آخر 10 مشاركات
❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          [تحميل] مشكلتي مع كلمة / للكاتبة الفيورا،سعودية (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          صمت الحرائر -[حصرياً]قلوب شرقية(118) - للمبدعة::مروة العزاوي*مميزة*كاملة & الرابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          الصحوة ( الجزء الأول من مذكرات مصاص الدماء ) - كامل - (الكاتـب : Dalyia - )           »          715- رحلة غرام -عبير ميوزيك (أصلية) (الكاتـب : Just Faith - )           »          طلب مساعدة (الكاتـب : ام هدى وعدنان - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-01-21, 10:09 PM   #131

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي


كده تقريبا هنكون وصلنا لمنتصف الرواية.. اتمني من كل قلبي أعرف أرائكم ونقدكم ليها
الفصل الخامس عشر
التفت يد ماهر حول الاثنين ليقول بصوت هادئ وعينيه اتجهت تبحث عن سيف "أعرفكم حياة ابنة عمتي وأختي من الرضاع"
اتسعت أعينهم بمفاجأة وهم ينقلون نظرهم بين ماهر وحياة.. أما سيف كان بعالم أخر؛ عمته أخت والده.. لقد شك بوالده.. أساء فهمه.. جرحه وجرح والدته.. وكسر قلب حبيبته.. وخسر ثقتها التي وعدها بالحفاظ عليها.. والأهم خطبتهما انتهت..
أغمض عينيه بقوة وهو يسند رأسه بيديه ندما وحزنا.. رفع عين دامعة متوسلة لوالده يطلب الغفران.. ليشيح ماهر بعينيه بعيداً بخيبة أمل ذبحت قلبه المقتول بيده.. ولى ماهر اهتمامه لإياد الذي أفاق من صدمته هاتفاً بدهشة "كيف؟ أختك!! لماذا لا نعلم عنها شيء؟!"
ابتسم ماهر وهو يقول لحياة بهدوء متجاهلاً إجابة سؤال إياد "لا بد أنكِ تعرفتِ عليه.. إياد ابن أيهم الصغير"
ابتسمت قائلة "حاولت التعرف عليه بالسيارة لكنه لم يجاريني"
أجاب إياد باعتذار حرج "أسف لم أكن أعلم أنكِ عمتي"
همست يقين بدهشة "ولكن لم يخبرنا أحد كيف؟ لماذا أخفيتم وجود عمة لنا؟!"
ابتسم خالد وهو يعرفها لحياة "يقين ابنتي الكبرى.. ثم أكمل بشوق.. اشتقنا لكِ حياة كيف هي أحوالكِ؟"
اتسعت ابتسامتها ودموع الشوق تغزو عينيها قائلة بلهفة "بخير ما دمت عدت ورأيتكم ثانية.. كبرت يا خالد كبرت كثيراً وغزا شعرك الشيب.. هل تزوجت هنا؟"
هز رأسه موافقاً وهو يشير برأسه لهنا الواقفة بجوار لمار.. ردت حياة بود "أنا أول من أخبرني عن حبه لكِ.. ثم التفت إلى ماهر مكملة.. أيهما زوجتك؟"
أجاب ماهر بحب "ذات الوشاح الأحمر"
ردت ببادرة سلام "جميلة كما وصفتها"
قابلت لمار بادرتها بترحاب قائلة "وأنتِ مثلما وصفكِ ماهر... مرحباً بعودتكِ"
أومأت برأسها بود لتقع عينيها على نيرة فتقول لأيهم بهدوء "لابد أنها زوجتك يا أيهم.. رائعة تليق بك"
ابتسم أيهم لها قائلاً بهدوء شديد وهو يلتفت لنيرة التي اتسعت ابتسامتها المرحبة "أتمنى أن أليق أنا بها"
رفعت حاجبها قائلة بمرح "تغيرت كثيراً وأصبحت تحنو على الفتيات بدلاً من ضربهم"
شهقت براء بصدمة وأيهم يجيب بمشاكسة ظهرت بعينيه "لم أضرب فتاة يوماً حياة إلا أنتِ كنت أهوى جذبكِ من شعركِ"
أجابت من بين أسنانها "بارد"
ضحك أيهم قائلاً بمرح "سمعتكِ.. أعرفكَ بباقي الأبناء سيف ويزن"
قاطعته قائلة ببساطة "أبناء ماهر أعرفهما.. فأنا أتابع مبارياتهم على التلفاز دائماً"
أكمل لها ماهر التعريف بباقي الأبناء "براء ابنة أيهم الكبرى وناردين بنت خالد الصغرى.. وهذه سما ابنة دارين وكذلك لديها مي ومروة توأم"
أجابت بذهول "كبرتِ يا دارين وأصبحتِ أم البنات"
هزت دارين رأسها وهي تشير إلى عمر قائلة بفخر "عمر زوجي"
هز عمر رأسه لها بتحية لتردها له وأيهم يكمل قائلاً بهدوء "هناك أمر يجب أن تعرفيه عمر ونيرة أشقاء وهما أبناء خالتي"
ردت بذهول "عمتي عفاف لم يكن لها أخوات!"
أجاب مصححاً ببساطة "ماما فاطمة"
اتسعت عينيها بصدمة قائلة بسخرية "لا تمزح يا أيهم!"
أجاب عمر بجدية "إنه لا يمزح ماما فاطمة تكون خالتي"
أجابت بعصبية "لم أرى لها أخوة ولا أبناء أخوة طيلة فترة مكوثي معها.. لقد تربيت بالبيت يا أيهم وخلال تلك الفترة لم تخبرني شيئاً عنهما.. هل نبتا من الأرض فجأة؟؟!"
ردت نيرة بتوتر وهي تدعك صدغها بألم نتيجة تلك الذكريات الغير مرغوب بها.. والتي بدأت بمهاجمتها بضراوة "كنا نعيش مع والدي.. لم يكن ابتعادنا برغبتنا"
ردت حياة بعدائية تميزت بها دائماً في طفولتها وشبابها "كيف لم يكن برغبتكما وبالتأكيد الأمر كان يحزن ماما لذلك لم تتحدث عنكما مطلقاً"
أجاب عمر بحدة "لم يكن بيدنا ولا رغبتنا ولو كان الأمر بيدنا لاخترنا قربها بالتأكيد"
همت بالرد بعنف على عمر لتقول نيرة برجاء ضعيف "رجاء يا أيهم أوقف الحديث في هذا الموضوع"
التفت لها أيهم يمشطها بعينيه ليراعيه شحوب وجهها.. فيرد بحدة غاضبة مشدداً على كل حرف من حروف كلماته "دعينا لا نتبادل التهم الآن حياة... ولا يوجد ما يعنيكِ مما حدث بين ماما وزوجتي.. الأمر لا يعينكِ في شيء ولن أسمح لكِ بأذية زوجتي مفهوم حياة؟"
همست هنا بقلق وشحوب نيرة يزداد لدرجة مريعة "أيهم خذ نيرة للأعلى ودعها تستريح إنها مرهقة.. لقد بقيت اليوم بكامله في المطبخ وهي بحاجة للراحة"
ألقى على حياة نظرة محذرة قبل أن يساعد نيرة التي استسلمت لذراعيه.. وصعد بها تاركاً الصغار ينظرون لبعضهم بتساؤل عما يحدث.. ليقول خالد بتحذير لحياة ما إن اختفى أيهم عن الأنظار "نيرة خط أحمر بالنسبة لأيهم لا تقتربي منها فيطلق عليكِ غضبه وتعرفين جيداً توابع غضبه"
زفر عمر بعنف قائلاً بنبرة أراد صبغها بهدوء قدر استطاعته "مرحباً بكِ مدام حياة.. هيا دارين سنغادر.. براء نادي التوأم لي.. ثم توجه بحديثه بلطف لدارين.. سننتظركِ عند السيارة أحضري البنات وتعالي"
ساعد سما على الوقوف ليضمها لصدره بحنان.. هب سيف واقفاً قائلاً بتوسل "دعني أتحدث معها يا عمر"
انكمشت سما بين ذراعيه برفض ليشدد من ضمها باحتواء قائلاً بصرامة "لقد وصلتك إجابتها جيداً"
أخفض عينيه يبحث عن وجهها الذي اختفى في صدر عمر قائلاً بطلب غفران نادم "سما دعينا نتحدث.. من الظلم أن ينتهي ما بيننا هكذا"
هزت رأسها برفض قائلة بعذاب "لا أريد الحديث معك ولا أريد رؤيتك أبداً"
تحرك عمر مغادراً قائلاً بهدوء "لا تتأخري دارين"
أتت الفتاتان ركضاً قائلتان بلهاث "نعم ماما"
انحنت حياة تجلس أمامهما قائلة وهي تميل مقبلة وجنتيهما تحت ذهول الفتاتين "بسم الله ما شاء الله تبارك الخالق فيما خلق.. توأمك؟!"
ابتسمت دارين قائلة بحنان "نعم يا حياة مي ومروة"
ابتعدت مي عن حياة قائلة باستنكار "من عمتو life تلك؟ ولماذا تقبلنا؟"
ضربتها دارين على مؤخرة رأسها بخفة قائلة بتأنيب "عيب يا مي إنها أختي الكبيرة"
سألت مروة بفضول "مثل سما؟"
هزت رأسها موافقة وهي تقول "نعم مثلما سما أختكما الكبرى هي أختي الكبرى كذلك"
سألت مي بتفكير عميق "ولكن سما متواجدة معنا دائماً.. ولكن هي نحن لم نرها أبداً"
ردت دارين بتوبيخ "ماذا قلنا عن التدخل في أمور الكبار؟"
أجابتها مي باعتذار "أسفة ماما.. أين بابا وسما؟"
طرقت دارين جبينها بخفة قائلة باستدراك "ينتظرونا عند السيارة.. سنغادر هيا بنا"
هزت مروة رأسها قائلة "سنذهب لنحضر ألعابنا أولاً"
أتت براء من خلفهما وهي تعطيهما حقيبة ألعابهما الكبيرة "تفضلا ها هي ألعابكما"
احتضنت دارين حياة بقوة قائلة بسعادة "لا تتخيلي فرحتي بعودتكِ حياة"
مدت براء يدها بقفص هامستر سما لدارين قائلة بشفقة "تفضلي عمتي يبدو عليه الإعياء"
هزت دارين رأسها موافقة قائلة بخفوت "سآخذه للطبيب البيطري غداً.. هيا يا بنات.. إلى اللقاء جميعاً"
جلست حياة بعد مغادرة دارين قائلة بفضول "هل هناك ارتباط بين سيف وسما؟!"
هز خالد رأسه قائلاً بصوت مشفق على سيف الذي أراح رأسه لظهر مقعده بشرود أليم "كانت بينهما خطوبة ولكنهما انفصلا"
أجابته بشفقة قبل أنا تنغمس مع هنا ولمار في حوار تعارفي "يا إلهي.. أنا أسفة"
اقتربت براء من سيف قائلة باهتمام "سيف كيف تشعر؟!"
أجابها بصوت صريح مباشر "ممزق براء"
أغمضت عينيها على دموعها قائلة بألم "ستكون الأمور كلها بخير.. أنا أعلم"
هز رأسه بعدم اقتناع قائلاً بهدوء "كيف حالكِ أنتِ؟!"
انحنت عينيها بمرارة قائلة بخفوت بائس "ممزقة مثلك بالضبط"
ارتسم جانب فمه ببسمة هازئة قائلاً بسخرية "بائس وبائسة يستندان على حائطٍ من البؤس"
ارتسمت ابتسامة متهكمة على فمها دون رد لتنتبه على سؤال هنا لأيهم الذي نزل لتوه "كيف هي نيرة؟"
أجاب بشحوب "أعطيتها قرص منوم وتركتها نائمة"
رد خالد بثقة "ستكون بخير لا تقلق"
وقف ماهر قائلاً بصوت ضائق "أنا سأخرج قليلاً"
وقفت حياة سريعاً قائلة "خذني معك لتوصلني للشقة لقد تأخر الوقت"
رد أيهم بحزم يوقفها عن المغادرة "هذا سبب نزولي وتركي زوجتي بمفردها.. انظري حياة لن تقيمي بمفردكِ ولأني أعلم كيف يعمل عقلكِ الصلب هذا.. وأنكِ لن تبقي ببيت أحدنا فالطابق الأول فارغ ولا يسكنه أحد يمكنكِ الإقامة به"
وافقه خالد بتأييد "اقتراح ممتاز يا أيهم.. ثم عبس باستدراك قائلاً بحيرة.. بالمناسبة أين زوجكِ؟ ولماذا تركتيه؟"
ليضيف أيهم بوعيد "أقسم بالله لو كان سبب لك أي أذى لن يرحمه أحد من حسابه معي"
أجابته بدموع وصوت مخنوق "لا داعى يا أيهم إنه يحاسب عند رب العالمين"
رمش خالد بصدمة قائلا بتحشرج "لا حول ولا قوة إلا بالله البقاء والدوام له وحده.. خذيها يا هنا وأريها الشقة"
ذهبت مع هنا وكما تركت الجلسة يقين وناردين وأيهم قائلاً بإرهاق "سأصعد لأطمئن على نيرة"
تابع ماهر رحيلهم ليقول بألم "سأبقى خارج المنزل اليوم"
هتفت لمار بحب "ماهر"
ليجيبها بدفء "أريد البقاء بمفردي اليوم"
هزت رأسها ليغادر وهي تتبعه بنظرها بحماية لتسمع صوت سيف المتوسل "ماما أنا.."
قاطعته بنبرة غاضبة صارمة "إياك والحديث معي سيف"
وقفت براء بجوارها سريعاً قائلة برجاء "هيا لنصعد يا ماما.. أنتِ الأخرى بحاجة للراحة"
بعد صعود لمار وبراء جذب يزن ذراع أخيه بحدة قائلاً بعصبية "سعيد الآن بما صنعته بيدك؟!"
رد سيف بنزق وهو يبعده عنه "يزن وفر حديثك لنفسك"
اتسعت عينا يزن بدهشة قائلاً بغضب وهو يهم بضربه "أنت قليل الأدب"
استعد سيف ليتلقى ضربة أخيه ليهتف خالد بصوت جاد "توقفا.. يزن اصعد لتطمئن على والدتك"
ألقى سيف بكل ثقله على المقعد خلفه وخالد يقول بتأنيب غاضب "وأنت اجلس هنا وفكر كيف ستحل كل تلك العقد التي ألحقتها بحياتك"
وضع إياد يده على كتف سيف بدعم قائلاً بعد أن فرغت الحديقة إلا منهما "ماذا الآن يا صديقي؟"
همس سيف بصوت متمني "سأذهب إلى أبي لأتوسل غفرانه"
ربت إياد على كتفه بقوة قائلاً بدعم لا متناهي "خطوة جيدة.. هيا بنا"

*********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 10:12 PM   #132

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

(أؤمن بالقدر.. والفرص الثانية.. وأن لكل إنسان درس بعد تجربة.. وأيضا أؤمن بلغة الأعين فهي صادقة لا تعرف الكذب.. وأن الحب دعاء في ظهر الغيب.. وأن الفرح يغيب بغتة.. ويعود من جديد)
خرجت براء من غرفة حماتها بعد أن تأكدت من نومها ودثرتها جيداً.. رغم أن لمار لم تتفوه بكلمة إلا أنها تشعر بها حزينة على سيف.. ناقمة وغاضبة منه كثيراً ولن يستطيع سيف إرضاءها بسهولة..
لمحت يزن يتحرك باضطراب في الشرفة لتزدرد لعابها بصعوبة وهي تدرك أنهما بمفردهما.. تقدمت منه بخطوات بطيئة تحاول قدر الإمكان من غض بصرها بعيداً.. تحاول ألا تلقي عليه نظرة أخيرة تحفظ بها تفاصيله المنقوشة على جدران قلبها.. همست بصوت خافت "لقد نامت ماما، ستكون بخير غداً"
انتبه من اضطرابه وتحركه العشوائي على صوتها الهامس.. ليغمض عينيه بقوة.. يحتاجها يحتاج حضنها.. يحتاج دفء ذراعيها لتطرد برودة روحه.. يحتاج أن يستلقي على قدمها ويفضي بكل شيء داخله إليها.. هو باختصار بحاجة لها هي فقط.. رد بصوت قلق "لست قلق عليها بقدر قلقي على سيف"
ارتسمت ابتسامة شاحبة على فمها قائلة بدفء لتطمئنه "سيكون بخير وسيجد طريقة ليحل مشاكله لا تقلق"
جالت عينيه على ملامح وجهها باشتياق فاضح.. فقط يتمنى قبلة واحدة من كرزها الآن.. تركزت نظراته طويلاً على فمها حتى احمرت وجنتيها هامسة بخفوت "يجب أن أرحل، سأصعد لبيت بابا"
التفت لتغادر ليمد يده سريعاً يمسك ذراعيها يمنعها من المغادرة قائلاً بلهفة "انتظري براء يجب أن نتحدث"
نقلت نظرها بين وجهه ويده التي تتمسك بذراعها باستنكار.. لتزيحها بهدوء قائلة بصوت خافت لم يخلو من بعض الحدة "لم يعد بيننا شيء لنتحدث به"
لم يتراجع؛ رفع يديه يجذبها إليه من كتفها ليميل قريباً من وجهها هامساً بعاطفة قوية "بل هناك كل شيء حبيبتي"
أخفضت عينيها هامسة باستنكار "حبيبتك!! استيقظ يا يزن لقد انتهت فترة العدة.. وما تفعله لا يجوز.. وقوفنا هكذا بمفردنا وإمساكك لي بهذا الشكل.. أرجوك.. ابتعد"
لم يكن يستمع إلى كلمة مما تقولها وهو يترك العنان لروحه المشتاقة لها.. لتنهل من وجودها في حيزها كيفما شاءت.. نسي كل شيء والتوتر الذي يسود المنزل ولم يتذكر إلا هي وطعم قبلتها الشهي.. ليرفع ذقنها إليه بإبهامه برقة هامساً بشوق وهو يخفض رأسه بالقرب من فمها "اشتقت إليكِ"
ارتجفت بتأثر وشفتيه توشم جانب فمها بقبلة من نار أحرقتها هامسة بتوتر "يزن ابتعد"
لم يطاوعها وشفتيه تحوم على وجهها قريباً من شفتيها هامساً بحب واشتياق ليس له حدود "اشتقت إليكِ بعمري كله يا عمري كله"
واستلم فمها في قبلة قوية محبة متلهفة مشتاقة.. يقبلها بكل روحه التي تشققت عطشاً في انتظار حبها ليرويها.. تصلبت بين ذراعيه ليزيد من ضغط فمه مطالباً باستجابتها لها..
ولكنها لم تستجب له بل تجمدت بين ذراعيه ونزفت عينيها دموع الذل والمهانة.. لا تصدق ما يفعله بها.. هل أصبحت مرغوبة ما إن أصبحت ممنوعة.. ابتعد عندما شعر بطعم الملح في قبلته ليهلع من دموعها.. مسحهم بلهفة ليهمس لها بحب "لا يا مهجة الروح إلا دموعكِ إنها تقتلني"
ضربت يده بحدة تبعدها عن وجهها .. وأزاحته في صدره بقوة رافعة يدها في وجهه بتحذير قوي "ابتعد وإياك وأن تفعلها ثانية لم نعد زوجين يا يزن.. ولا تنسى أني ابنة عمك.. شرفك وعرضك الذي استبحته بخسة الآن"
همت بالركض عائدة لوالدها ليجذبها من يدها قائلاً بتوتر تملكه، ولا يعلم كيف يخبرها بما يجب عليه قوله.. ولا يعلم رد فعلها كيف سيكون "توقفي ودعيني أشرح لكِ"
نزعت ذراعها منه بقوة قائلة بحقد تملكها "صدقني يا يزن أنا أكرهك من كل قلبي.. لم أتخيل أنه سيأتي يوم وأقولها لك أو أشعر بها حتى.. ولكنك السبب وأنا لن أسامحك على هذا الإحساس وهذه الإهانة"
نزلت كلماتها عليه كصاعقة جمدته في مكانه لتستغل الأمر بهروبها منه.. لحق بها ليقف في منتصف شقة والديه بحيرة.. لا يعلم هل يتبعها أم يبقى بجوار والدته حتى لا يتركها وحيدة.. جذب كرسي الطاولة القريب ليجلس عليه بعنف هامساً لنفسه بحقد "تحمل تبعات أفعالك"
**********
بينما صعدت براء ركضاً للأعلى ودموعها تغشى عينيها حتى كادت تمنع عنها الرؤية.. وقلبها ينبض بألم وبطء يشارك في عذابها.. دلفت للمنزل تبحث عن والدها بلهفة لتجده يقف بالنافذة المطلة على الحديقة الجانبية للمنزل.. ركضت تلقي نفسها على ظهره ببكاء شديد قائلة بألم "لقد جرحني ثانية يا بابا"
تفاجأ أيهم من احتضانها المفاجئ ليلتفت ويضمها بحنان سائلاً بخفوت "ماذا فعل هذه المرة؟"
أخفت وجهها في صدره بخجل قائلة بتهدج "لقد قبلني وأنا لا أحل له"
أغمض عينيه بسخط.. الأحمق لم يخبرها.. وفعل فعلته.. لا يفهم لماذا يقومون بالأمر الأخير أولاً ويأجلون الأمور الهامة.. فيجيبها بهدوء "بلى براء تحلين له"
رفعت رأسها بصدمة قائلة بتشتت "ولكن كيف؟ لقد انتهت فترة العدة"
أجابها أيهم بصبر وهو يحتوي جانب وجهها برقة "لم يطلقكِ يزن لتكن هناك فترة عدة.. كل تلك الفترة كنتِ زوجته"
رمشت بعينيها بتوتر وقلبها يهلل فرحاً بعودته للنور قائلة بارتباك "لقد قال يا بابا أنه.. هو من أخبرني أنه ذهب للمأذون وانفصلنا"
هز رأسه موافقاً على كلماتها قائلاً بتوضيح "أخبركِ ولكنه لم يفعل"
استوعب عقلها الأمر كامل.. استوعب كامل خدعته لتهمس لوالدها بريبة "هل كنت تعلم؟"
هز أيهم رأسه موافقاً لتهتف بعتاب باكي "ووافقته يا بابا على كسر قلبي؟"
احتوى أيهم وجهها بين يديه قائلاً باحتواء حاني محب "لم ولن أوافق على كسر قلبكِ.. من يكسر قلبكِ سأنفيه من على وجه الأرض.. ولكن حبيبتي أنتِ وهو كنتما بحاجة لهذا الاختبار.. لتستقر حياتكما وتسير بسلام.. لتعلما قيمة حبكما وعذاب فقدانه.. ليطمئن قلبي عليكِ أخيرا عندما أشعر بنضجكِ.. عندما أترككِ بعهدة رجل أعلم أنه يحرق العالم ولا يصيبك أذى.. أنا أب حبيبتي وأريد لكِ كل سعادة العالم.. هل تعلمين كيف كان شعوري وأنا أراك تذبلين أمامي يوماً بعد أخر.. كنت مستعد للموافقة على أي شيء حتى خداعكِ ولكن تعودين وردتي المزدهرة التي أنشأتها بكل دلال عرفه العالم"
دمعت عينيها بتأثر لتميل محتضنة جذعه بقوة قائلة بهمس "أسفة يا حبيبي"
لف ذراعيه حولها ليقبل رأسها بحنان قائلاً "هيا عودي لزوجكِ هو بحاجة إليكِ"
ازدهرت روحها بجمال كلمة زوجكِ التي نطقها والدها.. لتهز رأسها برفض خجول.. ضحك أيهم قائلاً بأمر مازح "الزوجة العاقلة لا تترك زوجها وهو بحاجتها.. هيا يا غاليتي أنا من يخبركِ أنه بإمكانكِ العودة.. استغلي الفرصة قبل أن أفعل أنا وأرفض رجوعكِ له"
ضحكت بمرح قبل أن ترفع رأسها له مجيبة بحب "حاضر.. أنا أحبك كثيراً كثيراً كثيراً يا بابا"
ابتسم لها بحنان قائلا ببساطة "وأنتِ قلب بابا يا حبيبته"
عادت براء ركضا إلى شقة عمها ماهر.. وأيهم يعود بنظره إلى نجوم السماء المتلألئة.. عالماً أن ليلته ستكون طويلة ومرهقة.. هو لن يستطيع النوم ولديه شك صغير أن كابوسا قد يهاجم زوجته أثناء نومها
******



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 10:14 PM   #133

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

عاد أيهم إلى غرفته ليطمئن على نيرة.. جلس بجانبها ومسح على وجهها بحنان وهو يميل مقبلاً وجنتها بحب.. مال جانب فمها بابتسامة صغيرة وهي تنقلب لتندس بين ذراعيه.. رفع قدمه ليفردها على السرير وهو يعدل من وضعها على صدره ليصبح أكثر راحة بالنسبة لها..
استند برأسه على الوسادة خلفه وهو يعود بذاكرته إلى ذلك اليوم الذي أعلن به يزن أنه سيطلق ابنته.. يومها لم يصعد إلى الأعلى وبقي جالساً بالحديقة لفترة طويلة عالماً وموقناً بعودته للحديث معه لذا انتظره.. وبالفعل قرب أذان الفجر عاد يزن للمنزل ليقترب من أيهم سائلاً بلهفة "عمي لماذا تجلس في هذا الجو البارد؟!"
رفع أيهم عينيه إليه ينظر له بقوة قائلاً بهدوء "ماذا تظن؟"
أخفض عينيه بخجل قائلاً بخفوت "لا أعلم.. لا أظن شيء"
هز أيهم رأسه قائلاً بصوت به رنة من غضب "حسناً في تلك الحالة لا داعي لوجودي"
انتفض يزن قائلاً بلهفة "رجاءً انتظر يا عمي"
عقد أيهم يده على صدره بعد أن وقف استعداداً للمغادرة قائلاً بخفوت "لماذا؟"
بلل يزن شفتيه قائلاً برجاء شع من عينيه ليضرب قلب أيهم بقوة "أحتاجك يا بابا وأريد الحديث معك"
جلس أيهم ثانية محله قائلاً بأمر "اجلس"
هز رأسه بلا معنى ليقول بخفوت "سأحضر لك مشروباً ساخناً أولاً"
لم يعطي لأيهم فرصة للاعتراض وهو يغادر بخطوات واسعة.. عقد أيهم يده أسفل ذقنه وهو يراقب مغادرته.. كان يعلم أن يزن وراءه حديث لم يقال بعد.. ليس من أتى طالبا يد ابنته منذ سنوات قليلة مضت هو من وقف أمامه قائلاً ببرود أنه سيطلق سراحها.. وليس بتلك البساطة سيطلقها وهو يرى بعينيه كل هذا الحب.. عندما تقع عينه عليها أو تلمحها أتية من بعيد..
منذ صغره كان فاشل في إخفاء ما يشعر به.. لذلك عندما بدأ يظهر حبه لها هرب بعيداً حتى يحميها من نفسه.. لذا هو لا يصدق موضوع الطلاق هذا وعلى يزن أن يشرح له.. لم ينتبه إلى عودة يزن وهو غارق بأفكاره إلا عندما شعر بجاكيت ثقيل يوضع على كتفه.. رفع عينيه بتساؤل ليزن ليجيبه بحب "أخشى أن تصاب بالمرض إن بقيت جالسا هكذا"
لم يجادله وهو يضم الجاكيت على كتفه بقوة يلتقط الكوب الساخن الذي قدمه له يزن.. رفع حاجبه وهو ينتبه إلى رائحة النعناع القوية ليقول بسخرية "وبالنعناع أيضاً!"
أجاب يزن ببساطة وهو يجلس على مقعد منفرد "أعلم أنك تحب الشاي هكذا"
هز أيهم رأسه وهو يرتشف من كوبه قائلاً بتساؤل "جيد.. ماذا تريد الآن يا يزن؟!"
أخفض عينيه يفرك كفيه بعصبية قائلاً بهمس "أنا مشتت للغاية بابا"
رقت عين أيهم له ليقول بحنان رغماً عنه "لماذا بُني ألم تتخذ قرارك؟"
ابتسم ابتسامة لا ترى قائلاً بمرارة "لا أعلم إذا كان ما أفعله صحيح أم خطأ.. ولكن أنا أحبها وأريدها بحياتي يا بابا"
تنهد أيهم بعمق قائلاً وهو يضع الكوب على الطاولة أمامه قائلاً بصبر "لا أفهمك يا يزن كيف تريدها؟ وكيف ستطلقها؟"
أجابه يزن بثقة مطلقة "أحبها يا بابا.. بحياتي كلها لم أحب أحد مثلما أحببتها.. عمري وحياتي كلها معلقة بها"
ابتسم أيهم له بدفء قائلاً ببساطة ليعطيه المجال للحديث براحة "أفهمني يا يزن ما الذي تنوي أن تفعله"
انتقل يزن من جلسته ليجلس على الطاولة أمام أيهم وهو يزدرد ريقه بصعوبة قائلاً بمشقة "هل مررت بإحساس أنك مضطر لاتخاذ قرار ليس بإرادتك ولكنه لأجل حبيبتك؟"
اتسعت عينا أيهم بصدمة احتواها سريعاً قائلاً بشرود وذكرى كلمات هدت عزيمته وأرعبت قلبه ذات مرة تعود لعقله "إنه إحساس لاذع ومر كالعلقم.. يشعرك بالقهر والعجز وهذان أسوأ إحساسان قد تشعر بهما كرجل"
رفع يزن عينيه يراقب عين عمه التي لم تراه وهي تغرق بذكريات لم يفهمها سائلاً بذهول "نعم.. كيف عرفت؟"
ابتسم أيهم داخله باستهزاء قائلاً بهدوء "اتخذت قراراً لأجل نيرة ذات مرة.. كان إحساساً لا يوصف بشع لدرجة منفرة"
رد يزن بجبين معقود قائلاً برجاء "إذا أنت ستفهمني يا عمي"
ربت أيهم على ركبته قائلاً باهتمام أبوي خالص "سأفهمك بالطبع وإلا لما أجهد نفسي بانتظارك"
أغمض يزن عينيه بتوتر داهمه مشجعاً نفسه بصمت.. لطالما كان أيهم أباً روحياً له أكثر من كونه عمه أو حماه.. التقط كوبه يرتشف رشفة قليلة يرطب بها حلقه.. تحت أنظار أيهم الدقيقة أجلى يزن حلقه قائلاً بسرعة "لن أطلقها يا بابا"
رفع أيهم حاجبه قائلاً باستهزاء "وما الذي أخبرتنا به منذ قليل؟"
أخفض عينيه قائلاً بهمس خافت للغاية "لا أستطيع يا بابا لا أقوى على فعلها.. لا.. لا أستطيع"
ابتسم أيهم بهدوء قائلاً وهو يضع يده على كتفه برفق "ارفع رأسك وأخبرني ما الذي تنوي فعله؟"
رفع عينيه لأيهم بتوسل يطلب منه دعم هو بأشد الحاجة إليه "سأخبرها أني فعلتها ولكن في الحقيقة لن أفعلها"
هتف أيهم بصدمة "ستخدعها؟!"
ازدرد يزن ريقه بمشقة قائلاً باختناق "مضطراً لهذا ليس بإرادتي"
أجابه أيهم بلوم وعينيه تحاول اختراق أعماقه فلطالما كان يزن كتاباً مفتوحاً له.. عينيه تفضحه دائماً عكس إياد وسيف "لقد أتت اليوم فرحة تريد العودة لك.. تعلم ماذا سيفعل بها ما تقوله؟"
انتقل ليجلس بجوار أيهم يتعلق بساعده بقوة قائلاً بألم "أعلم وأتألم منذ الآن ولكن إن رجعنا ثانية لبعضنا.. ستنسى قرارها وستعود مع أول شجار بيننا لتطلب الطلاق ثانية.. وطلبها هذا يذبحني من الداخل يا بابا يشعرني أني بلا أهمية في حياتها.. وهذا الشعور رباااه يا أبي إنه جارح"
ربت أيهم على يده بقوة قائلاً بتساؤل وهو يشعر بحيرة مؤلمة اكتنفته داخلها "براء ابنتي ويصعب علي رؤيتها مجروحة ومكسورة الفؤاد.. وأنت ابني ويعز علي رؤيتك حائر وبائس هكذا.. ماذا ستفعل لو كنت مكاني حائر بين من تختار من أبنائك؟"
ركن رأسه على كتف أيهم قائلاً بألم شديد "لا أعلم ولا أستطيع الاختيار؛ ولكن لا استطيع الإقدام على هذا الأمر دون إذنك"
سأل أيهم بحيرة "وما الذي تنتظره من براء يا يزن؟"
أجابه بثقة كبيرة بعقل عمته وأمل بحياة صحية سليمة "الكثير يا بابا.. الكثير"
صمت أيهم يفكر بعمق هو يثق بثقة يزن ولا يريد أن يكسر أمله.. وفي المقابل إن كان هذا ما سيخرج طفلته من ذبوله ويعيدها متفتحة على سجيتها فسيوافق بالتأكيد.. أجاب بعد فترة من الصمت تلاعبت بأعصاب يزن "موافق يا يزن ولكن لو ازدادت حالة ابنتي سوء لن ينقذك مني أحد"
أطلق يزن زفرة راحة كبيرة قائلاً بامتنان وهو يقبل كتفه "شكراً كثيراً يا بابا.. ألن تصعد لترتاح قليلاً؟"
هز أيهم رأسه نافياً قائلاً بهدوء "لم يتبقى الكثير على الفجر سأصليه أولاً ثم أرتاح"
تمدد يزن على الأريكة واضعاً رأسه على قدم أيهم قائلاً بتعب "جيد سأغفو بجانبك لحين موعد الصلاة"
ربت أيهم على رأسه بحنو إلى أن غفى فوضع الجاكيت الثقيل على كتفه ليحميه من البرد.. في الأسبوع الأول بعد هذا الأمر انهارت ابنته تماماً حينها كاد أن يقتل يزن.. ولكنه تمالك أعصابه مقرراً إعطائها الوقت اللازم لاستيعاب صدمتها.. ثم بعد حديث قصير مع أمها لم يعلم أيهم فحواه ولكن بعدها عادت ابنته إلى إشراقها ثانية.. فقرر أن يراقب من بعيد يتركهما يعيدان تشكيل حياتهما ثانية على أسس سليمة ولكنه سيظل موجود لأجلهما متى احتاجا وجوده..
رفع يد نيرة يقبل باطنها قائلاً بيقين "أعلم أن لكِ يد بهذا الأمر مستحيل أن تكون تلك الفكرة المجنونة ليزن.. ماذا أفعل معكِ ومع حلولكِ الغير عادية دائماً.. والأهم ماذا أفعل بقلبي المتيم بكِ كوني بخير لأجلي حبيبتي"
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 10:17 PM   #134

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

خرجت براء من المصعد الذي فضلت استخدامه.. حتى تستخدم مرآته في إصلاح هيئتها المزرية.. وقفت أمام باب شقة عمها لتطرق برأسها أرضاً تأخذ نفساً عميقاً لتزفره ببطء.. تعد نفسها لمواجهة حبيبها وهي تستوعب الدرس الذي صفعتها به الحياة..
لقد علمتها أن المصائب لنتذكر نعم الله علينا.. والفشل فرصة ثانية لنصحح أخطاء نرتكبها بقصد أو دون قصد.. والخصام والجفاء فرصة جديد لإعادة الود والوصال.. الأرض لا تتوقف عن الحركة وكذلك الحياة تستمر ولا تتوقف مثلها مثل الكوكب الذي نقطنه..
التقطت المفتاح الموضوع على رف صغير جانبي لا يعلم مكانه إلا أفراد العائلة.. فتحت الباب ببطء لتتسمر بصدمة وهي تنظر ليزن الجالس أمام الباب.. أغلقته لتقف مستندة عليه سائلة بهمس خجول "لماذا تجلس هكذا؟"
استقام واقفاً قائلاً ببساطة وهو يهز كتفه "ربما كنت أنتظركِ"
همست بصوت مبحوح "أنا زوجتك!"
أجابها بحب لمع بعينيه "وستظلين حتى أخر نفس بعمري"
ابتلعت ما في فمها قائلة بحيرة "لماذا؟"
رد ببسمة "لأني أحبكِ"
أجابت بخجل "وأنا أحبك"
فتح يزن لها ذراعيه قائلاً بلهفة "ماذا تنتظرين؟ تعالي"
ركضت لتقفز عليه تحتضنه بقوة تلف أطرافها على كامل جسده.. وفي المقابل احتضنها هو بقوة مؤلمة.. يروي عطش قلبه لرائحتها الفريدة.. ويضمها بعشق خالص لها وبها.. حملها متجهاً إلى الشرفة ليجلس على المقعد وهي على قدمه.. في مكانها الذي اشتاق لها هامساً بحرارة "لم ولن أحب أحد مثلما أحببتك"
رفعت رأسها تنظر له بحنان لتحتضن وجهه بين يديها.. قائلة باعتذار شعرت بحاجتها إلى قوله وضرورة أن يسمعه منها "أنا أسفة يا يزن على كل شيء.. لقد أخطأت في حقك كثيراً وجرحتك كثيراً.. أنا فقط أسفة.. أرجوك سامحني.."
لم يسمح لها أن تكمل رجائها وهو يلتقط اعتذارها داخل صدره بتوق.. لفت ذراعيها حول عنقه ويدها تتغلغل في شعره.. تداعبه بخفة تبادله توقه بشغف.. وحبه بهيام.. وروحه بقلبها.. ابتعد لتدفن وجهها في عنقه وهو يقبل رأسها قائلاً بحنان "لا تعتذري حبيبتي ما حدث قد حدث يا عمري وأنا الآخر أسف لخداعكِ"
قاطعته باعتراض "أنا من دفعتك لهذا بكل تصرفاتي الخاطئة"
أمسك يدها بين كفه هامساً بأمر قوي وهو يقبل باطنها بعمق "الطلاق.. لن أقبل منكِ تلك الكلمة مرة ثانية براء.. ها أنتِ رأيتِ بنفسكِ تأثيره علينا.. مدمر وقاتل"
انكمشت بين ذراعيه براحة عرفتها بعد فترة لا بأس بها من الضياع هامسة بوعد "أعدك لن أتلفظ بها ثانية أبداً"
شدد من ضغط ذراعيه حولها يداعب شعرها بحنان وهو يفرد قدمه على الأريكة أمامه.. إلى أن شعر بأنفاسها ثقلت فعلم أنها خلدت للنوم.. مال برأسه ينظر لها ليقبل جبهتها برقة هامساً بخفوت "تبدين مرهقة يا عمري"
حملها برفق متجهاً إلى غرفته القديمة ليضعها على سريره.. التقى بوالدته التي خرجت من غرفتها للتو.. نظرت له بتساؤل صارم فيشير لها أن تنتظر إلى أن يضعها بالغرفة.. تخطى والدته بوقفتها المتحفزة ووضع براء على سريره ودثرها جيداً.. فتحت براء عينيها قائلة بخوف أن يكون ما حدث منذ قليل حلم جميل "يزن إلى أين؟"
ابتسم في وجهها مقبلاً جبهتها بحنان "نامي سأرى ماما وأعود لا تقلقي"
تركها وخرج لوالدته بادر أمام نظرتها الحازمة بتوضيح "زوجتي لم أطلقها أبداً"
لم يستطع الثبات طويلاً أمام نظرة عينيها التي تعيده طفلاً في الخامسة.. لذا زاغ ببصره بعيداً عنها فترد بتهكم "كنت أشعر بهذا الأمر.. ولكن من أين أتتك الفكرة؟"
أجاب بخفوت "هكذا كنت أتحدث مع عمتي وخطرت لي الفكرة"
اتسعت ابتسامتها الساخرة "حتى ابنتها لم تسلم منها"
ضحك بخفوت وهي تسأله بلؤم "انتظر عقابك أنت وهي غداً من أيهم"
أخفض عينيه قائلاً بحرج "بابا أيهم يعلم"
همست بألم وهي تتخطاه "وأنا ووالدك لم يعد لنا أهمية"
احتضنها سريعاً من الخلف قائلا بمراضاة "كلا يا ماما أنتِ حبيبتي الأولى.. وستظلين الأولى في الأهمية دائماً.. ولكن هل كنتِ بحاجة لإخباركِ بهذا الأمر.. ألم تريه داخل عيني كما تفعلين دائماً؟"
ضربته على كفه قائلة بحنان "لا تحتال علي يا ولد"
قبل شعرها قائلاً بتوسل ظريف "لا أحتال يا حبي تعرفين هذا جيداً"
ربتت على يده برقة قائلة برضا "ما دمت سعيداً فلا يهم الطريقة"
ابتسم قائلاً بفضول "أين بابا لم يعد بعد.. لقد تأخر الوقت"
أجابته بهدوء "سيبقى الليلة بمنزل جدك رحيم"
عبس بحيرة قائلاً باستغراب "لماذا؟!"
أجابت بصوت واثق من تفكير زوجها "حتى يعطي الفرصة لسيف أن يعتذر ويسامحه.. لأنه إن اعتذر هنا لن أسمح لماهر أن يسامحه بهذه البساطة التي ينوي فعلها"
ابتسم لها بحب كبير قائلاً ببساطة "أحبك يا ماما هل يمكن أن تتأكدي من استيقاظي عند صلاة الفجر؟"
هزت رأسها مؤكدة وهي تقول بحنو "بالطبع هيا اذهب واحصل على قسط من الراحة"
قبل جبينها بخفة وغادر لتضرب كف بكف هاتفة بحسرة "الكبير مجنون والصغير غبي"
************
وكأنك الصدق الوحيد في عالمي
والكل يا أبتاه محض توهم
وكأنني ما زلت أحيا يا أبي
في حضنك الحاني ألوذ وأرتمي
أعتذر عن خطاياي في حقك
وأحتمي منها بين ذراعيك

أوقف إياد سيارته بعد رحلة من الصمت المزعج أسفل منزل جده.. والتفت إلى سيف الصامت المهموم الشارد بكآبة في مشاكله الخاصة.. لكزه بخفة في ذراعه قائلاً بعتاب ما إن انتبه إليه سيف "لماذا لم تخبرني بكل هذا؟"
التوى فمه بمرارة قائلاً بقتامة "بماذا كنت سأخبرك إياد.. أني جننت وظننت السوء بوالدي؟!!"
رد إياد بلين يخفف عنه لسعات ضميره الذي يجلده الآن بعنف "لم يكن بإرادتك كانت الأمور كلها ضدك"
ضحك بسخرية قائلاً بعذاب "بلي إياد أنا أستحق كل ما حدث.. وأول ما يجب أن أقوم به الآن أن أطلب غفران أبي ثم ليعينني الله على أمي وسما"
ابتسم إياد بتشجيع قائلاً "هيا اصعد لعمي"
ألقى سيف برأسه على المقعد قائلاً بخفوت "لا أعلم إن كان بالأعلى أم لا؟!"
أشار إياد بعينيه إلى سيارة عمه المصفوفة على جانب الطريق "سيارة عمي هنا"
هز سيف رأسه بتوتر وهو يخرج من السيارة ليناديه إياد قبل أن يغلق الباب "سيف"
عاد سيف ينظر له بتساؤل وهو يستند على باب السيارة بساعده.. اقترب منه إياد قائلاً بتفكه "إياك أن تفكر بعقلك ثانية سيف"
شملت الصدمة ملامح سيف قائلاً بدهشة "عفواً!"
فعاد إياد يقول بتوضيح "أنت أغرب حالة بشرية رأيتها قلبك يقودك للصواب وعقلك يؤدي بك للهلاك.. افتخر بنفسك يا بني أنت حالة فريدة عكس المنطق تماماً"
هز سيف رأسه وهو يغلق باب السيارة بغل متمتماً من بين أسنانه "أحمق"
بينما صف إياد سيارته في مكان فارغ ليجلس على القهوة قائلاً بصوت جهوري "أحمد أحضر لي طلب الطوارئ"
أتى أحمد راكضاً قائلاً بحنق تقبله إياد بصدر رحب "أنت قلت أنك لن تقربها ثانية"
همس إياد بلا مبالاة "إنها حالة طارئة"
عاد الشاب يقول باعتراض "ولكن يا دكتور لو علم كابتن أيهم سيقتلك ويقتلني بعدك"
رد إياد بسماجة "ومن سيخبره؟!"
أجابه أحمد سريعاً "كابتن ماهر بالأعلى"
امال إياد رأسه ليقول بتندر "إنه مشغول ولن ينتبه لوجودي من الأساس.. ثم أضاف بحزم.. هيا يا بني تحرك وأحضرها"
غادر الشاب بتبرم معترض ليعود بعد دقائق يحمل بيده أرجيلة قائلاً وهو يضعها أمام إياد "ليس لي دخل إن تم ضبطك"
صرفه إياد ليجذب منها نفساً عميقاً ويخرجه دخاناً من أنفه باستمتاع كبير..



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 10:19 PM   #135

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

بينما صعد سيف درج بيتهم القديم بتكاسل.. وقلبه ينتفض بتوتر بالغ رغم علمه أن والده سيسمع ويتفهم وربما سيسامحه.. ولكن ماذا يفعل بخجله منه.. خجل يكاد يقتله على ذنبه وجرمه الكبير في حق والده.. جلس على الدرجة الأخيرة أمام شقة جده.. يأخذ عدة أنفاس عميقة ويزفرهم بالتتابع في محاولة واهية لضبط النفس هامساً لنفسه بتشجيع حازم "اهدأ اهدأ اهدأ إنه والدك يا سيف لن يطردك.. سيستمع ويسامح فقط اهدأ وتكلم معه بصراحة كعادتك"
أخذ نفساً كبيراً وزفره ببطء وهو يرسم ابتسامة مذنبة على وجهه.. طرق الباب وبعد فترة من الوقت مرت عليه كدهر فتح له ماهر الباب بعبوس.. بادر قائلا ببشاشة زائفة "أهلاً بابا"
نظر له ماهر بتجهم قبل أن يترك الباب مفتوح ويدلف للداخل دون رد.. همس سيف لنفسه بأمل "على الأقل لم يطردك وهذا في حد ذاته بشرى طيبة"
دلف خلف والده ليجده يغلق مجلد صور قديمة يبدو أنه كان يتصفحها سأل بحلق جاف "أهذه صور جدتي وجدي؟"
أجابه ماهر بجمود وقد احتوت كلماته عتاب مؤلم "نعم أناس لن يصدقوا أني قد أرتكب فعل شائن لأنهم يثقون جيداً في تربيتهم"
هرع سيف يجلس أسفل قدم والده قائلاً بخفوت وهو يلتقط يده يقبلها باعتذار "لقد كنت أمر بفترة خانقة من حياتي.. كنت مشتت وضائع ومن ثم رأيت ما حدث صدفة لأشعر بالمزيد من الضياع.. لقد قاومت تصديقي لعيوني يا بابا ولكن يبدو أني كنت بحاجة لأعلق اختناقي من توتر مشاعري تجاه سما لشيء أخر"
عقد ماهر حاجبه بقوة قائلاً بتساؤل خافت " توتر مشاعرك تجاه سما!! ألست واثق من إحساسك بها؟"
هز رأسه سريعاً ينفي تلك التهمة عنه قائلاً بهدوء "كلا يا بابا أنا واثق من مشاعري ومن قلبي الذي ملكته.. ولكن كل ما أردته أن أشعر أني أمثل شيء لها.. وكل مرة كنت أشعر بخيبة أمل ومرارة تخلف بحلقي"
تنهد ماهر بقوة قائلاً بتفكير عميق أو ربما هو شعور أبوي أن يعرف كيف يفكر به ابنه "ما كان إحساسك الأول عندما رأيتني مع عمتك؟!"
رفع عينيه سريعاً يهتف بلهفة صادقة "قلبي أخبرني أن عيناي كاذبتان، ولأخر لحظة كان يخبرني أني أحمق غبي"
جذبه ماهر من ساعده قائلاً بحنان "انهض يا سيف"
هز رأسه نفياً قائلاً بعذاب "فقط سامحني يا بابا"
ابتسم ماهر له بلطف قائلاً بمزاح "قف يا ولد لا أقوى على جذبك"
وقف سيف سريعاً وهو يقبل كتف والده ورأسه قائلاً باعتذار نادم "أنا أسف بابا أسف حقاً"
ربت ماهر على ظهره قائلاً بأمر حاني "اجلس لنتحدث يا سيف"
جلس سيف بجانبه بتوتر قائلاً بارتباك "أؤمر يا بابا"
ضحك ماهر بلطف وهو يقول ببساطة "لا ترتبك هكذا فقط أريد أن أفهم ما يحدث معك.. والآن أخبرني سيف ماذا يحدث بينك وبين سما؟"
أطرق سيف برأسه وسؤال ماهر يدور بعقله بعنف.. يحاول فهمه والبحث عن إجابة منطقية ومرضية له.. وجد نفسه يبوح لوالده بكل ما اعتملت به نفسه الفترة الماضية "السؤال الأدق ما الذي أريده منها يا بابا وليس ما يحدث بيننا.. لم أعد أفهم ما يحدث يا بابا لقد عاهدت نفسي أن أقترب منها ببطء ورويدا حتى أعطيها كامل الوقت لتعتاد وجودي في حياتها.. ثم فجأة وجدتني أريد منها أن تشعرني بأهمية وجودي.. تحن علي ببعض المشاعر... كان يوجعني أني لا أشكل أي فارق لها.. وفي أيام كثيرة كنت أحتاج وجودها وكنت لا أجدها بجواري"
ابتسم ماهر بتفهم قائلا باحتواء "مللت العطاء الزائد يا سيف.. لا أستطيع القول أنك مخطئ فهذا حقك يا سيف.. ولكن كان يجب أن تتحدثا.. يجب عليكما تعلم لغة الحوار"
همس بألم دون أن يشعر "فقط لتعد لي يا بابا وسأفعل كل شيء لإرضائها"
ربت ماهر على وجنته بحنان قائلاً بوعد "ستعود سأتحدث معها وأشرح لها سبب إحساسك أنك قد تخونها رغم أن هذا مستحيل"
نكس رأسه قائلاً بحزن وجد متنفس له داخل وجدانه بحرية "ليته كان أمر الخيانة فقط ولكن قبلها قلت لها كلاماً كثيراً جارحاً.. لن تسامحني ما حييت"
نظر له ماهر بشفقة قائلاً بغل "غبي أنت غبي يا سيف"
دفن وجهه بين يديه قائلاً بندم "أعلم يا بابا لقد هدمت عالمي كله فوق رأسي في بضع دقائق.. ما بنيته في شهور نسفته في لحظات"
أغمض ماهر عينيه بحزن عليه قائلاً بحيرة "لماذا لم تأتي وتواجهني عما رأيته.. لماذا صمت وأخفيت الأمر داخلك إلى أن انفجر كل شيء مرة واحدة؟!!"
لم يرفع عينيه وهو يقول بصدق "لم أكن أنوي الحديث أبداً يا بابا.. ولكن الضغط على أعصابي من كل جهة جعلني أنفجر.. كنت مشتت ولدي مشاكل بعملي ثم ضغط ماما علي وسما لم أحتمل الأمر"
همس ماهر ببسمة فرحة "لهذا ضربتك!!"
رفع رأسه لأبيه هامساً بشك "لما أشعر أنك سعيد بضربها لي؟!"
أجاب ماهر بحب وهو يريح ظهره للخلف "بالطبع سعيد بثقة امرأتي بي"
همس سيف بغيرة "يا لحظك"
ضحك ماهر بصوت عالي وسيف ينظر له بابتسامة صغيرة قبل أن تتحول لأخرى مريرة سائلاً بألم "فيما أخطأت يا بابا؟"
اعتدل ماهر ينظر له بتفحص قبل أن يقول باتزان "بكتمانك للأمر.. كان يجب عليك أن تأتي وتسألني عما يحدث.. تواجهني وتطلب مني شرحاً لما رأيته.. هذا كان حق من حقوقك علي وأنت تجاهلته بحماقة"
رد سريعاً "كنت سأجرحك"
ليأتيه الرد سريعاً بنبرة قوية "أو لم تجرحني يا سيف؟"
أخفض عينيه بمرارة قائلاً بندم "أسف من كل قلبي يا بابا سامحني"
ابتسم ماهر بتسامح قائلاً بهدوء "لقد انتهى الأمر عليك أن تتجاوز خطأك وتتعلم منه"
ابتسم بتهكم مجيبا بتنهيدة عميقة "لقد تعلمت"
ربت ماهر على ركبته بلطف ودعم ليقول سيف بارتباك "هل أسألك عن شيء؟"
أجابه ماهر بإقرار "حياة؟"
هز رأسه إيجاباً قائلاً بصوت خافت حمل تساؤل عميق "نعم كيف لا نعرفها يا بابا؟ لا أريد أن أبدو فضولياً ولكن أريد الفهم فقط"
هز ماهر رأسه بتفهم قائلاً بشرود وعينيه تسرح للبعيد.. تتماوج حدقتيه حسب ما يقول تارة حب وتارة غضب وتارة انكسار "حياة هي ابنة عمتي وُلدت بعدي بشهرين وتوفيت عمتي بعدها إثر حمى النفاس.. فأرضعتها أمي وهكذا أصبحت أختي كبرنا سوياً.. ومثلنا جميعاً ارتبط قلبها بماما فاطمة فتربت هنا.. كانت دائماً على خلاف مع أيهم ومع هذا لم يكن يسمح لأحد أن يؤذيها مطلقا.. كان الجميع يتحاشى مضايقاتها أو الحديث معها إلا عبدالعزيز"
صمت ماهر قليلا وعينيه تتماوج بغضب بارد قبل أن يضيف "عبدالعزيز لم يكن يسكن حينا كان من حي مجاور لنا.. كان مستهتر عابث يجذب المشاكل دائماً ليس الشخص الذي تأتمنه على أختك.. وذات يوم وقعت مشكلة كبيرة بينه وبين أيهم وكالعادة ساندت أيهم.. فأصبح عدو لدود لنا.. كنا شبابا وأخذنا عنفوان الشباب.. الحقير استكان ولم يفعل شيء ونحن نسيناه تماماً إلى أن تفاجئنا برؤيته ذات مرة يقف مع حياة..
هو لم ينسى ما فعله أيهم به حين ضربه بقسوة فرد الضربة لنا بحياة.. لف من حولها وعلقها به لتقف ضدنا حياة تخبرنا أنها تحبه وتريده.. جن جنون أيهم حينها وذهب إليه وضربه بشدة وأنا لم أوقفه.. ولكن هذا جعل حياة تتمسك به أكثر.. انفلتت أعصابي ولم أستطع التحكم بها فخيرتها بيننا وبينه.. وبالطبع اختارته هو وكسرت كبريائي حينها.. في فورة غضبي أخبرتها أنها إن تزوجته فلتقطع علاقتها بنا وتعتبرنا كأن لم نكن.. ولأنها كانت عنيدة ورأسها صلب أصرت على زواجها منه..
وبالفعل زوجتها له بنفسي وأخذ الأمر مني ما يقرب من شهرين حتى هدأ غضبي منها.. وتغلب عليه اشتياقي لها وخوفي عليها فذهبت للاطمئنان عليها وتفاجأت أنها هاجرت معه خارج البلاد دون أن يعرف أحد لأين.. حدث هذا كله قبل أن أقابل والدتك بحوالي سنتين أو ثلاث سنوات.. كانت حينها دارين صغيرة ومتعلقة بها كثيراً وذكرى حياة تؤلمها وتؤلم ماما فاطمة كثيراً.. فتوقفنا عن ذكرها إلا أن انمحى وجودها من حياتنا.. لقد أخطأنا ولكن عذرنا أننا كنا ما نزال شباب ولم نكتسب خبرة بعد"
أجاب سيف يحاول التخفيف من حدة الذنب الذي يراه في عيني والده "لا تقسو على نفسك هكذا يا بابا.. التفكير في الأمر وإيلام نفسك هكذا لن يعيده"
ابتسم ماهر بغرابة قائلاً بسخرية "انصح نفسك يا حكيم زمانك"
حك سيف مؤخرة رأسه بحرج قائلاً باعتراض "بابا"
ضحك ماهر قائلاً بمرح "أتشرب شاي؟"
رد سيف بحرج "لا أعرف كيفية صنعه"
ناظره ماهر بسخرية قائلاً باستهزاء "جيل فاشل"
ثم تركه واتجه إلى المطبخ يضع إبريق الشاي على النار قائلاً بثقة "ستشرب شاي لم تذقه من قبل"
سأل سيف باستغراب "تجيد أعمال المطبخ؟"
هز ماهر رأسه قائلاً ببساطة وهو يتحرك في المطبخ بسلاسة "نعم فقد كنت أساعد ماما دائماً بالمطبخ.. وكنت أطبخ لنفسي في غربتي.. بالمناسبة كيف كنت تأكل وأنت مسافر؟!"
لوى شفتيه قائلاً من بينهما "مطاعم ووجبات سريعة"
ناظره ماهر بحنق قائلا "اذهب لتنتظرني في الشرفة"
لم يتحرك سيف وهو يقول بينما يراقب ماهر "ملعقة واحدة سكر فقط يا بابا"
هز ماهر رأسه وهو يضع السكر والشاي بالأكواب ويصب فوقها الماء المغلي.. تقدم سيف يحمل الأكواب من والده ويذهب خلفه إلى الشرفة.. ليقول بينما يرتشف من كوبه بخفة وهو يستمتع بالهواء العليل "شكرا على الشاي إنه رائع"
ربت ماهر على كتفه بهدوء وهو يكمل مشروبه.. لمح سيف إياد يخرج دخان من أنفه بعد استنشاقه نفساً عميقاً من أرجيلة أمامه.. لتمتعض ملامحه بحنق من الأحمق الذي يصر على تدمير أجهزة جسده.. إما بالأكل أو هذا السم الذي يستنشقه الآن ليهمس بتفاجؤ متصنع وكأنه رأى إياد الآن وليس هو من أوصله "أليس هذا إياد؟!"
انتبه ماهر إلى همسة سيف الذي بدا وكأنه يتحدث إلى نفسه لينظر إلى حيث ينظر سيف.. وتتسع عينيه بغضب زاعقا بحدة "إياد!"
رفع إياد عينيه للأعلى ليزيح الأرجيلة من جانبه وهو يقول ببرود لصبي القهوة المسكين "ألم أخبرك يا ولدي أنني لا ألمس هذه الأشياء.. خذها من هنا"
أشار له ماهر ليصعد وهو يعود للداخل وسيف يكاد أن ينفجر وهو يكظم ضحكاته غصباً ليشير إياد على رقبته علامة القتل.. وهو يصعد للأعلى بملامح بريئة أجاد رسمها بدقة.. وجد الباب مفتوح وماهر يقف أمامه مكتفاً يديه على صدره سائلاً بحدة "أشرح لي ما رأيته بالأسفل الآن"
رد إياد بهدوء "ألن أدخل؟"
نظر له ماهر بغيظ مكبوت قبل أن يفسح له الطريق.. وقف أمامه ليرد ببراءة طفل أوقعوا به "لقد تم إغرائي بالأسفل لم أكن أريد ولكنهم أغروني"
رد ماهر بحدة "إياد!"
وضع يده على صدره هامساً بوعد صادق "أعدك أنها ستكون المرة الأخيرة"
ضربه ماهر بصدره قائلاً بوعيد وهو يغادر إلى غرفته دون أن يسمح له بالرد " أقسم بالله يا إياد إن وجدتك تقترب من هذه الأشياء ثانية سأعلقك على الشجرة بالمقلوب"
انفجر سيف ضاحكاً قائلاً بإغاظة "ستكون مذهلاً وأنت بالمقلوب"
هتف إياد بقهر "لماذا؟"
قلد سيف صوت إياد بسخرية "أقسم بالله يا عمي لا أعلم شيء عن هذا الموضوع -ثم عاد إلى صوته قائلاً بغيظ- واحدة بواحدة"
التقط إياد كوب الشاي الذي وضعه سيف على الطاولة خلفه يشرب بغيظ.. لم يستغرق الأمر إلا ثانية واحدة ووجد سيف وجهه يسبح فيما كان في فم إياد منذ قليل.. ليهتف بقرف وهو يلتقط طرف سترة إياد يمسح بها وجهه "مقرف"
جذب إياد سترته بعصبية قائلاً بحنق "ماذا تفعل اترك سترتي"
نفضها سيف بعنف قائلاً بعصبية "امسح قرفك يا بارد"
التقط إياد قطعة قماش وبللها بالماء وهو يدعك جاكيته بقوة قائلاً بغضب "وما ذنبي وأنت تشرب الشاي دون سكر؟!"
ناظره سيف بتهكم قبل أن يغادر إلى غرفة عمه أيهم القديمة دون رد ويغلق بابها في وجه إياد بالمفتاح.. طرق إياد الباب بقوة قائلاً بصراخ "افتح الباب يا سيف أريد أن أنام"
أجابه سيف وهو يغلق الضوء ويتدثر جيداً بالغطاء "لم أنم منذ أيام ولن أستطيع النوم بجوارك أنت كثير الحركة"
زم شفتيه بسخط وهو يتحرك إلى غرفة عمه خالد القديمة حيث ينام ماهر طرق الباب بلطف ليأتيه صوت ماهر الناعس "نعم ماذا تريدون؟"
أجابه إياد بتوسل "أريد النوم وسيف أغلق الباب في وجهي هل أستطيع النوم معك؟"
أجابه ماهر بأمر حازم "فرش أسنانك واشرب شيئاً يذهب رائحة الدخان الكريهة من فمك وتعال"
هز إياد رأسه موافقاً قائلاً بطاعة "حاضر"
*********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 10:22 PM   #136

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

كانت ناردين تتحرك باضطراب وقلق في أنحاء غرفة الجلوس.. ترفع هاتفها على أذنها لدقائق ثم تنزله بعنف خائب.. والحمقاء الأخرى لا تجيبها على الإطلاق.. هاتفها مفتوح وهي لا تجيب وتتركها تشتعل بقلق بالغ.. ألقت الهاتف على الأريكة بعنف تسب سما بخفوت.. خفوت وصل لوالدتها التي دلفت لتوها قائلة بتأنيب "تأدبي يا فتاة"
انحنت لتلتقط هاتفها قائلة دون اكتراث "أسفة ماما"
جلست هنا تراقب محاولاتها للحديث مع سما لتقول بهدوء "هاتفي عمر"
نظرت لوالدتها بمفاجأة وهي تقول باستغراب "غريب لم يخطر على بالي"
رفعت هنا حاجبها بسخرية وناردين تهاتف عمر الذي أجابها بعد ثلاث رنات.. بادرت قائلة بلهفة "عمر كيف حال سما؟"
رد بصوت غاضب مغتاظ "لا أعلم لقد صمتت طوال الطريق.. وعندما عدنا أغلقت عليها باب غرفتها ولا تريد أن تفتح لنا"
ردت بهدوء وصوت حاني "اهدأ يا عمر إنها بحاجتك"
أجابها بعنف "أريد أن أطمئن عليها وهي لا تفتح الباب اللعين الذي أغلقته"
أجابته بلطف تهدئه وهي تعلم مفتاح هدوئه بالطبع عمتها نقطة ضعفه "عمر اهدأ لأجل عمتي لن تحتمل هذا الضغط"
تنفس عمر بقوة قائلاً بصوت حاول أن يظهر هادئ قدر الإمكان "حسناً كيف هي الأحوال عندكم؟"
مطت شفتيها بامتعاض قائلة "هادئة إلى حد ما.. اذهب إلى عمتي يا عمر وأخبر سما أن تجيب هاتفها وإلا لن أكون مسؤولة عن أفعالي"
رد عمر بحنان "حسنا حبيبتي إلى اللقاء"
أنزلت الهاتف من على أذنها قائلة بغضب عنيف وهي تتحرك بأرجاء الغرفة بعشوائية "حمقاء وغبية أخبرتها أنها ستندم.. وهو أغبى منها ولكن ماذا سأنتظر من صديق لدكتور البراري"
عبست هنا قائلة باستغراب "من دكتور البراري هذا؟"
أجابتها ناردين بعبوس وهي تمسد قدمها بيدها "إياد.. هل هناك غيره؟"
أجابتها هنا بتأنيب حازم "تأدبي ناردين.. هل رأيتني يوما أهين والدكِ؟!"
ردت بمكر "هو زوجكِ يا ماما بينما إياد فقط ابن عمي وليس زوجي -ثم انخفض صوتها هامسة لنفسها بإصرار- ولن يكون إلا عندما أمتلكه بالكامل"
أمرتها هنا بقلق وخوف أن تنتكس قدمها المصابة "اجلسي ولا تتحركي كثيراً"
جلست بهدوء لتخفف من قلق والدتها قائلة بسخرية لاذعة "لا تخافي يا ماما سنجد من يتزوج ابنتكِ المقعدة"
نهرتها هنا بحدة "ناردين!"
رفعت قدمها تفردها أمامها وقد وضعت وسادة أسفل ساقها قائلة بصوت هادئ واثق "عذراً يا ماما لم أقصد أنا راضية بقدري وحادثي ولم أقصد السخرية من هذا الأمر.. فقط أعصابي مشدودة مما حدث الليلة ومن قلقي على سما"
هزت هنا رأسها وقد منعت رداً كاد أن يخرج من فمها أن ابنتها ليست بحاجة للبحث عن زوج يقبل بابنتها.. فهو يقيم بالطابق الرابع فوقهم ويصادف أنه يكن لها مشاعر وهي تكن له المثل.. ولكنها صمتت وهي تعلم أن ابنتها تكره أن يكون تفكيرها ومشاعرها مكشوفة ومقروءة لأحد.. فالتزمت الصمت وتركت لها المساحة لتتعامل مع مشاعرها وهي تراقب لتكون قريبة عندما تحتاج ابنتها ليد تسندها وتقومها.. نظرت لها بعينين حازمتين وهي تقول بأمر قوي "لا تتحدثي مع سيف يكفيه ما به لا يحتاج إلى أي إضافات لألمه منكِ"
مطت شفتيها بغيظ قائلة ببساطة "لست ناقمة عليه.. بدايتهما لم تكن صحيحة كان بها شيء غير صائب"
رفعت هنا حاجبها بصمت دون رد وهي تعطيها الفرصة لتكمل حديثها.. وبالفعل عادت ناردين تقول بتوضيح واثق أشعر هنا بالزهو بطفلتها الصغيرة "سما لم توافق لأنها تحب سيف يا ماما.. عندما وافقت هي أرغمت قلبها على القبول.. كان سيف اختيار عقلها بالكامل وهذا خطأ.. أعلم أني لا أهتم لقرار قلبي كثيراً ولكن مع سما كان يجب أن يكون الاختيار لقلبها أولاً.. وسيف كان يحبها وفقط يريد فرصة معها.. أتعلمين يا ماما لو سمعنا لبراء ومنعنا سما من الحديث مع سيف لكان اختلف الأمر وما حدث ما حدث"
أسبلت هنا جفنيها قائلة بحنان واتزان وقلبها يخفق بألم رغماً عنها لأجل ألم أبنائها "الحياة ليست وردية دائماً وكان يجب أن تختبرهما حتى يتعلما ويقوى قلبهما في مواجهة تحديات أقوى ستقابلهما"
أومأت ناردين بعينيها توافقها قبل أن تسأل بحيرة "ألم يصعد بابا بعد؟"
ابتسمت هنا قائلة بطبيعية "يطمئن على حياة وسيصعد"
أتاها صوت يقين الحائر وهي تدلف من الباب تضع ألوانها ولوحاتها على الطاولة "للآن لم يخبرنا أحد كيف لا نعرف عن عمتنا تلك"
ابتسمت لها هنا وهي ترى أنها أبدلت فستانها لشيء مريح.. شورت أسود واسع يصل لمنتصف فخذها ويعلوها بلوزة صفراء غامقة بحمالات رفيعة.. ابنتها الكبرى التي تحمل رقة العالم كله في ملامحها وحديثها وأسلوبها.. وبجانب رقتها تحمل جانب كبير من التمرد على ظروف المجتمع وطريقة تفكيره..
فابنتها لا تريد الزواج لمجرد أن تحمل لقب متزوجة وتنفض عنها شبح العنوسة.. ولكنها تريد الزواج كسند واحتواء ودعم وتفهم... تريد الزواج عندما تثبت لنفسها أن كونها فتاة لم تخلق لتتزوج ولكنها كفتاة تستطيع أن تثبت نفسها بقوة في مجالها.. فالزواج لم يكن أول اهتماماتها وأحلامها ككل الفتيات.. ولكن حلمها الأول كان النجاح وإثبات ذاتها.. لطالما كان حلمها يقين وفقط يقين.. لتجيبها بنبرة عادية لا تشي بتفكيرها العميق "لا أعلم ما حدث غير أنها تزوجت وهاجرت مع زوجها.. ولم تأتي مناسبة لذكرها فقط"
همست ناردين بتعجب "غريب"
بينما نظرت هنا ليقين سائلة "ماذا تفعلين؟"
رفعت يقين كتفها وهي تضع لوحة بيضاء أمامها استعداداً لخربشتها القادمة "أشعر بالضيق والتوتر سأرسم قليلاً حتى أتخلص منه"
أومأت هنا برأسها وهي تعبث بهاتفها قبل أن تضع الهاتف أمام يقين على وردة ذات تفرعات عديدة وألوان زاهية قائلة بشقاوة "ما رأيكِ بمنافسة بيننا؟"
تأملت يقين الرسمة أمامها بعين ناقدة متفحصة قائلة بتفكير متحمس "معي كل درجات الألوان هذه.. حسنا موافقة"
هبت يقين واقفة قائلة بسرعة "سأحضر باقي الألوان"
ردت هنا سريعا "لا تنسي أن تحضري لوحة بيضاء معكِ"
غادرت يقين بخطوات متعجلة لتعود بعد لحظات تحمل باقي الألوان ولوحة لهنا وحاسوبها قائلة "ابعثي بالصورة للحاسوب يا ماما.. وأنت ناردين ستكونين الحكم فيما بيننا"
انضمت ناردين لجلستهم على الأرض تحافظ على شاشة الحاسوب مضيئة دائماً.. تراقب بحماس يد والدتها الماهرة وهي تخلط الألوان وتستخدمها بمهارة.. ويد يقين الخبيرة التي تتحرك بشغف وكأنها تعطي من روحها وانفعالاتها لرسمتها..
دلف خالد يلقي تحية هادئة.. أجابتها ناردين بينما لم تخرج أي من يقين ووالدتها من انغماسهما في ألوانهما.. جلس خالد بجوار ناردين يلف كتفها بذراعه لتريح رأسها على صدره هامساً بخفوت "تحدي؟"
هزت رأسها موافقة ليجلسا صامتين يراقبان ما يحدث إلى أن صفقت هنا بسعادة قائلة بانتصار "انتهيت"
وضعت يقين فرشاتها بامتعاض قائلة بخفوت "وأنا الأخرى.. أنتِ أفضل مني ماما في استخدام الألوان.. أنا أحبذ الفحم والرصاص أكثر"
ضحكت هنا بمرح قائلة بحنان "أنا أكثر منكِ خبرة ومهارة في هذا المجال حبيبتي"
نقل خالد وناردين نظرهما بين اللوحتين بتركيز وانبهار لتقول ناردين بنبرة ممطوطة "اممممم ما رأيك بابا؟"
أمال خالد رأسه قائلاً بنبرة مترددة "همممم رأيكِ أنتِ أولاً؟"
لتقول يقين بنبرة فاقدة الصبر "حسنا لتقولاها سويا"
نظرت ناردين لوالدها وضحكة تتراقص بعينيها ليختارا سوياً.. ناردين اختارت يقين.. وخالد اختار هنا لتقول هنا بشقاوة "حبيبي يا خالد"
أصدرت يقين وناردين أصوات موسيقية مرحة لتنهرهما هنا بخجل "توقفا"
ضحك خالد وهو يستقيم ويذهب يجلس بجوارها يضم خجلها إلى صدره قائلاً بمشاكسة " بالطبع حبيبها.. أليس كذلك؟"
هزت هنا برأسها وهي ما زالت بحضنه ليضحك بحنان وهو يقف ويجذبها معه قائلاً "سأذهب لأرتاح.. كان يوماً مرهقاً.. تصبحا على خير"
ردتا تحيتهما لتقول ناردين برجاء "نامي معي اليوم"
هزت يقين رأسها قائلة بلطف حاني "حسناً أنا الأخرى لا أريد النوم بمفردي"
**********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 10:24 PM   #137

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

كان يراقب الشمس وهي تخرج من رحم الغيوم أثناء هبوط الطائرة في مطار القاهرة الدولي.. بعد بحث وتفكير عميق عرف عن وجهة والدته.. لقد عادت إلى بلدها وها هو يعود خلفها..
وبعد بكاء حاد وعنيف من تيم ورفضه أن يتركه يذهب بمفرده.. تيم متعلق به كثيراً وهو كذلك.. إنه طفله قطعة من قلبه وفراقه على عينه.. ولكن في المقابل إنها والدته وهي مختفية منذ مدة وقلبه يتآكل قلقا عليها.. لذلك حجز طائرته ليلا وأوهم تيم أنه نسي الأمر..
تنهد بعمق وهو يعطي أوراقه للموظف أمامه متذكراً أنه داعب تيم ليلاً ولعب معه واحتضنه بقوة ثم ساعده على النوم ليقبل جبينه.. ويلتقط صورة لطيفة له وهو نائم ثم حمل حقيبته وغادر.. الأمر الذي لن يغفره له تيم أبداً..
خرج من المطار ليفتح هاتفه كما أوصاه هادي.. وكأنما استدعاه من بنات أفكاره ليصدح الهاتف باسمه معلنا عن اتصال سريع منه.. حرك يده على شاشة الهاتف مجيباً بصوت طبيعي "لقد نزلت من الطائرة للتو.. كيف حال تيم؟"
التف هادي برأسه ينظر إلى تيم تلاعبه روهان تحاول أن تجذبه من حزنه وغضبه الطفولي على يامن ليرد بهدوء "عندما لم يجدك لدى استيقاظه بكى كثيراً.. ورفض تناول فطوره والذهاب للروضة.. عرضت عليه المجيء معي إلى المكتب.. وها هو يجلس مع روهان تحاول أن تلاعبه ويستجيب لها على مضض"
أغمض عينيه بتعب قائلاً بتحشرج "لم يفطر بعد؟"
هز هادي رأسه موافقاً وكأنه سيراه قائلاً ببساطة مؤنبه "نعم رفض الفطور وبالمناسبة صرح بكرهه لك.. أخبرتك ألا تسافر بتلك الطريقة ولكنك من أصررت"
هتف يامن بعتاب "هادي توقف أرجوك -ثم أردف بتوسل بائس- لا تتركه دون طعام أرجوك هادي"
رد هادي بعتب "هل ستوصيني عليه يامن؟.. اطمئن لا تقلق إنه في عيني"
انحنت عيناه بمرارة وهو يشير لسيارة أجرة قائلاً بحزن قلق "كيف اطمئن يا هادي قلبي يتفتت حزناً وقلقاً عليه ولكن ماذا بيدي أن أفعل.. وجوده معك يبعث بعض الطمأنينة لقلبي ولكن ماما أين هي؟ سؤال يقتلني"
تنهد هادي بعمق قائلاً باهتمام "ماذا ستفعل الآن؟"
وضع يامن حقيبته في السيارة ودلف إليها قائلاً بتصميم "هناك حي كانت تذكره دائماً سأذهب إليه لعلي أعلم عنها شيء.. يطلقون عليه اسم الحي القديم"
ثم التفت إلى السائق الذي سأله عن وجهته قائلاً بهدوء "أقرب مركز لتأجير السيارات إن أمكن"
انتبه إلى صوت هادي يقول بهدوء "حسنا اذهب وهاتفني ما إن تصل لشيء"
أغلق الهاتف وهو يلتفت لتيم الذي استطاعت روهان دمجه معها ليبعث لها برسالة "حاولي إقناعه بتناول الفطور رجاءً رهان"
رفعت رأسها إليه بإيماءة بسيطة ليبتسم لها بحنان ارتعش له قلبها.. التفت على دقات على الباب تبعها دخول رأس نادر فقط كعادته دائماً قائلاً بلهفة مرحة "السلام عليكم.. لقد خطبت إيمان.. وعليكم السلام ورحمته وبركاته"
راقب هادي الباب يغلق بذهول ليلتفت إلى روهان التي حملت نفس ملامحه سائلاً بصدمة "يمزح أليس كذلك؟"
أدخل نادر رأسه ثانية قائلاً بخفة ظل "لا أمزح أنا جاد مئة بالمئة"
أغلق الباب ثانية لتسأل روهان بدهشة "إيمان من؟ هل يقصد إيمان المسؤولة عن حسابات المكتب؟!"
فتح نادر الباب ثانية قائلاً ببشاشة وابتسامة عريضة تنير وجهه "فتح الله عليكِ يا أختاه ورزقكِ سرعة البديهة.. نعم إنها هي إيمي حبيبتي سابقاً خطيبتي حالياً"
ضحك هادي بفرح هامساً لها "أقنعي تيم إلى أن أرى هذا المجنون"
خرج هادي متجهاً إلى مكتب نادر متسائلاً ما إن دخل "أفهمني ما حدث منذ قليل؟"
جلس نادر على طرف مكتبه قائلاً ببساطة وهو يرفع كتفيه "أعجبت بها واختبرت مشاعري تجاهها فاكتشفت أني أحبها.. أخبرت والدتي وذهبنا إلى أهلها ووافقوا وقرأنا الفاتحة بالأمس وها أنا أخبرك"
رفع هادي حاجبه قائلاً بعتاب "كل هذا دون أن تخبرنا يا نادر ألسنا أصدقاء وبيننا الكثير من الأشياء على الأقل تناولنا طعامنا سوياً عدة مرات"
مط نادر شفتيه قائلاً باتزان "لا تنظر إلي هكذا.. كنت أنتظر إلى أن أعرف ردها فإن وافقت كان بها وإن لم توافق كان لينتهي الأمر عند هذا الحد دون معرفة أحد.. لم أكن لأريد لها أي نوع من الإحراج أثناء عملنا إن رفضت"
ربت هادي على كتفه بقوة قائلاً بسعادة وهو يجذبه إليه يعانقه بقوة "أنت رائع.. مبارك يا نادر"
أبعده نادر قائلاً بمشاغبة "ابتعد يا باشمهندس راعي فرق الأحجام بيننا كدت أن تخنقني"
ضحك هادي بمرح وهو مغادر "ستظل أحمق يا نادر"
عاد ليجدها تجلس أرضاً على ركبتيها أمام تيم الجالس على الأريكة.. وبجانبها العديد من الشطائر لم يعلم متى أتت بها تحاول إقناعه أن يتناول طعامه ولكنه بكل عناد العالم يرفض.. زفرت بتعب قائلة بمحاولة مستجدية ليتجاوب معها "هل تذهب معي لنتناول الطعام بالخارج.. أعرف مطعم رائع ستحبه كثيراً"
رفع كتفه رافضاً محاولتها قائلاً بعناد "لا أريد طعام إلي أن يأتي أبيه"
تدخل هادي قائلاً "وأبيه هنا حبيبي"
هز رأسه نفياً قائلاً وهو يزم شفتيه "لا أقصدك أبيه.. أنا أريد أبيه يامن"
زم هادي شفتيه بعجز وهو يسب يامن بتمتمة خافتة.. بينما أخفضت روهان عينيها أرضا تأخذ نفساً عميقاً تفكر في حيلة جديدة.. لتبتسم بهدوء مقررة اللعب على أوتار عاطفته البريئة قائلة ببؤس مصطنع "حسناً تعال معي لنذهب للمطعم ولا تأكل إن لم ترد"
نظر لها بفضول قائلاً بحيرة وهو يعدل نظارته "لماذا سنذهب إن كنت لن أكل؟!"
أجابته بتوسل خافت ملح "لأني جائعة ولا أحب تناول الطعام بمفردي.. أرجوك تيم"
هم بالرفض في حالة من العناد الذي ليس من طباعه تلبسه على حين غرة.. ليتدخل هادي قائلاً بنبرة رجولية مخاطبا الرجل الصغير داخل تيم "هل سنتركها تذهب بمفردها وقد يضايقها الأشرار كما فعلوا مع زميلتك أسماء؟!"
اختلجت عين تيم بتوتر هامساً بخفوت "هل يوجد أشرار في المطعم؟"
هز هادي رأسه قائلاً بحنان "نعم إنهم موجودون بكل مكان"
رضخ هامساً بصوت خافت "حسناً لنذهب"
هز هادي رأسه باستحسان قائلاً "سأذهب وأخبر نادر أننا خارجون"
التفتت برأسها إليه تسأل بعينين زائغتين وهي من كانت تستمع إلى حديثهما باضطراب.. شاعرة بمزيج غريب من المشاعر كان أهمها الأمان الذي حمله لها في كلماته.. كأنه يعدها به دائماً رغم أنها مجرد كلمات عابرة ولكن إحساسها بها كان مذهلاً "هل ستأتي معنا؟!"
أجابها ببساطة وكأنه أمر بديهي "بالطبع استعدا إلى أن أعود"
ارتفعت تطبع قبلة سعيدة على وجنة تيم قائلة بسرور "أحبك أيها الرجل الصغير"
ابتسم تيم بزهو قائلاً بحب "وأنا أحبكِ أروهي هيا استعدي كي لا يغضب أبيه منا"
وقفت تعدل من هندامها ومظهر شعرها ثم حملت حقيبتها لتقول بمرح "لقد انتهيت هيا بنا"
تعلق بيدها التي مدتها له ليخرجا سوياً؛ كادت أن تصطدم بهادي العائد ليستدعيهما لتأخذ خطوة عفوية للخلف.. بينما تسمر هو محله وعينيه تلتهمها عن قرب وكأنها وجبة شهية.. ترتدي بلوزة خضراء بأكمام طويلة تصل لمنتصف ساعدها وتبتدئ من بداية ذراعها.. تنتهي داخل تنورة سوداء قصيرة تصل لمنتصف فخذها.. ومن أسفلها ظهر جورب أسود طويل حدد ساقيها بإغراء فاتن ينتهى بحذاء ذو كعب عالي.. وشعرها كان قصة لحالها فصولها تبدأ وتنتهي بتعرجاته الكثيفة.. كانت فتنة..
فتنته الخاصة التي سمحت لكل نفس مريضة تستحل حرمات غيرها بالنظر إليها واشتهائها.. متغاضية عن حقوقه عليها نهره عقله بحدة يوقف قلبه قسراً عن النبض لها.. فهي غريبة ليس لها أي حقوق؛ أجلى حنجرته قائلاً بصوت مضطرب "هيا بنا"
ركبت بجواره سيارته لتنثر شذى عطرها داخلها وأجلست تيم على قدميها.. ليندمجا سويا في حديث طفولي مرح متجاهلين وجوده تماماً.. تاركين له حرية اختيار وجهتهم.. بعد فترة قضاها في صمت مغيظ وهما غافلين عنه أوقف سيارته أمام مطعم أنيق وطلب منهما الترجل.. جلسوا على طاولة في ركن قصي ليأتي النادل يأخذ طلبهم.. تألقت نظرة وقحة في عيني النادل التي تناولت روهان دون تحفظ وهو يدون طلبهم.. ضرب هادي سطح الطاولة بقوة غاضبة ليبعد الشاب عينه عنها سريعاً بخوف قائلاً بعملية "شيء أخر سيدي؟"
رد هادي بنبرة قوية "كلا اذهب"
أشاح بعينيه يتتبع العيون الذكورية التي دارت على روهان منذ دخلت.. انتفض بقوة على ضحكتها العالية بعد أن همس تيم لها بشيء ليهتف بغضب "توقفا عن الضحك وقلة الحياء"
همست بنبرة حائرة "ماذا فعلنا؟"
زجرها بنظرة خشنة لائمة ليقول تيم سريعاً "حسناً أبيه سنصمت ولكن لا تغضب"
ليهمس لها تيم بمفردها تحت عيون هادي الضيقة المثبتة عليهم "لقد غضب لا تجادليه لن يستمع لكِ وسيزيد من توبيخه لكِ.. لقد نجحنا بجدارة في إيقاظ غول أبيه هادي"
كادت أن تضحك ثانية ليضع تيم يده سريعاً على فمها هامساً بحنق "بالله عليكِ توقفي سيلتهمنا محل وجبته"
ابتسمت وهي تومئ بعينيها ليسحب يده ويتصنع الأدب وهي تحذو حذوه.. رغم غيرته التي اشتعلت بقوة لم يمتلك غير أن يبتسم لهما بحنان هادر.. بعد قليل أتى الطعام لتبدأ روهان بالتدلل على تيم وخداعه حتى استطاعت أن يجعله يتناول طعامه تحت نظرات هادي الحارقة.. التقط هاتفه قائلاً وهو يقف "سأجري مكالمة هاتفية وأعود سريعاً"
هزا رأسيهما دون رد ليبتعد هادي قليلاً عن الطاولة.. كي يهاتف يامن ليطمئن عليه دون أن يثير حفيظة تيم.. أخرج هاتفه وهو يجري الاتصال ويستمع إلى الرنين دون أن تتزحزح عينيه من عليهما.. يراقب طفولتها المرحة مع تيم ليهمس لذاته بعذاب "يا الله إنها طفلة أكثر من تيم نفسه"
*********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 10:26 PM   #138

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

أوقف يامن سيارته التي استأجرها ليستطيع الحركة كيفما يريد على جانب الطريق في منتصف الحي القديم.. لقد وصل إليه بعد بحث لمدة ثلاث ساعات خاصة وهو يجهل المنطقة بالتحديد.. إلى أن وجد اسمه على لوحة مميزة بعد أن تتبع وصف شاب عن مكانه تحديدا..
ترجل من السيارة ليجد نفسه يقف بمنتصف ذلك الحي البسيط الذي ما زال يحتفظ بعراقته رغم التمدن الممتد من حوله.. كان يشعر بالحيرة والتشتت ولا يعرف من أين يبدأ بحثه أو كيف.. من يسأل وعن من بالضبط.. تنفس بعمق هامسا "سامحكِ الله يا أمي ما ذنبي فيما فعله لتعاقبيني على غلطته"..
وجد قهوة عريقة يجلس عليها أناس يبدو عليهم البساطة يتحدثون سوياً بمحبة.. تقدم قليلاً يوقف الشاب العامل بالقهوة؛ بالتأكيد هو يعرف الكثير عن الحي قائلاً بارتباك "مرحباً أنا غريب عن هنا واحتاج أن أسألك عن شخص ما.. إن سمحت لي؟"
أجاب الشاب بطيبة ورغبة حقيقية في تقديم المساعدة "بالطبع أنا أعرف الجميع هنا"
ابتسم يامن وقد عرف أنه وجد الشخص المناسب لمساعدته "اسمها حياة محمد"
صمت الشاب طويلاً ليقول بأسى لعدم معرفته أو قدرته على تقديم المساعدة "لا يوجد أحد يسكن هنا بهذا الاسم"
ملأ الإحباط نفس يامن قائلاً وهو يربت على كتف الشاب بامتنان "شكراً لك"
ما إن التفت ليغادر حتى أوقفه الشاب بلهفة "انتظر تذكرت أتت واحدة بهذا الاسم منذ أسبوع أو أكثر تقريباً تسأل عن كابتن ماهر عبد الرحمن.. أعتقد أنه هو من يستطيع مساعدتك"
تجعد جبينه باستغراب متسائلاً "ماهر عبد الرحمن لاعب الكرة"
أومأ الشاب إيجاباً ليسأله يامن بلهفة " كيف أصل إليه؟"
هم الشاب أن يجيبه قبل أن يعبس بقلق هامساً بخفوت "آنسة يقين!"
وتركه بخطوات سريعة.. نظر يامن إلى ما جذب انتباه الشاب بعدما ضربه الاسم في مقتل.. لتتسع عيناه بذهول ويتخبط قلبه بفرح لم يستطع السيطرة عليه.. وكيف يسيطر عليه وقد رأى سلامه الذي حرم منه الفترة الماضية.. بينما عقله نشط متسائلاً ما الذي تفعله جنيته هنا.. أخذته قدماه طواعية إليها ليكتشف كلما اقترب منها أنها تستند على سيارة بيضاء خلفها بإعياء.. سمعها تطمئن الشاب بصوتها العذب "أنا بخير أحمد لا تقلق هكذا"
في تلك الأثناء وقبل أن يتثنى له أن يعلن عن وجوده.. وصل إليهم رجل عجوز طاغي الهيبة ليسأل بصوته الوقور "هل أنتِ بخير بنيتي؟"
تقدمت منه مجيبة برقة "نعم عمو بخير؛ بعض الإجهاد وعندما أعود للمنزل سأحصل على قسط من الراحة"
رد الرجل الكبير بلطف أمر "سأبعث أحمد معكِ حتى اطمئن أنكِ وصلتِ سالمة"
اعترضت يقين قائلة بلين "معي سيارتي لا تقلق"
عندما هم الرجل بالحديث ثانية ليتدخل يامن الذي وقف يتشرب رقتها الخلابة بتلهف قائلاً بهدوء "بإمكاني إيصالكِ بطريقي"
نظر له الرجل الكبير بتدقيق "عذراً هل أعرفك بني؟"
نظر له يامن بارتباك ويقين تنظر له بمفاجأة وقلب مضطرب.. وهي لا تستوعب من أين خرج صوته وكيف ظهر من العدم هكذا.. والأهم ما الذي يفعله بحيهم لو كان أحد قاطنيه لكانت عرفته ولكنها متأكدة أنه غريب عن المنطقة.. ومما أكد لها حدسها سؤال صاحب القهوة ذلك الرجل الذي يحتل مكانة كبيرة عندها.. لتقول بصوت ثابت واثق وقد استعادت ثباتها رداً على سؤال العجوز "أنا أعرفه عمو إنه صديق -أردفت وهي تنظر ليامن بدهشة- لا عليك لا أريد أن أتعبك"
هز رأسه وهو يقول بحنان "ليس هناك تعب على الإطلاق.. تفضلِي"
فتحت باب سيارتها لتأخذ أغراضها من داخلها وتغلقها جيداً.. ثم ذهبت معه بعد أن طمأنت قلق الرجل عجوز.. عندما بدأت السيارة بالتحرك همست يقين بامتنان "شكراً لك لم أكن لأستطيع القيادة بأي حال.. فقد كنت أشعر بالدوار"
نخزه قلبه لمرضها فأجاب بابتسامة صغيرة "لا عليكِ ليس بالأمر الكبير فقط أخبريني بعنوانكِ"
أملت عليه العنوان وهي تخرج هاتفها تجري اتصال لأكثر من مرة.. سأل باهتمام "أهناك ما يزعجكِ؟"
هزت رأسها نفياً قائلة بإحباط "هاتف بابا مغلق لا أستطيع الاتصال به؛ سأجرب الاتصال بعمي قد يكون بجواره"
ابتسم لها بتشجيع وهي تجرى الاتصال الثاني لتجيب بعد فترة "صباح الورد عمو، هل بابا بجوارك.. صمتت تستمع للرد لتقول برقة وابتسامة صغيرة زينت محياها.. لهذا السبب لا يجيب؛ لقد كنت بالحي القديم وشعرت بالدوار -ثم خفت صوتها وهي تجيب بخجل- لقد عرض علي شاب أعرفه أن يوصلني ونحن قادمان"
وضعت الهاتف قائلة بخفوت شديد "بابا يريد مقابلتك ليشكرك بنفسه"
ابتسم لها بلطف مجيباً بهدوء "حسناً لقد اقتربنا على كل حال"
نظرت من حولها قائلة "نعم ها هو المنزل هناك.. هل تسكن بالحي؟"
هز رأسه قائلاً بصراحة "كلا لقد كنت أبحث عن أحدهم"
ردت باهتمام روت به بعض من ظمأ روحه "أخبرني من هو.. أنا أعرف الجميع هناك أستطيع مساعدتك"
هز رأسه نفياً قائلاً "لن تعرفيه إنه لا يقيم بالحي.. بالمناسبة كيف تعرفين من بالحي؟"
أجابته برقة وفخر رآه في كلماتها "والدي وُلد وتربى هناك ورغم أنه انتقل بعد زواجه من الحي.. إلا أنه ظل على تواصل مع الجميع هناك وكذلك نحن"
هما أن يسألها عن ماهية هؤلاء النحن ولكنهما كانا وصلا إلى المنزل ليدلف بسيارته إلى المدخل.. وهو يتأمل الواجهة الأنيقة والبساطة الشديدة التي يتميز بها فأعطته دفئاً خاصاً..
وجدت خالد بانتظارها بالقرب من البوابة وبالداخل كان يجلس ماهر بمفرده.. نزلت من السيارة سريعاً لتسرع إلى والدها تلقي نفسها بين ذراعيه قائلة بهدوء "أنا بخير بابا لا تقلق.. دوار بسيط"
أخرجها خالد من بين ذراعيه وهو يضع يده على وجنتها متسائلاً بلهفة قلقة "بما تشعرين؟ هل آخذك للطبيب؟"
حركت رأسهاً نفيا بحركة سريعة وهي تستطيل مقبلة وجنته "سأخبر عمتي لمار بابا.. لا تقلق"
ضمها خالد إليه وهو ينظر بتقييم ليامن المأخوذ كلياً بصورة الأب وابنته..
أب.. والدها هو خالد يزيد أمه كانت من أشد المعجبين به وبكابتن ماهر كانت لا تفوتها مباراة لهما.. أخذ نفس عميق وهو يتلقف يد خالد التي امتدت لتصافحه وهو يقول بامتنان رغم تأمله الدقيق له.. يريد أن يعرف من ذلك الذي سمحت له ابنته بالتعامل معها بهذه الألفة "شكراً على إيصالها بني"
صافحه يامن وهو يشعر بدفء غريب امتلأ به صدره من تأمل ملامح والدها المطمئنة مجيباً باحترام "لم أفعل غير واجبي عمي"
ابتسم خالد بهدوء قائلاً بجدية "تفضل لأستطيع شكرك كما يجب"
هز يامن رأسه بنفي وهم أن يعترض وهو يختلس نظرة لتلك المختبئة في حضن والدها تنتظر بترقب.. ولكن خالد أحبط اعتراضه قائلاً بجدية "لن أقبل منك بأي رفض أبداً"
تقدم خالد وهو يحتضن ابنته وتبعه يامن إلى مقاعد معدة كجلسة تحت أشعة الشمس الدافئة في حديقة خضراء مزينة بعناية.. تركت يقين ذراع والدها لتهرع إلى هذا المهيب بطلته الأسرة وملامحه الوقورة لتحتضنه بقوة وهو يسألها بقلق وتجيب بحنان مزيلة قلقه..
شكر حظه وهو يتعرف على ماهر بإمكانه الآن أن يسأله إن كان يعرف والدته.. يبدو أن اليوم يوم سعده أو ربما حظه يبتسم له بسبب جنيته.. انتبه إليه ماهر ليرحب به بهدوء ويدعوه للجلوس.. شيء ما بالمكان أشعره أنه ببيته إحساس غريب تسرب إليه جعله يعقد حاجبه بغرابة.. وقفت يقين قائلة "ماذا تشرب؟"
رد سريعاً "لا شكراً لكِ أنا سأغادر الآن لدي عمل هام"
رد ماهر باستنكار "هذا لا يجوز وليس لائق أن تزورنا للمرة الأولى ولا تشرب شيئاً"
نظر نحوه يامن بتقدير قائلاً باحترام وارتباك طفيف "مرة أخرى إن شاء الله ولكن هل أستطيع أن أسألك عن شيء ما؟"
رد ماهر بطيبة "بالطبع سل ما شئت"
تردد يامن بالسؤال مجيبا بالحرج وهو ينظر بعيداً عن عيني ماهر الثاقبتين "لقد كنت بالحي أبحث عن شخص ما ودلوني عليك.. أخبروني أنك تستطيع أن تصلني به"
اعتدل ماهر بجلسته وهو يسأل باهتمام "من هو؟ أخبرني"
تعثر الاسم على شفتيه يشعر بحرج بالغ وهو يسأل عن أمه والتي لا يعرف عنها شيئاً.. فرك كفيه بعصبية.. كيف يقابل الرجل للمرة الأولى في حياته ويسأله عن والدته.. يا ترى كيف سيفكر به ولكنه مضطر ما باليد حيلة.. وقبل أن يخرج الاسم من شفتيه سمع اسمه بنبرة مألوفة مصدومة..
استدار واقفاً بذهول عارم ينظر إلى والدته تقف أمامه بجلباب منزلي مريح همس بصدمة وهو يتقدم منها "ماما!"
وقف خالد وماهر ينظرون لحياة تختفي بين ذراعي الشاب القويتين بدهشة ولفظ ماما يحوم حولهم بعدم فهم.. عبس ماهر مفكرا إذا كان لديها ابن لماذا لم تخبره؟ ماذا تخفين خلفكِ يا حياة؟ ولماذا عدتِ بهذا الوقت؟ أسئلة كثيرة كانت تطوف بعقله خاصة أنها منذ عادت لم تفعل شيء غير البكاء والاعتذار.. ولم يستطع الحديث معها بعقلانية..
بينما يقين شعرت بتشتت رهيب وهي تكتشف أن الطيف الذي يزورها مرة بالعام هو نفسه ابن عمتها.. أخرجها يامن من بين ذراعيه وهو يسأل بعتاب "ماما كيف تفعلين بي هذا؟"
همست حياة بفرح "لقد بحثت عني؟!"
زفر يامن بحنق وهو يجيب بجفاف "بالطبع ماما بحثت عنكِ ولكن ما تفعلينه الآن هو محض هراء ولعب أطفال"
تقدم ماهر ووقف بجوار حياة يضع يده على كتفها بحماية قائلاً بصوت مرح "تأدب أيها الشاب.. كيف تتحدث مع والدتك بهذه الطريقة؟"
رمق يامن يد ماهر بغضب حارق قائلاً بصوت خفيض حاد "عذراً ولكن من أنت؟"
لمعت المشاكسة بعين ماهر قائلاً بغضب مفتعل "تهذب يا ولد.. كيف تتحدث مع الأكبر منك بهذه الطريقة"
شعر يامن بالارتباك وهو ينظر إلى والدته التي ابتسمت برقة متقبلة يد ماهر عليها.. وصوت خالد يعلو قائلاً بمرح "توقف يا ماهر يبدو أن حياة لم تخبره أي شيء عنا"
نظرت حياة إلى خالد الذي حثها قائلاً "ألن تعرفِي ابنكِ بعائلته حياة؟؟"
تلجلجت حياة شاعرة بالاضطراب اشتدت يد ماهر حولها هامساً ببرود "ألن تعرفيه بعائلته التي حُرم منها وحُرمت منه؟!"
نقل يامن نظره بينهم لتلتقي عينيه بيقين التي ابتسمت له بدفء.. وخالد يضع ذراعه حوله بحنو قائلاً بهدوء "هذا يكون ماهر ابن خال والدتك وأخوها بالرضاع بمعنى أنه خالك.. وبما إني بمثابة أخيها فأنا أيضاً خالك"
نظر يامن لوالدته بذهول يخيم على قلبه وعقله.. ما عرفه الآن صاعقة هدت أمن واستقرار حياته التي سعى إليها طويلاً.. كيف يكون لها عائلة وتخفيها عنه.. بل الأدهى لديها أخ ولم تلجأ إليه عندما كان يعاملها بتلك الطريقة المهينة.. هذا ما كان يقصده والده أنها نبذت عائلتها لأجله.. اشتدت ذراع خالد حوله حينما همس بغضب "كيف تخفين عني هذا الأمر؟"
حينها تركها ماهر ووقف أمامه يشد على كتفه بحنو مجيباً بصوت حازم "كيف؟ ومتى؟ وماذا حدث؟ هذا كان في الماضي ونحن الآن بالحاضر.. انسى ما حدث لأنه يخصنا نحن"
نظر له يامن بضياع هامساً بصوت خافت "ولكن هذا أثر على حياتي"
جذبه ماهر يضمه بين ذراعيه مربتاً على كتفه بقوة.. مفضلاً الصمت وهو لا يفهم أبعاد حياة الفتى بعد.. استكان يامن شاعراً بالدفء بين حضن ماهر.. أخذ نفساً عميقاً مشبعاً برائحة لم يستنشقها قبلاً.. ربت خالد على كتفه قائلاً بمزاح "ابتعد ماهر واتركه لي قليلاً.. أنا خاله أيضاً"
ابتعد عنه ماهر ليحتضنه خالد بحنان بين ذراعيه قائلاً بترحيب دافئ "مرحباً بك بين عائلتك بني"
ابتعد عنه خالد لينظر لوالدته بعتاب قوي انتبه له ماهر ليقول بصوت عادي "لماذا لم تجهزِي إلى الآن.. هيا اذهبِي"
هزت رأسها وهي تتجه عائدة للمنزل.. بينما مدت يقين يدها بمصافحة قائلة بمرح "مرحباً وأنا أكون يقين ابنة خالك الكبيرة"
نظر لها يامن بدهشة وهو يتأمل تلك الحقيقة التي ربطتهما بصلة قرابة بعد أن كانت حلماً مستحيلاً فقط.. مد يامن يده مصافحاً إياها قائلاً بشبه ذهول "مرحباً وأنا يامن ابن عمتكِ"
ضحك خالد وهو يجذبه ليجلس بجانبه "إذاً حياة كانت عملك المهم أليس كذلك؟!"
أومأ برأسه غير قادر على التفوه بكلمة شاعراً بتخبط شديد في قلبه المسكين الذي يدق بعدم انتظام في محاولة لاستيعاب صدمته.. ابتسم ماهر وهو يربت على ركبته بقوة قائلاً بهدوء "هون عليك يامن وستفهم كل شيء قريباً"
ابتسم بتشنج وعينيه مذهولة بشكل غريب.. قررت يقين التخفيف من حرجه لتتحدث بنبرة طبيعية "ستذهبون إلى مكان ما؟"
التفت لها خالد يتأملها بحنان ترتدى فستان شيفون أرجواني اللون ذو تنورة واسعة وطويلة تصل لقدمها بكم يصل لمرفقها.. مجيباً بهدوء "تريد عمتكِ نيرة زيارة المقابر فقررنا الذهاب جميعاً"
أومأت بتفهم لينظر لها ماهر قائلاً باستفهام قلق "ماذا حدث لكِ لتشعرِي بالدوار؟!"
أخذت نفس عميق مجيبة بخفوت "هذا لأني لم أتناول فطوري قبل أن أخرج"
قطب ماهر جبينه بقلق "لماذا لم تتناولِي فطوركِ؟"
انتقلت لتجلس على طرف مقعده لتميل واضعة رأسها على كتفه.. قائلة بدلال آسر "لقد ذهبت للحي لكي اطمئن عليك وأشاركك الفطور ولم أعرف أنك عدت للمنزل"
ربت ماهر على رأسها بحنان قائلاً بوعد "سأعوضكِ بفطور غيره في المكان الذي تختارينه"
تأمل يامن المحيط من حوله وهم يتحركون حوله بأريحية.. كأنه ولد في المنزل وعاش به طيلة عمره.. وكأن وجوده في هذا البيت شيء طبيعي وليس أنه عضو جديد في العائلة.. كان الأمر بالنسبة له غريب وهو يتأمل الأحاديث العفوية الدائرة من حوله.. وكأنه وجد نفسه في حكاية غير حكايته.. بعد هذا الاكتشاف الخطير حياته ستنقلب رأساً على عقب..
بينما خالد جذب مجلة رياضية من المجلات العديدة أمامه آمرا يقين بأمر حاني "اذهبي لتفطرِي.. إياكِ والبقاء دون طعام ثانية"
أجابت بطاعة "حاضر بابا"
نظر ماهر بتدقيق إلى اسم المجلة قائلاً باستنكار "لماذا تقرأ هذه المجلة لا ينشرون خبر واحد صادق"
رفع خالد نظره من على المجلة مجيباً باستهجان "أعلم أنها إحدى الصحف الصفراء ولكن هجومهم هذه المرة على سيف"
أغلق المجلة بعنف وهو يلقيها قائلاً بحزن "وكأن سيف لا تكفيه مشاكله"
أتى صوتا أنثوياً رقيق يسأل بلهفة "ما به سيف خالد؟"
رفع يامن عينيه ليرى سيدتين جميلتين ترتديان عباءات شرقية سوداء وأوشحة ذات لون غامق.. إحداهما ذات لون عيون أزرق مميز وجمال وجهها لا مثيل له.. تطل طيبتها من ملامحها بوضوح.. والأخرى التي طرحت السؤال ذات غمازة فاتنة وكأنها حفرت في خدها.. رد خالد بلين "لا شيء لمار بعض الإشاعات فقط"
هزت رأسها بضيق قبل أن تنتبه إلى يامن الشاعر ببعض الخجل الطفيف قائلة بعفوية "عذراً من الشاب؟!"
رد ماهر بسلاسة "أه إنه يامن ابن حياة"
هب يامن واقفا شاعراً بالحيرة فيما يجب عليه فعله.. وقفت بجانبه يقين قائلة بمرح "سأقوم أنا بالتعريف"
أشارت إلى لمار قائلة بعبث وهي تغمز بعينيها لماهر "هذه ماما لمار زوجة عمو ماهر أو دماره أيهما تحب"
ضحكت لمار قائلة بعفوية بينما يامن يقترب منها بخطوات بطيئة "أيتها الشقية.. ثم مدت يده إلى وجنة يامن تداعبها بحنان قائلة بترحيب محب "أهلا أيها الوسيم لا داعي لهذا الخجل أنا هنا مثل حياة تماماً أتعشم أن تتقبلني والدة لك"
قبل يدها بتقدير قائلاً بسعادة لتقبله بينهم دون سؤال "بل أنا من سيكون سعيداً بقبولكِ لي كابن لكِ"
صدح صوت يقين بشقاوة "حسناً لقد أثرتِ عليه بفتنتكِ عمتي دمار.. والآن أعرفك بوالدتي ذات عيون البحر هنا بابا في الحياة.. وأعنيها حرفياً فهي ماما هنا"
ضحك خالد قائلاً بنبرة هزلية "ابتعد عن ابنتي ماهر لقد أفسدت أخلاقها"
ابتسمت هنا التي تقدمت من يامن وهي تشمله بنظرة أمومية وشعاع دافئ من عينيها اخترق قلبه.. جاعلاً إياه يشعر بسلام لم يصل إليه قبلاً وهي تقول بحنان عذب "مرحباً بك ابن جديد لي"
مال مقبلاً جبينها بتقدير وهو يهمس بخفوت "شكراً لترحيبكِ الدافئ بي"
جلست لمار بجوار ماهر وهنا بجوار خالد سائلة باستفسار "ألم ينزل أيهم ونيرة بعد؟"
رد خالد نافياً "لم أره منذ الصباح الباكر"
بينما همس يامن المأخوذ كلياً بشخصية يقين المرحة والجالسة على المقعد بجواره "من؟!"
ابتسمت يقين بحب لباقي عائلتها وهي ترد على همسته "أيهم رحيم تعرفه يعتبر خالك أيضاً.. وزوجته ماما نيرة لن تقابل شخصاً مثلها بحياتك أبداً.. ستلتقيهما بعد قليل"
ابتسم لها بالمقابل وهو يرى الأوضاع بمنظور آخر فأخيراً له عائلة كبيرة ومن ضمنهم جنيته الفاتنة.. لم يتفوه بحرف وهو يراقب بصمت الأحاديث الدائرة من حوله.. يتعرف على إحساس كونه له عائلة وليس وحيداً شريداً؛ بينما صمتت يقين احتراماً لصمته.. بعد فترة همست يقين بمحبة "عمو أيهم"
وصل أيهم إلى الجلسة بملامح مرهقة تشي بليلة طويلة دون نوم ألقى التحية بإرهاق.. سألت لمار باهتمام فائق "كيف هي نيرة الآن؟"
رد بقلق "أعتقد أنها بخير"
زفرت هنا قائلة بحنق خفي "لماذا وافقتها على الذهاب إلى المقابر هي تتعب عندما تذهب"
أغلق أيهم عينيه بتعب مجيباً بسخرية "هي من أصرت وتعلمين عندما تعاند على شيء"
أومأت هنا برأسها موافقة وأيهم نظراته تتركز على يامن المتابع الحوار برهبة تمكنت من قلبه.. وقف يامن واتجه إليه قائلاً باهتزاز وهو يمد يده المرتجفة إلى أيهم "أهلا خالي أنا يامن ابن ..."
تفرس أيهم بملامحه قليلاً قائلا بثقة مكملاً كلام الشاب "ابن حياة تشبه والدك قليلاً"
عبس يامن لتلك الجملة غير المرغوب بها مما جعل أيهم يبتسم وهو يشد على يده ويجذبه لحضنه مربتاً على كتفه بقوة "لا يكون الترحيب بخالك المكتشف حديثاً بمجرد مصافحة"
همس وهو يستكين بين دفء حضن أيهم الرحب "شكراً خالي"
رد أيهم بضحكة رائقة "تلك الكلمة لا أسمعها من أبنائي وأنت لست استثناء"
جلس أيهم على مقعده بعد أن أنهى الترحيب بيامن وخالد يوجه كلامه إليه بمزاح "أخبرتني ذات يوم ألا أجلس مع ماهر كثيراً لأنه يفسد أخلاقي.. والآن أخبره أن يبتعد عن ابنتي لقد أفسد رقيقتي الصغيرة"
نظر أيهم إلى يقين بحنان فاتحاً ذراعيه لها.. لتهرع إليه جالسة بجانبه وهي تخفى رأسها في صدره سألها بهمس "ماذا فعلتِ؟"
أجابت بطفولية جعلته يقهقه ضاحكاً وأربكت خافق هذا الذي يراقب بشغف كل همسة صادرة "كنت أمزح فقط"
زاد من ضمها له لتسكن على صدره مختلسة النظر لذلك الذي يبدو مبهوراً بما حوله.. أما يامن فكان يعايش أجواء لم يظن أنها حقيقية قط.. تلك المودة المترسخة بين أفراد هذه العائلة حقيقية جداً وتكاد تكون ملموسة..
الرقة التي يتعامل بها الكبار مع يقين أبهرته.. عندما تتحدث مع أحدهم يمنحها جل اهتمامه وكأن الكون يدور حولها بتلك اللحظة.. سؤال دار بخلده يا ترى كيف يكون تعاملهم مع الأبناء الذكور المختفين إلى الآن ولم يقابل أحد منهم..
قاطع تفكيره انضمام تلك السيدة الجميلة بملامح تجذب النفس رغم سنين عمرها.. وقوف أيهم واستقباله لها بحنان وحب خالص وابتسامتها المطمئنة التي أهدتها له.. انتباه الجميع لها وسؤالها عن حالها.. وقفت يقين بجوارها قائلة بوضوح وهي تشير تجاهه "عمتي نيرة أعرفك يامن ابن عمتو حياة"
أمالت نيرة نظرها لتنظر بتدقيق للشاب المتجه تجاهها باضطراب استشعرته بوضوح من لغة جسده.. تكلمت بصوت حاني مريح للقلب عكس ملامحها التي يبدو عليها الذبول "تبدو وسيماً يا فتى.. كم فتاة خسرت قلبها لأجلك؟"
رد عليها ببشاشة وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه.. يشعر بألفة غريبة تجاهها ربما هي ملامحها التي تعطيك أملاً بالحياة "للأسف ولا قلب للآن"
همست نيرة بأسى مصطنع "ما بهن الفتيات هل أصبن بالعمى؟!"
حينها ضحك يامن بصوت مرتفع لأول مرة منذ قدم إلى البيت.. اضطرب قلب يقين بين صدرها بجنون على أثر ضحكاته.. استطالت نيرة مقبلة وجنته قائلة بوعد "سنتحدث فيما بعد أريد معرفة المزيد عنك ولكن الآن هناك مكان لابد من زيارته"
ابتسم وهو يهز رأسه لها فيما قال ماهر "حياة ستأتي معنا أيضاً"
رد خالد وهو يقف "حسناً سنذهب نحن والحقوا بنا"
ذهب خالد وزوجته ومعهم أيهم ونيرة في سيارة خالد.. وتبعهم ماهر وزوجته وحياة بسيارة ماهر الذي همس ليقين ليشعرها بمزيد من الاطمئنان أنها ليست بمفردها، خاصة وأنهم لم يقفا على أخلاق الشاب بعد ولكن كونه ابن حياة منحه ثقة فطرية به "سيف وإياد بالملعب خلف المنزل"
ثم وجه حديثه ليامن بحزم "إياك والمغادرة قبل عودتنا"
وقفت يقين بعد ذهابهم قائلة بلطف "ماذا تحب أن تشرب؟"
رد يامن بحرج "لا شيء آنسة يقين"
ابتسمت يقين فأخذت قلبه قائلة ببساطة "أعتقد بعد صفة القرابة التي ظهرت بيننا الآن لا داعي للرسميات.. أنا دعوتك يامن فلتناديني يقين، ثم أنا لا أضيفك أنت بمنزلك ولست ضيف، ولكن أنا لا أعلم ماذا تحب أن تشرب؟"
ابتسم لها بامتنان يشعر أن كلماتها أزاحت شيئاً كان يثقل صدره مجيباً بعفوية "أنا أحب القهوة"
عبست يقين باستنكار قائلة بحزم "قهوة في وضح النهار.. لا طبعاً هناك سلطة فواكه تبرع عمتي لمار في تحضيرها سأحضر منها لي ولك.. ثم مالت هامسة بصوت خافت.. ولكن إياك أن تخبر ناري ستقتلنا أنا وأنت"



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 10:29 PM   #139

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

تركته غارقا في دهشته من كل ما حوله ثم اتجهت إلى المنزل العتيق القائم أمامه.. كان يحمل لون رمال البحر عندما تمتزج مع ألوان الغروب.. فشع بدفء وحميمية طبيعية.. بنوافذ عديدة وكأن كل غرفه تحتوي نوافذ وشرفات أمامية مزدانة بأصائص ورود زاهية.. يحده من الجانبين ولكن على مساحات شاسعة منزلين.. بحديقة كبيرة للغاية لم يرى حديقة منزل بهذا الحجم قبلاً منظمة بعناية فائقة.
لم تستغرق يقين دقائق معدودة وهي تعود حاملة معها طبقين أنيقين قدمت له واحد بمودة.. التقطه منها شاكراً يلهي نفسه بتناول الفاكهة بدلاً من تأملها.. ليسمع صوتها قائلة بجدية في محاولة منها لإزالة ارتباكه الواضح عليه "أعلم أنك متفاجئ بما حدث وهناك الكثير من الأسئلة تدور ببالك.. فإذا كنت أنت علمت بعائلتك الآن فنحن علمنا بالأمس فقط أن لنا عمة.. أعلم أن الموضوع صعب ولكن إذا لم تتخطاه سيكون أصعب.. ما دام لم يخبرنا أهالينا بما حدث بينهم فيما مضى فالأمر لا يعنينا.. فقط يهمنا الحاضر والمستقبل أما الماضي بما حدث به فهو لهم ولهم الحرية في إخبارنا من عدمه.. ثق بي ودع الأمور تسير كما هو مخطط لها"
نظر لها بذهول وهي تربكه للمرة التي لا يعلم عددها ليجيب بخفوت "ألا ينتابكِ الفضول لمعرفة ما حدث؟"
ردت بثبات "لم نربى على الفضول والسؤال عما لا يخصنا"
تناول ملعقة من تلك السلطة ذات المذاق الرائع سائلاً بفضول "أعرف أني سأبدو فضولياً ولكن أنا لم أتعرف على الجميع أليس كذلك؟!"
ضحكت يقين مجيبة "كلا انظر سأعطيك نبذة عنهم إلى أن تلتقيهم بنفسك -ثم لمعت عينيها بمرح قائلة بمشاغبة فطرية أذهلته- الأكبر هو يزن ابن عمو ماهر مجنون قليلاً ولكن يمكن التعامل معه.. ثم أنا التي تصغره بأشهر قليلة؛ ثم سيف ابن عمو ماهر حنون للغاية وطيب كثيراً ولكن ينطبق عليه اتق شر الحليم إذا غضب.. لا يصبح شريراً ولكن يفقد القدرة على التفكير السليم ويدمر حياته.. ثم المدللة الكبرى والمجنونة بشكل لن تتخيله قلب عمي أيهم ابنته المتخلفة براء.. وبعد ذلك أتى الأحمق إياد أعتقد أنك قابلته.. ثم شقيقتي الصغرى ناردين ودلالها هو ناري وهي نارية فعلاً.. أنا أقترح أن تقابلهم بنفسك حتى تفهم ما أقول"
ابتسم قائلاً بتشوق "كلي شوق أن أتعرف بهم"
ضحكت قائلة بمرح "ستندم على تلك المقولة عندما تتعرف على طباعهم المجنونة"
شاركها الضحك وهو يدير عينيه في أرجاء المنزل بتأمل همست بتساؤل "أعجبك المنزل؟"
هز رأسه موافقاً قائلاً بانبهار "إنه رائع ولكن حديقته كبيرة بشكل غريب ولكنه مدهش على حد سواء"
ابتسمت قائلة وهي تدير عينيها بالمكان تشير بيدها إلى ما تشرحه "الحديقة لم تكن بهذا الحجم ولكن عمو أيهم اشترى قطعة الأرض التي كانت تجاور المنزل ونظمها لتكون كما تبدو الآن.. هناك تلك الأشجار صُفت هكذا لتكون كما لو أنها غابة طبيعية لا تتخيل كيف يكون الجو بداخلها صيفاً.. رائع ومنعش حتى أن إياد وسيف ويزن ينامون بها في وقت الظهيرة..
وهذه خلفك الأشجار الملتفة بشكل دائري من الداخل هي جلسة عربية للاستجمام.. أتعلم نستطيع ركوب الدراجات داخل المنزل كما يحلو لنا.. وهذه الأرجوحة لقد جلبها بابا لأجلي خصيصاً.. وطاولة الطعام الكبيرة أمامك تسع العائلة كلها..
خلف المنزل يوجد حمام سباحة مغلق وملعب مصغر.. وهذا منزل على الجانب الأيمن منزل الشباب حيث سيقيمون بعد الزواج.. وهذا على جانبك الأيسر خاص بنا نحن الفتيات لنستغله كما يحلو لنا وأنا اتخذت أحد طوابقه مرسم لي"
هتف بدهشة منبهر ما إن انتهت من ثرثرتها التي أبهجته على نحو خاص "هذا رائع ما أجمل أن يكون لديك عائلة تحيا بينها وبها"
اتسعت ابتسامتها قائلة برقة "نعم معك حق ولكن هل تعلم أن أبي وأعمامي لا تربطهم علاقة قرابة حقيقية؟"
رد بصدمة "ماذا؟!!"
هزت رأسها موافقة وهي تجيب بزهو تلألأ بوهج أخاذ في عمق عينيها "نعم ما يجمعهم هو تربية صالحة وصداقة قوية لعمر طويل وجيرة جعلت بينهم صلة أعمق من صلات الدم"
أجابها بذهول حقيقي ألم به "لا أصدقكِ.. وأنتم كيف تتعاملون هنا سوياً؟"
ردت بصبر تعرف طبيعة شعوره الذي يدفعه للمعرفة أكثر عن عائلته التي لم يعرفها قبلاً "لا فرق بيننا في التعامل لدينا ثلاث آباء وثلاث أمهات.. نتعامل بنفس الحزم والطريقة ولكن نحن الفتيات نستأثر بدلال الجميع هنا خاصة أباءنا"
أومأ متفهما بصمت عينيه تدور في كل مكان بعيداً عنها.. يا إلهي عندما كان بعيداً لا يعلم عنها شيء كان اشتياقه إليها مؤلم ولكن محتمل.. ولكن الآن بعد هذا القرب ما الذي سيفعله عندما يرحل مرة أخرى هذه المرة شوقه لن يرحمه.. انتبه على هتافها المتوجس قائلة "لقد بدأوا بالظهور"
نظر إلى حيث تنظر وهي ترفع حاجبها بتوجس ترقب القادمين ويبدو عليهما الانسجام سوياً.. يديهما متعانقتان والفتاة تدور حول نفسها.. بينما الشاب ذو الطول الفارع.. ليظهر الفارق بينهما في الطول فالفتاة لا تصل لمستوى كتفه.. يضحك بصخب على حركاتها ويساعدها على دورانها الراقص.. كما أن الفرق بينهما في المظهر شاسع فهو على ما يبدو أنيق المظهر..
أما هي فكانت ترتدي ما يشبه الفستان من الجينز الأزرق الباهت.. يصل إلى أسفل ركبتيها بقليل وواسع بعض الشيء.. بأزرار تمتد على طول منتصفه وحمالات رفيعة يظهر من أسفلها كمي لتي شيرت باللونين الأبيض والأسود.. مال على يقين متسائلا بخفوت "أليس هذا يزن عبد الرحمن لاعب كرة اليد؟"
هزت رأسها قائلة ببساطة "نعم إنه هو وتلك براء"
سأل ثانية وهو يراقب هالة العشق التي تحيط بالقادمين "هل هما مرتبطين؟"
نظرت إليه بملامحها المذهولة لتبدو مضحكة للغاية بنظره مجيبة بهمس "من المفترض أنهما مطلقين ولكن يبدو أنهما قد عادا زوجين ثانية"
ارتفع حاجبيه بارتياب ما لبث أن تحول إلى ارتباك وهو يسمع صوت يزن يسأل يقين بقوة "من هذا؟"
رفع الشابين وجهيهما إليه لتقول يقين بهدوء "صباح الخير زيزو.. أعرفك يامن ابن عمتو حياة لقد أتى صباحاً"
تحولت ملامح يزن الجامدة إلى مرحبة في ثواني قائلاً بسرور "أوووه أهلاً بك يا ابن العمة أنرت المنزل"
بينما صافحته براء برقة نادراً ما تتلبسها.. سألت يقين ويزن يستقر بجلسته بجانب يامن "هل انتهى الخلاف بينكما؟"
هزت براء رأسها موافقة وهي تحتضنها بقوة لتربت يقين على رأسها بحنان هامسة "سعيدة؟!"
ردت براء بسعادة "كثيراً كثيراً يقين"
ابتسمت لها يقين بسعادة بينما اندمج يزن مع يامن في حوار مرح استقبله يامن بحفاوة بالغة، قاطعه إلقاء إياد جسده على مقعد متطرف في نهاية الجلسة بتعب دون أن ينتبه لوجودهم..
في الحالة الطبيعية كان لينتبه لوجودهم أي أحد قادم من خلف المنزل ولكن ليس إياد الذي يقاوم بصعوبة إغلاق عينيه من الإجهاد.. تعرف عليه يامن بسهولة وغيرة لاذعة وكيف لا وهو من يمتلك قلب جنيته كما يعتقد..
واستقامت براء لتذهب وتطمئن عليه لتقطب حاجبيها بتوجس؛ وهي تلمح سيف قادم يحمل سطل صغير مملوء بالماء متجه نحو إياد بخطوات سريعة دون أن ينتبه لوجودهم هو أيضاً..
تأهب جسد يامن بتحفز لفض الاشتباك بين الشابين خاصة بعدما سكب سيف كل الماء فوق إياد الذي لم يتحرك من محله قيد أنملة، صدم يامن تماماً وإياد يقول ببرود لسيف الذي ألقى بجسده على المقعد المجاور "أحسنت سيعلقنا أبي على إحدى الأشجار إرضاءً لعيون ماما"
أغمض سيف عينيه قائلاً بسلاسة "سنراضي عمتي أو نخفي المقعد في مكان ما بعيداً عن عينيها"
أجاب إياد بإيماءة صغيرة "بالطبع سنفعل إنه من اختيار ماما ونحن أفسدناه"
زم سيف شفتيه قائلاً بغيظ "أنت المخطئ إذا لم تكن تستطيع العمل لماذا عرضت المساعدة؟"
هتف إياد بحنق وهما مستغرقان في إلقاء التهم غافلين عن متابعين الحوار.. أحدهم بتعجب والآخرين بملل من اعتاد ذلك الأمر "نحن نعمل منذ السابعة صباحاً ولقد تعدينا وقت الظهيرة ما هذ الاستعباد؟"
رد سيف بسخرية "لم يضربك أحد على يدك"
رفع إياد زاوية فمه باستهزاء قائلاً بحنق "غليظ غبي"
وقبل أن يرد سيف أنضم لجلستهم شابة صغيرة ترتدي بنطال جينز أزرق شاحب يعلوه بلوزة زرقاء بأكمام تصل للساعد ونقوش ذهبية.. تقذف نيران من عينيها ووجهها متجهم وكأنها تستعد لقتال من نوع ما خمن يامن أنها ناردين.. التي وقفت عند إياد سائلة بعبوس "لماذا أنت مبلل هكذا؟"
أشار إياد إلى سيف قائلاً بشكوى "اسأليه لماذا فعلها؟"
نظرت إلى سيف بعينين ضيقتين لتقول بصوت ساخر "كابتن سيف كيف حالك؟"
رفع سيف عينيه إليها قائلاً بنزق "يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم.. لماذا أشعر أنكِ تسعين للشجار يا فتاة؟!"
وضعت يدها في خصرها قائلة بعنفوان غاضب "أنا لا أسعى لواحد.. أنا بدأته بالفعل"
وقف سيف قائلا بملل "أه فهمت.. حسناً أنا بخير.. شكراً على السؤال"
ضربت الأرض بقدمها قائلة بسخرية لاذعة "بالطبع أنت بخير وسما تغلق على نفسها غرفتها بائسة بسببك"
انسحبت الدماء من وجهه قائلاً بعذاب ولهفة سطعت بعينيه "كيف حالها ناري؟"
زمت ناردين شفتيها بضيق قائلة بسخط وهي تشعر بالشفقة عليه "لماذا فعلت هذا يا سيف؟ إنها تتعذب بسببك.. ما كان يجب عليك قول أي ما كان قلته لها لقد ذبحتها بكلماتك"
هب إياد واقفا هاتفا بغضب وهو يرى عيني سيف تشتعل بألمه الداخلي "كفى ليس لكِ دخل بما حدث بينهما"
نقلت عينيها إليه بحدة قائلة بقوة "بل كل الدخل لي إنها صديقتي التي أذاها بكل قسوة"
انضمت براء للسيرك ليهمس يزن باستهزاء "مرحى لقد اكتمل السيرك"
أجابتها براء التي وقفت بجوار سيف تدعمه بكل قوتها "ناري توقفي يا غبية"
التفت إليها ناردين قائلة بغضب بالغ "ها تذكرت السبب الذي نزلت لأجله.. كيف تسمحين ليزن أن يقترب منكِ بتلك الطريقة؟"
أتاهم صوت يزن هاتفاً بصوت هادئ "إنها زوجتي ولا أجد غضاضة في الاقتراب منها كيفما أشاء"
عبس إياد سائلاً بتحفز "ألم تنتهي عدة الطلاق بالأمس؟"
لوى يزن شفتيه بامتعاض قائلاً بخفوت "لم أطلقها لتكون هناك عدة طلاق إياد"
هتف سيف بعصبية وهو يشعر بشرارات غاضبة تندلع داخله "هل جننت؟ كيف تخدعها هكذا؟"
جاء جواب يزن حازماً لا يقبل المناقشة "زوجتي وما يحدث بيننا ليس شأن أحد"
عقدت ناردين يدها على صدرها قائلة بسخط "بالطبع لنا شأن ماذا دهاك لتفعل هذا الأمر؟"
رد يزن بملل "وعدتكِ أن أحل أمورنا وها قد فعلنا"
جلس إياد قائلا بصوت طبيعي زاد من غيظ سيف "جيد أن حلت أموركما.. البيت لا ينقصه توتر"
هتف سيف بغل "أنت يا بارد إنها شقيقتك يا أحمق"
هز رأسه قائلاً بمنطق سليم "نعم شقيقتي ولكن الأيام التي ابتعدت بها عن شقيقك كانت ذابلة وبائسة.. سعادتها معه هو وحزنها في بعدها عنه.. فإذا كان خداعها سيعيد إليها فرحتها المفقودة فيا أهلاً به حل ضيفاً كريماً"
ارتفع حاجبي سيف حتى كاد أن يلتصقا وناردين تتمتم بسخط "بارد أقسم بالله بارد"
ثم التقطت عينيها شقيقتها التي تتناول سلطتها باستمتاع وهي تتابع مشاحنتهم لتهتف بنزق "آنسة يقين كيف تجلسين بمفردكِ مع هذا الشاب الذي لا نعرفه؟!"
نظرت لها يقين بحزم لتقول بصرامة "تهذبي في حديثكِ معي ناردين ولا تتجاوزي حدودكِ"
انتبه كلا من سيف وإياد إلى يامن الذي كان شاهد على كوارثهم منذ دقيقة ليضيق إياد عينيه بتفكير قائلا بحيرة "أنا أعرفك لقد تقابلنا من قبل.. ثم هتف باستدراك.. تذكرت أنت المعجب أليس كذلك؟"
التفت سيف إلى يامن قائلاً بغيرة ذكرته بأول مرة التقى بها إياد "أفندم!! ما هذا الهراء إياد؟"
أضاف إياد بابتسامة ملتوية قائلاً بمكر "المعجب بفنها الراقي"
هتفت يقين بحدة آمرة "توقف عن سخافتك"
نقل سيف نظره بينهما بحيرة قائلاً بصوت فظ "لم يخبرني أحدكما من هذا"
جلست براء بجانب يزن الذي قال بهدوء "يامن ابن عمتو حياة.. هلا أحسنتما الترحيب والتصرف وكفوا عن تصرفات الأطفال هذه"
صافحه الشباب بترحاب بعد أن توضحت هويته لهما.. وجدت ناردين حاسوباً على الطاولة لتسأل سيف "أهذا حاسوبك سيف؟"
هز رأسه موافقاً لتقول ببساطة "سأعمل عليه"
رفع كتفه قائلاً ببساطة "كلمة المرور سما بالإنجليزية"
كان بداخل يامن الكثير من الأسئلة يريد التعرف عليهم معرفة المزيد عنهم.. ولكن قبل أن يسأل ارتفع رنين هاتفه أخرجه ليجد هادي يهاتفه.. بعفوية استقبل الاتصال ثم ضغطت يده على مكبر الصوت كما اعتاد "هل عرفت أي أخبار عن والدتك؟"
ضحك يامن قائلاً بمشاكسة "مساء الخير هدود اشتقت إليك يا صديقي"
عبس هادي قائلاً بريبة "ما بك سعيد هكذا؟ هل يُعقل أنك وجدت جنيتك بدلاً من عمتي؟"
هب يامن واقفاً بتوتر ليبتعد مسافة كافية كي لا يسمعه الآخرين قائلاً بحنق "هل جننت يا هادي؟ كيف حال تيم؟"
نظر هادي إلى تيم الذي يتناول طعامه قائلاً ليبث في قلب يامن الطمأنينة "بألف خير لا تقلق عليه لقد تناولنا الطعام للتو.. أخبرني كيف تجري الأمور معك؟"
رد يامن بذهول لم يغادره بعد وأنظاره مسلطة على أبناء أخواله "على نحو غير متوقع للغاية"
رد هادي بحذر "هل وجدت عمتي؟ هل هي بخير؟"
هز رأسه وكأن هادي أمامه قائلاً بخفوت "نعم وجدتها وهي بخير.. سأنهي الاتصال الآن وأهاتفك فيما بعد"
كاد هادي أن يغلق الهاتف عندما ناداه يامن قائلاً بما يعلم أنه سيشعل فضول هادي "بالمناسبة إجابة على سؤالك الأول نعم وجدت جنيتي وهى ابنة خالي.. إلى اللقاء"
عاد يامن يجلس بجوارهم ليقول يزن بتهكم "جنية!! هل لديك جنيات؟"
رد يامن بنبرة قوية مدافعة "لا ليس لدي ولن يكون لدي أبداً"
سأل سيف باهتمام "لماذا لن يكون لديك جنية؟"
التمعت عينا يامن بألم حقيقي قائلاً بنبرة شابتها بعض المرارة "أنا لا أؤمن بالحب لكي يكون لي جنية.. رجاءً لا أحب الحديث في هذا الموضوع"
رمش إياد بعينيه قبل أن يقول بتوسل ليقين ليخرج ابن عمته من نقطة ألمه غير معلومة المصدر "يويو أنا جائع"
رحبت يقين بهذا الإلهاء لمشاعرها المختلطة وغير المفهومة لتقف سريعاً قائلة "من عيوني إيدو تعالي معي براء"
أوقفها سيف قائلاً بعتاب لإياد "انتظري يويو ألم تأكل منذ ساعتين فقط إياد؟"
رفع إياد عينيه للسماء قائلاً باستجداء "ومن تسبب في هضمهم سريعاً أليس العقاب الذي فرضته على نفسك هو السبب"
رد سيف بصوت حانق "للمرة المائة لم أضربك على يدك"
قاطعت يقين حوارهما وهي تتمسك بهذا العذر الذي أعطاه لها إياد كي تترك الجلسة.. فلو بقيت لظهر على وجهها ارتباك مشاعرها.. ألمها المجهول عندما عرفت أن له جنية!! ثم ذلك التصريح الصادم.. تعلم يقينا أن دخول يامن لحياتها سيسبب لها ارتباك رهيب عليها أن تواجهه ببسالة.. قبل أن تغادر وقفت أمام إياد قائلة بحزم "اصعد لتبدل ملابسك ليس هناك حاجة لتصاب بنزلة برد"
رد إياد بتهذيب "حاضر.. أمركِ يويو"
زمت يقين شفتيها بتفكير.. ما به الأحمق أصبح مهذب فجأة.. بينما عقد يامن حاجبيه بتفكير يراقب تلك المعاملة التي هي أبعد ما تكون عن علاقة حب بين شخصين... صعد إياد ليبدل ملابسه كما أمرته يقين بينما اتجه سيف يحمل المقعد المبلل ليضعه في مكان مشمس حتى يجف.. جلس سيف بعدما تخلص من المقعد التالف ليسأل ناردين المنغمسة بتركيز رآه في انعقاد حاجبيها "ماذا تفعلين ناري؟"
أجابت دون أن ترفع عينيها عن حاسوبها وقد اتحدت مع ما تقرأه بشغف "اقرأ عن قوانين إهدار المال العام في بلدان العالم المختلفة"
سأل يامن بفضول "أنت محامية؟"
هزت رأسها لترفع عينيها إليه بزهو قائلة بفخر "نعم الفترة الماضية كنت أتدرب في مكتب محاماة ثم اضطررت إلى الانقطاع عنه"
رد بتقرير أكثر من كونه سؤال "بسبب حادثك أليس كذلك؟"
عبست بتعجب سائلة باستغراب "كيف عرفت؟"
أجاب بابتسامة لطيفة "معرض يقين تأجل بسبب حادث شقيقتها وبما إنها لا تملك شقيقة غيركِ فخمنت السبب فقط"
أومأت برأسها موافقة وهي تبتسم بامتنان ليقين التي أتت لتقدم لهم مشروبات باردة قائلة "لقد اقترب وقت الغداء فسنجهز الطعام لحين عودة أهالينا وأتيت لكم بمشروباتكم المفضلة"
أتاها صوت إياد المتذمر من خلفها بعد أن أبدل ملابسه "ولكني جائع يويو كيف سأنتظر كل هذا الوقت"
التفت قائلة بحنان "لقد صنعت لك عدة شطائر -ثم ضيقت عينيها ناظرة لما في يده قائلة بتحفز- أهذا توت؟"
هز رأسه موافقا ًوهو يتناوله بنهم لتجذبه منه بقوة قائلة بعبوس "ولم تخبرني.. أنا غاضبة منك"
ابتسم قائلاً "هناك طبق أخر في مطبخنا بالأعلى أعتقد أن ماما قد جهزته لكِ ففيه كل أنواع التوت؛ اصعدي وأحضريه"
نظرت له قليلاً مفكرة قائلة برقة "حسناً ولكن إياك أن تصعد وأنا بالأعلى"
انفجر ضاحكاً قائلاً ببساطة "أعدكِ.. لن أصعد"
هتف سيف من خلفها بتهكم "ولكن لا تفسدي الفستان البقع لن تخرج منه بسهولة"
دمدمت من بين أسنانها وهي مغادرة "غليظ"
انفجر الشباب ضاحكين وسيف يخرج هاتفه قائلاً بعد سكت الرنين "مرحباً رقية"
ثم ابتعد عن الجمع ليتحدث براحة بينما سأل يامن بخفوت "لماذا غضبت يقين من سيف؟"
رد يزن بهدوء "لم تغضب سيف كان يشاكسها فقط التوت فاكهتها المفضلة.. ولكنها تفسد ملابسها ووجهها دائماً بعد تناوله"
أومأ برأسه موافقاً وقلبه يضخ دمائه بعنف أرعبه وهو يعيش كل تلك الأجواء التي حرم منها قبلاً.. عاد سيف يجلس بمقعده بعد أن أنهى مكالمته مع رقية ليسأله إياد بعفوية "ما بها رقية؟"
رمته ناردين بنظرة حادة من عينيها وأصابعها تتحرك بحدة على الحاسوب.. بينما رد سيف بهدوء وهو يغلق الهاتف "ستسافر مع خالها وتريد مقابلتي"
رد إياد بإغاظة قاصداً بها إشعال تلك الجالسة غيرة "خسارة سفرها"
رفعت وجهها ونظرة إجرامية تحتل ملامحها ويامن يقول بحيرة "من رقية هذه؟"
أجابه إياد سريعاً بنبرة استفزازية تعمدها "إنها ابنة صديقة ماما ولكن سبحان من صورها.. فاتنة ورشيقة وليست كالخفر هنا"
وبعد ثانية واحدة من كلماته وجد وسادة ترتطم بوجهه بعنف وناردين تقف أمامه صارخة بغيظ "خفر نحن خفر يا دكتور البراري أنت؟!"
ودون شعور أو استيعاب لما تفعله.. وفي ظل غيرتها الحارقة تخصرت أمامه بدلال أسره دون مقاومة "هل رأيت خفير رشيق وأنيق وفاتن هكذا؟!!"
رغماً عنه فلتت منه نظرة خاصة جداً جداً تجاهها.. لتسبل عينيها بخجل رهيب وهي تعتدل بوقفتها بحزم.. زجرها يزن بحدة وهو يعتدل بجلسته بغضب "إلى المطبخ أيتها الفاتنة"
لم تجادل وهي تسرع بخطوات حازمة.. وعينيها تخفضهما بخجل رهيب.. الغبي لقد نجح في استفزازها وإخراجها عن طورها.. لتنفعل بحماقة وتتصرف بتهور.. وضعت يدها على خدها الساخن لأول مرة ينظر لها بتلك الطريقة.. وكأنها امرأته زوجته تخصه.. يا إلهي قلبها سينفجر من شدة دقاته..
ما إن اختفت ناردين عن نظره الذي تبعها بنظرة مذنبة.. حتي هتف يزن بغضب موجها كلامه لإياد "أبعد نظرك عنها وإياك ثم إياك والنظر لها ثانية بتلك الطريقة؛ وإلا لا تلوم إلا نفسك"
تنحنح إياد بحرج هاتفاً بارتباك "لم انظر إليها"
رد سيف بغضب هادئ وغيرة أخوية تسللت إليه "لا تكذب إياد لقد رأيناك.. بنات عمنا أمانة ولسنا من نخون الأمانة"
نكس رأسه بذنب قائلاً بخجل "أسف كان رغماً عني"
سأل يامن بحيرة وهو ينظر إلى إياد "هل تحب ناردين؟"
أشاح إياد بعينيه بعيدا قائلاً بخفوت "يعني... معجب بها"
عاد يامن يسأل بصوت حائر "معجب بها.. ظننتك تحب يقين"
عبس إياد باستغراب قائلاً بتعجب "من أين أتاك هذا الخاطر؟"
أجابه يامن بخفوت وهو يرطب حلقه الجاف "لقد ناديتها حبيبتي أمامي"
انطلقت ضحكة إياد عالياً قائلاً بتوضيح "أناديها هكذا بعفوية كما أنادي براء"
ابتسم يامن بتفهم قائلاً بتساؤل "إذا سترتبط بناردين؟!"
أومأ برأسه بلا معنى قائلاً بهمس شارد "نعم.. ربما ما زال لدينا طريقاً طويلاً لنصل إليه"
**********

نهاية الفصل

ونورت سرايا المجانين يا يامن اهلا بيك


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-01-21, 10:52 PM   #140

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نور مرزوق مشاهدة المشاركة
الفصل ده من اصعب فصول الرواية الصراحة يعني 😂..هو واللي بعده 🙂
حقيقي بكره غباء سيف اوي..بس لو انا مكانه اعتقد كنت هفكر كدة 😐😐😂..يعني ده شيء بديهي خاصة انه عمره ما سمع عن البومة حياة 😂😂..وبكره انه هب في الرقيقة حبيبة قلبي سما بلا ذنب..عيل كلب اصلا😂😂بس الصراحة حسيته فاهمة اوي خالص سيكا😂💕
وايااااد..يخربييته..بطنه بقدر اوضتين وصالة وعفشة مية😐😐😂❤
غوكا تاخد قلبي..وحياة ربنا ياخدها هي عشان مبحبهاش اصلا😏
فصل قمر يا سوسو يا قمر..الفصل ده تحديدا انا قريته مليار مرة😂💘💘💘💘
موفقة يا سو يا سكر💋💋💕
نوارتي الحلوة وتعليقاتها القمر
خدي قلبي فوق ما انتي واخده


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:30 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.