آخر 10 مشاركات
نوح القلوب *مميزة ومكتملة* (الكاتـب : hadeer mansour - )           »          ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          376 - الزوجة العذراء - ماريون لينوكس (الكاتـب : monaaa - )           »          372 - هروب إلي ناره - ميلاني ميلبورن ... ( إعادة تنزيل ) (الكاتـب : * فوفو * - )           »          130-كلمة السر لا-أحلام قديمة (الكاتـب : Just Faith - )           »          كنزي أنا (53) -ج3 من سلسلة زهور الحب الزرقاء- للمبدعة: نرمين نحمدالله *كاملة&الروابط* (الكاتـب : نرمين نحمدالله - )           »          أطياف الغرام *مميزة ومكتملة * (الكاتـب : rainy dream - )           »          468 - لهيب الظل - ريبيكا وينترز ( عدد جديد ) (الكاتـب : ^RAYAHEEN^ - )           »          31- المسافرة الى الحرية - ماغ وسغات - روايات عبير الجديدة (الكاتـب : samahss - )           »          للأبلاغ عن الروابط والصفحات المعطلة (الكاتـب : اسفة - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-02-21, 11:23 PM   #191

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة اجزخنجية مشاهدة المشاركة
❤❤🌺🌺❤❤🌺🌺
رائع يا ساسو
❤❤🌺🌺❤❤🌺🌺
حبيبة قلبي يا روفي 😍😍😍😍😍😍


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:02 PM   #192

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الثاني والعشرون
(كل متوقع آت)
الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
بعد صلاة التراويح وقف هادي في شرفة شقة والده الرئيسية في ذلك الحي البسيط.. عيناه شاردة شاخصة في البعيد وعقله ما عاد يكف عن التفكير بها وإزهاق روحه.. سافر بذكرياته إلى ذلك اليوم البعيد عندما أهانها دون أن يمتلك الحق لفعلها..
عقد حاجبيه باستغراب مفكرا في رد فعلها لقد انكمشت على نفسها خوفا وعدم فهم لغضبه.. بدت حينها كطفلة شاردة عن ذويها.. ذويها لماذا لا ذكر لهما أبدا؟ حقا أهلها متواجدون في حياتها أم غير موجودين.. ما هذه الحيرة المفترسة التي تتغذى على أعصابه؟
أخرج أنفاس صدره كلها دفعة واحدة نادم على ما قاله وغير نادم عليه.. أراد الابتعاد عنها لأبعد نقطة فوجد نفسه يغرق ويغرق.. وبالإضافة لتورط قلبه بالأمر.. انزلقت روحه الأخرى متعلقة بها.. لا تجد سلامها وراحتها وأمانها إلا في وجودها.. ولكنه لا يعرف عنها وهذا ليس خطأ؛ هز رأسه بعنف مؤكدا لنفسه ليس خطأ لو عرف أكثر.. لضاع في تفاصيلها أكثر؛ صرخ قلبه بقهر دون شيء أنا ضائع في تفاصيلها.. رجاء دع الأمر لي اتركني أغوص بها أنا راض بها هكذا وأهواها بكل حالاتها..
ارتسم جانب فمه بسخرية مريرة وعقله يستعيد زمام الأمور معاتبا إياه.. ما بهن بنات بلدك حتى تنبذهن لأجل دخيلة.. كان يجب أن تكون مليكتك شبيهة بأمي رحمها الله.. أو حتى إحدى شقيقاتي واحدة تشبهني وتشبههم.. لماذا هي دون عن باقي إناث الأرض.. شد خصلات شعره بعصبية وهو يضغط على نواجذه بقوة.. مانعا خروج صرخة عذاب تكاد تشق صدره.. التفت رأسه بحركة حادة ملتفتا على نداء والده "هادي ما بك؟ أناديك ولا تجيبني!"
أخفض عينيه بنظرة عابسة لوالده الجالس على كرسيه المتحرك.. لتلك الدرجة كان غائصا في عالمه ولم يستمع إلى صوت حركة عجلات المقعد.. تأمل ملامح والده المطمئنة؛ الشيب الذي غزا شعره وذقنه وملامحه المتغضنة من تأثير الزمن عليه قائلا بخفوت "لا شيء أنا بخير"
دقق والده النظر إليه قائلا "أحضر مقعد وتعال.. حالك لا يعجبني"
فعل مثلما أمره والده قائلا بنزق "ما به حالي؟"
امتعضت ملامح أبيه قائلا ببساطة مؤنبة "كئيب.. شارد.. تجلس بمفردك دائما، ميس ورباب تشتكيان من إهمالك لهما، لا تزور رباب ولا تجلس مع ميس، فضلا عن هذا لم أعد أراك إما في عملك أو مغلق الباب على نفسك في غرفتك.. وهذا ليس من عادتك"
كان يعلم كل هذا ولكنه غير قادر ببساطة على التواصل مع أحد.. الثقل الذي على قلبه كأنه يسحب الحياة منه ليجيب بدون مراوغة "حائر"
إجابة والده كانت مختصرة بسيطة "بماذا؟"
أخذ نفسا عميقا مجيبا بهم "ماذا إن أردت شيء وكان في نظر المجتمع غير مقبول"
صحح له والده بتأنيب "الفتيات ليس شيء.. صحح عبارتك"
التفت لوالده بذهول مغمغما "أبي!"
رفع والده كتفيه مجيبا بخفة "ماذا؟ أعلم أن حالتك خلفها فتاة ما؛ هل أحببت؟"
هز رأسه موافقا فهو لم يكن يوما يجيد الكذب على والده.. عاود والده السؤال ثانية "أهي من ديانة أخرى؟"
رد بنفي سريع "كلا"
عاد أبيه يضع افتراضاته ثانية "أهي مطلقة، أو أرملة؟"
ورغم أن الكلمتين كانتا كالجمر على قلبه إلا أنه رد بهدوء "كلا إنها بكر لم تتزوج"
عبس والده بعدم فهم لسبب حيرته وابنه لا يفصح عما بداخله.. كلما أعطاه خيط ليبدأ الكلام رد بكلمات مقتضبة.. فهمس بريبة حذر "أهي قبيحة، لا مشكلة الجمال جمال الروح"
هز رأسه بنفي شديد قائلا بثقل من شدة مشاعره المختنقة "كلا إنها مشعة وكأنها سرقت نور الشمس وضياء القمر واحتفظت بهما لنفسها"
نظر له والده بدهشة ليقول بخفوت "إذا ما سبب رفضك لها؟!"
هم أن يقول أنه لا يرفضها ليكمل والده وهو يرى رفض ابنه لجملته "حسنا سبب رفض المجتمع لها؟!"
تنهد بعمق ليشيح بعينيه بعيدا، ويديه تمسح على رأسه بقوة وعصبية.. روهان الحمقاء سندريلا الخاصة به؛ ولكن تلك السندريلا غامضة ومحيرة ومرهقة لأعصابه.. ضم قبضتيه بقوة وهو يقول بصوت أجش مختنق "إنها مختلفة ليست مصرية، إنها عربية والدها كذلك ولكن والدتها غربية، نشأتها وطريقة حياتها وملابسها مختلفة أو كانت مختلفة.. أشعر أحيان وكأنها طفلة صغيرة تحتاج للرعاية.. وكثيرا من الأحيان أشعر بها ذات أخلاق منعدمة، لا أفهمها ولا أستطيع فهمها أيضا؛ لا أستطيع الاقتراب ولا أقوَ على الابتعاد، إنها كالمغناطيس كلما ظننت نفسي قادر على الابتعاد عنها.. زاد التصاقي بها أكثر؛ ولكنها ليست مثلنا مختلفة ولا أعلم أي شيء عن حياتها، ولن تتأقلم مع حياتي ولا مع طباعي؛ عالمي وعالمها بعيدان للغاية عن بعضهما، إنها لا تمانع الغزل بها من أي كان، غبية لا تهتم لحفظ جسدها من العيون المتلصصة _ثم صمت للحظة وعاد يقول_ أو كانت.. الآن هي واحدة لم أعرفها من قبل.. الأمر يشتتني هناك بغربتنا عرفتها شخصية مدللة قليلة الحياء والحشمة، وهنا إنها شخصية مختلفة تماما اكتشف كل يوم صفة جديدة بها.. صفة جيدة للحق؛ قلبي يتمنى تخطي كل هذا ويحتويها داخله.. وعقلي لا يكف عن التفكير أهي مثلما عرفتها قبلا، أم هي تلك الفتاة التي عرفتها هنا، ماذا يضمن لي إذا أعطيتها اسمي أنها لن تلوثه؟؟"
صمت بعدما أفرغ جميع ما في قلبه من ألم يقتله.. ناظرا لوالده منتظرا لرده فملامحه ما زالت كما هي هادئة، ولم يطل انتظاره وأبيه يرد بتقريع مستهجن "ما زلت أرعن ومتهور.. طيلة عمرك يسرع عقلك لإصدار الأحكام كأنك ملك الكون"
رد باستنكار "حاج أحمد!"
حصل على نظرة غاضبة من الحاج أحمد ألجمته ليصمت فورا.. وهو يخفض عينيه باعتذار حرج من اندفاعه ليعيد والده قائلا بحزم "وأنا من ظننت أنك هذبت تلك الصفة بك، ما زلت تندفع وتصدر أحكاما دون تفكير ودون معرفة، ماذا تعرف عن تلك الفتاة التي تتحدث عنها، لا يبدو من حديثك عنها أنك تعلم عنها أي شيء، أخذت بالظاهر ملابسها ومظهرها، ولكن ماذا عن جوهرها ماذا تعرف عنها؟.. عن ظروف نشأتها وعن حياتها، أخبرني يا هادي ماذا تعرف عنها؟"
صمت غير عالما بما يجيب.. هو حقا لا يعلم عنها أي شيء، ولم يجهد نفسه حتى بالبحث عنها، نظر إلى والده بحرج وهو يهز رأسه بحركة عشوائية غير مفهومة، نكس رأسه ثم ارتفع رأسه بحدة على سؤال والده "لماذا أحببتها يا هادي؟ ما الذي جذبك لها؟"
فتح فمه ليجيب والده ليأتيه التحذير "أصمت عقلك يا هادي أنا أريد إجابة قلبك"
غامت عيناه بمشاعر كثيرة مزدحمة.. طغى عليها كلها العشق الكبير الذي يحفظه لها في قلبه.. قائلا بنبرة لم يتعرف عليها ولم تزر صوته من قبل "لا أعلم ما جذبني إليها تحديدا.. كلها تجذبني إليها أشعر بقلبي مقيد إليها.. عندما رأيتها للمرة الأولى شعرت بإحساس غريب بقلبي، أنها لي جزء مني ضائع.. حاربت هذا الإحساس ولكن تلك الفرحة العفوية التي كانت تصدر منها مع أي اهتمام غير مقصود بها، كانت تربكني وتشتتني وتربطني بها أكثر.. أشعر بها طفلة صغيرة نقية؛ نقية للغاية"
عقد والده حاجبيه بغضب فعلي منه قائلا بحنق "وتلك التي تخاف من حديث المجتمع عنها.. أنت غبي ولا تستحق أي عناء، كل ما تقوله وتصفه أنها أنقى منك وأنت محق في الابتعاد عنها، أنت لا تستحقها ولا تستحق أي فتاة طيبة.. تحتاج واحدة تعيد تربية عقلك وإذاقتك المرارة كؤوس"
همس بنبرة حانقة وقد ضربه كلام والده في مقتل، ما بال الجميع يدافع عنها ويهاجمه هو.. حتى والده الذي لم يلتقيها.. ما بها تفتن الجميع هكذا "أبي هذا لا يساعدني"
اتسعت عيناه بصدمة رهيبة وهو يسمع والده يجيب بيقين "تلك الفتاة هي روهان التي تعمل معك أليس كذلك؟"
رد بتلقائية متلعثمة دون أن ينتبه إلى ذهوله "نعم!! أه هي؛ كيف عرفت؟ وكيف عرفتها؟!"
انطلقت ضحكة الحاج أحمد ساخرة قائلا بسخرية "رويدك يا باشمهندس، لم أقابلها إنها شقيقتك ميس من رأتها.. لقد ذهبت لرؤيتك بالمكتب ولم تجدك واستقبلتها الفتاة وتعرفت عليها.. أختك وقعت في حبها تقريبا ولقد أرتني صورا لها التقطتاها سويا.. هل تعلم بما وصفتها أختك الصغرى؟"
كان كل هذا كثيرا عليه دفعة واحدة، إنها تتغلغل به لقد وصلت لأفراد أسرته أيضا، ليهز رأسه بعدم قدرة على الحديث، أجابته ابتسامة والده الحانية "كلمة واحدة فقط أنها ملاك لا أكثر ولا أقل"
أخفض رأسه أرضا وهو يضع يديه على رقبته بإرهاق.. أشفق عليه أبيه ليربت على ظهره بحنان قائلا بنصح "أعطي الفرصة لقلبك كما أعطيتها لعقلك"
اندفع لسانه دون أن يتحكم به قائلا بوعد تشبث به قلبه وزئر له عقله "سأفعل بإذن الله"
ساندت روحه وأسكتت عقله تلك الابتسامة المتفهمة من الحاج أحمد.. تلفت من حوله متسائلا بحيرة "بالمناسبة أين ميس؟"
ويبدو أن سؤاله قد استدعاها لتقترب قائلة "بابا أستطيع أن أصعد لجارتنا أم رامي؟"
أجاب والدها بهزة بسيطة من رأسه قائلا "بالطبع وأوصلي لها سلامي.. والطبق الذي بعثته اليوم"
اتسعت ابتسامتها قائلة بهدوء "لقد جهزته بعد إذنكما"
صاح بها هادي غاضبا "انتظري"
توقفت ملتفتة إليه بتساؤل قائلة بطاعة "نعم أبيه"
رد بغضب وهو يشعر بدمائه تغلي بعروقه "كيف ستصعدين إليها والبيت به شباب؟!"
ارتدت للخلف خطوة بصدمة.. ليزمجر والده بغضب قائلا بنبرة حانية "اذهبي حبيبتي ولا تتأخري.. أخيكِ لا يقصد سوء إنه يخاف عليكِ فقط"
رد باعتراض وهو يراقب مغادرتها "كيف تسمح لها بالصعود أبي؟"
صاح به والده بغضب بنبرة لطالما أرهبته منذ كان صغير "إنها ابنتي ولن يخاف عليها أحد مثلي.. لم أفهم كيف يعمل عقلك هذا؟ أرعن متسرع ومتهور، أم رامي ابنها الكبير متزوج والأخر يقضي خدمته العسكرية.. علمت الآن لما سمحت لها بالصعود"
فرك رقبته بحرج قائلا بأسف "أنا أسف فقط أخاف عليها"
رد والده وهو يدير كرسيه لكي يغادر "أعلم"
لوي شفتيه بضيق من نفسه متسائلا "أبي إلى أين؟ لقد اعتذرت"
رد الحاج أحمد دون أن يلتفت له "سأذهب لأكمل قراءة القرآن أنوي ختمه اليوم"
رد ببسمة خفيفة "أعانك الله"
رد بتنهيدة عميقة مليئة بالشجن والحنين "نعم إنه هدية والدتك بمناسبة الشهر الكريم ولقد تأخرت عليها كثيرا"
لمعت عينيه بتأثر قائلا بخفوت "تختم القرآن لها سآتي لأساعدك"
رد والده برفض صارم "لا إن أردت يمكنك أن تختمه لأمك كما يحلو لك.. أما زوجتي فذلك الأمر أنا من سأقوم به"
رد بذهول "ما زلت تحبها؟!"
رد الحاج أحمد بابتسامة مذهلة ونبرة محبة "نعم رغم أن زواجنا كان تقليدي.. ولكن تلك المرآة التي تزوجتها دون حب سكنت روحي.. غادرتني بجسدها ولكن روحها لا تزال معي.. ذهبت ولكنها لم تتركني يوما.. ثم أضاف بهدوء_ عندما تستقر على قرارك سيكون لدينا جلسة طويلة"
هز رأسه موافقا لتظل عيني هادي معلقة بظهر والده.. هل سيقدر له يوما أن تكون علاقته بروهان هكذا.. يبدو أنه يحتاج ترك الزمام لقلبه حقا.. استراحت روحه لهذا القرار ليدعو من أعماقه "اللهم أرشدني لما فيه الصواب"
***********
صعدت هنا إلى غرفة ناردين لتطرق الباب طرقة واحدة ثم فتحته.. كانت روهان ما زالت على حاسوبها منهمكة به بشكل كامل وبجوارها كوب من العصير الطازج.. ترتشف منه قطرات كلما تذكرت وجوده؛ وبجوارها كانت تجلس الفتاتان تتهامسان بنبرات ضاحكة.. اتجهت لحديثها لسما "سما والدك ينتظركِ بالأسفل"
وقفت سما سريعا وهي تلقي تحية وداع على الفتاتين ثم أعطت هنا عناق سريعا وهرولت للأسفل.. لم تغادر هنا إنما وقفت أمام ابنتها قائلة بحزم "ما سبب الفيلم الذي قمتِ به بالأسفل؟"
ردت تقاوم الضحك الذي يداهمها بقوة "أي فيلم؟"
ابتسمت هنا ابتسامة ساخرة قائلة وهي تكتف يدها على صدرها "فيلم عريسكِ الهمام؛ الذي انتظرتِ مجيء إياد حتى يشهده"
عضت على شفتيها تمنع ابتسامة ماكرة ماثلت مكر عينيها مجيبة ببراءة كاذبة "أوووه أليس هذا أمر يجب أن تعلمه العائلة بأكملها وتتناقش به؟!"
ردت هنا وهي تميل بجسدها للأمام بمكر تجيد استخدامه عند اللزوم "بل أمر يجب أن يعلمه والدك أولا ثم العائلة"
ألبست ملامحها قناع من براءة الأطفال "لقد ظننت أن من الأفضل أن أخبر الجميع"
تساءلت هنا بنبرة اليقين "الجميع أم أحد بعينه؟"
زفرت ناردين بسخط قائلة بحنق أخفته.. فوالدتها لا تنوي أن تمرر الأمر بهدوء "أحد بعينه!! الأمر يستحق التفكير"
مدت يدها بهاتفها لناردين قائلة بدهاء "حسنا لنتخطى هذا.. أعطني رقم هذا العريس والدك يريده"
أخذتها على حين غرة لتهمس بصدمة "نعم!! لماذا؟"
كادت هنا أن تضحك فلكل كذبة ثغراتها، ويبدو أن ابنتها لم تنتبه لتلك النقطة وهي تحيك خطتها.. لترفع كتفيها مجيبة ببديهية "حتى يتواصل معه ويسأل عنه.. أليس عريس تقدم لابنته؟"
ابتسمت روهان وهي تستمع للحديث كله فناردين وقعت في شر أعمالها، فركت ناردين رقبتها تفكر في حل لهذا المأزق الذي لم تنتبه له.. من أين تأتي لها برقم عريس في هذا الليل، أخذت نفسا عميقا مجيبة بهدوء "ألا يعني ما حدث في الأسفل أن هذا العريس مرفوض؟!"
ردت هنا بخبث وهي تبتسم باتساع "هل يعني أن إياد طالما رفضه فنحن نرفضه أيضا؟"
تأففت بغضب قائلة بحنق واضح "ماما أنتِ لن تتخطي هذا الأمر؟!"
هزت هنا رأسها بقوة قائلة بتحدي "دون أن أعرف السبب لا أعتقد"
زمت ناردين شفتيها بعدم رضا لتهمس من بينهما باستسلام "كنت أبرئ قسمي أمام نفسي"
عبست هنا بعدم فهم قائلة بحيرة "أي قسم؟"
لم تستطع ناردين أن تمنع ابتسامة من الظهور.. لتبدو شفتيها المغرية أكثر إغراء، قائلة بنبرة ناعمة "كنت قد أقسمت أن أجبره على أن يعترف بحبي أمام الجميع.. وها قد فعلت"
مال جانب فم هنا بابتسامة قائلة بخفوت "هل تعني تلك الفرحة المجنونة بعينيكِ أنكِ تحبينه أيضا؟"
أغمضت ناردين عينيها برد فعل تلقائي وكأنها تخفي دليل إدانة، قائلة بارتباك "إنه فقط قسمي يا ماما.. ما كان يجب أن أخلفه؟"
اقتربت منها هنا بخطوات بطيئة لتربت على رأسها بحنان.. قائلة بفراسة وعينيها تتأمل ملامح ناردين بدقة "ناري لا يعني أني لم أتحدث معكِ في هذا الأمر أنني غافلة عنه"
رفعت عينين مستفهمتين لهنا التي أجابتها ببطء "نعم أعلم أنكِ تحبينه وهو يبادلكِ المشاعر أيضا"
ابتسمت ناردين لها باهتزاز تكره أن تكون سهلة القراءة هكذا.. لتجذبها هنا لبين ذراعيها مغمغة "أنا والدتكِ ناري لا تعبسي هكذا"
استكانت ناردين مغمغمة بخفوت "لا أحب أن أكون بهذا الوضوح"
ابتسمت هنا بتفهم قائلة باحتواء "وهذا أيضا أعلمه لذا لم أتحدث معكِ بشيء.. ولكن ما حدث بالأسفل غير كل شيء.. ما لا أفهمه هو لماذا الآن تحديدا، هل لأنه طال خصامكما أم هناك شيء أخر؟"
ابتعدت عنها تقضم شفتيها بتوتر آخذة نفس عميق قائلة بنبرة ثابتة واضحة "لم أكن أنوي أن أكون الطرف المحرك لعلاقتنا.. ولكن مرضه ورعبي عليه إلى تلك الدرجة.. أجبرني على التنازل قليلا، على الأقل الآن علاقتنا ستأخذ شكل ومنحنى آخر"
أجابتها هنا بمنطقية "وجهة نظر وتُحترم يا ابنة أمكِ"
لم تفوت تلك الكنية الأخيرة على ناردين لتهمس بنصف عين "لماذا دعوتني بابنة أمكِ.. فيما في العادة كلما فعلت شيء لم يعجبكِ قلتِ ابنة أبيكِ"
ابتسمت هنا ابتسامة واسعة قائلة بخفوت "لن تخبري أحد؟"
ردت ناردين بعبث "جربيني"
هزت هنا كتفيها قائلة بهدوء "تستطيعين القول أني فعلت مع والدكِ حيلة كهذه"
اتسعت عيناها بذهول بالغ وهي تفتح فمها بعدم تصديق.. ثم ما لبثت أن همست بارتياع "ماما.. بابا"
أشاحت هنا بيدها قائلة بحنق ولم تلتقط نظرتها المرتعبة ولا صوتها المهزوز "نعم فعلت هذا لأجله لم أكن لأتركه يضيع مني أو أفقده"
همست ناردين بخفوت "ماما.. خلفكِ"
همست هنا بطريقة طفولية "لا تقولي أنه خلفي"
هزت ناردين رأسها إيجابا في اللحظة التي ارتفع بها صوت خالد غاضبا "ابنتكِ مخطئة وتشجعينها على خطئها يا هنا.. وما هذا الذي سمعته؟"
التفتت هنا له تخفض عينيها بخجل مذنب ليهمس من بين أسنانه "كذبتِ علي بذاك الوقت؟"
ردت هنا بصوت خافت "كان هذا منذ زمن يا خالد"
رد بوعيد "هذا الأمر سأتعامل معه فيما بعد"
ثم نقل عينيه لناردين بنظرة غاضبة قائلا "أتيت أبحث عن إجابة لسؤال قديم.. تتذكرينه وكذبتِ علي في إجابتكِ"
لوت ناردين شفتيها وهي تهرب بعينيها قائلة بثبات "لم أكذب أنا فقط لم أعطيك إجابة واضحة"
هز رأسه بحركة غاضبة قبل أن يغادر بخطوات عنيفة فتهمس روهان بتوجس "هل غضب عمو؟"
هزت هنا رأسها إيجابا قائلة وهي تضرب ناردين على ذراعها بعنف "نعم والحمقاء زادت من غضبه"
ردت ناردين بعدم فهم "حسنا فهمت أنه غضب مني ولكن لا أفهم لماذا يغضب منكِ ماما؟"
أجابتها هنا بهزة كتف وهي تفرد يديها أمامها "لا أعلم سأذهب لأرى ما به"
تبادلت روهان وناردين نظرات حائرة لتشيح ناردين بيدها قائلة بسعادة لن تسمح لأحد أن يأخذها منها، ليس اليوم على الأقل ولكن غدا ربما تسمح بتعكير صفو مزاجها قليلا "لن أفكر اليوم سأسعد فقط باعترافه وغدا يوما آخر"
هزت روهان رأسها دون رد وهي تعود لتكمل عملها الذي استحوذ على كامل تفكيرها.. تركتها ناردين وخرجت إلى شرفتها تستنشق بعض الهواء.. وربما تنتظره ولم يجعل انتظارها يطول، فدقائق ودلف سيف وهو خلفه؛ ومن خطواته المتباطئة علمت أنه غارق في التفكير، فوجئت ببصره الذي ارتفع فجأة إلى شرفتها، ولم تجفل ولم تبعد عينيها بل اشتبكت في حوار طويل مع عينيه، انتهت بابتسامتها الجانبية المائلة لتراقب توسع حدقتيه بإدراك..
لقد فهم خدعتها واكتشفها.. لقد استغرق وقتا في فهمها يا لخيبة الأمل.. كشر أنفه بعنف ونظرة شرسة احتلت عينيه ليصرخ بها بوعيد وحشي "سأردها لكِ أيتها المخادعة"
إجابتها كانت ضحكة صاخبة متحدية وهي تعود للداخل تقرأ رسالته ثانية وثالثا.. بنفس نشوة الانتصار وفراشات سعيدة تنبعث حولها من العدم.. تلك الجولة كانت لها وقد ربحتها عن جدارة واستحقاق..
************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:04 PM   #193

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

وأسفل شرفتها التفت سيف على صرخة إياد ليهمس بتعجب "هل جننت؟ ماذا حدث لك؟"
أجابته ضحكات ناردين من الأعلى ليرفع عينيه فيجدها اختفت.. ليعاود سؤاله على ذلك الذي ما زال نظره معلق بشرفة غرفتها "ما بكما؟"
نزع إياد عينيه عن مكان وقوفها ليسارع بخطواته إلى الداخل دون رد.. لحق به سيف وهو يضرب كفيه ببعضهما هامسا "لا حول ولا قوة إلا بالله"
كان يصعد الدرج كل خطوتين سويا وسيف يركض خلفه محاولا اللحاق به، أمسكه من ذراعه يوقفه قائلا بلهاث "أفهمني ما بك؟"
رد إياد بصياح عنيف مستنكر "خدعتني وأنا كالأحمق الذي لا يفهم وقعت في فخها"
صمت ناظرا لسيف بتجهم يفكر ويستحضر الموقف ثانية ليهمس بغضب من ذاته "في أي جزء لم أنتبه لها؟!"
سأل سيف بحيرة "كيف خدعتك؟"
رد إياد بكلمة واحدة "العريس البائس"
لم يستوعب عقل سيف ما يحاول إياد إخباره به ليهمس بعدم استيعاب "ما به؟"
رد إياد بعاصفة من غضب مجنون تموج بداخله وهو يصعد للأعلى بخطوات سريعة "لم يكن له وجود"
وقف سيف بمحله لبرهة يستوعب ما أخبره به إياد.. متمتما بضحكة وهو يصعد لشقة والديه "ما بالها هذه العائلة تعشق الحيل والخدع"
كان إياد يصعد للأعلى قفزا يفرغ طاقة غضبه في ركضه.. وتلك الأمنية ترتفع داخله ثانية أن تكون رقبتها بين يديه بتلك اللحظة، سيرتاح ويريح البشرية منها، خدعته وجعلته مغفلا وأضحوكة أمام الجميع، سيردها لها ذات يوم كيف؟ ومتى؟ لا يعلم ولكنه يعلم أن له حق عرب عندها.. وإياد لا يترك حقه مطلقا.
توقف أمام شقة والده مدركا أخيرا لجميع ما حدث منذ ساعات، لقد اعترف بحبها بكل سهولة وأمام الجميع.. وهي السبب لو فقط تركت له الفرصة ينسى جرحه منها، كان ليكون اعترافه بحبه لها باحتفال يخلد هذه الذكرى، ولكن يجب أن تفسد كل شيء بعقلها الغبي العنيد.. فتح الباب ببطء وهو يدلف بخطوات خفيفة وملامح مزمومة بسخط.. ارتفع صوت والدته من حيث لا يعلم قائلة بآمر "تعال أنتظرك بغرفة الجلوس"
قلب ملامحه بامتعاض وهو يغمغم بتذمر "الفتيات.. الفتيات سخيفات.. ماذا كان به الكوكب لو كن رجالا فقط.. ولكن كيف وهن نصف المجتمع.. النصف الشيطاني ذو التفكير الملتوي والانفعالات المجنونة.. كائنات معقدة محيرة غامضة"
كان ما زال يغمغم بتذمر عن فوائد اختفاء البنات من الحياة أثناء دخوله الغرفة.. انقطع حديثه وشيء ما يرتطم بكتفه ليتأوه بتوجع.. أخفض نظره للأسفل ليجده شمعدان صغير من مجموعة والدته المفضلة التي تزين بها غرفة الجلوس.. ليقول ببرود "ماذا فعلت يستحق التضحية بمجموعتكِ المفضلة؟"
زمت شفتيها دون رد وهي تبعد عينيها بغضب.. جلس بجانبها ليقول بمراضاة "هيا يا ماما ما الذي فعلته؟.. ما الذي يغضبكِ مني حبيبتي؟"
التفتت بوجهها إليه قائلة بنبرة غاضبة معاتبة "تخبر والدك أنك تحب ناردين قبل إخباري"
عقد لسانه دون رد أهذا ما يغضبها؟.. كان محقا عندما وصف انفعالاتهم بغير المحسوبة ولا المتوقعة.. عض لسانه بقسوة يردعه عن الرد بجلافة تلح عليه قائلا بغيظ مكتوم "معكِ حق يا ماما أنا أخطأت ومنكِ السماح"
ثم مال مقبلا كتفها القريب منه باسترضاء.. لتهزه بعنف قائلة بنبرة حانقة "هل تعاملني مثل الأطفال يا ولد؟"
طحن ضروسه بقوة قائلة بغيظ "لا أفعل يا ماما أنا فقط اعترفت بخطئي الكبير في حقكِ"
لكمته في كتفه بغيظ مغمغمة من بين أسنانها بتشفي "أحمق أتعلم أنا سعيدة جدا أنك اخترت ناري.. هي الوحيدة التي تستطيع إعادة تأهيلك ثانية"
ارتفعت ضحكة أيهم من على الباب تزامنا مع تلك الوسادة التي اعتصرها إياد بين يديه عصرا قائلا بتأكيد "نعم أنتِ محقة فيما قلته"
لوى إياد فمه معترضا وأيهم يخطو للداخل قائلا بحزم "نيرة اذهبي لترتاحي قبل السحور.. أريد الحديث مع ابني"
تكتفت برفض قائلة بنزق "لا أريد النوم"
رد أيهم بحزم رقيق "كلام رجال حبيبتي بين أب وابنه هل تتركينا رجاء"
هزت رأسها وهي تستشعر حاجة إياد إلى أيهم في تلك اللحظة.. طبعت قبلة سريعة على وجنة أيهم ثم ابنها الذي ضمها إليه برفق للحظات ثم خرجت.. أولى أيهم انتباهه لابنه الجالس منكس رأسه بتفكير عميق.. جلس بجواره مربتا على كتفه سائلا باهتمام "فيما تفكر؟"
رد باندفاع متهور "في طريقة لأرد خدعتها لها"
عبس أيهم متسائلا "أي خدعة؟"
أشاح بعينيه بعيدا رافضا الرد، فيضحك أيهم بخفوت سائلا "وترى أن بتلك الطريقة حياتكما ستستقيم؟"
التفت برأسه إلى والده مستفهما فيتجاوز أيهم عن سؤاله متسائلا بجدية "طلبك بالأسفل كنت جاد به؟"
ارتفع رأسه سريعا مجيبا بثقة "طبعا.. هل سألعب بابنة عمي؟!"
ابتسم أيهم برضا وهو يرد برغبة في مشاكسة ابنه رغما عنه "وذلك المنطق الغريب العجيب الذي كان منذ يومين؟"
أجاب إياد دون تردد وقدمه تهتز بعصبية بالغة "اختفى.. إذا كانت الهانم تفكر في الزواج فأنا خيارها الوحيد"
ضحك أيهم ليبتسم إياد رغماً عنه.. اعتدل أيهم في جلسته عائد لسؤاله الاول "وهل ترى حياتكما ستستقيم وأنت وهي كالندين.. كل منكما يفكر كيف يسترد حقه من الآخر، ويؤلمه كما آلمه، هل ترى الحياة ستستقيم بتلك الطريقة؟"
رد إياد بعبوس "كلا، لا تنفع"
صمت قليلا يتأمل تركيب السجادة أسفل قدميه مكملا حديثه بشغف "ولكنها ناري لا يفهمني أحد مثلها، تستطيع قراءتي ككتاب مفتوح، وأنا يكفيني نظرة لعينيها لأفهم ما يدور داخلها.. أنا أحبها يا بابا وعندما أصرح بها فأنا أعنيها حقا.. إنها حلمي الذي نشأ وكبر معي واهتممت به.. فما عاد مجرد حلم إنما الغاية من وجودي.. لن أدع شخص ولا طبع ولا ظرف يقف أمام حبي لها"
ربت أيهم على كتفه بقوة مستحسنا قوله وفخورا به بذات الوقت.. سعيدا بحب ابنه وسعادته الأكبر أن ولده أكبر مشاكله مع حبيبته هو عنادهما فقط.. لن يذوق عذاب البعد عنها ولن يتعذب قلبه كي ينول رضا أهلها.. حمد الله في قلبه على هذه النعمة؛ فهو لم يكن ليتحمل أبدا رؤيته معذبا أمامه.. أجلى حلقه قائلا بنصيحة حانية وحكمة كانت نتيجة عمره وتجاربه "استمع لي يا بني.. أنا أعلم منذ صغرك أن قلبك معلق بها.. كنت دائما ما أراقب تصرفاتك في وجودها ولكني وجدتك تحافظ عليها من نفسك فاطمئن قلبي.. حبكما كبير ويستحق التضحية قليلا في سبيله بعض من كبريائك لن يضر.. القليل من التنازل من قبلها سيقويه ولن يضعفه.. إيجاد نقطة للتفاهم والارتكاز لعلاقتكما شيء هام.. نقطة بداية تعودان إليها عندما يشتد بينكما الخصام.. تنسيان مبدأ العين بالعين والسن بالسن والبادئ أظلم.. في البداية سيكون الأمر ممتعا كمزاح ثم سيأتي وقتا سترتكبان أخطاء جسيمة في حق نفسيكما وستستحيل الحياة بينكما.. أخطاء لن تستطيعا تجاوزها أو غفرانها؛ الزواج جعله الله لاستمرار الحياة والخليقة.. وصفه القرآن بأنه مودة ورحمة وسكن؛ سكن إياد تذكر تلك الكلمة جيدا.. لأن زوجتك ستكون ملاذك عندما يضيق بك الحال.. الزواج ليس تناطح بين شخصين بل تفاهم وود ومشاركة.. تفهم جوهر الزواج الحكمة منه واعرف أساس قوامتك على امرأتك.. وتعامل معها من منطلق أنها ابنتك أولا وشريكة حياتك ومن سيبقى معك لنهاية عمرك.. أنها نصفك الآخر الذي إن ضاع منك ستندم الباقي من عمرك.. تذكر أنك الرجل وهي الأنثى وأنك عامود الأسرة وهي واحة أمانها.. فهمتني حبيبي؟"
كان إياد يتشرب بعقله وكيانه كله خلاصة خبرة والده في حياته.. تنهد بعمق، أباه كان دائما ولا زال ملجأه عندما يشعر أنه على وشك الضياع.. كما اعتاد منه يأتيه يعطيه المشاورة التي يحتاجها دون أن يطلبها.. فقط قلبه الكبير يخبره أنه بحاجة إليه.. مال لاثماً ظاهر يده باحترام ثم ارتفع يقبل جبينه هامسا بخفوت "نعم فهمت كل كلمة وحفظتها"
ربت أيهم على وجنته بحنان قائلا بنبرة هادئة "سأتحدث مع خالد كي نذهب لنطلب الفتاة كما تقتضي الأصول وليس ما فعلته بالأسفل"
فرك إياد شعره قائلا بتردد "هل يمكن أن ننتظر قليلا؟"
عبس أيهم متسائلا بتعجب "لماذا؟"
رد إياد بابتسامة ماكرة "حاجة في نفس يعقوب"
هز أيهم رأسه بيأس مستنكرا ليزيحه بيده من جواره "بعد كل هذا، اذهب من أمامي يا ولد"
ضحك إياد بانشراح قائلا بمزاح وهو يستقيم واقفا "أيقظني للسحور يا بابا.. زوجتك غاضبة مني ولا أستبعد أن تتركني دون سحور انتقاماً مني"
شاركه أيهم الضحك قائلا بحنانه "سأفعل، لا تقلق اذهب واسترح قليلا"
أجابه إياد بحب "تصبح على خير يا بابا"
ابتسم أيهم قائلا "وأنت من أهله بإذن الله"
غادر إياد وأيهم يشيعه بدعواته "حفظك الله وقرب لك مبتغاك يا ولدي"
***************
الأسبوع الأخير من رمضان عاد يامن باكرا إلى البيت.. فهو مرهق ومتعب جدا؛ فرك رأسه بتعب وهو يلتفت من حوله يراقب الهدوء الذي ليس من طباع المنزل.. عقد حاجبيه متذكرا تيم وشقاوته التي ازدادت لحد لم يعد يتعرف عليه.. أصبح نشيطا للغاية يمضي نهاره ركضا يتشرب من طباع الجميع.. الذين تعلقوا به وأصبح جزء طبيعي من حياتهم..
ضرب عقله خاطر مزعج ماذا لو كبر تيم الآن وسأل عن والدته.. كيف يحميه من تلك الذكرى البشعة، يثق بجزء بعقله أن تيم الصغير ما زال يحتفظ بذكرى ترك أمه له بمفرده في المكتب أول مرة التقاه، متأكد أنها لم تكن يوما أم حنونة له والدليل أنه قبل وجوده في حياته من أول لحظة، ولم يسأل عنها كأن لم يكن لها وجود من قبل..
ولكنه سيكبر ذات يوم وسيسأل عنها وعندئذ ماذا سيخبره؟ كيف سيصدمه بتلك الحقيقة البشعة؟ ربما وجوده هنا خير أخيرا؛ أفضل ما فعلته له والدته منذ مولده هو عودتها إلى عائلتها.. ومنحه هذا الكم من الحب والحنان..
فتح باب الشقة ودلف للداخل سيأخذ حماما طويل ثم يؤدي صلاة العصر، وينام بعدها إلى أن يتم إيقاظه للفطور، ويا حبذا لو نسوه وتركوه نائم سيظل جميلا فوق رأسه.. توقف بتعجب عاقدا حاجبيه وهو يسمع ذلك التغريد الناعم الذي يحفظه عن ظهر قلب، أخذته قدمه طواعية إلى حيث يتصاعد الصوت.. ميز صوتها تلك الفراشة التي تسكن صدره تتحدث مع والدته.. التي تضحك بصخب على حديثها، رائع أخيرا استمع إلى ضحكاتها تنطلق كما لم يسمعها من قبل، دلف إلى غرفة الجلوس ليجد الطاولة الصغيرة التي كانت تزين منتصفها أزيلت.. ومكانها جلست يقين تساعد والدته في إعداد المحشي الذي تبرع به..
دار بنظره ليجد والدته تعد الكثير من الأنواع.. ليس الكثير بل تقريبا كل الأنواع المتعارف عليها.. هل تنوي أن تفطر الحي بأكمله اليوم.. ابتسمت عيناه للجالسة بجانب حياة ترتدي طقم منزلي بسيط، بنطال جينز أزرق تعلوه بلوزة بيضاء بأزرار وأكمام طويلة منقوشة بنقشة زرقاء خفيفة.. توهجت عيناه بشدة وهو يلتقط ذلك الخلخال الذي ترتديه بقدمها.. عدة سلاسل أفقية متصلة ببعضها عن طريق سلسال ينتهي بإصبع قدمها الثاني.. ومزين بدوائر فضية منقوشة.. حمحم مخرجا نفسه من الحالة التي آلمت به قائلا "مساء الخير"

أحزنه ذلك الارتباك والحرج الذي يكتنفها في وجوده، وتابع باهتمام اعتدالها الخجول وبسمتها الرقيقة التي تقلصت وهي ترد التحية، بينما حياة تجيب ببهجة حقيقة "لقد أرادت يقين أن أعلمها خلطتي السرية للمحشي وأتت لتساعدني لإعداده للغد"
وضع حقيبته السوداء أرضا وهو يجلس على المقعد المقابل لها مجيبا بصدق "محشي ماما لا يوجد له مثيل"
أجلت يقين حلقها منحية خجلها جانبا لبعض الوقت قائلة بخفوت "نعم أخبرني بابا بذلك وأخبرني أن عمتو تعده بذات الطريقة التي كانت تعده بها تيتة فاطمة.. لذلك طلبت من عمتو أن تعلمني الطريقة"
همس بخفوت مرددا "تيتة فاطمة!"
ردت برقتها الطبيعية "لا يوجد أحد مثلها سأريك صورها ولكنها ليست معي الآن"
رد بفضول نهم "من هي على كل حال؟"
ابتسمت حياة بحنين قائلة باشتياق ممتن "إنها زوجة رحيم، أمنا جميعا التي ربتنا وطبعتنا بطباعها؛ شخصية لن تتكرر أبدا كانت ملاك حقيقي يمشي بيننا"
التفت بسؤاله ليقين قائلا وما زال فضوله لم يشبع بعد "هل رأيتيها؟"
هزت رأسها قائلة بحب كبير "نعم ما زلت أتذكرها وأتذكر ملامحها وصوتها الدافئ.. كنت كبيرة بما يكفي عندما توفت حتى أتذكرها"
أخفض وجهه أرضا هامسا بخفوت بما أوجع حياة "ليتني رأيتها"
ليرتفع رأسه ببطء على رد يقين الحاني "ولكنها تراك وتحميك بروحها كما يخبرني بابا دائما"
ابتسم لها بامتنان وعينيه تأخذه إلى تلك القدم الصغيرة المزينة بهذا الخلخال الخادع بجماله.. ألم يخبرها أحد أن جمالها الطبيعي يجذب العيون دون جهد.. لتزيد من جمالها ورقتها هي تعلم ما يناسبها جيدا.. لذا دائما ما يكون مظهرها مصدر أرق له.. كم عين تلصصت على فتنتها كما يفعل هو الآن.. كيف يخبرها دون أن يبدو متطفلا ودون أن يكشف نفسه لأمه.. أخذ نفسا عميقا وحياة تقول بحنان نادر "أنت متعب وتحتاج للراحة"
رفعت عينيها تتأمله لوهلة قبل أن تخفضهما سريعا باضطراب.. وهو يجيب بينما يراقبها من زاوية عينيه "بعض الإرهاق فقط سأرتاح وسأكون بخير ليلا"
ما أن أنهى حديثه حتى أجفل وصوت براء يأتيه من حيث لا يدري "أنجديني يا يويو الأكل يحترق"
ألقت برأسها للخلف بتذمر قائلة بحنق "أخبرتها أن تخفض النار أسفله وتتابعه فقط وقد حرقته، ماذا أفعل بها؟"
استقامت واقفة لتتسع عينيه وهو يراقب تحركها عارية القدمين إلى المطبخ.. أشاح بعينيه بعيدا يعض لسانه بقسوة شديدة.. يلهي نفسه عن ذلك الاضطراب الذي أشاعته ببساطة داخله وغادرت.. التفت على همسة والدته المستفهمة "لا أفهم كيف للآن لم تتزوج.. كيف تبقي من مثلها دون زواج؟!"
أجاب محاولا إقصاء رعشة الغضب من صوته حتى لا تنتبه حياة "حياتها وهي حرة بها"
ردت وهي تنهمك في عملها دون أن تنتبه لعينيه المشتعلتين "عجيب أن تبقى وحيدة هكذا وهي بهذا الجمال الفاتن والأخلاق الرائعة، يا للزمن الغريب!"
رد بتعجب "ظننتكِ غير معجبة ببنات خالي؟!"
ردت باستنكار وهي ترفع عينيها له "غير معجبة بطريقة تربيتهم.. أم غير هذا فهم جزء من أيهم وخالد، أبناء أخوتي وبالطبع أنا أحبهم"
رد بابتسامة واسعة "هذا رائع يا ماما، سأذهب لأغتسل"



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:06 PM   #194

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

استقام واقفا وبدل من أن تأخذه قدميه لغرفته حيث كان يخطط من البداية.. اتجهت إلى المطبخ حيث تتواجد.. فتح الباب ليجدها تحاول إصلاح ما أفسدته براء بوجبتها.. ويبدو أن براء قد هربت.. تنحنح وهو يلقي نظرة سريعة على قدمها ليجد أنها ترتدي حذاء منزلي خفيف وقد أزالت خلخالها.. عبس متحسرا وهو يسأل باهتمام "هل أستطيع مساعدتك بشيء؟"
ضحكت مجيبة "لا لقد استطعت إنقاذها.. الجبانة براء أفسدتها وهربت"
رد وهو يحاول إطالة الحديث أكثر "ماذا تعدين؟"
أجابت باقتضاب تتمنى أن يتركها بمفردها ويغادر "نوع من الحلوى يحبها سيف وقد طلبها مني"
هز رأسه موافقا وهو يرسم بشكل عفوي ابتسامة بائسة لانتهاء هذا الحديث القصير معها.. أوقفته يقين قائلة بخجل "هل تحضر لي تلك الأطباق من الأعلى؟"
عاد سريعا إليها ينزل لها الأطباق ليسألها وهو يناولها الأطباق "هل تيم مع عمتي بالأعلى؟"
التقطت منه الأطباق مع ابتسامة سعيدة قائلة بنفي "كلا إنه مع سيف سيفطر مع رفقائه بالفريق اليوم وقد حصل تيم على دعوة وسيف على تهديد"
عبس باستغراب مرددا وهو يراقبها تغسل الأطباق التى ما زال ينزلها "لا أفهم ما قصدكِ؟"
ردت بضحكة صاخبة كم يحبها عندما تكون عفوية فى حديثها معه "الأمر بسيط لقد أسر تيم زملاء سيف فأحبوه.. فتم تهديده اذا لم يحضر معه تيم فلن يدخل النادي من الأساس"
اتسعت ابتسامته قائلا بامتنان "لساني عاجز عن الشكر لما تفعلونه لأجل تيم"
ردت بغضب وزمجرة ناعمة "لا تقل هذا الهراء ثانية إنه سخافة"
رد بهدوء وهو يتكئ بجسده على الطاولة الرخامية "ليس سخافة بل حقيقة"
التفتت برأسها له متسائلة بتفهم واعية لكونه ما زال يجد ما يقدمونه له كرم زائد منهم.. غير مدرك أنهم لا يقومون بغير واجبهم الذي تربوا عليه "هل رأيت يوما عمتي دارين تشكرنا على أي شيء نقدمه للتوأم؟"
هز رأسه نفيا فتجيب بتلقائية "إنه ذات الأمر تيم مثله مثل التوأم"
هم بشكرها ثانية فتوقفه بحزم "حقا سأغضب منك إن قلتها ثانية"
ابتسم لها بلطف وهي تتجه للموقد تغلقه وتنقل القدر على الطاولة هامسة بأسى "لو كان تيمو هنا لكان تذوقه ليرى ماذا ينقصه"
زادت بسمته اتساع قائلا بمشاكسة "لم أكن أعلم أنكِ تجيدين أعمال المطبخ"
التفت إليه قائلة بزهو "جميعا نجيد أعمال المطبخ ولكن أنا أهوى صنع الحلويات.. وبراء الطهي بصفة عامة أم ناري لا تطيق المرور من أمام المطبخ أصلا.. وغالبا يحترق الطعام منها فهي تنشغل بهاتفها عنه"
ضحك قائلا "ناردين شخصية مميزة"
رغم الضيق الذي اكتنف روحها ردت ببساطة.. وهي تصب الحلوى السائلة في الأطباق المرصوصة أمامها "جمعت شخصية ماما وبابا في شخصية واحدة"
أجابها بإعجاب مستتر "كلكم شخصياتكم مميزة أنتِ على سبيل المثال.. صدقيني فريدة من نوعكِ"
توردت وجنتيها كعادتها كلما خجلت.. ورغم شوقه لتأمل هذا الأحمر الفاتن إلا أنه فضل عدم إحراجها.. ليحمل الأطباق التي امتلأت إلى الثلاجة لتبرد.. همست بهدوء وهي ترى فعلته "ضعهم بالرف الثاني إنه فارغ"
سألت بدفء وهي تكمل باقي عملها "كيف تشعر الآن وأنت بيننا؛ بين عائلتك وفي بلدك؟"
تجمدت يده التي تغلق باب الثلاجة مفكرا كيف يمكن أن يصوغ كلماته ويخبرها بحقيقة شعوره.. تنهد بعمق مجيبا بصدق استشعرته بسهولة "لا يمكن وصف ما أشعر به بمجرد كلمات.. لكن ما أعلمه أني سأظل عمري أشكر الله على تلك النعمة"
انطلق لسانها بسؤال متهور لم تستطع السيطرة عليه "وماذا عن جنيتك؟"
التفت لها بصدمة ناظرا لها بدهشة وعقله عاجز عن استيعاب سؤالها.. فتسارع معتذرة بنبرة رقيقة محرجة "أنا آسفة ما كان يجب أن أسمح لنفسي باقتحام خصوصيتك"
قاطع اعتذارها سريعا قائلا باندفاع دون تفكير "لا تعتذري ليس بالأمر الكبير.. جنيتي معي أيضا"
شعرت بألم كبير يغزو قلبها وصورة روهان مرتبطة به تعود وتغزو عقلها رغما عنها.. ولكنه محق في كونها جنية فالفتاة كما عرفتها عن قرب بريئة وطيبة للغاية.. أحست بجدران المطبخ تطبق على صدرها في لحظات يجعل مشاعر بريئة تغزو كيانها.. وفي نفس اللحظات يقتل تلك المشاعر ويغتالها.. منذ دقائق كان يتحدث معها بدفء ويساعدها كما لو كانا زوجين.. وبعد ذلك يؤكد لها أن جنيته لا زالت تستحوذ على قلبه..
وضعت الإناء الكبير في الحوض وتركته دون تنظيف؛ الأمر الذي سيثير غضب والدتها كثيرا.. ولكن ليس لها القدرة على البقاء معه أكثر في مكان واحد.. لتقول باعتذار وهي تجفف يديها "يجب أن أذهب إلى مرسمي بعد إذنك"
هز رأسه وهو لا يعي ما ألم بها ليهمس مناديا إياها قبل أن تخرج "يويو"
التفتت برأسها لها متسائلة وقد تلقى قلبها صدمة كهربائية عنيفة وهي تسمع لقب دلالها منه؛ فيجيبها بصوت أجش "لا ترتدي خلخال ثانية خارج المنزل"
تجهمت ملامحها الجميلة سائلة بريبة "لا يليق بي إلى هذا الحد؟!"
لم يستطع إجابتها بالحقيقة فخرج صوته ثائراً مشحوناً "فقط لا ترتديه"
هزت كتفيها بحزن قائلة بخفوت "كانت تلك المرة الأولى فقد أعجبني تصميمه.. ولكن بما إنه سيء فلا بأس"
وغادرت دون أن تسمع رده الذي جاء في صورة تمتمة خشنة "سيء!! بل فاتن بطريقة غير عادلة إطلاقا"
**************
فتح سيف الباب للذي يقف بالخارج قائلا ببشاشة "أهلا عمتي.. تفضلِي"
ابتسمت نيرة مجيبة تحيته بود "أهلا حبيبي.. أين لمار؟"
أفسح مكانا للمرور قائلا "إنها بالداخل.. تفضلِي"
هزت رأسها نفيا قائلة "نادها فقط"
عبس باستغراب مجيبا باهتمام "سأفعل ولكن ادخلي عمتي.. هل يزعجكِ شيء؟"
أشاحت نيرة بيدها بنفاذ صبر قائلة بحدة "لا تضيع وقتي يا سيف لم أكمل طهي الفطور بعد.. هيا اذهب وابعث لي لمار"
التفت للخلف على صوت والدته الهادئ "أنا هنا نيرة وأعلم فيما تريديني.. كنت سأصعد إليكِ بعد قليل"
ابتسم سيف بحب لوالدته متسائلا فضول "هل ستخبراني بما يحدث؟"
أجابته لمار بحزم وهي تخرج وتغلق الباب خلفها "كلا اذهب وأيقظ أباك"
التفت لمار لنيرة التي بدأت بالنزول قائلة بإدراك "هل علمتِ سبب حزن هنا؟"
أجابتها نيرة بهدوء "أصبح عندي فكرة عامة عن الموضوع"
لمعت عينا لمار بغضب واستنتاجها يزيد من سخطها قائلة بنبرة حانقة "هل كلمتها إحدى شقيقاتها؟"
هزت نيرة رأسها نفيا قائلة بنبرة هادئة تفيض بالحنق "كلا رغم إني لا أطيقهم.. فالغيرة تملؤ قلوبهم تجاهها ولا يتحدثون إليها إلا ليعكروا صفو حياتها.. ولكن يبدو أن هناك مشكلة بينها وبين خالد"
عبست لمار مفكرة وهي تزم شفتيها بقوة.. لدرجة أن غمازتيها برزت أكثر قائلة بتأكيد "صحيح لقد أفطر بالأمس معنا، ولم يفلح ماهر في استخلاص كلمة منه عن سبب فطوره معنا؛ وترك زوجته وبناته بمفردهم"
ردت نيرة بنبرة مؤكدة "نفس الأمر حصل معنا بالأمس على السحور.. الأحوال بينهما غير مستقرة منذ ذلك اليوم بين إياد وناري"
صمتت لتضيف بغضب "لو علمت أن لما حدث بينهما دخل بحزن هنا.. فسُأري هذان الاثنان الجنون على حق"
ضحكت لمار هامسة بيأس وهي تدق الجرس "أنتِ مجنونة أكثر من أبنائنا"
هزت نيرة كتفها بعدم اكتراث والباب يفتح وتطل روهان بوجهها الصبوح قائلة بمحبة "مرحبا"
ابتسمت لمار لها بشكل تلقائي كما تفعل كلما رأتها.. الفتاة أخذت قلوب جميع من بالبيت كما فعلت مع خالد وهنا في أيام قليلة.. أتاها صوت نيرة المشاكس دائما "مرحبا يا رمادية.. هنا بالداخل؟"
ضحكت روهان مجيبة بنقاء "نعم.. تفضلا سأستدعيها لكما"
دلفتا إلى غرفة الجلوس واختفت روهان بالداخل، وبعد دقائق دلفت هنا إليهما تلقي التحية بنبرة حزينة لم تخفي عليهما.. ليأتيها السؤال واضح ومباشر من نيرة "ما بكِ هنا حزينة هكذا؟"
تهدل كتفيها بحزن بالغ وهي تجيب ببؤس "خالد غاضب مني منذ عدة أيام ولا يتحدث معي، ويفطر ويتسحر خارج المنزل"
انتقلت لمار تجلس بجوارها سائلة باهتمام "لماذا؟ ماذا حدث؟"
رفعت هنا عينيها إلي لمار تهمس بذنب "هل تتذكران العريس المزيف الذي أخبرت خالد عنه قبل زواجنا؟"
ردت لمار بعدم فهم "نعم.. ما ذكركِ به؟"
أخفضت عينيها وهي تشبك كفيها سويا.. فبدت كواحدة من بناتها وهي تخبرهما بنبرة منخفضة "لقد علم خالد عنه وغضب"
ثم همست باستفهام وهي ترفع عينيها إليهما "لا أفهم ما سبب غضبه؟.. وهو لا يتحدث معي ويفهمني"
همست نيرة بسخط بصوت مسموع لهما "وتتساءلون من أين أتى أبناءنا بطبعهم المعتوه"
هتفت بها هنا بتأنيب "نيرة عيب ما تقولينه"
أشاحت نيرة بيدها بعدم اهتمام قائلة بغضب فقدت السيطرة عليه "أنت من يجب عليها الغضب وليس هو.. ما بالهم الرجال!! كلما صمتنا لهم زادوها.. هل يغضب من أمر مر عليه أكثر من ثلاثون سنة.. هذا دلال زائد منكِ ويجب أن تتخذي موقفا منه.. لا يحق له الغضب بأي شكل من الأشكال"
هتفت لمار بتأنيب حازم "نيرة كفى"
ردت نيرة بعناد "لماذا لم أخطئ، أنا أقول الحقيقة الرجال لا يجوز أن تدلليهم.. من وجد الدلال منهم تمرد"
ضربت كفيها ببعضهما وهي تقول بدهشة "لا إله إلا الله.. هلا تفضلتِ وصمتِ قليلا"
سكتت نيرة عن الحديث غصبا ولمار تربت على كتف هنا قائلة بهدوء "لا تستمعي إليها لا يضر أن يتدلل خالد عليكِ قليلا.. تزيني له الليلة وقليل من الغنج من قبلكِ وسينسى كل شيء"
همست هنا لها بشك "هل تعتقدين هذا؟"
أومأت لمار برأسها بقوة قائلة بشقاوة عابثة "هل تريدين أن أسرب لكِ الفتيات الليلة؟"
ضربتها هنا على ذراعها قائلة بحرج لائم "لمار لا تخجليني"
ضحكت لمار بينما ناظرتهما نيرة بعدم رضا والحنق يتدفق من عينيها.. همت بالاعتراض ليأتيهم طرق على الباب وصوت خالد يستأذن للدخول.. ردت نيرة قائلة بغيظ "ادخل يا خالد"
دلف خالد ملقيا التحية بوجه مبتسم موجها حديثه لهنا "هنا أين القميص الأزرق ذو الأزرار البيضاء أبحث عنه ولا أجده"
نظرت له بتأمل قبل أن تقول بخفوت "سأذهب لأرى أين هو؟"
ابتسم لها بشكر وهي تغادر ليجلس على مقعد منفرد قائلا بترحيب "أنرتما المنزل"
زمت نيرة شفتيها بقوة قائلة بغيظ "المنزل منير بهنا فقط"
عقد حاجبيه يحاول مداراة ابتسامته.. إذاً هي علمت بغضبه من هنا وهي لن تقف معه مطلقا.. ليرد بخفة وعينين مبتسمتين "طبعا إنها درة المنزل"
ردت بتهكم "ولماذا أنت غاضب من درته؟"
ابتسم خالد قائلا بهدوء "أمر قديم لا تشغلا بالكما"
أجابته لمار بابتسامة لائمة "بما إنه أمر قديم ما الداعي لفتحه الآن؟!"
ابتسم ونيرة تجيبه بحمية "إنها هنا يا خالد فقط يكفيك أنها هنا، اعتذر منها وصالحها فهي حزينة بسببك"
هز رأسه قائلا بابتسامة مضيئة ولمار تناظرها رافعة حاجبيها "سأفعل بإذن الله"
ردت بتشجيع "هيا اذهب إليها"
أجابها باعتراض "ولكن..."
قاطعته وهي تقف وتجذب لمار المذهولة معها قائلة بحزم "بدون لكن نحن كنا سنغادر على أي حال.. لم أنهي الفطور بعد"
همست لها لمار أثناء مغادرتهم "ماذا فعلتِ؟"
ابتسمت قائلة بمكر محبب "هل ظننتِ أني سأتركها هي من تعتذر.. واهمة حتى وإن كانت مخطئة كنت سأدفعه ليعتذر لها أيضا"
ردت عليها لمار بصدق "أنتِ مخيفة"
بينما اتجه خالد إلى هنا بغرفتهما.. وقف على الباب يتأملها وهي تبحث في أدراج صوان الملابس عن قميصه.. عبس لائما نفسه لماذا غضب منها؟.. ما فعلته حينها جمعهما سويا.. وقد كانت محقة ماذا كان سيفعل إن تقدم واحد مناسبا لها؟ كان والدها سيوافق وكان سيخسرها للأبد.. ابنته وإياد يتلاعبان ببعضهما فلماذا يعاقبها هي؟ ابتسم بتلقائية وهي تضرب جبهتها بيدها ليهمس متسائلا "ماذا هناك؟"
أجابته بعفوية وهي تلتفت إليه بخفة "القميص ليس هنا إنه بسلة الملابس يحتاج للكي.. دقائق وسيكون جاهزا"
همت بالمرور من جواره ليجذبها من يدها يوقفها أمامه قائلا بحنان "اشتقت إليكِ"
همست بعتب وهي تخفض عينيها الدامعة "هنت عليك يا خالد"
رفع وجهها إليه هامسا بهيام وهو يقبل جبينها "لا تهوني أبدا يا حبيبة خالد"
أسندت رأسها على كتفه مجيبة بلوم باكي "كلا هنت عليك وليس ليوم بل عدة أيام"
لف ذراعيه بقوة حولها وهو يزيد من ضمها لقلبه بقوة قائلا بعتب "كنت غاضب قليلا وأعترف أخطأت.. أنا أسف.. هل تسامحيني؟"
ابتسمت دون أن يراها قائلة بتسامح "حسنا لا يهم ما دمت لم تعد غاضبا"
أبعدها ليرفع وجهها إليه ينوي تقبيلها ليقول بالقرب من شفتيها "لا أقو على الغضب منكِ"
ابتعدت خطوة للخلف لينظر إليها رافعا حاجبه لتقول بشقاوة "نحن بنهار رمضان خالد"
ضحك قائلا وهو يقترب منها ثانية بعبث "إنها مجرد قبلة"
ابتعدت قائلة وهي ترفع كتفها بغنج "الباب مفتوح قد تمر إحدى الفتيات.. حافظ على وقارك يا زوجي الحبيب"
رد بهدوء وهو يلتفت تجاه الباب ليغلقه "سأغلقه قبل أن تجدي حجة أخرى"
قبل أن يغلقه كانت قد مرت من أسفل ذراعيه إلى خارج الغرفة قائلة بنبرة عابثة "أعتذر عن كوني غير متفرغة.. ألقاك ليلا زوجي"
انطلقت ضحكته قوية وهو يتجه إلى حمامه قائلا "أحمق.. ممن غضبت"
***************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:08 PM   #195

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

لما رآني في هواه متيماً
عرف الحبيب مقامه فتدللا
فلك الدلال وأنت بدر كامل
ويحق للمحبوب أن يتدللا
المتنبي

عدة أيام بعد عيد الفطر كان هادي جالسا أمام يامن في مكتبه يتناقشان في عدة أمور، وقد تركهما نادر وغادر إلى تفقد مشروعاتهم.. نادر الذي يتنفس الشغف بين مواقع العمل.. بينما كان هو لاهى عما يقوله يامن.. يستمع إليه يتحدث ولا يفقه ما يقول.. فعقله قد صمت أخيرا تاركا لفطرته وغريزته التعرف عليها.. على تلك التي أخذ هدنة غير معلنة معها.. هدنة كان أثرها على قلبه كارثي، فقلبه الغارق بها ما عاد راغبا ببديل عنها.. ما عاد قادرا على الابتعاد، ما عاد ينصت إلى أوامر عقله، أصبح خارج السيطرة في عشقها إنها حبيبته، شاء عقله أم أبى لا يهم فما عاد رأيه يشكل أي فارق.. ما عاد قادرا على العيش دونها..
كيف يمكن للمرء أن يغير فكرة شخص عنه في عدة أيام.. ما عادت روهان المدللة الوقحة ذات الملابس الحارقة للأعصاب، إنما روهان أخرى أكثر فتنة وبساطة وجمالا ولكنها ما زالت حارقة للأعصاب.. أعصابه التي تشتعل بنيران كاوية كلما لمح أحد يتلصص على ملامحها الجميلة
إنها دون إرادة منها تجذب الجميع لصفها، إنها رغما عن أنفه أنثاه التي يحب ويرغب ويريد.. لا امرأة أخرى قد تحتل محلها في روحه مهما حاول إجبار قلبه.. لذا على عقله قبول خيار قلبه هذه المرة.. وعلى طباعه أن تتهذب وتهوره أن يلجم لأجلها، سيجلس معها جلسة طويلة يخبرها بمشاعره ويفهم عن حياتها.. ولكن مهما حدث لن تكون لآخر ولن يكون لأخرى غيرها.. انتفض في مجلسه على ضربة يامن المفاجئة على الطاولة ليهتف بحدة "ماذا؟"
رد يامن بهدوء وهو يعود لأوراقه "أسألك عن رأيك ولا تجيبني"
رد بعدم فهم نتيجة شروده "رأيي في ماذا؟"
زم يامن شفتيه قائلا بحنق "اترك شرودك جانبا وركز لدينا عمل"
هم أن يجيبه برد حاد لولا أن الباب طُرق ودلفت منى قائلة بتهذيب "باشمهندس هادي لقد حضرت الآنسة روهان.. ولكنها صعدت لمكتب المتدربين فورا"
هز رأسه قائلا بشكر "شكرا لإخباري يا منى تفضلِي"
استقام واقفا بعد خروجها قائلا بنبرته المتسلطة "اشبع بعملك.. لدي عمل أهم"
خرج هادي تحت نظرات يامن المستنكرة لعدم إتمام عملهما، هم أن يتجه للطابق الثاني حيث تتواجد فقد اشتاق لها كثيرا، لكل ما بها عينيها التي يتغير لونهما ويتبدل دون أن يعرف كيف تفعلها، ليتسمر على أعتاب باب المكتب يستقبل الطلة البهية للتي تنزل برقة من الأعلى، ترتدي شيئا رائعا عليها يشبه الفستان من اللون الأخضر الداكن.. مشغول بالفضة من الأعلى ويلف خصره حزام فضي على شكل حلقات، كميه يصلان بالكاد إلى مرفقها من القماش الأبيض الشفاف ويوجد نقشة ثقيلة عليه قريبة من الكتف، ينقسم بطوله بواسطة خط فضي إلى بعد ركبتها بشبر، ثم انقسم بعد ذلك نصفين وبشكل عجيب لم يظهر قدميها إنما منحها حرية الحركة..
ابتسم ابتسامة عريضة ردا على ابتسامتها المتألقة التي أهدتها له ما إن رأته، ليسارع بفرد أحد ذراعيه أمامها عندما تعثرت بطرف ردائها بالقرب منه، كي تستند عليه ويده الأخرى امتدت تدعم العلبة التي تحملها كي لا تسقط.. حبس أنفاسه ويدها تتعلق بذراعه ورأسها تدلى حتى كاد يصطدم بكتفه.. رفعت عينيها إليه بشكر صامت وقد انعقد لسانها من هذا القرب، بادلها النظر هذه المرة سامحا لنفسه بالغرق في رماد عينيها، لم يهرب هذه المرة ولم يعاند فقط تشرب جمالهما بتوق، نزعت يدها من على ذراعه التي آنت بحسرة لفقدان تواصله الحسي معها، وهمست بابتسامة مشرقة "صباح النور هادي"
ضحك مجيبا بخفة وهو يكاد أن يلتهمها بعينيه "صباح النور رهان.. ماذا كنتِ تفعلين بالأعلى؟ وماذا يوجد بهذه العلبة؟"
فتحتها أمامه ليظهر قطع الشوكولاتة المتراصة وقد نقص عددها قائلة ببهجة "إنها شوكولاتة.. لقد أحضرتها للجميع بمناسبة العيد خذ واحدة"
مد يده يلتقط قطعة ليلقيها بفمه مرة واحدة مجيبا إياها بنبرة مراوغة موحية "لذيذة للغاية"
لم تنتبه إلى نبرة الغزل التي لونت صوته لتقول بفرحة أظهرتها ملامحها دون جهد "لقد اشتريتها بعيديتي فقد حصلت على عيدية كبيرة هذا العيد"
ابتسم وهو يفسح لها مكانا لتمر من أمامه إلى الداخل قائلا بخفوت "كل سنة وأنتِ بألف خير"
اتسعت ابتسامتها حتى ظهرت أسنانها مجيبة "وأنت بخير هادي، لماذا لم تزرنا في البيت هذا العيد؟"
رد باعتذار "انشغلت مع شقيقاتي"
توقفت أمام عينيه أمام مكتب الاستقبال توزع عليهم قطع الشوكولاتة، وتستقبل تهنئتهم بابتسامة سعيدة متسامحة.. ابتسم قلبه لبسمتها المنعشة وهو يقرر بينه وبين نفسه أن كفى عذابا، يجب أن يتحدث معها لقد ترفع عن هذا سابقا والآن هو يدرك حجم خطئه، كان يمكنه أن يتفادى شهورا من العذاب لو أن عقله منحه الفرصة فقط ليتعرف عليها، الفرصة التي سلبها منه بتحجره واندفاعه، دلف للمكتب وهي خلفه ليقول بمزاح وهو يجلس على طرف مكتبه "تبدين سعيدة لانتهاء شهر رمضان"
التفتت إليه قائلة بنفي سريع "كلا لست سعيدة.. ولكن أيام العيد الماضية كانت مبهجة"
أمال رأسه قائلا وهو يدقق في ملامحها بتأني "إذاً كنتِ سعيدة خلال شهر رمضان رغم أنكِ تعبتِ فيه"
أشاحت بيدها بخجل من تعبها قائلا بنبرة خافتة "تعبت لأنه كان أول مرة أصومه ليس أكثر.. وفي أول أسبوع فقط حتى اعتدت عليه"
أعجبه الحديث وكأنه يدير حوار مع صغيرة شقيقته رباب.. مجيبا بمهادنة رقيقة "إذاً فقد أحببته"
أجابته باندفاع بريء "نعم أحببته جدا؛ يا ليت كل الشهور رمضان إنه شهر الروحانيات"
تألقت عينيه بألق أخاذ قائلا بذهول وهو يعتدل قليلا في جلسته "شهر الروحانيات!!"
التفتت له بكامل جسدها وفستانها يلتف حولها قائلة بسعادة "بالطبع به كل العبادات لها طعم مختلف.. وروحك وقلبك ما أسعدهما في أيامه.. لم أشعر بهذه السعادة والراحة من قبل.. أشعر بنفسي خفيفة وأستطيع التحليق"
مع انتهائها من جملتها لفت حول نفسها ببراءة خطفت قلبه من محبسه.. وصوتها النقي وهي تردد "كم أحب شهر رمضان"
تهادى لخلايا قلبه بتروي، فتشربه بلهفة وهو يسب عقله على ما أضاعه من أيامه معها بسبب عناده.. نقية صافية شفافة ومبهرة وأنت لا تستحق قلبها، ولكنه أناني وسيء الطباع بعض الأحيان ورغم هذا؛ ما زال طامعا في قلبها، هم لسانه أن يخرج كلمة الحب لها.. وكم وجدها سهلة وسلسة ولكنها توقفت في حلقه، كما توقف معها دوران عالمه كله مع قولها المبتهج "وأيام العيد ما أروعها وكم جعلها سيف ممتعة"
صمت وهو يستقيم واقفا يطالعها بوجوم، يحاول قراءة نظرات عينيها وفهم مشاعرها من خلالها.. وكل ما استطاع الحصول عليه كان سعادتها وفرحتها العظيمة، ليتلوى قلبه داخل صدره بألم مبرح سائلا بكآبة حلت عليه فجأة "سيف!! لماذا؟"
نظرت له بتأمل لتجيبه ببساطة وهي من اعتادت تقلباته المزاجية دائما.. فلم تعد تبالي بها أو ترهبها كما كانت تفعل قبلا "لقد أحضر لي هذا القفطان هدية، وأخذنا بنزهة في القارب بالنيل، وتناولنا عشاءنا بالخارج في مطعم رائع لقد جعل اليوم مميزا للغاية، كم أنا ممتنة له وكم هو إنسان جميل"
انتفضت عضلة بجانب خده بغضب عاتي، وعينيه تتوحش بغيرته البدائية، أما قلبه فقد سقط قتيلا ينزف دماء سوداء من شدة ألمه.. دارت عينيه بعذاب على ملامح وجهها قبل أن ينتفض خارجا دون كلمة.
عبست روهان بتعجب من تغير حالته كليا.. أين ذهب الشخص اللطيف المبتسم الذي كانت تتحدث معه منذ دقيقة، وما الذي أغضبه في حديثها.. أغمضت عينيها تسترجع ما قالته وأزعجه، زمت شفتيها بقوة إنها لم تخطئ كل ما فعلته أنها شكرت سيف على هذا اليوم الرائع من عمرها
فلقد تفاجأت به يحضر لها هذا القفطان كما أحضر منه للجميع، من عمتها نيرة إلى التوأم الصغير، ثم الحلوى التي جلبها لهم بعد صلاة العيد مباشرة، والعيدية التي حصلت عليها من الجميع، كم فرحت بها وكأنها تيم أو مروة، وليلا بعد يوما حافل من الأحداث المبهجة التي لم تعرفها قبلا، أظهرت سما رغبتها في نزهة نيلية، فرتب سيف للأمر وأخذ الجميع معه، ثم كان عشاء بالخارج في مطعم مميز أحبته.. يوما مميزا وأيام أجمل أنعم الله بها عليها.. وكم من نعم الله التي يغدقها على عباده دون حساب.. التقطت قطعة شوكولاتة تقضم منها وهي تتجه لمكتبها لتبدأ عملها.
لم يحتمل قلبه البقاء في نفس المكان، وهي تمدح بآخر قدم لها بسخاء، ما رفض أن يعطيه لها من البداية، لقد وهبها الله له ووضعها في طريقه من البداية، ووجب عليه أن يستغل الفرصة، ولكنه الغبي عاند وكابر حتى ضاعت منه، انتفض قلبه بألم متشبثا بأمل ضعيفا أن تكون له بنهاية الأمر
لذا اتجه مباشرة إلى مكتب يامن.. وجده منكبا على طاولة رسوماته يعمل على أحد تصاميمه.. ليقول بخفوت محاولا إجلاء نبرة العذاب من صوته "يامن أريد أن أسألك سؤال وأن تجاوبني بصراحة"
أجابه يامن بجدية دون أن ينظر له "أستمع إليك ماذا تريد؟"
بلل شفتيه ليقول بصوت واهي "هل سيف ابن خالك يحب"
رد يامن بعفوية ولم يربط السؤال بروهان "سيف متيم وليس محب فقط.. ولكن لماذا تسأل؟"
انتظر ولكنه لم يحصل على جواب، التفت بكرسيه الدوار ليجد هادي يستند بكلتا يديه على المكتب، ويخفض رأسه ملتقطا أنفاسه بصعوبة، ألمه قلبه على منظر صديقه وامتلأ بالشفقة عليه.. ثم اتسعت عينيه بذهول وهو يربط الأمر بروهان، إذاً الأحمق صديقه يعتقد أن سيف يحب روهان.. فتح فمه قائلا "هادي سيف.."
رفع هادي كفه يوقفه عن الكلام قائلا باختناق "لا أريد أن أسمع شيء.. وسأغادر الآن ليس لدي طاقة للعمل"
كان يامن لا يزال محله يناظر صديقه الذي خرج بذهول، ماذا حدث ليصل لهذا الاعتقاد الغريب، الأيام الماضية شهد تغير ملموس في معاملته لروهان، وقد كان مطمئنا أن هادي سيجد طريقه بالنهاية مهما حاد عنه، وقد كان معه منذ وقت وكان سعيدا، إذا ماذا حدث؟ لا يستطيع تحمل ألم صديقه.. لذا أخرج هاتفه ليهاتفه ولكنه وجد هاتفه مغلقا، أغمض عينيه بغضب مهمهما بحنق "غبي ستظل طيلة عمرك متسرع"..
عاد إلى عمله يكمله ولكنه فقد كل الشغف والقدرة على الإنتاج.. لذا لملم أغراضه وملفاته الهامة وقرر أن يأخذ هو الآخر عطلة، قابلته روهان بالخارج لتهمس بتعجب "يامن إلى أين؟"
أجابها بثقل يجثم على روحه "لا أستطيع العمل؟"
اتسعت عينيها باستنكار قائلة بسخط "وهادي الآخر غادر"
هز رأسه مجيبا بتعب "أعلم أخبري أحلام أن تلغي مواعيدي اليوم.. أو استقبليهم أنتِ لا يهم فبكل الأحوال سأغادر"
ثم تركها وغادر وهي تضرب كفيها ببعضهما البعض.. لتتجه إلى مكتب الاستقبال تعطي الأوامر إلي موظفاته "منى مواعيد باشمهندس هادي حوليها لي، وأحلام ألغي مواعيد باشمهندس يامن غير الهامة وحدديها بيوم آخر.. والمهم قسميه بيني وبين باشمهندس نادر، اضبطا مواعيد اليوم سويا"
أجابتها المسؤولة عن مكتب نادر "عذرا باشمهندسة؛ ولكن باشمهندس نادر بالخارج اليوم يتفقد المواقع ولن يعود"
فتحت فمها بدهشة مستنكرة مغمغمة بانعدام حيلة "لله الأمر من قبل ومن بعد.. ما بهم جميعا اليوم؟! حسنا أعيدا جدولة مواعيدنا لليوم ثانية.. وانظرا من يمكن تأجليه وما هو العاجل، وأنا سأقابلهم"
هزت الاثنتان رأسيهما باحترام لتقول منى بتهذيب "الآنسة أسماء المتدربة كانت تسأل على باشمهندس هادي، تقول أنها تريد رأيه بتصميم ما وتريد استشارته"
أغمضت عينيها بتعب وقلبها يهاجمه ألم غريب المصدر، إنها تبغض تلك الفتاة بشدة وتكرهها دون سبب، الفتاة تتجنبها تماما وتتعامل مع هادي دائما، وهي لا يعجبها هذا القرب من هادي، ودون أن تفهم سبب الغضب الذي تسلل لها، ردت بهدوء قدر استطاعتها وبنبرة مغلفة بالرجاء "حسنا منى سأذهب لأرى ماذا تريد؟ ولكن رجاء ابعثي لي بكوب قهوة سوداء كبير مركز إلى أبعد حد.. يبدو أن اليوم سيكون طويلا للغاية"
ضحكت الفتاة أمامها قائلة بمؤازرة "سأحضر لكِ ما تريدين فليعنكِ الله على يومكِ"
*****************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:12 PM   #196

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

عاد يامن للبيت يشعر باختناق يمنع وصول الهواء لرئتيه، بحث عن أخيه الصغير ليفرغ همومه بين ذراعيه، ولكنه كان بالنادي مع يزن؛ خرج من الشقة التي يسكنها مع والدته دون أن يشبع فضولها عن سبب عودته، كان يتحرك بتعب وإرهاق ألم بروحه قبل جسده، لا يحب رؤية هادي يتألم بهذا الشكل، ولا يعلم ما أوصل لهادي تلك الفكرة بحب يوجد بين روهان وسيف، الفكرة غير مقبولة بالنسبة له فربما لأنه يعلم بانجذاب روهان لهادي، وللحب الذي يجمع بين سيف وسما جعلها فكرة عجيبة بالنسبة لعقله.. ولكن ليس بالنسبة لهادي صاحب أغبى عقل بالتاريخ، طيلة عمره يعرفه عاقل ويزن الأمور جيدا ولكن هذا كان قبل معرفته بروهان..
يا الله من هذا الحب كم شكل له؟ وكم لون له؟ لقد رآه قاسيا وبغيضا ومليء بالحقد بين والديه، ومجنون ومتناسق بين يزن وبراء، ومشاكس مليء بالتحدي بين ناردين وإياد، ومكابر ومثير للغيظ بين سما وسيف، ومليء بالعند والغباء بين روهان وهادي، ومودة ورحمة بين أخواله وزوجاتهم، ومدلل ومثير للاهتمام بين عمر وخالته، ما هو الحب حقا؟ ولماذا يؤلم ويضيم الروح إلى هذا الحد
دعك جبهته بتعب يريد الحديث مع هادي وإيضاح الكثير من الأمور له، ولكنه يشعر أن هذا ليس من حقه، إنها حياة روهان إن كانت تريد إخباره فهي ستفعل بمفردها، التفت للخلف على همسة يقين الرقيقة "يامن ماذا تفعل هنا؟ هل أنت بخير؟"
التفت من حوله ليجد أنه في ظل شروده قد وصل إلى نهاية الحديقة، عاد بنظره لها يتأملها في زيها الرقيق تنورة بيضاء تصل لركبتيها، منقوشة بورود حافتها من الأزرق الغامق، وقلبها باللون السماوي الداكن وبلوزة من نفس اللون.. بربع كم تدخل أطرافها في تنورتها مع صندلها الأسود الرقيق.. مجيبا بنبرة حانية "نعم بخير كنت أتمشى قليلا وشردت فوجدت نفسي هنا، وأنتِ ماذا تفعلين هنا؟"
ابتسمت بهدوء قائلة وهي تشير بيديها للبوابة الصغيرة القريبة منهما "ذاهبة إلى مرسمي سأرسم قليلا"
هز رأسه بكآبة لمستها بسهولة قائلا بخفوت "حسنا، موفقة"
اختفت ابتسامتها مع حزنه لتفرك يديها قائلة بخجل وهي تبلل شفتيها التي جفت "إذا كنت غير مشغول يسعدني أن أريك مرسمي"
عقد حاجبيه ناظرا لها بتأمل قبل أن يهز رأسه موافقا، وهو يجاورها في خطواتها الرقيقة بصمت، فتحت البوابة الفاصلة بين المنزلين ليدلف خلفها، كانت هناك حديقة صغيرة ولكنها نظيفة ومنظمة، التفتت له قائلة "مرسمي بالطابق الثالث"
جلس على جزء من الأرض مرتفعا قليلا عن أرضية الحديقة.. عبست باستغراب متسائلة باستفهام "لماذا جلست هنا؟"
أطرق برأسه أرضا قائلا ببؤس لم يسيطر عليه "أريد الجلوس بالهواء الطلق أعتذر"
هزت رأسها بتسامح قائلة بهدوء "الأمر لا يستحق الاعتذار، كما أنك محق فالجو اليوم ممتع ويساعد على الاسترخاء"
ارتسمت ابتسامة ممتنة على ثغره وهو يراقب مغادرتها بكآبة حلت عليه اليوم، يشعر بصدره ضائق بأفكار سوداء مظلمة، لماذا يحب الناس إذا كان الحب مؤلم؛ لم يعد يعرف هل هو جيد أم سيء؟، لماذا لا يختار الناس ببساطة من يريدون أن يقعوا في الحب معهم؟.. لا لا الأصح لماذا لم يترك للبشر حرية الوقوع في الحب من عدمه؟، زفر بقوة مستغفرا أفكاره التي فتحت باب للشيطان ليلعب بعقله.. انتبه على عودة جنيته تحمل بين يديها بساط صغير، ناولته إياه قائلة بحزم خفيف "افرده فقط إلى أن أحضر باقي أدواتي"
أوقفها متسائلا بعدم فهم "ماذا تفعلين؟"
ابتسمت عينيها له وهي تجيبه بخفة "لقد أخبرتك أن الجو اليوم يساعد على الاسترخاء، ولم أخبرك أنه يساعد على الابداع أيضا؛ بجميع الأحوال كنت أنوي الرسم بالخارج وهذا بساطي افترشه بالحديقة.. كلما حدثتني نفسي بفعلها"
لم يملك غير أن يبتسم لها ابتسامة حقيقية قائلا برقة "أساعدكِ في جلب شيء؟"
هزت رأسها نفيا قائلة ببساطة "ليست أشياء كثيرة أستطيع جلبهم بمفردي؛ هل أحضر لك شيئا تشربه؟"
هز رأسه بالسلب وهو يفرد البساط على حشائش الحديقة الصغيرة.. ثم جلس على طرفه منتظرا عودتها بشغف حتى يراها وهي ترسم.. لم تتأخر وهي آتية تحمل لوحة عملاقة وتحمل على كتفها حقيبة صغيرة، التقط منها اللوحة ووضعها أرضا بينما هي جلست مقابلة له.. ثانية قدميها أسفلها لتجلب أحد أقلامها وهي تنظر للوحتها بتركيز، نظر لها بابتسامة حانية قائلا "ماذا سترسمين؟"
رفعت كتفيها بعدم معرفة قائلة وعينيها ما زالت معلقة بلوحتها البيضاء "لا أعلم، ليس ببالي شيء محدد"
ضحك بذهول مجيبا بعدم فهم "إذا ماذا تفعلين؟"
مال جانب فمها بابتسامة صغيرة مجيبة "أفكر من أين أبدأ؟"
حاول فهم ما تقول ولكنه لم يستطع ليسألها بحيرة "تبدأين ماذا؟"
ضحكت بانشراح مما أسعد قلبه قائلة ببسمة صافية "أنا أعترف أني لا أملك فكرة محددة، ولكن سأترك لريشتي الفرصة لتعبر عن أفكارها بنفسها"
انفرجت شفتيه بما يشبه ابتسامة منذهلة وهو يراقبها تخط بقلمها بعشوائية.. آسرت قلبه وهي ترسم خط طويلا ثم تبعد القلم.. واضعة إياه بالقرب من فمها دون أن تضعه فيه، ناظرة لورقتها بتفكير عميق قبل أن تقرب القلم ثانية لترسم خط طويل آخر، باغتته وهي تهمس سائلة باهتمام "ما بالك يامن تبدو مهموما؟"
رد بخفوت "مشغول البال فقط"
رفعت رأسها تنظر له قليلا قبل أن تعيدها للوحتها قائلة بهدوء "هل ستعتبرني أتطفل عليك إذا سألتك ما بك؟"
أخفض عينيه للوحتها بشرود قائلا بعد فترة صمت "ما هو الحب يقين؟"
ابتسامة رقيقة زينت ثغرها وهي تجيب بإيمان "هبة من الله لعباده ليصلح ميزان قلوبهم"
عبس بتفكير قائلا بخفوت "أليس الحب بمودة؟"
ظلل عينيها عدم فهم لأسئلته لتجيبه ببساطة "المودة والود أعلى منزلة قليلا من الحب.. إنه الأساس الذي تقوم عليه البيوت، قال تعالى في كتابه (وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً)"
رد بهدوء مشحون بذبذبات لم تفهمها "إذاً هو رحمة؟"
ردت بيقين راسخ كاسمها "بالطبع الحب رحمة ومن لم يرحم حبيبه فهو لم يحبه"
عاد لسؤالها ثانية بنبرة فضولية "وأمان أليس كذلك؟"
رفعت رأسها له تتأمل عينيه التي سكنتها نظرة غريبة، وكأنه يثبت لنفسه أمرا ما مجيبة بثقة "إذا فُقد الأمان في أي علاقة فهي منتهية ليس الحب فقط"
تلاعب بطرف البساط وهو يبعد عينيه عنها قائلا بنبرة خافتة "وثقة؟"
كانت حركة يدها على لوحتها تزداد سرعة دون أن تنتبه وهي تجيب بإقرار "إنها أساس العلاقات لا تستقيم الحياة دونها، إذا فقدنا ثقتنا فقدنا إيماننا"
أجابها بحشرجة ألمتها وهو يشيح بعينيه بعيدا "إذا كان كما وصفتيه إذاً لماذا هو مؤلم.. وشاق ولا يحتمل هكذا؟!"
كادت أن تضحك بمرارة وهي تجيب ببساطة "لا يفترض به أن يكون مؤلما، ولكن عندما نتعامل معه بطريقة غير صائبة يكون مؤلم وجارح"
رد بإصرار عنيد "لا إنه هو المؤلم والجارح ودائما نهايته أليمة.. هكذا ذكر التاريخ وتغني به الأدباء"
رفعت رأسها إليه قائلة بجبين معقود "أي تاريخ هذا!! وأي أدباء هؤلاء؟!!"
أجابها بهدوء ويده ما زالت تداعب البساط أسفله "عنتر وعبلة، مجنون ليلى، كليوبترا وأنتونيو، ولا تنسي من الأدباء رائعة شكسبير روميو وجوليت"
صمتت ناظرة له برهة من الزمن قبل أن تنفجر في ضحكات رنانة، أجفل لها قلبه اضطرابا لتقول بسخرية طفيفة "حقا يا يامن؟!!"
همس بعتاب "هل تسخرين مني يقين؟"
تبسمت قائلة بنفي خفيف "آسفة لم أقصد ولكنك فاجأتني حقا، أهذه قصص الحب التي قرأت عنها؟!"
أجابها برأسه إيجابا لتصمت ناظرة للبعيد ثم فاجأته وهي تشدو بعض الأبيات بنبرة شجية
"حظيت يا عود الأراك بثغرها
أما خفت يا عود الأراك أراك
لو كنت من أهل القتال قتلتك
ما فاز مني يا سواك سواكَ"

رمش بعينيه عدة مرات مأخوذا بما أنشدته.. وقلبه مأسور بجمال كلماتها ليهمس بذهول "ما أروع ما قلتيه"
إجابتها كانت بسمة واسعة مشرقة زينت وجهها المليح.. ونغماتها الرقيقة تنساب إلى أذنيه وهي توضح له "إنه أجمل ما قيل في غيرة الحبيب، أنشده الإمام علي كرم الله وجهه عندما وجد زوجته السيدة فاطمة الزهراء تستخدم سواكا.. قصة حبهما من أروع القصص التي قد يقرأها الإنسان يا يامن، أخبرني هل سمعت بقصة حب السيدة زينب بنت الرسول الكريم وزوجها؟"
صلى على المصطفى خلفها ليقول بصوت خافت "تقريبا ولكني لا أتذكرها للحقيقة"
أخذت نفسا عميقا وهو يتعجب كيف أن يدها لم تكف عن الحركة على لوحتها، فيما كامل انتباهها معه وتكمل له أمثلتها عن الحب "لقد تزوجت ابن خالتها أبي العاص وعندما نزل الوحي، آمنت وكفر هو ولكنها ظلت معه.. ولم تهاجر مع أبيها بل ظلت مع زوجها في مكة حتى أُسر في بدر"
قاطعها بتعجب "ألم يحرم الإسلام زواج المسلمة والمشرك، كيف بقيت معه؟"
ابتسمت قائلة بتوضيح "لم يكن قد أنزل التحريم بعد، المهم أنها فدته بقلادة أمها.. فقبل أصحاب النبي الفداء وفكوا آسره وردوا عليها قلادتها إكراما لرسول الله، وطلب النبي منه أن يسمح لزينب ابنته بالهجرة، وبالفعل عندما عاد أخبرها عن الهجرة، ومن شدة حزنه على فراقها لم يستطع وداعها.. وكلف أخاه بإيصالها إلى المدينة، وانفصلت عن زوجها لست سنوات حتى كان يوما ذهب إليها وطلب منها أن تجيره.. وأجارته ثم أسلم بعدها، وعقد عليه النبي بها، لتتوفى ويتوفى بعدها بعام من حزنه عليها"
دمعت عينيها مع انتهائها لسردها.. لتملأ صدرها بنفس عميق آخر "أما قصة الحب الأعظم بالتاريخ فهو حب المصطفى لأم المؤمنين السيدة عائشة، حتى إنه عندما اشتد به المرض كان ببيت أحد أزواجه.. فاستأذن منهم أن يمرض ببيت السيدة عائشة ومات ودفن في بيتها، والكثير والكثير مما يحتويه التاريخ الإسلامي عن قصص الحب، النقي الصافي الذي لم تدنسه الأهواء البشرية، ليس التاريخ الجاهلي الذي لم يصلنا منه الكثير.. وبالتأكيد لن أستشهد بقصص من الأدب الإنجليزي الذي يميل دائما للنهايات الحزينة.. إنما هو ديننا وتاريخنا الإسلام؛ الإسلام الذي أتى برسالة حب وسلام للعالم أجمع، لم تكن المشكلة يوما في الحب لكن ربما بالأشخاص والظروف المحيطة به.. تتعدد الأسباب في ظلم الحب ونسب له ما لم يكن يوما سببا به.. ويظل السبب الأساسي هو البشر وأهوائهم.. أما الحب هو الهبة التي منحها الله للكون ليستقيم به"
ألجمته فلم يجد ردا يرد به، هم تعلموا جوهر الحب ومعناه النقي، ووالديه أروه الجانب السيء البغيض منه.. ربما هي محقة بل بالتأكيد إن الحق كله معها، ولكنه ما هو إلا مجرد جبان بائس يخاف المستقبل وما يحمله في طياته.. تنهد بعمق قائلا بخفوت "هل من الممكن أن أسألك سؤالا دون أن تعتبريني متطفلا؟"
ردت سريعا دون تردد "بالطبع"
بلل شفتيه وهو يبتلع لعابه الجاف بمشقة سائلا بتوتر "لماذا ترفضين الزواج يقين؟"
ابتسمت له ثم عادت بعينيها إلى رسمتها التي بدأت ملامحها في الظهور قائلة بنبرة بسيطة "لا يمكنني الزواج دون أن يدق قلبي، هذه فلسفتي ولن أتنازل عنها أبدا"
همس بارتياب حذر "لا يعقل أن قلبك لم يدق أبدا.. ألم تحبِي من قبل يقين؟"
توقفت يديها عن العمل لثانية لا تحتسب، قبل أن تجيب بصراحة واختناق يماثل اختناق صدرها.. وهي تقر لنفسها ما ظلت تنكره لفترة طويلة.. أنها واقعة في حب هذا الرجل أمامها.. والذي بدوره واقع في حب أخرى غيرها، ما أتعس انتظارها فلتدعو الله فقط أن يخفف حرقة قلبها "بلى أحببت ولكن قلبه ملك لأخرى.. هذا هو أصعب أنواع الحب يا يامن الحب من طرف واحد"
توقف قلبه عن النبض لوهلة وهو يلومه بكل قهر العالم في هذه اللحظة، أبعد عينيه عنها كي لا تقرأ مرارته وخسارته بها، بينما يده التي كانت ترتجف بحزن أخفاها بعيدا عنها، وصمت حتى لا يفضحه اهتزاز صوته أمامها، لتسأله بثبات حسدها عليه "وأنت لماذا لم تتقدم خطوة تجاه جنيتك؟"
ابتلع ريقه مجيبا بمرارة ستخلف في حلقه أبد الدهر "في البداية كنت لا أؤمن بالحب، والآن مجرد بائس جبان تقاعس عن اقتناص حبه، فخسرها وخسر قلبها الذهبي الذي أهدته لآخر غيره"
صمتت لا تجد ما ترد به عليه، وهي تربط الأمر بروهان هي ليست غبية ليخفى عليها إعجاب روهان بهادي لربما كانت تحبه ولكنها فقط لا تدري، وبالتأكيد هو لاحظ هذا الأمر ولاحظ حب هادي المفضوح لها.. ليفضل يامن الابتعاد عنها لأجل صديقه المقرب..
رفعت يدها مع أخر خط وضعه قلمها ليكتمل الشكل النهائي للوحتها، تأملتها بحزن وكذلك يامن وهو يكتشف أنها ما رسمت إلا النتيجة النهائية البائسة لحياتهما سويا، شاب ملامحه غير واضحة يمد يد مترددة لفتاة.. كان ظهرها فقط الظاهر له ولكن يوضح بوضوح رفضها للشاب.. وبعيدا عنهما انزوت فتاة أخرى تبكي ضياع حبها منها.. همس برجاء مختنق "هل تسمحين لي أن أحتفظ بها؟"
أومأت برأسها إيجابا مهمهمة بخفوت "نعم بكل تأكيد"
*************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-02-21, 11:16 PM   #197

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

في أحد الليالي كان خالد ينزل درجات سلم منزله قائلا بتذمر وهو يلتفت برأسه للخلف "لقد أخطأت يا أيهم وكاد خطأك أن يكلفنا المباراة"
رد ماهر الذي كان ينزل خلفه بحنق "كاد.. لقد كلفكم المباراة بالفعل.. لقد كان من المهم الفوز بهذه المباراة وليس التعادل"
رد خالد حانقا من بين أسنانه "أخبره عله يصدق"
أجابهما أيهم بنبرة جليدية تماثل برودة ابنه عندما يريد وهو ينزل خلف ماهر "لم أخطئ إذا لم أفعل هذا كنت فقدت كل سيطرتي على الفريق"
زم خالد شفتيه بقوة قائلا بغضب "أنت لا فائدة منك.. إلى متى ستظل عنيدا هكذا؟"
رد ماهر حانقا بشدة "أنت تعلم أن التعادل قد حصلت عليه بضربة حظ فقط"
رفع أيهم كتفيه بعدم اكتراث وهو يردد ببساطة "قولا ما تشاءان الأمر انتهى"
زفر خالد بسخط وهو ينزل أخر درجة متجها لخارج المنزل ليعقد حاجبيه قائلا بارتياب "ولداك يتشاجران يا ماهر"
وقف ماهر بجوار خالد وبينهما للخلف قليلا أيهم.. ينظر لابنيه الواقفان أمام بعضهما يتشاجران كالديوك مغمغما بضيق "الثوران، ثقيلا الظل"
وبعيدا قليلا كان سيف يقف أمام أخيه ينتظر انتهاء الاستجواب الذي بدأه يزن "سيف من كانت تلك الفتاة؟"
تأفف سيف بسخط قائلا بنبرة ضائقة "لا أعلم وقد ضقت ذرعا بأسئلتك إن كنت تريد التصديق فافعل وإن لم ترد فلا تفعل.. في كل الأحوال أنا مغادر"
تركه وغادر عائدا للداخل ويزن يلحق به مصرا على معرفة حقيقة ما رآه.. توقف سيف أمام والده وعميه باحترام وكذلك يزن الذي التزم الصمت.. أدار ماهر نظره بينهما سائلا بحزم "ماذا يحدث بينكما؟"
كتف يزن ذراعيه على صدره قائلا بغضب "لا حديث على صفحات المواقع الإلكترونية إلا صورة كابتن سيف وهو يحتضن فتاة في مكان عام.. وعندما أسأله عنها ينكر علاقته بها"
نقل ماهر عينيه إلي سيف سائلا بصرامة "هل تعرفها سيف؟"
رد سيف سريعا دون تردد بصوت واثق "كلا لا أعلم من هذه وهي من فاجأتني بهذا التصرف"
تحرك ماهر مغادرا وهو يقول ببساطة أمرا "إذا قال أخيك أنه لا يعرفها فهو لا يعرفها.. أغلق الموضوع يا يزن"
نظر سيف لشقيقه بنظرة منتصرة وهو يراقب مغادرة الكبار لأمر يخصهم.. ما زال يزن على وقفته وهو يسأل بريبة "هل فعلت هذا الأمر لتثير غيرة سما؟"
اتسعت عينا سيف بذهول قبل أن يقول بدفاع "طبعا لا، لا أفعل أمر كهذا أبدا.. ما بالك؟ هل جننت اليوم؟"
نظر له يزن بنصف عين قائلا بهدوء "الجميع يعرف من بابا يا سيف.. هذا ما يهمني في الموضوع كله"
ابتسم سيف قائلا بجدية وهو يربت على ساعد أخيه "ثق بي يا يزن"
ابتسم يزن بشماتة قائلا بتهكم "أرني كيف ستشرح الأمر لابنة عمتنا المجنونة"
عبس سيف بتعجب ناظرا له بتساؤل؛ أشار برأسه لسيارة زوج عمته التي دلفت للمنزل لتوها وترجل منها عمر.. ومن الناحية الأخرى نزلت سما غاضبة حتى أنه استطاع رؤية احمرار وجهها من هذه المسافة.. ترتدي سويت شيرت أخضر طويل منزلي على بنطال أسود.. انتظر هو ويزن اقترابهما منهما لتقف أمامه.. تطالعه بعينين تطلقان جمر ملتهب؛ وقفت تنظر له بشر لو بيدها لكانت أحرقته حيا ولكنها ستموت بعده.. وهي لا تريد الموت الآن.. ألقى عمر تحية خافتة ثم أكمل طريقه للأعلى.. همس له يزن بتعجب وهو يمر من جانبه "إلى أين يا عمر؟"
أجاب عمر بلامبالاة "لم أتناول عشاءي بعد سأصعد لشقيقتي لتطعمني"
نظر له يزن باستنكار قائلا بحنق "وستترك سما؟"
نظر له عمر قليلا قائلا بغل "هل سأتركها مع غريب ثم إنها تكاد تكون مقيمة هنا هذه الأيام"
مط يزن شفتيه باقتناع ليهمس له عمر بشقاوة "صور لي ما يحدث.. لولا جوعي ما كنت لأفوت ما سيحدث هنا"
ضحك يزن بخفوت وهو يفتح كاميرا هاتفه لينظر بتعجب للواقفين ينظران لبعضهما بغل.. فيقول هامسا كاسرا فقاعة الصمت "أهلا سما"
وكأن جملته كانت الفتيل الذي أشعل الأجواء لتصرخ في أخيه بنبرة غاضبة معمية بغيرتها غير منتبهة لوجود يزن "إذاً فعلتها وأصبحت منحلاً.. هنيئاً لك"
صاح بها بنبرة حادة لا يستخدمها إلا نادرا وهو يرفع إصبعه في وجهها بتحذير "إياك أن ترفعي صوتكِ أو تتجاوزين حدودكِ معي ثانية"
انكمشت على نفسها بخوف ودمعت عينيها.. وهي تقول بألم مخرجة هاتفها تريه الصورة المنتشرة له "أليس هذا أنت؟"
رد ببرود دون أن ينظر لهاتفها "نعم"
ردت بدموع كادت تطفر من عينيها ولكنها تحكمت بها بصلابة "من هي؟"
رغم ألم قلبه لتلك الدموع إلا أنه أجابها بجليد استحكم نبراته.. وقد قرر قلب الأمر لصالحه فلا توجد فرصة أعظم من هذه لرأب الصدع بينهما دون أن يفقد كرامته "ما صفتكِ لتحاسبيني أو تسأليني حتى؟!"
تمسكت بتلك الصفة التي زرعها هو لتجيب بتحدي "ابنة عمتك"
مط شفتيه بحركة مستهينة قائلا باستخفاف "لا تعطيكِ أي حق"
ضربت بقدمها الأرض قائلة بنبرة مغلولة "أخبرني من هي؟"
رفع حاجبه قائلا وهو ينظر لها من أسفل لأعلى "لا، الأمر لا يخصكِ"
أزاحته في صدره بقوة قائلة بعنفوان "بلى، يخصني"
لم يتحرك إثر دفعتها له وهو يقول بابتسامة ماكرة خبيثة "لماذا يخصكِ؟ هل أنتِ حبيبتي؟ خطيبتي؟ هل نسيتِ أنكِ أرجعتِ لي خاتمي؟"
سكنت ناظرة له بتفكير عميق قبل أن تجيب من بين أسنانها.. وقد تلونت عينيها بكل مكر العالم تعود خطيبته بإرادتها ودون أن تكون المبادرة باعترافها بحبها.. وهي تفرد يدها أمامه "أين هذا الخاتم.. أعطيني إياه"
راقبته بفم مفتوح من الدهشة وهو يخرجه من جيب قميصه القريب من قلبه.. وهو يعيده إليها ثانية لتقول بنبرة حائرة "هل تحمله معك دائما؟"
رد سريعا بسخط "ليس من شأنك"
التقطت الخاتم تتلمسه بشوق وهي تكتشف حجم حنينها إليه وإلى صاحبه.. لتقول باندفاع متهور وهي تدسه في إصبعها وترفع يدها تتأمله وهي تلبسه "بالطبع هذا شأني إن كنت أضعته لم أكن لأسامحك"
ابتسامة ظهرت على جانب فمه وهو يراقب خاتمه يزين يدها مرة أخرى.. لتختفي من أن رفعت عينيها له بتحدي قائلا بتجهم "وما الصفة التي يعطيكِ إياها هذا الخاتم؟"
أشرق وجهها بابتسامة منيرة وهي تقول بصوت واثق "خطيبتك"
ثم ما لبثت أن أطرقت بوجهها أرضا لتسمع نبرته الحانية يناديها مدللا اسمها "سمائي.. انظري لي"
عضت طرف شفتها السفلية بحياء وهي ترفع وجهها إليه.. ليبتسم قلبها بسعادة وهي ترى سيف القديم بكل تفاصيله قد عاد لها.. شملها كلها بنبرة حانية مبتسمة وهو يميل بوجهه منها قائلا بشغف "إنها لا أحد، معجبة طلبت أن تتصور معي.. وفاجأتني بهذا الأمر ثم وجدت الصورة منتشرة"
همست بشكوى خجولة له "ولكنك كنت تمسك خصرها"
ابتسم بحنان هادر موجه لها هي فقط قائلا بجدية "أعترف أني فعلت ولكن كنت أبعدها عني ويبدو أن الصورة التقطت بهذا التوقيت.. يمكنكِ أن تسألي إياد كان معي"
ردت بثقة "كلا، طالما قلت هذا.. فهذا ما حدث، أنت لا تكذب أبدا"
أخذ نفسا عميقا قائلا براحة عرفتها حواسه "مبارك رجوعكِ حبيبتي"
كانت ابتسامتها تتسع بفرحة تغلبت على كل مشاعرها الأخرى إنها مع سيف حبيب قلبها ثانية لتهمس بخجل "ارتدي خاتمك يا سيف"
رفع يده أمام بصرها قائلا بحب "لم أخلعه مطلقا"
كادت أن تقفز معانقة إياه من شدة سعادتها وهو كان على أتم الاستعداد ليستقبلها بحضنه.. بعد هذا الفراق المرير ليقرر يزن الإعلان عن وجوده فعلى ما يبدو نسياه "مبرووووووك سعدت لأجلكما كثيرا"
أجفلت سما عائدة لأرض الواقع لتشهق بحياء وهي تنقل بصرها بين سيف ويزن وخاتمها.. تلون وجهها بحمرة قانية وهي تهرب للداخل ليوقفها صوت سيف المغرم "أنا أحبك سما"
ازدادت ضربات قلبها بجنون ما زال تأثير الكلمة هو نفسه عليها.. صعدت للأعلى حيث شقة عمها خالد ركضا كي تخبر ناردين أخر الأخبار.. وهي تبعث له برسالة شقية على هاتفه.. وفي الحديقة عانق سيف شقيقه بقوة وهو يرد تهنئته.. أخرج هاتفه لتتسع عينيه بعدم تصديق وهو يرى هذه الرسالة العابثة منها.. كانت أرسلت إليه وجه يبعث قبلة من فمه.. ضحك بسعادة رقصت في أوردته وهو يخرج رقم والده قائلا ما إن أجابه ماهر "بابا عد سريعا للمنزل لتتفق مع عمر على ترتيبات عقد القران"
نظر ماهر لهاتفه بصدمة ثم نقل بصره لخالد الذي يقود السيارة وأيهم الجالس بالخلف.. ما زال الحديث بينهم محتدا وكل منهم متمسك برأيه سائلا بعدم استيعاب "عقد قران من؟"
رد سيف ببهجة غامرة "أنا وسما بالطبع"
فيما كان أيهم يخرج هاتفه يتحدث به.. كان ماهر ينظر لخالد وهو يردد وما زالت صدمته تستحوذ عليه "أنت وسما!! كيف؟"
انتبه إلى ضحكة أيهم العالية وسيف يقول باستعجال "عد للمنزل وستعلم كل شيء"
أغلق ماهر الهاتف وهو يقول بعدم فهم "ماذا حدث؟ لقد تركنا المنزل منذ أقل من نصف ساعة"
أجاب خالد ببسمة صغيرة "نحن بعصر السرعة"
بينما مد أيهم هاتفه له على فيديو بعثه له يزن "لقد تحدثت إلى يزن وأخبرني أن ابنك تمت خطبته"
نظر له خالد رافعا حاجبيه ليجيب أيهم بصوت ضاحك "نعم سما خطبته هذه المرة"
*******************
منذ عاد وهو يجلس في غرفته مغلقا بابه عليه، يريد الصراخ بقهر وبكل العذاب الذي يختزن بصدره، لم يتناول طعامه وتجاهل ميس التي أخبرته برغبتها في الخروج والتنزه قليلا، هو لا يقو على الخروج ولا يريد من الأساس.. كل ما يبتغيه هو الاختباء هنا في غرفته بعيدا عن ألمه..
لم ينسى تلك اللحظة التي توقف فيها قلبه عن الخفقان وهي تخبره عن كونها تريد المغادرة باكرا، وعندما سألها عن السبب أخبرته بكل سعادة الكون أنهم ذاهبون للتسوق لأجل عقد قران سيف، لم يستطع أن يخرج صوته فقط أومأ برأسه موافقا، ومن وقتها وهو يعض أصابعه من الندم.. كانت معه منذ البداية وهو أضاعها.. هو الملوم ولا أحد غيره
ضرب رأسها في حافة سريره عدة مرات حتى كاد أن يدميه، رن هاتفه باسم يامن ولكنه لم يجيبه، لا رغبة له في الحديث مع أي كائن حي، ترك هاتفه ملقي بجواره وقلبه يبكي بأنين على حبيب أضاعه.. على هرته ذات العيون الرمادية..
عاد الرنين ثانية بإزعاج ليغلق الهاتف نهائيا.. مرت عليه دقائق ثقيلة طويلة لم يحسبها وهو ممدا على سريره دون أدنى حركة، أليس هو من سعى لإبعادها منذ البداية، فليذق مرارة أفعاله وكم هي لاذعة مقيتة، دقات على بابه ليجيب بصوت حاد "قلت لا أريد الحديث مع أحد ميس"
رد الصوت من خلف الباب بجدية "أنا يامن افتح الباب"
ضم شفتيه سويا قائلا "ادخل الباب مفتوح"
فتح يامن الباب ليقع بصره على صديقه الممدد أمامه على سريره.. جزع على حاله ليجلس بجواره على السرير قائلا بقلق "قلقت عليك، لماذا أغلقت الهاتف؟"
أجابه بفظاظة "معنى أني أغلقته أني لا أريد الحديث معك.. ماذا تفعل هنا إذاً؟"
رفع يامن حاجبه بتهكم قائلا وهو يتمدد على السرير براحة "أتيت لأسلم على عمو أحمد وأدعوه لحفل عقد قران سيف"
شعر بانتفاضة جسد هادي بجواره بغضب ليكمل بهدوء "وأتيت لدعوتك أيضا هل ستأتي؟"
رد بحدة قاطعة "لا"
رد يامن بمكر "وتغضب أروهي؟!"
هب واقفا من على سريره بعنف مزمجرا بهدير مرعب "يامن لا تستفزني تعلم أني لن أستطيع الذهاب، إلا إذا أردت أن أثير فضيحة وأخرب فرحتهما"
كتف يامن ذراعيه على صدره قائلا بصوت حاد "أنت غبي، ظننت أنك بدأت تقترب من روهان وتتبع ما يمليه عليك قلبك.. ولكن مع أول موقف عفوي منها سارع عقلك لاستنتاج جديد وسارعت للابتعاد ثانية"
ضيق هادي عينيه ناظرا له بأمل قائلا بخفوت يكاد يحمل لمحة توسل "بمعنى؟"
اعتدل يامن في جلسته قائلا بنبرة غاضبة عنيفة "ما بين سيف وروهان علاقة أخوة فقط.. خطيبته أخرى غيرها"
تمتم هادي من بين أسنانه بعدم فهم "ولكن عندما سألتك قلت...."
قاطعه يامن بسخط بالغ "لم أربط الأمر بروهان وأجبتك بعفوية، نعم سيف متيم بسما بنت خالتي منذ صغره.. وعقد قرانهما الخميس القادم.. بالطبع ستأتي"
الراحة التي ارتسمت بعيني هادي، وذلك النفس العميق الذي أخذه وكأنه يتعلم التنفس من جديد.. أسعدت يامن الذي قال بحنو "اسأل أولا يا هادي ثم فكر.. لا أظن تعامل روهان مع سيف أو تعامله معها كان يدل على أنه حبا.. سيف هائم بسما ومكتفي بها لن ينظر لأخرى غيرها.. ثم أضاف باختناق.. لا تضيع حبك يا صديقي"
أومأ برأسه إيجابا قائلا بعزم امتلأت به عينيه "لن أفعل حتى لو حاربتني جيوش الأرض كلها.. روهان لي ولي أنا فقط"
****************
يوم الخميس كانت الحديقة مزينة باحتراف.. لاستقبال عقد القران الذي أصر سيف وسما على جعله عائلي حميمي، فتمت دعوة الأصدقاء المقربين من العائلة فقط.. يجلس سيف أمام عمر يده في يد عمر أسفل المنديل الأبيض.. يسمع كلمات الشيخ ويرددها خلفه..
وعينيه مسلطة عليها تجلس خلف عمر متألقة بفستان من الحرير بلون المشمش.. القطعة العلوية تحدد صدرها بإحكام دون أكمام.. وتنسدل تنورتها حتى أسفل قدميها باتساع محبب، ويعلوه جاكيت قصير للغاية بأكمام واسعة مهفهفة وتنتهي بإسورة تزين يدها.. تماثل تلك الإسورة المعلقة في عنق الجاكيت والتي أغلقت حول عنقها، فأخفت ذراعيها وعنقها بزينة خفيفة، عدا طلاء فمها النبيذي الداكن.. وشعرها المرفوع وقد أسدلت جزء منه على إحدى عينيها كانت تجلس بجوار عمر تفرك يديها بحياء غير مصدقة أنها دقائق أخرى وستكون ملكه.. ملك ذاك الذى كاد يلتهمها بنظراته الشغوفة..
ما إن انتهى المأذون من عقد القران حتى اختطف سما بين ذراعيه يضمها بشدة غير عابئ بالحاضرين حفلته.. لا يهم شيء ولا أحد بالكون، فحبيبة عمره.. أغلى أمانيه بالحياة ها هي على ذمته.. حلاله.. زوجته... ضمها بشدة حتى اختفت كليا بين ذراعيه .. ولم تمانع هي فقد كانت تحتاج للإحساس به بعد كل هذا العذاب رفعت يديها تتعلق بقبة قميصه النبيذي... تلتصق به تلتمس حبه الذي وعدها به مرارا وتكرارا.. ولم يكذب عليها فصدق نبضاته التي تضرب قلبها عبر عناقه كانت صادقة حد الوجع... انتبه سيف لوضعهم أمام الجميع ليبتعد عنها بحرج قائلا بخجل طفيف "عمر أريد الحديث مع سما على انفراد بعد إذنك"
هم عمر بالرد ليقول إياد بجدية "انتظر قليلا سيف.. يزن تحفظ على المأذون إياك أن يغادر"
نظرت له ناردين بدهشة مرتاعة فيما يفكر هذا الأحمق، رفع عينيه لها مباشرة يتأملها في هذا الفستان الذي صنع خصيصا لها من البنفسجي الغامق.. قطعته العلوية من القماش الثقيل يلف صدرها بحنان بفتحة مربعة.. وكتفين ذو شكلين مميزين جزء يلتصق بكتفها ويعلوه قطعة شفافة على شكل قبة.. وانسابت تنورتها ذات القماش الخفيف الكثيف المتجمع في موجات.. ليعطيها بسمة خبيثة وهو يرفع حاجبه كمن يقول راقبي ما أنا فاعل، وضعت يدها على صدرها بخوف وترقب وهو يتخطاها ويقف أمام خالد قائلا بهدوء مريب "عمي أنا كنت طلبت يد ناردين منك منذ مدة طويلة.. وقد تركت لها حرية التفكير.. والآن أريد معرفة قرارها، إن كانت موافقة فأنا أريد عقد قراني عليها.. وإن رفضت لن أزعجها بطلبي ثانية"
مركز الخليج
اطلالة وسليفي العروسة
************

انتهى الفصل

لولوووووووووووووولي عندنا كتب كتاب واحتمال يبقي اتنين


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 01:10 AM   #198

fevo fofa

? العضوٌ??? » 429113
?  التسِجيلٌ » Aug 2018
? مشَارَ?اتْي » 5
?  نُقآطِيْ » fevo fofa is on a distinguished road
افتراضي

ألف مبروك لسيفو وسما
إياد الله عليك ما يجبها إلا رجالها


fevo fofa غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 01:48 AM   #199

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة fevo fofa مشاهدة المشاركة
ألف مبروك لسيفو وسما
إياد الله عليك ما يجبها إلا رجالها
سيف شبك عروسته خلاص
اياد مش هي اجبرته يعترف بحبه يبقي هو يفاجئها بجوازهم
يسلم ايدك يا قلبي شكرا ليكى


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 24-02-21, 04:44 PM   #200

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

اوووووووه
اخيرا انفكت عقد لسانهم
ايدو وسما اعترفوا بحبهم لناري وسيفو وخطبوا💃💃💃💃💃
مبروووووووك


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:11 PM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.