آخر 10 مشاركات
غمد السحاب *مكتملة* (الكاتـب : Aurora - )           »          روايتي الاولى.. اهرب منك اليك ! " مميزة " و " مكتملة " (الكاتـب : قيثارة عشتار - )           »          160 - لولا هيامي - كارين فان درزي -عبير القديمة(كتابة /كاملة **) (الكاتـب : أمل بيضون - )           »          الستائر السوداء (الكاتـب : ررمد - )           »          توباز(140)للكاتبة:Lynne Graham (الجزء4من سلسلة الأخوات مارشال)كاملة+روابط (الكاتـب : Gege86 - )           »          أترقّب هديلك (1) *مميزة ومكتملة* .. سلسلة قوارير العطّار (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          خادمة القصر 3 (الكاتـب : اسماعيل موسى - )           »          [تحميل] الحظوظ العاثرة،للكاتبة/ الرااااائعه ضمني بين الاهداب " مميزة "(جميع الصيغ) (الكاتـب : فيتامين سي - )           »          لاجئ في سمائها... (الكاتـب : ألحان الربيع - )           »          سجل هنا حضورك اليومي (الكاتـب : فراس الاصيل - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree1Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-02-21, 11:19 PM   #181

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي


انعطفت إلى المطبخ أولا لتجلب طبق من الكرز فاكهتها المفضلة، ثم اتجهت إلى الملعب فتحت بابه ودخلت إلى الداخل، وقع بصرها على كرة يد ملقاة بأحد الأركان يبدو أن يزن كان يلعب بها، ابتسمت بشغف وهى تجده يقوم بتدريبات ضغط وجزئه العلوى عارى، مطمئنا أن لا أحد من الفتيات سيأتى ويراه فى هيئته تلك
اتجهت إليه وجلست على ظهره فى وضع التربع، تشكل ثغره بابتسامة صغيرة مع شعوره بلمسة قدمها على ظهره، كان قد علم بوجودها قبلا من رائحة عطرها الخفيفة، ولكن أنفه الحساسة لكل ما يخصها قد التقطتها، ابتسم وجسده يتهيئ لجلستها فهى مفضلة لديها عندما تجده يتدرب، همس بحنان وجسده يرتفع وينخفض مع حركة يديه المتتالية "ماذا تفعلين هنا حياتي؟"
التقطت حبة كرز ومدت يدها تضعها فى فمه قائلا بتذمر "لقد تركتنى بمفردي وشعرت بالملل"
ابتسم وهو يتوقف فجأة عن تدريبه وفى لحظة مباغتة انقلب جسده أسفلها، لتجد نفسها جالسة على عضلات بطنه بدلا من ظهره، فى حركة أجفلتها لتصرخ بجزع وهى تضربه على صدره "أخبرني قبل أن تفعلها، كل مرة قلبي يتوقف من المفاجأة"
ضحك بمرح قائلا بمشاكسة "سلامة قلبك يا قلبي"
ضيقت عينيه ناظرة له بتحفز وهو يضع يديه أسفل رأسه كوسادة متسائلة "لماذا تتدرب هنا الآن"
أجابها ببساطة "غدا عودتنا للتدريبات بعد فترة التوقف، ففكرت أن أحرك عضلات جسدي قليلا"
أومأت متفهمة وهى تلتقط حبة أخرى تضعها فى فمها وواحدة بفمه ضحك وهو يمضغها قائلا "هكذا سأغص بطعامى بلوتي، لا تنسي أني ممدد على الأرض"
مسدت صدره بحب قائلة بنبرة هائمة "حفظك الله حبيبى ولا أرانى بك شرا"
تحرك ثانيا قدميه لأعلى لتستند بظهرها علي فخذيه، وهو يبتسم لها تلك الابتسامة التي تذيب قلبها حبا له ليباغتها بسؤاله "بما أنكِ ذكرتِ الملل، ألا تريدين أن تعملي كي تملئ وقت فراغك"
مطت شفتيها بامتعاض قائلة بشرود "بلي أريد أن أعمل"
همس مستفهما "إذا لماذا لم تطلبي منى أن أجد لك عملا"
أجابته مغمغة بخفوت "لا أريد عمل تقليدي هناك في بالي فكرة ما لم تكتمل بعد"
مد يده يمسد وجنتها بحنان لتغمض عينيها بتأثر أحبه قائلا باهتمام "ما هي؟"
فتحت عينيها لتتشابك مع عينيه التي احتوتها بكل حب لتجيب بجدية "مركز ترفيهي لتنمية مهارات الأطفال؛ ولكن كفكرة مكتملة الأركان ما زلت أفكر في كل جوانبها، وعندما يستقر عقلي على فكرة مناسبة سأخبرك بها"
فاجئها بأن جذب رأسها ليطبع قبلة طويلة على خدها، غزي الاحمرار كل وجهها ومشاعرها ترفرف فرحة بحبه الدائم، لتقول بخفر "يزن أريد أن ألعب معك مباراة"
وقفت وقفز هو خلفها بحماس وهو يلتقط طبق الكرز من يدها، يضعها على جانب والتقط حبة وضعها بفمها ثم مال ملتقطا شفتيها.. في قبلة حارة بطعم الكرز قائلا بابتهاج "حسنا هيا أميرتي"
وبدأ يلعبا سويا في مباراة رأتها براء وقحة للغاية، ومع ذلك أحبتها للغاية وقد اتخذت قرارها أن تكررها معه كثيرا، كانت كلما أحرزت هدف عندما يسمح لها تحصل على قبلة مكافأة، وكم من مرة سمح لها!! وعندما يريد أن يعرقل مرورها كان يمد يده يداعبها بجرأة حتى كادت أن تذوب من شدة خجلها منه، أنهت المباراة بفوز ساحق لها وأكثر من مرضي له، صرخت بسعادة وهى تقفز كالأطفال فرحة بنصرها
ليقتنص خصرها يرفعها بيديه لأعلى حتى أشرفت بوجهها علي وجه، وشعرها الرائع ينسدل على جوانب وجهها ويدغدغ وجنته ورقبته، بادرت بتقبيله على شفتيه، ليستقبل قبلتها بتوق ولم تمر ثواني؛ حتى كان مبتعدين عن بعض فجأة والمياه تغرقهما من كل جانب
التفت يزن من حوله ليجد أن مرشات المياه التي تستخدم في غسل الملعب قد فتحت جميعها، ولعجبه لم تبقي مفتوحة طويلا وإنما أغلقت في ظرف ثواني، وقد أدت الغرض الذي فتحت لأجله همس باستغراب وهو يتطلع إلى هيئتها المثيرة في ثيابها المبللة "ماذا حدث"
أتت الإجابة في صورة رنين هاتفه الذي ارتفع، فتح سحاب جيب بنطاله الجبلي والذي حفظ هاتفه من التلف، لينظر لصورة حماه التي ملأت الشاشة برهبة، ارتفعت حاسة الخطر داخله والصورة التي رسمها عقله عن سبب الاتصال، كانت كفيلة أن ترعبه أجاب بصوت مهتز "مساء الخير عمو"
أجابه صياح أيهم الغاضب المستنكر لما رأها منذ قليل من نافذة منزله الخلفية، والتي رغم أنها عالية ولكنه استطاع أن يعرف من بالأسفل؟ وماذا يفعلان؟ "هل جننت يا ولد!! بالحديقة على مرأى ومسمع من الجميع، أي أحد قد يدخل عليكم وأنتما على هذه الحالة التي رأيتها، لا خجل ولا حياء ولا مراعاة للأصول ولا لقواعد الذوق العام.. لديك منزل لتفعل به ما تريد، إن رأيتكما على هذه الحالة ثانية لن تتخيل ما الذي سأفعله بك"
همس يزن بتلعثم محاولا التبرير بحماقة "يا بابا كنا نلعب فقط"
قاطعه أيهم بحدة أرعبت يزن "ولا كلمة يا ولد لقد رأيت بعيني كيف تلعب"
احمر وجه يزن حرجا ليهتف بتساؤل متهور وبجواره براء تدفن وجهها في يدها بحياء "أين رأيتنا؟"
أجابه أيهم بسخرية "ارفع رأسك للأعلى"
رفع يزن عينيه للأعلى بامتثال لأمره، لتقع في عين أيهم مباشرة رغم الارتفاع، شهق يزن بصدمة وقد ألقى هاتفه وهو يلتقط قميصه المبلل، ارتداه سريعا ليحملها بين ذراعيه قائلا بخفوت "هيا قبل أن يرانا أحد بهذه الحالة"
وفى الأعلى انفجر أيهم ضاحكا من كل قلبه على أفعال يزن الصبيانية، سيظل هذا الولد الأقرب لقلبه لطيبته، وكم سعد قلبه وهو يجده يلاعب ابنته وكأنها طفلة صغيرة، هو الآن سعيدا ومرتاحا فمن غير يزن ليحب طفلته ويدللها ويتقى الله فيها.

************
في وقت الغروب خرج يامن إلى الجلسة الكبيرة بالحديقة، بعد أن اغتسل ونظف جسده من الحشائش التي علقت به، لقد ذهب يتفقد الحديقة ويتعرف عليها.. وأعجب بشدة بتنسيق وتقسيم المكان بحيث لا يحتاج قاطنيه إلى الخروج كثيرا، بل يظلون في داخله يتمتعون بما له من مزايا أهمها ساكنيه الممتعين
كان قد جلس في ظل إحدى الأشجار وكان الطقس ساحرا كما أخبرته يقين، تلك التي يزيد تعلقا بها كلما مضي مزيد من الوقت معها، ولكنه يخشي إن تقدم تجاهها خطوة أن يؤذيها كما فعل والده بأمه، داخله ما زال مشوه وغير سوي نفسيا؛ ما تزال ندبات معاملة والديه محفورة بداخله لن تزول ببساطة هكذا، لم يدرى ماذا حدث غير أن يزن كان يوقظه من غفوة طويلة حصل عليها
هز رأسه وهو يلمح ناردين وروهان جالستين سويا تتسامران، فرحا لأجل روهان وهى تحصل على الحب والاحتواء الذي تستحقه، ألقي تحية وهو يجلس بجوارهما سائلا عن تيم، ردت ناردين بهدوء "لقد كان لديه درس سباحة اليوم مع الفتيات بالنادي، وهو مع عمتي دارين وسيمر عليه إياد ليأتي به"
التصق حاجبيه ببعضهما مغمغما بصوت متعجب "دروس سباحة!! منذ متى؟"
ردت ناردين ببساطة "منذ الأسبوع الماضي"
أطبق شفتيه ناظرا لهما باستغراب هل أصبح أخر من يعلم أمور أخيه، ليرفع نظره لروهان التي أكملت بإعجاب "إنه رائع وسريع التعلم أيضا"
أجابتها ناردين بحماس "نعم هل رأيته وهو يطبق الخطوات التي تعلمها بالأمس؟"
نظر يامن إليهما لوهلة ثم انفجر ضاحكا بضحكات رنانة التفتا إليه باستفهام، ليجيبهما بعد أن أنهى نوبة ضحكه "لا شيء فقط لا شيء"
هزت ناردين رأسها بعدم اكتراث وروهان تتركها وتصعد للأعلى، بينما ناردين قامت تسير بمفردها في الحديقة ويبدو عليها الشرود، ارتفع رنين هاتفه برقم غريب ليجيب بهدوء "السلام عليكم"
لحظات وكان يرد بسعادة "هادي أنت في مصر أخيرا، الحمد لله على سلامتك"
ابتسم منتظرا رد هادي ثم ما لبث أن أجاب بضحكة رائقة "تيم!! أنا أخذ موعدا لكى أراه يا ولدي، صرت أعرف أخباره من بنات خالي"
صمت ثم لمعت عينيه بمكر ليقول بنبرة خبيثة لم يلتقطها هادي "أنا في المنزل تعالي وقد يصادفك الحظ وتقابل تيم، حقا سأنتظرك"
قاطع كل اعتراضات هادي والذي اقترح أن يقابله في مقهى خارجي، ولكنه أراد له أن يقابل روهان هنا أولا قبل أن يتفاجأ بها في المكتب معه، فوقتها سيهدم المكتب فوق رؤوسهم جميعا، ذهب إلى المطبخ يجلب له مشروب دافئ إلا أن يصل هادي، وهو يبعث له برسالة على هاتفه بعنوان المنزل.
أم ناردين فقد شرد عقلها بعيدا مفكرا فيه الأحمق الذي ملك قلبها، كيف لهذا القلب الغبي أن يتعلق بهذا الشره المحب للطعام، والأدهى تسمح له أن يجرحها، شوحت بقدميها في الهواء بعصبية، ثم أخذت نفسا عميقا وهى تجلس تستند بظهرها إلى إحدى الأشجار، شردت في هداياه والتي حملت اعتراف صريح من قبله
اعتراف رقص له قلبها وازدهرت به روحها، ولكنها تريد أن تسمعه من بين شفتيه بكامل إرادته، أحمق وقاسي يتفنن في إزهاق روحها، عاتبها ضميرها صارخا بها ماذا فعل هو؟ هو لم يسعى للشجار معك.. أنتِ من فعلتِ؛ أصمتت ضميرها وشردت ابتسامة حالمة على شفتيها وقلبها يرسم ملامحه الحبيبة بعين خياله، إياد حبيبها وابن عمها وصديقها وكل عالمها، لن تخسره لا تستطيع خسارته أو إكمال حياتها دونه، مجرد التفكير في الأمر يقتل قلبها مئة مرة، ويزهق روحها بمنتهى القسوة والأنانية، لابد من حل لهذا الوضع المأساوي بينهما، لم يبقيا على خصاما بمثل هذه المدة
أراحت رأسها للخلف عل هواء الليل المنعش يزيح عنها كأبة أفكارها، لم تعلم كم مر من الوقت ولم تهتم، ملت الجلوس لتقفز نافضة ملابسها وهى تعود أدراجها، لمحت يامن يجلس مع شاب غريب لم تتعرف عليه، اتسعت عينيها بصدمة وفزع وهى تحقق من ملامح الشاب، ثم ما لبثت أن تحولت صدمتها إلى شماتة ارتسمت على وجهها



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 16-02-21, 11:24 PM   #182

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

هذا الشاب يجسد صفات فتى أحلامها، وإياد ليس بغبي حتى لا يتعرف عليه، تقدمت لتجلس معهما لا تريد أن تفوتها ردة فعل إياد عندما يراه إن قدر له رؤيته، ابتسم يامن بلطف وهو يسمع تحيتها الهادئة ثم قدم هادي لها "ناردين ابنة خالي خالد الصغرى، هادي صديق عمري وبمثابة أخي"
وقف هادي يرحب بها بتهذيب لتجيبه برقة وهى تجلس بأناقة على مقعد منفرد، ترتدى طاقم منزلي لطيف سويت شيرت أزرق طويل يصل إلى ركبتها من الأمام، ويطول من الخلف قليلا بجيب عريض على خصرها ويحمل رقم اثنان وثلاثون الذهبي؛ بين سنبلتين ذهبيتين وبنطال وحذاء أرضى أبيض همست بتأنيب ليامن "ألم تضايفه بعد؟"
أخذت يامن على حين غرة ليجيب بلا اكتراث "لا لم يأتي إلا منذ دقائق قليلة"
هبت واقفة وهى تقول بحنق "ولو هذا أول ما يجب فعله إكرام الضيف، ماذا تشرب باشمهندس هادي"
اتسعت أعين الاثنين بدهشة وهادي يقول بخفوت مهذب وهو ينظر لها بتوجس "عصير"
نظرت إلى يامن الذي كان ينظر لها ببساطة وقد اعتاد منها هذا التسلط رغم أنها الأصغر "أحضري له عصير تفاح يوجد إبريق بالثلاجة"
هزت رأسها موافقة "وأنت؟"
أجاب بهدوء وهو يرفع كوبه "أشرب بالفعل"
غادرت بخطوات حازمة تحت أنظار هادي المتعجبة، التفت إلى يامن الذي يرتشف مشروبه بهدوء "إنها جبارة يا رجل"
أجاب بضحكة رائقة "نعم هذا لقبها"
ضحك هادي بذهول متسائلا "هذا بيت عائلتك"
أومأ يامن إماءة بسيطة قائلا بمحبة "نعم هذا هو، أخيرا لم أعد وحيدا"
ابتسم هادي له بتفهم قائلا "وأين جنيتك؟"
لمعت عين يامن بشغف قائلا برنة شغوفة "بمرسمها"
أجابه بمكر "ويقين تشبه شقيقتها في الطباع"
ضحك مجيبا بهزة رأس نافية "كلا إنها أشبه بنسمة رقيقة، تختلف شكلا وتفصيلا عن ناري، إنها مميزة وفريدة كل ما بها مميز"
أصدر هادي صوتا ساخرا قاصدا به إغاظة يامن ثم أضاف بنبرة هادئة ولكن مميزة "إنها رائعة"
عبس يامن قائلا بغيرة "من؟!!"
أجاب هادي بإعجاب تألقت به عينيه "الآنسة ناردين"
ابتسم يامن ابتسامة باهتة قائلا بنبرة قاطعة "انسي يا هادي"
رد هادي بعدم فهم "ماذا"
وضع يامن كوبه ليلتفت إليه بكامل جسده قائلا بحزم "محاولة نسيان روهان بناردين"
شعت عينيه بمرارة قائلا بنبرة معذبة "روهان!! أين هي؟ لقد انتهى كل شيء يا يامن ومن حقي أن ألتفت إلى حياتي"
هز يامن رأسه موافقا قائلا بصوت لين يحمل رفض قاطع لتفكيره "لن تستطيع روهان تجري بعروقك كما هي يقين بالنسبة لي، لقد حاولت لمدة ثماني سنوات أن أنسي حبها ولم أستطع، فما بالك أنت ستنساها في بضعة أيام، ثم إنى أخبرتك من قبل أن إياد وناري يحبان بعضهما البعض"
همس بشرود وصورة روهان تفرض نفسها على عقله بالقوة، كما دأبت أن تفعل الأيام الماضية.. وما يفتت قلبه أن نظرتها مليئة بالعتاب، على ماذا تعاتبه؟ ما فعله كان ليفعله أي رجل ذو دماء حارة "أتمنى لهما كل السعادة يا يامن"
ابتسم يامن بشفقة على حال صديقه، مربتا على ركبته قائلا بدفء حاني رغم أن عينيه تبتسم بشماتة "هون عليك يا هادي، هون عليك يا صديقي ستكون كل الأمور بخير قريبا"
هز هادي رأسه باختناق ويامن يضيف بمرح "انظر لقد أتى يزن، ولكن يا تُرى أين أضاع بلوته؟"
نظر في اتجاه الشاب القادم في اتجاههما في خطوات وئيدة، بملامح عابسة قليلا مغمغا بدهشة "بلوته!! لا أصدق إنه يزن عبد الرحمن حقا"
ضحك يامن مجيبا بعدم اكتراث "بالطبع يا بُنى هو"
ألقى يزن بتحية بشوشة تماثل بشاشة وجهه ويامن يعرفهما ببعضهما ليقول يزن بترحيب "وأخيرا هادي؛ يامن يأتي بذكرك بكل خير دائما مرحبا بك"
نظر له هادي بحاجب مرفوع وهو يجيب بكياسة "بل أخيرا قابلتك يامن لا يكف عن ذكرك دائما"
ابتسم يامن لكلاهما ويزن يلتفت من حوله متسائلا باستنكار "أين تيم؟ لا أراه.. لا تخبرني أنه يدرس، ماذا فعلت بالولد إنه لا يعرف غير الدراسة"
ضحك يامن قائلا ببساطة "إنه ليس بالمنزل من الأساس كان لديه درس سباحة"
اتسعت ابتسامة يزن المدركة قائلا بيقين "بالطبع مع عمتي داري إنها المسؤولة عن الأنشطة الترفيهية، السباحة والخيل وكل تلك الألعاب، عمتي تعتبرها هامة في نمو وتنشئة الطفل، سواء على المستوي البدني والأخلاقي"
ردت ناردين التي حضرت ووضعت مشروبا بادرا أمام هادي "وقد كانت محقة فجزء كبير من نشئتنا هكذا كان بسببها"
أومأ يزن موافقا على كلماتها وهى تجلس على المقعد المجاور له "نعم الكثير من الرياضات تعلمنها حتى وإن لم نكن نمارسها"
ابتسمت سائلة "أين بو؟"
عاد لعبوسه الذي كان يزين ملامحه وهو قادم قائلا بنزق "لقد دعاها عمى أيهم للعشاء بالخارج"
ساندته ناردين بقولها الغيور "أووه دون أن يخبرني أو يدعوني لن أكلمه ثانية أبدا"
ضحك يامن قائلا "لا تستطيعي فعلها"
مطت شفتيها المميزة للأمام قائلة بعدم رضا "لا أستطيع بالطبع ولكن سأخذ موقفا ضد هذا الدلال الزائد لبو"
مال يزن على مسند مقعدها المجاور لها قائلا بمكر "ما رأيك بدعوة منى ونصطحب معنا عمتي نيرة"
قهقهت بصخب قائلة بمكر مماثل وهى تضع يدها أسفل ذقنها "وننتقم من عمو أيهم!! هذا شأنك بمفردك يا كابتن"
كشر بامتعاض ثم ما لبث أن قال بترجي بائس "خائنة؛ ناري أحضري لي عصير برتقال مع أي فطائر أو شطائر"
أجابته بسخط وهى تشير بيدها للخلف "ها هو المطبخ خطوتين وتكون هناك"
طرق مقدمة جبهتها بإصبعه بحنق قائلا بصوت ساخط "أنا مرهق يا معدومة الرحمة"
زمت شفتيها بقوة وهى تضيق عينيها ناظرة له بوعيد، ثم ما لبث أن انفرج ثغرها بابتسامة ماكرة قائلا بهدوء "هاتف إياد واعرف منه متي سيأتي وأحضر لك ما تريد"
رد بصوت ضائق "لماذا لا تتحدثي معه أنتِ"
ردت بتسلط وهى تشمخ بذقنها "لا أنا أخاصمه هل ستتحدث معه أم لا؟"
تحت نظراتها أخرج هاتفه يتصل بإياد وبعد محادثة قليلة نظر لها بغضب قائلا "أمامه نصف ساعة"
هبت واقفة قائلة بحماس مفاجئ أشعره بالتوجس "دقائق وأحضر لك ما تريد"
همس هادي بذهول بعد مغادرتها "لقد تلاعبت بك لتنفذ لها ما تريد"
أومأ يزن إيماءة بسيطة مجيبا ببساطة مرتابة "تستطيع التلاعب بمن تريد بإصبعها الصغير، أنا لا أشعر بالراحة إنها تخطط لشيء ما قرأته في نظراتها"
همس يامن بلامبالاة "ربما"
ثم جذب حاسوبه الملقى بإهمال بجواره ليفتحه على ملف بعينه قائلا بنبرة جادة "ألقى نظرة على هذا التصميم وأخبرني رأيك"
زفر هادي بقوة مجيبا بحدة "ارحمني من دوامة العمل، أنت مدمن ما ذنبي"
وضع يامن الحاسوب على قدمه بالقوة قائلا بهدوء "ألقي نظرة يا هادي، لا أخبرك أن تعمل عليه إنه جاهز وأحتاج رأيك فقط حتى نبدأ التجهيز للمكتب"
هز هادي كتفه بيأس ليلقى نظرة على التصميم أمامه، كان ينوى أن يقول سيئا نكاية بيامن إلا أن التصميم جذب انتباهه بقوة، عقد حاجبيه يتفحص التصميم بانبهار وهو يحرك الصورة أمامه في جميع الاتجاهات، استغرق وقتا يتأمل جماله شاعرا به مألوفا إلي حد كبير، رفع رأسه من على التصميم قائلا بصوت منبهر "إنه رائع يا يامن، تحفة فنية مذهلة لم يهمل صاحبها أدق تفاصيلها"
ابتسم يامن مجيبا بفخر بروهان "حقا يليق بالمكتب"
رد هادي وهو يثبت نظره ثانية على الشاشة قائلا بإعجاب جلي "بالطبع لم أكن لأصمم أفضل منه"
صمت قليلا وعينيه تدور بعدم ثبات على الشاشة ثم تحدث هامسا بذهول "لا أعلم لما أري بصمة روهان عليه، من صممه يا يامن؟"
رفع يزن رأسه لهادي بعدما سمع اسم روهان، وهم أن يسأله على معرفته بروهان لينتبه لإشارة يامن الرافضة لسؤاله، والأخير يجيب هادي بنبرة غامضة "سأعرفك عليه قريبا"
نظر له هادي بتساؤل قائلا بعدائية "هل هي روهان؟ هل ما زالت على تواصل معها؟"
استرعى انتباه يزن نبرة هادي العدائية تجاه روهان، ونظر ليامن الذي أجاب صديقه بإغاظة متعمدة وهو يشدد على حروف دلالها "لا شأن لك بعلاقتي بأروهى يا هادي، كم مرة أخبرتك أنها تهمني"
اشتعلت عين هادي بنيران لم تخفى على يزن وملامحه تتوحش قائلا بغيظ "اشبع بها"
قاطع الجو الذي شحن بذبذبات هادي سالبة الشحنة، مجيء ناردين واضعة أمام يزن صينية عليها عشاء مصغر، شطائر جبن كما يحبها بجوارها زيتون أسود وكوب نسكافيه كبير، التقطها منها يزن قائلا ببهجة "كم أحبك يا صغيرتي المراعية"
ابتسمت له ناردين بمحبة وهى تجلس بجواره قائلة بتأنيب خفي "ليس من اللائق أن تأكل بمفردك"
ضحك هادي قائلا بود وهو يلتقط إشارتها الخفية ليزن "شكرا بالهناء والشفاء"
جلست بجانب يزن وهى تراقبه يلتهم الشطائر بين يديه بنهم لتقول بحنان "أنت جائع حقا"
أجاب وهو يمضغ طعامه "جدا جدا"
مال هادي على يامن يهمس له بمفرده "عائلتك دافئة تستحقها بكل تأكيد"
ابتسم يامن مجيبا بصوت حامد لله "نعم الحمد لله على هذه النعمة"
لم يمر لحظات وكان إياد يصف سيارته في مكانها المعتاد، وتيم يقفز منها بشقاوة مسرعا إلى الداخل حتى يخبر من يجده عما فعله في يومه، ضحك هادي وهو يراقب تيم الراكض بانطلاق جديد عليه متمتما "حبيبي اشتقت له"
ما إن وصل إليهم تيم حتى توقف بصدمة ناظرا لهادي المبتسم له، صرخ تيم بسعادة باسمه وهو يفتح له ذراعيه "أبيه هادي"
وكما الطلقة انطلق تيم إليه ليقفز متعلقا بعنقه وهادي يضمه بقوة قائلا بصوت حاني "اشتقت إليك يا بطل، اشتقت إليك كثيرا"
ضحك تيم وهو يعتدل جالسا على قدم هادي قائلا بسعادة "وأنا اشتقت لك كثيرا، انظر هذا بيتنا إنه كبير وأصبح لي الكثير من الأصدقاء، وأذهب مع سيف وأبيه يزن إلى النادي وأشاهدهم وهم يلعبون، وكذلك أتعلم السباحة بالنادي، وبدأت أحفظ القرآن مع خالتو دارين"
اتسعت ابتسامة هادي المحبة قائلا وهو يبعثر خصلات شعر تيم "حبيبي هذا رائع أنت مدهش يا بطل"
قفز تيم عن قدمه قائلا بتذكر "عمتو هنا كانت تريدني سأذهب إليها"
ثم انطلق راكضا صوب المدخل دون أن يعطى لهادي فرصة الرد، مارا من جوار إياد الذي كان واقفا نظره مثبت على هادي بعنف، وعقله يدور بسرعة رهيبة متسائلا عن هوية الجالس، لا لا يهم هويته يجب أن يغادر من هنا بأسرع ما يمكن، من سمح لهذا المغفل أن يأتي لهنا ويقف أمام الحمقاء
التي كانت تدرس ملامحه بدقة تفهم بوضوح كل فكرة خطرت بباله، مبتسمة بشماتة لا تعلم مصدرها، ولكنها سعيدة بهذه النظرة الخطيرة بعينيه، وبهذه الشراسة التي حددت ملامحه منحيا البرود جانبا لبعض الوقت، صفقت له داخلها لم يخذلها لقد عرفه، بينما نظر له يزن بتوجس وهو يضع كوب النسكافيه على المنضدة الصغيرة بجانبه قائلا "مساء الخير إيدو هذا هادي صديق يامن رحب به"
رد إياد بشراسة وعينيه لم تطرف عن ملامح الشاب الذي جسدت كوابيسه حقيقة "أرحب بمن؟ ماذا يفعل هذا الشخص هنا"
امتقع وجه هادي من الحرج وهب كل من يامن ويزن واقفين وهادي يقول بحرج "أسف لم أكن أعلم أني غير مرحب بي هنا"
انعقد لسان يامن ولم يعد يعرف ماذا يقول وهو من وضع صديقه بهذا الموقف، بينما رد يزن بخجل من تصرف إياد غير المفهوم "كلا أنا الآسف على هذا الموقف السخيف، وقطعا أنت مرحب بك بكل وقت لا تنتبه لهذا السخيف الذي فقد عقله"
تكتف إياد عاقدا يده على صدره بنزق وغيرته تكاد أن تلتهمه إلتهاما، اقترب منه يزن بخطوات حازمة قائلا بنبرة قوية "اعتذر إياد"
نقل إياد نظرته السوداء إلى عين ابن عمه الأكبر برفض عاتي، فيعيد يزن قوله بنظرة صارمة جامدة "قلت اعتذر"
غمغم إياد من بين ضروسه احتراما لابن عمه، ولمكانة البيت الذي يقيم به لن يهينه بإهانة ضيفه "أعتذر عما قلته أنا مرهق ولا أعلم ما أقول، مرحبا بك دائما بعد إذنكم"
التفت بنظره لناردين التي تراقب وجانب فمها ملتوى بشبه ابتسامة ساخرة، ليوجه إليها حديثه بجفاف "ماذا تفعلين هنا"
استقامت واقفة تتقدم إليه بخطوات ثابتة وهى تقف أمامه بابتسامة ملتوية قائلة بنبرة مغيظة "أستنشق بعض الهواء"
علم من لهجتها ونظرات عينيها أنها قرأت رد فعله جيدا كعادتها الدائمة، أمال رأسه قليلا يواجه نظراتها المستهزئة بأخرى ساخرة.. قائلا وهو يقرب وجهه منها إلى حد معقول بنبرة لم يسمعها غيرها "لقد أتى فارسك أخيرا"
ابتسمت بشراسة خفية قائلة بتحدي "هل يهمك الأمر كثيرا يا ابن العم"
رد بوضوح وما زال على وقفته "لا تلعبي بالنار فتحرقك"
رفعت حاجبها قائلة ببطء مشددة على كل حرف "أعشق اللعب بالنار يا إيدو"
هز رأسه بأسف استفزها كثيرا لتغادر دون كلمة إضافية، بينما تحرك خطوة يقطع الطريق أمامها دون أن يلمسها، ناظرا لها بشراسة مخيفة قابلتها بنظرة ساخرة لا مبالاية، استمرت الحرب بين العيون لفترة لا بأس بها، ثم ما لبث أن انتزع إياد عينيه من بين عينيها ليلتفت مغادرا دون كلمة بخطوات عنيفة، أطلقت ناردين ضحكة خافتة مرحة وهى تصعد للأعلى خلفه بخطوات طائرة كفراشة سعيدة، ضرب يزن كفيه ببعضهما مغمغما " لقد فقدا عقلهما ولله الحمد"
همس هادي بحرج وهو ما زال واقفا مكانه "أنا أسف لم أكن أعلم أن وجودي سيسبب كل هذه المشاكل"
هز يزن رأسه نفيا وهو يعاود الجلوس داعيا إياه للجلوس ثانية "اجلس يا هادي أنت لم تفعل شيء إنها طبيعة المنزل، وطبيعة إياد وناري بشكل خاص، أعتذر لك ثانية أنا لا أعلم ما الذي دهاه ليكون بتلك السخافة"
ابتسم هادي له بتسامح وهو يندمج معه ومع يامن في أحاديث متفرقة ليكتشف كلما مر الوقت، أنه يجمعه بيزن صفات مشتركة كثيرة، اخترقت أذنيه ضحكة يعلم مصدرها جيدا، لقد جنت أذنيه ألا يكفيها ما تفعله به وهو بمفرده، معيدة عليه رنات صوتها وضحكتها، لتعيدها عليه ثانية وهو بين الناس، ورغم أن عقله لا يصدق ما سمعته أذنه، إلا أن القلب أعطى الأمر لعينيه بالبحث عنها بلهفة
لتتسع بصدمة وهى تقع على معذبته، تتمشي ضاحكة برفقة سيف بعبد الرحمن، ولكن ما أوقف عقله وخدره تماما كان هتافه أنها محتشمة، روهان تلبس ملابس لا تظهر جزء من جسدها، ابتسم عقله ساخرا مجنون تتخيليها بطريقة ترضي غرورك، ولكن قلبه صرخ بغضب وغيرة عمياء كيف تتخيليها تضحك ضحكتها المائعة المليئة بالغنج لأحد غيره
عادت عينيه تمشطها بشوق فهذه المرة يتخيلها حقيقة بطريقة يعجز عن وصفها، ترتدى بنطال جينز أزرق يعلوه سويت شيرت بيج يصل لحدود خصرها، بكمين طويلين منقوشة بورود حمراء وأوراق شجر خضراء، لا ليست حقيقية إذا كانت كذلك فما الذي تفعله هنا، في بيت عائلة يامن، لا هي ليست حقيقة وهو جن من فرط شوقه لها
ابتسم يامن بخبث وهو يراقب حالة صديقه التي تبدلت كليا، رغم أنه لم يتوقع أن سيكون شكل اللقاء بهذا الشكل، ولكنه رائع بكل الأحوال، كان يراقب ملامح هادي التي تتغير وتتبدل بين التصديق واللا تصديق
كان يبدو على روهان أنها لم تنتبه لوجوده وهى تكاد تنفجر من الضحك على ما يقوله سيف، توضح صوتها الضاحك كلما اقتربا من الجلسة "يكفي سيف لا أستطيع السيطرة على نفسي"
رد سيف بصوت مرح "لم أخبرك عن باقي المقالب يا فتاة"
لمحت روهان يزن لتتجه إليه دون أن تنتبه للجالس مقابل له هامسة باستنجاد رآها هادي مائع "يزن أرجوك ابعد سيف عني سأموت من كثرة الضحك"
نظر يزن لسيف ليقول بنبرة عابثة "سيف يا أحمق أعطيها الضحك ولكن على جرعات مخففة، جيد هكذا أروهي"
دبت الأرض بقدميها هاتفة بتذمر "يزن أنت غليظ"
ضجا يزن وسيف بالضحك والأخير يوجه حديثه ليزن "هل أحضرت تذاكر مباراتك ليقين وبو أم أحضر لهما معي"
رد يزن بلهفة "حقا هل ستحضر؟"
أجاب سيف بمودة "بالطبع أنا وأعتقد إياد سيحضر سأخبره وإن لم يوافق سأجبره، وبابا وعمو أيهم كذلك"
لتهمس روهان بخجل "وأنا الأخرى سأحضر هل تحضر لي واحدة؟"
غمز يزن لها بعينيه بمرح مجيبا بعبث "هكذا ستزيد نسبة المشجعين لمبارياتنا"
ضحكت برقة وهى تفهم ما يرمي إليه، بينما لم تعد أعصاب هادي تحتمل أكثر من هذا، وهى أمامه بهذه الفتنة والهالة المصاحبة لها دائما وليست خيال، بل حقيقية وأكثر من حقيقة ليصرخ بها بحدة "رهان"
اتسعت عين روهان بدهشة ونبض قلبها بلهفة، إنه صوت هادي التفت للخلف ببسمة مشرقة، زادت اتساعا وهى تهمس اسمه بخجل رقيق "هادي"
انقبضت عضلة قلبه وكأنها توشك على الإصابة بتوقف فوري، جراء تلك النبرة الناعمة واسمه يخرج متهاديا مخرجا له لسانه من بين ثغرها، فاجأته وهى تندفع إليه تتعلق برقبته بكلتا يديها، مغمغمة بشوق بجوار أذنه "اشتقت إليك كثيرا"
انتفض جسده باستجابة فورية لاحتضانها وقلبه يأمره أن يطوقها بذراعيه، زأر عقله بقوة يخرس قلبه ويديه ترتفع لتفك تشابك ذراعيها من حوله، يبعدها عنه بقوة مجيبا باستهجان "هل جننتِ كيف تعانقيني بتلك الطريقة؟!"
كشر سيف بغضب وهم بالتقدم منه ليلكم هذا الغليظ على وجهه، كيف يعاملها بتلك الطريقة ليوقف تقدمه روهان التي دبت الأرض بقدمها بقوة نتيجة غضبها، وهى تجيب بتلعثم محبط "بالطبع كيف نسيت أنت وفكرتك الغبية عني؟ أنا لم.. لم أعانق رجل من قبل هكذا، ولكن اشتقت إليك فتصرفت بأول ما تبادر لعقلي، ولكنك أحمق وغبي ومثل الحجر لا تفهم مطلقا"
اتسعت عينيه بذهول وهو يرد بصدمة " مرحي لقد كبرت الهرة وأصبحت تخربش"
عبست بتعجب مجيبة باستفهام "ماذا تعني بكلماتك؟"
أجابها بانتقام "لن أخبرك ثم ألم تستقيلي ماذا تفعلين هنا؟"
همس سيف لأخيه "من هذا؟"
رد يزن بنبرة منخفضة "صديق يامن"
غمغم سيف "إنه مجنون"
ثم عاد بنظره لروهان التي أجابت بحيرة "لا لم أفعل لقد قدمت إجازة مفتوحة إلى موعد افتتاح المكتب هنا"
تراجعت للخلف بخطوة غير مرئية وهى ترى وجهه ينبض بطريقة وحشية، أخفض عينيه ليامن متسائلا باتهام "ألم تقل أنها استقالت"
رفع يامن عينيه عن حاسوبه الذي يعمل عليه مجيبا ببراءة "هل قلت هذا حقا، لا أتذكر ماذا قلت وقتها أنت كنت ثائر وغاضب ربما سمعك كان معتل أيضا"
ضيق هادي عينيه مجيبا بوعيد "حسابنا فيما بعد يامن"
ثم رفع عينيه يسأل بتسلط وكأن له الحق بذلك "ماذا تفعلين هنا بهذا الوقت؟"
هزت كتفيها مجيبة ببساطة "أسكن مع عمو خالد"
كاد أن يشد شعره من شدة غيظه مجيبا بغضب "تسكنين مع شباب لا يقربونك"
أجابته بغضب يراه لأول مرة مدافعة عن نفسها "كلا عمو خالد لديه فتيات فقط، يا إلهي ستظل أحمق"
نظر لها بشرار يكاد يحرقها ليومض عقله بشيء تاه عنه، جذب الحاسوب من على قدم يامن يراجع التصميم ثانية قائلا بريبة "هذا التصميم لكِ أليس كذلك"
هزت رأسها وبرقت عينيها بلهفة وهي تهمس بترقب "ما رأيك به؟"
رد بحدة "سيء للغاية"
دمعت عينيها بإحباط وهي تجيب بتلعثم "ح..حقا؟!"
لم يتحمل قلبه حزنها ليشيح بعينيه بعيدا مجيبا بنبرة أجشة "كلا أنه رائع وممتاز كذلك، لم تهملي التفاصيل وتركت بصمتك الخاصة عليه أيضا، أحسنت رهان أنا فخور بك"
اتسعت ابتسامتها بفرحة وخطف قلبه لمعة عينيها، بينما سيف يهمس ليزن بتعجب "إنه مجنون حقا"
رد يزن بيقين "مجنون بها"
عاد هادي يقول وهو يدقق بالتصميم أكثر "مما أراه أن لك مكتب خاص بك"
هزت رأسها دون رد وعينيها تلمع بامتنان له، ليجيب بجفاف وهو يدفع الحاسوب لها بغلظة "عدلي التصميم سنظل أنا وأنت بنفس المكتب كما كن نعمل"
ردت باعتراض "ولكن..."
قاطعها بنبرة قاطعة "قلت عدليه رهان خانوم، وأمر آخر امتياز التأخر بالنسبة لك انتهى، ستأتين للمكتب في المواعيد الرسمية مفهوم"
ردت بعنف وهي تنظر له برماديتيها تكاد تقتله "أنت ديكتاتور"
رد بلا مبالاة "أعلم"
ثم أضاف بغيرة "وابعثي التصميم لي مباشرة بعد تعديله، لا تبعثيه ليامن.. هل غيرت رقم هاتفك"
هزت رأسها نفيا وما زالت ملامحها تعكس حنقها الواضح، ليجيبها ببساطة "جيد سأبعث لك برقم هاتفي الجديد"
أجابته بعنف منتقم "لا أريده"
رد بعدم اكتراث وهو يشعر بالغضب من كل الظروف، والسعادة الغامرة وهي ما زالت تتدور في مدار حياته رغما عن أنفه "ولكن أنا أريد، اسمعي روهان عملكِ معي أنا وسنظل على تواصل دائم، فتوقفي عن تصرفات الأطفال هذه"
ردت باندفاع "أنت من تتصرف كالأطفال"
نظر لها بقوة لتشعر بخوف حقيقي منه، وضعت الحاسوب سريعا بين يدين يامن، وهي تعود للداخل دون كلمة مغمغة بكلمات كثيرة غير مفهومة
أخفض هادي عينيه ليامن المُشاهد لما يحدث بابتسامة مستفزة، لتنطلق يده بلكمة إلى أنفه مباشرة قائلا بتوعد وهو مغادر "عينة من الكثير الذي سأفعله بك"
رمش سيف بعد مغادرة هادي قائلا بتعجب "سبحان من صبرني على هذا الأحمق وطريقة حديثه"
ضحك يامن مجيبا بابتسامة رائقة "إنه أحمق ولكن لا خوف منه"
************

نهاية الفصل

اعصابك يا هادي يجيلك شوجر وأنت لسه صغير


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-02-21, 10:00 PM   #183

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

الفصل الواحد والعشرون
بعد مرور ثلاثة أسابيع استقرت الحياة بالكثير منهم وتوطأت الكثير من العلاقات...
صفت يقين سيارتها في الموقع المخصص لهذا الأمر، وترجلت منها بخطوات رشيقة لتقف أمام الباب الأنيق، وأمامه لوحة عملاقة تحمل عنوان الموضوعين، واسمها بخط عريض تحت اسم معرضها (جنيات يقين) أخذت نفسا عميقا وهي تدلف للداخل بهدوء، وجدت رباب بملامحها الهادئة دائما تضع أخر لمساتها على صالة العرض، التفت لها رباب بوجه بشوش قائلة بترحيب "مرحبا يويو خذي جولة وأخبريني إن أردتِ تغيير شيء؟!"
ردت يقين برقة "أنا متأكدة أنا كل شيء على ما يرام، سيبدأ الزوار في التوافد بعد نصف ساعة"
ردت رباب بجدية وعينيها تدور في كل مكان "نعم جيد هيا لنطمئن أن كل شيء على أكمل وجه"
هزت يقين رأسها نافية قائلا بهدوء "لقد أفسدتِ حجابكِ هيا لأساعدكِ في تعديله"
ضحكت رباب بتوتر مجيبة "إنها جيدة المهم الآن المعرض"
علت ضحكة يقين قائلة بمرح "من المفترض أن تطمئنيني ولكن كحال كل مرة أنتِ من تتوترين، هيا دعيني أساعدكِ"
ردت رباب برفض "يقين اذهبي وتفقدي صالة العرض رجاءً"
أتى صوت ناردين من الخلف "اذهبي يويو وأنا سأساعدها في تعديل حجابها"
التفتت للخلف لتعانق شقيقتها قائلة ببهجة "متى سيأتي البقية؟"
أجاب إياد الذي أحضر ناردين "دقائق وسينضمون إلينا، تعالي نتفقد الصالة لتتأكدي من كل شيء"
ردت رباب بتأكيد متوتر "هذا ما أقوله دكتور ولكنها كالعادة لا تستمع لي"
ابتسم إياد بهدوء يستمتع بالمناقشة المعتادة لكل معرض ليقين قائلا ببساطة "دعي هذه المهمة لي هيا يا رقيقتي لنتفقد الصالة"
أومأت يقين بابتسامة مشرقة وهي تتحرك معه لتفقد الصالة، ليهمس لها بغضب غيور ما إن ابتعدا عن ناردين "كيف سمح لها عمو خالد أن ترتدي هكذا، وترتدي كعب أيضا!! كعب عالي يا يويو ألا تهتم لساقها؟!"
التفتت يقين تلقي نظرة على شقيقتها التي تساعد رباب على ضبط حجابها، كانت ترتدي طقم بسيط في ظاهره متهور في باطنه، تنورة حمراء مخرمة منفوشة تتعدى ركبتيها بقليل.. ومن أسفلها بطانة ثقيلة من نفس اللون يصل لركبتيها، بحزام أسود عريض يحدد خصرها الممشوق.. تدخل به قميص ناصع البياض من الحرير، وحذاء أسود أنيق ذو كعب عالي قائلة بضحكة خافتة "لا يعلم عنه شيء، تعلم ناري تلتزم بتعاليم بابا دائما، ولكنها تتمرد عليها من آن لآخر"
أومأ بحنق قائلا بغل "حمقاء متهورة"
تفقدت يقين معظم رسوماتها بصحبة إياد حتى قاطعهما الصفير من خلفهما، ضحكت بحرج وهي تلتفت على صافرة سيف المعجبة، قائلة بتأنيب خجول "سيف!"
اقتربت منها روهان التي حضرت مع سيف تمسكها من يدها، جاعلة إياها تدور حول نفسها دورة كاملة قائلة بإعجاب "مبهرة للغاية يويو"
ابتسمت يقين بامتنان قائلة بابتسامة واسعة؛ وهي تتأمل روهان في سلوبيت أسود بكم طويل، يصل لمنتصف مرفقها ويلتف حول خصره حزام من اللون الذهبي، ويزين يديها أسوارتين عريضتين "شكرا أروهي وسعيدة كثيرا بحضوركِ.. تبدين فاتنة"
ثم التفت لسيف متسائلة بلهفة "ماما وبابا أين هما؟"
التفت سيف للخلف مشيرا لباب المعرض قائلا "سيأتيان بعد قليل، انظري لقد أتى يزن ويامن"
التفت تنظر للذي تسمر على الباب يتشرب فتنتها بشغف، كانت ترتدي فستان رقيق وناعم مثلها يصل لحدود ركبتيها، يتكون من طبقتين الطبقة السفلية من القماش الأبيض، تبدأ من حدود صدرها إلى ركبتيها، وتعلوه طبقة شفافة من الدانتيل الرقيق بكمين يصلان إلى مفصل كوعها، منقوش بالكثير من الورود وأوراق الشجر، ولتكمل منظر وردة الربيع أطلقت شعرها حرا وزينته بفراشات بيضاء، وارتدت حذاء أنيق ذو لون فضي، أخذ نفسا عميقا يهدئ دقات قلبه التي جنت وهو يدلف خلف يزن، ردت تحيته التي ألقاها برقة ويزن يقول بصوت حاني "اذهبي لتكوني في استقبال ضيوفكِ"
هزت رأسها وهي تقول بتوتر "سأذهب خذا جولة وأخبراني رأيكما"
همس إياد لسيف "سأذهب لأرى ناري"
رد سيف بمكر "هل انتهى الخصام بينكما؟"
أشاح بيده معترضا مجيبا بنفي "كلا ولكن لن أتركها تقف بمفردها"
عبس سيف متسائلا "لماذا هل ستخطف؟"
رد إياد بسخط وغيرته تتغذى عليه "ألم ترى تنورتها.. إنها بث حي ومباشر"
اتسعت عين سيف بمفاجأة ليلكمه في ذراعه قائلا بتوبيخ "احفظ لسانك أيها الوقح"
علا صوت يقين بتحذير وهي تغادرهم "لا تتشاجرا هنا"
بعد مغادرتها تركهم إياد بحثا عن ناردين، واتجه سيف مع روهان إلى الجانب الآخر من الصالة، بينما تحرك يزن في أنحاء الصالة بجوار يامن؛ الذي اندمج كليا مع المعروضات على الحائط، مر على صورة لطفلة تكمم بيد داخل عين تذرف دموع وأعلاها كتب (لا نملك سوى أن تنزف العين من قهر الضعيف).. ابتسم بإعجاب وهو ينتقل إلى اللوحة التالية؛ والتي كانت عبارة عن امرأة تنزع بيدها قناع الضحك عن نصف وجهها الحزين، وأعلاها تلك العبارة المؤثرة (لا تصدق ضحكتي فخلفها شلالات من الدموع لو لمحتها أغرقتك)
لمعت عينيه بزهوه بها وهو يري اللوحة التي تجسد صورة لعذاب امرأة، كانت أربع وجوه وجه صامت.. وجه يصرخ وآخر يبكي بصمت، وبينهم تلك الدمعة الساقطة والجملة المدونة تعبر عنها (أود أن أصرخ بألف أه ولا أجد سوى دموع صامتة)، والتالية كانت يدين مقيدتين بسلاسل حديدية وتطلق من بينهما فراشة طائرة، وأسفلها الجملة الأكثر من رائعة (مقيدة وداخلي يموج بالحرية كفراشة ربيعية بقلب الشتاء)
انتقل بابتسامة متسعة للوحة كانت تجسد عروس ماريونت ترقص، وجملتها المميزة ( تراني تظنني عروس متحركة برغبتك بينما بداخلك موقن أن الخيوط بيدي أنا وأنى الوحيدة المتحكمة بجذبها ..أو تركها)، أخذ نفسا عميقا وقد انفصل عن العالم وهو يتنقل بين لوحاتها، المرصوصة بسلاسة أفكارها فاللوحة التي وقف أمامها، كانت عبارة عن جسد فتاة تجلس جسمها مملوء بالأشواك، ورأسها أنبتت زهرة مغلقة اتسعت ابتسامته وهو يقرأ الجملة المكتوبة بحروف أنيقة (الجميع رآني زهرة طمع في عبيرها واستسلم خوفا من أشواكها عداك أنت رأيت ذبولي فاحتضنتني برفق فتحولت أشواكي ليرقات وتفتحت بين ذراعيك وأضحيت أجمل مما فات)، التفت ليزن قائلا بانبهار "ما أجمله!!"
ابتسم يزن له بتأكيد وعينيه تعود لتمر على باقي اللوحات، فتلك اللوحة التي خطفت قلبه، لطفلة تمرغ أنفها في وجه خيل أبيض يحني رأسه لها، والكلمات الرقيقة المكتوبة (يقولون عنك ضخم.. وأراك كعصفور رقيق... يخبروني سيؤذيك وأخبرهم أنه لدربي أكثر من رفيق)، انتقلت عينيه بسلاسة إلى اللوحة التالية لامرأة تجلس على أرجوحة منسوجة من خيوط القمر، نزلت عينيه تلقائيا إلى الجملة المكتوبة (هائمة في فضاء بعيد لا يوجد سواي شاردة مع القمر.. ولا أرغب بغير من سكن قلبي رفيق)
وبعدها رفع عينيه إلى اللوحة التي كانت عبارة عن صورة رومانسية لشاب يحتضن بيده فتاة قريبة من وجهه.. وهي تمر بأصابعها على خطوط وجهه، فيما يده الأخرى تعيد خصلات شعرها للخلف، والعبارة المنمقة مكتوبة أسفلها (دعني أحيا وأتمتع بعبق أنفاسك ...علِّي يوماً اكتفي.. ولن أفعل!)، تألقت عينيه بشغف وهي تنتقل إلى اللوحة الأخيرة لسيدة تميل تداعب طفلها وأسفلها كانت جملة ناعمة (أتعلم متى ضحك قلبي؟.. حين حملت بين يدي قطعة منك ومني.. حينها فقط ضحك كل وجداني!)، التقطت أذنيه همسة يزن قائلا "لقد أحسنت مدام رباب التعبير عن لوحات يقين"
رد بتعجب "رباب!!"
رد يزن بابتسامة واسعة "نعم مدام رباب، تخبرها يقين عن إحساسها باللوحة وهي ترسمها، وتجسدها مدام رباب بعبارات أنيقة"
أومأ مجيبا بذهول "مذهل!!"
التفت الاثنان على صوت يقين متسائلة "ها ما رأيكما؟"
أجابها يزن بابتسامة مشجعة "إبداع يا يويو مذهلة"
ردت بلهفة "وأنت يامن؟"
أجابها يامن بصوت ناعم أصاب دقات قلبها بالارتباك "كالعادة تجعليني عاجز عن التعبير ببساطة أنت رائعة"
ابتسمت بإشراق تلألأ في لمعة عينيها بسخاء قائلة بهمس "الحمد لله"
ضحك يزن قائلا بمشاكسة "اذهبي يا يويو عمو وعمتي يتشاجران شجار كل معرض"
أطلقت يقين ضحكة صافية.. وهي تغادر إلى حيث وقفت هنا أمام خالد قائلة بإصرار "أنا أريد شراء هذه اللوحة يا خالد"
رد خالد بنبرة منخفضة "يا هنا ابنتك لم ترسم كل هذا لتشتريه أنت بالنهاية"
ردت هنا بإصرار أكبر "ولكنها أعجبتني"
رد بغيظ "إنها السابعة التي تصرين على شرائها"
تدخلت يقين التي اقتربت منهم قائلة بابتسامة صافية "المعرض كله تحت أمركِ يا ماما"
التفت لها هنا لتحتضنها بقوة قائلة بفخر "لقد أصبحت موهبتكِ لامعة وتسرق الأنفاس، كم أنا فخورة بكِ يا طفلتي"
شددت يقين من عناقها وقد فلتت دمعتين فرحتين من بين جفنيها المغلقين، مد خالد إصبعه يمسحهما بحنان؛ فتحت عينيها لتقابلها نظرته اللامعة التي نشرت داخلها بهجة لا توصف، قاطع هذا الدفء العائلي صوت مألوف من الخلف "أحسنتِ آنسة يقين"
ابتعدت يقين عن والدتها بلطف ملتفتة للخلف قائلة بابتسامة لبقة "شكرا أستاذ شرفتنا بحضورك"
رد أستاذها بنظرة معجبة خارجة عن إرادته "بل الشرف لي أن كنت أستاذكِ ذات يوم"
تساءل إياد الذي انضم هو وناردين إلى يزن ويامن "يزن أليس هذا أستاذ يقين الذي تقدم لخطبتها"
نظر يامن له بتجهم ويزن يدقق النظر إليه قائلا بتأكيد "نعم إنه هو"
لتضيف ناردين "لقد علمت أنه تزوج بعد فترة قصيرة من رفض يقين له"
همس يامن بذلك السؤال الذي يؤرق تفكيره "لماذا لم تتزوج يقين للآن؟"
رد يزن بخفوت وهو يخرج هاتفه كي يتحدث مع براء، يتساءل عما أنجزته هي وسما من تحضيرات للاحتفال بيقين "لم تجد فارسها بعد لقد تقدم لها الكثيرون وما زال هناك من يأتي طالبا يدها، ولكنها ترفض.. وبالنهاية الأمر عائد إليها فقط"
بنهاية كلماته كانت براء قد أجابت الهاتف لينشغل معها، في ذات الوقت كانت روهان تلتقط كوب عصير من سيف الواقف بجوارها طيلة الوقت، متسائلة بغيرة لم تنتبه لها بينما التقطتها أذن سيف ببراعة "من تلك المتعلقة بذراع هادي؟"
التفت ينظر إلى الشابة الصغيرة المتعلقة بذراع هادي الواقف مع رباب، قبل أن يترك الفتاة مع رباب ويتجه صوب يامن قائلة ببساطة "تلك شقيقة مدام رباب على ما أتذكر اسمها ميس، ومن خلال المدة التي تعاملت بها مع هادي، هذه الفتاة إما شقيقته أو زوجته"
ردت بهمس حزين "إنه ليس متزوج"
سأل سيف بهدوء "وكيف عرفتِ أروهي؟"
رفعت كوبها ترتشف من عصيرها مجيبة بسذاجة "هو لم يخبرني أنه متزوج كما أنه لا يرتدي خاتم زواج"
ضحك سيف بمرح على سذاجتها وعينيه تلتقط نظرة هادي النارية له، لقد عرف من خلال تعامله الفترة الماضية مع هادي، حسن أخلاقه وأنه من الرجال الذين تعطيهم أختك وأنت مطمئن كما علم عن حبه الجارف لروهان ونظرته السطحية لها، لذا تعمد كلما كان موجودا في حيزه هو وروهان أن يبقى معها يدللها ويضحكها وكم ترضيه تلك النار التي تأكل هذا الأحمق من الداخل
ابتسم بخبث لمعت به عينيه ما الضرر من بعض العبث، يحرق قلب هادي قليلا ويغيظ سماءه الحمقاء، ويزيل به العبوس من ملامح روهان قائلا بهدوء "هيا لنأخذ بعض الصور سويا"
وقف بجوارها في عدة وضعيات مختلفة.. أغلبها كانت مضحكة تاركا مسافة لا بأس بها بينهما، ابتسم برضا وهو يلتقط بطرف عينيه ملامح هادي الشرسة، عبث بهاتفه قليلا ثم أطلق ضحكة شقية.. عبست على أثرها روهان فيقرب شاشة الهاتف منها، وجدته قد أنزل صورة لهما على إحدى تطبيقات الهاتف قائلا بشقاوة "ستجدين بعد قليل خبر حصري أنك خطيبتي"
نظرت له بتعجب مجيبة بعدم فهم "كيف هذا؟"
أجابها ببساطة "بعض الصفحات الإلكترونية ما إن يجدوها سيألفون تلك الإشاعة، لقد أشيع ذات مرة أن يقين خطيبتي ومرة أخرى ناري، وحفاظا على شبابي العزيز كلما أنزلت صورة لي أنا وبراء، أوضحت أعلاها أنها زوجة أخي"
خرجت منها ضحكة صافية قائلة بمرح "أنت مجنون"
وكما توقع حدث لم تمر دقائق وقد تم تأليف العديد من القصص على صورتهما، وقد انتشرت بسرعة البرق وقف بجوارها يقلب في الهاتف أمامها، يتابعون الصفحات بنوع من المرح الهزلي وهما يتبادلان التعليقات المازحة، وقد لفهما هالة نقية من الصفاء الأخوي تحت نظرات هادي، الذي شعر بارتفاع حرارة جسده ورأسه تغلي من كثرة الغل والأفكار الإجرامية التي تموج بها.
**********
في ساعة متأخرة من الليل ودعت يقين رباب بعد مغادرة آخر زوارها، وكما العادة نجح معرضها بتألق، وقد أبهرت لوحاتها جميع من حضر وبيع معظم المعرض، وبمساندة أفراد عائلتها الذين لم يتخلوا عنها يوما، وقد كان أغلبهم معها اليوم؛ راقبت رباب تغادر مع هادي وشقيقتهما ميس، ركبت في المقعد الخلفي لسيارة يزن الذي انتظرها مع يامن قائلة بتذمر "أنا غاضبة من براء وسما ولن أتحدث معهما"
أجابها يزن بمراوغة "لقد توعكت براء قليلا وبقيت سما معها لتراعيها"
اعتدلت جالسة بلهفة بعد أن كانت قد أرخت جسدها للخلف قليلا متسائلة بجزع "لماذا؟ ما بها بو؟ هل هي بخير؟!"
رد يزن يهدئها قائلا بعقلانية "اهدئي يويو إنها بخير، هل كنتِ ستجديني موجود للآن لو أن مكروها أصابها؟!"
هزت رأسها نفيا ليجيبها بحنان "إذا اهدئي قليلا وارتاحي إلى أن نصل للمنزل، لقد أٌرهقتِ اليوم"
انحنت تخلع حذائها من قدمها وهي تلقي برأسها للخلف في إرهاق واضح، أشفق عليها يامن سائلا باهتمام "أحضر لكِ شيئا تشربينه؟"
أجابته بهمس رقيق "كلا شكرا لك"
لم تشعر يقين إلا ويزن يصف سيارته في مكانها المخصص بالمنزل، وهو يناديها برقة يوقظها من غفلة يبدو أنها استحوذت عليها، اعتدلت جالسة تفرك عينيها بخفة وهي تلتقط حذائها، ولم يكن لها القدرة على ارتدائه ثانية فكل ما تريده الآن فراشها الأثير
تبدد وخمها ما إن دلفت إلى المنزل وهي تشاهد بتأثر، حديقته المزينة لأجلها وتلك اللافتة العريضة المكتوب عليها فخورون بكِ جدا، أجفلت وإياد وسيف يطلقون مفرقعات في الهواء فتنزل عليها منها قصاصات ورق ملونة، اقترب منها الأطفال الثلاثة يقدمون لها باقة من ورود البنفسج، لتضمهم لصدرها بفرحة وهي تقبلهم على رؤوسهم، استقامت واقفة وهي تتلقى عناقا ثنائي من سما وبراء التي همست لها باعتزاز "مبارك أختي فخورة بكِ كثيرا"
ردت يقين بعتب "كيف وأنتِ لم تحضري؟!"
ابتسمت سما مجيبة وهي تشدد من عناقها "لقد رأينا كل اللوحات يا يويو، ولكن كان يجب على أحدنا التضحية لكي يقيم الاحتفال"
ابتعدت تنظر لهما بعينين دامعتين قائلة بصوت متهدج من التأثر "أنتما من فعل كل هذا"
مسحت براء بإصبعها دموع يقين برقة قائلة بأخوة حقيقية "وهل لدينا أغلى منكِ لنحتفل بها.. هيا تعالي الجميع بانتظاركِ"
تقدمت معهما إلى الداخل تتلقى عناق الكبار لها، وكلماتهم المشجعة والمهنئة لها، كانت تشعر بسعادة عظيمة وهي بين عائلتها، قدم إياد لها كعكة كبيرة بنكهتها المفضلة، وعلى سطحها صورة لها قائلا برقة "هيا قطعيها"
أمسكت السكين وقطعت منها جزء صغير ثم تركت مهمة تقطيعها لإياد، بينما يقوم تيم والتوأم بتوزيع الأطباق على الموجودين، وبدأ الجميع بتقديم هداياهم لها لتتقبلها منهم شاكرة، وبعد أن أعطت روهان هديتها ليقين جلست بجوار سما، التي مدت يدها لتقرصها من ذراعها، تأوهت روهان بألم قائلة بتعجب وهي تلتفت لسما "أااه يا مجنونة ماذا فعلت لكِ؟"
ردت سما بغيرة مجنونة "لقد رأيت صوركِ أنتِ والمحترم حبيبي، ولو لم أفعل هذا الأمر لكنت مت كمدا"
ضحكت روهان بمرح وهي تفرك ذراعها مجيبة بخفة "أتعلمين تستحقين؛ لنا أسبوعين أنا وناري نحاول أن نقنعك بإخبار سيف أنكِ تحبينه ولكنكِ ترفضين"
أشاحت سما بيدها قائلة بمشاغبة "أنا أنفذ مبادئه لا أكثر"
عندما همت روهان بالرد غمزتها سما بعينيها قائلة بشقاوة فطرية "ما رأيكِ ببعض المرح؟"
نظرت لها بتوجس وهي ترفع صوتها قائلة بنبرة شقية "يويو رجاء افتحي هدية يامن، سأموت من فضولي لأعلم ماذا جلب لكِ"
نظرت لها يقين بعبوس لتكمل سما قائلة "لقد ظل يقول أنه أتى لكِ بهدية مختلفة ومميزة افتحيها رجاء"
مدت يقين يدها تلتقط هديته تفتحها بلهفة تمكنت منها تحت إصرار سما، شهقت بصدمة من جمال هديته والتي كانت عبارة عن طقم من خمس أساور، إحداهما متوسطة الحجم وذات لون بني فاتح، والأخرى عريضة من لون السكر مع ورود صفراء وأوراق خضراء، والثلاث الباقون من نفس ألوان العريضة، ولكنهم ذو أحجام أرفع ويتداخلون سويا لتبدو كأنها إسورة واحدة، همست يقين بانبهار "إنها رائعة، شكرا لك يامن، لقد أحببتها كثيرا"
بينما ردت سما بإحباط "أهذه المختلفة؟ مفهومك عن الاختلاف عجيب"
قبل أن يجيبها تساءلت يقين وهي تتفحص الأساور بيديها "مما هي مصنوعة يا يامن؟"
ابتسم يامن موجها كلماته لسما "اختلافها يكمن في كونها مصنوعة من الفخار"
أطلقت ناردين صفيرا مبتهجا قائلا بشقاوة "مميزة حقا يا ابن عمتي"
ابتسمت له يقين بإشراق قائلة بهمس يكاد يذوب من فرط رقته "لا تعبأ بهم لقد أحببت هديتك كثيرا يامن، إنها مذهلة صدقني من أجمل الهدايا التي حصلت عليها"
أومأ يامن لها بعينيه ولسانه معقود فلو أطلق له العنان، لصرح لها بما يدور في قلبه وينكره عليه ضميره الخائف من مأساة قد تتكرر، وهي يجب أن تدلل وتدلل فقط.
**************



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-02-21, 10:11 PM   #184

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

صباح اليوم التالي كان إياد يوقف سيارته أسفل إحدى البنايات العملاقة، التفت إليه روهان بابتسامة متسعة قائلة بامتنان "شكرا إيدو أتعبتك معي"
أجابها إياد وهو يركن جسده للخلف باسترخاء "تعبكِ راحة أروهي"
قبل أن تفتح باب السيارة التفتت إليه قائلة برجاء "هل تساعدني لأشتري سيارة؟!"
التفت إليها بنصف جسده قائلا ببساطة "المنزل به سيارات كثيرة يمكنكِ استعمال سيارة ناري أو براء، لا يستعملونها وقد حصلن عليها كنوع من المساواة والعدل فقط"
ردت بتعجب "لماذا أشاركهم أشيائهم بينما يمكنني شراء واحدة؟"
رد إياد بذات البساطة التي تبهر روهان دائما "ولماذا التبذير يا فتاة؟ ولا واحدة منهما سترفض أن تعيركِ سيارتها"
نظرت له بتردد حائر ليكمل برقة "لا تفكري كثيرا أروهي، صدقيني أنتِ هكذا تسدين لي خدمة جليلة"
ردت بعبوس "كيف هذا؟"
رد بضحكة مرحة "ألم تلاحظي أني السائق الخاص بأي منكن عندما تريد الخروج؛ وبهذا أعينك السائق بدلا مني"
زمت شفتيها بتذمر قائلة بشقاوة "ألا تخبرنا أنك أخانا جميعا ومتى نحتاجك نجدك"
رد بتأكيد فوري "هذا صحيح كليا -ثم أضاف بتهكم لنفسه- أخاكم جميعا إلا واحدة تحتاج إلى كسر عنقها"
رفعت كتفيها مجيبة بدلال "هذه ضريبة كونك أخانا"
رد بسخرية "أصبحت مخطئا الآن، لقد أصبحت بارعة في الابتزاز آنسة أروهي"
غمزت بعينيها مجيبة بمكر عابث "أنت وسيف معلمان بارعان"
انطلقت ضحكته قوية قائلا ببسمة "حسنا معكِ حق في هذه، كما أنكِ تشاركين المادة الخامة للابتزاز السكن"
علت ضحكتها التي استطاعت بمساعدة ناردين على تهذيبها بعض الشيء ولكن ليس قليلا مجيبة بمشاكسة "ألا تخاف أن أخبرها؟"
أصدر صوت متهكما من حنجرته قائلا باستنكار "أنا أخاف!! ومن ممن ناردين؟ تمزحين بكل تأكيد"
نظرت إليه بتعجب طفيف قبل أن تنفض رأسها مجيبة بخفوت "أنت وهي ميؤوس منكما، يجب أن أذهب"
ضحك مجيبا باهتمام "هيا اذهبي كي لا تتأخري.. وأااه ذكريني أن أعلمكِ القيادة في شوارع مصر"
ترجلت من السيارة قائلة بمودة "حسنا سأفعل.. إلى اللقاء إيدو"
ابتسم يرد تحيتها وهو يتابعها بعينيه إلى أن اختفت داخل المبنى أمامه، ثم أدار سيارته مغادرا إلى عمله وهو يقر لنفسه أن روهان أصبحت فردا منهم قولا وفعلا.
صعدت روهان درجات المبنى بنشاط متشوقة لعملها، ومتأخرة نصف ساعة كاملة عن العمل، ابتسمت بشقاوة لقد تعمدت هذا حتى تغيظ هادي، لقد أصبحت هويتها إغاظته وهو يستحق لأنه يصرخ عليها طيلة الوقت ويخيفها، واليوم هو أول يوم عمل لها بعد افتتاح مكتبهم، ونجاح افتتاح القرية التي كانوا يعملون عليها.
الأسابيع الماضية عرفت كيف يكون هادي ديكتاتور ومتسلط عندما يريد، وهو يهلكها في التحضير للمكتب ويطلب منها المجيء كل يوم تقريبا، الأحمق الذى لا تعرف للآن ما صفة وجوده في حياتها، ولماذا لا تستطيع الغضب منه أو حتى الابتعاد عنه؟
دلفت إلى المدخل الراقي حيث توجد صالة استقبال عريضة.. يقف بها ثلاث فتيات أنيقات ينظمن عمل المكاتب، تنفيذا لفكرة كانت قد طرحتها وأعجبتهم، حتى أنها من قامت بإجراء المقابلة مع الفتيات، ألقت تحية رقيقة ثم اتجهت مباشرة إلى مكتبها المشترك مع هادي.
وضعت حقيبتها البيضاء الكبيرة على أحد المقاعد.. وهى تدير عينيها في المكان الفارغ بتعجب.. كانت تتوقع غضب وصراخ عنيف منه وليس هذا الصمت.. ثم اتسعت ابتسامتها بظفر هو من تأخر وهى من ستعنفه الآن.. شدت خطواتها وهى تعود للخارج ثانية سائلة إحدى الفتيات عنه "منى ألم يأتي هادي بعد؟"
وقبل أن تجيبها منى المسؤولة عما يخص مكتبها مع هادي.. أتاها صوت نادر المرحب "هادي بالأعلى أروهي كيف حالك؟ اشتقت إليك يا فتاة"
ابتسمت باتساع مجيبة بود "بأفضل حال نادر كيف حالك أنت؟"
ضحك مجيبا بهدوء "بخير أروهي"
هزت رأسها إيجابا متسائلة بحيرة "ماذا يفعل بالأعلى هل بدأ المتدربون عملهم؟"
هز رأسه نفيا ليجيبها بخفة "كلا لم يبدأوا عملهم بعد لكنها مجرد مقابلة للعمل ولكي يتعرف عليهم"
أومأت بتفهم ثم رفعت حاجبها بطريقة طريفة قائلة بمرح "وأنت ماذا تفعل خارج مكتبك؟"
أجابها بملل "أكره عمل المكاتب وشعرت بملل رهيب فخرجت أتحرك في المكتب قليلا"
ضحكت قائلة بنبرة مرحة "نصف ساعة فقط وفعل بك كل هذا"
أشاح بيده قائلا بتشديد على حروفه "أكرهها يا فتاة أكرهها.. لا أحب قيود المكتب.. العمل بين العمال وفى مواقع العمل له متعته الخاصة"
ضحكت بمشاكسة قائلة "إذا ستعود للاختفاء ثانية ما إن نبدأ العمل الحقيقي"
رد سريعا بنبرة واثقة "بالطبع"
هزت رأسها بيأس متسائلة بشوق "هل أتت إيمي معك؟"
هز رأسه بالسلب قائلة بنبرته الهزلية على الدوام "كلا ستبدأ العمل من الأسبوع القادم.. أنها في إجازة عروس"
لم تتمالك روهان نفسها لتضحك بصخب.. لتتسع عين نادر بصدمة مع اختلاف رنين ضحكاتها عما اعتاد عليه.. وجملتها المازحة بعبث وملابسها المستترة إلى حد كبير "ولما لست في إجازة عريس يا عريس؟"
رد بصدمة حقيقية "لقد تغيرت أروهي.. تغيرت كثيرا"
ردت بابتسامة منيرة "نعم الحمد لله"
اتسعت ابتسامته بود حقيقي "سعيد لأجلك فأنت تستحقين كل خير.. سأعود لأكمل باقي أعمالي"
راقبت مغادرته لتعود لمكتبهما ثانية، وقفت تدير عينيها في أرجاء المكتب لم يختلف كثيرا عن مكتبهما السابق، تحركت بخطوات هادئة إلى ركن منعزل في المكتب تتفقد محتوياته، لتبتسم باتساع ما زال يهتم بها؛ أخرجت كوبين كبيرين من مكانهما المخصص لتحضر له قهوة فرنسية كما يفضلها ولها هوت شوكليت، ثم حملتهما وصعدت للطابق الذي تم تخصيصه للمتدربين.
وقفت على باب المكتب العملاق الذي أزيلت حوائطه، وهي تراقبه بانبهار يتحرك بين الشباب يتعرف عليهم، همست اسمه بنبرة ناعمة وهى تلقي تحية الصباح "صباح الخير هادي"
رد بتلقائية دون أن يلتفت إليها "صباح النور أروهي متأخرة نصف ساعة كاملة"
تغاضت عن لومه المستتر لتسرع إلى حيث يقف متسائلة بلهفة "أنت ناديتني أروهي"
رفع رأسه إليها ينوي توبيخها ليتسمر أمام ملابسها المحتشمة في ظاهرها، وفي باطنها تبرز فتنتها الخاصة لم يعتد عليها بملابس طويلة مغلقة بعد، ورغم هذا تبدو فاتنة وجمالها لم يخلق إلا لها، ترتدى بلوزة شتوية بأكمام طويلة تغطي أصابعها من الوردي المطفئ، وبنطال أبيض ترتدى عليه حذاء ذو رقبة عالية نحاسي اللون، مجيبا بغيظ وأنفه تلتقط رائحة القهوة ليلتقط الكوب من يدها بحدة دون انذار أو شكر "رهان خانوم ماذا قلت عن التأخير؟"
ردت بغيظ مشابه وهى ترفع كوبها لفمها "أوووف منك تستمتع بإفساد ما يسعدني"
رفع حاجبه يناظرها بغيظ لتقول ببراءة "غادر يامن دون أن يقلني معه وانتظرت إلي أن أوصلني إيدو"
شعت عينيه بنيران أخافتها وهى تحبس أنفاسها، وهو يعد بداخله للعشرة والعشرين ثم الثلاثين ولا هدوء لعواصفه الداخلية، إيدو هكذا ألا يكيفه أنها تسكن بمنزل يقطنه شباب غير مرتبطين، ليخرج يامن من المعادلة فقلبه معلق بجنيته، وإياد الآخر الذى يعامله بكره واضح دون أن يفهم السبب مرتبط بتلك الناردين المخيفة، ويتبقى هذا الذي يشعل نارا في روحه وهو يحوم حولها طيلة الوقت، الكابتن الوسيم الذى لا يعلم للآن قلبه خالي أم لا، ولماذا يشعر أنه يتعمد إغاظته دائما، أطال شروده الناري وهو يرتشف من كوبه دون رد لتهمس بتوجس حذر "هادي أسفة لن أتأخر ثانية"
زفر بحدة وعينيه تخيفها أكثر ليبتسم بتكشيرة عابسة قائلا بتحذير "آخر مرة مفهوم"
ثم أضاف بامتنان "شكرا على القهوة"
ابتسمت له بحلاوة أربكت روحه قائلة بخفوت "You are welcome"
انتبهت للعيون الفضولية التي تحدق بهما ما بين منبهرة ومندهشة وكذلك هادي، الذى زفر بسخط ستظل ناره مشتعلة بسببها أبد الدهر.. حتى لو ارتدت أقمشة طويلة بالية فتنتها تنبع منها هي لا من ملابسها.. أخذ نفسا عميقا مهدئا عواصفه وهو يلمح الإعجاب في نظرات الشباب الموجودين.. حسنا سيحاول بكل طاقته ألا يكون لها شأن بالمتدربين وبهذا الطابق ليقول بنبرة جهورية "انتبهوا شباب الباشمهندسة روهان مهندسة ديكور، الضلع الرابع في مكتبنا ستعلمكم كيف تتركون بصمة جمالية خاصة على تصاميمكم أثناء العمل معها"
أجابت ترحيبهم برقة فطرية لتنتحي مع هادي جانبا وهو يرتشف قهوته باستمتاع قائلا "لقد بعث يامن بأربع مشروعات كي ندرسهم جيدا ونعطيه رأينا، نجاح افتتاح القرية كان مبهرا وجاءنا العديد من المشروعات، سيكون معك مشروعين تدرسيهم ومعي اثنين ثم نراجع سويا التقارير النهائية قبل إرسالها ليامن"
استندت على حافة النافذة المطلة على الشارع قائلة باعتراض "سنعمل مثلما اعتدنا سويا هادي وبهذه الطريقة سننجز أسرع"
ابتسم لها بطريقة أبهجتها كثيرا وهو يومئ برأسه موافقا وهو يكمل بعملية "وأيضا سيختلف طريقة العمل هنا بعض الشيء، هناك كنت أنا من أنزل المواقع أشرف على تنفيذ التصاميم جيدا، ولكن الآن سينزل كلانا وستكون هناك أعمال بالكامل من اختصاصك أنت"
أجابته برقة "أتفهم هذا الأمر، أعدك لن أخذلك ثق بي"
اضطربت نبضاته وهو يتأملها دون أن تنتبه، روهان التي تعامل معها الأسبوعين الماضيين، تختلف جملة وتفصيلا عن روهان التي أحبها، وهذا الاختلاف يحيره ويحبسه في دوامة لا يعلم نهايتها، وسؤال يدور بباله بإلحاح من هي روهان الحقيقية؟ من هي حقا؟ أجابها بنبرة حانية "بالطبع أثق بك رهان هيا كي نبدأ العمل.. ولا نضيع الوقت في ترهات ليس لها داعي"
ابتسمت روهان هامسة لنفسها "ها هو يعود لجلافته ثانية"
التفتا كلاهما على صوت مني قائلة بتهذيب "باشمهندس يامن يريد رؤية كلاكما في مكتبه"
أومأ هادي برأسه إيجابا وهو يفسح الطريق لروهان لتخرج قبله بكياسة، مالت إحدى الشابات المتواجدات على رفيقتها قائلة بثقة "يوجد بين الاثنين علاقة أنا متأكدة"
زجرتها الآخر بضحكة رائقة "ألن تتغيري أبدا"
ردت الآخر بنبرة شقية "الشرارات بينهما كادت تشعل الجو.. الأيام بيننا وستثبت لك"
وصلا إلى مكتب يامن ليطرق الباب بخفة ثم دلف وخلفه روهان، ليجد نادر يجلس أمامه يتحدثان سويا، هتفت روهان بعتاب "لماذا لم تنتظرني لأتى معك؟"
ابتسم قائلا بمراضاة "ظننتك ستتأخرين كالعادة"
رد هادي بنبرة قاطعة "انتهى زمن التأخير فيما كنت تريدنا"
رد يامن بجدية "سنحتاج إلى التعاقد مع مكتب محاماة للأمور القانونية"
أومأ نادر سائلا بنبرة عملية "هل ببالك مكتب بعينه"
هز رأسه نفيا "كلا لهذا أسألكم، لماذا أنت صامت يا هادي؟"
فاق هادي من تفكيره قائلا "أفكر معكما في اسم مكتب موثوق منه"
همست روهان بخجل "لدي اقتراح"
التفت لها هادي قائلا بحنو "نستمع إليك أخبرينا"
لمعت عينيها بثقة مجيبة بنبرة واثقة "لماذا نتعاقد مع مكتب يفرض علينا شروط ومبالغة باهظة.. في حين أن ناري موجودة"
رد يامن بتعجب "ناردين ابنة خالو خالد"
هزت روهان رأسها بالإيجاب وهى تجيب بلهجة عملية "نعم إنها محامية جادة وذكية هل نسيت أنها ساعدتك أن تنهى أوراق المكتب القانونية في وقت قصير.. يمكننا أن نعرض عليها العمل معنا، ولا أظن أنها سترفض خاصة أنها بقت دون عمل منذ حادثها الأخير"
سأل يامن بتعجب "كيف عرفتِ عن حادثها"
ردت ببديهية "هي من أخبرتني"
ابتسم يامن باستحسان قائلا بتفكير "ناردين!! موافق بالطبع ولكن ما رأيك يا نادر وأنت يا هادي"
رد نادر وهو يتلاعب بقلم بين يديه "لا أمانع ما دامت ستأخذ العمل على محمل الجد"
رد هادى ببساطة "وأنا موافق إنها ذو شخصية قوية"
نغزة أصابت قلب روهان لم تفهمها جراء إعجاب هادي بناردين؛ ويامن يجيب بنبرة جادة "إذا تحدث إليها أنت يا هادي، لا أريدها أن تظن أن الأمر مجاملة عائلية"
هز هادي رأسه قائلا بهدوء "لا مانع مهمة بسيطة"
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-02-21, 10:15 PM   #185

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

ليلا صف إياد سيارته ليلقي رأسه للخلف بإرهاق، فيومه كان طويلا للغاية ابتداء من توصيله روهان لمحل عملها، وبعدها ذهابه إلى كليته حيث كان لديه محاضرة وامتحان، وبعد ذلك مر على سيف بالنادي وبالنهاية التقوا أصدقاء لهما، ولكنه لم يستطع أن يكمل سهرته معهم لذلك تاركهم باكرا وغادر.. أغمض عينيه لبضع دقائق يستعيد بعض من حيويته، سيأخذ حماما طويلا للغاية ينفض عنه تعبه، ثم يتجه إلى سريره مباشرة ليحظى بنوم طويل هانئ دون أحلام.
دلف للداخل ليلقي تحية متعبة على والده وعمه خالد وهو يحرك رقبته بتعب، صمت ونار تشتعل بعينيه وجسده وهو يبصر ناردين تقف مع هادي بمفردهما، يبدو عليها الاهتمام وهى تستمع لما يقوله، تبددت أحلامه الذى كان يعدها منذ دقيقة، وتبخر تعبه كأن لم يكن؛ وغيرته العنيفة عليها تنشط وتفترسه دون رحمة، ثبت عينيه عليهما لبعض الوقت بنظرات عنيفة ثم صعد للأعلى بخطوات محترقة
لم يخفي على أيهم المراقب لخلجاته بدقة ما طرأ على ملامحه من تغيير، ألقي نظرة على ناردين القادمة مع هادي ويبدو عليها التفكير العميق، التفت هادي لها قائلا "فكري بهدوء وكما يحلو لك، وتأكدي سنكون سعداء لو انضممتِ إلينا"
ابتسمت له ناردين قائلة بنبرة هادئة "سأخبرك قراري فور أن أتخذه"
هز هادي رأسه بأناقة قائلا بتهذيب "حسنا شكرا لك سأغادر إلى اللقاء"
رد خالد باعتراض "لا طبعا بني لا يجوز أن تغادر هكذا"
ابتسم هادي له بود قائلا بابتسامة خفيفة "والدي وشقيقتي بانتظاري لا أستطيع التأخر عليهما"
ابتسم خالد له بتفهم وهو يودعه بكلمات ودودة، بينما جلست ناردين بجوار خالد الذى تساءل بهدوء "لماذا أراد الحديث معك؟"
وقف أيهم قائلا وهو مغادر "سأصعد أريد الحديث مع إياد تصبحان على خير"
صعد للأعلى تاركا خالد يتحدث مع ابنته على حريته، واتجه مباشرة إلى غرفة إياد حتى يتحدث معه لقد تركه كما يحلو له، منتظرا منه قدومه إليه يطلب مشورته كما كان يفعل، ولكنه لم يأتي وحالته تزداد سوء من وجهة نظره
فتح الباب واتجه إلى الشرفة فقد رأه وهو يصعد واقفا بها، ناداه بهدوء ولكنه لم يستجيب له؛ تنهد بعمق وهو يستند بكتفه على حافة الباب، مراقبا ظهر إياد لتتسع عينيه بدهشة غاضبة وهو يراها يخرج علبة سجائر من جيبه، ويشعل واحدة وجدت طريقها إلى فمه بسهولة، ومن طريقة استنشاقه للدخان أدرك أنها ليست مرته الأولي، منذ متى وهو يدخن سؤال طرق باله ليتقدم بغضب يسحب السيجارة من فمه بعنف.
لم ينتبه إياد وهو هائم في ملكوت مشاكله إلى نداءات والده.. الذى سحب السيجارة من فمه هاتفا بغضب "منذ متى يا عملي الأسود"
التفت إليه إياد وقد أفاقه من شروده بها، سيجن ويعرف ماذا كان يريد منها هذا الرجل، إنه لا يطيقه ويغار منه بشدة، أخذها إياد من بين يديه ليطفئها بهدوء.. وهو يخرج علبة من جيبه ليفرغ محتوياتها في سلة المهملات بجانبه.. قائلا ببساطة كادت أن تجلط أيهم "لا أشربها إطلاقا إلا مرات لا تتعد عدد أصابع يدى"
نظر له أيهم بغيظ وتوعد ليضيف بقسم صادق "أقسم لا أقربها إلا عندما أصل إلى قمة غضبي"
طحن أيهم ضروسه بعنف وهو يجيب بسخرية سوداء "أنت ذنب كبير ارتكبته في حياتي.. ودعوة والدتي أن يخلصني من ذنوبي ويغفر لي"
لم يهتم إياد لسخرية والده منه وهو يجيب بقتامة "أبي لا تطالبني بوعد ألا أقربها ثانية.. لقد وعدت عمي ماهر قبلا ألا أقرب الأرجيلة ثانية.. وهذا الوعد ما جعلني أشترى سجائر"
ردد أيهم بدهشة "أرجيلة!! أيضا"
أشاح إياد بعينيه بعيدا دون رد ليهتف أيهم بغيظ تملكه "حسبي الله فيك إياد.. منك لله يا ولدى منك لله.. أي دعوة دعتيها عليّ أمي ليرزقني الله بهذا الولد"
ابتسم إياد بكآبة قائلا بسخرية "ذنب أسود صدقني!!"
رد أيهم بتأنيب حازم "إياد تهذب في حديثك"
رد إياد بتعب "ماذا تريد يا بابا؟"
التفت أيهم مغادرا قائلا بنبرة آمرة "أبدل ملابسك أريد الحديث معك خارج المنزل"
رد إياد بإرهاق "هل يمكن أن نؤجلها قليلا أنا متعب حقا"
رد أيهم بصرامة "دقائق وأجدك أمامي"
********
بعد نصف ساعة كان إياد يجلس أمام أيهم في ركن متطرف في إحدى المقاهي القريبة من البيت، تأمله أيهم قليلا وهو يرتشف من كوبه بهدوء ليبدأ حديثه باهتمام "هل ستخبرني بما يحدث معك"
فرك إياد رقبته قائلا بمراوغة "لا شيء بابا فقط ضغط العمل"
صمت أيهم بعدم تصديق قائلا بتأنيب حاد "معك حق إياد لا شيء، بالإضافة إلى أنك أبعدتني من حياتك مؤخرا ونسيت أني أول من كنت تأتي إليه، تخبره بمصائبك لأحلها قبل أن تصل إلى مسامع أمك، اكتشفت أني لا أعرف عنك شيء، وأن تربيتي تضيع هدر أمام عيناي، أضبطك تدخن وتعترف أنك كنت تشرب أرجيلة، ما الذى تخفيه عني أيضا إياد، هل تلاعبت بقلوب الفتيات بعد أم أن هذا في الخطة القادمة"
اتسعت عين إياد وهو يسارع بنفي سريع "لا لا لم أفعل؛ السجائر والأرجيلة هو مجرد تمرد وطيش شباب فقط، أنا أحفظ كلماتك ودروسك يا بابا، لن أفعل ببنت هذا الشيء مطلقا أنا لدي أخت وحبيبة أخاف أن يرد الدين فيهما"
ابتسم أيهم ابتسامة لم يراها إياد وهو يخفض عينيه يلاعب كوبه بشرود، هو واثق من تربية ابنه ولكن لا يفهم شيء مما يدور في حياته مؤخرا، ليرتدي قناع الجدية متحدثا بنبرة هادئة "إذا ما بك؟"
رد إياد دون أن يرفع عينيه إلى والده "متعب قليلا يا بابا ليس أكثر"
تنهد أيهم بعمق قائلا "ما سبب خصامك الطويل مع ناردين؟"
رد بنفي كاذب "لا أخاصمها يا بابا شجارا عاديا كالمعتاد بيننا"
ضحك أيهم باستهزاء قائلا بسخرية "عاديا لدرجة أن يمتد لما يزيد عن شهر، وهى ليست ابنة عمك فقط بل حبيبتك"
رد بحقد "لم تعد هكذا انتهى هذا الأمر"
رفع أيهم حاجبه بذهول مجيبا بدهشة "انتهى الأمر الذى لم تعلنه وتخفيه بصدرك للآن"
رد قائلا ببساطة وهو يرفع قدحه لفمه "من الجيد أنه مخفي والآن منتهى"
عندئذ رد أيهم بإغاظة "إذا أنت لا تفكر بالزواج بها"
رد ببرود "أبدا لا بها ولا بغيرها"
ابتسم أيهم قائلا بذات النبرة المغيظة "ولن تغضب إذا تزوجت هي"
توهجت عينيه بنيران شريرة قائلا بنبرة شديدة البرود "ومن قال أني سأسمح لها أن تتزوج، لقد أصبح خيارا غير مقبول لي أو لها"
رفرف أيهم بعينيه عدة مرات لاستيعاب ما تفوه به المعجزة ابنه لتوه، ثم ما لبث أن أطلق ضحكة صاخبة تحت أنظار ابنه المستهجنة، همس إياد بامتعاض ما إن أنهى أيهم ضحكته "ما المضحك يا بابا؟"
رد أيهم بتعجب "وتسأل أيضا!! حسنا فلنتجاوز هذا الفاصل المثير للضحك، وننتقل للأهم أيها النابغة"
أجاب إياد وهو يسند يده على الطاولة أمامه "وما هو الأهم؟"
رد أيهم بتلقائية "السبب وراء هذا التصريح العبقري"
علم إياد أنه لا مناص من التهرب من والده فقد عقد العزم على أن يعرف كل شيء، لذا أخذ نفسا عميقا قائلا بخفوت "لقد علمت ناري أنى أشرب سجائر من الأحمق سيف.. الذى أصبحت هويته مؤخرا كشف كل أسراري، فتشاجرنا لم يكن شجارا؛ بل كانت مباراة من يستطيع أن يجرح الآخر أكثر"
ابتسم أيهم قائلا بهدوء "بدون ألغاز إياد ماذا حدث بينكما"
أخفض نظره لبعض الوقت يجمع خيوط كلماته برأسه، قبل أن يرفع نظره لوالده مفضيا إليه بكل ما دار بينهما تلك الليلة، بدون أن يخفى حرفا واحدا قائلا وهو يختم كلماته بنبرة جريحة "الهانم التي كانت كل أحلامي، لم أكن يوما ضمن أحلامها"
نظر له أيهم بصمت قائلا بعدم تصديق "هل تريد إقناعي أن هذا سبب خصامكما"
هز إياد رأسه بصمت وهو يشيح بعينيه بعيدا ليسأله أيهم بجدية "على ماذا تحاسبها إياد؟"
رفع عينيه لوالده بحيرة وهو لا يعرف بما يجيب ليرد باقتضاب "لا أعلم كل ما أعلمه أنى مجروح منها"
أهداه أيهم نظرة متفهمة قبل أن يرد بهدوء حذر "لقد خانك عقلك هذه المرة إياد، وأنت هو المخطئ وليس هي"
رفع عينيه سريعا قائلا باستنكار "أنا!!"
هز أيهم رأسه موافقا ليسأل إياد بعنف "كيف هذا؟"
أخذ أيهم نفس عميق قائلا بنبرة محايدة " الفتاة كانت خائفة وتحتاج منك أن تحتويها، هذا الغضب والثورة كان نابع من شعورها بالخوف"
قاطع والده بنبرة مليئة بالاستنكار "خوف، مني!! أنا أخيفها"
استند أيهم بجزعه على الطاولة أمامه قائلا بنبرة هادئة موزونة "نعم خائفة ولكن ليس منك بل من مستقبلكما سويا إياد، أخبرني ماذا فعلت لتسكن خوفها؟"
أخفض إياد عينيه أرضا قائلا باضطراب "حفظتها من نفسي ومن وساوسي يا بابا"
رد أيهم سريعا "بالغت في حفظها إياد، تنتظر وتنتظر دون سبب واضح، أعطيني سببا واحدا يمنعك من الارتباط بها.. وتخطي أمر أنك تريد أن يتم الأمر بمالك الخاص"
شردت عين إياد قائلا بخفوت غير واثق "ربما.. ربما أريد أن ننتظر حتي لا نجرح يقين"
رد أيهم بنبرة قاطعة "هراء، تعلم أن يقين ستفرح لأجلكما الآن استمع لي بني"
رفع إياد عينين متوترتين إلى أيهم الذى أكمل بحكمة "ناري فتاة لطيفة وجميلة وذات خلق وأصل طيب، لكم من الوقت تتوقع أن تبقي بدون زواج؟ هل تتوقع أن تنتظرك إلى الأبد وأنت لم تعطيها ما يطمئنها، الفتاة كانت محقة عندما قالت أنها تريد منك الاحتواء والتفهم، الأمر الذى لم تفعله عندما انفجر غضبها، كان الأولي بك أن تحتوي جزعها لا أن تخيفها أكثر، وتجرحها أيضا"
رد بحدة لم يتعمدها "لم أقصد جرحها"
رد أيهم وهو ينظر له بقوة "ولكنك فعلت وهذا زاد خوفها منك، وبالنسبة لفتى أحلامها الذى يضايق كبرياء سيادتك، هل ستدخل في أحلامها؟ الأمر أنك لا تري ناري مراهقة بل تراها ندا لك.. تجابهك قوة وتنسي دائما أنها بالنهاية مجرد أنثي، أنثاك التي يتوجب عليك حمايتها من الجرح لا أن تجرحها بيدك، تحفظها داخلك دائما وتلبي أحلامها وطموحاتها، الشكل الخارجي الذى أخبرتك به لا يهم، ما يهم أن تحاول التصرف تبعا للفارس الذى أخبرتك به، أن تكون فارسها حقا لا أن تبتعد كأحمق مغفل يعاتب على ما لا يحق له"
رد إياد وهو يطحن ضروسه بغل "ولكنه موجود بالفعل"
عبس أيهم بعدم فهم حقيقي "من الموجود؟"
قبض إياد قبضتيه بعنف قائلا بنبرة عنيفة "فارس أحلامها لحظي التعيس موجود ويظهر أمام وجهها كثيرا هذه الأيام، ولولا احترامي للعائلة لكنت فعلت به ما تسول لي به نفسي"
رد أيهم فطنة "هادي صديق يامن"
أشاح إياد بعينيه بعيدا دون رد ليرد أيهم بذهول "هذا سبب تعاملك البغيض معه دائما"
لم يجيب إياد أيضا وملامحه المتوحشة تعطي أيهم إجابته، ليضرب الطاولة بيده بحدة قائلا بصرامة قاسية "لقد أزدتها يا ولد، أين ابنى الذى ربيته؟ من أنت؟ اسمع إياد تصرف كابني الذى ربيته ولا تجعل تربيتي تضيع هدرا، أصبحت لا أعرف من أنت ولا أفهمك، تصرف وأعد لي ابني، سأنتظرك بالخارج"
عبس إياد ناظرا إلى محل والده الخالي بتعجب مغمغما لنفسه بذهول "أصبحت أنا المخطئ بالنهاية"
أخرج مالا من جيبه ووضعه على الطاولة لينتبه إلى التنبيه الصادر من الهاتف، رفعه ليجد رسالة من ناردين "إياد أنت بالأعلى؟"
أجاب الهاتف وهو يتجه إلى باب المقهى "كلا أنا بالخارج مع بابا سنعود بعد ثلث ساعة تقريبا"
أتته الإجابة سريعا "حسنا سأنتظرك أريد الحديث معك في أمر هام"
بعث لها برد حاني "لن أتأخر"
***********
(ولك أن تعلم أنى تهت بين نداء عينيك ونداء قلبك فأين المرسي يا نور العين)
بعد وقت لا يذكر عاد إياد إلى المنزل مع والده، أجال عينيه بالحديقة بحثا عنها، ولكنه لم يجدها جلس على أحد المقاعد بانتظارها، رفع أيهم حاجبه قائلا "ألن تصعد؟"
هز إياد رأسه نفيا قائلا ببساطة "سأجلس هنا قليلا"
رد أيهم بتعجب "ألم تكن متعب ومرهق منذ قليل"
هز كتفيه بلامبالاة قائلا "ولم أعد"
نظر له أيهم قليلا قبل أن يتركه ويصعد للأعلى انفتح المصعد، وخرجت منه ناردين ملقية تحية خافتة ثم اتجهت إلى الحديقة، مط أيهم شفتيه بإدراك مغمغما لنفسه وهو يركب المصعد "لن أفهمهما أبدا"
عندما خرجت ناردين وجدت إياد ينتظرها في الحديقة، جلست على مقعد قريب منه قائلة دون مقدمات "أنا حائرة وأريد رأيك حتى أتخذ قراري"
التفت لها بكامل انتباهه قائلا بصوت حاني "ماذا هناك ناري؟ أخبريني"
بللت شفتيها قائلة بتوتر "ولكن استمع لي دون أن تغضب"
هز رأسه موافقا بتوجس لتبعد عينيها قائلة بنبرة بها بعض الريبة "لقد أتي هادي اليوم وطلب من بابا الحديث معي"
تأهب جسده قائلا بتحفز رغما عنه "وماذا أراد هذا الرجل"
أخذت نفسا عميقا وعينيها ترسل له آلاف الرسائل طالبة منه التفهم قائلة بنبرة مضطربة "عمل؛ عرض علي أن أكون المسؤولة عن الشئون القانونية للمكتب الخاص بهم"
أحسنت عينيه استقبال رسائل عينيها.. وبعثت إليه إشارات طمأنينة رغما عنه قائلا بهدوء بثه إليها "ولماذا أنت مرتبكة هكذا؟"
همست بنبرة خافتة "لا أعلم هل أقبل أم لا"
ابتسم لها ابتسامة زادت من معدل نبضاتها، عالما أنها تخشي أن تقبل فتؤذيه، أو ترفض فتضيع على نفسها فرصة لا تضيع، قائلا بصوت دافئ "لم أكن لأرفض إذا كنت بمحلك"
تنهدت بعمق سائلة بشكل مباشر "لن يغضبك هذا الأمر"
أجبر نفسه على الهدوء الذى لا يملك ذرة منه قائلا بصدق مس روحها "كلا لن يغضبني طموحك العملي واثبات نفسك في مجالك، على العكس تماما سأكون فخور جدا بكِ"
أهدته ابتسامة مشرقة بخلت عليه بها خلال أيام خصامهما قائلة بامتنان عفوي "شكرا جدا إيدو"
رد بفم مبتسم "ماذا قررتِ؟"
ردت بنبرة واثقة أخذتها منه "سأصلي استخارة وأخبرك"
استقام واقفا قائلا بإرهاق "سأصعد لأنام أنا مرهق حقا"
نادته ناردين عندما بدأ في التحرك.. التفت لها متسائلا لتجيب ببسمة مشاكسة "هل انتهى خصامنا إياد"
رفع كتفيه بعدم معرفة مجيبا بخفة وهو مغادر "ربما لا أعلم"
تابعت ناري مغادرته لتهمس لنفسها بغرام "أحبك يا أحمق"
***********
بعد عدة أيام ليلا أصدر هاتف إياد تنبيه بوصول رسالة، رفع رأسه من على حاسوبه حيث يجلس على سريره، بين أوراقه المتناثرة حوله بعشوائية تميزه، أزاح الحاسوب جانبا ليفتش بين الأشياء المتناثرة حتى وجد ضالته فتحه ليجد رسالة مختصرة من ناردين "إياد لقد قررت الموافقة على عرض هادي"
بعث لها برسالة مهنئة "ألف مبروك يا ناري لقد سعدت بهذا الخبر"
وضع الهاتف جانبا ثم جذب قلم وأوراقه وبدأ بالعمل عليها لوقت لم يدري مدته، ليقاطع عمله تنبيه آخر ورسالة جديدة "لقد أبلغت هادي بقراري وأخبرني أنه بإمكاني البدء من الغد"
ابتسم بألم وهو يبعث لها برسالة دافئة "لن يوصلك لعملك غدا غيري ضعي هذا ببالك"
ثواني وأتته رسالتها التي رأى في كلماتها ابتسامة ناردين الجذابة "لم أكن لأدع أحد يوصلني بأول يوم عمل غيرك إياد؛ دائما أنت كنت الأول في كل شيء"
ارتسمت ابتسامة حقيقية في عينيه وهو يجيبها "وسأظل دائما، سأنتظرك غدا"
أطلقت ناردين ضحكة شقية وهي تقر بثقته أنه سيظل الأول دائما، لتبعث له برسالة أخرى مرفقة بصورتين "أنا محتارة بين هذين الزيين أيهما يليق بي"
تأمل الصورتين جيدا قبل أن يبعث برده الواثق المغازل "الأسود قوي وواثق وعميق مثلك تماما"
رفرفت بعينيها خجلا من كلماته وهي تضم الهاتف لقلبها بسعادة ملئت روحها، أغمضت عينيها في انتظار الغد بشوق وترقب لبدء عملها، داعية الله أن يأتي سريعا فهي ضاقت من الجلوس بالمنزل.
***********
صباحا وقبل موعدها بساعة نزلت ناردين بكامل أناقتها بعد أن تناولت فطورا سريعا، وجدت إياد في انتظارها مستندا على سيارته كما وعدها، استقام واقفا وهو يتأملها بنظرة تائقة من أسفل نظارته السوداء، كان ترتدى زيا يغلب عليه اللون الأسود، القطعة العلوية من اللونين الأسود والأبيض السكري، بياقة كبيرة عريضة تتداخل طرفيها بشكل متعامد، يصل لخصرها بكمين طويلين يتدرج بذات اللونين، وعليه حزامين سوداويين.. وبنطال أسود وحقيبة كبيرة من نفس اللون، وحذاء أسود ذو رقبة عالية تتعدى ركبتيها.. وكعب طويل رفيع وقد جمعت شعرها في ذيل حصان أنيق، رفع نظارته للأعلى مسكننا عينيه نظرة محايدة قائلا "صباح الخير ناري"
ابتسمت قائلة بإشراق "صباح النور إيدو"
فتح باب السيارة لها بأناقة لتخرج ضحكة مشاغبة.. قائلة ببساطة وهى تجلس بمقعدها "شكرا دكتور"
ابتسم لها وهو يدور ليجلس بمحله وهو يتحرك بالسيارة، سائلا باهتمام "كيف حالك"
ابتسمت قائلة بهدوء "مثل كل يوم"
زم شفتيه قائلا بنبرة حانقة "أنا أسئلك عن اليوم ناري"
اتسعت ابتسامتها المتوترة ناظرة إلى الخارج من نافذة السيارة "متوترة وخائفة قليلا فأنا بعيدة عن العمل كليا منذ أشهر إياد"
التفت ملقيا نظرة سريعة عليها ليقول بدفء نشره داخلها بسخاء "ناري التي أعرفها لا تخاف من شيء، تشجعي ولا تقلقي"
أخذت نفسا عميقا قائلا بتذكر "لم أعطيك عنوان المكتب"
أجابها وهو يوقف سيارته في الاشارة الحمراء "أعرفه فلقد أوصلت أروهي إليه ذات مرة"
ردت قائلة وهى تراقب الإشارة تفتح "كانت تريد أن توصلني.. ولكني أخبرتها أنك ستفعل اليوم وباقي الأيام سأذهب معها"
ضحك قائلا "هذه الفتاة أصبحت مصرية أصيلة"
أجابته بضحكة مماثلة "تأثيرنا لا يقاوم"
ازدادت ضحكته علو تأكيدا على كلماتها، وهو يوقف سيارته جانبا قائلا وهى تستعد للترجل "هل ستقبلين دعوتي إذا دعوتك لقضاء اليوم خارجا اليوم، كأبناء عم وأصدقاء من مولدنا"
ردت بلهفة "بالطبع سأقبل إلى اللقاء إيدو"
لوحت بيدها له وهى تدلف لداخل المبنى، ابتسم وهو يستدير بسيارته بعد أن اطمئن عليها، صعدت ناردين للأعلى ليستقبلها يامن بابتسامة واسعة، ثم أخذها ودار بها بين المكاتب يعرفها بنظامهم وبالعاملين، ثم أخذها إلى مكتبها وعرفها بنظام عملها، انغمست ناردين في عملها وقد تبخر توترها وهي تجد نفسها كعادتها في شغفها.
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-02-21, 10:17 PM   #186

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

نزلت حياة درجات السلم الأمامية للمنزل بامتعاض وهي تجد ذلك الطفل الذي فضله الجميع عليها، رفضوا زوجها وحرموها منهم والآن يتقبلون طفل لا يمتد لهم بنسب، لماذا فعلوا بها هذا لماذا؟
جلست مقابلة لهنا التي كانت تجلس على المقعد، تتابع تيم الذي يجلس أرضا ثانيا قدميه أسفله، وهو يكتب شيئا في دفتر موضوعا على الطاولة الصغيرة أمامه، نظرت إليه حياة بحقد وهي تشيح بعينيها بعيدا
ألقت عليها هنا نظرة غير راضية عن معاملتها للطفل، هي لا تعلم كثيرا عن ظروف زواجها ولا حياتها مع زوجها، وللأمانة هي لا تهتم أن تعرف شيئا، ولكن ما لا تفهمه كيف لأمومتها أن تكره طفل صغير وتحمله ذنب ليس ذنبه، التفت توليه انتباهها وهى تلتقط منه دفتره تقرأ ما دونه، لتقول بتشجيع وهى تقبل خصلاته "أحسنت يا تيم أنت رائع وممتاز"
ابتسم تيم بفرحة وهو يعتدل في جلسته قائلا بحزن "لقد أخذنا حصة الرسم عن الأم وطُلب منا أن نرسم أمهاتنا، ولكن أنا ليس لدي أم كيف أرسمها، وستحزن مني معلمتي لأنى لم أعمل الواجب"
شهقت هنا بصمت حزنا على الصغير وازدادت شهقتها وهى تسمع صوت حياة الحاقد "لأنها لا تريدك فألقت إليك بنا وغادرت"
نظرت هنا بارتياع لملامح تيم التي اغتمت بالألم، فامتدت يدها تجذبه إلى حضنها وهى تقول بصوت صارم "حياة!!"
أشاحت حياة بيدها بلا مبالاة بينما اشتدت يد هنا حول تيم.. تضمه لصدرها بحنان جم هامسة بحذر "تيم!!"
أخرج رأسه ناظرا لها بدموع قائلا بألم غير مناسب لسنه الصغير "ه..ل.. هل ما قالته عمتو حياة صحيح؟"
ردت هنا سريعا "لا ليس صحيحا"
همت حياة بقول أخر لتوقفها هنا مكملة للصغير بنبرة رقيقة حانية "من قال أنك ليس لديك أما"
أجابها بلهفة "هل لدي؟"
عدلت هنا من وضعه على قدميها قائلة بمهادنة "بالطبع لديك وأحرز كم واحدة"
رفع عينيه سائلا "كم؟"
ابتسمت هنا وهى ترفع يده تعد على أصابعه قائلة بصوت دافئ "ثلاث أمهات؛ أنا _قالتها وهى تضع سبابتها على إبهامه ثم وضعت سبابتها على سبابته مضيفة_ وماما لمار، وأخيرا ماما نيرة"
قالتها وهى تضم يده الصغيرة بين يديها قبل أن ترفعها لفمها مقبلة إياه بحب سائلة "ألا يكفيك ثلاث أمهات"
دمعت عينيه دون سبب سائلا بلهفة "هل أستطيع أن أناديك ماما؟"
دمعت عينيها قائلة بصوت متحشرج من الدموع التي تحبسها قصرا "نعم يا حبيب أمك تستطيع أن تناديني ماما.. وتنادى لمار ونيرة أيضا ماما"
اتسعت ابتسامته سائلا بعدم تصديق "لن تمانعا"
أنزلته أرضا قائلة تطمئنه "كلا لن تمانعا، إنهما بالأعلى اذهب واسألهما إن كنت لا تصدقني"
اتسعت ابتسامته الرائعة قائلا بحب وهو يقبلها على وجنتها بقوة "سأفعل أحبك ماما"
ثم غادر ركضا للأعلى تتبعه عيون هنا إلى أن اختفى داخل المنزل، عادت بنظرها لحياة قائلة بنبرة تحذيرية نادرا ما تستخدمها "حياة ما حدث مع تيم منذ قليل لن أسمح لكِ أن تعيديه ثانية، أنا لا أتهاون مطلقا مع من يفكر أن يمس شعرة من أبنائي الكبار، فما بالك بتيم ماذا سأفعل به؟"
ردت حياة بعنف "هل تهدديني؟"
هزت هنا رأسها قائلة بنبرة أهدئ لم تخلو من التحذير "حاشا لله أن أفعل، انظري حياة أنا لا أعلم ماذا حدث معكِ؟ أو لماذا ابتعدتِ؟ أو لماذا عدتِ؟ ولكن ما أعرفه جيدا أني لا أسمح لأحد أن يتجاوز في حق أبنائي، وإن تعرضتِ لتيم ثانية أنا من سيقف لكِ"
ردت حياة بغل "ماذا سيحدث إن وصل هذا الكلام لزوجك"
ابتسمت هنا ابتسامة جانبية مستهزئة مجيبة بثقة "سيسأل أولا لماذا قلت هذا؟ وعندما أخبره بالحقيقة لأنى لا أكذب على زوجي، أخبريني أنتِ كيف سيكون رد فعله حينها"
وقفت حياة بحدة قائلة بغمغمة وهى مغادرة "أنت لا تطاقين"
هزت هنا رأسها بيأس قائلة بحزن "سبحان الله ألم يوجعها قلبها لأجل هذا الطفل.. مما هو مصنوع"
بينما صعد تيم للطابق الثالث يدق على باب بيت ماهر، فتح ماهر الباب ليجد تيم أمامه سائلا "مرحبا عمو هل عمتو لمار هنا"
أتت لمار من الخلف سائلة "من على الباب يا ماهر؟"
أفسح ماهر جسده لتيم قائلا "تيمو يسأل عنكِ"
"نعم حبيبي"
اندفع للداخل سائلا وهو يفرك يديه "لقد أخبرتني عمتو هنا أني أستطيع أن أناديكِ ماما، هل أستطيع؟"
أُلجمت لمار وهى ترفع عينيها لماهر الذى يناظر الصبى بعينين متألمتين، قبل أن تجلس على ركبتيها أمام تيم الذى ينتظر إجابتها بترقب "بكل تأكيد بُنى"
اندفع تيم يطوقها بذراعيه قائلا بامتنان "شكرا ماما أحبك"
ثم عاد أدراجه يركض للأعلى قائلا "سأذهب لماما نيرة"
همست لمار وهى تتابع مغادرته "هذا الولد يؤلم قلبي"
رد ماهر بوعد وهو يغلق الباب "وقلبي، وعد مني ألا أجعله بحاجة لشيء ما دام هناك نفس بصدري، ربما كان في النهاية ذلك الطفل هو حكمة زواج حياة من عبدالعزيز"
همست بعدم معرفة "ربما؛ سأذهب لإكمال الطهي سيف سيصل بعد قليل"
تبعها للداخل ليقف على باب المطبخ سائلا وهي تحرك الطعام على القدر أمامها "كيف حاله مع سما؟"
ردت بحنق "ليس على ما يرام، لقد أزادها هذا الولد، ماذا ستفعل سما أكثر تقبل قدميه.. غبي"
نظر لها ماهر بدهشة ثم أطلق ضحكة صافية.. التفتت متسائلة "ماذا يضحكك يا ماهر"
أجابها بحب وهو يدلف للداخل يجلس على المقعد الموجود "كنت أظن أنك ستكونين في صف أبنائك كحماة ولكنك أحبطت ظني"
أجابته بقوة "أنا أكرم بنات الناس كما أكرمتني يا ماهر.. وكابتن سيف أزادها على الفتاة"
رد ضاحكا "وكأنك تائهة عن أبنائك حبيبتي، يعطون بسخاء ويعاقبون بالجفاء؛ رغم أن يزن يتشدق دائما أنه فعل فعلته لأجل إصلاح حياتهما، ولكن هناك في جزء في قلبه كان يعاقبها رغم أنه لم يعترف"
رفعت كتفيها بعدم اكتراث مجيبة بخفة "أنا لست راضية عن أفعاله"
وفى الطابق الرابع فتحت نيرة الباب لتيم قائلة بترحيب "أهلا حبيبي ادخل وأغلق الباب خلفك"
وقف تيم قائلة بصوت برئ مس قلب نيرة "ماما نيرة.. أستطيع أن أناديك ماما أليس كذلك؟"
التفت له نيرة قائلة ببساطة "أكيد أنت ابني منذ اللحظة التي أتيت بها للمنزل.. هيا ادخل"
هز رأسه نافيا قائلا "كلا سأنزل لماما هنا إنها بالحديقة"
سألت بهدوء "بمفردها؟!"
هز رأسه نافيا "مع عمتو حياة"
سألت نيرة باهتمام "ماذا كنت تفعل بالحديقة مع هنا"
أجاب ببساطة "لقد أنهيت حل واجباتي"
ردت بصوت به مرح طفولي لم تفقده على مر السنين "وغدا لديك عطلة أليس كذلك؟"
هز رأسه موافقا لتجذبه للداخل قائلا بمرح "جيد هيا ساعدني لأنهي الطهي ثم نعد لسهرة طويلة أمام فيلم أطفال، وقد ندعو إياد ليحضره معنا، أه نعم أنت ستبيت معي الليلة"
ضحك قائلا بطاعة "حاضر سأغسل يدي ثم سأساعدك"
اتجهت نيرة إلى المطبخ تكمل إعداد الطعام إلى أن أتي تيم، لترفعه كي يجلس على المقعد المرتفع، ثم جلبت وعاء كبير به فاصوليا خضراء قائلة "قطعها مثلما أفعل"
بدأ تيم يفعل مثلها وهو يثرثر لها بحديث طفولي عذب ونيرة تستمع باهتمام، إلا أن ذكر ما قالته حياة بالأسفل، لتمتعض ملامحها وهي تجفف يدها بمنشفة جافة وتذهب لترى ما على النار وتيم مستمر بثرثرته، فتحت نيرة هاتفها على المحادثة التي تجمعها بلمار وهنا باعثة برسالة غاضبة "لقد ضقت ذرعا بتصرفات تلك الحياة ولم أعد أحتملها"
أجابت لمار الرسالة باستفهام "ماذا فعلت؟"
أرسلت إليها ما قاله تيم ليأتيها الرد حازم من هنا "لقد تكفلت بها نيرة، دعيها لي ولا تتدخلي لا نريد خلافات بينك وبين أيهم بسببها"
أكدت لمار على كلماتها قائلة "نعم دعيها لهنا فهي الأهدئ بيننا.. جيد ما فعلتيه مع تيم يا هنا"
بعثت نيرة بردها الهادئ وهى تقبل شعر تيم "نعم تيم لا ذنب له فيما حدث بينهم"
***********
وقف هادي على باب المكتب الشاسع أمامه، يراقب تلك الفراشة المحلقة بغنج فطري لا يليق إلا بها.. ترتدي زي بسيط للغاية كعادتها في الآونة الأخيرة.. بلوزة حريرية باللون الأصفر الهادئ بربع كم، تصل لحدود خصرها على بنطال أسود اللون، وصندل ذو كعب عالي بجوانب من الفضة وخيوط متداخلة من الأسود، تدور بين المتدربين تمنحهم من خبرتها التي تشربتها على يده، تصحح لذلك خطأه في التصميم، وتشرح لذلك لماذا هذا اللون غير صالح لهذا المبني، وتشجع أخري بكلمات حانية، أيام مرت عليهما يعملان سويا وقد استطاع المكتب أن يثبت نفسه في سوق العمل بقوة، وتتبقي هي لغزه الأوحد.
روهان كيف يمكن لإنسان أن يتبدل كليا في بضعة أيام، وتراه بنظرة جديدة مغايرة تماما، إذا كانت تلك روهان الفعلية؟ فمن تلك التي عرفها في الغربة، أخذ نفسا عميقا لتكتشف رئتيه ببهجة خالصة أنها استطاعت التقاط بعض من ذرات عطرها، ثم ناداها بصوت هادئ "روهان هل يمكن أن تأتى للمكتب قليلا هناك عمل يجب أن ننجزه"
التفت إليه تهديه ابتسامة تلقائية ونظرة رائعة من رماد عينيه قائلة "بكل تأكيد ها أنا قادمة"
ابتسم لها على خلاف عادته المتجهمة معها ثم التفت مغادرا، لتتبعه روهان بخفة بعد أن ألقت بتعليمات صغيرة للمتدربين، أوقفتها المسؤولة عن استقبال زوار مكتبهم قائلة "آنسة روهان هناك سيدة اتصلت تريد حجز موعدا بشكل عاجل.. تريد تصميم خاص لشقتها؛ هل أعطيها موعدا بعد غدا.. فجدول مواعيد الغد مزدحم للغاية"
ردت روهان بنبرة مهنية جادة وصلت لمسامع هادي قبل أن يصل لمكتبهما ليبتسم بشكل عفوي "اعلمي منها إن كانت تستطيع المجيء اليوم.. فأعطيها موعد بعد الظهر فأنا متفرغة به.. وإن لم تستطع فانظري ماذا تستطيعين أن تفعلي لها"
رد منى باحترام "أمرك باشمهندسة"
ابتسمت لها روهان ثم اتجهت إلى المكتب لتجد هادى واقفا على إحدى الطاولات الخاصة بالتصاميم، ويفرد أمامه تصميم قد بعثه يامن منذ قليل يركز به بدقة.. جهزت مشروبين ساخنين ثم اتجهت إليه لتندمج معه في مناقشات عديدة؛ استغرقت وقت طويل قاطعه صوت روهان قائلة بتمتمة تلقائية "لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم"
رفع رأسه بدهشة عظيمة من على التصميم أمامهما.. عندما وصل لأذنيه تمتمتها.. تطلع إليها بدهشة كانت تغلق عينيها وتردد الآذان بهمس.. لن يكذب ويقول أنه كان يتوقع من فتاة بتحررها الزائد الذى عرفه قبلا؛ أن تكون ملتزمة بتعليمات الدين.. هامسا باستغراب عفوي "ما كان هذا؟"
لم تجب عليه إلا بعد مدة لتسأل بعدم فهم "ماذا هل أخطأت بشيء؟"
أدرك ذلة لسانه ليقول بتبرير "الحوقلة تقال عندما لا نُعجب بشيء"
هتفت بإدراك وهى تجيب بخجل فتنه "كلا كنت أردد الآذان"
ردد خلفها بذهول تملكه "ترددينه"
ابتسمت روهان له قائلة بسعادة أصبحت ملازمة لقلبها منذ أتت إلى مصر "لقد سمعت عمو خالد يردده ذات مرة وعندما سألته علمني كيف أردده وأخبرني الدعاء الذى يقال خلفه.. ومن يومها وأنا لم أخلف هذا الأمر حتى صار عادة لدى"
شعر بقلبه ينقبض بشدة ثم انبسط فجأة مسببا شعور أليم بالاختلال في روحه وخاصة عندما أردفت بفرح رأه متلألأ بين غيمتيها الرمادية "ويقين علمتني هذا الدعاء؛ اللهم أزل من قلبي كل حقد وغل وكراهية وأعده صافيا نقيا كما كان يوم الخليقة.. يا مقلب القلوب ثبته على حبك وطاعتك"
ازدرد ريقه بمشقة وقلبه يهتف كيف يعود قلبك نقيا روهان وهل يوجد نقاء أكثر من هذا.. ليجيب بصوت أجش من ثقل إحساسه بها "هذا رائع أروهي"
اتسعت ابتسامتها وهي تسمع هفوته العفوية وهو يناديها باسم دلالها المعروف.. لتجيب براحة غامرة سكنت روحها "نعم رائع منذ تعلمت هذا الدعاء وأنا أشعر بروحي ساكنة بأمان"
غامت عينيه بمشاعر متضادة كلها تجذبه إليها.. ليسألها في تلك المنطقة التي تؤرق منامه أهلها التي تتجنب الحديث عنهما "لماذا ألم يعلمك والدك هذا الأمر"
هتفت باقتضاب ثم ما لبثت أن سألت بفضول "لا لم يعلمني وأنت ألم يعلمك والدك؟"
هز رأسه مجيبا بفخر "بالطبع"
ردت بعتاب لمس قلبه في نقطة غير مرئية "إذا لماذا لا تردده؟"
رد بتلقائية "لقد نسيت"
مدت له يدها قائلا بحزم أبهج قلبه "عدني ألا تنسى ثانية"
مد يده يتشبث بيدها باندفاع لم يكن يعلم أنه يتوق إلى الإمساك بها إلا بهذه اللحظة "أعدك رهان"
عندئذ راقب أجمل مشهد المفضل لديه عينيها.. وهى تومض بلون أزرق لاهب لم يعرف كيف تغير لون عينيها هكذا وهي تشد على يده برقة "جيد"
جذبت يدها بخجل من بين يديه التي يبدو أنها جنت ولا تنوي إفلاتها، تعالت دقات قلبها بطريقة غبية غير مفهومة؛ ويده تشد تلقائيا على يدها قائلة برقة خجولة "هادي اترك يدي"
ترك يدها ليلتفت معطيا إياها ظهره يخفى مشاعره الثائرة عنها.. ولكنها لم تكن بارعة لا بقراءة العيون ولا بلغة الجسد لتدرك مدى تأثره بتلك اللمسة البريئة، قائلة بتوتر "سأذهب لأرى ناردين وأطمئن عليها فقد كانت قلقة ومضطربة هذا الصباح"
رد بنبرة أجشة "اذهبي"
غادرت بخطوات مسموعة له لتتوقف عند باب المكتب قائلة بحنان وهى تري مدى إرهاقه "هادي بإمكانك المغادرة وأنا سأقابل العميلة، تبدو مرهقا للغاية لقد قضيت الصباح خارج المكتب متفقدا سير العمل بالمواقع"
هز رأسه موافقا دون أن يلتفت إليها، وقد أحب اهتمامها به وبراحته قائلا بامتنان شاكر "حسنا سأفعل شكرا لكِ"
أغلقت الباب وغادرت ليلتفت للباب متسائلا بما يؤرق تفكيره الفترة الماضية "أين والديكِ روهان؟ وكيف تركوكِ بمفردك؟"
ثم شهق بصمت وذلك السؤال يطرق عقله بارتياع بتلك اللحظة "هل كنت تعيشين بمفردك بالخارج أيضا دونهما؟"
*********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-02-21, 10:20 PM   #187

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

قرب الثالثة عصرا عادت الفتاتين إلى المنزل ليجدا هنا تتحرك باضطراب وقلق في المطبخ، ألقت ناردين بتحية خافتة ردتها هنا بعدم تركيز.. لتسأل روهان برقة "ما بك قلقة ماما؟"
ردت هنا بجزع "إياد مريض"
تسمرت ناردين التي كانت تلتفت لتغادر بمحلها مرددة برعب "مريض!!"
هزت هنا رأسها وما زال قلبها يرجف بهلع منذ رأته وهو عائد يستند على سيف بإعياء، لا يستطيع أن يقف على قدميه بمفرده.. تتذكر همستها الجزعة وهى تتفقد حرارته (يا إلهى إنه يحترق).. مجيبة بصوت خافت "حرارته مرتفعة ولمار معه بالأعلى"
ردت روهان بنبرة قلقة "ولماذا لم يذهب للمشفى؟"
ردت ناردين هذه المرة بشرود وقلبها يتفتت خوفا عليه "لابد أنه رفض.. إنه يكره المكوث بها"
أكدت هنا على كلماتها قائلة بأمر "نعم ولقد حولت لمار غرفته إلى مشفي، اذهبا وأبدلا ملابسكما لكى تساعداني، وأريد أن تنزل إحداكما لتجلب تيم من الأسفل وتراعيه"
ردت ناردين بنبرة مهزوزة "أليس مع يقين؟"
هزت هنا رأسها نفيا قائلة "كلا لقد تركته مع حياة، هيا كي نعد الطعام قبل عودة والدك وعمك من عملهما، نيرة فقدت عقلها بالأعلى منذ رأت إياد"
تساءلت روهان "لم يعلم عمو أيهم بمرضه بعد"
هزت هنا رأسها نفيا قائلة بتوضيح "كلا لقد اتصل إياد بسيف وطلب منه أن يذهب ليحضره من عمله، يبدو أنه خرج مريضا واشتد عليه المرض هناك.. هيا اذهبا كي أصعد لأطمئن عليه"
وضعت روهان حقيبتها أرضا قائلة "سأنزل لأجلب تيم إلى أن تبدلي ملابسك ناري"
هزت ناردين رأسها بتيه تملكها وقلبها الضائع في هواه يرجف من شدة الرعب، متسائلة باهتزاز وروهان تختفي "ماذا ألم به؟"
ردت هنا بعدم معرفة "للآن حمي شديدة ولمار بعثت سيف إلى معمل تحاليل تثق به بعينات للفحص.. حتى تتأكد من تشخيص مرضه ولم يعد سيف للآن"
هزت رأسها وهي تغادر دون كلمة إضافية.. لترفع هنا هاتفها تهاتف نيرة مرتين ولكنه رنين دون رد لتستنتج أن هاتفها ليس قريبا منها، اتصلت بسيف الذى أجابها بعد ثلاث رنات لتقول بتساؤل "سيف ماذا حدث؟ أين أنت؟"
ردت بعد صمتها تسمع رده لتجيب بلهفة "ماذا به؟"
استمعت لما قاله سيف لتقول بجزع "يا حبيب يا ابني سأصعد الآن"
أغلقت الهاتف ووضعته بجوارها.. وناردين التي أبدلت ملابسها بسرعة عجيبة تسأل بهلع "ما به إياد؟"
ردت هنا بحزن "التهاب رئوي حاد.. انتبهي للطعام إلي أن أعود وإياك أن يحترق منك كعادتك"
هزت رأسها بشرود لازمها طيلة اليوم وهي تطمئن على أحواله، من والدها الذى جزع عندما علم بما ألم به، العائلة بأكملها كانت بالأعلى والدها وعمها يقفان بجانب أيهم يشدان من آزره.. وقد فقد ثباته عندما رأى إياد وقد اشتد مرضه، مرضه الذى كان ليمر بسيطا ولكن رئتيه احتجت عليه بسبب استنشاقه هذا السم وقررت معاقبته.. ورغم وجود الجميع بالأعلى ولكنها لم تجرؤ على الصعود ورؤيته، لا تحتمل رؤيته ضعيفا بهذا الشكل أبدا، لا يحتمل قلبها ألمه ومرضه إنه نقطة ضعفها.
**********
تقف في شرفة غرفتها في وقت الغروب بعينين دامعتين.. وقلب موجوع عقلها ضائع وشارد منها، ثلاثة أيام مرت والحمي تلازمه تختفى بضع ساعات لتعود ثانية.. خائفة خوفا لم تعرفه من قبل هي لا تطيق أن تسمع أنه مريض، تتوق لرؤيته بشدة وهي التي لم تعتاد غيابه بهذا الشكل.. ثلاثة أيام دون نظرة واحدة إلى وجهه الحبيب، يجب أن تراه ستقوي قلبها المرتعب وتذهب لرؤيته.. الحبيب الغالي مالك القلب.
اندفعت إلى غرفتها تجذب جاكيتها الأحمر الملقي بإهمال فوق السرير بحدة.. أجفلت روهان الجالسة على السرير تحمل بين يديها ملف لمشروع تدرسه.. رفعت روهان عينيها إليها متسائلة لتخرج دون أن تجيبها، هزت روهان كتفيها بعدم اكتراث وقد اعتادت تقلب أحوال ناردين، ذهبت ناردين مباشرة إلى غرفة نوم والديها قائلة باندفاع وهى تفتح الباب دون طرق "بابا أريد رؤية إياد"
اعتدل خالد من استلقائه على السرير قائلا بعتب "ناري لا تدخلي غرفتي ثانية دون استئذان"
هزت رأسها بحرج قائلة بدموع "أنا آسفة لن أفعلها ثانية.. ولكن بابا أريد رؤية إياد"
فتح ذراعيه لها قائلا بحنان "تعالي ناري"
هزت رأسها نفيا قائلة بنبرة مخنوقة "كلا أنا أريد رؤية إياد فقط"
ابتسم بتفهم قائلة بنبرة هادئة "فقط تعالي وسآخذك إلى إياد"
اقتربت بخطوات مهزوزة من والدها لتجلس بجواره قائلة بتساؤل وهى تخفض عينيها أرضا "نعم بابا"
جذبها إلى صدره قائلا بنبرة حانية "ابكي ناري لن يري دموعك غيري"
انفجرت في بكاء معذب على صدره وهو يزيد من ضمها له.. قائلا بنبرة بسيطة أشعرتها ببعض الراحة "ناري هل أنت بخير الآن؟"
هزت رأسها دون رد وقد اختنق صوتها.. ليرفع وجهها إليه برقة متسائلا بجدية "أخبريني الصدق طفلتي هل تحبين إياد؟"
رفعت عينيها المغرقة بعبراتها تنظر إليه بذهول.. تتفرس في وجهه تدرس خياراتها هل تخبره، أم تنكر لعلها تراوغ في الإجابة، اتخذت قرارها لتفتح فمها هامسة بخجل من هكذا اعتراف أمام والدها لتجد نفسها تجيب بتلعثم لا تجيده "لا.. نعم.. قليلا.. ربما.. بابا، بابا أنت تحرجني"
مسح دموعها العالقة على وجهها ضاحكا بخفة قائلا بهدوء وهو ينظر لها بعمق "سنري أمر تلك التناقضات فيما بعد.. والآن اذهبي ونظفي وجهك من الدموع وسأنتظرك عند الباب"
وقفت سريعا قائلة بتلهف "لن أتأخر"
وبالفعل بعد دقائق قليلة كانت تقف مع خالد أمام شقة عمها أيهم.. تفرك يديها بتوتر وخشية وكأنها مقدمة على فعل خطير، فتحت براء الباب والتي ما إن رأت ناردين حتى عانقتها بقوة، شددت ناردين من عناقها متسائلة باختناق "براء.. إياد"
ربتت براء على كتفها بقوة قائلة باحتواء "سيكون بخير تعالي واطمئني عليه"
نظرت لخالد قائلة بهدوء "مرحبا عمو بابا بغرفة الجلوس"
هز خالد رأسه موافقا وهو يغلق الباب خلفه متجها إلى حيث يتواجد أيهم.. بينما أشارت براء إلى غرفة إياد قائلة "هذه غرفته ناري اذهبي إليه وأنا سأذهب لأري حساء الخضار لقد تركته على النار"
تمسكت ناردين بذراعها باعتراض "لا يجوز أن اذهب إلى غرفته وهو بمفرده"
ربتت براء على يديها قائلة بتفهم "يزن معه بالداخل"
بضعف احتل أوردتها بانتصار.. ودماء تضخ تارة بسرعة وتارة ببطء حتى أربكها هذا الاختلال داخلها.. همست لنفسها تبثها قوة هربت منها وهى تستشعر ثقل مرضه.. أخذت نفسا عميقا وهي تطرق الباب بطرقات رقيقة متوجسة.. أتاها صوت يزن من الداخل "ادخل"
فتحت الباب لتقع عينيها على جسده المنهك الشاحب.. رأسه التي يلقيها للخلف بإرهاق واضح.. ذلك الغطاء الثقيل الذي يغطى جسده.. وعاء الماء البارد الموجود به منشفة صغيرة بيضاء.. تستعمل ككمادات له لتساعد في إخفاض درجة حرارته.. تسارع نبضها واختل توازنها حتى كادت أن تسقط.. لتتمسك بمقبض الباب بقوة تأخذ نفسا تلو الآخر تهدئ نفسها.. أغمضت عينيها بقوة على دموعها ويدها ترتفع لتمسح طرف عينيها من دمعة كادت أن تفلت..
أتاها صوت يزن الذى لمح أدق حركة قامت بها، محملا بالشفقة خاليا من أي كلمة تشير أنه شهد أحد لحظات ضعفها "ادخلي ناري إياد سيستيقظ الآن"
أجفلت وهي تلتفت إلى حيث يقف في جانب الغرفة مستندا إلى حافة النافذة الخلفية للغرفة.. هامسة بنبرة متعثرة "كيف حاله الآن؟"
ابتسم يزن بتعب قائلا بأمل "يتحسن لقد انخفضت حرارته أخيرا"
تقدمت للداخل وعينيها تعود لإياد.. لتجلس على مقعد كان قريب من سريره هامسة بنبرة رقيقة "إياد"
حركة خفية من جفنه كل ما حصلت عليه.. لتتقدم بجسدها قليلا للأمام مناديه بلهفة "إياد هل تسمعني؟"
همهم بشفتين جافتين اسمها وكأنها تهويدة حب تحاوطه.. ابتلعت ريقها بصعوبة مجيبة إياه بخفوت "نعم إياد أنا ناردين.. كيف تشعر الآن؟"
فتح عينيه دفعة واحدة قائلة بزمجرة ضعيفة ولكنها عنيفة "ناردين ماذا تفعلين هنا؟ هل جننتِ كيف تدخلين غرفتي وأنا بمفردي"
اتسعت عينيها من هجومه عليها.. ثم ما لبث أن أطلقت ضحكة خفيفة وقد اطمأن قلبها.. ما دام هاجمها بتلك الطريقة الخالية من التهذيب إذا هو بخير، ازدادت ضحكتها المرتجفة ويزن يجيب بحدة خفيفة "حتى وأنت مريض قليل أدب وخالي من التهذيب.. أنا هنا معكما"
حاول إياد أن يلتفت برأسه إلى يزن.. ولكن إجهاده كان أقوى منه ليهمس باعتذار "آسف ناردين"
ردت بخفة وبسمة لونت جانب وجهها "لا عليك أسامحك لأنك مريض"
أخذت نفسا عميقا وهى تتأمل ملامح وجهه الذابلة قائلة بقلق "كيف تشعر؟"
ردت بصوت ضعيف وهو يغلق عينيه "الحمد لله أفضل بكثير"
لم تستطع السيطرة على لسانها وهي ترد بسخرية لاذعة "هكذا أفضل إذا كيف كانت حالتك الأيام الماضية؟"
هاجمها بحدة وهو يحاول أن يرفع جسده كي يجلس في نصف جلسة.. ولكن تعب جسده كان أقوى منه ليظل على رقدته "كنت ستعلمين لو أتيتِ لرؤيتي قبل هذا"
نظرت له مجيبة باستهانة "وازن جسدك أولا ثم هاجمني حتى أستطيع الرد عليك.. لا أحب التجبر على من هم أضعف منى.. لذا أستعيد صحتك سريعا حتى أتشاجر معك كما يحلو لي"
أجابها بتهديد وهو يشوح بيده "أيام ولن يرحمك أحد مني"
زفر يزن بسخط من شجارهما الذى لا ينتهى قائلا بحنق "ارحما نفسيكما قليلا"
ثم اقترب من إياد يضع في فمه ميزان حرارة معقم لدقيقة ثم أخرجه.. قائلا باطمئنان وهو ينظر له بتركيز "الحمد لله حرارتك طبيعية"
ابتسم له إياد قائلا برجاء "ساعدني حتى أجلس رجاء"
اقترب منه يزن تحت نظرات ناردين المتعاطفة حتى يساعده على الاضطجاع.. أستند بظهره على الوسادة خلفه قائلا وعينيه لا تفارق عينيها "كيف حالك ناري؟"
ردت بابتسامة متسعة أنه يتحدث معها "بخير إياد قلقة على صحتك فقط"
أجاب يطمأنها بحنان "أنا بخير لا تقلقي والجميع يعتنى بي.. كيف حال عملك؟"
ردت بهدوء "على خير ما يرام وأنا سعيدة جدا به"
رد ببهجة لأجلها "وهذا يسعدني"
ضرب يزن كفيه ببعضهما وهو يري مسار الحديث العجيب بينهما.. كيف يفعلانها بهذه السلاسة؟ الانتقال من شجار بمقاييس البشر حاد إلى الاطمئنان على أحوال بعضهما البعض، إنهما مجنونان ويليقان ببعضهما..
فتح سيف الباب وهو يدخل حاملا بين يديه صينية صغيرة، عليها طعام خفيف لإياد الذى امتعضت ملامحه لرؤية ما يحمله سيف، خرج يزن سريعا قائلا "من الجيد أنك أتيت لترحمني من هذين المعتوهين"
سأل سيف بعفوية وهو يضع الصينية بجوار إياد "ماذا فعلتما بأخي؟"
أصدر إياد ضحكة خشنة وناردين تقول بتلاعب "لا شيء إنه لا يجاري تقلباتنا المزاجية"
رد سيف بسخرية "معه حق من يجاري شخصين مزاجهما متقلب كموج البحر"
رد ناردين وإياد بصوت واحد في نفس الوقت "أعزك الله يا ابن العم"
ضحك سيف وهو يجلس بجانب إياد مقربا منه الحساء الذى أعدته براء له "هيا تناول الطعام يجب أن تأخذ الدواء بعد قليل"
أبعد إياد الوعاء عنه بقرف قائلا برفض "لا أريد"
أصر سيف على تقريب الطعام منه تحت عينين ناردين المندهشة.. إياد يرفض الطعام؟ ويرفض تناول الحساء الوجبة التي هي ربما طعامه المفضل؟ يا للمعجزة لقد نجح مرضه فيما فشل فيه غيره.. رد سيف بنفاذ صبر "لا تكن كالأطفال وتناول طعامك إياد"
همست ناردين بدهشة "ربما ليس جائع"
ألقى سيف الملعقة بحدة وهو يستقيم واقفا ليخرج إلى الشرفة بعد أن ألقي قوله الخائف "إنه لا يأكل منذ أصابه هذا المرض إلا لقيمات قليلة لا تكفي طفل صغير، وبعد محايلات لا تنتهى وأحيانا نجبره على تناول الطعام.. كنت تغضب منى عندما أنهاك عن السجائر.. انظر وأسعد لما فعلته بجسدك"
راقبت ناردين سيف الذى خرج يستنشق هواء نظيفا يعيد إليه هدوءه.. ثم عادت بنظرها لإياد الذى تابع خروج سيف بعينين حزينتين تحكى الكثير.. استقامت واقفة لتلف حول على السرير تجذب الصينية التي وضعتها على قدمه قائلة بنبرة هامسة حتى لا تصل لأذن سيف "لو كان ينفع لكنت أطعمتك بنفسي، ولكن اعتبرني أفعل وتناول الحساء إلا أن أقطع لك ورك الدجاج هذا"
نظر لها قليلا لتهمس برجاء موقنة أنه لن يرده أبدا ولو على حساب نفسه "رجاء إياد الجميع خائف لأجلك"
مسك إياد الملعقة وبدأ يطعم نفسه وعينيه لا تفارق ملامحها.. لتبتسم له ابتسامة بددت الكثير من الحزن الساكن صدره.. عادت إلى مقعدها تقطع له اللحم لقطع صغيرة بيديها وتلقيها في الطبق أمامه، ولم ينتبه كلاهما وهما يسرقان بضع لحظات من حبهما.. إلى رأس سيف التي دارت للخلف تنظر لهما ببسمة حانية.. ابتسمت وإياد ينهي طبقه لأجلها هي في المقام الأول، ناولته منشفة وجدتها ملقية على ظهر السرير بعد أن نظفت بها يدها.. فالتقطها منها شاكرا وهى تنادي سيف "سيف أين الدواء"
عاد سيف ليحمل الأطباق الفارغة قائلا "سأحضر الماء وأتي"
ردت ناردين ارتباك "سأذهب لأحضره أنا"
هز سيف رأسه رفضا لاقتراحها هامسا لها بخفوت "ابقي ناري أنت لست بمفردك معه جميعا حولك"
خرج سيف وترك الباب مفتوحا خلفه ليهمس لها إياد بعتب "ألا تثقين بي"
ردت بقوة "ما هذا الهراء؟ بالطبع أثق بك ولكن هذا الوضع لا يجوز"
ابتسم بتفهم قائلا "يمكنك الخروج إلي أن يعود أحدهما"
تجاهلت اقتراحه وهى تقرب مقعدها منه هامسة باهتمام "ماذا بك إياد؟"
رد ببسمة مصطنعة "مريض أهذه إجابة كافية؟"
دققت النظر في عينيه لتجيبه بثقة "أنت حزين إياد.. وأعلم الآن أن حزنك هو ما يؤخر شفاءك"
رد بتهكم "هل غيرتِ مجالك من حقوق إلى طب؟"
ردت رافضة أن يجرها إلى أي موضوع فرعي "حتى الأطفال الصغار يعلمون أن الحالة النفسية تؤثر على الاستجابة للدواء.. ها ألن تخبرني ما بك؟"
سكنت عينيه نظرة جريحة ذبحت قلبها دون سبب وهو يبوح لها.. بما يثقل صدره وكاهله منذ أيام وعقله لا يكف عن التفكير، حتى هذا المرض هو من سببه لنفسه بغباء، فقد كان يسبح في ليلة باردة ثم ارتدى ملابس خفيفة دون أن ينشف جسده.. وحتى عندما شعر ببوادر المرض لم يطلب مساعدة إنما تركه بانتقام لا يعلم من منا؟ يتفشى في جسده حتى أوهنه لتلك الدرجة "بابا غاضب مني يا ناري.. لقد اكتشف إني أُدخن في نفس الوقت الذى أخبرته بما دار بيننا.. لينتفض ثائرا غاضبا علي طالبا منى أن أعيد إليه ابنه.. أشعر أنى خذلته بطريقة ما ناري، وهذا الشعور يقتلني دون رحمة"
لمعت عينيها بتفهم قائلة برقة محتوية جزعه "إياد يجب أن تعلم أن عمو أيهم لا يستطيع الغضب منك.. أنا أعلم أنه يحبك كثيرا حتى أكثر من نفسه.. وأيا ما كان قاله فقد قاله حتى لا يضيع منه ابنه.. ربما قسي عليك ولكنه قطعا راضي عنك وفخورا بك"
رد بامتنان "شكرا لوجودك بهذا الوقت"
أشرقت عينيها بابتسامة تخصه وحده فارتعدت لها روحه توقا.. في ذات اللحظة دخل سيف قائلا "ناري عمو خالد بعث في طلبك"
ابتسمت وهى تقف قائلة بوعد "سآتي لأطمئن عليك ثانية.. ولكنك من ستفتح لي الباب وليس بو"
لتلتفت لسيف قائلة برجاء "اعتنى به سيف لأجلي"
ثم خرجت متجهة إلى حيث يجلس والدها مع أيهم قائلة بهدوء استعادته باقتدار "مساء الخير عمو"
رفع أيهم عينيه المرهقة إليها قائلا "مساء النور حبيبة عمو"
أخذت نفس عميق قائلة بحرج لفها "عمو إياد بحاجتك الليلة، أرجوك أعلمه أنك غير غاضب منه"
عقد حاجبيه متسائلا بعينيه بدهشة لتهز رأسها موافقة قائلة بخفوت "نعم أعلم بما قلته له"
شردت عين أيهم قليلا ليهز رأسه قائلا "سأفعل ناري"
تلفت من حولها متسائلة "أين عمتي؟"
رد عليها أيهم برزانة "ترتاح قليلا"
وقف خالد قائلا وهو يستعد للمغادرة "إذا احتجت لأي شيء هاتفني"
**********
ظل أيهم جالسا في محله شاردا يفكر فيما أخبره به يزن منذ وقت قليل.. عندما خرج باحثا عنه خصيصا "عمو هل أنت غاضب من إياد؟"
رد أيهم بدهشة "أنا!! كلا لماذا؟"
أجابه يزن بهدوء "كلما كان محموما كان يهذي باسمك بألا تغضب منه.. وأنه لا يرجو من الدنيا غير رضاك.. كان يعنى كل كلمة عمو.. يعنيها بحزن مقيت"
أجابه حينها بنبرة شاردة "سأرى يا يزن"
لم يعلم كم مر عليه من وقت وهو جالس محله ليرفع عينيه ليجد الوقت قارب على منتصف الليل، اتجه إلى غرفة إياد ليجد سيف جالسا جواره مغمضا عينيه في وضع غير مريح.. ربت على كتفه بهدوء لينتفض سيف جالسا متسائلا عما حدث، فيهدئه أيهم قائلا بنبرة حانية " هشششش على رسلك سيف لم يحدث شيء، اذهب لتنام قليلا حبيبي"
رد سيف باعتراض "كلا عمى لن أترك إياد"
ابتسم أيهم وهو ينظر لإياد النائم بعمق بجواره قائلا "أنا سأبقي معه اليوم سيف"
لم يجادل سيف وهو يقول بخفوت "أمرك عمو اتصل بي في أي وقت سآتي فورا"
غادر سيف ليجلس أيهم بجوار إياد يمسح وجهه بعينيه بنظرة قلقة مجمعة لكل معاني الأبوة.. الأحمق يظنه غاضب منه؛ حسنا إنه أحمق حقا هل سيغضب من فلذة كبده؟.. انحنى مقبلا جبهة إياد بلثمة حانية.. ثم رفع يده ليقبل ظاهرها بهدوء، فتح إياد عينيه على رأس والده المنحنى يقبل يده ليهمس باضطراب "بابا ماذا تفعل؟"
أجاب أيهم بخفة وهو يربت على وجهه "أثبت لأحمق هنا أنني يستحيل أن أغضب منه.. ربما أعاقبه قليلا ولكن رضاي معه دائما وللأبد"
دمعت عين إياد ليقول باعتذار "بابا كل ما أغضبك مني أنا أعتذر عنه.. وأعدك سأجعلك فخور بي"
ردت أيهم بنبرة جدية "وأنا فخور بك إياد.. من يكون لديه ولد مثلك ولا يفخر به.. ما قلته ذلك يوم لأنى لا أريدك أن تغتر بنفسك وتفكر بها أولا.. نعم ما تريده حقك أن تحققه ولكن ليس على حساب الآخرين.. ما حدث بينك وبين ناردين أنت تتحمل جزء منه.. ولكن ليس معنى هذا أنى غاضب منك أو غير راضي عنك.. هذا أمر وذاك أمر مختلف تماما"
ابتسم وقد أزالت كلمات أيهم حملا ثقيلا من على صدره.. ليهمس بامتنان مغمضا عينيه "شكرا كثيرا بابا"
همس أيهم بحنان وهو يستلقي جواره "نم إياد أنت متعب بُنى"
نام إياد براحة لم تزوره منذ أيام.. وراقبه أيهم حتى غاص في النوم دون أن يدري، استيقظ على صوت منبه هاتفه لأجل صلاة الفجر.. استيقظ ليجد إياد ما زال نائما مسح على وجهه بحنان.. ثم خرج حتى يتوضأ ليجد نور غرفة الجلوس مضاء، اتجه إليها بفضول ليجد سيف غارقا في نومه على أحد الأرائك.. يبدو أنه بدل من عودته إلى غرفته قرر البقاء في حال حدث شيء سيء.. اتجه إليه يوقظه بحنان قائلا وهو يربت على ذراعه بحنان "سيف استيقظ لتصلي الفجر"
قلب سيف وجهه للجهة الأخرى محتضنا الوسادة التي ينام عليها بقوة مهمها بتعب "حاضر بابا دقائق وسألحق بك"
دلفت نيرة من خلفه تحمل غطاء ثقيلا لتلقيه عليه قائلة "لن يستيقظ إنه متعب للغاية.. دعه فليصليه صباحا"
التقط منها الغطاء ليدثره جيدا.. ثم التفت إليها قائلا باهتمام "كيف حالك الآن"
ردت بإرهاق تملكها "بخير فقط قلقة عليه"
رد بهدوء "لا تقلقي حبيبته إنه بخير والشباب لا يتركونه بمفرده.. هيا لتصلي وادعي له"
هزت رأسها موافقة وهي ترفع يدها تدعو من قلب أم يرتجف على أبنائها.. وعجوز رأت من أهوال الحياة ما رأت "يا رب احفظه ولا تفجعني فيه"
*********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-02-21, 10:24 PM   #188

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

في يوم رائع كانت سما جالسة أرضا في الحديقة تلاعب هرتها سنو.. تلقي إليها كرتها الصغيرة وتراقبها تتلاعب بها بين قوائمها وهى مستلقية على ظهرها.. كعادته سيف أجاد اختيار هديته لها، كما تسعدها تلك القطة وكم يبهجها رؤية التؤام وهما يركضان حولها يلعبان معها..
سيف تنهدت بعمق وقلبها يشتاق إليه بشدة، لقد سافر منذ أيام إلى المغرب مع فرقته لأجل مباراة دولية، بعد أسبوع تقريبا من مرض إياد الذى أفزعهم جميعا..
ابتسمت بشقاوة تلألأت بعينيها سيف بالمغرب.. والمغرب مشهور بالقفطان كزي تريد تجربته بشدة.. حجة رائعة بل شديدة الروعة حتى تهاتفه.. يا إلهى تعلم أنه سيموت كمدا على يدها، ولكن تلك ليست خطتها بل إنها تنوى أن تميته حبا وعشقا ولكن فليعود ويعترف بحبها أولا.. وستغرقه في هواها لا محالة وتعوض نفسها وتعوضه عن الوقت الضائع من حياتهما، أخرجت هاتفها وهى تستند بظهرها إلى أحد المقاعد.. فهي أتت منذ الصباح الباكر إلى البيت الكبير..
فالكثير يتوقع أن غدا سيكون أول أيام الشهر الفضيل.. والكثير من التجهيزات يجب أن تعد وهم يدورون منذ الصباح لإنجازها.. وها هي تستريح قليلا وستستغل وقت راحتها هذا في إغاظة سيف، فليعنه الله فهي أصبحت تستمتع بإغاظته وإخراجه عن طوره..
أجرت الاتصال ووضعت سماعة الهاتف الصغير في أذنها.. ثم جذبت قطتها تضعها على قدمها تمر بيدها على فرائها.. وقطتها تخرخر برضا بالغ انقطع الرنين.. لتشتعل عينيها غيظا وهى تهمس لنفسها "لا يجيب هاتفي بالطبع تعجبه فاتنات المغرب أنا سأريه.. ولن أجعله يتهني بهم"
أعادت الرنين ثانية ليجيبها سيف من الرنة الثانية قائلا بهدوء زاد من غيظها "مرحبا سما"
هاجمته بعنف غاضب ويدها تشتد على ظهر هرتها.. التي زمجرت بغضب وهي تبتعد عنها "لماذا لا تجيب هاتفك؟"
على الجانب الآخر عقد سيف حاجبيه مجيبا ببساطة وهو ينظر لصديقه الذى يجلس معه "كان على وضع الصامت انتبهت له الآن"
ردت بنبرة غاضبة وهى تضغط بغل على كرة هرتها بيدها "طبعا تضعه على الصامت حتى يكون حجة جيدة لك.. أنا لن أسامحك على أفعالك هذه أبدا"
شعر سيف بتشوش في عقله، ماذا فعل؟ وما بها تلك المجنونة؟ ليجيب بريبة "ماذا فعلت أنا؟"
ألقت الكرة بغيظ قائلة بحقد غريب "لقد أغضبت سنو بسببك هذا أولا.. وثانيا هل تعجبك الفتيات هناك لذلك لا تجيب على الهاتف"
كاد سيف أن يشد شعره وهو لا يلاحق انفعالاتها المجنونة.. هل تمنى يوما عودة سما؟ نعم فعل إذا عليه تحمل تبعات أمانيه.. فسما الوديعة الرقيقة التي يعرفها طارت أدراج الرياح.. وأهلا وسهلا بالمجنونة ذات الانفعالات الغير متوقعة مطلقا، ليجيبها بتهكم وهو ينظر لصديقه أمامه بقرف "أي فتيات؟! أنا أجلس مع خشن الوجه والصفات صديقي"
أطلقت ضحكة صافية قائلة بابتسامة واسعة "أووه هذا رائع"
دق قلبه بصخب وعينيه تلمع كالنجوم مجيبا بخبث "وماذا يهمك فيما أفعل.. أتحدث معهم.. أخرج معهم الأمر يخصني وحدي"
صرخت في أذنه حتى ظن أنها ثقبت "افعلها وسأخبر خالو أن ابنه أصبح منحل"
فرك أذنه يتأكد من كونها تعمل مع اتساع عينيه بدهشة من لسانها الطويل.. بنات عائلته لا رقابة على لسانهم ليهمس بتأنيب "احفظي لسانك يا فتاة"
ردت سريعا بأمر جاد "وأنت لا تغيظني بهذا الأمر ثانية"
رد قائلا بغيظ "هذه حياتي وأنا حر بها"
أجابته بعناد شديد "لا لست حر بها"
ردد من بين أسنانها بعنف وهو يومئ برأسه لصديقه الذى تركه يستقبل مكالمته براحة، وانضم لزمائلهم على طاولة أخري قريبة منه "لماذا تهاتفيني؟ ماذا تريدين؟"
زمت شفتيها بقوة وهى تشعر بألم في صدرها قائلة بعتب "اطمئن عليك يا ابن خالي"
كاد أن يضحك من ردها ومن لقب ابن خالي الذى صارت تستخدمه كثيرا.. إغاظة له ولكنه يعلم أنه يحرق صدرها ويغيظها أولا.. قائلا يشعل فتيل غيظها "بخير يا ابنة عمتي.. كيف حالك أنتِ؟"
عضت على لسانها من شدة الغيظ لتطلق تأوها متوجعا جعله يسرع مجيبا بلهفة "سما ما بك؟"
ردت بعفوية "لقد عضضت لساني"
انطلقت ضحكته صافية وهو يقول بتهكم "سلامة لسانك سمسمة احترسي المرة القادمة أن تقطعي جزء منه"
تصنعت ضحكة سخيفة قائلا بذات السخف "أعدك يا غليظ"
ثم أخذت نفسا عميقا تلاعب بقلبه قائلة بنبرة يعلمها جيدا.. يعلم بعدها أنه على وشك خسارة ثروة صغيرة من أمواله "سيف أريد طلب صغير منك"
ابتسم ساخرا متمتما داخله بشغف (أطلبي عمري أعطيه لك راضيا).. ثم رفع صوته قائلا بنبرة بسيطة نفذت لقلبها "طلبك مجاب دون أن أعرفه"
صفقت بيديها بسعادة قائلة سريعا "أريد قفطان يا سيف"
غمغم بدهشة "قفطان!! ما هذا الشيء؟"
ردت بتأنيب وكأنها تشرح أمر بسيط وهو الجاهل الذى لا يعلم "قفطان يا سيف.. زي نسائي تشتهر به المغرب"
عقد سيف حاجبيه متشككا قائلة بخضوع "حاضر سأحضره لك"
ردت بصوت حازم "انتظر أنا لم أنتهى بعد"
نظر للهاتف بحنق ليزفر قائلا وهو يكظم غيظه بقوة "أكملي"
أجابته ببهجة أسعدت قلبه بشدة "أريد اثنين.. أحدهما أصفر والآخر امممم سأترك لك مهمة اختيار لونه"
رد باستغراب بالغ "ولماذا اثنين؟"
أجابته بتلقائية معاتبة "هل نسيت أنني أحضر صلاة العيد بزي؟.. والاحتفال به بزي آخر؛ وهذه السنة سأرتدي القفطان الذي ستحضره"
رد بتعجب "أي عيد هذا؟"
تنهدت بعمق قائلة بنبرة حانقة نافذة الصبر "يا الله ما بك اليوم عيد الفطر بالطبع"
أجابها ذاهلا "رمضان لم يبدأ بعد حتي يا سما"
ابتسمت مجيبة بفرحة كبيرة "سيبدأ غدا رمضان كريم"
ضحك بعدم استيعاب "الله أكرم يا سما ماذا تفعلين الآن"
ردت بأريحية "أستريح قليلا منذ الصباح ونحن نعمل لقد أُهلكنا حقا.. متى ستأتي؟"
أجابها ببساطة وهو يلمح اقتراب عمه خالد منه "بعد ثلاثة أيام"
أجابته بصراخ منزعج "لن تحضر معنا أول يوم برمضان.. افعل شيئا وكن هنا غدا"
فرك أذنيه بإصبعه قائلا بتوبيخ ساخر "أذني يا حمقاء.. هل ترينني أملك مصباح علاء الدين؟، ماذا أفعل إنه عملي؟"
أجابته بذات الانزعاج آمرة قبل أن تغلق الهاتف في وجهه "لا أعلم ولا يهمني، إن لم تأتى غدا سأغضب منك.. وإياك أن تنسي هديتي مفهوم"
نظر سيف إلى هاتفه وهو يرمش عدة مرات يستوعب تلك المكالمة الهزلية منها، تحدث خالد الذى جلس مقابلا له قائلا بسخرية "ما بك تنظر للهاتف وكأنه أجرم بحقك؟"
رد بعنف دون أن ينتبه لنبرته "إنها الحمقاء سما تأمرني وكأن لها الحق.. بالطبع لها الحق بهذا يا للغباء إنها حبيبتي.. كما أنها كلفتني لتوها ثروة لا بأس بها"
مع نهاية كلماته كان خالد قد انفجر ضاحكا من كلماته.. وشاركه أيهم الذى سحب كرسيا وجلس وقد استمع لآخر كلماته.. احمرت أذنيه من الخجل باندفاعه هكذا في حركة اكتسبها من ماهر.. وأيهم يتساءل "لماذا كلفتك ثروة؟"
رد بسخط وهو يستند بذقنه على يديه الموضوعة على الطاولة "طلبت مني أن أحضر لها قفطان.. وتخيل أن أحضر لها ولا أحضر لباقي البنات"
أجابه خالد بتفهم ضاحكا "سيغتالونك فقط أنت في مأزق حقا"
ربت أيهم على كتفه قائلا بتعاطف مضحك "هل تريدني أن أقرضك بعض المال؟"
تنهد سيف بطريقة مسرحية جلبت المزيد من ضحكات خالد وأيهم.. الذي سأل بجدية "متى ستستقر أحوالك مع سما؟"
زم شفتيه ولمع عذاب الشوق في عينيه قائلا "لتصرح فقط بحبها وسأعقد قراني عليها هذه المرة دون تأخير"
رد خالد بهدوء محمل بتوبيخ "ومنذ متي الفتيات تصرح بحبها أولا سيف"
فتح فمه ليجيب عميه اللذان ينظران إليه بترقب ثم أغلقه ثانية بحيرة.. أشاح بعينيه بعيدا قائلا بحذر "لقد كان هذا اتفاقنا وهي ألزمتني به.. ودون اعترافها أنا لن أستطيع أن أخلف وعدي لها.. لقد تربيت هكذا"
ألجما عميه حقا ليتبادلا نظرة أوشت بالكثير.. وخالد يقول بتهكم مقصود وهو ينظر لأيهم "ويقولون الولد لأبيه.. بل لعمه وليس أبيه أليس كذلك أيهم؟"
قلب أيهم عينيه بسخط قائلا بتحذير "خالد"
رفع خالد كتفه ببراءة ليقول سيف بحيرة "أووه ما معنى هذا؟"
أشاح أيهم بيديه قائلا بأمر "أمر لا يعنيك بشيء فقط انساه"
رد سيف بظفر قائلا بدهشة عظيمة "هل كنت ستبتعد عن عمتي لأجل وعد أيضا؟"
رد أيهم بغيظ من بين أسنانه "قلت أمر لا يخصك يا ولد"
رد سيف بحنق "لا تشعلوا فتيل فضولي وتتركوني هكذا"
لم يجيبه أيهم وخالد يتساءل بنبرة حانقة "وهل ستتركها تضيع منك لأجل وعد"
ابتسم سيف قائلا بابتسامة عاشقة "الوعود خلقت حتى نحفظها ونفي بها.. ولكن وعدي لها ليس أكبر من حبي لها.. ولن أكن رجلا إن تركتها تضيع مني.. أنا فقط أعطيها وقتها حتى تستعيد نفسها"
همس أيهم بهدوء "لا أفهمك سيف فيما تفكر؟"
ابتسم سيف ابتسامة صغيرة قائلة بحكمة مفضيا بأفكاره "أنا انهارت في البداية عندما انفصلنا.. اعترف أن وجعي من انفصالنا شوش عقلي حينها.. وبعدما تخطيت صدمتي استطعت التفكير بوضوح وإدراك أن ما حدث بيننا.. والثقة التي كسرت هي الفتيل الذي ستستعيد به سما قوتها.. وقد كنت محقا وتأكدت من هذا عندما تقابلنا في المنزل.. كلما حاولت سما استفزازي وإغاظتي استعادت جزء من نفسها.. واليوم أنا تأكدت أنها عادت بشكل كامل.. فقط فلتحدث معجزة تجعلها تعترف بحبي.. أعرف عقلها جيدا ستعاند حتى أعترف أولا بحبي لها.. إنها تحفظ مبادئي جيدا وتستخدمها ضدي"
لم يتمالك أيهم ضحكته لتتصاعد صاخبة مملوءة بفخره.. فيما ابتسم خالد قائلا بحنان "أنت تحفظها جيدا يا سيف"
رد سيف ببساطة "لقد تربت على يدى إنها نصفى الآخر.. الأجمل والأرق والأكثر مشاغبة"
هتف أيهم بغيرة وهو يضربه على رأسه "هيييييه توقف يا أحمق.. لا يحق لك التغزل بها"
رد بتوعد "عندما أستعيدها سأعاقبها شر عقاب لأجل هذا"
ضحك خالد باستمتاع وأيهم يقول بسخط "لقد ربينا مجموعة من فاقدي العقل ليس إلا"
وقف ساحبا هاتفا قائلا "سأذهب لأتسوق كي أجلب لها ما تريد.. لقد قالت أنها تريده أصفر نعم أصفر"
رد أيهم بإعجاب ببناته "إن فتياتي بارعات حقا يلفونهم على إصبعهم الصغير"
فتح خالد فمه قائلا بصوت ساخط "أنت لا فائدة منك.. بناتك دائما وأبدا"
رفع أيهم كتفيه قائلا بحب "بالطبع دائما وأبدا"
***********
وعلى الجانب البعيد أغلقت سما هاتفها بغضب وهى تنظر للبعيد.. لن يحضر أول أيام رمضان معهم ستقتله بلا شك.. مدت يدها لهرتها قائلة بغيظ وهى تدعوها "سنو تعالي قطتي تعالي، وأعدك ما إن يعود سيف سأجعلك تنشبين مخالبك في وجهه"
أصدرت قطتها صوتا معترضا غاضبا على معاملتها القاسية في حقها.. لتمد شفتيها بحزن قائلة بمهادنة "قطتي الغالية الغاضبة أنا أسفة، سنو سيف هو السبب أعدك سأدعك تفعلين به ما تشائين ولكن تعالي"
شعرت بظل فوقها رفعت نظرها لناردين.. التى قالت بسخرية وهى تناولها كوبين من العصير البارد "هل جننتِ تتحدثين لقطتك؟"
ألقت نظرة باتجاه قطتها التي تختال متهادية بدلال أمامها.. لتجيب بخفة "إنها غاضبة وكنت أحاول استرضائها"
جلست بجانبها ناردين وهى تنفض ملابسها من الغبار قائلة "أين اختفيتِ وتركتينا"
رفعت هاتفها مجيبة سؤال ناردين "اتحدث مع سيف"
غمغمت ناردين متفهمة وسما تسألها "أين البقية؟"
أجابتها ناردين وهى ترتشف من كوبها "أروهي مع يزن وبراء ينهون تزيين شقة يزن.. ويقين تعد الزبادي لأجل السحور تعلمين إنها بارعة في هذا الأمر، وإياد يجلب الفانوس العملاق وباقي أدوات الزينة سيكون هنا بأي لحظة.. والسيد يامن هرب إلى عمله"
ردت سما بتوعد "سنهلكه بتزيين الحديقة عندما يعود.. إياد ما زال في فترة النقاهة لن نثقل عليه"
أومأت ناردين مؤكدة على كلماتها متسائلة بتذكر "صحيح أين عمر وعمتي لم يظهرا اليوم؟"
ردت سما بسخرية طفيفة "هناك مطعما فتح جديد سيأخذ ماما إليه"
ضحكت ناردين بمرح قائلة تقر الواقع "بحياتي لم أري زوج يدلل زوجته مثل عمر"
رد إياد الذى ظهر فجأة وهو يضع أكياسا كثيرة بجوارهما "هذه حقيقة"
جلس بإرهاق واضح فمرضه قد ترك أثر واضحا عليه.. أشفقت عليه ناردين لتقدم له الكوب العصير الذى بيدها "تفضل هذا سيشعرك بالتحسن"
التقطه منها شاكرا وسما تتفحص الأكياس التي أتي بها.. حتى التقطت واحدة قائلة بعدم رضا "لقد أتيت بالفانوس الكبير مفككا كعادتك"
أجابتها ناردين بإدراك "يستمتع بتركيبه"
اعتدل جالسا على ركبتيه قائلا بأمر "هيا ساعداني"
جلست الاثنتان مثله تماما وقد وضع قاعدة الفانوس.. وناردين التقطت كتيب للإرشادات تقرأ وسما تعطي لإياد القطع ليضعها في مكانها الصحيح.. تساءلت سما بشقاوة "إياد ماذا فعلت عمتي عندما علمت بأمر تدخينك؟"
ضحك بصخب بالغ أثار فضول الفتاتين.. ليقول بصوت مرح ما أنهي ضحكه "لقد انتظرت إلي أن شُفيت ثم بعد ذلك وجدت من تركض بشبشبها (خف) خلفي في أنحاء الشقة.. صدقا لا أعلم من أين أتت بتلك القوة.. اضطررت إلى الاختفاء في غرفتي حتى هدأ غضبها"
غرقت سما بالضحك وارتسمت ابتسامة واسعة على فم ناردين متمتمه باستهانة لنفسها "متخلف"
وسما تجيب بسخرية "اختبأت حقا يا دكتور؟"
ردت بتلقائية غريبة "بالطبع ماما مرعبة حقا في غضبها.. وبتلك الحالة الاختباء هو أفضل الحالات لقد كنت أنقذ كرامتي وكبريائي"
عقدت سما حاجبيها مغمغة "هكذا أنقذت كبريائك"
بسط كفيه أمامه قائلا ببساطة مقنعة "بالطبع لم يصيبني شبشبها"
ضحكت الفتاتان ثانية قبل أن تخطر فكرة بعقل ناردين بسرعة البرق.. لتغمغم لهما بخفة "هل تحتفظان بالسر"
أجابتها سما بغضب وهى ترميها بنظرة كالشرر "منذ متى تخفين أسرار عنا؟"
حثها إياد قائلا بهدوء وهو ينظر إلى ما يفعله بيده "هيا ماذا تخفين؟"
ابتسمت ابتسامة جانبية قائلة وهي تنظر لإياد بنظرة خاصة "هادي يحب روهان"
التفت إياد ينظر لها عاقد حاجبيه بشدة.. لتبتسم في وجهه قائلة مؤكدة على كلماتها "بالحقيقة إنه مولع بها"
غمغمت سما بحماس "واو رائع"
في حين أن ناردين كانت بانتظار رد فعل إياد الذى لم يتأخر كثيرا حينما قال بنزق "يا إلهى ألن نتخلص من هذا الرجل؟.. الكارثة إن كانت روهان هي الأخرى معجبة به"
هزت سما كتفيها بعدم فهم لكره إياد لهادي متسائلة بحيرة "ماذا عندك ضده؟.. إنه جيد وسنكون مطمئنين على روهان معه"
أغلق شفتيه بقوة على تعليق لاذع إنهما محقتين الشاب جيد.. ولكنه فقط لا يطيقه ولكنه يتحمله لأجل يامن فقط، رد وهو يصر على أسنانه بقوة مسبلا جفنيه يخفي انفعاله "لا شان لك، ربما سنكون مطمئنين على روهان معه ولكنه قطعا لا يستحقها"
أجابته ناردين بإدراك "لا يوجد من يستحقها إنها نقية من الداخل والخارج"
اتسعت ابتسامة سما قائلة بمحبة "بالتأكيد هذا ما رآه بها عمو خالد حتى يصر على انضمامها للعائلة"
ردت ناردين وهى تعطي إياد قطعة من الفانوس ليضعها بمحلها "وقد كان حدسه صائبا كالعادة"
أخذ إياد نفسا عميقا وهو يثبت القطعة بمحلها "نعم صارت عندي كبراء تماما ومن يحاول إيذائها سأحيل حياته إلى جحيم"
وكأنهم استدعوها من العدم لتقترب مشعثة المظهر ترتدي طاقما منزليا.. وتجمع شعرها الكثيف في عقدة مهملة فوق شعرها.. لفت نظرها الفانوس العملاق الذى يجمعه إياد لتهتف بانبهار "واو إنه مبهر"
ضحك إياد ضحكة خفيفة مجيبا إياها وهو يغمز بعينيه "انتظري إلى أن ينتهي ويضاء ستحبينه كثيرا"
هتفت بسعادة حقيقة "يا للروعة لقد أحببته منذ الآن"
ابتسم لها وهى تجلس أرضا تراقب بفرحة ما يفعله لتهمس فجأة بخجل "هل يوجد واحد صغير منه؟"
رفع رأسه يحادثها كأنها مي أو مروة "تريدين واحدا؟"
ازدانت وجنتيها بأحمر فاتن من خجلها قائلة بهمس لا يسمع "نعم دائما كنت أتمني أن أحصل على واحد"
مد يدها يخرج واحدا صغيرا باللون البنفسجي الرائع قائلا بود "وطلباتك مجابة دون أن تطلبيها حتي"
اغرورقت عينيها بدموع قائلة بامتنان عفوي وهي تلتقطه منه "شكرا كثيرا إيدو شكرا أخي"
التفتت لها ناردين بابتسامة داعمة ونظرة دافئة حاوطتها.. وإياد يجيبها بنبرة حانية مشبعة بالدفء "لا شكر بين الأخوات أيتها الحمقاء"
ارتفع صوت سما قائلة بمشاكسة حبيبة "بمناسبة الأخوات أين خاصتي؟"
أجابها بإياد بنفس البسمة الدافئة "لم أنساكِ سما لقد أتيت للجميع بواحد"
صفقت سما بسعادة بالغة قائلة بتحذير "من الأفضل أن يكون لونه أصفر أو سأجبرك على تغييره"
كانت روهان تراقب العلاقة التي تجمعهم والحب السائد بينهم.. لتتنهد بعمق التفتت لها ناردين متسائلة "ماذا هناك أروهي؟"
ردت روهان بابتسامة نقية "لا أصدق كم جبر الله بخاطري عندما وهبني إياكم"
ربتت ناردين على كفها قائلة بتأكيد "لا يوجد أكرم ولا أحن من الخالق أروهي، وأنت تستحقين كل هذا بكل تأكيد"
ردت روهان بصوت دامع ممتن شاكر "لقد كانت تلك دعوتي حتى وأنا غير مؤدية لكل العبادات الواجبة علي"
ابتسمت ناردين قائلة لها بحب بالغ "إذا لم تستجب دعوتك يا نقية القلب دعوة من ستستجاب"
همست روهان بخجل "ليس لهذه الدرجة"
ردت ناردين بتأكيد عميق "بل لتلك الدرجة أنت نقية القلب والروح"
***********



ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-02-21, 10:30 PM   #189

ساره عرفات

? العضوٌ??? » 476612
?  التسِجيلٌ » Aug 2020
? مشَارَ?اتْي » 518
?  نُقآطِيْ » ساره عرفات is on a distinguished road
افتراضي

في أحد الأمسيات المعتادة في المنزل أثناء شهر رمضان.. كانت الفتيات جالسات بشقة خالد يقين جالسة بجوار روهان.. تقرأ الآيات لها وتجعلها تعيد قراءتها.. بعد أن أنهوا صلاتهم لمحت يقين سما تقف بالشرفة وكأنها بانتظار أحدهما.. لتقول بتعجب "سما ماذا تفعلين بالشرفة.. من تنتظرين؟"
ابتسمت سما بمكر قائلة وهى تغمز لناردين "الجو هنا بديع.. الدنيا ربيع والجو بديع"
انفجرت ناردين ضاحكة تشاركها سما ضحكاتها لتنظر روهان ليقين بحيرة متسائلة "ما بهما؟"
همست يقين بعدم معرفة "علمي علمك أروهي"
بينما عادت سما تنظر للأسفل قائلة بصوت ضاحك "الجميع بالأسفل ناري ماعدا إياد وسيف"
أجابتها ناردين بمشاكسة "وهل يجوز الأمر بدون دكتور البراري"
هتفت يقين بصرامة "إلاما تخططان؟ لا أرتاح لكما"
ضحكتا الفتاتين بصوت مرتفع دون رد لتغمغم يقين "اللطف من عندك يا كريم"
همهمت خلفها روهان بريبة وهى تستشعر بفطرتها كارثة قادمة في الطريق "اللهم آمين"
ثم عادت تتساءل "أين هما بالمناسبة؟ لم يفطرا معنا"
أجابتها ناردين بهمهمة "كانا يفطران مع أصدقائهما بالخارج"
أومأت روهان برأسها وبعد لحظات هتفت سما "ناري سيارة سيف قادمة من بعيد وتعلمين إياد سيأتي معه.. هيا بنا"
قفزت ناردين واقفة وهى تقول بخبث "هل تتذكرين ما اتفقنا عليه"
غمزت سما بعينيها لها لتبتسم لها ناردين وهى تركض للأسفل لتتبعها سما.. نظرت يقين وروهان لبعضهما بقلق لتجذبها يقين قائلة "هيا بنا لنحضر المرح من بدايته"
عندما نزلت ناردين لمحت سيارة سيف تدلف إلى المكان المخصص لسيارته.. وجدت والدها ووالدتها وعماتها يجلسون معنا جميعا.. ويزن ينفرد ببراء على جانب يغازلها.. بينما يامن يعمل بجد على حاسوبه كعادته.. رفعت رأسها لتنادى بصوت مرتفع "براء.. يزن.. يامن هناك أمرا أريد أن أشارك الجميع به هل اقتربتم قليلا؟"
اقترب الجميع لتهتف سما بحماسة مصطنعة "أخبرينا لا أستطيع الانتظار"
همس يزن في أذن براء "أشتم رائحة كارثة"
هزت رأسها توافقه بوجوم بينما هتف خالد بحنان "ماذا هناك يا حبيبة بابا أخبريني؟"
جلست على مقعد فارغ على طرف الجلسة لترفرف عينيها بخجل بحركة ماكرة قائلة بهمس متقطع "في الحقيقة.. الأمر أنه.. كيف أخبرك؟.. إنه مخجل"
أجابها خالد بحنان وقد استحوذت على انتباهه.. ولكنه لم يتجه إليها ليترك لها الحرية كي تستجمع شجاعتها وتخبره بما تريد "لا بأس حبيبتي، اهدئي وأخبريني بما تريدين دون خوف"
وقبل أن ترد وصل إياد هاتفا بصوت جهوري "متجمعين عند النبي.. ماذا هناك لماذا هذا الاجتماع المغلق"
رددوا جميعا الصلاة على المصطفى (عليه أفضل الصلاة وأذكي السلام) ليراعيه حالة ناردين العجيبة رفع حاجبه باستهزاء.. وقد تشكلت زاوية فمه ببسمة ساخرة قائلا باستخفاف "ما تلك الحالة؟ هل أنت بخير؟"
أسبلت ناردين جفنيها بحياء دون رد ليرتفع ضغط دمه.. وتتصاعد حاسة الخطر داخله إلى منتهاها.. وسما تجيبه بانفعال مدروس "نعم إنها تريد أن تخبر عمى عن العريس المتقدم لها"
بحركة سريعة تمسك سيف بذراع إياد هاتفا بخفوت "لا تتهور"
بينما رفع ماهر حاجبه بحركة خفية ناظرا إلى إياد وخالد يسألها بحذر "عريس!!"
ابتلعت ناردين ما في جوفها.. وهي تفرك يدها بتوتر واضح.. لتقول بصوت خافت متلعثم زاد من الحريق المتفشي بروح إياد.. كما النيران التي تنتشر بسرعة الضوء بين أشجار الغابة "إنه ليس عريسا كما تصوره سما يا بابا.. لقد كان زميلا لي في المكتب.. وهاتفني منذ يومين يريد مقابلتك.. وأنا خجلت من إخبارك ولا أعلم ماذا يجب على أن أجيبه؟"
حاول إياد تخليص نفسه من سيف ولكنه لم يستطع ليجيب بصوت مكتوم "ومن أين له برقم هاتفكِ؟"
هزت كتفيها بحركة مدللة "أني لي أن أعرف"
ما زال خالد على جلسته ولكنه أجابها بانفعال "أليس من الأصول أن يأتي ليتحدث معي أولا.. لماذا تحدث معكِ إذا؟"
مطت شفتيها بعدم معرفة قائلة بخفوت خجل "لا أعلم يا بابا ولا أعلم ماذا يجب أن أخبره؟"
عند تلك النقطة نفذ صبر إياد ليحرر ذراعه من سيف بحركة عنيفة.. ليجيبها بنبرة شريرة قاطعة "أخبريه أن يذهب هو وعرضه إلى الجحيم ولا يخرج منه مطلقا"
رفعت رأسها بكبرياء أبي قائلا بحنق "وما شأنك أنت.. لا تنسى من أنت إياد؛ أنت ابن عمى فقط وهذا ليس من شؤونك إطلاقا"
تقدم إليها بخطوات محترقة يشعر وكأنه يمشى على جمر مشتعل كما في اختبار النار.. ليهمس بشراسه أمامها "لي كل الدخل ناردين إياكِ والظن بغير هذا"
رفعت عينيها إليه باستخفاف قائلة باستهزاء بين "لماذا يا ابن العم؟ وكيف يكون لك دخل؟ لا تنسى من أنت دكتور ولا تتخطى مكانتك"
مال عليها يضع عينيه بعينيها.. ويديه تستند على مقبضي المقعد.. هامسا بفحيح شرس خارج من أعماق روحه المستنزفة بفضلها "ابن عمك تلك تنسيها ناردين.. أنت تعلمين من أكون؛ أنا لست إياد ابن عمك فقط.. بل إياد حبيبك.. وأنت ملكي ناري تنتمين لي.. وليجرؤ شخص على مجرد التفكير بك لتكون نهايته"
وقف أيهم ليهتف بابنه بتوبيخ ووقف خالد ليعلمه درس لن ينساه لتخطيه الحدود مع ابنته.. ولكن كلاهما توقفا بصدمة مع دفع ناردين لإياد بكلا كفيها ليبتعد عنها.. وهى تقف أمامه متخصرة صائحة بشراسة تماثل شراسته وكبرياء يصل عنان السماء "أولا أيها الأحمق أنا ملك نفسي فقط ضع هذا الأمر في بالك ولا تنساه.. لأن لا أحد يمتلك أميرة أبيها غير نفسها.. لم يربيني أبي ويكبرني لأصبح في النهاية ملك لأحدهما.. أنا ناردين خالد لست مملوكة لأحد ولست شيء حتى تمتلكني.. وأنا لا أنتمي غير إلى والدى إلي أن يسلمني هو بنفسه إلى من يأمنه ويثق به حتى أنتمى له.. وأنت إذا أرادت أن تصبح مجرم فلتفعل ذلك بعيدا عنى ولا تلصق أفعالك بي"
ضحك بعصبية وهو يقف أمامها يجابهها ند بند.. وقد نسيا أين هما ونسيا من حولهما "هل تظنين أن أيا مما قلتيه قد يهمني حقا.. أو يعنيني أخبرتك ناردين أنت تخصيني ومجرد التفكير في غيري لن تعجبك ردة فعلى فأحذري"
اقترب أيهم منه قائلا بعنف "احترم نفسك أو على الأقل احترمني أنا.. أين ذهب أدبك؟"
أتاه صوت ناردين بنبرة مستفزة سخيفة "دعه عمى يخلع عنه رداء التحضر الذى لا يليق به.. لأرى أي قدر من البربرية يحملها تحت جلده؟"
أجابها بتهديد جاد "قدر كافي يدفعني لإزهاق روحك عما قريب"
زعق به خالد بصوت غاضب "إياد إياك أن تتخطي حدودك أكثر من هذا.. لا تجعلني أنسى أنك نشأت ببيتي"
سلخ إياد عينيه عنها بصعوبة بعد أن رشقها بسهام نارية كادت أن تحرقها.. ليخفض عينيه باحترام لخالد مجيبا بصوت خافت قوى يتخلله الشغف والحب الذى يكنه لناردين "عمى خالد أنا أقدرك وأحترمك وأنت في مكانة أبى حقا.. لذلك أخبرك بكل صراحة عما يعتمل داخلي أنا أحب ناردين عمى.. وأنا على استعداد أن أدفع عمرى فداء لها.. لذلك يشرفني أن أطلبها منك عروسا لي"
اتسعت عين خالد بصدمة لم يتوقع منه هذا الطلب بهذا الوقت.. بينما تبادل عمر وماهر نظرات ماكرة عابثة وهما يكبتان ضحكاتهما بصعوبة..
ورقص قلب ناردين فرحا بين جنبات روحها.. وكادت تقفز فرحا وهي التي تمكنت أخيرا من أن تجعله يعترف بحبه لها على الملأ.. فمنذ شجارهما الأخير الذى أوجع كرامته وهما يجرحان بعضهما كثيرا وحان الوقت لإنهاء هذا الوضع السخيف بينهما.. ولكنها لن تكون ناردين إذا لم تريه النجوم في شمس الظهيرة.. لتجيب بحدة قاطعة قبل أن يجيبه خالد "ومن قال أني سأوافق عليك"
التفت إليها وهو ينوى أن يزهق روحها بيديه حقا ليقول من بين أسنانه "من وجه الحديث لكِ من الأساس أنا لا أتكلم معك"
وضعت يدها بخصرها وهى تقول بعدائية "الحديث عني يا سيد"
ضم قبضة يده بعصبية ليقول بغل "عنك ولكن لم يوجه إليكِ"
رفعت شفتيها بسخرية قائلة بغضب حقيقي.. وعذاب الفترة الماضية يتجلى بعينيها واضحا بخزي "في أحلامك هذا الطلب"
ابتسم ببساطة قائلا وهو يضع يديه بجيبي جاكيته "اعتدت أن أحقق جميع أحلامي وهذا سيتحقق أيضا"
مطت شفتيها المغرية قائلة ببساطة ماثلت بساطة رده وهي تشدد على حروف كلماتها "ف..ي..ا..ل.. م..ش..م..ش؛ سمعتني في المشمش"
ضحك قائلا وهو يرفع كتفيها بحركة أثارت الكثير من غضبها "المشمش سيظهر عما قليل وأنا كما تعلمين أحبه كثيرا"
هتف أيهم بحدة "إياد يكفى هذا"
التفت إياد إلى عمه خالد قائلا بهدوء يُحسد عليه "أكرر اعتذارى وطلبى عمى.. وسأنتظر جوابك بعد إذنكم سأخرج قليلا"
ما إن مر بجانبها حتى هتفت باستفزاز "مرفوض.. طلبك مرفوض دكتور"
التفت إليها قائلا بعنف وعينيه تنضح بشرر غاضب "لا تختبرى صبرى ناري"
نطقه لدلالها هذه المرة كان مختلفا وكأنه يشدد على حرف الملكية.. ويضمها لذاته وكيانه من خلال اسمها.. لتعض على وجنتها من الداخل لتمنع ابتسامة على وشك الظهور قائلة بتحدي "سنرى يا دكتور البراري"
رفع رأسه باعتداد ليجيبها بذات التحدي "سنري يا أستاذة القانون"
ثم غادر كل منهما في اتجاه مختلف.. ركضت سما خلف ناردين ليهمس سيف باسمها، توقفت على بعد خطوتين منه ليقف أمامها هامسا بنبرة ذات مغزى "سما"
لمعت الشقاوة بعينيها لتقول بتوسل "دعني أريد أن أضحك أتوسل إليك"
أفسح مكانا لها لتمر لتغمز له بمرح ثم تغادر راكضة إلى أعلى.. اتجه سيف إلى الجهة المخالفة قائلا "سألحق بالمجنون الأخر"
صعدت البنات خلف ناردين بينما جذب يزن يامن المذهول بشكل مضحك مما حدث.. بعد أن غادر جميع الشباب قال عمر بنبرة مرحة "هذه الأمسية من أمتع الأمسيات التي قضيتها في هذا المنزل"
انفجر ماهر ضاحكا ليشاركه عمر الضحك.. زفر خالد بغيظ وأشاح بعينيه بعيدا بينما زمجر أيهم بغضب.. اقتربت نيرة من هنا الجالسة بجانبها وبجانبها لمار لتهمس لهما "هل تعلما إحداكما عن سبب فيلم الحب والانتقام الذى شاهدنه منذ لحظات"
هزت كلتاهما رأسيهما نفيا وهنا تجيب "ربما ثأر قديم"
همهمت لمار بخفوت "ربما"
ثم صمتوا يستمعون إلى أزواجهم وأيهم يقول بحرج "حسنا أنا لا أعلم ما الذي حدث لذنبي في الحياة..."
قاطعته نيرة بحدة "أيهم لا تطلق هذا اللقب على ابني"
ابتسم بسماجة ليهز رأسه بغيظ مكملا حديثه "حسنا خالد كما كنت أقول لا أعرف ما الذى حدث لابني الدكتور.. ولكن إنه حقا يحب ابنتك لقد صارحني بهذا الأمر.. وكنت سأتحدث معك في هذا الأمر ولكنه سبقني"
همست نيرة بحنق "صارحك بهذا الأمر ولم يخبرني.. من منا يعامل الآخر معاملة زوجة الاب الآن"
زمجر أيهم من بين أسنانه بحنق "هل هذا وقته الآن"
رفعت كتفها مجيبة ببساطة "كنت ألطف الأجواء التي توترت بفضل ابنك"
لم يعيرها أيهم انتباه وهو ينظر إلى خالد قائلا بخفوت "خالد"
جلس خالد قائلا بجدية "أنا لن أرفض ابنك أيهم.. لقد تربى على يدى؛ ولكن الرأي لها هي في النهاية"
جلس أيهم بجانب نيرة قائلا بنبرة ماكرة تحمل الكثير من الشماتة "فلتأخذ وقتها بالكامل أسبوع أسبوعين، شهر شهرين.. سنة سنتين.. عشر فلتدلل كما يحلو لها"
همست نيرة له بحنق "هل ألمح نبرة شماتة لابني في صوتك"
أجاب بنبرة متوعدة "ألم تكوني زوجة أبيه منذ قليل؟"
لكمته في كتفه بغيظ "توقف عن سماجتك"
همس بفضول "برأيك ما الذى يفعله الآن؟"
***********
وفى الخارج وقف إياد بجانب سيارته بتحفز ليهتف بسيف ما إن أبصره "لماذا تأخرت"
رد سيف بهدوء "وما أدراك أنى سآتي خلفك"
أجابه بيقين وهو يلقى إليه بمفاتيحه "لن تكون سيف إذا لم تأتى الآن.. قد أنت لا أريد القيادة"
فتح باب السيارة ليلقى بنفسه على المقعد المجاور للسائق حيث جلس سيف سائلا "إلى أين؟"
أجابه إياد بلامبالاة "أي مصيبة لن أهتم"
أجابه سيف بسخرية "اعتبرني غير متواجد"
لم يعيره انتباها وهو يخرج سيجارة من علبة سجائره.. يراقب في احتراقها حريق روحه.. ويشتم في دخانها حريق قلبه.. لقد رفضته ليس مرة أو مرتين بل أكثر وأكدت على رفضها له.. ليعطيها أحدهما رقبتها وسيخنقها حد الموت.. ثم يقبلها إلى أن تعود إليها الحياة ثانية.. أو ربما يقبلها ليستعيد روحه التي سلبتها منه دون مقاومة منه.. أو ربما يشق صدرها ويستخرج قلبها لينظفه ويضعه بجانب قلبه فلا يفترق عنه.. أي عقل تمتلكه هذه الغبية لتفكر أنه قد يسمح لأحدهما أن يقترب حتى منها.. ما دام على قيد الحياة وفيه نفس يتردد لن يرتبط اسمها إلا باسمه.. حبيبته وأميرة أحلامه لن تكون إلا باسمه.. لتحلم بغير هذا حتى يقتلها ويقتل الآخر الذى فكر بها.. يطابق فارس أحلامها أو يشوهه هي له وله فقط.. عند تلك النقطة أخرج هاتفه ليبعث برسالة شرسة إليها..
ألقى عقب السيجارة التي انتهت ليمد يده ويسحب غيرها.. ليسحبها منه سيف بغضب هاتفا "واحدة فقط إياد.. لقد كادت تكلفك حياتك منذ أيام قليلة "
لم يجادله إياد وهو يأخذها منه ويلقيها ويلقي خلفها العلبة قائلا بنبرة جدية قاتمة "تلك كانت الأخيرة إلى الأبد، أنا لن أخذل أبي"
لم يقل كلمة إضافية وهو يلقى برأسه للخلف سابحا في أفكاره التي احتلتها بكل عنفوان.. ولم يقل سيف كلمة ولكن عينيه عبرت عن رضاه بشكل كامل.
***********
وفى المنزل فتحت يقين باب غرفة شقيقتها لتجد سما مستلقية على السرير.. تكاد تموت من نوبة الضحك التي تملكتها، تشاركها ناردين التي تلمع عينيها بفرحة مجنونة.. لقد اعترف لها بحبه أمام الجميع.. طلبها زوجة له أمام الجميع .. لا تستطيع السيطرة على قلبها الذى يخفق بعدم انتظام.. هل جن هو الآخر هل جن العالم من حولها.. لماذا يبدو مشرقا منيرا مليئا بكل تلك الألوان السعيدة.. لماذا ترى قوس قزح في هذا الليل.. هل فقدت عقلها أخيرا لأنه قال أحبك.. لأنه كان يعنيها عندما قالها.. لأنه لم يتردد في قولها إطلاقا.. لقد قالها إياد نعم سمعتها منه من قبل ولكن هذه المرة تختلف.. هذه المرة لها رونق خاص بها.. هذه المرة هي تذوقتها بكل حواسها.. وكما هي ممتعة وشهية وتثير بداخلها رغبة عارمة في الرقص.. هناك فراشات ترقص في معدتها.. وهناك نجوم تومض في عقلها ببهجة خاصة وهى فرحة سعيدة تكاد تلمس السماء من فرط سعادتها.. قاطع حلمها صوت يقين الحازم "هل ستفهمينني المهزلة التي حدثت منذ خمس دقائق بالأسفل؟"
هزت رأسها موافقة لتلتفت لبراء قائلة بحدة "أخيكِ لن يعرف كلمة مما ستدور هنا وإلا"
تركت كلماتها معلقة لتتساءل براء بشك "وإلا ماذا ناري؟"
أجابتها ناردين بتهديد جاد "سأقتلك كل عرائسك القطنية ويزن سيسعد بمساعدتي في التخلص منهما.. لذا اختاري عرائسك أم أخاكِ؟"
صمتت براء توازن الأمر في عقلها لثواني لتقول بلا تردد "عرائسي بالطبع أخبرينا"
أجابت سما بصوت ضاحك "أجبرته على الاعتراف بحبها"
ردت يقين بادراك "لم يكن هناك عريس أو زميل"
هزت ناردين رأسها وهى تقول بثقة "لا لم يكن ولكن غيرة إياد حقيقة وتجعله يفقد المنطق الصحيح للتفكير.. لو لم يغار بتلك القوة لكان فهم منذ البداية أنى أخدعه"
زفرت يقين بحنق قائلة بتوجس "متى ستعطيه ردك على طلبه"
وضعت إصبعها تحت ذقنها مدعية التفكير وهى تقول بعبث "لنرى كما سيستغرق الوقت حتى أدرسه جيدا.. وأعرف عنه وعن أخلاقه بشكل يجعلني اطمئن على نفسى معه.. وأصلى صلاة استخارة.. معي ما لا يقل عن خمسة أشهر حتى أستطيع التوصل إلى قرار"
عادت سما إلى نوبة ضحكها ثانية وتلك المرة شاركتها روهان.. ألقت عليها يقين نظرة حانقة ساخطة ثم غادرت دون كلمة.. معلنة بصمتها رفضها التام لما يحدث.. بينما قالت براء بوجوم قبل أن تتبع يقين مغادرة "فلتحترقا أنت وأخى في جحيم عقولكما المتحجرة.. أنا سأذهب إلى زوجي"
جلست روهان على المكتب لتفتح حاسوبها وتبدأ العمل عليها هامسة بمرح بالغ "مجنونتان"
بعد لحظات من ضحك ناردين وسما.. ارتفع صوت هاتفها معلنا وصول رسالة لتفتحها سريعا بلهفة.. صرخت بسعادة بالغة وهى تقرأ رسالته المجنونة "ضعي في عقلك المتحجر هذا أنني لا أشبه فارس أحلامك.. وأنني نسخة معكوسة عنه تماما ولكن رغما عن أنفك.. سأكون الفارس في واقعك وستكونين زوجتي.. أكون بلا شرف إن تركت حبيبتي لغيرى.. تصبحين على خير زوجتي المستقبلية برضاها أو بدونه"
ألقت بجسدها بجانب سما على السرير محتضنة هاتفها بسعادة مغمغة بكل روحها "أحبك إياد.. أحبك فارسي المشوه"
***********

نهاية الفصل

كابل عنيد بغباء جدعة يا جبارة


ساره عرفات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-02-21, 07:00 PM   #190

اجزخنجية
 
الصورة الرمزية اجزخنجية

? العضوٌ??? » 409750
?  التسِجيلٌ » Oct 2017
? مشَارَ?اتْي » 324
?  نُقآطِيْ » اجزخنجية is on a distinguished road
افتراضي

❤❤🌺🌺❤❤🌺🌺
رائع يا ساسو
❤❤🌺🌺❤❤🌺🌺


اجزخنجية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:51 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.