آخر 10 مشاركات
*&* هنا يتم الابلاغ عن الكتابات المخالفة للقوانين + أي استفسار أو ملاحظه *&** (الكاتـب : سعود2001 - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          عِـشـقٌ في حَضرَةِ الـكِـبريآء *مميزة مكتملة* (الكاتـب : ღ.’.Hiba ♥ Suliman.’.ღ - )           »          زوجة بالميراث (127) للكاتبة: Sara Craven *كاملة* (الكاتـب : Gege86 - )           »          خلف الظلال - للكاتبة المبدعة*emanaa * نوفيلا زائرة *مكتملة&الروابط* (الكاتـب : Just Faith - )           »          أحبك.. دائماً وأبداً (30) للكاتبة الرائعة: مورا أسامة *مميزة & مكتملة* (الكاتـب : مورا اسامة - )           »          93- رجل من ورق - كارول مورتمر - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          ألـمــــاســة الفــــؤاد *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          ملك يمينــــــك.. روايتي الأولى * متميزه & مكتمله * (الكاتـب : Iraqia - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 13-02-21, 10:09 PM   #171

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي


بعد مرور أيام قليلة لم تحمل في مجملها أحداث كثيرة.. وفي يوم صحو مشمس كان يجتمع الكبار في الحديقة يتبادلون حديث ممتع.. لم يشارك فيه أيهم إنما كان عابسا بنزق، مالت عليه نيرة الجالسة بجواره قائلة باهتمام "ما بك حبيبي؟"
رد بنزق "أشتاق إلى دارين لم تزرنا منذ مدة طويلة وأنا انشغلت عنها الفترة الماضية"
أجابته بهمس رقيق ترفه عنه "يا حبيبي كنت عندها منذ ثلاثة أيام فقط انشغلت يومين عنها"
أجابها بغضب من نفسه "ولو هذا يعتبر تقصيرا مني -ثم تنهد بقوة قائلا باستفهام- لماذا لم تنضم إلينا اليوم؟"
ابتسمت قائلة بحنان "لقد أخذت سما التوأم ليقضوا اليوم سويا.. وهي تفرغت لزوجها قليلا لتدلله"
زمجر بصوت خافت "نيرة!"
أجابته بمكر تألق بعسلها "يا عمرها"
ضحك أيهم وهو يهز رأسه بيأس قائلا بحب "ماكرة يا حبيبتي"
ابتسمت له بشغف قاطعه المزعج إياد وهو يجلس على المقعد المجاور لها.. يمسك في يده طبق من الفواكه المقطعة.. سألت نيرة باستفهام وهي تدقق بالطبق "أهذا ما كان بالمطبخ؟"
رد بسخرية وهو يلتقط قطعة من الموز يلقيها بفمه "طبعا أحضرته من المطبخ هل سأحضره من غرفة النوم؟!"
ألقت عليه نظرة حادة قائلة بسماجة "ظريف حضرتك.. أهذا ما كان عليه غطاء أزرق؟"
هز رأسه إيجابا لتوبخه بحدة "هذا كان طلب ناري.. لماذا أخذته؟"
أجابها ببرود وهو يلتقط قطعة من الفاكهة يلقيها بفمه بنهم "لم يكتب باسمها يا ماما والفواكه كثيرة أعدي لها واحد أخر وينتهي الموضوع"
نظرت له باستنكار وهي تشيح بعينيها بغضب، انضم إلى جلستهم سيف الذي ألقى تحية صغيرة وهو يجلس على طرف مقعد إياد، التقط قطعة فاكهة من الطبق في يد إياد يلتهمها باستمتاع، تأملت لمار مظهره المهندم لتسأله "إلى أين يا سيف؟ هل أنت خارج؟"
أجابها سيف بهدوء "نعم يا ماما كنت سأخرج قليلا"
ردت باعتراض "سنتناول الطعام سويا ولكن ننتظر يزن خرج ولم يعد للآن"
هز رأسه متفهما وهو يشد جسده قائلا "سأذهب وأسبح قليلا إلي أن يعود يزن"
راقب إياد خطواته ليسأل باهتمام "إلى أين ذهب يزن؟"
هزت لمار رأسها بعدم معرفة وهي تعود لتندمج مع هنا في حديث هامس.. أخرج هاتفه يتحدث إلى يزن ليرى أين هو ليهتف بحنق ما إن أجابه "أين أنت يا كابتن؟"
رد يزن بتهكم "لا أصدق أذناي هل اشتقت لي؟!"
رد إياد سريعا وكأنه يدفع عنه تهمة شنعاء "بالطبع لا ولكني جائع وأنت بتأخيرك تزيد من جوعي أين أنت؟"
ضحك يزن وهو يجيب بنبرة ضاحكة "أمامي نصف ساعة أيها الجائع على الدوام"
هم إياد أن يجيبه ولكنه قطب حاجبيه متسائلا بريبة "أبيه؟؟ من يناديك أبيه؟"
رد بغموض "مفاجأة!! سأحضر لكم مفاجأة ستسعدكم كثيرا"
مط إياد شفتيه بلامبالاة مجيبا بحماس مصطنع "بانتظارك على نار يا أخي الكبير العزيز لا تتأخر أرجوك"
أغلق إياد الهاتف وهو يقول "نصف ساعة ويكون هنا ويقول أحضر مفاجأة معه"
لم يعره أحد انتباه وهم مشغولون بأحاديثهم الجانبية.. نظر لطبقه الذي فرغ بين يديه ليعود أدراجه إلى المطبخ يضعه.. بعد مرور نصف ساعة اندمج الكبار بأحاديثهما الجانبية العديدة.. اتسعت ابتسامة نيرة وهي تلتقط دخول يامن للحديقة وهمست باسمه مع إلقاءه تحية بشوشة "مساء الخير"
التفت حياة برأسها للخلف وعينيها تتسع بفرحة غامرة، ثم ما لبثت أن وقفت وألقت بنفسها عليه تحتضنه بقوة..
بينما تأمل خالد تلك الواقفة خلفه ترتدي فستان أسود يصل إلى منتصف فخذها.. بأكمام طويلة تصل إلى مرفقها وتبدأ من أعلى ذراعها تاركة كتفيها عاريتين.. بحذاء نحاسي ذو رقبة عالية إلى فوق ركبتها ببضع إنشات صغيرة..
أثار انتباهه وحنانه لمعة عينيها التائهة رغم جمالهما الرمادي الفريد.. لا يعلم أي شعور استحوذ عليه منذ لمحها وكأنها.. وكأنها ابنة تاهت منه منذ صغرها وعادت إليه ثانية الآن.. أي إحساس هذا يا خالد ومن هذه التي أثارت أبوتك بهذه القوة.. أخذ نفسا عميقا وهو يتلقى عناق يامن بعدما ألقى التحية على الباقيين.. انتبه على صوت حياة ترحب بالفتاة الواقفة ببشاشة ومودة "روهان ما هذه المفاجأة حبيبتي، سعيدة برؤيتكِ ثانية"
أجابت روهان بخجل وهي تتلقى عناق حياة الدافئ "أنا الأسعد عمتي"
عاد يامن يقف قريبا منها وهو يقوم بتعريفها "روهان زميلتي في المكتب وكانت جارتنا"
ثم عرفها على الحاضرين وهو يضيف بهدوء "لقد قررنا نقل عملنا إلى هنا -ثم انتقل بنظره لوالدته قائلا بدفء- لن أبتعد عنكِ ثانية ماما"
أشار أيهم لروهان بالجلوس قائلا بكياسة "تفضلي بُنيتي"
في حين مالت هنا على خالد سائلة بفراسة "ما بالك لم تنزل عينيك عن الفتاة؟!"
أجابها بصدق "لا أعلم بها شيء يشدني إليها"
ردت بغيرة "عفوا ماذا قلت يا خالد؟!"
اتسعت ابتسامته وهو يتبين غيرتها ليلتفت إليها بحب قائلا بحب صادق "لا داعى للغيرة حبيبتي أنت فقط من في قلبي.. ولكن أشعر وكأنها ابنتي عينيها تناشدني حنانا أغمرها به، أشعر بها تائهة لا أعلم شعور من هذا القبيل"
سألت بتعجب "من نظرة يا خالد أنت حتى لم تتبادل حديثا معها"
هز كتفيه بعدم معرفة حقيقية قائلا بحنان "إنه إحساس وُلد داخل قلبي.. ولن يضعه الله دون سبب ومجيئها لهنا اليوم أيضا له سبب.. تحدثي معها يا حبيبتي وأخبريني رأيك عنها"
خرج إياد يحمل طبقا به قطعة تشيز كيك ليفاجئ بيامن جالسا بينهما.. وفتاة أخرى جميلة للغاية جالسة بجوار حياة.. هتف بسعادة حقيقة "أهلا يا ابن العمة ما هذه المفاجأة السعيدة"
عانقه يامن باشتياق قائلا بسعادة "اشتقت لك كثيرا إياد"
ربت إياد على كتفه بقوة بيده الحرة قائلا بهمس مستفهم "هل تلك الصاروخ هي جنيتك؟"
ضربه يامن على كتفه بتأنيب فيما يبدو للناظر أنه يربت على كتفه بأخوة.. قائلا بتوبيخ "احفظ لسانك كي لا أخبر ناري عن مغازلتك الصريحة يا دكتور.. ولا ليست جنيتي بل بمثابة أخت صغرى"
هز رأسه موافقا وهو يلقي عليها تحية خافتة.. ردتها له روهان بخجل وهو يلتفت ليامن سائلا "إذاً أنت مفاجأة يزن ولكن أين هو لقد رأيت سيارته في الخارج"
ابتسم يامن قائلا ببساطة "قال أنه سيصف السيارة ويتأكد من غلقها وسيأتي الآن"
أجابته نيرة ببهجة "من الجيد عودتك يا يامن ستنير المنزل حبيبي"
أخفض رأسه بتوتر لا يعلم كيف سيخبرهم عن تيم وأنه لن يبقى بالمنزل.. يزن هو من وضعه في هذا المأزق عندما أصر أن يأتي به إلى المنزل مباشرة.. ليقول بمجاملة حرجة وهو يفرك شعره "أنا الأسعد عمتي"
لم يكمل يامن جملته وكان يزن يلقى التحية وتيم معلق بعنقه.. والذي ما إن رأى يامن حتى ألقى بنفسه عليه متعلقا به برهبة، وهو يرى كل تلك الوجوه المتعلقة به بتساؤل عن هويته..
عرفته حياة فورا وهي التي لم تنسى ملامحه وكيف تنساها وهو الدليل الحى على خذلان عبدالعزيز لها، صرخت بهستيرية جعلت تيم يخفى رأسه في عنق يامن برعب "كيف أتيت بهذا الحق...."
قاطعها يامن بصرامة قبل أن تكمل سبتها للصغير "ماما لا أسمح لك أبدا"
أجابته بغضب "وتسمح لنفسك أن تجلبه أمام عيني"
تلك المرة قاطعها ماهر بصرامة "يكفي حياة لقد أخفتِ الصبي -ثم التفت باهتمام إلى يامن سائلا- ما اسمه؟ ومن هو؟"
مسح يامن على ظهر تيم بحنان قائلا بهمس دافئ "لا تخف تيمو لن أسمح لأحد أن يؤذيك"
ثم رفع صوته معرفا عنه باعتزاز "تيم إنه أخي الصغير.. أخ غير شقيق"
اقترب منه ماهر ليمد يده محاولا أخذه من يامن.. ولكن تيم تشبث بأخيه بقوة ليبرر يامن بخفوت "لا يجيد التعامل مع من لا يعرفه"
ابتسم ماهر متفهما وهو يميل مقبلا رأسه مما أدهش يامن الذي توقع معاملة مختلفة، وماهر يقول بصوت حاني "أنرت العائلة يا تيم"
صرخت حياة باسم ماهر بصدمة في نفس اللحظة التي رفع بها تيم رأسه ينظر لماهر بفضول.. التفت ماهر لحياة برأسه قائلا بحزم "لا أريد أن أسمع صوتك حياة"
ثم عاد برأسه لتيم بابتسامة واسعة ليمد يده إليه قائلا بصوت دافئ يحاول طمأنة قلب هذا الطفل؛ الذي ليس له دخل بتعقيدات حياة الكبار "تعالى حبيبي لا تخف"
بتردد كان تيم يترك عنق يامن المتشبث به ليتلقفه ماهر بذراعه قائلا بحنان "ما اسمك حبيبي؟"
رد تيم بعذوبة "تيم"
داعب ماهر خصلات شعره المتهدلة بحب فمن يكره هذا الوجه البشوش.. قائلا بحلاوة بينما خالد وأيهم يتبادلون النظرات المستحسنة لفعلة ماهر "ما أجمل اسمك وما أجملك يا تيمو"
مال تيم طابعا قبلة بريئة على خد ماهر قائلا ببراءة "شكرا يا عمو أنت لطيف"
اتسعت ابتسامة ماهر بينما اقترب إياد قائلا بحنان فطرى "مرحبا يا تيمو"
نظر له تيم بتأمل قائلا بعدم معرفة "من أنت؟"
مد إياد يده ليصافحه قائلا بابتسامة " أنا اسمي إياد ابن عمك"
بتردد رد تيم "عمي؟!"
أشار إياد إلى أيهم قائلا "نعم عمك هذا وأنا ابنه"
مال تيم بجزعه ينظر بفضول إلى أيهم الذي ابتسم له قائلا بصوت حاني "أهلا بك حبيبي"
رد تيم برهبة "أهلا عمو"

عاد إياد يسأله بخفة "هل تحب التشيز كيك؟"
أومأ تيم برأسه إيجابا ليقدم إياد له الطبق الذي بيده قائلا "تفضل إذا"
أجابه تيم بشك "أكله بيدي؟"
هز إياد رأسه بمرح ليجيب تيم بتهذيب "لا يداي غير نظيفة"
ضحك إياد قائلا بخفة "إذا تفضل شوكتي"
جعد تيم أنفه بقرف قائلا وهو يهز رأسه رفضا "لا أكل بشوكة أحد هذا عيب ومقرف أيضا"
أتى صوت ناردين الساخر من الخلف "الصغير محق أيها المقرف"
نظر لها لوهلة بسخط ثم أشاح بعينيه بعيدا دون كلمة في اللحظة التي هتفت بها يقين بسعادة "تيم أخيرا رأيتك"
صاح تيم بفرحة وهو يحاول الإفلات من بين ذراعي ماهر الذي أفلته ليركض تجاه يقين "أبلة يقين"
نزلت يقين على ركبة واحدة تتلقفه بين ذراعيها بحنان وهي تضمه لها.. عبس خالد سائلا باستغراب "هل تعرفيه يقين؟"
أجابه يزن وهو يقف بجوار يامن المبتسم براحة خيمت على روحه "نعم لقد أخبرنا يامن عنه قبل سفره، وطيلة مدة سفره كنا نتواصل معه على الهاتف حتى أصبحنا أصدقاء"
ابتسم خالد له بتفهم ثم عاد بنظره إلي حياة التي تكاد تنفجر غضبا ليقول آمرا "يقين خذي تيم والبنات واصعدوا للأعلى.. يزن وإياد اصعدا معهما- ثم التفت إلى هنا قائلا بهمس لها بمفردها- هنا اهتمي بالفتاة واعرفي أكثر عنها"
ابتسمت له تخبره أنها ستفعل ليوجهه حديثه بنبرة حانية لروهان "اصعدي معهم أنت أيضا بُنيتي اصحبيها يا هنا"
رفعت روهان عينيها التي كانت تراقب هذا الاهتمام والدفء بشيء من التعجب والحسرة.. لتلتقي بعيني خالد الدافئتان شاعرة وللعجب أنها بوطنها.. أمر غريب هي ليست مصرية فكيف لها هذا الشعور.. بل العجيب كيف تجد هذا الوطن والملجأ في ملامح هذا الرجل العجوز.. ما هذا الرابط الذي تشعر به تجاهه، من هذا ولما قلبها سكن شاعرا بهذا الأمان الذي لم يعرف طريقه إليها يوما في حياتها.. هزت رأسها بطاعة لا تعرف أنى لها بها..
في تلك اللحظة تنبهت إليها يقين إليها لتناظرها بتقييم، شاعرة بالغيرة تتآكل صدرها على والدها من هي ليتحدث معها أبيها بكل هذا الحنان، بينما رفعت ناردين عينيها تتأملها بشيء من الإعجاب وقد أعجبها مظهرها.. أما براء فقد عبست بغيرة جلية على زوجها من هذه الفاتنة.
تقدمت هنا من روهان لتصحبها للأعلى ويقين ترفع تيم بين ذراعيها قائلة بمرح لتشجعه على التفاعل معها "تعال لأريك صور الجميع وأعرفك بهم"
تبعها ناردين وإياد اللذان ناظرا بعضهما بشراسة لبعض الوقت.. قبل أن يشيحا بأعينهما بخصام تمسكا به بعناد، ويزن يلف خصر براء بذراعه يحثها على التحرك معه هامسا في أذنها بهيام "لا أحد يملأ عيناي غيرك، لا داعي لتلك الغيرة من المستحيل أن أنظر لغيرك"
وانسحبت لمار آخذة معها نيرة قائلة بهدوء "سنحضر الطعام إلا أن تنهوا حديثكم"
************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 10:12 PM   #172

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

وقف يامن بترقب بعد أن انفض الجمع وبقي أمه وأخواتها فقط، منتظرا ثورة أمه عالما أنها آتية لا محالة وقد صدق، إذ هبت حياة صارخة وهي تجذبه من ملابسه بقبضتيها "كيف تجرؤ على أن تأتي بهذا الولد وتضعه أمام وجهي؟"
رد ببرود تمكن منه وهو ينظر إلى ملامحها بتجمد "لم أفعل يزن من أجبرني على المجيء إلى هنا"
هزته بقوة بيديها قائلة ببكاء "هل تكذب علي؟ لقد أتيت به وتنوي أن يبقى معك دائما؟"
ضيق عينيه قائلا بهدوء أجبر نفسه عليه "وهل أخبرك أحد غير هذا؟"
ضربته على صدره بقوة وهي تصرخ به غير مصدقة أذنيها "أخبرتك من قبل أني لا أقبل هذا الولد.. وما زلت تتمسك به؟"
أخذ نفسا عميقا قائلا من بين أسنانه "وأخبرتكِ أيضا حينها أنكِ غير مجبرة على تقبله"
ابتعدت عنه تنظر لعينيه الجامدة والتي تناظرها بقوة قائلة بعناد "أنا لا أقبل وجوده في حياتك؟ ألقيه إلى أمه ما شأننا به؟ ابن غانية زانية لست مجبرا على تحمله"
أغمض عينيه يحاول التحكم في غضبه الذي يتصاعد بعنف.. ولو سمح له لأحرق به كل الأواصر التي تربطه بها قائلا بجمود "ونسيتِ أنه ابن عبد العزيز أيضا كما هو ابن غانية وزانية.. فإن كانت هي زانية فهو زاني أيضا"
صرخت حياة بقوة وهي ترفع يدها تنوي ضربه "يا قليل الحياء"
وقبل أن تصل يدها إلى وجهه أتاها تحذير ماهر الصارم مما سمر يدها بالهواء "إياكِ أن تفعليها حياة؛ أنزلي يدكِ فورا"
أنزلت يدها ببطء مرير وما زالت دمعاتها تحرق خديها.. ليبتسم يامن باستهزاء رافعا عينيه إلى ماهر قائلا بنبرة مريرة موجها حديثه إلى حياة "ثانية يا ماما!! تفعلينها ثانية ولأجله أيضا بعد ما فعله بكِ"
أجابته باندفاع وهي تمسح دموعها بعنف "لأنك قليل الأدب"
اتسعت ابتسامته وما زالت على سخريتها وعينيه امتلأت بمرارته وفاضت في نبرته "كنت قليل الأدب لأني واجهتكِ بحقيقته أنه وغد حقير ومعدوم الضمير، والآن قليل الحياء لأني أحضرت لكِ الدليل الحي على خيانته.. أنا فخور بنفسي قليل أدب ومعدوم حياء لأن زوجكِ لا يستحق غير هذا"
همس أيهم لخالد ببعض الدهشة وهم يجلسون تاركين الحرية للشاب أن يخرج ما في جوفه، ثم عندما يحين الوقت المناسب يتدخلون "يكره والده حقا"
هز خالد رأسه موافقا وهو يعود بنظره إلى أخته التي تخصرت بعنفوان يعرفه جيدا، حياة لا تعترف بأخطائها ولا يشغلها إلا رغباتها فقط.. أجابته بعناد وهي ترفع رأسها بقوة "ما زلت على رأيي إما أنا أو هو؟"
همس لها يامن برجاء "لا تدفعيني إلى ما تكرهين يا ماما"
نغزها قلبها وعرفت أنه سيختار الولد إن أعادت سؤالها ثانية.. لتسأله بسكون تحلت به فجأة "أهذا برك بوالدتك؟"
لم يتمالك نفسه لينفجر في ضحكات طويلة ساخرة قائلا بحنق "بركِ يا ماما؟ تتهميني في واجباتي نحوكِ ونحوه وأنا الذي لم أقصر بها أبدا.. تطالبون ببركم رغم عقوقكم لنا"
رمشت حياة بعينيها عدة مرات قائلة بذهول "عقوق!"
هز رأسه موافقا وقد انتاب قلبه حالة من الجمود والفروغ من كل أنواع المشاعر.. فقط قسوة نمت في قلبه على مر السنوات، روضها تيم إلى أن ظن أنها اختفت ولكن والدته أثبتت سوء ظنه.. ظلام قلبه تبرع هي بإخراجه ليقول بنبرة عميقة حالكة السواد "نعم يا ماما يجب أن تبرونا كما نبركم.. عقوق الوالدين هو تقصيرهم في حقوق أبنائهم، حقوقنا من اسم مناسب وظروف معيشة لائقة والأهم من كل هذا الاهتمام والتربية الحسنة، ولكن ماذا فعلتِ أنتِ وأبي يا ماما؟"
صمت يناظرها بقتامة وما إن همت بالرد حتى أوقفها قائلا بهدوء ما قبل العاصفة "لا سأخبركِ أنا يا ماما، سأخبركِ أنا ما غفلتِ عنه كل تلك السنوات تلاحقين زوجكِ ونزواته، غفلتِ عن طفل ضاع منكما في ظل صراعاتكما لتثبتا لبعضكما منه هو أكثر قوة من الآخر، ثم غفلتِ عن مراهق كان يحتاجكِ ليمر بسلام من تقلبات مراهقته، يحتاج إلى نصح وإرشاد وقرب والده في تلك الفترة، ولكنه كان لديه عمل ونزوات أهم من ابنه لكي يهتم بها"
صمت يلتقط أنفاسه ليستطرد بصوت متحشرج مخنوق "ثم تركت لكِ المنزل هل حاولتِ لمرة واحدة أن تعيديني له، سافرت وعدت وفتحت مكتبي وعشت بمفردي أكثر من اثني عشر عاما، وأنتِ غافلة عني بزوجكِ ولا تعلمين عني شيء.. كرهت الحب بسببكما وفقدت ثقتي وإيماني بالحياة المشتركة بين فردين بسبب حبكما المريض.. رفضت الزواج ونفرت منه وزهدت الحياة الزوجية بسبب زواجكما المعطوب"
التفت معطيا لها ظهره قائلا بنبرة خالية من الحياة وقد دمعت عينيه رغما عنه، يبوح بما في قلبه لأول مرة لأحد غير هادي "هل تعلمين أني مغرم بفتاة منذ أكثر من ثماني سنوات.. قاومت حبها كثيرا ولكنه تمكن مني رغما عني، أتعذب منذ سنوات ببعدي عنها ولكني لا أجرؤ على الاقتراب منها حتى، لا أثق بنفسي ولا بحبي حتى أقترب منها، أخشي أن أعاملها كمعاملة والدي لكِ لذا فضلت الابتعاد.. أرأيتِ كيف عاملتني وبالمقابل كنت بار بكِ وبه ولم أفعل يوما ما يحزنكما.. إلا في تيم، إلا في تيم يا ماما لن أفرط به ما دمت حيا"
جلست لا تحملها قدميها ولا تقو على الوقوف وهي تسمع ما يضمره ابنها في قلبه تجاهها، هل طغى دورها كزوجة على دورها كأم، ولكن هي كانت تحاول الحفاظ على بيتها، ففيما أخطأت؟ أجابته بعناد رافض "لا أستطيع رؤيته ولا تقبله أبدا"
ابتلع مرارته بألم وهو يمسح دمعة ثقيلة هبطت رغما عنه على وجهه ليلتفت لها.. قائلا بلين رغم ألمه منها "لا تخيريني يا أمي.. لأنه في كل مرة كنت أختاركِ أنتِ وأتركه هو.. لكن ليس بعد اليوم، تركته في عهدة هادي ذات يوما غاضبا وثائرا علي، وأتيت خلفكِ أبحث عنكِ وأنا لا أعلم حتى من أين أبدأ بحثي"
ركع على ركبتيه جالسا أمامها مكملا برفق وهو يضم يديها بين يديه "أنا أسف يا ماما ولكني لن أختار أحد على أخي، إن حضانته بالكامل معي وحتى تلك المسماة والدته لا تمتلك حق الاقتراب منه إلا بإذني.. أنا أسف ولكن لن أعرض تيم إلى ما رأيته في حياتي، سأنشئه فتى سويا خاليا من الشوائب النفسية كما عاهدت نفسي"
نفضت يديها بغضب من بين يديه قائلة بحدة "ابتعد عني أنت وأخيك"
استقام واقفا أمامها قائلا بهدوء "لم أكن أنوي أن أتي به إلى هنا يا ماما.. كنت سأتركه بالفندق مع روهان وأتي لرؤيتكِ، ولكن يزن أجبرني على المجيء حتى أنه صمم على مجيء روهان معنا"
تمتم خالد بخفوت "لقد أحسن صنعا"
ليرفع رأسه على صيحة حياة الهادرة "خذه وغادر إذاً"
سئم أيهم من الصمت الذي تحلى به وقد أعطى ليامن الوقت الكافي للحديث، ليقف قائلا بصرامة "قلتها لكِ قبلا أبناء هذا البيت لا يسكنون خارجه إلا عندما يتزوجون"
صرخت حياة بسخط رافض "أيهم!"
لم يلتفت أيهم لها إنما ركز بصره على الشاب الذي التفت له برفض رآه جليا في عينيه .. قائلا بقوة "أنا لا أتراجع عن رأيي أبدا ولا أقبل رفضك أيها الشاب"
همس يامن باعتراض "ولكن يا خالي لا أستطيع إيلامها أو حتى إيلام أخي"
ربت ماهر على كتفه بقوة قائلا بحزم "لقد اُتخذ القرار يا يامن.. إن أردت المغادرة غادر ولكن تيم سيبقى هنا"
نظر له يامن بعدم تصديق ليقول خالد بهدوئه المعتاد "لن تستطيع تربيته بمفردك، ولقد أصبح فرد من أهل المنزل، بل أصغر أفرادها وآخر العنقود أي أن معزته تختلف عنكم جميعا"
انعقد لسان يامن بامتنان فائق وشعور لا مثيل له من الدفء ملأ قلبه.. ربت ماهر على كتفه بقوة متفهما ما يمر به، وهو ينظر بحسرة وتعاطف إلى حياة التي دفنت وجهها بين يديها ببكاء صاخب، أخذ نفسا عميقا مفكرا في حل لا يؤذيها ولا يضيم الشاب أمامه، لقد حملت حياة الفتى أمامه فوق طاقته باختيارها الخاطئ..
لمح تقدم ابنه من جلستهم بشعر مبلل من أثر سباحته.. والذي هتف مهللا بفرحة "يامن حمد لله على سلامتك"
عانقه يامن بمحبة مجيبا تحيته "سلمك الله من كل شر"
ربت سيف على كتفه قائلا بهمس مهتم "ما بك؟ أشعر بك لست بخير"
ابتسم يامن مشددا من احتضانه قائلا برفق "بخير فقط بعض المشاكل سأخبرك عنها لاحقا"
ابتعد عنه سيف مبتسما بتفهم، ليلتفت على صوت والده الآمر "خذ ابن عمتك واصعد للأعلى سيف.. وجفف شعرك كي لا تصاب بنزلة برد"
أجاب بطاعة وهو يسحب يامن معه "أمرك بابا، هيا بنا يامن"
قبل أن يبتعد رفع خالد صوته قائلا "على الأغلب ستجد أخوتك في شقتي يا سيف"
أومأ سيف برأسه وهو يسأل يامن بهمس "هل لديك علم بسبب طردنا؟"
ابتسم يامن لفطنة سيف قائلا "نعم هيا لأعرفك بالسبب"
التفت إليه سيف بدهشة قائلا بحاجب مرفوع وهو يصعد درجات سلم المنزل الأمامية "تعرفني عليه؟"
هز يامن رأسه موافقا وسيف يسأل بشك "أهناك أحد بالمطبخ ألم يقل عمو أنهم بالأعلى؟"
أجابه يامن بهزة من رأسه تعنى لا أعلم ليتبع سيف إلى باب المطبخ حيث هتف ببشاشة "أمهاتي الغاليات"
التفتت إليه لمار بينما لم ترفع نيرة عينيها عن هاتفها حيث كانت تقرأ مقال عن دواء أُنتج حديثا، يتناقشون في مميزاته ومساوئه قائلة بأمر "جفف شعرك يا ولد، كيف تمشي به مبلل هكذا؟!"
ابتسم سيف لها بحنان قائلا بتبرير "نسيت أن أخذ منشفتي معي.. من طبخ اليوم؟"
ردت نيرة وما زالت مندمجة كليا مع هاتفها "أنا هل لديك اعتراض؟!"
رفع يده بحركة مستسلمة قائلا بمزاح وهو يلتفت مغادرا "كلا ومن يجرؤ على هذا، ستتذوق طعاما غريبا لم تتذوقه من قبل يا يامن، محظوظ تهبط من الطائرة على طعام عمتي نيرة"
لم يخرج من الباب إلا وقذفته نيرة بثمرة فاكهة ناضجة.. ضحك يامن وسيف يلتفت لها قائلا بحنق مفتعل "لن تأتي ابنتكِ بطبعها من بعيد"
صرفته نيرة بحركة من يدها قائلة بعدم اهتمام "غادر لست منتبهة لك الآن"
همس ضاحكا ليامن "لولا أنها مشغولة لعلقتني بالحديقة على تهكمي على طعامها.. تعبت معدة عم أيهم فابتلانا به"
قهقه يامن بصوت مرتفع قائلا بمرح وقد أنساه حديث سيف ما حدث منذ قليل "أتعلم تستحق أي مما تفعله بك"
بينما ابتسمت نيرة وهي تسمع تمتمته لتهمس للمار التي عادت إليها بكامل انتباهها "هل أحرمه من الطعام اليوم؟"
ضحكت لمار قائلة بمهادنة مرحة "أنت الأكبر والأعقل نيرة"
نظرت لها نيرة بطرف عينيها قائلة بمرح "أشك في الأعقل هذه"
ضحكت لمار وشاركتها نيرة الضحك بينما في الخارج صرخت حياة بعتاب معذب "هكذا تنصرون هذا الولد علي؟"
أجابها ماهر ببرود "لا ننصر أحد على أحد حياة.. ولكننا لا نأخذ أحد بذنب أحد آخر"
نزلت دموعها بقهر وهي تنظر أرضا قائلة بعذاب وما زال خنجر الخيانة يطعنها بقلبها بقسوة "كيف تبقونه معي في نفس المنزل، إنه مصدر عذاب لي"
رفع أيهم عينيه إليها قائلا وهو جالسا محله بغضب "وابنكِ حمل على كاهله مسؤوليته، ومسؤولية ابنكِ تخصنا ونحملها عنه.. يكفي هذا العمر الذي حرمتينا وحرمتيه منا بسبب عنادكِ.. دعينا نعوضه خيرا عنها"
هبت واقفة لتقول بعداء وكره لطفل لا ذنب له إلا إنه ابن زوجها "وتعوضه خيرا بأن تربي ابن عبد العزيز، عبد العزيز الذي كرهته ووقفت ضد زواجي منه، أنتم السبب في حرماني منكم فلا تلومونني"
ضرب أيهم كف بكف مرددا بنبرة مرتفعة "لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله"
بينما ظل خالد على جلسته يجمع الخيوط برأسه مرددا بنبرة منخفضة، في محاولة للسيطرة على النفس فأيهم قاب قوسين من أن يفقد صبره.. ويخاف أن يفقد ماهر أعصابه فهذه موهبة حياة منذ القدم.. دفع ماهر لارتكاب حماقات لم يكن ليقترب منها يوما "استغفر الله وأتوب إليه"
في حين اقترب منها ماهر ممسكا ذراعها بقوة قائلا بصوت مرتفع غاضب "نحن من وقفنا أمامكِ؛ هل تقلبين الحقائق لتناسب هوى نفسكِ، نحن أخطأنا حياة أعلم وبالمقابل خطأكِ كان أضعافا مضاعفة"
نفضت ذراعها بعنف قائلة بحدة "فيما أخطأت وقد أحببت"
أجابها أيهم بزمجرة غاضبة وهو يقترب منها ببطء، وما زال مشهد رؤيتها تقف مع عبد العزيز وهم شبابا يحرق قلبه "الخطأ لم يكن بالحب بل بالطريقة، أي حب هذا الذي يكون في الظلام.. إن لم يكن في النور فهو ليس بحب أي شيء آخر غير الحب، الخروج دون إذن أهلكِ ومقابلة شاب لا يقربكِ شيء إثم، الظلام ظلام حياة وحبكِ لم يكن مشروعا، أما نحن فقد أجبرنا عليه خشية فضيحة تنال من شرفنا وكبريائنا.. وتحني جبهة أمي التي احتضنتكِ واعتبرتكِ ابنة لها"
رفعت عينيها بذهول تنظر بهما لعيني أيهم هامسة باستنكار "أي فضيحة تتحدث عنها؟"
أشاح ماهر بعينيه عنها قائلا بقوة وقد تغضنت ملامحه بألم واضح "أن تهربي معه وتتزوجيه دون ولي شرعي إن رفضنا زواجك منه"
ردت بعتاب وهي تجيل بصرها بين ثلاثتهم بعدم تصديق "لم أكن لأفعل، ما بالك صامت يا خالد؟ أخبرهما أني لم أكن لأفعل هذا"
ظل خالد مطرقا برأسه أرضا لبضع ثواني، ثم رفع عينيه إلى عينيها المتعلقتين به قائلا بهدوء "بلى كنتِ لتفعليها حياة، لتثبتي أنك على صواب والجميع على خطأ، أنتِ كما أنتِ حياة تعتقدين نفسكِ مُصيبة والباقي مخطئون.. وقد خاب من ظن أن لا رأي بعد رأيه"
همست بدهشة وهي تشعر بكونها فأر علق بمصيدة "خالد!! هل تظنني هكذا حقاً؟!"
زفر خالد أنفاسه كلها قائلا بخفوت "انا لا أظن حياة أنا أخبرك الحقيقة، وقد ظننت أن الدنيا هذبت طباعكِ ولو قليلا، ولكنكِ تزدادين عندا وتشبثا برأيكِ كلما كبرتِ"
ردت بألم "أعلم أنك صريح ولكن ليس لدرجة الألم يا خالد"
رفع كتفيه مجيبا بلا مبالاة "أنتِ من طلبتِ رأيي حياة ولم أكذب يوما ف صغري حتى أكذب وأنا عجوز"
كتفت ذراعيها على صدرها وهي تقف بين ثلاثتهم مجيبة بسخرية باردة "بالطبع ستنصرون بعضكم وأصبح أنا المخطئة"
ضرب أيهم كفيه بعدم تصديق لعنادها قائلا بسخط حازم "لا فائدة، لا فائدة منكِ ولا فائدة من الحديث معكِ.. نهاية الحديث حياة يامن وأخيه سيقمان معنا والويل لكِ إن أزعجتِ الطفل يوما"
لم تهتم لتهديده بمثقال ذرة قائلة بغل "تهددني لأجله؟!"
هز أيهم رأسه بحسم وخالد يتساءل بنبرة اليقين "هذا الطفل كان السبب وراء عودتكِ؟"
نظرت له تطحن ضروس فكها بحنق، فطنته!! أمر هكذا لن يمر ببساطة علي خالد.. لتجيب ببساطة وهي تكتف ساعديها على صدرها "نعم هو اختار أخيه وأنا اخترت العودة إلى بيت عائلتي.. والآن سيبقى هو أو أبقى أنا لا خيار ثالث؟"
أغمض خالد عينيه مستغفرا وأيهم صمت تاركا دفة الحديث هذه المرة لماهر، والذي لم يخيب ظنه عندما أجابها بصرامة حادة "سيبقى كلاكما يا حياة وإن فكرتِ مجرد التفكير بترك المنزل، لأفعل الشيء الذي وجب فعله منذ زمن طويل، عندما أتى ذلك الوغد ليطلبكِ زوجة له"
نظرت له بشك قائلة بحذر "وما الذي وجب عليك فعله يا ماهر ولم تفعله"
نظر لها ماهر نظرة سمرتها بأرضها قائلا بجدية أرهبتها "أكسر ساقيكِ حياة، سأذهب لأخبر لمار أن تضع الطعام فالحديث في هذا الموضوع قد انتهى، وإياكِ أن أسمع أدنى اعتراض لكِ"

************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 10:16 PM   #173

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

وفي الأعلى وخصيصا الطابق الثاني ارتفع صخب الشباب.. في محاولتهم لدمج الصغير في عالمهم والذي فاجئهم بانطلاقه بينهم بمرح، انطلقت ضحكاتهم صاخبة وتيم يلتقط مفاتيح يزن تتدلى منها دمية صغيرة ذات لونين أحمر وأبيض، ارتفع صوت إياد بتهكم "من أين حصلت على لعبة الأطفال هذه يا زيزو؛ أم أقول الفتيات؟!"
لوى يزن شفتيه بامتعاض قائلا بحنق "سل شقيقتك الفضل يعود لها في هذا"
أجابته براء بضيق وهي تلتصق بزوجها "لا شأن لك يا سخيف"
ردت ناردين بتعجب وهي تفترش أرضية غرفة المعيشة حيث يجلسون "حقا يا يزن كيف تحملها إنها أنثوية للغاية"
زمت براء شفتيها بحزن وهي تتعلق في ذراع يزن تتدفن رأسها في كتفه مغمغمة له "ألا تعجبك حقاً؟"
ابتسم يزن بحنان وهو يربت على رأسها قائلا بحب "إنها رائعة وأنا أحبها للغاية"
رفعت عينيها تنظر له بشك ليلتقط يدها يقبلها برفق قائلا بلين "كيف لي أن أكره شيء أهديتني إياه؟!"
ثم هتف بتحذير صارم "لا شأن لكما بهدايا زوجتي إنها تعجبني وهذا يكفيني"
قبلت خده بحنان وهي تركن رأسها على كتفه ليهتف إياد بغيرة باردة "تحشمي يا بنت أنا أجلس أمامكِ"
ضحكت يقين التي تُجلس تيم على قدميها قائلة بمشاكسة "هل تغار يا إيدو؟!"
جعد إياد أنفه باشمئزاز وهو يشيح بعينيه دون رد، ابتسمت هنا الجالسة بالقرب منهم على مشاكساتهم، في حين أن عينيها لم تفوت حركة من روهان المنكمشة على نفسها في جانب الغرفة، وقد احترم الشباب صمتها وغربتها بينهم، عندما حاولوا جذبها بينهم ولكنها انكمشت بخوف غريزي، كانت تراقب حركة عينيها التي تنتقل بينهم بنوع من الاستغراب، وكأن ما يحدث غريب وغير مألوف لها، ونوع من الحسرة والألم امتلأ بها وجهها
هذه الفتاة تثير حنانها بشكل عجيب، وراءها قصة طويلة ومؤلمة أين والديها من حياتها، أخذت نفسا عميقا وهي ترنو بنظرها إلى أبنائها، واستقامت واقفة متجهة إلى روهان عندما سقطت دمعة من عينيها رغما عنها، همست لها بحنان "تعالي معي لتنعشي نفسكِ"
رمشت روهان بعينيها عدة مرات وهي تهز رأسها ماسحة بيدها تلك الدمعة التي فلتت منها.. متجهة مع هنا لخارج الغرفة رفعت يقين عينيها تنظر لخروجها مع والدتها ثم عادت بنظرها ثانية إلى تيم، نظرة كانت واجمة وغيورة بشكل كبير.
أخذتها هنا إلى غرفة ناردين لتستخدم حمامها في تنظيف وجهها، دلفت روهان إلى الحمام المرتب بعناية لتنظر إلى عينيها المحتقنتان بالدموع
إذاً هذه هي العائلة وهذا هو الدفء العربي الذي طالما سمعت عنه، وهذه هي الحياة الحقيقية وليست تلك الباردة في بلاد الغرب، ما هذا الترابط العجيب بينهم وما هذا الاحترام الذي يكنه الشباب للكبار، كيف يكون العيش بداخل هكذا عائلة حلمت بها وتمنتها دوما
تكاد تجزم أن أبنائهم ينامون بأمان دون أي خوف، وأي خوف هذا الذي يعرف طريقه إليهم، ماذا فعل بها والديها؟ نعم أنجباها وألقوا بها إلى المربيات ثم إلى نفسها بالنهاية؛ تأكدت من اختفاء آثار الدموع وخرجت لهنا تلك المرأة الجميلة الحنون، لتجدها ترتب سرير الغرفة لتهمس بحرج "لقد انتهيت عمتي"
التفت لها هنا بابتسامة حانية قائلة وهي تجلس على طرف الفراش داعية روهان لتجلس بجوارها "اسمكِ جميل روهان وفريد من نوعه"
احمرت وجنتيها خجلا قائلة بصوت خافت "شكراً"
ابتسمت هنا محاولة جذبها لأطراف الحديث معها "اسم رقيق لابد أنه اختيار والدتك"
مال جانب فم روهان بابتسامة حزينة التقطتها هنا بخفة "كلا إنه اختيار بابا لو ترك الأمر لماما لكانت اختارته أجنبيا"
مالت هنا برأسها سائلة بهدوء "وأين هما الآن؟"
التفت إليها روهان قائلة بسذاجة "بإيرلندا إنها موطن ماما"
صمتت هنا لوهلة قائلة بنبرة حانية "أنتِ أجنبية ولكن لكنتكِ العربية ممتازة"
هزت روهان رأسها نفيا قائلة بعفوية وبراءة لمستها هنا بسهولة "كلا ماما فقط؛ بابا عربي ولكنه ليس مصري وقد كنت أعيش بمسقط رأسه"
ابتسمت هنا بتفهم قائلة بحذر "بمفردكِ؟"
هزت رأسها إيجابا لتقول بدهشة "وهل سمحا لكِ؟!"
أخفضت روهان عينيها أرضا بحزن لبعض الوقت، ثم رفعت رأسها لهنا وبعينيها نظرة حرمان أوجعت أمومة هنا واستفزتها "كنت أعيش معهما في إيرلندا ولكن الأجواء هناك لم تناسبني"
صمتت لتهمس فجأة ببراءة لم تتوقعها هنا "إنهما يقبلون بعضهما البعض في الشارع اشمأززت منهم، كما إنهم باردون في تعاملهم المتكلف والمنافق"
ابتسمت هنا لها ببشاشة وهي تربت على كفها هامسة لنفسها "كنت محق يا خالد لن تتوقف عن إبهاري يوما"
ارتفع رنين جرس المنزل لتجذبها قائلة "هيا لنرى من بالخارج"
اتجهت ناردين لفتح الباب لتقول بتوبيخ ما إن رأت سيف "اذهب إلى غرفة المعيشة إلى أن أحضر لك منشفة جافة"
دلف مع يامن إلى الغرفة والذي هتف بلهفة من على باب الغرفة "تيم"
ترك تيم يقين واندفع إلى يامن الذي ركع على ركبة واحدة يستقبله بين ذراعيه.. ضمه بقوة يدفن رأسه في عنق تيم يستنشق رائحته بقوة، يعيد الهدوء لنفسه المبعثرة، يعترف أن حديثه مع والدته أراحه كثيرا وأزال هما كبيرا كان يجثم على قلبه، همس تيم بألم "أبيه أنت تؤلمني"
خفف يامن من ضغط ذراعيه حول تيم ليهمس له برفق "أسف حبيبي لم أقصد"
اتسعت ابتسامة تيم ليجيبه بعذوبة متسائلا "هل اشتقت لي؟"
أجابه يامن بصدق "أنا أشتاق لك على الدوام يا تيمو"
رفع نظره إلى سيف قائلا بهدوء "تيم أخي الصغير.. سبب الطرد"
تفحص ملامح يامن بدقة ليبتسم بتفهم وقد علم الصلة الحقيقية بينهما.. سبب غضب عمته وبكاءها والأوضاع المتوترة بالأسفل.. ليجلس على ركبة واحدة قائلا بترحيب بشوش "أهلا يا تيمو"
تقدم منه تيم وقد تخلى عن تحفظه قائلا بلباقة أكبر من سنه "مرحبا يا سيف سعيد لرؤيتك"
ارتفع حاجب سيف بدهشة قائلا "هل تعرفني؟"
هز رأسه مجيبا ببسمة رائعة "لقد أرتني أبلة يقين صورتك بمجلد الصور"
اتسعت ابتسامة سيف ليجذبه يضمه له قائلا بحب "يا لسعادتنا بوجودك يا تيمو"
أتى صوت هنا من خلفه قائلة بأمر "هيا حان موعد الطعام"
هلل إياد فرحا "أخيرا الطعام ظننتكم نسيتم أن هناك بشر جائعون"
هتفت ناردين بسخرية وهي تلقي منشفة صغيرة لسيف التقطها منها يجفف بها خصلاته المبللة "كل همك الطعام"
التفت لها قائلا بعدائية "أنا لا أتحدث معكِ من فضلكِ لا توجهي أي حديث لي"
ردت بإباء وهي ترفع رأسها بكبرياء "من حسن حظي"
هز سيف كتفيه بيأس منهما ملتفتا لعمته قائلا بطاعة "حاضر عم..."
انقطع حديثه وتسمر محله ناظرا لروهان بانبهار قائلا بتلقائية "من الصاروخ؟"
ضحك يامن وهو يجد سيف يستخدم نفس تعليق إياد بالأسفل.. نكزه يزن في خصره هامسا بأمر حازم "احترم نفسك الفتاة ضيفتنا"
نكس رأسه بذنب قائلا باعتذار "أنا أسف لم أقصد شيئا سيئا، أنتِ بدون مجاملة بارعة الجمال تبارك الخالق"
ابتسمت روهان بخجل لترفع عينيها التي تحولت للأزرق قائلة بحياء "لا عليك لم يحدث شيء"
ابتسمت هنا قائلة بصوت مرتفع "اسمها روهان سيف هيا كي لا تمنعنا نيرة من تناول الطعام"

********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 13-02-21, 10:21 PM   #174

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

اجتمع الجميع على الطاولة لتناول الطعام الذي أعدته نيرة اليوم.. وقد تطوعت بإعداد إحدى وصفاتها الغريبة وقد كانت وجبتها للعشاء، أكلات شهيرة من المغرب العربي..
تبارى إياد ويزن في ملء أطباقهما ليهمس يامن لسيف الجالس بجواره بتعجب وعينيه تأخذه إلى أخيه، الجالس براحة على قدم نيرة تقطع له الطعام وتطعمه بيديها "ما باله يزن اليوم؟ لم أعهده محبا للطعام هكذا؟"
هز سيف رأسه موافقا إياه قائلا بتوضيح "يعشق تناول كل ما هو مختلف من الأطعمة"
ابتسم له يامن بتفهم ليرفع سيف صوته قائلا بمشاكسة "أأكل وأنا مطمئن أم سأصاب بالتسمم اليوم نانا، لدي مباراة هامة"
رفعت نيرة عينيها إليه باستهزاء قائلة بأمر ساخر "فلتذهب مباراتك إلى الجحيم تناول طعامك دون تذمر يا ولد"
ادعى الخوف ليجيبها سريعا وهو يضع الطعام بطبقه "حاضر سألتهمه كله"
ابتسمت هنا لمشاكساتهم وهي تضع الطعام بطبق روهان قائلة بحنو "لماذا لا تأكلين بنيتي؟"
التفت لها روهان ببسمة شفافة وهنا تتعجب من لون عينيها الذي تحول للأخضر "لقد أكلت كثيرا، الطعام لذيذ حقاً"
ابتسمت لها نيرة الجالسة أمامهما بلطف قائلة بابتسامة حلوة "أنتِ الألذ يا صغيرة"
ضحكت هنا بخفة على الفتاة التي احمرت ولون عينيها يعود للأزرق، الفتاة عينيها تتموج حسب مشاعرها.. في حين مالت ناردين على يقين سائلة "ما بالك يويو صامتة ومتباعدة اليوم؟"
ردت يقين باقتضاب وعينيها تنتقل بين نظرة والدها الحانية والفتاة الدخيلة بغيرة حانقة "لا شيء أنا بخير"
تتبعت ناري نظراتها لتهمس بصدمة حقيقة "أنتِ تغارين من روهان؟!!"
دمعت عينا يقين وهي تشيح بهما بعيدا عن نظرة شقيقتها الثاقبة قائلة "إنه أبي من حقي أنا أغار عليه"
همست ناردين لها بنبرة منخفضة "ولكنها لم تقترب من بابا"
تلاعبت يقين بالطعام أمامها والذي على رغم من حلاوته لم تجد شهية لتتناوله مجيبة بإدراك "ولكنها تثير حنانه وتستفز أبوته"
رفعت ناردين عينيها تتفحص نظرات والدها متسائلة بصدمة "ما أدراكِ بهذا؟!"
أجابتها يقين بجمود "لا أخطئ قراءة نظرات بابا أبداً"
لم تجبها ناردين وهي تعود بنظرها لوالدها وروهان ثانية بتدقيق، انتبه إياد إلى نظراتها تلك وهو يراقبها من بين رموشه، لم يفهم ما بها فرفع صوته جاذبا نظرها إليه.. متخليا عن خصامه معها فعلى ما يبدو أنها بحاجته "ناري أعطني السلطة من أمامكِ"
نظرت له بتوهان آلمه ليسألها بعينيه عما بها وهو يلتقط منها إناء السلطة.. أخفضت عينيها لترفعها تحت أنظاره محركة إياها بين والدها وروهان، التفت إلى عمه ليرى نظرته لروهان فيبتسم لها باطمئنان وهو يبعث لها برسالة على هاتفها "تغارين على عمو؟"
التقطت الهاتف تجيبه بصراحة "لا لكن لا أفهم نظرات بابا لها، أنا أثق ببابا بالطبع ولكن لا أفهم فقط ما يجرى حولي"
قرأ رسالتها ليبتسم بهدوء مجيبا برسالة ثانية "إنه ينظر لها كما ينظر لكما أنتِ ويقين، أخبركِ سرا هذه الفتاة تستفز شيئا بداخلي"
عبست بغيرة وهي تقرأ رسالته لترفع عينيها له متسائلة فيهز رأسه نافيا ما تفكر به، ابتسمت له وقد فهمت إشارته لتبعث بردها له "وأنا الأخرى أشعر وكأنها طفلة تائهة من أهلها"
هز رأسه يوافق رسالتها وهو يضع هاتفه بجواره وعينيه تبعث لها برسالة مفاداها وهذا تفكير عمي، اتسعت ابتسامتها وكانت شاكرة له وهي تلتقط كوبها ترتشف من عصيرها.. التقت نظراتهما بتفاهم عجيب وفي لحظة عبس كلاهما وقد انتهت فترة العفو التي سرقاها من خصامهما.
بينما التهت براء عما يدور حولها وهي تراقب سيف الذي يمزح مع من حوله بشكل مبالغ به، عبست بحزن من يخدع الأحمق وعينيه تفضحه، أنزلت عينيها إلى طبقه الذي لم يمس إلا قليلا.. جذبت هاتفها باعثة له رسالة ساخرة "لا تبالغ بمزاحك أنت لن تخدعنا به"
جذب انتباه سيف من مزاحه مع يامن التنبيه الصادر من هاتفه.. قرأ رسالة براء بتنهيدة عميقة مجيبا إياها بصراحة "لا أحاول خداع أحد أحاول أن أكون بخير فقط"
مال جانب فمها بشفقة وهي تبعث برد حكيم فاجأه "أحيانا إظهار الحزن يخففه، بينما كتمانه موت بطيء يا صديقي، وأنا أخاف عليك"
قرأ رسالتها والتي مرت إلى قلبه تربت عليه بحنو ليجيبها ببسمة أخوية "طالما أنتم بخير فأنا بخير لا تخافي"
رفع ماهر صوت حازما قائلا بأمر "ضعوا هواتفكم جميعا للطعام احترامه"
التقت نظرات سيف وبراء ليضحكا ببهجة حقيقية، نقل يزن نظره بينهما قائلا بحنق "عدنا لتلك العادة السخيفة ما يضحككما أنتما الاثنين؟"
نظر الاثنان إليه ليكملا ضحكهما بمرح.. هز يزن رأسه هاتفا بيأس وهو يعلم أنه لن يحصل على إجابة "لا فائدة، لا أريد معرفة شيء"
راقبت روهان كل تلك المشاغبات بشغف متسائلة بذاتها هل سيُقدر لها يوما أن تعيش كل تلك الأجواء، بعد انتهاء الغداء انتقلوا جميعا إلى الجلسات المعدة بالحديقة ليكملوا احتفائهم بعودة يامن، انتحت هنا بخالد جانبا قائلة بهدوء "كنت محقا يا خالد بشأنها"
ثم سردت عليه ما حدث بالأعلى وشعورها تجاه روهان ليجيبها "ما رأيكِ أن أدعوها لتقيم معنا؟"
هزت هنا كتفيها قائلة بتساؤل "هل ستقبل؟ وهل سيقبل والديها؟"
مط شفتيه بعدم معرفة قائلا بخفوت "لا أعلم ولكن لا ضرر من عرض الأمر عليها، ولكن قبلها أنتِ موافقة على إقامتها معنا؟"
هزت هنا رأسها موافقة وهي تمسد ساعده بحب قائلة بخفة "بالطبع ولكن اعرض عليها أنت هذا الأمر"
التفت على نبرتها المستحية وهي تتحدث إلى يامن "يامن هل من الممكن أن توصلني إلى الفندق؟"
رد بلطفه المعتاد معها "بالطبع أروهي سأوصلكِ"
اقترب منها خالد قائلا بحنان "هل يمكنني الحديث معكِ قليلا بُنيتي؟"
نظرت له بحيرة وهي تقول بنبرة وجلة "فيما تريد الحديث؟"
ابتسم خالد لها بدفء غمر قلبها بشعاع من الضوء الأبيض "لا تخافي.. تعالي معي"
تبادل أيهم وماهر نظرة متسائلة عما يدور بذهن خالد.. فيما همست نيرة بامتعاض لهنا "ألا تغارين على زوجكِ؟!"
زجرتها هنا بخفة "منذ قليل كنت تلاطفينها بكلماتكِ والآن تحرضيني ضدها، ثم أنا أعلم ما يفعله زوجي"
بينما اشتعلت نيران حارقة في صدر يقين وهي تطالع والدها ونظراته الحنونة وحديثه اللين مع تلك الدخيلة، إنها لا تكرهها ولكنها لا تتقبلها أيضا مؤكد إنها جنيته، لم يستطع تركها في تلك البلاد وأتى بها لتقيم معه هنا، حتى وإن كان لا يؤمن بالحب ولكنه لم يطق فراقها، أغمضت عينيها بألم تحاول مواجهة أمر عودته وارتباك قلبها غير المعهود في وجوده، همس لها يزن باهتمام "ما بكِ يقين؟"
أجابت بلا اكتراث مفتعل "لا شيء يزن أنا بخير"
عبس بريبة وهو يري موضع عينيها الحانقتين مجيبا بحذر "لماذا تنظرين لروهان بتلك الطريقة؟"
أشاحت بعينيها بعيدا دون رد لتسمع يزن يقول بعدم تصديق "هل جننتِ كيف تفكرين بعمي...؟!!"
انتفضت واقفة بغضب وهي تصيح به بحدة "أنت من فقد عقله.. كيف تجرؤ على هذا القول؟!"
وقف أمامها قائلا بندم "أنا أسف لا أقصد ما قلته؟"
التفت معطية إياه ظهرها قائلة بغضب حقيقي منه "وأنا لا أقبله ولا أريد الحديث معك ثانية"
ثم غادرت راكضة تجاه المنزل تداري دموعها التي تساقطت دون سبب محدد، التفت يزن على سؤال والده المستفهم لما حدث فيجيبه بقنوط عابس "تشاجرنا"
تابعتها هنا بإدراك لبعض مما يحدث معها لتلتفت على سؤال خالد "ما بها يقين؟"
نظرت له قليلا ثم نظرت تجاه روهان التي ما تزال واقفة محلها ويبدو أنها في حيرة من أمرها لتجيبه مباشرة "تغار عليك من روهان، لطالما كانت تفعل منذ صغرها.. أخبرني هل تحدثت إليها؟"
جلس بجوارها مجيبا بهدوء "نعم كانت ستبقى بشقة بمفردها كما كانت تفعل، وعرضت عليها الأمر وبدت حائرة بشكل غريب، كمن وجد ما يتوق إليه طوال عمره ولكنه خائف من لمسه، ولأخفف عنها أخبرتها أن تأخذ إذن والديها، وتركتها تحدثهما"
ربتت هنا على يده بدعم قائلة بحنو "خيراً فعلت"
وعادت بنظرها إلى روهان التي تتحدث بالهاتف، وتبدو حائرة بشكل يائس وموجع لقلبها، همست لخالد وهي تراقب الدمعة الثقيلة التي هبطت من عين روهان "يبدو أن أهلها قد رفضوا"
رد بيقين وعينيه تدرس ملامحها جيدا "كلا لقد وافقوا ولم يرفضوا"
ردت بحيرة وهي تعود بنظرها لروهان "إذاً لماذا تبكي؟"
رد بهدوء وقلبه يؤلمه على تلك الفتاة الفاقدة لأبسط أنواع الاهتمام في حياتها "حسرة يا هنا؟ تبكي حسرة قلبها"
نظرت له بعدم فهم ليجيبها بمرارة نابعة من حزنه عليها "حسرة على والدين شغلتهما الحياة عن متاعها"
رددت بدهشة "متاعها"
هز رأسه إيجابا قائلا بحكمة اكتسبها على مدار عمره "نعم يا هنا متاع الحياة المال والبنون.. وهما انشغلوا بجمع المال وترك البنون يصارع في الحياة بمفرده.. صدقيني لولا فطرتها النقية لكانت ضاعت في دهاليز الحياة"
غمغمت بحزن "يوجعني قلبي عليها منذ أن تحدثت معي.. إنها نقية وساذجة للغاية يا خالد.. وأنا أتمنى أن يصدق حدسك حقاً ويوافق أهلها"
رد بحب وهو يربت على يدها بتقدير "أنا أحبكِ يا هنا.. ها هي الفتاة قادمة وسنعلم ما قرارها الآن"

*********

نهاية الفصل
اهلا اروهي نورتي


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-21, 11:01 PM   #175

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الفصل العشرون
وقفت روهان أمام خالد قائلة بخجل وهي تفرك يديها بحرج "والداي موافقان على إقامتي لديك يا عمو"
اتسعت ابتسامة خالد الحانية قائلا بحنان يزيل حرجها "لا تعلمين كم سعدت لهذا القرار، أهلا بكِ ابنة جديدة لي"
دمعت عينيها بتأثر لتفتح هنا ذراعيها لها قائلة بحنان فطرى "تعالي حبيبتي صرتِ عندي في مقام يقين وناردين"
اتجهت إليها روهان لتضمها هنا بحنان إلى صدرها.. سالت دموع روهان وهي تستمتع بحضن هنا الدافئ الذي لم تذق مثله قبلا.. كانت هنا تمسح على شعرها بحنان متفهمة ما تمر به.. معطية لها الوقت كي تهدئ وتتقبل الوضع الجديد عليها.. لتهمس بعد فترة وهي تلقى نظرة على ناردين، التي لمعت عينيها بتعجب وبعض العطف والشفقة "تعالي لتصعدي معي لأريك غرفة ناري حيث تبقين معها"
ردت روهان بحياء "لا أريد أن أثقل عليكم وأزاحمها في غرفتها، أنا سأعود للفندق لقد اعتدت الحياة بمفردي"
ردت ناردين بحزم لطيف "كلا لا يجوز.. غرفتي كبيرة وسأكون سعيدة باستضافة قمر مثلكِ بغرفتي"
نظرت هنا لها باعتزاز وزهو أشعر ناردين بالفرح، لتقف متجهة إليها تجذبها من يدها قائلة بلطف "عنكِ هذه المهمة يا ماما وأنتِ أروهي تعالي معي أعرفكِ بغرفتي ومنزلنا"
بعد مغادرة الفتيات سأل أيهم بجدية "ماذا يحدث يا خالد؟!"
رفع خالد كتفيه قائلا بنبرة ذات مغزى "الفتاة اعتبرتها مثل ابنتي يا أيهم هذا كل ما في الأمر، من اليوم إنها ابنتي الثالثة"
صمت أيهم متفهما عالما أن خالد سيخبره كل شيء فيما بعد ليلتفت على صراخ ابنته الغيورة "بل الرابعة؛ هل نسيتني أم ماذا؟"
ضحك خالد قائلا بحنانه المعهود "وهل أجرؤ على هذا الشيء يا مدللة عمكِ"
نظرت له بنصف عين قبل أن تقف قائلة "سأصعد لأتعرف على الابنة الرابعة والأخت الجديدة وأرحب بها كما ينبغي"
ابتسم يامن المراقب لهذا الصفاء العجيب الذي تربوا عليه، شاعرا بالسعادة لأجل روهان، من الجيد أن يزن أجبرها على المجيء معه، فاق من شروده على نداء لمار اللطيف "يامن لقد نام تيم خذه إلى الغرفة لكي يرتاح، لابد أنه تعب من طول الرحلة والمجهود الذي بذله"
أخفض عينيه إلى أخيه الذي استغرق في نومه على حجرها، ليقترب منها يحمله مجيبا بحب "أمركِ عمتي"
ربتت هنا على ذراعه قائلا بحنو وهي ترنو بعينيها لحياة الصامتة والمنعزلة احتجاجا على ما يحدث "وأنت الأخر فلتحصل على قسط من الراحة"

*********
صعدت ناردين بروهان تتعرف عليها وتزيل عنها خجلها وحرجها، كانت ناردين تشعر بما يدور في صدر روهان من حيرة وغربة، وتشعر ببعض العجب لقرار والدها ولكنها تثق به.. بينما روهان كانت ترجف من داخلها خوفا وشوقا، كان بإمكانها الرفض وعدم قبول وجودها بينهم، ولكنها وجدت نفسها توافق بل تتلهف لوجودها هنا؛ لا تنكر دهشتها عندما عرض عليها خالد هذا الأمر ورفضت في بادئ الأمر، ولكن عندما طلب منها أن تستشير والديها رفرف قلبها فرحا أنه مصر على وجودها، تريد أن تجرب هذا الدفء الذي رأته بينهم، يا ترى هل ستستطيع التأقلم معهم أم أن برودة جذورها ستطالها، استفاقت من شرودها على لمسة ناردين الحانية ليدها، رفعت رأسها تنظر لها باستفهام لتبتسم ناردين قائلة "هذه غرفتي فكما ترين إنها كبيرة وستسعنا معاً"
أجابتها بحرج لفها داخله مما جعل رماد عينيها يشتعل بخضار عجيب "لا أريد أن أثقل عليكم وأضايقكِ في غرفتكِ"
ردت ناردين بمشاكسة وهي تفتح زجاج شرفتها "تضايقني!!! لا يجرؤ أحد على فعلها صدقيني"
سألتها روهان بحيرة "لماذا؟"
رفعت ناردين رأسها بفخر قائلة بعنفوان "لأني جبارة يا فتاة ويخافونني"
انطلقت ضحكة روهان عالية كما هي معتادة لتهمس ناردين بصدمة "يا إلهي أنتِ فتنة تمشي على قدمين"
كما بدأت ضحكات روهان هدئت وعينيها تناظرها بحيرة سكنتها مجيبة بعدم فهم "لماذا؟ ماذا فعلت؟!"
أتاها صوت براء من عند الباب بتهكم وقد صعدت مع هنا خلفهما "ألا تنظرين لنفسك بالمرآة؟؟!"
عادت روهان تنكمش على نفسها بخجل داهمها بعد أن استطاعت ناردين جذبها من حيز تحفظها والتي هتفت بتحذير "براء!"
دلفت براء لداخل الغرفة بخطوات صاخبة مثلها لتمد يدها لروهان قائلة بصفاء "لم نتعرف بشكل صحيح، أنا بمثابة الأخت الكبرى للجبارة يمكنكِ أن تناديني بو إن أحببتِ"
تلقت روهان يدها برقة قائلة بصوت يفيض عذوبة "مرحبا بو يمكنكِ مناداتي بأروهي إن أحببتِ"
جلست براء على السرير بأريحية بينما ما تزال روهان تقف بشكل بائس موجع للقلب، لتربت ناردين على كتفها بحنان قائلة بود "انفضي عنكِ هذا الحرج أروهي، أنتِ أصبحتِ فردا من العائلة تصرفي على سجيتكِ، لا تدعي الخجل يلفكِ داخله"
رفعت روهان لها عينين دامعتين ودمعة ثقيلة تفلت من أسر جفنيها، دمعة أوجعت براء وناردين على حد سواء ليتبادلا نظرة متفهمة، وقد تأكدا من صحة ما فعله خالد خاصة مع نبرتها الدامعة "لا تعلمين كم عنى لي هذا القول ناردين"
وقفت براء وهي تمسح بإصبعها دمعة روهان قائلة بأمر حاني "يكفي دموعا يا فتاة لقد ذرفتِ اليوم دموعا كثيرة"
ابتسمت لها روهان بسمة ضائعة لتقول ناردين بمرح تخرجهما من هذا الحزن الذي تملكهما "لم تخبراني كيف سنقسم الغرفة بيننا؟"
أجابتها براء ببساطة وهي ترفع كتفيها "أخبري عمو خالد وهو سيجد لكما حلا"
طالعتها ناردين بسخط قائلة بغيظ "ألا تعتمدين على نفسكِ مطلقا، هناك مخ بجمجمتكِ إن كنتِ تعلمين!"
أجابتها براء بمكر عابث "أفضل أن أريحه لقد استخدمته الشهور الماضية كثيراً"
ردت ناردين بخبث "في رفع ضغط يزن أليس كذلك؟"
بادلتها براء نظرة متواطئة اتسعت على أثرها ابتسامة ناردين، لتقول روهان ببراءة غافلة عن حديثهم "يمكنني القيام بهذا الأمر إنه بسيط"
التفتا الاثنتان إليها لتقول روهان بتبرير "أنا مهندسة ديكور"
ابتسمت لها براء برقة وناردين تقول بإعجاب مستتر "مرحى إذا لستِ مدللة كما يبدو عليكِ"
هزت رأسها نفيا وصوت جرس الباب يتردد حولها لتقول براء بخفة وهي تقفز واقفة "إنه يزن لقد أحضر حقائبكِ"
خرجت براء تفتح الباب بينما ناردين تقول برقة "اذهبي واغتسلي وسأحضر لكِ ملابس من عندي فنحن بنفس المقاس تقريباً"
عادت براء من الخارج تجر ورائها حقيبة كبيرة وضعتها في جانب الغرفة بجوار الباب قائلة بأمر "تعالي معي ما زالت هناك حقيبتين بالخارج"
عندما خرجت روهان وجدت براء وناردين قد جلبتا حقائبها فتهمس لهما بشكر ممتن، تأملتها ناردين في بنطالها القصير وكنزتها ذات الأكمام القصيرة قائلة بإعجاب "أنتِ فاتنة حقاً"
أضافت براء ببطء "ومغوية أيضاً"
نقلت روهان نظرها بينهما مجيبة بعدم اكتراث "لماذا؟ أنا عادية الجمال لا أفهم لماذا كل هذا المدح؟"
نظرت لها براء بعدم تصديق قائلة باستغراب "أنتِ تمزحين؟ ألا تنظرين لنفسكِ بالمرآة؟!"
أجابتها ناردين بانبهار وهي تجذب مقعد تجلس عليه "يكفي لون عينيكِ الذي يتبدل مع مشاعركِ"
جذبت روهان إحدى حقائبها مخرجة منها مرطب للبشرة مجيبة بنبرة غير مكترثة "إنها رمادية ليست ذات شأن؛ ولقد رأيت من هن أجمل مني"
لفت نظر براء ملابس روهان المصفوفة بعناية لتقول بانبهار جلي "ملابس نومك مذهلة"
ابتسمت روهان مجيبة وهي تجلس لتدهن قدميها وذراعيها بالمرطب "كلا إنها ملابس العمل"
ضربت براء على صدرها في حركة مستنكرة قائلة بصراخ مستهجن "للعمل؟ هل جننتِ إنها ملابس فاضحة"
أجفلت روهان تنظر لها ببراءة قائلة بذات النبرة البريئة "الكثيرون يلبسونها لست أنا فقط"
همت براء بالصياح ثانية ليأتيها صوت هنا بتوبيخ "أخفضي صوتكِ وتحدثي برفق بو"
التفتت براء للخلف تقول بتبرير "ما أردت غير النصح يا ماما"
وقفت ناردين تاركة مقعدها لوالدتها التي وضعت أكواب المشروب البارد قائلة برفق "النصيحة لا تكون هكذا ارفقي وأنتِ تسدين النصيحة يا بو"
هزت رأسها بطاعة "حاضر ماما"
همست روهان بارتياب ووجهها يتخضب بأحمر فاتن "ما بها ملابسي عمتي؟!"
جلست هنا تحوطها بعينيها بحنان واحتواء لم تعرفه روهان قبلا، قائلة بنبرة حليمة حنونة "ليست ملائمة للمجتمع الذي تعيشين به روهان، ربما في المجتمع الأوروبي حرية شخصية ولن يتدخل أحد بكِ، ولكن هنا سواء رضينا أم أبينا تحكمنا قوانين وعادات لا نحيد عنها، والستر والحشمة ليس فقط لأجل المجتمع ولكن لأجل ديننا الحنيف أيضاً؛ ملابسكِ ستعرضكِ للقيل والقال والهمز واللمز، ومضايقات وما أكثرها هنا، كما أنكِ ستحاسبين عليها يوم القيامة أيضاً، يجب أن تراعى الله في نفسكِ وتصونيها حبيبتي، جسدكِ ملك لكِ لا يحق لأحد النظر إليه إلا حلالكِ فقط فهمتني؟!"
ابتلعت روهان لعابها بصعوبة هامسة بنبرة حائرة متسائلة "حلالي؟!!"
ابتسمت هنا قائلة بخفوت "زوجكِ يا ابنتي"
جذبتها ناردين من يدها وفتحت صوان ملابسها أمامها قائلة بابتسامة رزينة "على الأقل مثل هذا أنا لست محجبة، ولكن أحاول قدر الإمكان أن تحوي ملابسي قدر لا بأس به من الحشمة"
نظرت روهان لملابس ناردين المكونة من سراويل وكنزات وجواكيت بأكمام طويلة وتنورات تتعدى ركبتها بقليل، وأحذية ذات رقبة عالية وعقلها يستحضر كلمات أوجعت قلبها دون أن تعي معانيها جيدا، والآن عندما وعت لما يقصده شعرت وكأن قلبها ينحر "تستعرضين جسدكِ أمام العالم والناس دون خجل.. تجعلين من نفسكِ سلعة رخيصة"
ربااااه يا هادي كنت تراني هكذا دائما، وأنا الحمقاء لا أفهم شيء سامحك الله يا أبي، خلعتني من جذوري وألقيتني في أرض لا أنتمى إليها...
أخذت نفسا عميقا تهدئ به ذاتها وهي ترمش بعيونها مبعدة تلك الدموع التي ألهبت حدقتيها، نظرت لها ناردين بتفحص قائلة بحنو "تعالى لترتاحي لا بد أنكِ متعبة من السفر"
أطاعتها روهان باستسلام لتتمدد على سرير ناردين بتعب، دثرتها هنا جيدا لتقابلها نظرة روهان الممتنة موشحة بدموعها، ربتت هنا على رأسها وروهان تغمض عينيها باطمئنان للمرة الأولى بعمرها، أغمضت هنا الإنارة بعد أن تأكدت من نومها لتخرج ناردين متجهة إلى غرفة شقيقتها قائلة "سأطمئن على يقين"
هزت هنا رأسها موافقة وبراء تقبلها من وجنتها قائلة "سأعود إلى زوجي لأرى إن كان يريد شيء"
ربتت هنا على كتفها موافقة لتغادر براء


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-21, 11:04 PM   #176

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

بينما فتحت ناردين باب غرفة يقين، أجالت بصرها بالمساحة المكشوفة لها ولكنها لم تكن متواجدة، عبست بتفكير وهى تتقدم للداخل بخطوات بطيئة دارت حول فراشها
لتجدها على الجهة الأخرى جالسة تضع السماعات بأذنيها، وتبدو منفصلة عن العالم وهي مشغولة بضرب فرشاة ألوانها بقوة على اللوحة أمامها، كانت مندمجة لدرجة تلطيخ ثيابها النظيفة بألوانها، اقتربت منها ببطء تزيح إحدى سماعاتها من أذنها، عبست يقين برفض لهذا الدخيل الذي يعوق عملية استخلاص شحناتها السلبية، هاتفة بغضب وهي ترفع نظرات حانقة للواقفة فوقها "ماذا تريدين ناري؟"
جلست ناردين أمامها بتعجب قائلة بهدوء "أتيت لأخبركِ عن أمر حدث بالأسفل، بعد صعودكِ للأعلى بتلك الطريقة التي لا تليق"
عادت يقين للوحتها ثانية هامسة بعدم اهتمام "ماذا حدث؟"
تأملت ناردين رأس يقين المنكبة على رسمتها بتفحص لتقول ببطء حذر "لقد عرض بابا على روهان الإقامة معنا وقد وافقت"
توقفت يدها عن العمل وانقبضت ملامحها بألم لم تعلم مصدره، لترفع رأسها لناردين قائلة بنبرة خافتة متألمة "اخرجي ناردين واتركيني بمفردي"
استاءت ملامح ناردين مجيبة برفض "لا لن أترككِ بمفردك"
ردت يقين بصرامة وهي تعيد السماعة إلى أذنها "إلى الخارج فورا ناري"
زمت ناردين ملامحها بحنق وهي تخرج تاركة شقيقتها بمفردها، ما إن شعرت يقين بالباب الذي أغلق حتى ألقت فرشاتها بحدة وهي تذهب تغلق الباب بالمفتاح وتتكور على نفسها أسفل غطائها ببكاء لا تعلم سببه.
*************
صباح اليوم التالي كانت يقين تقف على حافة المسبح بمايوهها الأسود ذو القطعة الواحدة؛ بعدما تأكدت من إحكام غلق الباب عليها، أخذت نفسا عميقا ثم قفزت إلى الماء لتغوص أسفله بضع ثواني قبل أن يعود شعرها البني للظهور مرة أخرى، شهقت وهي تأخذ نفسا عميقا وبدأت تقطع طول المسبح ذهابا وإيابا لعدة مرات، ثم عادت للغوص ثانية قبل أن تطفو على السطح ثانية، سبحت إلى جانب المسبح لتجذب منطاط مطاطي عملاق إلى سطح الماء
ثم صعدت تلقي جسدها عليها تفكر فيما أرق ليلها ونغص يومها أمس، نيران حارقة تسري في قلبها منذ علمت بقرار والدها، أرادت أن تصرخ رافضة معترضة على هذا الأمر، ولكن ليست هي من تكسر كلمة قالها والدها، ولكنها بدلاً من هذا أغلقت عليها بابها وادعت النوم، الذي كان قلقا ومضطربا مثل قلبها تماما، ضربت الماء بقبضتها بقوة كارهة تلك المشاعر التي تموج داخلها
أخذت نفسا عميقا معترفة أنها لا تكره الفتاة ولكنها لا تحبها والأهم لا تتقبلها، تحب والدها وتغار عليه أن يستحوذ غيرها على انتباهه، أغمضت عينيها مقرة بقهر بالسبب الآخر أنها تغار على هذا الوافد الجديد، والذي يبدو أن تأثيره على قلبها أكبر مما تخيلت، سالت دمعات حزينة من جانب عينيها وهي تنقلب تلقي نفسها في الماء ثانية
سبحت لبعض الوقت إلى أن آنت ذراعيها بتعب تحت مجهودها الشاق، لتخرج من الماء تجفف جسدها وترتدي فستانها الطويل ذو الألوان الغامقة، فلم يكن بالها رائقا بما يكفي لترتدي ملابس ذات ألوان مشرقة، أخذت نفسا عميقا وهي تخرج من الغرفة الخاصة بالمسبح، وقد نست أن تجفف شعرها فتركته مبتلا بشكل عفوي.
******
استيقظ يامن من نومه يفرد ذراعيه بكسل، لقد نام أمس دون أن يشعر وهو يراقب ملامح تيم الرائعة أمامه، كان قلبه مبتهجا وسعيدا ومرتاحا كما لم يكن يوما عندما تقبلوا أخيه بينهم دون النظر إلى والده، التفت برأسه لتيم النائم بجواره ليبعثر شعره وهو يميل مقبلا رأسه بحنان
ثم قام من جواره ليتوضأ ويصلي فرضه رفع يده للأعلى يحمد الله كثيرا على نعمه التي غمره بها، لم يكن يتوقع أن تعويض الله على قسوة حياته سيكون بهذا الإغداق، دمعت عينيه وانفلتت منها بضع عبرات شكرا لله، أنهى صلاته وهو يستقيم واقفا ليخرج إلى الحديقة، ألقى نظرة أخيرة إلى تيم عالما أنه لن يستيقظ الآن ثم أغلق الباب خلفه بهدوء.
نزل درجات سلم مدخل المنزل القصيرة بهدوء، وقبل أن يضع قدمه على آخر درجة ظهرت يقين من جانب المنزل وكادت أن تصطدم به، لولا أن تدارك نفسه سريعا وهو يثبتها أمامه من كتفيها، شهقت مجفلة بخوف وهي ترفع عينيها لتسقط بعينيه اللامعتين، ضاعت وسط نظرته الغربية لها وتاهت عينيه بين شعرها المبتل، ولون عينيها الغريب إنها بنية يعلم ولكنه يكاد يجزم بشعاع أخضر يخرج منها، لمعتها غريبة وفريدة وتأثيرها على قلبه طاغي، تململت بين يديه وقد اجتاح وجهها احمرار فاتن، أفلتها بحذر وهو يهمس بخفوت "سامحيني أنا أسف"
أخفضت عينيها أرضا وهي تتراجع خطوة للخلف قائلة بهدوء متحشرج "لا عليك إنه خطأي"
أراد أن يعرف ماذا تفعل مستيقظة باكرا هكذا، واشتعل فضوله ليعلم لما شعرها مبلل هكذا، ولكن قبل أن يرتفع صوته أتى من ورائه صوت خالد بنبرة عميقة "يقين"
أمالت يقين رأسها تنظر لوالدها من جانب جسده، وأخذ يامن نفسا عميقا وهو مغمض عينيه يستعيد سيطرته على مشاعره، وهو يلتفت لورائه ملقيا تحية الصباح باحترام "صباح الخير خالو"
التفت له خالد بابتسامة دافئة مجيبا إياه بهدوء "صباح النور"
ثم عاد لنظره لابنته التي ما زالت عينيها معلقة به، لتتسع ابتسامته الحانية وعينيه تشملها كلها بنظرة محبة متفهمة لما يدور في أعماقها، رفع ذراعيه ببطء بدعوة رقيقة لعناقه، دمعت عينيها وهي تندفع قافزة درجات السلم، ملقية بثقل جسدها كله في حضن والدها الذي تلقاها بثبات، بينما يغلق ذراعيه حولها بحنان وهي دافنة رأسها في صدره الآمن، هامسا بأذنها بنبرة رقيقة "اهدئي يقيني ستظلين أبد الدهر يقين والدكِ وأكبر فرحة له بالحياة"
نظر يامن إلى علاقتها الرائعة بوالدها وأمنية تتصاعد داخله بتهور أن يضمها لصدره بتلك الطريقة، ويعانقها بين ذراعيه بهذا الحنان مغمغا بأذنها أنه يحبها، أبعد عينيه عن تلك الصورة التي طبعت بقلبه ولكن بدلا من والدها كان يقف هو، هز رأسه لخالد بإذن صامت ثم ابتعد تاركا لها الفسحة التي تنشدها مع والدها
ظل خالد يمسح على ظهرها وذراعيها بحنان إلى أن شعر بسكونها الداخلي، ليبتسم وهو يبعدها عنه برفق ليشاهد تلك الدموع بعينيها والتي هربت بضع منها.. مسحها بحنانه الذي اعتادته منه قائلا بثقة "كم مرة أخبرتكِ يا عمر أبيكِ أن دموعكِ تحرق قلبي ولا أطيق رؤيتها"
أخفضت رأسها وجملته وكلماته السابقة تنزل على قلبها بردا فتهدئ من وتيرة انفعاله قائلة بألم "أنا تائهة يا بابا"
جلس خالد على درجة السلم وهي معه لتضع رأسها على فخذه وهو يربت على رأسها قائلا بهدوء "لماذا لم تجففي شعركِ؟"
أخذت نفسا عميقا وأطلقته ببطء قائلة برقتها الفطرية "نسيت كان عقلي مشغول بالتفكير"
هز رأسه متفهما مجيبا بإدراك "تغارين من روهان؟"
لم تراوغ في الإجابة وهي تجيب بحزن "لقد استحوذت على اهتمامك وحصلت على مكان بقلبك؛ أنت بابا الأقرب لي من نفسي لا أطيق أن يقترب منك أحد لا أعرفه"
اتسعت ابتسامته من حبها الكبير له ومن صراحتها المطلقة، ولكنه حزين من تلك الغيرة ويعلم ما تسببها لها من حزن وارتباك، فالمشاعر السلبية لا تناسب فطرتها النقية؛ لذلك مسد ذراعها بحنان قائلا بصوت حاني متفهم "نعم حصلت على مكان بقلبي ولكنكِ من حصلتِ على القلب كله يقين، يقيني يا حبيبة بابا أنتِ لا تعلمين ما تعنيه لي، أنت لا تعلمين ما تعنيه لوالدكِ، ولادتكِ كانت بمثابة ركن ارتكاز لي وتصحيح لمسار أفكار كان تقضي علي ببطء، أنتِ أغلى من روحي وأعز ما أمتلكه بكل عمري، لذلك غيرتكِ ليس لها معنى لأن من تغارين عليه أنتِ تعنين له العالم كله"
استقرت كلمات خالد بروحها تعيد تثبيت جذورها بأرضها لتقول بامتعاض "لا أستطيع تقبلها"
أجابها خالد ببطء متفهم "لن يجبركِ أحد على تقبلها ولكن ستتعاملين معها بشكل لائق"
ردت بثقة "بالطبع بالنهاية إنها ضيفتنا وكرم الضيافة واجب"
ابتسم مربتا على رأسها بخفة ليميل مقبلا رأسها "هذا جيد والآن اصعدي لتبدلي هذا الفستان الذي لا يلائمكِ لونه، وجففي شعركِ جيدا حتى نتناول الفطور"
رفعت رأسها بعين لامعة بحبها وزهوها أنها ابنته مجيبة بخجل "سأفعل ولكن سأفطر مع يزن لقد انفعلت عليه بالأمس وأريد أن أعتذر له"
هز رأسه بالموافقة لتقبل أعلى رأسه باحترام وهي ترد بحب "أحبك بابا"
"أعلم يا يقين بابا هيا اذهبي كي لا تصابي بالمرض"
شيعها خالد بنظراته المحتوية وهي تصعد للأعلى متذكرا كلمات أيهم بالأمس، عندما وقف معه ومع ماهر يخبرهم عن أسباب قراره ليجيبه أيهم بقلق "لا أعلم أنا قلق على قلوب أبنائي يا خالد"
همس بتساؤل "الفتيان؟!"
هز أيهم رأسه نافيا قائلا بثقة "كلا الفتيات.. الفتيان مشاعرهم ثابتة ولكن أخشى على الفتيات من الجرح"
ربت خالد على ساعده المعقود على صدره قائلا "ثقا بي يا أيهم"
أجابه ماهر بهدوء "أنا أثق بحدسك يا خالد فدائما ما يصيب"
بينما نظر خالد إلى أيهم الصامت فيهمس باستنكار "أيهم؟!"
أشاح أيهم بيده قائلا بحدة "لا تكن أحمقا بالطبع أثق بك ولكني قلق فقط"
ابتسم خالد بثقة قائلا بيقين "وجودها وإحساسي الغريب تجاهها، ليس مصادفة إنما إشارة من الله، وأنا اتبعت قلبي فقط؛ عاملاها برفق وستفهمان ما فعلته"
أومأ كلاهما بعينيه بصمت وهو يغلق عينيه قائلا بصوت هادئ "الفتاة تحتاجني ولم أكن لأخذل من بحاجتي"
*********
بعد نصف ساعة تقريبا كانت يقين تقف أمام باب شقة يزن، ببنطال أسود اللون تعلوه بلوزة وردية اللون تصل من الأمام لمنتصف فخذها، وتستطيل قليل من الخلف بكسرة من عند منتصف البلوزة معطية لها رونق جمالي خاص، وساعة يد سوداء اللون وقد عادت لإشراقتها داخل ملابسها، مدت يدها تدق الجرس ليفتح يزن الباب بعد لحظات قائلة بفرحة "مرحبا يويو"
أخفضت رأسها بخجل قائلة بأسف نادم "بشأن ما حدث بالأمس أنا أسفة"
رد يزن بتسامح "هذا يحدث دائما بين الأخوة يويو"
اتسعت ابتسامتها قائلة بمرح "لديك فطور كافي لأختك؟"
أفسح لها مجالا لتدخل هاتفا بترحيب "بالطبع"
كانت براء تضع الفطور على المائدة لتعانقها بسعادة قائلة بحبور "ثواني أحضر طبقا لكِ مع عصيركِ"
هزت يقين رأسها متفهمة وهي تجلس على المقعد بجوار يزن الذي سألها بجدية "تريدين الحديث عما حدث بالأمس؟"
أجابته بهزة نافية "لا.. أريد أن أتناساه فقط"
ابتسم متفهما وبراء تعود وتضع أمامها طبق فارغ وكوب عصير من البرتقال الطازج، لتتبادل معهم الفطور في جو مبهج مازح...
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-21, 11:07 PM   #177

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

بعد الظهيرة كان يامن يجلس بالحديقة مع خالد وتيم يدور حوله يلعب مع إياد.. كان أنهى لتوه حديث هادئ مع هادي أخبره بكل الأحداث منذ الأمس إلى هذه الدقيقة، ثم جلس يتبادل حديث جدي مع خالد عن تيم وكيف علم بوجوده؟ وكيف حصل على حضانته؟ وكيف أن وجود تيم بحياته أعاد إليها اتزانها، حصل على استحسان خالد ودعمه لما فعله، ليقطع حديثهم تحية شقية أتت من خلفه، مع اتساع ابتسامة خالد المرحبة بها "أهلا بأهل البيت الكرام"
التفت برأسه للخلف الصوت كان مألوف له بشكل كبير، عرفها على الفور ما إن رآها إن ملامحها كما وصفها سيف تماما، ترتدي زيا يدل على شقاوة وإشراقة روحها المضيئة
كان زيا شبابيا صارخا بالحماسة وعنفوان الشباب، عبارة عن بنطال جينز أسود يعلوه كنزة سوداء بأكمام طويلة، ترفع إحدى أطرافها فوق محيط حزام البنطال البني مظهرة نصفه فقط، بينما أسدلت الطرف الأخر يخفي النصف الباقي؛ وترتدي معه حذاء بني محروق ذو رقبة عالية تصل إلى قبل ركبتها بقليل، تزين يدها بساعة ذهبية وتتدلى من أسفل وشاحها ذو اللونين الأبيض والأزرق، والذي تلفه حول عنقها في مظهر أنيق قلادة أنيقة، وقد أطلقت شعرها حرا في عادة اكتسبتها مؤخرا، لا لشيء سوى أن حبيبها يحب رؤيته هكذا ويعتبر جمعه في عقدة جريمة، وهي تنوي استقطابه لغرامها ثانية؛ أجاب خالد تحيتها بنبرة عذبة "مساء النور طفلتي"
ألقت إليه بقبلة مرحة مثلها وهي تمد يدها ليامن قائلة بمودة "لابد أنك يامن سعيدة لرؤيتي لك أخيرا"
تلقف يدها مجيبا بسعادة "أنا الأسعد يا سما"
ضحكت قائلة بنبرة مرحة "أووه لقد عرفتني يا لذكائك"
اتسعت ابتسامته ردا على جملتها وهي ترفع صوتها محية إياد "مرحبا إيدو كيف حالك؟"
أجابها إياد بنبرة مماثلة "بخير سمسمة تعالي لأعرفك بتيم، وأين التؤام وعمتي"
ردت بشقاوة بينما إياد يحمل تيم ويقترب منها "تأخذ الوصايا العشر من بابا كما العادة، ثم ستحضر حقيبة التوأم وتأتي بهما"
سأل خالد بتعجب "لماذا ألن يدخل عمر؟"
أجابت بعدم رضا "كان سيأتي كي يرحب بيامن ولكن استدعوه لأمر طارئ في الشركة"
ابتسم خالد متفهما في اللحظة التي اقترب منها إياد معرفا الصغير لها "تيم تلك سما لقد أخبرتك عنها، وسما وهذا يكون.."
قاطعته سما وهي تميل مداعبة وجنته بكفها بحنان "أعلم من يكون لقد أخبرتني ناري بكل شيء، مرحبا يا تيمو لقد أخبرتني ناردين أنك وسيم، ولكن لم تخبرني أنك وسيم ورائع إلى هذا الحد"
ابتسم تيم بحلاوة وهو يجيبها "وأنت جميلة للغاية أيضاً"
احمرت سما خجلا لذلك الغزل الغير متوقع فتهمس بعدم تصديق "حبيبي سنتفق أنا وأنت كثيرا"
ثم اتجهت بحديثها لخالد متسائلة باستفهام "ناري بالأعلى أليس كذلك خالو؟"
أجابها بالإيجاب "إنها بغرفتها حبيبتي"
ما إن همت بالمغادرة حتى اصطدمت ببراء لتعانقها بقوة قائلة بشوق "اشتقت إليك كثيرا بو"
نفضت براء ذراعيها بحنق قائلة بغضب "أبعدي ذراعيكِ عني أنا غاضبة منكِ"
ابتعدت سما سائلة باستنكار "لماذا ماذا فعلت لكِ؟"
وضعت براء يديها بخصرها هاتفة بلوم "لا شيء غير جرح أخي ما عدا ذلك أنتِ بريئة"
برقت عينا سما بشعاع شرير وهي تضع إحدى يديها بخصرها، قائلة بنبرة شريرة متسلطة ويدها الأخرى تحركها بالهواء بعشوائية "سلامتكِ أنتِ البريئة التي لم تجرح يزن أيضاً"
ثم مالت تجاهها هاتفة بتنمر "من بيته من زجاج لا يرمي الناس بالحصى مدام بو"
اتسعت عينا براء باندهاش لتقول بسخط وهي تفيق من صدمتها "مرحى لقد عادت سما الصغيرة، لكن عودتكِ كان ثمنها كسر قلب سيف"
قبضت سما يديها بقوة قائلة بغل "أتعلمين براء تستحقين ما فعله يزن بكِ، أنتِ غليظة ومستفزة ومتنمرة وبلوة حقا، أعان الله ابن خالي عليكِ"
صرخت براء وهي تضرب بقدميها الأرض "يا سخيفة"
أزاحت سما شعرها للخلف في حركة رآها يامن المذهول من قبل، الآن علم ممن اكتسبتها مروة وصوت سما البارد يأتيه وهي مغادرة "مع اللقاء يا بلوة ناري بانتظاري"
زمت براء شفتيها بقوة وهي تقول من تحت ضرسها "المتنمرة عادت لتجتمع مع الجبارة لطفك يا الله"
ضحك خالد وهو يرفع ذراعه لها، لتهرع إليه تندس بحضنه قائلة بغضب "لما لم تتدخل وتوقفها عند حدها؟"
أجابها خالد بهدوء "أنت من بدأ الشجار يا بو"
زمت شفتيها قائلة باعتراض "أنا الأكبر هنا ويجب أن تحترمني"
قرص خالد وجنتها بلطف قائلة بمراضاة "بملامحكِ هذه أنتِ الأصغر بينهم يا طفلتي"
ابتسمت له بحب كبير قائلة وهي تركن رأسها على كتفه، وتخرج هاتفها تفتح أحد ألعابها المفضلة "أنت الأفضل يا بابا"
اتسعت ابتسامة خالد وهو يلف كتفيها بذراعه يدعم جلستها، في اللحظة التي دخل التوأم بها يتسابقان وضوضائهما تعلن بوضوح عن وجودهما، نقل خالد نظره بينهما وبين يامن الذي اتسعت ابتسامته بشوق وهو يقف لاستقبال التوأم، اللاتي انطلقن صوبه مباشرة صارختين باسمه "أبيه يامن"
جلس يامن على ركبته وهو يستقبلهما بين ذراعيه يضمهما باشتياق إليه، تعلقت الفتاتان برقبته بقوة وهما يصرحان ببراءة بشوقهما إليه، كان قد ازداد تعلقه بهما في تلك الفترة التي قضوها بالمنزل أثناء إقامته الأولى بالبيت، ثم نقل نظره إلى تيم الذي سكن بين ذراعي إياد يراقبهما بترقب وبعض العبوس زين محياه
بينما علت ملامح إياد بعض الحنق وهو يتأمل ملابس الفتاتين المتماثلة؛ زي يشبه في ألوانه زي البحرية الأمريكية؛ بنطال واسع ناصع البياض بثلاثة أزرار على أعلى جزئيه، يعلوها بلوزة ذات كشكشة ظريفة بتداخل لونيها الأبيض والأسود، بكم قصير وتصل إلى منتصف بطنهما، وتعلوه قبعة ظريفة ليقول ببرود مستخدما جملة الفنان الشهير سعيد صالح "الثار ولا العار!! ماذا ترتديان؟"
سمع صوت ضحكات دارين تتردد وهى تجيبه بصوت جميل "لقد اشتروه منذ عدة أيام عندما خرجوا للتسوق مع سما"
وقف يامن ليستقبل خالته بين ذراعيه برقة، يضمها بحنان واشتياق كبير وهى تعانقه بحنانها الفطري، بينما اقتربت الفتيات من تيم سائلين بحيرة "من يكون؟"
ابتسم إياد وهو ينحني يجلس بينهم قائلا بحنان "هذا تيم أخاه لأبيه يامن الصغير، تيم هاتان مروة ومى أجمل طفلتان بالعالم، هيا تصافحا لأنكم ستكونون أصدقاء وعائلة إلى نهاية عمركم، ستدعمون بعضكم بعض وتقفون بجوار بعض، وتحبون بعضكم كأنكم أخوة مفهوم؟"
هز الأطفال الثلاث رؤوسهم بهدوء وقد تغلغلت الكلمات إلى عقلهما، وتم حفظها في بقعة مضيئة داخل قلوبهم، رفع إياد رأسه لعمته التي كانت تستند بجسدها على ذراع يامن، تنظر إليه بزهو من فعلته ليبادلها بسمتها الحانية، وقف واتجه إليها يضمها بقوة قائلا بحب "اشتقت إليك عمتي الحبيبة الجميلة"
وقفت بين أبناء أخواتها العملاقة بالنسبة لها تبادلهما المزاح والاطمئنان على أحوالهما، جال خالد نظره بينهما بضيق ليهتف بتذمر عندما وجدا الشابان استحوذا على انتباه أخته الكامل "أنا هنا أختي الحلوة؛ على ما يبدو أن الشباب أخذوا عقلك واستغنيتِ بهما عنى"
اتسعت ابتسامة دارين وهى تلمس نبرة الغيرة في صوت خالد، لتتجه إليه تجلس بجواره مجيبة وهى تسترضيه " من هؤلاء الذين يغنوني عنك أخي الحبيب، لا أهتم بهما إطلاقا طالما أنت موجود"
رفع الشابين حاجبهما بنفس الطريقة وهما يراقبان عمتهما وقد استغنت عنهما، بينما التفت لها خالد برأسه قائلا بنظرة ضيقة "حقا أنتِ حتى لم تلقي التحية"
نظرت له بنظراتها البريئة تسترضيه بملامحها الجميلة ليضحك قائلا "اشتقت إليك حبيبتي"
ضحكت بسعادة وإياد يهتف بتذمر "تفعلين هذا كل مرة بنا عمتي، متى ما يظهر إحدى أخواتك بالصورة تلقي بنا خارجها"
ردت بعفوية "بالطبع لقد فعلوا لي كل شيء ليجعلوني سعيدة ومرتاحة، لذا هم أعلى من الجميع الأمر بديهي"
جلس يامن وهو يتمتم مقرا بمنطقها، بينما هز إياد رأسه بامتعاض وهو يهتف بالصغار الذين اندمجوا في لعبهم "هيا يا بنات لنكمل دروس ركوب الدراجة وأنت أيضا معنا يا تيم"
غادر إياد بالصغار يحضر دراجاتهم بينما نظرت دارين بتعجب لبراء الغارقة في هاتفها غير منتبهة لما حولها، لتمد يدها تخطف الهاتف من بين يدي براء تنظر إلى ما تفعله، لتهتف براء باستغراب "عمتي متى أتيتي"
أطلقت دارين ضحكة صاخبة قائلة بشقاوة وهى تعيد إليها الهاتف ثانية "وأنت غارقة بتلك الرسائل الغرامية بينك وبين زوجك، ردي عليه إنه يستعجل ردك"
أخفت وجهها بصدر خالد بخجل قائلة بلوم "عمتي"
زاد خالد من ضمها له بشكل عفوي قائلا باستفهام "سيأتي عمر ليلا أليس كذلك"
ابتسمت وهى تلتفت بوجهها له بشكل غريزي قائلة بوجه متورد "كلا سيأتي بعد ساعتين ليسلم على يامن، وسأترك البنات هنا لأننا سنتناول الطعام بالخارج"
ابتسم يامن بإعجاب لوجهها المتورد.. وخالد يرفع حاجبه بمرح صاحبته ضحكة هادئة قائلا بصوت حاني "حسنا نزهة سعيدة داري؛ بالمناسبة كيف علاقته بسيف"
ردت بابتسامة عريضة "لقد قابله سيف واعتذر منه على ما قاله لسما، وأنت تعلم أن عمر صديقا لهم وقد تفهمه وعادت العلاقة كسابق عهدها"
رد خالد براحة "الحمد لله"
************
وفى الأعلى دلفت سما لغرفة ناردين لتجدها تجلس على سريرها بوجه متذمر، تقلب بمجلة أمامها بملل وعدم اكتراث أصاب روحها بالاختناق، منذ أن عادت إلى الحركة ثانية وهى ضائقة لم تعتد هذا الحبس وعدم الحركة، ستتنازل هذه المرة وتطلب من إياد مساعدتها في إيجاد عمل، وقفت سما مستندة على باب الغرفة سائلة "ناري ماذا هناك؟ ما سر هذا العبوس؟"
رفعت ناردين رأسها من على المجلة لتبتسم بشكل تلقائي قائلة برقة "سما اشتقت إليك"
ابتسمت سما ابتسامة حلوة وهى تدلف للداخل جالسة بجوارها متسائلة "وأنا أيضا ولكن لم تخبريني ماذا بك"
ألقت ناردين المجلة على مكتبها بعدم اهتمام قائلة بصراحة "ضائقة من جلوسي هكذا دون عمل"
ثم صمتت متنهدة مجيبة بعذاب رأته سما واضحا بعينيها "ومشتاقة إلى إياد كثيرا وإلى شجارنا سويا، كان هذا الشجار نقطة تواصل بيننا، وكنا نفرج به عن بعض المشاعر التي تعتمل صدرنا، وانظري إلينا الآن منذ أكثر من أسبوعين متخاصمين ولم نتبادل حتى غير حديث عابر بالأمس"
ربتت سما على يدها مجيبة بنبرتها الناعمة "تحبينه لتلك الدرجة ناري"
ارتكنت ناردين برأسها للخلف مغمضة عينيها وهى تبوح بنبرة هائمة "أكيد سما إنه حب حياتي الوحيد، حديثنا العابر بالأمس كان اهتمام ودفئ حاني منه، عندما شعر بحيرتي وحاجتي إليه.. هل تصدقيني لو أخبرتك أني لا أعلم كيف شعر بي؟ أو كيف شعرت وقرأت رسائله التي بعثها بنظراته لى!!"
رفعت سما إحدى قدميها تثنيها أسفل الأخرى مجيبة بغرام معذب "القلوب المحبة تتصل ببعضها ناردين؟ رغما جمود سيف حديث العهد معي ولكن أنا أشعر بلهفة قلبه علي، أنا فقط بانتظاره ولكن لا أعلم إلى متي انتظر ناري"
التفت لها ناردين سائلة بتعجب "لماذا لا تخبريه وهكذا تكونا استكملتما كامل اتفاقكما؟"
أغمضت سما عينيها قائلة بعنفوان استعادته بكل جدارة "بالطبع لا هو من عليه أن ينطقها أولا، لن أنطقها قبله مطلقا"
همست ناردين بصدمة وقد ألجمتها كلمات سما حقا "يا إلهى يا فتاة!! كم مرة أخبرك إياها سيف"
ردت سما بعناد "أعلم وعليه هو أن ينطقها قبلي أيضا، لا أهتم هو من تركني ورحل"
هزت ناردين رأسها بعدم تصديق مجيبة بحنق "يا لكيد النساء!! قلبت الأمور لصالحك، أنت من أخطأتِ يا سما وقد كنت معترفة بهذا؛ ماذا حدث لكِ"
رفعت سما حاجبيها قائلة بغضب "أنا الفتاة وأتدلل كما يحلو لي على رجلي، وهو الرجل وعليه التحمل والتجاوز عن أخطائي"
كادت ناردين أن تشد شعرها غيظ لتهمس باستهزاء "هل نقلت لك براء عدوي الغباء، أخبرك أنك المخطئة تخبريني أنك تتدللين"
نظرت لها سما بقوة مجيبة بعنف "وأنت الأخرى أخطأت في حق إياد فلا تدعي الفضيلة، وبالنسبة لبراء لقد تشاجرنا في الأسفل أمام يامن"
ردت ناردين باستفهام "رأيتِ يامن؟"
هزت سما رأسها بالإيجاب مجيبة ببسمة ظريفة "نعم إنه وسيم"
ردت ناردين بخبث "وماذا عن سيف؟"
ضحكت سما مجيبة بصوت مغرم عاشق "إنه الأوسم والأروع على الإطلاق"
تصاعدت ضحكات ناردين الماكرة وهى تجيب من بينهم "أنت ضائعة في حبه بشكل يائس"
تنهدت سما بعمق مجيبة بزفرة حارة "بل بشكل موجع يا ناري"
مسدت ناري على قدمها بلطف وسما تعتدل سائلة وهى تحرك حاجبيها بحركة عابثة "أين ابنة عمو خالد الجديدة"
ردت ناردين بمكر قاصدة إغاظتها "تلك التي دعاها سيف بالصاروخ"
احمر وجهها الأبيض من الغضب وقد اشتعلت نيران مماثلة في عينيها، قائلة بنبرة دامعة ونيران الغيرة تكاد تمزق قلبها "ماذا!! هل دعها هكذا حقا"
ضحكت ناردين مجيبة بتأنيب وهى تلكمها بذراعها "سيف يحبك هل ستفقدين ثقتك به أيضا؟ ثم لم أعرف أن غيرتك عنيفة هكذا"
انتبهت سما على جملة ناري الأخيرة لتغمغم بشرود "وأنا لم أكن أعرف؟ أنا أغار عليه بجنون يا ناري"
رفعت ناردين حاجبها بتهكم مجيبة بخفة "هذا الطبيعي يا حمقاء وأنا الأخرى أغار على إياد أيضا، ولو اقتربت منه أي واحدة سأقتلها ثم أقتله وأرتاح"
ضحكت سما بشدة وهى تقول بتهكم "وما ذنبه إياد لتقتليه"
هزت ناردين كتفها قائلة ببساطة "لأنه يزداد وسامة كل يوم"



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-21, 11:10 PM   #178

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

عادت سما للضحك ثانية في تلك الأثناء فُتح باب المرحاض وخرجت منه روهان تفرك شعرها بمنشفة صغيرة بين يديها، أنزلتها لتواجه نظرات سما المتفحصة لها، انتقلت بنظراتها المستفهمة إلى ناردين المستمتعة بما يحدث؛ وقفت سما تدور حول روهان المتوجسة منها كما يدور الفهد المتوثب حول فريسته، لتضرب الأرض بقدمها صارخة بقهر "تبا إنها صاروخ كما وصفها"
انهارت ناردين ضاحكة وهى تقول بمرح "عذرا أروهي هذه سما ابنة عمتي، أخبرتك عنها قبلا"
هزت روهان رأسها بتفهم قائلا بنبرة غاوية بالفطرة "مرحبا سما سعيدة برؤيتك لقد ظلت ناردين تثرثر عن صداقتكما طيلة الوقت"
تدلي فك سما بقهر وهى تقول بانزعاج محبب "رباااه إن صوتك موسيقى في حد ذاته، وجمالك مبهر معي كل الحق أن أغار"
ألقت روهان المنشفة على المقعد المجاور مجيبة بسخط "عدنا لنقطة جمالي ثانية، يا فتيات أنا عادية الجمال لا أفهم ما المميز في الأمر"
التقت نظرات سما وناردين والأخيرة تجيب بخفة "لا تري نفسها جميلة ولا تحاولي إقناعها لقد فشلنا"
نظرت لها سما بعبوس قائلة بتكشيرة زادتها جمالا "أنت تمزحين"
ردت روهان بصوت ناعم "كلا إن نظرت لنفسك بالمرآة ستجدي أنكِ أجمل مني بكثير"
انفرجت ملامح سما بابتسامة عذبة قائلة بنبرة صافية كصفاء السماء في يوم مشمس "صدقيني أنت الأجمل وليس الشكل فقط بل داخلك أيضا نقي وهذا منبع جمالك"
ردت روهان بحيرة وقد ألفت سما ولم تشعر بنفسها غير وهى تثرثر معها كصديقة منذ قديم الأزل "وكيف عرفتِ هذا"
أجابتها سما بشجن "علمني شخصا يسكن قلبي كيف أنظر إلى قلوب الناس"
نظرت لها ناردين بتفكير عميق وهى ما زالت على جلستها "هذا سبب صداقتك مع رقية وعدم غيرتك منها"
عادت سما تجلس جلستها الأولى مجيبة بوضوح "نعم لا تحمل لسيف غير مشاعر الأخوة والصداقة"
جلست روهان على المقعد متسائلة بفضول "تحبين سيف"
ابتسمت سما مجيبة بحب "أعشقه أروهي"
تألقت ابتسامة روهان مجيبة "تليقان ببعضكما كثيرا"
ردت ناردين بتهكم "نعم والحمقاء كسرت قلبه وتريد منه أن يأتي لمصالحتها، دلال فارغ"!!
ضحكت روهان ضحكتها المعتادة لتهتف سما بغيرة "لا هذا كثير على أعصابي، يا فتاة أنت فتنة متحركة"
وقفت ناردين متوجهة إلى صوان ملابسها الضخم حيث استطاعت روهان أن تقسمه بطريقة مبهرة، جعلته يحتوى ملابسها وملابس ناردين ويتبقى مساحة أيضا "انظري إلى ملابسها سبب إضافي لغيرتك"
صرخت سما وهى تري ملابس روهان المرتبة بعناية "لا مستحيل ارحموا قلبي الضعيف"
فطنت روهان لفعلة ناردين وانطلقت ضحكتها قوية على رد فعل سما وهى تجيب مهدئة إياها " اهدئي يا سما أنا أنوى التسوق وتغيير ذوقي في ملابسي، سنذهب أنا وناردين ونتسوق ملابس محتشمة؛ لقد أفهمتني عمتي هنا أهمية المحافظة على جسدي من العيون المتلصصة"
أجابت سما متفهمة بنبرة متسلطة "أنا قادمة معكم في تلك الرحلة"
اقتربت روهان من الركن المحرم بغرفة ناردين كما تطلق عليه سما وهى تتأمله بدهشة "لماذا هذا الركن مختلف عن باقي الغرفة ناري، والأشياء به غير متماثلة"
أجابتها سما بنبرة ساخرة "إنه خاص بهدايا إيدو ومحرم على أي كان الاقتراب منه"
اعتدلت ناردين جالسة بتأهب وروهان تمد يدها تلتقط سلسال المحكمة الفضي، تتفحصه بإعجاب قائلة "ذوق إياد رائع"
غمغمت ناردين بشيء لم تتبينه لتهمس روهان بتعجب "هذا السلسال منقوش عليه شيء ما"
انتفضت ناردين واقفة مجيبة باهتمام "لم يخبرني إياد أنه منقوش عليه أي شيء"
هزت روهان رأسها بتأكيد قائلة بثقة "أقسم لك هناك شيء مكتوب عليه، هل لديك شيء يمكنه تكبير الكلمات"
اتجهت إلى أحد أدراجها قائلة بهدوء "نعم عندي عدسة مكبرة كنت أصريت علي بابا أن يحضرها لي، رغم عدم حاجتي لها"
اتجهت روهان إلى السرير لتجلس عليه، فأفسحت لها سما مكان بجوارها، وناردين تعطيها العدسة بلهفة وداخلها فضول كبير أن تعرف ماذا كتب لها عليه، تفحصتها روهان بأناملها ثانية بدقة إلي أن توقفت يدها، لتلتقط العدسة من ناردين وقد حددت موقع النقش ووضعت عليه العدسة لتغمغم بابتسامة منذهلة "ناري حب إياد"
تراجعت ناردين للخلف بصدمة وقلبها يدق بسرعة عارمة، لتهمهم شفتيها بعدم تصديق "ماذا قلتِ؟"
أمرتها روهان بلطف "إن كنت لا تصدقين اقتربي وانظري بنفسك"
اقتربت ناردين بتوتر لذيذ وملامحها الجميلة ترتبك بشكل جديد العهد عليها، لتقرأ الكلمات التي ظهرت بوضوح بفضل العدسة المكبرة "ناري حب إياد"
رفعت ناردين عينين دامعتين لسما تناشدها فهما لما يحدث لتغمغم لها سما برفق "ها هو دليل حبه يا ناري"
دق قلبها بقوة وهمت أن تقرأ الكلمات ثانية لتسأل سما بخفوت "هل يعقل أن إياد قد فعل هكذا بكل هداياه إليكِ"
رمشت ناردين بصدمة زلزلت أركان قلبها وروهان تقول بهدوء وهى تنظر لناردين "لنكتشف أليس كذلك"
أومأت ناردين باضطراب وفضول ملئ قلبها رغما عنها، وبدأوا رحلة تفحص هدايا إياد، ليدق قلب ناردين كل مرة بذات الطريقة وهى تكتشف أن تلك الجملة مكتوبة حقا على كل هداياه.. تحرك لسانها بحلاوة يتذوقها كل مرة تقرأها "ناري حب إياد"
تنهدت باحتراق وهى تهمس بحرارة "وأنا أحبك إياد"
مر أكثر من ثلاث ساعات وهن على جلستهم يتفحصن الهدايا باستمتاع، وقد تعرفت سما أخيرا على الجانب الرومانسي من رفيق عمرها البارد على الدوام، رفعت سما هاتفها لتقول بصدمة "أوووه لابد أن بابا حضر وأخذ ماما، سأنزل لأرى إن كانوا بالأسفل أم لا"
أجابتها ناردين بسرور وقد امتلئ قلبها بسعادة عظيمة مصدرها دائما هو "ونحن سنعيد ترتيبهم ثانية في أماكنهم"
نزلت سما للأسفل بخطوات راكضة لتجد يامن غير موجود، وسيف يجلس مع خالد يتحدثان عن أخبار فريقهما ويتناقشان في مباراة ما، لتهمس بخجل ووجه متورد "مرحبا سيف"
رد سيف بهدوء دون أن يرفع عينيه إليها "أهلا سما كيف حالك"
ردت بغيظ وهى تفكر بشكل يائس أنها بحاجة إلى نظراته التي كانت تحاوطها باهتمام، تلك النظرات التي كانت تتوجها ملكة على عرش الدنيا "بخير"
ثم همست لنفسها "بارد"
رفع خالد عينيه إليها قائلا بحنان "تعالي يا سما أريد الحديث معك"
اتجهت إليه تجلس بجواره قائلا باحترام كبير "أؤمر يا خالو"
رد خالد برزانة "الأمر لله وحده؛ أنهيت دراستك أليس كذلك؟"
هزت رأسها موافقة وهى تقول بلا مبالاة "نعم لقد تخرجت يا خالو الحمد لله"
رد خالد بإحساس عميق بالذنب وهو يمسح على شعرها بحنان "انشغلنا بأحداث المنزل الأخيرة عن تخرجك حبيبتي، سامحي خالك حبيبك وسأعوضك بكل تأكيد"
أمسكت يده تلثم ظاهرها بمودة عميقة قائلة بحب كبير "لا تقل هذا يا خالو، أي تخرج هذا والمنزل كان به كثير من التوتر، أم بالنسبة للتعويض فلن أتنازل عنه"
ضربت تلك النبرة الأخر الذي كان يراقبها بلهفة خفية، ويتشرب ملامحها من بين جفنين شبه مغمضين، ليهمس لنفسه بلوعة لاذعة "اعترفي يا سما بما أراه بين عينيكِ عندما تنظرين لي؛ اعترفي وارحمينا من عذابنا"
انتبه من تفكيره على عرض خالد الجاد لها "ما رأيك أن أدربك على أمور المحاسبة ثم تمسكين أنت حسابات المطعم معي"
صفقت بعدم تصديق هامسة بلهفة "حقا!! حقا يا خالو"!!
أومأ خالد باسما لفرحتها الظاهرة قائلا بجزل "طبعا يا حبيبة خالو"
عانقته بقوة تحت أنظار هذا المتيم الذي يشعر بنيران الاشتياق تكوى أورته، بينما انتصبت أذنه تتشرب نبرتها الفرحة "طبعا موافقة أنت أحلي خالو بالعالم"
ربت خالد على ظهرها بلطف وهى تبتعد عنه سائلة "هل أخبرك بابا أنه سيمر لأخذنا أم لن يفعل"
ادعي سيف الانشغال بهاتفه وهو يقول بلا مبالاة أوجعتها "لن يعود أنا سأوصلكم للمنزل متى أردتم"
ابتلعت ريقها بمشقة وهى تقول باختناق وقد ألمها جفاءه "حسنا شكرا لك، سأصعد لأكمل الجلسة مع الفتيات"
رفع سيف عينيه يراقب خطواتها المهزوزة بقهر، ونبرتها تذبح قلبه دون أدني شفقة، انتبه على صوت خالد المتألم لأجلهما "إلى متي هذا الحال يا سيف"
رد سيف بنبرة منخفضة قاطعة "الحل بيد سما لقد فعلت ما علي"
رد خالد باعتراض وقلبه يتألم لأجل عذابهما الواضح "لكن يا سيف أنتما تتعذبان"
رفع سيف كتفيه وهو يجيب بشرود أليم "ليس بيدي شيء أخر لأفعله"
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-21, 11:14 PM   #179

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

(النفوس بيوت أصحابها، فإن طرقتموها اطرقوها برفق(
الإمام على بن أبي طالب كرم الله وجهه


استقامت من ركوعها لتكبر بخشوع وهى تسجد، وأطالت سجودها كعادتها منذ ذاقت حلاوة الصلاة، الآن علمت لماذا كان يستكين قلبها ويهرب الخوف منه كلما سمعت الآذان، قد تسامح والدها على كل تقصيره في حقها إلا في تلك النقطة، كيف سمح لوالدتها أن تسحبها بعيدا عن جذورها ودينها، وتغرقها في هذا العالم الذي رفضته واستنكرته فطرتها
رفعت رأسها من على الأرض بعينين دامعتين تردد الاستغفار، ثم أخفضت رأسها ساجدة بإجلال مرددة الحمد والشكر الكثير لربها، أن أنعم عليها بوجودها هنا بين هذه العائلة المحبة الدافئة، وهى روهان اكتشفت أنها هنا بأرضها ووطنها وقد زالت غربتها التي لازمتها طيلة عمرها
أنهت التسليم لتجلس محلها تتذكر منذ عدة أيام عندما كانت جالسة مع ناردين، وأتت هنا تذكرهم بوجوب وضوئهما لأن الصلاة وجبت، همست حينها لهنا بخجل أنها لا تعرف كيف تصلى أو تتوضأ حتى، وانتظرت أن تنهرها هنا أو تنفر منها على الأقل، ولكنها حصلت على ابتسامة متفهمة من هنا وهى تشير لناردين بالخروج، صُدمت وهى تسمع سؤال هنا الحاني "أنت مسلمة أليس كذلك حبيبتي"
أخفضت روهان عينيها بحزن قائلة بنبرة مريرة "بالاسم فقط عمتي، أنا مسلمة لأن بابا مسلم وماما حتى لم تهتم أن تعرفني بديانتها أو ديانة بابا، فنشأت مشتتة لا أعرف انتمائي الديني، لا هذا ولا ذاك حائرة وضائعة لا أعرف الصواب أو الخطأ"
الحزن نغز قلب هنا لرؤيتها بهذا الضياع فتجيبها بحنان "هل تريدين الصلاة روهان؟"
رمشت روهان ناظرة لها بصدمة فتجيبها هنا برقة "الدين ليس بالإجبار روهان وإن أردتِ أن تتعلمي أركانه سأعلمك إياه"
عضت روهان شفتيها قائلة بهمس "الصلاة تتبع الآذان أليس كذلك؟"
هزت هنا رأسها قائلة بترقب "نعم نصلي بعد الآذان"
ابتسمت روهان وهى ترفع لها وجها مشرقا قائلة بقوة "نعم أريد؛ الآذان كان يمنحني السكينة والأمان فهل ستفعل الصلاة أيضا"
ابتسمت هنا وهى تميل مقبلة وجنتها بحنان مفاجئة روهان "ستمنحك الهدوء النفسي وراحة البال وتعصمك من الزلات والفتن؛ تعالي معي أعلمك الوضوء والصلاة"
تبعتها روهان بصمت متلهفة لتتوقف هنا فجأة قائلة بتذكر "صحيح تذكرت أنا اعتبرتك إحدى بناتي لذا ناديني ماما كما يفعلون"
ارتبكت ملامح روهان بصدمة أرجفت قلبها، لتنظر لهنا بصمت لعدة ثواني قبل أن تندفع معانقة إياها بقوة هامسة من أعماقها "حاضر ماما"
تذكرت أنها علمتها الوضوء والصلاة بشكل صحيح، وبقت معها تصليان سويا متخلية عن صلاة الجماعة مع باقي السيدات، والتي علمت أنها عادة لديهم وهى انضمت لهم فيها فيما بعد، ولكن في هذه المرة أعطتها هنا الحرية لتبكي وهي تستشعر خفة روحها أثناء صلاتها لأول مرة، ثم ساعدتها على حفظ سور قصيرة من القرآن لتصلي بها
القرآن الذي أعطها سلام لم تجده في أي مكان آخر إلا بين طيات حروفه، وهى دأبت على قراءته بشكل دائم والآية التي تستعصي عليها، تجعل أحد يقرأها لها والتي دائما للمصادفة الغريبة تكون يقين، ذات الصوت العذب أثناء قراءته ويقين عندما كانت تجدها مستمعة لها، كانت تقرأ لها جزء أكبر مما طلبته منها، ابتسمت دامعة وهى تعدد النعم التي أغدقها الله عليها مؤخرا، لينطلق لسانها بالشكر والحمد الغير محدود لله وحده.
خلعت إسدالها وطبقته بطريقة منظمة وكذلك سجادة صلاتها، ووضعتهما في المكان المخصص لهما وهى تجلس على مكتبها.. تفتح حاسوبها لتكمل عملها على التصميم بين يديها، في الغرفة التي اقتسمتها مع ناردين وقد وضعوا بين جزئها وجزء ناردين من الغرفة فاصل ليس له معنى، بادعاء واهي للخصوصية وهما يقضيان ليلهما يثرثران بلا معنى
أخذتها عينيها إلى دميتها على شكل عروسة ترتدي ملابس تشبه ذوقها القديم بعدما قامت بتجديد كامل خزانتها، بشعر يتدرج ألوانه بداية من الوردي ثم الأصفر ثم الأزرق الفاتح وأخيرا الأرجواني.. التي أهداها لها سيف منذ عدة أيام وقد وقعت في غرامها فورا
كان قد أخذ تيم معه أثناء إيصال سما لمنزلها، ثم عاد ومعه تيم ودراجة صغيرة ظريفة وقف سيف أمامهما؛ وهو يرد بجلافة على يامن الذي اعترض على شرائه مثل هذه الهدية الغالية "لا دخل لك يامن، الأمر بيني وبين تيم فقط.. أخرج نفسك منها"
عندما هم يامن بالاعتراض تدخل إياد قائلا بحماس "إنها رائعة يا تيمو، هيا سأخرج دراجتي ونأخذ جولة بين الأشجار سويا، ولكن احذر أن تجرح نفسك؛ فتيات هل تريد إحداكم أن أخرج دراجتها أيضا"
رفعت يقين التي كانت منهمكة في تصفح هاتفها يدها قائلة بحماسة مصطنعة "نعم أنا أريد دراجتي"
وغادر ثلاثتهما دون أن يعطى ليامن فرصة للاعتراض ثانية، ويزن يقول بهدوء ويده ملقية بإهمال فوق كتف براء "يامن تيم أصبح أخانا لا تعترض على شيء نجلبه له، هذا حقه وواجبنا عليه لا شأن لك بعلاقتنا به"
نظر له يامن بامتنان كبير ليكشر يزن في وجهه بامتعاض، بينما أخرج سيف من حقيبة بيده عروسة باربي بفستان زفاف، ليعطيها لبراء التي احتضنتها بفرحة طاغية قائلا بمودة "عندما رأيتها تذكرتك لا أظن أنها بمجموعتك"
هزت رأسها بنفي "كلا ليست معي كنت طلبتها من يزن وأخبرني أنها سيحضرها"
ثم اتجهت بحديثها لزوجها قائلة بمشاكسة حبيبة "ستحضر لي واحدة أيضا"
هز رأسه موافقا بابتسامة مداعبة؛ وسيف يخرج دميتها قائلا بابتسامة لطيفة "ظننت أنها ربما تعجبك"
التقطتها منه روهان بصدمة ممزوجة بفرحة غامرة وهى تضمها لصدرها قائلة بشكر "إنها رائعة للغاية شكرا سيف"
مالت ناردين الجالسة قريبا من براء عليها قائلة بمكر "أقسم لك أن موجة الكرم هذه خلفها سما، لقد أراد أن يحضر لها هدية دون أن يظهر لهفته لها"
أهدتها براء نظرة متشككة لتهمس بخبث "سأثبت لكِ"
ثم رفعت صوتها قائلة بنبرة متذمرة "وأين هديتي يا سيف؟ هل نسيتني أيها الأخ الكبير الغير العادل مطلقا"
أطلق سيف ضحكة صاخبة وهو يخرج لها لوح شكولاتة قائلا "تعويض صغير إلى أن أحضر هدية تليق بجبارتنا"
ابتسمت سائلة برفعة حاجب بها مكر العالم كله "وماذا أحضرت لسما؟"
أجابها بعفوية بالغة "دمية على شكل أرنب"
تلاعبت بحاجبيها له وهى تنظر لبراء بانتصار ليهمس من بين أسنانه "غليظة"
اتسعت ابتسامة يزن ليلتفت لروهان قائلة بنبرة حانية بغرض دمجها في العائلة "أروهي لقد أصبحتِ جزء من العائلة، لك الحق في الدلال مثل كل البنات تماما، وتطالبي به كما فعلت ناردين الآن؛ لقد أصبحت أخت صغري لنا ملزمة منا، ونحن أصبحنا سندك وحمايتك وأمانك"
ابتسمت له بنبرة دامعة قائلة بهمس ممتن وقد أثلجت كلماته صدرها "شكرا كثيرا يا يزن"
أشاح يزن بيده قائلا بنبرة تلقائية "وهذه الكلمة تنسيها أيضا لا شكر بين العائلة، وستكتبين قائمة بكل شيء تحبينه وتبعثيها لي ولسيف ولإياد"
ابتسمت وهى تومئ برأسها دون رد وقد عجز قلبها عن استقبال هذا الفيض من الحب والحنان، الذي عاشت حياتها تبحث عنه ويامن يكمل "ولي أيضا أنا الأكبر هنا"
عادت بذاكرتها باسمة وهى تندمج كل يوم في تلك العائلة حتى أصبحت جزء منها حقا، ابتسمت بفخر كونها انتمت لهذا المكان وهى تكتشف كل يوم صفة جديدة بهم، فسيف قد عرض على يامن مساعدته في إيجاد مكان مناسب لإنشاء مكتبهم، وبالفعل عرفه على مقاول ممتاز ووجد المكان الأمثل لإقامة المكتب
بينما ناردين قامت بمساعدته بإنهاء كل الأمور القانونية الخاصة بالمكتب، وها هي تعمل على التصميم حتى يعود هادي إن أعجبه، ينفذونه وإن لم يعجبه يتناقشان به سويا كما اعتادا حتى يصلا للتصميم المناسب
هادى كم اشتاقت إليه وكم هي مجروحة منه لسوء ظنه بها، لو تحدث إليها لكانت أخبرته بكل ظروف حياتها، وتقبلت نصيحته أيضا ولكنه اختار الطريق الأسهل بالنسبة له، كيف تشتاق إليه وهى مجروحة منه هكذا؟

*************
(أما أنت فقد دخلت إلى عروقي وانتهى الأمر، إنه لمن الصعب أن أشفي منك(
غسان كنفاني

يدور في مكتبه بغير هدي ولا راحة، وأي راحة تلك بعدما فقدها وضاعت منه، صرخ قلبه معاتبا أنت من أبعدتها، أنت من تهرب منها؛ أنت السبب في بعدها أنت وحدك من يحمل اللوم لما حدث، مسد جبينه الذي كان ينبض بألم قاتل.. أي عذاب ألقي نفسه به؟ وبسبب من يتألم هكذا، صغيرة وقحة غير مبالاية بأحد ولكنه يبالى.. يهتم بصورته وصورة والديه أمام مجتمعه، لن يكسر تلك الصورة بسبب طفلة فاقدة للأخلاق..
ازداد ضغط أصابعه على جانبي صدغه ليخفف من هذا الألم الذي يكاد يفنيه، لن يهنأ بعد اليوم بسبب تلك الرمادية التي أفقدته اتزانه، وستظل سبب عذابه إلى نهاية العمر، لا يظن أنه قد ينساها يوما، سخر قلبه منه أنه لن يسمح له بمجرد المحاولة حتى.. فكما حرمه منها سيظل يذيقه العذاب
اتجه إلى الركن المخصص للمشروبات من الغرفة التي تكاد أن تفرغ من محتوياتها، ليصنع لنفسه كوب من القهوة يخفف من صداعه، ولكن يده امتدت لا إراديا إلى مشروبها المفضل كما دأب أن يفعل الأيام الماضية، حمل كوبه واتجه إلى حيث مكتبها وجلس كعادته منذ غادرت..
وفتح هاتفه على الفيديو التي كانت أنزلته على مدونتها وقد حفظه دون خجل، إذا كانت هي لم تخجل عندما أنزلته فلماذا يخجل هو، ولكن الغريب الذي حيره بشدة هو أنه بعد أن أنزله اكتشف أنها أغلقت مدونتها وحذفت كل صورها، وقد اعتذرت بكلمات رقيقة منمقة عن كونها لم تعد بحاجة لها، فالسبب الذي أنشأتها لأجله لم يعد موجود، وهي حصلت على كل ما تبتغيه وتبحث عنه طيلة عمرها
عبس مفكرا ما هو هذا الشيء الذي كان تبحث عنه ووجدته، زفر بسخط ناقما على كل ظروف حياته التي أبعدتها عنه، دلف نادر للداخل دون أن يطرق الباب قائلا بجدية دون أن يلقي تحية "لقد أمنت عملا للسكرتيرة التي كانت معنا، أنت ستغادر بعض يومين على ما أعتقد وأنا سألحق بك، عندما أسلم المشروعين المتبقيين سيكون أغلقنا هنا للأبد"
لم يأتيه رد من هادي المنشغل كليا بهاتفه ليفرقع أصبعيه أمام عينيه قائلا بهزل "أين أنت أيها الشارد"
استفاق هادي من شروده لينظر له بعينين زائغتين قائلا بنبرة شاردة "هل كنت تقول شيء؟"
جلس نادر على حافة المكتب قائلا باستهزاء "قلت الكثير وأنت شارد"
ثم أنزل بصره إلى الكوب بين يدي هادي قائلا بصوت ساخر "وهوت شوكلت أيضا"
نظر إليه بحدة قائلا بغلظة "ماذا تريد يا نادر؟"
رد نادر متنهدا بصبر "لماذا ألقيت بنفسك إلى هذا العذاب؟!"
أجابه هادي وهو يلقي برأسه للخلف بألم "عذاب بضعة أيام ولا عذاب العمر كله"
نظر إليه نادر بصمت ليقول بعد برهة بهدوء "لماذا يا هادي؟ لماذا العذاب من الأساس؟ هل تستعذب الألم داخل قلبك؟"
هب هادي واقفا قائلا بعنف وحركات مضطربة "لأنها لا تشبهني؛ أنا وهى مختلفين لا نمتزج سويا مثل الماء العذب والمالح لا يختلطان أبدا، بيننا حاجز طبقي وأخلاقي لا أستطيع أن أتخطاه، أو أقفز فوقه يكفيني أن انظر لملابسها فقط لأعلم كيف تعيش حياتها، ثم إنها ربما..."
وصمت متلعثما لا يستطيع أن يبوح بما في خاطره ليكمل نادر بحذر "ارتكبت إحدى الكبائر"
أشاح بعينيه بعيدا قائلا بحزن "نعم ولما لا؟"
اعتدل نادر واقفا صائحا بغضب "هل ترمي المحصنات يا هادي؟"
بهت هادى للحظات ينظر له بحزن عميق قبل أن يستغفر قائلا "معاذ الله أستغفرك وأتوب إليك يا رب العالمين، أنا متعب يا نادر وكأن جبل من الهموم فوق صدري، وحائر لا أهتدى إلى الطريق الصائب ماذا أفعل؟"
شعر نادر بالشفقة لحال صديقه المعذب ليقترب منه مربتا على كتفه برفق قائلة بنصيحة جادة "يا صديقي اترك نظرة الناس إليها وإليك، فالناس لا يعجبها العجب وكل يوم لديهم شأن مختلف، إذا خفنا من حديثهم لن ننجز في حياتنا شيء، ودع عقلك خارج الأمر واترك الفرصة لقلبك ليراها بعينه هو، إنها ليست بتلك الصورة التي رسمها عقلك، صدقني يا هادي إنها مثل جنين خرج للحياة ولم يشب عن الطوق بعد"
أطرق رأسه أرضا بتعب وهو خير من يعلم كم أنها طفلة ولكنه عقله العنيد، ربت نادر على كتفه ثانية ثم استدار منسحبا، تاركا إياه لتفكيره العميق، وقف فجأة عند الباب مناديا "هادي"
رفع هادي نظره متسائلا ليسأل نادر بنظرة غامضة "لو رتب القدر لقائك بها ثانية كيف ستتعامل معها"
أخذه السؤال على حين غرة فوقف مبهوتا غير قادر على الرد أو التفكير، أشفق عليه نادر سائلا "هل حجزت؟"
أجاب هادي بنبرة خفيضة متعبة "نعم بعد يومين"
أومأ نادر متفهما وهو مغادر تاركا هادي غارقا في حيرته، وذلك السؤال يتردد بين جوانب عقله، وقلبه يبتهل لربه رغما عنه أن يقابلها ثانية، فأراد أو لم يرد برضاه أو رغما عنه هي مالكة قلبه.
**********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-21, 11:17 PM   #180

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

صف خالد سيارته في مكانها المعتاد وتأكد من إحكام غلقها، ثم دلف للداخل يضم سما تحت ذراعه قائلا بإعجاب "أنت ممتازة حبيبتي تتعلمين سريعا"
التفت بوجهها الصبوح إليه قائلة بسعادة "حقا يا خالو!!"
أخفض بصره ناظرا لها بزهو قائلا بحنان "بل أنت أسرع منى في التعلم عندما كنت ما زالت أتعلم"
أجابته بذهول "هل علمك أحدهما؟!"
ضحك خالد بمرح قائلا بهدوء "لماذا هل وُلدت وأنا أعلم كل شيء؟! بالطبع علمني الأستاذ باسم الذي يأتي للمكتب يومين في الأسبوع ليغلق حسابات الأسبوع نهائيا، يمكنك الاستفادة منه في الأيام القادمة"
صفقت بيدها جزلا قائلة بفرحة "بالطبع سأفعل"
اتسعت ابتسامة خالد ليهمس لها بتعجب وهو يلتقط وجود يامن يعمل على حاسوبه "هل تزوج يامن هذا الحاسوب"
انفجرت سما ضاحكة وهما يقتربان من مجلس يامن.. الذي لا يفارق حاسوبه وكأنه زوجته الحبيبة لتقول سما بسخرية مشاغبة "سيد يامن أنت مدمن حقا؟"
ابتسم يامن رافعا رأسه إليهما يتأمل مظهرها العملي، ترتدى بنطال جينز كحلى تعلوه بلوزة حريرية بيضاء تتعدى خصرها بقليل، ويعلوه جاكيت كافيه من الصوف الخفيف يصل إلى خصرها، متمسكة بوشاح ذو مكعبات مختلطة الألوان على رقبتها، لا يعلم لماذا تتمسك بوشاحها إلى هذا الحد لا يراها دونه أبدا.. وشنطة حمراء صغيرة تلبسها بتعامد، ولتكمل مظهرها الأنيق كانت ترتدى حذاء من البنى الذي يميل للحمرة يصل إلى ركبتها قائلا ببساطة "مساء الخير كنت أرى التصاميم التي بعثتها أروهي"
جلست سما على المقعد المجاور بأريحية وخالد يتساءل "هل سيف بالأعلى؟"
اتسعت آذان سما بلهفة واتسعت ابتسامتها ويامن يجيب "نعم بالأعلى"
همهم خالد وهو متجه للأعلى "أخبره أن ينتظرني حتى أذهب معه للنادي"
نظر يامن بتوجس لابتسامة سما "ما سر تلك الابتسامة سما؟"
نظرت للأعلى حيث شرفة غرفة سيف بأمل قائلة بمكر مخفية ما في داخلها، أنها تكاد تقيم في المنزل هنا حتى تظل أمام عينيه وتبتسم له "لا شيء تذكرت أمرا أخبرتني به ناري"
نظر لها بشك لتغمز بعينيها بمرح ليبدأ معها حديث مشوق، اندمج به حتى نسي عمله العتيد وهو يتبادل معها ضحكات صاخبة، قاطعه تنبيه صادر من جهاز الإنترفون الموضوع جوارهما، نظر له يامن باستغراب لتجيبه سما بابتسامة "هناك أحد على الباب وليس من أفراد العائلة"
وقف يامن قائلا "حسنا سأرى من هناك"
جلست سما وعينيها تختلس النظرات لشرفته أملا لرؤيته، لقد صارت تشتاق إليه أكثر من ذي قبل، ماذا حدث عندما اعترفت لنفسها أنها تحبه وطالما أحبته؟ لقد جنت لا شك كيف تفتقده بتلك الطريقة المؤلمة وهى تكاد تراه يوميا، أخذت نفسا عميقا مقرة أنها تشتاق إلى اهتمامه الذي كان يغدقه بدون حساب، كلماته الحانية التي كانت تهدهد روحها، لقد حصلت على عمل وهو لم يحضر لها هدية أو حتى يقل لها مبروك، دمعت عينيها بحزن عكر صفو ملامحها
غافلة عن هذا الذي خرج إلى شرفته يراقبها بحنو أغرقها به دون أن تدري، ألمه حزنها وتاق قلبه لأن يبدله فرحا، ابتسم وهو يلمح عودة يامن حاملا إليها ما يبهج قلبها.
وقفت سما تنظر بتعجب إلى ما يحمله يامن بين يديه، يحمل في يده شيء مربعا مغطى بغطاء أصفر اللون قائلا "هذا الطرد أتى من أجلك ومعه هذه البطاقة"
التقطت البطاقة تقلبها بين يديها قائلة بخفوت "إنها بدون اسم"
ثم تملكها الفضول لترى ما أسفل الغطاء فرفعته لأعلى ببطء، لتتسع عينيها بانبهار وفرحة جلية وهى تراقب تلك الهرة البيضاء؛ الجالسة بكسل على وسادة بيضاء في صندوق حديدي وردى اللون، مدت يدها تفتح القفص لتلتقط القطة الصغيرة منه تغمر وجهها في فرائها قائلة بفرحة ليامن المراقب لها بهدوء "إنها رائعة وتخطف القلب والأنفاس"
نظر إلى تلك الهرة ذات العينين الزرقاء بل رمادية ربما إن لونها محيرا، ليجيبها بصوت حائر "نعم إنها كذلك ولكن يبقى السؤال من صاحب الهدية"
أجابته بدون تردد وعينيها تتألق بشغف "سيف بالطبع"
عبس مجيبا بذات الحيرة "يا سلام وكيف عرفتِ يا عبقرية"
تنهدت بعمق وهي تضم القطة لصدرها برفق، والتي بدورها ألفت تلك المحبة منها فصارت تتمسح بها قائلة بثقة "لا أحد غير سيف يهديني مثل هذه الهدية"
التقط يامن البطاقة قائلا "سنعرف من مرسلها الآن"
أومأت برأسها موافقة وقد أخذت يدها تمسح على ظهر الهرة، فتح يامن البطاقة يقرأها بصوت مرتفع "أهلا بابنة عمتي أولا، وثانيا مبرووك على العمل الجديد، وثالثا أسف لتأخير الهدية فقد كنت أبحث عن واحدة مميزة، حتى رأيت تلك الهرة البيضاء فأيقنت أنك ستحبينها، وأيضا أفضل من الهامستر فقد علمت أن مدة حياته قصيرة، بينما الهرر كما يقولون بسبع أرواح، أطلقي عليها الاسم الذي يعجبك هذه المرة.. ملحوظة الهدية مرسلة من ابن خالك فقط لا ألقاب أخرى"
زمت شفتيها غضبا مع نهاية الرسالة التي طمئنت قلبها أنها ما زالت في دائرة حياته، يفكر بها ويخطط ليسعدها كعادته دائما معها، رفعت رأسها بغتة لشرفته لتلتقي عينيها الشغوفة بعينيه المراقبتين لها، فيشكل ثغرها لا إراديا حروف كلمة شكرا، أومأ لها برأسه كرد على شكرها وهو يترك موقعه ويعود للداخل دون إضافة أخرى، دبت الأرض بقدمها صارخة بغيظ "بارد"
ضحك يامن من أفعالهما سائلا بخفة "ماذا أسميتها"
ظلت عينيها معلقة للأعلى قليلا بخيبة قبل أن تعود وتضعها على هرتها هامسة بشرود "لونها يذكرني بسنو وايت سأسميها سنو"
رد يامن بحماس "اسم رائع"
ابتسمت له بلطف لتلتفت على صوت تيم الصارخ "أبيه يامن، أريد أن أستأذنك"
أجابه يامن بحنو "ماذا تريد يا تيمو"
توقف ناظرا لقطة سما قائلا بانبهار طفولي "إنها جميلة جدا أهي ملكك؟"
أومأت سما إيجابا فسألها بفضول "ما اسمها؟"
ردت سما ببهجة "سنو"
طلب منها تيم بتهذيب "هل تسمحين لي باللعب معها"
نزلت سما لمستواه تسمح له أن يحملها بين ذراعيه قائلة بلطف "طبعا إن وعدتني أنك لن تؤذيها"
هز رأسه مؤكدا وعده بقوة لتجيب وهى تبعثر خصلات شعره "في تلك الحالة موافقة"
ابتسم بسعادة وهو يداعب الهرة سنو بيده ليرفع رأسه ليامن الذي تساءل "أين كنت؟ وماذا كنت تريد مني؟"
أعطي تيم الهرة الصغيرة لسما ليجيب سؤال أخيه بنبرة تفيض بعذوبة طفولته "كنت في غرفة سيف بالأعلى ألعب معه، وقد عرض علي أن أذهب معه للتدريبات بالنادي، وأنا أتيت لأخذ الأذن منك هل أذهب"
هز يامن رأسه رفضا قائلا باعتراض "كلا لا أريدك أن تعطله عن عمله"
ضم تيم يديه سويا ليعاود طلبه برجاء حار في حركة أخذها من التؤام "رجاء أبيه سأكون ولد مهذبا ومطيعا ولن أعذبه أبدا"
لم يستطع رفض طلبه ليقول بتردد "ولكن يا تيم.."
قاطعه تيم سريعا "أرجوووك أبيه"
هز يامن رأسه موافقا على مضض ليصرخ تيم بسرور قائلا بحيوية "سأذهب لأبدل ملابسي وأستعد"
ضحكت سما قائلة بنبرة مشاغبة "وأنا سأصعد أفاجئ ناري بسنو، ولا أستبعد أن تلقيها من الشرفة وأنا خلفها"
ضحك يامن وهو يراقب تحرك الاثنين وقد تركاه وحيدا مع حاسوبه ليجذبه على قدمه قائلا بمرح انتقل إليه "تعال يا إدماني الأسود"

************
عبرت براء مدخل منزلها وقد كانت الشمس تتوسط السماء في جو خريفي مميز، أيام هادئة مرت على المنزل لم تخلو من بعض المشاغبات البريئة بينهم، وبعض المقالب التي لا تضر للقليل من المرح، وجدت سيف وإياد يفترشون أرض الحديقة تحت المظلة وكل منهما في شأنه الخاص
إياد يعمل على حاسوبه ويبدو عليه التركيز العميق والذي رأته في انعقاد حاجبيه، ولكن يظل هذا الحزن الساكن عينيه حديثا وخصامه الطويل مع ناردين ما يقلق قلبها، لقد علمت أن شقيقها وناردين خاضا شجارا عنيفا ولكنها لا تعلم السبب
انتقلت عينيها إلى أخيها الآخر الذي يلعب على هاتفه غير مبالى بما حوله، ولكنها تعلم حجم الدمار الذي أشاعته سما داخل روحه، الصغيرة الماكرة كسرت قلبه والآن تلاعبه بمنتهى البراءة، أخذت نفسا عميقا وهى تلقى تحية خافتة عليهما
ردها إياد دون أن يرفع عينيه إليها بينما أجابها سيف بابتسامة حنونة، وهو يرفع وجهه يتأمل ما ترتديه بنطال لونه قريب من البطيخي، يعلوه بلوزة مصنوعة يدويا من اللون البيج تصل لحدود خصرها، وبكم يصل للمرفق وعلى صدره ثلاث وردات، ذات ثلاثة ألوان مختلفة كافيه، بطيخى، ورصاصى ومن أسفله بلوزة سوداء لأجل الفراغات ببلوزتها "مساءك سعادة بو"
أهدته بسمة حانية متفهمة وهى تسأل "هل رأيتما يزن"
رد إياد وما زال منغمسا فى عمله "كان متوجه إلى الملعب خلف المنزل منذ وقت لا بأس به"
نظرت إلى سيف مستفهمة ليبتسم لها بقلة حيلة، فأومأت متفهمة وهى تغادر إلى خلف المنزل، لم تكمل خطوتين وكانت تعود أدراجها تقبل إياد على خده قبلة ناعمة وهى تطوقه من الخلف هامسة بحب "اشتقت إليك أخى"
ابتسم إياد وهو يضغط زر الحفظ على ما كان يعمل عليه، ثم التفت مطوقا إياها بين ذراعيه مجيبا بحب "وأنا الآخر حبيبتى"
تحول عناقه لها لاحتواء من قبلها وهى تضمه إلى صدره أثناء جلوسها على ركبتها، تمسح على ظهره وشعره بحنان هامسة "ما بك حبيبى؟ أنا قلقة عليك"
زاد من ضم نفسه لها يتلمس بداخل حضنها الأمان، والآلاف من الأفكار تضج بعقله وترهق قلبه من كثرة القلق، استكان ورائحتها العطرة تحوطه مغمغا بصوت لا يكاد يسمع "أنا بخير بو فقط مرهق لم أحصل على قسط كافى من النوم"
اعتدلت براء فى جلستها وهى تجذب رأسه على قدمها قائلا بنبرة حانية "هيا نم قليلا"
خضع لأمرها الرقيق وهى تمر بأصابعها بين شعر رأسه، وباستسلام أغمض عينيه عله يحصل على نومه المفقود منذ عدة أيام ولكن لم يحدث، ناري هى السبب فى سلب راحته وسينتقم منها أشد انتقام على ما تفعله به، حاول الجلوس قائلا بانزعاج "لا أشعر بالنعاس براء"
قاومت حركته وأعادته إلى جلسته ثانية قائلة بصوت محب "أنا أعلم كيف أساعدك على النوم"
ثم جذبت حاسوبه لتفتحه على سورة يوسف بصوت الشيخ ماهر المعيقلى، غمغم إياد وهو يسترخى على قدمها "ما زالتِ تتذكرين؟"
ابتسمت وهى تميل مقبلة جبهته قائلة بشرود حبيب "وكيف أنسي إيدو، كنت معتاد على النوم على سورة يوسف أيام امتحاناتك، كنت تصبح خارج عن السيطرة نتيجة القلق وسورة يوسف كانت مهدئ لأعصابك"
اتسعت ابتسامته وآيات القرآن تدخل إلى أذنه، ومنها تتغلغل إلى عقله تعمل على إراحة خلاياه من التفكير المتعب، وإلى خلايا قلبه توقف ارتجافتها القلقة الحزينة، وإلى روحه تمنحها السكينة المفقودة ليغمض عينيه بأمان عرف طريقه إليه، ومع حركة يدي براء المهدئة على ذراعه ورأسه، لف رأسه غيمات من نعاس رحب به بحرارة، لينام بتعب وأخر فكرة سطعت بعقله "أن الأخوات البنات هن ألطف الكائنات حقا"
وبراء تنحني مقبلة شعره سامحة لدمعة أن تسقط بينهم، رفعت عين دامعة لسيف الذي كان يراقبهما بحنان يحاوطهما به سائلة باختناق "هل تعلم ما به؟ وماذا حدث بينهما "
هز رأسه قائلا بهدوء "جرح كل منهما الآخر"
سألت بكآبة ويدها ما زالت تمسد ذراع إياد "لماذا؟"
أجابها بسخرية مريرة "وجدا حياتهما بدون تعقيد فقررا إضافة بعض البهارات والإثارة إليها"
ابتسمت بغم مغمغة بنبرة ثقيلة "وأنت"
أجابها بابتسامة هازئة وعقله يستعيد بروده وجموده معها، وغيظها وحنقها منه ولكنها تستحق فهي من فعلت بهما هذا "في مرحلة اللعب، نراوغ بعضنا ونسأل الله التيسير"
رغما عنها أطلقت ضحكة طفولية وهى تقول بغمز مرح "حسنا عدني أن تربيها قليلة الأدب طويلة اللسان، الحقاء المتنمرة الصغيرة"
قاطعها بتعجب "يا ويلي لسانك لا رقيب عليه"
منحته تكشيرة رقيقة وهى تخرج طرف لسانها له بإغاظة وهى تقول "أحضر وسادة أضع رأسه عليها"
جذب وسادة من ورائه وهى رفعت رأسه ببطء وسحبت قدمها من تحتها بهدوء حذر، فى اللحظة التى وضع بها سيف الوسادة ليسترخى عليها إياد بشكل مريح وهى يحتضنها بكلا ذراعيه، وهى تفرد سترته الملقية بإهمال على الأرض على كتفه، قائلة أثناء مغادرتها "سأذهب لأري زوجي"




يتبع على هذا الرابط

https://www.rewity.com/forum/t474767-19.html



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 17-02-21 الساعة 12:00 AM
ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:28 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.