "اقرأ القرآن بصوت مرتفع سيف"
جذب سيف المصحف من على الرف الجالس بجانبه ليفتحه بتبجيل ويقرأ بخشوع.. ليشعرا بسكينة غلفت روحيهما وصوت سيف ينساب بقراءة عذبة -فسيف يستطيع قراءة القرآن بالتجويد عكس إياد الذي يقرأه قراءة سريعة.. لا تمنح روحك سلامها المطلوب
ظل سيف يقرأ إلى أن اختنق صوته وسقطت دمعة من عينيه على وجه إياد.. عدل إياد من وضعية رقوده ليكون وجهه مقابلاً لسيف ليسأله بعينيه عما حدث.. أجاب سيف بألم وهو لا يستطيع أن يجاري الأحداث من حوله "لا أستطيع التخيل أن يصيبها مكروه.. تلك ناري أختي الصغيرة المشاكسة.. لا يمكنني مجرد التخيل أنهم الآن فوق يسعون بكل جهدهم لينقذوها.. لا يمكنني تخيل المنزل دونها سيكون باهتاً لا طعم ولا روح ولا حياة به"
دمعت عين إياد وهو يقول بأمل صغير يتعلق به قلبه كغريق يتعلق بقشة في عرض البحر الهائج "هي بخير وستكون لن تغادر المنزل ستعود إليه لتنيره ثانية ثق بالله"
هز سيف رأسه وهو يقول بإيمان "ونعم بالله سأصلي قليلاً إياد هل تصلي معي؟!"
أجاب إياد بضعف وهو يستقيم جالساً "سأقرأ في المصحف قليلاً أشعر بوهن في قدماي"
هب سيف واقفاً يستقبل القبلة فيما التقط إياد المصحف باحترام وتبجيل يكمل قراءة وقلبه لا يكفّ عن الدعاء.. وبعيداً على باب المسجد وقف يزن يراقب أخوته الأصغر منه بدموع بعينيه ليدلف داخله يربت على كتف إياد بدعم.. ويقف بجانب أخيه الأصغر يصلي ويدعو أن تنتهي غمتهم على خير.. رن هاتف يزن ليلتفت إليه الثلاث رؤوس بلهفة أن يحمل لهم خبر جيد كما يتمنون .
****************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 10:10 PM   #39

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

"(البينك) سيكون رائعاً هادي"
نظر إليها هادي وهو يحاول تمالك أعصابه من تلك المجنونة التي سوف تقتله كمداً.. ليقول بانفعال من بين أسنانه المضغوطة بعنف "(بينك)؟"
ردت بنبرة بريئة طفولية للغاية "ماذا ألا تعرفه؟ أليس لديك فتيات؟"
ردد خلفها هادي بدهشة وهو يرفع حاجبه باستنكار "ماذا تعنين بـ أليس لديك فتيات تلك؟"
ردت ببساطة وكأن جملتها مفهومة وهو الغبي الذي يحتاج إلى شرح "فتيات.. شقيقات فتيات"
هز رأسه إيجابا وهو يرد بصبر ليعلم نهاية هذا الحديث غير المجدي "اثنتان"
وقفت وهي تعطيه ظهرها قائلة بنبرة متشنجة "إذا أنت تعلم أن البينك هو اللون الوردي المفضل لدى البنات"
كان وقوفها بتلك الطريقة خطر على صحته جعله يسب نفسه ويلعنها مئة مرة.. أليس هو من اقترح أن تلبس بنطال لماذا إذا يريد التوسل إليها ألا تلبسه ثانية.. فقد كانت ترتدي بنطال جينز ضيق وكأنه جلد ثاني لها ممزق من عند الركبة... يعلوه بلوزة بيضاء مخططة بخطوط سوداء أفقية وقد كانت تلك القطعة البيضاء بغيضة جدا لنفسه.. فقد كانت بدون أكمام نهائياً وقد ظهر كتفها عاري مشع جاذب للنظر.. وترك ظهرها بلونه الثلجي عاري أيضاً إلى المنتصف.. من عند الصدر تتدلى قطعة من القماش وتتصل بمرفقها مكونة ما يشبه الأسورة العريضة عليه.. ومن أسفل صدره زم بحزام أبيض وقد ربط في عقدة أنثوية أنيقة يتعدى خصرها بإنشات قليلة.. كانت فقط فتنة للناظر تجذب العيون إليها ببراءتها المغوية..
أشاح عينيه عنها بتجبر نهره له قلبه.. فبخلاف عقله قلبه يعتبرها ملكاً خالصاً له بدون مسميات أخرى.. أجابها بنبرة بها بعض الشجن إلى شقيقتيه "بالطبع أعلمه فقد كانتا ترغماني على جلب معظم أشيائهم بهذا اللون"
نكست رأسها بحزن وهي تحسد شقيقتيه عليه.. تتمنى لو كان لها أخ أكبر منها لتلجئ إليه عندما تحزن أو تفرح.. عندما تخاف وآاااه من ذلك الوقت الذي ترتعب به ولا تجد من يطمئنها.. امتلأت عيناها بدموع صامتة وهي تبحث عن الاهتمام ولا تجده..
عقد هادي حاجبيه بتفكير وهو يراها تنكس رأسها بحزن أصابه في صميم قلبه.. ليلتف من خلفها ويقف أمامها وهو يقول بفزع لمرأى دموعها الغالية "ماذا هناك رهان؟ لماذا تبكين؟!"
مطت شفتها السفلية بطفولية وهي تقول برجاء خفي "كم أردت أن يكون لدي أخ أكبر أو أصغر ولكن ليس لدي"
أراد هادي أن يقول اعتبريني أخاً أكبر لكِ ولكن لم يطاوعه لسانه على قولها ليقول بدلاً من ذلك بجفاف ليغطي على ارتباكه بسببها "هيا لنعود للعمل"
جلست على المقعد أمام المكتب وهو على حافته لتسأل بهدوء "لماذا ليس البينك؟!"
ضحك هادي لتتوه بضحكته كما تفعل دائماً وهو يجيب كمن يحدث طفلة "لأن الديكور الذي نصممه يخص قرية سياحية وليس قرية لعب للفتيات"
زمت شفتيها وهي تقول بحنق "لا تسخر مني هادي"
رفع يديه بمهادنة وهو يقول بهدوء ويشير إلى تصميم يامن أمامه على شاشة الحاسوب "ما رأيكِ بهذا التصميم"
تأملته جيداً لتقول بعد فترة صمت بجدية "مبدع وفخم وجذاب"
هز رأسه يوافقها وهو يتساءل ثانية "وهل ترين لون البينك مناسب لهكذا تصميم؟!"
هزت رأسها نافية وهي تقول بعملية "كلا سيفسد روعة التصميم"
لمعت عينيه إعجاباً بذكائها في تلقي المعلومات "نعم روهان كل من التصميم والديكور وطبيعة المكان يعتمدون على بعض.. فتصميم وديكور مدينة ملاهي يختلف عما يخص منزل ويختلفان عما يخص القرى السياحية.. كل له طبيعته وبيئته واختلافه هل فهمتِ؟"
هزت رأسها موافقة وانخرط كلاهما في العمل... هي تقترح وهو يناقش وتارة يقترح هو وتعترض هي حتى وضعوا الأسس التي سيعملون عليها.. وسط إعجاب من هادي بها وبذكائها في الحوار وإضافة لمسة جميلة على التصاميم لتبدو فخمة ومبهجة للنظر..
طرقات على الباب أخرجتهما من حالة الانسجام التي كانا فيها.. سمح هادي للطارق بالدخول ليدخل يامن وهو يقول بملامح مضطربة "هل أنت متفرغ الآن؟!"
سأل هادي باهتمام "هل أنت بخير؟"
أجاب يامن بصوت مختنق "سأذهب للمشفى هل تأتي معي؟"
فهم هادي من صوت صديقه وارتباك ملامحه أنه ذاهب أخيراً لرؤية والده ليقول بلا تردد "بالطبع انتظرني بالسيارة"
هز رأسه موافقاً وهو يقول باعتذار "آسف آروهي لم انتبه لوجودك"
أجابت بابتسامة حلوة "لا عليك.. أتمنى الشفاء لعمو عبد العزيز"
شكرها وغادر لتلتفت لهادي متسائلة بهدوء "هل نؤجل التصميم للغد؟"
هز رأسه نفياً وهو يقول بجدية "كلا لن نؤجله أنتِ تعلمين ماذا أريد منه وتعلمين الخطوط العريضة لذلك أكمليه أنتِ وسأراه غداً وأناقشك فيه"
ردت باهتزاز "لن أستطيع أن أكمله بمفردي"
ابتسم بجاذبية وهو يفتح الباب ويقول بصوت عذب "بلى تستطيعين.. أنا أثق بعملك"
ابتسمت بسعادة وقد جددت كلماته وثقته بها نشاطها وقدرتها على الإبداع لتقبل على العمل بشغف راغبة في إثبات نفسها وأنها على قدر ثقته.
*****
قاد هادي سيارته وهو يقول بهدوء "قررت أخيراً زيارة والدك"
هز يامن رأسه وهو يقول بلامبالاة مصطنعة "لا أريد الندم فيما بعد"
حاول هادي فتح أحاديث معه ولكن يامن كان متوتراً فلم يستطع التجاوب معه.. مضى الوقت بطيئاً إلى أن وصلا إلى المشفى همس هادي بهدوء "ترفق بوالدك واستمع إليه بهدوء"
ترجل يامن من السيارة وهو يدلف للداخل قابلته والدته بترحاب ليسأل بوجل وهو يركز عينيه على الغرفة خلفها "هل.. هل هو مستيقظ؟"
ابتسمت بفرح وهي تدفعه باتجاه الغرفة قائلة بسعادة "نعم مستيقظ.. سيسعد كثيراً برؤيتك حبيبي"
دلف إلى الداخل بخطوات مهزوزة وهو ينظر بعدم فهم لذلك الراقد أمامه شاحب الوجه تكاد عظامه تبرز من وجهه الهزيل.. يتساءل داخله بجزع أين هذا المتجبر من ذلك الراقد ينازع لاستقبال ذرات الهواء.. تقدم منه يقول بصوت أجش "مرحباً"
رفع عبد العزيز رأسه بلهفة وهو يقول بصوت مبحوح "يامن"
تقدم يامن بهدوء حذر وهو يقول بلطف "نعم هذا أنا"
رفع عبد العزيز يده يدعوه ليمسكها.. نظر إليها يامن طويلاً باستنكار وهو يفكر أنه أراد أن يمسكها وهو صغير بحاجة للأمان.. ولكن ما فائدتها الآن وقد فقد تلك الرغبة ورغم كل تفكيره اقترب منها وأمسكها بهدوء..
تنهد عبد العزيز براحة وهو يقول بندم وقد أراه المرض أن الله يمهل ولا يهمل أخذ نفس عميق وهو يقول بندم "أعلم أني لست نعم الأب بالنسبة لك وأنك غاضباً مني وقد تكون كرهتني لأجل كل ما فعلته بوالدتك.. ولكن رغم كل هذا أنا أحببت حياة بكل جوارحي.. حياة هي كل حياتي هي من تخلت عن الجميع لأجلي وواجهت الجميع ولم تتركني بمفردي.. كانت الركن الوحيد الثابت بحياتي مهما ابتعدت عنها كنت أعود وأجدها.. حياة هي أجمل ما بعمري.. رغم كل ما سببته لها من ألم ولكني عشقتها حد الموت"
قاطعه يامن بحقد وقد ازداد كرهه للحب ولمن يقع به وازداد معه إصراره على قتل حبه "لماذا تخبرني بكل هذا؟!"
أجاب بصوت واهن ضعيف "أعلم أنك لن تسامحني إذا طلبت منك السماح.. ولكن هناك أمراً أخر أريد الحديث معك بشأنه"
سأل يامن بريبة وهو يشعر أن القادم لن يعجبه على الإطلاق "ما هو؟"
أغمض عينيه وهو يقول بصوت فقد رنة قوته "قضية النسب التي رفعتها مادلين سأخسرها بني... ذلك الصبي الصغير هو ابني"
اتسعت عيني يامن بدهشة وهو يقول بحنق "لماذا إذا رفضت الاعتراف به وهو ابنك ومن صلبك؟!"
رد بصدق "لأن هذا الأمر كفيل بقتل حياة وأنا لم أعد أريد إيذائها أكثر من هذا"
ضحك يامن بسخرية وهو يقول بغضب "والآن اعترافك هذا لن يقتلها.. عندما تعلن المحكمة أن الصبي ابنك ألن يقتلها هذا الأمر.. لماذا لم تفكر في هذا الأمر قبلاً؟!"
أشاح عبد العزيز بعينيه بعيداً وهو يشعر بالندم ينخر عميقاً في روحه ليقول بحزن من حاله "لا فائدة من كل هذا الآن يامن اسمعني جيداً أرجوك.. إياك أن تترك تيم لمادلين..."
قاطعه يامن بذهول "تيم.. اسمه تيم"
ضحك والده ضحكة قصيرة وهو يقول بصوت حاني لم يسمعه يامن من قبل "نعم تيم صبي صغير ظريف لم يتم أعوامه الستة بعد.. يشبهك كثيراً بالمناسبة بالشكل وتصرفاتك وأنت صغير"
ابتسم يامن باستهزاء وهو يفكر بسخرية هل تذكرني وأنا صغير ولكنه تغاضى عن ذلك متسائلاً "وماذا تريد مني الآن؟!"
همس والده بضعف وهو يقاوم النعاس الذي ألمّ به "لا تترك تيم لمادلين هي غير مؤتمنة ولا يمكنني الثقة بها في تربيته.. إنها منحلة عديمة الأخلاق لم ترفع تلك القضية إلا طمعاً بالمال فقط.. وقد تتخلص من الصبي أيضاً طمعاً في المال.. تيم هو وصيتي لك يامن اعتني به وحافظ عليه واحرص أن يحصل تيم على تربية صالحة.. أعلم أنك قادر على فعلها... أخاك الأصغر هو وصيتي لك"
أغمض عبد العزيز عينيه ليغرق في نوم عميق نتيجة الأدوية التي يتناولها.. نظر له يامن بحزن وقهر وهو يعض على شفته بقوة وذات السؤال يتردد بعقله "ماذا فعلت لك لتحملني ما لا طاقة لي به؟"
خرج يامن غاضباً من غرفة والده ليغادر سريعاً دون أن يلقي التحية على حياة.. التي أسرعت إلى غرفة زوجها تتأكد أنه بخير زفرت بارتياح حينما وجدته نائماً.. وخرج هادي مسرعاً خلف يامن ليمسكه من ذراعه متسائلاً بلهاث "ماذا حدث بالداخل يامن؟!"
نظر إليه ليقول بحسرة "مجرد تأكيد آخر أن الحب مجرد وهم كبير"
ناظره هادي بتساؤل سطع بعينيه ليجيب يامن باستهزاء "أخي الصغير اعترف به أبي وأوصاني به.. هو أخي هادي.. هو أخي الصغير"
ربت هادي على كتفه بقوة قائلاً بهدوء "هيا لنذهب من هنا"
همس يامن وهو يستقل مقعده بالسيارة ويلقي برأسه للخلف في ألم مبرح السبب له دائماً هو والده "أي مكان إلا المكتب"
**************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-11-20, 10:13 PM   #40

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

التفت الثلاث رؤوس إلى الهاتف الذي صدح رنينه بنظرة متسائلة متوسلة الإجابة وكأنه سيخبرهم.. أجاب يزن الأقرب له سريعاً "ماما"
صمت يستمع بإنصات قبل أن يغلق الهاتف متمتما "حاضر سأحضر على الفور"
سأل سيف بلهفة في حين لم يجرؤ إياد على النطق حتى "هل من جديد؟!"
رد يزن وهو يرتدي حذاءه "نعم ناردين تحتاج لنقل دم ولا يوجد أكياس دم تحمل فصيلتها في بنك الدم لذلك اتصلت ماما تطلب مني أن أسرع"
هب إياد واقفاً وهو يقول "سنأتي معك"
هز يزن رأسه نفياً وهو يشرح لهما الوضع ويشكر والدتيه اللاتان يصران على فحص شامل لهم دائماً حتى يطمئنا على صحتهم "لا داعي إياد.. ناردين ذات فصيلة نادرة لا تقبل نقل دماء إلا من ذات الفصيلة ولله الحمد نتشارك بها سوياً"
ثم غادر راكضاً فكل ثانية يهدرها خطر على سلامة أخته الصغيرة.. وصل إلى غرفة العمليات ليجد ممرضة شابة بانتظاره أخذته إلى إحدى الغرف المجهزة لتقوم بسحب دم منه.. بعد دقائق توقف يزن عن حسابها أنهت الممرضة عملها، ليغادر الغرفة وهو يشعر بدوار بسيط برأسه نتيجة قلة السوائل بجسده..
لمح الغرفة النائمة بها هنا قريبة منه فذهب إليها وألقى بجسده على الأريكة الموجودة بالغرفة.. فزعت براء الموجودة مع هنا _حيث كانت تعتني بها_ من منظر يزن الشاحب.. لتهرول إليه تتلمسه بأصابعها سائلة بهلع "يزن ما بك؟"
ضغط على أصابعها التي قبض عليها أسيرة بين يديه قائلاً بنبرة مطمئنة "لا شيء فقط تأثير سحب الدماء من جسدي.. دقائق وسأستعيد حيويتي"
همست وبكاءها يزداد "سحب دماء!!! لماذا؟"
همس بهدوء "لأجل ناردين"
انتفضت سائلة سريعا بنبرة ملهوفة "هل علمتم عنها شيء؟"
هز رأسه نافياً وهو يجيب بألم "لا شيء غير أنها احتاجت إلى عملية نقل دم"
دلفت نيرة للغرفة وهي تحمل عصائر بيدها قدمتها ليزن الذي رفضها لتصر عليه "تحتاج إلى تعويض السوائل التي فقدتها"
فتحت له علبة ليلتقطها ويرتشف منها بهدوء بينما قامت براء من جواره وهي تحتضن والدتها بقوة متسائلة باضطراب "لماذا يحدث معنا هذا ماما؟ ناري لم تؤذي أحد لتصاب هكذا؟"
ربتت نيرة على شعرها بحنان ويدها الأخرى تمسح على ظهرها برفق وهي تقول بنبرة حانية "لا بأس حبيبتي سيكون كل شيء على ما يرام، هذا اختبار لنا وسنجتازه بصبر تماسكي قليلاً لأجل الجميع"
هزت براء رأسها وهي ما زالت تلتمس الحنان من أمان ذراعي والدتها.. التي برغم كل مشاكساتها لها إلا أنها أحن عليها من أي مخلوق آخر حتى والدها.. أبعدتها نيرة عنها وهي تمسح دموعها بدفء هامسة بثقة بثها إليها أيهم الشامخ بالخارج يحتوي انهيار الجميع "ثقي بالله وسيتحسن كل شيء"
تركتها نيرة وذهبت تطمئن على مؤشرات هنا الحيوية لتسأل يزن باهتمام "كيف أصبحت الآن؟!"
"أفضل ماما"
ابتسمت له بلطف وهي تقول "هيا نعود للجميع بالخارج وأنت براء ابقي مع هنا"
**************
"حمداً لله على سلامتها دكتور لمار"
صدح صوت الطبيب يتحمد لناردين الراقدة دون وعي لما حولها سلامة عودتها لعائلتها.. لم ترد لمار وهي تقترب من ابنتها تنقش ملامحها من جديد على جدران قلبها وقد رأف بهم الله وردها إليهم صحيح بجروح جسيمة ولكن سالمة..
سمحت لدموعها بالتساقط أخيراً بعد أن حبستها قهراً وهي تدخل معها غرفة الطوارئ ثم غرفة العمليات.. رفعت لمار يدها تحتضن وجه ناردين وهي تقبل جبينها بعاطفة أمومة طاغية.. همست بصوت واهي "أشكرك كثيراً دكتور محمد لكل ما فعلته لتنقذها.. سيظل دين برقبتي العمر كله"
همس برهبة احتراماً للموقف أمامه وهو يعتقد أنها ابنتها حقا "لا شكر على واجب الحمد لله على سلامتها ثانية ولكن ألا تريدين أن تخبري من بالخارج؟!"
أخذت نفس عميق وهي تنظر إليهم ينقلوا ناردين بحذر إلى سرير متحرك لتنقل إلى غرفة العناية المركزة.. ثم جاورت الطبيب بالخارج حيث ينتظر الجميع إلا براء التي مكثت في غرفة هنا.. التف الجميع حولهم لتلقي لمار نفسها بين ذراعي ماهر تهمهم براحة ودموعها تتساقط كالشلال "بخير.. هي بخير"
تولى الحديث الطبيب الآخر بعد أن انخرطت لمار في موجة بكاء عنيفة قائلاً بعملية "الحمد لله على سلامتها لقد نجت من حادث خطير بأقل الأضرار.. لقد كسر ذراعها الأيسر وكذلك عظام فخذها الأيسر وهذا كان الضرر الأكبر.. لقد تحمل جانبها الأيسر صدمة الارتطام بجانب جرح عميق في جانبها الأيمن وهو ما سبب لها نزيف خارجي استطعنا السيطرة عليه.."
قاطعه إياد بنبرة متحشرجة مستنكرة "هذه أقل الأضرار؟"
رد الدكتور ببرود "بالطبع لقد كانت محظوظة وشملتها العناية الإلهية فلم تصب رأسها إلا بخدوش سطحية فقط.. لا كسور.. لا نزيف.. لذا نعم أقل الأضرار"
همست نيرة قائلة بحيرة "ولكن لماذا كل هذا الوقت؟! لا تستغرق هكذا عملية كل هذا الوقت"
ابتسم الدكتور محمد وهو يجيب نيرة بهدوء "معكِ حق دكتورة ولكن ضغط المريضة كان منخفضاً كثيراً، ولم نبدأ العملية إلا بعدما أعدنا ضغطها إلى الوضع الطبيعي حتى لا نجازف بوضعها في خطر آخر"
سألت نيرة ثانية بلهفة "هل يمكننا رؤيتها؟"
رد بهدوء وهو يستعد للمغادرة "كلا هي بغرفة العناية المركزة لا يمكن رؤيتها الآن"
سأل إياد بهلع "لماذا؟ ألم تقل أنها بخير؟"
ابتسم الطبيب وهو يربت على كتفه "نعم ولكن حتى نطمئن أن مرحلة الخطر مرت بسلام.. والحمد لله على سلامتها ثانية"
غادر الطبيب وتركهم لفرحتهم بعودتها سالمة عانقت يقين نيرة بقوة وهي تغمغم بالحمد والشكر الكثير لله.. بينما أغمض إياد عينيه وهو يحاول التحكم في خفقات قلبه المتسارعة بفرح عظيم احتضنه سيف بفرحة عظيمة.. عاد خالد عدة خطوات للخلف وهو يتنفس بصعوبة ليستند على الحائط بجسده يدعم نفسه لكي لا يسقط على قدميه.. أسرعا إليه أيهم وماهر..
وماهر يقول بفرحة "بخير خالد هي بخير"
رفع عينين احتقنتا بالدموع وكلمات لا تخرج من فمه كلما حاول ليندفع إليهما سوياً يلقي نفسه في بحره الآمن.. ليجهش في بكاء عميق وهو يتمتم من بين بكاءه "كدت أن أخسر ابنتي أيهم.. طفلتي ماهر مصابة يا إلهي"
احتوى أيهم وماهر انهياره بصلابة وهما يبثانه كلمات تعيد إليه قوته.. جلس إياد على مقعد المشفى بتعب نال منه بضراوة وجلست بجانبه يقين لتستند برأسها على كتفه هامسة بتعب "الحمد لله كدت أن أفقد الأمل"
مد إياد يده يربت بها على رأسها بحنان قائلاً برفق "يقين لا تفقد الأمل أبداً"
ابتسمت يقين وهي تغمض عينيها وإياد لا يعلم هل نامت أم لا ولكنه ثبت في مكانه حتى لا يزعجها.
رن هاتف أيهم ليفتحه دون أن يرى من المتصل ليجزع من صوت دارين الباكي ليقول سريعاً "دارين.. ما بك ماذا هناك؟"
لم يستوعب كلمة من كلماتها الباكية المتناثرة ليجيب بعد زفرة حارة "دعي عمر يحدثني إن كان بجانبك"
أخذ منها عمر الهاتف بصعوبة لتدور وتدفن رأسها في عنقه تبكي بشهقات مرتفعة.. ربت عمر على رأسها يهدئها وهو يستفسر عن حالة ناردين وأيهم يطمئنه أنها بخير.. سأل عمر عن المشفى ليجيبه أيهم باسمها وقبل أن يغلق عمر الهاتف سأله أيهم بحيرة "مهلاً عمر كيف عرفت؟"
رد عمر وهو يغلق الهاتف ويحاول أن يهدئ الطفلة زوجته بين ذراعيه "سما أخبرتني عندما هاتفتها"
اتسعت عينا أيهم بصدمة وهو ينزل الهاتف من على أذنه مردداً بذهول "سما.. يا إلهي سما"
انتفض قلب سيف برعب وهو يتقدم من عمه عندما وصل مسامعه حروف اسمها "ما بها سما عمي؟؟!"
رد أيهم وما زال لم يخرج من صدمته بعد "سما كيف نسيتها.. الفتاة ما زالت بمفردها في المنزل.. لقد نسيت أمرها نهائياً"
شهق سيف بصدمة وهو يهرول للخارج قائلاً "سأذهب أنا إليها"
**********

نهاية الفصل



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:30 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.