آخر 10 مشاركات
ثمن الخطيئة (149) للكاتبة: Dani Collins *كاملة+روابط* (الكاتـب : Gege86 - )           »          أحبك.. دائماً وأبداً (30) للكاتبة الرائعة: مورا أسامة *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : مورا اسامة - )           »          زوجة مدفوعة الثمن (44) للكاتبة:Lynne Graham *كاملة+روابط* (الكاتـب : فراشه وردى - )           »          ❤️‍حديث حب❤️‍ للروح ♥️والعقل♥️والقلب (الكاتـب : اسفة - )           »          غيث أيلول -ج5 سلسلة عائلة ريتشي(121)غربية - للكاتبة:أميرة الحب - الفصل الــ 44*مميزة* (الكاتـب : أميرة الحب - )           »          [تحميل] مشكلتي مع كلمة / للكاتبة الفيورا،سعودية (جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          جدران دافئة (2) .. سلسلة مشاعر صادقة (الكاتـب : كلبهار - )           »          كلوب العتمةأم قنديل الليل ؟! (الكاتـب : اسفة - )           »          صمت الحرائر -[حصرياً]قلوب شرقية(118) - للمبدعة::مروة العزاوي*مميزة*كاملة & الرابط* (الكاتـب : noor1984 - )           »          الصحوة ( الجزء الأول من مذكرات مصاص الدماء ) - كامل - (الكاتـب : Dalyia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-02-21, 10:41 PM   #161

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي


ان شاء الله من الأسبوع ده الفصول هتنزل السبت الساعة 9 والثلاثاء الساعة 10
والثلاثاء الجاي معادنا مع الفصل الثامن عشر


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 11:01 PM   #162

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثامن عشر
(حرب الحب والكبرياء..)
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
أحبك ولا شك أني أحبك..
أحب نور الشمس بين عينيك..
أحب صوت الأكوان بين شفتيك..
أحب حضن الحياة بين زنديك..
أحب مِرآتي في لمعان عينيك..
أحب أمني و سِلمي بين كفيك..
أحب طعم الماء بين يديك..
أحب شذى تراب الوطن في عبيرك..
أحب صوت الحمائم في ضحكتك..
أحب الهواء الحامل نسيمك ..
أحبك كحبي لنفسي..
أحبك وأحب أكثر كبريائي..
مشتتة بحبك أنا وكم تنهشني أفكاري..
تُرى أأسلم الراية لحبي؟.. ويا له من خيارِ..
فأرتوي من حبك كأني البيداء وأنت الأمطارِ..
ولكن أخشى في غمرة حبك أن أفقد كبريائي..
أفقد نفسي فأفقد حبك في فؤادي..
أم لعلني اختار الشوك طريقي.. فأحفظ كرامتي ونفسي وأحفظ توقي..
وليتجمد كلانا في حرب الحب والكبرياءِ ..
إنهما خياران أقبع بينهما أنا بلا قرارِ..
فأرفق يا كل حالي بحالي المحتارِ..
خاطرة بقلم نورا محمد
***********

ما زالت على وقفتها المتحفزة منذ أطلقت قسمها بعد مغادرته.. الغبي لماذا لا يتفهمها؟ لماذا يغفل دائما أنها فتاة ولديها أحلامها وطموحاتها الخاصة في فتى أحلامها.. لما لم يستوعب أن الشعر الطويل الناعم يمتلكه والدها.. لماذا لم يدرك أن فارسها هو والدها باستثناء الغمازة الطويلة.. والتي بدلا منها يحتفظ والدها بطابع الحسن.. لماذا لا يتفهم عقله أنها مثل كل الفتيات نصبت والدها فارسها..
لقد جرحها بشدة وغرز سكينه بكل تعمد داخل قلبها.. شارب وذقن وتصبح أخا له.. كيف طاوعه لسانه على هذا القول الشنيع.. وذلك عرض الزواج المهين الذي لن تسامحه عليه مطلقا.. رفعت يدها تمسح دموعها التي سالت رغما عن أنفها.. ثم ضمت قبضتها بشدة في محاولة لإعادة الهدوء لأعصابها التي انفلتت بسببه..
ولكن شيئا لم يهدأ ودقات قلبها التي تدق بانفلات غير معتاد بسبب الأحمق السخيف الذي تحبه.. لم يجدي أي شيء نفعا لتهدئة نفسها فقررت أنه حان الوقت لتلجأ لحصنها الآمن.. اتجهت بخطوات سريعة للمنزل تبحث عن مكان والدها.. لتجده بغرفة الجلوس يتابع برنامج ما همست بتحشرج "بابا"
ترك خالد ما يفعله وهو يلتفت لها بجبين منعقد.. تلك النبرة الأجشة تعلمه بوضوح أنها بحاجة إليه بهذا الوقت.. فتح ذراعيه لها هامسا بحنان "تعالي يا حبيبة بابا"
اندفعت إليه تسكن رأسها على صدره وهي تحاوط خصره بقوة دون كلمة غير استنشاق رائحته الآمنة.. مرر خالد يده على ظهرها بحنان دون حرف يمنحها من ثباته ما يهدئ ارتجافها الذي يستشعره جليا.. همس بصوت خافت "هل ستخبريني ما بكِ؟"
لم تتحكم في دموعها التي سالت وانهارت دفاعاتها أمام هذا الحنان الدافق من قلب والدها الحاني الذي لم ولن تجد مثله أبدا.. لتتعلق بقميصه بقوة وهي تزيد من ضم نفسها لصدره.. اشتعل قلق خالد لأجل طفلته التي نادرا ما يرى دموعها.. فعاد يسأل بخوف أكبر "ناري ما بكِ يا حبيبتي؟ لماذا تبكين؟!"
حاولت الابتسام هامسة بنبرة خافتة وهي ترفع يدها لتزيل دموعها "أنا بخير.. هل يمكنك أن توصلني لمنزل عمر؟"
أجابها بنبرة متعجبة "الآن؟ بهذا الوقت؟!"
تمسكت بقميصه هامسة برجاء "نعم بابا لو سمحت"
ربت على شعرها بحنو وهو يقبل قمة رأسها هامسا بلطف.. عالما بل موقنا أنها لن تبوح له بشيء.. وأنها تريد الحديث مع سما فقط "اذهبي واستعدي كي أوصلكِ"
وقفت أمامه قائلة بصوت به غصة لعنتها آلاف المرات "أنا جاهزة بابا"
تطلع خالد إليها ترتدي بنطال جينز من الأخضر الزيتي.. يعلوه بلوزة من الجينز الأزرق تصل إلى خصرها.. وقد طويت أكمامها إلى حدود ساعدها من الأعلى.. تنهد خالد وهو يعلم أنها لو كانت بحالتها الطبيعية ما كنت لتخرج هكذا أبدا.. ليقول بصوت هادئ وهو يستقيم واقفا "نظفِي وجهكِ من الدموع إلى أن أبدل ملابسي"
هزت رأسها موافقة وهي تتجه إلى غرفتها.. بينما تطلع خالد في أثرها بحزن متسائلا عما ألم بها وأحزنها هكذا.. أخذ نفسا عميقا متجها إلى غرفته ليبدل ملابسه.. أغلقت هنا مصحفها وهي تراه يخرج له ملابس من خزانته متسائلة بتعجب "هل أنت خارج؟"
فك أزرار منامته القطنية وهو يهز رأسه لها إيجابا.. رفعت رأسها إلى الساعة المعلقة أمامها سائلة بحيرة "إلى أين بهذا الوقت؟ إنها الحادية عشر"
أجابها بصوت هادئ وهو يلتقط سترته ليرتديها "إلى منزل عمر.. يبدو أن ناردين بحاجة سما"
استحوذ على انتباهها الكامل لتسأل قلق "ما بها ناري؟"
تنهد مجيبا بعدم معرفة وقلبه يأكله القلق على طفلته "لا أعلم ولكنها ليست على ما يرام.. وتعلمين لن تخبرني شيء وسما هي الوحيدة التي تجبرها على إفضاء ما بداخلها"
أومأت بتفهم ليميل مقبلا جبينها بحب قائلا برقة "لا تجزعي هكذا حبيبتي.. ناري تستطيع مواجهة مشاكلها.. سأغادر الآن"
ردت بصوت رقيق "في أمان الله"
بعد وقت قليل كان خالد يقف بجانب ناردين التي ارتدت فوق ملابسها جاكيت أصفر ثقيل أمام باب عمر بانتظار أن يفتح لهما أحد الباب.. فتح عمر الباب سريعا قائلا بخوف وهو يراهما أمامه "خالد!! ماذا هناك؟ هل الجميع بخير؟!"
ربت خالد على كتفه مهدئا قائلا ليطمئنه "نعم يا عمر.. فقط ناري أرادت رؤية سما"
ابتسم عمر بترحاب قائلا ببسمة حانية "أهلا بكما تفضلا.. سما بغرفتها"
قبلته ناردين من وجنته سريعا قائلة بحشرجة "سأذهب لأراها"
تبعها عمر بنظره باهتمام ليلتفت لخالد سائلا "ما بها؟"
زفر خالد أنفاسه بثقل قائلا "لا أعلم"
جذبه عمر إلى الداخل قائلا بنبرة مميزة "ستفرح دارين كثيرا لرؤيتك.. تفضل"
بينما دلفت ناردين لغرفة سما مباشرة لتفتح الباب دون استئذان.. انتفضت سما بقوة وهي تنظر لناردين التي نزعت جاكيتها وألقته بلا اهتمام.. سائلة وهي تنظر إلى دموع سما والدفاتر التي كانت تنظر لها حينما فتحت الباب "ماذا تفعلين؟"
مسحت سما عينيها وهي تجمع دفاتر سيف الملونة التي أهداها إياها.. تاركا لها ببداية كل دفتر جملة بخط يده قائلة بصوت مخنوق "إنها هدية من سيف"
جلست ناردين بجوارها قائلة بتعجب وهي تمد يدها لتلتقط واحدا "هدية من سيف!! متى جلبها؟"
ضربتها سما على يدها بحدة وهي تضم الدفتر الأخضر.. الذي أوشكت ناردين على جذبه لصدرها بقوة قائلة بنبرة حزينة "قبل انفصالنا بفترة"
نظرت لها ناردين باستنكار قائلة بامتعاض "لن أكله كنت سأراه فقط"
ردت سما بحدة "ليس لكِ شأن بهدايا سيف.. كما تحرمين على الجميع لمس هدايا إياد لكِ لا تقتربي من هدايا سيف"
مطت ناردين شفتيها بانزعاج ما إن ذُكر اسمه.. لتفرد قدميها على السرير وهي تستند برأسها لمسنده.. وضعت سما الدفاتر في محلها على مكتبها سائلة بخفة "ما بكِ ناري؟"
أجابت ناردين بسخرية "بأفضل حال سما كما ترين"
عقدت سما حاجبيها بتفكير وهي تجلس بجوارها بنفس هيئتها مجيبة بعتاب "رجاء لا تُهيني ذكائي.. هل تشاجرتِ مع إياد؟!"
انتفضت ناردين مجيبة بغضب "لا تذكري اسمه.. إنه حيوان أقرب ما يكون إلى إنسان"
ارتفع حاجبي سما بتعجب قبل أن تربت على ركبتها سائلة باهتمام محبب "ماذا حدث بينكما؟"
ردت ناردين بصوت حاد "تشاجرنا"
جاراتها سما مجيبة بهدوء "دائما تتشاجران.. ما الجديد؟"
أخفضت ناردين عينيها بمرارة قائلة بصوت معذب "هذه المرة أخرج كل منا سكينه وذبح الآخر"
انقبض قلب سما بشعور كريه قائلة بارتياب "ماذا حدث بالضبط ناردين؟"
أخذت ناردين نفسا عميقا وقد امتلأت عينيها بدموع صامتة.. وبدأت بسرد كل ما دار بينها وبين إياد من اتهامات مجحفة بحق كل منهما.. استمعت سما لها بإنصات وهي ترفع حاجبها باستهجان.. وما إن انتهت ناردين حتى أجابتها سما باستخفاف "هل تمزحين؟"
نظرت لها ناردين بغضب وهي تلكمها بذراعها بغل قائلة بتشدد "ماذا آنسة سما؟"
فركت سما بيدها مكان لكمة ناردين قائلة بصوت منزعج "يدكِ ثقيلة يا سخيفة"
زمت ناردين شفتيها بضيق دون رد.. لتربت سما على كتفها بحنان قائلة باتزان "ربما شجاركما في ظاهره شر وفي باطنه الكثير من الخير"
رفعت ناردين عينيها الدامعة إلى سما.. وقد سمحت لدموعها بالهطول أمامها.. فهي الوحيدة المسموح لها رؤية ضعفها، قائلة بألم استحكم نبراتها رغم أنفها "كيف يا سما؟ كيف يكون خير وقد زرعنا رماحنا المسمومة في صدورنا بإرادتنا؟!"
كادت سما أن تبكي لتشارك ناردين حزنها، ولكنها تماسكت فناردين الآن بحاجة لنقطة ارتكازها لتجيبها باتزان "ربما وضعت أرضا صلبة لعلاقتكما لتقفا عليها.. أنتِ وإياد كنتما تسيران بحذر في أرض محفوفة بالألغام.. مخافة أن ينفجر أحدهم في وجهيكما.. ولكن في لحظة غضب منكما نزعتما الفتيل بأنفسكما، فاختفى الحذر واتخذت علاقتكما مسار آخر.. يجب أن تتعاملا معه بحذر أكثر"
ازدرت ناردين ريقها بمشقة قائلة بحيرة اكتنفتها "لا أفهمكِ يا سما"
التقطت سما يد ناردين بحنان قائلة بخفوت وهي تتطلع أمامها "علاقتكما منذ الصغر لم تتخذ اسما مطلقا.. لطالما كانت غريبة حيناً تتعاملين معه كأخ لكِ.. وأحيانا أخرى كصديق داعم لكِ.. وكثيرا من الأحيان كحبيب لكِ.. وأوقاتا أخرى لا أفهمكِ بها كغريب عنكِ.. وكثيرا كعدو لكِ وهو يفعل بالمثل"
ردت ناردين بخفوت تحاول فهم سما "وهذا الأمر سيء؟!"
هزت سما رأسها بقوة قائلة بصوت حاني "كلا يا ناري إنه أعلى مراتب العشق.. ولكن علاقتكما تحتاج إلى ترتيب أولويات.. ووضعها في الإطار الصحيح وإعطائها اسم يليق بها.. مصيركما لبعضكما البعض فلن يحتمل طباعكما البغيضة غير أنفسكما.. ولكنكما تحتاجان أرضا ثابتة تقفان عليها.. وقد صرح كل منكما بما في داخله للآخر.. ربما بعبارات خاطئة وجارحة فكلاكما لا تجيدان انتقاء العبارات المناسبة.. لكن لعله خير.. فهمتِ؟!!"
أشرقت ملامح ناردين بالفهم قائلة بغبطة وقد تبدلت حالتها تماما "كنا نحتاج إلى جرح، لغم نفجره بأيدينا قبل أن يفجره شخصا آخر فتكون العواقب كارثية.. أنتِ الأروع سمسمة"
ابتسمت سما بزهو مزيف وهي ترفع ياقة منامتها بغرور غير حقيقي "فلتعدي أفضالي عليكِ"
انفجرت ناردين ضاحكة وهي تضربها بالوسادة المجاورة لها.. سائلة بحيرة غريبة "سما كيف أتعامل معه الفترة القادمة؟"
جعدت سما جبينها بتفكير قائلة بعفوية تحبها بها ناردين "لا علم لي حقيقةً.. فقط دعيها لظروفها؛ على طبيعتكِ حسب ما يتطلبه كل موقف"
شردت عينا ناردين بتفكير عميق قائلة بخفة استوطنت روحها.. فشجارها مع إياد رغم كونه مميت وجارح نظف قلبها من الشوائب العالقة به.. وقصتهما الآن ستبدأ ثانية بصفحة بيضاء ناصعة؛ ستحبه ثانية بملء إرادتها وباتفاق من عقلها وقلبها سويا "لقد أقسمت على أن أجعله يعترف لي بحبه أولا وأمام الجميع وسوف أتلاعب به حتى أعطيه ردي"
صفقت سما بحماس قائلة بزهو حقيقي ونبرة رائقة "هذه صديقتي التي أعرفها.. ناردين الجبارة دعي لها الأمور وستصل بكِ لبر الأمان"
نظرت لها ناردين بتأثر ثم همست بنبرة رائعة "أحبكِ سما"
بادلتها سما الابتسامة بأخرى جميلة هامسة بتلقائية "أنتِ أختي ناري"
اتسعت ابتسامة ناردين قائلة بهدوء "هل وجدتِ طريقة تعيدين بها سيف إليكِ؟"
هزت سما رأسها نفيا وحزنها يعود إليها ثانية قائلة بألم "للآن لا أعلم"
ابتسمت ناردين بمكر قائلة باهتمام "أثبتي له أن سما الضعيفة ذهبت بغير رجعة.. وأن من أمامه هي سما التي جذبته في صغرها.. رممي كسر كرامته واسعي إليه بخطوات بطيئة مدروسة.. لا تجعليه يطوف خارج مدار حياتكِ ولا تبتعدي عن حياته.. أفرضي نفسكِ أساسا وعمادا له.. تدخلي بكل شيء يخصه.. تحت مسمى ابنة العمة بالطبع"
أنهت كلامها بغمزة شقية محت بها النظرة الحزينة من عيون سما وأبدلتها بأخرى متحمسة ومستبشرة بغد أفضل لتقول سما "ننام؟"
انزلقت ناردين على السرير لتقول بخفة "ننام"
وما كانت إلا ثواني معدودة وغاصت كل منهما بنوم عميق.. دلفت دارين بعد أن طرقت على الباب قائلة بحنان "بنات ماذا تشربان؟!"
اتسعت ابتسامتها الحانية وهي تجدهما استغرقتا بالنوم.. عدلت من وضع الغطاء فوقهما ثم أضاءت المصباح الصغير بجوار السرير وأغلقت إضاءة الغرفة والباب عليهما.. وعادت أدراجها إلى غرفة الجلوس.. حيث جلس عمر وخالد يتبادلان الأحاديث سويا.. سأل خالد باهتمام ما إن دخلت دارين مجال نظره "كيف هي ناري الآن؟"
ابتسمت دارين قائلة بعفوية "لقد نامت الفتاتان"
اتسعت عينا خالد دهشة ثم ما لبث أن استكان قلبه ببعض الاطمئنان قائلا "بهذه الحالة سأغادر"
رد عمر برفض "لا تغادر بمفردك بهذه الساعة المتأخرة"
ضحك خالد قائلا بمزاح "لن يتم اختطافي يا عمر"
أجابه عمر بثبات على موقفه "سآتي لأوصلك ثم أعود"
أتى دور خالد ليرفض قائلا "لا لن تترك الفتيات بمفردهم"
تدخلت دارين قائلة بحب "إذا ابقى أنت معنا يا خالد"
هز رأسه رفضا قائلا بهدوء "لا أستريح إلا بمنزلي حبيبتي"
ثم أخرج هاتفه وأجرى اتصالا سريعا بيزن ليضعه ثانية بجيبه قائلا بغيظ "يزن لم يعد للمنزل بعد سيمر ويأخذني في طريقه.. هل استرحت الآن؟"
ضحك عمر وهو يجذبه ليجلس ثانية "بالطبع.. اجلس لنكمل حديثنا إلى أن يأتي يزن"
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 11:03 PM   #163

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

يجلس على سطح سيارته في الهواء الطلق في منطقة منعزلة.. وهو يدخن بملامح مظلمة، ألقى عقب السيجارة التي في يده وسحب أخرى ليشعلها ليجد علبته فارغة.. نظر أسفل سيارته ليجد أنه قد أجهز على علبته دون أن يشعر.. امتعضت نفسه وهو يلقي العلبة بسخرية ليعاتبه ضميره بحدة "أجننت اليوم كيف تدخل لجسدك كل تلك الكمية من السموم دفعة واحدة؟"
لم يجد في نفسه صدى للتشاور مع ضميره الذي يصر على جلده بمنتهى القسوة، بينما ينشغل قلبه بمحاولة تضميد جراحه كان عقله يعيد عليه كلماتهما سويا.. وجد ضميره يصرخ به معنفا "كيف هانت عليك وجرحتها بتلك الطريقة؟ إنها ناري حبيبة طفولتك ورفيقة صباك، جرحتها وأذيت قلبها الذي أقسمت على حمايته، جرحته ببرود وبمنتهى القسوة"
صرخ بغضب وهو يقفز من على سقف سيارته "اخرس.. اخرس.. يكفي لهنا"
قاد سيارته عائدا إلى منزله ليرى سيف.. هو بأمس الحاجة لرؤيته والحديث معه.. ما إن وصل للمنزل حتى صف سيارته بعشوائية.. وصعد درجات السلم بخطوات سريعة حتى وصل إلى شقة عمه ماهر ودق الجرس.. وبدأ يدور حول نفسه بعنف وهو بانتظار الباب ليفتح..
فتحت لمار الباب بقلق.. من يأتي الآن وأي مكروه حصل؟.. فتحت الباب ليزداد قلقها من تحركات إياد المضطربة أمامها.. سألت باهتمام جزع "إياد!! ما بك بُني؟!"
التفت لها إياد قائلا بهدوء "لا شيء عمتي، سيف هنا؟!"
هزت رأسها قائلة وهي تنظر له بعدم ارتياح "نعم.. ادخل هو بغرفته"
وما إن مر من جوارها حتى استوقفته قائلة بارتياب "هل كنت تجلس مع أحد يدخن؟"
هز رأسه نافيا وهو يقف أمامها قائلا ببرود "بل أنا من كنت أدخن"
رأي توبيخها في عينيها من اتساعهما المستنكر.. وما إن فتحت فمها لتتحدث حتى عانقها بقوة قائلا برجاء "ليس الآن رجاءً ماما"
شعرت بضيقه يكاد يخنقه لتضمه بقوة لحضنها هامسة برفق وهي تربت بحنان على ظهره "حسنا ولكن لن تفلت مني.. اذهب صديقك بغرفته"
قبل جبينها بامتنان وهو يدلف لغرفة سيف.. فيما أغلقت لمار الباب وهي تدعو لهم جميعا هامسة بحزن "سيف والآن إياد، ما الذي يحدث لأبنائي؟"
فتح إياد باب غرفة سيف ثم أضاء الغرفة.. لينظر لسيف النائم على جانب واحد من سريره.. ويكاد يجزم أنه منذ نام لم يتحرك من مكانه فعلى عكسه تماما سيف لا يتحرك كثيرا في نومه، ناداه بهدوء كي لا يفزعه ولكنه لم يحصل على أي استجابة.. مما اضطره إلى إمساك قدم سيف وإلقاءها بحدة..
انتفض سيف من نومته بفزع وهو يضع يده على قلبه ليهدئ خفقات قلبه المذعورة بعدما تبين له هوية الفاعل.. همس بخفوت مؤنبا "سلام قولا من رب رحيم.. هل يفعل أحد مثلما فعلت؟"
زم إياد شفتيه وهو ما زال على تحركه العنيف "أحاول إيقاظك منذ مدة ولكنك لم تستيقظ فاضطررت لهذا الأمر"
أغلق سيف شفتيه بعدم رضا وهو يلتقط كوب الماء الموضوع بجوار سريره دائما يرتشف منه بضع قطرات، متسائلا وهو يرى حالته المضطربة كليا "ما بك تبدو على شفا الجنون؟!"
جلس على حافة السرير قائلا بجنون "الهانم لديها فارس أحلام غيري"
نظر له سيف بعدم تصديق مغمغا داخله بخفة "لقد جن تماما ولله الحمد"
ثم رفع صوته سائلا بعدم فهم "من أخبرك؟"
لكم السرير بحنق "هي من أخبرتني"
رفع سيف حاجبه بعدم تصديق قائلا بجدية "ماذا حدث بينكما في الحديقة؟"
أشاح إياد بعينيه بعيدا قائلا بنبرة مريرة "لقد ذبحتني وأنا أطلقت عليها رصاصاتي الطائشة"
اتسعت عينا سيف بفزع ليدفعه إياد بذراعه قائلا بحنق "مجازا يا سيف"
جذبه سيف من ياقة قميصه بعنف قائلا بتهديد شرس "نهارك أسود ماذا فعلت بالفتاة؟ انطق وإلا سأخنقك"
دفعه إياد بصدره بقوة ليبتعد عنه صارخا به بغضب "سأنطق دون تهديدات.. هل أنت غبي ما الذي أفعله هنا الآن برأيك؟"
التزم سيف الجانب المقابل من السرير قائلا بضيق "تحدث"
عقد إياد يده على صدره بعصبية ثم انطلق يسرد عليه كل كلمة صدرت منه خاتما حديثه بقول طفولي بحت "هي من بدأت وأنا لا أترك حقي لأحد"
فوجئ بلكمة قوية من سيف أطاحت بخده قائلا بحدة "هذا حق أختي يا بارد"
استقام إياد واقفا يدور حول نفسه قائلا بعناد "ومن سيأتي بحقي منها؟"
نظر له سيف بطرف عينيه قبل أن ينفجر ضاحكا وإياد يشاركه ضحكاته.. ثم ما لبث أن تمدد على السرير واضعا رأسه على فخذ سيف متسائلا بألم "ماذا أفعل يا أخي؟ أشعر أني في طريقي لخسارتها"
ابتسم سيف مربتا على ذراعه بحنان قائلا بحكمة "أو ربما بداية جديدة لعلاقتكما اهدأ وسلم أمورك لله"
انحنى فم إياد بابتسامة حزينة قائلا بشك "هل تعتقد هذا؟ لن أحتمل فقدانها"
ربت سيف على رأسه بهدوء قائلا بجدية "نعم أعتقد هذا.. ما بينك وبينها يجب أن يتخذ مساره الصحيح بدل من هذا التخبط الذي تدورون به.. فقط تعامل معها بحكمة"
شرد بعينيه بتفكير قائلا بعدم ثقة "سنرى"
أجابه سيف من بين أسنانه "أنت غبي وأبله"
رد إياد بلامبالاة "أعزك الله يا حبيبي"
عقد سيف أنفه باشمئزاز قائلا بحذر "إياد كم سيجارة شربت؟"
بلا اهتمام كان يجيبه "لا أتذكر"
لوى سيف شفتيه بغل قائلا بسخط "ماذا أفعل بك؟"
أجابه إياد وهو يتثاءب "اتركني لكي أنام"
سحب سيف قدمه من تحت رأس إياد برفق قائلا بحنو "حسنا هيا نام"
وضع إياد رأسه على الوسادة مغمغما بدون وعي "إلى أين؟"
فرد سيف السرير الهوائي الذي يتركه بغرفته تحسبا لمجيء إياد للمبيت معه قائلا بتهكم "سأنام تصبح على خير"
**************
هبطت الطائرة التي تحمل يامن عائد إلى أخيه قطعة قلبه النقية.. متخليا بأنانية منه عن رحلة شرم الشيخ مقررا أنه إن كان سيترك عائلته.. فمن الأفضل أن يعود إلى أخيه الذي قتله الشوق إليه.. على كل هو لا يفهم في تلك الأمور التي يقوم بها نادر.. كما أن نادر سيأتي ليطمئن بنفسه فوجوده لن يمنع نادر من المجيء.. أنهى الإجراءات واستقل سيارة أجرة.. ليعود سريعا لأخيه تسبقه لهفة قلبه لرؤية صغيره.. بعد قليل كان يدق الجرس..
فرك هادي عينيه بانزعاج وهو يفتح الباب.. لتتسع عينيه بدهشة وهو يرى يامن يقف أمامه.. احتضنه بفرحة عبرت عنها نبرته السعيدة "يامن لقد اشتقت إليك كثيرا يا صديقي"
ربت يامن على كتفه قائلا بسعادة "وأنا الآخر يا صديقي"
دلف يامن إلى الداخل سائلا بلهفة "أين تيم؟"
ابتسم هادي قائلا بمرح "أين سيكون بغير غرفته.. اذهب لتراه"
ابتسمت شفتيه بابتسامة جميلة لا يملكها غير تيم.. ليقول بصوت متلهف "سأذهب لأراه مت شوقا له"
ابتسم له هادي بالمقابل قائلا بخفوت "وأنا سأعود لنومي"
فتح يامن باب غرفة تيم ليجده ملتف على نفسه تحت غطاءه.. جلس بجانبه ملمسا على شعره بحنان.. وهو يملأ عينيه من ملامحه التي طال اشتياقه إليها.. لم يكن يعلم لأي حد تغلغل إلى داخل حياته.. ليكتشف أنه أصبح كل حياته.. قبل جبينه وجذبه لصدره وهو يغمض عينيه بحنان خالص.. مستسلما لنوم عميقا في حضن تيم الطفولي.
************
صباحا خرجت هنا من المطبخ تمسح يدها في مريلة المطبخ الزرقاء.. لتفتح الباب الذي كان جرسه يدق بإلحاح.. فتحت الباب قائلة بتأنيب "ناري والدكِ ما زال نائم.. ما هذا الإزعاج؟"
رفعت ناردين حاجبها قائلة بهدوء متغاضية عن وصلة التأنيب التي حصلت عليها بكرم بالغ "صباح الخير ماما"
ابتسمت هنا متسائلة بحنان "صباح النور من أوصلكِ؟"
أجابتها ناردين وهي تقبل وجنتها بحب "عمر ولكنه غادر سأذهب لأغتسل وأبدل ملابسي"
مرت ناردين من جوارها للداخل لتمسكها هنا من ذراعها متسائلة بحنان "ماذا حدث معكِ بالأمس؟"
ابتسمت ناردين بسماجة قائلة بمراوغة "لا شيء كنت قلقة على سما"
قرأت هنا هروبها من الحديث بعينيها ببراعة.. قائلة بمراوغة تجيدها هي الأخرى "إياد ليس له دخل بالموضوع؟"
عضت ناردين باطن خدها بقسوة قائلة بثبات أجبرت نفسها عليه "لا، بعد إذنكِ ماما"
ابتسمت هنا بخفة متطلعة بأثرها إلى أن اختفت في غرفتها.. هامسة بفراسة "حمقاء إن كنتِ تعتقدين أني غافلة عنكِ ابنتي الصغرى"
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 11:05 PM   #164

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

تململ يامن في رقوده على السرير الصغير الخاص بأخيه.. فتح عينيه وهو يبتسم بعذوبة باحثا عنه ولكن بسمته اختفت وهو ولا يجده.. زفر وهو يستقيم من رقوده متجها للخارج باحثا عنه وأيضا ليس موجود..
عبس باندهاش وعينيه تلتقط مؤشر الساعة الذي يشير إلى الواحدة ظهرا، هل نام كل هذا الوقت؟ أكان متعب إلى هذا الحد؟ أم هي فقط رؤية طفله أمام عينيه من جلبت الاستقرار والراحة لروحه، فنامت هانئة قريرة العين.. عاد أدراجه إلى الغرفة ليأخذ الهاتف مهاتفا هادي الذي أجابه بمزاح "هل وقعت من فوق جبل؟ ما كل هذا النوم؟"
ابتسم بتعجب مجيبا بعدم اكتراث "لا أعلم صدقني لا أعلم.. ثم أضاف بلهفة.. تيم معك؟"
أجابه هادي ببساطة "نعم معي تناول طعامك وتعال"
أتته إجابة يامن المتلهفة "كلا سأبدل ملابسي وأتي"
أجابه هادي بنبرته المتسلطة "بلي ستبقى وتتناول طعامك.. أعلم أنك لا تطيق طعام الطائرات وحين جهزت لك طعاما ليلا وجدتك نائما.. لذلك ستتناول طعامك رغما عنك وإن لم تفعل سأعلم.. ولن أجعلك تقابل تيم وأنا جاد فيما أقوله"
اتسعت عينا يامن تعجبا ثم أطلق ضحكة صاخبة قائلا بمهادنة "حسنا لا تتحول لديكتاتور أعدك سأتناول طعامي.. إلى اللقاء حتى لا أتأخر"
وضع الطعام الجاهز بالميكروويف لتسخينه واتجه بعدها إلى حمامه يأخذ حمام سريعا.. ويرتدي ملابسه ثم خرج وتناول طعامه سريعا كي يذهب لأخيه بأسرع ما أمكنه.. ذهب إلى المكتب ليصطدم بنادر الخارج من مكتب هادي، احتضنه يامن بشوق قائلا "مبارك يا صديقي"
ربت نادر على كتفه قائلا بمرح "الأخبار السعيدة أتت من عندك.. مبارك عائلتك"
ضحك يامن وهو يبتعد عن نادر قائلا بيقين "هادي أخبرك؟"
ابتسم نادر ابتسامة مريحة يتميز بها قائلا بمشاغبة يبرع بها "هل يستطيع أن يخفي عني شيء، اذهب تيم بالداخل غاضب للغاية منك جد طريقة تسترضيه بها"
كشر يامن قائلا بحنق "بشرك الله بالخير يا نادر"
ضحك نادر وهو يلوح له مغادرا إلى حجرة مكتبه.. بينما أخذ يامن نفسا عميقا وهو يفتح باب الغرفة.. ليكون أول ما تقع عليه عينيه أخيه الصغير.. يجلس باسترخاء كاذب على الأريكة المواجهة للباب.. يتدلى شعره البني من أسفل قبعته الصوفية وهو يلعب أحد ألعابه على جهازه اللوحي الذي يمتلئ بألعاب مختلفة، لترفه عنه عندما ينشغل بعمله عن مجالسته همس بشوق "تيم"
وكما الطلقة ارتفعت رأس تيم لمصدر الصوت قبل أن يزم شفتيه بغضب عائدا ثانية لجهازه دون كلمة.. نظر لهادي بطلب مساعدة ليهز هادي كتفه متخليا عنه، يخبره بعينيه أن يبحث عن حل بنفسه.. اتجه يامن بخطوات بطيئة يشغل عقله في محاولة لإيجاد حل لمأزقه، ثم جلس بجواره وتيم بعناد ركز عينيه على جهازه ليهمس يامن باستعطاف "تيم حبيبي اشتقت إليك.. ألم تشتق لي؟"
لم يرفع تيم عينيه تجاهه ولم يجيبه مطلقا، بعناد لم يكن يعلم يامن أن أخيه اللطيف يمتلكه.. ليعمل عقله بأسرع ما يمكنه في محاولة إيجاد ثغرة لعقل تيم ليقول بهدوء متمنيا داخله أن يتجاوب معه "هل أخبرك لماذا سافرت؟"
استطاع جذب اهتمامه ليرفع رأسه ببطء ينظر إليه باهتمام، فرح يامن بهذا الاستجابة ليلتفت بكله له قائلا بجدية مفتعلة "ذهبت لأبحث عن أصدقاء لك هناك"
عقد تيم حاجبه متشككا قائلا بصوته العذب الذي اشتاق إليه يامن كثيرا "هل وجدت أصدقاء؟"
اتسعت ابتسامة يامن وعينيه تسكنها راحة عجيبة لسماع صوت طفله قائلا بلطف "الكثير منهم ستحبهم جميعا"
ابتسم تيم بسعادة قائلا ببحته العذبة "حقا!"
هز يامن رأسه إيجابا قائلا بتلهف "ألا أستحق عناقا على هذا الخبر؟!"
كانت إجابته ابتسامة واسعة وتيم يلقي نفسه عليه هاتفا ببراءة "اشتقت إليك كثيرا لا تغادر وتتركني ثانية"
تلقاه يامن على صدره ليشدد ذراعيه حوله بقوة.. هامسا بلوعة مشتاقة "أبدا أبدا يا عمر أخيك"
ألقى يامن رأسه على الأريكة وهو يعدل من وضع تيم على صدره تحت نظرات هادي المبتسمة.. بعد دقائق دلفت روهان هاتفة بمرح وهي تحمل بيدها حقيبة أنيقة "انظر أيها الغاضب الصغير الذي لا أعلم سبب غضبه بعد.. لقد أحضرت لك التشيز كيك الذي تحبه"
رفع تيم رأسه من على صدر يامن راكضا إلى روهان ليحصل على حصته من الحلوى وروهان تهمس بخجل "مرحبا يامن كيف حالك؟"
ابتسم يامن مجيبا بود "بخير حال أروهي، كيف حالكِ أنتِ؟"
أجابته بود مماثل "حالي لا بأس به، أخبرني كيف حال عمتي هل عادت معك؟"
أجابها نفيا بصوت عادي "كلا لن تعود ثانية لقد فضلت البقاء مع عائلتها"
همست بتعجب "عائلتها!! هل للعمة حياة عائلة؟"
هز رأسه يؤكد كلامها لتعاود سؤاله ثانية بنبرة مضطربة حملت الكثير من المرارة.. واسترعت انتباه هادي الذي يستطيع التقاط أقل تغير في نبرة صوتها "هل أهملتها عائلتها أيضا؟"
نظر لها يامن بتعاطف هو يعلم ظروف حياتها ونشأتها كلها.. ثم ألقى بنظرة سريعة مستكشفة لصديقه الذي كان نظره مسلطا على ملامح روهان بنظرة مغلقة، وكلمة أيضا أشعلت فضوله المشتعل تجاهها بقوة..
غبي همس بها يامن داخله مقررا عدم إخباره أي شيء يخص حياتها.. الأحمق ينصحه دائما باقتناص حبه وهو يترفع عن صيد حبه.. يضع أراء الناس وما سيتداولونه نصب عينيه.. على حساب قلبه وحياته غبي ويستحق كل ما يعيش به من عذاب بيده.. وهو لن يكون رحيما ويرحمه من عذابه إلا عندما يفيق لنفسه ويعلم أي جوهرة بين يديه فقط حينها سيخبره.. هو يعلم كما يعلم نادر وكل من يتعامل مع آروهي أي نقاء وفطرة سليمة تمتلكها، إلا صديقه الذي دائما ما يبحث عن عيوبها فيبرر لنفسه ابتعاده.. غير قادر على رؤية ماهيتها الحقيقة..
نعم هو كيامن لا يؤمن بالحب بل المعنى الأدق لا يثق به.. ربما الحب موجود ولكنه ليس خيرا دائما.. لكن في المقابل هو يثق بهادي ويعلم أنه إن ترك الحرية لمشاعره سيدير حياته بمنتهى السلاسة ليجيبها بهدوء "كلا أروهي إنها قصة مختلفة"
زفرت بارتياح وعينيها تشرق بمشاعر متباينة فهمها يامن فورا.. وعقدت لها أمعاء هادي غيرة وشيء آخر مبهم أقرب ما يكون للمرارة.. هل يشعر بالمرارة عليها ولكن لماذا؟ حدسه وقلبه يخبره أن ورائها قصة طويلة وعقله ينهاه عن الغوص بمتاهتها أكثر.. قاطع يامن تفكيره قائلا بأمر وهو يأخذ تيم معه لمكتبه "استدعي نادر والحقا بي لدينا عملا كي نناقشه"
ناظرته أروهي بصدمة قائلة بخفوت "ألن يأخذ اليوم راحة ويبدأ من الغد؟!"
أجابها هادي بامتعاض "كلا إنه آلة مبرمجة للعمل لا تكل ولا تتعب، هيا لنلحق به لنرى ما يريد"
بعد وقت كانوا يلحقون به ونادر يهتف بتذمر "يا بني ألا تتعب من العمل؟!"
رفع يامن عينيه عن حاسوبه الذي بدأ العمل عليه منذ دلف واجلس تيم على المقعد العملاق، الذي جلبه خصيصا لأجله وهو يخرج له الحلوى الخاصة به ليتناولها قائلا بعدم اكتراث "توقف عن التذمر كطفل نادر.. لي زمن بعيد عن المكتب ويجب أن نراجع بعض الأمور سويا"
هز هادي رأسه بمعنى لا فائدة وهو ينظر لنادر بنظرة معناها أخبرتك.. ثم التف أربعتهم حول طاولة الاجتماعات الصغيرة منغمسين في مناقشة جدية لأعمالهم.. استغرق الاجتماع زمنا لم يقاطعه سوى رنين هاتف يامن الذي رفعه قائلا باستغراب "رقم غريب ولكنه دولي"
رد هادي بتحذير كمن يعلم طباع صديقه "أجب ولكن دون أن ينحرف إصبعك إلى مكبر الصوت"
ابتسم له يامن قبل أن يجيب بجدية "مرحبا من معي؟"
تطرق لأذنه صوت ناعم خجول متسائلا "يامن معي؟!"
عقد حاجبيه ناقلا نظره بين رفقائه قبل أن يجيب بتوجس "نعم"
عاد الصوت الناعم يتساءل بشك "هل والدك يدعى عبدالعزيز ووالدتك تدعى حياة؟"
رفع جانب شفته العلوية بريبة مغمغا "نعم هكذا يتم مناداتهما"
عندئذ أتاه الصوت مجددا بحبور استشعره بسهولة "مرحبا بك كيف حالك؟"
رد يامن مستنكرا وعينيه حملت تعبير غريب "نعم!! من أنتِ من الأصل؟!!"
سمع خبطة خفيفة وكأن من يحدثه قام بضرب جبهته بيده.. ثم ما لبث أن عاد الصوت ينساب بنبراته المريحة "أوووه أسفة نسيت أن أعرفك بنفسي.. أنا سما"
همس مرددا خلفها بشك يرتقي لدرجة اليقين "سما!!"
عضت على شفتيها مرددة بخجل "نعم سما والدي عمر ووالدتي دارين خالتك"
انطلقت ضحكته صاخبة ليقول بعد فترة بصوت سعيد مرحب "لقد عرفتكِ منذ نطقتِ اسمكِ.. هذا الصوت المحبب مطابق تماما لوصف سيف لكِ.. كيف حالكِ سما؟!"
نسيت سما ترحيبه بها وتوقفت عند ذكر سيف مغمغمة بلهفة "حقا كيف وصفني يامن؟"
تفاجأ من تلك الألفة السريعة التي نمت في دقائق معدودة قائلا بتأنيب "يا مجنونة إذا كنتِ تحبينه كما حملت لهفة صوتكِ لماذا أبعدته عنكِ؟"
همست بحزن ألمه "لأني غبية ولم أنتبه أني كنت أجرحه.. وأني أوصلته لحافة الهاوية.. أنا حقا حزينة"
رد بلهفة قائلا بلطف "كيف أبعد عنكِ الحزن؟"
ردت بنبرة شقية "أخبرني كيف وصفني وسيذهب الحزن فورا"
عاد يضحك بصوت مرتفع مجيبا بخفة "أنت محتالة أنسة سما"
ردت بتوسل مصطنع "أرجوك هذا أول أطلب أطلبه منك ابن خالتي الذي لم أره إلى الآن.. لو طلبته من يزن أو إياد لأجاباه فورا"
عاد للضحك ثانية تحت نظرات رفقائه المنذهلة مجيبا بمرح "حسنا ابنة خالتي التي لم أرها إلى الآن.. أخبريني كيف حصلتِ على رقم هاتفي وأخبرك ماذا قال سيف"
أجابته ببساطة "من ناردين أيها العبقري"
ضحك ضحكة صغيرة ثم أجابها بما طلبت "لقد وصفك وصف رائع ولكن للأسف لا أتذكر منه غير سماء الدنيا الطيبة"
ارتجف الهاتف بين يديها وغامت عينيها بتأثر دون رد.. تستوعب وقع اللقب القديم على قلبها الذي جن جنونه.. وعاد الأمل يركض داخل جوانبه كحصان بري كان مأسورا وأُطلق سراحه.. أتاها صوت يامن قلق "سما أين ذهبتِ؟ هل أنتِ بخير؟"
أجابته وغصة حكمت صوتها فخرج مرتعشا "هنا يامن أنا بخير"
رد بنفي وقد ترك جلسته مع أصدقائه منذ منتصف المكالمة "كلا يا سما لقد اختلفت نبرتكِ الصافية"
أجابته بصراحة ذكرته بسيف على نحو عجيب "إنه تأثير اللقب علي لم أسمعه منذ زمن طويل.. وقد ظننت أن سيف نسيه.. شكرا لك يامن لقد أعدت لي الأمل في أن كل شيء سيكون على ما يرام"
رد بثقة لا يعمل من أين اكتسبها "بالطبع سيكون ثقي بي.. شكرا لاتصالكِ سما"
أجابته ببسمة رآها في نبرة صوتها "لم أستطع مقابلتك لذا فكرت بالاتصال بك كنوع من الاعتذار.. وبالتأكيد سأظل على اتصال معك.. لن تصدق فرحتي عندما علمت بوجودك"
ابتسم باتساع قائلا بصدق "أتشوق لرؤيتكِ حقا يا سما"
أجابته بلطف "المرة القادمة عندما تعود لن تتخلص مني أبدا.. سأتركك لعملك وأذهب بابا يريدني"
رد بصوت حاني "أرسلي سلامي وتحياتي له ولخالتي"
أغلق الهاتف واضعا إياه بجيبه وقد حصل على دفق هائل من السعادة من ذلك الاتصال غير المتوقع.. تمتم لنفسه وهو عائد إلى طاولة الاجتماعات "مجنونة ولكن صوتها مريح للنفس"
***********
أغلقت سما هاتفها وهي تتنهد بعنف وكأنها أنهت لتوها ماراثون ركض.. ولكن لغرابة الموقف تشعر أنها فازت به.. وكيف لا وهي تستمع إلى حديثها مع يامن.. وداخلها يصفق فرحا لقد عادت.. عادت الشخصية البسيطة التي تتعامل بأريحية مع الجميع.. ولا تبعد نفسها عنهم بل العكس هو ما يحدث.. أووه لقد وجدت نفسها أخيرا..
أكان عليها أن تجرحه حتى تجد نفسها أم أن خسارته هو فقط ضريبة كان يجب أن تدفعها.. الدنيا ليست عادلة دائما كل شيء وله مقابل.. ومقابل نفسها كان سيف وما أعظمه من مقابل.. سيف أهم ركن بحياتها البائسة..
لم تكمل تفكيرها وصوت عمر يرتفع مناديا عليها مرة أخرى.. دلفت من الشرفة الرئيسية المطلة على النيل في منظر مبدع.. قائلة بشقاوة وهي تلف يدها حول عنقه من الخلف "هل اشتقت لي لهذا الحد.. بابا أنا أسكن الغرفة المجاورة"
التفت لها رافعا حاجبيه قائلا باستنكار "ماذا يحدث معك هذا الأيام؟ لا أفهمكِ"
ردت سما بمناورة تبرع بها "هل يجب أن أكون حزينة وبائسة وعلى سريري أندب حظي الأسود.. لا سيد بابا لن يحدث"
أخذ عمر نفسا عميقا لن ينكر فرحته بهذا التغيير الحادث في شخصيتها.. صحح لنفسه بل استعادة شخصيتها وليس تغييرا بها.. ولكن يظل ما يدور بعقلها هو ما يقلق، فعودة سما المراهقة يعني عودة العقل الشيطاني الذي لا يخاف.. زفر بعمق متسائلا وهو يتجاهل كلماتها عن قصد "مع من كنتِ تتحدثين؟"
ابتسمت وهي تجلس على طرف مقعده قائلة ببساطة "يامن ابن خالتو حياة"
همس بتعجب "يامن"
ردت مؤكدة على حديثها وهي تنظر أمامها بشرود قائلة بنفس شرود عينيها "كنت أتحدث معه وكأني أعرفه عمري كله.. وليس غريب عني لم ألتقيه وجها لوجه مطلقا.. هل تلعب صلة الدم دورا في هذا يا بابا؟"
رغم تعجب عمر من كلماتها الغريبة إلا أنه أجابها بهدوء "كلا إنها شخصيتك الجذابة فقط.. أنتِ شخص مريح وتشعرين من معكِ بالأمان حبيبتي.. لذلك يطلق معكِ العنان لنفسه ولا يتحفظ بتعامله معكِ"
التفتت لوالدها بذهول متسائلة باندهاش وهي تشير بسبابتها لنفسها "أنا هكذا؟"
ابتسم بحنان مربتا على ركبتها "نعم حبيبتي"
لمعت عينيها بتفكير ثم مالت مقبلة قمة رأسه بحب قائلة "سأذهب لأتحدث مع ناردين"
استوقفها متسائلا باهتمام "بمناسبة ناري.. ماذا حدث بينها وبين إياد؟"
تلبست ملامحها قناع أبله من عدم الفهم قائلة بحيرة مصطنعة "من أتى بسيرة إياد بابا؟"
صرفها عمر بيدها قائلا بحنق "اذهبي يا سما ولكن رجاء ترفقا بالشابين من حيلكما"
نظرت سما له بملامح بريئة بامتياز قائلة بعدم فهم مفتعل بمهارة "أووووه يا بابا عمن تتحدث أنا سأذهب قبل أن أفقد عقلي من التفكير في كلماتك"
وتركته وغادرت لينفجر عمر ضاحكا من كل قلبه داعيا للفتاتين بالتوفيق وللشابين بالصمود في الأيام القادمة.
**************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 11:07 PM   #165

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

كانت حياة تجلس تحت المظلة العملاقة في الحديقة.. تمسك بين يديها إبريتين عملاقتين من تلك الخاصة بحياكة الصوف.. وبجانبها بكرة عملاقة من خيوط الصوف الأزرق.. تتحرك يديها سويا بتناغم مذهل وعينيها مثبتة بتركيز عميق على ما تفعل.. رفعت رأسها على تحية خالد الهادئة الجالس على مقعد مقابل لها لتجيبها بود "مرحبا خالد"
رد بتساؤل وهو يلتقط مجلة من المجلات العديدة الموضوعة بعناية على طرف المائدة لأجله خصيصا "لماذا تجلسين بمفردكِ؟"
رفعت نظرها إليه ويدها تتوقف عن الحركة قائلا ببساطة "كنت أحيك بلوفر ليامن عندما يعود سأعطيه له"
ابتسم خالد باتساع قائلا بدفء "ابنك رائع حياة حفظه الله"
أمنت خلفه بابتسامة حانية ويدها تعود لتتحرك ثانية تكمل ما كانت تفعله.. لتتوقف يدها ثانية على سؤال خالد الواضح إليها "ما سبب عودتكِ حياة؟"
نظرت إليه قليلا بحاجب معقود مجيبة بضيق "مؤكد أيهم أخبرك بما دار بيننا فهو لا يخفي عنك وعن ماهر شيئا"
ابتسامة هازئة وجدت طريقها لفمه قائلا بسخرية "لا تتلاعبي معي حياة أنا لست أيهم.. لتثيري عصبيته وتدفعيه بعيدا عما يريد.. وأيضا لست ماهر الذي رغم وجهته الباردة ولكنه لا يحتمل دموعك فيهادنك.. والآن ستخبريني عن السبب الحقيقي لعودتكِ أم لا؟"
مطت شفتيها بسخط قائلة بصوت حانق "لم تتغير يا خالد؛ ولكن لا لن أخبرك بالسبب يا خالد"
أجابها من بين أسنانه بحنق أجاد أخفاه "وأنتِ لم تتغيري مطلقا حياة"
ابتسامة هازئة منها كانت إجابتها.. تعلم أن خالد منذ صغره وطبيعته خاصة وخاصة جدا.. ويبدو أن تلك الطبيعة أصبحت أقوى بمرور العمر.. ما زال يستطيع قراءة ما بين السطور بحدة بصيرته التي تصيبها بالضيق.. وصراحته المباشرة دائما وتقريعه المهذب المختفي خلف كلماته المهذبة.. هي لا تخشى أيهم أو ماهر بقدر خشيتها منه هو.. زفرت بصوت غير مسموع ليرتفع رأسها له على نداءه "حياة"
أجابت بضيق لم تبذل جهدها لإخفائه "نعم يا خالد لن أخبرك شيء حسنا ما حدث ويحدث يخصني وحدي"
رفع حاجبه بتهكم قائلا بصوت خرج هادئ على الرغم من حنقه "لم أكن سأسألكِ ثانية.. إنه أمر آخر أريد معرفته"
وضعت ما تمسكه جانبا قائلة "تفضل يا خالد"
لم تكن طبيعته تعرف الالتفاف لذا أجابها بسؤال صريح "ما سر الجفاء الذي يكتنف معاملتكِ بنيرة؟"
رفعت حاجبها قائلة باستنكار "نيرة هكذا دون سابق لقب حتى؟!"
أدار رأسه لها بتساؤل قائلا بحدة "ما قصدكِ مدام حياة أختي الكبرى"
زمت شفتيها قائلة بنبرة حادة "لماذا لم تضع قبلهم لقب دكتور مثلا أو تناديهم باسم أحد أبنائهم وتضع قبلهم أم"
أخذ نفسا عميقا يحتاجه بشدة.. إنها هي حياة مهما بعدت ومهما مر بها نسخة واحدة لا يمكن تغييرها.. ما هو متأكد منه أن عبد العزيز ذاق منها عذابا كالذي أذاقه لها.. ليقول بهدوء سيطر على نبرته وعينيه مثبتة على وجهها "لأن العشرة التي جمعت بيننا رفعتهما من مكانة زوجتاي أخوتي إلى أختين أفديهما بروحي.. نيرة أنا أعرفها قبل زواجها من أيهم ومساندتها كثيرا لي في كل موقف صعب مررت به.. بالإضافة إلى كونها ابنة أخت ماما فاطمة فهذا ضمها للعائلة تلقائيا.. ولمار لم تترك هنا ولم تتركني بأي وقت كنت بحاجتها به.. يكفي أنها أول من كانت تحمل بناتي بعد ولادتهما لأنها كانت تحضر ولادة هنا وتبقى بجوارها بغرفة العمليات.. وبعد كل هذا وأكثر منه تريدين مني أن أضع صفة رسمية ليس لها معنى بيننا؟!"
أشاحت بعينيها بعيدا دون رد ليعيد سؤاله ثانية "ماذا بينكِ وبين نيرة؟"
نظرت له بتحدي قائلة بنبرة عدائية "اه ألا يكفي تركها لماما فاطمة كل تلك السنوات.. وتسببها في حزن قلبها؟!"
رفع حاجبه بدهشة دون رد لتردف بصوت أكثر حدة "ما زلت أذكر أنك قلت لي ذات مرة عن حزنها الدائم.. وأوعزنا ذلك إلى عدم قدرتها على الإنجاب.. ولكن الآن اكتشفت العكس تماما وأنها كانت سبب ذلك الحزن"
أتتها الإجابة المتهكمة لتضربها في عمق قلبها "ليس الجميع أناني ويتخلى عن من رباه لأجل رغباته هو.. هناك ظروف تسمى ظروف قهرية حياة"
همست بعتاب خافت غير مصدقة أنه ألمها بهذه الطريقة "خالد!"
استغفر خالد بصمت وهو يعيد شعيراته البيضاء التي ما زالت تحتفظ بنعومتها للخلف.. ثم أغمض عينيه على سخريته التي ملأتها لتعود لصفائها ثانية بعد أن فتحها.. قائلا بتشديد على كلماته وهو يتقدم بجسده للأمام مستندا بساعديه على ركبته "حسنا لننهي هذا الموضوع حياة.. دكتورة نيرة كان رغما عنها لأن والدها هرب بهم بعد موت والدتها.. وبعد وفاة توأمها أمام عينيها فقدت ذاكرتها فلم تتعرف على خالتي.. وذاكرتها لم تعد لها إلا بعد زواجها من أيهم.. أعتقد أن هذا يندرج تحت بند ظرف قهري رغما عن أنف الإنسان"
اتسعت عيناها بصدمة قائلة بشفقة حقيقة "لم أكن أعلم"
قهقهة ساخرة منه كانت كافية لها لتوصل رده.. ليردف خالد بصرامة "لا تفتحي هذا الموضوع أبدا أمامها لأنها تمرض بعده مباشرة.. وأيهم صدقيني سيؤذيكِ إن اقتربتِ منها.. إنها نقطة ضعفه ومركز مخاوفه لن يدعكِ حتى تقتربي منها"
هزت رأسها بتفكير شارد قائلا بدون وعي "يبدو أن أيهم تغير كثيرا حقا"
تنهد خالد بقوة قائلا بغضب بدأ يتسلل إليه "إلى أين تريدين الوصول بهذا الحديث؟"
رجعت عينيها تبرق ببريق يحفظه عن ظهر قلب ليعلم أن القادم لن يعجبه.. بينما هي رفعت يدها تتأكد من حجابها على رأسها قائلة بتقريع حاد "إلى بناتكم سيد خالد.. إنهن مائعات وحالهن مائل لا يسر عدو ولا حبيب.. لا أصدق.."
قاطعها بعنف بعد أن أفاق من صدمة كلماتها "حياة إياكِ والتعرض لبنت من بناتي بكلمة مسيئة"
رفع يده يمسح بها وجهه عله يعيد الهدوء إلى نفسه.. لن يسمح لمطلق أحد بإهانة بناته.. كنزه الأغلى بالحياة ملعونا من يفكر أن يمسهم بأذى.. ليعيد عينيه إليها قائلا بصوت قوي حازم "يقين، براء، ناردين هم هبة الله لي.. ربيتهم أنا وأيهم وماهر بكل حب وحنان وحزم يمكن أن يحصلوا عليه.. فكبرن مدللات ربما لكن مائعات قطعا لا.. هناك فرق شاسع بين الدلال والميوعة.. بناتي يعرفن حدودهن وخطوطهن الحمراء جيدا ولا يتعدونها.. يحفظن حدود الله ويتعاملن بها فإياك وإهانتهن لأنكِ تهيننا نحن أخوتكِ"
رفعت حاجبها له دون رضا قائلة بامتعاض "إذا كان هذا لماذا لم ترتدي ابنتكِ الحجاب للآن؟"
وضع يده على جبهته بإعياء يعلم أنها مناقشة عقيمة.. ليجيب باقتضاب "إنه شأنها الخاص وعندما تشعر أنها قادرة على تحمل مسؤولية ارتدائه سترتديه"
هاجمته بحدة وهي تعتدل في مقعدها "أي مسؤولية إنه تغطية للرأس"
ابتسم باستهزاء بالغ وصلها وغمرها من قمة رأسها لأخمص قدميها قائلا بتأنيب مستتر "يبدو أنكِ نسيت معانى الحجاب الذي أوصتكِ به ماما.. وأنه ليس مجرد غطاء للرأس فقط وأنه أيضا غطاء للروح.. له مسؤوليات وليس الجميع يلتزم بها.. أنا أريد عندما تتحجب ابنتي أن تكون محجبة قولا وفعلا.. سأكون أكثر من سعيد عندما تقرر ارتدائه وفخورا للغاية عندما تلتزم به"
همت أن تجادله عندما همس بتحذير "أغلقي على الموضوع حياة.. يقين قادمة"
التفتت للخلف لترى الفتاة الرقيقة ابنة خالد الكبرى.. قادمة من الجهة الموازية للمنزل.. ترتدي بنطال جينز زيتي يلف قدميها بإحكام.. تعلوها بلوزة بأكمام طويلة من الوردي الشاحب.. تدخل طرفها داخل البنطال ذو الحزام البني.. وبحذاء أرضي أسود منقوش تمشي بخطوات رقيقة مثلها.. اقتربت يقين منهم لتلقي عليها تحية ودودة.. ثم اتجهت إلى والدها مباشرة لتعانقه باحتياج هامسة بخفوت "مرحبا بابا"
ضمها خالد برفق قائلا بحنان "مرحبا يا قلب بابا.. أنتِ بخير؟"
إجابتها تمثلت في جلوسها على قدمه وهي تزيد من ضمه.. دافنة نفسها بقوة بين ذراعيه، ارتفع حاجب خالد بعدم فهم ليزيد من ضمها لصدره بقوة معيدا سؤاله "ما بكِ يقيني؟"
زادت في ضم جسدها إليه مجيبة برقة "بعض التوتر والارتباك؛ حاولت أن أتخلص منه بالألوان ولكني فشلت.. فأتيت لك لأني متأكدة أني سأستعيد ثباتي من رائحتك الدافئة وحضنك الآمن"
قبل قمة رأسها بحنو مجيبا بلطف "حضني مفتوح لكِ دائما"
أخذت نفسا عميقا مشبعا برائحته قائلة بخفة "أعلم"
مسد ذراعها بدفء قائلا باهتمام "ألن تخبرينني عما يحدث معكِ؟"
تعلقت يدها بطرف سترته مجيبة بتوتر.. بنصف الحقيقة فقط والنصف الآخر أهملته وألقت به بركن بعيد.. هو لا يؤمن بالحب ولديه جنية يحبها على الرغم من هذا.. وهي لا تستطيع أن تورط قلبها بعلاقة فاشلة منذ البداية "متوترة لأجل معرضي القادم"
عبس بتعجب قائلا بنبرة حملت بعض التعجب "منذ متى وطفلتي تخشى عرض أعمالها؟.. ومنذ متى ثقتكِ بنفسكِ ضعيفة هكذا؟!"
هزت رأسها نفيا لترفعها له مجيبة باضطراب "أنا واثقة بنفسي الأمر أن المعرض هذه المرة سيكون ضخم.. فهو سيجمع معرضي الذي تأجل والمعرض الحالي وموضوع كل منهما مختلف تماما"
هز رأسه متفهما قائلا بنبرة دافئة "على ما أذكر موضوع الأول الحب والكبرياء إذا ما موضوع الثاني؟"
بلعت ريقها باضطراب مجيبة بصوت خافت "المرأة"
ردد خلفها بصوت ذاهل "المرأة؟"
هزت رأسها إيجابا قائلة بصوت ضعيف "نعم يا بابا المرأة بكل الحالات التي يراها المجتمع بها.. ظالمة ومظلومة، ضعيفة وقوية، متجبرة ومغلوبة على أمرها، مطلقة وحامل وزوجة مهملة، كيف تكون نظرة المجتمع لها في كل حالة.. لماذا دائما ما تكون هي المخطئة وهي من يجب أن تُعاقب.. حتى وإن لم يكن خطأها.. لماذا مجتمعنا يقسو على المرأة ويجد مبررات للرجال؟.. أسئلة كثيرة كانت تموج بعقلي ووجدت يدي دون وعي تحولها للوحات مرسومة.. وجدتني أشرح دواخلي بتلك اللوحات.. هل سأنجح بإيصال فكرتي يا بابا؟"
لمعت عينا خالد بفخره بها ليمسد خدها بحنان مجيبا باستحسان وصوت تشبع بثقته بها "الفكرة أكثر من رائعة.. بالطبع ستنجح أنا أثق بكِ يا حبيبة والدكِ.. قلمكِ يحول رسوماتكِ لكلمات مرئية للأعمى.. بالطبع سينجح كما نجح غيره نجاحا مدويا لا نظير له"
أشرقت ملامحها بابتسامة رائعة وعادت تلك الثقة المفقودة لنفسها.. بضع كلمات صغيرة من فم والدها غُرست بعمق قلبها الصغير.. فأشاعت به بهجة ونور لا توصف قائلة بتأثر وهي تعانقه ثانية بقوة "أنت الأروع بابا"
ضمها خالد لصدره مربتا على كتفها بحنان قائلا بخفوت "بخير الآن؟"
ابتعدت تنظر لعينيه بامتنان هائل لتميل مقبلة وجنته بشكر قائلة بصوت رقيق "وكيف لا أكون وأنت والدي"
استقامت واقفة لتقول بحرج "سأغادر بعد إذنكما"
استوقفها خالد متسائلا "ستعودين لمرسمكِ أم ستصعدين للأعلى؟"
هزت كتفها مجيبة بعفوية "سأصعد للأعلى أريد استشارة ماما في بعض النقاط.. وفكرت أن أسبح قليلا قبل العودة للمرسم"
استحسن الفكرة قائلا بتفهم كان دائما حاضر بقوة بينه وبين بناته "هذا مخطط رائع ولكن والدتكِ عند عمتكِ نيرة"
أومأت برأسها متسائلة "هل عمو أيهم بالأعلى؟"
نظر لها مستفهما لتجيبه بتلقائية "لم أره اليوم أبدا ولهذا كنت أسأل"
أجابه ببسمة حانية "إنه بالمطعم منذ الصباح لذلك لم تريه"
ابتسمت وهي تنسحب مغادرة برقة فراشة كما حضرت.. أتت تريد تفهم من والدها لحالة التيه والضياع التي تنتابها.. وغادرت تاركة حيرتها وضياعها خلفها وقد مدها والدها بدفق هائل من الطاقة والحيوية.
تابعها بعينيه بحب دون إرادة بشرية منه إلى أن اختفت داخل المنزل.. عاد بنظره إلى حياة التي كانت تتابع ما يحدث بنوع من الاستنكار.. لا تستسيغ ما يحدث أمامها من دلال زائد عن الحد يصل لحد الميوعة اللزجة.. همس خالد بحاجب مرفوع "ماذا الآن؟"
صاحت به بغضب بالغ "ما الذي تفعله أنت؟"
كان يعلم عما تتحدث تماما ليجيب باسترخاء "فقط أنفذ أمر رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم)"
ردت بحيرة لفتها داخلها بقوة "أي أمر هذا؟"
اتسعت ابتسامته قائلا ببساطة محببة "ألم يوصي بالنساء خيرا.. ألم يقل لا تكرهن البنات فهن المؤنسات الغاليات.. لذلك حياة هن غاليات قلبي ولا أستطيع فعل شيء غير تقديم حب ودلال العالم كله لهن"
ابتسمت حياة قائلة بحيرة حقيقية "لماذا لم تتزوج ابنتك للآن على الرغم من جمالها الفاتن؟!"
غمغم بهدوء راضي وهو يسحب مجلة من مجلاته "نصيبها لم يأتي بعد"
غمغمت بعدم رضا وحنق خفي "لقد وصلت لسن لا يجوز أن تبقى به دون زواج"
رفع عينيه إليها من على المجلة قائلا بقوة "لا تهمني قوانين المجتمع الظالم.. لتبقي بعيدا عن بناتي وعندما يأتي نصيبهما في الوقت المناسب سأوافق بكل تأكيد"
همست بتساؤل حذر "وماذا إن أحبت يا خالد؟"
ضحك قائلا بحنان لبناته سواء كن موجودات أم لا "ما بها إن أحبت؟!"
عادت تجيبه بسؤال ذو مغزى "وكان غير مناسب لها من وجهة نظرك"
أجابها دون تردد "سأرفضه"
ابتسمت قائلة بانتصار "وماذا عنها؟"
اتسعت ابتسامته قائلا بثقة ملأت عينيه "ستطيعني بلا تردد، إنها ابنتي من ربيتها وأثق في أخلاقها"
كادت أن تجادله ليجيبها بحزم صارم "حياة المنزل هكذا نعيش به، رجاء تأقلمي على هذا الوضع كي لا تنشب مشاكل لا حل لها.. وتقربي من زوجاتنا إنهن طيبات ولا يعضضن"
كشرت في وجهه دون رد وهي تجذب الصوف لتكمل ما كانت تصنعه.. بينما رفع خالد كتفه دون اكتراث وهو يقلب صفحات المجلة بدون اهتمام حقيقي.
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 11:08 PM   #166

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الوحدة من أسوء المشاعر التي تعرف عليها الإنسان منذ قديم الأزل.. شعور بغيض يداهم قلب الإنسان فيجعل كل ثانية وكأنها دهر بحاله.. فما باله إذا كان شعور الوحدة هذا مختلطا بالخوف والملل القاتل.. فراغ يملأ حياتها بشكل مفزع فقط تلك الساعات التي تقتنصها من وحدتها.. وتلقي بها وسط بحر من السعادة أثناء عملها..
لماذا يتركانها والديها بمفردها ولأجل ماذا؟ والدتها وتفهمها فهذه طبيعتها الباردة التي نشأت عليها.. ما يعذبها هو والدها الذي من المفترض أنه عربي ذو دم حار.. هل أثرت عليه برودة إيرلندا فجمدت دمائه في عروقه.. أم تحول لآلة لجني المال فما عاد يهمه شيء آخر.. إنها لا تعرف طعم حنانه ولا حبه ولا اهتمامه.. لولا أنها تسجل رقمه على هاتفها ببابا ما تعرفت على صوته في المرات اليتيمة التي يحدثها بها..
رفعت عينيها إلى ساعة الحائط ثانية ثانيتين ثلاث أربعة.. أووه لما لا تمر سريعا ليأتي قرآن الفجر حتى تنام سريعا وبأمان بالغ.. نعم أمان يتوافر لقلبها لكلمات القرآن العذبة بصوت هذا القارئ الرائع، ما هذا البطء المريع الذي تتحرك به.. ولماذا أثناء عملها تكاد تكون تركض لا تتحرك فقط.. اتسعت ابتسامتها على ذكر عملها وترآى لها وجه هادي الوسيم..
شردت في تذكر ملامحه بقلب نابض بعنف.. ملامحه دافئة كشخصيته ربما هو غاضب دائما ولكنه حنون.. وأاااه من حنانه الذي لا مثيل له.. ورغم أن يامن ونادر يعاملانها بلطف وحنان أكثر منه.. ولكن هو به شيء مميز يجعل مذاق حنانه وكأنه من الجنة
عادت تنظر للحائط لتزفر بسخط لم يمر إلا نصف ساعة فقط.. اهتزاز هاتفها بجوار السرير أعلمها بوصول مكالمة.. جذبتها بملل لتنغلق ملامحها بألم، والدتها مؤكد تتصل بها لتكمل شجار أمس.. أن تذهب لتقضي معهما عطلة في ايرلندا البلد الذي لا تطيق ساكنيه أبدا.. ألقت الهاتف دون اكتراث والذي لخيبتها صمت عن الرنين دون محاولة لإعادة الاتصال ثانية.. مما نبهها كم هي غير مهمة لهما.. ابتلعت مرارتها مع رشفة ماء لتزيلها من حلقها الذي اختنق بدموعها..
فكرت بشيء يمكن أن يقتل الوقت ويمر بسرعة.. لتقفز من سريرها بحيوية لتخرج كل ملابسها تلقيها على السرير.. كما قامت بتثبيت كاميراتها على حامل مرتفع.. وعدلت من وضعها بحيث يلائم ما تفكر به.. واتجهت لتبدل ملابسها وتقيم عرض أزياء مصغر من ذوقها وملابسها الخاصة..
كانت ترتدي سروال يعود لطقم ما وبلوزة تعلوه من طقم ثاني وتفرد شعرها بالطريقة التي تلائمه.. فتارة مرفوعا لأعلى مع هذا الزي الرائع.. وتارة تجمعه كله على كتف واحد مبرزة جمال الفستان الذي ترتديه.. وأحيانا ملموما بعشوائية وفوضوية تماثل ملابسها الصاخبة.. وهي تتحرك بحركات استعراضية أمام الكاميرا.. عرضت ما يقرب من عشر ملابس مختلفة.. ثم أخذت بطاقة الذاكرة من الكاميرا وبدأت بحذف الأجزاء غير الضرورية وتجميع الأجزاء الأخرى سويا.. حتى أنهت الفيديو الذي ظهر مبهر رغم بساطة ما فعلته..
وأثناء رفعه على مدونتها بدأ الشيخ في ترتيل قرآن الفجر لتغلق حاسوبها بعد تأكدها من نشر الفيديو.. ثم انزلقت بين أغطية فراشها تاركة خلفها ملابسها تشاركها الفراش وتؤنس وحدتها.. لتذهب في نوم سريع وقلبها يشعر بالأمان ما دامت القراءة ممتدة لوقت أطول.
***********
كان يامن يجلس في مكتبه منغمسا في أعماله كعادته.. رفع عينيه يلقي نظرة سريعة على تيم الموجود بالركن الذي هيئه له ليلعب به.. فمؤخرا أصبح تيم يرفض الذهاب للمركز الترفيهي أثناء ساعات عمله ويصر على المجيء معه.. وهو لا يمتلك غير الرضوخ لرغبته بكل حب..
استقام واقفا يتجه إلى الدرج الخاص بملفات عمله ليجذب ملفا يحتاج دراسته.. ارتفع رنين هاتفه أثناء عودته إلى كرسيه.. ليضع سماعة الأذن وهو يضغط زر القبول فاتحا أمامه الملف الذي جذبه وهو يلقي التحية على محدثه "مساء الخير زيزو"
أتاه صوت يزن معاتبا وهو يقف بشرفته "مرحبا بالغائب الذي ذهب ونسي عائلته"
عقد يامن بين حاجبيه مفكرا ليقول بجدية زائفة "معك حق، ولكن من كان يحدثك بالأمس يا أحمق؟"
استند يزن على سياج الشرفة قائلا بمرح "لقد نسيت ونسيت لماذا اتصلت بك من الأساس"
رد يامن بمزاح ساخر "من أخذ عقلك ليهنأ به"
أجابه يزن بعفوية عجيبة "بلوتي من غيرها"
انفجر يامن ضاحكا من قلبه مثل أول مرة سمع يزن يدعو براء بهذا الاسم قائلا يجاريه "وماذا فعلت بلوتك؟"
مط يزن شفتيه مجيبا بامتعاض "ما زالت تفكر في مكان نسافر إليه خلال فترة التوقف خلال هذا الموسم وبه تكون عطلتي، وكل خمس دقائق تأتى لتخبرني عن مكان جديد"
عاد يامن للضحك من جديد براء ويزن ثنائي متناغم ومتناسب كليا.. ليأتيه صوت يزن المرح "لقد تذكرت لماذا كنت أهاتفك.. كنت سأخبرك أن عمو أيهم جلب لي علبة بسكويت كاملة وليس مجرد باكو"
اتسعت عينا يامن باندهاش قائلا بتعجب "حقا!"
رد يزن ببساطة "بالطبع ألم تسمع بالمثل القائل (الزن على الدماغ أمر من السحر) ولكي يتخلص عمي من إلحاحي أتى لي بعلبة كاملة"
ضحك يامن قائلا وهو يستمع إلى طرق على الباب ثم دلف إليه نادر وهادي "صدقني أنت غير طبيعي يا يزن"
جلس هادي ونادر على المقاعد أمام المكتب وصوت يزن يدوي بأذنه حانقا "لا يهم ولكن أتعلم لقد وضع بصمته عليه وأتى به رخيصا من النوع الذي لا أحبه"
لم يتمالك يامن نفسه لتخرج ضحكاته عالية مرحة قائلا بسخرية "قلتها لك يا بني عقلك غير متزن.. في ثانية كنت تمزح وها أنت حانق"
لم يأتيه رد من يزن حتى ظن أنه غضب منه.. وما إن هم بالاعتذار حتى أتاه صوت يزن مصدوما "تايوان!! ماذا خطر ببالكِ حتى نذهب إليها؟!"
علم يامن أن يزن يتحدث مع براء وقد نسي الهاتف على أذنه.. بينما ردت براء التي تخصرت وهي تقف بباب الشرفة قائلة بغيظ "بدون سبب أريد الذهاب إليها.. وأنت قلت أي مكان تعويضا على الثلاثة أشهر العذاب التي مررت بها بسببك"
أجابها يزن بغيظ مشابه وقول طفولي "أووه هل مررت بهما بمفردكِ.. لقد كنت أنا الأكثر عذابا منكِ"
سمع يزن صوت يامن الجاد بطريقة هزلية "احجز قبل أن تغير رأيها"
زم يزن شفتيه مفكرا ليقول بجدية وهو يصرفها بيده "حسنا موافق وسأتصل بشركة طيران لأحجز تذكرتين"
اقتربت منه لتطبق بأسنانها على يده التي يحركها في وجهها بقوة.. صرخ يزن متوجعا "يدي يا بلوة اتركيها فورا.. يا بلوة أخبركِ أن تتركيها"
تركت يده بعد أن تركت أسنانها الصغيرة علامة فوق يده قائلة بتحذير "لكي لا تشوح بيدك في وجهي ثانية"
ثم غادرت الشرفة رافعة رأسها بانتصارها الصغير صرخ يزن في إثرها قائلا بتهديد "سأردها لكِ يا عضاضة.. يا الله ابتليتني ببلوة وتعض أيضا"
على الجانب الآخر كان يامن يكاد ينفجر من ضحكاته تحت أنظار صديقيه المذهولة ليقول بصوت ضاحك "أنتما زوج من المجانين"
جاءه صوت يزن متفاجئا "أووه لقد نسيتك اعذرني متزوج من بلوة -ثم نفض يده بقوة قائلا بتوجع- أسنانها حادة يا رجل"
رد يامن بضحك لم يستطع مقاومته "يزن مضطر للإغلاق للأسف وتفويت مسلسلكما الممتع لدي عمل"
بادله يزن الضحك متسائلا "حسنا اذهب مهلا هل تيم بجوارك؟"
أجابه يامن بهدوء "نعم بجواري"
رد يزن باسما "أعطيني إياه كي أتحدث معه لقد أحببت هذا الصغير"
اتسعت ابتسامة يامن بسعادة مناديا تيم "تيم أبيه يزن يريد الحديث معك"
قفز تيم خاطفا الهاتف من يد يامن مجيبا بفرحة وهو يعود لركنه المفضل "أهلا أبيه"
******
التفت يامن بكامل انتباه لصديقيه اللذان يراقبانه بتمعن خاصة نادر، ليسأل باهتمام "ماذا هناك؟ هل هناك مشكلة بالعمل؟"
هز هادي رأسه نفيا مشيرا إلى نادر قائلا "لا أعلم هو أخبرني أنه يريدنا في موضوع هام"
وضع نادر يده أسفل ذقنه متسائلا بهدوء "مع من كنت تتحدث يامن؟"
رفع يامن حاجبه بتعجب مجيبا باستخفاف وهو يمد جسده ليستند على حافة مكتبه "لماذا تحقق معي مثل وكيل نيابة؟ أو زوجتي بعد الشر بالطبع"
نظر نادر إليه باستخفاف مجيبا بجدية "بعد الشر عليها هي، أنت مصيبة سنبتلي بها مسكينة ما، والآن يا سيد أسرع وأخبرني مع من كنت تتحدث؟"
ضحك هادي بمرح وكلاهما ينظران إليه بحنق.. ليتجاهلا كلاهما ويامن يجيب باستسلام "ابن خالي حسنا شيء آخر"
التفت نادر لهادي قائلا بسعادة وهو يصفق بيديه الاثنين "إذا قرارنا كان صحيح يا هادي"
عقد هادي بين حاجبيه متسائلا بعجب "أي قرار هذا؟"
نظر له نادر باستنكار قائلا بحنق "ماذا هل نسيت ما أخبرتني به يوم أتيت لموقع الانشاء"
هز هادي رأسه بتذكر قائلا باتهام وهو يعتدل بمقعده "تذكرت ولكنك لم تخبرني رأيك فاعتقدت أنك رفضت"
نظر له نادر بصدمة قائلا بدهشة "ألم أخبرك أني وافقت؟!"
رفع هادي حاجبه باستخفاف قائلا باستهانة "لا لم تفعل"
ابتسم نادر بسماحة قائلا "ها قد أخبرتك"
قاطعهم يامن وهو يضع يديها الاثنتين فوق بعض بتعامد قائلا "وقت مستقطع هل تشرحا لي ماذا يحدث؟"
وضع هادي قدم فوق الأخرى وهو يريح جسده لظهر المقعد قائلا بلا مبالاة "أخبره يا نادر"
رفع نادر كتفيه قائلا بنبرة مضحكة "بمنتهى البساطة قررنا نقل عملنا لمصر"
نظر لهما يامن بتعجب قائلا بعدم فهم "أفندم ماذا يحدث بالضبط؟"
زفر هادي أنفاسه وهو يتخلى عن جلسته المسترخية قائلا بتسلط معتاد منه "انظر يا يامن لقد أتتنا مشروعات كثيرة من مصر.. وليس من الحكمة رفضها وهي حقا ضخمة.. ومن ناحية أخرى ليس من العدل أن يتعب نادر من السفر من بلد لأخرى طيلة الوقت.. هو لديه عائلة وبحاجته.. ونحن سنعود لعائلاتنا أين الصعوبة في فهم هذا.. لذا قررنا أن ننقل عملنا إلى هناك سيكبر مكتبنا كما أردنا منذ بدأنا العمل.. فرصة من الصعب أن نضيعها"
صمت يامن قليلا يفكر في كلمات هادي التي أمن عليها نادر.. يقلبها في عقلها بتفكير عملي ليجد هادي محق.. ولكن ماذا عن عائلة نادر هنا ليجيب بما خطر في باله "وعائلتك يا نادر؟"
ابتسم نادر قائلا بامتنان لتفكير يامن به "ليس لي هنا غير أمي وهي ستبقى معي أينما كنت.. وإيمان لقد عقدت قراني عليها سأتحدث مع والدها ونعجل بالعرس وستأتي معي إلى هناك أيضا.. هي ليس لديها مانع لقد تحدثت معها"
عاد يامن يقول باعتراض "وروهان؟"
أجابه هادي بلا مبالاة مصطنعة وقلبه ينزف من قسوته "روهان تعمل معنا سنخبرها وهي حرة بما ستفعله"
هم أن يجادله ليشير نادر برأسه له بلا محركا شفتيه دون صوت بكلماته "فيما بعد"
زفر يامن باستسلام فهذا القرار محبب لقلبه أكثر مما توقع.. ليقول باعتراض أخير "التصريحات والأوراق والنقل وكل هذا سيستغرق وقتا طويلا"
أجاب هادي بهدوء وهو ينقر بأصابعه على المقعد بجواره "ليس إن قسمنا العمل فيما بيننا"
رد يامن بعدم فهم "كيف؟"
رد نادر وقد التقط بذكائه ما يفكر به هادي "ستذهب أنت إلى مصر أولا تجد مكانا مناسبا يصلح مقر لمكتبنا.. وتستخرج كل التصريحات اللازمة لافتتاحه.. وسنبقى أنا وهادي هنا نقوم بباقي العمل"
أكمل هادي بصوت جاد مؤكدا على كلام نادر "نعم ستسافر أنت وتيم الأسبوع المقبل عائدا لمصر.. وسنبقى أنا ونادر لنغلق هذا المكتب ونسلم باقي مشاريعنا هنا"
اتسعت ابتسامة نادر الجادة التي يستحضرها عند العمل قائلا بتمني "المؤشرات الأولية للقرية التي ننفذها بشرم الشيخ ممتازة.. لو استطعنا افتتاح مكتبنا في نفس الوقت الذي نسلم به القرية سيكون الأمر رائعا ومكسبا لنا"
رد يامن وكلماته تحمل موافقة ضمنية على قرارهما "في تلك الحالة يجب أن نسابق الزمن.. غدا سأذهب لسحب أوراق تيم من مدرسته"
ابتسم كل من نادر وهادي والأخير يكمل بهدوء "وأيضا تذاكر السفر يجب أن نحجزها باكرا"
كح نادر قائلا بصوت رزين "لدي اقتراح"
التفتا كلاهما له ينصتان باهتمام ونادر يعدل من ياقة قميصه.. قائلا بصوت متزن يسرد اقتراحه "أقترح أن نلحق المكتب بمكتب صغير كمكان لتدريب الشباب الذى يدرسون.. ومن يكون جيدا منهم نستطيع أن نؤمن له عملا معنا إذا نجح مكتبنا وكبر.. والآخرين سيكونون قد أخذوا من خبراتنا.. كل ما أريده هو تقديم مساعدة لهؤلاء الشباب.. وبالتالي عند تخرجهم يكون ملفهم مليء بإنجازاتهم فيساعدهم على نيل فرصة عمل بمكان افضل.. ما رأيكما؟"
ربت هادي على كتفه مستحسنا الاقتراح ويامن يجيب بإعجاب "الاقتراح رائع يا نادر موافقان بالطبع"
وقف نادر قائلا بهدوء "جيد لدينا الكثير من العمل لنبدأ منذ اللحظة"
وقبل أن يغادر مال على يامن هامسا له بمفرده "هادي مصدر الفكرة يريد الهرب من روهان بأي طريقة"
ابتسم يامن بتفهم ليقول هادي بغيظ "فيما تتهامسان؟"
لوح نادر بيده مغادرا ويامن يتجه لتيم قائلا بعدم اهتمام "لا شأن لك اذهب لعملك وأنا سأخبر تيم أننا سنغادر هنا للأبد"
وقف هادي مغادرا هو الآخر قائلا "سيفرح كثيرا عندما يعلم أنه سيرى يزن ويقين لقد أحبهما كثيرا"
*************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 11:11 PM   #167

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

عجبا لها؛ عبثت بها أشواقها
تقول من فرط المشاعر:
أكرهك؛
محتالة، مفضوحة أحداقها
هل تضحك العينان لك
لو تكرهك؟
خاطرة منقولة

جالسة في حديقة المنزل بملل يكاد يقتلها وهي لا تجد ما يشغلها.. فشقيقتها مستنزفة في معرضها حتى أصبحت تراها بالصدفة.. ويزن أخذ براء وسافر منذ أيام قليلة على حد قول الوقحة براء يعيدون شهر عسلهما من جديد، وإياد بجانب أنه بعمله هما لا يتحدثان مطلقا منذ شجارهما الكارثي.. ولا يوجد بالأعلى غير سيف الذي أصبح كئيبا بشكل لا يطاق.. وهي لن تساهم في تحسين حالته طالما أنه لا يريد أن يذهب إلى صديقتها ويرضيها، حتى وإن أخطأت في حقه فهو الرجل وعليه مراضاتها..
ألقت هاتفها بنزق وهي تخرج أنفاسها بسخط كبير.. انحنى أيهم يجلب الهاتف الذي وقع تحت قدمه ليقول بحنان "ما بال صغيرتي غاضبة هكذا؟"
هبت واقفة وهي تهرع إليه قائلة باعتذار خجول "أووه عمو أنا أسفة هل أصابك؟ لم أقصد"
ابتسم أيهم بحنو وهو يمسد وجنتها بلطف "اهدأي يا ناري لم يحدث شيء يا حبيبة عمكِ يستدعى كل هذا الاعتذار"
ثم جذبها وجلس على الأريكة وهي بجواره سائلا باهتمام "إذاً من أغضبكِ هكذا؟"
أخفضت عينيها أرضا بحزن قائلة وهي ترفع كتفها بلا مبالاة "لم يغضبني أحد ولست غاضبة من الأساس"
رفع أيهم وجهها إليه قائلا بقلق من نبرتها الحزينة وعينيه تطوف على وجهها تبحث عن سبب ضيقها "إذا لم تكوني غاضبة إذاً ما بكِ؟ لماذا صوتكِ ضائق هكذا؟"
ابتسمت باتساع وهي تلتقط نبرة القلق في صوته قائلة بصوت أخرجته قدر الإمكان عاديا "لست ضائقة فقط لم أعتد الجلوس في المنزل لفترة طويلة دون عمل، لذلك أشعر بملل بالغ ليس إلا"
ضمها أيهم بحب قائلا بمرح "حسنا مشكلة العمل محلولة منذ الغد انزلي أنتِ وإياد وابحثا عن عمل مناسب.. أما بالنسبة لليوم ما رأيكِ أن تقضيه معي؟"
صفقت فرحا وقد نسيت الاقتراح الذي ضمها هي وإياد قائلة بتعجب "ولكن أليس لديك تدريبات اليوم؟"
هز رأسه نافيا وهو يقول باسترخاء "اليوم لدينا راحة سلبية من التدريبات"
قفزت واقفة قائلة بسعادة "سأذهب لأجلب تسالي ومشروبات من المطبخ وبعض الألعاب أيضا"
ضحك أيهم ببهجة لقدرته على تغيير مزاجها الكئيب.. بعد دقائق كان ينضم إليه خالد جالسا بجواره متسائلا "ماذا ستفعل اليوم بما إنه يعتبر عطلة؟"
ابتسم قائلا ببساطة "سألعب مع ناردين قليلا"
هز خالد رأسه متفهما وهو يجذب إحدى مجلاته ليضحك أيهم قائلا بمزاح "لقد حفظتهم يا خالد"
افتعل خالد عبوسا مستنكرا لتنفرج ملامحه بابتسامة عذبة وناردين تظهر في مجال بصره.. قائلة وهي تضع ما تحمله أرضا بابتسامة كبيرة "مساء الخير بابا"
ثم اتجهت إليه معانقة إياه وهي تضع قبلة ناعمة على خده قائلة "سأذهب لأجلب لك مشروب"
مسك خالد يدها يجذبها لتجلس بجواره قائلا "كلا لا أريد هيا اجلسي لتبدأي اللعب مع عمكِ وأنا سأراقبكم منعا للغش"
زمت شفتيها بقوة قائلة بمكر "من يغش ليس هنا"
لمعت عينا أيهم بمكر مماثل قائلا بخبث وهو يلتقط منها الأوراق يخلطهم ببعضهم "أخاف عليه أن يغش في أمر أكبر من اللعبة، لم أعد أعلم فيما يفكر هذا الولد"
لم تنتبه لعيني أيهم وهي تلتقط كوب الشاي تعطيه له قائلة سريعا.. بدفاع أنثى نمر شرسة تحمي أولادها "لا تظن السوء بإياد يا عمو إنه يفعل هذا معنا نحن بالمنزل فقط ليس إلا.. أما بالخارج فهو يحافظ على سمعته لأنه يحمل اسمك، يبذل أقصى جهده ليرفع اسمك عاليا.. دائما صورتك أمامه يفكر كيف يجعلك تفخر به وتقول باعتزاز هذا الولد ابني"
ابتسم أيهم بزهو حقيقي ليس لأجل ابنه فقط، ولكن لأجل أنه أحب فتاة تحفظه في غيابه قبل وجوده.. بينما رفع خالد حاجبيه ينظر لابنته التي هتفت بحرج ما إن انتبهت لما تفوهت به "أنا أعرفه جيدا فنحن سويا منذ ولدنا"
نظر لها خالد دون كلمة بانتظارها أن تكمل.. لتعض باطن خدها وهي تشيح بعينيها بعيدا بارتباك.. تبحث عن معجزة تنقذها من عيني والدها الثاقبتين.. والتي تمثلت بصوت صدر من هاتفها دليل وصول رسالة.. أخرجته سريعا تقرأ محتوى الرسالة لتدفع بالأوراق في كف والدها وهي تقفز واقفة قائلة بذهن مشغول "أكمل الدور أنت يا بابا"
لتبتعد جالسة بنهاية الجلسة وأيهم يسأل بدهشة "لصالح من تم التخلي عني؟"
دقق خالد النظر لملامح ابنته المشغولة كليا بهاتفها فيجيبه بيقين "سما"
تطلع أيهم إليها قليلا ليقول بحب كبير "لقد كبرت الفتيات"
ابتسم خالد ناظرا إليها ليقول بحنان "نعم كبرن كثيرا لا أصدق أنها هي من كنت أحملها على كتفي منذ أيام ليست ببعيدة"
ضحك أيهم وهو يدقق بأوراقه والأوراق الملقية بينهما قائلا بهدوء "كلهن يكبرن يا خالد إنها سنة الحياة.. وعما قليل سيأتي من يأخذهن إلى بيته ليشرق بهن"
رفع خالد نظره عن أوراقه قائلا بسخط "إلى أين تريد الوصول بهذا الحديث؟"
بلا اكتراث كان أيهم يجيبه ويده تمتد لتجلب رقاقة بطاطس من جواره "أهيئك لزواج بناتك عما قريب"
نظر خالد لابنته باهتمام كبير قائلا بسخرية "لماذا هل لديك عرسان لهما؟"
أجابه أيهم بصوت هادئ "كلا ولكن بنات بجمال وأخلاق بناتك لن تظلان بجوارك طيلة العمر"
بغيرة على بناته نبض قلبه أجاب بعنف "أيهم ما الداعي لهذا الحديث الآن؟"
ابتسم أيهم بسماجة قائلا ببراءة "أعدك للقادم يا خالد"
زفر خالد بغيظ قائلا بحنق "أنت تردها أليس كذلك؟"
أجابه أيهم بعدم فهم مفتعل "أرد ماذا؟"
زم خالد شفتيه بطريقة ذكرت أيهم بناردين عندما تتذمر من شيء.. قائلا بنبرة متذمرة ورثتها ناردين بكل إخلاص "ما فعلته قبل زواج يزن وبراء"
رد أيهم ببساطة وهو يعد أوراقه "تقصد قبل تصريح يزن برغبته بالزواج منها وإغاظتي طيلة الوقت.. هذا الدور لي"
أخذ خالد منه الأوراق ضاحكا وهو يقول بمرح "قلبك أسود يا أيهم.. لقد أخبرني أنه يحبها ويريدني أن أمهد لطلب يديها منك.. هل كنت سأرفض طلب مثل هذا لابني.. لم أفعلها لمجرد الانتقام والعبث سيد أخي الكبير"
ضحك أيهم بمرح وهم أن يجيبه قبل أن يجذبه لمعة الفرح التي أضاءت ملامح ناردين سائلا بتعجب "ما سر ابتسامتها؟"
نظر خالد إلى فرحة ابنته قائلا بشك "بالتأكيد تخطط هي وسما لأمر ما"
***********
في الجانب المقابل فتحت ناردين هاتفها لتجد رسالة مختصرة من سما على أحد مواقع الدردشة مفاداها "موجودة؟" فقط لا غير.
بعثت ردها سريعا وهي تتخذ جلسة متطرفة "نعم.. لماذا لم تهاتفيني؟ هل بجواركِ أحد؟"
ما كانت إلا ثواني وأتاها الرد سريعا "لا أستطيع محادثتكِ أنا بالسيارة مع بابا"
عبست بتعجب باعثة ردها سريعا "بالسيارة لماذا إلى أين؟"
اتسعت ابتسامة سما متخيلة رد فعل ناردين وهي ترسل لها بردها الماكر، وهي تختلس النظر لوالدها "ماذا تعدون اليوم من طعام.. أو من يقوم بالطبخ؟"
اتسعت عينا ناردين بدهشة وهي تقرأ رسالتها.. لتنقلب دهشتها لفرحة حقيقية ظهرت في رسالتها "حقا قادمة؟ يا لها من خطوة!"
أتاها الرد الخائف ومن خلال كلماتها استطاعت أن ترى زفرة سما الحائرة وعينيها الزائغة بخوف حقيقي "نعم لقد واجهت نفسي في حديثي مع يامن.. أريد مواجهتها مع سيف لكي أطمئن أن تلك القوقعة البائسة انتهت بغير رجعة"
ابتسمت ناردين بتفهم وهي تبعث برسالتها المطمئنة إليها "لا تقلقي ستواجهين سيف وستنتصرين على خوفكِ.. وأيضا أنا بجواركِ سأدعمكِ"
ابتسمت سما باتساع ليهمهم عمر متسائلا بخفوت "ماذا يحدث مع طفلتي؟"
رفعت سما رأسها له قائلة بخفة "أتحدث مع ناري بابا"
أومأ عمر بتفهم وهي تعود لهاتفها ثانية سائلة بشوق تغلغل بين كلماتها "هل سيف موجود؟ مشتاقة لرؤيته والحديث معه بشكل لا أستطيع وصفه"
ابتسمت ناردين باعثة إليها بردها "سيف لديه راحة سلبية اليوم وسيبقى بالمنزل اليوم كله"
كادت أن تصرخ بسعادة ولكنها تمالكت نفسها وهي تبعث بردها السعيد "دقائق وسأكون عندكِ"
ابتسمت ناردين مرسلة إليها تحذير صارم "إياك أن أراك بإحدى أزياءك الكئيبة.. حينها سأضربكِ دون تردد"
ترددت ضحكة سما عالية وهي تكتب ردها "سأبهركِ أراكِ قريبا"
لم تمر دقائق كما أخبرتها سما وكانت سيارة عمر تدلف إلى المنزل.. راقبت ناردين تلك الفاتنة التي ترجلت من السيارة بحماس كبير.. ترتدي إحدى أزيائها القديمة المفضلة لدي كلتاهما على حد سواء.. بنطال أسود ضيق يحيط بساقيها.. يعلوه بلوزة طويلة إلى منتصف فخذها من الأصفر الداكن.. وحذاء برقبة عالية إلى ركبتها كما كانت تفضل من اللون النحاسي.. واحتفظت بوشاحها ولكنه كان مبهر وهو يكمل زيها بطريقة خيالية..
كان من اللون الكافية مشغول يدويا وهي تلفه بطريقة أنيقة لتخفي ندبتها.. وقد أطلقت شعرها الأسود حرا يرفرف خلفها.. هزت رأسها بيأس ولكنها لم تعقب فما تراه أمامها يعد تحسنا كبيرا ورائعا في شخصيتها.. عانقتها بقوة ما إن وصلت إليها هامسة بصدق "كان معكِ حق.. أنتِ مبهرة"
ابتسمت وهي تشدد من احتضانها ثم اتجهت لتلقي التحية على خالد وأيهم الذي هتف ما أن رآها "أخيرا رأيتكِ يا صغيرة.. كيف حالكِ يا حبيبتي؟"
همست بخجل "بخير يا خالو"
انتحت سما بناردين جانبا يتحدثان بهمس صاخب فيما ألقى عمر التحية ثم هم بالمغادرة بعدها، أوقفه أيهم بصوت جاد "ابقى لتناول الطعام معنا لم نرك منذ زمن"
أجابه عمر بصوت ضاحك بمشاكسة "وأتركك تنفذ تهديدك.. أنا لست مستغنيا عن عمري"
ارتفعت ضحكات كل من خالد وأيهم والأخير يقول "حسنا أنا أسحب تهديدي وأضمن لك عمرك"
رد عمر بامتنان ساخر "يا للكرم شكرا لك.. ولكن يجب أن أذهب لأجلب الفتيات من الروضة ولكي أخبر مشرفة الحافلة أن تأتي لتأخذهما من البيت وتعيدهما إليه"
رد خالد باعتراض "اتركهما تبقيان معنا يا عمر"
هز عمر رأسه نفيا وهو يجيب بحب "البيت دونهما كئيب وموحش لقد اشتقت إليهما، أراكما فيما بعد"
وغادر تاركا خلفه الفتاتان ما زالتا على حالهما تتهامسان باهتمام كبير.. بينما استغرق خالد وأيهم باللعب والحديث بينهما.
بعد مضي قليل من الوقت نزل سيف من الأعلى يعلق على كتفه منشفة عريضة.. ليلقي بتحية خافتة لم تكتمل وعينيه تلتقط هيئة تلك التي تجلس أمامه وتعطيه ظهرها.. بينما قلبه ارتبك واضطربت نبضاته وهو يتعرف عليها إنها هي ملكة الروح.. خرج صوته رغما عن إرادته مشحونا بعاطفته "سما!!"
توترت في جلستها وقلبها يعلن حالة الاستنفار القصوى.. فزادت معدل ضخ الدماء في عروقها وازدادت نبضاتها سرعة وقوة جعلتها تضرب جدار قلبها بقسوة.. رفعت يدها تضعها على صدرها محل قلبها وهي تخفض رأسها لأسفل متحدثة مع قلبها بهمس لا يُسمع "ما بك إنه سيف فقط؟ أعلم أنه حبيبك ولكن جنون اشتياقك إليه يشتتني.. ارفق بحالي واهدئ كي أستطيع النظر إليه دون أن أركض لعناقه.. أااااه حبيبي كم اشتقت إليك"
ضغطت دون وعي منها على يد ناردين طالبة الدعم الذي قدمته ناردين لها بسخاء.. لتأخذ نفسا عميقا وهي تحاول رسم ابتسامة مشرقة على وجهها.. ثم وقفت ملتفتة لتقف أمامه لا يفصل بينهما سوى المقعد الذي كانت تجلس عليه..
همست بتحية خجولة وعينيها جُنت وهي تدور على ملامح وجهه بشوق، وعقلها يعطي إشارة لقلبها عن ذبول ملامحه وحزنها.. ليتفقا لأول مرة على حزنهما على حبيب سكن القلب رغم كل شيء "مرحبا سيف كيف حالك؟"
تحكم في لهفة عينيه التي تسابقت في تشرب ملامحها وفتنتها المبهرة مجيبا بجفاف "لم أكن أفضل حالا في أي وقت مثل الآن"
صرخ قلبيهما سويا بغضب وبكلمة واحدة "كاذب، كاذب كبير"
لتجيبه بهدوء أخرجته بمهارة "هذا يبعث سعادة عظيمة لنفسي يا ابن خالي، كم أرحت قلبي الآن بمعرفتي أنك بخير"
باستهزاء أجابها وهو يعقد يده على صدره "وهل يهتم؟"
ردت ببساطة أدهشته "بالطبع ولكن ماذا أقول العمى ليس في العيون إنما القلوب والبصيرة هي من تعمى"
رفع حاجبا واحد مجيبا بسخرية "حقا! منكم نستفيد"
لن تدعه ينتصر عليه لتجيبها بخفة "تعالى كل يوم وستستفيد كثيرا"
عبس بعدم فهم قائلا بحيرة "عفوا؟"
أشاحت بيدها مجيبة بعفوية بالغة "لا أعلم تُقال هكذا"
رفع عينيه إليها بحدة قائلا بقسوة "ماذا تفعلين هنا سما؟"
تكتفت سما تنظر له بتحدي وكادت أن ترد ولكن أوقفها صوت ناردين المتذمر "لا يعني انتهاء ارتباطكما قطع علاقتها بعائلتها"
نظر لسما باستهزاء وكأنه يخبرها ما زالتِ تلجئين للآخرين للدفاع عنكِ.. ولكن أذهلته ابتسامة سما الخفيفة وقولها الهادئ "أنا بمنزلي خالي وليس بمنزلك"
ثم التفت إلى الخلف مشيرة إلى الطابق الثالث في البيت المقابل قائلة وشقاوة تطل من عينيها "هذا منزلك أم هنا أنت ضيف مثلك مثلي"
قبض يده بعنف على منشفته قائلا "أهلا بكِ في المنزل يا ضيفة بعد إذنكِ"
سأل خالد المتابع للموقف "إلى أين أنت ذاهب؟"
التفت لعمه قائلا بتهذيب "سأسبح قليلا"
هز خالد رأسه ليغادر سيف متجها إلى حوض السباحة لتوقفه سما على بعد خطوتين من تحركه سائلا بلهفة "سيف كيف أبدو؟"
ابتسم رغما عنه مجيبا بجفاف "جيدة"
أخفضت عينيها أرضا هامسة لنفسها بحزن "فقط جيدة أين غزله بي.. حسنا سيد سيف الأيام بيننا طويلة"
التفت ليغادر لتوقفه سريعا قائلة بحياء وهي تنظر أرضا وتعقد يديها خلف ظهرها فيما قدمها تتحرك بتوتر "سيف كنت أريد أن أطلب منك طلب بما إنك ابن خالي"
ابتسم رغما عنه لمنظرها هامسا لها بلطف "اؤمري"
ما زالت على وقفتها وهي تجيب بصوت يكسوه خجلها الفطري "أريد شوكولاتة"
اتسعت عينيه بدهشة مجيبا برفق "حاضر سأذهب لأجلبها لكِ"
أجابته سريعا بلهفة "انتظر أنا لا أريدها سادة"
هز رأسه متفهما وهو يجيبها بخفوت "أعلم أنك لا تأكليها غير بالبندق هل أغادر الآن أم تريدين شيئا آخر؟"
هزت رأسها نفيا وملامحها تتورد بفرحة لم يفهمها ليتجه بعينيه لناردين متسائلا "هل تريدين شيئا يا ناري؟"
أجابته بخفة وابتسامة ماكرة زينت زاوية ثغرها "مثلها يا سيف"
التفت مغادرا ولم ينتبه إلى غمزة سما الماكرة لناردين وهي تهمس لها "يعلم أصغر تفاصيلي"
ضحكت ناردين هامسة بإعجاب "محتالة ماكرة"
وعلى الجانب المقابل همس خالد لأيهم "هناك حرب قادمة"
أجابه أيهم بابتسامة كبيرة "على سما أن ترمم جراحه التي سببتها له دون أن تعي.. وأغلب الظن أنها تعرف هذا وتفهمه جيدا"
************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 09-02-21, 11:15 PM   #168

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

يحاول التركيز بكل ما أوتي من قوة على الملف الذي يعمل عليه.. ولكنه يفشل في الحفاظ على تركيزه حرك القلم بين أصبعيه بحركة دائرية وهو يختلس نظرات سريعة إليها، يصرخ قلبه بقهر من قسوته على تلك التي ملكته، ما ذنبه هو ليعاقب على نظرة المجتمع إليها.. ما ذنبه هو إن كانت تربيتها تفتقر إلى الأخلاق.. ما ذنبه هو ليلقى في متاهة من المشاعر المجهدة له
ألقى بالقلم بحدة وهو يقوم من على مقعده ليلقى بجسده على الأريكة الموجودة بمكتبهما.. رفعت روهان رأسها على حركته العنيفة لتتجه إليه سائلة بلهفة "هادي أأنت بخير؟"
رفع رأسه إليها بألم تذبحه لهفتها عليه ليجيب بخفوت وهو يبعد عينيه عنها بصعوبة "فقط رأسي يؤلمني قليلا"
اتجهت إلى الركن حيث يقوم بعمل مشروبات ساخنة قائلة بألم لألمه "سأصنع لك قهوة"
تتبعتها عينيه رغما عنه يتشرب ملامحها بتوق يشعر به منذ الآن.. شوق قاتل لها يستوطن قلبه منذ اللحظة، ما سيخبرها به الآن حتما سيقتلها، لأول مرة لا يتهكم عقله اعتراضا على ملابسها المعتادة.. تنورة سوداء قصيرة لمنتصف فخذيها كالمعتاد.. بأزرار ذات لون أصفر غامق يمتد على طولها الغير موجود.. وبلوزة ذات كم واحد باللون البيج والكتف الآخر عاري.. يتوزع عليها زهرات ذات ألوان زاهية وأوراق شجر ذات خضار داكن.. بعقدة أنيقة عند الخصر يمتد منها شريطين من القماش على تنورتها.. حاول أن يبعد عينيه بعيدا عن فتنتها ولكنها تمردت عليه.. وتسمرت على قوامها العذب بعذاب ليجلي حنجرته قائلا بصوت خافت "هناك أمر يجب أن تعرفيه بخصوص المكتب"
لم تلتفت إليه وهي تقول برقة "أستمع إليك"
أغمض عينيه قائلا ما لديه دفعة واحدة وكأنه يستنفذ مخزون الشجاعة بداخله مرة واحدة، مبررا لها بسخافة لم يجد لها داعي أسباب السفر وكأنه يقنع ذاته "لقد قررنا نقل عملنا إلى مصر.. سنعود إلى ديارنا أنا ويامن وكذلك سيقيم نادر معنا هناك.. كما قلتِ من قبل مصر أرض رحبة للعمل"
انقباضة قاسية عصرت قلبها حد التجمد، وشلل كامل شعرت به يجمد جسدها، إنها تهذي أو بحلم وكابوس بشع ستستيقظ منه بعد قليل، ولكن لماذا عندما تحلم به للمرة الأولى يكون الحلم بغيض وكريه هكذا.. ما هذا الألم الذي ينتشر سريعا بكل جسدها.. أااهة موجوعة معذبة صدرت منها فلم تعلم أهو من ألم قلبها.. أم من إبريق الماء الساخن الذي نسيت أنها تصب منه فسكبته على كف يدها.. ألقته بفزع وهي تنظر للاحمرار الذي بدأ بالانتشار على يدها بجمود.. ودموع لطخت وجنتيها لا تعلم متى خانتها وهربت من جفنيها.
كانت صرختها كفيلة بتحطيم قلب ذلك الجالس على الأريكة بعذاب يهيئ نفسه له.. هب واقفا وهو يقفز تجاهها ليتلقط يدها المصابة هامسا بجزع "روهان يدكِ؟ هل جننتِ يا حمقاء؟"
همست بتوسل معذب "أخبرني أنك تكذب علي؟"
صرخ بها بغضب خائف "اتركينا مما قلته يجب أن نهتم بيدكِ"
رفعت يدها السليمة تضعها على ذراعه قائلة برجاء "لا تهمني يدي انفي كل ما قلته الآن أرجوك"
كان توسلها قاتل إليه؛ رفع عينيه من على يدها المصابة والتي ما زالت مفرودة على كف يده.. لينكسر قلبه من كل المشاعر التي قرأها بعينيها.. اضطراب، حزن ، هلع، وخوف غير مبرر.. وكمية هائلة من الدموع الذابحة لفؤاده.. بغير وعي ولا مقاومة كان يرفع يديه يمسح دموعها بحنان.. وهو يحتضن وجهها هامسا بخفوت "رجاء روهان توقفي عن البكاء ودعيني أعالج يدكِ"
تطلعت له بألم ليجذبها من كفها يجلسها على الأريكة، وهو يتجه إلى الثلاجة الصغيرة بمكتبهما يخرج منها قطعة ثلج يضعها على يدها، قائلا بحنان رغما عنه "كيف تشعرين؟؟"
همست بمرارة تستجديه الرد "أخبرني ستنقلون مقر المكتب حقا؟!"
هز رأسه إيجابا دون قدرة فعلية على إخبارها ثانية.. لتسحب يدها بهدوء وهي تقول بنبرة مختنقة "أنا سأذهب لإيمي لتساعدني في تطهير الحرق"
أغمض عينيه بإرهاق بالغ يشعر بأنه مستنزف من كثرة الصراع بين العقل والقلب.. يريد أن يرتاح وراحته في البعد.. إذا لماذا هذا الإحساس الموحش بداخله، لماذا ضميره وقلبه يجدان أن قراره خطأ.. فقط عقله هو ما يجده صواب إذا القرار محسوم..
أخرج هاتفه ينوي التحدث إلى والده ربما يخبره بما يحدث، وربما يجد لديه حل لأزمة عقله وقلبه، ولكن قبل أن يتحدث وجد إشعار على هاتفه يخص صفحتها، ودون إرادة فتحه لتتسع عينيه بغضب أهوج وغيرة لا حدود لها.. الغبية عديمة التربية تستعرض جسدها أمام العالم بأكمله دون رادع لها.. والأدهى من هذا حركات جسدها الأنثوية التي تشع فتنة فطرية، تجذب كل ذكر إلى مدارها فلا يسعه غير اشتهاءها..
هب واقفا وهو يلقي هاتفه بقوة لينكسر ويتحول إلى ركام.. يشبه ركام روحه المتراكمة، لقد كسرت روحه ورجولته.. إنها تخصه تنتمي له وحده ولكنها لم تحفظ له هذا الحق، لقد كان محقا عديمة الأخلاق الصغيرة تلك لا تستحقه ولا تستحق قلبه.. العودة إلى بلاده ودياره كان قراره الأمثل..
عادت روهان إلى المكتب ثانية بعدما ضمدت جرحها وفى نيتها أن تغادر باكرا.. لتضمد جراح روحها التي طعنها هادي دون أن ينتبه.. واجهت عينيه المتوحشة التي تناظرها بشراسة نضحت في ملامحه.. انكمشت على ذاتها بخوف فطري قائلة بارتجاف "هل يمكنني المغادرة باكرا؟"
تقدم منها بخطوات عنيفة قائلا بجمود "مما أنتِ مصنوعة؟"
تراجعت للخلف برعب أمام تقدمه منها لتصطدم بحافة مكتبها تمسكت به قائلة باهتزاز "ماذا فعلت؟"
استند بيديه على حافة المكتب يحصرها بينهما قائلا بغضب.. وأعصابه انفلتت منه بفضل غيرته الحارقة "صغيرة وقحة عديمة الأخلاق.. فاقدة الحياء ولم تحصلي على التربية الملائمة.. لابد أن أهلكِ فقدوا الأمل بكِ أيتها الحمقاء الغبية.. تستعرضين جسدكِ أمام العالم والناس دون خجل.. تجعلين من نفسكِ سلعة رخيصة.. فاشلة غبية ولا تستحقين أي احترام.. لا أكره أحد مثلما أكرهكِ"
تساقطت دموعها بغزارة وجسدها يرتجف بقوة ناظرة له بعجز.. لا تفهم ماذا فعلت أو ماذا حدث ليجرحها بهذه القسوة.. فتحت فمها تسأله عما فعلت ولكن كل ما صدر عنها شهقات صغيرة.. كطفل وبخته أمه ولم يجد ما يرد به غير شهقات باكية..
تراجع عنها سريعا ودموعها توخزه بألم داخل قلبه.. الذي يعاتبه ماذا يعرف عنها ليعاتبها هكذا، أي صفة يمتلكها وبأي حق يوبخها هكذا.. بأي حق ينصب نفسه حاكم وجلاد على حياة الناس.. دار حول نفسه بغل لتمتد يده تجذب المزهرية الرائعة بجواره ليلقيه على الحائط بكل قوته..
صرخت روهان بخوف وهي تضع يدها على أذنيها.. ولم تساعدها قدمها على الوقوف فانزلقت جالسة على الأرض.. تضم ركبتيها على صدرها وتدفن وجهها الباكي بينهما.. التف إليها هادي يتأملها بمرارة ليغمض عينيه قائلا بقسوة "تستحقين.. هذا المكان لمن هم فاقدي الشرف مثلكِ"
انفتح الباب بلهفة ويامن يدلف وخلفه نادر سائلا بقلق "ما هذا الصوت؟"
توقف هو ونادر يديران بصرهما بين هادي الغاضب وروهان الباكية والمزهرية المكسورة.. جز نادر على أسنانه غضبا وهو يجذب هادي بقوة من ذراعه.. حاول هادي مقاومته ولكن نادر هتف بحزم "هيا بنا هادي"
تابع يامن خروجه مع نادر لينحني جالسا على ركبته أمام روهان سائلا بحنان "أروهي ما بكِ؟"
رفعت له وجها غارقا في الدموع وعينين جزعتين.. جذبها من ذراعيها بقلق يجلسها على الأريكة، معطيا إياها منديلا من جيبه قائلا بلطف "امسحي دموعكِ أروهي وسأجلب لكِ مشروبا باردا"
اتجه إلى الثلاجة يحضر لها مشروبا قائلا وهو يقدمه لها "ماذا حدث أروهي؟"
انحنت عينيها بحزن قائلة بمرارة وهي تلتقط الكوب من يده "لقد قال لي كلمات بشعة وجرحني"
سب يامن هادي داخله بخفوت وهو يقول بهدوء خادع "هادي يقع عليه الكثير من الضغط هذه الأيام لم يكن يقصد ما قاله"
دمعت عينيها ثانية قائلة بحزن ظهر واضحا في رماد عينيها "لقد قال هادي أنكم ستعودون إلى مصر"
هز يامن رأسه موافقا وهو يتأملها مليا بتفكير عميق قائلا باقتراح "ما رأيكِ أن تأتي معنا؟"
نظرت له بمفاجأة قائلة بعدم تصديق "حقاً؟"
هز رأسه قائلا بضحكة خفيفة يزيل عنها بعض ألمها "نعم أنتِ تعيشين هنا بمفردكِ فقط تغيرين مكان الإقامة، فكري وأخبريني بقراركِ ليلا حتى أحجز لكِ معي أنا وتيم على نهاية الأسبوع"
أطرقت برأسها أرضا بتفكير قائلة "حسنا إن وافقت ماذا عن الأوراق والتأشيرة وتلك الأمور؟"
همس بصوت خافت وكأنه يدلي بسر لها "علاقات والدكِ تستطيع إنهاء كل شيء في يومين"
ابتسمت له بعدم معرفة وعينيها تناظره بتأمل ليقول بحنان "ارتاحي بمنزلكِ ولا تأتي للعمل الأسبوع القادم وأخبريني بالهاتف عن قراركِ"
***********
وعلى الجانب الآخر جذب نادر هادي بقوة إلى مكتبه قائلا وهو يغلق الباب خلفه "ماذا فعلت للفتاة يا هادي لتكون تلك حالتها؟!"
أعطاه هادي ظهره قائلا من تحت أسنانه "لا شأن لك"
استند نادر بظهره على حافة مكتبه قائلا بجدية وهو يكتف يده على صدره "تعلمنا من خلال دراستنا أن أقصر طريق بين نقطتين هو الخط المستقيم، لذلك لم أعتد اللف والدوران ماذا يحدث معك يا هادي؟"
انتفض هادي متجها تجاه الباب ليغادر قائلا بحدة "قلت ليس لك دخل"
جذبه نادر بقوة إلى الداخل قبل أن يصل إلى الباب قائلا بصوت حاد "توقف عن التصرف كالأطفال واجلس لنتحدث"
نظر هادي له بشر قائلا بغل "ماذا تريد الآن؟"
سأل نادر ببساطة وهو يعود لوقفته الأولى "ماذا تريد من روهان؟!"
أبعد هادي عينيه بتعب قائلا بصوت خافت امتلأ بضعفه "أحبها، أنا لا أريد منها شيئا مطلقا أنا فقط أحببتها.. لا أريد هذا الحب أبدا يا نادر.. إنها لا تناسبني لا أستطيع الارتباط بها.. ولكن الأحمق هذا تورط معها رغما عني"
ارتفع تصفيق صاخب من جهة الباب ليلتفت كلاهما إلى يامن الواقف بمدخل الباب قائلا باستهزاء "انظروا من يتحدث المتسلط الذي يدفعني دائما إلى الاقتراب من يقين.. بينما هو أجبن من أن يتقدم خطوة تجاه حبيبته"
التف هادي معطيا إياهما ظهره قائلا وقد فاض به عذابه "هناك فرق كبير بين يقين وروهان"
ابتسم يامن بسخرية قائلا بنبرة كستها الجدية "لا يوجد فرق بينهما مطلقا.. أنت ستندم على تفريطك بها، روهان ليست بتلك الصورة البشعة التي رسمها عقلك الرجعي.. إنها أطهر وأنقى مما تتخيل، بل إنها أنقى من أن تدنسها أنت يا هادي"
التفت له هادي قائلا بعنف "لآخر مرة أسألك من أين تعرفها؟؟"
أجابه يامن بعدائية وهو ينوي تلقين صديق عمره درسا لن ينساه "لن أخبرك أنت لا تستحق أن تعلم شيئا عن حياتها.. عندما تتبع رغبات قلبك أولا قبل نظرة الناس إليك عندها ربما أفكر في أن أخبرك"
رفع هادي عينيه إليه بعدم تصديق ليكمل يامن بشماتة "لقد قدمت استقالتها وأنا قبلتها"
لم يسيطر هادي على قلبه الذي جن من الألم.. وملامحه تجسد صورة كربونية من العذاب الخالص.. كانت عينيه تتعذب بصمت.. ليهم بمغادرة الغرفة دون كلمة ليوقفه يامن وهو يلكمه بوجهه بقوة قائلا بحمية "هذا حق إهانتك لها"
لم يجد هادي في نفسه القدرة على الجدال أو رد الضربة ليامن ليتركهما مغادرا يلعق جراحه بمفرده.. بينما همس نادر باستغراب بعد مغادرته "غادرت حقا؟"
أجابه يامن بنبرة ماكرة "كلا ولكني أعطيتها إجازة مفتوحة إلى حين افتتاح مقر عملنا الجديد"
رد نادر بصدمة وقد فهم تلميح يامن "ستأتي معنا؟"
هز يامن رأسه بابتسامة واسعة قائلا "لقد عرضت عليها وأعلم أنها ستوافق -ثم أضاف بتسلية بانت جلية في خبث عينيه- فقط لأرى ملامحه عندما يجدها أمامه بمصر في رحلة هروبه الفاشلة منها"
***********

نهاية الفصل

ادعي عليك بايه ولا بايه يا هادي يا ابن ام هادي حرقت البنية واستريحت


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 10:04 PM   #169

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الفصل التاسع عشر
لو أنَّ حبَّكِ كانْ
في القلبِ عاديَّا
لمَلَلْتُهُ مِن كَثرةِ التَّكرارْ
لكنَّ أجملَ ما رأيتُ بِحبِّنا
هذا الجنونُ ، وكثرةُ الأخطارْ
حينًا يُغرِّدُ
في وَداعةِ طِفلةٍ
حينًا نراهُ
كمارِدٍ جبَّارْ
لا يَستريحُ ولا يُريحُ فدائمًا
شمسٌ تلوحُ وخَلفَها أمطارْ
حينًا يجيءُ مُدمِّرًا فَيضانُهُ
ويجيءُ مُنحسِرًا بِلا أعذارْ
لا تعجَبي
هذا التَّقلُّبُ مِن صَميمِ طِباعِهِ
إنَّ الجنونَ طبيعةُ الأنهارْ
ما دُمتِ قد أحببتِ يا مَحبوبتي
فتَعلَّمي أن تلعبي بالنارْ
فالحبُّ أحيانًا يُطيلُ حياتَنا
ونراهُ حينًا يَقصِفُ الأعمارْ
عبد العزيز جويدة

***********
خرج يزن من الحمام يجفف شعره بمنشفة صغيرة ليلتقط قميصه الملقى على الأرض ليلبسه بإهمال.. وهو يغلق أزراره بعشوائية بينما أنظاره مسلطة بشغف على تلك الغافية بمنتصف السرير.. مال يطبع قبلة طويلة على جبينها ثم التقط هاتفه ليجد الساعة ما زالت التاسعة صباحا..
خرج إلى شرفة الفندق الذي يطل على أشجار غاية في الروعة.. ذات ألوان لم يرى لها مثيلا من قبل.. برغم أن بلوته ذات تفكير غريب دائما إلا أن اختيارها لتايوان كان أكثر من ممتاز.. للحق البلد رائعة استمتع بالتجول بها معها في كل مكان يمكنهم زيارته خلال إقامتهما القصيرة،
زارا خلالها مدينة تايبيه وأكثر ما استمتعا به هو أسواقها الليلة.. زارا أيضا ناطحة سحاب تايبيه 101 وحدائقها العامة الرائعة.. ومن الأماكن المميزة التي زارها كان منتجع بنتو هوت سبرنج وحصلا على يوم من الاسترخاء لا نظير له.. أم أخر مكان ينوي أخذها إليه فسيكون مفاجأة لها، ابتسم وهو يحاول تخيل رد فعلها على المفاجأة التي يعدها لها.. اليوم يوما مميزا في حياتهما وهو ينوي أن يجعله لا ينسى لكلاهما..
زادت ابتسامته وهو يلقي نظرة سريعة عليها ما زالت غارقة في نومها ببراءة ملامحها التي تأسر قلبه دائما، التفت ينظر للخارج ثانية ثم عقد حاجبيه بحساب سريع ثم عبس مفكرا هل يهاتف يقين أم لا، أخذ نفسا منعشا مقررا الاتصال بها فهو لم يتحدث معها منذ فترة، ويشتاق للحديث معها يشعر أنها ليست بخير لذا اتخذ قراره وأخرج رقمها.. إن أجابته كان بها وإن لم تجبه فبالتأكيد نائمة ولن يزعجها باتصاله ثانية.
كانت جالسة في شرفة غرفتها بعد صلاة الفجر تلف شال عملاق حول جذعها.. تحتمي به من الهواء البارد في ذلك الوقت، تتلقى تحية رفقائها من الطيور في هذا الوقت، ومض هاتفها برقم يزن لتلتقطه مجيبة ببشاشة "هل يهاتف أحد أحد آخر في هذا الوقت؟!"
تعالت ضحكات يزن قائلا بمرح "أحد أحد آخر ما هذه الجملة العجيبة؟ على كل صباح الخير الساعة هنا التاسعة أي تعد وقت ملائم، كم الساعة عندكم على كل حال؟"
همست بهدوء "الرابعة فجرا، لقد نسيت فرق التوقيت يا كابتن"
ضحك بهدوء مجيبا وهو يستند على سياج الشرفة "أووه عذرا يا آنسة, هل انتهيتِ من إلقاء التحية على أصدقائكِ؟"
أجابت ببهجة "نعم كان عزفهم اليوم مبهج"
لم يتحكم في ضحكته ليهمس من بينها "مجنونة!! بما إن عزفهم انتهى لماذا ما زلتِ مستيقظة للآن؟"
أجابت بابتسامة مرحة "أشرب قهوة"
اتسعت عينيه بمفاجأة حقيقية وهو يجذب الهاتف من على أذنه ينظر لاسم محدثه قائلا باستغراب "يقين أنتِ بخير؟ من يشرب قهوة يا ماما؟!!"
ضحكت بانشراح مجيبة بتهكم "هل آثر عليك الجو يا يزن؟"
رد بتعجب تملكه "على حد معرفتي المحدودة أنتِ لا تطيقين رائحة القهوة من الأساس"
تطلعت في الكوب أمامها مجيبة بمراوغة وهي تخفي السبب الحقيقي.. أرادت أن تعرف ما بها لكي يشربها يامن بهذه الطريقة وكأنها إدمان له "تعرف ناردين تمدحها كثيرا فأردت أن أجربها"
أجابها بشك "حقا وكيف وجدتيها؟"
ردت بحنق وهي تكشر أنفها بقرف "لم أجربها بعد"
شجعها على تذوقها بضحكات مكتومة قائلا بحماس "هيا تذوقيها ستبرد"
هتفت بخفوت وهي ما زالت تنظر إليها بقرف "إنها مثلجة وليست ساخنة"
ابتسم بإدراك متسائلا "ما النوع الذي تجربينه؟"
ردت وهي تمط شفتيها بامتعاض رقيق "كراميل ماكياتو"
رد بصدمة "نعم! كراميل وقهوة الاثنين.. هيا اشربيها"
التقطت الكوب تنظر له بقشعريرة رهبة لم تحب القهوة يوما ولن تحبها.. ولكن فضولها دفعها لتجربها، حمقاء هذا ما هتف به عقلها.. لتقربها لفمها بحذر وترتشفها بحذر أكبر.. لم يصل المشروب إلى حلقها وإلا كان مصيره منديلا موضوعا أمامها.. وهي تبعد الكوب عنها إلى نهاية الطاولة بكره عميق.. على الجانب الآخر انفجر يزن ضاحكا قائلا من بين صخب ضحكاته "حمقاء أنتِ لا تطيقين القهوة والكراميل وتجمعينهما في مشروب واحد"
أجابته بصوت خافت "الآن زاد كرهي لهما أضعاف.. كيف حال براء"
رد بحنان وعينيه تتفقدها باهتمام "بخير نائمة؛ أخبريني عنكِ هل أنتِ بخير؟"
رمشت بعينيها قائلة برقة "نعم على ما يرام"
رفع كتفيه مجيبا بما يشعر به داخله "لا أشعر بهذا الأمر.. كلما تحدثت معكِ أشعر بذبذبات توتركِ تنتقل لي"
استقامت واقفة وهي تتعلق بسياج شرفتها قائلة بارتباك "لا أريد أن أتزوج يا يزن"
عادت عقدة حاجبيه تتشكل ثانية ما بالها اليوم هذه كل دقيقة تفاجأه قائلا بهدوء "هل تقدم إليك أحد ما؟"
ردت بنفي سريع "كلا"
حك مؤخرة رأسه بتفكير قائلا باهتمام "هلا أفصحتِ عما يدور بداخلكِ؟"
أخذت نفسا عميقا قائلة باهتزاز وعينيها تمتد إلى البعيد "استمع دون أن تقاطعني"
أجابها بطمأنينة "كلي آذان صاغية"
فتحت مكبر الصوت ووضعت هاتفها على الطاولة الصغيرة.. لتعطيه ظهرها بخجل متحدثة باضطراب عما يجول بما في رأسها هذه الأيام.. مسببا لها صداعا لا يطاق وارتباكا لا تستسيغه "تعلم أن معرضي الأخير عن المرأة بشكل عام.. وتعلم أني عندما أتخذ قرارا بفكرة عامة يدور حولها معرضي.. فإني أبحث بكل جوانبه مستخدمة تلك المعلومات التي أجدها حافز للإلهام بداخلي.. عندما بدأت أبحث عن الموضوع هذه المرة اكتشفت عالم آخر خارج عالمنا الذي أمنه بابا.. طيلة الوقت كنت أظن أني حرة ومستقلة تماما دون أن أعي أن بابا يحاوطني من كل جانب يمنع عني شر هذا العالم.. في حين أن خارج حدود عالمي هناك نساء مضطهدات ومعذبات يا يزن.. هناك من رماها والدها لرجل خرف لأجل المال.. وهناك لأجل أن الفتيات عار هل تصدق.. وكل أب أو أخ أو حتى أم تزوج ابنتها يكون الدافع هو حتى تجد من تستند عليه عندما أتركها.. لماذا حصروا السند في الزواج فقط ربما المرأة هي أكبر سند وداعم لنفسها.. هناك المهانات والمعذبات اللاتي يمارس عليهن الرجل ساديته دون أن تستطيع أن تتحدث.. لماذا؟ لأنها تخاف؛ تخاف من نظرة المجتمع المتخلفة والرجعية إليها.. تخاف أن تحمل لقب عانس أو مطلقة.. المجتمع أصبح عبء على المرأة في حين أنها أساس بنيانه.. لماذا الناس ظالمين إلى هذا الحد يا يزن؟"
أنهت كلماتها ودمعة تسيل من جانب عينيها تتبعها أخريات بحزن مقيت.. أخذ يزن نفسا عميقا قائلا بصوت جاد يدعم به ثقتها لنفسها.. لن يسمح لأحد أن يهدم يقين حتى إن كانت هي نفسها "ياااااه كل هذا بداخلك.. لأنكِ نسيتِ ما كنتِ تخبريني به دائما.. لا يتجبر أحد على امرأة إلا إذا سمحت هي له بضعفها.. الست ليست بكائن ضعيف أو مكسور الجناح.. إنها أقوى مخلوق وجد على هذه الأرض، إنها عماد المجتمعات إن كانت فاسدة سيفسد المجتمع.. وإن كانت صالحة سينهض ويرتقي"
قاطعتها بحيرة "ما دخل هذا بخوفي؟"
ابتسم يزن بهدوء قائلا بصوت عميق "أغذي قوتكِ التي تدركين مقدارها جيدا.. وأبعد عنها أي شائبة قد تعكرها؛ يقين يا ابنة عمي أنتِ أرق مخلوقة قابلتها، وبقدر ما تمتلكين من رقة تمتلكين من قوة.. قوة تجعل المخاوف التي بداخلكِ ما هي إلا رهبة أي فتاة طبيعية تجاه الزواج، أما باقي المخاوف تُقتل لأن لا وجود لها من الأساس، هل تعلمين لماذا؟"
رمشت بعينيها قائلة بلهفة "لماذا؟"
رد بثقة لمعت بعينيه دون أن تراها "لأننا حولك من سيفكر أن يسيء إليكِ ولو بحرف سيمحى من على هذه الدنيا.. ولكن قبل أن نفعل نحن شيئا سيثور بداخلكِ هذا المارد المسمى بكرامتكِ.. وستقتصين لنفسكِ في الحال دون أن تسمحي لأحد بإهانتكِ"
ابتسمت بثقة شعرت بها تطفو بداخلها ثانية قائلة باعتراض "ولكني لا أريد الزواج حقا يا يزن لقد اعتدت الحرية والاستقلال بعيدا عن قيود الزواج"
أجابها بابتسامة عريضة "الزواج سنة الكون يا صديقتي وليس الحرية.. يوما ما ستتزوجين ولكن فقط عندما يأتي فارسكِ ويخطف قلبكِ الذهبي"
أجابت بخجل رقيق وعينيها تلمع بامتنان "شكرا يا صديقي لقد شعرت بالراحة بعد أن أفضيت بما في داخلي"
ضحك قائلا بحنان "على الرحب والسعة"
تثاءبت قائلة بخفوت "لا أستطيع مقاومة النوم أكثر من هذا.. إلى اللقاء"
وقبل أن يجيب تحيتها نادته سريعا "يزن انتظر"
رد باهتمام دافئ "ماذا هناك يويو؟"
أجابته بهدوء متحكمة في لهفة صوتها "هل أخبرك يامن عن قرار عودته؟"
هز رأسه وكأنها تراه قائلا ببساطة "نعم سأعود قبله بيوم واحد"
ابتسمت قائلة بخفوت ووجنتيها تتوردان بلون أحمر فاتن "حسنا هذا جيد لكي تستقبله بالمطار وتعود به للمنزل، لن يقبل أن يأتي والصغير معه لذلك أرغمه على المجيء بطريقتك"
رد باستحسان لرأيها والذي يوافق طريقة تفكيره تماما "كنت أفكر بهذا الأمر أيضا دعي الأمر لي"
ابتسمت باتساع قائلة بسعادة "رائع إلى اللقاء"
رد تحيتها وهو يضع هاتفه بجواره ثم اتجه إلى الفراش حيث ما زالت زوجته تغرق في نوم عميق.. قبل جبينها قبلة قوية قائلا ببهجة "استيقظي يا عمري لدينا يوم طويل"
غمغمت بنعاس "أرجوك بضع دقائق أخرى يا يزن"
أدخل يديه أسفل جسدها وهو يرفعها لأعلى قائلا باعتراض، وهو يستقيم متجها بها إلى الحمام "ولا دقيقة أخرى سنعود بعد يومين.. هيا لدينا الكثير لنفعله"
هتفت بنغمة ممطوطة معترضة على استيقاظها "ييييييزن أرجوووووك"
أجابها بنفس النبرة الممطوطة "بلووووووتى يومنا طوووووويل"
**********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 10:06 PM   #170

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

وقفت براء على حافة اليخت الذي استأجره يزن ليقضيا ليلتهما فيه في بحيرة الشمس والقمر.. بعد أن ظل يلف ويدور بها طيلة اليوم في الأسواق.. مفسدا عليها المفاجئة المميزة التي كانت تعدها للاحتفال بيوم زواجهما.. زفرت بغضب وهو يتركها بالأعلى ونزل ليتحدث مع من استأجر اليخت منه..
أخرجت هاتفها تهاتف سيف حتى تنفس عن غضبها.. أجابها سيف من بين طيات نعاسه بعد أن استيقظ على صوت رنين هاتفه "نعم من معي؟"
أجابته باندفاع غاضب "سأقتله سأقتله سأقتله هل يلزمك أخاك لأني سأذبحه وأسلخ جلده؟!"
عبس سيف بريبة بعد أن اعتدل جالسا قائلا يجاريها بتهكم "افعليها ستريحينني منه وإذا ما زال لديكِ أي نوايا للقتل بعد قتله، فاقتلي شخصا ما لأجلي"
هتفت بشراسة عنيفة "الهانم سما بكل تأكيد"
همهم سيف مجيبا بجدية زائفة "نعم هي؛ تقتلينهما وتذهبين للسجن وأن أذهب لمشفى المجانين.. ونهاية سعيدة لكل الأطراف"
قهقهت براء ضاحكة بصخب يشاركها سيف ضحكاتها متسائلة بنبرة ضاحكة "ماذا فعلت سما؟ غير جرحك بكل طريقة ممكنة وأنت صامت ثم أكملتها بإنهاء علاقتكما"
عبس بتعجب قائلا باستغراب "ماذا تفعلين الآن بو هل تحرضيني ضدها؟!"
رفعت كتفيها بلامبالاة مجيبة بخفة "حاشا لله أخبرني ماذا فعلت غير...؟"
قاطعها بنزق "حسنا علمت أنها جرحتني ولكن ليس هذا السبب إنها..."
صمت لبرهة يلتقط نفسا عميقا وهو يدلك صدره موضع قلبه.. وكأنه يجبره على الاستكانة والهدوء.. مكملا بوجع ينتشر بأوردته دون حول له ولا قوة "إنها... ؛ إن شمسها تشرق و ورودها تتفتح، وأزهارها تزدهر وسماءها أصبحت صافية وحديقتها مبهرة جاذبة للنظر، أصبحت متعة وبهجة للناظر"
اتسعت عينا براء بانبهار لوصفه لاستعادة سما شخصها القديم، تنهدت بحالمية وهي تتساءل بحذر "ألم يكن هذا رجاء الجميع؟ ما الذي يغضبك في هذا؟"
أجابها بصراحة تستفزها في بعض الأحيان ولكنها أجمل ما يميزه "يغضبني أنها تفعل كل هذا بعيدا عني، أخرجتني من حياتها وانطلقت تحلق بعيدا عن أرضي"
ابتسمت باتساع وهي تراقب حركة الماء أمامها مجيبة برقة "كلا لم تحلق بعيدا عن أرضك بل تدور في مدارك"
قهقه بسخرية مجيبا بنبرة ساخرة "ربما -ثم سألها بدفء- ماذا فعل أخي وأغضبكِ؟"
أخذت براء نفسا عميقا مجيبة بتأفف "أه تذكرت لقد أفسد مفاجأتي لليوم.. إنه يوم ذكرى زفافنا كيف له أن يفسده بتلك الطريقة لن أسامحه أبدا.. لقد أضاع ما كنت أفكر به لهذا اليوم المميز"
تعالت ضحكات سيف قائلا من بين ضحكاته "ماذا فعل أخي العبقري؟"
أجابته بتذمر "لقد استأجر لنا يخت لنقضي به الليل كله هل تصدق؟ ماذا سنفعل على متنه نعد النجوم؟"
لم يستطع سيف التحكم في ضحكاته مجيبا إياها بتهكم " أخي العزيز يحضر لك مفاجأة يا غبية، ينوي تدليلكِ ولكن ماذا أقول حمقاء، استمتعي إنه يعوضكِ عن شهور العذاب الماضية"
ابتسمت قائله بمزاح ممتن "نعم إنه يذكرها بمناسبة ودون مناسبة، آسفة لقد أيقظتك من نومك تصبح على كل خير يا صديقي"
رد تحيتها وهو يلقي هاتفه ويستلقي بين أغطية سريره، متمنيا أن يجلب النوم إلى عينيه مرة أخرى، محاولا بكل طاقته ألا يفكر بها ويبعدها عن تفكيره ولو بالقسوة..
بينما على الجانب الآخر عانق يزن براء بين ذراعيه من الخلف.. مختطفا الهاتف من بين يديها وهو يطبع قبلة صغيرة على عنقها.. استدارت بين يديه وحاولت أخذ الهاتف منه ليسقطه في جيبه وهي تصرخ به "أعطني إياه أريد أن أكلم بابا قبل أن يتحرك اليخت"
أجابها بشقاوة "لقد تحرك اليخت وهذه الساعات لنا بمفردنا دون تدخل من أحد"
نظرت له باستنكار وهي تتأمل بنطاله الأسود وقمصيه الشبابي ذو اللون الوردي الداكن.. يجذب كميه مسافة على ذراعيه التي تتشبث بها مجيبة بحنق "لقد اشتقت لبابا يا يزن وأنا غاضبة منك ابتعد عني"
مال ليقبلها لتبعد شفتيها عن مرمى قبلته فتقع على خدها الناعم.. ليرفع حاجبه قائلا باستخفاف "أنتِ غاضبة حقاً؟"
أجابته بحزن بالغ وهي تخفض وجهها بعيدا عن عينيه "لقد أفسدت المفاجأة التي أعدها لكلانا منذ الأمس"
ابتسم وهو يرفع وجهها إليه قائلا بحب "أردت أن أعد لك أنا مفاجأة هذه السنة.. أنتِ من ترتبين للاحتفال كل عام لماذا لا أحتفل أنا بكِ لمرة؟"
تألقت عينيها فرحا وهي تجيبه ببهجة "أنت تتذكر مناسبة هذا اليوم؟!"
زادت ابتسامته وهو يخفض وجهه ليقبل جبينها برقة قائلا بهيام "وهل ينسى المرء اليوم الذي امتلك به العالم بين يديه"
تعالت دقات قلبها بفرحة غامرة وهي تقترب لتضع قدميها على قدمه.. تتعلق برقبته بقوة وهي تبادر لتقبيله.. ابتسم قلبه بصفاء وهو يدعم تعلقها به بذراعيه مبادلا إياها قبلتها.. ردت برقة بعد أن ابتعد عن فمها ولكن وجهه ما زال قريبا منها "ولكن هذا العام يختلف، كنت أريد تعويضك عن كل ما فعلته معك، بعقل غير موجود وقلب معمي برغبة في إسعادك بأي طريقة"
همس يقاطعها بحنان "انسي تلك الفترة يا عمري"
هزت رأسها نفيا قائلة بخفوت "أريد أن أخبرك كل شيء"
تأمل ملامح وجهها مليا قبل أن يهمس بصوت خافت متفهم "إن كان مهما لهذه الدرجة فكلي آذان صاغية.. يجب أن ينتهى هذا الأمر الليلة.. وذكرى زفافنا هذا وكأنه بداية لحياة جديدة"
هزت رأسها موافقة قائلة بنبرة رقيقة "نعم عرس جديد"
نظرت إلي عينيه تستمد شجاعتها من بريقها المشع.. تاهت داخل عينيه الشبيهة بالشوكولاتة البنية السائلة لترفع يدها تمسد لحيته قائلة بغرام "عيناك رائعة الجمال يزن أنا أحبهما"
اتسعت ابتسامة عينيه التي تراقبها باهتمام ليميل مقبلا جانب فمها مجيبا بجانبهما "وأنا أحبك يا عمري"
زادت بسمة براء الطفولية لتلتفت معطية يزن ظهرها وهي تتمسك بسياج اليخت بقوة.. أخفضت رأسها بخجل من ذاتها لتشعر بالأمان يغمرها وهو يلتصق بها ويشبك أصابعهم ببعضهما البعض.. دمعت عينيها بتأثر وهي تتشدد من ضغط أصابعه بين يديها.. لتأخذ نفسا عميقا قائلة بشرود "ذلك اليوم الذي أجهضت به كنت سأصر على الطلاق، كنت قد اتخذت قراري وخاصة بعد أن استمعت إلى كلماتك مع سيف عن طفلك وحلمك الذي تفقده كل مرة مع إجهاضي.. ففكرت أن ألجأ لخدعة تبعدني عنك رغما عنك"
قاطعها بذهول وهي تخبره ما خفي عنه "نعم قلت هذا لسيف ولكن أخبرته أنكِ أهم من أي حلم آخر"
التفت تنظر له بحب لا حدود له لتعود ثانية بنظرها للمياه الجارية وضوء القمر يسلط عليها.. مكملة ببوح أصرت عليه لأجل أن يكملوا حياتهم صفحة جديدة خالية من غبائها السابق "لم أستمع إلا لهذه الكلمات فقط، وبعد هذا أعددت تلك الخطة التي تعلمها ونفذتها.. ولم أنتبه وعميت عن أني أجرحك وليس جرح واحد بل الكثير والكثير.. لولا أن بابا يحفظك جيدا ويعتبرك مثل إياد.. لكنت تسببت في شرخ كبير بالعائلة.. أنا أسفة كثيرا حبيبي"
رفعت يده المتشبثة بأصابعها لتقبل باطنها.. ابتسم وهو يميل مقبلا خصلات شعرها بحنان مجيبا بلطف "لا يهم لقد انتهى الأمر"
ابتسمت وهي تريح رأسها على صدره مكملة بعدما أخذت عدة أنفاس قوية "ذلك اليوم الذي أخبرتني به أنك طلقتني؛ قبلها كنت قد صليت صلاة استخارة كما طلبت مني ماما، ورأيت تيتة فاطمة ومعها ابنتنا يا يزن ورأيتني بين ذراعيك.. وقتها أيقنت أنك نصيبي وقدري وحياتي وطفلتنا ستأتي حينما يحين الوقت، عندما يأذن الله فقط، وعلمت معنى الرزق والرضا به، أنت رزقي يا يزن وحياتي معك هي كل أمنياتي"
ابتسم يزن براحة وقد سكن قلبه أخيرا، إن كانت تلك نتيجة مرورهما بهذه التجربة القاسية، فهو غير نادم على مروره بها، أكملت براء بنبرة مريرة "أتعلم عندما أخبرتني عن الطلاق لم يكن الأمر صعبا.. مثل ذلك اليوم الذي انتهت به العدة يا الله يا يزن لم أشعر بمثل هذا الألم من قبل، كان لا يطاق شعرت وكأني اقترب من الموت مع كل نفس يدخل ويخرج"
لفها إليه يضمها بقوة بين ذراعيه مجيبا بندم "لم أنتبه لهذا الأمر ولم أقصد جرحكِ أو مروركِ بهذا الوجع مطلقا.. أنا فقط لم أكن أحسب تلك الشهور كنتِ زوجتي حينها.. أقسم بالله لم أقصد إيلامكِ"
تنفست رائحته بقوة وهي تتمسح بصدره بحب تمسح دموعها التي غافلتها وسقطت على قميصه.. لتقبل صدره وهي ترفع وجها مشع له تحتضن وجهه بين يديها قائلة بعشق "أحبك في أي زمان وأي مكان ولو قابلتك صدفة بالطريق كنت سأقع بغرامك بذات القوة أيضا"
مال يضع جبينه على جبهتها قائلا بكل حب عرفه العالم "وأنا أحبك يا كل عمري، هيا لنعيد عرسنا ثانية هناك فستان ينتظركِ بالأسفل، ارتديه وأنا سأنتظركِ"
ابتعدت عنه تنظر له بملامح مبتهجة كطفلة حصلت على أغلى أمنياتها.. قائلة ببهجة وهي تركض من أمامه "ثواني وسأعود إليك"
ابتسم بمكر وهو يضع يديه في جيبه وينظر للماء مطلقا صفيرا خافتا قائلا بمرح "واحد.. اثنان.. ثلاثة"
وما إن انتهى من العد حتى تلقى لكمات صغيرة على ظهره.. وحبيبته المجنونة تصرخ به "يا قليل الحياء هل تسمى هذا فستان.. إنه مايوه ومكون من قطعتين أيضا وليس قطعة واحدة"
انفجر ضاحكا وهو يلتفت إليها قائلا من بين ضحكاته "يا حبيبتي لقد كنت ترتدين أشياء عجيبة في الفترة الماضية ولم أستطع لمسك.. والآن لأجلي البسيه أريد رؤيتكِ به وأنا أستطيع لمسكِ كما يحلو لي"
نظرت له بحنق قائلة بنبرة ساخطة "كنت ألبسهم لهدف معين وهو إغرائك، والآن بما إنك زوجي فلا حاجة لي لارتدائهم"
لم يتمالك ضحكاته التي انطلقت صاخبة لمنطقها الغريب كليا.. قائلا برجاء وهو يضم يدها بين يديه "لأجلي يا بو"
زمت شفتيها بسخط وهي تقول بسخرية "حاضر يا حبيب البو ولكن أخبرني أهو مايوه أم بدلة رقص؟"
رد بشقاوة "لا أعلم ولكنه يؤدي غرض كلاهما"
ضحكت رغما عنها وهي تستدير مبتعدة بينما هو خلع قميصه وألقاه بعدم اهتمام.. وهو يخرج قالب كيك من نوعها المفضل موضوع عليه صورة من عرسهما كان يحملها بين ذراعيه فيها، ووضعها أرضا وهو ينثر حولها أوراق ورود ملونة أضفت على أرض اليخت لمعانا خاصا..
وجلس ينتظر صعدوها بشغف.. تنبه إلى همهمة خجولة ليلتفت إليها بلهفة انطفئت سريعا وهو يهتف بنزق "لماذا ارتديتِ هذا الروب الغليظ انزعيه لأرى ما تحته"
هزت رأسها بخجل وهي تجيبه باعتراض "ما تحته وقح وقليل الحياء"
أجابها بمكر "أووه ترتدينه هو فقط انزعيه سريعا بو"
اتسعت عينيها وهي تضرب بقدمها الأرض "أصبحت وقحا كبيرا ولا تطاق"
رفع كتفيه بعدم اكتراث قائلا بخفة "أنتِ من قلتِ أن ما تحته وقحا.. والوقاحة تعني أن تكوني عارية"
غطت عينيها بخجل وهي تقول بحرج "يا مصيبتي لو علم عمو ماهر عن وقاحة ابنه سيصاب بنوبة قلبية"
أجابها بخبث "دعكِ من عمو ماهر واثبتي لي أن ما تحته ليس وقحا"
وقعت في فخه بسذاجة كما توقع لتنفض عنها روبها قائلة بغل "أرأيت؟"
توقفت أنفاسه واتسعت عينيه بانبهار.. وهو يتأملها في هذا المايوه الأسود ذو القطعتين.. يتدلى من على صدره وقطعته السفلية عقد ظريفة... كل عقدة عبارة عن ثلاث غرزات كشميرية اللون تجمع في نهاياتها خيوط كثيرة تتجمع سويا.. يتلاءم كليا مع لون بشرتها القمحي الرائع.. والذي أعطاه ضوء القمر جمالا فريدا..
صرخت بخجل بعدما أدركت فعلتها وهمت بالتقاط الروب.. ليسارع يزن بالتقاطه وإلقائه بعيدا قبل أن تصل يديها إليه.. نظرت له وهي تقول بتوسل طفولي "رجاء يا يزن سأموت من خجلي"
جذبها من يدها ليجلسها على قدميه قائلا بمرح "يا حمقائي الظريفة نحن زوجين منذ زمن، وقد رأيت كل شيء قبلا لا تخجلي"
التفتت تدفن وجهها بعنقه قائلة بحياء "ليس بيدي أقسم لك"
تعالت ضحكاته وهو يقبل رأسها ليبعدها عن صدره بلطف وهو يوجه نظرها تجاه الكيك.. الموضوعة بجانبهما وعليها شمعة متخذة شكل رقم أربعة.. همست بتأثر "أربع سنوات!! متزوجين منذ أربع سنوات"
ابتسم ويده تمسد ذراعيها وهو يميل ليستند بذقنه فوق كتفها "نعم حبيبتي وإلى نهاية العمر زوجتي"
أمالت وجهها تجاهه تطالع ملامحه البهية بصمت.. ليميل ملامسا شفتيها برقة قائلة بهيام "كل سنة وأنتِ عمري"
ردت بغرام وعينيها تدور على ملامحه "كل عام وأنت النور الذي يضوي في حياتي"
دمعت عينيه بتأثر ليقول بنبرة أجشة "هيا لنقطع الكيك"
هزت رأسها وهي تمد يدها تمسك بكفه الحامل للسكين ليقطعا كعكتهما سويا.. وهو يقطع قطعة من الكعك يضعها فمها.. ثم مال ليشاركها بها قائلا وشفتيه لا تبعد عن فمها "لا أعتقد أن كلمة أحبكِ ستكفي ما بداخلي تجاهكِ ولكن على كل حال أحبكِ"
احتضنته بقوة وهو يشدد ذراعيه حولها قائلة "وأنا أذوب بك وأعشقك وأحبك أكثر من نفسي"
***********




يتبع على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t474767-18.html


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:39 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.