آخر 10 مشاركات
جنتي هي .. صحراءُ قلبِكَ القاحلة (1) * مميزة ومكتملة* .. سلسلة حكايات النشامى (الكاتـب : lolla sweety - )           »          وأغلقت قلبي..!! (78) للكاتبة: جاكلين بيرد .. كاملة .. (الكاتـب : * فوفو * - )           »          415 - لن أعود إليه - ماغي كوكس (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          442 - وضاعت الكلمات - آن ميثر ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          رواية المنتصف المميت (الكاتـب : ضاقت انفاسي - )           »          ستظل .. عذرائي الأخيرة / للكاتبة ياسمين عادل ، مصرية (الكاتـب : لامارا - )           »          لعنتي جنون عشقك *مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          كوابيس قلـب وإرهاب حـب *مميزة و ومكتملة* (الكاتـب : دنيازادة - )           »          اختلاف متشابه * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : كلبهار - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-01-21, 03:10 PM   #141

ولاء حنون

? العضوٌ??? » 400875
?  التسِجيلٌ » Jun 2017
? مشَارَ?اتْي » 302
?  نُقآطِيْ » ولاء حنون is on a distinguished road
افتراضي


الفصل تحفة ياسارة 🥰
حياة البومة ، ويامن دخل العيلة
ياترى شو هيكون تصرفهم بس يعرفو حكاية حياة وعذابها مع زوجها


ولاء حنون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-01-21, 09:34 PM   #142

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ولاء حنون مشاهدة المشاركة
الفصل تحفة ياسارة 🥰
حياة البومة ، ويامن دخل العيلة
ياترى شو هيكون تصرفهم بس يعرفو حكاية حياة وعذابها مع زوجها
يا روح يا لولا
حياة بومة لن تتغير
يامن القلب كله
يس يا تري رد فعلهم ايه ويامن كمان هيتعاملوا معه ازاى


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 10:13 PM   #143

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس عشر
يا صاحبي خذ للحبيب رسالتي
فعسى يرى بين السطور الأدمعا
بلغه إني في الغرام متيم
والقلب من حر الفراق تصدعا
ما في النوى خير لنرضى بالنوى
بل إن كل الخير أن نحيا معا

يجلس في ذلك المقهى الأنيق حيث رافقته من قبل وسلمت له زمام حياتهما طواعية على نفس الطاولة.. وعدها أن يصل بها لبر الأمان وهي وثقت به ليكسر ثقتها في غمرة ضياعه.. تنهد بعمق وأخرج هواء صدره كله في زفرة حارة.. لقد اشتاق إلى محادثتها الصباحية؛ كان أول ما يفعله عندما يستيقظ أن يهاتفها ويطمئن عليها.. وها هو قلبه يتقلب على جمر من النار لهفة للاطمئنان عليها.. وتغلي الدماء في عروقه غضبا وحزنا.. وإحساس بالخسارة خلف طعما مرا بحلقه..
أخرج هاتفه يتأمل صورتها بلوعة تحركت أصابعه رغما عنه تضغط على رقمها.. أتاه صوت تلك السيدة الكئيبة أن الهاتف غير متاح.. لماذا تغلقه؟ لماذا؟ لتتركه مفتوح ولا تجيب اتصاله.. حاول أن يهاتف عمر ولكن أصابعه لم تطاوعه.. زفر بهم إنه يريد الاطمئنان عليها.. حسنا عمته ستكون رحيمة به.. هاتف عمته التي أجابته بصوت حنون رغم غضبها منه "ماذا تريد سيف؟"
بلل شفتيه قائلا بصوت خافت "كيف حالها عمتي؟"
أتته الإجابة قلقة "لا أعلم لم تفتح باب غرفتها ولا تجيب على ندائي.. قلقة كثيرا عليها سيف"
اختنق نفسه ألما ليجيب بصوت متحشرج "أنا أسف عمتي"
أغمضت دارين عينيها قائلة بتعب "إلى اللقاء سيف"
وضع هاتفه وهو يشرد بعيدا حيث اللاوجود الذي ينشده.. ولم ينتبه لرقية التي وقفت أمامه بطقم شبابي.. سروال جينز ضيق باللون الوردي البارد.. تعلوه بلوزة من نفس اللون وبدرجة أخف تدخل أطرافها في حزام سروالها.. ترتدي عليه حقيبة سوداء بشكل متعامد.. قائلة وهي تفرقع إصبعها أمام وجهه "هاي أيها الشارد إلى أي بلاد الله ذهبت؟"
أجفل سيف لينظر لها بمفاجأة هامسا بهدوء "مرحبا رقية كيف حالكِ؟"
تأملته لوهلة بتركيز؛ عينيه إنها تعرف تلك النظرة ليست غريبة عليها لترد بتساؤل "هل تشاجرت مع سما؟"
أشاح بعينيه بعيدا قائلا بخفوت "كلا لقد انفصلنا"
هتفت بإنجليزية متقنة "هل تمزح معي؟"
هز رأسه نفيا وقلبه يتفتت ألما قائلا بزفرة عميقة "كلا ليتني كنت أمزح رقية؟"
صمتت قليلا لتقول بتوجس "هل كانت سما تغار مني لذلك تركتك"
ضحك ضحكة خاوية قائلا بفراغ "على العكس تماما أنا من كنت أغار منكِ"
نظرت له بدهشة بالغة ليهز رأسه قائلا ببساطة كادت أن تضحكها "لا تفكري كثيرا إنه أمر معقد"
نادى سيف على النادل ليدون طلباتهما دون أن يتبادل مع رقية حرفا واحدا.. تأملت رقية شروده الضائع بحزن.. لطالما كان سيف لها أخ أكبر يستمع إليها وينصحها برفق لم يعاملها به أخوها شريف قبلا.. تكره أن تراه على هذه الحالة ولا تعلم ماذا عليها أن تفعل لتخرجه منها..
في تلك الأثناء أخرج سيف من ضياعه يد صغيرة تشد بنطاله لتجذب انتباهه.. نظر لها سيف قليلا بنظرة حانية كانت طفلة صغيرة في الرابعة من عمرها.. ليجلس على ركبته أمامها سائلا بخفة "ماذا تريدين يا صغيرة؟"
ردت بصوت طفولي جميل "ألست سيف لاعب الكرة المشهور؟"
هز رأسه موافقا قائلا بحنان به بعض من الدهشة "هل تشاهدين مباريات كرة القدم يا جميلة؟"
هزت رأسها نفيا لتقول بتوضيح "لا بابا يشاهدها وأنا أحب رؤيتك تلعب.. شكلك حلو يا عمو"
ضحك سيف بمرح قائلا بهدوء "أنت الأحلى يا صغيرة"
رفع رأسه على صوت سيدة تهتف بتأنيب "سها إلى أين ذهبتِ دون إذني؟"
حملها سيف واستقام واقفا قائلا بصوت هادئ "يبدو أنه خطأي لقد رأتني وأتت للحديث معي وأنا أخرتها"
هتفت السيدة بذهول "لقد غفلت عنها للحظة وهي تركتني وذهبت"
نظر لها سيف يقرصها من خدها بخفة قائلا بحنو "لا تفعليها ثانية بماما يا سها لقد خافت عليكِ"
ردت الطفلة برجاء "هل تتصور معي حتى يصدق بابا أني رأيتك؟!"
أجابها سريعا "بالطبع"
لفت الطفلة يدها حول رقبته وهي تبتسم بسعادة ناظرة لوالدتها التي أخذت لهما صورة.. ثم تناول سيف هاتفه من على الطاولة ليلتقط صورة لها معه قائلا بحنان "وهذه لكي أحتفظ بصورة لكِ معي"
طبعت قبلة كبيرة على وجنته قائلة بسعادة أبهجته "أنت رائع يا عمو سأكبر سريعا ثم أتزوجك"
هتف سيف وهو يلوح لها أثناء مغادرتها بعد أنهى ضحكته الطويلة "وأنا سأنتظركِ يا سها"
جلس أمام رقية التي كانت مبهورة كليا بصورة سيف وتعامله مع معجبيه قائلا بحيرة "ماذا؟"
سألته متعجبة من ضحكه وهو يغرق في كل هذ البؤس "كيف تضحك هكذا وبداخلك هذا الكم من الحزن؟!"
رفع كتفيه يجيبها ببديهية "لم أكن لأردها خائبة وهي طفلة وأكسر بخاطرها ثم إن تلك هي طبيعتنا"
سألت بحيرة "لم أفهم ماذا تعني طبيعتنا؟"
أجاب بمنتهى البساطة وبقناعة شديدة عما يقوله "لأن هذه طبيعتنا عزيزتي، لا نحب الحزن ولا نعرف كيف نحزن... قد يعلم الحزن طرقه إلينا ولكن نحن نهزمه بغمضة جفن... نحن شعب لم يخلق للحزن.. إنما خلق للفرح ليخلق في قلب كل محنة فرحة.. ويزرع في رحم كل مصيبة بهجة.. نستطيع أن نضحك في حين قلوبنا تنزف.. نرسم بسمة وضحكة صافية على الوجوه وأرواحنا مثقلة بهمومنا... نحن من نحول كارثتنا إلى مزاح.. ليس للسخرية لسمح الله ولكن ذلك نابع من قوة إيماننا بمن خلقنا.. بأنه بعد العسر يسر؛ لذا بكائي وحزني اللذان تبحثين عنهما هما سر قلبي المخبأ.. والذي لن يعرفه مخلوق سوى خالقي عندما أبثه لوعتي والجأ إليه ليمدني بالقوة.. هل فهمتِ؟"
هزت رأسها بانبهار وإعجاب بتلك البساطة التي يتعامل بها.. ليأتي النادل ويضع الطعام أمامهما.. بدأت رقية في تناول الطعام باستحسان ليسألها سيف بوضوح "ألن تخبريني بما يحدث معك؟"
وضعت رقية شوكتها أمامها لتقول بشرود "أشعغ (أشعر) أن بابا يضيق الخناق علي يا سيف.. تخطيت السن القانوني وأصبحت مسؤولة عن أفعالي.. وهو ما يزال يعاملني وكأني طفلة.. إن معاملته لكام أفضل مني"
ابتسم لها بهدوء قائلا باهتمام "كيف يعاملكِ روكا؟"
أخفضت عينيها أرضا تتلاعب بشوكتها تطوف بها بين أرجاء الطبق أمامها.. قائلة بحزن وهي ترطب شفتيها بلسانها "لا يثق بي يا سيف.. طيلة الوقت يسألني إلى أين أنا ذاهبة؟ ومن أين أتيت؟ ولماذا تأخغت (تأخرت)؟ ومع من كنت؟"
غمغم سيف بهدوء "هذا حقه"
رفعت عينيها إليه قائلة باستنكار حقيقي "لا ليس من حقه!! ليس من حقه أن يسغق (يسرق) حغيتي (حريتي).. أنا مسؤولة نفسي سيف.. قغاغاتي (قراراتى) أنا من اتخذها وأتحمل مسؤولياتها.. أنا المسؤولة عن تصغفاتي (تصرفاتي) وعن عواقبها.. لم أعد صغيغة (صغيرة) حتى أقدم إفادة بكل تحغكاتي (تحركاتي).. لا أطيق هذا سيف ولا أتحمله.. صمتت قليلا ثم عادت تردد بشرود.. أنا مسؤولة من نفسي فقط"
كان يستمع لها بإنصات ويفهم ما تقوله وتمر به.. وفي المقابل يتفهم مبررات عمه أمجد.. زفر نفسا عميقا ليهمهم بتساؤل بسيط حتى يخرج كل ما بداخلها من أفكار "من قال أنكِ مسؤولة نفسكِ فقط؟!"
زمت شفتيها بحنق قائلة بسخط "القانون يا سيف لقد تخطيت سن الغشد (الرشد) -ثم ضحكت بمرارة مجيبة بحزن- أتعلم أنه وكل أحدهم لمغاقبتي (لمراقبتي).. بالطبع حتى يأتيه بأفعال ابنته المخزية التي تخفيها عنه.. أغأيت (أرايت) كيف هي معاملة والدي لي؟!"
غمغم سيف بذهول "أوووه إلى أين شطح خيالكِ يا فتاة.. عمو أمجد لا يفكر بتلك الطريقة"
ردت باندفاع "لا تدافع عنه"
أجبر سيف نفسه على الهدوء فهو يتعامل مع مراهقة.. وهو يعلم شطحات تلك الفترة الفاصلة في حياة الشباب سواء كانوا فتيان أو فتيات.. ليقول مهدئا إياه بحنان "حسنا اهدأي لن أدافع عنه ولكن أريد سؤالك بضعة أسئلة بسيطة وتجيبيني عنها"
أومأت برأسها موافقة ليسألها بعد أن ارتشف رشفة من كوبه "ما هو بلدكِ رقية؟"
رمشت بعدم فهم لتجيب بتعجب "مصغ (مصر)"
ضحك بخفة مجيبا بمشاكسة "مصغ ستتبرأ منكِ بعد أن شردتِ اسمها"
ابتسمت رغما عنها ليعود يسألها ثانية "ما هي هويتكِ رقية؟"
نظرت له بحيرة مجيبة بعدم فهم "لا أفهمك!"
أعاد سؤاله بصبر "هويتك؟ عربية.. أوروبية.. أسيوية.. أمريكية وهكذا"
أجابته بيقين بعد أن فهمت سؤاله "أه بالطبع عغبية (عربية)"
ضحك قائلا بمرح "وها هو الوطن العربي يتبرأ منكِ هو الآخر"
شاركته الضحك برقة قائلة بحيرة لفتها داخلها "لا أفهم سيف ما دخل هذا بذاك؟"
ابتسم وهو يعلم أنه وجد المدخل الصحيح لعقل رقية.. هو يعلم أنها إنجليزية الهيئة والتفكير.. عربية الهوية قلبها يعشق وينتمي لهواء هذا البلد "هذا هو أساس الموضوع يا رقية.. اختلاف الثقافات والحضارة.. والدكِ لا يراقبكِ رقية لأجل أفعالكِ المخزية بل يراقبكِ ليتدخل حين اللزوم.. يمنحكِ حريتكِ التي تبغينها تحت حمايته وعيونه.. والدكِ يثق بكِ لكنه لا يثق بالمجتمع من حولكِ.. مجتمع مثلما فيه الحرية لتفعلي ما تشائين.. تحيطكِ المخاطر من جميع الجهات أيضا.. هو مجتمع متقدم مزدهر يبهر الأنظار ولكنه فاسد ومنعدم الأخلاق من الداخل.. لا يعترف بالحدود التي تضعينها حولكِ ولا يحترمها.. أنتِ ترين أن القانون هناك يصون حريتك.. ووالدكِ يراكِ بخطر دائم خاصة أنكِ عنيدة وطائشة ودائما أفعالكِ متهورة عكس كارمن فهي بالرغم من صغر سنها ولكنها عاقلة"
لمح الإدراك يتراقص بين حدقتيها ولكن كما وصفها إنها عنيدة ولا تلين بسهولة.. لترد بعناد أشد مقاومة لعقلها الذى يهتف بصحة قراره "لماذا لم يخبغني (يخبرني) بهذا كله ويسعى لأن يفهمني أسبابه دون الحاجة إلى تناطحنا هذا؟"
ميل رأسه ليسألها ببساطة أثناء مضغه الطعام "ولماذا لم تسأليه أنتِ عن أسبابه؟"
ارتبكت على الرغم من بساطة السؤال لتناظره برجاء.. فيبتسم بحنان مكملا كلامه بهدوء "هذه المشكلة يا روكا أنت لا تسعين لفهم والدكِ.. عزيزتي نحن الرجال لدينا مشكلة في التعبير عن مشاعرنا بالكلمات.. نظهر حبنا وحمايتنا في هيئة أفعال نراها صحيحة ولكن أحيانا تكون خاطئة.. على العكس تماما أنتن لديكن انفتاح رائع في التعبير عن حبكم سواء بالأفعال أو الأقوال.. تدللي على والدكِ برقتكِ ودلالكِ الفطري وسترين التغيير الذي سيطرأ على علاقتكما.. سيصبح والدكِ صديقكِ وحبيبكِ الأول"
ابتسمت بإشراق وكلماته تزيل عن عقلها غشاوة.. وترشدها إلى الطريق الصحيح لترد بشبه يقين "كعلاقة والدك وأعمامك بالفتيات بالمنزل"
هز رأسه إيجابا لتزدري ريقها وهي تبوح بخفة "في هذه المدة التي قضيتها في منزلكم لقد كنت أحسد الفتيات على علاقتهم المتينة بآبائهم.. وأتساءل لماذا والدي ليس كعمو أيهم وعمو خالد؟!"
تنهد سيف بعمق قائلا وهو يميل تجاهها بطريقة مضحكة وكأنه يبوح لها بأكثر الأسرار خطورة بالعالم "سأخبركِ بسر خطير لو كانت الفتيات تربين بنفس البيئة التي نشأتِ بها.. لكان أعمامي حبسوهم بالمنزل خوفا وغيرة عليهم.. وهم هنا في بلادهم لا يخطون خطوة واحدة دون علم أحد من الكبار وإلا لن يمر يومهم على خير.. لذا والدكِ نعمة يا فتاة احمدي الله عليها"
انفجرت ضاحكة بشدة وهي تقول من بين رموشها المسبلة بجمال طبيعى "أنا أحب دادي يا سيف لا أغيد (أريد) استبداله إطلاقا.. فقط أحب قغبه (قربه) ولا أحب الشجاغ (الشجار) معه"
رفع كتفه قائلا ببديهية "تقربي منه إذا واعقدي صداقة معه وهو لن يرفض صداقة طفلته"
ابتسمت له بتردد ليبتسم لها بتشجيع ولكن عاد الحزن يحتل أحداقها ثانية هامسة بحزن "ماذا أفعل عندما يتملكني الغضب منه يا سيف.. لن أستطيع حينها أن أتقغب (أتقرب) منه بسهولة.. أو حتى التعامل معه"
صمت يفكر في حل لتلك المعضلة الجديدة.. قبل أن يقول بحماس "أغمضي عينيكِ وتخيلي نفسكِ وكأنكِ هو وانظري كيف سيكون رد فعلكِ"
نظرت له بشك تخبره بنظراتها أنه حل أحمق.. ليسألها بصبر تمسك به لأقصى حد "أخبريني ما كانت مشكلتكِ الأخيرة مع والدكِ؟"
أخفضت عينيها وهي تضع شوكتها على الطاولة وتلتقط المحرمة البيضاء تمسح فمها برقي.. ثم شردت بعينيها بعيدا عنه مجيبة بخفوت "تأخغت (تأخرت) بالخاغج (بالخارج) مع أصدقائي وهو لا يحبهم.. يقول دائما أنهم سيئون ولا ينبغي لي أن أكون معهم.. وتلك الليلة كانوا يحتسون ممنوعات ودادي عغف (عرف) فأقام الدنيا فوق غأسي (رأسي)"
رفع حاجبيه ليقول بغضب "لو كنت محل والدكِ لكسرت رقبتكِ يا آنسة"
ردت بتبرم "سيف!"
أخذ نفسا عميقا يهدئ غضبه ليأمرها بهدوء "أغمضي عينيكِ -فعلت مثلما أمرها ليتابع بهمس- أنتِ الآن متزوجة ولديكِ فتاة في نفس عمركِ.. خرجت تسهر مع أصدقائها ولم تخبركِ ثم عادت إليكِ متأخرة كثيرا.. ورأيتِ بعض من أصحابها يوصلونها ويلوحون لها بثمالة كيف سيكون إحساسكِ حينها.. ليس إحساسكِ كأم إنجليزية بل مصرية عربية؟"
كانت تغمض عينيها مندمجة مع الصورة التي رسمها لها بمهارة.. تترك فطرتها كأم أن تتحكم بها.. وانفعالاتها ورفضها لما تفعله كمراهقة ترفضه كأم.. فتحت عينيها بشهقة هامسة بذهول "يا إلهي"
ابتسم لها باطمئنان قائلا بحكمة "هذا شعور والدكِ يا روكا.. إنها طبيعة يا صغيرة ولكن كل منا يظهرها بطريقته.. هل فهمتِ؟"
أومأت له لترد بامتنان غمره وفاض من خضرة عينيها "نعم شكغا (شكرا) كثيغا (كثيرا) يا سيف.. أتعلم عندما أعلمتني مامي أنها ستبعثني إلى هنا.. لوهلة كنت سأغفض (سأرفض) وأصغ (أصر) على الذهاب عند شيف بألمانيا.. ولكن وجودك هنا هو ما شجعني على الموافقة.. من كل قلبي شكغا (شكرا)"
ابتسم متغاضيا عن شكرها مجيبا بمرح "لا زلتِ تنادينه شيف؟"
قهقهت مجيبة بمرح مماثل "هو من يجبغني (يجبرني) على مناداته هكذا، لا يحب أن أناديه شغيف"
انطلقت ضحكته عالية لدرجة إغلاقه عينيه "لدغتكِ ممتعة يا روكا"
شاركته ضحكه لتنتبه إلى الصوت الصادر عن هاتفها لتقول بأسف "إنه أنكل مازن يجب أن أغادغ (أغادر)"
وقف معها ليقول بلطف "هيا لأوصلكِ إليه"
هزت رأسها نفيا مجيبة برقة "لقد بعث سياغة (سيارة) لتقلني"
ثم مدت يدها إليه تصافحه قائلة بدموع "إلى اللقاء سأشتاق إليك وإلى الجميع هنا"
صافحها بمودة أخوية هامسا بحزن رغما عنه "إلى اللقاء غوكا سنشتاق إليكِ نحن أيضا"
تابع مغادرتها ليتنهد بتعب وهو يخرج حافظة أمواله ليدفع ثمن ما تناولاه.. ثم يغادر متجها إلى تدريباته ليهلك نفسه بها.. متجاهلا قلبه الذي يئن وجعا وروحه التي تنزف بألم مبرح.
************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 10:15 PM   #144

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

كان يراقب ناردين بتحركاتها العشوائية من بين رموشه المسدلة ينظر في قصاصات الورق بين يديه.. حيث يلعب مع يزن لعبة الورق (الكوتشينة) بعد أن افترشوا الأرض يجاورهم يامن الذي يراقب ما يحدث بينهما من مشاغبات مرحة باستمتاع.. ألقت ناردين هاتفها بسخط ليسألها إياد بهدوء "ما زال هاتفها مغلق؟"
أجابت وهي تلقي بثقلها على أحد المقاعد بنزق "نعم سأقتلها عندما أراها"
غمغم يزن آمرا بلين وهو يفكر بأي ورقة يجب أن يلقي "لا تضغطي على سيف بهذا الأمر ناري إنه يتألم"
أجابت بغيظ وهي تشعر بندم حقيقي لما سببته من إيلام لسيف صباحا "لم أكن أنوي الحديث معه ولكن رؤيته يمزح مع إياد صباحا أججت غضبي منه"
رد إياد بحدة وهو يلقي بورقة مما بين يديه "لم يكن يمزح.. أتعلمين أنه منذ السابعة صباحا ينظف الحديقة والملعب وحمام السباحة.. يجهد نفسه عقابا على ما فعله مع سما وما سببه لها من ألم.. وها هو ذاهب إلى تدريباته دون أن يحصل على قسط من الراحة بعد هذا المجهود المضني الذي بذله.. فلندعو الله ألا ينهار جسده من الإرهاق فقط"
زفرت بحزن ويامن يسأل بحيرة "من سما؟ أهي حبيبة سيف؟"
أجاب يزن بحزن على شقيقه وهو يلتقط كومة الورق ليعطي لإياد أربع ورقات وله المثل "إنها حياته كلها.. ابنة عمتنا الصغيرة كانت مخطوبة لسيف وانفصلا"
غمغم بذهول "عمة!!"
هز إياد رأسه موافقا قائلا يشرح له "نعم إنها أخت عمو ماهر بمعنى أخر خالتك"
دار عقل يامن بذهول وهو يفاجأ بكل تلك العلاقات التي اكتشفها اليوم.. ألا من نهاية لهذا اليوم العجيب الرائع.. فاق من ذهوله على هتاف يزن المستنكر "أنت غشاش إياد"
لوى إياد شفتيه بامتعاض قائلا من بينهما "كل هذا لأنك خسران؟!!"
هتف يزن بسخرية "خسران!! بالطبع سأخسر وأنت تغش بكل هذه الحرفية"
ارتفع حاجب إياد باستهزاء مجيبا بإغاظة "تحفظ ماء الوجه لأن تلك الدورة الثانية التي أنت على وشك خسارتها"
نظر له يزن باستهانة ليقول يامن بنبرة مرحة "بالله عليك إياد أي دور هذا الذي به خمس أولاد واثنين كومي"
أجابه إياد بدفاع "الورقة الأولى كانت سبعة عادية ومجموع ما في الأرض وقتها كان سبعة فأخذت بها جميع الورق الذي كان موجودا حينها"
ردت ناردين باستهزاء "إذا لماذا معك الكومي بصرة واحدة من المفترض أن السبعة الأخرى بصرة؟!"
هتف بانتصار "معكِ حق ..إذا أنا معي بصرتين"
ألقى يزن الورق في وجهه قائلا وهو يبعثر الأوراق أمامهما "لن ألعب معك.. أنت غشاش لا مثيل له"
أيدته ناردين بقوة "لا تلعب معه إنه غشاش كبير"
زم شفتيه بحنق قائلا بغيظ "لا تتدخلي يا ظريفة"
ردت بندية "ظريفة رغما عنك"
هم بالرد عليها ليقول يزن بصرامة "توقفا عن هذا العته"
التزم كل منهما الصمت ليلتفت إياد إليها بحركة متوعدة من يده وبالمقابل أخرجت طرف لسانها له باستهزاء ليعيد يزن قوله بحزم أكبر "قلت توقفا"
التزما الصمت بسخط فيما جمع يزن الأوراق وبدأ دور جديد مع يامن تاركا الساحة لحرب النظرات القاتلة بين الثنائي الغاضب بجواره.. هتفت ناردين وهي تلمح سيارة أبيها تدلف من البوابة "لقد أتوا.. سأعطي خبر ليقين وبو"
ثم دلفت للداخل ركضا ليهمس إياد لنفسه بقلق "ألم يخبرها أحد أنها أنهت منذ مدة صغيرة علاجها.. تلك الغبية"
غمغم يزن بحيرة "هل تقول شيء"
هز رأسه نفيا وهو يلمحها عائدة ركضا أيضا ليهمس "حمقاء غبية"
نظر له يزن بطرف عينيه ليبتسم بسخرية وهو يركز بأوراقه فيهمس له إياد أثناء مراقبته لها تعانق والدته بقوة "ألقي بتلك الورقة يزن"
ركضت تعانق نيرة بقوة سائلة بقلق "عمتو أنتِ بخير؟!"
ربتت نيرة على ظهرها بحنان مجيبة بلطف "نعم يا حبيبتي أنا بخير"
جلس الرجال على المقاعد المرتفعة ليقول أيهم بإدراك ليزن "طردته من اللعبة أليس كذلك.. في كم دور نصب عليك؟"
كشر إياد بغيظ قائلا بصوت طفولي "هكذا تبيعني يا بابا؟"
رفع أيهم حاجبه قائلا باستهانة "العب غيرها يا حبيب بابا"
ضحكوا جميعا ليقول خالد بمزاح "هل أنت متأكد أنه ابنك؟!"
رد إياد سريعا بنبرة مغيظة "بل ابنك أنت"
ضجوا جميعا بالضحك وخالد يرد بحنان "جميعكم أبنائي"
نظرت له ناردين باستخفاف وهي تتجه لتجلس في حضن أيهم مقبلة وجنته هاتفة بحب "دعك منه.. أنت حبيبنا يا عمو"
سألت هنا وهي تدير عينيها بالأرجاء "أين يقين وبراء؟"
أجابت ناردين بهدوء "يعدون الطعام"
ارتفع صوت براء قائلة بأمر "ناردين.. إياد.. كفا عن الكسل وتعالا لنعد الطاولة"
لدهشة يامن اتجها ناردين وإياد ليعدوا الطاولة دون معارضة وكأنه أمر مسلم به.. بينما جمع يزن الأوراق قائلا وهو ينظر لخالد "مساء الخير عمو خالد"
أجابه خالد بسخرية "مساء الخير يا حبيب عمك"
زم يزن شفتيه بحنق وهو يعقد يديه على صدره مشيحا بعينيه بعيدا وهو يعلم أن خالد ما زال غاضبا منه.. ابتسم خالد بحنان وهو يرى فعلته ثم عاد ليتحكم في ابتسامته بحزم.. بعد دقائق قليلة أتت يقين وقد أبدلت ملابسها إلى بنطال جينز كحلي مثنى طرفه عدة مرات.. تدخل به قميص أزرق فاتح مثنى كمه حتى الساعد ويلتف حول خصرها حزام بني.. وفي يديها أساور ذهبية اللون كانت تبدو فاتنة شقية تدعوهم لتناول الطعام.. وقف ماهر يلف ذراعه حولها متجها معها إلى الطاولة قائلا بحنان "لماذا أبدلتِ فستانكِ؟؟ كان جميلا"
همست بخفوت "لقد كنت أتناول التوت"
ابتسم ماهر باتساع قائلا "أاااه فهمت"
التفوا جميعا حول الطاولة لتقول نيرة بأمر "إياد اصعد وأيقظ سيف إن كان نائما"
رد إياد وهو يضع الأطعمة بطبقه "لقد خرج ماما قبل مجيئكم بقليل"
ردت لمار بعصبية وغضبها عليه ما زال ثائر "هل جن هذا الولد؟ تصرفاته لم تعد محتملة؟ لم يعد لديه احترام لأحد"
نظر لها يامن بدهشة ويزن يغمغم بهدوء "كان سيبقى ماما ولكن رقية أرادت رؤيته قبل سفرها.. فذهب لرؤيتها وسيذهب إلى النادي بعدها وسيعود على العشاء "
زمت لمار شفتيها دون رد لتقول هنا بخفوت "أخرجي سيف من رأسكِ هذه الأيام لمار"
غمغمت لمار بذهول "هنا!"
أجابتها نيرة بهدوء دون أن ترفع عينيها عن الطبق "هنا معها حق يا لمار"
لم يتدخل أحد من الكبار في الحديث بين زوجاتهم.. والتزم الصغار كل منهم طبقه ليميل يامن على إياد مغمغا "هل زوجة خالي غاضبة من سيف؟!"
قطب إياد حاجبيه قائلا وهو يمضغ الطعام في فمه بسرعة "زوجة خالي ناديها عمتي يا رجل... ما هذا الاسم الطويل!!.. ونعم غاضبة من سيف لقد ارتكب مصيبة بالأمس.. ولكن بما إن عمتو هنا كشرت أنيابها دفاعا عن سيف فلن تستطيع عمتي لمار أن تقترب منه"
همهم يامن قريبا منه بذهول "بالمناسبة أنت ثرثار"
كشر إياد قائلا بسلاسة مرحة وهو يضع شوكته بطبق يامن "شكرا لك.. هل تلزمك قطعة الدجاج هذه؟"
هز يامن رأسه نفيا ليلتقطها إياد بشوكته ويضعها بفمه أمام ضحكات يامن المستمعة.. أتاه صوت نيرة حازما بتوبيخ "دكتور إياد امضغ طعامك ببطء كي لا تغص بالطعام"
هز رأسه بطاعة لتغمغم ناردين لنفسها "ليته يغص لنرتاح منه"
رفع رأسه قائلا بشراسة "بماذا كنتِ تغمغمين؟!"
رفعت رأسها بالمقابل لتضع عينيها بعينيه قائلة بسخرية لاذعة "وما دخلك بما أغمغم به دكتور؟"
ضيق بين عينيه بنظرة شريرة قائلا بشر "هل ألمح سخرية بين كلماتكِ؟!"
لم تلن نظراتها وهي تقول بقوة "وهل ألمح تهديدا بين كلماتك؟!"
تراجع إياد بظهره للخلف قائلا بصوت مغيظ "ولماذا أهددكِ.. هل بيننا ثأر مثلا؟!"
لم تجبه وهي تمنحه نظرة متوعدة من عينيها.. ليقف وهو يملأ طبقه ثانية بعد أن فرغ لتقول ناردين بغل من شراهته التي لا تطاق "ارحم يا بني.. الرحمة حلوة"
جلس محله ثانية وهو يفاضل هل يأكل الدجاج أولا أم الكباب المشوي قائلا بلا مبالاة "تركنا الرحمة لكِ يا ست البنات"
مال ماهر على لمار هامسا بتعجب "هل أنا الوحيد الذي يشعر بأنه كان بينهما معاهدة سلام وتم اختراقها؟!"
هزت رأسها مؤكدة على كلماته "أعتقد أنها كانت بسبب حادثها؛ وها قد شُفيت وعادت ريما لعادتها المفضلة النقار كالديوك"
ضحك بهدوء وهو يومئ بعينيه لتسأله بحيرة "ما بها حياة؟"
التفت إلى حياة التي كانت دامعة العينين تراقب اندماج يامن مع أبنائهم بوجل واهتزاز رآه واضحا في ارتجاف شفتيها.. نظرة خاطفة إلى طبقها ليعلم أنه لم يمس ربت على كتفها بخفة لتنتبه له سائلا باهتمام "ما بكِ؟"
همست بخفوت نادم "أشعر بأني ظلمت يامن يا ماهر"
أخذ ماهر نفسا عميقا قائلا بقسوة "لقد ظلمتِ الجميع حياة ولكن أكثر من ظُلِم كان ابنكِ"
نظرت له برجاء خافت ليجيبها ببرود "نظرة واحدة إلى ابنكِ لأعلم أنه رجل صلب قوي ويُعتمد عليه ولكن فقد الجانب المرح الطفولي من حياته.. ذلك الجانب الذي حرصنا أن نزكيه ونكبره مع أبنائنا فلا يسقطوا سريعا مع أول عقبة تواجههم"
همست بخفوت وهي تركز عينيها على ابنها تحاول أن تقيم إذا كان مختلفا هنا عن كونه مختلفا هناك.. لتكتشف أنها لا تعلم كيف يبدو ابنها في حالته العادية فتجيب ببوح مختنق "لم يكن يقيم معي يا ماهر لقد استقل بحياته بعيدا عنا.. لقد ظلمته كثيرا وظلمت نفسي أكثر"
نظر لها بعدم تصديق ذاهل ما لبث أن تحول لغضب هادر فيرد بحدة بصوت منخفض "ظلمتِ نفسكِ.. أنتِ لا تعلمين كم من مرة افتقدنا وجودك وكنا بحاجة إليكِ ولكنكِ لم تكوني هنا حتى"
هزت رأسها نفيا وهي تجيب بصوت باكي "كلا أنت لا تفهم يا ماهر"
هدر بها بحدة دون أن يرفع صوته "أنت التي لا تفهمين.. لم تتواجدي أثناء معاناة أيهم قبل زواجه من نيرة.. ولا أثناء انهيار خالد بعد موت فاطمة.. لا تعلمين كم كانت دارين بحاجتكِ عندما كانت ابنتها بين الحياة والموت.. ولا عندما كانت ابنة خالد على شفير الموت.. لم تتواجدي في أي وقت كنا بحاجتكِ فيه.. لذا لا تتحدثي عن الظلم حياة"
همست بخفوت وقد أصبح بينها وبين البكاء شعرة "لقد حاولت أقسم بالله حاولت أن أتواصل معك ولكني جبنت.. أيهم وعبد العزيز لا يتفقان مطلقا يا ماهر وأنا لم أكن لأستطيع التخلي عنه أبدا"
زفر ماهر نفسا عميقا هامسا بهدوء "ليس الآن يا حياة لا تسمحي لدموعكِ أن تتساقط الآن"
هزت رأسها موافقة وهي ترمش عدة مرات حتى تمنع دموعها من النزول.. بينما مال خالد على أيهم الجالس بالقرب منه مسلطا عينيه على يامن سائلا "ما بك كدت تأكل الولد بعينيك؟"
أجابه دون أن يحيد بعينيه عن يامن "أحاول أن أكتشف شخصيته وخاصة أنه نتيجة زواج الحقير من أختنا الأنانية"
رمش خالد بعينيه بصدمة قائلا باستغراب "لم تنسى حقدك عليه بعد؟"
أجابه أيهم بثقة "كلا يا خالد لم أنسى ولن أنسى ولو بعد مرور مئة عام"
زم خالد شفتيه قائلا بيأس وهو يهز رأسه "وماذا اكتشفت؟!"
التفت أيهم برأسه لخالد قائلا بخفة وابتسامة عريضة ترتسم على وجهه "لا يشبههم إطلاقا لو لم أكن واثقا أنه أتى اليوم فقط، لقلت بأنه تربى في بيتنا منذ مولده"
رفع خالد حاجبه قائلا بعفوية "يستحق الثقة إذا؟"
ضحك أيهم قائلا ببساطة وهو يرتشف من عصيره "منحته الثقة منذ تركت يقين معه بالمنزل بمفردها"
عبس خالد لهذا الاتهام القاسي قائلا بدفاع "لم تكن بمفردها.. الشباب جميعهم كانوا موجودين"
رفع أيهم كتفه مجيبا بخفة "الشاب لم يكن يعلم يا خالد.. وإن كان ذكيا كفاية كان ليكتشف أنك منحته ثقتك منذ الدقيقة التي رأيته بها"
قطب خالد حاجبيه قائلا بنبرة طفولية مناقضة للشيب في شعره والتجاعيد في وجهه "أكره أن أكون مكشوفا لك بهذا الشكل"
انطلقت ضحكة أيهم قوية قائلا بوضوح "أنت مكشوف لي منذ كنت صغير يا خالد.. لا تتذمر الآن"
شاركه خالد الضحك وماهر يقول بغيظ "هل عدتما للأحاديث السرية ثانية أنتما الاثنين؟!"
رفع خالد حاجبه وهو يضع إصبعه أسفل ذقنه قائلا بمشاغبة "كنت وأختك تتبادلان الأسرار الآن.. هل تدخل أحد بينكما؟"
لم يجب ماهر وترك نظرة عينيه المتوعدة التي جلبت الضحكات لخالد وماهر تعبر عنه.. هز رأسه ثم ما لبث أن شاركهما الضحك.. وقفت يقين قائلة بتعب "سأصعد أنا لأنام قليلا"
قطب خالد حاجبيه بقلق قائلا "لماذا؟.. ليس من عاداتكِ النوم الآن"
ردت بصوت حاني لتبعث الاطمئنان لقلب والدها الذي أصبح يهلع من أقل الأسباب "لم أنم فترتي الصباحية التي اعتدتها، وتعبت قليلا في المطبخ ففكرت أن أحصل على قيلولة"
زفر خالد براحة ليشير لها بالاقتراب منه.. ابتسمت بحب وهي تخفض وجهها لوالدها ليقبل وجنتها قائلا بشكر أنعش قلبها "سلمت يداكِ الطعام كان رائع ومميز للغاية"
ابتسمت بدفعة سعادة أهداها لها والدها بكلمة صغيرة فقط لتصعد للأعلى.. تاركة خلفها قلب يتخبط بين ما آمن به طيلة عمره وما عايشه لبضع ساعات فقط.. انتبه من شروده على صوت براء الغيور "لقد ساعدتها بتحضيره أيضا"
ضحك خالد بمرح ليجيب بحب "سلمت يداكِ يا نور عين عمكِ.. الكباب كان رائع وشهي للغاية"
هتفت بفرحة طفولية "كيف عرفت أنني من طهوته؟"
أجابها ببساطة "لأنه ممزوج بنكهتكِ.. كل منكم لديها نكهتها المميزة أثناء طبخها"
صفقت ناردين بفرحة هاتفة "إذا تعلم أي طبخة قمت بطهوها أنا؟"
أجابها خالد بثقة "السلطة البيضاء فقط"
ضحكت براء بقوة قائلة بتفكه "نعم ودخلت المطبخ وكأنها مغصوبة على الدخول"
أشاحت بعينيها قائلة بنزق مدلل.. تخفي به خجلها من تذكرها لنظرة إياد حينها "لا أحب المطبخ من الأساس"
ابتسم إياد بسخرية وهو يرى تهربها من ذكرى ما حدث صباحا.. بينما تجيبها براء وهي تقلد صوتها "لا أحب المطبخ من الأساس.. فاشلة مدللة"
نظرت ناردين إليها بغل لتقول موجهة حديثها ليزن "من المدللة بيننا سيد يزن؟ أدلى بدلوكِ هنا"
أجاب يزن بخفوت وهو ينظر بطبقه "لا يوجد مدللة مثل بلوتي"
لكزته بخصره بقوة هاتفة بسخط "يزن؟"
ضحك وهو يلتقط يدها يقبلها بحب قائلا بهيام "أجمل مدللة بالعالم"
هدر خالد بحدة "يزن!"
اتسعت عينا يزن بخوف فطري ليعض شفته بتوتر قائلا دون أن ينظر لعمه "نعم عمي؟"
أجابه خالد بقوة وهو ينظر له بنظرة متوعدة "ليلتك سوداء يا عيون عمك؟ كيف تسمح لنفسك بالاقتراب منها هكذا"
استقام واقفا قائلا بتوتر واضح "حسنا إنها زوجتي يا عمي"
رفع خالد حاجبه دون رد منتظرا توضيحا أكثر تفصيليا.. أغمض عينيه قائلا بمراوغة "قصة طويلة وأنا سأتأخر عن تدريباتي بعد إذنكم"
ثم مال مقبلا رأس براء سريعا ويغادر بخطوات متعجلة دون أن ينتظر رد من أحد.. لتخفض عينيها بخجل رهيب وخالد يسألها بصوت أقل حدة "كيف؟ أنتِ زوجته بو؟"
رد عليه أيهم بمشاغبة وعينيه تتألق بنظرة ماكرة "اترك براء ودع يزن يخبرك بنفسه.. أريد أن أرى وجهه حينها"
هم خالد بالاعتراض ليقاطعه أيهم بمكر "رجاءً"
صمت خالد على مضض مجيبا بتوعد "لنرى تفسير سيادته ليلا.. ليلته لن تمر على خير"
هز أيهم موافقا لتقول ناردين برجاء "بابا هل تقلني إلى بيت عمر رجاءً؟"
أجابها خالد بلطف "لن أستطيع يا حبيبتي سنذهب أنا وعمكِ للنادي لدينا تدريبات.. وبيت عمر في اتجاه غير اتجاه النادي.. بإمكاننا أن نذهب ليلا إن أحببتِ"
ابتسمت له موافقة ليقول يامن بهدوء "بإمكاني إيصالها بطريقي يا خالو"
عبس أيهم قائلا بهدوء "بطريقك!! لماذا إلى أين أنت ذاهب؟"
غمغم بصوت خافت "إلى الفندق حيث حجزت كي أبقى مدة إقامتي هنا"
أجابه أيهم بأمر قاطع لا رجعة فيه "فلتنسى أمر هذا الفندق.. ستقيم هنا ما دام بيت عائلتك مفتوح"
أجابه يامن باعتراض "لكن يا خالو..."
قاطعه أيهم بصرامة "لا لكن يا ولد أوامري لا تناقش"
هم يامن بالاعتراض ثانية ليضغط إياد على كفه هامسا ينهاه عن الاعتراض "لقد تحول إلى الجبار أيهم لا تناقشه لن يغير قراره.. ما دمت انتميت إلى سرايا المجانين الخاصة بنا فتعلم القواعد وأولها، عندما تتلبس بابا هذه الحالة لا تعارضه مطلقا"
ضحك يامن قائلة بطاعة "حاضر يا خالو.. ما زال بإمكاني أن أوصل ناردين إلى حيثما تريد.. بعد إذنك بالطبع خالو"
هز خالد رأسه موافقا لتقف ناردين قائلة "سأذهب لأبدل ملابسي لن أتأخر"
ووقفت بجوارها براء قائلة "أنا أتية معكما سأبدل ملابسي وأعود"
غادرت الفتاتان ليقول إياد وهو يجذب يامن يوقفه "تعالى لأريك غرفتك ربما تريد أن تغتسل وتبدل ملابسك"
ابتسم له يامن بامتنان وهو يغادر معه بأريحية عجيبة لا يصدقها هو نفسه.. تتبعهما عين هنا تغمغم بآيات من الذكر الحكيم والكثير من الأدعية أن يحفظ الله جميع أبنائها ويحميهم جميعا.. وقد شملت دعوتها ذلك المنضم لهما منذ بضع ساعات.
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 10:17 PM   #145

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الأم هي تلك الكلمة الصغيرة المكونة من حرفي الألف والميم.. وهذا الفراغ بين الحرفين ما هو إلا نهر جارى من حنان لا ينضب.. ورعاية لا تنتهي، وحب غير مشروط لا يخفت وهجه مع الزمن.. قلبها هو القلب الوحيد الذي لا يستطيع نسيانك.. قد ينسي أي شيء بالعالم ولكن ابنها لا يجرؤ على نسيانه.. اسمك لا ينقطع من دعواتها أبدا.. تحمي سعادتك بكل قوتها وتسعى لإزالة حزنك كيفما تيسر لها الأمر.. هي تلك الكلمة الشحيحة في حروفها الغنية في معانيها.
وقفت دارين أمام باب سما المغلق منذ الأمس بأعين دامعة تناشدها بقلب أم يرجف من القلق "سما حبيبتي ارحمي قلقي وافتحي الباب، يا طفلتي يا عمري.. أريد فقط الاطمئنان عليكِ.. حسنا لا تفتحي الباب ولكن أسمعيني صوتكِ.. أريد أن أعلم أنكِ بخير"
اختنق صوتها وهي تقاوم غصة البكاء التي أوقفت كلماتها ودموعها تسيل رغما عنها.. تنبهت إلى اهتزاز الهاتف بين يديها رفعته.. تقرأ تلك الرسالة الباردة قليلة التهذيب من ابنتها بصورة مشوشة نتيجة دموعها "أنا بخير ماما أحتاج أن أبقى بمفردي لبعض الوقت وبعدها سأكون بخير.. لا تقلقي"
لم تستطع قدم دارين أن تحملها وقد أخذت منها الساعات الماضية الكثير من أعصابها.. لتنهار باكية بجوار جدار حجرتها.. أتت الفتاتان الصغيرتان ركضا لتجلسا بجانبها يسألانها ببكاء عما يحدث معها.. ازداد بكاءها وهي لا تستطيع الرد عليهما.. تركتها مي وهي تركض باكية لوالدها الذي يقف في المطبخ يعد طعام للتوأم.. بعد أن كادت دارين أن تحرق المنزل صباحا وهي تعد الفطور نتيجة شرودها.. تعلقت مي بساق والدها بخوف؛ أجفل عمر وهو ينخفض لمستواها ليقف حاملا إياها سائلا بينما يده الأخرى تزيل دموعها "ما بكِ يا حبيبة بابا؟"
تعلقت برقبته بقوة وهي تقول بتقطع مرتجف "ما.. ماما.. إنها تبكي كثيرا"
أغمض عمر عينيه بتعب وهو يمسد ظهرها بحنان ليسكن خوفها قائلا وهو يحملها للخارج "هيا لنرى ما بها ماما؟"
ذهب إلى حيث تجلس دارين وبجوارها مروة التي ما إن رأته حتى اندفعت إليه وهي تقول باستجداء "بابا"
انخفض ليضم الأخرى إليه يسكن روع الطفلتين فلا ينقصهما توتر وخوف.. بعد فترة همس لهما باطمئنان "ماما بخير فقط هناك ألم برأسها.. ستنام قليلا وعندما تستيقظ ستكون بخير"
همست مروة بوجل "حقا يا بابا؟!"
هز عمر رأسه موافقا وهو يقول بصوت حاني "اذهبا إلى غرفة الجلوس.. حان موعد مسلسلكما المفضل إلى أن أحضر لكما الطعام.. هيا أين ضحكتكما الحلوة وقبلتي؟"
ابتسمتا الفتاتان بتردد ثم قبلتاه على وجنته.. نظرتا لبعضهما بحيرة قبل أن يتجها إلى دارين التي ما زالت تبكي.. فتمسح مي دموعها وتقبلها مروة على جبينها هامسة بخفة "ستكونين بخير ماما"
ركع عمر على ركبته أمام دارين بعد أن تأكد من ذهاب طفلتيه هامسا بحنان وهو يجذبها من ذراعيها بلطف "تعالي معي دارين"
استسلمت له وهو يقودها إلى غرفتهما ثم حمامها الخاص ليقول بأمر لطيف "توضأي إلى أن أضع الطعام للفتيات"
نظرت له بحيرة ليومئ بعينيه وهو يمسح دموعها بحنان ويقبل جبينها بعمق وهي مغمضة العينين.. تسمح له أن يزيل شعور الاختناق الذي يجثم على صدرها.. فتح صنبور المياه وأدارها تجاه المياه قائلا بحب "لن أتأخر"
نظرت إلى ظهره وهو يغادر لتعود بكليتها إلى المياه وتبدأ وضوءها ودموعها تتزايد كلما لمستها المياه.. وكأن الماء يزيد من جريان مياهها المالحة عله يخفف من النار المتقدة بقلبها قلقا على طفلتها.. أنهت وضوءها وخرجت تبحث عن زوجها لعله عاد ولكنها لم تجده.. فجلست على طرف السرير تخفض وجهها لأسفل وقطرات دموعها تسقط على الأرض مباشرة..
دلف عمر بعد وقت قصير يبحث عنها ليجدها تجلس على السرير مثل تلميذة مذنبة في انتظار العقاب.. خفق قلبه قلقا وخوفا عليها.. عليه أن يهدئها حتى يستطيع التفرغ لابنته العنيدة وتنتبه هي للتوأم الصغير..
بخطوات هادئة كان يتجه نحوها حتى ركع على ركبته أمامها يرفع وجهها إليه.. ليجزع من دموعها التي لم تتوقف حتى أن عينيها قد بدأت أن تلتهب.. ضم رأسها إلى كتفه ليربت على ظهرها بحنان كي يهدئها.. بينما هي تمسكت به بقوة تغمغم بكلمات كثيرة مشوشة لم يستطع فك طلاسمها.. بعد دقائق كان يبعد رأسها عنه ينظر لعينيها قائلا بتأنيب بحاني "هكذا يا دارين تنهارين وتتركيني وحدي في منتصف هذه الدوامة؟!"
غمغمت بحزن وكلمات مختنقة "لا أستطيع يا عمر أحاول أن أكون قوية، ولكن كلما تذكرت أني السبب لا أستطيع أن أسامح نفسي"
عقد بين حاجبيه بقوة قائلا ببعض الحزم "السبب في ماذا دارين؟ لا أفهمكِ"
أغمضت عينيها بقوة قائلة بقتامة تنهش في روحها "السبب في كل ما يحدث معها يا عمر.. أنا السبب يا عمر أنا من أهملت ابنتي حتى وصلت لهذه الحالة"
هز رأسه نفيا قائلا بصوت متعب "بل ما حدث بينها وبين سيف بالأمس هو السبب دارين"
هزت رأسها بعنف وهي تهب واقفة تعطيه ظهرها قائلة بندم يفترسها منذ زمن "لا أتكلم عما حدث بالأمس.. بل ما حدث منذ سنين يا عمر.. عندما كانت طفلتي تلهو حولي فقط بضع دقائق غفلت عنها وبعدها كنت سأخسرها للأبد"
لفها من كتفيها بلطف قائلا بقوة "لم يكن بسببكِ يا دارين.. ما حدث كان قدر ومكتوب كان ليحدث حتى لو كان العالم كله ينتبه لها"
أطرقت برأسها أرضا وهي تهمس بصوت حزين "بل كان خطئي.. أنت كنت محق يا عمر لو حدث مكروه لابنتي كان سيكون الأمر مسؤوليتي وحدي"
تأمل وجهها المطرق وهو يحاول فهم مغزى كلماتها.. ليضرب الإدراك عقله وهو يتذكر ذلك اليوم عندما ذهب إلى المشفى وأخبرته بما حدث.. وتحت تأثير القلق المميت حينها ورعبه ثار فيها وأخبرها أنها السبب بما حدث كله وأنه لن يسامح إن خسر ابنتهما.. وللآن هي لم تنسى..
هذا الاتهام ما زال موجود بركن ما داخلها قابع بهناء ينتظر فقط الفرصة ليلتهم قلبها.. ليعيدها لتلك الهوة السوداء التي تغذت على حياتهما بذلك الوقت.. يا إلهي كم ندم حينها.. لقد نأت بنفسها تلومها على فعلتها.. وكم استلزمه من وقت ليعيد إليها ثقتها بنفسها كأم قادرة على الاعتناء بابنتها.. لقد ظن أنها نست هذا الاعتراف عندما أنجبت التوأم برغبتها.. ولكن على ما يبدو أنها لم تفعل، رفع وجهها إليه سريعا ليضع عينيه بعينيها قائلا بصرامة "اسمعيني جيدا حبيبتي.. ما قلته ذلك اليوم لم يكن صحيحا.. ولقد ندمت أشد الندم على كلماتي.. قسما بالله لم أقصدها ولن أقصدها يوما"
أخذ نفسا عميقا ليميل واضعا جبينه على جبهتها قائلا بحب عميق وثقة لا حدود لها "داري يا عمري لا توجد أم في حنانكِ ولا اهتمامكِ.. بدونكِ ذلك اليوم كنا لنخسر ابنتنا.. يا حبيبتي أنتِ أنقذتها واحتويتها في أمان صدركِ عندما كانت تتألم.. بينما كنت أهرب أنا كي لا أشهد لحظات ألمها.. أنا من قصرت في حقكما ولستِ أنتِ مطلقا"
احتضنته ويديها تقبض على قماش قميصه من الخلف بقوة كادت تمزقه هاتفة من أعماق روحها "لا أنت لست كذلك"
شدد ذراعيه حولها قائلا وهو يركن ذقنه على رأسها "سما تحتاج لي ولكِ الآن دارين.. اصمدي.. هي بحاجة لقوتكِ كي لا تنهار، لا تخافي عليها ودعي لها الوقت اللازم كي تستجمع شتات نفسها.. وعندما تخرج لا يجب أن تراكِ منهارة هكذا.. مفهوم يا عمري؟"
هزت رأسها موافقة وهي ما زالت مختبئة داخله.. مال مقبلا جانب وجهها قائلا بحنو "صلي حبيبتي وادعي لها فدعاء الأم مستجاب بإذن الله"
أجابته بطاعة "حاضر سأفعل إن شاء الله.. عمر ماذا ستفعل مع سيف؟"
اشتدت ملامحه بغضب عنيف قائلا بحدة "لن يقترب منها ثانية"
ضمت وجهه بين كفيها قائلا بصوت مجهد من كثرة البكاء "عمر لم نفهم للآن ما حدث بينهما.. أنا لا أشك بحبه لها للحظة وهي أيضا متعلقة به.. أرجوك لا تعقد الأمور أكثر مما هي معقدة"
نظر لها قائلا بعناد أبوي خالص "متعلقة به!!.. أنتِ واهمة داري؟!"
لم تحد بعينيها عنه وهي تقول بوضوح "لا تنكر يا عمر سما لم تتعلق به الآن حبيبي؛ بل منذ صغره وهي كظله تماما"
رد بغيرة عنيفة "ماذا تريدين الآن دارين؟"
ابتسمت له بحب قائلة برجاء "لا تدع غضبك من سيف يسيطر على تفكيرك.. اغضب منه كيفما تشاء ولكن ضع سما أمام عينيك أولا يا عمر"
هم أن يجادلها ليسمع رنين الجرس اتسعت ابتسامتها قائلة "اذهب لتفتح يا عمر إلى أن أبدل ملابسي"
أجابها بحنق "واحدة من التؤام سيفتحن الباب"
أجابته ببساطة "البنات لا يفتحن الباب لأحد يا عمر سواء كان معهما أحد بالمنزل أو لا"
نظر لها بحيرة قائلا بذهول "لماذا؟"
رفعت حاجبها لتقول باهتمام "لم يعد هناك أمان كافي يا عمر والطفلتين ممنوع عليهما أن يفتحا الباب لأي أحد.. لن أطيق أن يصيبهما أي أذى مهما كان"
نظر لها بعشق يستحوذ عليه يوما بعد أخر لتزيحه بصدره بحزم "هيا حياتي.. من على الباب سيتخلل هكذا"
ذهب عمر ليفتح الباب وأثناء مروره بغرفة سما وقف على بابها قائلا برزانة "سأترككِ كما تريدين يا سما ولكن افتحي الباب، ووعد مني لن يزعجكِ أحد فقط حتى أكون مطمئنا عليكِ"
ثم أسرع بخطواته إلى الباب بعد أن عاد الجرس يرن بإصرار قائلا بنزق "ماذا؟ هل انتهى العالم؟ اصبر قليلا قادم"
هتفت براء بسخط من الخارج "افتح الباب يا عمر.. هذه أنا"
فتح الباب ليستقبلهما بابتسامة متعبة قائلا بمحبة "عذرا على التأخير آنساتي"
تعلقت براء برقبته قائلة بمزاح "أنا مدام ولست آنسة"
أبعدتها ناردين لتقول وهي تعانقه "حسنا فهمنا يا مدام.. كيف حالك يا عمر؟"
ربت على كتفها بحنان قائلا بإرهاق "بخير يا حبيبة عمر لا تقلقي"
كان أثناء ترحيبه بالفتاتين عينيه مسلطة على يامن الذي يقف خلفهما.. أخفي الفتاتان خلف ظهره قائلا ببعض الحدة "هل تبحث عن شيء هنا؟"
وبخته براء بخفة "عمر إنه يامن ابن عمتنا.. أحسن الترحيب به.. لقد تبرع بإيصالنا"
رفع عمر حاجبه بمفاجأة وهو يمد يده يصافح يامن قائلا بخفوت "أهلا يا بني.. أنرت المنزل.. تفضل"
دلف يامن خلف عمر الذي قاده إلى غرفة الجلوس.. حيث وجد طفلتين تتناولان الطعام أثناء مشاهدتهما التلفاز.. رفعت براء واحدة منهما تقبلها بقوة قائلة "مرحبا مي اشتقت إليكِ يا فتاة"
مسحت مي وجنتها قائلة بأمر "أنزليني حالا براء"
وضعتها براء أرضا قائلة بسخط من بين أسنانها "أنتِ غليظة يا فتاة"
همست مي بتهكم وهي تتخصر "إذا كنت غليظة ماذا تكونين أنتِ.. ثم ماذا تفعلين هنا لقد كنا عندكم بالأمس؟؟"
هتف عمر بتوبيخ "تأدبي يا مي في حديثكِ مع الكبار"
أومأت مي بطاعة ومروة تشير إلى يامن الذي أثار فضولها منذ رأته "من هذا يا بابا؟"
ردت ناردين التي جلست بأريحية وهي تلتقط جهاز التحكم تقلب في التلفاز "إنه يامن ابن عمتو حياة التي رأيتموها بالأمس"
سكتت مروة تنظر له بتقييم قبل أن تنفض شعرها بحركة اتسعت لها عين يامن ذهولا سائلة ببراءة "أااه ابن عمتو life؟"
همهم عمر بشك "أعتقد ذلك فحياة تعني life"
ضحك يامن بذهول وهو يقر لنفسه ببهجة أن هذه العائلة بكل أفرادها ممتعين.. ثم تقدم خطوات صغيرة ليقف أمامهما قائلا ببساطة "نعم أنا هو هل نتعرف.. أنا يامن ابن خالتكما"
رفعت مي كتفها لتمد يدها قائلة بخفة "أنا مي وهي توأمي مروة.. مرحبا بك يامن"
هتفت براء من خلفهم بحزم "فلتدعوه أبيه كما تنادون يزن"
ردت مي من بين أسنانها "أبيه يزن دائما يجلب لنا شوكولاتة معه.. كان ذلك اتفاقنا معه لنناديه أبيه"
كان يامن يعلم بأمر هذا الاتفاق فلقد أخبرته براء وهم قادمون.. ولذلك حرص على شرائها لهما قبل أن يأتوا.. أخرج من جيبه حلوى ليقدمها لهما قائلا بحب "هل ينفع هذا كعربون صداقة؟"
التقطتا منه ما قدمه لهما بسعادة بالغة لتميل مروة مقبلة وجنته بسرعة قائلة بشكر "Thank you"
ومالت مي من الجانب الآخر قائلة وهي تقبل وجنته الأخرى "Merci"
رفع عمر عينيه للسقف بملل قائلا بهدوء "حسنا أيتها الجميلتين هل أنهيتما طعامكما؟"
هزتا رأسيهما بإماءة بسيطة ليقول عمر بأمر لطيف "حسنا إلى غرفتكما لتنهيا واجباتكما واغسلا أيديكما قبل تناول الحلوى.. ولا تفرطوا في تناول الحلوى مفهوم؟"
أجابتا في صوت واحد وهما تغادران ركضا "حسنا بابا عُلم ويُنفذ"
هتف يامن بانبهار "ما شاء الله إنهما رائعتان حفظهما الله لك زوج خالتي"
آمن عمر على دعاءه قائلا بألفة "نادني عمر كما يفعلون"
هم عمر أن يحمل الأطباق التي تناولت بها الصغيرتان طعامهما.. لتأخذهم منه براء قائلة بمودة "دعهما لي ونادي أنت عمتي"
همس يامن الذي جاور ناردين على الأريكة باستغراب بعد مغادرة عمر وبراء "تتصرفون هنا وكأنكما في منزلكما تماما"
أجابته ناردين بخفة "وهو كذلك إنه منزلنا أيضا.. جميعنا تربينا وكبرنا على يد عمر وعمتي"
سألها بفضول "هل كانت هناك علاقة بينكم وبين عمر قبل زواجه من خالتي؟"
هزت برأسها موافقة مجيبة بهدوء "عمر يكون شقيق عمتو نيرة"
اتسعت عينيه بانبهار دون رد لتكمل ناردين بمرح "أتعلم أنني وإياد كان ميلادنا في يوم عرسه"
رمش بعينيه عدة ثوانى قبل أن يقول بخفوت غير مصدق "أنتِ وإياد وُلدتما في نفس اليوم!!"
همست بنزق من بين أسنانها وهي لا تستقر على قناة واحدة "يزاحمني دائما حتى في ساعة ميلادي"
أجابها عمر الذي دلف من الباب قائلا بمشاغبة "من يزاحم من يا فتاة؟ لقد أتي الطلق لشقيقتي أولا في قاعة الفرح.. وتشاجرت مع أيهم وطلبت الطلاق ثم نقلناها إلى المستشفى لتعود للشجار مع أيهم ثانية.. ثم بعد ذلك أتى الطلق لوالدتكِ.. يا إلهي كانت ليلة لا تنسى"
ضحك يامن قائلا بمرح "بالطبع من سينسى ليلة عرس زاخرة بهكذا أحداث لا تتكرر أبدا"
غمغم عمر بهدوء "نعم معك حق"
ثم وجه حديثه لناردين متسائلا بحيرة "براء تبدو لي بخير تماما توقعت أن تتقوقع على نفسها بعد انتهاء العدة"
أجابت ناردين بملل وكأن الأمر الذي تخبره به لا يستحق الذكر حتى "هذا لأنه لم تكن هناك فترة العدة ولم يكن هناك طلاق من الأساس"
رد عمر بصدمة شكلت ملامحه "أكان الأمر برمته حيلة من يزن؟"
أومأت بعينيها ليسأل ثانية بريبة "وهل علم أيهم بالأمر؟"
وضعت براء المشروبات التي تحملها قائلة بخفوت وهي تجلس بجانبه "نعم كان يعلم منذ البداية"
هتفت ناردين بصدمة وهي تلتفت بكلها لبراء "مستحيل.. كيف سمح له عمو؟"
وضع عمر ذراعه على كتف براء قائلا باتزان "لأنه يعلم أن سعادتها مع يزن فقط.. لذلك تركهما يخوضا التجربة حتى يعيد لابنته سعادتها"
همهمت براء بشرود "هذا ما قاله بابا بالأمس"
أخذت ناردين نفسا عميقا وهي تلتقط كوب عصير ناولته ليامن وأخر لها قائلة "أين عمتي؟ هل هي نائمة؟"
أتاها صوت دارين متعب من عند الباب "لا حبيبتي.. أهلا بكم"
رفع يامن عينيه إليها يتأملها بذهول.. أهذه من المفترض أن تكون خالته؟.. تلك الصبية الفاتنة بجمالها البسيط الذي يخطف الأنفاس.. أهي حقا أم لفتاة كانت مخطوبة؟.. كيف هذا؟ بالتأكيد تزوجت وهي صغيرة للغاية..
راقب براء تعانقها بخفة تطمئن عليها ليحسدها دون أن يدري على هذا العناق.. جذب ناردين من كم قميصها الأزرق الطويل.. نظرت إليه متسائلة ليجيبها بدهشة "أهذه من المفترض أنها خالتي؟"
عبست ناردين بتعجب لتهز رأسها مؤكدة "نعم إنها العمة دارين"
رفع رأسه ينظر لها ثانية ثم أخفضه هامسا بشك "هل أنتِ متأكدة؟"
رفعت حاجبها بحيرة قائلة بخفوت "بالطبع"
رفع رأسه إليها لتقع عينيه بعين دارين التي تنظر لهما بدهشة.. لينفض رأسه بقوة قائلا بنفي قوي "لا بالتأكيد أنت تمزحين معي"
سألته باستنكار "ما بك يا يامن؟ ما مشكلتك معها؟"
أجابها بتلقائية وهو يتأمل دارين بجدية شديدة "انظري إليها إنها أصغر من أن تكون خالتي"
انطلقت ضحكة ناردين قوية قائلة ببساطة "كلا إنها في نهاية الأربعينات"
أجابها بحاجبين معقودين "الآن أنت تمزحين معي"
وقبل أن ترد ناردين ارتفع صوت دارين حازما "إن كنتما أنهيتما حديثكما فليخبرني أحدكما على الأقل من هذا الضيف؟"
ابتسمت ناردين قائلة بمرح وهي ترسل لها قبلة بالهواء "أهلا بالفاتنة الجميلة.. إن ابن أختك لا يصدق أنكِ خالته"
اتسعت عينا دارين بشدة وهي تنظر بدموع ليامن قائلة بخفوت "ابن أختي.. حياة!! ابن حياة؟!"
وقف يامن بارتباك قائلا بصوت خافت "مساء الخير خالتو"
تقدمت منه دارين بهدوء ودموعها تفلت رغما عنها.. وابتسامة مرتجفة تترك أثرها على شفتيها.. وقفت أمامه لترفع يديها تضم وجهه بين يديها مجيبة بحنان "مرحبا بك حبيبي"
ابتسم لها بشعور مذهل من حنان وحب تدفق داخله بلا حدود.. وتفاقم داخله رجاء أن يعانقها كما كانت تعانقها براء منذ قليل.. وقبل أن يكمل أمنيته وجد نفسه مجذوبا بين ذراعيها تضمه بقوة.. التفت ذراعيه حولها بحنان قائلا بهمس "بل مرحبا بكِ خالتي"
ابتسم عمر الذي كان يضم براء بخفة قائلا بمرح "لم أكد أنتهى من ثقيلي الدم أبناء ماهر ليظهر لي أخر يمكنه معانقتها هكذا"
هم يامن أن يبتعد عنها تنفيذا لأمر عمر لتضحك وهي تتشبث به قائلة "إنه يمزح معك"
رفع عمر حاجبه ليترك براء ويتجه تجاههما قائلا وهو يجذبها منه بغيرة "حقا يكفي هذا هيا تعالى اجلسي بجانبي"
جلست جانبه وهي تزم شفتيها بغضب قائلة بسخط "لم أشبع من ابن أختي بعد"
أجابها بخفوت غيور "ابن أختكِ لن يطير"
همهمت براء وهي تجلس على مقعد منفرد في غرفة الجلوس ذات اللون الأرجواني المميز "غيور"
ركزت ناردين نظرها على عيني دارين سائلة باهتمام "عينيكِ ملتهبة عمتي"
غمغمت بصوت حاني "لا حبيبتي إنها بخير"
أجابت براء بيقين "الحمقاء سما هي السبب.. كيف هي؟"
رفعت دارين كتفها بعدم معرفة قائلة بصوت مختنق "لا أعرف ما زالت تغلق الباب على نفسها"
هزت براء رأسها بتفهم وناردين تهب واقفة قائلة "سأذهب لأتحدث معها"
اومأ عمر بعينيه موافقا لتغادر بخطوات واثقة إلى حيث غرفة سما.. دقت الباب بهدوء وهي تقول "سما هذه أنا ناردين افتحي الباب ودعينا نتحدث"
لم يأتيها رد لتزفر بحدة قائلة بثبات "ابحثي عن قوتك يا سما.. أنتِ لست ضعيفة ولستِ عديمة الحيلة.. أعرف أن سيف جرحكِ وربما جرحكِ عميق.. ولكن بداخلك تقبع تلك السما الشرسة التي تأتي بحقها من فم الأسد.. أعرف وأثق أنها موجودة.. وأعرف أن جرح سيف لن يكسركِ على العكس تماما هو سيخرجكِ للنور من هذا الظلام الدامس الذي طال وجوده.. اهزمي ظلامكِ يا صديقتي وأنا معكِ بل نحن جميعا معكِ.. افتحي الباب دعيني أساعدكِ"
انتظرت أي رد منها ولكن خاب أملها كثيرا.. اهتزاز الهاتف في يدها أعلمها بوصول رسالة.. رفعته أمام وجهها لتجدها من سما فتحتها لتجدها رسالة طرد مباشرة منها "اذهبي من هنا لا أريد رؤية أحد"
تصاعد الغضب داخلها بحدة فتصرخ بها وهي تطرق الباب بقوة "أنتِ قليلة الأدب بل معدومة الأدب كليا.. على الأقل واجهيني واطرديني وجها لوجه.. لأمزق وجهكِ حينها ولكنكِ جبانة وطردكِ مهزأ مثلكِ"
عندما لم تجد رد هاتفتها لتسمع رنين الهاتف ثم رفض سما استقبال المكالمة ثم إغلاق الهاتف نهائيا.. نظرت لهاتفها بذهول فتصرخ بكبرياء وهي مغادرة "أنتِ غبية وفأر كالفأر الذي تربيه.. وأنا أكرهكِ ولن أتحدث معكِ ثانية أبدا"
عادت إلى غرفة الجلوس لتقول بغضب "أنا أريد العودة للبيت"
اقترب منها عمر ليقول بصوت هادئ "هل تشاجرتِ مع سما؟"
زمت شفتيها بحنق لترفع رأسها باعتداد قائلة "كلا إنها غبية وأنا لا أهدر طاقتي على الأغبياء"
ضحك عمر بخفوت قائلا ببساطة "لا.. حدث أمر ما وبملامحكِ هذه لن تبقوا لتتناولو الطعام معنا؟"
همست من بين أسنانها "لا لقد تناولنا طعامنا منذ زمن هيا بنا"
وقفت براء قائلة بعد أن قبلت وجنة دارين ثم عمر "سنغادر نحن الآن كما تريد الآنسة"
منحتها ناردين وجه مستاء وهي تخطو للخارج قائلة "سأنتظركما لا تتأخروا"
تبعتها براء ثم يامن الذي ودع عمر ببشاشة لتقول دارين بلطف "ستأتي لزيارتي ثانية؟"
هز يامن رأسه موافقا وهو يقبل وجنتها ويضمها بحنان ثم غادر.. ضم عمر دارين إليه لتقول بصوت سعيد قليل "لقد سعدت برؤيته"
قبل جبينها قائلا بحب "تسعدني سعادتكِ"
*************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 10:20 PM   #146

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

متعبة أنا مني..
من كل هذه الصور الباهتة داخلي..
من قلبي الذي ما عاد قلبي..
من بومة البؤس الواقفة فوق رأسي..
مزدحم رأسي ب كل شيء وب اللاشيء..
مكتظة أنا بي.. وبأشياء صغيرة
بتفاصيل لا تعنيني
منقول

هل يمكن أن يُطفئ ما داخل الإنسان فجأة.. أم أنها تراكمات تأكل روحه ببطء وتشعل فيها النيران باستمتاع حتى تتركها هشة تذويها الرياح.. من الأصل كيف يكون انطفاء الروح؟.. ما هي علاماته؟ وما هي دلائله؟.. هل هو دخان أسود يخرج من الأنف؟.. أم ربما هي ندب بنية كندبتها الأثيرة.. لعله هذا الوجع داخلها والذي لا يماثل بذرة واحدة ألم احتراق جلدها من قبل..
أغمضت سما عينيها وهي تزيد من ضم نفسها لنفسها، ما زالت على جلستها منذ عودتهم أمس.. لم تبدل ملابسها حتى ما زالت بنفس تنورتها الحمراء التي باتت تكرهها كثيرا.. لا تتذكر أنها كرهت شيء بقدرها.. ولا بقدر هذا اللون البغيض إلى نفسها.. دائما ذكرياتها الكريهة مرتبطة به.. ذكرياتها التي تدفع بها إلى ركن مظلم حتى لا تظهر على السطح.. ولكن منذ الأمس وهي تهاجمها بعنف بالغ..
وكلمات سيف تعيد لها كل ذكريات الماضي حزينة كانت أم سعيدة كانت.. صورتها وهي طفلة مرحة تقفز هنا وتركض هناك دون أن تحمل هم شيء.. وكيف تحمل الهم وهناك من يحمله عنها..
نعم إنه هو معذبها الحبيب المستوطن القلب باهتمامه وحنانه الغريب.. تتذكر أنها إذا أرادت شيء كان يكفيها أن تذهب إليه وتجلس أمامه، تخفض عينيها أرضا بدموع وهي تقلب شفتيها بعبوس.. حينها كان يترك كل شيء ويذهب ليجلس أمامها على ركبة واحدة سائلا بصوت يتقطر منه الحنان "من أحزنكِ هكذا يا سماء الدنيا الطيبة؟"
فتخبره عما تريده ليجلبه لها.. وإذا ارتكبت شيئا سيئا كان يحله لها أو يتحمل العقاب عنها.. إذا أرادت أن تتعلم شيء ما تذهب إليه فيترك ما بيده ويتفرغ لها.. دمعت عينيها وتكاثفت الغيوم داخلها بغزارة وهي تهمس بمرارة "لقد نسي لقبها المفضل، لم تعد سماء الدنيا الطيبة له.. بالطبع لقد تلوثت سماءه الطيبة بالأنانية؛ فأصبحت ملوثة ولا تصلح لهذا اللقب"
تنهدت بعمق وهى تلقي رأسها للخلف على وسادتها وعقلها يأخذها لتلك الفترة قبل سفره بمدة قليلة كانت حينها في الرابعة عشر من عمرها.. ولكن لم تكن غافلة عن مشاعر سيف تجاهها وكانت تشعر بنبضات مراهقة تفلت إليه.. حتى ذلك اليوم الذي تأكدت من مشاعره بكلمات صريحة ومباشرة..
في ذلك اليوم كان يزن قد اشترى دراجة بخارية جديدة.. وأصرت أن تأخذ بها جولة فعرض عليها يزن أن يأخذها ولكنها رفضت.. وأصرت على سيف أن يتجول بها وكعادته معها لم يستطع رفض طلبا لها.. وأخذها بجولة خلفه على الدراجة كما أرادت ولم يكتفي بهذا بل اشترى لها آيس كريم ودبدوب هدية أيضا.. عندما عاد بها للمنزل مالت وطبعت قبلة رقيقة بعفوية على وجنته وهي تشكره بامتنان..
ثم ركضت للداخل دون أن تنتبه لحالة التجمد التي أصابته ولا لهنا التي اقتربت من سيف لتجذبه من كفه.. بعد أن رأت ما فعلته سما.. تذكرت أنها نست هاتفها معه لتعود ثانية وتجده يضع رأسه على قدم هنا قائلا بخفوت "ليس ذنبي ما فعلته.. لا توبخيني على أمر لم أرتكبه أو أشارك به حتى"
تلاعبت هنا بشعره بحنان قائلة بحزم "ولكن مشاعرك لها واضحة وضوح الشمس يا سيف.. ولا تظنها لا تشعر بك قد تكون صغيرة ولكن مشاعرها الآن تتكون.. لذا يجب أن تضع حدود فاصلة بينك وبينها"
صمت قليلا بينما هي تترقب بلهفة وضربات قلبها تتعالى بقوة ازدادت عندما قال بهدوء "لا أستطيع يا عمتي لا أستطيع أن أخفي مشاعري نحوها.. أعلم أني ما زلت صغيرا ولكن مشاعري نحوها ثابتة.. أحبها بقوة وكأنها نقطة اتزاني بهذا الكون، ولولا الملامة لكنت طلبتها من عمر ولكنها ما زالت قاصر يا عمتي.. أعتقد أن سفري الفترة القادمة أفضل شيء أفعله"
لم تستمع لرد هنا وهي تذهب إلى الجلسة العربية تضم يدها إلى قلبها بقوة.. قلبها الذي جنت نبضاته وتبعثرت وهو يعيد كلماته "أحبها بقوة وكأنها نقطة اتزاني بهذا الكون" وبينما هي كانت نقطة اتزانه كان عالمها هي يختل بقوة .. وكلماته تحفر بداخلها كوشم لن يزول يوما.. ولم ترد هي أن يختفي فقبضت عليه واحتفظت به بأعمق نقطة بقلبها..
ثم سافر بعدها بأقل من شهر ولكنه لم يختفي من حياتها كما ظنت قديما.. لقد حزنت كثيرا من سفره معتقدة أنه يتعمد الابتعاد عنها كي يقتل مشاعره نحوها.. ولكنه كان موجودا دائما كلما شعرت بحاجتها إلى الحديث مع أحدهم كانت تجد اتصال منه دائما..
إلى أن أتى ذلك اليوم الذي يعتبر نقطة فاصلة في حياتها.. ومشاعرها وقلبها؛ ذلك اليوم الذي علمها مفردات جديدة لم تكن يوما في قاموسها.. ذلك اليوم الذي حول روحها لحفرة سوداء.. لا لم تكن حفرة سوداء بل ثقب أسود يبتلع كل المشاعر الطيبة دون رحمة و يشوه كل ذكرياتها الحسنة بطريقة لم تستوعبها.. لتترك كل ذكرى مخلفة بمرارة ما.. كانت حينها ترتدي منامتها الحمراء الجديدة التي طلبتها خصيصا من والدها.. وكانت تشاهد التلفاز لتشعر بعطش شديد.. جعلها تتجه للمطبخ لتحضر لها كوب عصير متجاهلة تحذير والدتها التي أطلقته منذ لحظات لا تحسب بألا تقترب من المطبخ لأنها تركت به الزيت ساخن لم يبرد بعد.. صبت لنفسها كوب عصير تجرعته على مرة واحدة ثم جاءت لتخرج..
لتتعلق طرف منامتها بحافة الموقد وأثناء محاولتها لتخليص المنامة.. لم تدري ما حدث ولم تنتبه لما حدث حقا.. وهي تسقط على ظهرها والزيت الساخن يتطاير فوق ذراعيها وجزء من عنقها.. شعرت بألم حارق يكوي جلدها.. وكأن هناك من نشب أسنانه في جلدها ونهشه فاصلا إياه عن لحمها.. لم تحتمل هذا الألم فأطلقت شفتيها صرخة مرعبة تعبر عما تشعر به.. صرخة جذبت والدتها إليها في غضون ثواني قليلة.. لتسعفها إلى المشفى القريب سريعا..
أياما مرت عليها تصارع ألما غير محتمل لم يسكنه غير المسكنات التي كان يعطيها لها طبيبها المختص وحضن والدتها المحتوي لها دائما.. أيام ظلت تسأل بها عن سيف إذا كان جاء أم لا.. كان موقنة أنه ما إن يأتي ستكون لديه الطريقة ليخلصها من هذا الألم الذي يقتلها.. ولكنه لم يأتي أبدا.. لمرارة أيامها لم يستطع المجيء.. انتظرت وانتظرت لكنه لم يأتي.. رفضت أن تستقبل كل مكالماته.. لقد أرادته هو وليس صوته.. هو من لديه كل الحلول لجميع مصائبها لماذا خذلها وتخلى عنها في أكثر وقت احتاجت إليه؟
رغم أنها علمت فيما بعد أنه كان رغما عنه ولكن بمكان ما بقلبها لم تستطع مسامحته.. وانتظرت مجيئه خلال عملياتها التي أجرتها فيما بعد.. لقد قامت بإجراء جراحة تجميل وترميم لذراعيها.. ولكن الجزء الذي تضرر من عنقها رفض الطبيب بشكل واضح أن يقترب منه خوفا على حياتها.. ولقد أخبر عمر أن تلك المنطقة تحتوي شرايين وأعصاب هامة لا يمكنه الاقتراب منها.. مما أصاب عمر بالرعب عليها وقد رفض استكمال العمليات الجراحية لها..
لتعود إلى المنزل بقلب به جزء مهشم نتيجة خذلان من حبيب.. وندبة دائمة تذكرها دائما بهذا الجرح.. تلك الحادثة كانت فاصلة في حياتها.. لقد توقفت حياتها هناك.. ودعت سما المرحة الشقية واستقبلت سما المشوهة الكئيبة.. غلفت قلبها بمئات الأطنان من الجليد فأصبح جليدا لا يتأثر أبدا.. مهما سمع من كلمات جارحة كانت أم مغازلة كانت فهو أصبح من فولاذ لا يتأثر..
فكيف إذا استطاع سيف أن يصهر فولاذ قلبها ويذيب جليد روحها.. كيف سمحت له أن يداوي الجرح القديم ليبدله بجرح لن يلتئم مهما مر من زمن.. هذه المرة هي تعي حجم جرحها جيدا.. هذه المرة هي تستوعب كيف تكسر القلوب.. هذه المرة سمعت تهشم قلبها بأذنيها..
كيف فعل بها هذا.. كيف سلمها المفتاح لكسر العلاقة بينهما.. كيف يكسر ثقتها به!! كيف سمح لنفسه أن يخسرها!! كيف تجرأ على هذا الفعل.. لن تسامحه طيلة حياتها على هذا الجرح الجديد.. كيف تسامحه الآن على نفيها من حياته.. كيف لها أن تعيش دونه.. ما هذا العذاب والبؤس الذي تغرقين به يا سما؟ كيف تكون أنت محور الحياة لي سيف.. لماذا كل أحزاني مرتبطة باسمك.. ولما كل أفراحي بسببك.. كيف أقترب منك ثانية وأنا لا أستطيع مسامحتك.. وكيف أبتعد عنك وأنا لا أجرؤ على العيش دون قلبك.. تساقطت دموعها بعنف وهي تتحرك في أرجاء الغرفة دون هدف محدد..
صوت ناردين يطالبها بالقوة قطع أفكارها ودموعها.. تساءلت بكأبة من أين لي بها ناردين ومن أين لك كل تلك الثقة بي.. أخرجت هاتفها تطلب منها أن تبتعد.. لتستمع إلى صوت ناردين الغاضب وهي تسبها... رغما عنها ابتسمت من نزق ناردين المحبب إليها.. اتجهت إلى حمام غرفتها لتبدل ملابسها.. وتتوضأ كي تؤدي الفروض التي ضاعت منها وهي ترثي نفسها
أبدلت ملابسها بمنامة مريحة وأخذت تنظر بغل لتلك التنورة الحمراء.. وفى لحظة انتقام طفولي جلبت مقصها لتقصها إلى عدة قصاصات صغيرة ثم ألقت بها في سلة النفايات.. لتشعر ببعض الراحة المؤقتة وهي تراها ممزقة بتلك الطريقة البشعة أمامها.. ثم أدت فرضها ودموعها تتساقط بعنف تناشد ربها الراحة لقلبها الذي تعب من كثرة الصدمات.. أنهت صلاتها ثم ذهبت لتفتح بابها كما طلب منها والدها، واستلقت بعدها على سريرها بشرود ودموع تغافلها لتسقط من جانب عينيها تروي وسادتها وتشكيها وجعها..
لم يمر أكثر من دقائق حتى شعرت بمن يفتح الباب ويدخل عليها بلهفة.. أغمضت عينيه تدعي النوم لتجلس دارين بجانبها تمسح دموعها بحنان وهي تقبل جبينها.. وترفع يدها إلى شفتيها تقبلها بحنو قائلة بعتاب "كاد قلبي أن يتوقف من خوفي عليكِ يا حبيبة قلب أمك"
سالت دموع أكثر من عينيها وهي ترفع رأسها تضعه على قدم والدتها قائلة بصوت مبحوح "أريد أن أنام يا ماما ولا أستطيع"
اعتدلت دارين على السرير لتضمها لقلبها بحنان جم هامسة وهي تزيد من ضمها "نامي وأنا بجوارك لن أغادر إلى أن تستيقظي"
غمغمت بصوت خافت "لن أرى كوابيس إذا نمت أليس كذلك؟"
أجابتها دارين بحماية وهي تمنع نفسها من البكاء بصعوبة "لن أسمح لها أن تقترب منك أبدا"
ابتسمت سما بألم وهي تغمض عينيها تستمع لكلمات والدتها الحانية تبث الراحة لقلبها كما كانت تفعل بتلك الأيام التي كانت تبقاها بالمشفى.. لتذهب بنوم عميق دون أن تدري موقنة أن والدتها لن تغادر جانبها ولن تدعها تبتعد عن حضنها إلى أن تستيقظ.
***********
ليلا بعد أن صممت هنا أن العشاء سيكون بالحديقة لهم جميعا دون أن يتخلف عنه أحد.. حملت ناردين عصير الرمان المفضل لدى سيف.. واتجهت إلى الأرجوحة حيث يجلس بمفرده شاردا بعد أن تناول لقيمات صغيرة لا تشبع طفل صغير، وقفت أمامه وناولته الكوب قائلة بتنمر "أفسح قليلا أو قم أريد الجلوس"
التقط منها الكوب قائلا بعدم فهم "اجلسي هل منعكِ أحد؟!"
وضعت يدها في خصرها قائلة بسخرية "كيف أجلس وأنت تجلس بمنتصف الأرجوحة، هل ألتصق بك مثلا يا عبقري زمانك؟!"
رفع حاجبه بصمت ليفسح لها مكانا بجواره تاركا مسافة لا بأس بها بينهما.. وهو يوقف حركة الأرجوحة بقدمه إلى أن جلست ثم عاد ليحركها ثانية.. لتقول بعد فترة صمت "كيف حالك الآن؟"
لم يحاول تجميل حقيقة ما يشعر به وهو يجاوبها بصراحة "أشعر بأن حياتي متوقفة، كأن هناك من سرقها مني دون أن أدري"
أخفضت عينيها بحزن دون رد وهي لا تجد كلمة مواساة مناسبة ليسألها سيف فجأة "علمت أنكِ ذهبتِ لسما اليوم.. كيف حالها؟"
رفعت عينيها للسماء المظلمة قائلة بصوت خافت "لم أرها أو أتحدث إليها.. إنها تغلق الباب على نفسها وعندما حاولت التواصل معها.. بعثت برسالة تخبرني أنها بخير، لا تقلق عليها إنها ليست ضعيفة كما تعتقد"
تلاعب بالكوب بين يديه هامسا بتأكيد وهو يلتقط بمعلقته بضع حبات رمان "أعلم أنها قوية ناري.. ولكنها كانت تتحين الفرصة لتغضب مني وتنفصل عني، ربما كانت كلماتي قاسية عليها لكن رد فعلها كان أقسى -تنهد بمرارة ليكمل بحزن جعل عين ناردين تدمع لأجله وهي تسب سما بسرها- أخبريني أنت ناري ألا يشفع لي حب كل تلك السنين عندها؟ ألا أستحق فرصة أخرى لأتحدث معها؟"
كادت أن تمد يدها لتربت على كتفه بدعم.. ولكنه استعاضت عن ذلك بكلماتها الحانية "بل تستحق يا أخى.. تستحق كل الخير وتستحق من هي أفضل من الجبانة المختبئة في حجرتها"
ازدرى ريقه بمشقة قائلا برجاء حزين "لكني لا أتمنى ولا أريد غيرها"
تنهدت بعمق وهي تلتفت له لتواجهه قائلة بحكمة لا تناسب عمرها "أنا أعلم.. ولكنك تعلم كما أعلم أن بدايتكما كانت خاطئة"
همس بعنف يقاطعها "ما هذا الهراء ناردين؟"
رفعت ذقنها بإباء وهي تركز عينيها بعينيه مجيبة بصراحة موجعة "بلى سيف.. أنت تعلم أن قلب سما كان مكسور ولم يجبر كسره بعد.. ارتباط سما بك وقلبها معطوب كان الخطأ الأكبر الذي ارتضيته أولا"
أجاب بخفوت بائس "ومن كسر قلبها ناردين؟"
زفرت وهي تقول بنبرة خافتة حزينة "قلب سما مجروح بسببك يا سيف"
ارتفع حاجبه بصدمة حقيقية قائلا بعذاب "أنا يا ناري!!! أنا من أفعل كل شيء لسعادتها أنا من جرحتها كيف هذا؟؟"
دعكت جبهتها بتعب وهي تلتقط منه كوبه لترتشف منه بضع قطرات تلطف بها حلقها قائلة بصوت هادئ متعب "اسمعني جيدا يا سيف.. منذ كنا صغارا وهي متعلقة بك.. أنت أول من يرى ألعابها.. عندما كانت تريد شيء كانت تذهب إليك لتجلبه لها.. وعندما كانت تريد أن تتعلم شيء تذهب إليك.. حتى الهدايا لم تكن تأخذها غير منك وهدايا الأخرين كانت تلقيها بالقمامة.. أنت موجود بكل ذكرياتها وكل أوقات حياتها إلا بأصعب وقت كانت بحاجتك إليه"
صرخ بغضب وهو يشعث شعره بعصبية وكل كلمة تغرز بصدره كنصل حاد "كم مرة يجب على أن أرددها.. كان رغما عني ولم يكن بإرادتي"
أغمضت عينيها بتعب بالغ قائلة بحزن على حاله "هي كانت صغيرة يا سيف وبمحنة كبيرة وحتى بعد أن فهمت ما زال جرح قلبها كما هو"
أخذ نفسا عميقا ليضع وجهه بين يديه بتعب هامسا من بين أسنانه بوجع "رباااه"
همست ناردين فجأة باعتذار "أسفة سيف"
رفع رأسه بدهشة هامسا بعدم استيعاب "وما ذنبكِ فيما حدث؟"
هزت رأسها نفيا قائلة بندم "بل لإيلامك صباحا"
ابتسم بتسامح "لا عليكِ.. لقد نسيت أصلا"
صمتت دون رد وهي تشكره بعينيها قبل أن تتنحنح قائلة بهدوء وهي تراه متعب على هذا الشكل مما ألم قلبها "هل تعلم يا سيف أنك وسما متشابهان في طريقة التفكير.. تقيسان أمور حياتكما بالقلب فقط.. تعتقدون بأنه قادر على التعامل مع كل مواقف الحياة.. حياتنا تحتاج للموازنة.. وإذا فسد أمر ما هذا لا يدل على فسادها كلها.. بل يجب علينا التركيز في أمور أخرى لكي نخرج سالمين"
ابتسم بحنان قائلا وهو يدير الكوب الذي أوشك على الانتهاء بين يديه يشاهد اهتزاز حبات الرمان داخله "المرة الوحيدة التي سمحت لعقلي بالتدخل والتفكير خسرتها يا ناري"
لوت شفتيها بامتعاض وهي تلف إصبعها بدوائر على ساقها قائلة بنصيحة قلقة "حسنا على كلا سيف لا يجب أن تهمل طعامك.. عملك يحتاج إلى كامل لياقتك، لا تخسر كل شيء مرة واحدة حبيبتك وعملك"
أومأ برأسه موافقا قائلا بامتنان "حاضر سأفعل"
ابتسمت لتقول بمرح مصطنع "هيا لتجلس معنا عائلتك لها حق عليك أيضا"
هز رأسه قائلا ببساطة "سألحق بكِ الآن"
استقامت واقفة ثم غادرت لتقف وتلتفت إليه بهدوء قائلة بثقة "سيمر يا أخي كما مر غيره إن شاء الله"
ابتسم لها بحنان ليتابع مغادرته هامسا بترجي من أعماق قلبه "أتمنى يا ناري"


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 10:21 PM   #147

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

توجهت ناردين إلى حيث يجلس الجميع وقد كانت براء تضع المشروبات الساخنة أمامهم.. همت براء أن تجلس بجوار يزن المنشغل بحديث هامس مع يامن ويقين.. ليجذبها خالد لتجلس بجانبه فيما جلست ناردين بجوار أيهم.. ولحقها سيف الذي هم بالجلوس بجوار إياد عندما نادته هنا بحنان "سيف اجلس جواري"
ابتسم لها بلطف وهو يجلس بجانبها بينما همست ناردين بدلال مائع وهي تصوب نظرات مشتعلة إلى إياد "عمو أيهم"
همهم أيهم بهدوء دليل على انتباهه لها لتكمل بعد برهة "هل نحن خفر يا عمو؟"
عقد أيهم بين حاجبيه بتعجب مرددا بدهشة "خفر!! من أخبركِ بهذه الحماقة"
أشارت إلى إياد قائلة ببراءة مفتعلة "إياد يا عمو"
رفع أيهم حاجبه قائلا ببساطة وهو يوبخ ابنه "دعكِ منه إنه أحمق أعمى البصيرة.. لا يوجد من يضاهي زهراتي جمالًا وبهاءً"
ابتسمت بزهو وهي تضع رأسها على صدره بحنان لترفع لإياد الذي يسلط عليها نظرات قاتلة حاجبها بمكر وهي تخرج لسانها له بإغاظة.. أشار لها بتوعد لتهمس ببراءة "عمو انظر إلى إياد إنه يهددني"
ألقى بنظرة مهددة لابنه قائلة بوعيد "فكر أن تقترب منها ولا تلُم غير نفسك"
رفعت حاجبها بانتصار ليهمس لنفسه بوعيد "الحساب يجمع يا ست البنات"
ابتسم يامن المتابع لما فعلته ناردين بذهول ليقول ليزن بتعجب "أهما هكذا دائما؟!!"
رد يزن بحيرة "هما!! من؟"
أشار تجاه ناردين قائلا بخفوت "إياد وناردين لقد دخلا فيما لا يقل عن خمس مشادات كلامية منذ الصباح"
ضحك يزن قائلا بمرح "لا إنهما في مرحلة الإحماء فقط"
اتسعت عينا يامن بدهشة هامسا بعجب "إحماء!!"
ردت يقين ببساطة مضحكة "نعم في بعض الأحيان يضطر بابا أو عمو للفصل بينهما ما يحدث الآن لا يحسب"
لم يجد ما يجيبه به ليجيبه يزن بضحكة رائقة "لقد فاتتك سنوات ضوئية هنا يا رجل"
ضحك ويقين تجيب بمشاغبة "لا تقلق ستعوض كل شيء فطفولتنا غالبا تُعاد أمامك الآن"
ابتسم يامن لها برقة ليقول يزن بتأكيد "نعم هذا الحال منذ كنا صغارًا.. ناري وإياد يتشاجران دون سبب محدد.. ناردين لديها مهارة بارعة في جذب الجميع لصفها حتى وإن كانت مخطئة.. وإياد لا يترك حقه لديها فيخطط لأخذ حقه.. هما هكذا دائما في مد وجزر على الدوام"
ضحكت يقين قائلة بمرح "وهناك أحد على وشك التعرض لمحاكمة شديدة الصرامة"
سألها يزن بعينيه عما تعنيه لتشير بعينيها إلى والدها قائلة بضحك "بابا سيعلقك"
عض طرف شفته بأسنانه قائلا بخفوت "يا لطيف لن تتخلي عني أليس كذلك؟"
ضحكت قائلة بمشاكسة "لا أعدك على حسب المستجدات على الساحة"
عبس بوجهه لها بنزق قبل أن ينقل نظره إلى خالد وهو يرسم نظرة استعطاف ببراءة لا مثيل لها.. ليقابله وجه خالد الجاد قائلا بسخرية "العب غيرها يا يزن وامحو تلك النظرة لن تثير عطفي.. أنا انتظر توضيحًا منذ الصباح هل لديك واحد؟"
تنحنح يزن محرجًا ثم ما لبث أن رفع رأسه قائلا بجدية "نعم يا عمي.. لدي واحد بالتأكيد"
صمت لبضع دقائق يستجمع شجاعته ثم أجاب بهدوء وهو ينظر لها بحب "ما زالت زوجتي لأني لم أطلقها أبدًا"
رمش خالد بعينيه قائلا بعبوس وهو يتفحص ملامحه بجدية "أنت أخبرتها بهذا أمامي"
ارتبكت عينيه قليلا ثم ما لبث أن قال بثبات "بعض الأقوال لا تُنفذ يا عمي.. لأنها تكون بمثابة حكم بالإعدام"
أتاه صوت ماهر جاد بغضب "هل تخبرني أنك خدعتها أم أنا من فهمت خطأ؟!"
هز يزن رأسه نفيا قائلا بهدوء يُحسد عليه "لم تفهم خطأ يا بابا بل ما يدور في عقلك صحيح مئة بالمئة"
نظر ماهر لأيهم الهادئ بشكل مريب قائلا بحذر مضحك "هل أحجز غرفة لابني في المستشفى؟"
ابتسم أيهم لتتسع عينا ماهر بصدمة حقيقة وأيهم يجيب بخفة "كلا لقد كنت أعلم"
تبادل ماهر وخالد نظرات حانقة ليقول ماهر بغيظ "ماذا؟ هل تمزح معي؟ ما هذا الهراء؟!"
كح يزن بصوت خفيض قائلا بنبرة ثابتة شابها بعض الاهتزاز "إنها الحقيقة يا بابا"
رد خالد بصوت حاد "الحقيقة يا عيون عمك.. ستكون ليلتك سوداء كسواد عينيك"
رد يزن بعفوية "إنها بنية يا عمو"
عبس خالد سائلا بتعجب "من البنية؟"
بنفس الصوت العفوي أجابه يزن "عيناي بنية وليست سوداء"
رغما عنه فلتت ضحكات من أيهم وهو ينظر لوجه خالد المحتقن غيظا ناهرًا يزن بحدة "ولد"
رفرف يزن بعينيه ليجيب بتلقائية "اؤمر يا عمي"
لم يتحكم خالد بضحكته هذه المرة مغمغما بحيرة حقيقة "ماذا أفعل بك؟"
رفع يزن كتفه ببراءة لينقل خالد نظره لبراء سائلا بحنان "هل سامحته؟"
هزت براء رأسها موافقة ليزم خالد شفتيه غضبًا قائلا بعدم رضا "ولكني لم أفعل.. وسيدفع ثمن خداعه لكِ"
أجابه يزن بريبة "ما معنى هذا؟"
مط خالد شفتيه قائلا بجدية وعينيه تلمع بوعيد أخاف يزن "من يخطئ يُعاقب.. هذا قانون المنزل يا سيد يزن، والآن كيف أعاقبك؟ ما رأيك؟"
ازدرد يزن ريقه بمشقة قائلا باستنجاد وما رآه بعين خالد أخافه حقا "ماما نيرة قولي شيئًا رجاءً"
ردت نيرة ببراءة لا نظير لها "من يخطئ يُعاقب يا حبيبي؟ وخطأك ليس بصغير.. تقبله بصدر رحب"
هتف بدهشة وهي تتخلى عنه "ماما"
ردت نيرة بلطف مفتعل "يا حبيب أمك أعلم أن غرضك كان طيبا ولكن الخطأ كبير بالفعل"
تدلى فكه بصدمة حقيقية لينظر لخالد صاغرًا قائلا بخفوت "عمو فلتعاقبني بأي طريقة غير تلك التي أراها بعينيك"
ابتسم خالد ابتسامة جانبية قائلا بصوت هادئ صارم "بلى هو يا يزن.. لتعلم جيدا قيمة ابنتي، بناتي لسن بلعبة لكَ يا ولد.. لتتعلم كيف تحترم النساء جيدا فقد تماديت كثيرا في أفعالك.. ابنتي ستبقى أسبوع في منزلي أنا وليس منزل أيهم.. وإن أردت مصالحتها لتأتي لها بالورود والهدايا كل يوم وعليه سأحدد متى تعود إليك"
اتسعت عيناه بشدة وهو يفكر أنه سيحرم منها أسبوعًا أخر يا الله ألا من حد لعذاب شوقه.. ليهتف بصدمة وصوت أبح "أسبوع.. لا.. ماما تدخلي رجاء"
التفتت لمار لخالد تكتم ضحكاتها بشق الأنفس قائلة بسخط "لا بالطبع لست موافقة على هذه المهزلة.. فهذا لوحده لا يكفي يجب أن يركع على ركبتيه كل يوم طلبًا لسماحها أيضًا"
شعر بطعنة نجلاء في قلبه نتيجة خذلان والدته له.. ثواني وكان ينفض عقله بقوة من تفكيره الطفولي.. ليبحث عن أخيه مستنجدا به "سيف رجاءً لا تتخلى عني أنت الآخر قل شيئا وقف بصفي"
لم يحصل من سيف- الذي يضع رأسه على كتف هنا بشرود عميق لا ينتبه لكلمة مما قيلت- على رد .. وهو غارق في حزنه وألمه وضياعه الخاص استفاق منه على صوت يزن الحزين "سيف!! أنت بخير؟"
نفض رأسه بخفة قائلا بهدوء "نعم أخي معك"
لم يستطع يزن أن يبتلع غصة الحزن التي سيطرت على قلبه.. بينما أخرجت براء رأسها المخبأ في ذراع خالد وهي تراقب بعينيها حبيبها يقف وحيدًا يصارع كي لا تبتعد عنه.. لتهمس بخجل "عمو هل يمكنني أن أقول شيء"
هز خالد رأسه قائلا بحنان "بالطبع يا حبيبتي"
ألقت نظرة مفعمة بالعشق على يزن ثم انتقلت بنظرها إلى سيف بنظرة خائفة مترددة ليبتسم لها بتشجيع.. أجلت حلقها قائلة بصوت خافت "عمو أنا لست موافقة على هذا الأمر.. كل ما حدث كان..."
قاطعها يزن قائلا بحنان "براء لا يهم حبيبتي"
هزت رأسها نفيًا تصر على موقفها وهي تقول بصوت واضح رغم حيائها الذى ظهر من حمرة خجلها "لا يجب أن أتكلم أنا مدينة لك بهذا الأمر"
حاول أن يقاطعها ثانيةً ولكنها أشارت بعينيها نفيًا قبل أن تفرك كفيها توترًا.. وهي تقول بصوت خجل فتن هذا المفتون منذ صغره "عمي أنا المخطئة في هذا الأمر كله.. يزن دائما ما كان يصلح حياتنا التي كنت أفسدها بغبائي وقلة بصيرتي.. لذا هو قام بهذا الأمر ليريني فقط مرارة هذا الأمر.. وأنا تعلمت الأمر جيدا لم أعد تلك الطائشة التي لا تحسب كلماتها.. الآن يا عمو أنا أعلم أين سعادتي ومع من.. وحقا يا عمو أنا سأموت إن ابتعدت عنه"
قاطعها يزن بلهفة حادة "كفى يا متخلفة"
ثم رقت نبرة صوته قائلا بهيام "لا تذكري الموت ثانيةً مقترنًا بكِ.. ليجعل الله يومي قبل يومكِ"
قاطعته بدموع "يزن"
رد بأمر قاطع "لا تبكي براء"
قاطعهم خالد قائلة بنبرة حانية وقد امتلأ فخرًا وزهوًا بكلمات براء التي تعكس تربيتها الحسنة.. ونجاحها في الاختبار الصغير الذي وضعه لها.. ولكن يبقى هناك ركن بقلبه يدفعه إلى أن ينفذ عقابه "يكفي لنقسم البلد نصفين.. ستبقى براء بمنزلي ثلاثة أيام.. على كل لقد اشتقت لطفلتي"
قاطعه يزن برفض "عمو لا أوافق على هذا أيضًا"
ليجيب خالد بحزم "إما هذا أو أسبوع ولك أن تختار -ثم وجه حديثه لبراء التي همت بالاعتراض- لن أقبل منكِ أي تدخل يا فتاة، اختار يا سيد يزن ذو العيون البنية"
همس بإحباط وهو يجلس بجانب يامن "ثلاثة أيام أفضل من أسبوع"
ثم أخرج هاتفه من جيبه يعبث بشاشته وهو يبتسم بخبث ومرح تألق بعينه.. فعل ما فعله عليه ثم وضعه في جيبه ثانية.. وسلط أنظاره على حمقائه المختفية في حضن عمه خالد بشكل مغيظ..
تنبهت إلى اهتزاز الهاتف بيدها نظرت به لتجد رسالة من يزن.. رفعت رأسها تسأله بعينيها عن فحواها فحثها على قراءتها.. فتحتها بتوجس قبل أن تتخضب وجنتيها بحمرة مشرقة.. ورغمًا عنها لم تستطع أن تمنع ضحكة خجولة خرجت من فمها وهي تزيد من ضم رأسها بحياء لصدر خالد.. عبس خالد بتعجب ليسحب الهاتف من بين يديها يقرأ ما يضحكها ووجهه يتلون بغضب سيحرق يزن.. أخفى يزن وجهه خلف ظهر يامن الذي عبس بتعجب فوضح له يزن بهمس "اثبت عمو خالد سيقتلني"
أغمض عينيه بقوة وهو يتذكر ما بعثه لها "هكذا بلوتي ستزيد الضرائب كثيرًا.. ولا تنسي الفواتير المتأخرة من الشهور الماضية.. وأنا رجل مخلص لوطني ولا أحبذ تأخيري ضرائبي.. ما رأيك أن نتسلل وندفع فاتورة مما علينا.. وأه لا تنسي تلك القطع الممزقة من كل جانب التي تم استعمالها دون فائدة الأسابيع الماضية.. الزهري ذاك كان رائعًا عليكِ لن تصدقي كم من شيء أردت فعله به"
مرفقة بصورة له وهو يجلس عاري الصدر لا يرتدي غير سروال منزلي خفيف.. ينظر إلى من يُصوره بوقاحة وهي من كانت تصوره حينها..
أخرج رأسه من خلف يامن مع نداء خالد الغاضب باسمه.. ليجد كوب يرتطم برأسه ما إن أخرجها وصوت خالد يدوي بعنف "وقح وقليل الحياء إياك أن تظهر أمامي هذه الأيام.. وإياك أن تقترب منها وإلا ستري مني ما لم تراه بعمرك كله يزن.. هيا غادر"
وقف سريعا وهو يكتم صوت ضحكاته في صدره بصعوبة لئلا يزيد من غضب عمه.. ولكنه لم يستطع أن يغادر دون أن يُلقي لها قبلة في الهواء.. وفمه يتحرك دون صوت "سأشتاق إليك بلوتي"
أبعد خالد براء بلطف وهو يقف هاتفًا بعنف "يزن يا غبي"
ركض يزن سريعًا وهو يفرج عن ضحكاته السعيدة مخلفًا خلفه خالد يضرب كف بكف هامسًا "هذا الولد معتوه كليًا"
سأل أيهم بتعجب وهو يتابع ما يحدث بين خالد ويزن "ماذا فعل؟"
ضحك خالد بضحكات رنانة قائلا بمرح "أسرار بيني وبين ابنتي"
زم أيهم شفتيه بحنق بينما وقف سيف قائلا بتعب "سأصعد لأنام قليلا بعد إذنكم"
تبعه إياد قائلا بخفوت كئيب "سأصعد خلفه وسأبيت عند عمو ماهر"
فيما التهى يامن عن الشغب الدائر مفكرًا في طريقة تعامل أخوة أمه مع بناتهم.. يعاملوهن كملكات متوجات على عرش الدنيا.. طلباتهن مجابة، أحلامهن أوامر، وكرامتهن فوق الكل.. إذا كيف تخلت والدته عنهم ونبذتهم.. كيف اختارت ذلك العشق المسموم على هذا النبع الصافي من الحب، هو لم يغفل عن لمعة الحقد التي تألقت في عين أيهم عندما شبهه بوالده صباحًا.. ما سر العداء بينهم؟ ما سر ترك والدته لهم؟ غاص في عالم من التساؤلات دون أن ينتبه لما يدور حوله.
*********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 10:23 PM   #148

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

دلف يامن خلف والدته إلى شقة الطابق الأرضي حيث تقيم.. تأمل ديكور المنزل المنظم بعناية وشكل أنيق.. ليقول بإعجاب "إنه رائع للغاية"
التفت له حياة سائلة بحيرة وهي تنزع حجابها وتلقيه على الأريكة المجاورة "ألم يريك إياه إياد عندما أبدلت ملابسك"
هز رأسه نفيًا وهو يقول بهدوء "كلا لقد أخذني إلى غرفته وهناك أبدلت ملابسي"
هزت رأسها متفهمة وهى تشير إلى غرفة على اليسار قائلة بهدوء "هذه الغرفة فارغة يمكنك البقاء بها.. مجهزة بكل شيء لراحتك"
رفع حاجبه بصمت وهى تشير إلى باب مغلق في نهاية الرواق قائلة وهي تتذكر طلب هنا منها (حياة أعلم أن هذا المطبخ جزء من منزلك الآن.. لذا أريد أن أطلب منك أن يظل كما هو المطبخ الكبير للمنزل، إنه يعد ركن أساسي في ذكريات الأبناء.. أعدك لن يزعجك أحدهم فقط اتركيه كما هو)
حينها لم تستطع الرفض وكيف ترفض وهى مجرد ضيفة في بيتها "وهذا الباب يؤدي إلى المطبخ ستجد به كل ما يلزمك إن أردت تناول أو شرب شيء"
هز رأسه رد على كلماتها سائلا إياها بهدوء "ما الذي يزعجكِ يا ماما؟"
أجابته بعصبية "ألا ترى ميوعة بنات خالد وأيهم.. ما قلة الحياء هذه؟ كيف ربوهم أخوتي يا إلهي"
رفع حاجبه باستهجان قائلا وهو مغادر دون أن يجيبها "سأذهب لأحضر حقيبتي من السيارة تصبحين على خير"
ثم تركها بمحلها وغادر لترفع كتفها بعدم اكتراث وتذهب إلى غرفتها.. زفر يامن بحنق وهو يعود ليجدها قد غادرت.. التوى جانب فمه ببسمة هازئة وهو يكتشف كل يوم يقترب من والدته صفة جديدة غير مستحبة بها..
اتجه إلى الغرفة التي أرته إياها ليجدها كما قالت مجهزة بكافة وسائل الراحة.. ألقى حقيبته وأخرج منها ملابس منزلية مريحة ثم اتجه إلى الحمام الملحق بالغرفة.. أخذ حماما منعشا ثم خرج ليستلقي على السرير ليستعد للنوم عندما وصلته رسالة غاضبة من هادي "أقسم بالله إن لم تأتي لتتحدث معي سآتي لمصر لكي أقتلك فقط.. هيا تعال لنتحدث"
ذهب إلى المطبخ الكبير ليعجب بديكوره الأحمر الراقي.. تنقل بين أرجائه ليجد فطائر محلاة جاهزة وضع بعض منها في طبق صغير ثم جهز كوب نسكافيه كبير وخرج إلى الحديقة، كي يستطيع التحدث بحرية مع هادي.. وضع مقعدين أمام بعضهما البعض وجلس على أحدهما مادًا قدميه على الآخر.. ثم أجرى اتصالا مرئيا بهادي ما كانت إلا لحظات قليلة وكانت صورة هادي الغاضبة تظهر أمامه على الشاشة هاتفا بعنف "أين كنت منذ الظهر أحاول التواصل معك ولا أجدك"
أراح يامن ظهره على المقعد قائلا بخفة وهو يرتشف من كوبه "مساء الخير هدود موجود هنا بالدنيا كيف حالك يا صديقي؟"
صرخ هادي بغضب "يامن"
ثم ما لبث أن أدار عينيه في الفراغ من حول يامن قائلا باستغراب "هل تغيرت الفنادق عن أخر مرة أذكرها؟"
ببساطة أجابه يامن "هذا بيت عائلة ماما وليس فندق"
عقد هادي حاجبه بغرابة قائلا بحيرة فضولية "نعم بالنسبة لهذا الأمر؟ أي عائلة؟ ويقين؟ والكلام الغريب الذي قلته صباحا"
أجابه بصوت هادئ لا يعبر ذرة عن انفعاله الثائر بداخله "سأخبرك بكل شيء أنا بحاجة للحديث معك فداخلي مشوش ومرتبك للغاية"
شعر هادي بحاجة يامن للحديث حقا ليقول باهتمام "كُلي آذان صاغية يا يامن"
ابتسم يامن وبدأ بسرد كل ما حدث منذ الصباح إلى الآن قائلا بسعادة حقيقة وبهجة سطعت في صوته "إنهم ممتعون بحق يا هادي.. كل منهم لديه شخصية مختلفة تمامًا ولكنهم بطريقة ما يكملون بعضهم البعض.. فيظهر للناظر من الخارج أنهم واحد صحيح بدون خطأ أو خدش"
ابتسم هادي قائلا بلطف "تبدو سعيدًا للغاية.. حكايتك غريبة جدًا كأنها فيلم سينمائي.. أتمنى أن أقابل خالك هذا قريبًا"
ضحك يامن قائلا بهدوء "لقد رأيته من قبل هادي أنا أؤكد لك"
عبس قائلا "كيف وأين؟"
قطم يامن من الفطيرة بين يديه قائلا باستمتاع وهو يوضح له "اوووه طعمها رائع يا رجل لابد أنها من صنع عمتو هنا.. حسنًا ماذا كنت أقول؟ آه خالو ماهر هو ماهر عبدالرحمن لاعب الكرة وأيضا خالد يزيد وأيهم رحيم"
ضحك هادي بمرح قائلا بمزاح "يا رجل أنت من عائلة مهمة.. ويقين ما علاقتها بك؟"
أجاب بهدوء "ابنة خالو خالد الكبرى"
اتسعت عين هادي بدهشة احتواها سريعا قبل أن يسأل بصوت مصدوم قليلا "كيف تشعر الآن"
أخذ يامن نفسا عميقا قائلا باضطراب ينافس اضطراب مشاعره وثوران براكين روحه مطالبة بحقها لكي تستكين لطيب الحياة "لن أكذب عليك وأقول لست بخير ولكن داخلي مرتبك مشوش.. وغير مستوعب لما يحدث من حولي، دائما كنت وحيدا لولا وجودك أنت ونادر ثم أخي.. ولكن الآن أصبح هناك عائلة كبيرة.. ثلاثة أخوال وخالة بأبنائهم وزوجاتهم.. ناهيك عن كوني لا أفهم ما حدث في الماضي ودفع أمي لتركهم.. واختيار أبي وتفضيلها له عليهم.. إنهم لا يُترَكون يا هادي كيف فعلتها؟"
همس هادي بتساؤل "ربما رفضوا حب والدك لها.. ويفضلون الطريقة التقليدية في الزواج على الحب"
هز يامن رأسه نفياً قائلا بدفاع قوي "كلا ما رأيته اليوم عكس ما تقوله أنت تمامًا.. على العكس تماما البيت هنا يعج بالحب"
مال جانب فم هادي بابتسامة ساخرة قائلا بسخرية "إذًا فكرتك عن الحب تغيرت؟!"
هز رأسه بالسلب قائلا بتشتت "لا ولكن الأمور ارتبكت وأصبحت هناك أشكال أخرى منه لم أرها من قبل.. ولكن لن يغير ما رأيته بيوم واحد ما عشت عمري كله أؤمن به"
زم هادي شفتيه بضيق هاتفًا من بينهما بغل "طيلة عمري كنت أشك أنك غبي واليوم تأكدت"
هتف يامن بذهول "هادي"
رد هادي بعنف من بين أسنانه "بلا هادي بلا بطيخ اليوم أهداك القدر فرصة قيمة ولكن ماذا أقول؟ لقد ابتلاني الخالق بإنسان أبله"
نظر يامن له بسخط ثم ما لبث أن أشاح بوجهه بعيدا بغضب ليأتيه صوت هادي مستدرك "إذا إياد المرتبط بها هو ابن خالك"
هز رأسه إيجابًا قائلا بصوت حانق "نعم إياد ابن خالو أيهم ولكنه ليس مرتبط بها.. إنه يحب أختها الصغرى ناردين"
ضحك هادى قائلا بمشاغبة "ما شاء الله في يوم واحد عرفت من معجب بمن ومن يحب من"
رفع يامن كتفيه قائلا ببساطة "إنهم لا يتحرجون من إظهار مشاعرهم.. ولكن بحدود الاحترام والذوق دون تعدي لحدودهم. المهم أخبرني كيف هو تيم؟ نادي عليه أريد رؤيته"
ابتسم هادي قائلا بحنان وحب لذلك الصغير الذي أتى وامتلك قلبه في غضون دقائق معدودة.. وملأ أيام غربته الكئيبة بالبهجة "حبيبي الصغير لقد نام منذ قليل.. استطعت ترويض غضبه قليلا ولكنه حزين بسببك ولن يرضى أن يصالحك بتلك البساطة"
أغمض يامن عينيه مفضيا إليه بما حمله من أمنية في قلبه "كم أتمنى أن يُربى هنا ولكن لا أظن أنهم سيقبلون به"
عبس سائلا باستغراب "لماذا تقول هذا؟ تيم طفل يا يامن ليس له دخل بكل هذا"
أخذ نفس عميق قائلا بهدوء "إنهم يكرهون أبي لا أعلم السبب.. لقد قبلوا بي لأني ابن أختهم ولكن ليسوا مجبرين أن يقبلوا ابنه"
أجابه هادي بتفكير "لا أظن بعد ما أخبرتني به أن يكون هذا تفكيرهم إطلاقًا"
ابتسم يامن قائلا بخفوت "لا أعلم ولكنها ستظل أمنية في قلبي.. أنا سأعود بعد أيام قليلة ..لقد اطمئن قلبي على أمي ويجب أن أعود إلى عملي وأخي وحياتي.. لن أظل هنا كثيرا"
رد هادي سريعا "حسنا بمناسبة العمل بما إنك في مصر لتذهب إلى شرم الشيخ قبل مجيئك.. اطمئن على سير العمل هناك، واترك نادر لعروسه هذه الأيام"
اعتدل سائلا بتعجب "عروسه؟ هل خطب نادر؟"
ضحك هادي بصوت مرتفع قائلا ببهجة "نعم خطب ولن تصدق من؟ إيمان مسؤولة الحسابات بالمكتب"
رفع يامن حاجبه بعدم تصديق قائلا ببهجة فَرِحة "حقا يا له من خبر رائع!! سأهاتفه لكي أهنئه على الخطبة.. كيف حال آروهي هل هي بخير؟"
غيرة نهشت قلب هادي بعنف ليسأله بلهجة عنيفة "وما شأنك أنت بها؟"
رفع يامن حاجبه بطريقة استفزت الإنسان البدائي بداخل هادي.. وبداخله تصاعدت تلك الأمنية الخطيرة أن تكون رقبة يامن بين يديه كي يدقها وينتهي قائلا باستفزاز "لأنها مسؤولة مني من الطبيعي أن أسأل عنها"
رد هادي بغيرة لم يسيطر عليها وقبضته تعتصر يد المقعد بعنف "ولماذا تكون أنتَ مسؤول عنها وهي بين أهلها؟"
رد يامن بهدوء مستفز "من أخبرك أنها بين أهلها؟"
عقد هادي بين حاجبيه متسائلا بحيرة "ماذا تقصد بهذا القول؟"
ابتسم يامن متجاهلا سؤاله قائلا بصوت واضح مباشر "ماذا تريد من روهان يا هادي؟"
خُيل ليامن بعد هذا السؤال أنه رأى نيران تشتعل في عيني هادي.. ورأى دخان يخرج من أنفه كقطارات الفحم القديمة.. ليأتيه صوت هادي أكثر حدة وغضب مما توقع "لا أريد منها أي شيء إطلاقا.. تصبح على خير أريد أن أنام"
ثم أغلق المكالمة دون أن ينتظر رده.. انفجر يامن في ضحكات طويلة من قلبه، صديقه ما زال يصارع مشاعره نحو روهان دون أي لمحة نجاح تُذكر.. لم يشعر بالنعاس يداهمه فأخرج ملفات عمله المحفوظة على الحاسوب وانهمك بداخلها بشكل كامل كما اعتاد دائما
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 10:24 PM   #149

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

بدأت تباشير الفجر في الظهور على يامن المنغمس كليًا بدون اعتبار للوقت الذي يمر.. فهذا هو يامن يا سادة يضيع كليًا بين ملفاته ورسوماته.. وكأنه يتنفس العمل مع الهواء.. جزء لا يتجزأ من كيانه، إدمانه الحقيقي صعب التخلص منه ولكن الاعتياد عليه أمر مذهل.. رفع رأسه عن شاشة حاسوبه على صوت سيف الذاهل "يامن أما زلت جالسا هنا؟"
التفت برأسه للخلف ليجد سيف واقفًا أمامه يرتدي جلباب رجالي أنيق من اللون الأزرق الغامق.. حرك عضلات كتفيه التي تشنجت بفعل جلسته الطويلة سائلا بصوت متعجب أجش "نعم لم أستطع النوم فقلت لأعمل قليلا.. وأنت لماذا ما زالت مستيقظا لهذا الوقت المتأخر من الليل؟"
أجابه سيف بسخرية فظة وهو يرفع حاجبه "صباح النور يا ابن العمة الفجر على وشك الآذان"
ردد خلفه ذاهلا "الفجر!!! كيف مر الوقت بهذه السرعة"
عاد بنظره لشاشة الحاسوب يتفقد الوقت ليقول بخفوت وكأنه يحدث نفسه "لم يتبقى إلا ربع ساعة فقط.. يبدو أني مدمن على رأي هادي حقا"
قهقه سيف على تمتمته قائلا وهو يجلس على المقعد المجاور بخفة "يكفي لأن تتوضأ وترتدي جلبابك وسأنتظرك لنذهب سويًا للمسجد"
ردد يامن خلفه بنبرة حائرة "جلباب!!!"
مط سيف شفتيه قائلا بتهكم "نعم جلباب، يبدو أن الغربة قد أنستك أصلك يا ابن العمة.. هل لديك واحد أم لا؟"
أجابه يامن بهزة نافية من رأسه ليقول سيف ببساطة وكأنه يجري مسألة حسابية "حسنا أنت تقريبا في طول وحجم إياد سيناسبك واحد من عنده.. للأسف أنا أقصر منك قليلا وإلا جلبت لك واحد من عندي"
ثم أجفل يامن وهو يرفع صوته مناديًا "إياد يا أحمق أخرج أريدك"
سارع يامن بتكميم فمه هاتفًا بارتباك "هشششش ستوقظ الباقون"
أبعد سيف يد يامن عن فمه مجيبا بعفوية "جميعهم مستيقظون الآن"
ثم عاد ينادي بصوت أعلى على إياد الذي خرج إلى الشرفة بجزعه العلوي عاري، ويرفع منشفة صغيرة يجفف بها خصلات شعره مجيبًا بحنق "الله يأخذ إياد ليريحكم.. ألا يمكنني أن أخذ حماما في هذا المنزل.. سأجدها منك أم من أبي؟"
أجابه سيف بنفس النبرة المرتفعة ليصل صوته إلى الشرفة في الطابق الثالث حيث بات ليلته "ما به عمو؟ ماذا فعل لك؟"
لوى إياد شفتيه بتبرم صارخا بسخط "لم يفعل شيء.. ما الذي تريده الآن؟"
أجابه سيف بنبرة قوية "القي أحد جلابيبك الآن"
لم يجيبه إياد وهو يدلف للشرفة ويعود بعد لحظات يلقي إليه بجلباب التقطه يامن ليقول سيف بنبرة آمرة "شكرا هيا إلى الداخل كي لا تمرض"
ثم أكمل حديثه بنبرة لينة ليامن "من الجيد أن إياد يترك الكثير من ملابسه بغرفتي.. هيا أنت الآخر أذهب ولا تتأخر سأنتظرك"
كان يامن فى حالة ذهول تام مما حدث للتو أمامه.. ليهزه سيف برفق قائلًا بتهكم "هيا يامن كي نلحق بالصلاة في موعدها"
لم يجادل يامن بل قام بحماسة مفرطة وهو يتجه ليبدل ملابسه شاعرًا بدفق من البهجة يغمر حواسه بشكل لذيذ.. لم يستغرق يامن الكثير في الداخل ليعود إلى سيف وهو يرتدي جلباب إياد الذي أتى على قياسه.. كما لو كان جُهز خصيصا له قائلا بارتباك حرج "أبدو غريبا به أليس كذلك؟"
ضحك سيف قائلا بمزاح "كلا شكلك كما أنت يامن.. الفرق الوحيد أنك أصبحت يامن في جلباب"
لوى يامن شفتيه هامسا "غليظ"
تعالت ضحكات سيف قائلا بجدية وهو يجذبه لكي يغادروا "هيا لنلحق بالآخرين لقد سبقونا.. بالمناسبة شكلك عاديا ليس به شيئا مختلف.. والجلباب يناسبك كما أنه مريح وغير متكلف"
ابتسم يامن له بامتنان وهو يسرع بخطواته لكي يجاري سيف في خطواته المسرعة.. أثناء عودتهم بعد الصلاة عاد يامن مع سيف ليقول بتردد "سمعت أنك كنت خاطب لابنة خالتي؟"
جمدت ملامح سيف لوهلة قبل أن يزفر أنفاسه بعمق مجيبا بنبرة هادئة "نعم"
سأل يامن ثانيةً راغبا في الاندماج بحياتهم "تحبها؟"
أجابه سيف بثقة مطلقة "أفديها بعمري كله.. إنها كل آمالي، كلمة حب لا توفيها حقها"
غمغم يامن بفضول وهو يشعر بشفقة حقيقية على سيف "كيف هي سما لتبدو يائسا في حبها بهذا الشكل.. أنا لم أقابلها للآن"
سبحت عين سيف في الفراغ الممتد أمامه قائلا بصوت هائم متحشرج وهو يركل حصوة صغيرة اعترضت طريقه "أجمل ما قد تراه عينك يوما.. جمال وجهها كجمال قلبها أبيض ناصع لا تشوبه شائبة.. عينيها هي الشقاوة بحد ذاتها.. صمت متنهدًا ليجيب زافرًا بحرارة من عمق قلبه المجروح بيديه.. إنها سمائي؛ سماء الدنيا الطيبة"
ربت يامن على كتفه مجيبا بألم "أسف لأني ذكرت هذا الأمر"
ابتسم سيف بوجع قائلًا بكآبة "لا عليك إنه لا يبارح جوارحي.. قلبي لا يغفر لعقلي أنه كان السبب في خسارتها.. وروحي تنوح منادية بها دواء لدائها"
أغمض يامن عينيه مغمغما "أفهمك فلوعة العشق قاتلة"
نظر له سيف باهتمام قائلا باستهزاء "انظروا من يتكلم عن لوعة العشق السيد الذي لا يؤمن بالحب"
ضحك يامن بمرح قائلا بتعب وهو يشعر بثقل في قلبه "لا أؤمن به ولكن رغما عني أسرتني إحداهن"
ابتسم سيف بتفهم قائلا باستفهام "ألن تعرفنا بها؟"
أجاب يامن سريعا وعضلة فكه تنقبض بقوة مؤلمة "كلا"
رد سيف بعتاب "لماذا؟ نحن عائلتك من حقنا أن نتعرف بحبيبتك"
رد يامن يهادنه قائلا بصوت عميق ملئ بالشجن "لن أعرفها بكم لأني لم أعترف لها بحبي.. قد أكون أحببت ولكن قطعًا لن أسلم له"
ارتفع حاجب سيف بذهول ليجيب بدون وعي "أنت مخبول حقا يا يامن"
ضحك يامن قائلا ببساطة "في تلك النقطة معك حق.. لقد وصلنا سأتركك وأحاول النوم قليلا.. تصبح على خير"
ترك سيف ثم دلف إلى داخل غرفته.. خلع الجلباب الرمادي الذي أشعره بالراحة كما أخبره سيف.. ابتسم بسرور وهو يرى تفاعل سيف معه ومحاولة جذبه لعالمهم، ألقى بجسده على السرير في محاولة مستعصية لجلب النوم لعينيه ولكن يبدو أن تغيير المكان والمناخ قد أثر عليه.. زفر نفسا عميقا وهو يستقيم ليخرج يجلس بالخارج ثانيةً.. مستمتعا بالهواء العليل وزقزقة الطيور من حوله.. ابتسم وهو يريح ظهره على المقعد الجالس عليه باسترخاء.
وقفت يقين في شرفتها كما اعتادت في هذا الوقت تحديدًا من كل صباح، تلف جزعها العلوي بشال صوفي سميك.. تستمع إلى صوت رفيقاتها ككل يوم.. يهمسن في آذانها فكرة جديدة أو سر من أسرار الكون.. دققت النظر في هذا الجالس في الحديقة في هذا الوقت.. خفق قلبها بشدة وهي تتعرف على هويته.. وزحفت الدماء إلى وجهها لتنيره بحمرة خجل..
احتارت هل تنزل لتسأله ما به وتتحدث معه كما تفعل مع يزن أم لا.. ولكن حياؤها الشديد منه منعها، أخرجت هاتفها من جيب بنطالها تداعب شاشته حتى تخرج رقم هاتفه.. بعد أن تبادلا أرقام هواتفهما صباحًا.. ضغطت زر الاتصال وترقبت إجابته على هاتفها..
رفع هاتفه يرى من يهاتفه بهذه الساعة.. اتسعت عينيه بدهشة ودقات قلبه تتسارع بشدة.. عندما رحب هاتفه ببشاشة باتصالها، ليجيب قائلا بلهفة "يقين!! ما بك؟ هل أنت بخير؟"
ابتسمت بخجل قائلة بصوت رقيق "نعم لماذا ما زلت مستيقظا للآن.. ولماذا تجلس بمفردك بالحديقة"
التفت من حوله متسائلا باستغراب "كيف عرفتِ؟"
ضحكت دون أن تستطيع منع نفسها قائلة بلطف "أرفع عينيك لشرفة الطابق الثاني على اليسار"
رفع عينيه إلى حيث أرشدته ليجدها تلوح له بيدها وابتسامة مشرقة تزين محياها.. بإرادة منفصلة رفع يده يرد تحيتها وفمه ليرد لها ابتسامتها بحنان لتقول برقة "صباح الخير"
أجابها بصوت ناعم لم يتصور أن يملكه يومًا "صباح الورد؛ هل أنتِ بخير؟ وماذا تفعلين في الشرفة الآن"
ابتسمت قائلة بعفوية "أرد تحية رفيقاتي"
رد بدهشة "رفيقاتك"
زادت ابتسامتها جمالًا وهي تدور بعينيها بين الأشجار "نعم تلك العصافير الرقيقة بصوتها الشجي، يا الله إنها موسيقى طبيعية تطرب الآذان.. وتمدني دائمًا بالإلهام، أنصت إليها ولن تجد أجمل من صوتها"
أجابها بصوت مبحوح ضاعف من سرعة نبضات قلبها حتى كاد أن يختل توازنها "نعم لا يوجد أجمل من هذا الصوت"
أجابته بارتباك وصوت مهتز ماثل بسمة مرتعشة على فمها "نعم تصبح على خير لقد انتهت تحيتهم بعد إذنك"
ثم أغلقت الهاتف دون أن تسمع رده وهرولت لداخل غرفتها.. تحتمي منها من هذا الإعصار المسمى يامن الذي يهدد حياتها.. اتجهت عينيها بشكل تلقائي إلى ذلك الدرج المغلق في مكتبها.. والذى يحوي بين جدرانه صورته التي جسدتها دون وعي، اتجهت إليه ببطء وكادت أن تخرجها ولكن يدها ارتعشت وجبنت أن تفتحه.. لتتجه إلى سريرها تتقوقع عليه كجنين ما زال برحم أمه.. تحيط جسدها بذراعيها في وضع حماية فائق وهي تغلق عينيها حتى تنام سريعًا دون تفكير.
بينما في الأسفل كان يامن ما زالت عينيه معلقة بشرفتها حيث غادر طيفها لتوه.. أنزل الهاتف من على أذنه ببطء.. موبخا قلبه على الانزلاق بتلك الطريقة المخزية.. رغما عن أنفه ارتسمت ابتسامة هائمة على فمه هامسًا بعذاب "كيف أحتمل هذا العذاب جنيتي".
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-01-21, 10:26 PM   #150

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

أحدنا فرط في الآخر ..
حتما لستُ أنا ...
فأنا اعتدت منذ صغري ...
أن أحافظ على أشيائي ...
وأنت كنت كل أشيائي ...
فكيف أمسيت أشلائي؟؟؟

وقف بسيارته أمام البناية التي يقطن بها عمر وعائلته.. أغلق محرك السيارة ليرجع بظهره للخلف يسترخي على مقعده بوجع.. إنها المرة الخامسة التي يأتي بها ويغادر.. كم من مرة دار بالشوارع بسيارته ليجدها بالنهاية ترسو هنا بهذا المكان.. المكان الذي يضم روحه بين جوانبه..
أطلق نفسا عميقا لا يريد أن يصعد لرؤيتها الآن كي لا يزيد من ألمها.. وفي ذات الوقت يموت قلقًا ولهفة للاطمئنان عليها.. وزرع بسمة على وجهها مليح التقاسيم.. كم اشتاق لبسمتها وضحكتها الخجولة.. حبيبته نبض قلبه كيف فعل بها هذا.. كيف سمح أن تبتعد عنه.. بالأمس منع نفسه بصعوبة من الذهاب إليها والاطمئنان عليها.. ولكن اليوم فقد زمام السيطرة على نفسه وقلبه وأتى رغما عن كل شيء..
زفر بحنق بالغ وقدمه تتصرف بمفردها مترجلة من السيارة.. لتصعد إلى الشقة حيث تسكن عمته ركضا وقد فقد أخر ذرات صبره.. أخذ نفسا عميقا ملئ صدره وهو يدق باب المنزل بتوتر بالغ.. دقائق وكانت عمته تفتح له الباب لتنظر له بلؤم قائلة بدماثة "مرحبا سيف تفضل"
ثبت قدميه أرضًا قائلة بتوتر حزين "مرحبا عمتي كيف حالكِ؟"
ابتسمت له ابتسامة صغيرة قائلة بهدوء "بخير تفضل لن نقف نتحدث على الباب"
همس بخفوت "سامحيني عمتي لم أقصد ما حدث، ولم يمر بخيالي أني قد أجرحها حقا"
هزت رأسها بتفهم قائلة بحنان "هيا سيف ادخل"
هز رأسه نفيا قائلا برجاء "سأدخل عندما تسامحيني"
تأملت ملامحه بحنان رأسه الذي يطرقه أرضا بخجل.. لم يطاوعها قلبها على رد رجائه، مهما كان ما حدث إنه سيف حبيب قلبها الرقيق.. لتجذبه بقوة لبين ذراعيها قائلة وهي تمسد ظهره برقة "لا يمكنني الغضب منك أبدا يا سيف"
زفر براحة وهو يشدد من ذراعيه حولها قائلا بأسف "أسف عمتي.. أسف حقا"
مسحت على رأسه بلطف قائلة برقتها "هيا ادخل"
دلف خلفها إلى غرفة الجلوس قائلًا بتوتر "عمتي أريد أن أرى سما أرجوكِ"
وقفت تنظر إليه مليا.. تقلب الأمر في رأسها بصمت من ناحية قلبها يتفتت حزنًا على سيف المشتت أمامها.. وينفطر على تلك المنزوية في غرفتها بألم وانكسار.. وفى جهة المقابلة هناك غضب عمر الذي سينسفها إن علم بسماحها لسيف برؤية سما.. زمت شفتيها بتفكير أن سما ابنتها أيضا وهي بحاجة للحديث مع سيف لربما استطاعا حل الخلاف بينهما.. وإنهاء حزن ابنتها القاتل لها؛ لتغمض عينيها بقوة متخذة قرارها.. إنها مجازفة غير محمودة العواقب ولكن لا ضير ما دام في صالح طفلتها.. لتقول بحزم وهي مغادرة "انتظر هنا لحظات وأعود إليك"
جلس على الأريكة بانتظارها في أصعب دقائق مروا عليه في حياته.. دقائق لم يحتمل أن يقضيها جالسًا فاستقام يتحرك باضطراب في نواحي الغرفة.. وقعت عينيه على صورة لها وهي طفلة صغيرة.. ابتسم بحنان وهو يمسك صورتها بين يديه يطلعها بمحبة.. طفلته الصغيرة وفتنته البريئة كيف تسربت من بين يديه.. اختلفت نبضات قلبه فعرف أنها أتت.. التفت سريعا إليها ملامحها الشاحبة.. شعرها مشعث وكأن مشطا لم تزوره منذ مدة.. وعيناها أااه من عيناها ذابلتين ماذا فعلت بها يا سيف؟
تصنمت على عتبة غرفة الجلوس وهى تنظر لظهره التفت لوالدتها بتساؤل.. لتزيحها بخفة لداخل الغرفة ثم تغادر تاركة إياها وحيدة معه.. لحظات وكان يلتفت لها بلهفة يمشط ملامحها برقة أثارت حبها له وحزنها العميق.. دارت عينيها على ملامحه هل يُخيل لها أنها مختلفة قليلا.. ربما هي نظرة عينيه الموشحة بالشجن وقد اختلط بها حزنه.. حزنه!! عندما وصلت لتلك النقطة بتفكيرها صرخت به بغل "ما الذي تفعله هنا؟"
زفر أنفاسه براحة بعدما اطمئن قلبه عليها سائلا بحب "اطمئن عليك بالطبع"
عقدت يدها على صدرها قائلة بحدة "جئت ترى ما كسرته بيدك"
رد بتأنيب وهي تطعن قلبه بكلماتها "سما ما هذا الهراء؟ أتيت لأطمئن عليكِ حبيبتي؟ لقد تشقق قلبي من القلق عليكِ"
ابتسمت ساخرة وهي تجيبه باستهزاء أوجعه "لا والله فيكَ الخير"
أغمض عينيه بعيدًا عن سخريتها يريد أن يضمها إليه.. ليتها كانت تحل له لكانت تسكن أحضانه الآن يهدئ خافقه النابض لأجلها.. ليقول بندم عميق وصوت مضطرب "أنا أسف.. أعلم أنكِ تستحقين أكثر من مجرد اعتذار.. ولكني أسف بكل ذرة في كياني"
تماسكت بكل قوتها كي لا تنهار أمامه باكية على صدره لتقول ببرود "اعتذرت هيا غادر"
احتدت ملامحه ليجيبها بعنف "لن أغادر قبل أن نحل أمورنا"
رفعت رأسها مجيبة بقوة "لم تعد توجد أمور بيننا لتُحل"
قبض يده بقوة قائلًا برجاء غاضب "لا تدعي بضع كلمات قيلت في لحظة غضب تهدم حياتنا"
تطلعت فيه بصمت لثواني قبل أن تتقدم منه بخطى وئيدة وقد تصدع قناع البرود الذي تلبسته منذ رؤيته.. لتنهمر دموعها بغزارة وهي تقترب منه.. تضربه على صدره بعنف صارخة فيه بعذاب "لماذا؟ لماذا جعلتني أثق بك؟ لقد كنت أستمد ثقتي بنفسي منك؟ كيف تجرؤ على كسر تلك الثقة؟ كيف سمحت لنفسك؟ من أعطاك الحق لتفعل هذا؟ كيف تفقدني ثقتي بك؟ أنا أكرهك.. أكرهك"
تركها تضربه كيفما تريد وكلماتها تجرح في صدره كسكين حامية.. أغمض عينيه على دمعات تعانده لتسقط وجعا عليها.. وأتت كلماتها الأخيرة لتمزق قلبه.. ليجيبها بصوت أجش "اهدئي قليلا حبيبتي"
ابتعدت خطوة للخلف قبل أن تلمع عينيها بعنفوان شرس وهى ترد بشراسة "أنا لست حبيبتك.. لم تستطع أن تمتلك قلبي كما وعدتني وبناءً عليه ستلتزم بجانبك من الاتفاق"
ارتجفت عضلة في صدغه بألم؟ لماذا يا سما؟ لقد أتى وتناسى أمره.. متنازلا لأول مرة في عمره كله عن مبدأ من مبادئه.. لأجلها هي فقط، تذكر ذلك الوعد الذي قطعه لها على الهاتف وجعلها توافق على خطبتهما والذي تلفُه الآن حول رقبته كحبل المشنقة (اسمعيني جيدا يا سما، امنحيني فرصة واحدة أكسب بها قلبك.. وأعدك إن لم أحصل عليه سأتركك كما تريدين ولن ألح عليك بطلبي ثانيةً أبدًا.. ولكن أعطنا الفرصة فقط لربما كان فيها الخير لنا)
ولكن الآن في هذه اللحظة تمنى لو أنه لم يطلقه أبدا ولو لم يهاتف تلك المرة.. أجابها بعد برهة بادعاء عدم الفهم معطيًا لهما فرصة جديدة "أي وعد يا سما؟ أنت متعبة سأتركك ترحلين وسأعود للحديث معكِ ثانيةً"
تحرك مغادرا بسرعة قبل أن تنهي أخر شعرة في علاقتهما.. ليوقفه صوتها الصارخ بغل وكأنها ليست سما.. وأخرى غيرها تتلبسها "لم أعهدك بهذه الخسة.. تتنكر لوعد أطلقته؛ لقد التزمت بجانبي من الوعد ولكنك لم تستطع أن تكسب قلبي كما وعدتني.. وعليه فأنت ستلتزم بجانبك وقصتنا انتهت هنا"
مال جانب فمه بابتسامة ذبيحة كما قلبه الذي ينتفض مطلقًا أنفاسه الأخيرة.. ليقول بحسرة وانكسار وهو يلتفت ليلقي عليها نظرة عاشقة أخيرة "أنت تربحين سما.. لأخر مرة أقولها لكِ أنا أحببتك بصدق وبكل قوتي.. وسأظل لأخر نفس بعمري أحبك.. ولكن حقا تلك نهاية قصتنا سأخرج من هنا سيف الذي أحبك.. وعندما نلتقي ثانيةً سأكون فقط سيف ابن عمتك.. ملتزمًا بوعدي إلى نهايته إلى اللقاء يا أحلى وأمر ما بعمري"
نزلت كلماته عليها كصاعقة أفاقتها من عاصفة الانتقام التي لفتها داخلها.. نظرت إلى حيث كان يقف منذ ثانية واحدة لتنهار باكية بارتجاف، وقدمها لا تحملها.. ماذا فعلت؟ ماذا فعلتي أيتها التعيسة؟ لقد رحل؛ هذه المرة رحل بصدق.. لن يعود ثانية.. أخبرته أنه لم يملك قلبها وهي لم تكذب لأنه لا يملكه.. إنما يسكنه بكل خلية تاركًا بصمة.. كلمة.. موقفًا.. وعده كيف خطر على بالها.. لقد نسته من أين أتى؟ ومن أين تدفقت كل تلك الكلمات الحمقاء التي قالتها.. همست تناجيه وتستدعيه وهي تغرق وجهها بين كفيها تبكي بنحيب تتمزق له القلوب "سيف عُد لا تتركني وحيدة"
بينما نزل سيف درجات السلم ببطيء وثقل يجثم على روحه.. ودمعة تجري على وجنته رغم أنفه تواسي قلبه الذي اُغتيل منذ لحظات.. صوت هاتفه أخرجه من بؤسه ليجيبه بعدم انتباه وصوت إياد يسأل عن مكانه.. ليجيبه بتهدج تعيس "لقد انتهينا هذه المرة انتهينا بصدق"
وصل لأذنه صوت صرخات سما التي ارتفعت بوجع.. ليسقط الهاتف من يده برعب وهو يعود ركضًا للأعلى بقلب واجف يدعو بصدق أن يحفظ محبوبته.
**********

نهاية الفصل


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:23 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.