آخر 10 مشاركات
ليلة مع زوجها المنسي (166) للكاتبة : Annie West .. كاملة (الكاتـب : nagwa_ahmed5 - )           »          شيءٌ من الرحيل و بعضٌ من الحنين (الكاتـب : ظِل السحاب - )           »          سارية في البلاط الملكي * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : هديرر - )           »          نساء من هذا الزمان / للكاتبة سهر الليالي 84 ، مكتمله (الكاتـب : أناناسة - )           »          بعينيكِ وعد*مميزة و مكتملة* (الكاتـب : tamima nabil - )           »          قبل الوداع ارجوك.. لاتذكريني ! * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : البارونة - )           »          السر الغامض (9) للكاتبة: Diana Hamilton *كاملة+روابط* (الكاتـب : بحر الندى - )           »          عشقكَِ عاصمةُ ضباب * مميزة ومكتملة * (الكاتـب : نورهان عبدالحميد - )           »          سحر التميمة (3) *مميزة ومكتملة*.. سلسلة قلوب تحكي (الكاتـب : كاردينيا الغوازي - )           »          رسائل من سراب (6) *مميزة و مكتملة*.. سلسلة للعشق فصول !! (الكاتـب : blue me - )


العودة   شبكة روايتي الثقافية > قسم الروايات > منتدى قصص من وحي الاعضاء > الروايات الطويلة المكتملة ضمن سلاسل (وحي الاعضاء)

Like Tree278Likes
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 25-01-21, 05:23 PM   #11

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الرابع


ما بعد البداية"

الفصل الرابع (سعادة وقلق)

خرجت اجلال من حجرتها فى ذلك الصباح تتنزه فى حديقة القصر كما نصحها طبيبها ان تفعل فى الشهر الأخير من حملها .. مرت على حجرة آية فاصطبحتها معها كما تعودت .. تحكى لها عن اخيها أو اختها المنتظرة .. تقرب بينها وبينه حتى من قبل أن يصل ويصبح حقيقة واقعه تلمسه آية بيديها .. جعلتها منذ بداية الحمل تتفاعل مع وجود طفل محتمل .. نجحت فى ان تجعل آية تستشعر وجود اخيها أو اختها .. وكيف ستكون الحياة فى وجود فرد جديد بالاسرة .. جعلتها تحبه من قبل ان تراه .. وتشعر بمسئوليتها تجاهه .. حرصت اجلال على ان تتفاعل هى وآية مع دمية على انها طفل صغير .. لدرجة ان آية كانت لا تنام الا وتلك الدمية بجوارها فى السرير .. تحرص على تغيير حفاضاتها من وقت لآخر .. تحرص على مواعيد رضاعتها واللعب معها .. وحتى فى موعد نومها كانت تحرص ان تغنى لها على طريقتها الخاصة البريئة فى الغناء..

كانت أيام الحمل وشهورها بالرغم من تعبها ومعاناتها هى أيام سعيدة لاجلال ولأفراد البيت جميعهم .. كل منهم يحلم به ويشتاق اليه على طريقته ومن وجهة نظره .. الجميع فى شوق لوصوله .. وفى نفس الوقت .. الجميع فى قلق .. والسبب واحد لدى أى منهم .. واكثرهم قلقا هو عبد القادر .. فى حين كانت اجلال هى الأقل قلقا .. وقد يكون مصدر قلقها هو عبد القادر .. فهى كانت راضية بمولودها والحالة التى سيولد عليها .. كانت لا تهتم كثيرا ان كان سيولد بنفس حالة آية أو معافى .. ولكنها كانت تتمنى و تدعو الله دائما ان يولد معافى ومبرأ من كل أو أى مشكلة حتى تكتمل سعادة عبد القادر وسعادتها .. وسعادة كل من بالبيت ..

كانت آية تلهو مع دميتها فى الحديقة .. تلاطفها وتملى عليها نصائحها وتعليماتها .. حين انتبهت اجلال لسيارة فارهة تدخل من باب الحديقة الكبير وحارس الأمن على باب الحديقة يرحب به ترحابا رسميا وكأنه رتبة عسكرية كبيرة معروفة له ..

نظرت اجلال فى تلك اللحظات التى تقترب منها السيارة .. تحاول أن تتيقن ممن بداخل السيارة .. حتى اقتربت السيارة منها ولاحظت ان سائق السيارة رجلا أربعينيا لم تقع عليه عينيها من قبل .. ترجل من السيارة امام البرجولة النى كانت تجلس تحتها اجلال وآية .. فرمقهما بنظرة سريعة ثم تحول نظره الى الحديقة والقصر كانه يستكشفه لأول مرة .. أو كعائد من السفر الى مكان يشتاق اليه كثيرا .. ثم عاود النظر الى آية فرمقها بنظرة يشوبها شيء من السخرية التى حاول اخفاءها بسرعة وهو ينظر الى اجلال بابتسامة من نوع آخر وهو يحيها : صباح الخير يا فندم ..
اجلال بتوجس وشيء من الخوف قد انتاب قلبها .. خصوصا عندما شاهدت نظرة السخرية التى رمق بها هذا الرجل آية : أيوة .. مين حضرتك ..؟
الرجل بابتسامة واثقة : أدهم .. المهندس أدهم .. ابن عمة الدكتور عبد القادر ..

ساد الصمت بينهما .. حتى آية التى كانت تلهو مع دميتها غير عابئة بمن حولها انتبهت لنبرة هذا الرجل الغريب .. فظلت تنظر اليه هى واجلال حتى قطع أدهم الصمت السائد وهو يقول : على ما أظن ان حضرتك تبقى حرم عبد القادر .. أولا أنا بعتذر انى جيت من غير ميعاد .. فى الحقيقة أنا حبيت اعملها مفاجأة لعبد القادر .. وامى فايزة .. روحت له المستشفى .. بس للأسف عرفت انه مسافر فى مؤتمر برة البلد ..

انقبض قلب اجلال بشدة عند سماعها اسمه .. علمت انه هو .. القريب الوحيد لعبد القادر الذى ليس على وفاق معه .. ولكن وجوده هو من أجبر عبد القادر على أن يتنازل عن شرط عدم الانجاب منها .. وجوده قد بعث فى حياتها الأمومة .. لذا .. فهى تحفظ له جميلا بصورة أو بأخرى ..
كانت اجلال لا تزال تنظر له باندهاش عندما اقترب من آية وهو يقول : دى آية .. كبرت عن آخر مرة شفتها فيه .. أصلى أنا سافرت امريكا من اربع سنين ..
قاطعته اجلال وهى تجذب اليها آية بحركة لا ارادية : أهلا بيك يا باشمهندس .. على فكرة طنط جوه .. لو حضرتك حابب تقابلها ..
ابتسم أدهم ابتسامة صفراء وهو ينتصب واقفا بعد أن انحتى ليقبل آية : طيب وايه لزوم الرسميات .. انتى ممكن تنادينى بأدهم .. ولا ايه يا ...

لم ترد اجلال التى احكمت قبضتها على آية باحدى يديها ووضعت يدها الأخرى على بطنها
المنتفخة بوضوح بطريقة لا ارادية وكأنها بدون ارادتها تحاول حماية أولادها منه ..
أدهم وقد اقتضبت ابتسامته : ياه .. حتى اسمك مش عايزه تقوليهولى .. هو اد كده زيارتى كانت مفاجأة ليكى .. ولا مش مرحب بيها من اصله ؟!! .. عموما انا فعلا حابب انى اسلم على مرات خالى .. اصلها وحشانى أوى .. بعد اذنك يا .. ثم هز رأسه متعجبا من سلوك اجلال ناحيته ومضى الى ان اقترب من باب القصر فأعاد النظر الى آية واجلال التى كانت تقف فى نفس مكانها فى نفس الوضعية التى تركها فيها وكأنهما تمثال خلت منه الحياة ..

كانت فايزة والدة عبد القادر فى هذه الأثناء تشاهد زيارة أدهم الى القصر من شرفة غرفتها .. فشاهدت ماحدث بين ادهم واجلال .. ولكنها لم تتبين حديثه اليها .. لذا بمجرد ان شاهدته يدخل الى باب القصر تحركت من حجرتها لاستقباله ..

لم تمر دقائق من استقبال فايزة لأدهم حتى دخلت اجلال وآية الى القصر .. كان أدهم فى هذه الأثناء يقص على زوجة خاله النكات والقفشات التى اعتادتها منه .. فهى بالرغم من تخوفها منه الا انها كانت تكن له حبا نابعا من حبها لأمه التى كانت بمثابة أخت لها قبل أن يتوفاها الله منذ سنوات طويلة .. وحبها له عندما شاركت أمه تربيته .. فهو بالرغم من المشاكل والخلافات بينه وبين ابنها الا انه قريب الى قلبها ..

مرت دقائق أخرى قبل أن تنضم فاطمة خالة اجلال الى الحضور .. فاصبحت الجلسة بوجودها جلسة ضحك وتهريج .. فثلاثة من الحارضين يعشقون الضحك .. أما الرابعة فهى أيضا تحب الضحك والمرح .. لكنها لم تتجاوب معهم .. فلقد كانت مشغولة بسبب زيارة أدهم المفاجأة لهم .. كانت تستشعر خطرا لا تدرى له سببا من وجوده .. تمنت لو أن عبد القادر حاضرا .. تمنت لو ان تنظر الى عينيه لتستمد منه قوة تحتاجها ..

انقضى الوقت وحان وقت مغادرة أدهم للقصر .. علم من خلال جلسته الطويلة التى امتدت حتى تناول معهم الغداء ان زوجة عبد القادر اسمها اجلال .. وانها فى شهرها الأخير من الحمل .. وعلم مدى ارتباط آية وعبد القادر ووالدته وحبهم لها .. علم أيضا أن عبد القادر سوف يحضر الى القاهرة فى غضون ثلاثة أيام ..

نشأ أدهم بين أبوين ظنا فى وقت ما ان بينهما قصة حب كبيرة .. ولكن فى الحقيقة كان زواجهما تقليديا قد تم التخطيط له .. الأب هو عمر أكرم يعمل محاسبا صغيرا فى احدى الشركات المغمورة .. والأم هالة وهى الأخت غير الشقيقة لمحمد .. والد عبد القادر .. انجبها محمد من زواجه بفدوى .. لبنانية عملت معه ممرضة فى احدى مستشفيات البلاد العربية .. كان زواجه منها اقرب للنزوة .. لذا طلقها قبل أن يعلم بحملها بهالة .. ثم عاد لمصر وصارح صباح .. زوجته المصرية وهى جدة عبد القادر بما حدث .. غضبت فى البداية ولكن سامحته بعد ذلك .. وعندما علم محمد بمسألة حمل مطلقته فدوى قامت الدنيا ولم تقعد وطلبت صباح منه الطلاق .. ولكن هذا لم يحدث .. واستمر زواجهما .. فى حين استمرت رعايته لهالة ابنته من زوجة النزوة عن بعد .. بعد ان اشترى لها هى وامها شقة فاخرة فى ارقى احياء القاهرة .. وقريبة من القصر الذى يعيش به .. ورويدا رويدا استطاع محمد أن يقنع صباح بتقبل الوضع .. واستطاع ان يقرب بينها وبين هالة فاصبحت بينهما ألفة نوعا ما .. خصوصا انصباح تمنت كثيرا ان تنجب اناثا .. ولكن هالة ظلت تعيش مع امها حتى تزوجت من عمر .. وكانت تقضى بعض الأيام مع زوجة ابيها واخيها والد عبد القادر الذى كان يكبرها بعدة اعوام وتعود مع الوقت على وجودها كأخت غير شقيقة فى حياته ..
كبرت هالة فى كنف ابيها واسرته .. لم تشعر يوما بأى نقص فى حياتها أو اى فرق فى المعاملة بينها وبين اخيها .. بالرغم من ضغط امها المستمر عليها فى ان ابيها قد ابخسها حقها وفرض عليها وعلى امها تلك العزلة ..

تلك كانت مشكلة أو ذنب فدوى الكبير .. فحقدها وغضبها على طليقها محمد جعلها لا تفكر إلا فى الانتقام منه ومن أهل بيته .. ولكنها اتخذت الوسيلة الخطأ .. اتخذت الوسيلة التى تتخذها معظم المطلقات .. وهى ابنتها .. فلم تجد وسيلة لتجعل ابنتها تحقد هى الأخرى على ابيها وزوجته واخيها الا واستخدمتها .. ولكنها لم تكن تعلم آنذاك انها لا تؤذى سوى ابنتها التى عاشت حياة مشوشة .. فمن ناحية تحاول امها التى تحبها كثيرا أن تقنعها ان اباها قد ظلمها بعد ان ظلم امها وتركهم فى شقة صغيرة مقارنة بالقصر الذى يتمتع فيه اخيها فى حضن امه وابيه .. تحاول ان تدخل فى قلبها الغيرة والحقد عليهم .. فهم يعيشون عيشة رغيدة .. وهى وأمها يعيشون عيشة الفقر والعوز .. أخيها يرى ابيها وابيه كل يوم .. يستمتع بحضنه وحنانه وحنان أمه .. فى حين هى ليس لها سوى امها فقط هى من ترعاها وتضمها وتغدق عليها بكل الحنان ..
كانت هالة لا تعرف من تصدق .. ما تقوله أمها .. أم الأفعال الطيبة التى تلقاها كلما ذهبت لتقيم فى القصر بضعة أيام .. فصباح زوجة ابيها لا تدخرج جهدا فى اغداق الحنان والعطف عليها طوال مدة اقامتها بالقصر وكذلك ابيها وأخيها .. ولا أحد منهم يذكر امها بسوء أبدا ..
لا تعلم فدوى ان بتربيتها تلك لابنتها قد صنعت منها شخصية هشة .. ضعيفة .. غير متزنة .. لا تعرف كيف تحكم على الأمور أو الناس.. ولذلك كانت لقمة صائغة لمن حولها .. فالكل كان باستطاعته ان يستميلها اليه بسهولة .. ..

تعرفت هالة على عمر فى حفل تخرجها من المدرسة الثانوية عندما أصرت اخته لمياء صديقة هالة أن يحضر هذا الحفل .. يكبرها عمر بسبع سنوات .. تمنت لمياء أن تنال هالة اعجابه وينال اعجابها .. وغرضها فى ذلك هو ان تتقرب من عائلة هالة او بالأحرى تنال اعجاب والد عبد القادر الذى كان فى عمر اخيها .. فربما يطلبها للزواج .. وايضا كان حقدها وغيرتها من هالة هو الدافع الاساسى لأن تظل فى حياتها .. لطالما اظهرت لمياء حبها لهالة ولكنها فى الحقيقة كانت تحقد عليها وتغار منها .. فهالة كانت افضل منها فى كل شيء .. فارق فى الثراء والمستوى الاجتماعى .. وفارق آخر فى المؤهل الدراسى الذى ستصل كل منهما اليه يوما ما .. تخرجتا هالة ولمياء من المرحلة الثانوية .. التحقت هالة بعد ذلك بكلية الطب .. فى حين ان درجات لمياء لم تؤهلها سوى لمعهد التمريض .. ففى حين ان لمياء سوف تصبح ممرضة .. ستصبح هالة طبيبة .. ربما تعمل لمياء تحت امرتها فى يوم من الأيام .. لذا لم يكن للمياء شغل يشغلها سوى ان تفسد على هالة حياتها وتجعلها تفشل بأى وسيلة تستطيعها .. أو على الأقل تتساوى الرؤس بان تتزوج هالة من اخيها وتتزوج هى من اخو هالة ..

نسيت لمياء ان هناك ارزاق يقسمها الرحمن على عبادة .. وليس كثرة المال أو قلته هى الرزق الوحيد فى الحياة .. فالمال والأهل والزوج أو الزوجة والأولاد والاصدقاء والصحة والعقل والحكمة والستر والبركة و أشياء كثيرة فى الحياة تقع تحت بند الرزق .. والجميع متساوى فى الأرزاق فى النهاية .. فهناك من يكون رزقه مال و يفتقد الصحة .. والعكس .. وهناك من يكون رزقه المال والصحة ويفتقد الأولاد .. وهكذا .. فهى حتى لم تنظر الى رزقها فى والدين وأخ شقيق مستقرين نشأت بينهم .. فى حين نشأت هالة بين أب وأم مطلقين وأخ غير شقيق ..
حتى حقدها على هالة فى كونها حصلت على درجات أعلى منها وانها ستصبح طبيبة وهى ستصبح ممرضة .. هذا الحقد جعلها تنسى انه ربما يكون هناك فارق بين مهنة وأخرى .. لكن العبرة بمن يؤدى مهنته على احسن وجه فيرضى الله عنه ويدعو له الناس .. وان كل الأعمال هامة فى حياتنا ونحتاجها .. والمهم ان يتقن الكل عمله ويؤديه بما يرضى الله .. فربما هناك ممرضة تنعم برضى الله وحب من حولها لانها لا تدخر جهدا فى مساعدة مرضاها .. فى حين أن هناك طبيب لا يراعى الله فى مرضاه فينعم بسخط الله وكرة ودعاء من حوله عليه ..
اعمى لمياء حقدها .. ففكرت ودبرت لذلك .. فلمياء لم تنسى أبدا شعورها فى اليوم الذى دخلت فيه الى قصر هالة واخيها والدعبد القادر .. لا تنسى امنيتها فى ذلك الوقت ان تكون هى صاحبة كل هذا العز والثراء ..

لم تتحرك مشاعر هالة نحو عمر فى أول لقاء بينهما فى حفل التخرج .. وكذلك عمر لم يشعر ناحيتها بانجذاب .. وهنا أتى دور لمياء عندما سألت كلاهما عن رأيه فى الآخر .. فحينها صدمت من رأى كل منهما .. ولكنها لم تيأس واعدت عدتها بمهارة فائقة .. وأخبرت هالة بأن عمر معجب بها .. واخبرت عمر نفس الشيء .. واخذت تقرب بينهما بكل السبل والوسائل حتى بدأ كلاهما يشعر بانجذاب للآخر .. فهالة كانت تلك تجربتها الأولى والأخيرة فى الحب .. أما عمر فقد دخلت اليه لمياء من ناحية جمالها واخلاقها ومشاعرها الرقيقة وأيضا حسبها وثراءها وانها فرصة لا تعوض بالنسبة له .. لذا وجد نفسه فى النهاية محاطا باغراءات كثيرة أصبح معها يستشعر رغبة فى الفوز بهالة ..

صارحت هالة امها بحبها لعمر الذى قد تقرب بدوره من امها واصبح يزورهم من وقت لآخر دون علم ابيها .. واستمر الحال بهما كذلك لأكثر من عام حتى اقتنعت امها انه الزوج المناسب لهالة .. فقد كان يتمتع عمر بشخصية ودودة .. يعرف كيف يجعل الآخر يحبه .. خصوصا اذا كان هذا الآخر تؤهله شخصيته لذلك .. وقت كانت هالة وامها من هذا النوع من البشر .. النوع السهل فى كل شيء .. السهل اقناعه .. السهل انقياده .. ربما كان السبب فى ذلك هو تلك العزلة التى فرضها عليهم والد هالة وكانت امها تغذى هذا الاحساس عند هالة بالرغم من حسن معاملة اسرة عبد القادر لها .. لذا كانت مهمة عمر فى استمالتهم اليه مهمة سهلة .. هم يحتاجون للود والأمان .. محتاجون لحسن المعاشرة والمدح .. وكلها أشياء قد حرموا منها من اقرب الناس اليهم .. وعمر قد امتلك طريقة فى الحديث يستطيع من خلالها ان يقنع الآخر انه انسان فاضل ودود .. وصديق وفى .. يعرف كيف يقرأ الذى أمامه ثم يتعامل معه بالطريقة التى تستميله نحوه حتى يسيطر عليه تماما عن اقتناع منه .. يوهم الآخر انه يحبه بشدة وكانت تلك كلمة السر بالنسبة لهالة وامها .. أما عن فقره وانه اقل منهم مستوى.. فهذا لا يعيبه .. فالحب الذى يفوز به من الآخرين يعادل جميع المميزات التى يتميز به الآخر عنه .. لذا عندما اوحت له ام هالة بأن يذهب الى والدها ويطلب يدها .. حاول عمر ان يوضح لها انه من الصعب ان يوافق والدها عليه . فالفرق بينهما واضح وكبير .. كان يريد دعما منها ومن هالة .. يريد كارت ضغط على ابيها حتى يوافق عليه زوجا لابنته .. يريد ان يكون مغامرة ذهابه الى ابيها موفقة .. ولكن ام هالة بدورها اقنعته أن اقتناع هالة به وحبها له وتمسكها به سوف يجعل والدها يوافق عليه فى النهاية .. أما عن الفرق الكبير الذى يتحدث عنه فقد اقنعته بأن هناك الكثير من العائلات التى تشترى الرجال لبناتها .. وهو من وجهة نظرها رجل بمعنى الكلمة يستحق أن يكون زوجا لهالة ..

اقنعت أم هالة عمر بأن يتقدم لخطبتها .. فذهب لوالدها .. لكن طلبه قوبل بالرفض القاطع فوالد هالة لم يكن بالنوع السهل .. كانت خبرته فى الحياة كافية ليعرف أن عمر ليس من يناسب ابنته .. أو ليس من سيسعدها ..
مر عام كامل على تقدم عمر الى والد هالة لطلب يدها .. عام من المحاولات من جهة هالة وامها لاقناع ابيها بقبول عمر ولكنه فى كل مرة كان يرفض .. حتى لجأت هالة الى فايزة صديقتها بكلية الطب و زوجة اخيها والد عبد القادر .. والذى تزوج من فايزة بعد فشل محاولات لمياء اخت عمر فى ان تفوز به .. وكان والد هالة يحب كنته فايزة بشدة ولا يرفض لها أو لولده طلبا .. فاقنعت فايزة زوجها بعد ان ألحت عليها أن يساعدها فى اقناع ابيه بالموافقة على عمر .. وبالفعل وافق فى النهاية على هذه الزيجة ..

تزوج عمر من هالة وعاش معها ومع امها فى منزلهما الذى يمتلكه والد هالة .. بل وعينه والدها فى وظيفة محاسب مرموق بمشفاه الخاص ..

مرت عدة سنوات بين عمر وهالة وقد اسفرت عن انجاب أدهم الذى كان للعائلة ثانى حفيد .. فقد انجبت فايزة عبد القادر قبل ان تنجب هالة ادهم بأربع سنوات .. الذى احبه الجميع واصبح يهتم به ويغدق عليه بكل ما يطلب أو ما لا يطلب .. وكانت اشدهم حبا له بعد والديه هى فايزة .. فهو ابن صديقتها .. وصديق ابنها منذ الطفولة .. فنشأ أدهم بين جنبات القصر مع فايزة وعبد القادر بعد ان توفيت جدته أم هالة وهو فى عمر العشر سنوات لتنتقل هالة للعيش مع ابيها واخيها والد عبد القادر ومع فايزة وذلك بعد ان تطلقت من عمر الذى اظهرته سنوات العشرة بينه وبين هالة على حقيقتة .. فبعد ان توفيت والدة هالة اكتشفت هالة ان متزوج من راقصة كان يغدق عليها اموال مشفى ابيها بعد ان اصبح المدير المالى للمشفى وكان على وشك ان يزج به فى السجن بعد ثبوت اختلاساته المالية فاستطاع ابيها تطليقها منه والتنازل عن حضانة ادهم مقابل عدم الابلاغ عنه والزج به فى السجن .. ولكنه قد تركها محطمة ليس لها مستقبل واضح أو مرموق كأخيها .. فقد تركت دراسة الطب بعد زواجها منه بعامين وبعد ان اقنعته اخته لمياء بذلك وأن هذا افضل لحياتهما سويا وحياة ابنهما .. فكون هالة تصبح طبيبة .. فهذا سوف يقلل من اسهمه وسطوته عليها .. وربما تفكر فى ان تتركه بعد ان تشعر انه اقل منها فى كل شيء ..
مات والد هالة بعد ان تزوجت بطبيب صديق لوالدها يكبرها بنحو عشرون عاما .. ومات عمر بعد زواجها هذا بعامين اثر حادث طريق وقد كان يعبر الشارع وهو خارج من الملهى الليلى التى تعمل به زوجته الراقصة وهو سكران ..

انتقل ادهم للمعيشة مع امه وزوجها الذى كان لا يحب ادهم وكان يعامله بغلظة.. لذا كان ادهم يقضى معظم وقته مع فايزة بالقصر واصبح مرتبطا بها وبعبد القادر بصورة كبيرة .. لكن فى نفس الوقت كانت تؤثر عليه نشأته فى بيت جدته فدوى ام هالة التى سلكت مع أدهم نفس الطريق الذى سلكته من قبل فى تربية هالة .. فهى كانت لا تزال تحقد بشدة على أهل القصر جميعهم فزرعت هى وعمته لمياء بداخل ادهم بذرة كراهية لهم دون ان تدرى او يدرى هو .. فنشأ فى وسطهم يتمتع بحبهم وودهم ورعايتهم له لكن فى نفس الوقت كان هناك حاجزا بينه وبين أهل امه هالة ..

توفيت هالة بعد زوجها بعدة اعوام بعد ان ورثت منه ومن ابيها ميراثا كبيرا .. آل كل هذا الميراث لأدهم ولكنه لم يستطيع ان يحافظ عليه واضاعه بعد ان احاطه اصدقاء السوء وتعلم على يديهم لعب القمار وكان سببا فى هلاك ثروته .. فسافر الى امريكا بعد ان تخرج من كلية الهندسة بصعوبة .. سافر ليبحث عن نفسه ولكنه فشل بعد ان تزوج من امريكية تكبره بعشر سنوات كى يحصل على الجنسية الأمريكية وانجب منها ولد وبنت توأم بواسطة عمليات الحقن المجهرى .. ولما لم يتغير سلوكه وحبه للعب القمار تخلصت منه زوجته واحتفظت بولديه بعد ان اتفق معها على الطلاق مقابل مبلغ كبير من المال تنازل امام هذاالمبلغ عن حقه فى الأولاد .. ثم عاد بعد اربع سنوات على امل ان يساعده عبد القادر فى ان يقف على رجليه مرة أخرى ..

كانت فايزة تحكى هذه القصة لاجلال وفاطمة بعد ان غادر ادهم القصر .. وحينما كانت على وشك ان تنتهى من الحكاية .. انطلقت صرخة من اجلال التى جاءها المخاض فجأة وهى تقول : الحقونى .. الحقونى .. أنا حاسة ان فيه حاجة سخنة نازلة منى ...
تسمرت فاطمة التى لم تنجب قط فى مكانها ولم تدرى كيف تتصرف .. فى حين اسرعت فايزة وطلبت رقم طبيب اجلال .. فاتصلت به فى الحال واخبرته بحالة اجلال فاخبرها بان سيارة الاسعاف سوف تصل اليها فى غضون دقائق قليلة ..

لم يمر الغروب حتى وضعت اجلال مولودها الأول .. ولدا معافى من الابتلاءات الخلقية .. كانت سعادة اجلال به اكبر سعادة مرت بها فى حياتها ليس من اجل نفسها فقط ولكن من اجل عبد القادر .. زوجها وحبيبها الذى تشعر به وبقلقه من حال المولود .. وكانت مع كل صلاة تدعو الله ان يرزقها طفل معافى من اجله .. فهى تعلم مدى تخوفه من ان يمر بتجربة اخرى كالتى عاشها من قبل عندما ولدت آية بمتلازمة داون ..

فى صباح اليوم التالى بالمشفى تفاجأت اجلال بزيارة غير متوقعة من ادهم .. جاء حاملا باقة ورود وابتسامة عريضة على شفتيه ..

دلف الى الغرفة وهو يقول : حمد الله على السلامة .. أنا روحت النهاردة أزور امى فايزة .. وقالتلى انك الحمد لله ولدتى .. ألف حمد الله على سلامتك وسلامة البيبى .. أنا عرفت انه ولد .. أكيد عبد القادر حيفرح أوى لما يعرف .. انتم قولتوله ولا لسه ..
لاتدرى اجلال لماذا ينقبض قلبها كلما ترى او تسمع ادهم .. هل لما حكته لها فايزة عنه بالأمس أم من قبل ذلك .. ربما كان بداية انقباضها منه عندما شاهدت ابتسامة السخرية تعلو وجهه عندما نظر الى آية فى اول مرة تلتقى به .. أو ربما من قبل ذلك عندما حدثها عبد القادر عنه قبل زواجهما ..
اعاد ادهم سؤاله على اجلال .. مقلتليش يا ترى بلغتم عبد القادر .. لو مبلغتهوش أنا ممكن ابلغه .. أنا معايا خط دولى ..
ردت اجلال باقتضاب : لا .. مفيش داعى .. أنا بلغته من شوية ..
أدهم : اكيد كان حيطير من الفرح ..

لم ترد عليه اجلال واكتفت بايماءة مقتضبة ..
ادهم بحماس : وياترى حتسمى المولود ايه ؟ .. ثم حاول ان يمازحها فاردف : أكيد حتسموه ادهم .. ثم أخذ يقهقه بدون سبب .. ولكنه لاحظ عدم تجاوبها معه .. فكتم قهقهته وهو يقول بتلعثم : على فكرة أنا كنت بهزر .. أكيد انتم اخترتم له اسم من زمان .. أصل انا عارف ان عبد القادر كان نفسه يخلف من زمان .. بس أكيد اللى كان منعه هو آية .. أصل بينى وبينك القرار مش سهل .. أقصد ان لو حالة آية تتكرر معاه أكيد مش حيكون مبسوط انه ياخد الخطوة دى .. أقصد خطوة الخلفة ..

شعرت اجلال بشيء من الغضب ينتاب قلبها عندما تفوه ادهم بما قاله فى حق آية .. فقالت بعصبية والغضب واضح على قسمات وجهها : اعتقد يا باشمهندس ان اللى فيه آية شيء بايد ربنا سبحانه وتعالى .. وانه ميعيبهاش .. وعلى فكرة أنا اعرف ناس بتتمنى يكون عندها ولاد حتى لو زى آية .. ناس محرومين من الخلفة .. فى حين ان فيه ناس بتبيع ولادها علشان الفلوس ..
علم ادهم ان اجلال قد اصبحت على علم بسيرته .. فبالتأكيد قد حكت لها فايزة أو عبد القادر عنه .. فبادر محاولا ان يخفف من وطأة غضبها ويهدأ من روعها : أنا مقصدش اى حاجة وحشة عن آية .. اللى فيه آية ده طبعا مش باديها .. بس اللى قصدته ان اللى بيعانى من الحالات اللى زى دى هما الأهل .. وأنا متمناش لعبد القادر اى معاناة فى حياته .. سكت للحظة ثم أخذ يقص عليها علاقته بفايزة وعبد القادر .. ويجكى لها حكايات بينهما من قريب وبعيد .. وكيف هو يعتبر هو وعبد القادر مثل الأخوة وأن العلاقة بينهما قوية للدرجة التى يجب على اجلال ان تتخذه ايضا اخ لها وعندما لاحظ عدم تجاوبها معه قال بتوتر والابتسامة ملئ فيه : أنا لغاية دلوقتى مشفتش البيبى ..
اجلال باقتضاب : البيبى بييجى فى مواعيد الراضعة .. عموما ممكن تشوفه فى البيت احنا ان شاء الله حنخرج بكرة الصبح .. وشكرا على الورد ..

فهم ادهم ان اجلال تطرده بذوق وهدوء .. فالتفت حوله وهو يقول : تمام يا مدام اجلال .. مبروك مرة تانية .. وحمد الله على سلامتك .. ثم توجه الى باب الحجرة وخرج منها ..
عادت اجلال فى الصباح الى البيت .. ومرت ساعتين قبل أن تفاجأ بباب حجرتها يفتح ويدخل عليها عبد القادر مهرولا ليحتضنها وهى جالسة على سريرها .. وهى لاتصدق ما ترى .. فقد كان موعد عودته بعد يومين .. فقالت وهى مندهشة وسعيدة فى نفس الوقت : عبد القادر .. حبيبى .. ايه المفاجأة الحلوة دى .. كنت فاكرة انك حتييجى بعد بكرة ..
عبد القادر وهو مازال يحتضنها .. حمد الله على سلامتك يا حبيبتى .. مكنش ممكن استنى لبكرة .. أنا أول ما عرفت الخبر حجزت على أول طيارة ..
اجلال : حبيبى .. طيب والمؤتمر ..؟
عبد القادر : أنا كان المفروض اقول كلمتى النهاردة .. بس طلبت من منظمى المؤتمر انهم يغيروا الجدول بحيث اقدر اسافر وآجى لك فى أقرب وقت ..
اجلال وهى تغوص برأسها فى صدره .. حبيبى .. ربنا ما يحرمنا منك أبدا ..
عبد القادر : الله .. هو فين ابنى حبيبى .. صحيح سمتوه ايه يا اجلال ..؟
اجلال : انت كنت حابب تسميه كريم .. هو فى سريره يا حبيبى اهه ..
اقترب عبد القادر من سرير كريم الصغير الذى يبعد خطوات عن سريره هو واجلال .. أخذ ينظر ويراقب حركاته وقسماته وهو ناثم .. ثم اقترب من وجهه وطبع على جبينه قبلة حنونة .. ثم رفع رأسه وهو يقول : بسم الله ماشاء الله .. الولد صورة طبق الأصل منك يا اجلال ..
اجلال : ازاى بقى .. ده الكل بيقول انه شبهك تمام .. حتى اسأل ماما فايزة .. أول ما شافته قالت لى انه شبهك اول ما اتولدت ..
عبد القادر : مش مهم هو شبه مين .. المهم يكون عبد صالح وسعيد فى حياته ..
اجلال بتنهيدة : يارب يا عبد القادر .. يارب يكون هو واخته من سعداء الدنيا والآخرة .. سكتت للحظة ثم قالت : ياللا شيله علشان تاذن فى ودنه اليمين وتقيم الصلاة فى ودنه الشمال .. دى سنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام ..
عبد القادر : طبعا يا حبيبتى حعمل كده .. بس انا مش عايز اقلق نومه ..
اجلال : لا ميهمكش حتى لو صحى .. بيرجع ينام تانى بسرعة ..
حمل عبد القادر ابنه كريم بين يديه برفق وأذن فى اذنه اليمنى بصوت مسموع ثم أقام الصلاة فى اذنه اليسرى .. ثم أخذ يتشمم رائحته مستمتعا بها ..
تعجبت اجلال من فعله وقات له : انت بتعمل ايه يا عبد القادر ؟ عبد القادر : بشمه يا اجلال .. طول عمرى بحب اشم الاطفال .. ريحتهم حلوة اوى .. سكت للحظات وهو مازال يتأمل ولده .. ثم قال وهو يبتسم ابتسامة رضى : الف حمد وشكر لك يارب .. تعرفى يا اجلال .. احلى ريحة بحبها فى حياتى هى ريحة الأطفال .. سبحان الله .. كأن ربنا سبحانه وتعالى حط فيهم ريحة وخلالها جزء أو سبب من اسباب انجذابنا ليهم ..
اجلال : الظاهر اننا كلنا بنحب ريحتهم .. أنا كمان مبشبعش من شمه ..
ابتسم لها عبد القادر ثم اعاد كريم برفق الى سريره .. والتفت الى اجلال وهو يتأملها ثم قال لها والشوق يملأ عيناه : أنا متشكر اوى يا اجلال ..
اجلال وهى تعقد حاجبيها متعجبة من شكره لها : على ايه بتشكرنى يا حبيبى ؟
عبد القادر : على انك وهبتينى حياة جديدة .. بدايتى معاكى يا اجلال بداية جديدة كلها سعادة والحمد لله .. وانجابك كريم .. بداية أجمل كنت ححرم نفسى منها .. ولولاكى مكنتش حسيت بالسعادة اللى أنا حاسسها دلوقتى .. يارب ديمها علينا نعمة واحفظها من الزوال .. سكت قليلا وهو يتأمل كريم ثم قال : وبعدين متنسيش ان بوجود كريم اسمى حيمتد فى الدنيا ..
اجلال بلهفة : ربنا يحفظك لينا يا حبيبى وتعيش لما تشيل ولاده ..
عبد القادر : ياه يا اجلال .. ولاده !!
اجلال : ربنا قادر على كل شيء يا حبيبى .. انت بس قول يارب ..
عبد القادر بتنهيدة : يارب يا اجلال .. يارب .. ثم اقترب منها واضعا قبلة رقيقة على جبينها وهو يقول : حبيبتى .. حسيبك شوية اشوف ماما وآية .. الا صحيح هى عملت ايه لما رجعتى البيت بكريم ..
اجلال : ومين قالك انها سابتنى لحظة واحدة .. هى أول ما الطلق فاجئنى .. خافت وكشت .. وبعدين لما هدي الطلق قربت منى وحضنتنى وهى بتعيط .. علشان كده طلبت من ماما فايزة انها تركب معايا عربية الاسعاف لانها رفضت تركب معاهم من غيرى .. وقبل ما ادخل اوضة العمليات اقنعتها انى مش حغيب عليها .. ولما خرجت كانت مستنيانى فى اوضتى فى المستشفى هى وماما فايزة ..
عبد القادر وهو يبتسم : وعملت ايه لما شافت كريم ؟
اجلال وهى تضحك : انا كنت خايفة من رد فعلها .. كنت خايفة انها تغيير منه وترفضه .. بس سبحان الله يا عبد القادر .. أول ما شافته .. فضلت تحسس عليه بحنية وتقوللى رضعيه .. بس لغاية دلوقتى خايفة انها تشيله ..
عبد القادر : يا سبحان الله .. ربنا يحببهم فى بعض يا حبيبتى ..
اجلال : يارب يا حبيبى .. يارب ..

خرج عبد القادر وتوجه الى غرفة آية التى كانت تلعب بحجرتها بدميتها ولم تلحظ وجود والدها الذى كان يراقبها فى سعادة بالغة .. ثم اقترب منها فلاحظته فسارعت اليه .. تتعللق برقبته وتستقر فى حضنه .. فاحتضنها بشدة وهو يقبل رأسها ووجنتيها .. ثم جلس بجوارها على الأرض وأخذ يتحدث معا .. ثم اخذ يسألها عن اجلال وعن حالها .. فأخذت آية تحكى له بطريقتها الخاصة ما حدث لاجلال منذ ان شعرت اجلال بألم الولادة .. ثم ذهابها معها الى المشفى وعودة الجميع باجلال وكريم ..

كان عبد القادر سعيدا وهى تحكى له تلك الأحداث .. فقد شعر بتغير فى طريقة حديثها التى نضجت كثيرا عن ذى قبل .. لمس فى آية تقدم فى حالتها منذ ان رعتها اجلال ..
مرت دقائق قليلة قبل ان يصحب عبد القادر آية ويذهب بها الى غرفة والدته التى تقع فى الطابق الأرضى .. ولكنه بعد ان طرق باب غرفتها ولم تجيبه .. دلف الى الغرفة فلم يجدها ..
فتوجه الى بهو القصر فلم يجدها ايضا .. ولكنه تقابل مع فاطمة خالة اجلال وهى تخرج من المطبخ فسلم عليه ورحبت به وباركت له على سلامة اجلال ووصول كريم .. فسألها عن والدته .. فأخبرته انها تجلس فى الخارج بالحديقة مع ادهم الذى جاء منذ قليل ..

تعجب من عودة ادهم من امريكا فى هذا التوقيت وانقبض قلبه عندما سمع اسم ادهم .. فقد شعر ببداية مشاكل قادمة مع قدوم ادهم اليهم .. هو لا ينسى آخر لقاء بينهما .. لا ينسى تهديده له عندما رفض عبد القادر مساعدته له بعد ان خسر ثروته على طاولات القمار .. لاينسى عندما قال له : خللى بالك يا عبد القادر .. اللى بيقدم السبت بيلاقى الحد .. واللى انت فيه ده ممكن يكون تحت ايدى فى يوم من الأيام .. ويمكن اليوم ده يكون قريب أوى ..
وقتها لم يصدق عبد القادر اذنه التى سمعت هذا التهديد .. لم يصدق ان ادهم الذى تربى معه فى بيته كأخ له يهدده بأنه سوف يرثه .. لم يصدق انه يهدده بالقتل بطريقة غير مياشرة .. بعدها يرثه ويرث ثروة ابنته آية التى بالتأكيد ليس لها سواه ليكون واصيا عليها .. وقتها غلى الدم فى عروق عبد القادر وطرده من القصر .. ولكنه فى نفس الوقت ارتعب من تهديده .. ظل شهورا يراقب تصرفاته ويتوقع ان ينفذ تهديده بين وقت وآخر الى ان زاره فى يوم ما واعتذر منه وأخبره انه مهاجر الى امريكا ليبدأ بداية جديدة فى حياته .. يومها لم يمانع عبد القادر ان يعطيه مبلغا كبيرا يبدأ به حيانه فى امريكا .. وظل أدهم على تواصل بابن خاله .. يحاول التودد له ولأمه من حين لآخر .. وكان يطلعهم على تطورات حياته هناك اولا بأول .. أخبرهم بعد شهور قليلة ان تزوج من امريكية بعد قصة حب قصيرة .. وكانت تلك بداية اكاذيبه عليهم .. فهو قد تزوج من سيدة امريكية تكبره بعدة اعوام بعد ان خسر ما تبقى معه من اموال اعطاها له عبد القادر فى لعب القمار .. وفى نفس الوقت رغب فى الحصول على الجنسية الامريكية من خلال تلك الزيجة التى انتهت بتنازله عن اولاده رسميا لتحصل زوجته على الطلاق مقابل عدة آلاف من الدولارات مالبث ان خسرها هى ايضا فى لعب القمار الذى يدمنه ..

اخبرهم ادهم أيضا خلال سنوات تواجده فى امريكا انه قد امتلك مطعما محترما يدر عليه اموالا كثيرة .. وذلك بجوار عمله كمهندس بعد الحصول على تلك الوظيفة عندما عادل شهادته المصرية بالشهادة الأمريكية ..

كان عبد القادر وامه فى تلك الأيام سعداء لنجاح ادهم واستقراره .. فنسبيا اطمئن عبد القادر على مستقبل ابن عمته الذى كان يوما ما بمثابة اخيه الأصغر .. ولكنه لم ينسى أبدا موضوع تهديده له .. وخصوصا بعد ان اصبح مرتبطا بالحياة عن ذى قبل منذ ان تزوج باجلال .. فالآن أصبح لديه عائلة يحبها ويحرص على سعادتها ويخاف عليها من اى شيء يهدد استقرارها او سعادتها ..
ولكن قد اتت الرياح بما لا تشتهى السفن .. فقبل عودة ادهم من امريكا بشهور قليلة صارح ادهم عبد القادر بتدهور اوضاعه فى امريكا .. والخلافات التى تصاعدت بينه وبين زوجته وانفصالهما .. وان الحياة فى امريكا قد اصبحت صعبة للغاية ولا يستطيع تحملها ..

توجه عبد القادر حيث كان يجلس أدهم مع والدته .. وما أن لاحظه أدهم حتى قام من مقعده واستقبله بحرارة وأحضان .. فحاول عبد القاد ان يبادله نفس مشاعره ..

ساد الصمت قليلا شعر خلاله عبد القادر باضطراب .. فكسر حاجز الاضطراب وهو يسأل أدهم : ايه اخبارك يا ادهم .. ياترى جاى فى اجازة ولا ناوى ترجع مصر على طول ..
ادهم وهو يتصنع السعادة : فى الحقيقة نويت استقر فى مصر من تانى .. خلاص .. مبقاش عندى فى امريكا اللى يجبرنى على القعدة هناك زى ما حكيتلكم قبل ما ارجع ..
عبد القادر : وولادك يا ادهم ؟!!

اخفض ادهم رأسه وهو ينظر فى صمت الى الأرض ليسكت لحظات طويلة ثم رفع رأسه ينظر الى عبد القادر وفايزة : ولادى ..!! انا بحاول انسى الموضوع ده يا عبد القادر .. على الأقل لغاية ما اقدر اقف على رجلى من تانى .. وبعدين أشوف ايه اللى اقدر اعمله علشانهم ..
عبد القادر : وناوى تعمل ايه هنا فى مصر ؟
أدهم : ابدا .. حعيش فى شقة امى القديمة وحبتدى ادور على شغل من جديد .. سكت قليلا ثم عاد يقول : صحيح أنا نسيت ابارك لك على مولودك الجديد .. ألف مبروك يا عبد القادر .. ويتربى فى عزك باذن الله ..
عبد القادر : الله يبارك فيك يا ادهم ..

ساد الصمت من جديد فشعرت فايزة بتوتر ادهم وانه ربما فى حاجة ان يتكلم منفردا مع ولدها .. او يطلب منه شيئا .. فاستأذنت منهم وانصرفت هى وآية التى حاول ادهم ان يداعبها ولكنها كانت فى كل مرة تشيح عنه بوجهها ولا تقبل منه مداعبة ..
مرت لحظات تردد فيها ادهم ان يتكلم مع عبد القادر .. لذا بادر عبد القادر يقول فى هدوء : قول يا ادهم اللى انت جاى علشانه ..
أدهم متلعثما : بصراحة يا عبد القادر انا خجلان منك .. بس انا مليش غيرك فى الدنيا يقف جنبى فى ظروفى دى ..
عبد القادر وقد علم مبتغاه : ظروفك دى انت اللى بتخلقها بنفسك يا ادهم .. وطول ما انت ضعيف ادام ترابيزة القمار .. عمر ظروفك دى ما حتتغير ولو معاك مال قارون ..
أدهم : صدقنى .. أنا اتعلمت الدرس .. ومش ممكن حرجع للقمار من تانى .. أنا كل اللى طالبه انك تساعدنى انى أفتح مكتب صغير احاول من خلاله آخد شغل مقاولات .. وده مش حيكلفك كتير ..
عبد القادر : اسمع يا أدهم .. أنت ورثت من أمك تقريبا اد اللى انا ورثته من ابويا الله يرحمهم ويمكن اكتر .. وللأسف انت ضيعت كل ده وحتى لما وقفت جنبك وساعدتك لغاية ما تبتدى بداية جديدة فى امريكا .. ضيعت كل حاجة .. حتى ولادك .. وكل ده بسبب الداء الهباب اللى فيك .. وراجع دلوقتى تطلب مساعدتى .. فى حين انك شايف ان ظروفى اتغيرت وبقى عندى اسرة هى الأولى بكل قرش عندى .. وعلى فرض انى جيت على نفسى وعلى اسرتى وساعدتك .. ايه اللى يضمن لى انك مترجعش للقمار من تانى وتضيع الفلوس دى كمان ..
أدهم بتوسل : صدقنى يا عبد القادر .. أنا فعلا بطلت لعب القمار ومش حرجع له تانى ..
عبد القادر بحزم : آسف يا أدهم .. أنا مش مصدقك .. اللى فيه الداء ده مبيبطلوش .. أسف .. مش حقدر اساعدك المرة دى ..

أطرق ادهم برأسه ينظر الى الأرض وهو يقول .. طيب يا عبد القادر .. اللى تشوفه .. انت عندك حق يا ابن خالى .. ثم سكت طويلا .. للحظات قام بعدها وهو يقول : أنا حمشى .. انت اكيد عايز تريح من السفر وتقعد مع مراتك وولادك ..
لم يرد عليه عبد القادر وان كان يلوم نفسه على الطريقة التى تعامل بها معه ..

خرج أدهم من القصر وهو مشحون بخيبة امل و بغضب وحقد يكاد يفتك به ..

دخل ادهم الى بهو القصر بوجه مكفهر .. كانت فايزة تنتظره بالداخل .. وقبل ان يصعد الى حجرته نادت عليه : عبد القادر .. تعالى شوية يا حبيبى عايزة اتكلم معاك قبل ماتطلع ..
عبد القادر وهو يقترب منها ويجلس على احدى المقاعد امامها وهموم الدنيا تجثو على صدره : خير يا أمى .. عايزة تكلمينى فى ايه ؟
فايزة : اسمع يابنى .. أنا عارفة ان ادهم كان جاى علشان تساعده ..
قاطعها عبد القادر : وكمان اتكلم معاكى فى نفس الموضوع ..
فايزة : يا حبيبى هو لا اتكلم معايا ولا حاجة .. بس الموضوع واضح .. بدليل انك مطولتش معاه بعد ما سبتكم .. وكمان انت داخل وشك متغير ..
عبد القادر : طيب وبعدين يا أمى فى البنى آدم ده .. أنا احترت فى امره .. وكل مرة بساعده فيها بتخليه يتمادى المرة اللى بعدها ..
فايزة : هدى خلقك من ناحيته شوية يا حبيبى .. واسمع اللى حقولهولك وفكر فيه كويس ..
عبد القادر : خير يا أمى .. انا سامعك ..
فايزة : أدهم يابنى دلوقتى عامل زى الأسد الجريح .. اللى معندهوش شيء يخسره بعد ما خسر كل فلوسه وخسر جوازته وولاده .. والبنى آدم لما بيوصل لمرحلة زى دى .. متأمنش شروره يابنى ..
عبد القادر : يعنى ايه .. هى المسألة بقت ابتزاز كده عينى عينك ..
فايزة : لا يا حبيبى مش ابتزاز ولا حاجة .. بس النفس يا عبد القادر أمارة بالسوء .. والبنى آدم فى ظروفه دى بيبقة لقمة سهلة للشيطان ووسوسته .. وأدهم يابنى مش الشخص اللى قريب من ربه أو التزامه بدينه حيخليه يتقى ربنا فى اى حاجة ممكن نفسه تسولهاله .. وانت يا حبيبى عندك اللى يكفيك انت وعيلتك وزيادة .. يعنى لو ساعدته حتبقى بتعمل فيه معروف وفى نفس الوقت بتشترى راحة بالك من ناحيته ..
عبد القادر بنرفزة : أيوة .. بس ده كده اصبح فرض علينا اننا نساعده كل شوية .. وفى النهاية يخسر فلوسنا على ترابيزة القمار .. يعنى أنا اتعب واشقى علشان احافظ على فلوسى وفلوس ولادى ... وفى الآخر يروح سيادته يخسرهم على ترابيزة قمار بسفاهة ..
فايزة : وماله يا حبيبى لما تساعده .. مش أحسن ما يمد ايده ويسرق أو يعمل أى حاجة تاذيه وتاذينا .. آهو ينوبك ثواب .. ده حتى الرسول عليه الصلاة والسلام قال .. داروا سفاهؤكم بنصف اموالكم .. يعنى انت لما تساعده اسمك بتطبق وصية النبى عليه الصلاة والسلام .. ويارب فعلا يكون صادق المرة دى ويكون بطل لعب القمار .. ساعتها يبقى كسبناه وكسبنا راحة بالنا .. مش كده ولا ايه يا حبيبى ..؟
عبد القادر وهو يتنهد : عليه الصلاة والسلام ..
فايزة : اسمع يا عبد القادر .. أنا من رأيي المرة دى ماتدهوش فلوس فى ايده .. الأفضل انك تعمل له حاجة ميقدرش يتصرف فيها أو يبيعها وياخد فلوسها .. بكده تبقى ساعدته مرتين مش مرة واحدة .. اولهم انك ما منعتش عنه المساعدة والتانية انك منعت سفاهته اللى بتتكلم عنها ..
عبد القادر وهو يزفر ويغمض عينيه واضعا يديه على وجهه : طيب يا أمى سبينى افكر فى اللى حقدر اعمله معاه .. وربنا يقدم اللى فيه الخير .. استأذنك دلوقتى اطلع استريح شوية من السفر .. واشوفك على الغدا ..
فايزة : اطلع يا حبيبى .. ربنا يكتب لك كل الراحة والهنا انت ومراتك وولادك ..
----------------------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 06:59 PM   #12

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الخامس

ما بعد البداية

الفصل الخامس (مشاعر مضطربة)

انتهى حفل زفاف سلمى ونادر .. عاد جمال وعلا بصحبة ريم الى بيت سلمى فى هدوء غريب .. لم يتكلم أى منهم طوال الطريق .. كل يفكر فى مصابه .. فجمال كان مشتتا بين الذكرى القريبة والألم الكبير الذى انتابه منذ اكتشافه لخيانة زوجته وصديقه و زوج اخته .. ياسر .. وبين مشاعره الوليدة تجاه بسمة والتى تكاد ان تتحطم .. بل قد تحطمت بالفعل على صخرة ظهور ذلك الشاب الوسيم بالقرب من بسمة .. وبين عودة ياسر فى حياة علا واقتحامه لحياته هو بمنتهى الوقاحة فى الحفل ..
كان غارقا أيضا فى التفكير فى اطفاله .. ما هو مصيرهم بعد زواج امه .. من سيرعاهم وهو طوال اليوم فى عمله .. هل من المناسب والصواب ان يتركهم معظم اليوم لمربية لا يعلم كيف تتعامل معهم ..؟! واى تأثير سلبى سيكون عليهم وهم ينشؤن بعيدا عن اعين ابيهم معظم الوقت وفاقدى لحنان ورعاية امهم .. اهم مصدر للرعاية والحنان .. فأخته علا سرعان ما ستعود الى بيتها .. وربما تختار ان تعود الى زوجها وتغفر له خيانته وجريمته فى حق اخيها وحقها هى نفسها .. وامه قد اختارت لنفسها حياة وبداية جديدة مع رجل آخر وابنة جديدة هى ريم بنت نادر .. أما هو فقد ضاعت فرصته الكبيرة فى ان يبدأ بداية جديدة لحياته وحياة اطفاله مع بسمة التى كانت فيما يبدو المرأة المناسبة لتقوم بدور الأم لاطفاله والزوجة الصالحة له .. ففى المرات التى تعامل معها اكتشف لها روحا طيبة ورقة لل يعهدها من قبل فيمن قابل من النساء .. علاوة على تعلق اطفاله بها ..

أما علا .. فقد كانت شاردة .. تفكر فى القرار الصحيح .. فقلبها وأطفالها يجذبانها نحو الرجوع لياسر ومحاولة نسيان خيانته من أجل بداية جديدة تستقر فيها اسرتها وينشأ فيها اطفالها اسوياء بين اب وأم قائمين على رعايتهم وتربيتهم .. وقد تعلمت من تجربتها القاسية كيف تحافظ على بيتها .. فهى موقنة بأنها جزء من الاسباب التى دفعت ياسر لخيانتها باهمالها له بعد ان انجبت التوأم .. ولكن عقلها يرفض العودة اليه .. يرفض حتى مجرد التفكير فى العودة .. فهى بذلك تهين كرامتها بغفرانها له .. وتطعن اخيها الوحيد الذى تأذى كثيرامن فعلة زوجها .. ولكنها ايضا تفكر فى مصير اولادها وتربيتهم .. تماما كما يفكر ويقلق جمال على اولاده ومصير نشأتهم .. فهى أيضا تعمل وسوف تضطر فى غياب امها ان تترك اطفالها لمربية ترعاهم ..

أما ريم .. فقد ادركت انه ليس الوقت المناسب لتتقرب من جمال اكثر من ذلك .. فقد لاحظت الهم الذى يجثو على قلبه .. فقررت بذكاء الأنثى الصغيرة ان تتوقف اليوم عن مطاردته .. قررت ان تمنحه هدنة يفرغ فيها طاقة الغضب التى تبدو على وجهه .. هدنة لحين اشعار .. وتودد بطريقة اخرى .. أو بالأحرى .. هجوم آخر ..

دخل ثلاثتهم المنزل وقد نام الأطفال الأربعة .. ونامت كلا المربيتين .. كريمة التى ترعى أولاد علا .. وإقبال التى استقدمها جمال منذ يومين لترعى اولاده فى غيابه ..
دخل جمال اللى غرفته فى بيت امه حيث ينام اطفاله فوق سريره .. ودخلت علا الى غرفتها مع اولادها بعد أن خيرت ريم بين حجرة سلمى وحجرة أخرى معدة للضيوف .. فأخبرتها ريم انها سوف تنام فى غرفة الضيوف .. وحملت شنطتها الصغيرة التى كانت تحتوى على ملابس تكفيها لمدة اسبوع غيابها عن بيتها ..

دخلت ريم الى الغرفة الباردة والتى لم تسكن منذ سنوات طويلة .. منذ أقامت فيها اختا مصطفى عندما جاءتا لزيارته فى بداية حادثته التى اقعدته على الكرسى المتحرك سنوات أخرى لم يزورهم فيها أحد ولم يبيت فى الحجرة أحد منذ ذلك الحين .. شعرت ريم حين دلفت الى تلك الغرفة واغلقت الباب خلفها بكآبة قبضت قلبها وحزن مفاجأ لم تعتاده منذ ان فقدت امها .. فقد استطاع نادر ان يعوضها عن موت امها بحنانه الزائد عليها للدرجة التى جعلت منها مراهقة متمردة يصعب السيطرة عليها .. لذا اضطرته بسلوكها هذا ان يقسو عليها فى الفترة الأخيرة .. فخلطت بين تعنيفه لها وبين ظهور سلمى فى حياتهما وارتباطه بها .. كرهت سلمى حتى من قبل ان تراها .. كرهت سلمى ولكنها احبت ابنها .. او قد خيل لها هذا .. ولم تهتم ريم بأن فارس احلامها جمال قد جاوز ضعف عمرها بسنوات قليلة .. أو انه أرمل لديه طفلين .. هى فقط احست بمشاعر انثى مراهقة تجاه هذا الشاب الوسيم الذى يفوقها طولا وعرضا ويتمتع بقدر كبير من جمال سلمى ووسامة مصطفى قى شبابه .. فأطلقت لخيالها المراهق العنان فى حوارات واحلام يقظتها .. وكم استمتعت أيضا وهو يبادلها الحب ويطارحها الغرام فى احلام نومها .. وبالرغم من حقدها على سلمى التى أخذت منها ابيها .. وهو حبها الوحيد قبل ان تلتقى بجمال .. الا انها وجدت فى جمال ضالتها المنشودة وما عليها الآن سوى ان تلفت نظره اليها ليتعلق بها كما تعلقت به .. ولكنها كانت تعترف لنفسها انها تفتقد الى الخبرة فى كيفية جذب الرجال اليها .. فهى صغيرة تتفتح على دنيا الرجال كقطة وليدة تفتح عيونها للدنيا لأول مرة .. لذا فكرت ان تستعين بأهل الخبرة .. ومن سيكون لديه الخبرة كخالتها نجوى .. لذا لم تدخر ريم جهدا أو صبرا .. فأمسكت بتليفونها المحمول وطلبت رقم خالتها ..
نجوى : ألو .. ريم .. حبيبتى .. فيه حاجة .. انتى كويسة ..
ريم : طنط نجوى .. متقلقيش .. أنا بخير ....
نجوى : طيب ليه بتتصلى متأخر كده .. وقعتى قلبى ..
ريم : اطمنى يا طنط .. أنا كويسة والله .. مفيش حاجة .. كل الموضوع انى لسة راجعة من الفرح .. وحسيت انى مخنوقة شوية .. فقلت اتكلم معاكى ..
نجوى بتهكم : طبعا يا حبيبتى .. لازم تكونى مخنوقة من عملة أبوكى المهببة دى .. قال يتجوز قال .. انتى فين دلوقتى يا حبيبتى ..؟
ريم : ما انا قلت لك يا طنط انى حفضل فى بيت مراته .. طنط سلمى .. مع حمال وعلا ولادها لحد ما بابا يرجع من شهر العسل .. عموما أنا بكلمك دلوقتى من بيتهم ..
نجوى بنفس التهكم والسخرية : شهر عسل .. باللذمة له نفس وهو عنده بنت عروسة فى سنك يسيبها ويروح يعمللى شهر عسل .. طول عمره انانى ومبيفكرش غير فى نفسه وبس ..
ريم : طنط من فضلك .. قلت لك قبل كده محبش حد يتكلم على بابا بالطريقة دى .. فى الأول والآخر هو بابايا ..
نجوى بخيبة أمل : طيب يا اختى بطلنا نتكلم عليه بالشكل ده .. يعنى لو كان سابك عندى الفترة دى كانت الدنيا حتتهد ؟
ريم : مكنش ينفع يا طنط .. آخر مرة انتى سمعتيه كلام كتير ضايقه .. وهو فى الاساس كان جاى يطلب منك انى ابقى عندك الفترة دى .. بس انتى بهدلتيه انه حيتجوز وسمعتيه كلام يضايق جدا ..
نجوى بنرفزة وعصبية : امال يعنى كنت عايزانى اعدى له موضوع جوازه ده بعد المرحومة اختى بالساهل .. وكمان رايح يجيب لك مرات أب تبهدلك وانا موجودة ..
ريم : انتى ليه بتفتحى السيرة دى من تانى .. ما احنا اتفقنا قبل كده انك آخر واحدة ممكن ترتبط بيه .. انتى وهو طول عمركم على خلاف .. حتى وماما الله يرحمها كانت عايشة .. ياريت تنسى بقى الحكاية دى لانك انتى وبابا عمركم ما اتفقتم .. وطول عمركم مبتحبوش بعض ..
نجوى : ماشى ياستى .. عموما مبقاش ييجى منه .. قوليلى .. الحفلة كانت عاملة ايه .. والست هانم العروسة اللى عدت الخمسن ربيعا كانت لابسة ايه .. وكانت حلوة ولا أى كلام ؟ ..
ريم : حبقى احكى لك بعدين .. المهم دلوقتى .. أنا بتصل بيكى علشان حاجة تانية ..
نجوى : خير يا ريم .. حاجة ايه اللى بتصصلى بيا علشانها بعد نص الليل.. ؟
ريم بتردد : جمال .. فاكرة جمال ابن طنط سلمى اللى كلمتك عنه ..
نجوى بضحكة خبيثة : ماله جمال حبيب القلب ..
ريم : مش عارفة .. بس حاسة انه مش حاسس بيا خالص .. بحاول الفت نظره ليا بكل الطرق .. بس واضح انه مش واخد باله .. خايفة يكون متعلق ببسمة اللى حكيتلك عنها ..
نجوى : طيب ايه المطلوب منى يا حبيبتى ..؟
ريم بتلعثم : لا مفيش .. بس احنا كنا متفقين انى احكيلك عن كل حاجة بخصوص جمال .. سكتت قليلا ثم اردفت بنبرة اكثر ترددا : وانتى وعدتينى انك حتساعدينى فى الموضوع ده ..
سكتت نجوى قليلا حتى حسبتها ريم انها قد اغلقت الخط .. فقالت : طنط نجوى .. انتى معايا ..؟!!
نجوى : هه .. ايوة يا حبيبتى طبعا معاكى ..
ريم : أمال روحتى فين .. مبترديش على اللى قلته ..
نجوى : لا أبدا .. بس كنت بفكر ..
ريم : بتفكرى فى ايه ..
نجوى : قوليلى يا ريم .. انتى قولتى ان جمال عنده كام سنة قبل كده ؟
ريم : بصراحة مش عارفة يا طنط .. بس يعنى .. مش حيقل عن تلاتين أو اتنين وتلاتين سنة ..
نجوى : ومش شايفة انه كبير عليكى حبتين .. وكمان ارمل وعنده طفلين .. انتى ايه يا بنتى اللى حيرميكى الرمية السودة دى ..
ريم : بحبه .. بحبه يا طنط .. ومش بيروح من بالى ابدا ..
نجوى : يا ريم انتى اقل من نص عمره ..
ريم : افهم من كده انك مش ناوية تساعدينى ..
نجوى : أنا مقلتش كده يا حبيبتى .. بس المفروض انى انبهك .. قبل ما نخطى أى خطوة فى الموضوع ده ..
ريم : تنبهينى لايه .. بقولك أنا حاسة انى بحبه اوى .. وليل ونهار بفكر فيه .. ده حتى حبه نسانى زعلى من بابا انه اتجوز ..
نجوى : بصى يا ريم .. علشان اساعدك لازم اعرف كل شيء عن جمال .. بيحب ايه ومبيحبش ايه .. طبيعته .. عصبى ولا هادى .. بيشتغل ايه .. بيتعامل مع اللى حواليه ازاى .. وخصوصا مع الدكتورة دى اللى اسمها بسمة .. يعنى .. عايزة اعرف عنه كل حاجة .. على اد ما تقدرى .. ماهو لازم تعرفى يا ريم يا حبيبتى ان الصياد علشان يعرف يصطاد فريسته لازم يعرف عنها كل حاجة .. خصوصا نفط القوة والضعف .. فهمانى ؟؟؟
ريم : بصراحة أنا مش فاهمة اوى .. بس اللى فهمته انى احاول اعرف عنه كل حاجة واقولهالك ..
نجوى : تمام .. بس ده ميمنعش ان لو فيه فرصة انى اقابله .. اكيد حيكون اقضل وحيسهل علينا خطتنا ..
ريم : اوكى ياطنط .. حسيبك انا دلوقتى علشان انا راجعة مجهدة من الحفلة وحكلمك بعدين ..

اغلقت نجوى الخط وشردت .. تفكر فى نادر .. والغيرة تحرقها .. ليست الغيرة من سلمى .. او على نادر .. فهى لا تحبه ولن تحبه .. ولكنها الغيرة لمجرد الغيرة .. لمجرد انه لم يعرض عليها الزواج .. بالرغم من انه لو فعل لفكرت مرات قبل ان توافق .. وفى الغالب كانت سترفض .. فتطلعاتها لزوجها الثانى لا تنطبق على نادر .. وهى ايضا ليست من النوع الذى ستتحمل ريم .. او تبذل ادنى مجهود فى تربيتها .. بل على العكس فهى بتفكيرها وسلوكها وافتقادها لأبسط أمور التربية الصحيحة سوف تفسد تربية تلك المراهقة المسكينة ..

نجوى هى الأخت الصغرى لفريدة زوجة نادر الأولى .. كانت تصغر فريدة بعامين .. وتصغر نادر بستة أعوام .. من عائلة ميسورة الحال .. فوالدها كان مديرا باحدى البنوك الاستثمارية .. ووالدتها دكتورة اقتصاد باحدى الجامعات المصرية .. وتعمل فى نفس الوقت مستشارة اقتصادية لكبرى الشركات .. سافر والدها وعمل لعدة سنوات باحدى البنوك الاجنبية .. ورفضت زوجته ان تسافر معه ولكن رفضها للسفر لم يكن ابدا لتتفرغ لتربية بنتيها اللتان كانتا آنذاك تخطوان خطواتهما الأولى نحو سن المراهقة .. ولكن سبب الرفض كان لتتفرغ لطموحاتها المهنية .. فهى كانت تسعى بكل ما اوتيت من وسائل ان تصبح وزيرة للاقتصاد .. فجاء ذلك على حساب تربية بناتها .. وبالأخص نجوى ..
نشأت نجوى فى كنف ابيها الذى كان يدللها ايما دلال ولا يرفض لها طلبا ابدا .. بالرغم من انه كان يتجاهل وجود فريدة .. فنشات الفتاتان وبينهما اختلاف كبير فى شخصية كل منهما .. فنجوى كانت الصورة الاصلية من ريم .. فتاة مدلله متمردة .. تعشق العلاقات والخروج والموضة .. تقضى اكثر من نصف عمرها فى النادى ومع اصدقائها .. فى حين كانت فريدة فتاة عاقلة .. تعشق البيت وتحب الوحدة وتحلم بتكوين اسرة مستقرة وزوج يقدر الحياة الزوجية .. وقد كان لها ما أرادت .. فبعد خمس سنوات من سفر ابيها .. عاد ليستقر بمصر .. ولكنه عاد بمرض عضال اقعده فى البيت لمدة ثلاث سنوات مات بعدها على اثر اشتداد المرض عليه .. وكان نادر هو محامى العائلة .. فتقدم لفريدة قبل وفاة والدها بعام وتزوجها ..

أما الأم فقد طلبت الطلاق من الزوج قبل عودته الى مصر بعامين للتزوج من رجل اعمال كبير .. وتدهوت علاقتها ببنتيها اثر ذلك ..

تزوجت نجوى من ابن احد رجال الأعمال والذى كان صديقا لها بالنادى ولكنها انفصلت عنه بعد عدة شهور .. لانهما قد اكتشفا ان طباعهما مختلفة .. علاوة على انه كان زير نساء .. وهى بالطبع لم تتحمل هذا ..

انجبت فريدة ريم بعد حوالى عام من الزواج ولكن نفس مرض ابيها قد هاجمها بعد ثلاث سنوات من ولادة ريم .. لتقضى عامين فى صراع مع هذا المرض .. لتتوفى وريم بعمر الخامسة او اقل بشهور قليلة .. فلم يكن امام نادر سوى نجوى لترعاها .. ولكنها للأسف قد ربتها بطريقتها الخاصة فاصبحت نسخة منها .. علاوة على ارتباط ريم الشديد بنجوى ..

كانت نجوى تتمنى ان يطلبها نادر للزواج لارضاء غرورها فقط .. ولكنه لم يفعل .. فهو منذ ان تعرف عليها لم يكن ابدا ليقتنع بها كزوجة .. فتصرفاتها دائما كانت محل انتقاد ورفض من قبله .. لذا عندما شعر ان طفلته الوحيدة على وشك الضياع بسبب طريقة تربية نجوى لها آثر ان يفكر فى الزواج من جديد بعد ان كان رافضا تماما للفكرة وذلك من شدة حبه لفريدة .. ولكنه عندما قابل سلمى وشعر تجاهها بمشاعر خاصة لم يتردد فى عرض الزواج عليها بعد ان اصبحت ارملة لمصطفى ..

استيقظ الجميع فى صباح الجمعة مبكرا .. فبيت به اربعة اطفال لا يستطيع الكبار فيه ان ينعما بالنوم كما يحلو لهم .. خرجت علا من حجرتها تصحب ولديها آدم وزين .. ثم خرج جمال وملك وياسين بعد ذلك .. فى حين كانت كريمة واقبال تجهزان الأفطار للأطفال ثم للكبار .. ولكن ريم كانت تنعم بنوم عميق فى هذه الأثناء ..

انهت علا وجمال افطارهما بدون كلام .. كلاهما متردد ولكنه يفكر فى نفس الأمر .. ياسر .. حتى
انهى جمال حالة الجمود والصمت الرهيب بينهما عندما قال : انتى ناوية على ايه يا علا ..؟
علا بتوجس وقد حاولت جاهدة ان لا تتكلم فى هذا الموضوع : بفكر ارجع بيتى .. وانت ..؟
جمال : أنا بسألك على اللى ناوية تعمليه مع جوزك .. ايه قرارك باللنسبة له ..؟
سكتت علا ولم تجيبه .. خافت من ردة فعله اذا اخبرته انها مازالت تفكر فى قرارها .. فهو لن يتحمل مجرد فكرة انها نفكر فى غفران ما احدثه فى حياتها وحياة اخيها .. ان تغفر له خيانة مركبة ومعقدة بهذا الشكل .. ان تنسى حق اخيها قبل حق نفسها ..

هز جمال راسه بأسى متعجبا .. فسكوتها يعنى ان هناك احتمال لرغبة فى ان تعود اليه .. فتكلمت علا : اطمن يا جمال انا مش ممكن ارجع لياسر .. كل اللى بفكر فيه هو ولادى .. والوضع حيبقى ازاى بالنسبة لهم .. سكتت لبرهة ثم قالت : اكيد لما نطلق حيطلب يشوف الولاد ..

جمال وقد امتلأ حلقة بغصة كلما تذكر ياسر : اسمعى يا علا .. احنا يمكن بنتكلم فى الموضوع ده لأول مرة .. بس اعتقد انه آن الأوان اننا نتكلم .. ولازم تعرفى أن اللى مقيد ايدى عن الانتقام من الحيوان ده انه أبو ولادك اللى أنا بالنسبة لهم خالهم .. وكمان ولادى ومصيرهم لو انتقمت لشرفى منه .. لكن صدقينى لو الوضع كان غير كده انا كان زمانى انتقمت منه من زمان .. سكت قليلا ثم عاد وقال : أنا زى ما قدرت اسيطر على نفسى ومنتقمش منه .. مش حضغط عليكى وحسيب لك حرية القرار بالنسبة لحياتك معاه .. بس لو اخترتى انك تغفريله علشان اى سبب فلازم تعرفى ان ده معناه ان علاقتنا كاخوات انتهت من لحظة غفرانك له .. واننا مش ممكن نشوف بعض تانى .. ولا ولادى حيعرفوا ولادك فى يوم من الأيام .. واعتقد ان ده من ابسط حقوقى بعد اللى سببهولى .. وبعد ما يتم ولادى ..

شعرت علا بمدى ألم جمال وشعرت وكأن سكينا قد غرس فى قلبها عندما تخيلت حياتها وأخيها وأولاده ليسوا فى حياتها وحياة اولادها .. ولكنها فى نفس الوقت احست ان جمال قد سهل عليها اتخاذ القرار .. فابتسمت ابتسامة صافية ولكنها حزينة وهى تنظر الى جمال وتربت بكفها على كفه القابعة فوق طاولة الطعام وقالت : اطمن يا حبيبى .. مفيش أى حد اغلى عندى منك ومن ولادك .. أنا مش ممكن ارجع للحيوان ده أبدا ..

نعتت علا زوجها بكلمة حيوان لمجرد ان ترضى أخيها .. لكنها فى الحقيقة كانت غير راضية عن ان تصفه بالحيوان .. فهو فى النهاية حبيبها القديم .. وما زال جزء من قلبها يخفق بحبه .. علاوة على انه والد طفليها ..

نظر جمال الى اخته نظرة امتنان وقرب رأسها من شفتيه وطبع عليها قبلة حنونة ثم ضم رأسها الى صدره فاسترخت علا فوق صدره وكأنها تستمد القوة من قرب اخيها منها ..

خرجت ريم من حجرتها على هذا المنظر الأخوى الجميل بين علا وجمال وبينهما اولادهما الأربعة يلعبون سويا فى ود الطفولة الجميل .. وقفت ترقب المشهد الجميل امامها .. شعرت للوهلة الأولى بحنين الى اسرة .. أى اسرة تعيش معها مشاعر تفتقدها .. ولكن سرعان ما تحول شعورها الى غيرة وحسد .. تمنت ان تختفى علا والأولاد الأربعة من امامها فى هذه اللحظة لتنفرد بجمال الذى قضت ليلتها تحلم به فى يقظتها وهى مستلقية فوق سريرها لعلها تحلم به يطارحها الغرام فى حلمها تلك الليلة .... ولكنها للأسف مرت ليلتها بكوابيس اقضت مضجعها .. كان اشدها عندما حلمت بجمال يقترب منها ولكن فجأة ظهرت سلمى امامها تنظر اليها بغضب .. فحالت بينها وبين وصوله اليها .. ثم اعطاها جمال ظهره وسار برفقة امرأة أخرى هى تعرفها جيدا ولكنها لا تتبين صورتها ولا تستطيع ان تتحقق من هويتها ..
لاحظ جمال ريم تقف على باب الغرفة تنظر اليهم .. فبادر مبتسما : صباح الخير يا ريم .. تعالى افطرى .. واقفة ليه عندك ..
تحركت ريم فى خجل نحو الطاولة وهى تقى عليهما تحية الصباح : صباح الخير ..
علا : صباح الخير يا ريم .. يا ريت تكونى نمتى كويس ..
أومأت ريم بالايجاب .. وهى تجلس فى المقعد المواجه لهما ..
جمال : ايه رأيكم بعد الفطار نروح النادى ..
علا : والله فكرة .. اهو نغير جو احنا والولاد .. ايه رأيك يا ريم ..
ريم بخجل : اوكى .. زى ما تحبوا ..
جمال : ايه رأيك يا علا نقول لبسمة تيجى معانا .. ؟

نظرت اليه ريم متفاجأة من سؤاله لعلا .. فتذكرت لقاء بسمة وذلك الشاب الذى خرجت معه من المطعم العائم بالأمس عندما ذهبت خلف جمال الذى خرج للاطمئنان على علا .. فوقفت من بعيد ترقب ما يحدث وقد لاحظت هيام بسمة وتصرفاتها مع ذلك الشاب .. وعرفت بحدث الأنثى انها تحبه كما يبادلها هو نفس الحب .. فقد كان ذلك واضحا لمن يشاهد .. لذا قررت ريم ان تطرق على الحديد وهو ساخن فقالت : اعتقد ان بسمة ممكن يكون عندها خطط تانية النهاردة .. قالتها فتعجبت مما قالته أكثر من التعجب الذى نظر به كل من جمال وعلا من تعليقها .. فبادرت وهى تحاول رسم ابتسامة متوترة على شفتيها .. اقصد انها ممكن تكون مشغولة النهاردة مع الشاب اللى شفتها معاه امبارح .. يعنى .. حسيت ان فيه بينهم حاجة ..اعتقد انه حبيبها .. دى حتى مرجعتش للحفلة وخرجت معاه من المطعم .. ثم ازداد توترها وتلعثمها وهى تقول : واكيد النهاردة اجازة وحتروح تقابله ..

الجمت مفاجأة ما تقوله ريم كلا من جمال وعلا .. فشعرت علا ان الفتاة قد تفوهت بكلام اكبر من عمرها وخاضت فى سيرة بسمة بدون سبب او وجه حق بكلام لا يليق بها ان تقوله على بسمة وبهذا الشكل الفج .. فقالت بنبرة عنيفة : ريم .. انتى ايه اللى بتقوليه ده .. ؟ عيب نتكلم عن غيرنا بالشكل ده من غير مانكون متأكدين من اللى بنقوله .. وبعدين الكلام اللى بتقوليه ده كبير على سنك يا حبيبتى .. من فضلك بلاش تتكلمى فى الحاجات دى مرة تانية .. ومن الأفضل متفكريش فيها من اصله ..
ريم وقد ادركت فداحة ما تفوهت به : أنا مقصدش .. أصل ..
هنا تدخل جمال الذى شعر بأن ريم فى ورطة حقيقية : ريم .. انتى مفطرتيش .. ياللا افطرى الأول ..

اقتربت ريم من الطاولة وهى فى خجل شديد .. جلست تتناول فطورها .. وهى تتمنى لو تمضى هذه الدقائق بسرعة فربما ينسى جمال وعلا ما اخطأت فيه .. ولكنها فى نفس الوقت كانت تشعر بشيء من السعادة الداخلية وقد وضعت حجرا كبيرا فى حائط تريد بناؤه بين جمال وبسمة كى لا يرى سواها ..

سارعت ريم بعد تناول الفطور ودخلت حجرتها لترتدى ملابسها وفى نفس الوقت تطلب خالتها نجوى لتخبرها بالتفصيل ما حدث منذ دقائق قليلة ..

وصل الجمع الى النادى وكان يوما مشرقا سطعت فيه شمس الشتاء لتجعل النادى ملجاءا لكل العائلات فكان يبدو كالمهرجان وبالكاد وجدوا طاولة فى احدى ساحات النادى ولكنها تبعد قليلا عن مكان ملاعب الأطفال .. فذهبت كريمة واقبال بصحبة الاطفال حيث اللعب واللهو .. وجلس جمال وعلا ومعهما ريم يستمتعون بجمال الطبيعة ولمسة البرد الخفيفة التى تتسلل هربا من دفئ الشتاء الى اجسادهم ووجوههم فتعطى لكل منهم احساس بشقاوة البرد وحنان شمسنا ..

مرت دقائق قبل ان يعلو صوت هاتف علا .. نظرت الى رقم الطالب فارتجفت قليلا وتجمد جسدها للحظة فقامت من مكانها وابتعد قليلا وهى تفتح الخط للطالب وتقول برعشة انتابت شفتيها : آلو ..
ياسر بحزن وانكسار وخوف من ردة فعلها ظهرت فى ارتعاش شفتيه هو الآخر : أيوة يا علا .. سكت قليلا ثم قال برعشة اكبر .. وحشتينى يا حبيبتى ..
علا ببرود وقد تحكمت فى جوارحها : من فضلك .. من فضلك .. خش فى الموضوع وبلاش الكلام اللى ملوش معنى ..
ياسر : طيب واخرتها يا علا ..!!
علا : انت عارف كويس اخرتها .. الطلاق .. اعتقد اننا مستحيل بعد اللى حصل اننا نعيش مع بعض تانى ..
ياسر بيأس : أرجوكى يا علا .. لازم تفكرى كويس .. دى غلطة واحدة .. ومش ممكن غلطة واحدة تنهى الحب الكبير اللى بينا .. ولا تهد حياتنا وحياة ولادنا ..
علا : هى فعلا غلطة واحدة .. بس غلطة العمر .. واعتقد ان من العدل انها تهد بيتنا .. وتنهى الحب اللى بتتكلم عنه وكان بينا وتتسبب فى ان ولادنا يتربوا مفارقين .. زى ما نفس الغلطة اتسببت فى خراب بيت اخويا وموت مراته وحرمانه وحرمان ولاده منها بقية حياتهم ..

ساد الصمت بينهما وكل منهم ينتظر الآخر يتكلم .. الى ان قال ياسر : يعنى مفيش فايدة ..
علا : اكيد مفيش فايدة يا ياسر .. ويا ريت ننهى الموضوع لحد كده .. كفاية الألم اللى اتسببت فيه ليا ولجمال ..
ياسر بحزن : طيب والولاد .. ولادنا يا علا ..
علا : مالهم ولادنا ؟ .. أكيد حيفضلوا معايا .. ولما تحب تشوفهم أكيد حتقدر تشوفهم .. مش ححرمك من رؤيتهم .. فى الأول والآخر انت ابوهم .. ومن مصلحتهم انك تكون موجود فى حياتهم .. بس ياريت موضوع الطلاق يتم بسرعة ..
ياسر : حاضر يا علا .. حاضر .. وآسف على الألم اللى اتسببت لك فيه انتى وجمال .. سكت قليلا ثم عاد يقول : كان كلى أمل ان الفترة اللى فاتت تكون كفاية علشان تهدى وتفكرى وتعرفى ان اهمالك لى من بعد ولادة الولدين هو اللى دفعنى للغلطة دى .. يمكن ساعتها تغيرى رأيك .. أو حتى تفكرى فى مصلحة الولاد قبل كل شيء ونرجع لبعض .. أنا يا علا دلوقتى بشتغل فى دبى .. يعنى ممكن لو وافقتى على رجوعنا .. نسافر ونبعد عن كل شيء ونبتدى حياتنا هناك من جديد .. أو حتى ممكن نهاجر زى ما كنا مخططين قبل كده .. بس الظاهر ان جريمتى اكبر من انها تغتفر ..
علا : فعلا يا ياسر .. جريمتك كبيرة أوى حتى لو أنا كنت سبب من اسبابها .. يمكن كنت اقدر اغفرها لو مكنتش خيانتك لى مع اعز صحباتى ومرات اخويا فى نفس الوقت .. أخويا اللى انت دمرت حياته ويتمت ولاده وخليته فاقد الثقة فى ستات الدنيا كلها .. جريمتك كبيرة .. ومفيش انسان يقدر يغفر الجرايم اللى بالشكل ده .. حستنى ورقة طلاقى منك .. ويا ريت متكلمنيش تانى .. مفيش حاجة خلاص ممكن تتقال ..
ياسر بيأس وأسى : سامحينى يا علا .. وقولى لجمال يسامحنى .. أنا عموما حديكى فرصة تانية تفكرى .. يمكن تغيرى رأيك .. أنا حسافر بعد شهر .. وقبل الشهر ما ينتهى يا ريتك تبلغينى قرارك النهائى ..
علا بهدوء وقد بدأت دموعها تنساب على خديها : معتقدش .. معتقدش يا ياسر انى حقد اسامحك وعايزاك تعرف ان الألم اللى سببته لجمال ميخلنيش حتى اجرؤ اجيب سيرتك قدامه .. عموما .. ربنا يسامحنا جميعا .. ومعتقدش انى حغير رأيي ..
ياسر بانكسار : اللى تشوفيه يا علا .. بس زى ما قلت لك ادامك فرصة تفكرى وتراجعى نفسك لغاية ميعاد سفرى ..

أحست علا انه لا سبيل الى كلام آخر فاغلقت الخط .. فى حين ظل ياسر واجما ينتظر ان تحدث معجزة تجعل علا تلين او تغير قرارها ..

عادت علا بعد دقائق قليلة مرة اخرى الى الطاولة .. عادت بوجه غير الذى ذهبت به.. عادت وداخلها مشاعر مضطربة .. عادت والأمل فى أى شيء وكل شيء قد انتهى .. عادت وهى تعلم انها على ابواب بداية جديدة وصفحة جديدة من حياتها وحياة ابناءها .. لا تعلم أى شقاء أو أى سعادة ينتظرها هى وابناءها .. لا تعلم ما تخبأه لها الأيام .. هل تنفذ خطتها القديمة وتهاجر هى وابناءها .. لا تعلم ,, فهى الآن فى اضطراب شديد .. تجد صعوبة فى اتخاذ هذا القرار .. ففى السابق ربما كان قرار الهجرة مناسبا عندما كانت ستهاجر هى واسرتها واخوها واسرته .. أما الآن فهى تخاف المجهول فى الهجرة هى وطفليها .. فماذا ستستطيع ان تفعل فى بلد جديد بمفردها وبصحبتها طفلين ..

جلست واجمة تفكر فيما دار بينها وبين ياسر .. تتمنى لو ينتهى هذا الكابوس من حياتها .. تتمنى لو أن كل ما مرت به من لحظة ان وقعت عينيها على خيانة زوجها الى الآن لو كان حلما أو حتى كابوسا قد استيقظت منه للتو .. نظرت حولها وهى تجلس بمفردها بعد ان ترك جمال وريم الطاولة الى اين .. لا تعلم .. نظرت وهى تسرح فى جموع الناس والأسر من حولها .. تتأملهم .. ترى مشاكل وليس وجوها وأجساد .. فكل واحد أو واحدة مما تقع عليه أو عليها عينيها بالتأكيد يمر بمشكلة فى حياته .. لا تعلم لماذا خلق بداخلها هذا الاحساس شيئا من الطمأنينة والسكينة فى تلك اللحظات القليلة .. ابتسمت بأسى بعد ان كان الحزن قد كسا وجهها وخيم على قلبها .. ابتسمت وهى تقول لنفسها .. لست انت وحدك يا علا من يعانى .. كل هؤلاء من حولنا يعانى .. ربما ليس الآن .. ربما أمس .. ربما غدا .. المهم انك لست وحدك من يعانى فى هذه الحياة .. ابتسمت من جديد .. ثم قامت تنفض عن نفسها ما مرت به خلال الشهور السابقة من ألم وعذاب .. قررت أن تبدأ صفحة جديدة من حياتها .. ولتكن بدايتها مع اسرتها .. مع اطفالها الذين يحتاجون اليها أكثر من أى احد فى الدنيا .. ومع أخيها الذى كابد أكثر مما كابدت هى .. ثم مع امها التى تعترف انها قد عاقتها كثيرا ولم تكن لها فى يوم من الأيام البنت الودودة القريبة من امها .. لعلها بذلك تكون قد كفرت عن عقوقها لها ولأبيها .. الذى تمنت فى تلك اللحظة لو انه يشعر بها .. ويعلم ما حدث لها .. يعلم ان الله قد عاقبها على عقوقها له وجحودها فى حقه .. قررت علا ان تنفصل عن ياسر الى الأبد .. كانت تريد أن يتم هذا الأمر فى اسرع وقت .. ولكنها كانت فى حاجة لشخص يقف بجانبها فى هذا الأمر .. ربما خافت من أن تضعف أمام استقرار حياة طفليها .. لذا كان لزاما عليها ان تبتعد هى من اى لقاء مع ياسر .. وتبحث عن شخص آخر ينوب عنها فى اتمام الطلاق ..

سارت علا تبحث عن جمال وريم .. بالتأكيد هم فى ساحة ألعاب الأطفال .. اقتربت من الساحة فرأت الجميع هناك ولكنها وجدت امرأة غريبة لم تراها من قبل تقف مع جمال وريم وثلاثتهم يضحك فى مرح .. وان كان ضحك جمال يبدو بوضوح انه مجاملة للوافدة الجديدة .. اقتربت وهى تقول : هاى ..
جمال : هاى يا علا .. خلصتى مكالمتك ؟
علا بتنهيدة : ايوة ..
جمال وهو ينظر الى المرأة ويشاور تجاهها : اقدملك مدام نجوى .. خالة ريم .. مدام نجوى .. اقدم لك علا اختى .. مامة آدم وزين ..
نجوى بابتسامة واسعة : أهلا يا علا .. كنا فى سيرتك من شوية ..
علا بتوجس وهى تبادلها ابتسامة متزنة : بجد !! .. ياترى بالخير ولا الشر ..
نجوى : طبعا بالخير .. بكل خير يا حبيبتى .. جمال كان بيحكى لى اد ايه انتى شبه مامتك .. واد ايه بتخافى على آدم وزين ..
علا بخبث البنات : وياترى ده كويس ولا وحش ؟
نجوى وقد لاحظت ان علا لم تهضمها بعد : حلو .. اكيد حلو طبعا ..
لاحظ جمال توتر الجو بين علا ونجوى بدون داع فقاطع حديثهما : هو احنا حنفضل واقفين هنا .. يالا نرجع لتربيزتنا .. احنا اطمنا علا الولاد ..
ردت علا بعصبية : ارجعو انتم انا حلعب معاهم شوية وبعدين احصلكم ..

ذهب جمال ونجوى ومعهم ريم التى كانت فى حالة عدم اتزان عندما فوجئت بخالتها تقتحم خلوتها مع جمال بعد ان كانت على وشك ان تستثمر وجودها معه منفردا .. كانت تتعجب من تصرفات خالتها التى لم تخبرها بانها سوف تأتى الى النادى .. بل ومنذ ان وصلت وتعرفت على جمال قد استحوذت عليه ولم تعطها فرصة واحدة للحديث معه ..

أما علا .. فقد وقفت لحظة تنظر اليهم وهم يعودون الى الطاولة وهى تلوم نفسها على اسلوبها مع نجوى .. لاتدرى لماذا تعاملت معها بتلك الندية . فنجوى لم تلفظ بشيء يغضبها منها هكذا .. ولكنها فى نفس الوقت لم تكن تشعر تجاهها بالود .. و لم تشعر بالراحة تجاهها .. كانت تشعر بحاجز بينهما منذ ان وقعت عليها عينيها..
------------------------------------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 09:57 PM   #13

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 09:59 PM   #14

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-02-21, 10:07 PM   #15

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .


نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 07-02-21, 07:13 PM   #16

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل السادس

ما بعد البداية

الفصل السادس (مشاكل ومسئوليات)

عاد خالد من العمل مجهدا .. تناول الغداء مع أمينة وغادة التى كانت تثرثر على الغداء كعادتها .. ولكن تلك المرة كانت تسأل والدها عن الشركة وأحوالها فى محاولة منها ان تصل لأخبار عن سعيد .. ولكن للأسف .. كانت اجابات خالد مقتضبة وعامة .. فلم تستطع غادة ان تعرف منه شيئا عن سعيد ..

لاحظت أمينة الاجهاد الواضح على خالد .. فسألته : خالد .. انت كويس يا حبيبى ..
خالد وهو ينظر الى الطبق أمامه شاردا : بخير .. بخير يا أمينة .. متشغليش بالك .. هما شوية اجهاد من الشغل .. حبقى كويس بعد ما اريح شوية بعد الغدا ..
أمينة : طيب يا حبيبى .. تحب تشرب حاجة قبل ما تريح ..
خالد : لا يا أمينة .. مفيش داعى تتعبى نفسك ..
أمينة : ولا تعب ولا حاجة .. ادخل انت اوضتك وأنا حعملك عصير ليمون يضيع لك الاجهاد ويساعد على الهضم ..
خالد : طيب يا أمينة اللى تشوفيه .. أنا داخل اوضتى ..

دخل خالد الى حجرته فسألت غادة أمينة : انتى مش حاسة يا مامى ان بابى فيه حاجة متغيرة ..
أمينة : حاجة ايه يا بنتى .. هو بيقول شوية اجهاد مش اكتر .. انتى حتقلقينى ليه ..
غادة بتوتر : مش عارفة .. بس حاسة ان فيه حاجة ..
أمينة : عموما متشغليش بالك انتى وخليكى مركزة فى مذاكرتك .. لو فيه حاجة أكيد حنعرف ..

حاولت أمينة جاهدة ان تبعد عن مخيلة غادة ما خطر ببالها هى نفسها .. فخالد قلما يكون بهذه الحالة .. ولا بد ان هناك مشكلة أو أمر يشغله .. وعند أمينة عندما يكون الأمر متعلقا بخالد .. فالحياة تقف عند أمينة ولا يصبح هناك أمرا يمكن ان يشغلها سوى ذلك الأمر ..

دخلت امينة الى حجرتها بعد قليل تحمل كوبا من عصير الليمون .. نظرت الى خالد الذى كان يجلس شاردا فى سريره نصف جلسة .. يفكر فى المكالمة التى تلقاها اليوم من علا بنت مصطفى .. كان حزينا لما آل اليه مصير علا وجمال أولاد مصطفى وسلمى ..
كانت علا قد حزمت امرها فى موضوع الطلاق .. ولكنها لم ترغب فى ان تواجه ياسر حتى لا تلتقى به .. فربما خافت ان تضعف أمامه .. وربما استطاع فى النهاية ان يقنعها بالرجوع اليه .. لذا آثرت أن تستعين بشخص آخر يستطيع ان ينهى أمر الطلاق بدون أن تتعرض لضغوط قد تضعفها .. لذا لجأت الى خالد ليقف بجانبها فى حل مشكلتها مع ياسر .. فهى كانت فى حيرة من أمرها .. لا تريد لأحد من اسرتها ان يتدخل فى حل موضوع طلاقها من ياسر .. فسلمى أصبحت الآن زوجة نادر الذى صار بينه وبين ياسر مصالح مشتركة فى العمل .. لذا آثرت ان تبعد امها عن أمر ياسر حتى لا تثير المشاكل بينها وبين نادر .. كما أن سلمى فى النهاية امرأة .. وانما يقع أمور الزواج والطلاق على عاتق الرجال وليس النساء .. وجمال موقفه من ياسر معروف .. وهو آخر فرد فى اسرتها سوف تسمح له ان يقف الى جوارها فى هذا الأمر .. أو يتواجه هو وياسر فيحدث بينهما ما لا يحمد عقباه .. وخالد هو أقرب انسان لها بعد سلمى وجمال .. لذا لم تقف امام هذا الخيار كثيرا وتكلمت معه اليوم تليفونيا وحكت له ما حدث .. ثم طلبت نصيحته ورغبتها فى الانفصال عن ياسر .. كما طلبت منه ان يساعدها فى الحصول على الطلاق ..

سمع خالد لرغبة علا فى الطلاق .. فى البداية لم تخبره بالسبب .. ولكن اضطرت الى اخباره بما حدث عندما وجدته يحاول ان يقنعها أنها بطلبها للطلاق فإنما هى تسير فى الطريق الخطأ لحياتها وحياة ابناءها ..

كان خالد يستمع منها الى تفاصيل ما حدث وهو لا يصدق ما تسمعه اذناه .. تعاطف معها ومع جمال بشدة .. احزنه كثيرا ما حدث .. شعر بمدى المأساة التى تعيشها هى و أخيها .. شعر بمسئوليته تجاههما .. وربما هذا ما جعله مهموما الى الحد الذى شعر فيه بالاجهاد .. فعلا وجمال بالنسبة له مثل أولاده .. يشعر خالد تجاههما بحكم علاقته بوالديهم بالمسئولية ..
اقتربت امينة من خالد تربت على كفه القابع بجواره على السرير وهى تقول له بحنان : مالك يا خالد ؟ انت سرحان فى ايه يا حبيبى بالشكل ده ..؟
خالد بعد تنهيدة بسيطة : ابدا يا أمينة .. مجرد شوية اجهاد من الشغل .. متشغليش بالك .. شوية وحبقى كويس ..
أمينة : على راحتك يا حبيبى .. أنا موجودة لو حابب تتكلم فى اى حاجة مضيقاك ..
لم يرد خالد .. ولكنه أومأ اليها بابتسامة بسيطة .. كان مترددا أن يتكلم معها فى أى موضوع متعلق بعائلة سلمى .. يعلم مدى حساسيتها تجاه سلمى بالذات .. لذا آثر ومن فترة طويلة ألا يتحدث عنها لعل أمينة تنسى ماحدث بينها وبينه بسبب اكتشافها حبه لسلمى .. حتى انه لم يخبرها بأمر زواج سلمى .. وان كان هذا الأمر ليسعدها ويريح بالها من ناحية سلمى ..
خرجت أمينة من الحجرة وهى حزينة بعض الشيء .. تمنت لو أن خالد فتح لها قلبه واخبرها عما يشغله لهذه الدرجة .. فهى لم تراه بهذه الحالة وهذا الوجوم منذ فترة طويلة ..
كانت غادة تمر بجوار الحجرة فقابلت امينة والحزن ظاهرا على وجهها .. فقالت مازحة بابتسامة مستفزة : واضح انك فشلت يا جميل ومقدرتش تعرف بابى مضايق من ايه .. عموما غدغودة حبيبة بابى حتعرف منه بطريقتها وتقولك ..

لم تشعر أمينة بنفسها الا وهى تنهر ابنتها بشدة وبصوت عال قلما يخرج منها لدرجة ان غادة قد تجمدت مكانها لا تصدق هذا الانفعال عليها من امها .. ثم أخذت تبكى ..

خرج خالد من حجرته منزعجا من صوت أمينة واسلوبها مع غادة .. هو بالطبع لم يسمع تعليق غادة على امها ولكنه فقط استمع الى رد فعل امينة .. شاهد خالد المنظر ووقعت عينيه على غادة التى وقفت فى ركن بجوار الحجرة تبكى .. وبكاء غادة عند ابيها أمر جلل .. فاندفع الى غادة يأخذها فى حضنه يهدأ من روعها .. ثم توجه الى أمينة باللوم وبلهجة عنيفة : فيه ايه يا أمينة .. انتى ايه اللى عاملاه فى البنت ده .. ثم رفع وجه غادة وهو يقول : اهدى يا حبيبتى متخافيش .. ثم عاد وتوجه الى امينة ينهرها مرة أخرى : قلت لك ميت مرة ملكيش دعوة بالبنت .. انتى دايما حطة نقرك من نقرها ليه؟ .. دى بنتك ياهانم مش ضرتك .. أنا مشفتش كده أبدا .. ثم أخذ غادة برفق ودخل بها الى حجرته تاركا أمينة واقفة فى ذهول .. لا تصدق ما تفوه به خالد فى حقها امام ابنتها .. ولا تصدق انفعاله عليها بهذه الطريقة .. تتساءل .. كيف له أن يحبها وفى نفس الوقت يعاملها بهذه الطريقة ..؟! هى تعلم كم يحب ابنته .. ولكن أين حبه لها فى مثل هذه المواقف .. ؟!!

وقفت أمينة والدموع تملأ عينيها لدقيقتين .. ثم توجهت الى ركنها المفضل من البيت تنظر الى البحر تفكر فيما حدث .. كيف لزوجها أن يتعامل معها بتلك الطريقة .. وبعد هذا العمر الطويل بينهما .. ربما حدث وتكلم معها من قبل بطريقة سخيفة بسبب غادة .. ولكنه هذه المرة مختلفة تماما .. ربما قد أخطأت أمينة عندما انفعلت على ابنتها وعلا صوتها هكذا .. ولكن هذا ليس مبررا بأن يتعامل معها خالد بهذا السوء ويضع ابنتها معها فى مقارنة وتفضيل بهذا الشكل .. هو حتى لم يسأل أو يستفسر عن سبب انفعال البنت ولا يعلم مدى سخافة طريقتها واسلوبها وكلامها مع امها .. ولكنها متأكدة انه حتى لو علم ما قالته غادة وبأى طريقة قالت لوجد لها الأعذار .. بانها مازالت صغيرة .. يا ستى اصبرى عليها شوية .. راعى ظروف سنها .. وفيها ايه لما البنت تهزر معاكى .. انتى كده واخداها جد على طول ... سوف يجد لها آلاف الأعذار .. أما انتى يا أمينة فليس لك اى عذر فى تصرفاتك أو انفعالاتك ..

كان الشيطان ونفس أمينة يتلاعبان بها خلال هذه الدقائق .. ودخلت فى حالة من الحزن ليعود لها احساسها من جديد .. خالد لا يحبنى .. لو كان يحبنى كما احبه لغفر لى زلاتى .. لو أحبنى لفهم ما بداخلى ..

عادت اليها الذكريات الأليمة .. عاد إليها احساس بأن خالد أحبها حب العشرة .. وليس سواه .. لكن الحب الآخر الذى تمنته معه طوال عمرها .. لا .. لم يحدث .. هذا الحب كان لسواها .. هذا الحب كان من نصيب سلمى .. عادت أمينة تتألم من جديد .. وتدخل دوامة لم تخرج منها سوى شهورا قليلة ..

لم يكن ما يزيد همها ويجثو فوق صددرها هو أمر خالد وحسب وما حدث منه .. كان هناك أيضا أمر غادة .. ابنتها التى عانت منها ومن تربيتها بسبب تدليل ابيها لها .. عادت الفجوة بينها وبين غادة تتسع من جديد .. لم تكد تمر شهور منذ وعكتها الأخيرة كانت العلاقة بينها وبين غادة على أحسن ما يرام الا وعادت اليوم الفجوة تتسع من جديد .. وهى تعلم انها الوحيدة التى سوف تبذل مجهودا مضاعفا حتى تستقيم الأمور بينها وبين ابنتها من جديد .. ولن يكون الأمر سهلا بالمرة ..
حاولت أمينة أن تهدأ صوت الشيطان وصوت النفس الأمارة بالسوء بداخلها .. فالهمها الله ان تتوضأ وتصلى .. توضأت ودخلت الى حجرة أشرف وشرعت فى الصلاة .. تطيل فى السجود والدعاء الى الله أن يخرجها من الغم و الضيق الذى يقبع فوق قلبها .. وتدعو الله ان يهدى ابنتها وينور بصيرتها .. ثم دعت الله ان يغفر لها ولزوجها .. ولم تنسى ان تدعوا لجميع أفراد اسرتها ..
شعرت أمينة بشيء من الراحة بعد ان انهت الصلاة .. فقامت تنظر الى البحر من جديد من نافذة الغرفة .. مرت لحظات قبل أن يطرق باب الغرفة وتدخل غادة اليها بعد ان بحثت عنها فى البيت كله ..
لم تشعر أمينة بمن دخل للغرفة .. ولكنها سمعت غادة وهى تقول بنبرة حادة : مامى .. أنا آسفة ..

لم ترد عليها أمينة .. كانت تتمنى لو أعادت غادة كلمات الاعتذار .. ولكنها لم تفعل .. فقط قالت ماقالته وبلهجة غير مرضية أو مناسبة للاعتذار ثم خرجت من الحجرة مباشرة وكأنها تؤدى واجب طلب منها وهى غير مقتنعة به ..

مرت لحظات انتظرت فيها أمينة أن تسمع صوت غادة من جديد أو تقترب منها .. ولكنها لم تشعر سوى بسكون فى الغرفة .. فإستدارت لتجد غادة قد غادرت وبقت هى وحيدة فى الغرفة ..
شعرت امينة بحزن عميق من اسلوب ابنتها .. وعلمت انها على باب من المعاناة مجبرة ان تفتحه لتقويم سلوك ابنتها ..

انتظرت أمينة خالد أن يأتى اليها ويعتذر ولكنه لم يفعل .. مرت أكثر من ساعة .. ولكنه لم يفعل ..

خرجت أمينة الى صالة البيت .. جلست فى سكون .. حتى سمعت باب الشقة يفتح ويدخل أمير .. لم ينتبه أمير الى حالة أمينة .. فهى لم تستقبله بابتسامتها المعهودة .. فقط ردت عليه التحية .. وحاولت جاهدة ان لا يلاحظ سوء حالتها .. فبادرت وقالت : اخبارك ايه يا حبيبى ..
اتجه اليها أمير وفرد جسده على الاريكة التى كانت تجلس فى ركنها واضعا رأسه فوق فخذها كعادته وهو يقول : تمام يا أمونة انتى عاملة ايه .. ؟
أمينة وهى تضع أناملها فوق رأسه تداعب فروة رأسه كما يحب : بخير يا حبيبى .. بخير .. طمنى .. عامل ايه انت وسارة .. ؟
أمير بدون اهتمام : تمام .. ماشى الحال ..
أمينة : رحتم للدكتور علشان يكشف على سارة ..؟
أمير : لا .. لسة .. سارة بتقول مفيش داعى .. بس أنا بضغط عليها علشان توافق .. احتمال نروح يوم السبت الجاى ..
أمينة : لازم يا حبيبى .. علشان نطمن عليها ..
أمير : هو فين باقى البشر ..؟ .. ليه قاعدة لوحدك ..؟
أمينة : بابا نايم .. بيريح شوية .. وغادة فى اوضتها .. تلاقيها بتذاكر .. تحب احضر لك الغدا ..؟
أمير : لا يا حبيبتى .. أنا اتغديت مع سارة فى الشغل .. أنا كمان حدخل أريح شوية ..

تركها أمير ودخل الى غرفته .. وعادت امينة تجلس وحيدة .. تفكر فى مشكلتها مع غادة وخالد ..

مرت دقائق وهى شاردة حزينة .. فبعد ان دخل أمير الى حجرته واصبحت وحيدة من جديد تعانى من وسوسة الشيطان ونفسها تمنت لو أن أمير قد لاحظ حزنها وألح عليها حتى تتكلم وتحكى له ما يضايقها ويدمى قلبها .. ولكنه لم يفعل .. انتبهت على صوت تليفونها .. فنظرت الى شاشته بدون اهتمام .. كانت رنيم المتصلة .. فالتقطت التليفون بفتور وردت عليها بصوتها الحزين : أهلا يا رنيم يا حبيبتى .. عاملة ايه ..
رنيم : تعبانة والله يا ماما .. تقريبا مبنمش .. مفيش جنب مريحنى فى النوم ..
أمينة بصوت حزين قلما تعودته رنيم منها : معلش يا حبيبتى .. هى الشهور الأخيرة من الحمل كده .. متعبة شوية .. ان شاء الله كل ده يفوت على خير وتيجى الست هانم بالسلامة .. وساعتها حتعرفى انهم وهمة جوة فى بطنك أريح وأرحم .. ربنا يجعلها لكم ذرية صالحة ..
رنيم : مالك يا ماما .. حاسة ان فيه حاجة مضيقاكى ..
أمينة فى محاولة لتحسن نبرة الحزن : لا ابدا يا حبيبتى .. أنا كويسة مفيش حاجة .. كنتى عايزة حاجة ..
رنيم : مش مهم .. أبقى أكلمك بعدين يكون مودك أحسن من كده ..
أمينة : يا بنتى قلت لك أنا كويسة .. خير يا حبيبتى كنتى عايزانى فى ايه ..؟
رنيم بعد تنهيدة : مش عارفة .. بس أشرف حاسة انه متغير شوية ..
أمينة : متغير ازاى يعنى ..
رنيم : مش عارفة .. بس من ساعة ما عملنا السونار وعرف ان البيبى بنت وهو مش متحمس زى الأول .. وحاسة انه حزين ..
أمينة : يا حبيبتى معظم الرجالة كده .. بيبقى نفسهم فى خلفة الولاد .. بس صدقينى أول ما بيشوف البيبى سواء بنت ولا ولد بتبقى الفرحة مش سايعاه .. المهم متشغليش بالك انتى .. وصدقينى أشرف واخد طبع أبوه .. كان برضه نفسه فى الولاد .. بس تعالى شوفيه دلوقتى .. غادة عنده بالدنيا كلها وبيدلعها لدرجة انه بيفسدها وهو مش حاسس ..

تفوهت أمينة بدون ان تدرى بجملتها الأخيرة .. ولكن الجملة قد خرجت من فمها .. وما يخرج من الفم لا يعود اليه أبدا .. حزنت انها قالت تلك الجملة التى قد تفتح مجالا للنقاش والاستفسار مع رنيم .. وهى لا تحب ذلك .. هى حريصة كل الحرص على ان لا يعلم أحد عن سوء تصرفات أولادها شيئا .. ولكنها للأسف وقعت فى هذا الخطأ بتأثير الضغط العصبى والحزن الذى تمر به فى تلك اللحظات بسبب ما حدث بينها وبين خالد وغادة .. وحدث ما كانت تخشاه .. فعلقت رنيم على جملتها : معقول ..!! أنا عارفة انه بيحبها أوى .. بس مش لدرجة الافساد زى ما حضرتك بتقولى ..
أمينة فى محاولة لتدارك ما قالت : غادة خلفناها على كبر .. الفرق بينها وبين أشرف عشر سنين .. وأنا أيامها كان عندى اشرف وأمير والاتنين ولاد وسنهم قريب من بعض .. يعنى رعايتهم مكنتش سهلة .. وده خلانى انشغل عن غادة ومديهاش الرعاية اللى اخواتها خدوها .. وزى ما انتى عارفة الطفل الأخير لما بييجى بعد سنين كل اللى فى البيت بيبقى فرحان بيه وبيدلعه .. وبالأخص الأب .. وبيتعاملوا معاه من منطلق الحب مش منطلق الأمانة .. وهو ده الفرق اللى بينى وبين خالد واخواتها فى معاملة غادة .. هما بيعاملوها من منظور الحب وأنا بعامل الجميع من منطلق الأمانة .. صحيح بحبهم كلهم وبخاف عليهم من الهوا الطاير .. ودى غريزة ربنا حاططها فى قلوب الأم والأب على حد سواء .. ومعزتهم واحدة فى قلبى .. ولا يمكن أميز واحد عن التانى .. بس قبل حبى لهم فيه حبى لربنا وخوفى منه سبحانه وتعالى .. وولادى وجوزى بالنسبة لى أمانة حيسألنى عليها ربنا .. هل كنت على أد المسئولية بالنسبة لهم وحافظت على أمانته ولا لأ ..
كانت رنيم تستمع الى أمينة فى انتباه شديد .. وما لبثت أمينة تصمت للحظات تلتقط انفاسها حتى انتهزت رنيم الفرصة لتقول : أنا أول مرة انتبه لموضوع الأمانة ده .. عمر الكلام ده ما ورد على بالى ولا فكرت فيه .. بس بعد ما سمعته منك .. حسيت ان الموضوع كبير ويستحق انى افكر فيه وأجهز له من دلوقتى ..
أمينة : طبعا يا رنيم .. الموضوع كبير ومش سهل .. ولازم ترتبى اولوياتك فى تربية ولادك ..
رنيم : مش فاهمة .. يعنى ايه ارتب أولوياتى بالنسبة للولاد ..؟
أمينة : شوفى يا ستى .. الموضوع صعب شرحه .. بس سهل تطبيقه .. يعنى باختصار شديد .. ربى ولادك على مبدأ الحلال والحرام .. مش على مبدأ العيب أو الصح والغلط .. ومش على العادات والتقاليد اللى المجتمع بيقرضها علينا .. خدى من العادات والتقاليد اللى يتفق مع تعاليم الدين .. ومتهتميش باللى يخالفه .. حتى لو حتتعرضى للوم الناس من حواليكى ..
رنيم : فهمتك .. الحلال والحرام مبدأ ثابت مبيتغيرش لو اتغيرت الظروف أو عادات وتقاليد المجتمع وثقافاته .. لكن مبدأ الصح والغلط نسبى .. يعنى اللى ممكن يكون صح فى مجتمع أو ثقافة .. هو نفسه يكون غلط فى مجتمع تانى وثقافة تانية ..
أمينة : بالظبط كده .. وبعدين يا رنيم الدنيا اليومين دول بقت صعبة .. يعنى اللى ممكن انتى تتعبى فيه وتسهرى الأيام والليالى لغاية ما تحطى ابنك او بنتك على الطريق الصحيح سواء فى سلوك أو معتقد .. ممكن شوية صحاب يغيروه فى ثانية .. علشان كده الموضوع عايز صبر ومداومة .. وانك متيأسيش ولا تملى من التكرار ..
رنيم : ياه يا ماما أمينة .. ده أنا كنت محتاجة بشدة انى اتكلم معالكى .. حاسة اننا لازم نقعد مع بعض كتير اليومين دول آخد كورس فى التربية .. ده انتى ماشاء الله عليكى قاموس فى التربية .. ايه رأيك .. أنا حاسة انى لو قعدت معاكى كام يوم حطلع بفكرة كتاب فى التربية ملوش مثيل ..
ضحكت أمينة وهى تقول : نعالى يا ختى اقعدى معايا زى ما انتى عايزة .. بس بشرط تحطى اسمى على الكتاب .. أو على الأقل تعمليلى أهداء ..
رنيم : خلاص .. أنا حتفق مع أشرف نيجى نقعد معاكم كام يوم ..
أمينة : تنورينا يا رنيم .. البيت بيتك .. وانتى عارفة اد ايه انتى غالية عليا .. انتى بنتى التانية يا حبيبتى ..
رنيم : ربنا ما يحرمنى منك يا ماما أبدا .. مفيش حد برتاح معاه فى الكلام ادك ..
أمينة : تسلميلى يا رنيم .. ومش عايزاكى تفكرى كتير فى موضوع اشرف .. وبكرة تقولى امينة قالت .. أول ما حيشيل بنته كل اللى فى دماغه ده حيتبخر ومش حيبقى فيه حد عنده فى غلاوتها ..
رنيم : يارب يا ماما .. نفسى احس انه فرحان بيها ..
أمينة : باذن الله توصل بالسلامة .. علشان كلنا مستنينها مش انتى وأشرف بس ..
رنيم : باذن الله .. اسيبك بقى علشان أنا حاسة انى عطلتك ..
أمينة : أبدا يا حبيبتى .. يعنى هو أنا ورايا ايه .. عموما مستنينكم قريب ..
رنيم : باذن الله .. مع السلامة ..
أمينة : مع السلامة يا حبيبتى ..

أغلقت أمينة الخط وجلست تفكر فى غادة .. شعرت أن مكالمة رنيم جاءتها فى وقتها .. ربما كانت رنيم تحتاج ان تستمع الى نصيحة أمينة بخصوص تربية الأولاد .. ولكن أمينة نفسها شعرت أنها كانت فى حاجة ان تعيد على مسامعها ما نصحت به رنيم .. وتذكر نفسها به .. لذا هدأت أمينة قليلا .. وقررت من جديد أن تفكر فى كيفية تقويم سلوك ابنتها .. بل وسلوك زوجها .. لأن أمر ابنتها وتصرفاتها لن تستقيم الا باقتناع خالد بانه يجب أن يغير من طريقته مع غادة .. ويكون هو وأمينة على نهج واحد فى التعامل معها .. لان ذلك فى مصلحتها اولا واخيرا .. خصوصا وهى بعد فترة قصيرة سوف تنتقل الى مرحلة جديدة من حياتها تحتاج قبلها أن تتغير وتفهم الدنيا على حقيقتها .. الا وهى مرحلة الجامعة ..

لم تدخر امينة وقتا .. فتعوذت بالله من الشيطان الرجيم وعزمت ان تتكلم مع ابنتها ..
طرقت أمينة باب حجرة غادة ثم دخلت .. التفتت اليها غادة التى كانت تجلس على مكتبها تتصفح الفيس بوك .. لم تتوقع غادة ان تأتى إليها أمينة .. لذا نظرت اليها بنظرة تعجب قرأتها أمينة فى عينيها فارتبكت قليلا وترددت فى مدخل الحديث معها ولكنها قالت فى محاولة ثبات وبشيء من الحنان : غادة .. ممكن نتكلم ..؟!
غادة بتلعثم وهى تفكر فى تلك المبادرة من امها .. هل ستبدأ فى تعنيفها ونهرها على ما فعلت .. أم ستبدأ بإلقاء التعليمات المغلفة بالنصائح على مسامعها ولا تتطرق أبدا الى النقاش حول نقطة الخلاف بينهما .. فغادة مثلها مثل أى فتاة فى هذا العمر تحتاج الى الحوار والنقاش وتؤمن انه من حقها الاقتناع بما يملى عليها من أفكار أو اقتراحات أو نصائح .. ولكن الأهل غالبا ما يتجاهلون هذا الحق على أساس أنهم يعرفون أكثر وأنهم مروا بتجارب كثيرة فى الحياة ولا يرون ان هناك ما يدعو ابنائهم للخوض أو المرور بنفس التجارب .. ولكنهم يجهلون فى نفس الوقت أن الظروف غير الظروف وأن الفكر غير الفكر وقد تطور بقدر فرق السنين بين الأجيال .. الأهل ينسون أن الكثير منهم قد اختلف مع آبائهم .. تماما كما يحدث الآن مع ابنائهم .. وتلك نقطة أو جوهر الخلاف ..
ردت غادة بفتور : زى ما تحبى يا مامى .. بس ياريت الكلام ميكونش هو هو .. اقصد الكلام بتاع كل مرة ..

حاولت أمينة ضبط أعصابها وتجاهل استفزاز ابنتها .. فردت عليها بنفس الثبات والهدوء : لا متقلقيش يا غادة .. مش بتاع كل مرة .. أنا بس كنت عايزة أعرف ليه دايما بحس بانك مش بتحبينى زى ما بتحبى بابا .. مع ان المفروض اننا نكون اقرب لبعض .. على اساس اننا من نفس النوع .. بنات يعنى ..
غادة وما زالت تتمتع بشيء من السخرية والتهكم : مش عارفة بصراحة .. بس المفروض انك تكونى عارفة اكتر منى .. على اساس انك اكبر منى وان حضرتك اللى ربتينى .. بس أنا حجاوب حضرتك من وجهة نظرى ..
أمينة : ياريت .. بصراحة أحب أسمع وجهة نظرك ويهمنى أعرفها .. يمكن نوصل لنقطة تلاقى ..
غادة : حضرتك دايما مهتمة بانك تقولى نصايحك بمناسبة ومن غير مناسبة .. مبتحوليش تدخلى معايا فى حوار ونقاش .. ولا تسمعى وجهة نظرى .. دايما محسسانى ان افكارى و تصرفاتى وفكرى غلط .. وحتى لو ده صحيح .. مبتحوليش تصلحى من اخطائى بالحوار .. دايما نصايح وشخط وبس .. عمرك ما فكرتى فى اللى بمر بيه .. ولا عذرتى سنى وتفكيره مع انك أكيد مريتى بنفس ظروفى لما كنتى فى سنى ..

سكتت أمينة طويلا تفكر فيما قالته غادة .. هى تتذكر كم مرة حاولت أن تتكلم معها تحاورها تجذبها اليها ولكن فى كل مرة كانت ابنتها تصدها .. تتهرب من الحديث معها .. تتجنب حوارها .. فكان اليأس يتملكها وتكف عن المحاولات .. ولكنها تدرك ان أشد ما يؤرق حياتها هو علاقة الود والتفاهم المفقودة بينهما ..

كادت غادة تتوقع منها رد فعل عنيف لما ذكرته .. ولكن أمينة قد خيبت ظنها فقالت : يمكن عندك حق .. بس للدرجة دى مش فاكرة انى حاولت اكتر من مرة انى اقرب منك .. اتحاور معاكى .. حاولت اننا نكون صحاب .. !! مش فاكرة انى قربت منك بعد موضوع الأخ حسام واحتويت واحترمت رغبتك .. ورحت قابلته .. وكمان سمحت له انه ييجى البيت ويقابل بابا ..
غادة بلوم : أيوة فاكرة .. بس ده بعد ما ضربتينى بالقلم لأول مرة فى حياتك ..
أمينة : وتفتكرى ايه حيكون رد فعل أى أم لما تعرف ان بنتها اللى مكملتش سبعتاشر سنة بتتكلم مع راجل وبيقولها الكلام اللى قريته ساعتها .. عموما .. الموقف ده أنا سايباه للزمن .. هو اللى حيعرفك ان رد فعلى كان طبيعى .. بكرة لما تتجوزى وتخلفى بنت أو حتى ولد حتقابلى مواقف كتيرة معاهم .. حتعرفى ساعتها ان فيه أمور بيبقى من الصعب على الأهل يتحكموا فى رد فعلهم .. سكتت أمينة قليلا ثم قالت .. وبعدين أنا بعدها اعتذرت لك واتفقنا اننا نقرب من بعض واننا نبقى صحاب ..
غادة : بس حضرتك اتغيرتى بعد ما انتهى موضوع حسام .. ورجعتى تعاملينى على انى بنتك الصغيرة اللى على طول بتغلط ومبتعملش حاجة صح .. رجعتى للنصايح والأوامر وبس .. محاولتيش تقربى منى وانتى عارفة انى خارجة من تجربة صعبة زى اللى مريت بيها مع حسام ..
أمينة : ياه يا غادة .. للدرجة دى انتى محستيش اد ايه كلنا .. مش أنا بس حاولنا فى الفترة دى نقرب منك وانتى اللى كنتى قافلة على نفسك وبتمنعى أى حد يتكلم معاكى فى الموضوع ده ..
دمعت عين أمينة وهى تقول .. أنا برضه كنت فى الوقت ده بمر بظروف صعبة .. صعبة جدا لأى ست انها تمر بيها .. بس انتى كان كل اللى همك فى الوقت ده ان ميكونش موضوعك مع حسام هو السبب فى اللى جرى لى .. كنتى بتهربى من الاحساس بالذنب مش اكتر .. مكنتش بشوف فى عنيكى الا ده .. مشوفتش أبدا لهفة ولا خوف على حالتى .. زى ما كل بنت بتحس ناحية امها فى الظروف اللى زى دى ..

تأثرت غادة بدموع امها وكلماتها فاتجهت اليها وارتمت بحضنها وقد امتلئت مقلتيها هى الأخرى بدموع حارة وبنبرة شفقة وحنين اليها : مامى .. أنا آسفة .. أرجوكى متعيطيش .. أنا كنت بهزر معاكى والله .. مكنتش أعرف ان اللى قلته ده حيزعلك بالشكل ده .. أرجوكى سامحينى ..
حضنتها امينة بحنان وهى تقول : أنا مش زعلانة من اللى انتى قولتيه يا حبيبتى .. أنا كل اللى يهمنى اننا نبقى أصحاب .. مين لي غيرك فى الدنيا اتكلم معاها واحكى لها عن اللى جوايا .. وانتى كمان ياريت تتكلمى معايا وتقوليلى على اللى جواكى .. اللى بيفرحك واللى بيزعلك .. هو أنا لى بنت غيرك يا غادة .. يا حبيبتى أنا عايزة ابقى دايما مطمنة عليكى .. مش عايزاكى تكونى بعيدة عنى وتمرى بتجربة تانية مؤلمة زى اللى مريتى بيها مع حسام .. سكتت أمينة قليلا ثم أكملت .. تعرفى يا غادة .. أنا حبيت باباكى وأنا تقريبا فى سنك .. حسيت بمشاعر ناحيته من أول مرة شفته فيها وحتى من قبل ما نتكلم .. بس أول ما اتأكدت من مشاعرى ناحيته مسبتش نفسى تستمر فى حبه .. وعلى اد ما حبيته .. على اد ما كنت خايفة .. كان أول مرة قلبى يتحرك فيها ناحية راجل .. وعلشان كده اتكلمت مع ماما الله يرحمها .. قلت لها على اللى جوايا واللى بشعر بيه ناحية خالد ..

كانت غادة تستمع الى أمينة فى حماس وهى تكلمها وللمرة الأولى عن حبها لأبيها بهذا الشغف والعمق .. كانت تريد أن تعرف تفاصيل حكايتها .. حكاية حب أمينة وخالد .. تريد أن تكتشف مبرر لعلاقتها بسعيد ومشاعرها تجاهه .. وفى نفس الوقت تريد ان تسمع خبايا قصة الحب التى كانت تشعر دائما انه ينقصها شيء ما لطالما أحسته فى معاملة خالد لأمينة ..
غادة وهى تظهر شيئا من الحماس والتعجب : معقول يا مامى انتى بنفسك قلتى لتيتة عن مشاعرك ناحية بابى .. أقصد مخفتيش من رد فعلها ..
أمينة وهى تسرح فى الذكريات مبتسمة : أنا عمرى ما خفت من أمى .. بالعكس كانت تعرف عنى كل كبيرة وصغيرة فى حياتى .. كانت أمى وصاحبتى فى نفس الوقت .. وكنت بحس بكلامها معايا انها اكبر حماية لى من أى شيء ممكن يواجهنى أو جديد على .. كانت بتتكلم معايا كتير وفى كل حاجة .. ومكنتش بخجل اقولها عن كل حاجة تخصنى .. وبابا كمان الله يرحمه كان بيتعامل معايا بنفس الطريقة .. حبى لهم كان متساوى .. مكنتش بحب حد فيهم اكتر من التانى .. طول حياتى كنت بحس انى عايشة مع اتنين صحابى مش أمى وأبويا ..
غادة بعفوية : ياه .. أهو أنا كان نفسى تكونى معايا زى تيتة ماكانت معاكى ..
أمينة : يا بنتى أنا بحاول .. بس للأسف انتى مش مساعدانى .. انتى يا غادة عايزة كل رغباتك تكون مجابة من غير ما تفكرى ايه آخرة رغبتك دى وايه النتايج .. وياترى حتكون فى مصلحتك ولا ضدك .. مش معنى ان أمى كانت بتعاملنى معاملة الصحاب انى كنت بسوق فيها وبعمل اللى أنا عايزاه او إنها ماكنتش بتعترض على بعض افكارى ورغباتى .. لا ده كان بيحصل .. بس الفرق اللى بينى وبينك فى المواضيع دى انى كنت باخد بالنصيحة .. على فكرة هى كانت بتنصحنى وفى النهاية بتسيب لى حرية الاختيار .. وأنا دايما كنت باخد بنصيحتها ..
غادة : طيب احكى لى بقى بالتفصيل الممل عن حبك انتى وبابى .. وازاى تيتة وجدو اتقبلوا انك تحبى فى السن ده وازاى اتجوزتى من بابى .. ولما كنتم بتتقابلوا كنتم بتقولوا اوبتعملوا ايه .. و.......

قاطعتها أمينة وهى تضحك : حيلك حيلك .. دى قصة طويلة .. يعنى مش حتخلص فى قاعدة .. أنا ححكى لك كل ما افتكر حاجة .. بس على شرط .. اننا من دلوقتى احنا صحاب قبل ما نكون أم وبنتها .. عايزاكى تتكلمى معايا عن كل حاجة تخصك .. وصدقينى .. أنا مش حمنعك عن شيء .. لكن حنصحك .. بس خلينا متفقين من دلوقتى ان فيه فى حياتنا خطوط حمرا مش حسمح لك كأم انك تتخطيها أبدا .. اتفقنا ..
غادة بسعادة وحماس : اتفقنا يا أمونة ..

ضحكت أمينة وهى ترى غادة تتحدث معها بلهجة وطريقة أمير أخيها التى تعشقها أمينة وكأن غادة تعلن معها بداية صفحة جديدة لعل كل منهم يقترب من الآخر ويرتاح بال أمينة .. ثم همت أمينة بالخروج من غرفة غادة بعد أن ضمتها الى صدرها ضمة قوية تعبر لها بها عن مدى حبها لها .. ثم تركتها بلطف وهى تقول : أنا حسيبك دلوقتى تشوفى مذاكرتك .. وأروح أصحى بابا ..
خرجت أمينة من الحجرة وتركت غادة تفكر فى حوارها مع أمها وتوبخ نفسها على ما فعلت .. وقد عقدت العزم على أن تقترب من أمها فى الفترة القادمة .. كانت تفكر فى ان تصارحها بحبها لسعيد .. ولكنها كانت مترددة بشدة فى ان تقدم على تلك الخطوة .. فهى تدرك أنه من الصعب أن توافق أمينة على تلك العلاقة ..

اتجهت أمينة الى حجرة نومها ولكنها فى طريقها اليها فكرت فى خالد وتصرفه معها أمام غادة .. فقلبها كان غاضب من تصرفه .. ولم تجد له عذرا فيما فعله سوى انه يتعرض لضغوط رأتها فى عينيه على الغداء ولم تستطع معرفة سببها .. لذا آثرت أن تتبع معه اسلوب الزعل منه .. ذلك الاسلوب الذى لا تجيد سواه حتى يشعر بما فعل ويعتذر ليصالحها وترضى عنه .. لذا لم تدخل الى الحجرة وعادت لتجلس فى مكانها المفضل تنظر الى البحر وقت الغروب ..
استيقظ خالد وخرج من حجرته بعد حوالى ساعة .. فألقى تحية المساء على أمينة .. ولكنها ردت عليه باقتضاب .. فعلم خالد أن أمامه أياما من الغضب لن تنتهى الا بالاعتذار والصلح مع أمينة .. ولكنه كان مشغولا وما زال يفكر بموضوع علا .. وكما وعدها فسوف يتحدث الى ياسر لينهى معه موضوع الطلاق ..

ترك خالد أمينة ليدخل الى غرفة المكتب .. و طلب ياسر تليفونيا ..
ياسر : آلو ..
خالد السلام عليكم يا استاذ ياسر .. أنا المهندس خالد صاحب المهندس مصطفى والد علا مراتك .. الله يرحمه .. يا ترى فاكرنى ..

تهلل وجه ياسر بعد ان وجد متنفسا فى اتصال خالد ربما يساعده على تسوية الأمور بينه وبين علا لصالحه : أهلا يا أنكل طبعا فاكر حضرتك .. ازيك وازى صحة حضرتك ..
خالد : بخير .. بخير يابنى .. الحمد لله ..
ياسر : خير يا أنكل ..
خالد : خير يا ياسر .. كنت حابب اتكلم معاك فى موضوعك مع علا .. هى كلمتنى النهاردة وطلبت منى انى اتكلم معاك .. بس زى ما انت عارف المواضيع اللى زى دى مينفعش نتكلم فيها فى التليفون .. فياترى وقتك يسمح اننا نتقابل ونتكلم ..
ياسر : طبعا يا أنكل .. أنا تحت أمرك .. أنا فى أجازة لمدة شهر .. هنا فى مصر .. شوف حضرتك الوقت اللى يناسبك ونتقابل ..
خالد : لو ممكن تشرفنى بكرة يكون أفضل .. بس أنا فى اسكندرية زى ما أنت عارف .. معلش حتعبك معايا شوية ..
ياسر : يا خبر يا أنكل خالد .. ده أنا آجى لحضرتك فى أى مكان .. وزى ما قلت لحضرتك .. أنا فى أجازة .. يعنى فاضى مفيش ورايا حاجة .. بكرة ان شاء الله حكون عند حضرتك .. تحب حضرتك نتقابل فين فى اسكندرية .. والساعة كام ..؟
خالد : نتقابل فى الشركة عندى الساعة تلاتة لو يناسبك .. أنا حبعت لك لوكيشن الشركة على الواتس أب ..
ياسر تمام يا أنكل .. تلاتة حكون عند حضرتك باذن الله ..
خالد : شكرا يا ياسر ..
ياسر : تحت أمرك يا أنكل .. أشوفك بكرة على خير .. مع ألف سلامة ..
خالد : مع السلامة..

أغلق خالد الخط .. ثم جلس لدقائق بعد أن استراح من مكالمته مع ياسر .. فقد اتخذ الخطوة الأولى لحل مشكلة علا وارتاح قلبه قليلا .. ولا بد الآن من حل مشكلته مع أمينة والا سوف يعانى من تكشيرتها حتى تصفح عنه .. وهو لم يعد يتحمل خصامها أو زعلها منه ..

خرج الى صالة البيت فوجد أمينة كما هى جالسة فى مكانها تنظر الى البحر ..
خالد : ايه يا أمينة .. يعنى مسألتنيش أشرب ايه ..
أمينة وهى لا تنظر اليه وبنبرة الغضب : تحب تشرب ايه يا خالد ؟
خالد : طيب بذمتك ممكن اطلب منك أى حاجة اشربها وانتى بتردى بالشكل ده ..
أمينة : ماله الشكل ده .. ما هو نفس الشكل اللى انت مهزؤه قبل ما تنام .. عايزه يكون ايه غير كده بعد تهزيئك لى ادام بنتى ..؟
خالد وهو يقترب منها فى ابتسامة صافيه : حقك على يا ستى .. بس أنا مضغوط شوية وصوتك انتى وغادة كان عالى ..
أمينة : وعلشان كده تهزئنى وتاخدها هى فى حضنك .. سكتت للحظات ثم قالت : اسمع يا خالد .. طريقتك دى بالرغم من انها بتعصى بنتى على وتقريبا بتفسد العلاقة اللى بينى وبينها .. بس مش ده اللى يهمنى مع انه مزعلنى وقاهرنى.. اللى يهمنى انك متضرش البنت وتفسد اخلاقها .. انت نسيت اللى وصلت له البنت بدلعك فيها .. البنت كانت على وشك انها تضيع مع راجل ضعف عمرها .. اتعرفت عليه على النت اللى انت سمحت لها انها تكلم وتتواصل مع أى حد عليه .. ولولا ستر ربنا وان البنى آدم اللى كلمته كان عنده شوية ضمير .. الله اعلم كان حصل لها ايه .. ولمجرد انى صوتى علا عليها بسبب تعليق سخيف منها .. طلعت من اوضتك تهاجمنى أنا بدل ما تستفسر عن سبب علو صوتى عليها ..

كان خالد فى كل مرة يشعر بمدى خطأه فى تربية غادة .. ولكنه للأسف كان ضعيفا أمام رغباتها لأنه كان يحبها بشدة .. وقد تعود على تدليلها للدرجة التى أفسدت العلاقة بينها وبين أمها .. وهو متأكد من أن أمينة تقول الصدق فى ان طريقته يمكنها ان تفسد ابنته وتؤذيها ..
رد خالد على أمينة : اهدى يا أمينة من فضلك .. الموضوع مش مستاهل .. أنا عارف انى غلطان .. بس أعمل ايه .. انتى عارفة ان غادة هى نقطة ضعفى .. مش بقدر ازعلها او أشوف حد بيزعلها ..
أمينة وقد هدأت قليلا : أيوة يا خالد بس انت بالشكل ده عامل زى الدب اللى قتل صاحبه .. وجه الوقت اللى تغير من طريقتك معاها علشان خاطر مصلحتها .. والا حنتفاجأ بمصيبة جديدة من مصايبها .. والله أعلم المرة دى حتوصلها وتوصلنا لفين ..
خالد بنفاذ صبر : حاضر .. حاضر يا أمينة .. أوعدك ححاول .. يالا بقى افرديها شوية .. أنا مبستحملش أشوفك زعلانة منى ومبوزة فى وشى بالشكل ده ..
أمينة بدلال : ياسلام .. ده على اساس ان زعلى يهمك أوى .. او أنا كلى على بعضى بفرق معاك ..

اقترب منها خالد يضمها الى صدره بحنان : كل ده ومش قادر اوصلك اد ايه انتى مهمة فى حياتى .. وان زعلك يفرق معايا أوى .. يا ترى العيب فى مين .. في ولا فيكى يا امونتى ..
أمينة وما زالت تتدلل : لا فى ولا فيك يا حبيبى .. بس انت اللى ساعات بترجع خالد بتاع زمان .. وبتعتبرنى غريبة عنك وبتخبى على اللى شاغلك أو مضايقك ..
خالد : أبدا يا حبيبتى : أنا خالد اللى عارف قيمتك ومش ممكن يتغير من ناحيتك .. بس كل الحكاية انى مش عايز ادوشك بمشاكل ممكن تأثر عليكى ..
أمينة : شايف .. اديك بتحط الحدود بتاعة زمان بينا .. وهو لو مش حشيل معاك واشاركك المشاكل مين بقى ان شاء الله اللى حيشاركك فيها ..
خال : طيب يا أمينة .. ممكن الأول تقومى تعملى لى كوباية شاى من ايديكى الحلوة دى وأنا حقولك ايه اللى شاغلنى .. ويمكن رأيك يساعدنى فى المشكلة دى ..
شعرت أمينة بسعادة بالغة وقامت بحماس لتلبى رغبته فى كوب الشاى .. قبل رغبته فى ان يقص عليها ما يشغله ..

عادت بعد دقائق قليلة ووضعت صينية الشاى امامه على الطاولة الصغيرة فى المكان الذى تحب ان تجلس فيه دائما .. وكانت رائحة البحر تتسرب من النافذة الى صدورهما فتضفى على مشاعرهم شيئا من الشجن الجميل .. الشجن الذى يجعل الانسان يحب ان يستفيض فى التعبير عما يجيش بصدره من هموم وذكريات سواءا كانت جميلة ام أليمة ..
أمينة : آدى يا سيدى كوباية الشاى .. يارب تعجبك وتعدل مزاجك ..
خالد مبتسما : أنا مزاجى معدول طول ما أنا شايفك مبسوطة يا حبيبتى ..
أمينة : تسلم لى يا حبيبى .. هه .. قوللى بقى ايه اللى شاغلك ومحسسنى انك مهموم بالشكل ده ..
خالد بعد تنهيدة حارقة : علا بنت مصطفى الله يرحمه يا أمينة ..
أمينة : علا .. مالها علا .. وايه اللى فكرك بيها .. ؟
خالد : علا كلمتنى النهاردة فى التليفون .. وعايزانى اقف معاها فى طلاقها من ياسر جوزها ..
أمينة وقد افزعها موضوع الطلاق : يا ساتر يارب .. طلاق .. لا حول ولا قوة الا بالله .. وليه كده ..
قص عليها خالد ما حكته له علا عن اسباب طلبها للطلاق .. كانت أمينة تستمع له مندهشة مما يقول .. وعن اسباب اختيار علا له فى ان يساعدها ويقف بجانبها حتى تنتهى من موضوع ياسر .. وعندما انتهى من القصة سألها : انتى شايفة ايه يا أمينة ..؟
سكتت أمينة قليلا تفكر .. فهى لم تتعود أن تعطى رأيا متسرع .. وكان خالد يحترم فيها هذه الصفة ويقدرها .. فانتظر حتى تنتهى من تفكيرها وتكوين رأى الى ان تكلمت أمينة وقالت : الموضوع والقرار أصعب من بعض .. أنا أول مرة أبقى محتارة بالشكل ده .. بس أنا ميالة انها فعلا تطلق منه .. الحياة معاه أصبحت شبه مستحيلة .. خصوصا وانها حتى لو قدرت تغفر له الغلطة البشعة دى .. حتعمل ايه مع أخوها .. اللى أكيد لو عرف انها حترجع للخاين ده اللى كان سبب فى موت مراته مش حيعرفها ابدا بعد كده .. وهى مش معقول حتقبل انها تخسر أخوها علشان خاطر زوج خاين بالشكل ده ..
ياريت يا خالد تقف جنبها وتساعدها لغاية ما تتخلص من الراجل الخاين ده .. ده ما يستهلهاش أبدا ..
خالد : أكيد يا أمينة حقف معاها .. أنا كلمته النهاردة ووعدنى انه حيجيللى الشركة بكرة علشان اتكلم معاه ..

كانت أمينة قد علمت فى سياق كلامه ان سلمى قد تزوجت .. وكم كانت سعادتها بهذا الخبر .. وقد لاحظ خالد تهلل وجهها بهذا الخبر .. فأمينة بالرغم من معاملة خالد الطيبة لها من شهور طويلة الا انها لم تنسى أبدا موضوع حب خالد القديم لسلمى .. ولن تنساه طوال حياتها .. ولكن ان تتزوج سلمى من رجل آخر فهذا شيء يهدأ من روعها ومخاوفها تجاه علاقة خالد بسلمى ...

----------------------------------------------------


Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-21, 05:05 PM   #17

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل السابع

القراء الأعزاء .. اليكم الفصل السابع من رواية "ما بعد البداية" ......................... بقلم : ممدوح السيد ...
قراءة ممتعة بإذن الله ..
-----------------------------------------------

ما بعد البداية


الفصل السابع (عودة للحقيقة)

دخلت خلود وزوجها الى الفيلا بعد العودة من حفل زفاف نادر وسلمى .. لم يتمكن مجدى طوال الطريق من الحديث معها بخصوص شريف وبسمة نظرا لوجود سائق السيارة معهم .. لكن خلود كانت تشعر بمدى غضبه وتخشى ردة فعله عندما يصلون الى البيت .. لذا آثرت أن تصعد على الفور الى حجرتها تجنبا لحالة الغليان التى يمر بها .. وتفاديا لإثارة الخلاف معه والشجار الذى فى النهاية ربما يؤذيها ويؤذى ابنها .. فقد يصل شريف فى أى لحظة ويراهم فى حالة شجار وتعاوده متاعب عينيه من جديد .. فهى تعلم مدى انانية زوجها عندما يتعلق الأمر بقراراته وما يرغب به ..
جلس مجدى فى الطابق السفى ينتظر وصول شريف بعد عدة محاولات للوصول له عبر الموبايل .. ولكن كان تليفونه دائما خارج الخدمة .. وعندما تأخر .. اضطر أن يصعد هو الآخر الى حجرته لعله يجد عند خلود اجابة لما حدث فى الحفل ..

دخل الغرفة وأغلق الباب خلفه بشدة .. حتى أن خلود التى كانت تجلس نصف جلسة فوق سريرها قد فزعت من شدة غلق الباب .. ثم توجه اليها بصوته المزعج الذى لا يستطيع معه ان يتحكم فى طبقته أو نبرته الغاضبة دائما بسؤال فيه كثير من اللوم والتقريع : تقدرى تفهمينى يا ست هانم ايه اللى حصل النهاردة فى الحفلة .. وفين المحروس ابنك اللى طلع يجرى وراها أدام عنينا لغاية دلوقتى ..؟ والله انا بستعجب .. هى البنت دى عاملاله عمل ولا ايه .. ده طلع يجرى وراها زى العيل اللى بيجرى ورا امه وخايف تضيع منه .. أكيد الزفتة دى عاملاله عمل .. مهو مش بعيد عن الاشكال دى حكاية السحر والاعمال .. ماهى بيئة واطية هى واللى خلفوها ..
استفزت الجملة خلود ولم تستطيع ان تسكت فردت بسخرية : على حسب ما اعرف انك وابوها من بلد واحدة ..

بالرغم من ان ردها قد استفزه لكنه آثر ان لا يعلق على ما تقول .. خشية ان تشتعل الأمور بينهما من جديد وتعاود طلب الطلاق والخلع ..
لكن خلود وهى تعلم أن أى استفزاز آخر له وهو فى هذه الحال لن تحمد عقباه .. عادت تقول بهدوء : عموما أهدى يا مجدى .. الموضوع مش مستاهل ..

مجدى وقد علت نبرة صوته الغاضبة: أهدى ..؟!! طبعا .. ومن غيرك حيقول كده .. ماهى الحشرة دى على هواكى .. ونفسك تكون مرات ابنك .. حتقوللى ايه غير انى أهدى ..
خلود وما زالت متمسكة بعدم استفزازه : أنا مش بقولك اهدى علشان أنا عايزة بسمة لشريف .. أنا بقولك اهدى علشان لو شريف وصل واننت فى الحالة دى حيتصدم بانك رافض بسمة .. وانك كنت بتضحك عليه الفترة دى كلها .. وساعتها زى انت ما فهمتنى انه ممكن ينتكس مرة تانية ..
مجدى وقد عقل ما قالته خلود للتو .. لكن تكبره واعتزازه برأيه جعله ينسى مصلحة ابنه فقال : ما ينتكس ولا يروح فى داهية .. أنا محدش يكسر كلامى أبدا .. واللى أنا عايزه هو اللى حيكون .. حتى لو فقد بصره .. أو مات ..

خلود وقد افزعها بشدة ما تفوه به مجدى للتو : اخرس .. بعد الشر عليه .. انت ايه .. ازاى ابنك يهون عليك للدرجة دى .. ابنى لو حصل له حاجة بسبب الموضوع ده صدقنى أنا حيكون انتقامى منك شديد ..
مجدى مستفزا اياها ببروده المعتاد .. وكأن هناك شيطانا يحركه حتى يصل دائما لدرجة استفزاز يجعل من امامه يتمنى لو انه يمحى من على وجه الأرض : حتعملى ايه يعنى .. اللى زيك ميقدرش يعمل معايا أى حاجة ..
خلود بيأس : لكن ربنا يقدر .. ربنا يقدر يهدك ويكسر جبروتك اللى بتفترى بيه على الناس .. مالها بسمة .. بنت زى الوردة المفتحة .. وابنك حبها ومش قادر يعيش من غيرها .. ليه مش موافق على جوازهم .. حتقوللى انها فقيرة .. وانت كنت ايه قبل ما تكون دكتور وتكبر على كتاف غيرك .. كنت ولا حاجة .. هى كمان حتبقى دكتورة .. بس الفرق اللى بينها وبينك انها حتكبر بمجهودها .. مش حتدور على حد تكبر على كتافه ..
مجدى باستهزاء وسخرية : أمال تفتكرى ليه رمت شباكها على ابنك العبيط .. مش علشان تكبر على كتافه وكتاف أبوه .. صاحب أكبر مستشفى فى البلد .. وأوعى تقوليلى انها مبتفكرش فى ده ..
خلود : دى مشكلتك يا مجدى .. فاكر ان كل الناس زيك .. فاكرهم وصوليين .. بس صدقنى .. مش كل الناس زيك .. بيخططوا بخبث وبيتمسكنوا لحد ما يتمكنوا .. مش كل الناس بيظهروا طيبتهم فى البداية لفريستهم لحد ما يتمكنوا منها وبعد كده يظهروا على حقيقتهم ويتنكروا للى وقفوا جنبهم ..
مجدى بقرف : كفاية بقى .. أنا زهقت من الاسطوانة المشروخة دى .. لو انت راضية لابنك الفقر .. فأنا لا يمكن اساعده على الجنان اللى فى دماغك ودماغه .. وبكررها لك تانى يا خلود .. شريف لو مبعدش عن البنت دى أنا حأذيها ... حتى لو حصل له اكتر من اللى حصل قبل كده ..
خلود وهى فى صدمة مما يقول : يبقى على جثتى يا مجدى ... وأول شيء حتعمله انك تطلقنى قبل ما تمس شريف أو بسمة بأى سوء ..
مجدى : أنا لو على خلاص مبقتش عايزك فى حياتى .. وخليكى عارفة كويس انى مش متمسك بيكى غير علشان الشكل الاجتماعى ..
خلود : أنا قلتهالك قبل كده .. بس انت الظاهر انك كبرت وبتنسى .. لو مطلقتنيش فى هدوء .. أنا حرفع عليك قضية خلع .. وورينى بقى الشكل الاجتماعى حيبقى وضعه ايه بالنسبة لك ..
قالت خلود جملتها الأخيرة وقد وصلت الى باب غرفتها وفتحته وخرجت تبكى مهرولة لتدخل حجرة أخرى تبيت فيها بعيدا عن هذا الوحش الذى أصبحت حياتها معه مستحيلة .. لا يمر اسبوع واحد والا يكون بينهما خلاف كهذا ..

فى حين أن مجدى كان مازال منتصبا فى وسط الغرفة بجبروته لم تهتز له شعرة بعد الحالة التى وصلت إليها خلود.. بل أنه اطاح بذراعه الأيمن خلفها وهو يقول : روحى فى ستين داهية .. وابقى ورينى حتخلعينى ازاى .. قال تخلعنى قال ..

----------------------------------------

عاد شريف الى المنزل بعد ان ترك بسمة متأخرا .. كان يشعر بسعادة كبيرة ان الأمور بينه وبين بسمة قد عادت كما يحب .. ولكنه كان يفكر فيما تخفيه عنه بسمة .. ويجعل أمر زواجه منها مستحيلا كما ذكرت هى ..

جلس فى بهو الفيلا على احدى المقاعد يفكر ويراجع الأحداث ولكنه لم يصل لشيء .. مرت عدة دقائق قبل أن يسمع احدى أبواب الفيلا فى الدور العلوى يفتح .. فنظر الى اعلى ليجد امه تخرج من حجرتها متجهة الى الغرفة المجاورة لغرفته وتفتحها وتدخل اليها وتغلقها بعصبية ..

صعد شريف الى الغرفة .. طرق الباب ثم دخل دون ان تأذن له .. فوجد خلود منهارة على احدى المقاعد ..
شريف بلهفة وفزع : ماما .. مالك فيه ايه .. بتعيطى كده ليه ..
خلود بعصبية وهى تحاول ان تكبح نشيجها : مفيش .. مفيش يا شريف .. أرجوك سيبنى لوحدى شوية ..
شريف : اسيبك ازاى وانتى فى الحالة دى .. أرجوكى اهدى وفهمينى ايه اللى حصل ..
تعلم خلود ان شريف لن يتركها حتى تهدأ او تخبره بما يزعجها بهذا الشكل .. فقالت وهى تحاول السيطرة على انفعلاتها : أنا خلاص مبقتش قادرة استحمل .. خلاص فاض مابي ..
شريف : طيب اهدى يا امى وقوليلى مالك .. انتى عارفة انى مش ممكن اسيبك وانتى فى الحالة دى .. ثم التقط يدها وطبع قبلة على ظهر كفها وهو يكمل : انتى اتخانقتى مع بابا ..؟
لم ترد خلود فأكمل شريف : طيب ايه بس اللى حصل .. ده أنا سايبكم سمن على عسل فى الحفلة ..

هدأت خلود قليلا واستجمعت نفسها ثم قالت بتوتر : اسمع يا شريف .. أنا الحياة بينى وبين ابوك اصبحت مستحيلة .. أنا مش حقدر أكمل معاه .. انا اتحملته سنين طويلة علشان خاطرك انت واختك .. بس خلاص انتم كبرتم ومعدش فيه سبب يخلينى اتحمل العيشة معاه اكتر من كده ..
شريف بحزن : للدرجة دى .. !! .. طيب ممكن تهدى شوية وتقوليلى ليه عايزة تنفصلى عن بابا .. أنا أول مرة اشوفك فى الحالة دى .. أكيد فيه شيء كبير مخليكى بتقررى حاجة زى دى ..
خلود : طول عمرى وأنا عايشة معاه على اعصابى .. محسسنى انه الوحيد المتحكم فى حياة اللى حواليه .. هو اللى كلامه ورغباته لازم تتنفذ حتى ولو على حساب أقرب الناس اليه .. والنتيجة اختك اللى عايشة فى تعاسة مع جوزها واللى عمرها ما حبته بعد ما غصبها على الجواز منه .. ومحاولاته مع بسمة ليل نهار انه يفرق بينكم .. وهو بيظهرلك انه موافق على جوازتك منها ..
جحظت عينا شريف عند سماعه جملة أمه الأخيرة .. لم يصدق الجملة الأخيرة التى تفوهت بها خلود للتو واخترقت اذناه ..

انتبهت خلود الى شريف .. وما قالته .. خافت وارتعبت أن يعود لحالة فقد البصر من جديد .. فقالت : شريف .. حبيبى .. أنت كويس .. أنا آسفة .. مكنش لازم أقولك الكلام ده .. سامحنى يا حبيبى الكلام طلع منى من غير ما اقصد ..
رد شريف بهدوء : أطمنى يا امى .. أنا بخير .. أنا عايزك تهدى كده وتفهمينى ايه اللى بيحصل .. انتى من ناحية بتقولى ان بابا بيخطط علشان يفرق بينى وبين بسمة .. ومن ناحية تانية .. بسمة بتقولى ان ارتباطنا مستحيل .. أفهم من كده أن بابا كان بيضحك على لما وافق على جوازى من بسمة ..؟
خلود بثبات : اسمع يا شريف .. أنا عايزاك تكون قوى .. عايزاك متتأثرش بأى حاجة تعرفها .. متحسسنيش يابنى انى السبب فى أى حاجة وحشة ممكن تحصل لك .. أنا مش حقدر اتحمل يا حبيبى .. متخلنيش أعيش بقية عمرى فى ندم ..
شريف بنفس هدوؤه : اطمنى يا حبيبتى .. أنا كويس .. مفيش حاجة حتحصل .. أنا كل اللى عايز اعرفه ايه اللى بابا بيخطط له .. أنا حاسس انه عمل ضغط على بسمة أو مهددها .. يا ترى استنتاجى ده صحيح ..
خلود بحزن وأسف : أيوة يا حبيبى .. للأسف .. البنت المسكينة دى أبوك ضغط عليها جامد علشان يجبرها تبعد عنك ومش كده بس .. ده طلب منها انها تكرهك فيها .. هددها بانه حيضرها فى مستقبلها لو متعاونتش معاه فى انها تخليك تكرهها ..
شريف : وازاى يا أمى تخبى على كل ده .. ازاى ما تصارحنيش بالحقيقة .. وتسيبى بسمة تتعرض لقسوة بابا بالشكل ده .. يا حبيبتى يا بسمة .. وانا اللى كنت ظالمها وفاكر انها حبت حد غيرى ..
خلود : يا حبيبى هو فهمنا والدكاترة كمان فهمتنا انك لو اتعرضت لاى صدمة تانية حتفقد بصرك من جديد .. والمرة دى نظرك حيروح للأبد .. يا حبيبى أنا وبسمة كنا بين نارين .. نار افترى ابوك واللى عامله فينا .. وخصوصا بسمة .. ونار اننا نضرك ..

سكت شريف طويلا .. ثم اقترب من امه واخذ رأسها فى صدره وهو يقول .. متخافيش يا حبيبتى .. أنا اتعلمت الدرس خلاص .. ومش ممكن حضغط على اعصابى للحد اللى يضرنى .. أنا دلوقتى كل اللى يهمنى ازاى احمى بسمة من بطشه .. هو فعلا يقدر يضرها فى مستقبلها .. سكت شريف للحظات ثم اردف : اسمعى يا أمى ..أنا عايزك متقوليش لبابا انى عرفت اللى بيخطط له .. احنا من هنا ورايح لازم نتعامل فى الموضوع ده بذكاء .. أنا عارفه .. هو لما بيحط حاجة فى دماغه ويصمم عليها مبيسبهاش الا لما تحقق .. علشان كده مش لازم نديله الفرصة أو الخيط اللى يقدر يضر بيهم بسمة .. أما موضوع ارتباطى بيها فده حيحصل باذن الله .. أنا قدامى سنة واحدة وبعدها اتخرج وابقى حر نفسى .. وساعتها اللى كاتبهولنا ربنا هو اللى حيكون ..
انتى يا حبيبتى نامى النهاردة فى الأوضة هنا .. وبلاش تحتكى بيه خالص النهاردة .. وسيبى لى الموضوع ده أنا حتصرف فيه كويس ..
خلود : حاضر يا شريف .. بس لازم تعرف ان قرار انفصالى عنه نهائى ومش حرجع فيه .. موضوعك مع بسمة شيء وموضوعى مع باباك شيء تانى ..
شريف : مفهوم يا حبيبتى .. بس مش دلوقتى علشان خاطرى .. أنا عايزك تأجلى أى قرار يسبب مشكلة فى البيت فى الوقت الحالى مش أكتر .. بابا لازم يطمن ان خطته نجحت وانى كرهت بسمة ومش حرتبط بيها .. وبعد كده أنا لي تصرف تانى ..
خلود : ايوة يا شريف .. بس فهمنى انت ناوى على ايه يا حبيبى ..
شريف وهو يربت على كتف أمه : كل خير .. كل خير يا امى .. أنا حسيبك دلوقتى علشان لازم انام .. بكرة عندى يوم طويل فى الجامعة والفجر قريب يطلع .. لازم ارتاح شوية قبل الجامعة ..
خلود : طيب يا حبيبى .. روح انت اوضتك .. بس علشان خاطرى يا حبيبى متفكرش فى حاجة تضايقك ..
شريف : حاضر يا أمى .. اطمنى .. تصبحى على خير ..
خلود : وانت من اهل الخير يا حبيبى ..
وصل شريف الى باب الحجرة وامسك المقبض عندما سمع امه تناديه : شريف .. اوعدنى انك حتكون بخير ..
شريف مبتسما : متقلقيش يا حبيبى .. أنا كويس ومفيش حاجة وحشة حتحصل باذن الله ..
خرج شريف بعد ان علم الحقيقة وهو فى كامل اصراره على التمسك ببسمة وحمايتها من والده .. يتسلح بذلك بسلاح حبه لها وحبها له والذى تأكد منه اليوم .. خرج وهو يحبها اكثر مما سبق .. ولكنه سوف يظهر لوالده عكس ذلك حتى ينجو هو وبسمة من بطش ابيه وظلمه .. ويصبح قادرا على مواجهته والاستقلال بحياته .. بل مفاجأته عندما يتم عقد قرانه على بسمة وتصبح فى حمايته ..
-----------------------------------------------------

استيقظت بسمة فى صباح اليوم التالى فى الثامنة صباحا .. كان لديها محاضرة فى العاشرة .. تناولت فطورها مع والديها كالعادة شاردة تفكر فيما حدث بالأمس .. كيف عادت المياه الى مجاريها مع شريف .. وكيف ستتصرف معه فى الأيام المقبلة بعد أن ضعفت امام حبها له ولن تنفذ أى مما طلبه منها والده .. كانت تشعر بخوف وقلق من رد فعل ابيه عندما يعلم من شريف ان الأمور بينهما عادت لسابق عهدها .. لكنها فوق كل هذا كانت تشعر بانقباض فى قلبها لا تعلم له سببا ..

لاحظ خميس شرود ابنته فقال لها : مالك يا بسمة .. سرحانة فى ايه يا حبيبتى ..؟
بسمة وهى تحاول ان تخرج من حالة الضيق والشرود حتى تطمئن والديها عليها قبل ان تذهب الى الجامعة : لا يا حبيبى .. أنا بس بفكر فى محاضرات النهاردة ..
خميس : يعنى ما حكتيلناش عن فرح الست سلمى امبارح ..
حسنة : اكيد كان فرح حلو زى العروسة .. انبسطتى يا حبيبتى ..؟
بسمة بشرود مرة اخرى وبدون اهتمام : كانت حفلة ظريفة ..
خميس : لا .. ده انتى مش معانا خالص ..

تحركت حسنة تأخذ بعض الصحون لتدخل بها المطبخ وهى تقول : عقبالك يا بسمة يا حبيبتى لما أشوفك احلى عروسة ..

انتهزت بسمة الفرصة وقالت لابيها : بابا .. أنا محتاجة اتكلم معاك ..
خميس يتوتر وقلق : خير يا بسمة فيه ايه يا حبيبتى .. قلقتينى .. وليه بتتكلمى بصوت واطى كده مش عايزة ماما تسمعك ..؟
بسمة : أصل الموضوع يخص شريف .. وزى ما انت عارف هى متعرفش حاجة عنه لغاية دلوقتى .. ومش عايزة اشغلها بيه لانها حتعيش فى قلق ملوش لازمة ..
خميس : مفهوم يا حبيبتى .. تحبى انزل معاكى أوصلك للكلية ونتكلم فى السكة ..
بسمة : فكرة كويسة ..

دخلت حسنة ولم تسمع اى من كلام خميس وابنته .. فقال خميس : طالما رايحة الكلية يا بسمة خدينى على سكتك بالعربية ورايا مشوار للتأمينات ..
بسمة بضحكة بسيطة : حاضر يا ابو الخمس .. انت تأمر ..

خرجت بسمة وابيها واستقلا سيارتها .. ثم حكت له عن ما حدث بالأمس .. وطلبت منه النصيحة وان يرشدها كيف تتصرف ..
خميس : اسمعى يا بسمة يا بنتى .. انتى أغلى حاجة عندى فى الدنيا .. ويصعب على اللى بتمرى بيه واللى بيحصل معاكى .. أنا حاسس انك بتحبى شريف وهو بيحبك حب حقيقى .. ويا بنتى الواحد مش كل يوم بيقابل فى حياته حب حقيقى بالشكل ده .. لو انتى يا بنتى حاسة انك متقدريش تستغنى عن شريف وانك حتتعذبى وانتى بعيد عنه يبقى مفيش غير الحرب ..
بسمة بتعجب : حرب ..!!!
خميس : أيوة يا بسمة .. الحرب اللى تدافعوا بيها عن حبكم .. لغاية ما تبقوا لبعض ..
بسمة : انت عارف احنا حنحارب مين ..؟
خميس بتنهيده حارقة : عارف يا بنتى .. وعارف اد ايه هو انسان متكبر وظالم .. اللى ظلم اهله يا بنتى .. خصوصا أبوه وأمه .. ميتراجعش انه يظلم أى حد من غير ما يفكر أو يتردد ومن غير ميرمش له جفن .. سكت قليلا ثم اكمل : أنا عايزك انتى وشريف تتصرفوا بحكمة فى الموضوع ده .. وزى ما بيقولوا .. الحرب خدعة ..
بسمة : تقصد ايه يا بابا ..؟
خميس : يعنى بما ان الراجل ده يقدر فعلا يضرك .. يبقى لازم تتصرفى معاه بذكاء انتى وشريف .. لغاية ما تيجى الفرصة اللى ميقدرش يأذى أى حد فيكم .. ولا يقدر يمنع جوازك منه ..
بسمة : حضرتك عايزنى اتفق مع شريف اننا نفهم ابوه اننا خلاص مش حنبقى لبعض لغاية ما تضيع عليه فرصة الاذية اللى يقدر يعملها دلوقتى ..
خميس وهو يمسك بكف ابنته ويربت عليها بحنان : بالظبط .. ده لو انتى حاسة انك متقدريش تعيشى حياتك من غير شريف .. أما لو تقدرى .. وانا اشك فى ده .. يبقى تقعدى مع شريف وتفهميه ان مستقبلك عندك اهم من حبك له .. وساعتها مفتكرش ان كرامته حتسمح له ان يحاول يرتبط بيكى .. ونبقى قلنا الصراحة بدون لف ولا دوران .. أقصد ساعتها مش حيبقى فيه داعى انك تمثلى عليه وانتى بتتعذبى بسبب حبكم لبعض .. وكمان ساعتها مش حتبقى مضطرة انك تشيلى ذنب كرهه ليكى ..
بسمة : يعنى انت يا بابا معندكش مانع انى ارتبط بشريف من غير موافقة ابوه ..؟
خميس : يا بسمة يا حبيبتى أنا زى أى اب فى الدنيا .. كل همى فى الدنيا هو سعادتك .. وبعدين أنا لو مكنش لي سابق معرفة بمجدى ابوه وقد ايه هو بيظلم ابنه وبيظلمك كنت طلبت منك انك تدوسى على قلبك وتنسى شريف ده خالص .. لكن ده فى النهاية ميرضيش ربنا يا بتى .. ميرضهوش ان اتنين زيكم يتحرموا من بعض .. بسبب تكبر أبوه وغطرسته الفارغة .. علشان كده أنا موافق على شريف من غير ابوه ما ييجى يطلبك له منى ..
بسمة بابتسامة : يا حبيبى يا بابا .. ربنا ما يحرمنى منك .. طب ايه رأيك بقى ان شريف عايز يتعرف عليك ..
خميس : وماله يا بنتى .. يآنس ويشرف فى أى وقت .. بس ادينى فرصة افاتح امك وامهد لها الموضوع ..
بسمة : طبعا يا بابا .. انا بس حبلغ شريف انك موافق على مقابلته ..
خميس : ربنا يسعدك يا حبيبتى .. يالا بقى نزلينى هنا وكملى انت لجامعتك ..
بسمة : لا أنا لسه عندى وقت .. أنا حلف وأوصلك للبيت ..
خميس : لا يا حبيبتى .. متتعبيش نفسك .. أنا حابب اتمشى شوية ..روحى انتى شوفى دروسك ..

نزل خميس من السيارة وأكملت بسمة طريقها الى الجامعة : كان شريف لديه محاضرة فى الثامنة صباحا قد انتهت فى التاسعة والنصف .. فخرج ينتظر بسمة على باب الجامعة .. وعندما لاحظ سيارتها تحرك اليها .. فوقفت بالسيارة ولكنه دلف الى السيارة جوارها بسرعة وطلب منها ان تتحرك فى اى اتجاه غير دخول جراج الجامعة ..
تعجبت بسمة من طلبه ولكنها نفذت ما طلب منها وهى تقول : مالك يا شريف انت عايزنى اروح فين .. أنا عندى محاضرة بعد ربع ساعة ..
شريف وهو ينظر الى الخلف كانه يتأكد انه ليس هناك من يراقبه : مش مهم المحاضرة .. أنا حبقى اشرحهالك .. المهم اننا لازم نتكلم دلوقتى حالا ..
بسمة : أيوة حنتكلم فين يعنى ..؟
شريف : هنا فى العربية .. بس امشى بيها نبعد عن الكلية شوية واركنى فى اى حتة ..
مشت بسمة دقائق قليلة ثم وقفت على جانب طريق هادى بسيارتها .. ثم التفتت اليه وهى تقول له : فيه ايه يا شريف .. ايه الكلام اللى عايز تقوله ..؟
شريف : عايز اقولك انى بحبك .. وانى مش ممكن أبعد عنك مهما حاولتى ..
ضحكت بسمة فى سعادة : بقى انت خاطفنى من الكلية ومسيبنى محاضرتى علشان تقولى كده وبس ..

شريف وهو ينظر فى عينيها بعمقه المعتاد وكأنه يستمد منها انفاس حياته : لا يا بسمة عمرى .. أنا جاى اقولك حاجات كتير .. وأولها انى مش عايزك تخافى أو تخبى عنى أى حاجة فى حياتك .. عايز اقولك انى ححارب الدنيا علشانك .. وان الشيء الوحيد اللى ممكن يفرق بينى وبينك هو الموت .. الموت وبس يا عمرى ..

بسمة باضطراب وقد ازداد انقباض قلبها عند سماعه يتكلم عن الموت : شريف حبيبى .. أنا مش فاهمة حاجة .. هو فيه حاجة حصلت فى البيت عندك خلتك تقول الكلام ده ..
شريف وهو يمسك كفيها .. اوعدينى انتى الأول انك مش حتفكرى فى يوم من الأيام تبعدى عنى .. وأوعدينى ان ما تخافيش من أى حاجة أو من أى حد مهما كان وأنا جنبك ..
بسمة : شريف انت بتقلقنى بكلامك .. ارجوك قوللى فيه ايه ..
شريف بتوسل : ارجوكى انتى اوعدينى الأول ..
بسمة : اوعدك .. أوعدك يا شريف .. بس قوللى فيه ايه ..
شريف : أنا عرفت كل اللى حصل .. وكل الضغوط والتهديدات اللى بابا مارسها و بيمارسها عليكى لغاية دلوقتى ..
بسمة باضطراب : عرفت .. عرفت ازاى .. ومن مين .. وأمتى ..
شريف مبتسما ابتسامته الصافية : مش مهم كل ده .. المهم انى عرفت .. وانى أنا اللى ححميكى من أى حاجة بتهددك ..
بسمة بيأس وهى تنظر الى اسفل : ازاى يا شريف .. انت حتقف ادام رغبة بباك .. انت عارف ده معناه ايه ..
شريف : أنا حقف ادام الدنيا كلها لو فيه حد بيهددك أو بيخوفك .. سكت قليلا ثم أكمل : اسمعى يا بسمة .. احنا لازم فى الفترة اللى جاية نتصرف بذكاء وحكمة .. انتى عندك حق .. وقوفى فى وش بابا فى الوقت الحالى حيجيب نتايج مش كويسة .. علشان كده احنا مش لازم نقف فى وشه ونعاديه .. بالعكس لازم نحسسه انه نجح فى انه يبعدنا عن بعض .. أنا مش عايز منك غير انك تكملى خطته اللى اتفق معاكى علشان تكرهيينى فيكى .. أنا مش محتاج منك اكتر من كده .. هو بس تعدى السنة دى واتخرج .. وساعتها حيكون لى التصرف اللى يحسسك انى جدير بيكى .. ها .. قولتى ايه يا حبيبتى ..
سكتت بسمة للحظات ثم قالت : تعرف يا شريف ان ده رأى بابا كمان ..
شريف عاقدا حاجبيه بتعجب : بابا .. انتى كلمتيه فى موضوعنا .. ؟!!!
بسمة بثقة : طبعا يا شريف .. أنا مبخبيش أى حاجة عن بابا .. وماما كمان أنا مبخبيش عنها حاجة .. بس هى لسة متعرفش حاجة عن موضوعنا .. محبتش اقول لها المشاكل اللى عشتها .. علشان هى بتقلق أوى على ..
شريف : أنا عارف يا حبيبتى انى اتسببت لك فى مشاكل ووجع كتير .. بس اطمنى .. من النهاردة مفيش أى مشاكل ولا أى عذاب حيقرب منك ..
بسمة : ياه .. يا حبيبى ياشريف .. انت فعلا شلت هم من على صدرى اتعذبت بيه طول الشهور اللى فاتت .. بس الحمد لله .. فعلا .. ان مع العسر يسرا ..
شريف : الحمد لله يا حبيبتى .. اسمعى بقى .. خلينا نجهز نفسنا .. بابا اكيد حيتصل بيكى النهاردة أو بكرة بالكتير علشان يطلبك منك انك تكملى التمثيلية .. اكيد عايز يطمن انتى وصلتى لإيه .. خصوصا أنه شافنا امبارح واحنا خارجين مع بعض من الحفلة .. وأكيد الموضوع ده سبب له قلق كبير .. سكت للحظة ثم قال : شوفى .. هو كلمنى من كام يوم .. سألنى اذا كنتى اخدتى ميعاد من والدك علشان نروح نزوركم .. بس أنا وقتها كنت زعلان معاكى .. من موقف النادى .. فطبعا قلت له انك لسة مأخدتش ميعاد .. علشان كده أنا متأكد انه حيتصل بيكى علشان يعرف آخر الأخبار .. أنا عايزك تتكلمى معاه زى كل مرة .. تحسسيه انك قربتى خلاص .. وانك خلال ايام بسيطة حيكون كل شيء انتهى .. وسيبى الباقى على ..
بسمة : اوكى يا شريف .. ربنا يستر ..
شريف : باذن الله .. ربنا حيوفقنا باذن الله يا حبيبتى .. احنا نيتنا خير .. ومش عايزين غير اننا نكون لبعض ..
بسمة : مش عايز تقوللى ايه اللى حصل وعرفت ازاى ..؟
شريف : من ماما .. امبارح بعد ما رجعت اتكلمت معاها وقالت لى على كل حاجة .. على فكرة يا بسمة ماما بتحبك اوى ومقتنعة بيكى زوجة لي ..
بسمة : أنا كمان بحبها أوى .. وربنا يعلم هى دخلت قلبى اد ايه ..

ساد الصمت قليلا وهما ينظران الى بعضهما البعض بحبهما وشوقهما المعهود والذى يزداد كلما مر الوقت عليهما .. حتى خجلت بسمة وقالت : ها .. قوللى حنعمل ايه دلوقتى .. ؟
شريف : شوفى .. أنا عارف بابا كويس .. أكيد هو مش حيصدق بسهولة اننا افترقنا .. أكيد فيه حد من طرفه بيراقب تصرفاتنا مع بعض .. علشان كده احنا عايزين نأكد له ان كل شيء انتهى ..
بسمة : طيب وده حيتم ازاى ؟
شريف : زى ما قلت لك انتى كل اللى عليكى تأكدى له ان خلال ايام كل شيء حيكون تم حسب رغبته .. وأنا من ناحيتى حعمل اللى يخليه متأكد من كلامك .. أنا حتكلم معاه واعرفه انك بتتهربى منى ومن تحديد ميعاد مع والدك .. وان المشاكل بينا مش بتنتهى وفيه حاجة مغيراكى من ناحيتى .. هو بالشكل ده حيحس ان كلامك متوافق مع كلامى .. وحيطمن شوية .. بس فيه خطوة تانية لازم أقوم بيها علشان تطمنه اكتر ..
بسمة : وايه هى الخطوة دى ..؟
شريف : واحدة تانية .. لازم واحدة تانية تخش حياتى بعد فترة قصيرة .. هو ده الشيء الوحيد اللى حيخليه مطمن على الآخر ويتأكد ان موضوعنا انتهى ..
بسمة بانزعاج : نعم ..!!!!! واحدة مين ان شاء الله اللى حتدخلها حياتك .. ده مستحيل ..
شريف مبتسما وسعيدا بغيرتها عليه : اهدى بس يا حبيبتى .. مفيش واحدة ولا حاجة .. مفيش الا انتى وبس .. أنا كل غرضى ان بابا يتأكد ان اللى بينا انتهى .. وأنا حقدم له الدليل ده بوجود واحدة تانية فى حياتى .. واحدة وهمية .. ودى لعبتى .. سبينى ارتبها من غير ما تقلقى ..
ببسمة : طيب يا شريف .. اعمل اللى انت شايفه .. على فكرة بابا عايز يقابلك ..
شريف بسعادة : بجد .. طيب ايه رأيك نروح نقابله دلوقتى .. أهو نستغل وقت المحاضرة اللى ضاعت عليكى ..
بسمة : بص الأفضل انك تاخد رقم تليفونه وتكلمه بنفسك وتحدد معاه الميعاد اللى يناسبكم .. ثم امسكت بتليفونه من يده وسجلت له رقم ابيها .. وبعد لحظات رن تليفونها .. امسكت به لترى الطالب .. فامتقع وجهها وازداد انقباض قلبها وهى تقول له : ده الدكتور مجدى .. باباك ..
شريف مبتسما بسخرية : مش قولت لك .. ردى عليه .. بس افتحى الصوت ..

فتحت بسمة الخط وهى ترتعش من داخلها .. وشفتيها تهتز من التوتر : آلو ..
مجدى : أيوة يا دكتورة.. أنا الدكتور مجدى .. انتى فين .. أنا عايز اشوفك فى مكتبى دلوقتى ..
أشار لها شريف بالموافقة ..
بسمة : أوكى يا دكتور .. نص ساعة وحكون عند حضرتك .. ثم اغلقت الخط فى هدوء ..
شريف : مالك سهمتى كده ليه ..
بسمة : لا أبدا .. بس بصراحة مقابلته صعبة أوى ..
شريف : زى ما اتفقنا يا حبيبتى .. أنا من هنا ورايح مش عايزك تخافى أو تقلقى من أى شيء .. روحى له ونفذى الكلام اللى اتفقنا عليه .. اسمعى .. هو متأكد اننا اتقابلنا واتكلمنا امبارح لما خرجنا من الحفل .. أنا عايزك بقى تستغلى الموقف ده وتبدعى فى التمثيل .. فهميه اننا قعدنا واتكلمنا ..وانك قدرتى تفهمينى بانك معندكيش رغبة اننا نكمل .. ولا أقولك فهميه انك قلتيلى انك محتاجة شوية وقت تعيدى حساباتك وتفكيرك .. خليها خطوة أولى .. علشان ميشكش .. عموما .. اعملى اللى انتى شايفاه فى حدود اللى اتفقنا عليه ..

اتفق شريف وبسمة على ان تذهب بالسيارة بمفردها الى الجامعة لتقابل والده فى حين نزل هو من السيارة ليطلب رقم والدها ..

طلب شريف الرقم اكثر من مرة ولكن لم تأتيه الاجابة فى اى منها .. كان على وشك أن يقطع الأمل فى الرد عليه .. لكن شيئا ما حثه على محاولة أخيرة .. فطلب الرقم مرة أخرى لياتي اليه الرد ..
شريف : الو .. استاذ خميس معايا ..؟
جاءه الرد رجالى : السلام عليكم .. لا يا فندى .. أنا مش صاحب التليفون .. انت تطلع له مين ..؟
شريف : مش فاهم .. مش ده تليفون الاستاذ خميس ..
الرجل : والله حسب اللى مكتوب فى البطاقة اللى لقيناها فى جيبه هو اسمه خميس .. بص يا استاذ .. أنا مش عارف انت تقرب له ايه .. بس كويس انك اتصلت .. اللى انت بتتصل بيه ده فيه عربية خبطته من شوية .. واحنا واخدينه ورايحين بيه المستشفى ..
انزعج شريف بشدة وهو يقول بشبه صراخ : حضرتك بتقول ايه .. ازاى ده حصل ..؟ طيب لو سمحت قولى هو حالته ايه .. و واخدينه على انهى مستشفى ؟
الرجل : بص يا فندى هو حالته صعبة .. كان بيعدى الطريق والظاهر مكنش واخد باله من العربية اللى كانت جاية بسرعة وخبطته خبطة جامده .. ربنا يسترها معاه .. عموما احنا رايحين بيه على القصر العينى .. هى اقرب مستشفى لينا ..
شريف : طيب هو فى وعيه ؟
الرجل : والله الخبطة كانت جامدة .. هو مش فى واعيه .. المشكلة انه راجل كبير .. ربنا يسترها معاه .. هو مغمى عليه ومبيردش ..
شريف باضطراب : طيب أنا جاى له حالا ..
----------------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-02-21, 06:25 PM   #18

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي ما بعد البداية - الفصل الثامن

"ما بعد البداية"
الفصل الثامن (نهاية حب)

دخل أمير الشركة فى الصباح مبكرا .. وكعادته .. ذهب أولا الى مكتب سارة ليصحبها الى البوفيه ويشرب من يدها كوب النسكافيه الصباحى .. فقد اتفقا ممنذ الخطوبة على ان يكونا بالشركة قبل الميعاد بنصف ساعة من اجل ان يلتقيا هذا اللقاء .. فقد أدمن كلاهما هذا اللقاء وأصبح بالنسبة لهما مقدسا ..

دخل مكتبها ولكنه لم يجدها .. فسأل عنها ساعى المكتب وعامل البوفيه .. ولكنهم اجابوه بانها لم تأتى بعد .. فطلبها تليفونيا فجاءه صوت خالتها جميلة حزينا بعض الشيء : صباح الخير يا أمير يا حبيبى ..
أمير : صباح الخير يا طنط .. هى سارة نزلت ولا لسه ..؟
جميلة : سارة نايمة يا حبيبى .. تحب اصحيها لك ..
أمير بتعجب : نايمة .. !! خير هى تعبانة ولا حاجة ..؟
جميلة : بصراحة هى طول الليل مانمتش .. كان عندها مغص .. ويدوب نامت من ساعة واحدة تقريبا ..
أمير : طيب يا طنط .. سبيها تريح .. وأنا حمر عليها المسا تكون أخدت كفايتها من النوم وريحت .. بس وحياتك يا طنط جميلة أنا عايزك تقنعيها بانها لازم تروح للدكتور .. أنا مش عارف هى ليه راسها ناشفة أوى كده فى موضوع الدكاترة ده ..
جميلة : معلش يا أمير يا حبيبى .. هى متعقدة من الدكاترة حبتين بسبب مامتها الله يرحمها ..
أمير : أيوة يا طنط .. بس أنا عايز أطمن عليها ..
جميلة : حاضر يا أمير .. عندك حق .. أنا كمان عايزة اطمن عليها .. خلص انت شغلك بس وتعالى .. واحنا الاتنين نكلمها ونقنعها انها لازم تروح لدكتور .. ومعتقدش المرة دى حتعند بعد التعب اللى مرت بيه امبارح ..
أمير : تمام .. حخلص وآجى .. مع السلامة ..
جميلة : مع السلامة يا حبيبى ..

استيقظت سارة حوالى الساعة الواحدة ظهرا .. كانت لا تزال تشعر بشيء من الألم والتعب .. دخلت الى الحمام .. ولكنها بعد دقائق قليلة انتابها حالة من الذعر جراء نزيف الدم الذى خرج منها بغزارة .. فصرخت من الفزع وهى تقول : الحقينى يا طنط ..

جرت جميلة الى الحمام فتسمرت فى مكانها من هول المنظر وهى تصرخ : فيه ايه يا حبيبتى .. ايه الدم ده كله .. ايه اللى حصل ..؟!
سارة وهى واضعة كفها على فمها باكية : مش عارفة .. أنا فجأة لقيتنى بنزف بالشكل ده ..
جميلة : لازم أكلم أمير حالا .. هو كان قايل انه جاى يشوفك المسا ..
سارة : لا يا طنط .. من فضلك ..أنا محبش انه يشوفنى فى الحالة دى ..
جميلة : طيب حنعمل ايه دلوقتى .. ؟ أنا مش عارفة اتصرف ..
سارة بانزعاج : فيه عندى على الموبايل نمرة الدكتور عمر اللى قابلناه يوم الخطوبة .. هو كان عاطيها لأمير وامير بعتهالى على الواتس .. من فضلك اطلبيه وشوفيه حيقول لنا نعمل ايه ..

جرت جميلة على تليفون سارة وأخرجت منه نمرة عمر وطلبته .. ليرد عليها بعد عدة رنات : السلام عليكم .. مين معايا ..؟
جميلة : دكتور عمر معايا ..؟
عمر : أيوة يا فندم .. أنا عمر .. مين حضرتك ..
جميلة : أنا جميلة .. خالة سارة اللى كانت حفلة خطوبتها فى النادى وحصل لها اغماءة .. وحضرتك اللى فوقتها .. يا ترى فاكرها ..
عمر باهتمام : أيوة يا فندم .. طبعا فاكرها .. أنا كنت مستنيها هى والاستاذ امير يعدوا على فى المستشفى .. يا ترى هى عاملة ايه دلوقتى ..
جميلة : سارة تعبت أوى امبارح ومن شوية حصل لها نزيف جامد .. وانا مش عارفة اتصرف ازاى ..
عمر باضطراب : حضرتك متعمليش حاجة .. ادينى العنوان وأنا حبعت لكم عربية اسعاف تجيبها المستشفى ..

مرت حوالى ساعة قبل ان تصل سيارة الاسعاف وتأخذ سارة وخالتها الى المشفى .. وفى الطريق
طلبت جميلة من سارة ان تخبر أمير بما حدث .. ولكنها طلبت منها ان لا تتصل به حتى لا تزعجه .. هى فى الحقيقة كانت تفكر فيه اكثر مما تفكر فى نفسها .. كانت تشعر ان هناك خطب كبير أو مرض خطير .. لذا آثرت أن تعلم حقيقة مرضها بمفردها .. وبعد ذلك تقرر ماذا ستفعل حيال أمير ..

تكلمت جميلة مع عمر تليفونيا عند وصول الاسعاف الى المشفى كما طلب منها .. فاسرع الخطى اليها يستقبلها ويصل معها الى غرفة الطوارئ للكشف عليها واسعاف النزيف الاذى اصابها أولا ..

مرت حوالى ساعة قبل أن يتم اسعاف سارة ووقف النزيف .. كان خلالهما امير قد اتصل بجميلة عدة مرات ولكنها كانت قد نسيت تليفونها فى البيت .. فاتصل على تليفون سارة الذى كان قد انتهى منه الشحن .. فاصبح قلقا عليها بشدة .. وقرر ان يتوجه الى بيت جميلة ليطمئن على سارة ..

طلب عمر من معمل المشفى أخذ عينة دم من سارة لعمل بعض التحاليل .. وأخبره المعمل أن نتيجة التحاليل سوف تستغرق يومين ..

وقف عمر بجوار سرير سارة يتكلم معها فيما مرت به من فترة وان كانت تلك أول مرة يحدث لها مثل هذا النزيف .. وعن حدوث اغماءات كالتى حدثت لها يوم الخطوبة ..
لم تجيبه سارة على الفور .. نظرت الى خالتها أولا .. وقالت لها : طنط .. ممكن من فضلك تجيبى لى ميه اشرب حاسة انى عطشانة ..

علم عمر ان سارة لا تريد ان تتكلم عن حالتها امام احد .. خصوصا من يهمه أمرها .. بادر بابتسامة الى جميلة : ياريت تجبيلها لبن أو عصير .. هى محتاجة لهم دلوقتى اكتر من الميه ..

كان عمر يريد ان يختلى بسارة اكبر وقت ممكن .. فهو من ناحية كان يريد ان يحترم رغبتها فى الحفاظ على سر مرضها .. ومن ناحية أخرى كان فى اشتياق لها والحديث معها .. وان يقضى معها أطول وقت ممكن .. فهو منذ أن رآها فى حفل الخطوبة قد وقع حبها فى قلبه ..

انتهزت سارة خروج جميلة لتحضر لها العصير ونظرت الى عمر .. ثم نظرت الى يدها القابعة فى حجرها وقد غرزت فيها الكانيولا التى تمدها بالمحاليل .. فسقطت دمعة من عينيها لم تستطع ان تتحكم فيها ..

رق قلب عمر الى حالها فاقترب منها قليلا وهو يقول برقة شديدة : جرى ايه يا سارة .. أنا كنت فاكرك أقوى من كده .. الموضوع مش مستحق .. صدقينى .. ان شاء الله الموضوع بسيط .. ومفيش حاجة خطيرة .. المهم دلوقتى .. احكى لى ايه اللى بيحصل معاكى .. عايزك تحكى لى كل شيء بالتفصيل ..

سارة بعد ان سكتت للحظات طويلة .. مسحت دموعها التى اخذت تتساقط من مقلتيها بعد كلام عمر ثم قالت : أنا حاسة ان عندى حاجة خطيرة .. حاسة انى حموت .. الفترة الأخيرة بحس بضعف شديد .. وكتير بحس بدوخة .. هى صحيح مبتوصلش للاغماء .. بس بتخلينى بعدها فى ارهاق وتعب ..
عمر : ايوة يا سارة .. يمكن مبتكليش كويس .. وبعدين ممكن يكون عندك انيميا من قلة الأكل والتغذية ..
سارة : مش عارفة يا دكتور .. طيب ده مش يبان فى التحليل ..
عمر : طبعا .. علشان كده احنا اخدنا عينات وحنعمل كل التحاليل والفحوص اللى تطمنك باذن الله ..
ربت عمر على كفها وهو يقول : أنا حسيبك دلوقتى .. حمر على شوية عيانين وارجعلك .. عايزك تشربى العصير واللبن اللى طنط حتجيبهم لك لغاية ما ارجعلك ..
نادت سارة على عمر عندما وصل الى الباب : دكتور عمر ..
عمر : ايوة يا سارة ..
سارة : من فضلك .. أنا لى عندك طلب ..
اقترب منها عمر مرة أخرى وهو يسألها : خير يا ستى ..
سارة : من فضلك .. أنا مش عايزة أى حد يعرف نتيجة التحليل قبلى ..
عمر متعجبا : سارة انتى بتفكرى فى ايه ..؟
سارة بتردد وتلعثم : بصراحة .. أنا عندى شك انى عندى نفس المرض اللى ماما الله يرحمها ماتت بيه .. ولو ده صحيح .. مش عايزة حد يعرف .. خصوصا أمير وطنط جميلة ..
عمر بحزن : وايه هو المرض اللى كان عند مامتك ..؟
سارة : كانسر ..
عمر : سارة .. بلاش الأفكار الوحشة دى تسيطر عليكى .. ان شاء الله مفيش حاجة زى دى .. وبعدين لو حتى فيه لا قدر الله .. فالطب بيتقدم كل يوم عن التانى .. والكانسر مبقاش علاجه صعب زى زمان .. خصوصا لو اكتشفناه فى أوله .. أنا بقولك الكلام ده علشان تتفائلى مش أكتر .. بس ان شاء الله الموضوع يكون بسيط ..
سارة : يارب..
عمر : عموما .. متقلقيش .. مفيش حد حيعرف أى حاجة قبلك .. وساعتها قررى اللى يريحك ..
سارة : متشكرة جدا ..
عمر : اسيبكك أنا بقى شوية لغاية ما المحاليل تخلص .. وارجع لك بعدين ..

خرجت سارة وجميلة من المشفى وعادا الى البيت بعد حوالى ساعتين بعد ان كتب لها عمر بعض الأدوية ..

كانت الساعة تقترب من الثامنة مساءا عندما انهى أمير عمله وتوجه الى بيت سارة .. طرق جرس الباب وفتحت له جميلة بابتسامة باهتة .. كانت قبلها قد طلبت منها سارة فى طريقهم من المشفى الى البيت ان لا تخبر أمير شيء عن ما حدث .. ووعدتها خالتها بذلك على مضض .. فقد اقنعتها سارة انه ليس هناك داعى لاخباره بالأمر طالما انه تم علاجها ووقف النزيف ..
أمير : مساء الخير يا طنط .. ايه اخبار سارة ..؟
جميلة وما زالت بابتسامتها الباهتة : كويسة .. قامت من النوم كويسة ..
أمير : طيب . الحمد لله .. هى نايمة ولا ايه ..؟
جميلة : لا يا حبيبى فى اوضتها .. حروح ابلغها انك وصلت ..

ذهبت جميلة الى حجرة سارة وبقى امير جالسا على احدى مقاعد الانتريه ينظر حواليه .. فلاحظ وجود ادوية وورقة بجوارهم .. فإلتقط الورقة .. فاذا هى روشتة من المشفى باسم الدكتور عمر وبتاريخ اليوم .. قرأ فى الروشتة فلم يفهم شيء .. ثم وجد خلف الروشتة ميعاد بالزيارة القادمة كتبها عمر .. فوضع الروشتة كما كانت وجلس ينتظر سارة ..

خرجت سارة بعد دقائق قليلة .. نظر اليها أمير بابتسامة فلاحظ شحوب وجهها بالرغم من انها حاولت أن تدارى هذا الشحوب بالمكياج الذى قلما تضعه اثناء زيارة أمير لها بالمنزل ..
سارة : أهلا يا أمير .. آسفة انى غبت عن الشغل النهاردة ..
أمير وهو يبتسم ابتسامة فيها الكثير من القلق عليها : ولا يهمك .. انتى كويسة دلوقتى ..؟ اتصلت بيكى الصبح وعرفت ان تعبتى امبارح ونمتى متأخر ..
قاطعتهم جميلة : تحب تشرب ايه يا أمير .. ولا اقولك .. احنا لسة متعشناش .. انا حجهز العشا ..
أمير بدون اهتمام : اللى تشوفيه يا طنط ..
أمير : عملتى ايه النهاردة ..؟
سارة بابتسامة واهية : مفيش .. قمت من النوم .. وقعدت اتفرج على التيفزيون شوية .. وبعدين قريت شوية .. ونمت شوية تانيين .. قلت اعمل بحق بالاجازة ..
أمير وقد شحب وجهه غير مصدق كذبها عليه : تمام .. طيب مش المفروض نروح لدكتور علشان نطمن عليكى .. ؟
سارة والقلق باديا عليها : دول شوية تعب وراحوا لحالهم .. ما انت عارف ان فيه حاجات عندنا كده احنا البنات بتتعبنا كل شهر ..
أمير وهو ينظر الى الأرض حزينا من كذبها عليه : مفهوم .. مفهوم .. يعنى انتى دلوقتى كويسة ..
سارة : آه تمام .. كويسة الحمد لله ..

أكمل أمير وقته مع سارة لا يشعرها بشيء وهى ايضا حاولت جاهدة ان تكون على طبيعتها ثم تركها وخرج بعد ساعتين ..

كان الوقت قد تأخر .. فآثر ان لا يطلب عمر ويستفسر منه عن زيارتها له وما هى اسباب ما يحدث لها .. ربما كان غاضبا منها انها قد خبأت عنه حقيقة ما تمر به .. لكنه عذرها فربما هى لا ترغب فى ازعاجه او اثارة قلقه عليها ..

فى اليوم التالى كان اول شيء فعله امير بعد ان تناول النسكافيه مع سارة ببوفيه الشركة ان دخل الى حجرته وطلب عمر ..
عمر : اهلا استاذ أمير .. ايه اخبارك ..؟
أمير : اهلا يا دكتور .. أنا تمام الحمد لله ..
عمر : يا ترى ايه اخبار الآنسة سارة ..
أمير : المفروض انى أنا اللى اسألك السؤال ده .. هو مش المفروض انك كشفت عليها امبارح وكتبت لها ادوية ..
ارتبك عمر وهو يقول : آه فعلا .. أنا اقصد اطمن انها النهاردة بخير ..
أمير : آه تمام .. هى بخير النهاردة .. بس كنت عايز اعرف بالظبط ايه اللى عندها ..

سكت عمر للحظات لا يعلم ان كانت سارة قد صارحت أمير بأمر النزيف الذى حدث لها بالأمس ام انه يستفسر عن حالتها بصفة عامة .. لكنه فى النهاية قال : أنا مقدرش احدد اللى عندها بالظبط .. بس عموما احنا عملنا لها تحاليل امبارح والنتيجة حتطلع بكرة الصبح ان شاء الله ..
أمير : تمام يا دكتور .. معلش .. اسمح لى اطلب حضرتك بكرة اعرف النتيجة ..
عمر : آه طبعا .. اوى .. اوى ..

انتهت المكالمة بينهما وكلاهما غير مستريح للآخر .. كلاهما يشعر أن هناك أمرا يخفيه عن الآخر .. كما تخفى سارة عن أمير شيئا ما ..

وقف عمر يفكر للحظات ثم لم يتردد فى ان طلب سارة واخبرها بما دار فى مكالمته مع أمير ..
انزعجت سارة فى بداية الأمر .. تتسائل كيف عرف أمير بأمر زيارتها الى عمر .. لكنها تذكرت أمر الروشتة والأدوية التى نسيتها فى الصالة .. والتى بالتأكيد اكتشفها أمير عند زيارتها بالأمس .. فاصبحت فى ورطة بعد ان علمت ان امير قد اكتشف كذبتها عليه .. ولكن لم يكن هذا ما تخافه .. لذا طلبت من عمر ان لا يخبره بنتيجة التحاليل الا بعد ان يعود اليها أولا ..
تقابل أمير وسارة عدة مرات اثناء العمل .. كانا ينظران الى بعضهما البعض نظرات ارتياب .. ويتحدثان بجملا مقتضبة وابتسامات وضحكات واهية ..

فى صباح اليوم التالى .. استقبلت سارة تليفونا من عمر .. لا تدرى لماذا شعرت بألم فى قلبها بمجرد ان قرأت اسم عمر على شاشة الموبايل .. ردت عليه بخفوت كأن انفاسها قد هربت منها وقلبها ينبض بشدة : ألو .. دكتور عمر ..
عمر بصوت حزين : أهلا يا سارة .. كنت عايز ابلغك نتيجة التحاليل ..
سارة وبخفوت اكثر مما سبق .. وقد استشفت من نبرته الحزينة ان النتيجة غير جيدة : قول يا دكتور .. سمعاك ..
عمر : أنا آسف .. بس النتيجة المبدئية مش كويسة .. الظاهر انك كان عندك حق .. نسبة الاصابة بالكانسر عالية شوية ..

اجفلت سارة وقد شعرت بجسدها اصبح وكأنه عبارة عن كرة من الثلج .. ثم قالت بهدوء : طيب يا دكتور عمر .. متشكرة .. تعبتك معايا ..

قاطعها عمر قبل ان تغلق الخط : سارة .. من فضلك اسمعينى كويس : المفروض اننا نتأكد من النتيجة دى بعمل منظار واخد عينات من الورم علشان نحدد مدى الاصابة ونحدد العلاج او اجراء عملية ..

سارة وهى فى حالة من الوجوم واليأس الشديد .. لا ترى سوى طيف الموت اما عينيها : ان شاء الله ..
عمر : سارة خللى ايمانك بالله كبير .. ارجوكى بلاش اليأس اللى انا حاسه من كلامك ونبرة صوتك .. تعالى لى بكرة المستشفى ونشوف حنعمل ايه .. الموضوع ده مش تخصصى .. علشان كده أنا حعرضك على استاذ كبير ونشوف حيقول ايه ..
سارة بنفس الصدمة : ان شاء الله .. سكتت للحظات ثم قالت : دكتور عمر . من فضلك ياريت أمير وطنط جميلة ميعرفوش بالنتيجة دى .. على الأقل دلوقتى ..
عمر : ايوة يا سارة .. بس أمير حيتصل بي كمان شوية علشان يعرف نتيجة التحاليل ..
سارة بتوسل : ارجوك قول له انها انيميا او اى حاجة .. المهم أنا مش عايزاه يعرف .. ارجوك يا دكتور ..
عمر : طيب يا سارة .. زى ما تحبى .. عموما أنا فى انتظارك بكرة ..
سارة وقد شعرت بالهم يجثو فوق صدرها ثقيلا : ان شاء الله ..

مرت ساعتين قبل ان يتلقى عمر اتصالا آخر من أمير .. كان قد جهز نفسه ليخبره بأن سارة لا تعانى سوى من بعض الأنيميا .. فتقبل أمير الخبر وهو يساوره شك فى الأمر .. فقرر أن يقنع سارة بالذهاب الى اكبر الأطباء حتى يقطع الشك باليقين ..

----------------------------------------

كان برنامج اليوم يحمل اجتماعا بين خالد وأمير من جهة وبين مدراء الشركة من جهة أخرى لمراجعة تطور المشاريع بالشركة .. رأس خالد الاجتماع كالعادة .. كان أمير جالسا على يمينه وسارة على يساره لتسجيل عرض نقاط الاجتماع والنتائج والقرارات..

فى حين كانت سارة لا ترفع عينيها عن الأوراق امامها وتكتب كل كلمة بتركيز شديد حتى لا يلاحظ احدا من الحاضرين انشغالها بامور أخرى .. خصوصا أمير وخالد .. كان أمير لا يحيد بعينيه عنها لدرجة انه لم ينتبه الى خالد الذى القى عليه سؤالا اكثر من مرة .. ولم ينتبه اليه الا عندما علا صوت خالد فى المرة الثالثة ..
اعتذر أمير عن شروده .. ثم أجاب والده على سؤاله ..

انتهى الاجتماع وذهب كل الى مكتبه .. ودعا خالد امير الى مكتبه ..
خالد : انت ايه حكايتك .. بقى لك كام يوم مش على طبيعتك .. على طول سرحان ومهموم .. ممكن أعرف فيك ايه ..
أمير : لا أبدا .. مفيش حاجة .. يمكن مشغول شوية باللى حصل لسارة .. اصلى عرفت انها تعبت تانى من كام يوم .. بس هى بتحاول تخبى على ..
خالد بتعجب : بتخبى عليك ..!! مش فاهم .. تقصد ايه ..؟
أمير : زى ما بقول لحضرتك .. سارة بتعانى من حاجة ومش عايزانى اعرفها ..
خالد : اسمعنى كويس يا أمير .. لازم تعرف ان نجاحك فى شغلك بيعتمد بشكل كبير على الفصل بين الشغل وبين أى حاجة تانية فى حياتك .. يعنى لازم تعود نفسك انك بمجرد ما تخطى عتبة الشركة هنا لازم تنسى تماما أى حاجة خارج حدود شغلك .. ويا حبذا لو قدرت تعمل العكس بمجرد ما رجلك تخطى برة حدود الشركة .. بمعنى انك متفكرش خالص فى الشغل وتعيش حياتك الاجتماعية بعيد عن الشغل ومشاكله .. والكلام ده طبعا مينطبقش على الكوارث ..
أمير : تقصد ايه بالكوارث حضرتك ..؟
خالد : يعنى لما يكون فيه كارثة فى الشغل لازم تديله كل وقتك وتفكيرك جوه وبرة الشغل .. والعكس صحيح .. لما يكون فيه كارثة فى حياتك .. تاخد اجازة من الشغل لغاية ما تحل مشاكلك .. علشان كده لو اللى بتمر بيه سارة ده كارثة خد اجازة انت وهى وحاول تكون جنبها لغاية ما تحلوا مشاكلكم ..

استمع أمير الى نصيحة ابيه وهو منبهر بطريقة تفكيره ومعالجته للأمور .. فابتسم وهو يقول : حضرتك شايف كده ..؟

خالد وهو يتحرك من على مقعد مكتبه ويتجه الى امير مبتسما و يربت على كتفه : لو كنت شايف حاجة افضل من كده كنت قولتهالك .. ياللا متضيعش وقت هاتوا اجازتكم علشان امضيها ومن بكرة شوفوا حتعملوا ايه .. انتم كبار بما فيه الكفاية .. مشاكلكم لازم تحلوها سوا ..

خرج أمير من عند والده فوجد شابا ثلاثينيا يجلس فى المكتب عند سارة .. فألقى عليه السلام .. فردت سارة : الاستاذ ياسر .. فيه ميعاد بينه وبين الباشمهندس .. ثم رفعت سماعة التليفون وقالت : باشمهندس .. الاستاذ ياسر موجود .. بيقول ان فيه ميعاد مع حضرتك ..
خالد : أيوة ياسارة .. مظبوط .. خليه يتفضل ..

دخل ياسر الى مكتب خالد .. فى حين اقترب أمير من سارة وهو يبتسم لها : سارة .. احنا من بكرة اجازة .. ممكن تكتبى لنا طلبين اجازة وتمضيهم من المهندس خالد وابعتيهم بعد كده للاتش آر ..

سارة وقد عقدت حاجبيها متعجبة : مش فاهمة .. انت خدت قرار اجازتى من غير ما تقوللى ..
أمير وهو يجلس على طرف مكتبها : أنا مأخدتش حاجة .. بابا هو اللى أمر بالأجازة ..
سارة بعصبية : أمير .. ممكن تبطل الغاز وتفهمنى ايه الحكاية ..

قص عليها امير ما دار بينه وبين والده .. فتعصبت سارة اكثر وهى تقول : انت ازاى تتصرف فى امورى مع الباشمهندس من غير ما ترجعلى ..؟؟!!

أمير وقد صدمه ما تفوهت به سارة : فيه ايه يا سارة .. هو بابا غريب عنك .. ده فى النهاية حماكى .. يعنى زى والدك .. واكيد مصلحتك تهمه .. والا مكنش استغنى عننا احنا الاتنين وعطانا اجازة نعرف فيها ايه اللى عندك بالظبط ..
قاطعته سارة بنفس النرفزة والعصبية : ايه هو اللى عندى ويستاهل اجازة .. أنا كل اللى عندى شوية انيميا زى مابلغك الدكتور عمر .. يعنى حاجة بسيطة ومتستهلش كل الضجة اللى انت عاملها دى ..
أمير : انتى بتتكلمى معايا ازاى كده .. كل ده علشان عايز اطمن عليكى وعلى صحتك ..!!

تنبهت سارة الى اسلوبها العصبى الذى تتكلم به مع أمير فحاولت ان تغير من نبرتها قليلا وهى تبتسم ابتسامة مضطربة : آسفة يا أمير .. أنا مقصدش .. بس صدقنى الموضوع مش مستاهل كل القلق اللى انت عامله ده .. أنا حاخد الدوا اللى كتبه الدكتور عمر وان شاء الله حتحسن ..
أمير بحزم : لا يا سارة .. مش حنخسر حاجة لما نروح لدكتور كبير يكشف كويس ويعمل اللازم ويطمنا ..
سارة بتوسل : ارجوك يا أمير .. أنا مبحبش أروح لدكاترة .. وبعدين هو عمر ده ايه .. مش دكتور برضه ولا حاجة تانية ..
أمير : دكتور يا ستى و أبو الطب كله .. بس من فضلك ريحينى ..
سكتت سارة طويلا ثم قالت : طيب خلينا نتفق اتفاق ..
امير : قولى يا ستى ..
سارة : خلينى ابتدى العلاج بتاع عمر .. ولو مجبش نتيجة اوعدك انى أنا بنفسى حطلب منك نروح لدكتور تانى ..

لم يجد أمير مفرا مما طلبته فزفر فى الهواء وهو يقول : أمرى لله .. بس كلام رجالة ..
سارة مازحة : كلام رجالة يا سيدى .. بس خللى بالك انت اللى قولت .. يعنى متزعلش لو فى النهاية اتعاملت معاك معاملة الرجالة ..

ضحك الاثنان .. ثم قال أمير : طيب أنا حمشى دلوقتى .. حستناكى فى البريك ..

----------------------------------------

داخل مكتب خالد ..
خالد وهو يهم بالوقوف مرحبا بياسر : أهلا استاذ ياسر .. اتفضل .. ثم توجه وهو يشير الى الانترية القابع بركن من حجرة مكتبه ..
جلسا الإثنان ثم طرق خالد جرسا بجواه ..
خالد : طبعا حضرتك عارف أنا ليه طلبت انى اقابلك ..
ياسر : يعنى تقريبا ..
خالد : طيب كويس علشان تسهل مأموريتى .. سكت قليلا ثم قال : علا مصممة على الطلاق .. وفوضتنى انى اتكلم معاك ..

طرق باب المكتب ودخل ساعى البوفيه : تحت أمرك يا باشمهندس ..
خالد ياسر : استاذ ياسر .. تحب تشرب ايه ..؟
ياسر مطرقا الى الارض : لا .. مفيش داعى حضرتك ..
خالد :لا مينفعش .. انت ضيفنا .. لازم تشرب حاجة .. أنا حاخد قهوة .. تحب قهوة ولا حاجة تانية ..
ياسر : أوكى .. آخد قهوة مظبوط ..
خالد للساعى : قهوة مظبوط وقهوتى لو سمحت ..

خرج الساعى .. فتوجه خالد مرة أخرى الى ياسر : هه .. قلت ايه يا استاذ ياسر ..
ياسر : يعنى ده آخر كلام عندها ..؟
خالد : اعتقد كده .. ويا ريت حضرتك تكون متفهم لموقفها ..
ياسر : اكيد متفهم .. بس الظاهر انى اتأملت زيادة عن اللزوم .. كنت متصور انها ممكن تغفر لى غلطتى دى ولو حتى علشان خاطر ولادنا .. اللى اكيد حضرتك ماترضاش انهم يتربوا مفارقين ..
خالد : اكيد محدش يحب الطلاق ولا يحب لولاد ابرياء ملهمش ذنب يتربوا مفارقين .. بس كان لازم نفكر فى الكلام ده قبل ما تعمل اللى عملته .. اللى عايز افكرك بيه يا أخ ياسر ان اللى حصل مش مجرد غلطة أو خلاف بسيط بين زوجين علشان نتناقش فيه .. اللى حصل خيانة ومصيبة بكل المقاييس .. وعلشان نكون موضوعيين .. خلينا كده نعكس الموضوع ..
ياسر : مش فاهم حضرتك تقصد ايه ..
خالد : اقصد يا ترى ايه حيكون قرارك لو علا هى اللى خانت .. ومع اقرب واحد لك من صحابك .. أو خانتك مع زوج أختك .. ياترى كنت حتقبل انك تكمل حياتك معاها .. ده طبعا بصرف النظر عن اللى اتسببت فيه علاقتك مع مرات اخوها .. صحيح هى كمان خاينة .. بس هى دفعت حياتها تمن خيانتها .. ماتت .. واتيتم ولادها ..
لم يرد ياسر وظل مطرقا رأسه الى الأرض ..
خالد : شوف يا استاذ ياسر .. خلينا نحافظ فى علاقتك بعلا على شعرة معاوية .. وده طبعا علشان خاطر علاقتك بولادك متتأثرس سلبى .. والولاد يتربوا بعيد عن مشاكل المطلقيين الغير متحضريين .. وبالتالى موضوع الطلاق ده ما يأثرش على نفسيتهم .. هما كده كده حيتأثروا .. بس خلينا نحاول نخلى التأثير ده اقل ما يمكن ..
ياسر : تمام يا باشمهندس .. أنا كمان يهمنى مصلحة ولادى .. أنا حطلق علا .. بس خلينا نتفق على مواعيد اشوف فيها الولاد واقضى معاهم بعض الوقت ..
خالد : اكيد طبعا .. من حقك تشوف ولادك وقت ما تحب .. عموما اللى أنا عارفه انك بتشتغل فى دبى .. فخلينا نتفق انك تشوفهم مرة او مرتين فى الاسبوع طول ما انت موجود فى مصر .. وده طبعا اسمح لى حيبقى تحت اشراف مامتهم ..أو الشخص اللى هى تختاره يكون موجود مع ولادها اثناء وجودهم معاك .. وده طبعا مش شك فى حضرتك لا سمح الله .. بس زى ما بيقولوا .. لكى يطمئن قلبى .. أقصد يطمن قلب علا .. مش أكتر ..
ياسر : مش فاهم .. تقصد ايه باشراف مامتهم .. أو حد تانى ..
خالد : بصراحة كده ومن غير لف ولا دوران علا خايفة انك تاخد الولاد وتسافر بيهم دبى وتحرمها منهم ..
ياسر : ياه .. للدرجة دى هى فقدت الثقة في .. عموما انا معنديش مانع انى اشوفهم فى المكان اللى هى تحدده وفى وجود اى حد هى بتثق فيه ..
خالد : انت كده عداك العيب .. وريحتنى .. وخلينى ارتب مع علا امتى تقدر تشوف الولاد .. بس ده طبعا بعد ما تستلم ورقة الطلاق ..
ياسر : اطمن حضرتك .. أنا بكرة حروح للمأذون واطلق .. يعنى كلها يومين تلاتة ويوصلها ورقة طلاقها ..

دخل الساعى مرة اخرى الى المكتب بعد ان طرق الباب ووضع القهوة امامهما .. فتناول ياسر قهوته بسرعة ثم هم بالانصراف .. ليوصله خالد حتى باب المكتب .. ويعود ليتصل بعلا ويقص عليها ماحدث وما اتفق عليه مع ياسر ..

علا وقد كسا وجهها حزن واضح .. ولكنها شعرت براحة نسبية فى قلبها : ميرسى يا أنكل خالد ..تعبت حضرتك معايا ..
خالد : مفيش تعب يا علا يا حبيبتى .. يا ريتنى كنت بتدخلك فى حاجة غير دى .. عموما ربنا يعوض عليكى ..

علا بحزن وسخرية : لا يا انكل خالد .. أنا خلاص جربت نصيبى .. وطلع زى ما حضرتك شوفت .. أنا حعيش لولادى وبس .. وربنا يقدرنى على تحمل مسئوليتهم ..
خالد : متقوليش كده يا علا .. انتى لسة صغيرة والحياة لسة قدامك .. وان شاء الله ربنا حيعوضك باللى تستاهليه .. عموما ياسر حيسافر خلال اسبوع .. واعتقد انه حيطلب يشوف الولدين .. فياريت ترتبى نفسك على كده .. أنا لى عندك طلب يا علا ..
علا : ايه هو يا انكل ..؟
خالد : خلينا يا بنتى نكون متحضرين فى علاقتنا مع ياسر .. وده علشان مصلحة ولادكم قبل أى شيء ..
علا : مش فاهمة .. حضرتك تقصد ايه ..
خالد : اقصد ان علاقتك بياسر كزوج انتهت .. لكن علاقتك بيه كأب لولادك مش لازم تنتهى .. ومحدش فى الدنيا يقدر ينهيها .. يعنى متحوليش العلاقة دى لعداء بينكم .. بالعكس خليكوا فى مصلحة الولاد مع بعض مش ضد بعض .. علشان كده لما يطلب يشوف ولاده لازم تكونى موجودة معاهم .. تتكلمى معاه عادى .. و اوعى يا علا فى يوم من الايام تفكرى فى انك تظهرى عيوبه لولاده او تحاولى تكرهيهم فيه ..
الساعة ولا الساعتين اللى الولاد حيقضوهم بينكم حيساعدو فى تربيتهم تربية سوية .. ومحدش فيكم حيعانى معاهم بعد كده ..
علا : فاهماك يا انكل .. وهو ده اللى انا ناويه اعمله .. أنا بشكرك مرة تانية .. وسلم لى على طنط امينة وعلى اشرف وأمير وغادة ..
خالد : يوصل يا علا .. وانتى سلمى لى على ماما وجوزها وجمال .. واشوفكم قريب باذن الله ..
أغلقت علا الخط وهى تحمل بداخلها مشاعر كثيرة .. غضب وحزن وحنين .. جلست شاردة فى اللحظة التى ستتسلم فيها ورقة طلاقها من ياسر .. فى اللحظة التى ستصبح تحمل لقب مطلقة .. هل تحزم أمرها وتهاجر كما كانت تخطط فى الفترة السابقة .. لا تعلم كيف ستكون حياتها فى الغربة بمفردها مع طفلين صغيرين .. وماذا سيكون رد فعل ياسر حيال هذا الأمر .. أم تتعقل فى تصرفاتها المقبلة خصوصا تجاه طفليها اللذان يحتاجان وجود والدهما وان كان هذا سيحدث على فترات ..

انتبهت من شرودها على جرس تليفونها .. نظرت بملل الى شاشة التليفون .. كان رقما غريبا لا تعرفه .. هى فى العادة لا ترد على الأرقام الغريبة .. لكنها ضغطت على زر القبول بالخطأ ..
علا : آلو ..

ياسر بصوت حزين .. نكاد تسمعه : أنا ياسر يا علا .. ارجوكى متقفليش الخط .. أنا طلبتك من رقم تانى علشان عارفك مش حتردى علي من رقم موبايلى .. مش طالب منك غير انك تسمعينى .. سكت طويلا يلملم شتات مشاعره وافكاره حتى شعرت علا بأنفاسه الهادرة تكاد ان تحرق مشاعرها .. تكلم أخيرا : علا .. أحلفك بأغلى شيء فى حياتك .. أحلفك بولادنا اللى همه أغلى حاجة فى حياتنا .. أحلفك بايامنا الحلوة من ساعة ماحبيبنا بعض .. أحلفك بحبنا اللى بعترف انى معرفتش احافظ عليه .. انك تعيدى تفكير فى قرارك .. اللى حصل صدقينى كان غصب عنى .. الشيطان اتمكن منى فى لحظة ضعف حفضل ندمان عليها طول عمرى حتى لو سامحتينى ورجعنا لبعض .. يمكن بطلب منك انك تسامحينى علشان انا عارف انى صعب احب من بعدك .. لكن الأهم دلوقتى هو آدم وزين .. ايه ذنبهم فى انهم يتربوا بعيد عن أبوهم .. صدقينى لو مكنش عندنا ولاد برضه موضوع الانفصال عنك بالنسبة لى صعب .. لكنى فى وجود آدم وزين الموضوع أصعب بكتير .. فكرى يا علا .. أرجوكى عيدى تفكيرك وحساباتك ..

سكتت علا ولم ترد .. كانت دموعها تنهمر بشدة .. فأردف ياسر : علا .. انتى معايا .. ؟
علا بصوت مخنوق من شدة النحيب الذى تحاول ان لا يشعر به ياسر
علا : سمعاك ..
ياسر : تحبى تاخدى وقتك وتفكرى من تانى ..
علا : لا .. مش حينفع نكمل ..

ساد الصمت بينهما حتى ظن كلاهما بأن تلك اللحظات دهرا كاملا يفصل بينهما .. فتكلم ياسر كأنه كبر فى تلك اللحظات عمرا فوق عمره : خلاص يا علا .. أنا حعمل اللى يريحك .. ثم عاد الصمت من جديد حتى قالت علا : أنا مضطرة اقفل ..
ياسر : مع السلامة يا علا .. خللى بالك من نفسك ومن الولاد ..
علا : مع السلامة .. ثم أغلقت الخط ..

ظلت علا دقائق على حالها حتى سمعت بكاء وصراخ زين فى الخارج .. خرجت له فاذا به مازال يصرخ بشدة وتحاول كريمة اسكاته وقد كتمت كلمات كانت تقولها لريم وكأنها تنهرها .. فقالت علا بلهجة حازمة تسأل كريمة : ماله زين يا كريمة .. بيصرخ كده ليه .. ؟
سكتت كريمة وهى تنظر الى ريم بلوم .. فأعادت علا سؤالها .. أنا بسألك فيه ايه .. الولد بيصرخ كده ليه .. وليه بتبصى لريم بالشكل ده .. ؟
كريمة : ريم ضربته ..

لم تصدق علا ما سمعته اذناها .. ريم تضرب زين .. طفلها الذى يصغر ريم بأكثر من ثلاثة عشر عاما .. وهى أمه لم تفعلها ولا تعتقد ان تفعلها فى يوم من الأيام ..
جحظت عينى علا وهى تتوجه بنظرها الى ريم التى حاولت ان لا تظهر ذعرها من ردة فعل علا .. ولكنها ارتجفت حين وقعت عينيها على عين علا المصوبة ناحيتها وكأن نيران الدنيا وغضبها قد تجمع فى تلك النظرة .....
---------------------------

shezo and noor elhuda like this.

Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-02-21, 08:28 PM   #19

نوارة البيت

? العضوٌ??? » 478893
?  التسِجيلٌ » Oct 2020
? مشَارَ?اتْي » 2,845
?  نُقآطِيْ » نوارة البيت is on a distinguished road
افتراضي

روايه مميزة جدا
shezo likes this.

نوارة البيت غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-02-21, 10:45 PM   #20

Mamdouh El Sayed

كاتب في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية Mamdouh El Sayed

? العضوٌ??? » 461172
?  التسِجيلٌ » Jan 2020
? مشَارَ?اتْي » 374
?  نُقآطِيْ » Mamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond reputeMamdouh El Sayed has a reputation beyond repute
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوارة البيت مشاهدة المشاركة
روايه مميزة جدا
شكرا لك .... ولكنى اريد أن أعرف هل هى مميزة من ناحية السرد ام اللغة ام المضمون .. أريد أن اعرف ايضا عيوبها حتى استطيع ان اتجنبها فيما هو قادم ..

shezo likes this.

Mamdouh El Sayed غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:55 AM



Powered by vBulletin®
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.